عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : الرفيق ثم السفر.
  وقال ( عليه السلام ) : ما اصطحب اثنان إلا كان أعظمهما أجرا وأحبهما إلى الله عزوجل أرفقهما بصاحبه .
  وقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : لا تصحبن في سفرك من لا يرى لك من الفضل عليه كما ترى له عليك .
  قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من السنة إذا خرج القوم في سفر أن يخرجوا نفقتهم ، فإن ذلك أطيب لانفسهم وأحسن لاخلاقهم .
  عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : إصحب من تتزين به ولا تصحب من يتزين بك .
  وعنه ( عليه السلام ) قال : البائت في البيت وحده شيطان والاثنان أمة والثلاثة أنس.
  عن شهاب بن عبد ربه قال : قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) : قد عرفت حالي وسعة يدي وتوسعي على إخواني فأصحب النفر منهم في طريق مكة فأوسع عليهم ، قال : لا تفعل يا شهاب ، فإنك إن بسطت وبسطوا أجحفت بهم ، وإن هم أمسكوا أذللتهم، ئفاصحب نظراءك .
  قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : إذا صحبت فاصحب نحوك ولا تصحبن من يكفيك ، فإن ذلك مذلة للمؤمن .
  قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أحب الصحابة إلى الله عزوجل أربعة ، وما زاد قوم على سبعة إلا كثر لغطهم .
  قال الصادق ( عليه السلام ) : حق المسافر أن يقيم عليه إخوانه إذا مرض ثلاثا.
  عنه ( عليه السلام ) قال : قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ما من نفقة أحب إلى الله عزوجل من نفقة قصد ، وإن الله يبغض الاسراف إلا في حج أو عمرة .
  وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في سفر خرج حاجا : من كان سيئ الخلق والجوار فلا يصحبنا .
  عن الحلبي قال : سألت الصادق ( عليه السلام ) عن القوم يصطحبون فيكون فيهم الموسر وغيره ، أينفق عليهم الموسر ؟ قال : إن طابت بذلك أنفسهم وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : سيد القوم خادمهم في السفر.
  ومن كتاب شرف النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، روى عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه أمر أصحابه بذبح

مكارم الأخلاق _ 252 _

  شاة في سفر ، فقال رجل من القوم : علي ذبحها ، وقال الاخر : علي سلخها ، وقال الاخر : علي قطعها ، وقال الاخر : علي طبخها ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : علي أن ألقط لكم الحطب ، فقالوا : يا رسول الله لا تتعبن ـ بآبائنا وأمهاتنا أنت ـ نحن نكفيك ، قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : عرفت أنكم تكفوني ولكن الله عز وجل يكره من عبده إذا كان مع أصحابه أن ينفرد من بينهم ، فقام ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يلقط الحطب لهم .

( في آداب المسافر )
  كان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا سافر يصحب مع نفسه المشط والسواك والمكحلة.
  عن حماد بن عيسى ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : قال لقمان لابنه : إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم في أمرك وامورهم ، وأكثر التبسم في وجوههم ، وكن كريما على زادك بينهم ، وإذا دعوك فأجبهم ، وإذا استعانوا بك فأعنهم ، واستعمل طول الصمت وكثرة الصلاة وسخاء النفس بما معك من دابة أو ماء أو زاد ، وإذا استشهدوك على الحق فاشهد لهم وأجهد رأيك لهم إذا استشاروك ثم لا تعزم حتى تتثبت وتنظر ، ولا تجب في مشورة حتى تقوم فيها وتقعد وتنام وتأكل وتصلي وأنت مستعمل فكرتك وحكمتك في مشورتك ، فإن من لم يمحض النصيحة لمن استشاره سلبه الله رأيه ونزع عنه الامانة ، وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم ، وإذا رأيتهم يعملون فاعمل معهم ، وإذا تصدقوا وأعطوا قرضا فاعط معهم ، واسمع لمن هو أكبر منك سنا ، وإذا أمروك بأمر أو سألوك شيئا فقل : نعم ، ولا تقل : لا ، فإن لا عي ولؤم (1) .
  وإذا تحيرتم في الطريق فانزلوا ، وإذا شككتم في القصد فقفوا وتآمروا ، وإذا رأيتم شخصا واحدا فلا تسألوه عن طريقكم ولا تسترشدوه ، فإن الشخص الواحد في الفلاة مريب لعله يكون عين اللصوص أو يكون هو الشيطان الذي حيركم ، واحذروا الشخصين أيضا إلا أن تروا ما لا أرى ، فإن العاقل إذا أبصر بعينه شيئا عرف الحق منه والشاهد يرى ما لا يرى الغائب ، يا بني : إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشيء وصلها واسترخ منها فإنها دين ، وصل في جماعة ولو على رأس زج (2) ، ولا تنامن

---------------------------
(1) العي : العجز في الكلام ، وفي بعض النسخ الغي أي الخيبة والضلالة ، وفي بعضها عمى .
(2) الزج ـ بالضم ـ : نصل السهم والحديدة التي في أسفل الرمح ويقابله السنان .

مكارم الأخلاق _ 253 _

  على دابتك ، فإن ذلك يسرع في دبرها وليس ذلك من فعل الحكماء إلا أن تكون في محمل يمكنك التمدد لاسترخاء المفاصل ، فإذا قربت من المنزل فانزل عن دابتك وابدأ بعلفها قبل نفسك فإنها نفسك ، وإذا أردتم النزول فعليكم من بقاع الارض بأحسنها لونا وألينها تربة وأكثرها عشبة ، وإذا نزلت فصل ركعتين قبل أن تجلس ، فإذا أردت قضاء حاجتك فابعد المذهب في الارض، وإذا ارتحلت فصل ركعتين ثم ودع الارض التي حللت بها وسلم عليها وعلى أهلها ، فإن لكل بقعة أهلا من الملائكة ، وإن استطعت أن لا تأكل طعاما حتى تبدأ فتتصدق منه فافعل ، وعليك بقراءة كتاب الله عزوجل ما دمت راكبا ، وعليك بالتسبيح ما دمت عاملا عملا ، وعليك بالدعاء ما دمت خاليا .
  وإياك والسير من أول الليل إلى آخره ، وإياك ورفع الصوت في مسيرك .

( في بذل الزاد والمروة في السفر )
  قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من شرف الرجل أن يطيب زاده إذا خرج في سفره .
  وكان علي بن الحسين عليهما السلام إذا سافر إلى مكة للحج أو للعمرة تزود من أطيب الزاد من اللوز والسكر والسويق المحمص والمحلا .
  من المحاسن قال الصادق ( عليه السلام ) : ليس من المروة أن يحدث الرجل بما يلقى في سفره من خير أو شر .
  عنه ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من شرف الرجل أن يطيب زاده إذا خرج في سفره .
  وروي أنه قام أبوذر رضي الله عنه عند الكعبة فقال : أنا جندب بن السكن فاكتنفه الناس ، فقال : لو أن أحدكم أراد سفرا لا تتخذ فيه من الزاد ما يصلحه ، فسفر يوم القيامة أما تزودون فيه ما يصلحكم ، فقام إليه رجل فقال : أرشدنا ؟ فقال : صم يوما شديد الحر للنشور ، وحج حجة لعظائم الامور ، وصل ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور ، كلمة خير تقولها وكلمة شر تسكت عنها أو صدقة منك على مسكين لعلك تنجوا يا مسكين من يوم عسير ، اجعل الدنيا درهمين درهما أنفقته على عيالك ، ودرهما قدمته لاخرتك والثالث يضر ولا ينفع لا ترده ، اجعل الدنيا كلمتين : كلمة

---------------------------
(1) حمص السويق : خمسه وقلاه ، وحلى الشيء : صيره حلوا .

