الانذار ودعوت المرأة إلى بيتها والقوم الذين حملوها على الوفاء ببيعتهم لي والترك لنقضهم عهد الله عزوجل في وأعطيتهم من نفسي كل الذي قدرت عليه وناظرت بعضهم فرجع وذكرته فذكر ، ثم أقبلت على الناس بمثل ذلك فلم يزدادوا إلا جهلا وتماديا وغيا ، فلما أبوا إلا هي ركبتها منهم فكانت عليهم الدبرة (1) وبهم الهزيمة ولهم الحسرة وفيهم الفناء والقتل وحملت نفسي على التي لم أجد منها بدا ولم يسعني إذ [ ا ] فعلت ذلك و أظهرته آخرا (2) مثل الذي وسعني فيه أولا من الاغضاء والامساك ورأيتني إن أمسكت كنت معينا لهم بإمساكي على ما صاروا إليه وطمعوا فيه من تناول الاطراف و سفك الدماء وقتل الرعية وتحكيم النساء النواقص العقول والحظوظ على كل حال كعادة بني الاصفر (3) ومن مضى من ملوك سبأ والامم الخالية فأصير إلى ما كرهت أولا آخرا وقد أهملت المرأة وجندها يفعلون ما وصفت بين الفريقين من الناس وألقي ما حذرت ، ولم أهجم على الامر إلا بعدما قدمت وأخرت وتأنيت وراجعت وراسلت وشافهت وأعذرت وأنذرت وأعطيت القوم كل شئ التمسوه مني بعد أن عرضت عليهم كل شئ لم يلتمسوه ، فلما أبوا إلا تلك أقدمت فبلغ الله بي وبهم (4) ما أراد وكان لي عليهم بما كان مني إليهم شهيدا.
  ثم التفت إلى أصحابه فقال : أليس كذلك ؟ قالوا : بلى يا أمير المؤمنين.
  وأما السادسة يا أخا اليهود فتحكيم الحكمين ومحاربة ابن آكلة الاكباد وهو طليق معاند لله ولرسوله والمؤمنين منذ بعث الله رسوله صلى الله عليه وآله إلى أن فتح عليه مكة عنوة ، فأخذت بيعته وبيعة أبيه لي معه في ذلك اليوم وفي ثلاثة مواطن بعده وأبوه بالامس أول من سلم علي بإمرة المؤمنين ويحضني على النهوض (5) في أخذ حقي من الماضين قبلي يجدد

------------------------------------
(1) الدبرة ـ بالتحريك ـ : الهزيمة وفى بعض النسخ [عليهم الدائرة ].
(2) في بعض النسخ [ ولم يسعنى اذ تقلدت الامر آخرا ] وهو الاصح.
(3) المراد ببنى الاصفر اهل الروم لان اباهم الاول كان اصفر اللون وهو روم بن عيص بن اسحاق بن ابراهيم ، (النهاية)
(4) في بعض النسخ [ فبلغ الله فيهم ].
(5) يعنى أبا سفيان في اول خلافة أبى بكر.

الاختصاص _ 177 _

  لي بيعته كل ما أتاني ثم يتثاء‌ب علي بما يطعم (1) من أموال المسلمين والتحكيم عليهم ليستديم قليل ما يفنى بما يفوته من كثير ما يبقى ، وأعجب العجب أنه لما رأى ربي تبارك وتعالى قد رد إلي حقي وأقره في معدنه وانقطع طمعه أن يصبح في دين الله رابعا (2) وفي أمانته التي حملناها حاكما كر علي العاصي ابن العاصي فاستماله فمال إليه ، ثم أقبل به بعد أن أطعمه مصر وحرام عليه أن يأخذ من الفيئ فوق قسمه درهما وحرام على الراعي إيصال درهم إليه فوق حقه والاغضاء له على ما يأخذه ، فأقبل يخبط البلاد بالظلم ويطؤها بالغشم ، (3) فمن بايعه أرضاه ومن خالفه ناواه.
  ثم توجه إلي ناكثا علينا ، مغيرا في البلاد ، شرقا وغربا ويمينا وشمالا و الانباء تأتيني والاخبار ترد علي بذلك ، فأتاني أعور ثقيف (4) فأشار علي بأن اوليه الناحية التي هو بها لاداريه بما الذي اوليه منها ، وفي الذي أشار به الرأي في أمر الدنيا لو وجدت عند الله في توليته لي مخرجا وأصبت لنفسي فيما أتى من ذلك عذرا ، فما عملت الرأي في ذلك وشاورت من أثق بنصيحته لله عزوجل ولرسوله صلى الله عليه وآله ولي وللمؤمنين ، فكان رأيه في ابن آكلة الاكباد كرأيي ، ينهاني عن توليته ويحذرني أن أدخل في أمر المسلمين يده ، ولم يكن الله ليعلم أني أتخذ من المضلين عضدا ، فوجهت إليه أخا بجيلة مرة وأخا الاشعريين مرة اخرى ، فكلاهما (5) ركن إلى دنياه وتابع هواه فيما أرضاه ، فلما رأيته لم يزد فيما انتهك من محارم الله إلا تماديا شاورت من معي من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله البدريين والذين ارتضى الله أمرهم ورضي عنهم عند بيعتهم وغيرهم من صلحاء المسلمين [ و ] التابعين فكل يوافق رأيه رأيي [ في غزوته ومحاربته ومنعه مما نالت يده ] فنهضت إليه بأصحابي ، أنفذ إليه من كل موضع كتبي وأوجه إليه رسلي وأدعوه إلى الرجوع عما هو فيه والدخول فيما فيه الناس معي ، فكتب يتحكم علي ويتمنى علي الاماني ويشترط علي شروطا لا يرضاها الله عزوجل ولا رسوله صلى الله عليه وآله ولا المسلمون ويشترط علي في بعضها أن أدفع إليه أقواما

------------------------------------
(1) كذا والظاهر ( بما يطمع )، وتثاء‌ب أى استرخى ففتح فاه واسعا من غير قصد فهو مثؤوب.
(2) في بعض النسخ [ راتعا ] ، وفى الخصال ( أن يصير في دين الله رابعا ).
(3) الغشم ـ بالفتح ـ : الظلم، والغاشم : الظالم والغاصب.
(4) أعور ثقيف هو المغيرة بن شعبة الثقفى، و قوله عليه السلام : ( فأشار على ) أى أمرني.
(5) كذا ، ولعل الصحيح ( فكل منهما ).

الاختصاص _ 178 _
  من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله أخيارا وأبرارا منهم عمار بن ياسر وأين مثل عمار فوالله لقد أتينا مع النبي صلى الله عليه وآله (1) ولا يعد منا خمسة إلا كان سادسهم ولا أربعة إلا كان عمار خامسهم ، اشترط دفعهم إليه ليقتلهم ويصلبهم وانتحل دم عثمان ولعمر الله ما ألب (2) على عثمان ولا أجمع الناس على قتله إلا هو وأشباهه من أهل بيته أصحاب الشجرة الملعونة في القرآن ، (3) فلما لم أجبه إلى ما اشترط من ذلك كر مستعليا في نفسه بطغيانه وبغيه ، بحمير لا عقول لهم ولا بصائر ، فموه لهم أمرا فاتبعوه وأعطاهم من الدنيا ما أمالهم به إليه ، فناجزناهم إلى الله بعد الاعذار والانذار ، فلما لم يزده ذلك إلا تماديا وبغيا لقيناه بعادة الله التي عودنا من النصر على أعدائه وعدونا وراية رسول الله صلى الله عليه وآله بأيدينا لم يزل الله تبارك وتعالى يفل حزب الشيطان بها حتى أفضى الموت إليه فحل منه محل السحا (4) وهو معلم رايات أبيه التي لم أزل اقاتلها مع رسول الله صلى الله وآله في كل المواطن ، فلم يجد من الموت منجى إلا الهرب ، فركب فرسه وقلب رايته ، لا يدري كيف يحتال ، فاستعان برأي ابن العاص فأشار إليه بإظهار المصاحف ورفعها على الاعلام والدعاء إلى ما فيها فقال له : إن ابن أبي طالب وحزبه أهل بصيرة ورحمة ومعنى ، وقد دعوك إلى كتاب الله أولا وهم مجيبوك إليه آخرا ، فأطاعه فيما أشار به إليه إذ رأى أنه لا منجى من القتل غيره ، فرفع المصاحف يدعو إلى ما فيها بزعمه ، فمالت إلى المصحاف قلوب من بقي من أصحابي بعد فناء خيارهم وجدهم في قتال أعداء الله وأعدائهم على بصائرهم وظنوا أن ابن آكلة الاكباد له الوفاء بما دعا إليه والتمام على ما يفارقهم عليه ، فأصغوا إلى دعوته وأقبلوا علي بأجمعهم في إجابته فأعلمتهم أن ذلك منه مكر ومن ابن العاص معه وأنهما إلى المكر أقرب منهما إلى الوفاء ، فلم يقبلوا قولي ولم يطيعوا أمري وأبوا إلا إجابته ، كرهت أم هويت ، شئت أم أبيت ، حتى أخذ بعضهم يقول لبعض : إن لم يفعل فألحقوه بابن عفان أو ادفعوه إلى ابن هند برمته ، فجهدت ـ علم الله جهدي ـ ولم أدع غاية في نفسي إلا بلغتها في أن يخلوني ورأيي ، فلم يفعلوا وراودتهم

------------------------------------
(1) كذا وفى الخصال [ لقد رايتنا مع النبى صلى الله عليه وآله ].
(2) ألب عليه ـ بالتخفيف ـ وتألب ـ بالتشديد ـ اى تجمع وتحشد.
(3) في الخصال ( اغصان الشجرة الملعونة في القرآن ).
(4) في الخصال ( يقضى الموت إليه )، و ( السحا ) لم نجد معنى مناسبا له في اللغة ولعله تصحيف.

