( أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه من طرق عن عبد الله بن الزبير أنه كان يقرأ ( بظنين ) ) (1) ، وهي في القرآن هكذا (وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ) (التكوير/24).

* سبحان اسم ربك الأعلى !
  ( أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه عن سعيد بن جبير قال : سمعت ابن عمر يقرأ ( سبحان اسم ربك الأعلى ) فقال : سبحان ربي الأعلى، قال : وكذلك هي قراءة أبي بن كعب ).
  ( أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن عبد الله بن الزبير أنه قرأ ( سبح ربك الأعلى ) فقال : سبحان ربي الأعلى وهو في الصلاة ) (2) .
  ( أخرج عبد بن حميد عن الضحاك أنه كان يقرؤها كذلك ويقول من قرأها فليقل سبحان ربي الأعلى ) (3) ، وهي في القرآن هكذا (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى) (الأعلى/1).
  ( أخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقرأ ( بل تؤثرون الحياة الدنيا على الآخرة ) ) (4) ، وهي في القرآن هكذا (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا) (الأعلى/16).
  ( أخرج ابن الأنباري في المصاحف عن عمار بن محمد قال : صليت خلف منصور بن المعتمر فقرأ (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ) (الغاشية/1)، فقرأ فيها ( وزرابي مبثوثة متكئين فيها ناعمين ) ) (5) .
  ( أخرج ابن جرير عن أبي الشيخ الهنائي قال : في قراءة أُبـي ( يا أيتها النفس الآمنة المطمئنة فادخلي في عبدي )) (6) ، وهي في القرآن هكذا (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي) (الفجر/27ـ30).

--------------------
(1) ن.م ص321 ، هذه القراءة وإن قرأ بـها أحد القراء السبعة ولكنها شاذة لاختلال ركن من الأركان وهو رسم المصحف ، نعم قد مر قول بعضهم أن القراء السبعة جازوا القنطرة !
(2) ن.م ص338ـ339.
(3) ن.م ص338.
(4) ن.م ص340.
(5) ن.م ص343.
(6) ن.م ص350.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 602 _
* والذكر والأنثى !
  ( أخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن علقمة أنه قدم الشام فجلس إلى أبي الدرداء فقال له أبو الدرداء : ممن أنت ؟ قال : من أهل الكوفة ، قال : كيف سمعت عبد الله يقرأ (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى) (الليل/1)، قال علقمة : والذكر والأنثى ! فقال أبو الدرداء : أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يقرأ هكذا وهؤلاء يريدوني على أن أقرءوها ( خلق الذكر والأنثى ) والله لا أتابعهم ! ).
  أقول : هذه الرواية التي أخرجها الشيخان تدل على أن مقطع (وَمَا خَلَقَ) ليس من القرآن في نظر ابن مسعود ، وأوضح منه أبو الدرداء الذي أقسم على ألا يقرأ بـها ويقف معاندا لأهل الشام في ذلك ! ولو كان يراها من القرآن لما أقسم على تركها !
  ( أخرج البخاري في تاريخ بغداد من طريق الضحاك عن ابن عباس انه كان يقرأ القرآن على قراءة زيد بن ثابت إلا ثمانية عشر حرفا أخذها من قراءة عبد الله بن مسعود وقال ابن عباس : ما يسرني أني تركت هذه الحروف ولو ملئت لي الدنيا ذهبة حمراء ، منها حرف في البقرة ( من بقلها وقثائها وثومها ) بالثاء وفي الأعراف ( فلنسألن الذين أرسل إليهم قبلك من رسلنا ولنسألن المرسلين ) وفي براءة ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ) في إبراهيم ( وان كان مكرهم لتزول منه الجبال ) وفي الأنبياء ( وكنا لحكمهم شاهدين ) وفيها ( وهم من كل جدث ينسلون ) وفي الحج ( يأتون من كل فج سحيق ) وفي الشعراء ( فعلتها إذا وأنا من الجاهلين ) وفي النمل ( أعبد رب هذه البلدة التي حرمها ) وفي الصافات ( فلما سلما وتله للجبين ) وفي الفتح ( وتعزروه وتوقروه وتسبحوه ) بالتاء وفي النجم ( ولقد جاء من ربكم الهدي ) وفيها ( إن تتبعون إلا الظن ) وفي الحديد ( لكي يعلم أهل الكتاب أن لا يقدرون على شئ ) وفي ن ( لولا أن تداركته نعمة من ربه ) على التأنيث وفي إذا الشمس كورت ( و إذا الموؤدة سَألت بأي ذنب قتلت ) وفيها ( وما هو على الغيب بضنين ) وفي الليل ( والذكر والأنثى ) قال : هو قسم فلا تقطعوه ) (1) .
  وهنا ينفي حبر الأمة قرآنية هذا المقطع من الآية (وَمَا خَلَقَ) !

--------------------
(1) ملاحظة : بعض هذه الموارد رسمها مثل رسم المصحف ولكنها تختلف من جهة القراءة ولذلك تعد وجها وحرفا ، وما قاله ابن عباس ( إلا ثمانية عشر حرفا ) يدل واضحا على أن المقصود من لفظ (حرف) أو (أحرف) ليس المعنى الفاسد الذي زعموه للأحرف السبعة لأنه أطلق ثمانية عشر حرفا على ثمانية عشر موردا ، وبه يتضح قوة ما بيّناه من أن القول بأن هذا حرف فلان يعني نحو قراءته ومسلكه .

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 603 _
  ( أخرج ابن جرير عن أبي اسحق قال : في قراءة عبد الله ( والليل إذا يغشي والنهار إذا تجلي والذكر والأنثى ) ) (1) .

* وجدك عديـما !
  ( أخرج ابن جرير عن سفيان (وَوَجَدَكَ عَائِلاً)(الضحى/8)، قال : فقيرا ، وذكر أنـها في مصحف ابن مسعود ( ووجدك عديما فآوى ) ).
  ( أخرج ابن الأنباري في المصاحف عن الأعمش قال : قراءة ابن مسعود ( ووجدك عديما فأغنى ) ) (2) .
  ( أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : في قراءة عبد الله ( وحللنا عنك وقرك )) (3) ، وهي في القرآن هكذا (وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ) (الشرح/2).
  ( أخرج عبد بن حميد وابن الأنباري في المصاحف عن عمرو بن ميمون قال : صليت خلف عمر بن الخطاب المغرب فقرأ في الركعة الأولى ( والتين والزيتون وطور سينا ) قال : وهكذا هي في قراءة عبد الله وقرأ في الركعة الثانية (أَلَمْ تَرَى كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيل)الفيل/1) و(لأَيلاَفِ قُرَيْشٍ) (قريش/1)، جمع بينهما ورفع صوته فقدرت أنه رفع صوته تعظيما للبيت ) (4) ، وهي في القرآن هكذا (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ) (التين/1ـ2).
  ( أخرج ابن أبي شيبة في المصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف عن إسماعيل بن عبد الملك قال : سمعت سعيد بن جبير يقرأ بقراءة ابن مسعود هذه الآية ( يومئذ تنبئ أخبارها ) وقرأ مرة (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا) (الزلزلة/4) ) (5) .
  وكما قلنا سابقا أن لفظ ( قرأ ) لا يلزم منه أن ما قرأه هي قراءته المأثورة بخلاف لفظ ( يقرأ ) وهذه الرواية تؤيد هذه النظرة .

-------------------
(1) ن.م ص358.
(2) ن.م ص362.
(3) ن.م ص363.
(4) ن.م ص366.
(5) ن.م ص380.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 604 _
  ( أخرج ابن جرير عن الضحاك ( كلا سوف تعلمون الكفار ثم كلا سوف تعلمون المؤمنين ) وكذلك كانوا يقرونـها ) (1) ، وهي في القرآن هكذا (كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ) (التكاثر/3-4) .

