فوقف على غلام فقال : يا غلام عندك ثوبان بخمسة دراهم ؟ قال : نعم عندي ، فأخذ ثوبين ـ أحدهما بثلاثة دراهم والاخر بدرهمين ـ ثم قال : يا قنبر خذ الذي بثلاثة ، فقال : أنت أولى به تصعد المنبر وتخطب الناس ، قال : وأنت شاب ولك شرة الشباب (1) وأنا أستحيي من ربي أن أتفضل عليك ، سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : ألبسوهم مما تلبسون وأطعموهم مما تطعمون ، فلما لبس القميص مد يده في ذلك ، فإذا هو يفضل عن أصابعه ، فقال : أقطع هذا الفضل ، فقطعه ، فقال الغلام : هلم أكفه ، قال : دعه كما هو فإن الامر أسرع من ذلك عن أبي بصير قال : سمعت أبا جعفر ( عليه السلام ) يقول : إن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) اشترى قميصا سنبلانيا بأربعة دراهم ثم لبسه ، فمد يده فزاد على أصابعه ، فقال للخياط : هلم الجلم ، فقطعه حيث انتهت أصابعه ، ثم قال : الحمد لله الذي كساني من الرياش ما أستر به عورتي وأتجمل به في الناس ، اللهم اجعله ثوب يمن وبركة ، أسعى فيه لمرضاتك عمري وأعمر فيه مساجدك ، ثم قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان يقول : من لبس ثوبا جديدا فقال هذه الكلمات غفر له .

( الدعاء )
  من كتاب النجاة [ يقول ] عند لبس السراويل : اللهم استر عورتي وآمن روعتي وأعف فرجي ولا تعجل للشيطان في ذلك نصيبا ولا له إلى ذلك وصولا فيصنع إلي المكائد ويهيجني لارتكاب محارمك .
  عن الصادق ، عن علي عليهما السلام [ قال ] : لبس الانبياء القميص قبل السراويل .
  وفي رواية قال : لا تلبسه من قيام ولا مستقبل القبلة ولا الانسان.
  عن الصادق ( عليه السلام ) قال : اغتم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يوما فقال : من أين أتيت فما أعلم أني جلست على عتبة باب ولا شققت بين غنم ولا لبست سراويلي من قيام ولا مسحت يدي ووجهي بذيلي .

---------------------------
(1) يقال شرة الشباب ـ بالكسر فالتشديد ـ أي نشاطه .

مكارم الأخلاق _ 102 _

  عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : إذا لبستم وتوضأتم فابدؤا بميامنكم .
  عن الصادق ( عليه السلام ) قال : قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : إذا كسا الله مؤمنا ثوبا جديدا فليتوضأ وليصل ركعتين يقرأ فيهما أم الكتاب وقل هو الله أحد وآية الكرسي وإنا أنزلناه ، ثم ليحمد الله الذي ستر عورته وزينه في الناس وليكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله ، فإنه لا يعصى الله فيه وله بكل سلك فيه ملك يقدس له ويستغفر له ويترحم عليه .
  عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : إذا توضأ أحدكم أو شرب أو أكل أو لبس أو فعل غير ذلك مما يصنعه ينبغي له أن يسمي ، فإن لم يفعل كان للشيطان فيه شرك .
  وفي رواية : من أخذ قدحا وجعل فيه ماء وقرأ عليه إنا أنزلناه خمسا وثلاثين مرة ورش الماء على ثوبه لم يزل في سعة حتى يبلى ذلك الثوب.
  وفي رواية أخرى عن الرضا ( عليه السلام ) كان يلبس ثيابه مما يلي يمينه ، فإذا لبس ثوبا جديدا دعا بقدح من ماء وقرأ عليه إنا أنزلناه عشرا وقل هو الله أحد عشرا وقل يا أيها الكافرون عشرا ، ثم رش ذلك الماء على ذلك الثوب ، ثم قال : فمن فعل ذلك لم يزل كان في عيشة رغد ما بقي من ذلك الثوب سلك(1) .
  عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر ( عليه السلام ) يقول : إن عليا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) اشترى بالعراق قميصا سنبلانيا غليظا بأربعة دراهم ، فقطع كميه إلى حيث بلغ أصابعه مشمرا إلى نصف ساقه ، فلما لبسه حمد الله وأثنى عليه(2) .
  عن ابن عباس ، عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : من لم يجد إزارا فليلبس سراويل ، ومن لم يجد نعلين فليلبس خفا .

---------------------------
(1) السلك ـ بالكسر والفتح ـ : الخيوط ، جمع السلكة ـ بالكسر والسكون ـ : الخيط يخاط به .
(2) الكم ـ بالضم والتشديد ـ : مدخل اليد ومخرجها من الثوب .

مكارم الأخلاق _ 103 _

الفصل الثاني : ( في طي الثوب وتنظيفه )
  عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : أدنى الاسراف هراقة فضل الاناء وابتذال(1) ثوب الصون وإلقاء النوى.
  وعنه ( عليه السلام ) قال : إنما السرف أن تجعل ثوب صونك ثوب بذلتك.
  وعن الحسن بن علي بن يقطين رفع الحديث قال : قال أبوجعفر ( عليه السلام ) : طي الثياب راحتها وهو أبقى لها .
  وعنه ( عليه السلام ) قال : الثوب النقي يكبت العدو والدهن يذهب بالبؤس والمشط للرأس يذهب بالوباء والمشط للحية يشد الاضراس .
  وعنه ، عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : قال : غسل الثياب يذهب الهم والحزن وهو طهور للصلاة ، قال الله تبارك وتعالى : ( وثيابك فطهر )(2) أي فشمر .
  وعنه ، عن أبيه ( عليه السلام ) قال : إن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : من اتخذ ثوبا فلينظفه .
  وعنه ( عليه السلام ) في ( وثيابك فطهر ) أي فارفعها ولا تجرها .
  وعنه ( عليه السلام ) في قول الله تعالى : ( وثيابك فطهر ) قال : وثيابك فقصر .

الفصل الثالث : في لبس أنواع اللباس مع اختلاف ألوانها
( في لبس الثياب البيض )
  عن أبي عبد الله ، عن أمير المؤمنين عليهما السلام قال : البسوا من القطن فإنه لباس رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولباسنا ، ولم يكن يلبس الصوف والشعر إلا من علة .
  وقال ( عليه السلام ) : إن الله جميل يحب الجمال ويحب أن يرى أثر نعمته على عبده .

---------------------------
(1) ابتذال الثوب : لبسه في أوقات الشغل والخدمة .
(2) سورة المزمل : آية 4 .

مكارم الأخلاق _ 104 _

  وعنه ( عليه السلام ) قال : الكتان من لباس الانبياء.
  عن جابر ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ليس من ثيابكم شيء أحسن من البياض فالبسوه وكفنوا فيه موتاكم .

( في لبس الاسود )
  عن سليمان بن رشيد ، عن أبيه قال : رأيت على أبي الحسن ( عليه السلام ) دراعة سوداء وطيلسانا أزرق(1) .
  عن أبي ظبيان الجنبي قال : خرج علينا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ونحن في الرحبة وعليه خميصة سوداء(2) .
  عن الحسين بن المختار قال : قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) : يحرم الرجل في الثوب الاسود ، فقال : لا يجوز في الثوب الاسود ولا يكفن به الميت.

