إله إلاّ الله ، محمّد رسول الله ، عليّ حبيب الله ، والحسن والحسين صفوة الله ، فاطمة خيرة الله ، على باغضهم لعنة الله (1) .

في وجوب إطاعتها على الكائنات
  * عن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل : ولقد كانت عليها السلام مفروضة الطاعة على جميع من خلق الله من الجنّ والإنس والطير والوحش والأنبياء والملائكة ـ الحديث (2) .
  * عن محمّد بن سنان قال : كنت عند أبي جعفر الثاني عليه السلام فأجريت اختلاف الشيعة ، فقال : يا محمّد إنّ الله تبارك وتعالى لم يزل متفّرداً بوحدانّيته ، ثمّ خلق محمّداً وعليّاّ وفاطمة ، فمكثوا ألف دهر ، ثمّ خلق جميع الأشياء فأشهدهم خلقها ، وأجرى طاعتهم عليها ، وفوّض أمورها إليهم ، فهم يحلّون ما يشاؤون ، ويحرّمون ما يشاؤون ، ولن يشاؤوا إلاّ أن يشاء الله تبارك وتعالى ، ثمّ قال : يا محمّد ، هذه الديانة التي من تقدّمها مرق (3) ، ومن تخلّف عنها محق ، زن لزمها لحق ، خذها إليك يا محمّد (4) .
  قال العلامة المجلسيّ في شرح هذا الحديث : ( فأشهدهم خلقها ) ، أي خلقها بحضرتهم وهم يطّلعون على أطوار الخلق وأسراره .
  ( وأجرى طاعتهم عليها ) أي أوجب على جميع الأشياء طاعتهم حتّى الجمادات والسماويّات والأرضيات .
  ( وفوّض أمورها إليهم ) من التحليل والتحريم والعطاء والمنع ، وإن كان ظاهره تفويض تدبيرها إليهم من الحركات والسكنات والأرزاق والأعمار وأشباهها (5) .
  * عن أبي سعيد الخدريّ قال : كنّا جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا قبل إليه رجل فقال : يا رسول الله أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ لإبليس : ( أستكبرت أم كنت من

---------------------------
(1) تاريخ بغداد : 1 | 259 .
(2) دلائل الإمامة : للطبريّ ، ص 28 .
(3) مرق من الدين : خرج منه بضلالة أو بدعة .
(4) بحار الانوار : 15 | 19 .
(5) مرآة العقول : 5 | 190 ـ 192 .

الاسرار الفاطمية _ 166 _

   العالمين ) (1) ، من هم يا رسول الله الّذين هم أعلى من الملائكة المقرّبين ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أنا وعليّ وفاطمة والحسن والحسين ، كنّا في سرادق العرش نسبّح الله فسبّحت الملائكة بتسبحنا قبل أن يخلق الله عزّ وجلّ آدم بألفي عام ، فلمّا خلق الله عزّ وجلّ آدم أمر الملائكة أن يسجدوا له ، ولم يؤمروا بالسّجود إلاّ لأجلنا ، فسجدت الملائكة كلّهم أجمعون إلاّ إبليس أبي أن يسجد ، فقال الله تبارك وتعالى : ( يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيديّ أستكبرت أم كنت من العالمين ) أي من هؤلاء الخمسة المكتوبة أسماؤهم في سرادق العرش .
  فنحن باب الله الّذي يؤتى منه ، وبنا يهتدي المهتدون ، فمن أحبّنا أحبّه الله وأسكنه جنّته ، ومن أبغضنا أبغضه الله وأسكنه ناره ، ولا يحبّنا إلاّ من طاب مولده (2) .

في ركوبها يوم القيامة
  * عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : يبعث الله الأنبياء يوم القيامة على الدوابّ ، ويبعث صالحاً على ناقته كيما يوافي بالمؤمنين من أصحابه المحشر ، وتبعث فاطمة ، والحسن والحسين عليهم السلام على ناقتين من نوق الجنّة ، وعليّ بن أبي طالب على ناقتي ، وأنا على البراق ، ويبعث بلالاً على ناقته فينادي بالأذان ـ الحديث (3) .

في تكلّمها في بطن أمّها
  * عن بعض الرواة الكرام : إنّ خديجة الكبرى رضي الله عنها ـ تمنّت يوماً من الأيّام على سيّد الأنام أن تنظر إلى بعض فاكهة دار السّلام ، فأتى جبرئيل إلى المفضّل على الكونين من الجنّة بتفّاحتين وقال : يا محمّد ، يقول لك من جعل لكلّ شيء قدراً :

---------------------------
(1) 75 .
(2) تأويل الآيات : 2 | 509 .
(3) كنز العمّال : 6 | 193 ، كما في فضائل الخمسة : 3 | 163 .

الاسرار الفاطمية _ 167 _

  كل واحدة وأطعم الاخرى لخديجة الكبرى ، فاغشها ، فإنّي خالق منكما فاطمة الزهراء ، ففعل المختار ما أشار به الأمين وأمر ، فلّما سأله الكفّار أن يريهم انشقاق القمر ـ وقد بان لخديجة حملها بفاطمة وظهر ـ قالت خديجة : واخيبة من كذّب محمّدا وهو خير رسول ونبّي ! فنادت فاطمة من بطنها : يا أمّاه لا تحزني ولا ترهبي فإنّ الله مع أبي ـ الخبر (1) .

في كونها تحت قبّة العرش
  * قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أنا وعليّ وفاطمة والحسن والحسين يوم القيامة في قبّة تحت العرش ، قلت ( الحافظ الكنجيّ ) ما كتبناه إلاّ من هذا الوجه ( السند المذكور فيه ) وهو حديث حسن عال (2) .

في ثواب السلام عليها
  * عن يزيد بن عبدالملك النوفلّي ، عن أبيه ، عن جدّه قال : دخلت على الفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : فبدأتني بالسّلام ، قال : وقالت : قال أبي ـ وهو ذا حيّ ـ من سلّم عليّ وعليك ثلاثة أيّام فله الجنّة ، قلت لها : ذا في حياته وحياتك أو بعد موته وموتك ؟ قالت : في حياتنا وبعد وفاتنا (3) .
  * عن ابن عبّاس قال : لمّا ولدت فاطمة بنت النبّي صلى الله عليه وآله وسلم سماّها المنصورة ، فنزل جبرئيل عليه السلام فقال : الله يقرئك السّلام ويقرئ مولودك السّلام (4) .

---------------------------
(1) روض الفائق : للعلاّمة الشيخ شعيب الحريفش ، مطبعة المصطفى البابي الحلبي ، ص 255 وهذا الاشتراك مع ابنها الحسين عليه السلام حيث يكلّمها في بطنها .
(2) كفاية الطالب : الباب 85 |311 .
(3) المناقب : لابن المغازليّ : 363 .
(4) ملحقات إحقاق الحقّ : 10 | 134 .

الاسرار الفاطمية _ 168 _

في نزول حنوطها من الجنّة
  * عن ابن سنان رفعه قال : السّنة في الحنوط ثلاثة عشر درهماً وثلث . قال محمّد بن أحمد : ورووا أنّ جبرئيل عليه السلام نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بحنوط ، وكان وزنه أربعين درهماً ، فقسمه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثلاثة أجزاء : جزءاً له ، وجزءاً لعليّ ، وجزءاً لفاطمة صلوات الله عليهم أجمعين (1) .

