لقشفه وبصيرته ، وصحة عبادته ، وظهور ديانته ، وبيانه. تنتحله المعتزلة ، وتزعم أنه خرج منكراً لجور السلطان ، داعياً إلى الحق).
وتحتج له بقوله لزياد ، حيث قال على المنبر : والله ، لآخذن المحسن منكم بالمسيء ، والحاضر منكم بالغائب ، والصحيح بالسقيم ، والمطيع بالعاصي.
فقام إليه مرداس فقال : قد سمعنا ما قلت أيها الإنسان ، وما هكذا ذكر الله عز وجل عن نبيه إبراهيم (عليه السلام) ، إذ يقول : (وإبراهيم الذي وفى ، ألا تزر وازرة وزر أخرى ، وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ، وأن سعيه سوف يرى ، ثم يجزاه الجزاء الأوفى )
، وأنت تزعم أنك تأخذ المطيع بالعاصي ، ثم خرج في عقب هذا اليوم.
والشيعة تنتحله ، وتزعم أنه كتب إلى الحسين بن علي (صلوات الله عليه) : (إني لست أرى رأي (الخوارج) ، وما أنا إلا على دين أبيك)
.
.
وقد ذكر المبرد ذلك ، فقال : (فأما أبو سعيد الحسن البصري ، فإنه كان ينكر الحكومة ، ولا يرى رأيهم.
وكان إذا جلس فتمكن في مجلسه ذكر عثمان فترحم عليه ثلاثاً ، ولعن قتلته ثلاثاً ، ويقول : لو لم نلعنهم للعنّا.
ثم يذكر علياً ، فيقول : لم يزل أمير المؤمنين (رحمه الله) يتعرّفه النصر ، ويساعده الظفر حتى حكّم ، فلم تحكّم والحق معك ؟! ألا تمضي قدماً لا أبا لك ، وأنت على الحق ) ؟!!.
وقال أبو العباس : (وهذه كلمة فيها جفاء إلخ ...)
(1) ولا يقول إلا من ينحل مذهب (الخوارج) ، أو يميل إليه ...
ابن عمر :
كما أن ابن عمر كان يمالئ (الخوارج).
فقد ذكر ابن حزم : أنه كان يصلي خلف الحجاج ونجدة
(2) ، وكان أحدهما خارجياً ، والثاني أفسق البرية.
ونقول :
لعل تعظيم (الخوارج) لأبيه عمر بن الخطاب هو الذي دعاه إلى ممالأة نجدة الخارجي ، ويعزز ذلك أنه كان يرى الصلاة خلف كل متغلب ، ونجدة متغلب.
لكن كيف صح ذلك له ، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) قد أخبر بمروق (الخوارج) من الدين ؟!
---------------------------
(1) الكامل ج3 ص215و216.
(2) المحلى ج4 ص213 وراجع : بدائع الصنائع ج1 ص156.
الإمام علي عليه السلام والخوارج ـ الجزء الثاني _ 186 _
إياس بن معاوية :
وقد يقال : إن إياس بن معاوية كان يرى رأي (الخوارج) أيضاً ، وذلك لما ذكره الزمخشري ، قال : (أخذ الحكم بن أيوب الثقفي عامل الحجاج إياس بن معاوية ، فشتمه ، وقال : أنت خارجي منافق ، ائتني بمن يكفل بك.
قال : ما أجد أعرف بي منك.
قال : وما علمي بك ، وأنا شامي ، وأنت عراقي ؟!
قال إياس : ففيم هذا الثناء منذ اليوم ؟!
فضحك وخلى سبيله)
(1) .
لكن الحقيقة هي أن ذلك لا يكفي لإثبات هذه التهمة على أياس ، فإن الحكام قد يوجهون تهماً لبعض المعروفين ليجدوا السبيل للتنكيل بهم ...
أنس بن مالك :
وعن علي بن زيد بن جدعان : (أن أنساً دخل على الحجاج ، فقال : يا خبثة ، شيخاً جوالاً في الفتن ، مع أبي تراب مرة ، ومع ابن الزبير أخرى ، ومع ابن الأشعث مرة ، ومع ابن الجارود أخرى ، والله لأجردنك جرد الضب).
ثم تذكر الرواية : أن أنساً كتب إلى عبد الملك بذلك ، فعالج عبد الملك الأمر بينهما
(1) .
---------------------------
(1) ربيع الأبرار ج1 ص699.