الاختصاص _ 179 _
  على الصبر على مقدار فواق الناقة أو ركضة الفرس ، فلم يفعلوا ما خلا هذا الشيخ ـ وأومأ بيده إلى الاشتر ـ وعصبة من أهل بيتي فوالله ما منعني أن أمضي على بصيرتي إلا مخافة أن يقتل هذان ـ وأومأ بيده إلى الحسن والحسين عليهما السلام ـ فينقطع نسل رسول الله صلى الله عليه وآله وذريته من امته ومخافة أن يقتل هذان ـ وأومأ بيده إلى عبدالله بن جعفر ومحمد بن الحنفية رضي الله عنهما ـ فإني أعلم لولا مكاني لم يقفا ذلك الموقف ، فلذلك صبرت على ما أراد القوم مع ما سبق فيه من علم الله ، فلما أن رفعنا عن القوم سيوفنا تحكموا في الامور وتخيروا الاحكام والآراء وتركوا المصاحف وما دعوا إليه من حكم القرآن فأبيت أن احكم في دين الله أحدا إذ كان التحكيم في ذلك الخطأ الذي لا شك فيه ولا امتراء ، فلما أبوا إلا ذلك أردت أن احكم رجلا من أهل بيتي أو من أرضى رأيه وعقله وأوثق بنصيحته ومودته ودينه وأقبلت لا اسمي أحدا إلا امتنع ابن هند منه ولا أدعوه إلى شئ من الحق إلا أدبر عنه وأقبل ابن هند يسومنا عسفا (1) ، وما ذاك إلا باتباع أصحابي له على ذلك ، فلما أبوا إلا غلبتي على التحكيم تبرأت إلى الله عزوجل منهم وفوضت ذلك إليهم فقلدوه امرء‌ا كان أصغر في العلم.
  ثم اخرج منه قد عرف وعرف الاولى مثله إلى واحد من دنياه (2) فخدعه ابن العاص خديعة ظهرت في شرق الارض وغربها وأظهر المخدوع عليها ندما قليل غناؤه.
  ثم أقبل على أصحابه فقال : أليس كذلك ؟ قالوا : بلى يا أمير المؤمنين.
  وأما السابعة يا أخا اليهود فإن رسول الله صلى الله عليه وآله كان عهد إلي أن اقاتل في اخر أيامي قوما من أصحابي يصومون النهار ويقومون الليل ويتلون كتاب الله ، يمرقون من الدين بخلافهم لي ومحاربتهم إياي مروق السهم من الرمية (3) ، فيهم ذو الثدية ، يختم لي بقتلهم بالسعادة ، فلما انصرفت إلى موضعي هذا ـ يعني بعد الحكمين ـ أقبل بعض القوم على بعض باللائمة فيما صاروا إليه من تحيكم الحكمين ولم يجدوا لانفسهم من ذلك مخرجا إلا أن قالوا : كان ينبغي لاميرنا ألا يبايع من أخطأ منا وأن يمضي بحقيقة رأيه على قتل نفسه (4) وقتل من

------------------------------------
(1) سامه الامر وسومه : كلفه اياه. والعسف : الظلم وفى نسخة [ خسفا ].
(2) كذا، وليست هذه الجملة في الخصال ولا يمكننا تصحيحه.
(3) أى يمرقون بسبب خلافهم لى ومحاربتهم اياى من الدين كما يمرق السهم من الرمية.
وذو الثدية كسمية ـ لقب حرقوص بن زهير وهو رئيس الخوارج كما في القاموس.
(4) في الخصال ( او أن يفضى بحقيقة رأيه على قتل نفسه ).

الاختصاص _ 180 _
  خالفه منا ، فقد كفر بمتابعته إيانا وطاعته في الخطأ لنا وأحل لنا بذلك قتله وسفك دمه فتجمعوا على ذلك من حالهم وخرجوا راكبين رؤوسهم ينادون بأعلى أصواتهم : لا حكم إلا لله ، ثم تفرقوا فرقا فرقا ، فرقة بالنخيلة وفرقة بحروراء واخرى راكبة رأسها تخبط الارض شرقا حتى عبرت دجلة فلم تمر بمسلم إلا امتحنته فمن بايعها استحيت ومن خالفها قتلت ، فخرجت إلى الاوليين واحدة بعد اخرى ، أدعوهم إلى طاعة الله ومتابعة الحق والرجوع إليه ، فأبيا إلا السيف لا يقنعهما غيره ، فلما أعيت الحيلة فيهما حاكمتهما إلى الله عزوجل ، فقتل الله هذه وهذه ، وكانوا يا أخا اليهود لولا ما فعلوا ركنا لي قويا وسدا منيعا ، فأبى الله إلا ما صاروا إليه ، ثم كتبت إلى الفرقة الثالثة ووجهت رسلي تترى وكانوا من أجلة أصحابي وأهل التعبد منهم والزهد في الدنيا.
  فأبت إلا اتباع اختيها والاحتذاء على مثالهما وأسرعت في قتل من خالفها من المسلمين وتتابعت إلي الاخبار بفعلها ـ فخرجت حتى قطعت إليهم دجلة واوجه السفراء النصحاء وأطلب العتبى بجهدي بهذا مرة وبهذا مرة ـ وأومأ بيده إلى الاشتر والاحنف بن قيس أو سعيد بن قيس الكندي ـ فلما أبوا إلا تلك ركبتها منهم فقتلهم الله يا أخا اليهود عن آخرهم وهم أربعة آلاف ويزيدون حتى لم يفلتني منهم مخبر فاستخرجت ذا الثدية من قتلاهم بحضرة من يرى ، له ثدي كثدي المرأة.
  ثم التفت إلى أصحابه ، فقال : أليس كذلك ؟ قالوا : بلى يا أمير المؤمنين.
  قال : قد وفيتك سبعا وسبعا يا أخا اليهود وبقيت الاخرى وأوشك بها وكان قد قربت ، قال : فبكي أصحاب علي صلوات الله عليه وبكى رأس اليهود وقالوا : يا أمير المؤمنين أخبرنا بالاخرى ، فقال : الاخرى أن تخضب هذه ـ وأومأ بيده إلى لحيته ـ من هذه ـ وأومأ إلى هامته ـ قال : فارتفعت أصوات الناس في المسجد الجامع بضجة البكاء حتى لم يبق بالكوفة دار إلا خرج أهلها فزعا وأسلم رأس اليهود على يدي أمير المؤمنين عليه السلام من ساعته ولم يزل مقيما حتى قتل أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، فلما قتل واخذ ابن ملجم لعنه الله أقبل رأس اليهود حتى وقف على الحسن عليه السلام والناس حوله وابن ملجم بين يديه وقال : يا أبا محمد اقتله اقتله الله ، فإني قرأت في الكتب التي انزلت على موسى بن عمران أن هذا أعظم

الاختصاص _ 181 _
  عند الله جرما من ابن آدم قاتل أخيه ومن قدار عاقر ناقة ثمود.
  ـ تم الخبر ـ (1) أبومحمد ، عن صباح المزني ، عن الحارث بن حصيرة ، عن الاصبغ بن نباتة أنه قال : كنا مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يوم الجمعة في المسجد بعد العصر إذ أقبل رجل طوال كأنه بدوي فسلم عليه ، فقال له علي عليه السلام : ما فعل جنيك الذي كان يأتيك ؟ قال : إنه ليأتيني إلى أن وقفت بين يديك يا أمير المؤمنين ، قال علي عليه السلام : فحدث القوم بما كان منه ، فجلس وسمعنا له ، فقال : إني لراقد باليمن قبل أن يبعث الله نبيه صلى الله عليه وآله فإذا جني أتاني نصف الليل ، فرفسني برجله (2) وقال : اجلس ، فجلست ذعرا ، فقال : اسمع ، قلت : وما أسمع ؟ قال :

عـجبت لـلجن iiوأبـلاسها      وركبها العيس بأحلاسها (3)ii
تـهوي إلى مكة تبغي الهدى      مـا طـاهر الجن iiكأنجاسها
فارحل إلى الصفوة من هاشم      وارم  بعينيك إلى رأسها (4)
  قال : فقلت : والله لقد حدث في ولد هاشم شئ أو يحدث وما أفصح لي وإني لارجو أن يفصح لي ، فأرقت ليلتي وأصبحت كئيبا ، فلما كان من القابلة أتاني نصف الليل وأنا راقد فرفسني برجله وقال : اجلس ، فجلست ذعرا ، فقال : اسمع ، فقلت : وما أسمع ؟ قال :
عـجبت لـلجن iiوأخـبارها      وركبها العيس بأكوارها (5)ii
تـهوي إلى مكة تبغي الهدى      مـا مـؤمنوا الجن iiككفارها
فارحل إلى الصفوة من هاشم      بـين  رواسـيها iiوأحجارها
  فقلت : والله لقد حدث في ولد هاشم شئ أو يحدث وما أفصح لي وإني لارجو أن يفصح

------------------------------------
(1) رواه الصدوق ـ رحمه الله ـ في كتاب الخصال أبواب السبعة ونقله المجلسى ـ قدس سره ـ في البحار ج 9 ص 300 إلى ص 305.
(2) رفسه رفسا ورفاسا : ضربه في صدره.
(3) العيس ـ بالكسر ـ : الابل البيض يخالط بياضها شئ من الشقرة ، والاحلاس جمع حلس وهو كساء يطرح على ظهر البعير.
(4) ( إلى رأسها ) الضمير راجع إلى القبيلة.
(5) الاكوار جمع الكور ـ بالضم ـ وهو الرجل بأداته.