اشتراكها معهم في الحرب والسلم
  * عن أبي حازم ، عن أبي هرية قال : نزر النبّي صلى الله عليه وآله سلم إلى الحسن والحسين وفاطمة فقال : أنا حرب لمن حاربكم ، وسلم لمن سالمكم (2) .
  أقول : ولمّا جرّ البحث بنا إلى هنا ينبغي لنا أن نورد شيئاً من الأخبار ثم من الكلام حول المسالة إتماماً للفائدة وإيفاءً لبعض حقّها عليها السلام فنقول : عن مجاهد : خرج النبّي صلى الله عليه وآله وسلم وهو آخذ بيد فاطمة ، فقال : ( من عرف هذه فقد عرفها ، ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمّد ، وهي بضعة منّي ، وهي قلبي ، وهي روحي الّتي بين جنبّي ، من آذاها فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ) (3) .
  وعنه صلى الله عليه وآله وسلم إنّما فاطمة حذية (4) منّي ، يقبضني ما يقبضها .
  وعن جابر بن عبدالله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنّ فاطمة شعرة منّي ، فمن آذى شعرة منّي فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ، ومن آذى الله لعنه الله مل السماوات والأرض (5) .
  وعن ابن عباس قال : قال صلى الله عليه وآله وسلم : يا علي إنّ فاطمة بضعة منّي ، هي نور عيني وثمرة فؤادي ، يسوءني ماساءها ويسرّني ما سرّها ، وإنها أوّل من يلحقني من

---------------------------
(1) البحار : 22 | 504 .
(2) مسند أحمد : 2 | 442 .
(3) نور الأبصار للشبلنجي : 52 .
(4) الحذية من اللحم ما قطع طولاً .
(5) البحار : 43 | 54 .

الاسرار الفاطمية _ 169 _

  أهل بيتي ، فأحسن إليها من بعدي ، والحسن والحسين فهما ابناي وريحانتاي ، وهما سيدا شباب أهل الجنّة ، فليكونا عليك كسمعك وبصرك ، ثمّ رفع صلى الله عليه وآله وسلم يديه إلي فقال : اللّهمّ إنّي أشهدك أنّي محبّ لمن أحبهّهم ، مبغض لمن أبغضهم ، سلم لمن سالمهم ، حزب لم حاربهم ، عدوّ لمن عاداهم ، ولّي لمن والاهم (1) .
  وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إنّما فاطمة بضعة منّي ، يسوءني ماساءها (2) .
  وعن علّي عليه السلام إنّ الله عزّ وجلّ ليغضب لغضب فاطمة ، ويرضى لرضاها (3) .
  وعنه عليه السلام : يا فاطمة إنّ الله ليغضب لغضبك ، ويرضى لرضاك (4) .
  وإنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : فاطمة بضعة منّي ن فمن أغضبها أغضبني (5) .
  وقال عليه السلام : إنّما فاطمة بضعة منّي ، يؤذيني ما آذاها (6) .
  وعنه عليه السلام : فإنّما ابنتي بضعة منّي ، يريبني مارابها ، ويؤذيني ما آذاها (7) وعنه عليه السلام : إنّ فاطمة بنت محمّد مضغة منّي (8) .
  وعنه عليه السلام : ( إنّما فاطمة بضعة منّي ، يؤذيني ما آذاها، وينصبني ما أنصبها ) ، هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم ـ يخرجاه (9) .
  وعنه عليه السلام : إنّما فاطمة مضغة منّي ، فمن آذاها فقد آذاني (10) .
  وعنه عليه السلام : فاطمة بضعة منّي ، يسعفني ما أسعفها (11) .
  وعنه عليه السلام : فاطمة شجنة منّي ، يبسطني ما يبسطها ، ويقبضني ما يقبضها (12) .

---------------------------
(1) أهل البيت توفيق أبو علم : 124 .
(2) الطبقات لأبن سعد : 8 | 262 .
(3) ( كنز العمّال ) 12 | 111 ، ( مجمع الزوائد ) 9 | 203 .
(4) كنز العمّال : 12 | 111 ، مجمع الزوائد : 9 | 203 .
(5) صحيح البخاري : 5 | 26 .
(6) صحيح مسلم : 7 | 141 ، 142 ، باب الفضائل ، ورابنى الأمر وأرابني إذا رأيت منه ماتكره .
(7) ( صحيح البخاري ) 5 | 141 و 142 ، باب الفضائل ، ورابنى الأمر وأرابني إذا رأيت منه ما تكره .
(8) صحيح مسلم : 7 | 141 و 142 ، باب الفضائل ، ورابني الأمر وأرابني إذا رأيت منه ما تكره .
(9) ( مستدرك الصحيحين ) : 3 | 159 .
(10) مستدرك الصحيحين : 3 | 159 .
(11) كنز العمّال : 12 | 111 ، والاسعاف : القرب والإعانة وقضاء الحاجة .
(12) كنز العمال : 12 | 111 .

الاسرار الفاطمية _ 170 _

اشتراكها معهم في تكوّن الميزان
  قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أنا ميزان العلم ، وعليّ كفّتاه والحسن والحسين خيوطه ، وفاطمة علاقته ، والأئمّة من أمّتي عموده ، يوزن فيها أعمال المحبّين لنا والمبغضين لنا (1) .

اشتراكها معهم في قصّة سفينة نوح عليه السلام
  * عن النبّي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : لمّا أراد الله عزّوجلّ أن يهلك قوم نوح عليه السلام أوحى الله إليه أن شقّ ألواح الساج ، فلّما شقّها لم يدر ما صنع ، فحبط جبرئيل عليه السلام فأراه هيئة السفينة ومعه تابوت فيه مائة ألف مسمار وتسعة وعشرون ألف مسمار ، فسمر المسامير كلّها في السفينة إلى أن بقيت خمسة مسامير ، فضرب بيده إلى مسمارٍ منها ، فأشرق في يده وأضاء كما يضيء الكوكب الدرّي في أفق السماء فتحّير من ذلك نوح ، فأنطق الله ذلك المسمار بلسان طلقٍ ذلق فقال : أنا على اسم خير الأنبياء محمّد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم .
  فهبط جبرئيل عليه السلام فقال له : يا جبرئيل ، ما هذا المسمار الّذي ما رأيت مثله ؟ قال : هذا باسم خير الأولين والآخرين محمّد بن عبدالله عليه السلام ، أسمره في أوّلها على جانب السفينة الأيمن ، ثمّ ضرب بيده على مسمار ثانٍ ، فاشرق وأنار ، فقال نوح عليه السلام : وما هذا المسمار ؟ قال : مسمار أخيه وابن عمه علّي بن أبي طالب ، فأسمره على جانب السفينة اليسار في أولها ، ثمّ ضرب بيده على مسمار ثالث ، فزهر وأشرق وأنار ، فقال له جبرئيل عليه السلام : هذا مسمار فاطمة عليها السلام ، فأسمره إلى جانب مسمار أبيها صلى الله عليه وآله وسلم ، ثمّ ضرب بيده إلى مسمار رابع فزهر وأنار ، فقال له : هذا مسمار الحسن عليه السلام فأسمره إلى جانب مسمار أليه صلى الله عليه وآله وسلم ، ثمّ ضرب بيده إلى مسمار خامس ، فأشرق وأنار وبكى وأظهر النداوة (2) ، فقال : يا جبرئيل ما هذه النداوة ؟ فقال : هذا مسمار الحسين بن عليّ سيّد

---------------------------
(1) مقتل الحسين الخوارزمي : 107 .
(2) النداوة : البلل .

الاسرار الفاطمية _ 171 _

  الشهداء ، فأسمره إلى جانب مسمار أخيه .
  ثمّ قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال الله تعالى : ( وحملناه على ذات ألواح ودسرٍ ) (1) ، قال النبيّ عليه السلام : الألواح خشب السفينة ، ونحن الدسر ، ولولانا ماسارت السفينة بأهلها (2) .

