الفصل الثالث والثلاثون والمائة
في القبر

(1337|1) قال الله تعالى في سورة التكاثر :
   (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ * كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ * ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ) .
   (1338|2) وقال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) : ( من احتفر لمسلم قبراً محتسباً حرّم الله تعالى على جسمه النار ، وبوأه بيتاً في الجنة ) .
   (1339|3) وروي بإسناد صحيح عن الصادق ( عليه السّلام ) أنَّه قال :( إذا مات المؤمن ، شيّعه سبعون ألف مَلَك إلى قبره ، فإذا أدخل قبره ، أتاه منكر ونكير فيقعدانه ويقولان له : من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ فيقول : الله ربي ، ومحمد نبيي ، والإسلام ديني ، فيفسحان له في قبره مد بصره ، ويأتيانه بالطعام من الجنة ، ويدخلان عليه الروح والريحان ، وذلك قوله عزَّ وجلّ :( فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ) يعني في قبره ، ( وَجَنَّةُ نَعِيمٍ *(1) يعني في الآخرة ) .

------------------------------------
1 ـ التكاثر 102 : 1 ـ 8 .
2 ـ ثواب الأعمال : 344 .
3 ـ آمالي الصدوق : 239|12 ، تفسير القمي 1 : 370 ، روضة الواعظين 2 : 297 ، ورام 2 :167 .
(1) الراقعة 6 5: 88 ـ 89 .

جَـامِـعُ الأخْـبَـارِ أو معارج اليقين في اصول الدّين _ 478 _

   ثم قال ( عليه السّلام ) : ( إذا مات الكافر ، شيّعه سبعون ألف ملك من الزبانية إلى قبره ، وأنه ليناشد حامليه بصوت يسمعه كل شيء إلآ الثقلان ، ويقول : لو أن لي كرة فاكون من المؤمنين ويقول : ارجعوني لعلي أعمل صالحاً فيما تركت ، فتجيبه الزبانية : كلا ، إنها كلمة أنت قائلها ، ويناديهم ملك : لوردوا لعادوا لما نهوا عنه .
  فإذا أدخل قبره ، وفارقه الناس ، أتاه منكر ونكير في أهول صورة ، فيقيمانه ثم يقولان له : من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ فيتلجلج لسانه فلا يقدر على الجواب ، فيضربانه ضربة من عذاب الله يذعر لها كل شيء ، ثم يقولان له : من ربك ؟ ومن نبيك ؟ وما دينك ؟ فيقوِل : لا أدري ، فيقولان له : لا دريت ولا هديت ولا أفلحت ، ثم يفتحان له بابِاً إِلى النار ، وينزلان إليه الحميم من جهنم ، وذلك قول الله تعالى : ( وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ * فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ )يعني في القبر( وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ )(1) يعني في الآخرة ) .
   (1340|4) وقال رجل لأبي ذر ( رحمه الله ) : ما لنا نكره الموت ؟ قال :لأنَّكم عمّرتم الدنيا وخرّبتم الآخرة ، فتكرهون أن تنتقلوا من عمران إلى خراب .
  قيل له : كيف ترى قدومنا على الله؟ قال : أمّا المحسن فكالغائب يقدم على أهله ، وأمّا المسيء فكالابق يقدم على مولاه .
   قال : فكيف ترى حالنا عند الله تعالى ؟ قال : اعرضوا أعمالكم على الكتاب ، إِنّ الله تبارك وتعالى يقول : (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيم * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ )(2) .
  قال الرجل : فأين رحمة الله ؟ قال : ( إنً رَحمةَ اللهِ قَرِيب مِّنَ المُحسِنينَ )(3) .
   (1341|5) وقيل للصادق ( عليه السّلام ) : صف لنا الموت ؟ فقال :

------------------------------------
(1) الواقعة 56 : 92 ـ 94 .
4 ـ الكافي 2 : 33|201 .
(2) الانفطار 82 : 13 .
(3) الأعراف 7 : 56 .
5 ـ معاني الأخبار : 287|1 ، عيون أخبار الرضا ( عليه السّلام ) 1 : 274|9 .