مكارم الأخلاق _ 254 _

  في طلب الحلال وكلمة للاخرة والثالثة تضر ولا تنفع لا تردها ، ثم قال : قتلني هم يوم لا أدركه .
  وقال لقمان لابنه : يا بني إن الدنيا بحر عميق وقد هلك فيها عالم كثير ، فاجعل سفينتك فيها الايمان بالله عزوجل واجعل شراعها التوكل على الله واجعل زادك فيها تقوى الله ، فإن نجوت فبرحمة الله وإن هلكت فبذنوبك ، يا بني سافر بسيفك وخفك وعمامتك وحبالك وسقائك وخيوطك ومخرزك ، وتزود معك من الادوية ما تنتفع به أنت ومن معك ، وكن لاصحابك موافقا إلا في معصية الله عزوجل ، وفي رواية بعضهم : وقوسك وفرشك .
  عن الصادق ( عليه السلام ) : سئل عن أمر الفتوة ؟ فقال : تظنون أن الفتوة بالفسق والفجور وإنما الفتوة والمروة طعام موضوع ونائل مبذول وبشر معروف وأذى مكفوف ، فأما تلك فشطارة وفسق (1) ، ثم قال ( عليه السلام ) : ما المروة ؟ فقال الناس : لا نعلم ، قال ( عليه السلام ) : ليس المروة والله أن يضع الرجل خوانه بفناء داره والمروة مروتان : مروة في الحضر ومروة في السفر ، فأما التي في الحضر فتلاوة القرآن ولزوم المساجد والمشي مع الاخوان في الحوائج والنعمة ترى على الخادم ، فإنها تسر الصديق وتكبت العدو ، وأما التي في السفر فكثرة الزاد وطيبه وبذله لمن كان معك وكتمانك على القوم أمرهم بعد مفارقتك إياهم وكثرة المزاح في غير ما يسخط الله عز وجل ، ثم قال : والذي بعث جدي محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالحق إن الله عزوجل ليرزق العبد على قدر المروة ، فإن المعونة تنزل على قدر المؤنة وإن الصبر ينزل على قدر شدة البلاء.

الفصل الخامس : ( في حفظ المتاع والاستخارة وطلب الحاجة )
( في حفظ المتاع )
  عن الصادق ( عليه السلام ) قال : من قرأ آية الكرسي في السفر في كل ليلة سلم وسلم ما معه ويقول : اللهم اجعل مسيري عبرا وصمتي تفكرا وكلامي ذكرا .

---------------------------
(1) شطر بصره شطورا : صار كأنه ينظر إليك وألي آخر ، وشطر فلان على أهله : ترك موافقتهم وأعياهم لؤما وخبثا ، وشطر شطارة : اتصف بالدهاء والخبث .

مكارم الأخلاق _ 255 _

  من مسموعات السيد الامام ناصح الدين أبي البركات المشهدي رحمه الله ، عن محمد ابن عيسى ، عن رجل قال : بعث إلي أبوالحسن الرضا ( عليه السلام ) من خراسان ثياب رزم (1) وكان بين ذلك طين ، فقلت للرسول : ما هذا ؟ قال : طين قبر الحسين عليه السلام ، ما يكاد يوجه شيئا من الثياب ولا غيره إلا ويجعل فيه الطين وكان يقول : أمان فإذن الله تعالى .
  عنه ( عليه السلام ) قال : أتى أخوان إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقالا : يا رسول الله إنا نريد الشام في تجارة فعلمنا ما نقول ؟ قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : بعد إذ آويتما إلى منزل فصليا العشاء الاخرة ، فإذا وضع أحدكما جنبه على فراشه بعد الصلاة فليسبح تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام ، ثم ليقرأ آية الكرسي فإنه محفوظ من كل شيء ، وإن لصوصا تبعوهما حتى نزلا فبعثوا غلاما لهم ينظر كيف حالهما ، ناموا أو مستيقظون ، فانتهى الغلام إليهم وقد وضع أحدهما جنبه على فراشه وقرأ آية الكرسي وسبح تسبيح فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ، قال : فإذا عليهما حائطان مبنيان فجاء الغلام فطاف بهما فكلما دار لم ير إلا حائطين فرجع إلى أصحابه فقال : لا والله ما رأيت إلا حائطين مبنيين ، فقالوا : أخزاك الله لقد كذبت بل ضعفت وجبنت فقاموا فنظروا فلم يجدوا إلا حائطين مبنيين فداروا بالحائطين فلم يروا إنسانا فانصرفوا إلى موضعهم ، فلما كان من الغد جاؤوا إليهما ، فقالوا : أين كنتما ؟ فقالا : ما كنا إلا ههنا ، ما برحنا ، فقالوا : لقد جئنا فما رأينا إلا حائطين مبنيين فحدثانا ما قصتكما ؟ فقالا : أتينا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فعلمنا آية الكرسي وتسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام ، ففعلنا ، فقالوا : انطلقا فوالله لا نتبعكما أبدا ولا يقدر عليكما لص بعد هذا الكلام .

( في الاستخارة للتجارة )
  قال عبد الرحمن بن سيابة : خرجت سنة إلى مكة ومتاعي بز (2) قد كسد علي ، قال : فأشار علي أصحابنا إلى أن أبعثه إلي مصر ولا أرده إلى الكوفة أو إلى

---------------------------
(1) الرزمة كسدرة : الكارة من الثياب أي ما جمع وشد معا كأنه من رزمت الثوب : جمعته .
(2) البز ـ بالفتح ـ الثياب من القطن أو الكتان ومنه البزاز : يباعه .

مكارم الأخلاق _ 256 _

  اليمن فاختلفت علي آراؤهم ، فدخلت على العبد الصالح ( عليه السلام ) بعد النفر بيوم ونحن بمكة فأخبرته بما أشار به أصحابنا وقلت له : جعلت فداك فما ترى حتى أنتهي إلى ما تأمرني به ؟ فقال ( عليه السلام ) لي : ساهم بين مصر واليمن ، ثم فوض في ذلك أمرك إلى الله فأي بلد خرج سهمها من الاسهم فابعث متاعك إليها ، قلت : جعلت فداك كيف أساهم ؟ قال : اكتب في رقعة بسم الله الرحمن الرحيم ، اللهم أنت الله الذي لا إله إلا أنت عالم الغيب والشهادة ، أنت العالم وأنا المتعلم فانظر لي في أي الامرين خير لي حتى أتوكل عليك فيه وأعمل به ثم اكتب مصر إن شاء الله ، ثم اكتب رقعة اخرى مثل ما في الرقعة الاولى شيئا فشيئا ، ثم اكتب اليمن ، ثم اكتب رقعة اخرى مثل ما في الرقعتين شيئا شيئا ، ثم اكتب بحبس المتاع ولا يبعث إلى بلد منهما ، ثم اجمع الرقاع وادفعها إلى بعض أصحابك فليسترها عنك ، ثم أدخل يدك فخذ رقعة من الثلاث ، فأيها وقعت في يدك فتوكل على الله واعمل بما فيها إن شاء الله.
  عن أبي جعفر محمد بن علي ( عليهما السلام ) قال : كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا هم بحج أو عمرة أو عتق أو شراء أو بيع تطهر وصلى ركعتي الاستخارة وقرأ فيهما سورة الرحمن وسورة الحشر ، فإذا فرغ من الركعتين استخار الله مائتي مرة ، ثم قرأ قل هو الله أحد و المعوذتين ، ثم قال : اللهم إني هممت بأمر [ قد ] علمته ، فإن كنت تعلم أنه خير لي في ديني ودنياي وآخرتي فاقدروه لي وإن كنت تعلم أنه شر لي في ديني ودنياي وآخرتي فاصرفه عني ، رب هب لي رشدي وإن كرهت ذلك أو أحبت نفسي ، ببسم الله الرحمن الرحيم ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله حسبي الله ونعم الوكيل ثم يمضي ويعزم .