توسّل زكريّا بها عليهما السلام
  * عن مولانا المهديّ عليه السلام في جواب سعد بن عبدالله في حديث طويل : إنّ زكريّا سأل ربّه أن يعلّمه أسماء الخمسة ، فأهبط عليه جبرئيل عليه السلام فعلّمه إيّاها ، فكان زكرّيا إذا ذكر اسم الحسين خنقته العبرة ووقعت عليه البهرة (3) .
  فقال ذات يوم : إلهي ما بالي إذا ذكرت أربعاً منهم تسلّيت بأسمائهم من همومي ، وإذا ذكرت الحسين تدمع عيني وتثور زفرتي ؟ فأنبأه الله تبارك وتعالى عن قصّته وقال : ( كهيعص ) (4) فالكاف اسم كربلاء ، والهاء هلاك العترة ، والياء يزيد وهو ظالم الحسين ، والعين عطشه ، والصاد صبره ، فلّما سمع ذلك زكرّيا عليه السلام لم يفارق مسجده ثلاثة أيام ، ومنع فيها الناس من الدخول عليه ، وأقبل على البكاء والنحيب ، وكانت ندبته : ( إلهي ، أتفجع خير خلقك بولده ؟ أتنزل بلوى هذه الرزّية بفنائه ؟ إلهي أتلبس عليّاً وفاطمة ثياب هذه المصيبة ؟ أتحّل كربة هذه الفجيعة بساحتهما ) ؟ ثمّ كان يقول : ( الهي ارزقني ولداص تقرّ به عيني على الكبر ، اجعله وارثاً وصيّاً ، واجعل محلّه الحسين ، فإذا رزقتنيه فافتنّي بحبّه ، ثمّ افجعني به كما تفجع محمّداً حبيبك بولده ) ، فرزقه الله يحيى عليه السلام ، وفجعه به ، وكان حمل يحيى ستّة أشهر وحمل الحسين عليه السلام كذلك (5) .

---------------------------
(1) القمر : آية 13 .
(2) عبقات الأنوار : حديث السفينة | 1081 .
(3) البهرة : تتابع النفس وانقطاعه .
(4) مريم : 1 .
(5) البحار : 52 | 84 .

الاسرار الفاطمية _ 172 _

تحّية الله تعالى إيّاها معهم بتفّاحة
  * عن ابن عبّاس قال : كنت جالساً بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم وبين يديه عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام إذ هبط جبرائيل ومعه تفّاحة فيحّى بها النبّي صلى الله عليه وآل وسلم فتحيّى بها ، وحيّى بها عليّ بن أبي طالب عليه السلام فتحيّى بها وقبلّها ورّدها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فتحيّى بها ، وحيّى بها الحسين فتحيّى بها وقبّلها ورّدها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فتحّيى بها ، وحيىّ بها فاطمة عليها السلام فتحيّت بها وقبلتها وردّتها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فتحيّي بها الرابعة وحيّى بها عليّ بن أبي طالب عليه السلام فتحيّى بها ، ولمّا همّ أن يرّدها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سقطت التفّاحة من بين أنامله فانفلقت نصفين فسطع منها نور حتّى بلغ السماء الدنيا ، فاذا عليها سطران مكتوبان : ( بسم الله الرحمن الرحيم ، تحيّة من الله تعالى إلى محمد المصطفى ، وعليّ المرتضى ، وفاطمة الزهراء ، والحسن والحسين سبطي رسول الله ، وأمان لمحبيّهم يوم القيامة من النار ) (1) .

عرض حبّها على البريّة
  * قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : إنّ الله له الحمد عرض حبّ عليّ وفاطمة وذرّيتها على البرّية ، فمن بادر منهم بالإجابة جعل منهم الرسول ، ومن أجاب بعد ذلك جعل منهم الشيعة ، وإن الله جمعهم في الجنّة (2) .

اشتراكها معهم في الصلوات
  * عن كعب بن عجرة قال : لمّا نزلت هذه الآية ( إنّ الله وملائكته يصلّون على النبيّ يا أيّها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلمّوا تسليماً ) (3) قلنا : يا رسول الله قد علمنا

---------------------------
(1) مقتل الحسين للخوارزمي : 95 .
(2) المناقب المرتضويّة للعلامة الكشفي : 97 .
(3) الأحزاب : آية 56 .

الاسرار الفاطمية _ 173 _

  كيف نسلّم عليك ، كيف نصلّي عليك ؟ فقال : قولوا : اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد ـ إلى آخره .
  وفي رواية الحاكم : فقلنا : يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت ؟ قال : قولوا : اللّهم صل على محمد وعلى آل محمّد ـ إلى آخره .
  ويروى : لا تصلّوا عليّ الصلاة البتراء، فقالوا : وما الصلاة البتراء ؟ قال : تقولون : اللّهم صلّ على محمّد ، وتسكتون ، بل قولوا : اللّهم صلّ على محمّد وعلى آل محمّد (1) ... فقيل له من أهلك يا رسول الله ؟ قال : عليّ وفاطمة والحسن والحسين (2) .
  وقال العلاّمة المحقّق المولى أحمد الأردبيليّ : واعلم أنّه قد ادّعى المصنّف ( العلامة الحلّي ـ ره ) في ( المنتهى ) : إجماع علمائنا أيضاً على وجوب الصلاة على آله عليهم السلام ، وأن المجزّي من الصلاة على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أن يقول : ( اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد ) ، ويدلّ عليه أيضاً ماروي عن طرقهم عن كعب الأحبار في كيفية الصلاة عليه حيث قال : قد عرفنا السلام عليك ، فكيف الصّلاة ؟ قال : اللّهمّ صلّ على محمد وآل محمّد ، والعجب أنّهم يحذفون الآل ويتركون هذا المنقول حتّى في هذا الخبر ، ويقولون : قال : صلّى الله عليه ، أفاده بعض السادة رحمهم الله وهو سيّد حسن السفطّي ، ويدلّ على ذلك غيره أيضاً ، والظاهر أنّ المراد بآله ـ صلوات الله عليه وآله ـ الأئمّة مطلقاً وفاطمة عليها السلام حقيقة لا تغليباً ، يدلّ عليه وضع الآل لغة ثمّ عرفاً أيضاً ، وبعض الأخبار أيضاً ، ولا يدل على الاختصاص بأمير المؤمنين وفاطمة وولديهما ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ الروايات الواقعة في سبب نزول آية التطهير ، لأنّهم كانوا موجودين في ذلك الزمان ، والحصر كان إضافّياً حيث يقول لبعض نسائه : إلى خير ، ولهذا أثبت الأصحاب عصمتهم بالآية ، فلا ينبغي قول المحقّق الثاني والشهيد الثاني (3) .
  وقال العلامة الأمينيّ : أخرج الديلميّ أنّه صلى الله عليه وآله وسلم قال : الدعاء محجوب حتّى يصلّى على محمد وأهل بيته : اللّهمّ صلّ على محمد وآله ، ورواه عنه ابن حجر في ( الصواعق )

---------------------------
(1) ينابيع المودّة : 295 .
(2) احقاق الحق : 9 | 237 ، عن عبد الوهاب الشعراني في كشف الغمّة : 1 | 110 .
(3) شرح إرشاد الأذهان : 2 | 276 ، 277 .