( في لبس الاصفر والمزعفر )
  عن أبي ظبيان الجنبي قال : خرج علينا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ونحن في الرحبة وعليه إزار أصفر وخميصة سوداء وبرجليه نعلان وبيده عنزة(3) .
  عن زرارة قال : خرج أبوجعفر ( عليه السلام ) يصلي على بعض أطفالهم وعليه جبة خز صفراء وعمامة خز صفراء ومطرف(4) خز أصفر .
  عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : ما من شيء أحسن على الكعبة من الرياط(5) السابري المصبوغ بالزعفران .

---------------------------
(1) دراعة ، بالضم فالتشديد ، جبة مشقوقة المقدم ولا يكون إلا من صوف كالمدرعة .
(2) الخميصة ، مؤنث الخميص : كساء أسود مربع له علمان فان لم يكن معلما فليس بخميصة ، وأبوظبيان الجنبي ، منسوب إلى جنب بطن من العرب وقيل : حي من اليمن ، كان من أصحاب علي ( عليه السلام ).
(3) العنزة ـ بالتحريك ـ : رميح بين العصا والرمح ، أطول من العصا وأقصر من الرمح .
(4) المطرف : رداء من خز ذو أعلام .
(5) الرياط ، جمع ريطة : الملاءة إذا كانت قطعته واحدة ونسجا واحدا ولم تكن لفقين أي قطعتين وإذا كانت لفقين فهي ملاءة ، ويطلق أيضا على كل ثوب يشبه الملحفة وكل ثوب لين ، والسابري : درع دقيقة النسج محكمة وثوب رقيق جيد .

مكارم الأخلاق _ 105 _

( في لبس المعصفر )
  عن عبد الله بن عطا قال : رأيت على أبي جعفر ( عليه السلام ) ملحفة حمراء مشبعة قد أثرت في جلده ، فقلت : ما هذا ؟ فقال : ملحفة المرأة .
  عن الحكم بن عيينه قال : دخلت على أبي جعفر ( عليه السلام ) وعليه ملحفة مصبوغة بعصفر قد نفض صبغها على عاتقه ، قال : فنظرت إليها ، فقال : يا حكم ما تقول في هذا ؟ قلت : إنا لنعيب الشاب [ المراهق ] عندنا مثل هذا ، فأي شيء أقول وهي عليك ؟ فقال : يا حكم ( من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ) يا حكم إني حديث عهد بعرس .
  وعنه ( عليه السلام ) قال : ما زال لبس الاحمر المفدم(1) يكره إلا بعرس .
  عن مالك قال : دخلت على أبي جعفر ( عليه السلام ) وعليه ملحفة حمراء شديدة الحمرة فتبسمت حين دخلت ، فقال : إني أعلم لم ضحكت ؟ ضحكت من هذا الثوب علي إن الثقفية أكرهتني على لبسها ، ثم قال : إنا لانصلي في هذا ، فلا تصلوا في المصبغ المضرج(2) ، ثم دخلت عليه بعد فسألته عن الثقفية ؟ قال : طلقتها ، إني خلوت بها فإذا هي تتبرأ من علي ( عليه السلام ) ، فلم يسعني أن امسكها وهي تتبرأ من علي ( عليه السلام ).
  عن الحكم بن عيينه قال : رأيت أبا جعفر ( عليه السلام ) وعليه إزار أحمر ، قال : فأحددت النظر إليه ، فقال : يا أبا محمد إن هذا ليس به بأس ، ثم تلا « قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق )(3).

( في لبس الوردي والعدسي والازرق والاخضر )
  عن الحسن الزيات قال : رأيت على أبي جعفر ( عليه السلام ) ملحفة وردية .
  عن محمد بن علي قال : رأيت على أبي الحسن ( عليه السلام ) ثوبا عدسيا(4) .

---------------------------
(1) المفدم : المشبع حمرة ، كأنه لتناهي حمرته كالممتنع من قبول زيادة الصبغ.
(2) المضرج : المصبوغ بالحمرة والمتلطخ بها .
(3) سورة الاعراف : آية 30
(4) كان يشبه لون العدس.

مكارم الأخلاق _ 106 _

  عن سليمان بن رشيد ، عن أبيه قال : رأيت على أبي الحسن ( عليه السلام ) طيلسانا أزرق .
  عن أبي العلاء قال : رأيت على أبي عبد الله ( عليه السلام ) بردا أخضر وهو محرم .
  عن أبان بن تغلب قال : دخلت على أبي عبد الله ( عليه السلام ) في آخر يوم من شهر رمضان بعد العصر ، فقال لي : يا أبان إن جبريل ( عليه السلام ) نزل على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في آخر يوم من شهر رمضان بعد العصر ، فلما صعد إلى السماء دعا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فاطمة عليها السلام ـ وكانت إذا سمعته أجابته ـ فأجابته في عباءة محتجزة(1) بنصفها والنصف الاخر على رأسها ، فقال لها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ادع زوجك عليا ، فدعته فاطمة فأجلسه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن يمينه ، ثم أخذ كفه فوضعها في حجره ، وأجلس رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فاطمة عليها السلام عن يساره وأخذ كفها فوضعها في حجره ، ثم قال لهما : ألا أخبر كما بما أخبرني به جبريل ( عليه السلام ) ؟ قالا : بلى يا رسول الله ، قال : أخبرني أني عن يمين العرش يوم القيامة وأن الله كساني ثوبين أحدهما أخضر والاخر وردي ، وأنك يا علي عن يمين العرش وأن الله كساك ثوبين أحدهما أخضر والاخر وردي ، وأنك يا فاطمة عن يمين العرش وأن الله كساك ثوبين أحدهما أخضر والاخر وردي ، قال : فقلت : جعلت فداك فإن الناس يكرهون الوردي ، قال : يا أبان إن الله لما رفع المسيح ( عليه السلام ) إلى السماء رفعه إلى جنبه فيها سبعون غرفة وأنه كساه ثوبين أحدهما أخضر والاخر وردي ، قال : قلت : جعلت فداك أخبرني بنظيره من القران ؟
  قال : يا أبان إن الله يقول : ( فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان )(2) .

الفصل الرابع في لبس الخز والحلة وغير ذلك
( في لبس الخز )
  عن عبد الله بن سليمان قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : إن علي بن الحسين ( عليه السلام ) كان رجلا صردا(3) وكان يشتري الثوب الخز بألف درهم أو خمسمائة درهم ، فإذا

---------------------------
(1) إحتجز بالازار : شده على وسطه .
(2) سورة الرحمن : آية 37 .
(3) صرد ، ككتف : الذي كان قويا على الصرد وضعيف عنه ( ضد ) ، والصرد : البرد .

