عن الحسن بن علي ( عليه السلام ) أنه وقد على معاوية ، فلما خرج تبعه بعض حجابه وقال : إني رجل ذو مال ولا يولد لي فعلمني شيئا لعل الله يرزقني ولدا ؟ فقال : عليك بالاستغفار ، فكان يكثر الاستغفار حتى ربما استغفر في اليوم سبعمائة مرة ، فولد له عشرة بنين ، فبلغ ذلك معاوية فقال : هلا سألته مم قال ذلك ؟ فوفده وفدة اخرى [ على معاوية ] فسأله الرجل ، فقال : ألم تسمع قول الله عز إسمه في قصة هود ( عليه السلام ) ( ويزدكم قوة إلى قوتكم ) (1) ، وفي قصة نوح ( عليه السلام ) ( ويمددكم بأموال وبنين ) (2) .

الفصل السابع : ( في العقيقة وما يتعلق بها )
  عن عمر بن يزيد ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : سمعته يقول : كل امرئ يوم القيامة مرتهن بعقيقته ، والعقيقة أوجب من الاضحية.
  وعنه ( عليه السلام ) قال : كل إنسان مرتهن بالفطرة ، وكل مولود مرتهن بالعقيقة وأيضا عن عمر بن يزيد ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : قلت له : إني والله ما أدري أكان أبي عق عني أم لا ؟ فأمرني ، فعققت عن نفسي وأنا شيخ .
  عن علي بن أبي حمزة ، عن العبد الصالح ( عليه السلام ) (3) قال : العقيقة واجبة إذا ولد للرجل ولد ، فإن أحب أن يسميه في يومه فليفعل .
  عن الصادق ( عليه السلام ) قال : العقيقة لازمة لمن كان غنيا ، ومن كان فقيرا إذا أيسر فعل ، فإن لم يقدر على ذلك فليس عليه وإن لم يعق عنه حتى ضحى عنه فقد أجزأته الاضحية ، وكل مولود مرتهن بعقيقته .
  وقال ( عليه السلام ) في العقيقة : يذبح عنه كبش ، فإن لم يوجد كبش أجزأ ما يجزئ

---------------------------
(1) سورة هود : آية 55 .
(2) سورة نوح : آية 11 .
(3) هو لقب الامام موسى الكاظم ( عليه السلام ) ، والظاهر أن المراد بالوجوب اللزوم ، وراوي الحديث مشترك بين إبن أبي حمزة البطائني الذي روى عن الصادق والكاظم ( عليهما السلام ) ، الذي كان واقفي المذهب وضعيف جدا ، وابن أبي حمزة الثمالي الموثق ، والظاهر أنه هو علي بن أبي حمزة البطائني .

مكارم الأخلاق _ 227 _

  في الاضحية وإلا فحمل ، أعظم ما يكون من حملان السنة (1) .
  وعنه ( عليه السلام ) سئل عن العقيقة ؟ قال : شاة او بقرة او بدنة (2) ، يم يسمى ويحلق رأس المولود يوم السابع ويتصدق بوزن شعره ذهبا أو فضة ، فإن كان ذكرا عق عنه ذكرا وإن كانت انثى عق عنه انثى.
  وعق أبوطالب عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يوم السابع فدعا آل أبي طالب ، فقالوا : ما هذه ؟ فقال : عقيقة أحمد ، قالوا : لاي شيء سميته أحمد ؟ فقال : ليحمده أهل السماء والارض.
  عن الصادق ( عليه السلام ) قال : يعطى للقابلة ربعها ، فإن لم تكن قابلة فلامه تعطيها من شاءت وتطعم منها عشرة من المسلمين ، فإن زاد فهو أفضل.
  وعنه ( عليه السلام ) قال : إذا أردت أن تذبح العقيقة فقل : ( يا قوم إني برئ مما تشركون إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والارض حنيفا وما أنا من المشركين ، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين ) (3) ، اللهم منك وإليك بسم الله والله أكبر ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، تقبل من فلان بن فلان ويسمى المولود باسمه ، ثم يذبح [ باسم الله ] .
  من كتاب طب الائمة ، عن الصادق ( عليه السلام ) قال : يسمى الصبي يوم السابع ويحلق رأسه ويتصدق بزنة الشعر فضة ويعق عنه بكبش فحل ويقطع أعضاء ويطبخ ويدعي عليه رهط من المسلمين ، فإن لم يطبخه فلا بأس أن يتصدق به أعضاء، والغلام والجارية في ذلك سواء ، ولا يأكل من العقيقة الرجل ولا عياله ، وللقابلة رجل العقيقة ، وإن كانت القابلة أم الرجل أو في عياله فليس لها منها شيء ، فإن شاء قسمها أعضاء وإن شاء طبخها وقسم معها خبزا ومرقا ولا يعطيها إلا لاهل الولاية.
  وعنه ( عليه السلام ) قال : المولود إذا ولد يؤذن في أذنه اليمنى ويقام في اليسرى.

---------------------------
(1) الحمل ـ بالتحريك ـ : الخروف ، وقيل : هو الجذع من أولاد الضأن ، والجمع : حملان وأحمال .
(2) البدنة ـ كقصبة ـ : تقع على الجمل والناقة والبقرة عند أهل اللغة ، سميت بذلك لعظم بدنها وسمنها .
(3) سورة الانعام : آيات 78 و 79 و 163 .

مكارم الأخلاق _ 228 _

  وقال ( عليه السلام ) : من لم يأكل اللحم أربعين يوما ساء خلقه ومن ساء خلقه فأذنوا في أذنه.
  من كتاب الاداب لمولاي أبي طاب ثراه ، عن الباقر ( عليه السلام ) قال : إذا ولد لاحدكم ولد فكان يوم السابع فليعق عنه كبشا وليطعم القابلة من العقيقة الرجل بالورك ، وليحنكه بماء الفرات ، وليؤذن في أذنه اليمنى وليقم في اليسرى ، ويسميه يوم السابع ، ويحلق رأسه ويوزن شعره فيتصدق بوزنه فضة أو ذهبا ، فإن الله ينزل اسمه من السماء ، فإذا ذبحت فقل : بسم الله وبالله والحمد لله والله أكبر إيمانا بالله وثناء على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وشكرا لرزق الله وعصمة بأمر الله ومعرفة بفضله علينا أهل البيت ، فإن كان ذكرا فقل : اللهم أنت وهبت لنا ذكرا وأنت أعلم بما وهبت ، ومنك ما أعطيت ولك ما صنعنا فتقبله منا على سنتك وسنة رسولك ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وأخسئ عنا الشيطان الرجيم ، لك سفكت الدماء لا شريك لك ، الحمد لله رب العالمين.
  عن أبي عبد الله ، عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : عق رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن الحسن والحسين ( عليهما السلام ) كبشا يوم سابعهما وقطعه أعضاء ولم يكسر منه عظما وأمر فطبخ بماء وملح وأكلوا عنه بغير خبز وأطعموا الجيران.
  وقال ( عليه السلام ) : سبع خصال في الصبي إذا ولد من السنة : أولاهن يسمى ، والثانية يحلق رأسه ، والثالثة يتصدق بوزن شعره ورقا (1) أو ذهبا إن قدر عليه ، والرابعة يعق عنه ، والخامسة يلطخ رأسه بالزعفران ، والسادسة يطهر بالختان ، والسابعة يطعم الجيران من عقيقته .
  وقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يا فاطمة اثقبي أذني الحسن والحسين عليهما السلام خلافا لليهود .
  وروي عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه أمر فاطمة عليها السلام أن تحلق رأس الحسن والحسين عليهما السلام يوم سابعهما وأن تتصدق بوزن شعرهما ورقا .
  وفي الحديث أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أذن في أذن الحسن بن علي عليهما السلام حين ولدته فاطمة ( عليها السلام ) .
  من كتاب المحاسن كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا بشر بولد لم يسأل أذكر

---------------------------
(1) الورق : الدراهم المضروبة .