( في طلب الحاجة )
  إذا أردت أن تغدو في حاجتك وقد طلعت الشمس وذهبت حمرتها فصل ركعتين بالحمد و قل هو الله أحد و قل يا أيها الكافرون ، فإذا سلمت فقل : اللهم إني غدوت ألتمس من فضلك كما أمرتني فارزقني من فضلك رزقا حسنا واسعا حلالا طيبا وأعطني فيما رزقتني العافية ، غدوت بحول الله وقوته ، غدوت بغير حول مني ولا قوة ولكن بحولك وقوتك وأبرأ إليك من الحول والقوة ، اللهم إني

مكارم الأخلاق _ 257 _

  أسألك بركة هذا اليوم فبارك لي في جميع اموري يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين ، فإذا انتهيت إلى السوق فقل : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت ويميت ويحيي وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، اللهم إني أسألك خيرها وخير أهلها وأعوذ بك من شرها ومن شر أهلها ، اللهم إني أعوذ بك أن أبغي أو يبغى علي أو أن أظلم أو أظلم أو أعتدي او يعتدى علي ، وأعوذ بك من إبليس وجنوده وفسقة العرب والعجم ، حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم.
  وإذا أردت أن تشتري شيئا فقل : يا حي يا قيوم يا دائم يا رؤوف يا رحيم أسألك بعونك وقدرتك وما أحاط به علمك أن تقسم لي من التجارة اليوم أعظمها رزقا وأوسعها فضلا وخيرها لي عاقبة ، وإذا اشتريت دابة او رأسا فقل : اللهم ارزقني أطولها حياة وأكثرها منفعة وخيرها عاقبة ، عن الصادق ( عليه السلام ) .
  وعنه ( عليه السلام ) أيضا : إذا اشتريت شيئا من متاع او غيره فكبره وقل : اللهم إني اشتريته ألتمس فيه من فضلك فاجعل لي فيه فضلا ، اللهم إني اشتريته ألمتس فيه من رزقك فاجعل لي فيه رزقا ، ثم أعد كل واحدة ثلاث مرات .

الفصل السادس : ( في آداب المشي وكراهية الوحدة في السفر وأدعية متفرقة )
( في المشي )
  عن الصادق ( عليه السلام ) قال : سيروا وانسلوا فإنه أخف عليكم.
  وروي أن قوما مشاة أدركهم النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فشكوا إليه شدة المشي ، فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لهم : استعينوا بالنسل .
  عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : سرعة المشيء تذهب ببهاء المؤمن .
  عنه ( عليه السلام ) أيضا قال : سرعة المشي نكس ، وقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : سرعة المشي تذهب ببهاء المرء ، ( مكارم الاخلاق ـ 17 )

مكارم الأخلاق _ 258 _

  سأل معاوية بن عمار أبا عبد الله ( عليه السلام ) : عن رجل عليه دين أعليه أن يحج ؟
  فقال ( عليه السلام ) له : نعم ، إن حجة الاسلام واجبة على من أطاق المشي من المسلمين ، ولقد كان أكثر من حج مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مشاة. ولقد مر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بكراع الغميم (1) فشكوا إليه الجهد [ والطاقة ] والاعياء ، فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : شدوا أزركم (2) واستبطنوا ، ففعلوا فذهب عنهم ذلك ، وفي رواية ، فدعا لهم وقال : خيرا ، وقال : عليكم بالنسلان والبكور (3) وسرى من الدلج ، فإن الارض تطوي بالليل .
  عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : قلت له : قول الله عزوجل : ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ) (4) ، قال : يخرج فيمشي إن لم يكن عنده شيء ، قلت : لا يقدر على المشي ، قال ( عليه السلام ) : يمشي ويركب قلت : لا يقدر على ذلك ، قال ( عليه السلام ) : يخدم القوم ويخرج معهم .
  عن الصادق ( عليه السلام ) قال : جاءت المشاة إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فشكوا إليه الاعياء ، فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : عليكم بالنسلان ، ففعلوا فذهب عنهم الاعياء (5).
  وعنه ( عليه السلام ) قال : راح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بكراع الغميم فصف له المشاة وقالوا : نتعرض لدعوته ، فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : اللهم أعطهم أجرهم وقوهم ، ثم قال : لو استعنتم بالنسلان لخفت أجسامكم وقطعتم الطريق ، ففعلوا فخفت أجسامهم .
  عنه ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : الراكب أحق بالجادة من الماشي .
  والحافي أحق من المنتعل .
  عن ( عليه السلام ) قال : ليس للمرأة أن تمشي وسط الطريق ولكن تمشي في جانبيه .

---------------------------
(1) كراع الارض ـ بالضم ـ : ناحيتها ، ومنه كراع الغميم : طرفه وهو واد بين الحرمين على مرحلتين من مكة .
(2) الازر : الظهر يقال : شد به أزره أي ظهره ، واستبطنوا أي دخلوا بطنكم .
(3) النسلان ـ بالتحريك ـ مصدر نسل في مشيه أي أسرع ، والبكور فعل أو أتاه بكرة أي غدوة ، السرى ـ بالضم ـ والسريان ـ بالتحريك ـ وسرية ـ كغرفة ـ : مصادر سرى فلان ـ كرمى ـ : سار ليلا ، والدلج ـ بالتحريك ـ والدلجة ـ بالضم والفتح ـ : السير من أول الليل .
(4) سورة آل عمران : آية 91 .
(5) الاعياء ـ بالكسر ـ : التعب والكل في المشي .

مكارم الأخلاق _ 259 _

  وعنه ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ليس للنساء من سروات الطريق يعني من وسطه ، إنما لهن جوانبه (1) .
( في كراهية الوحدة في السفر )   عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ألا أنبئكم بشر الناس ؟
  قالوا : بلى ، يا رسول الله ، قال : من سافر وحده ومنع رفده وضرب عبده (2) .
  وعنه ( عليه السلام ) قال : قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعلي ( عليه السلام ) : يا علي : لا تخرج في سفرك وحدك ، فإن الشيطان مع الواحد ومن الاثنين أبعد.
  عن الكاظم ( عليه السلام ) قال : لعن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ثلاثة الاكل زاده وحده ، والنائم في بيت وحده ، والراكب في الفلاة وحده .
  عن إسماعيل بن جابر قال : كنت عند الصادق ( عليه السلام ) بمكة إذ جاؤه رجل من المدينة ، فقال ( عليه السلام ) له : من صحبك ؟ فقال ما صحبت أحدا ، فقال له الصادق ( عليه السلام ) : أما لو كنت تقدمت إليك لاحسنت أدبك ، ثم قال : واحد شيطان ، واثنان شيطانان وثلاثة صحب ، وأربعة رفقاء .
  عن موسى بن جعفر ( عليهما السلام ) قال : من خرج وحده في سفر فليقل : ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله ، اللهم آنس وحشتي وأعني على وحدتي ، وأد غيبتي .