مكارم الأخلاق _ 107 _

  خرج الشتاء باعه وتصدق بثمنه ولم يكن يصنع ذلك بشيء من ثيابه غير الخز.
  عن قتيبة بن محمد قال : قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) : إنا نلبس الثوب الخز وسداه أبريسم ، قال : لا بأس بالابريسم إذا كان معه غيره ، قد أصيب الحسين ( عليه السلام ) وعليه جبة خز سداها أبريسم ، قلت : إنا نلبس هذه الطيالسة البربرية وصوفها ميت ، قال : ليس في الصوف روح ، ألا ترى أنه يجز ويباع وهو حي ؟
  عن الحسن بن علي ، عنه قال : كان علي بن الحسين ( عليه السلام ) يلبس ثوبين في الصيف يشتريان له بخمسمائة دينار ، ويلبس في الشتاء المطرف الخز ويباع في الصيف بخمسين دينارا ويتصدق بثمنه .
  عن محمد بن مسعدة ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : كان أبي يلبس الثوب الخز بخمسمائة درهم فإذا حال عليه الحول تصدق به ، فقيل له : لو بعته وتصدقت بثمنه ، قال : أبيع ثوبا قد صليت فيه ؟! عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : سأل رجل أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن جلود الخز ؟
  وأنا حاضر ، فقال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : ليس به بأس ، فقال له الرجل : جعلت فداك هي من بلادي وإنما هي كلاب تخرج من الماء ، فقال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : فإذا خرجت من الماء تعيش وهي خارج في البر ؟ قال : لا ، قال : ليس به بأس.
  من كتاب زهد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، عن علي بن أبي عمران قال : خرج الحسين ابن علي ( عليه السلام ) ـ وعلي ( عليه السلام ) في الرحبة ـ وعليه قميص خز وطوق من ذهب ، فقال : هذا إبني ؟ قالوا : نعم ، فدعاه فشقه عليه وأخذ الطوق فقطعه قطعا .

( في لبس الحلة )
  عن المعلى بن خنيس ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : أتى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بحلل فيها حلة (1) جيدة ، فقال الحسين ( عليه السلام ) : أعطني هذه ، فأبى وقال : اعطيك مكانها حلتين ، فأبى وقال : هي خير من ذلك ، فقال : اعطيك مكانها ثلاث حلل ،

---------------------------
(1) الحلة ـ بالضم ـ : كل ثوب جديد ، والجمع حلل ، وقيل : إزار ورداء من برد او غيره .

مكارم الأخلاق _ 108 _

  قال : هي خير من ذلك ، فقال : أربعا ، حتى بلغ خمسا فأعطاه إياها ، ثم قال : أما انك تلبسها فيقال : ابن أمير المؤمنين ، ثم تلبسها فتوسخ فتفسدها وأكسو بهذه الخمس حلل خمسة من المسلمين .

( في لبس الحرير والديباج )
  عن جعفر ، عن أبيه عليهما السلام قال : أتى أسامة بن زيد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ومعه ثوب حرير ، فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : هذا لباس من لا خلاق(1) له ، ثم أمره فشقه خمرا بين نسائه .
  عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : لا يصلح لبس الحرير والديباج للرجال ، فأما بيعه فلا بأس به .
  عن أبي عبد الله أو أبي الحسن عليهما السلام أنه سئل عن لبس الحرير والديباج ؟
  فقال : أما في الحرب فلا بأس وإن كان فيه تماثيل.
  من كتاب زهد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، عن علي بن عمران قال : خرج الحسين ابن علي ( عليه السلام ) وعلي ( عليه السلام ) في الرحبة إلى آخر الحديث.
  عن عمرو أو عمر بن نعجة السكوني قال : أتى علي ( عليه السلام ) بدابة دهقان ليركبها ، فلما وضع رجله في الركاب قال : بسم الله ، فلما وضع يده على القربوس(2) زلت يده [ عن الصفة ] فقال : أديباج هي ؟ قالوا : نعم ، فلم يركب حين أنبئ أنه ديباج .

( في لبس القسي وغيره )
  عن داود بن سرحان ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : إن عليا ( عليه السلام ) قال : نهاني رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ـ ولا أقول نهاكم ـ عن لبس القسي(3) والتختم بالذهب وأن أركب على مثيرة حمراء وأن أقرأ وأنا راكع .

---------------------------
(1) الخلاق : النصيب .
(2) القربوس : قسمة المقوس المرتفع من قدام السرج ومن مؤخره أي حنو السرج .
(3) القسي منسوب إلى قس ـ بالفتح وقد يكسر ـ : موضع بمصر .

مكارم الأخلاق _ 109 _

الفصل الخامس : في التبختر في الثياب والتواضع فيها والترقيع لها والاقتصاد فيها ولبس الخشن

( في التبختر في الثياب )
  عن عبد الله بن هلال قال : أمرني أبو عبد الله ( عليه السلام ) أن أشتري له إزارا ، فقلت : إني لست أصيب إلا واسعا ، قال : اقطع منه وكفه ، ثم قال : إن أبي قال : ما جاوز الكعبين ففي النار.
  عن عبد الله بن هلال ، عنه ( عليه السلام ) ذكر مثله وقال : ما جاوز الكعبين من الثوب ففي النار .
  أبوإسحاق السبيعي(1) رفعه إلى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : إتزر إلى نصف الساق أو إلى الكعبين وإياك وإسبال الازار ، فإن إسبال الازار من المخيلة وإن الله لا يحب المخيلة قال : إن الاسبال في الازار والقميص والعمامة ، [ وقال ] : من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة .
  ومن كتاب زهد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عن أبي مطر قال : إن عليا ( عليه السلام ) مر بي يوما ومعي ابن عم لي ، قال : فضربني بقضيب معه أو بدرة وقال : إرفع ثوبك وإزارك لا تأكله الارض ، فقال ابن عمي : من ذا الذي يضرب ابن عمي ؟ قال : فقال : علي ( عليه السلام ) : إنما أقول ارفع ثوبك وإزارك لا تأكله الارض ، ثم قال ( عليه السلام ) لقنبر : ألا تمنعني كما يمنع هذا ابن عمه .
  عن جابر ، [ عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ] قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إن ريح الجنة ليوجد من مسيرة ألف عام ولا يجدها جار إزاره خيلاء ، إنما الكبرياء لله رب العالمين .

---------------------------
(1) هو عمرو بن عبد الله بن علي الكوفي الهمداني ، إبن اخت يزيد بن الحصين الهمداني ، من أصحاب الحسين ( عليه السلام ) ، ممن شهد الطف وقتل ، وكان أبوإسحاق من أعيان وثقاة علي بن الحسين ( عليه السلام ) وعاش تسعون سنة ، ونقل عنه أنه قال : رفعني أبي حتى رأيت علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) يخطب وهو أبيض الرأس واللحية ، إلى آخر الحديث .