الاسرار الفاطمية _ 174 _

  ص 88 ، وأخرج الطبراني في ( الأوسط ) عن عليّ أمير المؤمنين عليه السلام : كلّ دعاء محجوب حتّى يصلّى على محمّد وآل محمّد ، وذكره الحافظ الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) ج 1 ، ص 160 .
  وقال : رجاله ثقات ، وأخرج البيهقّي وابن عساكر وغيرهما عن عليّ عليه السلام مرفوعاً ما معناه : الدعاء والصلاة معلّق بين السماء والأرض لا يصعد إلى الله منه شيء حتّى يصلّي عليه ـ صلّى الله عليه ـ وعلى آل محمّد ـ ( شرح الشفا ) للخفاجي ، ج 3 ، ص 506 (1) .
  وقال الرازي في تفسيره الكبير : وأنا أقول : آل محمّد صلى الله عليه وآله هم الّذين يؤول أمرهم إليه ، فكلّ من كان أمرهم إليه أشد وأكمل كانوا هم الآل ، ولا شك أنّ فاطمة وعلّياً والحسن والحسين كان التعّلق بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أشدّ التعلّقات ، وهذا كالمعلوم بالنقل المتواتر ، فوجب أن يكونوا هو الآل (2) .
  وقال أيضاً : أنّ أهل بيته صلى الله عليه وآله وسلم يساوونه في خمسة أشياء : في السلام ، قال : السلام عليك أيّها النبيّ ، وقال : ( سلام على آل ياسين ) ( الصافّات ، 120 ) ، وفي الصلاة عليه وعليهم في التشهد ، وفي الطهارة ، قال تعالى : ( أي يا طاهر ) وقال : ( ويطهّركم تطهيراً ) ( الأحزاب ، 33 ) وفي تحريم الصدقة وفي المحبّة ، قال تعالى : ( فاتّبعوني يحببكم الله ) ( آل عمران ، 31 ) ، وقال : ( قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربى ) ( الشورى ، 22 ) .
  وقال ابن حجر : صحّ عن كعب بن عجرة قال : لمّا نزلت هذه الآية ( يا أيّها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليماً ) قلنا : يا رسول الله ، قد علمنا كيف نسلم عليك ، فكيف نصلّي عليك ؟ فقال : قولوا : اللّهمّ صلّ على محمد وآل محمّد ـ إلى آخره .
  فسؤالهم بعد نزول الآية وإجابتهم باللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمد ـ إلى آخره دليل ظاهر على أنّ الأمر بالصلاة على أهل بيته وآله عقب نزولها ولم يجابوا بما ذكر ، فلّما أجيبوا به دلّ على أنّ الصلاة عليهم من جملة المأمور به ، وأنّه صلى الله عليه وآله وسلم أقامهم في ذلك مقام نفسه ، لأنّ القصد من الصلاة عليه مزيد تعظيمه ، ومنه تعظيمهم ، ومن ثمّ لمّا

---------------------------
(1) الغدير : 2 | 304 .
(2) التفسير الكبير : 27 | 166 .

الاسرار الفاطمية _ 175 _

  أدخل من مرّ في الكساء قال : اللّهم إنّهم منّي وأنا منهم ، فاجعل صلاتك ورحمتك ومغفرتك عليّ وعليهم ، وقضّية استجابة هذا الدعاء أنّ الله صلّى عليهم معه ، فحينئذٍ طلب من المؤمنين صلواتهم عليهم معه .
  ويروى : لا تصلّوا علّي الصلاة البتراء ، فقالوا : وما الصلاة البتراء ؟ قال تقولون : اللّهم صلّ على محمّد ، وتمسكون ، بل قولوا : اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد (1) .
  خامساً : صدر من الإمام المهدي عجل الله تعالى فجره الشؤيف في التوقيع المعروف الذي يقول فيه .
  ( ولولا ما عندنا من محبة صلاحكمم ورحمتكم والشفاق عليكم لكنا عن مخاطبتكم في شغل ، مما قد امتحنا من منازعة الظالم الضال الضال المتابع في غيّه ، المضاد في لربّه ، المدعي ماليس له ، الجاحد حق من إفترض الله طاعته ، الظالم الغاصب ، وفي أبنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لي أسوة حسنة وسيروي الجاهل رداءة علمه ، وسيعلم الكافر لمن عقبى الدار ) (2) .
  انظر من خلال فهم مدلول كلمة أسوة حسنة كيف جعل الإمام المهدي ( عج ) جدته الزهراء عليها السلام اسوة حسنة في كل اموره وبحيث يجيب أحد شيعته من خلال بعض المسائل ويذكر له في التوقيع الشريف الصادر منه انه يقتدي بجدته الزهراء عليها السلام وجعلها قدوة له في حياته وله فيها اسوة حسنة كما لنا اسوة حسنة برسول الله وأهل بيته الطيبين الطاهرين .

فاطمة عليها السلام والمعاد
  من الأمور الهمة والقضايا الحساسة في حياة الفرد المؤمن هو مسألة يوم القيامة ـ المعاد ـ حيث نرى الكثير من الناس عندما يسمعون المعاد ويوم القيامة واليوم الآخر يأنون من ذكره حيث هناك تلاقي البشر مع خالقهم والوقوف بين يديه للحساب .

---------------------------
(1) الصواعق : 146 .
(2) البحار : 53 | 179 ـ 180 .

الاسرار الفاطمية _ 176 _

  ولا شك ولاريب انّ الكثير من الناس يخافون عدل الله تعالى ويطلبون منه ان يحاسبهم برحمته لا بعدله لأنه لو يحاسبهم الله تعالى .
  بعدله لما ترك عليها من دابة ، لذا نجد من خلال القرآن الكريم والروايات الشريفة إنّه من ظاهر رحمته الله تعالى يوم القيامة هو إعطاءه الشفاعة لبعض أولياؤه حيث تعتبر الشفاعة مظهر من ظاهر رحمة الله لكي يبين الله تعالى قدرة ومنزلة ومقام العبد المؤمن ذلك اليوم ـ أي يوم الحساب ـ ومن هنا نجد إن من الذين تشملهم العناية الربانية في الشفاعة يوم القيامة هم آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهذا ما أثبتته الكثير من الآيات والروايات ولا نريد الوقوف الطويل مع هذه الآيات والروايات بل نقف مع أحد دعائم أهل بيت النبوة والمتمثلة في الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام تلك هي بضعة الرسول وريحانته وزوجة الوصي المرتضى وأم الحسنين ، وهذه الشفاعة التي نتكلم عنها هي نموذج من يوم المعاد الذي سوف تجتمع به الخلائف ، وبذلك تكون الشفاعة جزءاً مهماً بل هو الامل الوحيد للخلائق يوم القيامة ، اذن الشفاعة مظهر من مظاهر رحمة الله تعالى ومظهر من مظاهر المعاد ، ونحن نجد من خلال إستقراء الروايات الشريفة الواردة في مقام الشفاعة يوم القيامة هو الشفاعة التي تعطي للزهراء عليها السلام ، وعليه تكون الزهراء مرتبطة إرتباط وثيق بيوم القيامة والمعاد الذي نؤوب إليه ، أما كيف نثبت أن لها هذا الإرتباط من خلال الروايات الشريفة فهذا ما تبينه بعض النصوص الشريفه التي تثبت إرتباط الصديقة الشهيدة بيوم المعاد :
  * عن أبو القاسم العلوي الحسني ـ معنعناً ت عن ابن عباس : ( إذا كان يوم القيامة نادي مناد : يا معشر الخلائق ، غضوا أبصاركم حتى تمر فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله وسلم ... فيجوزون بها الصراط حتى ينتون بها إلى الفردوس فيتباشر فيها أهل الجنان ... فتجلس على كرسي من نور ويجلس حولها ، ويبعث إليها ملك لم يبعث إلى أحد قبلها ولا يبعث الى أحد بعدها فيقول : إن ربك يقرئك السلام ويقول : سليني أعطيك ، فتقول قد أتم عليّ نعمته ، وهنأني كرامته وأباحني جنته ، أسأله ولدي وذريتي ومن ودهم بعدي ، وحفظهم من بعدي ، فيوحي الله إلي الملك من غير أن نزول من

