ينجسه شئ ، (1) قال الصادق عليه السلام : قضاء حاجة المؤمن خير من حملان ألف فرس في سبيل الله وعتق ألف نسمة ، (2) وقال : ما من مؤمن يغسل مؤمنا وهو يقلبه ويقول : ( رب عفوك ) إلا عفا الله عن الغاسل ، (3) جابر : عن أبي جعفر ، عن علي بن الحسين ، عن الحسين بن علي عليهما السلام ، عن النبي صلى الله عليه وآله قال : حدثني جبرئيل أن الله عزوجل أهبط ملكا إلى الارض فأقبل ذلك الملك يمشى حتى وقع إلى باب دار رجل فإذا رجل يستأذن على باب الدار ، فقال له الملك : ما حاجتك إلى رب هذه الدار ؟ قال : أخ لي مسلم زرته في الله ، قال : والله ما جاء بك إلا ذاك ؟ قال : جاء‌ني إلا ذاك ، قال : فإني رسول الله إليك وهو يقرئك السلام ويقول : وجبت لك الجنة ، قال : فقال : إن الله تعالى يقول : ما من مسلم زار مسلما فليس إياه يزور بل إياي يزور وثوابه [علي ] الجنة ، (4) وقال الصادق عليه السلام : مشى المسلم في حاجة المؤمن المسلم خير من سبعين طوافا بالبيت الحرام ، (5) قال : وقال أبوجعفر عليه السلام القي الرعب في قلوب شيعتنا من عدونا فإذا وقع أمرنا وخرج مهدينا كان أحدهم أجزأ من الليث ، أمضى من السنان ، يطاء عدونا بقدميه ويقتله بكفيه ، (6) عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال : ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم فإن عمل خيرا

------------------------------------
(1) رواه البرقى في المحاسن ص 133 عن الباقر عليه السلام ، والكلينى نحوه في الكافى ج 2 ص 3 عن الصادق صلوات الله عليه.
(2) رواه الكلينى في الكافى ج 2 ص 193.
(3) رواه الكلينى في الكافى ج 3 ص 164.
(4) روى نحوه الصدوق في المجلس السادس والثلاثين من أماليه والكلينى في الكافى ج 2 ص 167.
والشيخ في مجالسه عن جماعة عن أبى المفضل على ما نقله المجلسى في البحار ج 14 ص 230 وج 16 ص 101.
(5) نقله في البحار ج 16 ص 88 من الكتاب.
(6) نقله في البحار من الكتاب ج 13 ص 195.

الاختصاص _ 27 _
  استزاد الله منه وحمد الله عليه وإن عمل شيئا شرا استغفر الله وتاب إليه (1).
  وقال الصادق عليه السلام : المؤمن أخو المؤمن وعينه ودليله لا يخونه ولا يخذله ، وقال : المؤمن بركة على المؤمن ، وقال : وما من من مؤمن يدخل بيته مؤمنين فيطعمهما شبعهما (2) إلا كان ذلك أفضل من عتق نسمة ، وما من مؤمن يقرض مؤمنا يلتمس به وجه الله إلا حسب الله له أجره بحساب الصدقة ، وما من مؤمن يمشي لاخيه في حاجة إلا كتب الله له بكل خطوة حسنة وحط عنه بها سيئة ورفع له بها درجة وزيد بعد ذلك عشر حسنات وشفع في عشر حاجات ، وما من مؤمن يدعو لاخيه بظهر الغيب إلا وكل الله به ملكا يقول :
  ولك مثل ذلك ، وما من مؤمن يفرج عن أخيه كربة إلا فرج الله عنه كربة من كرب الآخرة ، وما من مؤمن يعين مؤمنا مظلوما إلا كان له أفضل من صيام شهر و اعتكاف في المسجد الحرام ، وما من مؤمن ينصر أخاه وهو يقدر على نصرته إلا نصره الله في الدنيا والآخرة ، وقال : ما من مؤمن يخذل أخاه وهو يقدر على نصرته إلا خذله الله في الدنيا والآخرة ، (3) وقال : المسلم أخو المسلم وحق المسلم على أخيه المسلم أن لا يشبع ويجوع أخوه ولا يروى ويعطش أخوه ولا يكسى ويعرى أخوه فما أعظم حق المسلم على أخيه المسلم ، وقال : أحب لاخيك المسلم ما تحب لنفسك وإذا احتجت فسله وإن سألك فأعطه لا يمله خيرا ولا يمله لك (4) ، وكن له ظهيرا [ فإنه لك ظهرا ] فإذا غاب فاحفظه في غيبته وإذا شهد فزره وأجله وأكرمه فإنه منك وأنت منه وإن كان عليك عاتبا فلا تفارقه حتى تسأل سميحته (5) وإن أصابه خير فاحمد الله وإن ابتلي فاعضده وتمحل له وأعنه وإذا قال الرجل

------------------------------------
(1) رواه الكلينى في الكافى ج 2 ص 453.
(2) الشبع بالفتح وكعنب : سد الجوع وبالكسر وكعنب : اسم ما أشبعك ، (القاموس)
(3) نقله المجلسى في البحار ج 16 ص 88 من الكتاب.
(4) قال الفيض ـ رحمه الله ـ في الوافى : لعل المراد بقوله : ( لا تمله خيرا ولا يمله لك ) اى لا تسأمه من جهة اكثارك الخير ولا يسأم هو من جهة اكثاره الخير لك ، يقال : مللته ومللت منه اذا سأمه.
(5) أى تطلب منه السماحة والعفو والكرم والمساهلة بالتجاوز لئلا تستقر في قلبه فيوجب التنافر والتباغض.
وفى بعض النسخ [تسل سخيمته ] أى تستخرج حقده وغضبه برفق ولطف وتدبير والسل : انتزاع الشئ برفق.

الاختصاص _ 28 _
  لاخيه اف انقطع ما بينهما من الولاية ، وإذا قال الرجل : انت عدوى فقد كفر أحدهما فإذا اتهمه إنماث في قلبه الايمان كما ينماث الماء الملح ، وقال : إنه بلغني أنه قال : كذا والله إن المؤمن ليزهر نوره لاهل السماء كما يزهر (1) نجوم السماء لاهل الارض وقال : إن المؤمن ولي الله يعينه وينصره ويصنع له ولا يقول عليه إلا بالحق ولا يخاف غيره ، (2) عن ابي حمزة الثمالي قال : من أطعم مؤمنا من جوع أطعمه الله من ثمار الجنة ومن سقى مؤمنا من ظماء سقاه الله من الرحيق المختوم ومن كسا مؤمنا كساه الله من الثياب الخضر ـ وقال في حديث آخر ـ لا يزال في ضمان الله ما دام عليه سلك (3).
  وقال : إن المؤمنين ليلتقيان فيتصافحان فلا يزال الله مقبلا عليهما بوجهه والذنوب تتحات عن وجوههما حتى يفترقا ، وبلغنا أنه قال : والله ما عبدالله بشئ أفضل من أداء حق المؤمن ، وقال : والله إن المؤمن لاعظم حقا من الكعبة ، وقال : دعاء المؤمن للمؤمن يدفع عنه البلاء ويدر عليه الرزق، (4) عن عبدالاعلى ، عن المعلى بن خنيس ، قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام فقلت : ما حق المؤمن على المؤمن ؟ قال : إني عليك شفيق أخاف أن تعلم ولا تعمل وتضيع ولا تحفظ ، قال : قلت : لا حول ولا قوة إلا بالله قال : للمؤمن على المؤمن سبع حقوق واجبات ليس منها حق إلا واجب على أخيه ، إن ضيع منها حقا خرج من ولاية الله وترك طاعته ولم يكن له فيها يوم القيامة (5) حق منها أن تحب له ما تحب لنفسك وأن تكره له ما تكره لنفسك ، والثاني أن تعينه بنفسك ومالك ولسانك ويدك ورجلك.
  والثالث أن تتبع رضاه

------------------------------------
(1) قوله : ( تمحل له ) اى يطلب له حيلة في توسيع رزقه او نجاة ما ابتلى به ، يقال : رجل محل اى ذو كيد ومحل بفلان اذا سعى به إلى السلطان والمحال ـ بالكسر ـ : الكيد.
(2) رواه الكلينى ـ رحمه الله ـ في الكافى ج 2 ص 170 والشيخ والصدوق في أماليهما بأدنى تفاوت وعلى ما أورده المجلسى في البحار بتمامه ج 16 باب حقوق الاخوان ص 67 وذيله في باب فضائل الشيعة ص 119 من المجلد الخامس عشر.
(3) رواه الكلينى في المجلد الثانى من الكافى ص 201 و 205 عن على بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن ابراهيم بن عمر ، عن ابى حمزة ، عن على بن الحسين عليهما السلام.
(4) رواه الكلينى في المجلد الثانى من الكافى ص 179 و 170 و 507 عن ابى عبدالله عليه السلام.
(5) في بعض نسخ الحديث ( لم يكن لله عزوجل فيه نصيب ).