( في دعاء الضال )   عن الصادق ( عليه السلام ) قال : إذا ضللت عن الطريق فناد يا صالح ـ أو يا أبا صالح ـ أرشدونا إلى الطريق يرحمكم الله وروي أن البر موكل به صالح ، والبحر موكل به حمزة .
  عنه ( عليه السلام ) قال : إذا تغولت لكم الغيلان (3) فأذنوا .
  عن أبي عبيدة الحذا (4) قال : كنت مع الباقر ( عليه السلام ) فضل بعيري ، فقال ( عليه السلام ) :

---------------------------
(1) السراة ـ بالفتح ـ : الظهر ، ومن الطريق : متنه وأعلاه ، ومن النهار : ارتفاعه .
(2) الرفد ـ بالفتح ـ : النصيب ، ـ وبالكسر ـ : العطاء والمعونة .
(3) الغيلان ـ بالكسر ـ : جمع غول وهو نوع من الجن والشيطان ـ : وأيضا : الداهية والهلكة .
(4) هو زياد بن عيسى الكوفي المعروف بأبي عبيدة الحذاء من أصحاب أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام ومات في حياة أبي عبد الله ( عليه السلام ) بالمدينة ، ثقة وكان حسن المنزلة عند آل محمد عليهم السلام وكان زميل أبي جعفر ( عليه السلام ) إلى مكة .

مكارم الأخلاق _ 260 _

  صل ركعتين ثم قل : كما أقول : اللهم راد الضالة ، هادئا من الضلالة رد علي ضالتي فإنها من فضلك وعطائك ثم قال ( عليه السلام ) : يا أبا عبيدة تعال فاركب ، فركبت مع أبي جعفر ( عليه السلام ) فلما سرنا إذا سواد على الطريق ، فقال ( عليه السلام ) : يا أبا عبيدة هذا بعيرك فإذا هو بعيري .

( في الدعاء عند نزول المنزل )
  قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعلي ( عليه السلام ) : يا علي : إذا نزلت منزلا فقل : رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين ، وفي رواية وأيدني بما أيدت به الصالحين وهب لي السلامة والعافية في كل وقت وحين ، أعوذ بكلمات الله التامات [ كلها ] من شر ما خلق وذرأ وبرأ ثم صل ركعتين وقل : اللهم ارزقنا خير هذه البقعة وأعذنا من شرها ، اللهم أطعمنا من جناها (1) وأعذنا من وبائها وحببنا إلى أهلها وحبب صالحي أهلها إلينا.
  وإذا أردت الرحيل فصل ركعتين وادع الله بالحفظ والكلاءة وودع الموضع وأهله ، فإن لكل موضع أهلا من الملائكة وقل : السلام على ملائكة الله الحافظين ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين [ ورحمة الله وبركاته ].

( في الدعاء عند الرجوع من السفر )
  روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال ـ لما رجع من خيبر ـ : آئبون تائبون إن شاء الله عابدون راكعون ساجدون لربنا حامدون ، اللهم لك الحمد على حفظك إياي في سفري وحضري ، اللهم اجعل أوبتي هذه مباركة ميمونة مقرونة بتوبة نصوح توجب لي بها السعادة يا أرحم الراحمين .

( في الدعاء عند دخول مدينة أو قرية )
  قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعلي ( عليه السلام ) : إذا أردت مدينة أو قرية فقل حين تعاينها : اللهم إني أسألك خيرها وأعوذ بك من شرها ، اللهم حببنا إلى أهلها وحبب صالحي أهلها إلينا .

---------------------------
(1) الجنى ـ كحصى ـ : ما يحنى من ثمر أو عسل أو ذهب ونحوها .

مكارم الأخلاق _ 261 _

( في الدعاء في المسير )
  عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في سفره إذا هبط سبح وإذا صعد كبر .
  قار رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : والذي نفس أبي القاسم بيده ما هلل ولا كبر مكبر على شرف من الاشراف إلا هلل ما خلفه وكبر ما بين يديه بتهليله وتكبيره حتى يبلغ مقطع التراب.

( في ركوب السفينة )
  بسم الله الملك الحق ( وما قدروا الله حق قدره والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون ) (1) ، بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم .

( في الدعاء على الجسر )
  إذا بلغت جسرا فقل حين تضع قدمك عليه : بسم الله ، اللهم ادحر عني الشيطان الرجيم .
  عن الصادق ( عليه السلام ) قال : إن على ذروة كل جسر شيطانا فإذا انتهيت إليه فقل : بسم الله يرحل عنك .
  قال الصادق ( عليه السلام ) : إذا كنت في سفر أو مفازة فخفت جنيا أو آدميا فضع يمينك على أم رأسك واقرأ برفيع صوتك ( أفغير الله يبغون وله أسلم من في السماوات والارض طوعا وكرها وإليه ترجعون ) .

( في القول للقادم من الحج وغيره )
  قال الصادق ( عليه السلام ) : إن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان يقول للقادم من الحج ، تقبل الله منك وأخلف عليك نفقتك وغفر ذنبك .
  قال الصادق ( عليه السلام ) : من عانق حاجا بغباره كان كمن استلم الحجر الاسود .
  وإذا قدم الرجل من السفر ودخل منزله ينبغي أن لا يشتغل بشيء حتى يصب عليه نفسه

---------------------------
(1) سورة الزمر : آية 67 .

مكارم الأخلاق _ 262 _

  الماء ويصلي ركعتين ويسجد ويشكر الله مائة مرة ، هكذا هو المري عنهم ( عليهم السلام ) ، ولما رجع جعفر الطيار من الحبشة ضمه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى صدره وقبل ما بين عينيه وقال : ما أدري بأيهما أسر بقدوم جعفر أم بفتح خيبر ، وكان أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يصافح بعضهم بعضا ، فإذا قدم الواحد منهم من سفره فلقي أخاه عانقه .

الفصل السابع : ( في حسن القيام على الدواب وحقها على صاحبها )
  روي عن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : إن الدابة تقول : اللهم ارزقني مليك صدق يشبعني ويسقيني ولا يحملني ما لا أطيق.
  عن الصادق ( عليه السلام ) قال : ما اشترى أحد دابة إلا قالت : اللهم اجعله بي رحيما .
  وعنه ( عليه السلام ) قال : اتخذوا الدابة فإنها زين وتقضي عليها الحوائج ورزقها على الله عزوجل .
  روى السكوني بإسناده قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إن الله تبارك وتعالى يحب الرفق ويعين عليه ، فإذا ركبتم الدواب العجاف (1) فانزلوا منازلها ، فإن كانت الارض مجدبة فانجوا عليها وإن كانت مخصبة فانزلوا منازلها .
  قال علي ( عليه السلام ) : من سافر منكم بدابة فليبدأ حين نزل بعلفها وسقيها .
  قال أبوجعفر ( عليه السلام ) [ إذا سافرت في أرض خصبة فارفق بالسير ، و ] إذا سرت في أرض مجدبة فعجل بالسير .
  عن الصادق ( عليه السلام ) قال : من اشترى دابة كان له ظهرها وعلى الله رزقها .
  وعن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : إن للدابة على صاحبها خصال : يبدأ بعلفها إذا نزل ، ويعرض عليها الماء إذا مر به ، ولا يضرب وجهها فإنها تسبح بحمد ربها ، ولا يقف على ظهرها إلا في سبيل الله ، ولا يحملها فوق طاقتها ولا يكلفها من المشي إلا ما تطيق .
  عن الصادق ( عليه السلام ) قال : من سعادة المرء دابة يركبها في حوائجه ويقضي عليها حوائج إخوانه .

---------------------------
(1) العجاف ـ بالكسر : جمع عجف ، ككتف وعجفاء : التي ضعفت وذهب سمنها أي المهزولة .