مكارم الأخلاق _ 110 _

  عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : إن الله يبغض الثاني عطفه والمسبل إزاره والمنفق سلعته بالايمان(1) .
  وعنه ، عن أبيه عليهما السلام قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ثلاثة لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم : المرخي ذيله من العظمة ، والمزكي سلعته بالكذب ، ورجل استقبلك بنور صدره [ فيواري ] وقلبه ممتلئ غشا(2) .
  وعنه عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : إذا تصامت أمتي عن سائلها وأرخت شعورها ومشت تبخترا ، حلف ربي بعزته لاذعرن بعضهم ببعض(3) .
  وعنه ، عن أبيه عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من مشى على الارض اختيالا لعنته الارض من تحته.
  عن بشير النبال قال : إنا لفي المسجد مع أبي جعفر ( عليه السلام ) إذ مر علينا أسود عليه حلتان متزر بواحدة مترد بالاخرى وهو يتبختر في مشيته ، فقال لي أبوجعفر ( عليه السلام ) : إنه جبار ، قلت : جعلت فداك إنه سائل ، قال : إنه جبار.
  من جملة ما وصى به النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لابي ذر رضي الله عنه : يا أباذر إن أكثر من يدخل النار المستكبرون ـ فقال رجل : هل ينجو من الكبر أحد يا رسول الله ؟ قال : نعم ، من لبس الصوف وركب الحمار وحلب العنز وجالس المساكين ـ يا أباذر : من حمل بضاعته فقد برئ من الكبر ـ يعني ما يشترى من السوق ـ ، يا أباذر : من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة ، يا أباذر : إزرة الرجل إلى أنصاف ساقيه ، لا جناح عليه فيما بينه وبين كعبيه ، فما أسفل منه في النار ، يا أباذر : من رفع ثوبه لوجه الله تعالى فقد برئ من الكبر .

---------------------------
(1) أسبل الستر : ، أرخاه ، وأنفق ماله أي أنفده وأفناه ، والسلعة : المتاع .
(2) الغش ـ بالكسر ـ : اسم من الغش ـ بالفتح ـ بمعنى الغل والحقد .
(3) تصام عن الحديث : تظاهر أنه أصم ، وفي بعض النسخ تضامت بالضاد المعجمة ، يقال : تضام الشيء : جمعه إلى نفسه ، وشعور : جمع شعر ، والذعر ، بالفتح : الخوف والدهشة .

مكارم الأخلاق _ 111 _

( في التواضع في الثياب )
  عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : إن علي بن الحسين ( عليه السلام ) خرج في ثياب حسان فرجع مسرعا يقول : يا جارية ردي علي ثيابي فقد مشيت في ثيابي هذه فكأني لست علي بن الحسين ، وكان إذامشى كأن الطير على رأسه لا يسبق يمينه شماله .
  وعنه ( عليه السلام ) قال : إن الجسد إذا لبس الثوب اللين طغى .
  عن الحسن الصيقل قال : أخرج إلينا أبو عبد الله ( عليه السلام ) قميص أمير المؤمنين ( عليه السلام ) الذي أصيب فيه ، فشبرت أسفله اثني عشر شبرا وبدنه ثلاثة أشبار ويديه ثلاثة أشبار(1) .
  عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : إن صاحبكم ليشتري القميصين السنبلانيين ، ثم يخير غلامه فيأخذ أيهما شاء ، ثم يلبس هو الاخر ، فإذا جاوز أصابعه قطعه وإذا جاوز كفيه حذفه(2) .
  عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر ( عليه السلام ) يقول : إن عليا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) اشترى بالعراق قميصا سنبلانيا غليظا بأربعة دراهم ، فقطع كميه إلى حيث يبلغ أصابعه مشمرا إلى نصف ساقه ، فلما لبسه حمدالله وأثنى عليه وقال : ألا أريكم ؟ قلت : بلى ، فدعاه به ، فإذا كميه ثلاثة أشبار وبدنه ثلاثة أشبار وطوله ستة أشبار .
  من كتاب زهد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، عن الاصبغ بن نباتة قال : خرجنا مع علي ( عليه السلام ) حتى أتينا التمارين ، فقال : لا تنصبوا قوصرة على قوصرة ، ثم مضى حتى أتينا إلى اللحامين ، فقال : لا تنكوا في اللحم ، ثم مضى [ حتى أتى ] إلى سوق السمك ، فقال : لا تبيعوا الجري ولا المارماهي ولا الطافي(3) ، ثم مضى حتى أتى

---------------------------
(1) الشبر ( بالكسر ) : مابين طرفي الابهام والخنضر ممتدين ، جمعة : أشبار ، والراوي هو أبومحمد حسن بن زياد العطار الكوفي ، المعروف بالصيقل ، من أصحاب محمد بن علي الباقر وجعفر بن محمد الصادق عليهما السلام ، حسن وله كتاب .
(2) سنبلاني : منسوب إلى بلدة بالروم ، في اللغة : سنبلان وسنبل بلدان بالروم بينهما عشرون فرسخا ، وفي بعض النسخ فإذا جاز أصابعه قطعه وإذا جاز كفيه جذبه .
(3) الجري كذمي : سمك طويل أملس وليس له عظم إلا عظم الرأس والسلسلة ، المعروف بالحنكليس ، والطافي : السمك الذي يموت في الماء فيعلو ويظهر فوق الماء .

مكارم الأخلاق _ 112 _

  البزازين فساوم رجلا بثوبين ومعه قنبر ، فقال : بعني ثوبين ، فقال الرجل : ما عندي يا أمير المؤمنين ، فانصرف حتى أتى غلاما ، فقال : بعني ثوبين ، فماكسه الغلام حتى اتفقا على سبعة دراهم ، ثوب بأربعة دراهم وثوب بثلاثة دراهم ، فقال لغلامه قنبر : إختر أحد الثوبين ، فاختار الذي بأربعة ولبس هو الذي بثلاثة وقال : الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي وأتجمل به في خلقه ، ثم أتى المسجد الاكبر فكومه كومة من حصباء(1) ، فاستلقى عليه فجاء أبوالغلام فقال : إن ابني لم يعرفك وهذان درهمان ربحهما عليك فخذهما ، فقال علي ( عليه السلام ) : ما كنت لافعل ، ماكسته وماكسني واتفقنا على رضى .
  عن أبي مسعدة قال : رأيت عليا ( عليه السلام ) خرج من القصر ، فدنوت منه فسلمت عليه ، فوقع يده على يدي ، ثم مشى حتى أتى إلى دار فرات ، فاشترى منه قميصا سنبلانيا بثلاثة دراهم أو أربعة دراهم ، فلبسه وكان كمه كفاف يده(2) .
  عن وشيكة(3) قال : رأيت عليا ( عليه السلام ) يتزر فوق سرته ويرفع إزاره إلى أنصاف ساقيه وبيده درة يدور في السوق يقول : إتقوا الله وأوفوا الكيل كأنه معلم صبيان .
  عن مجمع قال : إن عليا ( عليه السلام ) أخرج سيفه فقال : من يرتهن سيفي ؟ أما لو كان لي قميص ما رهنته ، فرهنه بثلاثة دراهم ، فاشترى قميصا سنبلانيا كمه إلى نصف ذراعيه وطوله إلى نصف ساقيه .
  عن عبد الله بن أبي الهذيل قال : رأيت على علي ( عليه السلام ) قميصا زابيا(4) إذا مد طرف كمه بلغ ظفره وإذا أرسله كان إلى ساعده .
  عن أبي الاشعث العبري ، عن أبيه قال : رأيت عليا ( عليه السلام ) اغتسل في

---------------------------
(1) الكومة : القطعة المجتمعة المرتفعة من التراب وغيره .
(2) الكفاف بالفتح الذي لا يفضل عن الشيء ويكون بقدره .
(3) بفتح الواو وكسر الشين المعجمة : الظاهر أنه أيوب بن وشيكة من أصحاب الباقر ( عليه السلام ) .
(4) الزابي : منسوب إلى الزاب ، في القاموس : الزاب بلد بالاندلس او كورة ونهر بالموصل ونهر باربل ونهر بين سوراء وواسط ونهر آخر بقربه وعلى كل واحد منهما كورة .