الاختصاص _ 29 _
  وتجتنب سخطه وتطيع أمره.
  والرابع أن تكون عينه ودليله ومرآته.
  والخامس أن لا تشبع ويجوع وتروي ويظمأ وتلبس ويعرى.
  والسادس إن كان لك خادم أو لك امرأة تقوم عليك وليس له امرأة تقوم عليه أن تبعث خادمك يغسل ثيابه ويصنع طعامه ويمهد فراشه.
  والسابع أن تبر قسمه (1) وتجيب دعوته وتعود مرضه وتشهد جنازته وإن كان له حاجة فبادر إليها مبادرة إلى قضائها ولا تكلفه أن يسألكها فإذا فعلت ذلك وصلت ولايتك بولايته ، (2) وعن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن عبدالاعلى مولى آل سام ، عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام قال : سمعته يقول لخيثمة : يا خيثمة اقرأ موالينا السلام وأوصهم بتقوى الله العظيم وأن يعود غنيهم على فقيرهم وقويهم على ضعيفهم وأن يشهد أحياهم جنائز موتاهم و ان لا يتلاقوا في بيوتهم فإن لقاء‌هم حياة لامرنا ، ثم رفع يده فقال : رحم الله من أحيا أمرنا (3).
  وعنه ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن عبدالملك قال : سئل أبوعبدالله عليه السلام عن رجل يتخوف اللصوص والسبع كيف يصنع بالصلاة إذا خشى أن يفوت الوقت ؟ قال : فليؤمي برأسه وليتوجه إلى القبلة ويتوجه دابته حيث ما توجهت به (4).

------------------------------------
(1) الظاهر أن قسمه ـ بفتحتين ـ وهو اسم من الاقسام وان المراد ببر قسمه قبوله واصل البر الاحسان ثم استعمل في القبول ، يقال : بر الله عمله اذا كان قبله كان أحسن إلى عمله بان قبله ولم يرده ، كذا في الفائق ، وقبول قسمه وإن لم يكن واجب شرعا لكنه مؤكد لئلا يكسر قلبه ولا يضيع حقه .
[قاله المولى صالح في هامش الكافى ].
(2) رواه الصدوق في الخصال أبواب السبعة والكلينى في الكافى ج 2 ص 169 ، والشيخ في أماليه ونقله المجلسى في البحار ج 16 ص 61.
(3) رواه المؤلف في آخر الفصول المختارة من العيون والمحاسن مسندا. والكلينى في الكافى ج 2 ص 175 ، والشيخ في مجالسه ص 84.
(4) قال المحقق في المعتبر ص 250 كل اسباب الخوف يجوز معها القصر والانتقال إلى الايماء مع الضيق والاقتصار على التسبيح ان خشى مع الايماء وان كان الخوف من لص او سبع او غرق وعلى ذلك فتوى علمائنا ثم استدل بقوله تعالى : ( واذا ضربتم في الارض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلوة ان خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ) وقال : هو دال بمنطوقه على خوف العدو و بفحواه على ما عداه من المخوفات ، ثم قال : ومن طريق الاصحاب ما رواه عبدالرحمن بن أبي عبدالله قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الرجل يخاف من لص او عدو او سبع كيف يصنع ؟ قال يكبر ويؤمى برأسه ، وعن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام قال : الذى يخاف اللص والسبع يصلى صلاة المواقفة ايماء على دابته ، قلت : أرأيت ان لم يكن المواقف على وضوء ولا يقدر على النزول ؟ قال : يتيمم من لبد سرجه أو من مغرفة دابته فان فيها غبارا ويصلى ويجعل السجود اخفض من الركوع ولا يدور إلى القبلة ولكن اين ما دارت دابته ويستقبل القبلة بأول تكبيرة حين يتوجه وعن على ابن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال : يستقبل الاسد ويصلى ويؤمى برأسه ايماء وهو قائم وان كان الاسد على غير القبلة.

الاختصاص _ 30 _
  وعن ربعي ، عن عمر بن يزيد قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : ما عذب الله قرية فيها سبعة من المؤمنين ، (1) وبهذا الاسناد قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : لكل شئ شئ يستريح إليه وإن المؤمن يستريح إلى أخيه المؤمن كما يستريح الطائر إلى شكله ، أو ما رأيت ذاك ، (2) وقال أبوجعفر عليه السلام : من أيقن بالخلف سخت نفسه بالنفقة (3) ، وقال : المعونة تنزل من السماء على العبد بقدر المؤونة ، (4) عن ربعي ، عن الفضل قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : إن الشياطين على المؤمنين أكثر من الزنابير على اللحم ، ثم قال ـ هكذا بيده ـ : إلا ما دفع الله، (5) عن ربعي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : من أطعم أخا له في الله كان له من الاجر مثل من أطعم فئاما من الناس ، قلت : جعلت فداك ما الفئام من الناس؟ قال : مائة ألف

------------------------------------
(1) رواه الكلينى في الكافى ج 2 ص 247.
(2) نقله المجلسى في البحار ج 16 ص 101 من الكتاب، وروى نحوه الكلينى في الكافى ج 2 ص 247.
(3) روى نحوه الكلينى في الكافى ج 4 ص 2 عن النبى صلى الله عليه وآله والصدوق في الامالى والعيون أيضا عن أمير المؤمنين عليه السلام.
(4) رواه الحميرى في قرب الاسناد مسندا عن الصادق عن ابيه عليهما السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وزاد في آخره ( وينزل الصبر على قدر شدة )، ونقله المجلسى في البحار ج 23 ص 108.
(5) نقله المجلسى في البحار ج 15 ص 63 ، وقال : قوله : ( هكذا بيده ) كانه عليه السلام اشار إلى جهة السماء اه‍ ، وفى معنى القول توسع.


الاختصاص _ 31 _
  من الناس (1).
  وقال أبوعبدالله الصادق عليه السلام : رفع عن هذه الامة ست : الخطأ والنسيان وما اكرهوا عليه وما لا يعلمون وما لا يطيقون وما اضطروا إليه (2).
  وقال أبوجعفر الباقر عليه السلام : كل شئ لم يخرج من هذا البيت فهو وبال، (3) وقال يا فضيل : إن لهذا الدين حدا مثل حد بيتي هذا (4) وقال الصادق عليه السلام : من حب الرجل دينه حبه أخاه (5)، قيل لامير المؤمنين عليه السلام : ما ثبات الايمان ؟ قال : الورع قيل : فما زواله ؟ قال : الطمع ، (6) وقال : لا تنال ولايتنا إلا بالورع (7) ، وقال الصادق عليه السلام : من صار إلى أخيه المؤمن في حاجته أو مسلما فحجبه لم يزل في لعنة الله إلى أن حضرته الوفاة (8).
  وقال الباقر عليه السلام : إن العبد يسأل الحاجة من حوائج الدنيا فيكون من شأن الله قضاء‌ها إلى أجل قريب أو وقت بطيئ فيذنب العبد عند ذلك ذنبا فيقول الله للملك الموكل

------------------------------------
(1) رواه الكلينى في الكافى ج 2 ص 202 ، والفئام بالفاء مهموزا : الجماعة من الناس.
(2) نقله المجلسى في البحار باب 14 من كتاب العدل والمعاد من المجلد الثالث عن كتاب الحسين بن سعيد الاهوازى.
(3) نقله صاحب الوسائل في كتاب القضاء باب عدم جواز تقليد غير المعصوم عن كتاب بصائر الدرجات لسعد بن عبدالله القمى وبصائر الدرجات للصفار مسندا وفيه ( فهو باطل ) مكان ( فهو وبال ).
(4) رواه البرقى في المحاسن ص 272 بادنى تفاوت في اللفظ.
(5) نقله المجلسى في البحار ج 16 ص 78 من الكتاب.
(6) روى نحوه الكلينى في الكافى ج 2 ص 320 عن الصادق عليه السلام.
(7) رواه الكلينى عن الصادق عليه السلام في ذيل حديث في باب الطاعة والتقوى من الكافى ج 2 ص 75.
(8) نقله المجلسى في البحار ج 16 ص 169 من الكتاب.
وقوله : ( صار ) هكذا في النسختين والبحار والظاهر أنه تصحيف ( سار ) بالسين والمعنى ظاهر.

