، فقال : كلوا بسم الله الرحمن الرحيم ، فإن هذا طعام كان يعجب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، ثم أتي بلحم مقلو فيه باذنجان ، فقال : كلوا بسم الله الرحمن الرحيم ، فإن هذا طعام كان يعجب الحسن بن علي ( عليهما السلام ) .
ثم أتي بلبن حامض قد ثرد ، فقال : كلوا بسم الله الرحمن الرحيم ، فإن هذا طعام كان يعجب الحسين بن علي ( عليهما السلام ) ، ثم أتي بأضلاع باردة فقال : كلوا بسم الله الرحمن الرحيم فإن هذا طعام كان يعجب علي بن الحسين ( عليهما السلام ) ، ثم أتي بجبن مبزر
، فقال : كلوا بسم الله الرحمن الرحيم ، فإن هذا طعام كان يعجب محمد بن علي عليهما السلام ، ثم أتي بتور فيه بيض كالعجة
، فقال : كلوا بسم الله الرحمن الرحيم ، فإن هذا طعام كان يعجب أبي جعفر ( عليه السلام ) ، ثم أتي بحلواء ، فقال : كلوا بسم الله الرحمن الرحيم ، فإن هذا طعام يعجبني ، ورفعت المائدة فذهب أحدنا ليلتقط ما كان تحتها فقال : مه إنما ذلك في المنازل تحت السقوف ، فأما في مثل هذا الموضع فهو لعافية الطير والبهائم
، ثم أتي بالخلال ، فقال : من حق الخلال أن تدير لسانك في فمك فما أجابك تبتلعه وما امتنع تحركه بالخلال ، ثم تخرجه فتلفظه ، وأتي بالطست والماء فابتدأ بأول من على يساره حتى انتهى إليه فغسل ، ثم غسل من على يمينه حتى أتي على آخرهم ، ثم قال : يا عاصم كيف أنتم في التواصل والتبار ؟ فقال : على أفضل ما كان عليه أحد، فقال : أيأتي أحدكم منزل أخيه عند الضيقة فلا يجده فيأمر بإخراج كيسه فيخرج فيفض ختمه فيأخذ من ذلك حاجته فلا ينكر عليه ؟ قال : لا ، قال : لستم على أفضل ما كان أحد عليه من التواصل ، ( والضيقة : الفقر ) .
من طب الائمة ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : لا تأكل وأنت تمشي إلا أن تضطر إلى ذلك .
عن عمر بن أبي شعبة قال : ما رأيت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يأكل متكئا ، ثم ذكر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : ما أكل متكئا حتى مات .
وقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : كل ما يسقط من الخوان ، فإنه شفاء من كل داء لمن أراد أن يستشفي به .
من كتاب الفردوس ، عن أنس قال : قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من أكل ما يسقط من المائدة عاش ما عاش في سعة من رزقه وعوفي في ولده وولد ولده من الجذام.
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : النفخ في الطعام يذهب بالبركة .
ورأى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أبا أيوب الانصاري يلتقط نثارة المائدة
(1) ، فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : بورك لك وبورك عليك وبورك فيك ، فقال أبوأيوب : يا رسول الله ولغيري ؟ قال : نعم ، من أكل ما أكلت فله ما قلت لك ، أو قال : من فعل ذلك وقاه الله الجنون والجذام والبرص والماء الاصفر
(2) والحمق .
وروي عن العالم ( عليه السلام ) أنه قال : ثلاثة لا يحاسب عليها المؤمن : طعام يأكله وثوب يلبسه وزوجة صالحة تعاونه ويحرز بها دينه .
عن علي ( عليه السلام ) قال : أقروا الحار حتى يبرد ويمكن ، فإن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قرب إليه طعام حار فقال : أقروه حتى يبرد ويمكن ، ما كان الله ليطعمنا النار .
والبركة في البارد ، والحار غير ذي بركة .
وقال ( عليه السلام ) : من لعق قصعة صلت عليه الملائكة ودعت له بالسعة في الرزق وتكتب له حسنات مضاعفة .
وقال ( عليه السلام ) : من أكل الطعام على النقاء وأجاد الطعام تمضغا وترك الطعام وهو يشتهيه ولم يجس الغائط إذا أتى لم يمرض إلا مرض الموت .
عن الصادق ( عليه السلام ) قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا أتي بفاكهة حديثة قبلها ووضعها على عينه ويقول : اللهم كما أريتنا أولها في عافية فأرنا آخرها في عافية .
---------------------------
(1) النثارة ـ بالضم ـ : ما يتناثر من الشيء أي ما يتساقط متفرقة منه .
(2) وهو الماء الذي يجتمع في البطن ويعتريه داء الاستسقاء .
مكارم الأخلاق _ 147 _
وعنه ( عليه السلام ) قال : لا ينبغي للشيخ الكبير أن ينام إلا وجوفه ممتلئ من الطعام ، فإنه أهدأ لنومه وأطيب لنكهته .
وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : عجبا لمن يحتمي من الطعام مخافة من الداء كيف لا يحتمي من الذنوب مخافة من النار .
من كتاب تهذيب الاحكام ، عن الصادق ( عليه السلام ) : إذا دعي أحدكم إلى الطعام فلا يستتبعن ولده ، فإنه إن فعل أكل حراما ودخل عاصيا .
عنه ( عليه السلام ) قال : الاكل على الشبع يورث البرص .
عنه ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أطولكم جشاءا
(1) أطولكم جوعا يوم القيامة.
عنه ( عليه السلام ) قال : إذا حضرت المائدة وسمى رجل من القوم أجزأ عنهم أجمعين.
عنه ( عليه السلام ) قال : إذا وضع الخوان فقل : بسم الله ، فإذا أكلت فقل : بسم الله على أوله وآخره ، فإذا رفع فقل : الحمد لله .
عنه ( عليه السلام ) قال : إذا اختلفت الانية فسم عند كل إناء ، قلت : فإن نسيت ؟
قال : تقول : بسم الله على أوله وآخره .
عن الرضا ( عليه السلام ) قال : إذا أكلت فاستلق على قفاك وضع رجلك اليمنى على اليسرى .
وقال الصادق ( عليه السلام ) : كثرة الاكل مكروهة .
عنه ( عليه السلام ) قال : من أكل طعاما لم يدع إليه فكأنما أكل قطعة من النار .
من كتاب زهد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، عن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن جده ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين ( عليهم السلام ) قال : توقوا الذنوب فما من بلية أشد وأفظع منها ، ولا يحرم الرزق إلا بذنب حتى الخدش والنكبة والمصيبة
(2) ، قال الله عز وجل : ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير )
(3) ، أكثروا
---------------------------
(1) الجشاء ـ كغراب ـ : صورت مع ريح يخرج من الفم عند الشبع .
(2) الخدش : تفرق اتصال في الظفر أو الجلد ونحو ذلك وإن لم يخرج الدم ، والنكبة : الجرحة بحجر أو شوكة .
(3) سورة الشورى : آية 29 .
مكارم الأخلاق _ 148 _
ذكر الله على الطعام ولا تطغوا ، فإنها نعمة من نعم الله ورزق من رزقه يجب عليكم فيه شكره وحمده ، أحسنوا صحبة النعم قبل فراقها ، فإنها تزول وتشهد على صاحبها بما عمل فيها ، من رضي من الله باليسير من الرزق رضي الله منه بالقليل من العمل ، إياكم والتفريط فتقع الحسرة حين لا ينتفع بالحسرة ، إذا لقيتم عدوكم في الحرب فأقلوا الكلام وأكثروا ذكر الله عزوجل ولا تولوهم الادبار فتسخطوا الله وتستوجبوا غضبه ، من أراد منكم أن يعلم كيف منزلته عندالله فلينظر كيف منزلة الله منه عند ارتكاب الذنوب ، فإن كانت منزلة الله عنده عظيمة تمنعه منها فكذلك منزلته عندالله.
من كتاب تهذيب الاحكام ، عن مروك بن عبيد مرفوعا ، عن الصادق ( عليه السلام ) قال : قلت له : الرجل يمر على قراح الزرع
(1) فيأخذ منه السنبلة ، قال : لا ، قلت : أي شيء سنبلة ؟ قال : لو كان كل من يمر به يأخذ منه سنبلة لا يبقى منه شيء.
من مجموع في الاداب لمولاي أبي طول الله عمره ، روى عن الفضل بن يونس قال : إني في منزلي يوما فدخل علي الخادم فقال : إن بالباب رجلا يكنى أباالحسن يسمى موسى بن جعفر عليهما السلام ، فقلت : يا غلام إن كان الذي أتوهم فأنت خر لوجه الله، قال : فبادرت إليه فإذا أنا به ( عليه السلام ) ، فقلت : انزل يا سيدي ، فنزل ودخل المجلس ، فذهبت لارفعه في صدر البيت ، فقال لي : يا فضل صاحب المنزل أحق بصدر البيت إلا أن يكون في القوم رجل [ يكون ] من بني هاشم ، فقلت : فأنت إذا جعلت فداك ، ثم قلت : جعلني الله فداك إنه قد حضر طعام لاصحابنا [ فإن رأيت أن تحضر إلينا فذاك إليك ] ، فقال يا فضل إن الناس يقولون : إن هذا طعام الفجأة وهم يكرهونه ، أما إني لا أرى به بأسا ، فأمرت الغلام فأتى بالطست فدنا منه فقال : الحمد لله الذي جعل لكل شيء حدا ، فقلت : جعلت فداك فما حد هذا ؟ فقال : أن يبدأ رب البيت لكي ينشط الاضياف ، فإذا وضع الطست سمى وإذا رفع حمد الله.