مكارم الأخلاق _ 263 _

  وقال ( عليه السلام ) : السرج مركب ملعون للنساء .
  وقال ( عليه السلام ) : من شقاء العيش مركب السوء .
  وقال ( عليه السلام ) : الركوب نشرة .
  سأل رجل عن الصادق ( عليه السلام ) : متى أضرب دابتي تحتي ؟ قال : إذا لم تمش تحتك كمشيها إلى مذودها (1).
  عنه ( عليه السلام ) قال : أضربوها على العثار ولا تضربوها على النفار ، فإنها ترى ما لا ترون (2) .
  عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : إذا عثرت الدابة تحت الرجل فقال لها : تعست ، تقول : تعس إعصانا للرب (3).
  قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ما عثرت دابتي قط ، قيل : ولم ذلك ؟ قال : لاني لم أطأ بها زرعا قط .
  وعن علي ( عليه السلام ) في الدواب : ولا تضربوا الوجوه ولا تلعنوها ، فإن الله عز وجل لعن لاعنها .
  وقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إذا لعنت الدواب لزمتها اللعنة [ على صاحبها ] .
  وقال ( عليه السلام ) أيضا : لا تتوركوا على الدواب (4) ، ولا تتخذوا ظهورها مجالس .
  وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعلي ( عليه السلام ) : يا علي لا تردف ثلاثة فإن أحدهم ملعون وهو المقدم.
  وقال ( عليه السلام ) : لكل شيء حرمة وحرمة البهائم في وجوهها .
  عن السكوني بإسناده : أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أبصر ناقة معقولة وعليها جهازها ، فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أين صاحبها ، لا مروة له فليستعد غدا للخصومة .
  حج علي بن الحسين عليهما السلام على ناقة له أربعين حجة فما قرعها بسوط قط .

---------------------------
(1) المذود ـ كمنبر ـ معتلف الدابة .
(2) العثار ـ بالسكر ـ : السقطة والزلة ، يقال : عثرت الدابة ـ من بابي ضرب ونصر ـ : زلت وسقطت ، ونفرت الدابة من كذا نفارا ـ من بابي ضرب ونصر ـ : جزعت وتباعدت .
(3) تعست الدابة ـ من بابي علم ومنع ـ : عثرت وأكبت على وجهها ـ وأيضا بمعنى هلكت .
(4) تورك : اعتمد على وركه. ـ الشيء : حمله على وركه ، ـ الراكب ، ـ : ثنى رجله ليركب أو يستريح .

مكارم الأخلاق _ 264 _

  عن أم سلمة قالت : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : لا تصحب الملائكة رفقة فيها جرس.

( فيما جاء في الابل )
  قال الصادق ( عليه السلام ) : إياكم والابل الحمر ، فإنها أقصر الابل أعمارا (1) .
  وقال ( عليه السلام ) أيضا : اشتروا السود القباح فإنها أطول الابل أعمارا (2).
  ونهى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أن يتخطى القطار ، قيل : يا رسول الله ولم ؟ قال : لانه ليس من قطار إلا وما بين البعير إلى البعير شيطان ، ونهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن إبل الجلالة (3) أن تؤكل لحومها وأن يشرب لبنها ، ولا يحمل عليها الادم ، ولا يركبها الناس حتى تعلف أربعين ليلة .

( في الخيل وغيرها )
  قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة ، والمنفق عليها في سبيل الله كالباسط يده بالصدقة لا يقبضها .
  روي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال : لا تجزوا نواصي الخيل ولا أعرافها ولا أذنابها ، فإن الخير في نواصيها وإن أعرافها دفؤها وإن أذنابها مذابها (4) .
  وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يمن الخيل في كل أحوى أحمر وفي كل أدهم أغر مطلق اليمين (5).
  عن الرضا ( عليه السلام ) قال : على كل منخر من الدواب شيطان ، فإذا أراد أحدكم أن يلجمها فليسم الله عزوجل .

---------------------------
(1) الحمر ـ بضم فسكون ـ : جمع أحمر ، وحمر الفرس ـ من باب علم ـ : سنق واتخم أو فسدت رائحة فمه فهو حمر ككتف ، والحمر ـ بالتحريك ـ : داء يعتري الدابة من أكل الشعير .
(2) والقباح ـ بالفتح ـ : طرف العضد مما يلي المرفق ، أو ملتقى الساق والفخذ .
(3) الجلالة : التي تكون غذاؤه عذرة وهي نجس فتحرم لحمها وشرب لبنها إلا أن تعلف أربعين يوما حتى تطهر ويحل لحمها ولبنها ، والجلة ـ بالتثليث فالتشديد ـ : البعرة وتطلق على العذرة أيضا .
(4) العرف ـ بالضم ـ من الدابة : الشعر النابت في محدب رقبتها والجمع أعراف ، الدف ء ـ بالكسر ـ : نقيض حدة البرد ، وأيضا ما استدفأ به .
(5) أحوى : أسود ليس بشديد السواد أي الذي سواده إلى الخضرة أو جمرة إلى السواد ، والادهم : الاسود ، والذي يشتد سواده ، والاغر : الابيض ، والذي في جبهته بياض .

مكارم الأخلاق ـ 265 ـ

  وعن أبي عبيدة ، عن أحدهما عليهما السلام قال : أيما دابة استصعبت على صاحبها من لجام ونفار فليقرأ في أذنها أو عليها أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات والارض طوعا وكرها وإليه ترجعون وليقل : اللهم سخرها لي وبارك لي فيها بحق محمد وآل محمد ، وليقرأ إنا أنزلناه .
  عن الباقر ( عليه السلام ) قال : إن أحب المطايا إلي الحمر ، وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يركب حمارا أسمه يعفور .

الفصل الثامن : ( في نوادر السفر )
  قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعلي ( عليه السلام ) : يا علي ، إذا سافرت فلا تنزل الاودية ، فإنها مأوى السباع والحيات.
  من كتاب المحاسن ذكر عند النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) رجل ، فقيل له : خير ، قالوا : يا رسول الله خرج معنا حاجا ، فإذا نزلنا لم يزل يهلل حتى نرتحل ، فإذا ارتحلنا لم يزل يذكر الله حتى ننزل ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : فمن كان يكفيه علف ناقته وصنع طعامه ؟
  قالوا : كلنا ، فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : كلكم خير منه.
  عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان في سفر يسير على ناقة إذ نزل فسجد خمس سجدات ، فلما ركب قالوا : يا رسول الله رأيناك صنعت شيئا لم تصنعه ؟
  فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : نعم ، استقبلني جبريل ( عليه السلام ) فبشرني ببشارات من الله عزوجل فسجدت لله شكرا ، لكل بشرى سجدة .
  عن إسحاق بن عمار قال : خرجت مع أبي عبد الله ( عليه السلام ) وهو يحدث نفسه ، ثم إستقبل القبلة فسجد طويلا ، ثم ألزق خده الايمن بالتراب طويلا ، قال : ثم مسح وجهه ثم ركب ، فقلت له : بابي أنت وأمي لقد صنعت شيئا ما رأيته قط ، قال : يا إسحاق إني ذكرت نعمة من نعم الله عزوجل علي فأحببت أن أذلل نفسي ، ثم قال : يا إسحاق ما أنعم الله على عبده بنعمة فشكرها بسجدة يحمد الله فيها ففرغ منها حتى يؤمن له بالمزيد من الدارين .