الاختصاص _ 32 _
  بحاجته : لا تنجز حاجته واحرمه إياها فإنه تعرض لسخطي واستوجب الحرمان مني ، (1) وقال الصادق عليه السلام : من لقى المؤمنين بوجه وغابهم بوجه أتى يوم القيامة وله لسانان من نار ، (2) وقال أبوالحسن الماضي عليه السلام : قل الحق وإن كان فيه هلاكك فإن فيه نجاتك و دع الباطل وإن كان فيه نجاتك فإن فيه هلاكك ، (3) وقال الصادق عليه السلام :
  ليس منا من أذاع حديثنا ، فإنه قتلنا قتل عمد لا قتل خطاء ، (4) وقال : من اطلع من مؤمن على ذنب أو سيئة فأفشى ذلك عليه ولم يكتمها ولم يستغفر الله له كان عند الله كعاملها وعليه وزر ذلك الذي أفشاه عليه وكان مغفورا لعاملها ، وكان عقابه ما أفشى عليه في الدنيا مستور عليه في الآخرة ثم لا يجد الله أكرم من أن يثني عليه عقابا في الآخرة ، (5) وقال الصادق عليه السلام : المؤمن أخو المؤمن كالجسد الواحد إن اشتكى شيئا وجد ألم ذلك في سائر جسده وإن روحهما من روح الله وإن روح المؤمن لاشد إتصالا بروح الله من اتصال شعاع الشمس بها ، (6) وقال الصادق عليه السلام : من روى على مؤمن رواية يريد بها شينه وهدم مروء‌ته ليسقط من أعين الناس أخرج الله ولايته إلى ولاية الشيطان فلا يقبله الشيطان (7)،وقال : أيما مؤمن أوصل إلى أخيه المؤمن معروفا فقد أوصل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله (8).

------------------------------------
(1) نقله المجلسى في المجلد الخامس عشر من البحار ص 158 باب الذنوب وآثارها من الكتاب.
وفى الجزء الثانى من المجلد التاسع عشر منه ص 58 عن كتاب عدة الداعى لابن فهد الحلى.
(2) رواه الصدوق في الخصال في باب الاثنين تحت رقم 19 ، وروى ايضا نحوه في المجالس والمعانى ونقله المجلسى من الكتابين في المجلد السادس عشر من البحار ص 172.
(3) رواه الحسن بن على بن شعبة في تحف العقول ص 408 مرسلا.
(4) روى نحوه الكلينى في الكافى ج 2 ص 371.
(5) نقله المجلسى من الكتاب في المجلد السادس عشر من البحار ص 176.
(6) رواه الكلينى في الكافى ج 2 ص 155.
(7) رواه الكلينى في الكافى ج 2 ص 358 ونقله المجلسى من الكتاب في المجلد السادس عشر ص 176.
(8) رواه الكلينى في الكافى ج 4 ص 27.

الاختصاص _ 33 _

مسائل اليهودى التى ألقاها على النبى صلى الله عليه وآله
  بسم الله الرحمن الرحيم
  قال : حدثنا عبدالرحمن بن إبراهيم قال : حدثنا الحسين بن مهران قال : حدثني الحسين بن عبدالله (1) ، عن أبيه ، عن جده ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام قال : جاء رجل من اليهود إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال : يا محمد أنت الذي تزعم أنك رسول الله وأنه يوحى إليك كما أوحي إلى موسى بن عمران ؟ قال : نعم أنا سيد ولد آدم ولا فخر ، أنا خاتم النبيين وإمام المتقين ورسول رب العالمين.
  فقال : يا محمد إلى العرب ارسلت أم إلى العجم أم إلينا؟ قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إني رسول الله إلى الناس كافة.
  فقال : إني أسألك عن عشر كلمات أعطاها موسى في البقعة المباركة حيث ناجاه لا يعلمها إلا نبي مرسل أو ملك مقرب.
  فقال النبي صلى الله عليه وآله : سل عما بدا لك.
  فقال : يا محمد أخبرني عن الكلمات التي اختارها الله لا براهيم عليه السلام حين بنى هذا البيت ؟ فقال النبى صلى الله عليه وآله : نعم سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.
  فقال : يا محمد لاي شئ بنى إبراهيم عليه السلام الكعبة مربعا ؟ قال : لان الكلمات أربعة.
  قال : فلاي شئ سميت الكعبة كعبة ؟.

------------------------------------
(1) في بعض النسخ [ الحسن بن عبد الله ].

الاختصاص _ 34 _
  قال : لانها وسط الدنيا.
  قال : فأخبرني عن تفسير سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ؟ فقال النبى صلى الله عليه وآله : علم الله أن ابن آدم والجن يكذبون على الله تعالى ، فقال : ( سبحان الله ) يعنى برئ مما يقولون.
  وأما قوله : ( الحمد لله ) علم الله أن العباد لا يؤدون شكر نعمته فحمد نفسه عزوجل قبل أن يحمده الخلائق وهي أول الكلام لولا ذلك لما أنعم الله على أحد بالنعمة.
  وأما قوله : ( لا إله إلا الله ) وهي وحدانيته لا يقبل الله الاعمال إلا به ولا يدخل الجنة أحد إلا به وهي كلمة التقوى سميت التقوى لما تثقل بالميزان يوم القيامة وأما قوله : ( الله أكبر ) فهي كلمة ليس أعلاها كلام وأحبها إلى الله يعني ليس أكبر منه لانه يستفتح الصلوات به لكرامته على الله وهو اسم من أسماء الله الاكبر.
  فقال : صدقت يا محمد ، ما جزاء قائلها ؟ قال : إذا قال العبد : ( سبحان الله ) سبح كل شئ معه ما دون العرش فيعطى قائلها عشر أمثالها ، وإذا قال : ( الحمد لله ) أنعم الله عليه بنعيم الدنيا حتى يلقاه بنعيم الآخرة وهي الكلمة التي يقولها أهل الجنة إذا دخلوها ، والكلام ينقطع في الدنيا ما خلا الحمد وذلك قولهم : ( تحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين (1) ) وأما ثواب ( لا إله إلا الله ) فالجنة وذلك قوله : ( هل جزاء الاحسان إلا الاحسان (2) ) وأما قوله : ( الله أكبر ) فهي أكبر درجات في الجنة وأعلاها منزلة عند الله.
  فقال اليهودي : صدقت يا محمد أديت واحدة ، تأذن لي أن أسألك الثانية؟ فقال : النبي صلى الله عليه وآله : سلني ما شئت وجبرئيل عن يمين النبي صلى الله عليه وآله وميكائيل عن يساره يلقنانه ـ.
  فقال اليهودي لاي شئ سميت محمدا وأحمد وأباالقاسم وبشيرا ونذيرا وداعيا ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله : أما محمد فإني محمود في السماء، وأما أحمد فإني محمود في الارض (3) ، وأما أبوالقاسم فإن الله تبارك وتعالى يقسم يوم القيامة قسمة النار بمن كفر بي

------------------------------------
(1) يونس : 11.
(2) الرحمن : 60.
(3) في أمالى الصدوق ( أما محمد فأنى محمود في الارض وأما أحمد فانى محمود في السماء ).