الاختصاص _ 182 _
  لي ، فأرقت ليلتي وأصبحت كئيبا ، فلما كان من القابلة أتاني نصف الليل وأنا راقد ، فرفسني برجله وقال : اجلس ، فجلست وأنا ذعر ، فقال : اسمع ، قلت : وما أسمع ؟ قال :
عـجـبت لـلجن iiوألـبابها      وركـبها  الـعيس بـأقتابها
تـهوي إلى مكة تبغي الهدى      مـا صـادقوا الجن iiككذابها
فارحل إلى الصفوة من هاشم      أحـمد إذ هـو خير iiأربابها
  قلت : قد والله أفصحت ، فأين هو ؟ قال : ظهر بمكة يدعو إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، فأصبحت ورحلت ناقتي ووجهتها قبل مكة ، فأول ما دخلتها لقيت أبا سفيان ـ وكان شيخا ضالا ـ فسلمت عليه وسألته عن الحي ، فقال : والله إنهم مخصبون (1) إلا أن يتيم أبي طالب قد أفسد علينا ديننا ، قلت : وما اسمه ؟ قال : محمد أحمد (2) ، قلت : وأين هو ؟ قال : تزوج بخديجة ابن خويلد فهو عليها نازل ، فأخذت بخطام ناقتي ثم انتهيت إلى بابها فعقلت ناقتي ثم ضربت الباب ، فأجابتني : من هذا ؟ فقلت : أنا أردت محمدا ، فقالت : اذهب إلى عملك ما تذرون محمدا يأويه ظل بيت قد طردتموه وهربتموه وحصنتموه ، اذهب إلى عملك ، قلت : رحمك الله إني رجل أقبلت من اليمن وعسى الله أن يكون قد من علي به فلا تحرميني النظر إليه وكان رحيما صلى الله عليه وآله ـ فسمعته يقول : يا خديجة افتحي الباب ، ففتحت فدخلت فرأيت النور في وجهه ساطعا نور في نور ، ثم درت خلفه فإذا أنا بخاتم النبوة مختوم على كتفه الايمن فقبلته ، ثم قمت بين يديه وأنشأت أقول :
أتـاني بـجني بـعد هـدو iiورقـدة      ولـم  يـك فيما قد تلوت بكاذب (3)ii
ثــلاث لـيـال قـوله كـل iiلـيلة      أتـاك  رسـول مـن لؤي بن iiغالب
فـشمرت مـن ذيلي الازار ووسطت      بي الذعلب الوجناء بين السباسب (4)
فـمرنا بـما يـأتيك يـا خـير قادر      وإن  كان فيما جا تشيب الذوائب (5)ii

------------------------------------
(1) أى أنهم في رغد العيش.
(2) كذا.
(3) الهدو : السكون ، وفى بعض النسخ[ فيما بلوت ].
(4) الذعلب : الناقة القوية ، والوجناء : الناقة الصلبة ، والسباسب جمع سبسب وهو الارض البعيدة المستوية.
(5) الذوائب جمع الذؤابة : الناصية وهى شعر في مقدم الرأس والمعنى إنا صدقناك وآمنا بما يأنيك من الوحى وان كان فيه شدائد تشيب منه الذوائب ، و ( جا ) مخفف ( جاء ).

الاختصاص _ 183 _
وأشـهد أن الله لا شـئ iiغـيره      وأنـك  مـأمور على كل iiغائب
وأنـك  أدنـى المرسلين iiوسيلة      إلى الله يا ابن الاكرمين iiالاطائب
وكن  لي شفيعا يوم لا ذو iiشفاعة      إلى الله يغني عن سواد بن قارب
  ـ وكان اسم الرجل سواد بن قارب ـ فرجعت (1) والله مؤمنا به صلى الله عليه وآله ، ثم خرج إلى صفين فاستشهد مع أمير المؤمنين عليه السلام. (2)

حديث فدك
  أبومحمد ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وجلس أبوبكر مجلسه بعث إلى وكيل فاطمة صلوات الله عليها فأخرجه من فدك فأتته فاطمة عليها السلام فقالت : يا أبا بكر ادعيت أنك خليفة أبي وجلست مجلسه وأنك بعثت إلى وكيلي فأخرجته من فدك وقد تعلم أن رسول الله الله صلى الله عليه وآله صدق بها علي وأن لي بذلك شهودا ، فقال لها : إن النبي صلى الله عليه وآله لا يورث فرجعت إلى علي عليه السلام فأخبرته ، فقال : ارجعي إليه وقولي له : زعمت أن النبي صلى الله عليه وآله لا يورث وورث سليمان داود وورث يحيى زكريا وكيف لا أرث أنا أبي ؟ فقال عمر : أنت معلمة ، قالت : وإن كنت معلمة فإنما علمني ابن عمي و بعلي ، فقال أبوبكر : فإن عائشة تشهد وعمر أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يقول إن النبي لا يورث ، فقالت : هذا أول شهادة زور شهدا بها في الاسلام ، ثم قالت : فإن فدك إنما هي صدق بها علي رسول الله صلى الله عليه وآله ولي بذلك بينة فقال لها : هلمي ببينتك قال : فجاء‌ت بام أيمن وعلي عليه السلام ، فقال أبوبكر : يا ام أيمن إنك سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله يقول في فاطمة ؟ فقالا : سمعنا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : إن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة ، ثم قالت ام أيمن : فمن كانت سيدة نساء أهل الجنة تدعي ما ليس لها ؟ وأنا امرأة من أهل الجنة ما كنت لاشهد إلا بما سمعت (3) من رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقال عمر : دعينا يا ام أيمن من هذه القصص ، بأي شئ تشهدان ؟ فقالت : كنت جالسة في بيت فاطمة عليها السلام

------------------------------------
(1) في بعض النسخ [ فرحت ].
(2) نقله المجلسى ـ رحمه الله ـ في البحار ج 6 ص 320 وج 14 ص 592 من الاختصاص.
(3) في بعض النسخ [ما كنت لاشهد بمالم أكن سمعت ].

الاختصاص _ 184 _
  ورسول الله صلى الله عليه وآله جالس حتى نزل عليه جبرئيل فقال : يا محمد قم فإن الله تبارك وتعالى أمرني أن أخط لك فدكا بجناحي ، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله مع جبرئيل عليه السلام فما لبثت أن رجع فقالت فاطمة عليها السلام : يا أبه أين ذهبت ؟ فقال : خط جبرئيل عليه السلام لي فدكا بجناحه وحد لي حدودها ، فقالت يا أبه إني أخاف العيلة والحاجة من بعدك فصدق بها علي ، فقال : هي صدقة عليك فقبضتها قالت : نعم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا ام أيمن اشهدي ويا علي اشهد ، فقال عمر : أنت امرأة ولا نجيز شهادة امرأة وحدها ، وأما علي فيجر إلى نفسه ، قال : فقامت مغضبة وقالت : اللهم إنهما ظلما ابنة محمد نبيك حقها فاشدد وطأتك عليهما ، ثم خرجت وحملها علي على أتان عليه كساء له خمل ، فدار بها أربعين صباحا في بيوت المهاجرين والانصار والحسن والحسين عليهما السلام معها وهي تقول : يا معشر المهاجرين والانصار انصروا الله فإني ابنة نبيكم وقد بايعتم رسول الله صلى الله عليه وآله يوم بايعتموه أن تمنعوه وذريته مما تمنعون منه أنفسكم وذراريكم ففوا لرسول الله صلى الله عليه وآله ببيعتكم ، قال : فما أعانها أحد ولا أجابها ولا نصرها ، قال : فانتهت إلى معاذ بن جبل فقالت : يا معاذ بن جبل إني قد جئتك مستنصرة وقد بايعت رسول الله صلى الله عليه وآله على أن تنصره وذريته وتمنعه مما تمنع منه نفسك وذريتك وأن أبا بكر قد غصبني على فدك وأخرج وكيلي منها قال : فمعي غيري ؟ قالت : لا ما أجابني أحد ، قال : فأين أبلغ أنا من نصرتك ؟ قال : فخرجت من عنده ودخل ابنه (1) فقال : ما جاء بابنة محمد إليك ، قال : جاء‌ت تطلب نصرتي على أبي بكر فإنه أخذ منها فدكا ، قال : فما أجبتها به ؟ قال : قلت : وما يبلغ من نصرتي أنا وحدي ؟ قال : فأبيت أن تنصرها ؟ قال : نعم ، قال : فأي شئ قالت لك ؟ قال : قالت لي : والله لانازعنك الفصيح من رأسي حتى أرد على رسول الله صلى الله عليه وآله (2) ، قال : فقال : أنا والله لانازعنك الفصيح من رأسي حتى أرد على رسول الله صلى الله عليه وآله إذ لم تجب ابنة محمد صلى الله عليه وآله ، قال : وخرجت فاطمة عليها السلام من عنده وهي تقول : والله لا اكلمك كلمة حتى اجتمع أنا وأنت عند

------------------------------------
(1) يعنى ابن معاذ وهو غير سعد لانه توفى في حياة النبى صلى الله عليه وآله.
(2) في بعض النسخ [ لانازعنك الفصيح حتى أرد ] وهكذا في البحار وقال العلامة المجلسى رحمه الله : أى لانازعنك بما يفصح عن المراد اى بكلمة من رأسى فان محل الكلام في الرأس ، أو المراد بالفصيح اللسان.