* ونوائب الدهر !
  ( أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف والحاكم عن على بن أبي طالب ( عليه السلام) أنه كان يقرأ ( والعصر ونوائب الدهر إن الإنسان لفي خسر وإنه لفيه إلى آخر الدهر )).
  ( أخرج عبد بن حميد عن إسماعيل بن عبد الملك قال سمعت سعيد بن جبير يقرأ قراءة ابن مسعود ( والعصر إن الإنسان لفي خسر وإنه لفيه إلى آخر الدهر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات )).
  ( أخرج عبد بن حميد عن إبراهيم قال : قرأنا ( والعصر إن الإنسان لفي خسر وانه لفيه إلى آخر الدهر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) ذكر أنـها في قراءة عبد الله بن مسعود ).
  ( أخرج عبد بن حميد عن حوشب قال : أرسل بشر بن مروان إلى عبد الله بن عتبة بن مسعود فقال : كيف كان ابن مسعود يقرأ (وَالْعَصْرِ) (العصر/1)، فقال : ( والعصر إن الإنسان لفي خسر وهو فيه إلى آخر الدهر ) فقال له بشر : هو يكفر به فقال عبد الله : لكني أومن به ) (2) .
  هنا يرد سؤال وهو : هل أن هذه الزيادة مما علم ابن مسعود نسخها وتبديلها في العرضة الأخيرة للقرآن أم لا ؟! ، ومن غير المعقول أن يخالف ابن مسعود ما علمه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأنه صحابي جليل ، كما هو منطق أهل السنة ! ، وها قد ذكرت رواياتـهم تأييد الإمام أمير المؤمنين عليه السلام لهذه الزيادة ! (3) .

--------------------
(1) ن.م ص387.
(2) ن.م ص391.
(3) ما روي عن الإمام على عليه السلام لا يمكن التسليم به لأن المواقف السياسية التي كانت تحيط بالأمير عليه السلام تجعل عدم إذاعة تحريفه وتغييره لنصوص القرآن من المستحيلات ، وقد مرّ في رواية سابقة تربص المنافقين لإشاعة الفتنة حينما ذكر الأمير عليه السلام التسبيح في الصلاة بعد قراءته (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى) (الأعلى/1) فاغتنمت فرصة للطعن به صلوات الله وسلامه عليه .

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 605 _
إمام الأحناف يـختمها مسكا !
  إن كان الصحابة وسلفهم الصالح قد أكثروا من التلاعب بالقرآن الكريم فإن أبا حنيفة زاد في الطنبور نغمة بل نغمات حين حكم بجواز قراءة القرآن بالفارسية في الصلاة بدعوى أن القرآن كما هو عربي كذلك هو فارسي أي أن ترجمته الفارسية تكون قرآنا ! ومعلوم أن الحكم بقرآنية ما ليس موجودا في مصحفنا هو تحريف للقرآن بالزيادة ، قال الشيخ الشعراني في الميزان :( ومن ذلك قول أبي حنيفة إنه إن شاء المصلي قرأ بالفارسية وإن شاء قرأ بالعربية ) (1) .
  وزعم أبو حنفية أن القرآن كما أنه عربي كذلك يكون فارسيا بشرط التقييد بمضامينه ! ، قال ابن حجر في الفتاوى الحديثية : ( وقد أخذ أبو حنيفة قوله بجواز قراءة القرآن بغير العربية من هذه الآية (وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأَوَّلِينَ) (الشعراء/196) قال : لأن القرآن مضمن في الكتب السابقة وهي بغير العربية ) (2) .
  قال الإمام القرطبي : ( أجاز أبو حنيفة القراءة بالفارسية على شريطة وهي أن يؤدي القارئ المعاني على كمالها من غير أن يخرم منها شيئا ، قالوا وهذه الشريطة تشهد أنـها إجازة كلا إجازة لأن في العرب خصوصا في القرآن الذي هو معجز بفصاحته وغرابة نظمه وأساليبه من لطائف المعاني والأغراض مالا يستقل بأدائه لسان من فارسية وغيرها وما كان أبو حنيفة رحمه الله يحسن الفارسية فلم يكن ذلك منه عن تحقق وتبصر ) (3) .
  وقال المناوي في فيض القدير : ( وفي الحديث إشعار بأنه لا يجوز قراءة القرآن بغير اللسان العربي ، فهو رد على أبي حنيفة في إجازته ذلك ) (4) .
  وقال الشيباني في المبسوط : ( وقال أبو حنيفة : إن افتتح الصلاة بالفارسية وقرأ بـها وهو يحسن العربية أجـزأه ) (5) .

--------------------
(1) الميزان ج1ص143.
(2) الفتاوى الحديثية ص132.
(3) تفسير القرطبي ج16ص149.
(4) فيض القدير ج1ص178.
(5) المبسوط للشيباني ج1ص15.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 606 _
  وقال في موضع آخر : ( قلت : أرأيت رجلا قرأ بالفارسية في الصلاة وهو يحسن العربية ، قال : تجزيه صلاته ، قلت : وكذلك الدعاء ؟ قال : نعم ، وهذا قول أبي حنيفة ، وقال أبو يوسف ومحمد : إذا قرأ الرجل في الصلاة بشيء من التوراة أو الإنجيل أو الزبور وهو يحسن القرآن أو لا يحسن إن هذا لا يجزيه لأن هذا كلام ليس بقرآن ) (1) ، وقول أبي يوسف ومحمد بن الحسن يخالف قول الكاساني الحنفي في بدائع الصانع الآتي ذكره .
  الـمحلى لابن حزم : ( ومن كانت لغته غير العربية جاز له أن يدعو بـها في صلاته ، ولا يجوز له أن يقرأ بـها ومن قرأ بغير العربية فلا صلاة له ، وقال أبو حنيفة : من قرأ بالفارسية في صلاته جازت صلاته ، قال علي ـ ابن حزم ـ : قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن ، وقال الله تعالى (قُرآنًا عَرَبِيًّا) (الزمر/28) وقال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) (إبراهيم/4) .
  فصح أن غير العربية لم يرسل به الله تعالى محمدا عليه السلام ولا أنزل به عليه القرآن فمن قرأ بغير العربية فلم يقرأ ما أرسل الله تعالى به نبيه عليه السلام ولا قرأ القرآن بل لـعب بصلاته فلا صلاة له إذ لم يصل كما أمر ، فإن ذكروا قول الله تعالى (وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأَوَّلِينَ) (الشعراء/196) قلنا نعم ذكر القرآن والإنذار به في زبر الأولين ، وأما أن يكون الله تعالى أنزل هذا القرآن على أحد قبل رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم فباطل وكذب ممن ادعى ذلك ، ولو كان هذا ما كان فضيلة لرسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم ولا معجزة له وما نعلم أحدا قال هذا قبل أبي حنيفة ) (2) .
  ونعيد بعض كلام ابن حزم الذي ذكرناه في مبحث الأحرف السبعة : ( فكيف يسوغ للجهال المغفلين أو الفساق المبطلـين ، أن يقولوا : إنه عليه السلام كان يجيز أن توضع في القرآن مكان ( عَزيزٌ حكيم ٌ) ( غفورٌ رحيمٌ ) أو ( سميعٌ عليمٌ ) وهو يمنع من ذلك في دعاء ليس قرآنا ، والله يقول مخبراً عن نبيه صلى الله عليه (وآله) وسلم : (مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي) (يونس/15).
  ولا تبديل أكثر من وضع كلمة مكان أخرى ، أم كيف يسوغ لأهل الجهل والعمى ـ يقصد أبا حنيفة وأتباعه ـ إباحة القراءة المفروضة في الصلاة بالأعجمية مع ما ذكرنا ومع إجماع الأمة على أن إنسانا لو قرأ أم القرآن فقدم آية على أخرى أو قال : الشكر للصمد مولى الخلائق وقال هذا هو القرآن لكان