الاختصاص _ 35 _
  أو يكذبني من الاولين والآخرين ، (1) وأما الداعي فإني أدعو الناس إلى دين ربي إلى الاسلام ، وأما النذير فإني انذر بالنار من عصاني ، وأما البشير فإني ابشر بالجنة من أطاعني.
  قال : صدقت يا محمد ، فأخبرني عن الثالث لاي شئ وقت الله هذه الصلوات الخمس في خمس مواقيت على امتك في ساعات الليل والنهار ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله : إن الشمس إذا بلغ عند الزوال لها حلقة تدخل فيها فإذا دخل فيها زالت الشمس فسبحت كل شئ ما دون العرش لربي وهي الساعة التي يصلى على ربي (2) فافترض الله علي وعلى امتى فيه الصلاة إذ قال : ( أقم الصلوة لدلوك الشمس (3) ) وهي الساعة التي تؤتى بجهنم يوم القيامة فما من مؤمن يوافق في تلك الساعة ساجدا أو راكعا أو قائما في صلاته إلا حرم الله جسده على النار.
  وأما صلاة العصر فهي الساعة التي أكل آدم عليه السلام من الشجرة ونقص عليه الجنة (4) فأمر الله لذريته إلى يوم القيامة بهذه الصلاة واختارها وافترضها فهي من أحب الصلوات إلى الله عزوجل فأوصاني ربي أن أحفضها من بين الصلوات كلها قال : ( حافظوا على الصلوات و الصلاة الوسطى ) فهي صلاة العصر وأما صلاة العشاء (5) فهي الساعة التي تاب الله على آدم عليه السلام فكان ما بين ما أكل من الشجرة وبين ما تاب ثلاثمائة سنة من أيام الدنيا وفي أيام الآخرة يوم كألف سنة مما تعدون فصلى آدم صلوات الله عليه ثلاث ركعات ركعة لخطيئته وركعة لخطيئة حواء وركعة لتوبته فتاب الله عليه وفرض الله على امتي هذه الثلاث ركعات وهي الساعة التي يستجاب فيها الدعوة ووعدني ربي أن لا يخيب من سأله حيث قال : ( فسبحان الله

------------------------------------
(1) في الامالى زاد هنا ( ويقسم قسمة الجنة فمن آمن بى وأقر بنبوتى ففى الجنة ).
(2) قوله : ( اذا بلغ عند الزوال لها حلقة تدخل فيها ) لا يخفى ان زوال الشمس كان باعتبار كل قوم ولعل المراد بالحلقة حلقة نصف النهار.
(3) الاسراء : 77 ، والدلوك : زوالها وميلها وقيل : غروبها.
(4) في الامالى ( فأخرجه الله تعالى من الجنة ).
(5) يعنى المغرب بقرينة العشاء الاخرة.

الاختصاص _ 36 _
  حين تمسون وحين تصبحون (1) ) وأما صلاة العتمة فإن للقبر ظلمة وليوم القيامة ظلمة أمر الله لي ولامتي بهذه الصلاة ، وما من قدم مشيت إلى صلاة العتمة إلا حرم الله عليه قعور النار وينور الله قبره ويعطى يوم القيامة نورا تجاوز به الصراط وهي الصلاة التي اختارها للمرسلين قبلي ، وأما صلاة الفجر فإن الشمس إذا طلعت تطلع من قرن الشيطان فأمر الله لي أن اصلي الفجر قبل طلوع الشمس وقبل أن يسجد الكفار لها يسجدون امتي لله و سرعتها أحب إلى الله وهي الصلاة التي تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار.
  قال : صدقت يا محمد ، فأخبرني عن الرابع ، لاي شئ أمر الله غسل هذه الاربع جوارح وهي أنظف المواضع من الجسد ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله : لما أن وسوس الشيطان فدنى آدم إلى الشجرة فنظر إليها ذهب بماء وجهه ثم قام فهي أول قدم مشيت إلى الخطيئة ، ثم تناولها ، ثم شقها فأكل منها فلما أن أكل منها طارت منه الحلل والنور من جسده ووضع آدم يده على رأسه وبكى ، فلما أن تاب الله على آدم افترض الله عليه وعلى ذريته اغتسال هذه الاربع جوارح وأمر أن يغسل الوجه لما نظر آدم إلى الشجرة ، وأمر أن يغسل الساعدين إلى المرافق لما مد يديه إلى الخطيئة ، وأمر أن يمسح الرأس لما وضع يده على أم رأسه ، وأمر أن يمسح القدم بما مشيت إلى الخطيئة ، ثم سننت على امتي المضمضة والاستنشاق والمضمضة تنقي القلب من الحرام والاستنشاق يحرم رائحة النار.
  فقال : صدقت يا محمد ، ما جزاء من توضأ كما أمرت ؟ قال : أول ما يمس الماء يتباعد عنه الشيطان واذا مضمض نور الله لسانه وقلبه بالحكمة وإذا استنشق أمنه الله من فتن القبر ومن فتن النار ، فإذا غسل وجهه بيض الله وجهه يوم تسود الوجوه ، وإذا غسل ساعديه حرم الله عليه غلول النار ، وإذا مسح رأسه مسح الله سيئاته ، وإذا مسح قدميه جاوزه الله على الصراط يوم تزل فيه الاقدام.
  قال : صدقت يا محمد ، فأخبرني عن الخامس بأي شئ أمر الله الاغتسال من النطفة و لم يأمر من البول والغائط والنطفة أنظف من البول والغائط ؟.

------------------------------------
(1) الروم : 17.

الاختصاص _ 37 _
  فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : لان آدم لما أكل من الشجرة تحول ذلك في عروقه وشعره وبشره وإذا جامع الرجل المرأة خرجت النطفة من كل عرق وشعر فأوجب الله الغسل على ذرية آدم إلى يوم القيامة ، والبول والغائط لا يخرج إلا من فضل ما يأكل ويشرب الانسان كفى به الوضوء.
  فقال اليهودي : ما جزاء من اغتسل من الحلال ؟ قال : بنى الله له بكل قطرة من ذلك الماء قصرا في الجنة وهو شئ بين الله وبين عباده من الجنابة.
  فقال اليهودي : يا محمد ، فأخبرني عن السادس عن ثمانية أشياء في التوراة مكتوبة أمر الله بني إسرائيل أن يعبدونه بعد موسى.
  فقال النبي صلى الله عليه وآله : انشدك الله إن أخبرتك أن تقر به؟ فقال اليهودي : بلى يا محمد.
  فقال النبي صلى الله عليه وآله : إن أول ما في التوراة مكتوب : محمد رسول الله وهي مما اساطه ثم صار قائما ، (1) ثم تلا هذه الآية ( يجدونه مكتوبا عندهم في التورية والانجيل (2) ) ( ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد (3) ) وأما الثاني والثالث والرابع فعلي و فاطمة وسبطيهما وهي سيدة نساء العالمين ، في التوراة ( إيليا وشبرا وشبيرا وهليون ) يعني فاطمة والحسن والحسين عليهم السلام.
  قال : صدقت يا محمد ، فأخبرني عن فضلك على النبيين وفضل عشيرتك على الناس؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله : أما فضلي على النبيين فما من نبي إلا دعا على قومه وأنا اخترت دعوتي شفاعة لامتي يوم القيامة ، وأما فضل عشيرتي وأهل بيتي وذريتي كفضل الماء على كل شئ ، بالماء يبقى كل ويحيى كما قال ربي تبارك وتعالى : ( وجعلنا من الماء كل شئ حي أفلا يؤمنون (4) ) ومحبة أهل بيتي وعشيرتي وذريتي يستكمل الدين.

------------------------------------
(1) في الامالى ( فهى بالعبرانية ) طاب .
(2) الاعراف : 157.
(3) الصف : 6.
(4) الانبياء : 30.

الاختصاص _ 38 _
  قال : صدقت يا محمد ، فأخبرني عن السابع ما فضل الرجال على النساء؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله : كفضل السماء على الارض وكفضل الماء على الارض ، بالماء يحيى كل شئ وبالرجال يحيى النساء لولا الرجال ما خلق الله النساء وما مرأة تدخل الجنة إلا بفضل الرجال ، قال الله تبارك وتعالى : ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض (1) ) فقال : يا محمد لاي شئ هذا هكذا؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله : خلق آدم صلوات الله عليه من طين ومن صلبه ونفسه خلق النساء وأول من أطاع النساء آدم صلوات الله عليه فأنزله من الجنة وقد بين الله فضل الرجال على النساء في الدنيا ، ألا ترى النساء كيف يحضن فلا يمكنهن العبادة من القذارة والرجال لا يصيبهم ذلك.
  قال : صدقت يا محمد ، فأخبرني عن الثامن لاي شئ افترض الله صوما على امتك ثلاثين يوما وافترض على سائر الامم اكثر من ذلك ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله : إن آدم صلوات الله عليه لما أن أكل من الشجرة بقي في جوفه مقدار ثلاثين يوما فافترض على ذريته ثلاثين يوما الجوع والعطش وما يأكلونه بالليل فهو تفضل من الله على خلقه وكذلك كان لآدم صلوات الله عليه ثلاثين يوما كما على أمتي ثم تلا هذه الآية ( كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون (2) ) قال : صدقت يا محمد فما جزاء من صامها ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله : ما من مؤمن يصوم يوما من شهر رمضان حاسبا محتسبا إلا أوجب الله تعالى له سبع خصال أول الخصلة يذوب الحرام من جسده والثاني يتقرب إلى رحمة الله والثالث يكفر خطيئته ألا تعلم أن الكفارات في الصوم يكفر والرابع يهون عليه سكرات الموت والخامس أمنه الله من الجوع والعطش يوم القيامة والسادس براء‌ة من النار والسابع أطعمه الله من طيبات الجنة.