الاختصاص _ 185 _
  رسول الله صلى الله عليه وآله ثم انصرفت ، فقال علي عليه السلام لها : ائت أبا بكر وحده فإنه أرق من الآخر وقولي له : ادعيت مجلس أبي وأنك خليفته وجلست ومجلسه ولو كانت فدك لك ثم استوهبتها منك لوجب ردها علي فلما أتته وقالت له ذلك ، قال : صدقت ، قال : فدعا بكتاب فكتبه لها برد فدك ، فقال : فخرجت والكتاب معها ، فلقيها عمر فقال : يا بنت محمد ما هذا الكتاب الذي معك ، فقالت : كتاب كتب لي أبوبكر برد فدك ، فقال : هلميه إلي ، فأبت أن تدفعه إليه ، فرفسها برجله وكانت حاملة بابن اسمه المحسن فأسقطت المحسن من بطنها ثم لطمها فكأني أنظر إلى قرط في اذنها حين نقفت (1) ثم أخذ الكتاب فخرقه فمضت ومكثت خمسة وسبعين يوما مريضة مما ضربها عمر ، ثم قبضت فلما حضرته الوفاة دعت عليا صلوات الله عليه فقالت : إما تضمن وإلا أوصيت إلى ابن الزبير فقال علي عليه السلام : أنا أضمن وصيتك يا بنت محمد ، قالت : سألتك بحق رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أنا مت ألا يشهداني ولا يصليا علي ، قال : فلك ذلك ، فلما قبضت عليها السلام دفنها ليلا في بيتها وأصبح أهل المدينة يريدون حضور جنازتها وأبوبكر وعمر كذلك ، فخرج إليهما علي عليه السلام فقالا له : ما فعلت بابنة محمد أخذت في جهازها يا أبا الحسن ؟ فقال علي عليه السلام : قد والله دفنتها ، قالا : فما حملك على أن دفنتها ولم تعلمنا بموتها ؟ قال : هي أمرتني ، فقال عمر : والله لقد هممت بنبشها والصلاة عليها ، فقال علي عليه السلام : أما والله ما دام قلبي بين جوانحي وذو الفقار في يدي ، إنك لا تصل إلى نبشها فأنت أعلم ، فقال أبوبكر : اذهب فانه أحق بها منا وانصرف الناس ـ تم الخبر ـ. (2)

حديث سقيفة بنى ساعدة
  أبومحمد ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبيه ، عن جده قال : ما أتاني على علي عليه السلام يوم قط أعظم من يومين أتياه ، فأما أول يوم فاليوم الذي قبض فيه رسول الله صلى الله عليه وآله ، وأما اليوم الثاني فوالله إني لجالس في سقيفة بني ساعدة عن يمين أبي بكر والناس يبايعونه إذ قال له عمر : يا هذا لم تصنع شيئا مالم يبايعك علي فابعث إليه حتى يأتيك فيبايعك ، قال : فبعث قنفذا ، فقال له : أجب خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله ، قال علي عليه السلام : لاسرع

------------------------------------
(1) ( نقفت ) على بناء المجهول أى كسر من لطم عمر.
(2) نقله المجلسى في المجلد الثامن من البحار ص 103 من الاختصاص.

الاختصاص _ 186 _
  ماكذبتم على رسول الله صلى الله عليه وآله ما خلف رسول الله صلى الله عليه وآله أحدا غيري ، فرجع قنفذ وأخبر أبا بكر بمقالة علي عليه السلام فقال أبوبكر : انطلق إليه فقل له : يدعوك أبوبكر ويقول : تعال حتى تبايع فإنما أنت رجل من المسلمين ، فقال علي عليه السلام : أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله أن لا أخرج بعده من بيتي حتى اؤلف الكتاب فإنه في جرائد النخل وأكتاف الابل فأتاه قنفذ وأخبره بمقالة علي عليه السلام ، فقال عمر : قم إلى الرجل ، فقام أبوبكر وعمر وعثمان وخالد ابن الوليد والمغيرة بن شعبة وأبوعبيدة بن الجراح وسالم مولى أبي حذيفة وقمت معهم و ظنت فاطمة عليها السلام أنه لا تدخل بيتها إلا بإذنها ، فأجافت الباب (1) وأغلقته ، فلما انتهوا إلى الباب ضرب عمر الباب برجله فكسره ـ وكان من سعف ـ فدخلوا على علي عليه السلام و أخرجوه ملببا ، (2) فخرجت فاطمة عليها السلام فقالت : يا أبا بكر وعمر تريدان أن ترملاني (3) من زوجي والله لئن لم تكفا عنه لانشرن شعري ولاشقن جيبي ولآتين قبر أبي ولاصيحن إلى ربي ، فخرجت وأخذ بيد الحسن والحسين عليهما السلام متوجهة إلى القبر فقال علي عليه السلام لسلمان : يا سلمان أدرك ابنة محمد صلى الله عليه وآله فإني أرى جنبتي المدينة تكفئان ، فوالله لئن فعلت لا يناظر بالمدينة أن يخسف بها وبمن فيها ، قال : فلحقها سلمان فقال : يا بنت محمد صلى الله عليه وآله إن الله تبارك وتعالى إنما بعث أباك رحمة فانصرفي ، فقالت : يا سلمان ما علي صبر فدعني حتى آتي قبر أبي ، فأصيح إلى ربي ، قال سلمان : فإن عليا بعثني إليك وأمرك بالرجوع فقالت : أسمع له وأطيع فرجعت ، وأخرجوا عليا ملببا قال : وأقبل الزبير مخترطا سيفه (4) وهو يقول : يا معشر بني عبدالمطلب أيفعل هذا بعلي وأنتم أحياء وشد على عمر ليضربه بالسيف فرماه خالد بن الوليد بصخرة فأصابت قفاه وسقط السيف من يده فأخذه عمر وضربه على صخرة فانكسر ومر علي عليه السلام على قبر النبي صلى الله عليه وآله فقال : ( يا ابن ام إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني ) واتي بعلي عليه السلام إلى السقيفة إلى مجلس أبي بكر ، فقال له

------------------------------------
(1) أجاف الباب : رده.
(2) لبب فلانا : أخذه بتلبيبه وجره.
(3) الارملة : المرأة التى ليس لها زوج ورملت المرأة من زوجها صارت أرملة ولم يذكر في اللغة أرمل ورمل متعديا ، وفى بعض النسخ [ تريدان أن تزيلاني من زوجي ].
(4) أى أخرج سيفه.

الاختصاص _ 187 _
  عمر : بايع ، قال : فإن لم أفعل فمه ؟ قال : إذا والله نضرب عنقك ، قال علي عليه السلام : إذا والله أكون عبدالله وأخي رسول الله صلى الله عليه وآله المقتول ، فقال عمر : أما عبدالله المقتول فنعم وأما أخا رسول الله صلى الله عليه وآله فلا ـ حتى قالها ثلاثا ـ وأقبل العباس فقال : يا أبا بكر ارفقوا بابن أخي ، فلك علي أن يبايعك فأخذ العباس بيد علي عليه السلام فمسحها على يدي أبي بكر وخلوا عليا مغضبا فرفع رأسه إلى السماء ، ثم قال : اللهم إنك تعلم أن النبي الامي ـ صلى الله عليه وآله ـ قال لي : إن تموا عشرين فجاهدهم ، وهو قولك في كتابك : ( فإن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين ) اللهم إنهم لم يتموا ـ حتى قالها ثلاثا ـ ثم انصرف، (1) عن بعض الهاشميين رفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وآله أن أعرابيا أتاه فقال : يا رسول الله صلى الله عليه وآله أيدالك الرجل امرأته ؟ قال : نعم إذا كان ملفجا ، (2) فقال : يا رسول الله من أدبك ؟ قال : الله أدبني وأنا أفصح العرب ميد أني من قريش وربيت في حجر من هوازن بني سعد بن بكر ، ونشأت سحابة فقالوا : هذه سحابة قد أظلتنا ، فقال : كيف ترون قواعدها ؟ فقالوا : ما أحسنها وأشد تمكنها ، قال : وكيف ترون رحاها ؟ فقالوا : ما أحسنها وأشد استدارتها ، قال : وكيف ترون البرق فيها وميضا ، أم خفوا ، أم بواسقها (3) فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : قد جاء‌كم الحيا (4) ، فقالوا : يا رسول الله صلى الله عليه وآله ما رأينا أفصح منك ، قال : وما يمنعني وأنا أفصح العرب وأنزل الله القرآن بلغتي وهي أفضل اللغات بيد أني ربيت في بني سعد بن بكر ، (5) ( قواعدها ) يريد أسافلها المعترضة في آفاق السماء و ( بواسقها ) المستطيلة في

------------------------------------
(1) روى نحوه ابوالنضر العياشى في تفسيره ونقله المجلسى في البحار ج 8 ص 44.
(2) ( يدالك ) أى أيماطل ، قال الجزرى : ( في حديث الحسن ) وسئل أيدالك الرجل امرأته ؟ قال : نعم اذا كان ملفجا ، المدالكة المماطلة يعني مطله إياه بالمهر اذا كان فقيرا، والملفج ـ بكسر الفاء أيضا ـ : الذي أفلس وغلبه الدين.
(3) في بعض النسخ مكان ( ام بواسقها ) [ أم يشق شقا ].
(4) قال الجزرى : الحيا مقصورا المطر لاحيائه الارض وقيل : الخصب وما يحيا به الناس.
(5) روى الصدوق مثله في معانى الاخبار مسندا مع بيانه على ما نقله المجلسى في البحار ج 6 ص 230.