--------------------
(1) ن.م ج1ص252ـ253.
(2) المحلى لابن حزم ج4ص159.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 607 _
  كافرا بإجماع (1) ، ومع قوله تعالى (لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) (النحل/103) ؟ ففرق الله تعالى بينهما وأخبر أن القرآن إنما هو باللفظ العربي لا بالعجمي ، وأمر بقراءة القرآن في الصلاة فمن قرأ بالأعجمية فلم يقرأ قرآنا بلا شك ).
  وقال : ( وبلا خلاف من أحد من الأمة أن القرآن معجزة وبيقين ندري أنه إذا ترجم بلغة أعجمية أو بألفاظ عربية غير ألفاظه ، فإن تلك الترجـمة غير معجزة ، وإذ هي غير معجزة فليست قرآناً ومن قال فيما ليس قرآنا إنه قرآن فقد فارق الإجماع وكذب الله تعالى ، وخرج عن الإسلام إلا أن يكون جاهلا ومن أجاز هذا وقامت عليه الحجة ، ولم يرجع فهو كافر مشرك مرتد حلال الدم والمال ، لا نشك في ذلك أصلا ) (2) .
  وركب بعض الأحناف الصعب مع أبي حنيفة ، والغريب أن منهم من انبرى لإثبات أن القرآن تجوز قراءته بالفارسية في الصلاة بشرط حكاية معانيه ومضامينه انتصارا لما هرّج به أبو حنيفة ، قال الكاساني الحنفي في بدائع الصانع :
  ( ثم الجواز كما يثبت بالقراءة بالعربية يثبت بالقراءة الفارسية عند أبي حنيفة سواء كان يحسن العربية أو لا يحسن ).
  وقال : ( وأبو حنيفة يقول إن الواجب في الصلاة قراءة القرآن من حيث هو لفظ دال على كلام الله تعالى الذي هو صفة قائمة به لما يتضمن من العبر والمواعظ والترغيب والترهيب والثناء والتعظيم لا من حيث هو لفظ عربي ، ومعنى الدلالة عليه لا يختلف بين لفظ ولفظ قال الله (وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأَوَّلِينَ) (الشعراء/196)، وقال (إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى) (الأعلى/18ـ19)، ومعلوم أنه ما كان في كتبهم بـهذا اللفظ بل بـهذا المعنى ).
  وقال متماديا في غيه :( ولو قرأ شيئا من التوراة أو الإنجيل أو الزبور في الصلاة إن تيقن أنه غير محرف يجوز عند أبي حنيفة لما قلنا ) (3).
  هاهو القرآن تلاعب به سلفهم الصالح مع كونه عربيا ، ثم انبرى إمامهم أبو حنيفة لينـزع عربيته ويصيره فارسيا أيضا ! بل ويمكن أن تقرأ به فارسيا في عمود الدين ! ولا ندري بماذا يأتينا الدهر ! (4) ، ونحمد الله أن أبا حنيفة هذا لم يكن شيعيا وإلا لرمي بالشعوبية والتعصب لفارس !

--------------------
(1) على هذه الضابطة يجب تكفير ابن مسعود وعمر وأبي الدرداء وأبي بن كعب وابن عباس وعائشة وحفصة لأن كلا منهم ادعى قرآنية الجمل الزائدة الغريبة التي جاء بـها .
(2) الإحكام في أصول الأحكام ج1ص220ـ222 ط دار الكتب العلمية ، الطبعة الأولى .
(3) بدائع الصانع ج1ص329-330.
(4) ولذكر الصلاة عند الأحناف ننقله ما كتبه الذهبي في سير أعلام النبلاء ج17ص486ـ487: ( وذكر إمام الحرمين أن محمود بن سبكتكين كان حنفيا يحب الحديث فوجد كثيرا منه يخالف مذهبه فجمع الفقهاء بمرو وأمر بالبحث في أيما أقوى مذهب أبي حنيفة أو الشافعي ، قال : فوقع الاتفاق على أن يصلوا ركعتين بين يديه على المذهبين ، فصلى أبو بكر القفال بوضوء مسبغ وسترة وطهارة وقبلة وتمام أركان لا يجوز الشافعي دونـها ثم صلى صلاة على ما يجوزه أبو حنيفة فلبس جلد كلب مدبوغا قد لطخ ربعه بنجاسه وتوضأ بنبيذ فاجتمع عليه الذبان وكان وضوءا منكسا ثم كبر بالفارسية وقرأ بالفارسية (دوبركك سبز ) ، ونقر ولم يطمئن ولا رفع من الركوع وتشهد ، وضرط بلا سلام ! فقال له : إن لم تكن هذه الصلاة يجيزها الإمام قتلتك فأنكرت الحنفية الصلاة فأمر القفال بإحضار كتبهم فوجد كذلك فتحول محمود شافعيا هكذا ذكره الإمام أبو المعالي بأطول من هذا ).

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 608 _
زبدة المخاض :
  اتضح أن بعض الصحابة كانوا يعتقدون قرآنية ما يقرؤونه من الشواذ ، وأثبتنا فيما سبق في مبحث القراءات القرآنية أن علماء أهل السنة يرون أن القراءات الشاذة ليست من القرآن في شيء بل إن إمام المالكية وإمام الشافعية يعتقدان أن القراءة الشاذة التي تخالف رسم المصحف ليست من القرآن فضلا عن كونـها قراءة شاذة ، وعلى مباني أهل السنة نستنتج أن بعض الصحابة أدخلوا في القرآن ما ليس منه ، فيثبت تحريف القرآن بالزيادة لهؤلاء الصحابة .
  ومن لا يقبل هذه النتيجة أي أن الصحابة حرفوا القرآن بالزيادة ، فلا سبيل له إلا أن لا يقبل قول علماء أهل السنة من عدم قرآنية الشواذ ، لأن القراءات الشاذة من القرآن فلا يصح نفيها عنه ، فيكون الحق مع هؤلاء النفر من الصحابة ، وعليه يثبت التحريف لعلماء أهل السنة الذين أخرجوا من القرآن ما هو منه وهي القراءات الشاذة وخاصة إمام المالكية وإمام الشافعية ، وهذا يعني أن علماء أهل السنة أنقصوا من القرآن ما هو منه وهو تحريف بالنقص من هذه الجهة ، وكذا فإن عدم وجود تلك القراءات وفقدها من مصاحفنا اليوم هو تحريف بالنقص أيضا .
  فلا مفر من نسبة التحريف لأحد الطرفين إما للصحابة بأن نقول بصحة ما ذهب له علماؤهم فيكون الصحابة قد أدخلوا في القرآن ما ليس منه وهو تحريف بالزيادة ، وإما لعلمائهم بأن نقول بخطئهم في نفي قرآنية القراءات الشاذة مع أنـها قرآن في الواقع وهذا تحريف بالنقص ، وعليه يكون قرآن المسلمين محرفا لأن هذه القراءات غير موجودة فيه (1).

--------------------
(1) وإما أن نقول لا ندري أهو قرآن أم لا ؟ فحينئذ يتردد المصحف الشريف بين كونه محرفا أم لا !

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 609 _
* التشويه مستمر !
  مازلنا نعاني من منهج الكيل بمكيالين وبيع الأمانة العلمية بالثمن البخس اتباعا للهوى ، فثمت من حاز درجة الدكتوراه (علي.س) برسالة حشاها تضليلا وتكفيرا ، فصار يخرج ويدخل في دين الله كما أراد وكأنه دين أبيه ! وكان صخبه ولغطه لورود بعض روايات في كتب محدثي الشيعة تحكي القراءات والتنـزيل الذي بينا لك حالها سابقا ، ويا ليته اطلع على روايات قومه في القراءات الشاذة قبل أن يكيل التهم ، وما أظنه اطلع عليها وإلا لكان من الواجب عليه بميزانه تضليل وتكفير كل سلفه الصالح الذين لاكت ألسنتهم هذا الكفر والضلال –بزعمه- بعد أن عجنوه وخبزوه !
  وحتى نقف على جهله وجهل أمثاله سأذكر بعض الموارد التي تستوجب الضلال لمعتقِدها بزعمه ، فقال في رسالته المكفّرة :
  ( فالآية الأولى هي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران/102) ولكن شبرا ـ صاحب التفسير ـ يذكر أنـها قرئت ( تقية ) و ( مسلمون ) وواضح أن تحريف التقوى بالتقية لتأييد مبدأ من مبادئ الجعفرية ) (1) .
  أقول : لا أدري ما الذي طرّ حسائك صدره في هذا المقطع ؟! ألـحرقة على النص القرآني ؟! ، فلِم لم يعبئ نفسه ويشحذ مديته لينال من سلفه الصالح الذي تلاعب– كما مر- بنصوص القرآن بشكل أوسع وأفظع ؟! ، ويا ليت جهل (علي.س) وقف عند هذا الحد بل زاد وفاض ، لأن عين ذلك التغيير قد تبناه سلفه الصالح لإثبات التقية في آية أخرى !! ، أخرج عبد بن حميد عن أبي رجاء :
  ( أنه كان يقرأ ( إلا أن تتقوا منهم تقية ) ، وأخرج عبد بن حميد عن قتادة : أنه كان يقرؤها ( تتقوا منهم تقية ) بالياء ) (2) .
  وقال إمامه وسيده الطبري :( ولقد اختلفت القراء في قراءة قوله (إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ) (آل عمران/28)، فقرأ ذلك عامة قراء الأمصار (إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ) على تقدير فعله مثل تخمة وتؤدة وتكأة من اتقيت ، وقرأ ذلك آخرون ( إلا أن تتقوا منهم تقية ) على مثال فعلية ) (3) .
  وعليه فليكن النيل من هؤلاء والحكم بضلالهم وكفرهم هو الأجدر بالمنصف العادل .
  ويستمر مسلسل الجهل عندما تنتقل للصفحة المقابلة إذ يذكر : ( وفي سورة الحج ( الآية52 ) (أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلّا إِذا تَمَنّى أَلْقى الشَّيْطانُ في أُمْنِيَّتِهِ) يقول شبّر : وعنهم ـ أي أئمته ـ

--------------------
(1) أثر الإمامة في الفقه الجعفري وأصوله ص242 .
(2) الدر المنثور للسيوطي ج 2ص16 ، راجع المصدر لترى عدد الروايات عندهم في مشروعية التقية وأقوال سلفهم الصالح فيها .
(3) تفسير الطبري ج3ص153 ط دار المعرفة .