------------------------------------
(1) النساء : 33.
(2) البقرة : 182.

الاختصاص _ 39 _
  قال : صدقت يا محمد ، فأخبرني عن التاسع ، لاي شئ أمر الله الوقوف بعرفات بعد العصر ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله : لان بعد العصر ساعة عصى آدم صلوات الله عليه ربه فافترض الله على امتي الوقوف والتضرع والدعاء ، في أحب المواضع إلى الله وهو موضع عرفات وتكفل بالاجابة والساعة التي ينصرف وهي الساعة التي تلقى آدم صلوات الله عليه من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم.
  قال : صدقت يا محمد ، فما ثواب من قام بها ودعا وتضرع إليه ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله : والذي بعثني بالحق بشيرا ونذيرا إن لله تبارك وتعالى في السماء سبعة أبواب :
  باب التوبة ، وباب الرحمة ، وباب التفضل ، وباب الاحسان ، وباب الجود ، وباب الكرم ، وباب العفو لا يجتمع أحد إلا يستأهل (1) من هذه الابواب وأخذ من الله هذه الخصال فإن لله تبارك وتعالى مائة ألف ملك مع كل ملك مائة وعشرون ألف ملك ولله مائة رحمة ينزلها على أهل عرفات فاذا انصرفوا أشهد الله تلك الملائكة بعتق رقاب أهل عرفات فإذا انصرفوا أشهد الله تلك الملائكة بأنه أوجب لهم الجنة وينادي مناد انصرفوا مغفورا لكم فقد أرضيتموني ورضيت لكم.
  قال : صدقت يا محمد ، فأخبرني عن العاشر تسعة خصال أعطاك الله من بين النبيين وأعطى أمتك من بين الامم ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله : فاتحة الكتاب ، والاذان ، والاقامة ، والجماعة في مساجد المسلمين ، ويوم الجمعة ، والاجهار في ثلاث صلوات والرخصة لامتي عند الامراض والسفر والصلاة على الجنائز والشفاعة في أصحاب الكبائر من امتي.
  قال : صدقت يا محمد ، فما ثواب من قرأ فاتحة الكتاب؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله :
  من قرأ فاتحة الكتاب أعطاه الله من الاجر بعدد كل كتب أنزل من السماء قرأها وثوابها ، وأما الاذان فيحشر مؤذن امتي مع النبيين والصديقين والشهداء ، وأما الجماعة فإن صفوف امتي كصفوف الملائكة في السماء الرابعة والركعة

------------------------------------
(1) في الامالى ( لا يجتمع بعرفات أحد إلا يستأهل ).

الاختصاص _ 40 _
  في الجماعة أربعة وعشرون ركعة كل ركعة أحب إلى الله من عبادة أربعين سنة ، وأما يوم الجمعة فهو يوم جمع الله فيه الاولين والآخرينن يوم الحساب ، ما من مؤمن مشى بقدميه إلى الجمعة إلا خفف الله عليه أهوال يوم القيامة بعدما يخطب الامام وهي ساعة يرحم الله فيه المؤمنين والمؤمنات ، وأما الاجهار فما من مؤمن يغسل ميتا إلا يتباعد عنه لهب النار (1) ويوسع عليه الصراط بقدر ما يبلغ الصوت ويعطي نورا حتى يوافي الجنة ، وأما الرخصة فإن الله يخفف أهوال القيامة على من رخص من امتي كما رخص الله في القرآن ، وأما الصلاة على الجنائز فما من مؤمن يصلي على جنازة إلا يكون شافعا أو مشفعا ، وأما شفاعتي في أصحاب الكبائر من امتي ما خلا الشرك والمظالم.
  قال : صدقت يا محمد ، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأنك خاتم النبيين وإمام المتقين ورسول رب العالمين.
  ثم أخرج ورقا أبيض من كمه مكتوب عليه جميع ما قال النبي صلى الله عليه وآله حقا ، فقال : يا رسول الله والذي بعثك بالحق نبيا ما استنسختها إلا من الالواح الذي كتب الله لموسى ابن عمران فقد قرأت في التوراة مائة ألف آية فما من آية قرأتها إلا وجدتك مكتوبا فيها و قد قرأت في التوراة فضيلتك حتى شككت فيها ، يا محمد فقد كنت أمحي اسمك في التوراة أربعين سنة فكلما محوت وجدت اسمك مكتوبا فيها ولقد قرأت في التوراة هذه المسائل لا يخرجها غيرك وإن ساعة ترد جواب هذه المسائل يكون جبرئيل عن يمينك وميكائيل عن يسارك ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : جبرئيل عن يميني وميكائيل عن يساري.
  وصلى الله على محمد وآله [ وسلم تسليما ]. (2)

------------------------------------
(1) كذا في النسختين وفيه تصحيف وفى أمالى الصدوق ) واما الاجهار فانه يتباعد لهب النار منه بقدر ما يبلغ صوته (.
(2) رواه الصدوق في أماليه المجلس الخامس والثلاثين بأدنى تفاوت في اللفظ وزيادات وزاد فيه بعد قوله : ( وميكائيل عن يسارك ) ( ووصيك بين يديك ) وزاد بعد قوله صلى الله عليه وآله : ( وميكائيل عن يسارى ) ( ووصيى على بن ابى طالب بين يدى )، وأيضا رواه في مطاوى العلل والخصال والمعانى.

الاختصاص _ 41 _
  قال : قال عبدالله بن المبارك رأيت رجلا متعلقا بأستار الكعبة وهو يقول : سيدي لئن طالبتني بذنوبي لاطالبنك بكرمك ولئن ناقشتني في الحساب لاطالبنك بعفوك ولئن حبستني في النار لاخبرن أهل النار بحبي لك سيدي ، قال عبدالله بن المبارك (1) : فدخلت على الفضيل بن عياض فأخبرته بذلك ، فقال لي : يا أبا عبدالرحمن عرفت الرجل ؟ قلت : اللهم لا ، فقال : ذاك من قوم خدموا الله فتذللوا.

------------------------------------
(1) عبدالله بن المبارك هو ابوعبدالرحمن بن واضح المروزى مولى بنى حنظلة عامى كان فيهم من كبار العلماء واجلاء الزهاد اخذ الفقه عن سفيان الثورى ومالك بن أنس وروى عنه الموطأ ، وكان شديد التورع ، كثير الانقطاع يحكى عن أبيه انه كان يعمل في بستان لمولاه وأقام فيه زمانا ثم ان مولاه جاء‌ه يوما وقال له : اريد رمانا حلوا فمضى إلى بعض الشجر واحضر منها رمانا فكسره فوجده حامضا فحرد عليه وقال : اطلب الحلو فتحضر لى الحامض هات حلوا فمضى وقطع من شجرة اخرى فلما كسره وجده أيضا حامضا فاشتد حرده عليه وفعل ذلك دفعة ثالثة فقال له بعد ذلك : أنت ما تعرف الحلو من الحامض ؟ فقال : لا ، فقال : كيف ذلك ؟ قال : لاني ما اكلت منه شيئا حتى أعرفه ، فقال ولم لم تأكل؟ قال : لانك ما اذنت لى فكشف عن ذلك فوجده حقا فعظم في عينه وزوجه ابنته و يقال : ان عبدالله رزق من تلك الابنة فنمت على بركة ابيه.
وفضيل بن عياض ايضا عامى زاهد بصرى كوفى ثقة روى عن أبى عبدالله عليه السلام ويحكى انه كان في اول امره يقطع الطريق بين ابيورد وسرخس وعشق جارية ، فبينما يرتقى الجدران اليها سمع تاليا يتلو ( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله ) فقال : يا رب قد آن فرجع وأوى إلى خربة فاذا فيها رفقة فقال بعضهم : نرتحل وقال بعضهم حتى نصبح فان فضيلا على الطريق يقطع علينا فتاب الفضيل وأمنهم.