مكارم الأخلاق _ 113 _

  الفرات يوم الجمعة ، ثم ابتاع قميص كرابيس بثلاثة دراهم ، فصلى بالناس فيه الجمعة وما خيط جربانه(1).
  عن سالم بن مكرم ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : إن عليا ( عليه السلام ) كان عندكم فأتى بني ديوار ، فاشترى ثلاثة أثواب بدينار ، القميص إلى فوق الكعب والازار إلى نصف الساق والرداء من قدامه إلى ثدييه ومن خلفه إلى إليتيه ، فلبسها ، ثم رفع يده إلى السماء ، فلم يزل يحمد الله على ما كساه حتى دخل منزله. ثم قال : هذا اللباس الذي ينبغي أن تلبسوه ولكن لا نقدر أن نلبس هذا اليوم لو فعلنا لقالوا : مجنون أو لقالوا : مراء ، فإذا قام قائمنا كان هذا اللباس.
  عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : سمعته يقول : إذا هبطتم وادي مكة فالبسوا خلقان ثيابكم أو سمل ثيابكم أو خشن ثيابكم ، فإنه لن يهبط وادي مكة أحد ليس في قلبه شيء من الكبر إلا غفر الله له ، قال : فقال عبد الله بن أبي يعفور : ما حد الكبر ؟ قال : الرجل ينظر إلى نفسه إذا لبس الثوب الحسن يشتهي أن يرى عليه ، ثم قال : ( بل الانسان على نفسه بصيرة )(2) .
  عن ابن سنان ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : كان لابي ثوبان خشنان يصلي فيهما صلاته ، فإذا أراد أن يسأل الله الحاجة لبسهما وسأل الله حاجته .

( في ترقيع الثياب )   عن طلحة بن زيد ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : خطب علي ( عليه السلام ) الناس وعليه إزار كرباس غليظ ، مرقوع بصوف ، فقيل له في ذلك ، فقال : يخشع له القلب ويقتدي به المؤمن.
  عن عبد الله بن عباس لما رجع من البصرة وحمل لمال ودخل الكوفة وجد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قائما في السوق وهو ينادي بنفسه : معاشر الناس من أصبناه بعد

---------------------------
(1) الجربان ، بضم الاول والثاني أو بكسرهما وتشديد الباء : من القميص : جيبه وطوقه .
(2) سورة القيامة : آية 14 ، ( مكارم الاخلاق ـ 8 )

مكارم الأخلاق _ 114 _

  يومنا هذا يبيع الجري والطافي والمارماهي علوناه بدرتنا هذه ـ وكان يقال لدرته : السبتية ـ ، قال ابن عباس : فسلمت عليه فرد علي السلام ، ثم قال : يا ابن عباس ما فعل المال ؟ فقلت ها هو يا أمير المؤمنين وحملته إليه فقربني ورحب بي ، ثم أتاه مناد ومعه سيفه ينادي عليه بسبعة دراهم ، فقال : لو كان لي في بيت مال المسلمين ثمن سواك أراك ما بعته ، فباعه واشترى قميصا بأربعة دراهم له وتصدق بدرهمين وأضافني بدرهم ثلاثة أيام .
  عن يزيد بن شريك قال : أخرج علي ( عليه السلام ) ذات يوم سيفه فقال : من يبتاع مني سيفي هذا ، فلو كان عندي ثمن إزار ما بعته .
  عن الفضل بن كثير قال : رأيت على أبي عبد الله ( عليه السلام ) ثوبا خلقا مرقوعا ، فنظرت إليه ، فقال لي : ما لك ؟ انظر في ذلك الكتاب ـ وثم كتاب ـ ، فنظرت فيه فإذا فيه لا جديد لمن لا خلق له .
  وفي رواية : رؤي على علي ( عليه السلام ) إزار خلق مرقوع ، فقيل له : في ذلك ، فقال : يخشع له القلب وتذل به النفس ويقتدي به المؤمنون.

( في الاقتصاد في اللباس )
  عن معاوية بن وهب قال : قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) : الرجل يكون قد غنى دهره وله مال وهيئة في لباسه ونخوة ، ثم يذهب ماله ويتغير حاله ، فيكره أن يشمت به عدو ، فيتكلف ما يتهيؤ به ، فقال : ( لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله )(1) على قدر حاله .

( في لبس الصوف والخشن )
  عن محمد بن كثير قال : رأيت على أبي عبد الله ( عليه السلام ) جبة صوف بين قميصين غليظين ، فقلت له في ذلك ، فقال : رأيت أبي يلبسها ، وإنا إذا أردنا أن نصلي لبسنا أخشن ثيابنا .

---------------------------
(1) الشماتة : السرور ببلية الاعداء ، يقال : شمت به ـ بالكسر ـ : إذا فرح بمصيبته ، والاية في سورة الطلاق ، آية 7 .

مكارم الأخلاق ـ 115 ـ

  عن معمر بن خلاد قال : سمعت أباالحسن الرضا ( عليه السلام ) يقول : والله لئن صرت إلى هذا الامر(1) لاكلن الخبيث بعد الطيب ولالبسن الخشن بعد اللين ولاتعبن بعد الدعة ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في وصيته لابي ذر رضي الله عنه : يا أباذر إني ألبس الغليظ وأجلس على الارض وألعق أصابعي وأركب الحمار بغير سرج وأردف خلفي ، فمن رغب عن سنتي فليس مني ، يا أباذر البس الخشن من اللباس والصفيق من الثياب(2) لئلا يجد الفخر فيك مسلكا .
  من أمالي الشيخ أبي جعفر بن بابويه رحمه الله ، عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : خمس لا أدعهن حتى الممات : الاكل على الحضيض مع العبيد وركوبي الحمار مؤكفا وغير مؤكف(3) وحلبي العنز بيدي ولبس الصوف والتسليم على الصبيان ، لتكون سنة من بعدي .
  من كتاب الفردوس قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : البسوا الصوف وكلوا في أنصاف البطون فإنه جزء من النبوة .
  وقال أيضا : البسوا الصوف وشمروا وكلوا في أنصاف البطون تدخلوا في ملكوت السماوات.
  من كتاب المحاسن ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ذكر له أن راهبا قال في لباس الشعر : هو أشبه بلباس المصيبة ، فقال : وأي مصيبة أعظم من مصائب الدين ؟! من كتاب الفردوس قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : عليكم بلباس الصوف تجدوا حلاوة الايمان ، وقلة الاكل تعرفوا في الاخرة ، وإن النظر إلى الصوف يورث التفكر والتفكر يورث الحكمة والحكمة تجري في أجوافكم مثل الدم .

---------------------------
(1) أي أمر الخلافة والسلطنة ، والدعة ـ بفتحتين ـ : الراحة وخفض العيش ، والهاء عوض الواو .
(2) صفيق اللباس : خلاف السخيف أي ما كثف نسجه ، من سخف وزان قرب : رق لقلة غزله .
(3) الحضيض : قرار الارض، الاكاف والوكاف : البردعة ، وهي كساء يلقى على ظهر الدابة .