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 610 _
  أو محدّث بفتح الدال ، وهو الإمام يسمع الصوت ولا يرى الملك ( (1) ، ثم يعلق في الهامش ويقول : ( ومعنى هذا التحريف أن الإمام مرسل يوحى إليه ) !
  يعيد الكرة في مقام تعريضه بثقة الإسلام الكليني رضوان الله تعالى عليه ونور الله ضريحه الشريف فيقول : ( وحرّفها الكليني ـ قدس الله نفسه الزكية ـ ليصل إلى أن الإمام مرسل يوحى إليه ) (2) .
  أقول : إن كان هذا من التحريف فإن سلفه الصالح أول من حرّف القرآن وتلاعب به ، وهذا الذي لم يرق له جُعل في دين السلف قرآنا يتلى ودينا يتخذ ، فقد أخرج عبد بن حميد وابن الأنباري في المصاحف عن عمرو بن دينار قال : ( كان ابن عباس رضي الله عنه يقرأ ( وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث ) ) (3) .
  والأعجب أن هذا الرجل ادعى أن هذه الزيادة تعني عن الشيعة أن الإمام مرسل يوحى إليه !! ، وكلامه هذا يعني أحد أمرين لا ثالث لهما وكل منهما قادح في استحقاقه درجة الدكتوراه ، فإما هو كذاب مخادع أو جاهل لم يذق طعم عقائد الإمامية .
  وفي مورد آخر يكشف فيه عن أمانته وصدقه ويأتي بـها صلعاء شوهاء ، فيقول عن علي بن إبراهيم القمي رضوان الله تعالى عليه صاحب التفسير :
  ( وفي سورة النساء يـحرّف الآية الرابعة والعشرين فيقول ( فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن فريضة ) ويعقب بقوله : فهذه الآية دليل على المتعة ) (4) .
  ولكن القارئ النبيه الذي لا تنطلي عليه الأكاذيب لو راجع تفسير القمي سيجده بـهذا الشكل : ( قوله ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ) (النساء/24)، قال الصادق عليه السلام : فمن استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن فريضة ، قال الصادق عليه السلام فهذه الآية دليل على المتعة ) (5) !!
  لذا أجزم أن رسالة الدكتوراه هذه لم تناقش بإنصاف ، وإلا كيف ينسب هذا (علي.س) الكذاب للقمي شيئا لم يذكره وما قاله ولا عناه ! ، فإن القمي رضوان الله تعالى عليه في تفسيره يذكر أول الآية

--------------------
(1) أثر الإمامة في الفقه الجعفري وأصوله ص243.
(2) هامش ص296.
(3) الدر المنثور ج4ص366.
(4) أثر الإمامة في الفقه الجعفري وأصوله ص190.
(5) تفسير علي بن إبراهيم القمي ج1ص136 .

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 611 _
  فقط كما هو عادته في الآيات الأخرى ثم يذكر الرواية المتعلقة بـها ، وواضح أن القمي لم يقل شيئا ، وإنما نسبت الرواية القول للإمام الصادق عليه السلام بكل وضوح ومع ذلك يقول لك المفتري أن القمي حرّف الآية ! والعجب من هذا كيف كذب ويحيلك إلى المصدر لتعلم أنه كاذب !
  هذا ، ناهيك عن المهازل والمفارقات التي تكشف لك عن ضحالة علمه بمباني الغير ، فلا تدري على أي منها تضحك ! ، أ لعدم تثبته من نسبة الكتب لأصحابـها ؟ ، أم لعدم إطلاعه على أقوال المحققين في المذهب ؟ أم لجهله بضوابط اعتماد الرواية ؟ إلى غير ذلك مما سيقف قارئ ذلك الكتاب على جهل مدوّنه ، ثم ما ظنك بمن اتـهم الغير وضلل وكفر لأمور هي من المسلمات عند بني جلدته ؟! (1) .

* الخاتمة
  يتضح إلى هنا أن من السفاهة والجهل رمي الشيعة بالتحريف لوجود روايات تحكي آيات من القرآن فيها كلمات مقحمة بين مفرداتـها ، لأنـها قد تكون من التنـزيل الذي ذكرنا مواضعه الكثيرة سابقا ، أو أن الإمام عليه السلام كان بصدد تفسيرها خاصة وأنه لم يقرأ تلك الزيادة وإنما كان في مقام المخاطبة للغير وإفهامه الآية وقد كررت نفس الآية وقرأها الإمام عليه السلام بالشكل الصحيح في روايات أُخر ، بخلاف ما لو قيل عنه أنه كان يقرأ بقراءة شاذة فعرف بـها وأثرت عنه وهي مخالفة لرسم المصحف كما هو الحال مع وجوه الصحابة وأكابر سلف أهل السنة ، فشتان بين الموردين .

--------------------
(1) لو كان عندي مجال لتتبعت كل ما قاله هذا الشيء ، لكن التقليب السريع لأحد فصول الكتاب أغنى ولله الحمد .

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 612 _
أعلام أهل السنة الذين قالوا بتحريف القرآن
  في بعض أيامنا تتبجح الوهابية بـخلو مذهب أهل السنة ممن يقول بتحريف القرآن ، وحسبت أن هذا مؤذٍ للشيعة ! ، فأردنا هنا أن نوقفهم على الحقيقة المرّة التي ترفع عنهم نشوة السُّكر الكاذب ، وهي أنّ زادَ أهل السنة دسمٌ جدا في مأدبة القائلين بتحريف القرآن ، فالأعلام الآتية أسماؤهم قد قام مذهب أهل السنة على أكتاف بعضهم ، فهم أركان المذهب وحماته ، وسيتضح أن القائلين بالتحريف من الشيعة لا يقارنون بمن قالوا بتحريف القرآن من أهل السنة ، لأن تعظيم الشيعة للإخبارية الذين قالوا بتحريف القرآن أقل بكثير من تعظيم أهل السنة لـهؤلاء الصحابة والتابعين الذين قالوا بتحريف القرآن .

* ملاحظة مهمة :
  قد يوجد في ضمن البحث روايات في سندها رجال لم يوثقوا وهو حال بعض الروايات التي سبق أن ذكرناها ، ولا بأس بذلك ، لأننا في مقام إلزام الوهابية بمثل ما ألزمونا به ، فقد اعتمدت الوهابية في افترائها على الشيعة على روايات ضعيفة ، وأخرى مصادرها غير معتمدة عند الشيعة ، وبرواة ثبت كذبـهم ووضعهم للحديث ، بل أكثر من ذلك فقد افتروا على الشيعة من كتب منحولة مدخولة لا يعلم الشيعة أنفسهم من الذي قام بكتابتها وتأليفها ! ، أهو نصراني ؟! ، أم مجوسي ؟! ، أم يهودي ؟! ، نحو كتاب دبستان مذاهب الذي كان مصدرَا لما يسمى بسورة الولاية السخيفة ! ، فما أخذت الوهابية بصحاح الروايات ، بل التقطوها متونا جاهزة اقتصروا عليها وكأنه لا سند لها فقاموا بالسرد والطعن ، ولن نعاملهم بنفس هذا الأسلوب ، بدليل أنا سنشبع المبحث بالروايات الصحيحة السند والمقبولة على موازين أهل السنة بل سنُتبعه بمبحث آخر ننقل فيه اعترافات علماء أهل السنة بأن هؤلاء الصحابة والتابعين قد قالوا بتحريف القرآن لنفس تلك الروايات التي نقلناها في هذا المبحث ، وكله بإذن الله ومشيئته تعالى .