(2) الموفقيات ص328و329.
الإمام علي عليه السلام والخوارج ـ الجزء الثاني _ 187 _
وقد ذكروا : أن (الخوارج) كانوا ينتحلون أنس بن مالك فراجع
(1) .
أشخاص اتهموا أو عرفوا برأي (الخوارج) :
وعدا الذين تحدثنا عنهم ، كمالك ، والحسن البصري ، وعكرمة ، وأبي عبيدة ، وأبي وائل ، ومرداس بن أدية ، وحتى الذي يحاول (الخوارج) نسبه إليهم أيضاً ، فقد ذكر أشخاص آخرون في جملة من ينسبون إلى رأي (الخوارج) ، نذكر منهم :
المبرد.
ويزيد بن أبي مسلم والمنذر بن الجارود وصالح بن عبد الرحمن ، صاحب ديوان العراق وعمرو بن دينار وجابر بن زيد ومجاهد
(2) واليمان بن رباب ، وكان على رأس البيهسية وعبد الله بن يزيد ومحمد بن حرب ويحيى بن كامل ، وهؤلاء كانوا إباضية.
ونسب إلى هذا المذهب أيضاً :
---------------------------
(1) فجر الإسلام ص261.
(2) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج5 ص76و77 وراجع : العتب الجميل ص105 ـ 128 والعقود الفضية ص65 وراجع الكامل للمبرد ج3 ص215.
الإمام علي عليه السلام والخوارج ـ الجزء الثاني _ 188 _
أبو هارون العبدي وأبو الشعثاء وإسماعيل بن سميع وهبيرة بن بريم
(1) وقد عدّ الجاحظ في جملتهم ، بعد أن ذكر أبا عبيدة معمر بن المثنى :
عبيدة بن هلال وعمران بن حطان والمقعطل وحبيب بن خدرة والضحاك بن قيس وشبيل بن عزرة وقطري وخراشة ونصر بن ملحان ومليل وأصفر بن عبد الرحمن وأبو عبيدة كورين وابن صديقة
---------------------------
(1) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج5 ص77.
الإمام علي عليه السلام والخوارج ـ الجزء الثاني _ 189 _
والجون بن كلاب وعتبان بن وصيلة
(1) وعد منهم أيضاً الطرماح ، كما سيأتي حين الكلام عن تساهل (الخوارج) عبر الزمن ...
أما الجوزجاني فذكر منهم :
عبد الله بن الكواء ، رأسهم وعبد الله بن راسب وشبث بن ربعي ، أول من حلل الحرورية ومالك بن الحارث
(2) وأبو بلال مرداس بن أدية وأخوه عروة بن أدية ونافع بن الأزرق ونجدة بن عامر وصعصعة بن صوحان
(3) وهناك أيضاً ما يقال عن :
نافع بن ثابت
(4)
---------------------------
(1) راجع : البيان والتبيين ـ ج3 ص264 ـ 266 وج1 ص341و343و346.
(2) المراد : مالك بن الحارث السلمي ، كوفي عداده في التابعين ، من رؤوس الخوارج.
(3) أحوال الرجال ص34و35.
(4) جمهرة نسب قريش للزبير بن بكار ص93.
الإمام علي عليه السلام والخوارج ـ الجزء الثاني _ 190 _
والمسور بن مخرمة ، الذي كانت (الخوارج) تغشاه وينتحلونه
(1) .
وأبي حاتم السجستاني
(2) ، الذي ذكر أن أبا عبيدة معمر بن المثنى كان يكرمه بناء على أنه من خوارج سجستان ، كما تقدم.
توضيح لابد منه :
ومن الواضح : أن عد صعصعة منهم غلط ، ولعله لأجل جرأته على الحكام الظالمين أمثال معاوية ، فعدوه خارجياً إمعاناً في الإساءة إليه ... وإلا فإن صعصعة كان من أشد المناوئين لهم ، وقد كان لخطبه أعظم الأثر فيهم ، حتى أصبحت مثلاً.
فقيل : أخطب من صعصعة بن صوحان إذا تكلمت (الخوارج).
أضواء على ما تقدم :
ومن الواضح : أن العدد الأكبر من الذين ذكروا سابقاً هم من زعماء (الخوارج) أنفسهم ، وقد اشتهروا بذلك ، وليس لهم أي تميز في علم بعينه ، بل هم كسائر الناس العاديين.