مكارم الأخلاق _ 229 _

  هو أم أنثى ، بل يقول : أسوي ؟ فإذا كان سويا قال : الحمد لله الذي لم يخلقه مشوها.
  سئل عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) : ما الحكمة في حلق رأس المولود ؟ قال : تطهيره من شعر الرحم .
  وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر ( عليهما السلام ) : عن مولود لم يحلق رأسه يوم السابع ؟ فقال : إذا مضى سبعة أيام فليس عليه حلق .
  من نوادر الحكمة ، عن الصادق ( عليه السلام ) قال : حنكوا (1) أولادكم بماء الفرات وبتربة قبر الحسين ( عليه السلام ) ، فإن لم يكن فبماء السماء .
  عنه ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهم السلام أنه قال : حنكوا أولادكم بالتمر ، هكذا فعل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالحسن والحسين ( عليهما السلام ) .

الفصل الثامن : ( في الختان وما يتعلق به )
  عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : الختان سنة للرجال ، مكرمة للنساء .
 وكتب عبد الله بن جعفر الحميري إلى أبي محمد الحسن بن علي ( عليهما السلام ) أنه روي عن الصالحين : أن اختنوا أولادكم يوم السابع يطهروا ، فإن الارض تضج إلى الله من بول الاغلف وليس ـ جعلني الله فداك ـ في حجامي بلدنا حذق بذلك ولا يختنونه يوم السابع وعندنا حجام من اليهود فهل يجوز لليهود أن يختنوا أولاد المسلمين أم لا ؟
  قال : فوقع ( عليه السلام ) يوم السابع ، فلا تخالفوا السنن إن شاء الله.
  عن الصادق ( عليه السلام ) في الصبي إذا ختن قال : يقول : اللهم هذه سنتك وسنة نبيك صلواتك عليه وآله واتباع لمثالك وكتبك ولنبيك بمشيتك وإرادتك وقضائك ، لامر أردته وقضاء حتمته وأمر أنفذته ، فأذقته حر الحديد في ختانه وحجامته لامر أنت أعرف به منا ، اللهم فطهره من الذنوب وزد في عمره وادفع الافات عن بدنه والاوجاع عن جسمه وزده من الغنى وادفع عنه الفقر فإنك تعلم ولا نعلم .
  وعنه ( عليه السلام ) قال : أي رجل لم يقلها على ختان ولده فليقلها عليه من قبل أن يحتلم ، فإن قالها كفى حر الحديد من قتل أو غيره .

---------------------------
(1) حنكت الصبي : مضغته فدلكت بحنكه .

مكارم الأخلاق _ 230 _

  عن موسى بن جعفر عليهما السلام قال لما ولد ابنه الرضا ( عليه السلام ) : إن ابني هذا ولد مختونا طاهرا مطهرا ولكنا سنمر الموسى عليه لاصابة السنة وابتاع الحنيفية.
  من طب الائمة ، عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : اختنوا أولادكم في السابع ، فإنه أطهر وأسرع لنبات اللحم ، فقال : إن الارض تنجس ببول الاغلف أربعين يوما.
  عن الصادق ( عليه السلام ) قال : ثقب أذن الغلام من السنة ، وختانه لسبعة أيام من السنة ، وخفض النساء مكرمة وليست من السنة ، وأي شيء أكرم من المكرمة.
  ومن تهذيب الاحكام ، عن الصادق ( عليه السلام ) قال : لما هاجرت النساء إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) هاجرت فيهن امرأة يقال لها : أم حبيبة ، وكانت خافضة تخفض الجواري ، فلما رآها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال لها : يا أم حبيبة العمل الذي كان في يدك هو في يدك اليوم ؟ قالت : نعم يا رسول الله إلا أن يكون حراما فتنهاني عنه ، قال : لا ، بل هو حلال فادني مني حتى أعلمك ، فدنت منه فقال : يا أم حبيبة إذا أنت فعلت فلا تنهكي أي لا تستأصلي وأشمي (1) ، فإنه أشرق للوجه وأحظى عند الزوج ، قال : فكانت لام حبيبة أخت يقال لها : ام عطية ، وكانت مقينة يعني ماشطة ، فلما انصرفت ام حبيبة إلى اختها أخبرتها بما قال لها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فأقبلت أم عطية إلي النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فأخبرته بما قالت لها اختها ، فقال لها : ادني مني يا ام عطية إذا أنت قينت الجارية (2) فلا تغسلي وجهها بالخرقة ، فإن الخرقة تذهب بماء الوجه .

الفصل التاسع : ( في هنات (3) تتعلق بالنساء )
  كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا أراد الحرب دعا نساءه فاستشارهن ثم خالفهن .
  وشكا رجل من أصحاب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) نساءه ، فقام ( عليه السلام ) خطيبا ،

---------------------------
(1) النهك : المبالغة في كل شيء ، وأشمت الخافضة البظر أي أخذت منها قليلا .
(2) أي زينت الجارية ، يقال : قينه أي زينه .
(3) الهن ـ بتخفيف النون وقد تشدد ـ : كناية عن كل اسم جنس ومعناه شيء ولامها محذوفة فتجري الاعراب على الحروف والانثى هنة وجمعها هنوات وربما جمعت هنات .

مكارم الأخلاق _ 231 _

  فقال : معاشر الناس لا تطيعوا النساء على حال ولا تأمنوهن على مال ولا تذروهن يدبرن أمر العيال (1) فإنهن إن تركن وما أردن أوردن المهالك وعدون أمر المالك ، فإنا وجدناهن لا ورع لهن عند حاجتهن ، ولا صبر لهن عند شهوتهن ، البذخ لهن لازم وإن كبرن ، والعجب بهن لاحق وإن عجزن ، لا يشكرن الكثير إذا منعن القليل ، ينسين الخير ويحفظن الشر ، يتهافتن بالبهتان ويتمادين في الطغيان ويتصدين للشيطان ، فبروهن على كل حال ، وأحسنوا لهن المقال لعلهن يحسن الفعال.
  وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : طاعة المرأة ندامة ، ونهى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن أن تركب السرج الفرج : يعني المرأة تركب بسرج .
  عن علي ( عليه السلام ) قال : لا تحملوا الفروج على السروج فتهيجوهن .
  من كتاب اللباس ، عن أبي عبد الله ، عن أبيه ( عليهما السلام ) قال : ذكر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) النساء ، فقال : عظوهن بالمعروف قبل أن يأمرنكم بالمنكر ، وتعوذوا بالله من شرارهن وكونوا من خيارهن على حذر .
  عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : لا تشاوروهن في النجوى ولا تطيعوهن في ذي قرابة ، إن المرأة إذا كبرت ذهب خير شطريها وبقي شرهما : ذهب جمالها وعقم رحمها واحتد لسانها ، وإن الرجل إذا كبر ذهب شر شطريه وبقي خيرهما : ثبت عقله واستحكم رأيه وقل جهله .
  وقال علي ( عليه السلام ) : كل امرئ تدبره امرأته فهو ملعون ، وقال ( عليه السلام ) : في خلافهن البركة عن أبي عبد الله ، عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من أطاع امرأته أكبه الله عليه وجهه في النار ، قيل : وما تلك الطاعة ؟ قال : تطلب منه الذهاب إلى الحمامات والعرائس والاعياد والنائحات والثياب الرقاق فيجيبها .
  عن أبي جعفر عليه السلام قال : لا تخرج المرأة إلى الجنازة ولا تؤم الخروج إلى الخلية من النساء فأما الابكار فلا .
  وعن الصادق ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لا تسكنوا النساء الغرف .