الاسرار الفاطمية _ 177 _

  مكانه : أن سرّها وبشرّها أنّي قد شفعتها في ولدها ومن ودهم بعدها وحفظهم فيها ، فتقول : الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن وأقر عيني .
  قال جعفر : كان أبي يقول : كان إبن عباس إذا ذكر هذا الحديث تلا هذه الآية ( والذين امنوا واتبعتهم ذريتهم بأيمانهم الحقنابهم ذريتهم ) (1) .
  * عن الحسن بن سعيد ـ معنعنا ـ عن جعفر ، عن أبيه عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إذا كان يوم القيامة نادي مناد من بطنان العرش : يامعشر الخلائق ، غضوا أبصاركم حتى تمر بنت حبيب الله إلى قصرها ( إبنتي فاطمة وعليها ) ويطتان خضروان حواليها سبعون الف حوراء ، فإذا بلغت غلى باب قصرها وجدت الحسن قائماً ن والحسين نائماً مقطوع الرأس ، فتقول للحسن : من هذا ؟ فيقول : هذا أخي إنّ أمة نبيك قتلوه وقطعوا رأسه ، فيأتيها النداء من عندالله : يا بنت حبيب الله إني إنما ما فعلت به أمة أبيك لأني أدخرت لك عندي تعزية بمصيبتك فيه ، إني جعلت نعزيتك اليوم أني لا أنظر في محاسبة العباد حتى تدخل الجنّة أنت وذريتك وشيعتك قبل أم أنظر بمحاسبة العباد ، فتدخل فاطمة أبنتي الجنة وذريتها وشيعتها ومن أولاها معروفاً ممن ليس من شيعتها ، فهو قول الله عزّ وجلّ : ( لا يحزنهم الفزع الاكبر ) قال : قول يوم القيامة ( وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون ) هي والله ـ فاطمة وذريتها وشيعتها ومن أولاهم معروفاً ممن ليس هو من شيعتها (2) .
  * روي عن سلمان قال : أتيت ذات يوم منزل فاطمة عليها السلام ـ في حديث إلى أن قال ـ قال صلى الله عليه وآله وسلم : والذي بعثني بالرسالة وإصطفاني بالنبوه قد حرم الله تعالى النار على لحم فاطمة ، ودمها ، وشعرها ، وعصبها وعظمها وذريتها وشيعتها ، أن من نسل فاطمة من تطيعه النار ، والشمس والقمر والنجوم والجبال وقد ضرب الجن بين يديه بالسيف ويوافي إليه الانبياء بعهودهم وتسلم إليه الأرض كنوزها وينزل عليه من السماء بركات ما فيها ، الويل لمن شك في فضل فاطمة لعن الله من يبغضها ،

---------------------------
(1) تفسير فرات : 169 ، دلائل الإمامة : 57 تأويل الآيات : 2 | 618 | ح 7 .
(2) مستدرك الحاكم : 3 | 161 ، الخصائص : 2 | 265 ، الفصول المهمة 127 فضائل الصحابة : 2 | 763 ح 1344 ، ميزان الاعتدال : 2 | 538 ، كفاية الطالب : 364 ، تفسير فوات الكوفي : 97 .

الاسرار الفاطمية _ 178 _

  ويبغض بعلها ولم يرضى بأمامة ولدها ، إن لفاطمة يوم القيامة موقفاً وإن فاطمة تدعى وتكسى وتشفع ، فتشفع على رغم كل راغم (1) .
  * عن علي عليه السلام : دخلت يوماً منزلي فإذا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم جالس والحسن عن يمينه ، والحسين عن يساره ، وفاطمة بين يديه ، وهو يقول : يا حسن ويا حسين ، أنتما كفتا الميزان وفاطمة لسانه ، ولا تعدل الكفتان إلا باللسان ولا يقوم اللسان إلا على الكفتين ... إنتما الإمامان ولأمكما الشفاعة (2) .
  * وقد ورد في الخبر أنها لما سمعت بأن أباها زوجها وجعل الدراهم مهراً لها ، قالت يا رسول الله ، إن بنات الناس يتزوجن بالدراهم فما الفرق بيني وبينهن ، أسألك أن تردها وتدعوا الله أن يجعل مهري الشفاعة في عصاة أمتك ، فنزل جبريل عليه السلام ومعه بطاقة من حرير مكتوب فيها : جعل الله مهر فاطمة الزهراء عليها السلام شفاعة المذنبين من أمة أبيها ، فلما إحتضرت أوصت بأن توضع تلك البطاقة على صدرها تحت الكفن فوضعت ، وقالت : إذا حشرت يوم القيامة رفعت تلك البطاقة بيدي ، وشفعت في عصاة أمّة أبي (3) .
  وكثيرة هي الروايات التي ثبتت شفعة فاطمة عليها السلام للشيعة والمحبين والمذنبين من أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، هذه تدل دلالة واضحة على ارتباط الزهراء عليها بيوم المعاد وان لها منزلة وكرامة على الله تعالى في ذلك اليوم .
لابـد أن تـرد القيامة iiفاطم      وقميصها  بدم الحسين iiملطخ
ويل  لمن شفعاؤه iiوخصمائه      والصور في يوم القيامة ينفخ

---------------------------
(1) الثاقب في المناقب : 293 | ح 250 .
(2) كشف الغمة : 1 | 506 .
(3) اخبار الدول : 88 ، الاحقاق : 10 | 367 ، وسيلة النجاة : 217 .

الاسرار الفاطمية _ 179 _

البحث السادس : فاطمة عليها السلام وحديث الكساء الشريف

الاسرار الفاطمية _ 181 _

للسيد محمد مهدي القزويني الحلي
روت  لـنا فـاطمة خـير iiالنسا      حديث أهل الفضل أصحاب الكسا
تـقـول : أن سـيـد iiالانــام      قـد  جـاءني يـوما مـن iiالايام
فـقال لـي : اني أرى في iiبدني      ضـعفا  اراه الـيوم قـد iiأنحلني
قـومي عـليّ بـالكسا iiالـيماني      وفـيـه غـطيني بـلا iiتـواني
قـالـت فـجـئته وقـد iiلـبيته      مـشروعة  وبـالكساء iiغـطيته
وكـنت أرى نـور وجهه iiكالبدر      فـي أربـع بـعد لـيال iiعـشر
فـما  مـضى إلاّ يسير من iiزمن      حـتى  أتـى أبـو محمد iiالحسن
فـقـال : يـاأمـاه انـي iiاجـد      رائــحـة  طـيـبة iiأعـتـقد
بـأنـهـا رائــحـة iiالـنـبي      أخـي  الـوصي المرتضى iiعلي
قلت  : نعم ها هو ذا تحت iiالكسا      مـدثر بـه ، مـغطى واكـتسى
فـجـاء نـحـوه ابـنه مـسلما      مـستأذنا قـال له : ادخل iiمكرما
فـمـا مـضـى إلاّ الـقليل iiالا      جـاء  الـحسين الـسبط iiمستقلا
فـقـال  يــا أم أشـم iiعـندك      رائـحة كـأنها الـمسك iiالـذكي
وحـق مـن اولاك مـنه شـرفا      أظـنها ريـح الـنبي iiالمصطفى
قـلت  : نـعم تـحت الكسا iiهذا      بـجـنبه  أخــوك فـيـه لاذا
فـأقـبل الـسبط لـه iiمـستأذنا      مـسلما  قـال لـه : ادخل iiمعنا
ومـا  مـضى من ساعة إلاّ iiوقد      جـاء أبـوهما الـغضنفر iiالاسد
أبــو  الأئـمة الـهداة iiالـنجبا      الـمرتضى  رابع اصحاب iiالكسا
فـقـال يــا سـيـدة iiالـنساء      ومـن بـها زوجـت في iiالسماء
انـي اشـم فـي حـماك iiرائحة      كـأنـها الـورد الـندي فـايحة
يـحكي  شذاها عرف سيد iiالبشر      وخـير مـن لبى وطاف واعتمر