مكارم الأخلاق _ 266 _

  قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إذا خرج أحدكم إلى سفر ثم قدم على أهله فليهدهم وليطرفهم ولو حجارة .
  وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إذا أعيا أحدكم فليهرول .
  عن الصادق ( عليه السلام ) قال : قال أبوجعفر ( عليه السلام ) : لا تماكس (1) في أربعة أشياء : في شراء الاضحية وفي الكفن وفي ثمن نسمه وفي الكري إلى مكة ، وكان يقول علي بن الحسين عليهما السلام لقهرمانه (2) إذا أراد أن يشري حوائج الحج : اشتر ولا تماكس.
  عن جابر بن عبد الله قال : نهى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن يطرق الرجل أهله ليلا إذا جاء من الغيبة حتى يؤذنهم.
  وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : السفر قطعة من العذاب ، فإذا قضى أحدكم سفره فليسرع الاياب إله أهله.
  قال الصادق ( عليه السلام ) : سير المنازل ينفد الزاد ويسئ الاخلاق ويخلق الثياب (3) .
  والسير ثمانية عشر [ فرسخا أقله ].
  قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إذا ضللتم الطريق فتيامنوا .
  وقال الصادق ( عليه السلام ) : إن على ذروة كل جسر شيطانا ، فإذا انتهيت إليه فقل : بسم الله يرحل عنك .
  عن الرضا ( عليه السلام ) سئل عنه عن السرج واللجام وفيه الفضة ، أيركب به ؟ فقال ( عليه السلام ) : إن كان مموها (4) لا يقدر على نزعه فلا بأس وإلا فلا يركب به .
  قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من أعان مؤمنا مسافرا نفس الله عنه ثلاثا وسبعين كربة وأجاره من الغم والهم في الدنيا [ والاخرة ] ونفس عنه كربة العظيم يوم يعض الظالم على يديه .
  عن يعقوب بن سالم قال : قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) : تكون معي الدراهم فيها .

---------------------------
(1) المماكسة : استحطاط الثمن ، يقال : تماكس الرجلان في البيع أي تشاحا وأراد كل منهما أن يستأثر به .
(2) القهرمان : أمين الدخل والخرج أو الوكيل .
(3) اخلق الثوب : صيره باليا .
(4) المموه : الممزوج والمخلوط من موه الشيء ، بالتشديد : طلاه بماء الذهب والفضة ونحوهما .

مكارم الأخلاق _ 267 _

  تماثيل وأنا محرم ، أفأجعلها في همياني وأشده في وسطي ؟ قال : لا بأس ، هي نفقتك وعليها اعتمادك بعد الله عزوجل .
  وعنه ( عليه السلام ) قال : إذا سافرتم فاتخذوا سفرة وتنوقوا فيها (1) .
  عن نصر الخادم قال : نظر العبد الصالح أبوالحسن موسى بن جعفر ( عليهما السلام ) إلى سفرة عليها حلق صفر (2) ، فقال : انزعوا هذه واجعلوا مكانها حديدا فإنه لا يقدم على شيء مما فيها من الهوام.
  عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : زاد المسافر الحداء والشعر ما كان منه ليس فيه خنى (3) .
  من المحاسن ، عن الصادق ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إياكم والتعريس (4) على ظهر الطريق وبطون الاودية ، فإنها مدارج السباع ومأوى الحيات .
  وقال الصادق ( عليه السلام ) : إنك ستصحب أقواما فلا تقل : انزلوا ههنا ولا تنزلوا ههنا ، فإن فيهم من يكفيك .

---------------------------
(1) تنوق وتنيق في مطعمه أو ملبسه أو اموره ، من باب تصرف : تجود وبالغ فيها .
(2) الحلق ، بفتحتين : جمع حلقة ، والصفر ، بالضم : الذهب ، والنحاس الاصفر .
(3) الخنى : الفحش من القول ، وفي بعض السنخ خنا .
(4) التعريس : نزول المسافر في الليل للاستراحة والنوم ، يقال : عرس القوم : نزلوا من السفر في آخر الليل للاستراحة ثم ارتحلوا .

مكارم الأخلاق _ 268 _

الباب العاشر : ( في الادعية وما يتعلق بها وهو خمسة فصول )
  إن لمولاي وولي نعمي أبي ـ طول الله عمره ومتع المسلمين بطول بقائه ـ مجموعات جامعة في الدعوات فأردت أن أنتزع منها بابا مختصرا لائقا بهذا الكتاب ، مستجمع لنفائس هذا الفن ، فاستخرت الله في جميع ذلك ، فخرج بعون الله بابا جامعا ، نسأل الله توفيق العمل بما فيه بفضله إنه سميع مجيب.

الفصل الاول: ( في فضل الدعاء وكيفيته )
( فيما جاء في فضل الدعاء )
  قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ما من شيء أكرم على الله تعالى من الدعاء .
  عن حنان بن سدير ، عن أبيه قال : قلت للباقر ( عليه السلام ) أي العبادة أفضل ؟ فقال ما من شيء أحب إلى الله عزوجل من أن يسأل ويطلب مما عنده ، وما أحد أبغض إلى الله عزوجل ممن يستكبر عن عبادته ولا يسأل مما عنده .
  عن الصادق ( عليه السلام ) : من لم يسأل الله من فضله افتقر .
  قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لا يرد القضاء إلا الدعاء .
  وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : الدعاء سلاح المؤمن وعمود الدين ونور السماوات والارض.
  وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ألا أدلكم على سلاح ينجيكم من أعدائكم ويدر أرزاقكم ؟ قالوا بلى : يا رسول الله ، قال : تدعون ربكم بالليل والنهار ، فإن سلاح المؤمن الدعاء .
  عن الحسين بن علي عليهما السلام قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يرفع يديه إذا ابتهل ودعاء كما يستطعم المسكين .
  وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أعجز الناس من عجز عن الدعاء ، وأبخل الناس من بخل بالسلام

مكارم الأخلاق _ 269 _

  وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ما من مسلم دعا الله تعالى بدعوة ليس فيها قطعية رحم ولا استجلاب إثم إلا أعطاه الله تعالى بها إحدى خصال ثلاث : إما أن يعجل له الدعوة ، وإما أن يدخرها له في الاخرة ، وإما أن يرفع عنه مثلها من السوء .
  وقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : لا تستحقروا دعوة أحد ، فإنه قد يستجاب اليهودي فيكم ولا يستجاب له في نفسه .
  وقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : أحب الاعمال إلى الله عزوجل في الارض الدعاء.
  وأفضل العبادة العفاف.
  عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : الدعاء يرد القضاء بعدما أبرم إبراما ، فأكثروا من الدعاء ، فإنه مفتاح كل رحمة ونجاح كل حاجة ، ولا ينال ما عندالله إلا بالدعاء ، وليس باب يكثر قرعه إلا يوشك أن يفتح لصاحبه .
  عبد الله بن ميمون القداح ، عنه عليه عليه السلام قال : الدعاء كهف الاجابة كما أن السحاب كهف المطر .
  وعنه عليه السلام قال : ما أبرز عبد يده إلى الله العزيز الجبار عزوجل إلا استحيا الله عز إسمه أن يردها صفرا حتى يجعل فيها من فضل رحمته ما يشاء ، فإذا دعا أحدكم فلا يرد يده حتى يمسح على رأسه ووجهه .
  عن هشام بن سالم قال : قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : هل تعرفون طول البلاء من قصره ؟ قيل : لا ، قال : إذا ألهم أحدكم الدعاء عند البلاء فاعلموا أن البلاء قصير .
  وقال ( عليه السلام ) : إن الدعاء في الرخاء لينجز الحوائج في البلاء .
  وقال ( عليه السلام ) : أوحى الله تبارك وتعالى إلى داود ( عليه السلام ) : اذكرني في سرائك أستجب لك في ضرائك .
  وقال ( عليه السلام ) : من تخوف بلاء يصيبه فتقدم فيه بالدعاء لم يره الله عزوجل ذلك البلاء أبدا .
  عن أبي عبد الله وأبي جعفر عليهما السلام قالا : والله ما يلح عبد على الله إلا استجاب له .
  عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : من توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى ركعتين فأتم ركوعهما وسجودهما ثم سلم وأثنى على الله عزوجل وعلى رسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ثم سأل حاجته