جَـامِـعُ الأخْـبَـارِ أو معارج اليقين في اصول الدّين _ 479 _

   ( للمؤمن كأطيب ريح يشمه ، فينعس بطيبه ، وينقطع التعب والألم كله ، وللكافر كلسع الأفاعي ولدغ العقارب ، أو اشد ) .
  قيل : فإن قوماً يقولون : أنَّه أشدًّ من نشر بالمناشير ، وقرض بالمقاريض ، ورضخ بالاحجار ، وتدوير قطب الأرحية في الأحداق قال : ( كذلك هو على بعض الكافرين والفاجرين ، ألا ترون منهم من يعافي تلك الشدائد ؟ فذلكم الذي هو أشد من هذا ، وهو أشد من عذاب الدنيا ) .
  قيل له : فما لنا نرى كافراً يسهل عليه النزع في نطفي وهو يتحدث ويضحك ويتكلم ، وفي المؤمنين أيضاً من يكون كذلك ، وفي المؤمنين والكافرين من يقاسي عند سكرات الموت هذه الشدائد ؟ فقال : ( ما كان من راحة المؤمنِ هناك فهو عاجل ثوابه ، وما كان من شدة فتمحيصه من ذنوبه ، ليرد الاخرة نقياَ نظيفاً مستحقاً لثواب الأبد لا مانع له دونه .
  وما كان من سهولة على الكافر ، فليوفى أجر حسناته في الدنيا ، وليرد الآخرة ـ وليس له إلاّ ما يوجب عليه العذاب ، وما كان من شدة هناك على الكافر ، فهو ابتداء عقاب الله له بعد نفاد حسناته ، ذلكم بأن الله عدل لا يجور ) .
   (1342|6) ودخل موسى بن جعفر ( عليهما السّلام ) على رجل قد غرق في سكرات الموت ، وهو لا يجيب داعياً ، فقالوا له : يا ابن رسول الله ، وددنا لو عرفنا كيف الموت ، وكيف حال صاحبنا ؟ فقال ( عليه السلام ) : ( الموت هو المصفّاة يصفّي المؤمنين من ذنوبهم ، فيكون آخر الم يصيبهم كفّارة اخر وزر بقي عليهم ، ويصفّي الكافرين من حسناتهم ، فيكون اخر لذة أو نعمة أو راحة تلحقهم ، وهو آخر ثواب حسنة تكون لهم ، وأمّا صاحبكم هذا ، فقد نخل من الذنوب نخلاً ، وصفّي من الاثام تصفية ، وخلص حتى نقي كما ينقى الثوب من الوسخ ، وصلح لمعاشرتنا أهل البيت في دارنا دار الأبد ) .

------------------------------------
6 ـ معاني الأخبار : 289|6 .

جَـامِـعُ الأخْـبَـارِ أو معارج اليقين في اصول الدّين _ 481 _


   (1343|1) روي عن الصادق ( عليه السّلام ) أنّه قال : ( إِذا نظرت إلى المقابر فقل : السلام عليكم يا أهل المقابر من المؤمنين والمؤمنات ، انتم لنا سلف ونحن لكم تبع ، ونحن على آثاركم واردون ، نسأل الله الصلاة على محمّد وآله والمغفرة لنا ولكم ) .
   (1344|2) قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) : من مر على المقابر وقرأ ( قل هو الله أحد ) أحد عشر مرة ، ثم وهب أجره للأموات ، أعطي من الأجر بعدد الأموات ) .
   (1345|3) عن أحمد بن محمّد قال : كنت أنا وإبراهيم بن هاشم فيبعض المقابر ، إذ جاء إلى قبر ، فجلس مستقبل القبلة ، ثم وضع بيده على القبر فقرأ سبع مرات ( إِنّا أنزلناه ) ثم قال : حدثني صاحب القبر ـ وهو محمد بن إسماعيل بن بزيع ـ أنّه قال : من زار قبر مؤمن فقرأ عنده سبع مرات (إِنّا أنزَلناهُ فيلَيَلَةِ القَدرِ) غفر الله له ولصاحب القبر .
   (1346|4) عن عبد الله بن مسعود : إذا العبد وضع يده على رؤوس القبور وقال : اللهم اغفر له ، فانه افتقر إليك ويقرأ ( فاتحة الكتاب ) ، واحدى

------------------------------------
1 ـ بتفاوت في كامل الزيارات : 321 ، وكذا الكافي 3 : 229|5 .
2 ـ صحيفة الإمام الرضا ( عليه السّلام ) : 94|28 ، مصباح الزائر : 192 .
3 ـ بتفاوت في كامل الزيارات : 319 ، وفي الكافي 3 : 229|9 .
4 ـ عنه النوري في مستدركه 2 : 483|2523 .