ثم أتى بالمائدة ، فقلت : ما حد هذا ؟ قال : أن يسمى إذا وضع ويحمد الله إذا رفع .
ثم أتى بالخلال ، فقلت : ما حد هذا ؟ قال : أن تكسر رأسه لئلا يدمي اللثة ، فأتى
---------------------------
(1) القراح : المزرعة التي ليس عليها بناء ولا فيها شجر .
مكارم الأخلاق _ 149 _
بإناء الشراب ، فقلت : فما حده ؟ قال : أن لا تشرب من موضع العروة ولامن موضع كسر إن كان به ، فإنه مجلس الشيطان ، فإذا شربت سميت وإذا فرغت حمدت الله.
وليكن صاحب البيت يا فضل إذا فرغ من الطعام وتوضأ القوم آخر من يتوضأ ، ثم قال : إن أمير المؤمنين أمرك لبني فلان بعشرة آلاف درهم فأنا أحب أن تنفذها إليهم .
فقلت : جعلت فداك إن خرج عني لم يعد إلي درهم أبدا ، فقال : اخرج إليهم فلا يصل إليهم او يعود إليك إن شاء الله، قال : فلا والله ما وصلت إليهم حتى عادت إلى العشرة آلاف [ تمام الخبر ] .
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : الاكل في السوق دناءة .
سأل رجل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : يا رسول الله إنا نأكل ولا نشبع ، قال : لعلكم تفترقون عن طعامكم ، فاجتمعوا عليه واذكروا اسم الله عليه يبارك لكم فيه .
عن ابن عمر قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إذا وضعت المائدة بين يدي الرجل فليأكل مما يليه ، ولا يتناول مما بين يدي جليسه ، ولا يأكل من ذروة القصعة ، فإن من أعلاها تأتي البركة ، ولا يرفع يده وإن شبع ، فإنه إذا فعل ذلك خجل جليسه وعسى أن يكون له في الطعام حاجة .
عن أنس قال : ما أكل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على خوان ولا في سكرجة
(1) ولا من خبز مرقق ، فقيل لانس : على ماذا كانوا يأكلون ؟ قال : على السفرة .
ومن كتاب روضة الواعظين روي عن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، عن أبي جحيفة
(2) قال : أتيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأنا أتجشأ فقال : يا أبا جحيفة أخفض جشاءك ، فإن أكثر الناس شبعا في الدنيا أطولهم جوعا يوم القيامة.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : نور الحكمة الجوع ، والتباعد من الله الشبع ، والقربة إلى الله حب المساكين والدنو منهم .
---------------------------
(1) السكرجة ـ كقنفذة ـ : الصفحة التي يوضع فيها الاكل .
(2) بتقديم الجيم على الحاء مصغرا ، هو وهب بن عبد الله من أصحاب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بل من خواصه .
مكارم الأخلاق _ 150 _
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لا تميتوا القلوب بكثرة الطعام والشراب ، فإن القلوب تموت كالزروع إذا كثر عليه الماء .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لا تشبعوا فيطفأ نور المعرفة من قلوبكم ، ومن بات يصلي في خفة من الطعام باتت الحور العين حوله .
وسئل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ما أكثر ما يدخل النار ؟! قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : الاجوفان البطن والفرج .
وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من أكل الحلال قام على رأسه ملك يستغفر له حتى يفرغ من أكله .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إذا وقعت اللقمة من حرام في جوف العبد لعنه كل ملك في السماوات وفي الارض، وما دامت اللقمة في جوفه لا ينظر الله إليه ، ومن أكل اللقمة من الحرام فقد باء بغضب من الله ، فإن تاب تاب الله عليه وإن مات فالنار أولى به .
الفصل الرابع :
( في آداب الشرب وما يتصل به )
من كتاب من لا يحضره الفقيه قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : آنية الذهب والفضة متاع الذين لا يوقنون .
عن الصادق ( عليه السلام ) قال : لا ينبغي الشرب في آنية الذهب والفضة ولا الاكل فيهما .
عن الباقر ( عليه السلام ) قال : لا تأكل في آنية الذهب والفضة .
عن أبي عبد الله قال : إنه كره الشرب في الفضة والقدح المفضض ، وكره أن يدهن من مدهن مفضض والمشط كذلك ، فمن لم يجد بدأ من الشرب في الفضة والقدح المفضض عدل بفمه عن موضع الفضة .
وروي أنه استسقى ماءا فاتي بقدح من صفر فيه ماء. فقال له بعض جلسائه : إن عباد البصري يكره الشرب في الصفر
(1) ، قال ( عليه السلام ) : فاسأله ذهب أم فضة .
---------------------------
(1) الصفر ـ بالضم ـ النحاس الاصفر .