الاختصاص _ 188 _
  وسط السماء إلى الافق الآخر.
  وخفو البرق : اعتراضه في نواحي الغيم.
  والوميض : أن تلمع قليلا ثم تسكن.
  وشق البرق : استطالته في السماء ومعظمه.
  ورحى القوم : سيدها ورحى الارض : معظمها، (1) و ( بيد ) و ( ميد ) لغتان وفيه ثلاث لغات في معنى سوى أني من قريش وإلا أني من قريش، وفي معنى غير أني من قريش.
  وروي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه أنه قال : المفتخر بنفسه أشرف من المفتخر بأبيه لاني أشرف من أبي والنبي صلى الله عليه وآله أشرف من ابيه وإبراهيم أشرف من تارخ.
  قيل : وبم الافتخار ؟ قال : بإحدى ثلاث : مال ظاهر.
  أو أدب بارع أو صناعة لا يستحيي المرء منها.
  قيل لامير المؤمنين علي صلوات الله عليه : كيف أصبحت يا أمير المؤمنين ؟ قال صلوات الله عليه : أصبحت آكل رزقي وأنتظر أجلي ، قيل له : فما تقول في الدنيا ؟ قال عليه السلام : فما أقول في دار أولها غم وآخرها الموت ، من استغنى فيها افتقر ومن افتقر فيها حزن ، في حلالها حساب وفي حرامها النار.
  قيل : فمن أغبط الناس ؟ قال عليه السلام : جسد تحت التراب قد أمن من العقاب و يرجو الثواب.
  وقال عليه السلام : من زار أخاه المسلم في الله ناداه الله عز وجل أيها الزائر طبت وطابت لك الجنة.
  وقال عليه السلام : ما قضى مسلم لمسلم حاجة إلا ناداه الله عزوجل علي ثوابك ولا أرضي لك بدون الجنة.
  وقال عليه السلام : ثلاثة يضحك الله إليهم يوم القيامة : رجل يكون على فراشه ومعه زوجته وهو يحبها فيتوضأ ويدخل المسجد فيصلي ويناجي ربه.
  ورجل أصابته جنابة ، فلم يصب ماء فقام إلى الثلج فكسره ، ثم دخل فيه واغتسل.
  ورجل لقى عدوا وهو مع أصحابه فجاء‌هم مقاتل فقاتل حتى قتل.

------------------------------------
(1) قال الجزرى : ( في حديث صفة السحاب ) كيف ترون رحاها أى استدارتها أو ما استدار منها.

الاختصاص _ 189 _
  وقال عليه السلام : التعزية تورث الجنة.
  وقال عليه السلام : إذا حملت بجوانب سرير الميت خرجت من الذنوب كما ولدتك أمك.
  وقال عليه السلام : من اشترى لعياله لحما بدرهم كان كمن أعتق نسمة من ولد إسماعيل.
  وقال عليه السلام : من شرب من سؤر أخيه تبركا به خلق الله بينهما ملكا يستغفر لهما حتى تقوم الساعة.
  وقال عليه السلام : في سؤر المؤمن شفاء من سبعين داء. (1)
  مناظرة أبى حنيفة مع أبى عبد الله عليه السلام
  محمد بن عبيد ، عن حماد ، عن محمد بن مسلم قال : دخل أبوحنيفة على أبي عبدالله عليه السلام فقال له : إني رأيت ابنك موسى يصلي والناس يمرون بين يديه فلا ينهاهم ، وفيه ما فيه فقال أبوعبدالله عليه السلام : ادع لي موسى ، فلما جاء‌ه قال : يا بني إن أبا حنيفة يذكر أنك تصلي والناس يمرون بين يديك فلا تنهاهم ، قال : نعم يا أبه إن الذي كنت اصلي له كان أقرب إلي منهم ، يقول الله تعالى : ( نحن أقرب إليه من حبل الوريد (2) ) قال : فضمه أبوعبدالله عليه السلام إلى نفسه وقال : بأبي أنت وامي يا مودع الاسرار (3) .
  فقال أبوعبدالله عليه السلام : يا أباحنيفة القتل عندكم أشد أم الزنا ؟ فقال بل القتل ، قال : فكيف أمر الله في القتل بشاهدين وفي الزنا بأربعة ؟ كيف يدرك هذا بالقياس ؟ ، يا أبا حنيفة ترك الصلاة أشد أم ترك الصيام ؟ قال : بل ترك الصلاة ، قال : فكيف تقضي المرأة صيامها ولا تقضي صلاتها ، كيف يدرك هذا بالقياس ؟ ، ويحك يا أبا حنيفة النساء أضعف على المكاسب أم الرجال ؟ قال : بل النساء ، قال : فكيف جعل الله للمرأة سهما و للرجل سهمين ؟ كيف يدرك هذا بالقياس ؟ ، يا أبا حنيفة الغائط أقذر أم المني ؟ قال : بل الغائط ، قال : فكيف يستنجى من الغائط ويغتسل من المني ؟ كيف يدرك هذا بالقياس ؟ ،

------------------------------------
(1) نقله المجلسي من الاختصاص في المجلد السابع عشر من البحار ص 125.
(2) ق : 16.
(3) رواه الكلينى في الكافى ج 3 ص 297 عن على بن ابراهيم.

الاختصاص _ 190 _
  ويحك يا أبا حنيفة تقول سأنزل مثل ما أنزل الله ؟ قال أعوذ بالله أن أقوله ، قال : بلى تقوله أنت وأصحابك من حيث لا تعلمون.
  قال أبوحنيفة : جعلت فداك حدثني بحديث نحدث به عنك ، قال : حدثني أبي محمد ابن علي ، عن أبيه علي بن الحسين عليهم السلام ، عن أبيه الحسين بن علي عليهما السلام ، عن أبيه علي ابن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن الله أخذ ميثاق أهل البيت من أعلى عليين وأخذ طينة شيعتنا منا ولو جهد أهل السماء وأهل الارض أن يغيروا من ذلك شيئا ما استطاعوه ، قال : فبكى أبوحنيفة بكاء [ شديدا ] وبكى أصحابه ثم خرج وخرجوا.

حديث بغلة أبى حنيفة
  وعنه عن سماعة قال : سأل رجل أبا حنيفة عن الشئ وعن لا شئ وعن الذي لا يقبل الله غيره ، فأخبر عن الشئ (1) وعجز عن لا شئ ، فقال : اذهب بهذه البغلة إلى إمام الرافضة فبعها منه بلا شئ واقبض الثمن ، فأخذ بعذارها وأتى بها أبا عبدالله عليه السلام فقال له أبوعبدالله عليه السلام : استأمر أبا حنيفة في بيع هذه البغلة ، قال : قد أمرني ببيعها ، قال : بكم ؟ قال : بلا شئ ، قال له : ما تقول ؟ قال : الحق أقول ، فقال : قد اشتريتها منك بلا شئ ، قال : وأمر غلامه أن يدخله المربط.
  قال : فبقي محمد بن الحسن (2) ساعة ينتظر الثمن فلما أبطأه الثمن قال : جعلت فداك الثمن ؟ قال : الميعاد إذا كان الغداة ، فرجع إلى أبي حنيفة فأخبره فسر بذلك فرضيه منه فلما كان من الغد وافى أبوحنيفة ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : جئت لتقبض ثمن البغلة لا شئ ؟ قال : نعم ولا شئ ثمنها ؟ قال : نعم ، فركب أبوعبدالله عليه السلام البغلة وركب أبوحنيفة بعض الدواب فتصحرا جميعا ، فلما ارتفع النهار نظر أبوعبدالله عليه السلام إلى السراب يجرى قد ارتفع كأنه الماء الجاري فقال أبوعبدالله عليه السلام : يا أبا حنيفة ماذا عند الميل كأنه يجري ؟ قال : ذاك الماء يا ابن رسول الله فلما وافيا الميل وجداه أمامهما فتباعد فقال أبوعبدالله عليه السلام : اقبض ثمن البغلة ، قال الله تعالى : ( كسراب بقيعة يحسب الضمآن ماء حتى إذا جاء‌ه لم يجده

------------------------------------
(1) في بعض النسخ [ فأخرج الشئ ].
(2) كذا.