مكارم الأخلاق _ 116 _

الفصل السادس : في كراهية لباس الشهرة والنكت في اللباس (1)
( في لباس الشهرة )
  عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : كفى بالرجل خزيا أن يلبس ثوبا مشهرا أو يركب دابة مشهرة .
  وعنه ( عليه السلام ) قال : إن الله يبغض شهرة اللباس.
  قيل : دخل عباد بن كثير البصري على أبي عبد الله ( عليه السلام ) بثياب الشهرة ، فقال ( عليه السلام ) : يا عباد ما هذه الثياب ؟ قال : يا أبا عبد الله تعيب علي هذا ؟ قال : نعم ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من لبس ثياب شهرة في الدنيا ألبسه الله لباس الذل يوم القيامة ، قال عباد : من حدثك بهذا ؟ قال ( عليه السلام ) : يا عباد تتهمني ؟ حدثني والله أبي عن آبائي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
  عن أبي الحسن الاول ( عليه السلام ) قال : لم يكن شيء أبغض إليه من لبس الثوب المشهور وكان يأمر بالثوب الجديد فيغمس في الماء ويلبسه .

( في القناع )
  عن عبد الله بن وضاح قال : رأيت أباالحسن موسى بن جعفر ( عليه السلام ) وهو جالس في مؤخر الكعبة وتقنع وأخرج أذنيه من قناعه .
  عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : القناع بالليل ريبة (2) عن عبد الله بن الوليد بن صبيح قال : سألني شهاب بن عبد ربه أن استأذن له على أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، فأدخلته عليه ليلا وهو متقنع وأخذت له وسادة فطرحتها له فجلس عليها ، فقال له أبو عبد الله ( عليه السلام ) : ألق قناعك يا شهاب ، فإن القناع ريبة بالليل ومذلة بالنهار ، فألقى قناعه .

---------------------------
(1) النكت ـ بضم ففتح ـ : جمع النكتة وهي النقطة السوداء في الابيض او البيضاء في الاسود .
(2) الريبة ـ بالكسر ـ : التهمة والظنة ، هي اسم من الريب .

مكارم الأخلاق _ 117 _

  عن أبي عبد الله ، عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : قال علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) : القناع ريبة بالليل ومذلة بالنهار .

( في التوشح )
  وعنه ( عليه السلام ) في الرجل يتوشح بالازار فوق القميص ، قال : لا تفعل ، فإن ذلك من الكبر(1) .
  عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ( عليه السلام ) أنه كره التوشح بالازار فوق القميص وقال : هو من فعل الجبابرة .
  عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أنهى امتي عن اشتمال الصماء(2) .
  وعنه ( عليه السلام ) قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : أنهى امتي عن حل الازار وعن الاقبية وكشف الافخاذ(3).

( في لبس الصوف )
  من كتاب مجمع البيان ، عن الصادق ( عليه السلام ) قال : دخل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على فاطمة عليها السلام وعليها كساء من ثلة الابل وهي تطحن بيدها وترضع ولدها ، فدمعت عينا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لما أبصرها ، فقال : يا بنتاه تعجلي مرارة الدنيا بحلاوة الاخرة ، فقد أنزل الله علي ( ولسوف يعطيك ربك فترضى )(4) ( والثلة : الصوف والوبر ) ، عن الزهري من عيون الاخبار ، عن ابن أبي عباد قال : كان جلوس الرضا ( عليه السلام ) في الصيف على حصير وفي الشتاء على مسح (5) ، ولبسه الغليظ من الثياب حتى إذا برز للناس تزين لهم .

---------------------------
(1) توشح بثوبه : هو أن يدخله تحت إبطه الايمن ويلقيه على منكبه الايسر كما يتوشح الرجل بحمائل سيفه .
(2) اشتمال الصماء : الالتحاف بالثوب من غير أن يجعل له موضع يخرج منه اليد .
(3) الاقبية : جمع قباء وهو ثوب مشقوق قدامه ولم يكن له أزرار ويلبس فوق الثياب .
(4) سورة الضحى : آية 5 ، والثلة : الصوف وحده ومجتمعا بالشعر والوبر .
(5) المسح ـ بالكسر ـ : كساء معروف يعبر عنه بالبلاس ويقعد عليه .

مكارم الأخلاق _ 118 _

( في تشبه الرجال بالنساء )
  عن سماعة بن مهران ، عن أبي عبد الله أو أبي الحسن عليهما السلام ، سئل عن الرجل يجر ثوبه ؟ قال : إني لاكره أن يتشبه بالنساء.
  عن أبي عبد الله ، عن آبائه عليهم السلام قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يزجر الرجل يتشبه بالنساء وينهى المرأة أن تتشبه بالرجال في لباسها .
  وعنه ( عليه السلام ) قال : خير شبابكم من تشبه بكهولكم ، وشر كهولكم من نشبه بشبابكم .

( في فرو السنجاب وغيره )
  عن يونس بن يعقوب قال : دخلت على أبي عبد الله ( عليه السلام ) وهو معتل وهو في قبة وقباء عليه غشاء مذاري(1) وقدامه مخضبة حناء يهيئ فيها ريحان مخروط وعليه جبة خز ليست بالثخينة ولا بالرقيقة وعليه لحاف ثعالب مظهر بيمنية ، فقلت : جعلت فداك ما تقول في الثعالب ؟ قال : هو ذا علي .
  عن سماعة بن مهران ، عن أبي عبد الله أو أبي الحسن عليهما السلام ، أنه سئل عن لحوم السباع وجلودها ؟ فقال : أما لحوم السباع ـ والسباع من الطير ـ فإنا نكرهها ، وأما الجلود فاركبوا فيها ولا تلبسوا منها شيئا في الصلاة.
  عن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : اهديت لابي جبة فرو(2) من العراق ، فكان إذا أراد أن يصلي نزعها فطرحها .
  عن عبد الله بن سنان ، عنه ( عليه السلام ) قال : ما جاءك من دباغ اليمن فصل فيه ولا تسأل عنه .
  وسئل الرضا ( عليه السلام ) عن جلود الثعالب والسنجاب والسمور ؟ فقال : قد رأيت السنجاب على أبي ونهاني عن الثعالب والسمور .

---------------------------
(1) مذاري : ينسب إلى مذار بلد بين الواسط والبصرة ، والمخضبة ، بالكسر : شبه المركن : وعاء لغسل الثياب أو خضبها .
(2) الفرو ، بالفتح : الذي يلبس من الجلود التي صوفها معها .