الاختصاص _ 42 _

مسائل عبدالله بن سلام (1)
  بسم الله الرحمن الرحيم
  عن ابن عباس أنه لما بعث محمد صلى الله عليه وآله أمر أن يدعو الخلق إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له فأسرع الناس إلى الاجابة وأنذر النبي صلى الله عليه وآله الخلق فأمره جبرئيل بأن يكتب إلى أهل الكتاب يعني اليهود والنصارى ويكتب كتابا وأملى جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله كتابه وكان كاتبه يومئذ سعد بن أبي وقاص فكتب إلى يهود خيبر : بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبدالله الامي رسول الله إلى يهود خيبر : أما بعد فإن الارض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
  ثم وجه الكتاب إلى يهود خيبر فلما وصل الكتاب إليهم ، حملوه وأتوا به رئيسا لهم يقال له : عبدالله بن سلام إن هذا كتاب محمد إلينا فتقرأه علينا ، فقرأه فقال لهم : ما ترون في هذا الكتاب ؟ قالوا : نرى علامة وجدناها في التوراة فإن كان هذا محمدا الذي بشر به موسى وداود وعيسى عليهم السلام سيعطل التوراة ويحل لنا ما حرم علينا من قبل ، فلو كنا على ديننا كان أحب إلينا ، فقال عبدالله بن سلام : يا قوم اخترتم الدنيا على الآخرة والعذاب على الرحمة ؟ قالوا : لا ، قال : وكيف لا تتبعون داعي الله ؟ قالوا : يا ابن سلام ما علمنا أن محمدا صادق فيما يقول ، قال : فإذا نسأله عن الكائن والمكون والناسخ والمنسوخ فإن كان نبيا كما يزعم فإنه سيبين لنا كما بين الانبياء من قبل ، قالوا : يا ابن سلام سر إلى محمد حتى تنقض كلامه وتنظر كيف يرد عليك الجواب ، فقال :
  إنكم قوم تجهلون لو كان هذا محمدا الذي بشرنا به موسى وداود وعيسى ابن مريم فكان خاتم النبيين فلو اجتمع الثقلان الانس والجن

------------------------------------
(1) عبدالله بن سلام من بنى قينقاع وكان من أحبارهم وعلمائهم واسمه الحصين فلما اسلم سماه النبى صلى الله عليه وآله عبدالله ، وذلك في السنة الثانية من الهجرة.

الاختصاص _ 43 _
  على أن يردوا على محمد حرفا واحدا أو آية ما استطاعوا بإذن الله ، قالوا : صدقت يا ابن سلام فما الحيلة ؟ قال : علي بالتوراة ، فحملت التوراة إليه فاستنسخ منها ألف مسألة و أربع مسائل ثم جاء بها إلى النبي صلى الله عليه وآله حتى دخل عليه يوم الاثنين بعد صلاة الفجر ، فقال : السلام عليك يا محمد ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : وعلى من اتبع الهدى ورحمة الله وبركاته ، من أنت؟ فقال : أنا عبدالله بن سلام من رؤساء بني إسرائيل وممن قرأ التوراة وأنا رسول اليهود إليك مع آيات من التوراة تبين لنا ما فيها نراك من المحسنين ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : الحمد لله على نعمائه يا ابن سلام أجئتني سائلا أو متعنتا ؟ قال : بل سائلا يا محمد ، قال : على الضلالة أم على الهدى؟ قال : بل على الهدى يا محمد ، فقال النبي صلى الله عليه وآله :
  فسل عما تشاء ، قال : أنصفت يا محمد ، فأخبرني عنك أنبي أنت أم رسول ؟ قال :
  أنا نبي ورسول وذلك قوله في القرآن : ( منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك (1) ) قال :
  صدقت يا محمد فأخبرني كلمك الله قبلا ؟ قال : ما لعبد أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب ، قال : صدقت يا محمد ، فأخبرني تدعو بدينك أم بدين الله ؟ قال : بل أدعو بدين الله ومالي بدين إلا ما ديننا الله ، قال : صدقت يا محمد ، فأخبرني إلى ما تدعو؟ قال :
  إلى الاسلام والايمان بالله ، قال : وما الاسلام؟ قال : شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور ، قال : صدقت يا محمد ، فأخبرني كم دين لرب العالمين ؟ قال : دين واحد والله واحد لا شريك له ، قال : وما دين الله ؟ قال : الاسلام ، قال : وبه دان النبيون [ و ] من قبلك ؟ قال : نعم ، قال : فالشرائع ؟ قال : كانت مختلفة وقد مضت سنة الاولين ، قال : صدقت يا محمد ، فأخبرني عن أهل الجنة يدخلون فيها بالاسلام أو بالايمان أو بالعمل ؟ قال : منهم من يدخل بالثلاثة يكون مسلما مؤمنا عاملا فيدخل الجنة بثلاثة أعمال أو يكون نصرانيا أو يهوديا أو مجوسيا فيسلم بين الصلاتين ويؤمن بالله ويخلع الكفر من قلبه فيموت على مكانه ولم يخلف من الاعمال شيئا فيكون من أهل الجنة فذلك إيمان بلا عمل ويكون يهوديا أو نصرانيا يتصدق وينفق في غير ذات الله فهو على الكفر والضلالة ، يعبد المخلوق

------------------------------------
(1) المؤمن : 79.

الاختصاص _ 44 _
  من دون الخالق فإذا مات على دينه كان فوق عمله في النار يوم القيامة لان الله لا يتقبل إلا من المتقين ، قال : صدقت يا محمد ، فأخبرني هل أنزل عليك كتابا ؟ قال : نعم ، قال : وأي كتاب هو ؟ قال : الفرقان ، قال : ولم سماه ربك فرقانا ؟ قال : لانه متفرق الآيات والسور انزل في غير الالواح وغير الصحف ، والتوراة والانجيل والزبور انزلت كلها جملا في الالواح والاوراق ، فقال : صدقت يا محمد ، فأخبرني أي شئ مبتدأ القرآن وأئ شئ مؤخره ؟ قال : مبتدؤه بسم الله الرحمن الرحيم ومؤخره ... (1) أبجد ، قال :
  فما تفسير أبجد ؟ قال : الالف آلاء الله و الباء بهاء الله والجيم جمال الله والدال دين الله وإدلاله على الخير وهوز الهاوية وحطى حطوط الخطايا و الذنوب ، سعفص صاعا بصاع حقا بحق فصا بفص يعني جورا بجور ، قرشت سهم الله المنزلة في كتابه المحكم (2).

------------------------------------
(1) كذا بياض في الاصل ونقله المجلسى ـ رحمه الله ـ في البحار ج 4 ص 90 من الكتاب ونحوه في ج 14 ص 346 عن بعض الكتب القديمة رآه وايضا وجده في كتاب ذكر الاقاليم والبلدان والجبال والانهار والاشجار مع اختلاف يسير في المضمون وتباين كثير في الالفاظ ، فمن اراد الاطلاع فليراجع هناك.
(2) وروى الصدوق المجلس الثاني والخمسين من اماليه مسندا عن الاصبغ عن امير المؤمنين عليه السلام قال : سأل عثمان بن عفان رسول الله صلى الله عليه وآله عن تفسير أبجد فقال صلى الله عليه وآله : أما الالف فآلاء الله حرف من اسمائه واما الباء فبهجة الله واما الجيم فجنة الله وجلال الله وجماله واما الدال فدين الله واما هوز فالهاء هاء الهاوية فويل لمن هوى في النار واما الواو فويل لاهل النار واما الزاى فزاوية في النار فنعوذ بالله مما في الزاوية يعنى زوايا جهنم واما حطى فالحاء حطوط الخطايا عن المستغفرين في ليلة القدر وما نزل به جبرئيل مع الملائكة إلى مطلع الفجر واما الطاء فطوبى لهم وحسن مآب وهى شجرة غرسها الله عزوجل ونفخ فيها من روحه وان اغصانها لترى من وراء سور الجنة تنبت بالحلى والحلل متدلية على افواههم واما الياء فيد الله فوق خلقه سبحانه وتعالى عما يشركون واما كلمن فالكاف كلام الله لا تبديل لكلمات الله ولن تجد من دونه ملتحدا واما اللام فالمام اهل الجنة بينهم في الزيارة والتحية والسلام وتلاوم اهل النار فيما بينهم واما الميم فملك الله الذى لا يزول ودوام الله الذى لا يغنى واما النون فنون والقلم وما يسطرون فالقلم قلم من نور وكتاب من نور في لوح محفوظ يشهده المقربون وكفى بالله شهيدا واما سعفص فالصاد صاع بصاع وفص بفص يعنى الجزاء بالجزاء وكما تدين تدان ان الله لا يريد ظلما للعباد واما قرشت يعنى قرشهم فحشرهم ونشرهم إلى يوم القيامة فقضى بينهم بالحق وهم لا يظلمون.