الاسرار الفاطمية _ 182 _

قلت  نعم : تحت الكساء iiوالتحفا      وضـم شـبليك وفـيه iiاكـتنفا
فـجاء  يـستأذن مـنه iiسـائلا      منه الدخول قال : فادخل iiعاجلا
قـالت : فـجئت نحوهم iiمسلمة      قـال  : ادخـلي محبوة iiمكرمة
فـعندما بـهم أضـاء iiالموضع      وكـلهم تـحت الكساء iiاجتمعوا
قال الامين : قلت : يا رب iiومن      تـحت  الـكسا ؟ بحقهم لنا أبن
فـقال  لـي : هم فاطمة iiوبعلها      والـمصطفى والـحسنان iiنسلها
فـقال عـلي : قـلت يا iiحبيبي      مـا لـجلوسنا مـن النصيب ii؟
قـال  الـنبي والذي iiاصطفاني      وخـصني  بـالوحي iiواجتباني
مـا أن جـرى ذكر لهذا iiالخبر      فـي  محفل الاشياع خير معشر
إلاّ  وأنــزل الالـه iiالـرحمة      وفـيهم  حـفت جـنود iiجـمة
مـن  الـملائك الـذين iiصدقوا      تـحرسهم فـي الدهر ما تفرقوا
كــلا ولـيس فـيهم iiمـغموم      إلاّ وعـنـه كـشـفت iiهـموم
كـلا ولا طـالب حـاجة iiيرى      قـضاؤها  عـليه قـد تـعسرا
إلاّ  قـضى الله الـكريم iiحاجته      وانـزل الرضوان فضلا iiساحته
قال علي نحن والاحباب أشياعنا      الــذيـن  قـدمـا iiطـابـوا
فـزنا  بـما نـلنا ورب iiالكعبة      فـلـيشكرن كـل فـردٍ iiربـه
يـاعـجبا يـسـتأذن iiالامـين      عـلـيهم  ويـهـجم الـخؤون
قـال  سـليم قـلت : يا iiسلمان      هـل دخـلوا ولـم يك iiاستئذان
فـقـال : أي وعـزة iiالـجبار      لـيس  على الزهراء من iiخمار
لـكـنها  لاذت وراء iiالـبـاب      رعـايـة  لـلستر iiوالـحجاب
فـمذ رأوهـا عصروها عصرة      كادت  بروحي ان تموت iiحسرة
تـصيح  : يـافضة iiاسـنديني      فـقـد وربـي قـتلوا iiجـنيني
فـأسقطت بـنت الهدى iiواحزنا      جـنينها ذاك الـمسمى مـحسنا

الاسرار الفاطمية _ 183 _

حديث الكساء الشريف
  عن جابر بن عبدالله الانصار قال سمعت فاطمة عليها السلام أنّها قالت : ( دخل عليّ أبي رسول الله في بعضٍ الإيّام فقال السّلام عليك يا فاطمة فقلت عليك السلام قال إني أجد في بدني ضعفاً فقلت له أعيذك بالله يا أبتاه من الضعف فقال يا فاطمة اتيني بالكساء اليماني فغطيني به فأتيته بالكساء اليماني فغطيته به وصرت أنظر إليه وإذا وجهه يتلالؤ كأنّه البدر في ليلة تمامه وكماله فما كانت إلاّ ساعةً وإذا بولدي الحسن قد أقبل وقال السلام عليك يا أمّاه فقلت وعليك السلام وياقرّة عيني وثمرة فؤادي فقال يا أمّاه إنّي أشم عندك رائحةً طيّبةً كأنّها رائحة جدّي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقلت نعم إنّ جدك تحت الكساء فأقبل الحسن نحو الكساء وقال السّلام عليك يا جدّاه يا رسول الله أتأذن لي أن أدخل معك تحت الكساء فما كانت إلاّ ساعة واذا بولدي الحسين عليه السلام قد اقبل وقال السلام عليك يا اماه فقلت وعليك السلام يا ولدي وياقرة عيني وثمرة فؤادي فقال لي يا اماه اني اشم عندك رائحة طيبه كأنها رائحة جدي رسول الله فقلت نعم ان جدك وأخاك تحت الكساء فدنى الحسين نحو الكساء وقال السلام عليك يا جداه السلام عليك يا من إختاره الله أتأذن لي أن اكون معكما تحت الكساء فقال وعليك السلام يا ولدي ويا شافع أمتي قد أذنت لك فدخل معهما تحت الكساء فأقبل عند ذلك أبو الحسن علي بن أبي طالب عليه السلام وقال السلام عليك يا بنت رسول الله فقلت وعليك السلام يا أبا الحسن ويا أمير المؤمنين فقال يا فاطمة إني أشمّ عندك رائحة طيبة كأنّها رائحة أخي وابن عمّي رسول الله فقلت نعم هاهو مع ولديك تحت الكساء فأقبل عليّ نحو الكساء وقال السلام عليك يا رسول الله أتاذن لي أن أكون معكم تحت الكساء قال وعليك السلام يا أخي وياوصيّي وخليفتي وصاحب لوائي قد إذنت لك فدخل علّي تحت الكساء ثمّ أتيت نحو الكساء وقلت السلام عليك يا أبتاه يا رسول الله أتأذني لي أن أكون معكم تحت الكساء قال وعليك السلام يابنتي ويا بضعتي قد أذنت لك فدخلت تحت الكساء فلما إكتملنا جميعاً تحت الكساء أخذ أبي رسول الله بطرفي الكساء وأومئٍ بيده اليمنى الى السماء وقال

الاسرار الفاطمية _ 184 _

  اللهم إنّ هؤلاء أهل بيتي وخاصتي وحامّتي لحمهم لحمي ودمهم دمي يؤلمني ما يؤلمهم ويحزنني ما يحزنهم أنا حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم وعدّو لمن عاداهم ومحب لمن أحبهم إنهم مني وأنا منهم فاجعل صلواتك وبركاتك ورحمتك وغفرانك ورضوانك علي وعليهم وأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً فقال الله عز وجل يا ملائكتي ويا سكان سماواتي إني ما خلقت سماءً مبنية ولا أرضاً مدحية ولا قمراً منيراً ولا شمساً مضيئة لا فلكاً يدور ولا بحراً يجري ولا فلكاً يسري إلا في محبة هؤلاء الخمسة الذين هم تحت الكساء فقال الأمين جبرائيل يا ربّ ومن تحت الكساء فقال عزّوجلّ هم أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة هم فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها فقال جبرائيل يارب أتأذن لي أن أهبط الى الأرض لأكون معهم سادساً فقال الله نعم قد أذنت لك فهبط الأمين جبرائيل وقال السلام عليك يا رسول الله العلي الأعلى يقرئك السلام ويخصك بالتحية والإكرام ويقول لك وعزتي وجلالي إني ما خلقت سماءً مبنية ولا أرضاً مدحية ولا قمراً منيراً ولا شمساً مضيئةً ولا فلكاً يدور ولا بحراً يجري ولا فلكاً يسري إلاّ لأجلكم ومحبتكم وقد أذن لي أن أدخل معكم فهل تأذن لي يا رسول الله فقال رسول الله وعليك السلام يا أمين وحي الله انه نعم قد أذنت لك فدخل جبرائيل معنا تحت الكساء فقال لأبي ان الله قد أوحى اليكم يقول إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً فقال علي لأبي يا رسول الله أخبرني مالجلوسنا هذا تحت الكساء من الفضل عند الله فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم والذي بعثني بالحق نبيا وإصطفاني بالرسالة نجيّا ماذكر خبرنا هذا في محفل من محافل أهل الأرض وفيه جمع من شيعتنا ومحبينا الاّ ونزلت عليهم الرحمة وحفت بهم الملائكة واستغفرت لهم الى أن يتفرقوا فقال علي عليه السلام إذاً والله فزنا وفاز شيعتنا ورب الكعبة فقال أبي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يا علي والذي بعثني بالحق نبياً وإصطفاني بالرسالة نجيا ما ذكر خبرنا هذا في محفل من محافل أهل الأرض وفيه جمع من شيعتنا ومحبينا وفيهم مهموم إلاّ وفرج الله همه ولا مغموم إلاّ وكشف الله غمه ولا طالب حاجة إلاّ وقضى الله حاجته فقال علي عليه السلام إذاً والله فزنا وسعدنا وكذلك شيعتنا فازوا وسعدوا في الدنيا والاخرة ورب الكعبة .