* لـفـتـة !
  البعض ينكر تارة النص القرآني المتواتر أو ينسب ما هو موجود في مصحف المسلمين للخطأ واللـحن فهذا المدّعي ممن يرى تحريف القرآن بلا ريب ، لأنه يزعم أن أيادي البشر تلاعبت في بعض

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 613 _
  كلماته ومواضعه ، ومحل الوفاق بين أهل التحقيق أن القرآن ثابت بكل كلماته وحروفه ويُتهم بالتحريف من أنكر حرفا منه أو نسب الخطأ لما هو موجود في المصحف ، وتارة يصرح البعض من أكابرهم بوقوع التحريف في القرآن الكريم بكل وضوح وجرأة ويقول إن الآية حرفت وتلوعب بـها ، والوهابية يدعون عوام الشيعة لتكفير فلان وفلان من الشيعة لأنـهم قالوا بتحريف القرآن ، ونحن الآن نتمنى من الوهابية أن يكفروا كل هؤلاء الآتية أسماؤهم ، بل نتنازل لـهم ولا نسلك سبيلهم في اعتماد الروايات الضعيفة بل نريد منهم تكفير من صحت النسبة إليه ولا يمكن تأويل قوله ، ونتنازل لهم أكثر فأكثر ونطلب منهم تكفير من اعترف علماء أهل السنة بأنه قال بتحريف القرآن ، بل نتنازل لهم أكثر من ذلك ونريد منهم تكفير من شهد عليه واعترف شيخ إسلامهم ابن تيمية بأنه قد قال بتحريف القرآن ! ، فهل يجرؤن ؟! ، أم سيقتصر عملهم على دعوة عوام الشيعة لتكفير فلان وفلان من الإخبارية ؟! ، قال تعالى (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ) (العنكبوت/12ـ13) ، صدق الله العلي العظيم .

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 614 _
القسم الأول : من رأى النبي صلى الله عليه وآله سلم
عمر بن الخطاب
  بعد كل ما ذكرناه من الجمل الركيكة والكلمات الغريبة التي نسبها عمر بن الخطاب للقرآن الكريم ونسبة ما ثبت أنه قول للنبي صلى الله عليه وآله وسلم للقرآن مع عدم وجوده في المصحف ، بعد كل هذا كان من الطبيعي أن يقال إن ابن الخطاب إن لم يكن هو سيد رجالات التحريف فلا أقل أنه من أوائل من نسب للقرآن ما ليس منه .
* نقطٌ على حروف !
  إن العلم بالكيفية التي كان ينتهجها الرسول صلى الله عليه وآله في تبليغ القرآن للناس يساعدنا للوقوف على بعض الحقيقة ، فالرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم كان يبلغ القرآن لكتبة الوحي إضافة لمن حضر من الصحابة ، وما كان ليكتفي بتبليغه لشخص واحد ، ولو حدث هذا فمعناه أنه

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 615 _
  صلى الله عليه وآله وسلم متيقن من أن هذا الشخص سيبلغ ما أمره به على أكمل وجه ، وخلاصة الكلام إن القرآن لم ينـزل لفلان معين من الناس ولكن للبشرية جمعاء .
  بـهذا وبتدعيم من الصحف والمداد ، يصبح معلوما دقة المهمة الذي أتمها صلى الله عليه وآله وسلم في حياته للحفاظ على نص القرآن من الضياع ، وبـهذه الحال لو جاءنا رجل منفرد وحيد شاذ عن الجمهور فادعى أن جملة كيت وكيت آية من القرآن يُجزم حينها وبكل تأكيد أن ادعاءه باطل ، ويكون بادعائه هذا عرضة لسهام الطعن والتهمة بلا أدنى وسوسة ، إذ كيف تخفى هذه الآية المزعومة عمن حضر من الصحابة وكتّاب الوحي وهو بمفرده اختصه الله بآيته ؟! ، وإلا فما معنى قولهم أن القرآن يثبت بالتواتر وما لم يتواتر فليس بقرآن ؟!
  وعليه تكون الجمل الغريبة التي جاءنا بـها ابن الخطاب ك‍ ( الشيخ والشيخة ارجموهما البتة بما قضيا من الشهوة ) محاولة لتحريف القرآن بإدخال ما ليس منه فيه ، وقال الشيخ العريض في فتح المنان معلقا على آية الرجم التي جاءنا بـها عمر :
  ( وهنا نستطيع أن نقول : بأنّ هذه الآية التي قالها عمر كانت أحكاما حفظها عن الرسول بألفاظ الرسول صلى الله عليه (وآله) وسلم ، والتعبير بأنّها آية من كتاب الله مجاز ، ولو كان ما قاله سيدنا عمر من باب الحقيقة لا الـمجاز ) (1) ، يقصد أن عمر بن الخطاب عد جملة الرجم آية من آيات القرآن حقيقة لا مجازا ، مع أنـها في الواقع ليست إلا حديثا نبويا سمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وهذا يعني بكل صراحة أن عمر نسب لكتاب الله جملة ليست منه .
  وكذا بقية الموارد ، ولا أوضح من ادعائه قرآنية الحديث النبوي ( الولد للفراش وللعاهر الحجر ) فإن الجميع يعلم أنـها ليست من القرآن ، ونذكر هنا بعض الموارد التي تثبت اعتقاده تحريف القرآن .

--------------------
(1) فتح المنان في نسخ القرآن ص224-230 للشيخ علي حسن العريض مفتّش الوعظ بالأزهر .

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 616 _
* القرآن ثلاثة أضعاف الموجود !
  أخرج الطبراني عن عمر بن الخطاب مرفوعاً : ( القرآن ألف ألف حرف وسبعة وعشرون ألف حرف فمن قرأه صابراً محتسبًا كان له بكل حرف زوجة من الحور ) (1) ، هذا من صريح التحريف ، وقد مرّ الكلام عنه .

* ذهب كثير من القرآن مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم !
  في مصنف عبد الرزاق الصنعاني : ( عن يوسف بن مهران أنه سمع ابن عباس يقول : أمر عمر بن الخطاب مناديا فنادى أن الصلاة جامعة ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : يا أيها الناس لا تـخدعن عن آية الرجم فإنـها قد نزلت في كتاب الله عز وجل وقرأناها ولكنها ذهبت في قرآن كثير ذهب مع محمد صلى الله عليه (وآله) وسلم ، وآية ذلك أنه صلى الله عليه (وآله) وسلم قد رجم وأن أبا بكر قد رجم ورجمت بعدهما وإنه سيجيء قوم من هذه الأمة يكذبون بالرجم ) (2) .
  وهذه صريحة في أن كثيرا من القرآن فـقِـد وضاع وكان سببه فقد الرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أي أنه صلى الله عليه وآله وسلم الوحيد الذي حفظها من بينهم ! ، والأعجب أنه يقول ( لا تخدعن عن آية الرجم ) وكأن عدم وجودها في المصحف من استغفال وخداع الأمة في نظره ! ، وعلى أي حال فإن إدعاء آية الرجم من عمر أخرجه البخاري في صحيحه كما مر .