ورغم قلة عدد الأعلام والعلماء الذين ينسبون إلى هذه النحلة ، فإن في صحة نسبة هذه النحلة إلى الكثيرين منهم نقاشاً ، بل إن بعضهم كان من أشد الناس عليهم ، كصعصعة بن صوحان وغيره حسبما ألمحنا إليه فيما تقدم ...
وأيضاً رغم : أن بعضهم قد رجع عن القول بمقالتهم ، وأن بعضهم الآخر قد عد منهم ، لمجرد خروجه على الحكام ، ثم رغم شيوع وذيوع التأكيدات الكثيرة التي تدل على فشو الجهل ، وسيطرة ظاهرة البداوة عليهم.
---------------------------
(1) سير أعلام النبلاء ج3 ص391.
(2) سير أعلام النبلاء ج9 ص147 وعن انباه الرواة ج3 ص281.
الإمام علي عليه السلام والخوارج ـ الجزء الثاني _ 191 _
نعم ... رغم ذلك كله فإن البعض يحرص إظهار فئة (الخوارج) على أنهم هم الطليعة المثقفة في العالم الإسلامي الكبير ، وهذا ما يثلج صدر (الخوارج) أنفسهم إن لم يكن ذلك يحصل بسعي مباشر منهم.
وقد سمعنا من قبل مقولتهم عن إخوانهم الحرورية : إنهم (خيار المسلمين ، وفقهاءهم)
(1) .
وقال أبو علي الإيذجي ، بعد أن ذكر أن أبا خليفة الفضل بن الحباب بن محمد الجمحي كان يرى رأي (الخوارج) : (أكثر رواة علم العرب ـ فيما بلغني عنهم ـ إما خوارج ، أو شعوبية ، كأبي حاتم السجستاني ، وأبي عبيدة معمر بن المثنى ، وفلان ، وفلان ، وعد جماعة)
(2) .
بل ادعى البعض : (أن المصنفات الأولى للخوارج قد أبيدت وأحرقت على أيدي أعدائهم من السنة والشيعة على السواء)
(3) .
ونقول :
أما بالنسبة لدعوى أن مؤلفات (الخوارج) قد أبيدت فهي بلا شاهد ولا دليل ، فلا يلتفت إليها.
وأما بالنسبة لرواة علم العرب فقد أشرنا آنفاً إلى أن الرواة الذين ينسبون إلى مذهب (الخوارج) هم قلة قليلة جداً ، بالقياس إلى غيرهم.
وأما بالنسبة للشعوبية ، فلاريب في أن معظم علماء الأمة في بعض الفترات قد كانوا من الموالي.
---------------------------
(1) العقود الفضية ص67.
(2) نشوار المحاضرة ج3 ص291.
(3) قضايا في التاريخ الإسلامي ص66.
الإمام علي عليه السلام والخوارج ـ الجزء الثاني _ 192 _
وكانوا يقولون لمن يساوي بين العرب ، وبين غيرهم : إنه شعوبي وقد أوضحنا ذلك في كتابنا : سلمان الفارسي في مواجهة التحدي ، فراجع.
ومن الواضح : أن العرب الذين نقلوا كلام ، وشعر ، وخطب ، وأجوبة الناس ، هم من الذين يقولون بالمساواة بين العرب ، وغيرهم أو من (الخوارج) ، لأنهم كانوا يختلطون بالأعراب ، وبأهل البادية أكثر من غيرهم ، لأنهم مثلهم في أعرابيتهم ، فمن الطبيعي أن يتولوا هم نقل خطب وشعر ، وكلام واجوبة العرب.
مبررات أخرى للشك في نسبة الخارجية إلى البعض :
أضف إلى ذلك : أننا نشك في صحة نسبة هذه النحلة إلى بعض من تقدمت أسماؤهم ، وذلك استناداً إلى ما تقدم آنفاً ، بالإضافة إلى ما ذكرناه عن عمر بن عبد العزيز ، والأشعار التي قالها بشر بن المعتمر ، وكذا ما قاله الحسن البصري ، وعلي بن عبد الله بن العباس ، وسيد الوصيين علي أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) ، وكذلك ما ذكرناه عن صعصعة وغيره ... وغير ذلك مما لا نرى ضرورة لإعادته ... فإن كل ذلك صريح في أنهم لم يستضيئوا بنور العلم ، وإنما كانوا أعراباً جفاة ، يعشعش فيهم الجهل ، ويعصف فيهم الغباء ...