الاسرار الفاطمية _ 185 _

البحث السادس : فاطمة عليها السلام وحديث الكساء الشريف
  يعتبر حديث الكساء من الأحاديث النورانية الولائية والذي عبّر عن مدى ارتباط أهل البيت عليهم السلام بالسماء وذلك من خلال المضامين العالية التي وردت في طياته ، فما أدراك ما حديث الكساء وهل أتاك نبأه ! أنه الحديث المتصل بين الأرض والسماء ، فقد وعته كواكب الكون ونجوم السماوات السبع ومازال الإنسان في ريب من أمره ذلك إن الإنسان كان جهولا ، لقد وعته قلوب المؤمنين وإفتدتهم قبل أن تعيه أسماعهم لذا سوف نعيش في رحابه ونقف مع حلقاته ونستضيء من نوره ونستجلي حقائقه ونحيا مع بركاته كي نصل الي شاطي نور العلم والمعرفة تلكم هي معرفة نورانية أهل البيت عليهم السلام ، فحديث الكساء الشريف يعتبر مرسوم رباني قد قلده الله تبارك وتعالى لنبيه الشريف محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولآله الطيبين الطاهرين حيث جاء موضحاً لإرادة رب العالمين التي وسمت قوله تعالى ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ) كل ذلك حرصاً ومحبتاً من الله تعالى للرسول ولأهل بيته عليهم السلام ولكي لا يشرق الناس أو يغربوا ولا تأخذهم الاهواء والميول والرغبات يميناً وشمالاً وحتى لا يحرف المغرضون هذه الآية المباركة العظيمة عن أهلها وأصحابها الحقيقين الذي أرادهم رب العالمين أطهاراً مطهرين يتولون قيادة الأمة ويوضحون معالم طريقها بعد رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، إن هذا الحديث يستحق منا أن نقف عنده وقفة متأمله لكي ننفذ إلى الأبعاد الانسانية والحقائق العلمية والمسائل العقائدية التي يرمي اليها والنتائج الرائعة التي تترتب عليه فهو ليس مجرد حديث يروى لأجل أن نأخذ معلومة جامدة تتوقف عند حدود الحديث وظاهر الالفاظ بل يجب أن نستشف المرامي الحضارية الكامنة خلف ألفاظه وكلماته ، لا سيما أن الله سبحانه وتعالى

الاسرار الفاطمية _ 186 _

  بقد ميزنا عن سائر المخلوقات الاخرى بأن وهب لنا عقلاً والهمنا كيف نستخدمه ونوظفه لخدمة المجتمع والانسانية جمعاء لا أن نكون مجرد مخلوقات تأكل وتنام وتضاجع دون أن نعي ما كان ويكون حولها .
  وسيكون حديثنا حول هذا الحديث المبارك في ثلاث وقفات :
  الوقفة الأولى : ارتباط هذا الحديث بآية التطهير .
  الوقفةالثانية : سند هذا الحديث الشريف .
  الوقفة الثالثة : مضامين هذا الحديث المختلفة .

الوقفة الأولى : ( حديث الكساء وآية التطهير )
  ارتبط حديث الكساء الشريف بنزول آية التطهير ارتباطاً وثيقاً حيث جاءت هذه الآية المباركة ( إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) لتؤكد على مسألة عصمة أهل البيت عليهم السلام جميعاً بما فيهم فاطمة الزهراء عليها السلام ، والذي يهمنا في المقام هو عصمة فاطمة الزهراء عليها السلام ، أمّا مسألة البحث حول هذه الآية المباركة ودلالتها على عصمة أهل البيت عليهم السلام فهذا موكول إلى الكتب الكلامية الخاصة بهذا الموضوع ، أمّا دلالة هذه الآية على عصمة فاطمة الزهراء عليها السلام فهذا ما تجده من خلال الروايات التي بينت من هم أهل البيت الذين عنتهم الآية المباركة وكيفية اشتراك الزهراء مع أهل البيت في طهارتهم وعصمتهم ، أمّا الروايات فسنذكر بعضها بعدما أن نقف مع مفهوم أهل البيت ، ومن المراد بهم فلربما يقول قائل إنّنا لا نؤمن بالروايات أو لا نقبل هذه الروايات فنقول له تعال معنا لنقف سوية على مفهوم أهل البيت ومن المراد بهم ؟ .
  إن التعرف على مفهوم أهل البيت لغة والمقصود منه في هذه الآية المباركة يعد من الأبحاث الضرورية في فهم مفاد هذه الآية فلقد ضلّ

الاسرار الفاطمية _ 187 _

  الكثير في تفسير هذه الآية والمراد فيها من أهل البيت ولأجل ذلك نبحث اولا وقبل كل شيء هذا المفهوم لغة على وجه يرفع الستار عن وجه الحقيقة .

مفهوم أهل البيت عند أهل اللغة
  قد ورد لفظ أهل البيت في القرآن الكريم مرتين أحداهما في هذه الآية المرتبطة بحديث الكساء الشريف والأخرى في قوله تعالى ( قولوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت ) (1) .
  ويمكن تحديد مفهوم الأهل من موارد استعماله فيقال :
  1 ـ أهل الأمر والنهي .
  2 ـ أهل الأنجيل .
  3 ـ أهل الكتاب .
  4 ـ أهل الأسلام .
  5 ـ أهل الرجل .
  6 ـ أهل الماء .
  وهذه الموارد توقفنا على أن كلمة أهل تستعمل مضافاً فيمن كان له علاقة قوية بمن أضيف إليه ، فأهل الأمر والنهى هم الذين يمارسون الحكم والبعث والزجر ، وأهل الأنجيل هم الذين لهم اعتقاد به كأهل الكتاب وأهل الإسلام .
  وقد اتفقت كلمة أهل اللغة على أن الأهل والآل كلمتان بمعنى واحد قال ابن منظور : آل الرجل : أهله وآل الله وآل رسوله : أولياؤه ، أصلها أهل ثم بدلت الهاء همزة فصارت في التقدير أأل فلما توالت الهمزمان أبدلوا الثانية ألفاً .
  كما قالوا : آدم وآخر ، وفي الفعل آمن وآزر .
  وقد انشأ عبد المطلب عند هجوم ابرهة على مكة المكرمة وقد أخذ حلقة باب الكعبة وقال : وانصر على آل الصليب وعابديه اليوم آلك وعلى ما ذكرنا فهذا اللفظ إذا أضيف الى شيء يقصد منه المضاف الذي له علاقة

---------------------------
(1) هود : آية 73 .