مكارم الأخلاق _ 119 _

الفصل السابع : في العمائم والقلانس
( في العمائم )
  عن السكوني ، عن أبي عبد الله ، عن أبيه عليهما السلام قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : العمائم تيجان العرب ، فإذا وضعوا العمائم وضع الله عزهم .
  وقال ( عليه السلام ) : اعتموا تزدادوا حلما .
  عن أبي إسحاق(1) قال : أراني أبي علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وهو يخطب وعليه إزار ورداء وعمامة .
  عن إسماعيل بن همام ، عن أبي الحسن ( عليه السلام ) في قوله تعالى : ( مسومين ) قال : العمائم ، اعتم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فسدلها من بين يديه ومن خلفه ، واعتم جبريل ( عليه السلام ) فسدلها من بين يديه ومن خلفه .
  عن معاوية بن عمار قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) وهو يقول : دخل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الحرم يوم دخل مكة وعليه عمامة سوداء وعليه السلاح ، ثم خرج إلى حنين ، فلما فرغ منهم انتهى إلى أوطاس بقيت منهم بقية ففرغ منهم ، ثم إنتهى إلى الجعرانة فقسم الغنائم بين المسلمين ، ثم أحرم ودخل مكة(2) .
  عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ركعتان بعمامة أفضل من أربعة بغير عمامة .
  عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : كانت على الملائكة العمائم البيض المرسلة يوم بدر .
  عن عبد الله بن سليمان ، عن أبيه قال : كنت مع أبي في المسجد فدخل علي بن

---------------------------
(1) هو ابوإسحاق السبيعي ، وقد مر ذكره .
(2) حنين : واد بين مكة والطائف ، حارب فيه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والمسلمون ، في العاشر من الهجرة ، وكانوا زهاء إثنى عشر ألفا ، وانهزم المشركون إلى أوطاس ( واد بديار هوازن ) وغنم المسلمون بأموال المشركين وأهلهم ثم ساروا إليهم فاقتتلوا في الاوطاس وانهزم المشركون إلى الطائف ، والجعرانة ، بتسكين العين وتخفيف الراء وقد تكسر العين وتشدد الراء : موضع بين مكة والطائف على سبعة أميال من مكة ، وفيها قسم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) الغنائم بين المسلمين .

مكارم الأخلاق _ 120 _

  الحسين ( عليه السلام ) ولست أثبته وعليه عمامة سوداء قد أرسل طرفيها من كتفيه ، فقلت لرجل قريب المجلس مني : من هذا الشيخ الذي أرى ؟ فقال : ما لك لم تسألني عن أحد دخل هذا المسجد غير هذا الشيخ ؟ قال : قلت : إني لم أر أحدا دخل المسجد أحسن هيأة في عيني منه فلذلك سألتك عنه ، قال : فإنه علي بن الحسين ( عليه السلام ) .

( في كيفية التعمم )
  عن أبي عبد الله ، عن أبيه عليهما السلام قال : عمم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عليا ( عليه السلام ) بيده فسدلها من بين يديه وقصرها من خلفه قدر أربع أصابع ، ثم قال له : أدبر فأدبر ، ثم قال له : أقبل فأقبل ، ثم هكذا يكون تيجان الملائكة .
  عن أبي الحسن ( عليه السلام ) قال : إني ضامن لمن خرج يريد سفرا معتما تحت ذقنه ثلاثا لا يصيبه : السرق والغرق والحرق .

( الدعاء عند التعمم )
  من كتاب النجاة اللهم سو مني بسيماء الايمان وتوجني بتاج الكرامة وقلدني حبل الاسلام ولا تخلع ربقة الايمان من عنقي وليتعمم من قيام محنكا .

( في القلانس )
  عن محمد بن علي قال : رأيت على أبي الحسن ( عليه السلام ) قلنسوة خز مبطنة بسمور .
  عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يلبس قلنسوة بيضاء مضربة وكان يلبس في الحرب قلنسوة لها أذنان .
  عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ( عليهما السلام ) قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يلبس من القلانس اليمنية والبيضاء والمضربة وذات الاذنين في الحرب ، وكانت له عمامته السنجاب ، وكان له برنس يبرنس به .
  سئل الرضا ( عليه السلام ) عن الرجل يلبس البرطلة(1) قال : قد كان لابي عبد الله ( عليه السلام ) مظلة يستظل بها من الشمس .

---------------------------
(1) البرطل ـ كقنفذ ـ : قلنسوة ومظلة .

مكارم الأخلاق _ 121 _

  عن يزيد بن خليفة قال : رآنى أبو عبد الله ( عليه السلام ) أطوف حول الكعبة وعلي برطلة ، فقال ( عليه السلام ) : لا تلبسها حول الكعبة فإنها من زي اليهود.
  عن الحسن بن مختار قال : قال لي أبوالحسن الاول ( عليه السلام ) : اعمل لي قلنسوة لا تكون مصنعة فإن السيد مثلي لا يلبس المصنع ( والمصنع : المكسر بالظفر ) .

الفصل الثامن : ( في لبس الخف والنعل )
  عن ياسر الخادم ، عنه ( عليه السلام ) من قال : كان ( عليه السلام ) يدخل المتوضأ(1) في خف صغير .
  عن أبي الصباح ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : إن عليا ( عليه السلام ) كان في سفر وكان إذا سافر أدلج فبينا هو قد أخذ في الدلجة(2) فلبس ثيابه وتناول أحد خفيه فلبسه ، ثم أهوى إلى الخف الاخر ليلبسه إذ انحط طير من السماء فضرب خفه فأخذه ، فانطلق علي ( عليه السلام ) فاتبعه ليأخذ الخف منه ، فسبقه وارتفع إلى السماء ، فما زال يدور حتى أصبح فألقى الخف فخرج من الخف حنش وهو حية .
  من مسموعات ناصح الدين أبي البركات ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : لبس الخف يزيد في قوة البصر .
  عن الصادق ( عليه السلام ) قال : إدمان لبس الخف أمان من الجذام ، فقيل له : في الشتاء أم في الصيف ؟ قال : شتاء كان أم صيفا.
  عن أبي الجارود(3) قال : دخلت على أبي عبد الله ( عليه السلام ) لابسا خفا أحمر ، فقال لي : أو ما علمت أن الخف الاحمر لبس الجبابرة ، فالابيض المقشور لبس الاكاسرة ، والاسود سنتنا وسنة بني هاشم ؟ قال أبوالجارود : فصحبت أبا عبد الله ( عليه السلام ) في طريق مكة وعليه خف أحمر ، فقلت له : يا ابن رسول الله كنت حدثتني منه في الاحمر

---------------------------
(1) المتوضأ : موضع يتوضأ فيه أي يستنجى ويكنى به عن الكنيف والمستراح .
(2) الدلجة ـ من أدلج الرجل ـ : سار الليل كله .
(3) الظاهر هو زياد بن المنذر الهمداني من أصحاب الباقر والصادق ( عليهما السلام ) ، له أصل وكتاب زيدي المذهب وإليه ينسب الجارودية .

مكارم الأخلاق _ 122 _

  أنه لبس الجبابرة ، قال : أما في السفر فلا بأس به فإنه أحمل للماء والطين ، وأما في الحضر فلا .
  عن أبي عبد الله ، عن أبيه عليهما السلام : أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : من اتخذ نعلا فليستجدها .
  عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : انتعل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فقام رجل فناوله النعل ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : اللهم إن عبدك تقرب إليك فقربه ولا أظنه إلا قال : وأدبه ، قال : وتمضمض رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ثم مجه(1) ، فوثب إليه رجل فأخذه فشربه ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : اللهم إن عبدك تحبب اليك فأحبه .
  وعنه ، عن علي ( عليهما السلام ) قال : استجادة الحذاء وقاية للبدن وعون على الصلاة والطهور .
  عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) في قوله تعالى : ( فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى )(2) قال : كانتا من جلد حمار .