---------------------------
(1) العيال ـ بالكسر ـ : جمع عيل ـ كسيد ـ : أهل البيت ، الذين تجب نفقتهم ذكرا كان أو انثى.

مكارم الأخلاق _ 232 _

  ولا تعلموهن الكتابة ، ومروهن بالغزل ، وعلموهن سورة النور.
  وقال ( عليه السلام ) : لا تجلس المرأة بين يدي الخصي مكشوفة الرأس.
  وعنه ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لا يباشر الرجل الرجل إلا وبينهما ثوب ، ولا تباشر المرأة المرأة إلا وبينهما ثوب ، ولعن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) المخنثين قال : أخرجوهم من بيوتكم .
  وعنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : لا تبيت المرأتان في ثوب واحد إلا أن تضطرا إليه .
  وعن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : السحق في النساء بمنزلة اللواط في الرجال ، فمن فعل من ذلك شيئا فاقتلوها ثم اقتلوها .
  وعنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : لا ينام الرجلان في لحاف واحد إلا أن يضطرا ، فينام كل واحد منهما في إزاره ويكون اللحاف بعد واحدا ، والمرأتان جميعا كذلك ، ولا تنام ابنه الرجل معه في لحاف ولا أمه .
  من كتاب المحاسن ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) في قوله جل ثناؤه إلا ما ظهر منها (1) قال : الوجه والذراعان ، وعنه ( عليه السلام ) أيضا في قوله عزوجل ( إلا ما ظهر منها ) قال : الزينة الظاهرة : الكحل والخاتم ، وفي رواية أخرى قال : الخاتم والمسكة وهو الذي يظهر من الزينة ، ولا يبدين زينتهن القلائد والقرطة والدماليج والخلاخيل (2) .
  قال : المسكة قي القلب (3) ، المسك : السوار من الذبل (4) [ والمسك : السوار ] ويقال : واحدته مسكة .
عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) في قوله عزوجل ( ولا يعصينك في معروف ) (5) قال :
---------------------------
(1) سورة النور : آية 31 .
(2) القلادة ـ بالكسر ـ : ما جعل في العنق من الحلى ، والجمع قلائد ، والقرطة ـ بالكسر فالفتح ـ : جمع قرط ، بالضم : ما يعلق في شحمة الاذن، والدماليج : جمع دملوج ، بالضم : ما يلبس في المعصم من الحلى.
(3) المسك ـ بالتحريك ـ : الخلاخل وأسورة من ذبل أو عاج ، والقلب ـ بالضم ـ : سوار للمرأة .
(4) الذبل ـ بالفتح ـ : جلد السلحفاة أو عظام ظهر دابة بحرية يتخذ منها الاسورة والامشاط .
(5) سورة الممتحنة : آية 12 .

مكارم الأخلاق _ 233 _

  لمعروف أن لا يشققن جيبا ولا يلطمن وجها ولا يدعون ويلا ولا ينحن عند قبر ولا يسودن ثوبا ولا ينشرن شعرا .
  وعنه ( عليه السلام ) قال : أخذ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على النساء أن لا ينحن ولا يخمشن ولا يقعدن مع الرجال في الخلاء.
  وعنه ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في الحديث الذي قالته فاطمة ( عليها السلام ) : خير النساء أن لايرين الرجال ولا يراهن الرجال ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إنها مني .
  عن ام سلمة قالت : كنت عند النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعنده ميمونة ، فأقبل ابن ام مكتوم وذلك بعد أن أمر بالحجاب ، فقال : احتجبا ، فقلنا : يا رسول الله ، أليس أعمى لا يبصرنا ؟ فقال : أفعمياوان أنتما ، ألستما تبصرانه .

الفصل العاشر : ( في نوادر النكاح )
  عن الصادق ( عليه السلام ) قال : انصرف رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من سرية كان اصيب فيها كثير من المسلمين ، فاستقبلته النساء يسألن عن قتلاهن ، فدنت منهن امرأة فقالت : يا رسول الله ما فعل فلان ؟ قال : وما هو منك ؟ فقالت : أخي ، فقال : أحمدي الله واسترجعي فقد استشهد ، ففعلت ذلك ثم قالت : يا رسول الله ما فعل فلان ؟ فقال : وما هو منك ؟ قالت : زوجي ، قال : احمدي الله واسترجعي فقد استشهد ، فقالت : واذلاه ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ما كنت أظن أن المرأة تجد بزوجها [ هذا كله ] حتى رأيت هذه المرأة .
  وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : صلاة المرأة وحدها في بيتها كفضل صلاتها في الجامع خمسا وعشرين درجة .
  وعنه ( عليه السلام ) قال : إن الله تبارك وتعالى خص رسوله بمكارم الاخلاق ، فامتحنوا أنفسكم ، فإن كان فيكم منها شيء فاحمدوا الله عزوجل وارغبوا إليه في الزيادة منها ، وذكر منها عشرة : اليقين والقناعة والصبر والشكر والحلم وحسن الخلق والسخاء والغيرة والشجاعة والمروة .

مكارم الأخلاق _ 234 _

  وعنه ( عليه السلام ) فتذاكروا الشؤم عنده ، فقال ( عليه السلام ) : الشؤم في الثلاثة : المرأة والدابة والدار ، فأما شؤم المرأة فكثرة مهرها وعقوق زوجها ، وأما الدابة فسوء خلقها ومنعها ظهرها ، وأما الدار فضيق ساحتها وشر جيرانها وكثرة عيوبها.
  وعنه ( عليه السلام ) قال : قيل لعيسى بن مريم ( عليها السلام ) : ما لك لا تتزوج ؟ قال : وما أصنع بالتزوج ؟ قالوا : يولد لك ، قال : وما أصنع بالاولاد ، إن عاشوا فتنوا وإن ماتوا أحزنوا .
  عن زيد بن علي ، عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : ذكر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الجهاد ، فقالت امرأة : يا رسول الله ما للنساء من هذا شيء ؟ فقال : بلى ، للمرأة ما بين حملها إلى وضعها ثم إلى فطامها من الاجر كالمرابط في سبيل الله ، فإن هلكت فيما بين ذلك كان لها مثل منزلة الشهيد .
  عن الباقر ( عليه السلام ) قال : كان علي بن الحسين ( عليهما السلام ) إذا حضرت ولادة المرأة قال : أخرجوا من في البيت من النساء ، لا تكون المرأة أول ناظر إلى عورته.
  عن معاذ (1) ، عن الصادق ، عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إن الله تبارك وتعالى كره لكم أيتها الامة نيفا وعشرين خصلة ونهاكم عنها : كره لكم العبث في الصلاة ، وكره المن في الصلات ، وكره الضحك بين القبور ، وكره التطلع في الدور ، وكره النظر إلى فروج النساء وقال : يورث العمى ، وكره الكلام عند الجماع وقال : يورث الخرس ، وكره النوم قبل العشاء الاخرة ، وكره الحديث بعد العشاء الاخرة ، وكره الغسل تحت السماء بغير مئزر ، وكره المجامعة تحت السماء .
  وكره دخول الانهار إلا بمئزر وقال : في الانهار عمار وسكان من الملائكة. وكره دخول الحمامات إلا بمئزر ، وكره الكلام بين الاذان والاقامة في صلاة الغداة حتى تقضى الصلاة ، وكره ركوب البحر في هيجانه ، وكره النوم فوق سطح ليس بمحجر وقال : من نام على سطح غير محجر برئت منه الذمة ، وكره أن ينام الرجل وحده .
  وكره أن يغشى امرأته وهي حائض ، فإن غشيها فخرج الولد مجذوما أو أبرص فلا يلومن إلا نفسه ، وكره أن يغشى الرجل المرأة وقد احتلم حتى يغتسل من إحتلامه

---------------------------
(1) ولعل هو معاذ بن كثير الكسائي الكوفي ، المعروف بمعاذ بياع الاكيسة أو بياع الكرابيس ، كان من شيوخ أصحاب الصادق ( عليه السلام ) ومن خواصه وثقاته .