الاختصاص _ 191 _
  شيئا ووجد الله عنده (1) ( قال : فخرج أبوحنيفة إلى أصحابه كئيبا حزينا فقالوا له : مالك يا أبا حنيفة ؟ قال : ذهبت البغلة هدرا ، وكان قد أعطى بالبغلة عشرة آلاف درهم (2).
  حديث قصيدة الفرزدق لعلي بن الحسين صلوات الله عليهما حدثنا جعفر بن الحسين المؤمن ـ رحمه الله ـ عن حيدر بن محمد بن نعيم ويعرف بأبي أحمد السمرقندي تلميذ أبي النضر محمد بن مسعود ، عن محمد بن مسعود قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثني أبوالفضل محمد بن أحمد بن مجاهد قال : حدثنا العلاء بن محمد بن زكريا بالبصرة ، قال : حدثنا عبيدالله بن محمد بن عائشة (3) قال : حدثني أبي أن هشام بن عبدالملك حج في خلافة عبدالملك والوليد ، فطاف بالبيت وأراد أن يستلم الحجر ، فلم يقدر عليه من الزحام ، فنصب له منبر فجلس عليه ، وأطاف به أهل الشام فبينا هو كذلك إذ أقبل علي ابن الحسين عليهما السلام وعليه إزار ورداء ، من أحسن الناس وجها ، وأطيبهم رائحة ، بين عينيه سجادة ، كأنها ركبة عنز ، فجعل يطوف بالبيت ، فإذا بلغ إلى موضع الحجر تنحى الناس حتى يستلمه ، هيبة له وإجلالا ، فغاظ هشام فقال رجل من أهل الشام لهشام : من هذا الذي قد هابه الناس هذه الهيبة وأفرجوا له عن الحجر ؟ فقال هشام : لا أعرفه ، لان لا يرغب فيه أهل الشام ، فقال الفرزدق ـ وكان حاظرا ـ لكني أعرفه : فقال الشامي : من هو يا أبا فراس ؟ فقال :
هـذا الذي تعرف البطحاء وطأته      والـبيت  يـعرفه والحل والحرم
هـذا ابـن خـير عباد الله iiكلهم      هـذا  الـتقي النقي الطاهر iiالعلم
هذا  علي رسول الله (ص) iiوالده      أمسى بنور هداه تهتدى الظلم (4)
إذا  رأتـه قـريش قـال iiقائلها :      إلـى مـكارم هـذا ينتهي iiالكرم
ينمى إلى ذروة العز التي iiقصرت      عـن نيلها عرب الاسلام iiوالعجم

------------------------------------
(1) النور : 39.
(2) نقله المجلسي من الكتاب في البحار ج 11 ص 176 ، والبحرانى في التفسير ج 3 ص 140.
(3) كذا في النسختين وفى البحار ورجال الكشى أيضا كذلك والصحيح هكذا ( حدثنا الغلابى محمد بن زكريا البصرى عن عبيدالله بن محمد بن عائشة ) كما في الاغانى ج 14 ص 75.
(4) كذا ، وفى بعض النسخ [ أمست بنور هداه تهتدى الامم ].

الاختصاص _ 192 _
يـكـاد  يـمـسكه عـرفان iiراحـته      ركـن الـحطيم إذا ما جاء يستلم (1)ii
يـغضي حـياء ويـغضى من iiمهابته      فـمـا  يـكلم إلا حـين يـبتسم (2)ii
يـنشق نـور الـدجى عن نور iiغرته      كالشمس تنجاب عن إشراقها الظلم (3)
بـكـفه  خـيـزران ريـحه iiعـبق      مـن  كف أروع في عرنينه شمم (4)ii
مـشـتقة مــن رسـول الله نـبعته      طـابت عـناصره والخيم والشيم (5)ii
حـمـال أثـقـال أقـوام إذا فـدحوا      حـلو الـشمائل تـحلو عنده نعم (6)ii
هـذا ابـن فـاطمة إن كـنت iiجاهله      بـجـده أنـبـياء الله قــد iiخـتموا
هـذا ابـن فـاطمة الـغراء iiنـسبته      فـي جـنة الـخلد يجري باسمه iiالقلم
الله  فـضـلـه قــدمـا وشـرفـه      جـرى بـذاك لـه فـي لـوحه iiالقلم
مـن  جـده دان فـضل الانـبياء iiله      وفـضـل امـته دانـت لـها الامـم
عـم  الـبرية بـالاحسان iiفـانقشعت      عـنها  الـغيابة والاملاق والظلم (7)ii
كـلـتا  يـديه غـياث عـم نـفعهما      تـستوكفان ولا يـعروهما عـدم (8)ii

------------------------------------
(1) ( عرفان ) مفعول لاجله.
(2) الاغضاء : ادناء الجفون ، واغضى على الشئ : سكت.
(3) انجابت السحابة : انكشفت.
(4) عبق به الطيب يعبق عبقا وعباقة وعباقية : لزق به ، والرائحة في الشئ : بقيت ، و المكان بالطيب : انتشرت رائحته فيه ، ورجل عبق اذا تطيب بادنى طيب لم يذهب عنه أياما ، والعرنين ـ بالكسر ـ : الانف.
وفى القاموس ـ الشمم محركة ـ : ارتفاع قصبة الانف وحسنها واستواء اعلاها وانتصاب الارنبة أو ورود الارنبة في حسن استواء القصبة وارتفاعها اشد من ارتفاع الذلف أو أن يطول الانف ويدق وتسيل روثته فهو أشم ، انتهى ، وقوله : ( من كف ) فيه تجريد مضاف إلى الاروع والاروع : من يعجبك بحسنه وجهارة منظره.
(5) النبعة بمعنى الاصل يقال : هو من نبعة كريمة أى من أصل كريم ، والخيم ـ بالكسر ـ : السجية ، والشيم ـ بكسر الشين وفتح الياء المثناة جمع شيمة ـ بالكسر ـ وهى الطبيعة.
(6) فدحه الدين : أثقله.
(7) انقشع عنه السحاب : زال وانكشف ، والبلاء عن البلاد : زال ، وكذلك الهم عن القلب ، والغيابة ـ كسحابة ـ من كل شئ ما سترك منه وايضا قعر الوادى وقعر الجب، وفى بعض نسخ القصيدة ( عنها العماية والاملاق والظلم ).
(8) استوكف : استقطر.

الاختصاص _ 193 _
سـهل  الـخليقة لا تـشخى iiبـوادره      يـزينه  اثنان حسن الخلق والكرم (1)ii
لا يـخـلف الـوعد مـيمون iiنـقيبته      رحـب الـفناء أريب حين يعترم (2)ii
مـن  مـعشر حـبهم ديـن iiوبغضهم      كـفـر  وقـربهم مـنجى iiومـعتصم
يـسـتدفع الـسوء والـبلوى بـحبهم      ويـسـتزاد  بـه الاحـسان iiوالـنعم
مـقـدم بـعـد ذكــر الله iiذكـرهم      فـي  كـل بـدء ومـختوم بـه iiالكلم
إن  عـد أهـل الـتقى كـانوا iiأئمتهم      أو قيل : من خير أهل الارض ؟ قيل هم
لا  يـسـتطيع جـواد بـعد iiغـايتهم      ولا يـدانـيهم قــوم وإن iiكـرمـوا
هـم  الـغيوث إذا مـا أزمـة iiأزمت      والاسـد اسد الشري والنار تحتدم (3)ii
يـأبى  لـهم أن يـحل الـذم iiساحتهم      خـيم كـريم وأيـد بالندى هضم (4)ii
لا يـنقص الـعسر شـيئا مـن iiأكفهم      سـيان  ذلك إن أثروا وإن عدموا (5)ii
أي الـخـلائق لـيست فـي رقـابهم      لاولــيـة  هــذا أولــه iiنـعـم
مـن  يـعرف الله يـعرف أولـية iiذا      والـدين  مـن بـيت هـذا ناله iiالامم
  قال : فذهب هشام وأمر بحبس الفرزدق ، فحبس بعسفان بين مكة والمدينة ، فبلغ ذلك علي بن الحسين عليهما السلام ، فبعث إليه باثنتي عشرة ألف درهم وقال : أعذرنا يا أبا فراس

------------------------------------
(1) البوادر جمع البادرة وهى ما يبدو من الانسان عند حدة الغضب من قول أو فعل.
(2) النقيبة : النفس والعقل والمشورة ونفاذ الرأى والطبيعة ،( رحب الفناء ) اى متسع العناية والاريب : العاقل.
و ( يعترم ) ـ على المجهول ـ من العرام بمعنى الشدة اى هو في الشدة والبأس عاقل.وفى بعض النسخ [ يعتزم ] ولعله الاصح واعتزم الامر وعليه : اراد فعله.
(3) الازمة : الشدة، و ( أزمت ) أى لزمت ، والشرى مأسدة جانب الفرات يضرب به المثل واحتدام النار التهابها.
وفى بعض نسخ الحديث( والاسد اسد الشرى والناس يحتدم ) وفى بعضها ( والبأس محتدم )
(4) الخيم : السجية والطبيعة، ( هضم ) ـ ككتب ـ جمع هضوم ، يقال : يد هضوم أى جواد بما فيها، وفى بعض النسخ[ ديم ].
(5) ( سيان ) تثنية السى وهو المثل ، يقال : هما سيان اى مثلان ، وأثرى أى كثر ماله ، و المعنى أن اكفهم في حال الغنا والفقر سواء ، وفى بعض نسخ الحديث ( لا يقبض العسر بسطا من اكفهم ) وفى بعضها ( لا يقبض العسر قسطا من اكفهم )