جَـامِـعُ الأخْـبَـارِ أو معارج اليقين في اصول الدّين _ 482 _

  عشرة مرة ( قل هو الله أحد) نوّر الله قبر ذلك الميت ، ووسّع عليه قبره مد بصره ، ورجع هذا الداعي من رأس القبر مغفوراً له الذنوب ، فإن مات في يومه إلى مائة يوم مات شهيداً وله ثواب الشهداء ، فإن الله تعالى يحب العبد الناصح لأهل القبور ، فمن نصحهم بالدعاء أو الصدقة أوجب له الجنة بغير حساب .
   (1347|5) عن أبي هريرة قال : قال رسول الله( صلّى الله عليه وآله وسلم ) :( اهدوا لموتاكم ) فقلنا : يا رسول الله : وما هدية الأموات ؟ قال : ( الصدقة و الدعاء ) .
   (1348|6) قال ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) : ( إن أرواح المؤمنين تأتي بكل جمعة إلى السماء الدنيا بحذاء دورهم وبيوتهم ، ينادي كل واحد منهم بصوت حزين باكين : يا أهلي ويا ولدي ، ويا أبي ويا أمي وأقربائي ، اعطفوا علينا ـ يرحمكم الله ـ بالذي كان في أيدينا والويل والحساب علينا ، والمنفعة لغيرنا ، وينادي كل واحد منهم إلى أقربائه : اعطفوا علينا بدرهم أو برغيف أو بكسوة يكسوكم الله من لباس الجنة ) .
  ثم بكى النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) وبكينا معه ، فلم يستطع النبي( صلّى الله عليه وآله وسلم ) أن يتكلم من كثرة بكائه ، ثم قال : ( أولئك اخوانكم في الدين فصاروا تراباً رميماً بعد السرور والنعيم ، فينادون بالويل والثبور على أنفسهم يقولون : يا ويلنا ، لو انفقنا ما كان في أيدينا في طاعة الله ورضائه ما كنّا نحتاج إليكم ، فيرجعون بحسرة وندامة وينادون : اسرعوا صدقة الأموات ) .
   (1349|7) قال النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) : ( ما تصدّقت لميت ، فيأخذها ملك في طبق من نور ساطع ضوؤها يبلغ سبع سماوات ، ثم يقوم على شفير الخندق فينادي : السلام عليكم يا أهل القبور ، أهلكم اهدوا إليكم بهذه الهدية ، فيأخذها ويدخل بها في قبره ، فيوسع عليه مضاجعه ) .

------------------------------------
5 ـ عنه النوري في مستدركه 2 : 484 |2524 .
6 ـ بتفاوت في إرشاد القلوب : 175 ، ونقله النوري في مستدركه 2 : 484|2525 .

جَـامِـعُ الأخْـبَـارِ أو معارج اليقين في اصول الدّين _ 183 _

   وقال ( عليه السّلام ) : ( الا من أعطف لميت بصدقة ، فله عند الله من الآجر مثل أحد ، ويكون يوم القيامة في ظل عرش الله يوم لا ظل إلاّ ظل العرش ، وحي وميت نجى بهذه الصدقة ) .

جَـامِـعُ الأخْـبَـارِ أو معارج اليقين في اصول الدّين _ 485 _

الفصل الخامس والثلاثون والمائة
في ذكر ملك الموت

   (1350|1) ( كم من غافل ينسج ثوباً ليلبسه وإنّما هو كفنه ، ويبني بيتاً ليسكنه وإِنَّما هو موضع قبره )(1) .
   (1351|2) وقال النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) : ( إِنَ القبر أول منازل الاخرة ، فإن نجى منه فما بعده أيسر منه ، وإن لم ينج منه فما بعده ليس أقلمنه ) .
   (1352|3) وقال إبراهيم الخليل ( عليه السّلام ) لملك الموت : ( هل تستطيع أن تريني صورتك التي تقبض بها روح الفاجر ) ؟ قال : ( لا تطيق ذلك ) ، قال : ( بلى ) ، قال : ( فأعرض عني ) ، فأعرض عنه ، ثم التفت ، فإذا هو برجل أسود ، قائم الشعر منتن الريح ، أسود الثياب ، يخرج من فمه ومناخره لهب النار والدخان ، فغشي على إبراهيم ، ثم أفاق فقال : ( لو لم يلق الفاجر عند موته إلاّ صورة وجهك لكان حسبه ) .

---------------------------
1 ـ أمالي الصدوق : 97|8 ، عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) 1 : 297 ، ورام 2 : 158 .
(1) وكذا ، لكن روته المصادر عن أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) .
2 ـ دعوات الراوندي : 259|737 ، روضة الواعظين 2 : 494 ، شهاب الأخبار : 79|194 ، ربيع الأبرار 4 : 204 ، إحياء علوم الدين 2 : 210 ، فردوس الأخبار 3 : 283|4716 ، الترغيب .
3 ـ والترهيب 4 : 361|6 .

جَـامِـعُ الأخْـبَـارِ أو معارج اليقين في اصول الدّين _ 487 _


(1353|1) قال الله تعالى في سورة بني إسرائيل :
   ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ) .
(1354|2) قال الله تعالى في سورة البقرة :
   ( وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ ) .
(1355|3) وفي سورة آل عمران :
   ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ) .
   (1356|4) وقال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) : ( فو الذي نفس محمد بيده ، لو يرون مكانه ، ويسمعون كلامه ، لذهلوا عن ميتهم ، ولبكوا على أنفسهم ، حتى إذا حمل الميت على نعشه ، ترفرف روحه فوق النعش ، وهو

---------------------------
1 ـ الإسراء 17 :85 .
2 ـ البقرة 2 : 154 .
3 ـ آل عمران 3 : 69 1 ـ 170 .
4 ـ عنه المجلسي في البحار 6 : 161|28 .