* الآية الكريمة غير صحيحة !
  ( أخرج أبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة ابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف عن خرشة بن الحر قال : رأى معي عمر بن الخطاب لوحا مكتوبا فيه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا

--------------------
(1) مجمع الزوائد ج7ص163 قال ابن حجر تعليقا على الرواية : ( رواه الطبراني في الأوسط عن شيخه محمد بن عبيد بن آدم بن أبي إياس ، ذكره الذهبي في الميزان لـهذا الحديث ، ولم أجد لغيره في ذلك كلاما ، وبقية رجاله ثقات ) السيوطي في الدر المنثور ج6ص422 : ( أخرج ابن مردويه عن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله …) فذكره ، وراجع الإتقان في علوم القرآن ج2ص70
  أقول : معنى كلام ابن حجر أن الذهبي خدش شيخ الطبراني لأنه تفرد بـهذا الخبر ، فلا يصح الحكم بضعف سند الرواية بخدش الذهبي لشيخ الطبراني لأنه خدشه كان نابعا من تفرده بـهذه الرواية ، فالاعتماد على قول الذهبي لتضعيف الرواي دور صريح باطل ، إذ معنى ذلك أن الرواية ضعيفة لأنـها ضعيفة ! ، ثم من قال انه تفرد بـهذه الرواية عن الطبراني ؟! فلعل غيره رواها عنه في كتاب ابن مردويه ! ، ثم لو سلمنا فمن قال ان من سمع شيئا بمفرده من شيخه ثم رواه كما سمعه يخدش في وثاقته !
(2) مصنف عبد الرزاق ج7ص330ح13364.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 617 _
   إِذَا نُودِي لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ) (الجمعة/9)، فقال من أملى عليك هذا ؟ قلت : أبي بن كعب ، قال : إن أبيا أقرؤنا للمنسوخ قرأها ( فامضوا إلى ذكر الله ) ).
  ( أخرج عبد بن حميد عن إبراهيم قال : قيل لعمر أن أبيا يقرأ (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) (الجمعة/9)، قال عمر : أبي أعلمنا بالمنسوخ ، وكان يقرؤها ( فامضوا إلى ذكر الله ) ) (1) .

* ابن حجر يصحح التحريف !
  قال ابن حجر العسقلاني مصححا الرواية الأولى :( قوله ـ أي البخاري ـ : وقرأ عمر فامضوا إلى ذكر الله . ثبت هذا هنا في رواية الكشميهني وحده ، وروى الطبري عن عبد الحميد بن بيان عن سفيان عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال : ما سمعت عمر يقرؤها قط فامضوا ، ومن طريق مغيرة عن إبراهيم قال : قيل لعمر : إن أبي بن كعب يقرؤها (فَاسْعَوْا) ! قال : أما أنه أعلمنا وأقرؤنا للمنسوخ ، وإنـما هي فامضوا ، وأخرجه سعيد بن منصور فبين الواسطة بين إبراهيم وعمر وأنه خرشة بن الحر ، فـصح الإسنـاد ) (2) .
  أقول : هذا معتقد ابن الخطاب فيما كُتب في مصاحف المسلمين ، فهو يرى أن هذه الآية (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) ليست بالمفردات الصحيحة ، والذي يجب أن يكتب في المصحف هو ( فامضوا إلى ذكر الله ) لأن هذا هو الذي ثبت عليه الإسلام وما غيره ألغى الله عز وجل قرآنيته ! ، قال القرطبي في تفسيره : ( ما نسخ لفظه وحكمه أو لفظه دون حكمه ليس بقرآن على ما يأتي بيانه عند قوله تعالى ما ننسخ من آية إن شاء الله تعالى ) (3) .
  ولا أدري كيف زاغت الأبصار عن الآية حتى خالفوا فيها مراد الله عز وجل فبقت على (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) ؟!

--------------------
(1) الدر المنثور ج6ص216 .
(2) فتح الباري لابن حجر ج8ص492 ، ولزيادة الاطمئنان بصحة نسبة هذا التحريف أو القراءة لعمر يمكن مراجعة صحيح البخاري ج6ص63 ، السنن الكبرى للبيهقي ج3ص227 ، كتاب الأم للإمام الشافعي ج1ص225 ، الموطأ للإمام مالك ج1ص106ح13 ، مجمع الزوائد للهيثمى ج7ص124 ، كنـز العمال للمتقي الهندي ج2ص592 (أبو عبيد ص ش وابن المنذر وابن الانباري في المصاحف) ، ج2ص597 (عبد بن حميد) ، تنوير الحوالك للسيوطي ص127 ، حاشية الدسوقي ج1ص328 ، الثمر الداني للآبي الأزهري ص230 ، المغني لابن قدامه ج2ص143 ، الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامه ج2ص143 ، كتاب المسند للشافعي ص50 ، فتح القدير للشوكاني ج5ص228 ، ملاحظة بعض المصادر قد تكون عيالا على بعض ولذا لم نقتصر على ذكر المصادر الأم لاحتمال عدم توفرها عند القارئ المحترم .
(3) تفسير القرطبي ج1ص86.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 618 _
* يـقر بضياع آية من القرآن يوم اليمامة !
  عن ابن أبي داود في المصاحف بسنده : ( أن عمر ابن الخطاب سأل عن آية من كتاب الله فقيل : كانت مع فلان ، قتل يوم اليمامة ! فقال : إنا لله ! فأمر بجمع القرآن ) (1) .
  وهذا يعني أن ابن الخطاب التفت إلى جمع القرآن حينما علم بفقد الآية بموت من كان يحفظها ولم ينكر على من لـهج أمامه بضياعها بل استرجع متأثرا بمصيبة التي حلت بالقرآن !

* الآية مزيد فيها كلمة !
  ( حدثنا معاذ بن شبة بن عبيدة قال : حدثني أبي عن أبيه عن الحسن : قرأ عمر : ( والسابقون الأولون من المهاجرين والذين اتبعوهم بإحسان ) فقال أبي (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ ) (التوبة/100). فقال عمر : ( والسابقون الأولون من المهاجرين

--------------------
(1) تاريخ القرآن للكردي الخطاط ص25.
أقول : يمكن أن يحاول أهل التأويل ايجاد مخرج لمتن الرواية بالقول أن ابن الخطاب طلب نصها المكتوب ! ، ولكنه أمر غير مستفاد من الرواية كما هو واضح ، ثم إن هذا الطلب للمكتوب إنما قيل ـ بزعمهم ـ بعد الأمر بجمع القرآن وحال المباشرة بجمعه لا قبله والرواية صريحة في كونـها قبله ، ثم ما دخل فقدان المكتوب بقتل القارئ ؟! فإن القارئ لا يقاتل ومعه المكتوب حتى يفقد ! .
  وحاول الكردي تأويل الرواية بطريق آخر فقال : ( ويحتار بعضهم في فهم هذه الرواية، كيف أن الآية التي سأل عنها عمر لا توجد إلا مع فلان الذي قتل يوم اليمامة ؟! فنقول : إن منطوق الرواية لا يدل على حصر الآية عند فلان فهناك غيره ممن يحفظها أيضا فعمر لما سمع بقتل فلان يوم اليمامة خاف من قتل حفاظ كلام الله تعالى أن يضيع القرآن فراجع أبا بكر في ذلك حتى جمعه في الصحف ).
  أقول : إن الرواية ظاهرة في الحصر ، نعم جملة (كانت مع فلان ، قتل يوم اليمامة ) بمنطوقها لا تدل على الحصر ولكن الرواية مع ملاحظة القرائن الداخلية ظاهرة في الحصر إذ لو لم تكن الآية مختصة بفلان لأجابوا سؤاله وقالوا له إن الآية التي سألت عنها هي مع فلان وفلان وقد كانت مع فلان الذي قتل ونحن نحفظها أيضا ، لا أن يقال أنـها كانت مع رجل قتل يوم اليمامة ، فيسترجع ويتحسف على الآية فيأمر بجمع القرآن ! ، ثم إن عددا كبيرا من الحفاظ قد قتل يوم اليمامة فما بال فلان قد خص من بينهم بالذكر ، أليس لاختصاصه بحفظها ؟! ، ثم إن استرجاع عمر بن الخطاب وتأثره ليس لاستشهاد فلان لأن القتل يوم اليمامة كان معلوما وقد استحر بالقراء ، وتعقيب استرجاعه بالأمر بجمع القرآن يدل على أن المصيبة حلت بالقرآن لا بفقد الشهيد ، ومصيبة القرآن هذه ليست إلا فقد الآية ، ثم من أين علم الكردي نص الآية حتى يقول : فهناك غيره ممن يحفظها أيضا ؟! ،
  وهذا ليس بعجيب على من ينتهج سياسة التأويل والترقيع ! ، وستأتي كلمات عدة من سلفهم الصالح على فقدان كثير من الآيات يوم اليمامة لم تُعرف ولم تُكتب وهذا موافق لما تدعيه هذه الرواية .