الاختصاص _ 194 _
  لو كان عندنا أكثر من هذا لوصلناك به ، فردها وقال : يا ابن رسول الله ما قلت إلا غضبا لله ولرسوله صلى الله عليه واله وما كنت لارزأ عليه شيئا فردها إليه وقال له :
  بحقي عليك لما قبلتها فقد أنار الله مكانك وعلم نيتك فقبلها ، فجعل الفرزدق يهجو هشاما وهو في الحبس فكان مما هجاه به قوله :
أتـحبسني بـين المدينة iiوالتي      إليها  قلوب الناس تهوي iiمنيبها
يـقلب رأسا لم يكن رأس iiسيد      وعينا له حولاء باد عيوبها  (1)
  وحدثنا علي بن الحسن بن يوسف ، عن محمد بن جعفر العلوي ، عن الحسين بن محمد جمهور العمي قال : حدثني أبوعثمان المازني قال : حدثنا كيسان ، عن جويرية ابن أسماء ، عن هشام بن عبدالاعلى قال : حدثني فرعان وكان من رواة الفرزدق قال : حججت سنة مع عبدالملك بن مروان فنظر إلى علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام فأراد أن يصغر منه ، فقال : من هذا ؟ فقال الفرزدق : فقلت على البديهة القصيدة المعروفة :
هذا  ابن خير عباد الله iiكلهم      هذا التقي النقي الطاهر العلم
  حتى أتمها ، قال : وكان عبدالملك يصله في كل سنة بألف دينار فحرمه تلك السنة ، فشكى ذلك إلى علي بن الحسين عليهما السلام وسأله أن يكلمه فقال : أنا أصلك من مالي بمثل الذي كان يصلك به عبدالملك وصني عن كلامه ، فقال : والله يا ابن رسوله الله لارزأتك شيئا ولثواب الله عزوجل في الآجل أحب إلي من ثواب الدنيا في العاجل ، فاتصل ذلك بمعاوية بن عبدالله بن جعفر الطيار وكان أحد سمحاء بني هاشم لفضل عنصره وأحد ادبائها وظرفائها فقال له : يا أبا فراس كم تقدر الذي بقي من عمرك ؟ قال : قدر عشرين

------------------------------------
(1) رواه الكشى في رجاله ص 86 ونقله المجلسى في البحار ج 11 ص 36 منه ومن المناقب والاختصاص ورواه ايضا ابوالفرج في الاغاني ج 14 ص 76 ، وج 19 ص 40 ، وابن الجوزى في صفة الصفوة ج 2 ص 54 وسبطه في التذكرة ص 186 نقلا عن أبى نعيم في حلية الاولياء ونقله ابن خلكان في الوفيات ج 5 ص 145 بزيادات منها
مال قال لا قط إلا في تشهده      لـولا التشهد كانت لاء‌ه نعم
ونقله محمد بن طلحة الشافعى في مطالب السئول ص 79.

الاختصاص _ 195 _
  سنة قال : فهذه عشرون ألف دينار أعطيكها من مالي واعف أبا محمد أعزه الله عن المسألة في أمرك ، فقال : لقد لقيت أبا محمد وبذل لي ماله فأعلمته أني أخرت ثواب ذلك لاجر الآخرة (1).

عبد الله بن أبى يعفور
  عدة من مشايخنا ، عن محمد بن الحسن ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد ابن عيسى ، عن ابي نجران ، عن محمد بن يحيى ، عن حماد بن عثمان قال : أردت الخروج إلى مكة فأتيت ابن أبي يعفور مودعا له فقلت : ألك حاجة ؟ قال : نعم تقرأ أبا عبدالله عليه السلام السلام ، قال : فقدمت المدينة فدخلت عليه ، فسألني ، ثم قال : ما فعل ابن أبي يعفور ؟ قال : قلت : صالح جعلت فداك آخر عهدي به ، وقد أتيته مودعا له فسألني أن اقرئك السلام ، قال : وعليه السلام اقرأه السلام صلى الله عليه وقل : كن على ما عهدتك عليه (2).
  جعفر بن الحسين ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن ابن أبي عمير قال : أخبرني سليمان الفراء ، عن عبدالله بن أبي يعفور قال : كان أصحابنا يدفعون إليه الزكاة يقسمها في أصحابه فكان يقسمها فيهم وهو يبكى ، قال سليمان : فأقول له : ما يبكيك ؟ قال : فيقول : أخاف أن يرو أنها من قبلي (3).

عيسى بن عبد الله القمي
  حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى ، عن عبدالله بن جعفر الحميري ، عن محمد بن الوليد الخزاز ، عن يونس بن يعقوب قال : دخل عيسى بن عبدالله القمي على أبي عبدالله عليه السلام فلما انصرف قال لخادمه : ادعه فانصرف إليه فأوصاه بأشياء ، ثم قال : يا عيسى بن عبد الله إن الله يقول : ( وأمر أهلك بالصلوة ) وإنك منا أهل البيت ، فإذا كانت الشمس من ههنا مقدارها من ههنا من العصر فصل ست ركعات ، قال : ثم ودعه وقبل ما بين عينى عيسى

------------------------------------
(1) نقله المجلسى ـ رحمه الله ـ في البحار ج 11 ص 37 من الاختصاص.
(2) نقله المجلسى ـ رحمه الله ـ في البحار ج 11 ص 217 من الاختصاص.
(3) نقله المجلسى ـ رحمه الله ـ في البحار ج 11 ص 218 من الاختصاص.

الاختصاص _ 196 _
  وانصرف (1).
  قال يونس بن يعقوب : فما تركت الست ركعات منذ سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول لعيسى بن عبدالله.
  المجهولون من أصحاب أبي عبدالله وأبي جعفر عليهما السلام : محمد بن مسكان ، يوسف الطاطري عمر الكردي ـ روى عنه المفضل ـ ، هشام بن المثنى الرازي (2).

حمران بن اعين
  عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن حجر بن زائدة ، عن حمران بن أعين (3) قال :
  قلت لابي جعفر عليه السلام : إني أعطيت الله عهدا أن لا أخرج من المدينة حتى تخبرني عما أسألك عنه ، قال : فقال لي : سل ، قال : فقلت : أمن شيعتكم أنا ؟ قال : فقال : نعم في الدنيا والآخرة ، (4) وحدثنا أحمد بن محمد ، عن سعد بن عبدالله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن مروك بن عبيد ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : سمعته يقول : نعم الشفيع أنا و أبي لحمران بن أعين يوم القيامة ، نأخذه بيده ولا نزايله حتى ندخل الجنة جميعا ، (5) وروى محمد بن عيسى بن عبيد ، عن زياد بن مروان القندي ، عن أبي عبدالله عليه السلام : أنه قال في حمران : إنه رجل من أهل الجنة.

فضائل أمير المؤمنين عليه السلام
  [ حدثنا تميم بن عبدالله بن تميم القرشي ـ رضي الله عنه ـ قال : حدثني أبي ، عن علي بن أحمد بن علي الانصاري قال : حدثني علي بن ميثم ، عن أبيه قال : لما اشتريت لحميدة ام موسى بن جعفر عليهما السلام ام الرضا عليه السلام نجمة ، ذكرت حميدة أنها رأت في المنام رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لها : يا حميدة هبي نجمة لابنك موسى فإنه سيولد له

------------------------------------
(1) إلى هنا نقله المجلسى ـ رحمه الله ـ في البحار ج 11 ص 209 من الاختصاص.
(2) نقله المجلسى ـ رحمه الله ـ في البحار ج 11 ص 210 ، والمامقانى في التنقيح ج 3 ص 184.
(3) حمران ـ بفتح المهملة وسكون الميم وفتح الراء والالف والنون ـ.
(4) رواه الكشى في رجاله ص 117 ، ونقله المجلسى في البحار ج 11 ص 97 من الاختصاص.
(5) رواه الكشى في رجاله صفحة 120 وفيه ( نعم الشفيع أنا وآبائى لحمران بن اعين.
الخ ) ونقله المجلسى ـ رحمه الله ـ من الاختصاص في البحار ج 11 ص 210.


الاختصاص _ 197 _
  منها خير أهل الارض ، فوهبتها له ، فلما ولدت له الرضا عليه السلام سماها الطاهرة وكانت لها أسماء منها نجمة وأروى وسكن وسمانة وتكتم وهو آخر أساميها ، قال ميثم : سمعت أبي يقول : كانت نجمة بكرا لما اشترتها حميدة (1).
  حدثنا أبي قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن يعقوب بن إسحاق ، عن أبي زكريا الواسطي ، عن هشام بن أحمر قال : قال أبوالحسن الاول عليه السلام : هل علمت أحدا من أهل المغرب قدم ؟ قلت : لا ، فقال : بلى فانطلق بنا ، فركب وركبنا معه حتى انتهينا إلى الرجل فإذا رجل من أهل المغرب معه رقيق (2) ، فقال له : أعرض علينا فعرض علينا تسع جوار كل ذلك يقول أبوالحسن عليه السلام : لا حاجة لي فيها ، ثم قال له : أعرض علينا ، قال ما عندي شئ ، فقال : بل أعرض علينا ، قال : لا والله ما عندي إلا جارية مريضة فقال له : ما عليك أن تعرضها ، فأبى عليه ثم انصرف ثم إنه أرسلني من الغد إليه فقال لي : قل له : كم غايتك فيها فإذا قال كذا وكذا فقل : فقد أخذتها ، فأتيته فقال : ما اريد أن أنقصها من كذا وكذا ، قلت : قد أخذتها وهو لك فقال : هي لك ولكن من الرجل الذي كان معك بالامس ؟ فقلت : رجل من بني هاشم ، فقال : من أي بني هاشم ؟ فقلت : من نقبائهم ، فقال : اريد أكثر منه ، فقلت : ما عندي أكثر من هذا فقال : اخبرك عن هذه الوصيفة (3) إني اشتريتها من أقصى المغرب فلقيني امرأة من أهل الكتاب فقالت : ما هذه الوصيفة معك ، فقلت : اشتريتها لنفسي ، فقالت : ما ينبغي أن تكون هذه عند مثلك إذ هذه الجارية ينبغي أن تكون عند خير أهل الارض ، فلا تلبث عنده إلا قليلا حتى تلد منه غلاما يدين له شرق الارض وغربها ، فقال : فأتيته بها فلم تلبث عنده قليلا حتى ولدت عليا عليه السلام (4).
  حدثنا أبو أحمد هانئ بن محمد بن محمود العبدي ـ رضي الله عنه ـ قال : حدثني أبي

------------------------------------
(1) الظاهر أن المصنف ـ رحمه الله ـ رواه عن الصدوق ـ رضى الله عنه ـ عن تميم ويؤيد ذلك أن الصدوق ـ رحمه الله ـ رواه في العيون ص 12 بعينه سندا ومتنا.
(2) الرقيق : المملوك واحد وجمع ، (الصحاح).
(3) الوصيف : الخادم غلاما كان أو جارية وقد يقال للجارية : الوصيفة.
(4) رواه الصدوق ـ رحمه الله ـ بعينه في العيون ص 12.