جَـامِـعُ الأخْـبَـارِ أو معارج اليقين في اصول الدّين _ 488 _

  ينادي : يا أهلي ويا ولدي ، لا تلعبنَّ بكم الدنيا كما لعبت بي ، جمعت المال منحلّه وغير حلّه ، ثم خلّفته لغيري ، فالمهنا لهم والتبعة عليّ ، فاحذروا مثل ما حلبي ) .
   (1375|5) وقيل : ما من ميت يموت حتى يتراءى له ملَكاه الكاتبان عمله ، فإن كان مطيعاً قالا له : جزاك الله عنّا خيراً ، فرب مجلس صدق اجلستنا ، وعمل صالح قد احضرتنا .
  و إن كان فاجراً قالا : لا جزاك الله عنّا خيراً ، فربّ مجلس سوء قد اجلستنا ، وعمل غير صالح قد احضرتنا ، وكلام قبيح قد اسمعتنا .
   (1358|6) وقال النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) : ( إذا رضي الله عن عبد قال : يا ملك الموت اذهب إلى فلان فاتني بروحه ، حسبي من عمله ، قد بلوته فوجدته حيث أحب ، فينزل ملك الموت ومعه خمسمائه من الملائكة ، معه مقبضان الريحان وأصول الزعفران ، كل واحد منهم يبشره ببشارة سوى بشارة صاحبه ، وتقوم الملائكة صفين لخروج روحه ، معهم الريحان ، فإذا نظر إليهما بليس وضع يده على رأسه ثم صرخ فيقول له جنوده : ما لك يا سيدنا ؟ فيقول :أما ترون ما اعطي هذا العبد من الكرامة ؟ أين كنتم من هذا ؟ قالوا : جهدنا به فلم يطعنا) . (1359|7) وقال ( عليه السّلام ) : ( الأرواح جنود مجندة ، فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف ) .
   (1360|8) وسأل أبو بصير أبي عبد الله ( عليه السّلام ) : الرجل النائم

---------------------------
5 ـ عنه المجلسي في البحار 6 : 161|28 .
6 ـ عنه المجلسي في البحار 6 : 161|29 .
7 ـ الأصول الستة عشر : 68 ، الفقيه 4 : 272|828 ، أمالي الصدوق : 125|16 ، الأدب المفرد :300|309 ، صحيح مسلم 4 : 2031|2638 ، سنن أبي داود 4 : 260|4834 ، مسندأحمد2 : 295 ، شهاب الأخبار : 89|214 ، فردوس الأخبار 1 : 159|421 ، أدب الدنيا والدين :163 .
8 ـ عنه المجلسي في البحار 61 : 58|17 .

جَـامِـعُ الأخْـبَـارِ أو معارج اليقين في اصول الدّين _ 489 _

  والمرأة النائمة ، يريان الرويا أنهما بمكة أو مصر من الأمصار ، أوَ روحهما خارج من أبدانهما ؟
  قال : ( لا يا أبا بصير ، فإن الروح إذا فارقت البدن لم تعد إليه ، غير أنها بمنزلة عين الشمس ، مركوزة في السماء في كبدها وشعاعها في الدنيا ) .
   (1361|9) عن أبي جعفر ( عليه السّلام ) قال : ( إن العباد إذا ناموا ، خرجت أرواحهم إلى السماء الدنيا ، فما رأت الروح في السماء الدنيا فهو الحق ، وما رأت في الهواء فهو الاضغاث ) .
   (1362|10) روي عن أبي الحسن ( عليه السّلام ) يقول : ( إن المرء إذا خرجت روحه فإن روح الحيوان باقية في البدن ، فالذي يخرج منه روح العقل ، وكذلك هو في المنام أيضاً ) .
قال : فقال عبد الغفار الأسلمي (1) : يقول الله عزَّ وجل : ( اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا )(2) إلى قوله : ( إِلى أجَلٍ مُّسَمّىً ) افليس ترى الأرواح كلها تصير إليه عند منامها فيمسك ما يشاء وبرسل ما يشاء؟ .
فقال له أبو الحسن ( عليه السّلام ) : ( إِنّما تصير إليه أرواح العقول ، فامّا أرواح الحياة فانها في الأبدان لا تخرج إلاّ بالموت ، ولكنّه إِذا قضى على نفس الموت قبض الروح الذي فيه روح العقل ، ولو كانت روح الحياة خارجة لكان بدناً ملقى لا يتحرك ، ولقد ضرب الله لهذا مثلاً في كتابه في أصحاب الكهف حيث قال : (ونُقَلّبُهُم ذاتَ اليَمِينَ وَذاتَ الشِّمالِ )(3) افلا ترى أنَّ أرواحهم كائنة في أبدانهم بدليل الحركات ) ؟

---------------------------
9 ـ أمالي الصدوق : 125|17 .
10 ـ عنه المجلسي في البحار 61 : 43|19 .
(1) لم أعثر على ترجمة له في كتب الرجال المتيسرة لدي وهي : رجال النجاشي ، فهرست منتج بالدين ، رجال العلامة الحلي ، رجال البرقي ، ورجال الكشي ، رجال الطوسي ، معجم رجال الحديث ، مجمع الرجال ، جامع الرواة ، كذا ما استقصيته من كتب العامة .
(2) الزمر 39 : 42 .
(3) الكهف 18:18 .