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 619 _
  والذين اتبعوهم بإحسان ) وقال عمر : أشهد أن الله أنزلـها هكذا ، فقال أبي رضي الله عنه : أشهد أن الله أنزلها هكذا ، ولم يؤامر فيه الخطاب ولا ابنه ) (1) .
  قلنا فيما سبق أن روايات الكافي التي فيها ( نزلت هكذا ) هي بمعنى التنـزيل المفسر للآية ولكن قول عمر هذا لا يمكن عده من التنـزيل لأنه حذف لكلمة من الآية ، والتنـزيل دوره دور التفسير لا الحذف من الآية .

عثمان بن عفان
في القرآن لـحن !
  وهذا ابن عفان يدّعي أن في مصحفنا أخطاء وأغلاطا وهو المسمى باللحن ، واللـحن المتهم به القرآن منه ـ والعياذ بالله ـ قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ ) (المائدة/69) فقد ادعوا أن فيها لـحنا وخطأً ولكي تكون سليمة من هذا الخطأ يجب أن تكتب ( والصابئين ) بالياء ، وكذا قوله تعالى ( وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ) (النساء/162) يجب أن تكتب ( والـمؤتـين الزكاة ) بالياء ، وكذا غيرها من الموارد التي يجب أن تبدل إلى ما يوافق قواعد اللغة العربية ليكون القرآن سليما ـ بزعمهم ـ من هذا التحريف ! وبعض هذه الموارد سيأتي التعرض لرواياتها في موضع آخر بإذنه تعالى ، ولنذكر رواياتـهم التي تنص على وجود اللحن والخطأ في القرآن بشكل عام .
  ( أخرج ابن أبي داود عن عكرمة قال : لما أُتي عثمان بالمصحف رأى فيه شيئا من لحن فقال : لو كان المملي من هذيل و الكاتب من ثقيف لم يوجد فيه هذا ) (2) .
  ( أخرج ابن أبي داود عن عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر القرشي قال لما فرغ من المصحف أُتي به عثمان فنظر فيه فقال : قد أحسنتم وأجملتم أرى شيئا من لحن ستقيمه العرب بألسنـتها ) .
  ( أخرج ابن أبى داود عن قتادة : أن عثمان لما رفع إليه المصحف قال : إن فيه لحنا وستقيمه العرب بألسنتها ).
  ( أخرج ابن أبى داود عن يحيى بن يعمر قال : قال عثمان : إن في القرآن لحنا وستقيمه العرب بألسنتها ).

--------------------
(1) تاريخ المدينة ج2ص709 ، الدر المنثور ج3ص269 ، قال ابن كثير في تفسيره ج2ص398 ، ذكرنا بعض الروايات فيما سبق التي تحكي لنا وقوف أبي بن كعب رضوان الله تعالى عليه في وجه إنكار ابن الخطاب لذكر الأنصار في الآية .
(2) كتاب المصاحف لابن أبي داود ج1ص232 وما بعدها ، تحقيق محب الدين واعظ .

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 620 _
أمير المؤمنين عليه السلام
الآية خطأ !
  ( أخرج ابن جرير وابن الأنباري في المصاحف عن قيس بن عباد قال قرأت على علي ( عليه السلام) (وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ) (الواقعة/29)، فقال علي : ما بال الطلح ! أما تقرأ ( طَلْعٌ ) ؟ ثم قال : (طَلْعٌ نَضِيدٌ) (ق/10). فقيل له : يا أمير المؤمنين أنـحكها من المصاحف ؟ فقال : لا يهاج القرآن اليوم ) (1) .
  وقال ابن عبد البر في التمهيد : ( وأما (وطلع منضود) فقرأ به علي بن أبي طالب وجعفر بن محمد ( عليه السلام) وروي ذلك عن علي بن أبي طالب من وجوه صحاح متواترة ، منها ما رواه يحيى بن آدم قال أنبأنا يحيى بن أبي زائدة عن مجالد عن الشعبي عن قيس بن عبد الله وهو عم الشعبي عن علي : أن رجلا قرأ عليه (وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ) فقال علي : إنما هو ( وطلع منضود ) ! قال : فقال الرجل : أفلا تغيرها ؟! فقال علي : لا ينبغي للقرآن أن يهاج ) (2) .
  فهذا أمير المؤمنين عليه السلام عِدل القرآن وسيد العترة الطاهرة بعد أخيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم تزعم رواياتـهم أنه أنكر ما في مصاحف المسلمين ، أليس الإمام علي عليه السلام من سلفهم الصالح وهذه رواياتـهم ؟!

--------------------
(1) الدر المنثور ج6 ص157 ، وفي تفسير الطبري ج27 ص104 أقول : لا يخفى عليك أخي القارئ أن هذا المورد وبعض الموارد الآتية ذكرت من باب الإلزام لا غير ولا تعبر عن رأي الشيعة ، وبملاحظة ترتيب أسماء الشخصيات تعلم أننا نحاكي أهل السنة في ذلك .
(2) التمهيد لابن عبد البر ج8ص297 .

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 621 _
عبد الله بن مسعود
  لو أردنا الوقوف عند كل ما نسبته روايات أهل السنة لابن مسعود مما له علاقة بالتحريف لطال بنا المقام ولكنا سنقتصر هنا على المهم كإنكاره قرآنية المعوذتين وبعضا آخر .
* القرآن حرف بإدخال عوذتين فيه !
  جاهر ابن مسعود بنفي قرآنية المعوذتين ، ودعا غيره من الصحابة والتابعين لنبذهما عن المصحف وحذفهما منه بقوله ( لا تخلطوا فيه ما ليس منه ! ) وكان يحكهما من المصحف ، فهو في الواقع محرف للقرآن لأنه أنقص منه سورتين ، والمسلمون في نظره حرّفوا القرآن بزيادة عوذتين فيه .
  وصحة هذه النسبة لابن مسعود لا يمكن الشك فيها بعد وضوحها وشياعها حتى وردت في كتب الشيعة أيضا (1) ، وقد سبق ذكر بعض الروايات من مصادر أهل السنة ، ولا بأس بالتذكير بـها ، مع الزيادة :
  ( عن عبد الرحمن بن يزيد قال : رأيت عبد الله يحك المعوذتين ويقول : لِم تزيدون ما ليس فيه ؟! )
  ( عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن عن عبد الله أنه كان يحك المعوذتين من مصحفه فيقول : ألا خلطوا فيه ما ليس فيه ! ).
  ( عن الأعمش عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله أنه كان يحك المعوذتين من المصحف يقول : ليستا من كتاب الله ) (2) .

--------------------
(1) بل ان السيد السيستاني حفظه الله وسدد خطاه قد ألمح ـ بنظري القاصر ـ للمصيبة التي حلت بالمعوذتين في رسالته العملية منهاج الصالحين مسألة رقم 632 ( يجوز تكرار الآية والبكاء وتجوز قراءة المعوذتين في الصلاة وهـما من القرآن ) .
(2) المعجم الكبير ومجمع الزوائد لابن حجر ج7ص149 علق عليه ابن حجر : ( رواه عبد الله بن أحمد والطبرانى ورجال عبد الله رجال الصحيح ورجال الطبرانى ثقات ).

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 622 _
  ( عن أبي عبد الرحمن السلمي عن ابن مسعود أنه كان يقول : لا تخلطوا بالقرآن ما ليس فيه ! فإنما هما معوذتان تعوذ بـهما النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس وكان عبد الله يمحوهما من المصحف ).
  ( عن علقمة عن عبد الله أنه كان يحك المعوذتين من المصاحف ويقول : إنما أمر رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم أن يتعوذ بـهما ولم يكن يقرأ بـهما ) (1) .
  ( وعن زر قال قلت لأبي : إن أخاك يحكهما من المصحف ! قيل لسفيان بن مسعود : فلم ينكر قال : سألت رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم فقال : قيل لي فقلت : فنحن نقول كما قال رسول الله ) (2) .
  ( وعن عبد الله أنه كان يحك المعوذتين من المصحف ويقول : إنما أمر النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم أن يتعوذ بـهما وكان عبد الله لا يقرأ بـهما ) (3) .
  ( عن زر بن حبيش قال لقيت أبي بن كعب فقلت له : إن ابن مسعود كان يحك المعوذتين من المصاحف ويقول إنـهما ليستا من القرآن فلا تجعلوا فيه ما ليس منه ! قال أبي : قيل لرسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم ، فقال لنا فنحن نقول ) (4) .
  ( أخرج أحمد والبزار والطبراني وابن مردويه من طرق صحيحة عن ابن عباس وابن مسعود أنه كان يحك المعوذتين من المصحف ويقول : لا تخلطوا القرآن بما ليس منه إنـهما ليستا من كتاب الله إنـما أمر النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم أن يتعوذ بـهما ، وكان ابن مسعود لا يقرأ بـهما .