( في استحباب الانتعال بالنعل المخصرة المعقبة )
  عن صباح الحذاء قال : أتاني الحلبي بنعل ، فقال لي : إحذ لي على هذه ، فإن هذا حذاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فقلت : ومن أين صارت اليك ؟ قال : قال لي أبو عبد الله ( عليه السلام ) : ألا أريك حذاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ فقلت : بلى ، فأخرج إلي هذا النعل ، فقلت : هبها لي ، قال : هي لك. قال صباح : فحذوت عليها نعله وكنت أحذو لاصحابنا عليها ، فقال ابوأحمد : وقد رأيتها وهي مخصرة معقبة(3) .
  عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : إني لامقت الرجل الذي لا أراه معقب النعلين .
  عن صباح الحذاء قال : حذوت نعلا لابي عبد الله ( عليه السلام ) على نعل وجه به إلي فكانت مخصرة من نصف النعل .

---------------------------
(1) مج الماء من فيه : رماه .
(2) سورة طه : آية 12 .
(3) المخصرة : الدقيق الخصر ، وهي النعل التي قطع خصراها حتى صارا مستدقين أي مستدقة الوسط .

مكارم الأخلاق _ 123 _

  عن منهال قال : كنت عند أبي عبد الله ( عليه السلام ) وعلي نعل ممسوحة ، فقال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : هذا حذاء اليهود ، قال : فانصرف ، فأخذ سكينا فخصرها به .
  عن علي السابري قال : رآني أبوالحسن ( عليه السلام ) وعلي نعل غير مخصرة ، فقال : يا علي متى تهودت ؟

( في كراهية عقد الشراك )
  روي أن أبا عبد الله ( عليه السلام ) كره عقد شراك النعل ، قال : وأخذ نعل بعضهم فحل شراكها(1) .
  وعنه ( عليه السلام ) قال : أول من عقد شراك نعله إبليس .
( في كيفية الانتعال )
  عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : من السنة لبس نعل اليمين قبل اليسار وخلع اليسار قبل اليمين .
  من كتاب النجاة ، الدعا المروي عند لبس الخف والنعل يلبسهما جالسا ويقول : بسم الله وبالله اللهم صل على محمد وآل محمد ووطئ قدمي في الدنيا والاخرة وثبتهما على الصراط يوم تزل فيه الاقدام ، فإذا خلعهما فمن قيام ويقول : بسم الله الحمد لله الذي رزقني ما أوقي به قدمي من الاذي ، اللهم ثبتهما على صراطك ولا تزلهما عن صراطك السوي .
  قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في قوله تعالى : ( خذوا زينتكم عند كل مسجد )(2) : النعل والخاتم .
  وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : تعاهدوا نعالكم عند أبواب المسجد .

( في الشسع إذا انقطع )
  عن يعقوب السراج قال : خرجنا مع أبي عبد الله ( عليه السلام ) وهو يريد أن يعزي

---------------------------
(1) الشراك ـ بالكسر ـ سير النعل على ظهر القدم ، أي حبلها .
(2) سورة الاعراف آية 30 .

مكارم الأخلاق _ 124 _

  عبد الله بن الحسن بابنة له أو ابن ، فانقطع شسع نعله فنزع بعض القوم نعله وحل شسعها وناوله إياه ، فقال أبو عبد الله ( عليه السلام ) صاحب المصيبة أولى بالصبر عليها(1) وعنه ( عليه السلام ) قال : من رقع جبته وخصف نعله وحمل سلعته فقد برئ من الكبر(2) .
( في المشي في نعل واحدة وخف واحد )   عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : إن عليا ( عليه السلام ) كان يمشي في نعل واحدة ويصلح الاخرى .
  عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من شرب ماء وهو قائم أو تخلي على قبر ، أو بات على غمر(3) ، أو مشى في حذاء واحد فعرض له الشيطان لم يفارقه إلا أن يشاء الله.
( في خلع النعال والخفاف إذا جلس )   عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إخلعوا نعالكم فإنها سنة حسنة جميلة وهو أروح للقدمين. وفي رواية إذا أكلتم فاخلعوا نعالكم فإنه أروح لاقدامكم وإنها سنة جميلة .
  من كتاب طب الائمة في الخف والنعل ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : من لبس نعلا صفراء لم يبلها حتى يستفيد مالا ، ثم تلى هذه الاية « صفراء فاقع لونها تسر الناظرين )(4) .
  وعنه ( عليه السلام ) قال : من لبس نعلا صفراء كان في سرور حتى يبليها .
  عن حنان بن سدير ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : دخلت عليه لابسا نعلا سوداء فقال : مالك ولبس النعل السوداء ؟ أما علمت أن فيها ثلاث خصال ؟ قلت ؟ وما هي

---------------------------
(1) الشسع ـ بالكسر ـ : زمام النعل بين الاصبع الوسطى والتي تليها .
(2) السلعة ـ بالكسر ـ : المتاع وما يشتري للمنزل .
(3) الغمر : الحقد ، العطش .
(4) سورة البقرة : آية 64 .

مكارم الأخلاق _ 125 _

  قال ( عليه السلام ) : تضعف البصر وترخي الذكر وتورث الهم وهي مع ذلك من لبس الجبابرة عليك بلبس النعل الصفراء فإن فيها ثلاث خصال ، قلت : وما هي ؟ قال : تحد البصر وتشد الذكر وتنفي الهم وهي مع ذلك من لبس الانبياء ( عليهم السلام ) .
  وعنه ( عليه السلام ) قال : من السنة الخف الاسود والنعل الصفراء.
  وعنه ( عليه السلام ) قال : لبس الخف يريد في قوة البصر.
  عن أبي الحسن العسكري ( عليه السلام ) فيمن أصابه عقر الخف والنعل قال : تأخذ طينا من حائط بلبن ، ثم تحكه بريقك على صخرة أو على حجر ، ثم تضعه على العقر فيذهب إن شاء الله(1) .

الفصل السابع : في المسكن وما يجوز منه وما لا يجوز وما يتعلق به
( في المسكن الواسع وغيره )
  عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : من السعادة سعة المنزل.
  وعنه ( عليه السلام ) قال : للمؤمن راحة في سعة المنزل.
  وسئل أبوالحسن ( عليه السلام ) عن أفضل عيش في الدنيا ؟ قال : سعة المنزل وكثرة المحبين .
  وعنه ( عليه السلام ) أيضا قال : العيش بالسعة في المنازل والفضل في الخدم .
  عن معمر بن خلاد قال : إن أباالحسن اشترى دارا وأمر مولى له أن يتحول إليها وقال له : إنه منزلك ، فقال له المولى : قد أجرت هذه الدار لي ؟ فقال أبوالحسن ( عليه السلام ) : إن كان أبوك أحمق فينبغي أن تكون مثله .
  عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ( عليهما السلام ) قال : قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من سعادة المرء المرأة الصالحة والمسكن الواسع والمركب البهي والولد الصالح .
  عن أبي عبد الله ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام قال : إن للدار شرفا وشرفها

---------------------------
(1) عقر النعل : الجراحة الحاصلة منها .