مكارم الأخلاق _ 235 _

  الذي رأى ، فإن فعل وخرج الولد مجذوما فلا يلومن إلا نفسه ، وكره أن يتكلم الرجل مجذوما إلا وبينهما قدر ذراع وقال : فر من المجذوم كفرارك من الاسد ، وكره البول على شاطئ نهر جار ، وكره أن يحدث الرجل تحت شجرة قد أينعت أو نخلة قد أينعت ـ يعني أثمرت ـ ، وكره أن ينتعل الرجل وهو قائم ، وكره أن يدخل البيت المظلم إلا أن يكون بين يديه سراج أو نار ، وكره النفخ في الصلاة.
  عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : أكثر أهل الجنة من المستضعفين النساء ، علم الله ضعفهن فرحمهن .
  عن إسحاق بن عمار قال : قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) : أينظر المملوك إلى شعر مولاته ؟ قال : نعم ، وإلى ساقها .
  من كتاب مجمع البيان ، عن الصادق ( عليه السلام ) قال : دخل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على فاطمة عليها السلام وعليها كساء من ثلة الابل وهي تطحن بيدها وترضع ولدها ، فدمعت عينا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لما أبصرها ، فقال : يا بنتاه تعجلي مرارة الدنيا بحلاوة الاخرة فقد أنزل الله علي ( ولسوف يعطيك ربك فترضى ) (1) ، الثلة : الصوف والوبر ، عن الزهري (2) .
  من كتاب اللباس ، عن محمد بن إسحاق ، عن الرضا ( عليه السلام ) قال : قلت له : أيجوز للرجل الخصي أن يدخل على نسائنا يناولهن الوضوء فيرى من شعورهن ؟ قال : لا .
  وكان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يسلم على النساء وكان يكره أن يسلم على الشابة منهن وقال : أتخوف أن يعجبني صوتها فيدخل علي من الاثم أكثر مما أطلب من الاجر.
  وسأل أبوبصير (3) أبا عبد الله ( عليه السلام ) : هل يصافح الرجل المرأة ليست بذي محرم ؟ قال : لا ، إلا من وراء الثوب .

---------------------------
(1) سورة الضحى : آية 5 .
(2) ولعله هو أبومنصور محمد بن أحمد الازهري الهروي اللغوي صاحب كتاب التهذيب في اللغة وغيره وكان رأسا في اللغة عارفا بالحديث ، ورد بغداد وأسرته القرامطة فسكن البادية وبقي فيهم دهرا طويلا فاستفاد من محاورتهم ألفاظا جمة ونوادر كثيرة ، توفي سنة 37 .
(3) أبوبصير المشهور على ألسنة أصحاب الفن يطلق على جماعة أشهرها : ليث بن البختري ، وعبد الله ابن محمد الاسدي ، وأبومحمد يحيى بن القسم الاسدي ، وهم ثقاة .

مكارم الأخلاق _ 236 _

  وعنه ( عليه السلام ) سأله الساباطي (1) عن النساء : كيف يسلمن إذا دخلن على القوم ؟ قال : المرأة تقول : ( عليكم السلام ) ، والرجل يقول : ( السلام عليكم ) .
  وعنه ، عن علي ( عليهما السلام ) قال : ما كثر شعر رجل قط إلا قلت شهوته.
  عن محمد بن إسحاق قال : قال لي أبوجعفر ( عليه السلام ) : أتدري من أين صار مهور النساء أربعة آلاف درهم ؟ قلت : لا ، قال : إن ام حبيبة بنت أبي سفيان كانت في الحبشة فخطبها النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فساق عنه النجاشي أربعة آلاف درهم ، فمن ثم هؤلاء يأخذون به ، فأما الاصل فاثنتا عشرة أوقية ونش (2).
  عن السكوني بإسناده : إن عليا ( عليه السلام ) مر علي بهيمة وفحل يسفدها على ظهر الطريق (3) فأعرض ( عليه السلام ) بوجهه ، فقيل له : لم فعلت ذلك يا أمير المؤمنين ؟ قال : إنه لا ينبغي أن يصنعوا ما يصنعون وهو من المنكر إلا أن يواروه حيث لا يراه رجل ولا امرأة.
  عن الصادق ( عليه السلام ) قال : من نظر إلى امرأة فرفع بصره إلى السماء أو غمض بصره لم ترتد إليه بصره حتى يزوجه الله من الحور العين.
  وقال ( عليه السلام ) : أول النظرة لك ، والثانية عليك ، والثالثة فيها الهلاك.
  عن الباقر ( عليه السلام ) قال : لا بأس أن ينظر الرجل إلى شعر امه أو اخته او ابنته.
  من صحيفة الرضا ، عن آبائه ، عن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) قال : للمرأة عشر عورات إذا تزوجت سترت عورة [ واحدة ] وإذا ماتت سترت عوراتها كلها .

---------------------------
(1) هو إسحاق بن عمار ، له أصل وكان فطحي إلا أنه ثقة وأصله معتمد عليه ، روى عن الصادق والكاظم ( عليهما السلام ).
(2) النش : النصف من كل شيء ، والاوقية : جزء من أجزاء الرطل ، وأم حبيبة هي رملة بنت أبي سفيان القرشية الاموية وإنما كنيت بابنتها حبيبة بنت عبيدالله بن جحمش ، إنها أسلمت بمكة قديما وهاجرت إلى الحبشة مع زوجها عبيدالله بن جحمش الاسدي وتنصر هو بالحبشة ومات بها ، وأبت ام حبيبة أن تتنصر وتثبت على إسلامها فزوجها رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) هي بالحبشة في سنة ست وماتت سنة أربع وأربعين .
(3) سفد الذكر أنثاه سفادا ـ بالكسر ـ : جامعها ، والسكوني : لقب إسماعيل بن أبي زياد مسلم السكوني الكوفي ، قاضي الموصل من أصحاب الصادق ( عليه السلام ) .

مكارم الأخلاق _ 237 _

  من كتاب المحاسن ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : قال موسى ( عليه السلام ) : يا رب أي الاعمال أفضل عندك ؟ قال : حب الاطفال ، فإني فطرتهم على توحيدي فإن أمتهم أدخلتهم جنتي برحمتي .
  من كتاب المحاسن ، عن الصادق عليه السلام قال : أقذر الذنوب ثلاثة : قتل البهيمة وحبس مهر المرأة ومنع الاجير أجره .
  من كتاب نوادر الحكمة ، عن علي ( عليه السلام ) قال : لا تغالوا في مهور النساء فيكون عداوة .
  عن ابن أبي يعفور (1) ، عن الصادق ( عليه السلام ) قال : قلت إني أردت أن أتزوج امرأة وإن أبوي أراد غيرها ، قال : تزوج الذي هويت ودع التي هوى أبواك.
  وعنه ، عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من من امرأة تصدقت على زوجها بمهرها قبل أن يدخل بها إلا كتب الله لها بكل دينار عتق رقبة ، قيل : يا رسول الله فكيف الهمة بعد الدخول ؟ فقال : إنما ذلك من المودة والالفة .
  عن الحسين بن المختار يرفعه قال : إن سلمان رضي الله عنه تزوج امرأة غنية فدخل فإذا البيت فيه الفرش ، فقال رضي الله عنه : إن بيتكم لحرم أو قد تحولت فيه الكعبة ، قال : فإذا جارية مختمة ، فقال : لمن هذه ؟ فقالوا لفلانة امرأتك ، قال : من اتخذ جارية لا يأتيها ثم أتت محرما كان وزر ذلك عليه .
  عن الصادق ( عليه السلام ) قال : من اتخذ جارية فليأتها في كل أربعين يوما مرة .
  وعنه ( عليه السلام ) قال : إذا أتى الرجل جارية ثم أراد أن يأتي الاخرى توضأ .
  وعنه ، عن أبيه ( عليهما السلام ) قال : إن عليا ( عليه السلام ) كان يقول : لا تسترضعوا الحمقاء ، فإن اللبن يغلب الطباع وقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لا تسترضعوا الحمقاء ، فإن الولد يشب عليه .
  من كتاب الفردوس ، عن عمرو بن أبي سلمة (2) قال : قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إن الله

---------------------------
(1) هو أبومحمد عبد الله بن أبي يعفور واقد العبدي الكوفي من أصحاب الصادق ( عليه السلام ) وكريم عليه ومات في أيامه ، ثقة جليل في أصحابنا وكان قارئا يقرأ في مسجد الكوفة وله كتاب ، وكان من حواري الصادقين ( عليهما السلام ) .
(2) كان بن أبي سلمة ربيب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وكان من أصحابه وأصحاب علي ( عليه السلام ) وولاه البحرين وقتل معه بصفين .