إلا أن ذلك لا يعني أن لا يشذ منهم أفراد يأخذون بأسباب المعرفة ، وتصير لهم بعض الشهرة ... فإن الظروف قد تساعد هذا الفرد أو ذاك على ذلك ، وإن كان عامة الناس ممن هم على مثل نحلته ، وطريقته ، يعيشون في حالة متناقضة ، وفي ظروف مختلفة ، وذلك ليس بعزيز ...
الإمام علي عليه السلام والخوارج ـ الجزء الثاني _ 193 _
ونحتمل قريباً جداً : أن يكون السبب في نسبة هذه النحلة إلى بعض الأعلام ، قد نشأت عن المواقف السلبية لبعض هؤلاء من الهيئة الحاكمة ، أو خضوعهم وتقيتهم من (الخوارج) ، حين ظهور أمرهم ، وقوة شوكتهم ، فإن ذلك قد ساعد على نسبة هذه النحلة إليهم ، بهدف التنفير منهم ، وتشويه سمعتهم.
كما أنه قد يكون السبب في نسبة ذلك إلى عدد منهم هو ما ظهر منهم من الانحراف الشديد عن أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) ، والتحامل عليه ، وصدور بعض التصريحات الجارحة تجاهه (صلوات الله وسلامه عليه).
وأخيراً ... فقد يقال : إن ذكر المبرد لأخبار (الخوارج) بصورة لافتة في كتابه ، قد دعا البعض إلى اتهامه بنحلة (الخوارج) ... ولعلل هناك من يشارك المبرد في هذه الخصوصية ، التي دعت إلى توجيه هذا الاتهام ...
الإمام علي عليه السلام والخوارج ـ الجزء الثاني _ 195 _
الفصل الثالث
عقائد ... وأقاويل
الإمام علي عليه السلام والخوارج ـ الجزء الثاني _ 197 _
عقائد (الخوارج) :
إن بداية ظهور (الخوارج) كانت ترجع إلى دوافع دنيوية ، هي حب الراحة من عناء الحرب ، والسلامة من أخطارها ، ثم تلفعت بشبهة أنتجها الجهل ، وحملهم على الإمعان في التحدي ، وفرض المواقف والآراء المتباينة طيش ورعونة ، وقلة تبصر وغرور ، وافتقاد للروادع الدينية والوجدانية ، وزين لهم الشيطان أنهم ظاهرون ...
فلم تكن للخوارج في تلك المرحلة آراء ، وعقائد تميزهم عن سائر الناس سوى تلك الشبهة التي أوقعهم الهوى ، وحب الدينا والشيطان في حبائلها ...
ثم إن أهواءهم المختلفة ، وجهلهم الفاضح ، واندفاعاتهم الرعناء قد أسهمت في ارتجال أوهام مختلفة ، كانت تهدف إلى تبرير جرائم أو نزوات دعاهم إليها الهوى ، وسهل لهم الوقوع فيها ذلك الجهل ، حيث غابت عن ساحة الممارسة كل الروادع الإيمانية والوجدانية ...
وكانت حصيلة ذلك كله مجموعة من السقطات المخجلة والمشينة ، سميت باسم عقائد ومقولات ، واعتبرت أساساً لمواقفهم وممارساتهم ، وحركتهم السياسية ، والعسكرية والدينية ... مع أنها لم تكن
الإمام علي عليه السلام والخوارج ـ الجزء الثاني _ 198 _
سوى جهالات انتجتها الأهواء ، ودعا إليها الجهل والغباء حسبما أشرنا إليه ...
ونذكر في هذا الفصل بعضاً من ذلك ، فنقول ...
عقائد (الخوارج) لمحات وسمات :
ومهما يكن من أمر : فإننا إذا استثنينا الإباضية ، الذين فرضت ظروفهم تحديد معالم عقيدتهم ، فإننا نلاحظ على (الخوارج) : أنهم (لم تكن لهم كذلك مجموعة منسقة من المبادئ ، وتظهر لنا مبادئهم وكأنها آراء خاصة)
(1) .
و (كانت تتعدل وتتطور وفق مقتضيات الحال ، حتى وجدنا (الخوارج) في أواخر العصر الأموي يأخذون بمبدأ التقية ، ويعمدون إلى الدعوة السرية المنظمة ، كأسلوب يناوؤون به الحكومة الأموية)
(2) .