جَـامِـعُ الأخْـبَـارِ أو معارج اليقين في اصول الدّين _ 490 _

   (1363|11) روي عن يونس بن (1) ظبيان أَنّه قال : كنت عند أبي عبد الله( عليه السّلام ) جالساً فقال ( عليه السّلام ) : ( ما يقول الناس في أرواح المؤمنين ) ؟ قلت : يقولون : في حواصل طيور خضر في قناديل تحت العرش ، فقال أبو عبد الله ( عليه السّلام ) : ( سبحان الله! ! المؤمن أكرم على الله من أني جعل روحه في حوصلة طائر أخضر .
  يا يونس ، المؤمن إذا قبضه الله تعالى صيّر روحه في قالب كقالبه في الدنيا ، فيأكلون ويشربون ، فإذا قدم عليهم القادم عرفوه بتلك الصورة التي كانت في الدنيا ) .
  وفي رواية أخرى : روي عن أبي بصير أنّه قال : سألت أبا عبد الله( عليه السّلام ) عن أرواح المؤمنين فقال : ( في الجنة على صورة أبدانهم ، لو رأيته لقلت : فلانا) .
   (1364|12) في كتاب التعبير عن الأئمة ( عليهم السّلام ) : ( إن رؤيا المؤمن صحيحة ؛ لأن نفسه طيبة ، ويقينه صحيح ، وتخرج روحه فتلتقي مع الملائكة ، فهي وحي من الله العزيز الجبار ) .
   (1365|13) وقال ( عليه السّلام ) : ( انقطع الوحي وبقي المبشرات ، ألا وهي نوم الصالحين والصالحات .
   (1366|14) ولقد حدثني أبي عن جدي عن أبيه ( عليهم السّلام ) : إن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) قال : من رآني في منامه فقد رآني ؟ لأن الشيطان لا يتمثل في صورتي ، ولا في صورة أحد من أوصيائي ، ولا في صورة

---------------------------
11 ـ الكافي 3 : 245|6 ، الزهد : 89|241 ، آمالي الطوسي 2 : 33 باختلاف يسير .
(1) مختلف فيه ، انظر : رجال النجاشي : 448|1210 ، رجال الكشي 2 : 657|673 ، معجم رجال الحديث 0 2 : 192|1383 .
12 ـ عنه بحار الأنوار 61 : 176|36 .
13 ـ الدر المنثور 3 : 311 ، الطبرأني في الصغير 1 : 100 ، كنز العمال 15 : 370|41418و 41419 و41420 وباختلاف يسير .
14 ـ عيون أخبار الرضا ( عليه السّلام ) 2 : 257|11 ، آمالي الصدوق : 61|10 ، الفقيه 2 :350|1608 .

جَـامِـعُ الأخْـبَـارِ أو معارج اليقين في اصول الدّين _ 491 _

  أحد من شيعتهم ، وإن الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزءاً من النبوة )(1) .
   (1367|15) عن محمد بن القاسم النوفلي قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السّلام ) : الرجل يرى الرؤيا فيكون كما يراها ، وربما يرى الرؤيا فلا يكون شيئاً ، فقال ( عليه السّلام ) : ( إن المؤمن إذا نام خرجت من روحه حركة ممدودة ، وربما صعدت إلى السماء ، فكل ما رأته روح المؤمن في موضع التقدير والتدبير فهو الحق ، وكل ما رأته في الأرض فهو اضغاث أحلام ) .
  فقلت له : جعلت فداك ، وتصعد روحه إلى السماء ؟ فقال : ( نعم ) .
  فقلت له : جعلت فداك ، حتى لا يبقى منها شيء في بدن المؤمن ؟ قال : ( لا ، لو خرجت كلها حتى لا يبقى منها شيء في بدن المؤمن لمات ) .
  قلت : وكيف تخرج ؟ قال : ( اما ترى الشمس في السماء في موضعها وشعاعها فى الأرض ، فكذلك الروح ، أصلها في البدن وحركتها ممدودة ) .

---------------------------
(1) لعل المتبادر الى الذهن وجود سقط في النسخ ، وليس ذلك بصواب ، حيث أن الرواية المذكورة تتمة لرواية عن الإمام علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) أنه قال له رجل من أهل خراسان :يا ابن رسول الله ، رأيت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) في المنام كأنه يقول لي : كيف أنتم إذا دفن في أرضكم بضعتي واستحفظتم وديعتي وغيب في ثراكم نجمي ... ولقد حدثني أبي عن جدي ... والمؤلف اقتطع موضع الحاجة فقط .
15 ـ أمالي الصدوق : 124|15 ، روضة الواعظين 2 : 492 .