الاختصاص _ 198 _
  بإسناده رفعه أن موسى بن جعفر عليه السلام دخل على الرشيد فقال له الرشيد : يا ابن رسول الله أخبرني عن الطبائع الاربع ، فقال موسى عليه السلام : أما الريح فإنه ملك يداري ، وأما الدم فإنه عبد عارم وربما قتل العبد مولاه ، وأما البلغم فإنه خصم جدل إن سدد من جانب انفتح من آخر ، وأما المرأة فإنها أرض اذا اهتزت رجعت بما فوقها فقال له هارون : يا ابن رسول الله تنفق على الناس من كنوز الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله، (1) قال الراوي : ذكر عند الرضا عليه السلام الجبر والتفويض فقال : ألا اعطيكم في هذا أصلا لا تختلفون فيه ولا يخاصمكم عليه أحد إلا كسرتموه ، قلنا : إن رأيت ذلك ، فقال : إن الله تعالى لم يطع بإكراه ولم يعص بغلبة ولم يهمل العباد في ملكه هو المالك لما ملكهم والقادر على ما أقدرهم عليه ، فإن ائتمر العباد بطاعة لم يكن الله عنها صادا ولا منها مانعا ، وإن ائتمروا بمعصية فشاء أن يحول بينهم وبين ذلك فعل وإن لم يحل وفعلوه فليس هو الذي أدخلهم فيه ، ثم قال عليه السلام : من يضبط حدود هذا الكلام فقد خصم من يخالفه ـ تم الخبر ـ (2).

------------------------------------
(1) رواه الصدوق ـ رحمه الله ـ في العيون ونقله العلامة المجلسى ـ رحمه الله ـ في البحار ج 14 ص 474 قائلا بعده : بيان يحتمل أن يكون المراد بالريح المرة الصفراء لحدتها ولطافتها وسرعة تأثيرها فينبغي ان يدارى لئلا تغلب وتهلك أو المراد بها الروح الحيوانية وبالمرة الصفراء و السوداء معا فانه تطلق عليها المرة فيكون اصطلاحا آخر في الطبايع وتقسيما آخر لها ، والعارم سيئ الخلق الشديد ، يقال عرم الصبى علينا أى اشر ومرح أو بطر أو فسد ، ولعل المعنى أنه خادم للبدن نافع لكن ربما كانت غلبته سببا للهلاك فينبغى أن يكون الانسان على حذر منه فانه خصم جدل كناية عن بطوء علاجه وعدم اندفاعه بسهولة ، ( إذا اهتزت ) أى غلبت وتحركت رجعت بما فوقها كما في حمى النائبة من الغب والربع وغيرهما فانها تزلزل البدن وتحركها.
ورأيت مثل هذا الكلام في كتب الاطباء والحكماء الاقدمين ، انتهى
(2) رواه ـ الصدوق رحمه الله ـ مسندا في التوحيد باب الجبر والتفويض ص 370 والعيون ص 82.
ونقله المجلسى ـ رحمه الله ـ منهما في البحار ج 3 ص 6 ومن الاحتجاج[ ص 225 و 226]مثله وقال : لعل ذكر الائتمار ثانيا للمشاكلة أو هو بمعنى الهم أو الفعل من غير مشاورة كما ذكر في النهاية والقاموس.
انتهى أقول : وفى اللغة ائتمر الامر : امتثله قال امرؤ القيس :
أحار بن عمرو كأنى iiخمر      ويعدو على المرء ما يأتمر
أى ما يأتمر به نفسه.

الاختصاص _ 199 _
  عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عمن حدثه ، عن عبدالرحيم القصير قال : ابتدأني أبوجعفر عليه السلام فقال : أما إن ذا القرنين خيرا السحابتين فاختار الذلول وذخر لصاحبكم الصعب ، فقلت : وما الصعب ؟ فقال : ماكان من سحاب فيه رعد وصاعقة وبرق فصاحبكم يركبه أما أنه سيركب السحاب ويرقى في الاسباب أسباب السماوات السبع والارضين السبع خمس عوامر واثنتان خرابان (1).
  وعنه ، عن الحسين بن سعيد ، عن عثمان بن عثمان ، عن سماعة بن مهران ـ أو غيره ـ عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : إن عليا عليه السلام ملك ما فوق الارض وما تحتها فعرضت له ساحبتان إحداهما السهلة والاخرى الذلول وكان في الصعبة ملك ما تحت الارض ، وفي الذلول ملك ما فوق الارض فاختار الصعبة على الذلول فدارت به سبع أرضين فوجد ثلاثا خرابا وأربعة عوامر (2).
  وعنه ، عن محمد بن سنان ، عن أبي خالد القماط ، وأبي سلام الحناط ، عن سورة بن كليب ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال : أما إن ذا القرنين قد خير السحابتين فاختار الذلول وذخر لصاحبكم الصعب قال : قلت : وما الصعب ؟ فقال : ما كان من سحاب فيه رعد أو صاعقة أو برق فصاحبكم يركبه أما أنه سيركب السحاب ويرقى في الاسباب أسباب السماوات السبع والارضين السبع خمس عوامر واثنان خرابان ـ تم الخبر وكمل ـ (3)، أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن معاوية ابن عمار ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبدالله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : في غزوة الطائف دعا عليا عليه السلام فناجاه فقال الناس وأبوبكر وعمر : انتجاه دوننا ، فقام النبي صلى الله عليه وآله في الناس خطيبا فحمد الله وأثنى عليه : ثم قال : أيها الناس أنتم تقولون : إني انتجيت عليا

------------------------------------
(1) رواه الصفار ـ ره ـ في البصائر الجزء الثامن، ونقله المجلسى ـ في البحار ج 13 ص 183.
(2) رواه الصفار في البصائر الجزء الثامن الباب الخامس عشر.
(3) رواه الصفار في البصائر الجزء الثامن باب الخامس عشر الا أن فيه ( عن أبي خالد ، وابوسلام عن سورة ) وهكذا في البحار ج 13 ص 183 وهو تصحيف ، ولكن في المجلد الخامس ص 161 ( عن أبى خالد وأبى سلام عن سورة ) .

الاختصاص _ 200 _
  وإني والله ما انتجيته ولكن الله انتجاه قال معاوية : فعرضت الحديث على أبي عبدالله عليه السلام فقال : ذلك ليقال (1).
  علي بن محمد بن علي بن سعد ، عن حمدان بن سليمان النيسابوري قال : حدثني عبدالله بن محمد اليماني ، عن منيع ، عن يونس ، عن علي بن أعين ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبي رافع قال : لما بعث رسول الله صلى الله عليه وآله ببراء‌ة مع أبي بكر أنزل الله تبارك وتعالى عليه تترك من ناجيته غير مرة وتبعث من لم اناجه ، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله فأخذ البراء‌ة منه ودفعها إلى علي عليه السلام فقال له علي عليه السلام : أوصني يا رسول الله فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : إن الله يوصيك ويناجيك فناجاه يوم البراء‌ة من قبل صلاة الاولى إلى صلاة العصر (2) وروي بهذا الاسناد ، عن أبي رافع أن الله ناجا عليا عليه السلام يوم غسل رسول الله صلى الله عليه وآله (3).
  محمد بن عيسى بن عبيد ، عن القاسم بن عروة ، عن عاصم بن حميد ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبدالله ، قال : لما كان يوم الطائف انتجى رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام فقال أبوبكر وعمر : انتجيته دوننا فقال : ما أنا انتجيته بل الله انتجاه (4).
  محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن جعفر بن بشير ، والحسن ابن علي بن فضال ، عن المثنى ابن الوليد الحناط ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله انتجى عليا عليه السلام يوم الطائف فقال أصحابه : يا رسول الله انتجيت عليا من بيننا وهو أحدثنا سنا فقال : ما أنا اناجيه بل الله يناجيه (5).
  وعنه بهذا الاسناد ، عن أبى عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لاهل الطائف : يا أهل الطائف لابعثن إليكم رجلا كنفسى ، يفتح الله به الخير سيفه سوطه فيشرف الناس له ، فلما أصبح دعا عليا عليه السلام فقال : اذهب إلى الطائف ثم أمر الله النبي صلى الله عليه وآله أن يرحل إليها بعد دخول علي عليه السلام فلما صار إليها كان علي عليه السلام على رأس الجبل.

------------------------------------
(1 ـ 5) رواه الصفار ـ رحمه الله ـ في البصائر الجزء الثامن الباب السادس عشر ، ونقله المجلسى ـ رحمه الله ـ في البحار ج 9 ص 380 من الاختصاص.