(الخوارج) وأهل السنة :
وقد يتعجب البعض من قول بعض المستشرقين إن طالب الحق الذي خرج في أواخر الدولة الأموية :( أكد أنه لا اختلاف بين مذهب (الخوارج) ومذهب أهل السنة والجماعة في الجوهر)
(3) .
ولا ندري ما الذي دعاه إلى قول ذلك ، ونحن نرى الفرق بين هذين الفريقين كالنار على المنار ، وكالشمس في رابعة النهار ، ولا أقل من أن أهل السنة يترضون على علي وعثمان ، ومعاوية وطلحة والزبير ، وعائشة
---------------------------
(1) دائرة المعارف الإسلامية ج8 ص474.
(2) قضايا في التاريخ الإسلامي ص90.
(3) الخوارج والشيعة ص107.
الإمام علي عليه السلام والخوارج ـ الجزء الثاني _ 199 _
وعمرو بن العاص ، وغيرهم ، و(الخوارج) يكفرون هؤلاء جميعاً ، أو على الأقل لا يرضون عنهم ، بالإضافة إلى فروق كثيرة أخرى ستتضح إن شاء الله في هذا الفصل.
(الخوارج) والسبأية :
ولعل أغرب ما سمعناه وقرأناه هو ما زعمه البعض ، من أن هناك علاقة عقائدية وتاريخية ـ على الأقل ـ بين قادة (الخوارج) ، وفرقة السبئية وذلك لمعارضة أولئك القادة لعثمان نفسه ، واشتراكهم جميعاً في المسؤولية عن قتله
(1) .
وقد رد صابر طعيمة على هذا بأن (الخوارج) كانوا ينعتون الشيعة بالسبئية كما اعترف به هو نفسه
(2) .
ثم ذكر صابر طعيمة : أنهم كانوا نبتة إسلامية ، وأن ربطهم بابن سبأ يهدف إلى أن يحكم التاريخ عليهم بأنهم بذرة فاسدة ، بذرها اليهودي ابن سبأ
(3) .
ونريد أن نذكّر القارئ هنا : بأن هذا الزاعم المتحذلق لم يوضح لنا ما هي المواضع العقائدية والتاريخية التي التقى فيها السبئية مع (الخوارج) ، وهل ظهر (الخوارج) في عهد عثمان ؟ أم في عهد علي (عليه السلام) ؟!
ومن هم القادة من هؤلاء وهؤلاء الذين يتحدث عنهم هذا المؤلف ؟!
---------------------------
(1) الإباضية ص32 عن : الخوارج والشيعة ص38.
(2) الإباضية ص32 عن الخوارج والشيعة ص38.
(3) الإباضية ص32.
الإمام علي عليه السلام والخوارج ـ الجزء الثاني _ 200 _
وهل يدخل فيهم عائشة وطلحة والزبير ، وغيرهم ممن ألّب الناس على عثمان ، وشارك في قتله ؟!
وكيف يمكنه أن يثبت وجود طائفة باسم السبئية في عهد عثمان.
وهل مشاركتهم في المسؤولية عن قتل عثمان تجعل بين الفريقين ـ لو سلم وجودهما ـ علاقة عقائدية وتاريخية ؟!
أليس قد شارك عامة الصحابة ، وغيرهم من الذين جاؤوا من العراق ومن سائر البلاد في قتل عثمان ، فهل يصح القول بأن بين هؤلاء جميعاً وبين (الخوارج) علاقة عقائدية ؟!
(الخوارج) كفار مشركون :
ولا حاجة إلى إقامة الأدلة على كفر فرقة (الخوارج) ، بعد ان وصفهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأنهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية.
وعن مصعب بن سعد قال : سئل أبي عن (الخوارج) قال : هم قوم زاغوا فأزاغ الله قلوبهم.
وعن أبي مسروق ، قال : سألني أبو عبد الله عن أهل البصرة ما هم ؟!
فقلت : مرجئة ، وقدرية ، وحرورية.
فقال : لعن الله تلك الملل الكافرة المشركة ، التي لا تعبد الله على شيء
(1) .
الرواية المزيفة :
وإن موقف أهل البيت (عليهم السلام) من (الخوارج) ، الذي عبرت
---------------------------
(1) الكافي ج1 ص301.