مكارم الأخلاق _ 270 _

  فقد طلب الخير في مظانه ، ومن طلب الخير في مظانه لم يخب .
  من الفردوس ، قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : البلاء يتعلق بين السماء والارض مثل القنديل ، فإذا سأل العبد ربه العافية صرف الله عنه البلاء ، وقال : سلوا لله عزوجل ما بدا لكم من حوائجكم حتى شسع النعل ، فإنه إن لم ييسره لم يتيسر ، وقال : ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى يسأله شسع نعله إذا انقطع.
  قال الصادق ( عليه السلام ) : إن الله عزوجل جعل أرزاق المؤمنين من حيث لم يحتسبوا ، وذلك أن العبد إذا لم يعرف وجه رزقه كثر دعاؤه .
  وعنه ( عليه السلام ) قال : من سره أن يستجاب له في الشدة فليكثر الدعاء في الرخاء .
  عن الرضا ( عليه السلام ) قال : دعوة العبد سرا دعوة واحدة تعدل سبعين دعوة علانية .
  عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : إن الله تعالى يعلم ما يريد العبد إذا دعا ولكن يحب أن يبث إليه الحوائج .
  عنه ( عليه السلام ) قال : إن الله عزوجل لا يستجب دعاءا يظهر من قلب ساه (1) ، فإذا دعوت فاقبل بقلبك ثم استيقن بالاجابة .
  وعنه ( عليه السلام ) قال : إن الله عزوجل كره إلحاح الناس بعضهم على بعض في المسألة وأحب ذلك لنفسه ، إن الله عزوجل يحب أن يسأل ويطلب ما عنده .
  وعن الرضا ( عليه السلام ) أنه كان يقول لاصحابه : عليكم بسلاح الانبياء ، فقيل : وما سلاح الانبياء ؟ قال ( عليه السلام ) : الدعاء .
  وعن الصادق ( عليه السلام ) قال : الدعاء أنفذ من السنان .
  وعن حماد بن عثمان قال : سمعته يقول ( عليه السلام ) : الدعاء يرد القضاء وينقضه كما ينقض السلك وقد أبرم إبراما (2) .
  عن أبي الحسن موسى ( عليه السلام ) قال : عليكم بالدعاء ، فإن الدعاء والطلب إلى الله عزوجل يرد البلاء وقد قدر وقضى فلم يبق إلا إمضاؤه ، فإنه إذا دعا الله وسأله صرف البلاء صرفا .

---------------------------
(1) ساه : أي غافل ، اسم فاعل من سها يسهو .
(2) السلك ـ بالكسر ـ : الخيط المفتل والذي ينظم فيه الخرز ونحوه .

مكارم الأخلاق _ 271 _

  قال الصادق ( عليه السلام ) : عليك بالدعاء ، فإن فيه شفاء من كل داء .
  وقال ( عليه السلام ) : من تقدم في الدعاء استجيب له إذا نزل به البلاء ، وقيل : صوت معروف ولم يحجب عن السماء ، ومن لم يتقدم في الدعاء لم يستجب له إذا نزل به البلاء ، وقالت الملائكة : إن ذا الصوت لا نعرفه .
  عن زين العابدين ( عليه السلام ) قال : الدعاء بعد ما ينزل البلاء لا ينفع .
  عن الصادق ( عليه السلام ) قال : إذا دعوت فاقبل بقلبك وظن أن حاجتك بالباب .
  وقال ( عليه السلام ) : لا يلح عد مؤمن على الله تعالى في حاجة إلا قضاها له .
  وقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : رحم الله عبدا طلب من الله عزوجل حاجته وألح في الدعاء استجيب له أم لم يستجب وتلا هذه الاية ( وأدعو ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقيا ) (1) .
  وقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ما من أحد ابتلى وإن عظمت بلواه بأحق بالدعاء من المعافي الذي يأمن البلاء .

( في الاوقات المرجوة لاجابة الدعاء )   زيد الشحام قال : قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : اطلبوا الدعاء في أربع ساعات : عند هبوب الرياح ، وزوال الافياء ، ونزول القطر ، وأول قطرة من دم القتيل المؤمن [ الشهيد ] ، فإن أبواب السماء تفتح عند هذه الاشياء .
  عنه ( عليه السلام ) قال : يستجاب الدعاء في أربع : في الوتر ، وبعد الفجر ، وبعد الظهر ، وبعد المغرب .
  وعن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : اغتنموا الدعاء عند أربع : عند قراءة القرآن ، وعند الاذان ، وعند نزول الغيث ، وعند التقاء الصفين للشهادة .
  عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : كان أبي إذا كانت له إلى الله عزوجل حاجة طلبها هذه الساعة يعني زوال الشمس .
  عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : إذا رق أحدكم فليدع ، فإن القلب لا يرق حتى يخلص .
  عن معاوية بن عمار ، عنه ( عليه السلام ) قال : كان أبي إذا طلب الحاجة طلبها عند

---------------------------
(1) سورة مريم : آية 49 .

مكارم الأخلاق _ 272 _

  زوال الشمس ، فإذا أراد ذلك قدم شيئا فتصدق به وشم شيئا من الطيب وراح إلى المسجد فدعا في حاجته بما شاء الله عزوجل.
  وعنه ( عليه السلام ) قال : إذا إقشعر جلدك ودمعت عيناك فدونك دونك فقد نجح قصدك (1) .
  أبوالصباح (2) ، عن أبي جعفر الباقر ( عليه السلام ) قال : إن الله عزوجل يحب من عباده المؤمنين كل عبد دعاء ، فعليكم بالدعاء في السحر إلى طلوع الشمس ، فإنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء وتقسم فيها الارزاق وتقضى فيها الحوائج العظام.
  عن عمر بن أذينة قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : إن في الليل ساعة لا يوافقها عبد مسلم يصلي ويدعو الله عزوجل فيها إلا استجاب الله تعالى له في كل ليلة ، قلت : أصلحك الله وأي ساعة هي من الليل ؟ قال : إذا مضى نصف الليل وهي السدس الاول من أول النصف.
  عن أبي إسحاق ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : الرغبة أن تستقبل ببطن كفيك إلى السماء ، والرهبة أن تجعل ظهر كفيك إلى السماء ، وقال في قوله عزوجل ( وتبتل إليه تبتيلا ) (3) : الدعاء بأصبع واحدة تشير بها ، والتضرع أن تشير بإصبعك وتحركها ، والابتهال رفع اليدين ومدهما ، وذلك عند الدمعة ثم ادع.
  وعنه ( عليه السلام ) أنه ذكر الرغبة ، وأبرز بطن راحتيه إلى السماء (4) وهكذا الرهبة وجعل ظهر كفيه إلى السماء ، وهكذا التضرع وحرك أصابعه يمينا وشمالا ، وهكذا التبتل ويرفع أصابعه مرة ويضعها مرة ، وهكذا الابتهال ومد يده بإزاء وجه إلى القبلة ، وقال : لا تبتهل حتى تجري الدمعة .
  عن هارون بن خارجة ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام قال : سألته عن الدعاء ورفع

---------------------------
(1) دونك : اسم فعل بمعنى خذ أي راقب نفسك في هذه الساعة ولا تغفل منها ونوى قصدك فقد فاز به .
(2) هو إبراهيم بن نعيم العبدي أبوالصباح الكناني من عبد القيس ، كان من أصحاب الباقر والصادق والكاظم عليهم السلام وكان أبو عبد الله ( عليه السلام ) يسميه الميزان لثقته ، وله كتاب .
(3) سورة المزمل : آية 8 .
(4) الراحة الكف وباطن اليد .