--------------------
(1) المعجم الكبير للطبراني ج9ص234ـ235ح9148ـ9152 .
(2) مجمع الزوائد للهيثمي ج7ص149 ، علق عليه الهيثمي ( قلت هو في الصحيح ـ صحيح البخاري ـ خلا حكهما من المصحف ، رواه أحمد والطبرانى ورجال أحمد رجال الصحيح ).
(3) ن.م ، علق عليه ابن ججر ( رواه البزار والطبرانى ورجالهما ثقات ).
(4) موارد الظمآن ج1ص435ح1756، السنن المأثورة ج1ص168ح94، مصنف ابن أبي شيبة ج6ص146 وما بعدها .

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 623 _
  قال البزار : لم يتابع ابن مسعود أحد من الصحابة وقد صح عن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم أنه قرأ بـهما في الصلاة وأثبتتا في المصحف ) (1) .
  ويكفينا إخراج البخاري لذلك في صحيحه : (حدثنا عاصم عن زر قال : سألت أبي بن كعب ، قلت : يا أبا المنذر ! إن أخاك بن مسعود يقول : كذا وكذا !! ، فقال أبي : سألت رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم ، فقال لي : قيل لي ، فقلت ، قال : فنحن نقول كما قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم ) (2) .
  وتسليم علماء أهل السنة بموقف ابن مسعود من المعوذتين لا يخفى على أحد وسنذكر كلماتـهم في هذا المجال بإذنه تعالى ، وكل من حاول منهم تأويل موقفه أو تخريجه بوجه مقبول فقد سلّم ضمنا إنكاره للمعوذتين .
  أما مصادر الشيعة الإمامية ففي الوسائل : ( عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن المعوذتين أهما من القرآن ؟ فقال الصادق عليه السلام : هما من القرآن ، فقال الرجل : إنـهما ليستا من القرآن في قراءة ابن مسعود ولا في مصحفه فقال أبو عبد الله عليه السلام : أخطأ ابن مسعود ، أو قال : كذب ابن مسعود ، وهما من القرآن ، فقال الرجل : فأقرأ بـهما في المكتوبة ؟ فقال : نعم ) (3) .
  ( عن أبي بكر الحضرمي قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام : إن ابن مسعود كان يمحو المعوذتين من المصحف . فقال : كان أبي يقول : إنما فعل ذلك ابن مسعود برأيه وهما من القرآن ) (4) .
  والمشكلة أن روايات أهل السنة المخرجة في الصحاح تقول أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أوصى الصحابة بأن يتعلموا القرآن من ابن مسعود ! وأنه قال لـهم (وما حدثكم ابن مسعود فاقبلوه) (5) ، وهو المرجع الوحيد للعرضة الأخيرة للقرآن وعلى حد تعبير ما صح عن ابن عباس أنه قد ( عَلِم ما نُسخ وما بُدّل ) !!

--------------------
(1) الدر المنثور ج4ص416.
(2) صحيح البخاري ج4ص1904ح4693 ، ح4692.
(3) وسائل الشيعة للحر العاملي رضوان الله تعالى عليه ج4ص786 .
(4) ن.م ج4ص787.
(5) صحيح الجامع الصغير وزيادته للألباني ج1ص254ح1144 ط المكتب الإسلامي .

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 624 _
  النتيجة : إما أن قرآن المسلمين محرف ويجب الأخذ بقول ابن مسعود كما تفيده أدلتهم ، وإما أن ابن مسعود قال بتحريف القرآن ، ويقول الوهابيون إن من قال بتحريف القرآن كافر بلا قيد أو شرط ، فيلزمهم تكفير الصحابي ابن مسعود !
* السورة ناقصة !
  أخرج ابن الأنباري في المصاحف : ( قال عبد الله بن مسعود : اكتبوا ( والعصر إن الإنسان ليخسر وإنه فيه إلى آخر الدهر ) فقال عمر : نـحّوا عنا هذه الأعرابية ) (1) .
  وعلى هذا كيف نجمع بين ما أخرجه البخاري ومسلم من أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصحابة أي يستقرئوا ابن مسعود القرآن وبين رفض عمر شهادته وردّه خائبا ؟! ، فهل هذا اقتفاء لأوامر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؟! ، فإن قيل إن فعل عمر صحيح لأن تلك الزيادة لست من القرآن ! فنقول نعم صحيح ، وهذا يعني أن روايات البخاري باستقراء ابن مسعود القرآن غير صحيحة !

* الآية ليست هكذا !
  ( أخرج عبد الرزاق والفريابي وأبو عبيد وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري والطبراني من طرق عن ابن مسعود انه كان يقرأ ( فامضوا إلى ذكر الله ) قال : ولو كانت فاسعوا لسعيت حتى يسقط ردائي !) (2) .
  قال ابن عبد البر في التمهيد : ( وأما (فامضوا إلى ذكر الله) فقرأ به عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وابن عباس وابن عمر وابن الزبير وأبو العالية وأبو عبد الرحمن السلمي ومسروق وطاووس وسالم بن عبد الله وطلحة بن مصرف ) (3)، وقال :( نحو قراءة عمر بن الخطاب وابن مسعود رحمهما الله ( فامضوا إلى ذكر الله )) (4) .

--------------------
(1) الدر المنثور ج1ص303 ، السند فيه سليمان بن أرقم وهو ضعيف ، وهذا لا يضرنا كما نبهنا عليه سابقا .
(2) ن.م ج6ص219 .
(3) التمهيد لابن عبد البر ج8ص298.
(4) ن.م ج4ص278.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 625 _
  وقال ابن كثير : ( وكان عمر بن الخطاب وابن مسعود رضي الله عنهما يقرآنـها ( فامضوا إلى ذكر الله ) ) (1) .
  وقال الثعالبي : ( قراءة عمر وعلي وابن مسعود وابن عمر وابن عباس وابن الزبير وجماعة من التابعين ( فامضوا إلى ذكر الله ) ، وقال ابن مسعود لو قرأت فاسعوا لأسرعت حتى يقع ردائي ) (2) .
  فهاهو ابن مسعود يخطّئ مصحف المسلمين ويصرح أن الآية ليست بـهذا الشكل (فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) (الجمعة/9) ، ولا ندري هل يتبع أهل السنة قول النبي صلى الله عليه وآله الذي أخرجه البخاري بلزوم متابعة ابن مسعود وكذا ما أخرجه أحمد بسند صحيح من أن ابن مسعود عنده علم ما بُدل وما نُسخ ، وكذا ما صححه الألباني من قوله صلى الله عليه وآله وسلم (وما حدثكم ابن مسعود فاقبلوه) (3) أم يخالفونه ؟! ، الخيار لـهم .
  * أخذ من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما يخالف مصحفنا !
  ( أخرج البخاري في تاريخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري وأبو الشيخ وابن مردويه من طرق عن ابن مسعود رضي الله عنه انه قرأ ( إني أراني أعصر عنبا ) وقال : والله لقد أخذتـها من رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم هكذا ) (4) .
  أيثق أهل السنة بابن مسعود ؟ أم أنه كان يتعمد تحريف القرآن ؟!

* بعض آيات القرآن مـحرفـة !
  ( أخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : ما كان في القرآن (وَما اللَّهُ بِغافِلٍ عَمّا تَعْمَلونَ) بالتاء ، ( وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمّا يَعْمَلونَ ) بالياء ) (5) .

--------------------
(1) تفسير ابن كثير ج4ص390.
(2) تفسير الثعالبي ج5ص430ـ431.
(3) صحيح الجامع الصغير وزيادته للألباني ج1ص254ح1144 ط المكتب الإسلامي .
(4) الدر المنثور ج4ص19 ، تفسير ابن كثير ج2ص495 : ( وكذلك هي في قراءة عبد الله بن مسعود (إني أراني أعصر عنبا) ورواه ابن أبي حاتم عن أحمد بن سنان عن يزيد بن هارون عن شريك عن الأعمش عن زيد بن وهب عن ابن مسعود أنه قرأها أعصر عنبا ).
(5) الدر المنثور ج5ص119.