جَـامِـعُ الأخْـبَـارِ أو معارج اليقين في اصول الدّين _ 464 _

   واستطعمتك فلم تطعمني قال : وكيف وأنت رب العالمين !! قال : استطعمك عبدي ولم تطعمه ، ولو أطعمته لوجدت ذلك عندي ) .
   (1307|3) عن موسى بن جعفر ، عن آبائه ، عن رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) قال : ( يعير الله عزَ وجلّ عبداً من عباده يوم القيامة ، فيقول : عبدي ما منعك إذا مرضتُ أن تعودني ؟ فيقول : يا رب سبحانك سبحانك ، أنت رب العباد ، لا تألم ولا تمرض ! فيقول : مرض أخوك المؤمن فلم تعده ، وعزتي وجلالي لوعدته لوجدتني عنده ، ثم لتكفلت بحوائجك فقضيتها لك ، وذلك من كرامة عبدي المؤمن ، وانا أرحم الراحمين ) .

---------------------------
3 ـ المؤمن : 61|156 ، أمالي الطوسي 2 : 242 ، مكارم الأخلاق : 360 .

جَـامِـعُ الأخْـبَـارِ أو معارج اليقين في اصول الدّين _ 493 _


(1368|1) قال الله تعالى في سورة البقرة :
   ( وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) .
(1369|2) وفي سورة آل عمران :
   ( وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) .
   (1370|3) علي بن موسى الرضا ( عليهما السلام ) بإسناده ، عن النبي ( صلى الله عليه واله) قال : ( لما أسري بي الى السماء ، أخذ جبرائيل بيدي فاقعدني على درنوك (1) من درانيك الجنة ، ثم ناولني سفرجلة ، فانا أقتبها إذا انفلقت فخرجت منها جارية حوراء لم أر مثلها في الجنة فقالت : السلام عليك يا

-------------------------------
1 ـ البقرة 2 :25 .
2 ـ آل عمران 3 : 133 .
3 ـ أمالي الصدوق : 154|12 ، عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) 2 : 26|7 ، صحيفة الإمام الرضا ( عليه السلام ) : 96|30 ، مناقب الإمام علي ( للمغازلي ) : 401|457 ، ربيع الأبرار1 : 286 ، المناقب ( للخوارزمي ) : 210 ، الرياض النضرة 3 ـ 4 : 185 ، ذخائر العقبى :90 ، شرح نهج البلاغة (لابن أبي الحديد المعتزلي ) 9 : 280 ، ينابيع المودة 136 .
(1) الدُرنوك : ضرب من البسُط ذو خمل ـ الصحاح ـ درنك ـ 4 : 1583 .

جَـامِـعُ الأخْـبَـارِ أو معارج اليقين في اصول الدّين _ 494 _

  رسول الله ، فقلت : من أنت ؟ فقالت : أنا الراضية المرضية ، خلقني الجبار من ثلاثة أشياء : اسفلي من مسك ، ووسطي من كافور ، وأعلاي من نور وعنبر ، وعجنني من ماء الحَيَوان ، فقال لي الجبار : كوني فكنت ، خلقني الله لأخيك وابن عمك علي بن أبي طالب ( عليه السّلام ) ) .
   (1371|4) وسئل النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) : ما بناء الجنة؟ قال :( لبنة من ذهب ولبنة من فضة ، وملاطها المسك الاذفر ، وترابها الزعفران ، وحصاؤها اللؤلؤ والياقوت ، من دخلها يتنعم ولا ييأس أبداً ، ويخلد ولا يموت أبداً ، ولا تبلى ثيابه ولا شبابه ) .
   (1372|5) قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) : ( إذا كان يوم القيامة ، تجلّى الله لعبده المؤمن فيوقفه على ذنوبه ذنباً ذنباً ، ثم يغفر الله له ، لا يطلع الله عزِّ وجلّ على ذلك ملكاً مقرباً ولا نبياً مرسلاً ، ويستر عليه ما يكره أن يقف عليه أحد ، ثم يقول لسيئاته : كوني حسنات ) .
   (1373|6) عن زيد بن علي قال : قال النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) : ( إِنّ في الجنة شجرة ، من أعلاها تخرج حلل ، ومن أسفلها خيول بلق ذوات أجنحة مسرجة ملجمة بالدر والياقوت ، لا تروث ولا تبول ، يركب عليها أولياء الله ّفتطير بهم حيث شاؤوا ) قال : ( يقول أهل النار : هل يصغون لنا(1) ؟ فاجاب لهم الذي علا منهم اسألوا من الله عزَّ وجلّ ، قالوا : يا رب ، بما بلغت عبادك هؤلاء الدرجة ؟ فيقول الله لهم : كانوا يصومون وأنتم تفطرون ، وكانوا ينفقون وأنتم تبخلون ، وكانوا يجاهدون وأنتم تجبنون ، وكانوا يصلون وأنتم نائمون ) .
(1374|7) وقال أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) : ( قال النبي ( صلّى الله

-------------------------------
4 ـ روضة الواعظين 2 : 504 ، الترغيب والترهيب 4 : 512|30 ، الدر المنثور 1 : 36 .
5 ـ المؤمن : 34|67 ، عيون أخبار الرضا ( عليه السّلام ) 2 : 33|57 ، صحيفة الإمام الرضا ( عليه السّلام ) : 170|104 ، روضة الواعظين 2 : 502 .
6 ـ الأشعثيات : 36 : آمالي الصدوق : 239|14 ، الزهد : 101|274 ، دعائم الإسلام 1 :134 ، روضة الواعظين 2 : 505 باختلاف يسير .
(1) في نسخة ( ن ) : تضيفوننا .
7 ـ مجمع البيان 5: 211 ، الطبراني في الصغير 1 : 260 ، الدر المنثور 1 : 40 باختصار فيها .