مكارم الأخلاق _ 238 _

  عزوجل قسم الحياة عشرة أقسام ، فجعل للنساء تسعة وللرجال واحدة ولولا ذلك لتساقطن تحت ذكوركم كما تتساقط البهائم ذكورها .
  قال ( عليه السلام ) : إن للمرأة في حملها إلى وضعها إلى فصالها من الاجر كالمرابط (1) في سبيل الله ، فإن هلكت فيما بين ذلك فلها أجر شهيد .
  وقال ( عليه السلام ) : إن للمخنثين أرحاما كأرحام النساء إلا أنها منكوسة .
  وقال ( عليه السلام ) : إذا ولدت المرأة فليكن أول ما تأكل الرطب ، فإن لم يكن رطب فتمر فإنه لو كان شيء أفضل منه أطعمه الله مريم عليها السلام حين ولدت عيسى ( عليه السلام ).
  عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لا تزنوا فيذهب الله لذة نسائكم من أجوافكم ، وعفوا تعف نساؤكم. إن بني فلان زنوا فزنت نساؤهم .
  وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لا يحل لامرأة أن تنام حتى تعرض نفسها على زوجها ، تخلع ثيابها وتدخل معه في لحافه فتلزق جلدها بجلده ، فإذا فعلت ذلك فقد عرضت نفسها .
  عن الصادق ( عليه السلام ) قال : حرم الله على كل ذي دبر مستنكح الجلوس على استبرق الجنة.
  وقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من قبل غلاما بشهوة ألجمه الله يوم القيامة بلجام من النار .
  وعن علي ( عليه السلام ) قال : من أمكن من نفسه طائعا يلعب به ألقى الله عليه شهوة النساء .
  عن الصادق ( عليه السلام ) قال : إن الله تعالى جعل شهوة المؤمن في صلبه وجعل شهوة الكافر في دبره .
  وعنه ( عليه السلام ) قال : من زوج كريمته من شارب الخمر فقد قطع رحمه .
  من الفردوس قال ( عليه السلام ) : المغزل في يد المرأة الصالحة كالرمح في يد الغازي المريد وجه الله.
  وقال ( عليه السلام ) : مروا نساءكم بالغزل ، فإنه خير لهن وأزين .
  عن أنس قال : قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لا يفعلن أحدكم أمرا حتى يستشير ، فإن لم يجد من يستشير فليستشير امرأته ثم يخالفها ، فإن في خلافها بركة .

---------------------------
(1) المرابط : المجاهد ، وأصله المراقبة والملازمة على الامر .

مكارم الأخلاق _ 239 _

  وقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : نعم اللهو المغزل للمرأة الصالحة.
  وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : كان إبراهيم ( عليه السلام ) أبي غيورا وأنا أغير منه ، وأرغم الله أنف من لا يغار من المؤمنين .
  عن الباقر ( عليه السلام ) قال : غيرة النساء الحسد ، والحسد هو أصل الكفر ، إن النساء إذا غرن غضبن وإذا غضبن كفرن إلا المسلمات منهن .
  روي جابر (1) ، عنه ( عليه السلام ) قال : قال ( عليه السلام ) لي : إن الله تبارك وتعالى لم يجعل الغيرة للنساء وإنما جعل الغيرة للرجال ، لان الله قد أحل للرجال أربع حرائر وما ملكت يمينه ولم يحل للمرأة إلا زوجها وحده ، فإن بغت مع زوجها غيره كانت عندالله زانية وإنما تغار من المنكرات ، وأما المؤمنات فلا .
  عن محمد بن إسماعيل بن بزيغ قال : سألت الرضا ( عليه السلام ) عن قناع النساء من الخصبان ؟ فقال : كانوا يدخلون على بنات أبي الحسن ( عليه السلام ) لا يتقنعن ، قلت : وكانوا أحرارا ؟ قال : لا ، قلت : فالاحرار يتقنعن منهم ؟ قال : لا
.
---------------------------
(1) والظاهر هو جابر بن يزيد الجعفي من خواص أصحابهم ( عليهم السلام ).

مكارم الأخلاق ـ 240 ـ

الباب التاسع : ( في آداب السفر وما يتعلق به ، ثمانية فصول )
هذا الباب مختار من كتاب من لا يحضره الفقيه ومن مجموعة في الاداب
لمولاي أبي طول الله عمره [ وغيرهما ]
الفصل الاول
( في السفر والاوقات المحمودة والمذمومة له )

  روى عمر بن أبي المقدام ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال في حكمة آل داود ( عليه السلام ) : أن على العاقل أن لا يكون ظاعنا إلا في ثلاث : تزود لمعاد أو مرمة لمعاش أو لذة في غير محرم .
  قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : سافروا تصحوا ، وجاهدوا تغنموا ، وحجوا تستغنوا .
  وقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : سافروا ، فإنكم إن لم تغنموا مالا أفدتم عقلا .
  وقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) السفر ميزان القوم .
  عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : إذا سبب الله للعبد الرزق في أرض جعل له فيها حاجة .
  عنه ( عليه السلام ) قال : من أراد السفر فليسافر في يوم السبت ، فلو أن حجرا زال عن جبل في يوم السبت لرده الله تعالى إلى مكانه. ومن تعذرت عليه الحوائج فليلتمس طلبها يوم الثلاثاء فإنه اليوم الذي ألان الله فيه الحديد لداود ( عليه السلام ) .
  وروى إبراهيم بن أبي يحيى المدني ، عنه ( عليه السلام ) أنه قال : لا بأس للخروج للسفر ليلة الجمعة.
  عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يسافر يوم الخميس ، وقال : ( عليه السلام ) : يوم الخميس يوم يحبه الله ورسوله وملائكته .