مكارم الأخلاق _ 273 _

  اليدين ؟ فقال ( عليه السلام ) : على أربعة أوجه : أما التعوذ فتستقبل السماء بظهر كفيك ، وأما الدعاء في الرزق فتبسط كفيك وتقبل ببطنهما إلى السماء ، وأما التبتل فإيماؤك بإصبعك السبابة ، وأما الابتهال فرفع يديك تجاوز بهما رأسك في دعائك مع التضرع.

( في مقدمات الدعاء )
  عن ابن المغيرة (1) قال سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : إياكم وأن يسأل أحدكم من ربه عزوجل شيئا من حوائج الدنيا والاخرة حتى يبدأ بالثناء على الله عزوجل والمدحة له والصلاة على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ثم يسأل الله حوائجه .
  محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) : أن في كتاب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أن المدحة قبل المسألة ، فإذا دعوت الله عزوجل فمجده ، قال : قلت : كيف أمجده ؟ قال : تقول : يا من هو أقرب إلى من حبل الوريد ، يا فعالا لما يريد ، يا من يحول بين المرء وقلبه ، يا من هو بالمنظر الاعلى ، يا من ليس كمثله شيء .
  الحرث بن المغيرة (2) ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : إذا أردت أن تدعو فمجد الله عزوجل وأحمده وسبحه وهلله وأثن عليه وصل على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ثم سل تعط .
  وعنه ( عليه السلام ) قال : إذ طلب أحدكم الحاجة فليثن على الله سبحانه وليمدحه فإن الرجل إذا طلب الحاجة من السلطان هيأ له من الكلام أحسن ما يقدر عليه ، فإذا طلبتم الحاجة فمجدوا الله العزيز الجبار وامدحوه وأثنوا عليه ، تقول : يا أجود من أعطى ، يا خير من سئل ، يا أرحم من استرحم ، يا واحد يا أحد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، يا من لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ، يا من يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ويقضي ما أحب ، يا من يحول بين المرء وقلبه ، يا من هو بالمنظر الاعلى ، يا من ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، وأكثر من أسماء الله عزوجل

---------------------------
(1) لعل هو الحرث بن المغيرة الاتي ذكره ، ويمكن أن يكون هو أبومحمد عبد الله بن المغيرة البجلي الكوفي ، ثقة لا يعدل به أحد من جلالته ودينه وورعه ، كان من أصحاب الاجماع وصنف كتبا كثيرة ، وقيل : إنه كان واقفيا ثم رجع .
(2) كان من أصحاب الباقر والصادق ( عليهما السلام ) ثقة وله كتاب يرويه عدة من أصحابنا ، ( مكارم الاخلاق ـ 18 )

مكارم الأخلاق _ 274 _

  فإن اسماء الله كثيرة ، وصل على محمد وآل محمد وقل : اللهم أوسع علي من رزقك الحلال ما أكف به وجهي وأؤدي به عن أمانتي وأصل به رحمي ويكون عونا لي على الحج والعمرة ، وقال : إن رجلا دخل المسجد فصلى ركعتين ثم سأل الله عزوجل ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أعجل العبد ربه ، وجاء آخر فصلى ركعتين ثم أثنى على الله عزوجل وصلى على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : سل تعط .
  درست بن أبي منصور (1) عن أبي خالد قال : قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : ما من رهط أربعين رجلا اجتمعوا فدعوا الله عزوجل في إمر إلا استجاب الله لهم ، فإن لم يكونوا أربعين فأربعة يدعون الله عشر مرات إلا استجاب الله سبحانه لهم ، فإن لم يكونوا أربعة فواحد يدعو الله أربعين مرة فيستجب الله العزيز الجبار له .
  وعنه ( عليه السلام ) قال : كان أبي إذا أحزنه أمر أجمع النساء والصبيان ثم دعا وأمنوا .
  وعنه ( عليه السلام ) : الداعي والمؤمن في الاجر شريكان.
  هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : لا يزال الدعاء محجوبا حتى يصلى على محمد وآل محمد .
  وعنه ( عليه السلام ) قال : من دعا ولم يذكر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) رفرف الدعاء (2) على رأسه ، فإذا ذكر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) رفع الدعاء .
  وعنه ( عليه السلام ) قال : إن رجلا أتى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : يا رسول الله أجعل ثلث صلاتي لك ، لا بل أجعل نصف صلاتي لك ، لا بل أجعلها كلها لك ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إذا تكفي مؤونة الدنيا والاخرة .
  عن أبي بصير وابن الحكم قالا : سألنا أبا عبد الله ( عليه السلام ) ما معنى أجعل صلاتي كلها لك ؟ قال : يقدمه بين يدي كل حاجة ، فلا يسأل الله عزوجل شيئا حتى يبدأ بالنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فيصلي عليه ثم يسأل الله حوائجه .
  وعنه ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لا تجعلوني كقدح الراكب فإن الراكب يملا قدحه فيشربه إذا شاء ، اجعلوني في أول الدعاء وآخره ووسطه .

---------------------------
(1) هو بضم الاول والثاني ابن أبي منصور أو ابن منصور الواسطي ، كان من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام وقد عده بعضهم من أصحاب الرضا ( عليه السلام ) أيضا ، وله كتاب .
(2) رفرف الطائر : بسط جناحيه وحركهما حول الشيء يريد أن يقع عليه .

مكارم الأخلاق _ 275 _

  وعنه ( عليه السلام ) قال : من كانت له حاجة إلى الله عزوجل فليبدأ بالصلاة على محمد وآل محمد ثم يسأل الله حاجته ثم يختم بالصلاة على محمد وآله ، فإن الله عزوجل أكرم من أن يقبل الطرفين ويدع الوسط ، إذا كانت الصلاة على محمد وآل محمد لا تحجب عنه .
  وعن أبي عبد الله عليه قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ما من قوم اجتمعوا في مجلس فلم يذكروا اسم الله عزوجل ولم يصلوا على نبيهم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلا كان ذلك المجلس حسرة ووبالا عليهم .

( فيمن يستجاب دعاؤه )
  عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : ثلاثة دعوتهم مستجابة : الحاج فانظروا بما تخلفونه ، والغازي في سبيل الله فانظروا كيف تخلفونه ، والمريض فلا تعرضوه ولا تضجروه.
  وعنه ( عليه السلام ) قال : كان أبي يقول : خمس دعوات لا يحجبن عن الرب تبارك وتعالى : دعوة الامام المقسط ، ودعوة المظلوم ، يقول الله عزوجل : وعزتي وجلالي لانتصفن لك ولو بعد حين (1) ، ودعوة الولد الصالح لوالديه ، ودعوة الوالد الصالح لولده ، ودعوة المؤمن لاخيه بظهر الغيب فيقول : ولك مثله .
  من الفردوس قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن : دعوة الوالد ، ودعوة المظلوم ، ودعوة المسافر .
  وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أطيب كسبك تستجب دعوتك ، فإن الرجل يرفع اللقمة إلى فيه فما تستجاب له دعوة أربعين يوما .
  عن الفضيل بن يسار ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : أوشك دعوة وأسرع إجابة دعوة المؤمن لاخيه المؤمن بظهر الغيب .
  عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : دعاء الرجل لاخيه بظهر الغيب يدر الرزق ويدفع المكروه .

---------------------------
(1) انصف من فلان : استوفى حقه منه كاملا .