جَـامِـعُ الأخْـبَـارِ أو معارج اليقين في اصول الدّين _ 495 _

  عليه وآله وسلم ) إِنّ في الجنة سوقاً ، ما فيها شرى ولا بيع إلاّ الصور من الرجال والنساء ، من اشتهى صورة دخل فيها ، وإِنّ فيها مجمع حور العين ، يرفعن أصواتهن بصوت لم يسمِع الخلائق بمثله : نحن الناعمات فلا نبؤس أبداً ، ونحن الطاعمات فلا نجوع أبدا ، ونحن الكاسيات فلا نعرى أبداً ، ونحن الخالدات فلا نموت أبداً ، ونحن الراضيات فلا نسخط أبداً ، ونحن المقيمات فلا نظعن أبداً ، فطوبى لمن كنا له وكان لنا ، نحن خيرات حسان ، أزواجنا أقوام كرام ) .
   (1375|8) وقال النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) : ( شبر من الجنة خير من الدنيا وما فيها ) .
   (1376|9) وقال أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) : ( انا مع رسول اللهّ ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) ومع عترتي على الحوض ، فمن أرادنا فليأخذ بقولنا وليعمل بعملنا ، فإن لنا الشفاعة ، ولأهل مودتنا الشفاعة ، فشافعوا ، ومن لقي بنا لقينا على الحوض ، فأنا اذود عنه عدونا ، وأنا أسقي منه أولياءنا ، من شرب منهشربة لم يظمأ بعدها أبداً حوضنا مترع (1) من الجنة : أحدهما من تسنيم ، والآخر من معين ، وعلى حافتيه زعفران حصاه الدر والياقوت ، وهو الكوثر .
  إن الأمور إلى الله تصير لا إلى العباد ، ولو كانت للعبد ما اختاروا علينا أبداًو لكنه يختص منه من يشاء ، فاحمدوا على ما اختصكم به على طيب المودة(2) ) (3) .
   (1377|10) وكان أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) يقول : ( إن أهل الجنة ينظرون إلى منازل شيعتنا كما ينظر الإنسان إلى الكواكب ) .

-------------------------------
8 ـ مجمع البيان 3 : 269 .
9 ـ تفسير الفرات : 137 ، الخصال : 624 ( بتفاوت) .
(1) كذا ، وفي تفسير فرات : منتزع فيه شعبان أبيضان ، وفي الخصال : مترع فيه مثعبان ينصّبان .
(2) كذا ، ولعل الصواب : الولادة ، كما في الخصال ، أو : المولد ، كما في تفسير فرات .
(3) الرواية فيها اضطراب واضح ، ولعل ذلك يعود إلى جهل انسّاخ لبعض المفردات اللغوية فتلاعبوا بها جهلا وعمداً فوقع هذا الاختلاف .
10 ـ الخصال : 629 ، وفيه المقطع الثاني مقدم على الأول ، وروى الأموي في غرر الحكم ودرر الكلم2 : 175|501 و 502 المقطع الأول .

جَـامِـعُ الأخْـبَـارِ أو معارج اليقين في اصول الدّين _ 496 _

   وكان يقول : ( من أحبنا بقلبه وأعاننا بلسانه وقاتل معنا أعداءنا بيده فهو معنا في الجنة ، في درجتنا ، ومن أحبنا بقلبه وأعاننا بلسانه ولم يقاتل معنا أعداءنا فهو أسفل من ذلك بدرجتين ، ومن أحبنا بقلبه ولم يعنّا بلسانه ولا بيده فهو في الجنة .
  ومن أبغضنا بقلبه وأعان علينا بلسانه ويده فهو مع عدونا في النار ، ومن أبغضنا بقلبه ولم يعن علينا بلسانه ولا بيده فهو في النار ) .
   (1378|11) عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) : ( إن في الجنة شجرة يقال لها : طوبى ، ما في الجنة دار ولا قصر ولا حجرة ولا بيت إلا وفيه غصن من تلك الشجرة ، وان أصلها في داري ) .
  ثم أتى عليه ما شاء الله ، ثم حدثهم يوماً آخر فقال : ( إن في الجنة شجرة يقال لها : طوبى ، ما في الجنة قصر ولا دار ولا بيت إلاّ وفيه من تلك الشجرة غصن ، فإن أصلها في دار علي ( عليه السّلام ) ) .
  فقام عمر فقال : يا رسول الله أوَليس حدثتنا عن هذه وقلت : ( أصلها فيداري ) ثم حدثت وتقول : ( أصلها في دار علي ) ! ! فرفع النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم) رأسه فقال : ( يا عمر ، أوَ ما علمت أنّ داري ودار علي واحد ، وحجري وحجرة علي واحدة ، وقصري وقصر علي واحد ، وبيتي وبيت علي واحد ، ودرجتي ودرجة علي واحدة ، وسرّي وسر علي واحد ) ؟
  فقال عمر : يا رسول الله ، إذا أراد أحدكما أن يأتي أهله كيف يصنع ؟ فقال النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) : ( إذا أراد أحدنا أن يأتي أهله ضرب الله بيني وبينه حجابا من نور ، فإذا فرغنا من تلك الحاجة رفع الله عنا ذلك الحجاب ) .
  فعرف عمر حق علي ، فلم يحسد أحد من أصحاب رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) ما حسده .