مكارم الأخلاق _ 241 _

  عن أنس قال : كان أحب الايام إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن يسافر فيه يوم الجمعة وكان إذا أراد سفرا لغزو ورى بغيره .
  وكتب بعض البغداديين إلى أبي الحسن الثاني ( عليه السلام ) يسأله عن الخروج يوم الاربعاء لا تدور ؟ فكتب ( عليه السلام ) : من خرج يوم الاربعاء لا تدور خلافا على أهل الطيرة وقي من كل آفة وعوفي من كل عاهة وقضى الله له حاجته .
  وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : عليكم بالسير بالليل ، فإن الارض تطوى بالليل .
  عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : الارض تطوى من آخر الليل.
  وعنه ( عليه السلام ) قال : لا تخرج يوم الجمعة في حاجة ، فإذا كان يوم السبت وطلعت الشمس فاخرج في حاجتك .
  وسأل أبوأيوب الخزاز (1) [ وعبد الله بن سنان ] أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن قول الله عزوجل : ( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الارض وابتغوا من فضل الله ) (2) ؟
  فقال : الصلاة يوم الجمعة والانتشار يوم السبت .
  وعنه ( عليه السلام ) قال : اتق الخروج إلى السفر في اليوم الثالث من الشهر والرابع من الشهر والحادي والعشرين منه والخامس والعشرين منه. ( فإنها أيام منحوسة مروية عن الصادق ( عليه السلام ) .
  وقال ( عليه السلام ) : لا تسافروا يوم الاثنين ولا تطلبوا فيه حاجة .
  من كتاب عيون الاخبار ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم أجمعين قال : يوم السبت يوم مكر وخديعة ، ويوم الاحد يوم غرس وبناء ، ويوم الاثنين يوم سفر وطلب ، ويوم الثلاثاء يوم حرب ودم ، ويوم الاربعاء يوم شؤم يتطير فيه الناس ، ويوم الخميس يوم الدخول على الامراء وقضاء الحوائج ، ويوم الجمعة يوم خطبة ونكاح .

---------------------------
(1) هو إبراهيم بن عثمان الكوفي ، المكنى بأبي أيوب الخزاز ، ثقة كبير المنزلة وله كتاب روى عن الصادق والكاظم ( عليهما السلام ) .
(2) سورة الجمعة آية : 10 ، ( مكارم الاخلاق ـ 16 )

مكارم الأخلاق _ 242 _

  عن أبي أيوب الخزاز قال : أردنا أن نخرج فجثنا نسلم على أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، فقال : كأنكم طلبتم بركة الاثنين ؟ قلنا : نعم ، قال : فأي يوم أعظم شؤما من يوم الاثنين ، فقدنا فيه نبينا واتفع الوحي عنا ، لا تخرجوا يوم الاثنين واخرجوا يوم الثلاثاء .
  وعنه ( عليه السلام ) قال : من سافر أو تزوج والقمر في العقرب لم ير الحسنى .
  روي عن عبد الملك بن أعين قال : قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) : إني قد ابتليت بهذا العلم فاريد الحاجة فإذا نظرت في الطالع ورأيت الطالع الشر جلست ولم أذهب فيها. وإذا رأيت الطالع الخير ذهبت في الحاجة ، فقال لي : تقضي ؟ قلت : نعم ، قال : أحرق كتبك ، وكان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يكره أن يسافر الرجل أو يزوج والقمر في المحاق .
  عن موسى بن جعفر عليهما السلام قال : الشؤم للمسافر في طريقه في ستة : الغراب الناعق عن يمينه. والكلب الناشر لذنبه ، والذئب العاوي الذي يعوي في وجه الرجل وهو مقطع على ذنبه يعوي ثم يرتفع ثم ينخفض ثلاثا (1) ، والظبي السائح من يمين إلى شمال ، والبومة الصارخة ، والمرأة الشمطاء يرى وجهها (2) ، والاتان العضباء يعني الجدعاء (3) ، فمن أوجس في نفسه منهن شيئا فليقل : اعتصمت بك يا رب من شر ما أجد في نفسي فاعصمني من ذلك ، قال : فيعصم من ذلك .
  عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : يكره السفر في شيء من الايام المكروهة ، الاربعاء وغيره ، وقال : افتتح سفرك بالصدقة واقرأ آية الكرسي إذا بدا لك.
  وعنه ( عليه السلام ) قال : قال زين العابدين ( عليه السلام ) : حجوا واعتمروا تصح أبدانكم وتتسع أرزاقكم وتكفوا مؤناتكم ومؤنات عيالكم.
  وعنه ( عليه السلام ) قال : لو حج رجل ماشيا فقرأ إنا أنزلناه ما وجد ألم المشي.
  وقال ( عليه السلام ) : من يقرأ أحد إنا أنزلناه حين يركب دابته إلا نزل منها سالما مغفورا له ، ولقارئها أثقل على الدواب من الحديد ، وأن البعير إذا حج عليه سبع حجات صير من نعم الجنة .

---------------------------
(1) العواء : صوت السباع من الذئب وغيره ، وأقعى الذئب : جلس على إسته وألصق إليته بالارض ونصب ساقيه .
(2) الشمطاء : المرأة التي بياض شعر رأسها يخالط سوادها .
(3) الاتان : الحمارة ، والعضباء والجدعاء : المقطوعة الاذن أو الانف .

مكارم الأخلاق _ 243 _

  قال أبوجعفر ( عليه السلام ) : لو كان شيء يسبق القدر لقلت : إن قارئ إنا ( أنزلناه ) حين يسافر أو يخرج من منزله سيرجع إليه سالما إن شاء الله تعالى .

الفصل الثاني : ( في إفتتاح السفر بالصدقة وغيرها )
  عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) : قال : تصدق واخرج أي يوم شئت .
  عن حماد بن عثمان قال : قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) : أيكره السفر في شيء من الايام المكروهة مثل يوم الاربعاء وغيره ؟ فقال : افتتح سفرك بالصدقة واخرج إذا بدا لك .
  واقرأ آية الكرسي واحتجم إذا بدا لك.
  عن إبن أبي عمير (1) قال : كنت أنظر في النجوم وأعرفها وأعرف الطالع فيدخلني من ذلك شيء ، فشكوت ذلك إلى أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام ، فقال : إذا وقع في نفسك شيء فتصدق على أول مسكين ، ثم امض ، فإن الله عز وجل يدفع عنك .
  عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : من تصدق بصدقة إذا أصبح دفع الله عنه نحس ذلك اليوم .
  من كتاب المحاسن ، عن عبد الله بن سليمان ، عن أحدهما عليهما السلام قال : كان أبي إذا خرج يوم الاربعاء أو في يوم يكرهه الناس من محاق أو غيره تصدق بصدقة ، ثم خرج .
  عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : من تصدق بصدقة إذا أصبح دفع الله عنه نحس ذلك اليوم .
  عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا أراد الخروج إلى بعض أمواله اشترى السلامة من الله عزوجل بما تيسر له ويكون

---------------------------
(1) هو أبوأحمد محمد بن زياد بن عيسى الازدي من أصحاب الاجماع وأدرك الامام السابع والثامن والتاسع ( عليهم السلام ) ، توفي سنة 217 هـ .

مكارم الأخلاق _ 244 _

  ذلك إذا وضع رجله في الركاب ، وإذا سلمه الله وانصرف حمد الله عز وجل وشكره وتصدق بما تيسر له .
  وعنه ( عليه السلام ) قال : إذا أردت سفرا فاشتر سلامتك من ربك بما طابت به نفسك ، ثم تخرج وتقول : اللهم إني أريد سفر كذا وكذاو إني قد اشتريت سلامتي في سفري هذا بهذا وتضعه حيث يصلح ، وتفعل مثل ذلك إذا وصلت شكرا .

( في حمل العصا )
  من كتاب الفردوس ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أيعجز أحدكم أن يتخذ في يده عصا في أسفله عكازة (1) ، يدعم عليها إذا أعيا ويجر بها الماء ويميط بها الاذى عن الطريق ويقتل بها الهوام ويقاتل بها السباع ويتخذها قبلة بأرض فلاة .
  وعنه ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : حمل العصا علامة المؤمن وسنة الانبياء ( عليهم السلام ) .
  عن أم سلمة قالت : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : المشي بالعصا من التواضع ويكتب له بكل خطوة ألف حسنة ويرفع له ألف درجة .
  قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : من خرج في سفر ومعه عصا لوز مر وتلا هذه الاية : ولما توجه تلقاء مدين قال عيسى ربي أن يهديني سواء السبيل إلى قوله : ( والله على ما نقول وكيل ) (2) أمنه الله من كل سبع ضار ومن كل لص عاد ومن كل ذات حمة حتى يرجع إلى أهله ومنزله وكان معه سبعة وسبعون من المعقبات يستغفرون له حتى يرجع ويضعها ، وقال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : حمل العصا ينفي الفقر ولا يجاوره الشيطان .
  وقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من أراد أن تطوي له الارض فليتخذ عصا من النقد .
( والنقد عصا لوز مر ) (3) .