الاختصاص _ 45 _
  ... (1)
  بسم الله الرحمن الرحيم
  سنة الله سبقت رحمة الله غضبه قال : لما عطس آدم عليه السلام قال : الحمد لله رب العالمين فأجابه ربه : يرحمك ربك يا آدم فسبقت له ذلك الحسنى من ربه من قبل أن يعصي الله في الجنة ، فقال : صدقت يا محمد ، فأخبرني عن أربعة أشياء خلقهن الله بيده ، قال : خلق الله جنات عدن بيده ، ونصب شجرة طوبى في الجنة بيده ، وخلق آدم بيده ، وكتب التوراة بيده ، قال : صدقت يا محمد ، قال : فمن أخبرك بهذا ؟ قال : جبرئيل ، قال : جبرئيل عمن ؟ قال : عن ميكائيل ، قال : ميكائيل عمن ؟ قال : عن إسرافيل ، قال : إسرافيل عمن ؟ قال : عن اللوح المحفوظ ، قال : اللوح عمن ؟ قال : عن القلم ، قال : القلم عمن ؟ قال : عن رب العالمين.
  قال : صدقت يا محمد.
  قال : فأخبرني عن جبرئيل في زي الاناث أم في زي الذكور؟ قال : في زي الذكور ليس في زي الاناث ، قال : فأخبرني ما طعامه وشرابه ؟ قال : طعامه التسبيح وشرابه التهليل ، قال : صدقت يا محمد ، قال : فأخبرني ما طول جبرئيل ؟ قال : إنه على قدر بين الملائكة ليس بالطويل العالي ولا بالقصير المتداني ، له ثمانون ذؤابة وقصة جعدة وهلال بين عينيه ، أغر أدعج محجل ضوؤه بين الملائكة كضوء النهار عند ظلمة الليل ، له أربع وعشرون جناحا خضرا مشبكة بالدر والياقوت ، مختمة باللؤلؤ وعليه وشاح (2) ، بطانته الرحمة ، أزراره الكرامة ، ظهارته الوقار ، ريشه الزعفران ، واضح الجبين ، أقنى الانف ، سائل الخدين مدور اللحيين ، حسن القامة ، لا يأكل ولا يشرب ولا يمل ولا يسهو قائم بوحي الله إليه

------------------------------------
(1) هكذا بياض في النسختين.
(2) الوشاح شبه القلادة من نسيج عريض يرصع بالجوهر.

الاختصاص _ 46 _
  إلي يوم القيامة.
  قال : صدقت يا محمد (1).
  قال : فأخبرني ما الواحد وما الاثنان وما الثلاثة وما الاربعة وما الخمسة وما الستة وما السبعة وما الثمانية وما التسعة وما العشرة وما الاحد عشر وما الاثنى عشر وما الثلاثة عشر وما الاربعة عشر وما الخمسة عشر وما الستة عشر وما السبعة عشر و ما الثمانية عشر وما التسعة عشر وما العشرون وما الاحد والعشرون وما الاثنان والعشرون وثلاثة وعشرون وأربعة وعشرون وخمسة وعشرون وستة وعشرون وسبعة وعشرون وثمانية وعشرون وتسعة وعشرون وما الثلاثون وما الاربعون وما الخمسون وما الستون وما السبعون وما الثمانون وما التسعة والتسعون وما المائة؟ قال : نعم يا ابن سلام أما الواحد فهو الله الواحد القهار لا شريك له ولا صاحبة له ولا ولد له ، يحيى ويميت بيده الخير وهو على كل شئ قدير ، وأما الاثنان فآدم وحواء كانا زوجين في الجنة قبل ان اخرجا منها ، وأما الثلاثة فجبرئيل وميكائيل و إسرافيل وهم رؤساء الملائكة وهم على وحي رب العالمين وأما الاربعة فالتوراة والانجيل والزبور والفرقان في كتب أكمل وفيه الاحكام ، وأما الخمسة انزل علي وعلى امتى خمس صلوات لم تنزل على من قبلي ولا تفترض على امة بعدي لانه لا نبي بعدي ، وأما الستة خلق الله السماوات والارض في ستة أيام وأما السبعة فسبع سماوات شداد وذلك قوله : ( وبنينا فوقكم سبعا شدادا ) (2) وأما الثمانية ( ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ) (3)

------------------------------------
(1) نقل المجلسى ـ رحمه الله ـ هذه القطعة اعنى من قوله : ( فمن أخبرك هذا ؟ قال :
جبرئيل ) إلى هنا في المجلد الرابع عشر من البحار ص 245 ، وقال في بيانه : القصة ـ بالضم ـ شعر الناصية، والغرة ـ بالضم ـ : بياض في جبهة الفرس فوق الدرهم ، يقال : فرس أغر ، و الاغر : الابيض ، ورجل أغر أى شريف ، والدعج : شدة سواد العين مع سعتها والادعج من الرجال الاسود ، والتحجيل : بياض في قوائم الفرس أو في ثلاث منها أو في رجليه قل أو كثر بعدان يجاوز الارساغ ولا يجاوز الركبتين والعرقوبين لانها مواضع الاحجال وهى الخلاخيل والقيود ، يقال : فرس محجل ، والوشاح ينسج من اديم عريضا ويرصع بالجواهر وتشده المرأة بين عاتقها وكشحها (إلى هنا نقله عن الجوهرى) ثم قال : والمراد بالوشاح اما المعنوى فالصفات ظاهرة أو الصورى فالمعنى ان بطانته علامة رحمة الله له ا وللعباد وكذا الباقيتان ، والقنى احد يداب في الانف ، انتهى
(2) النباء : 12.
(3) الحاقة : 17.

الاختصاص _ 47 _
  وأما التسعة ( آتينا موسى تسع آيات بينات (1) ) ، وأما العشرة ( تلك عشرة كاملة ) (2) وأما الاحد عشر قول يوسف : لابيه ( يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا (3) ) ، وأما الاثنا عشر فالسنة تأتي كل عام اثنى عشر شهرا جديدا وهو أيضا قول يوسف : ( والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين ) ، وأما الثلاثة عشر فهم إخوة يوسف فأما الشمس والقمر فالام والاب (4) ، وأما الاربعة عشر فهي أربعة عشر قنديلا من نور معلق بين العرش و الكرسي طول كل قنديل مسيرة مائة سنة ، وأما الخمسة عشر فإن الفرقان انزل على آيات مفصلات في خمسة عشر يوما خلا من شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ، وأما الستة عشر فستة عشر صفا من الملائكة حافين من حول العرش وذلك قوله تعالى : ( حافين من حول العرش (5) ) ، وأما السبعة عشر فسبعة عشر اسما من أسماء الله تعالى مكتوبا بين الجنة والنار ولولا ذلك لزفرت جهنم زفرا فتحرق من في السماوات ومن في الارض وأما الثمانية عشر فثمانية عشر حجابا من نور معلق بين الكرسي والحجب ولولا ذلك لذابت صم الجبال الشوامخ فاحترقت الجن والانس من نور الله.
  قال : صدقت يا محمد ، قال : وأما التسعة عشر فهي سقر ( لا تبقي ولا تذر * لواحة للبشر
  * عليها تسعة عشر (6) ) ، وأما العشرون انزل الزبور على داود في عشرين يوما خلون من شهر رمضان (7) وذلك قوله في القرآن : ( وآتينا داود زبورا (8) ) وأما أحد وعشرون ميلاد سليمان بن داود وسبحت معه الجبال واما الاثنان والعشرون تاب الله على داود وغفر له ذنبه ولين له الحديد ، يتخذ منه السابغات وهي

------------------------------------
(1) الاسراء : 100.
(2) البقرة : 195.
(3) يوسف : 3.
(4) تفسير للاية.
(5) الزمر 75 ، ونقل المجلسى ـ رحمه الله ـ من الكتاب هذه القطعة والتى يأتى في الثمانية عشر في المجلد الرابع عشر ص 100 ، والسبعة عشر في المجلد الثالث من البحار ص 382.
(6) المدثر 28 إلى 31.
(7) في الكافى ج 4 ص 157 في حديث ( نزل الزبور في ليلة ثمانى عشرة مضت من شهر رمضان ).
(8) الاسراء : 55.