-------------------------------
11 ـ تفسير فرات : 73 ، مجمع البيان 3 : 291 ، عمدة عيون صحاح الأخبار : 351|676 ، وفيها صدر الحديث ، ونقل مثل ذيل الحديث مختصراً فرات الكوفي في تفسيره : 75 ونقله المجلسي في البحار 8 : 148|80 .

جَـامِـعُ الأخْـبَـارِ أو معارج اليقين في اصول الدّين _ 497 _


(1379|1) قال الله تعالى في سورة البقرة :
   ( وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) .
(1380|2) وقال في سورة النساء :
   ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ ) .
(1381|3) وقال في سورة التوبة :
   ( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ )

-------------------------------
1 ـ البقرة 2 : 39 .
2 ـ النساء 4 : 56 .
3 ـ التوبة 9 : 34 ـ 35 .

جَـامِـعُ الأخْـبَـارِ أو معارج اليقين في اصول الدّين _ 499 _


(1382|1) قال الله تعالى في سورة المائدة :
   ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُواْ بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) .
(1383|2) وقال في سورة الأنعام :
   (وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ) .
   (1384|3) علي بن موسى الرضا ( عليه السّلام ) بإسناده ، عن النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) قال : ( إذا كان يوم القيامة ، لا يزول العبد قدماً عن قدم حتى يُسأل عن أربعة أشياء : عن عمره فيما أفناه ، وعن شبابه فيما أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ، وعن حبنا أهل البيت ) .
   (1385|4) وعن فاطمة (صلوات الله عليها) قالتَ لأبيها : ( يا ابت ،

--------------------------------
1 ـ المائدة 5: 36 .
2 ـ الأنعام 6 : 27 ـ 28 .
3 ـ الخصال 1 : 253|125 ، أمالي الطوسي 2 : 206 ، الزهد : 94|252 ، تحف العقول : 39 ، المناقب (للخوارزمي) : 35 المناقب للخوارزمي : 119|157 .
4 ـ روى الصدوق في أماليه 227|12 ذيل الحديث من قولها (عليها السلام) : يا أبتِ فاين ألقاك يوم القيامة ؟ ، وبأختلاف يسير ، ونقل نحو صدر الحديث الأربلي في كشف الغمة 1 : 496 عن الزهري ، ونقل الحديث باكمله المجلسي في البحار 7 : 110|41 .

جَـامِـعُ الأخْـبَـارِ أو معارج اليقين في اصول الدّين _ 500 _

  أخبرني كيف يكون الناس يوم القيامة ) ؟ قال : ( يا فاطمة ، يشغلون فلا ينظر أحد إلى أحد ، ولا والد إلى الولد ، ولا ولد إلى أمه ) .
قالت : ( هل يكون عليهم أكفان إذا خرجوا من القبور ) ؟ قال : ( يا فاطمة ، تبلى الأكفان ، وتبقى الأبدان ، تُستر عورة المؤمنين ، وتبدو عورة الكافرين ) .
  قالت : ( يا أبتي ما يستر المؤمنين ) ؟ قال : ( نور يتلألأ ، لا يبصرون أجسادهم من النور ) .
  قالت : ( يا ابت ، فاين ألقاك يوم القيامة ) ؟ قال : ( انظري عند الميزان وأنا أنادي : رب ارجح من شهد أن لا إله إلا الله ، وانظرِي عند الدواوين إذا نشرت الصحف وأنا أنادي : رب حاسب أمتي حساباً يسيراَ ، وانظري عند مقام شفاعتي على جسر جهنم ـ كل إنسان يشتغل بنفسه وأنا مشتغل بأمتي ـ أنادي :رب سلّم أمتي ، والنبيون ( عليهم السّلام ) حولي ينادون : رب سلّم أمة محمد ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) ) .
   (1386|5) وقال ( عليه السّلام ) : ( إن الله يحاسب كل خلق إلاّ من أشرك بالله فإنه لا يُحاسب ويؤمر به إلى النار ) .

--------------------------------
5 ـ عيون أخبار الرضا ( عليه السّلام ) 2 : 34|66 .