---------------------------
(1) العكاز والعكازة ـ كتفاح وتفاحة ـ : عصا ذات زج في أسفلها ، يتوكأ عليها الرجل ، والزج ـ بالضم فالتشديد ـ : الحديدة التي في أسفل الرمح ، ويدعم عليها أي يتكأ عليها.
(2) سورة القصص : آية 21 ، والحمة ـ بالضم فالتخفيف كصرد وأصله يائي ـ : السم .
(3) النقد ـ بفتحتين أو بضمتين ـ : ضرب من الشجر أي الشجر اللوز .

مكارم الأخلاق _ 245 _

  وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : تعصوا ، فإنها من سنن إخواني النبيين ( عليهم السلام ) ، وكانت بنوا إسرائيل ، الصغار والكبار يمشون على العصا حتى لا يختالوا في مشيهم .

( في التعمم تحت الحنك )   من ثواب الاعمال ، عن الصادق ( عليه السلام ) قال : ضمنت لمن يخرج من بيته متعمما تحت حنكه أن يرجع إليه سالما .
  وعنه ( عليه السلام ) قال : من خرج في سفر فلم يدر العمامة تحت حنكه فأصابه ألم لا دواء له فلا يلومن إلا نفسه .
  عن أبي الحسن ( عليه السلام ) قال : أنا الضامن لمن خرج يريد سفرا متعمما تحت حنكه أن لا يصيبه السرق والغرق والحرق .

الفصل الثالث : ( فيما يستحب عند الخروج إلى السفر )
( في الدعاء عند الخروج )
  قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ما استخلف رجل على أهله بخلافة أفضل من ركعتين يركعهما إذا أراد الخروج إلى سفره ويقول عند التوديع : اللهم إني أستودعك [ اليوم ] ديني ونفسي ومالي وأهلي وولدي وجيراني وأهل حزانتي (1) ، الشاهد منا والغائب وجميع ما أنعمت به علي ، اللهم اجعلنا في كنفك ومنعك وعياذك وعزك ، عز جارك وجل ثناؤك وامتنع عائذك ولا إله غيرك ، توكلت على الحي الذي لا يموت والحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا. الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا.
  وكان أبوجعفر ( عليه السلام ) إذا أراد سفرا جمع عياله في بيت ثم قال : اللهم إني أستوذعك إلى آخره.
  عن صباح الحذاء قال : سمعت موسى بن جعفر عليهما السلام يقول : لو كان

---------------------------
(1) الحزانة ـ بالضم والتخفيف ـ : عيال الرجل الذين يتحزن لهم ويهتم لامرهم .

مكارم الأخلاق _ 246 _

  الرجل منكم إذا أراد سفرا قال على باب داره تلقاء الوجه الذي يتوجه إليه فقرأ فاتحة الكتاب أمامه وعن يمينه وعن شماله ، و آية الكرسي أمامه وعن يمينه وعن شماله ، ثم قال : اللهم احفظني واحفظ ما معي وسلمني وسلم ما معي وبلغني وبلغ ما معي ببلاغك الحسن [ الجميل ] لحفظه الله تعالى وحفظ ما معه وسلمه الله وسلم ما معه وبلغه الله وبلغ ما معه ، قال : ثم قال : يا صباح أما رأيت الرجل يحفظ ولا يحفظ ما معه ويسلم ولا يسلم ما معه ويبلغ ولا يبلغ ما معه ؟ قلت : بلى ، جعلت فداك .
  وكان الصادق ( عليه السلام ) إذا أراد سفرا قال : اللهم خل سبيلنا وأحسن تسييرنا وأعظم عافيتنا .
  عن الرضا ( عليه السلام ) قال : إذا خرجت من منزلك في سفر أو حضر فقل : بسم الله آمنت بالله ، توكلت على الله ، ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله فتلقاه الشياطين فتضرب الملائكة وجوهها وتقول : ما سبيلكم عليه وقد سمى الله وآمن به وتوكل عليه وقال : ما شاء الله لا قوة إلا بالله .
  عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : من قال حين خرج من داره : أعوذ بالله مما عاذت منه ملائكة الله من شر هذا اليوم ومن شر الشياطين ومن شر من نصب لاولياء الله ومن شر الجن والانس ومن شر السباع والهوام (1) ومن شر ركوب المحارم كلها ، أجير نفسي بالله من شر كل شيء غفر الله له وتاب عليه وكفاه المهم وحجزه عن السوء وعصمه من الشر.
  عن أنس بن مالك قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لم يرد سفرا إلا قال حين ينهض من مجلسه أو من جلوسه : اللهم بك انتشرت وإليك توجهت وبك اعتصمت ، أنت ثقتي ورجائي اللهم اكفني ما أهمني وما لا أهتم له وما أنت أعلم به مني ، اللهم زودني التقوى واغفر لي ووجهني إلى الخير حيثما توجهت ، ثم يخرج .
  وكان أبو عبد الله ( عليه السلام ) يقول إذا خرج في سفره : اللهم احفظني واحفظ ما معي وبلغني وبلغ ما معي ببلاغك الحسن ، بالله أستفتح وبالله أستنجح وبمحمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أتوجه ، اللهم سهل لي كل حزونة وذلل لي كل صعوبة وأعطني من الخير كله أكثر مما

---------------------------
(1) الهامة والهوام ، كدابة ودواب : ما كانه له سم كالحية ، والهوام ، كشداد : الاسد .

مكارم الأخلاق _ 247 _

  أرجو ، واصرف عني من الشر أكثر مما أحذر في عافية يا أرحم الراحمين. وكان يقول أيضا : أسأل الله الذي بيده ما دق وجل وبيده أقوات الملائكة [ والناس أجمعين ] أن يهب لنا في سفرنا أمنا وإيمانا وسلامة وإسلاما وفقها وتوفيقا وبركة وهدى وشكرا وعافية ومغفرة وعزما لا يغادر ذنبا .
  وعنه ( عليه السلام ) قال : من قال حين يخرج من منزله : الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، باسم الله دخلت وباسم الله خرجت وعلى الله توكلت ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على محمد وآله أجمعين ، اللهم افتح لي في وجهي هذا بخير ، اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي ومن شر غيري ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم ، كان في ضمان الله حتى يرجع إلى منزله ، قال : ثم يقول : توكلت على الله ما شاء الله لا قوة إلا بالله ، اللهم إني أسألك خير ما خرجت له وأعوذ بك من شر ما خرجت له ، اللهم أوسع علي من فضلك وأتمم علي من نعمتك واجعل رغبتي فيما عندك وتوفني في سبيلك على ملتك وملة رسولك ، ثم اقرأ آية الكرسي والمعوذتين ، ثم اقرأ سورة الاخلاص بين يديك ثلاث مرات ومن فوقك مرة ومن تحتك مرة ومن خلفك ثلاث مرات وعن يمينك ثلاث مرات وعن شمالك ثلاث مرات وتوكل على الله.
  عوذة ـ كان يتعوذ بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا سافر قبل الليل : يا أرض ربي وربك الله ، وأعوذ بالله من شرك وشر ما فيك وسوء ما خلق فيك وسوء ما يدب عليك ، وأعوذ بالله من أسد وأسود ومن شر الحية والعقرب ومن شر ساكن البلد ومن شر والد وما ولد ، اللهم رب السموات السبع وما أظللن ورب الارضين السبع وما أقللن ورب الرياح وما ذرين ورب الشياطين وما أضللن ، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد وأسألك خير هذه الليلة وخير هذا اليوم وخير هذا الشهر وخير هذه السنة وخير هذا البلد وأهله وخير هذه القرية وأهلها وخير ما فيها ، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر كل دابة أنت آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم .

( في القول عند الركوب والمسير )
  عن الصادق ( عليه السلام ) أنه كان إذا وضع رجله في الركاب يقول : سبحان الذي

مكارم الأخلاق _ 248 _

  سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين. ويسبح الله سبعا ويحمد الله سبعا ويهلل الله سبعا .
  عن الاصبغ بن نباتة أنه قال : أمسكت لامير المؤمنين ( عليه السلام ) بالركاب وهو يريد أن يركب فرفع رأسه فتبسم ، فقلت : يا أمير المؤمنين [ عليك سلام الله ] رأيتك رفعت رأسك وتبسمت ، قال : نعم ، يا أصبغ أمسكت لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كما أمسكت لي فرفع رأسه وتبسم فسألته كما سألتني وسأخبرك كما أخبرني ، أمسكت لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الشهباء (1) فرفع رأسه إلى السماء وتبسم ، فقلت : يا رسول الله رفعت رأسك إلى السماء وتبسمت ؟ فقال : يا علي ( إنه ليس من أحد يركب ما أنعم الله عليه ثم يقرأ آية السخرة إن ربكم الله الذي خلق السموات والارض في ستة أيام إلى آخرها ) (2) ، ثم يقول : أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ، اللهم اغفر لي ذنوبي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت إلا قال السيد الكريم : يا ملائكتي عبدي يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيري اشهدوا أني قد غفرت له ذنوبه .
  عن الرضا ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إذا ركب الرجل الدابة فسمى ، ردفه ملك يحفظه حتى ينزل ، فإن ركب ولم يسم ردفه شيطان فيقول : تغن ، فإن قال : لا أحسن ، قال : تمن ، فلا يزال يتمنى حتى ينزل.
  وقال ( عليه السلام ) : من قال إذا ركب الدابة : بسم الله ولا قوة إلا بالله الحمد لله الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين حفظت له نفسه ودابته حتى ينزل. وفي رواية اخرى ما يقال عند الركوب : الحمد لله الذي هدانا للاسلام وعلمنا القرآن ومن علينا بمحمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون والحمد لله رب العالمين ، اللهم أنت الحامل على الظهر والمستعان على الامر وأنت الصاحب في السفر والخليفة في الاهل والمال والولد ، اللهم أنت عضدي وناصري وإذا مضت بك راحلتك فقل في طريقك : خرجت بحول الله وقوته بغير حول مني ولا قوة ولكن بحول الله وقوته ، برئت إليك يا رب من الحول والقوة ، اللهم إني أسألك بركة سفري هذا وبركة أهله ، اللهم إني أسألك من فضلك الواسع رزقا حلالا طيبا
---------------------------
(1) الشهباء ـ مؤنث الاشهب ـ : فرس للقتال .
(2) سورة الاعراف : آية 52 وهي معروفة بآية السخرة .

مكارم الأخلاق _ 249 _

  تسوقه إلي وأنا خافض في عافية بقوتك وقدرتك ، اللهم إني سرت في سفري هذا بلا ثقة مني بغيرك ولا رجاء لسواك فارزقني في ذلك شكرك وعافيتك ووفقني لطاعتك وعبادتك حتى ترضى وبعد الرضا [ يا ذا الجلال والاكرام برحمتك يا أرحم الراحمين ].

( في التشييع )
  شيع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) جعفر الطيار لما وجهه إلى الحبشة وزوده هذه الكلمات : اللهم الطف به في تيسير كل عسير ، فإن تيسير العسير عليك يسير [ إنك على كل شيء قدير ] ، أسألك [ له ] اليسر والمعافاة [ الدائمة ] في الدنيا والاخرة .
  وودع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) رجلا فقال : زودك الله التقوى وغفر ذنبك ولقاك الخير حيث كنت .
  ولم شيع أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أباذر رضي الله عنه ، شيعه الحسن والحسين عليهما السلام وعقيل بن أبي طالب وعبد الله بن جعفر وعمار بن ياسر رضي الله عنهم ، قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ودعوا أخاكم ، فإنه لابد للشاخص أن يمضي وللمشيع أن يرجع ، فتكلم كل رجل منهم على حياله ، فقال الحسين بن علي عليهما السلام : رحمك الله يا أباذر إن القوم إنما امتهنوك بالبلاء لانك منعتهم دينك فمنعوك دنياهم ، فما أحوجهم [ غدا ] إلى ما منعتهم وأغناك عما منعوك ، فقال أبوذر رضي الله عنه : رحمكم الله من أهل بيت فمالي شجن في الدنيا غيركم ، إني إذا ذكرتكم ذكرت بكم [ جدكم ] رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
  وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إذا ودع المؤمنين قال : زودكم الله التقوى ووجهكم إلى كل خير وقضى لكم كل حاجة وسلم لكم دينكم ودنياكم وردكم إلي سالمين .
  وفي خبر آخر عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا ودع مسافرا أخذ بيده ثم قال : أحسن الله لك الصحابة وأكمل لك المعونة وسهل لك الحزونة وقرب لك البعيد وكفاك المهم وحفظ لك دينك وأمانتك وخواتيم عملك ووجهك لكل خير ، عليك بتقوى الله ، أستودع الله نفسك ، سر على بركة الله عزوجل .

( في الوداع )
  من أراد أن يودع رجلا فليقل : أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك ،

مكارم الأخلاق _ 250 _

  أحسن الله لك الصحابة وأعظم لك العافية وقضى لك الحاجة وزودك التقوى ووجهك للخير حيثما توجهت وردك الله سالما غانما .
  من كتاب المحاسن ، عن الصادق ( عليه السلام ) قال : ودع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) رجلا فقال له : سلمك الله وغنمك .

الفصل الرابع : ( في مكارم الاخلاق في السفر وحسن الصحبة ومراقبة الحقوق وطلب الرفقة )
  عن أبي ربيع الشامي (1) قال : كنا عند أبي عبد الله ( عليه السلام ) والبيت غاص بأهله ، فقال ( عليه السلام ) : ليس منا من لم يحسن صحبة من صحبه ومرافقة من رافقه وممالحة من مالحه (2) ومخالقة من خالقه .
  عنه ( عليه السلام ) قال : كان أبي يقول : ما يعبأ بمن يؤم هذا البيت إذا لم يكن فيه ثلاث خصال : خلق يخالق به من صحبه ، وحلم يملك به غضبه ، ووزع يحجزه عن محارم الله تعالى .
  وعنه ( عليه السلام ) قال : ليس من المروة أن يحدث الرجل بما يلقى في السفر من خير أو شر .
  عن عمار بن مروان قال : أوصاني أبو عبد الله ( عليه السلام ) فقال : أوصيك بتقوى الله وأداء الامانة وصدق الحديث وحسن الصحبة لمن صحبك ولا قوة إلا بالله .
  عن أبي بصير قال : قلت للصادق ( عليه السلام ) : يخرج الرجل مع قوم مياسير وهو أقلهم شيئا فيخرجون النفقة ولا يقدر هو أن يخرج مثل ما أخرجوا ؟ قال : ما أحب أن يذل نفسه ، ليخرج مع من هو مثله .
  عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : من خالطت فإن استطعت أن تكون يدك العليا (3) عليه فافعل .

---------------------------
(1) هو خالد أو خليد بن أوفى العنزي من أصحاب الصادق ( عليه السلام ) ، له كتاب .
(2) مالحه : أكل معه ، والممالحة : المؤاكلة ، وخالقه : عاشره بخلق حسن .
(3) اليد العليا : المعطية والمتعففة ، واليد السفلى : المانعة والسائلة .