الاختصاص _ 48 _
  الدروع ، وأما الثلاثة والعشرون ميلاد عيسى ابن مريم وتنزيل المائدة (1) ، وأما الاربعة والعشرون كلم الله موسى تكليما ، وأما الخمسة والعشرون فلق البحر لموسى ولبني إسرائيل وأما الستة والعشرون أنزل الله على موسى التوراة ، وأما السبعة والعشرون ألقت الحوت يونس بن متى من بطنها ، وأما الثمانية والعشرون رد الله بصر يعقوب عليه ، و أما التسعة والعشرون رفع الله إدريس مكانا عاليا ، وأما الثلاثون ( وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة (2) ) ، وأما الخمسون يوما كان مقداره خمسين ألف سنة ، وأما الستون فالارض لها ستون عرقا والناس خلقوا على ستين لونا ، وأما السبعون اختار موسى قومه سبعين رجلا ، وأما الثمانون فشارب الخمر يجلد بعد تحريمه ثمانين سوطا ، وأما التسعة والتسعون آتينا داود تسعة وتسعين نعجة وأما المائة ( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة (3) ).
  قال : صدقت يا محمد ، فأخبرني عن آدم كيف خلق ومن أي شئ خلق ؟ قال : نعم إن الله سبحانه وتعالى وبحمده وتقدست أسماؤه ولا إله غيره خلق آدم من الطين والطين من الزبد والزبد من الموج والموج من البحر والبحر من الظلمة والظلمة من النور والنور من الحرف والحرف من الآية والآية من الصورة والصورة من الياقوتة والياقوتة من كن وكن من لا شئ.
  قال : صدقت يا محمد ، فأخبرني كم للعبد من الملائكة ، قال : لكل عبد ملكان ملك عن يمينه وملك عن شماله ، الذي عن يمينه يكتب الحسنات والذي عن شماله يكتب السيئات.
  قال : فأين مقعد الملكان وما قلمهما وما دواتهما وما لوحهما ؟ قال : مقعدهما كتفاه وقلمهما لسانه ودواتهما حلقه ومدادهما ريقه ولوحهما فؤاده يكتبون أعماله إلى مماته وقال سبحانه : ( اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا (4) ) ، قال : صدقت يا محمد.

------------------------------------
(1) في البحار ج 4 ص 91 ( فاما ثلاثة والعشرون أنزل المائدة فيه من شهر الصيام على عيسى عليه السلام).
(2) اعراف : 141.
(3) النور : 3.
(4) الاسراء : 14.

الاختصاص _ 49 _
  صفة القلم واللوح المحفوظصفة القلم واللوح المحفوظ
  قال : فأخبرني ما خلق الله بعد ذلك ؟ قال : ن والقلم.
  قال : وما تفسير ن والقلم؟ قال : النون اللوح المحفوظ والقلم نور ساطع وذلك قوله : ( ن والقلم وما يسطرون (1)) قال : صدقت يا محمد ، قال : فأخبرني وما طوله وما عرضه وما مداده وأين مجراه ؟ قال : طول القلم خمس مائة سنة وعرضه مسيرة ثمانين سنة له ثمانون سنا يخرج المداد من بين أسنانه يجرى في اللوح المحفوظ بأمر الله وسلطانه ، قال : صدقت يا محمد فأخبرني عن اللوح المحفوظ مما هو ؟ قال : من زمردة خضراء ، أجوافه اللؤلؤ ، بطانته الرحمة ، قال : صدقت يا محمد ، قال : فأخبرني كم لحظة لرب العالمين في اللوح المحفوظ في كل يوم وليلة ؟ قال : ثلاثمائة وستون لحظة (2) [ يمضى ويرفع ]......... (3) قال : خمسة حبات.
  قال : وما كان صفة حبة؟ قال : كان بمنزلة البيض الكبار.
  قال : الحبة التي بقيت من آدم ما صنع بها ؟ قال : انزلت مع آدم من الجنة وفركت ست مائة قطعة ، فزرع تلك الحبة فنسل البر والحبوب كلها من تلك الحبة وبزر القطاع.
  قال : فأين هبط آدم ؟ قال : بالهند ، قال : حواء ؟ قال : بجدة ، قال : إبليس ؟ قال : باصفهان والحية بسقطرى ، (4) قال : فما كان لباس آدم حيث انزل من الجنة ؟ قال : ثلاث ورقات من ورق الجنة كان متزرا بواحدة ومرتديا بالاخرى ومعتما بالثالث.
  قال : فما كان لباس

------------------------------------
(1) القلم : 2.
(2) نقل المجلسى ـ رحمه الله ـ في المجلد الرابع عشر من البحار ص 90 هذه القطعة من الكتاب اعنى من قوله : ( قال : فاخبرنى ما خلق الله بعد ذلك ؟ قال ن والقلم ) إلى هنا.
(3) هكذا بياض في النسختين ومن هنا إلى قوله : ( فأين هبط آدم ) مسقوط في البحار ج 4 ص 91 واما في ج 14 ص 346 موجود لكن لا يسعنا تصحيحه وان عثرنا على الحديث موافقا لما في الكتاب نورده بتمامه في آخر الكتاب.
(4) سقطرى ـ بضمتين وطاء ساكنة وراء والف مقصورة ويروى بالمد ـ : جزيرة عظيمة كبيرة فيها عدة قرى ومدن يناوح عدن جنوبية وهى إلى بر العرب أقرب من بر الهند والسالك إلى بلاد الزنج يمر عليها واكثر أهلها نصارى عرب ، يجلب منها الصبر ودم الاخوين وهو صمغ شجر لا يوجد الا في هذه الجزيرة ويسمونه القاطر، قيل : طولها ثمانون فرسخا.

الاختصاص _ 50 _
  حواء؟ قال : شعرها كان يبلغ الارض ، قال : فأين اجتمعا ؟ قال : بعرفات ، قال : صدقت يا محمد.
  قال فأخبرني عن أول ركن وضع الله تعالى في الارض : قال : الركن الذي بمكة وذلك قوله في القرآن : ( إن أول بيت وضع للناس للذي بمكة مباركا ) (1) قال : صدقت يا محمد.
  قال : فأخبرني عن آدم خلق من حواء أو حواء خلقت من آدم ؟ قال : بل خلقت حواء من آدم ولو أن آدم خلق من حواء لكان الطلاق بيد النساء ولم يكن بيد الرجال ، قال : من كله أو من بعضه؟ قال : بل من بعضه ولو خلقت حواء من كله لجاز القضاء في النساء كما يجوز في الرجال ، قال : فمن ظاهره أو من باطنه ؟ قال بل من باطنه ولو خلقت من ظاهره لكشفت النساء عما ينكشف الرجال فلذلك النساء مستترات ، قال : من يمينه أو من شماله ؟ قال بل من شماله ولو خلقت من يمينه لكان حظ الذكر والانثى واحدا فلذلك للذكر سهمان وللانثى سهم وشهادة امرأتين برجل واحد ، قال : فمن أي موضع خلقت من آدم ؟ قال : من ضلعه الايسر.
  قال : من سكن الارض قبل آدم ؟ قال : الجن ، قال : وقبل الجن ؟ قال : الملائكة قال : وقبل الملائكة ؟ (2) قال : آدم ، قال : فكم كان بين الجن وبين الملائكة ؟ قال : سبعة آلاف سنة ، قال : فبين الملائكة وبين آدم ؟ قال : ألفي ألف سنة ، قال : صدقت يا محمد.
  قال : فأخبرني عن آدم حج البيت ؟ قال : نعم ، قال : من حلق رأس آدم ، قال : جبرئيل قال : من ختن آدم ؟ قال : اختتن بنفسه ، قال : ومن اختتن بعد آدم ؟ قال :

------------------------------------
(1) آل عمران : 96.
(2) في بعض النسخ وفى البحار [قال : وبعد الجن ؟ قال : الملائكة ، قال وبعد الملائكة ؟ قال : آدم ] وما في المتن أصح وان كان المعنى على النسختين واحد والخبر يدل على كون الارض مسكنا لبنى آدم قبل الملائكة ويؤيده قول الملائكة حيث قال الله تعالى ( اذ قال ربك للملائكة إنى جاعل في الارض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء الاية ) لانه يعلم منه أن الملائكة عالمون بكيفية سلوك بنى آدم في الارض وافسادهم فيها وهذا لا يمكن الا أن يسبقوا الملائكة و ان كانوا من نسل آدم اخرى غير أبونا.