الاسرار الفاطمية _ 188 _

  خاصة بالمضاف إليه ، فأهل الرجل مثلاً أخص الناس به ، وأهل المسجد المترددون كثيراً إليه ، وأهل الغابة القاطنون فيها ... فإذا لاحظنا موارد استعمال هذه الكلمة لانترود في شمولها للزوجة والأولاد وبل غيرهم ممن تربطهم رابطة خاصة بالبيت من غير فرق بين الأولاد والأزواج ولأجل ذلك ترى أنّه سبحانه يطلقه على زوجة إبراهيم كما عرفت في الآية هذه هو حق الكلام في تحديد مفهوم هذه الكلمة ولنأتي ببعض نصوص أئمة اللغة .
  قال ابن منظور : أهل البيت سكانه وأهل الرجل أخص الناس به وأهل البيت أزواجه وبناته وصهره أعني علياً عليه السلام ، وقيل نساء النبي والرجال الذين هم أهله (1) .
  فلقد أحسن الرجل في تحديد المفهوم ، أولاً ، وتوضيح معناه في القرآن الكريم كما أشار بقوله : قيل : الى ضعف القول الآخر لأنه نسبه الى القيل .
  وقال ابن فارس ناقلاً عن الخليل ابن أحمد : أهل الرجل زوجه والتأهل التزوج وأهل الرجل أخص الناس به وأهل البيت سكانه وأهل الأسلام من يدين به (2) .
  وعلى ماذكرنا فهذا اللفظ إذا أضيف الى شيء يقصد منه المضاف الذي له علاقة خاصة بالمضاف إليه فأهل الرجل مثلاً أخص الناس به فاذا لا حظنا موارد استعمال هذه الكلمة لا نتردد في شمولها للزوجة والأولاد بل وغيرهم ممن تربطهم رابطة خاصة البيت من غير فرق بين الأولاد والأزواج .
  اذن هذه الكلمات ونظائرها بين أعلام اللغة كلها تعرب عن أن مفهوم أهل البيت في اللغة هم الذين لهم صلة وطيدة بالبيت وأهل الرجل من له صلة به ينسب أو سبب أو غيرهما ، وهناك إشكال من بعض المفسرين الذين قالوا ان لفظ أهل البيت يطلق فقط على الزوجة ويستعمل في الأولاد والأقارب تجوزاً أي يكون استعماله حقيقة في الزوجة ومجازاً في الأولاد والأقارب وقد استدل هذا الذي أثار هذا الإشكال على ذلك عن طريق اثباته ذلك من القرآن الكريم كما وردت هذه اللفظة ـ أهل البيت ـ في قصة أبراهيم بالبشرى حيث قال الله تعالى ( وامراته قائمة فضحكت فبشرناها

---------------------------
(1) لسان العرب : 11 | 29 ( أهل ) .
(2) معجم مقاييس اللغة : 1 | 150 .

الاسرار الفاطمية _ 189 _

  بأسحاق من وراء إسحاق يعقوب قالت يا ويلتي أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخاً إنّ هذا لشيء عجيب ، قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت ) (1) .
  وفي قصة موسى عليه السلام أيضاً : ( فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور ناراً قال لأهله إمكثوا اني آنست ناراً ) (2) .
  فالمستشكل قال : إن الله استعمل هذه اللفظة على لسان ملائكته في زوجة إبراهيم عليه السلام لا غير كما في الآية الأولى الخاصة بالبشرى واستعمل الأهل في زوجة موسى عليه السلام وهي بنت شعيب ما في الآية ، إذن فالمستشكل قال إن الأهل تطلق على الزوجة حقيقة ، وهذا مردود من عدة جهات :
  أولاّ : تقدم على لسان أهل اللغة أن لفظة أهل تطلق على أخص الناس بالزوج وهم الأولاد .
  ثانياً : ان كلامه غير صحيح من كون الأهل تطلق حقيقة على الزوجة ومجازاً على الأولاد فنحن نقول له من أين إستظهرت هذا ، فاذا قلت من آية البشرى وآية موسى فإنه مردود لأنه الأطلاق هنا على كلمة الأهل ليس دليلاً على الأنحصار ـ أي إنحصار اللفظة على الزوجة فقط ...
  ثالثاً : إنّ الآية في قصة إبراهيم قالت عليكم أهل البيت ولم تقول الآية المباركة عليك تكون ظاهرة في زوجته فقط كلمة أهل .
  أمّا السؤال المهم في هذا المقام هو هل أنّ مفهوم ولفظ أهل البيت يطلق على الزوجة أو على الزوجة والأولاد ؟ وفيما نحن فيه هل هناك قرائن في آية التطهير أو قبلها أو بعدها تصرف هذا اللفظ خاصة الى أهل البيت الذين يقصد بهم على وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ، أم لا توجد قرائن ؟ والجواب على ذلك : إن بعض من وقف مع هذه الآية المباركة ومدلولاتها قال ان المراد من أهل البيت هم أزواجه ونسائه صلى الله عليه وآله وسلم والبعض الآخر قال إنّ لفظ أهل البيت خاصة يطلق على بنت النبي صلى الله عليه وآله وسلم و صهره وولداهما الحسن والحسين عليهم السلام .

---------------------------
(1) هود : آية 73 .
(2) القصص : آية 30 .

الاسرار الفاطمية _ 190 _

  والحق مع من ذهب الى القول الثاني ـ على وفاطمة والحسن والحسين ـ بدلالة عدة شواهد وقرائن حفت بالآية المباركة سواء كانت قرائن حالية أو مقامية وإليك هذه القرائن .
  1 ـ القرينة الأولى اللام في أهل البيت للعهد وبيان ذلك : إنّ اللام قد يراد منها الجنس المدخول عليه مثل قوله تعالى ( إن الإنسان لفي خسر ) ، وقد يراد من اللام الإستغراق مثل قوله تعالى ( يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين وأغلظ عليهم ) وقد يراد منها بأعتبار معهودية مدخولها بين المتكلم والمخاطب ، أمّا الأول والثاني من الأقوال لا يمكن أن نحمل اللام عليهما أما القول الثالث فهو الحق لأنّ الله تعالى إنما يريد إذهاب الرجس عن أهل بيت معهودين بين المتكلم والمخاطب ، وفمن هم هؤلاء أهل البيت ؟!!
  2 ـ القرينة الثانية على أن المراد من أهل البيت هم علي وفاطمة والحسن والحسين هو تذكير الضمائر في الآية خلاف الضمائر الاخرى التي وردة في الآية المباركة حيث جاءت مؤنثة مثل وقلن ، اتقيتن ، فلا تخضعن ... الخ .
  3 ـ القرينة الثالثة : ـ هي ان الإرادة وكما أثبتتها الكتب الكلامية هي الارادة التكوينية ... إنما يريد الله ـ لا التشريعية فلا يصح حمل مفهوم أهل البيت على نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذ لم يدع أحد من المسلمين كونهن معصومات من الذنب مطهرات من الزلل فلا مناص من تطبيقه على جماعة خاصه من المنتمين إلى البيت النبوي الذين تحقق فيهم تعلقهم بالاسباب والمقتضيات التي تنتهي بصاحبها إلى العصمة ولا ينطبق هذا إلا على الإمام علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام .
  وأضف الى ذلك الى أن المراد من أهل البيت عليهم السلام هم أصحاب الكساء الخمسة هو وقوف النبي صلى الله عليه وآله وسلم ستة أشهر على باب فاطمة ويناديهم بقوله تعالى ـ ( إنما يريد الله ... ) ليوقضهم للصلاة وليؤكد على حرمة أهل هذا البيت عليهم السلام ، وكذلك نزول آية التطهير في بيت فاطمة عليها السلام حيث قالت دخل علي أبي وفيه دلالة على أن حديث الكساء كان في بيت فاطمة عليها السلام خلاف ما يدعيه البعض أن حديث الكساء كان في بيت أم سلمة وكما سيأتينا هذا البحث .

الاسرار الفاطمية _ 191 _

  إذن كان للنبي العناية الوافرة بتعريف أهل البيت لم يرّ مثلها إلا في أقل الموارد حيث قام بتعريفهم بطرق مختلفة كما كان المحدثين والمفسرين وأهل السيّر والتأريخ لهم العناية الكاملة بتعريف أهل البيت عليهم السلام في مواضع مختلفة وحسب المناسبات التي تقتضي طرح هذه المسألة وكذلك الشعراء المخلصين الاسلاميين الذين كان لهم العناية البارزة ببيان فضائل أهل البيت وتعريفهم للناس والتصريح بأسمائهم على وجه يظهر من الجميع اتفاقهم على نزول الآية في حق العترة الطاهرة .
  أما الروايات الواردة في بيان من هم أهل البيت عليهم السلام فنروي لك شاهدين الشاهد
  الأول : ما روي عن أم سلمة انها قالت : ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان في بيتي فاستدعى علياً وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ، وجللهم بعباءةٍ خيبرية ثم قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً فقالت أم سلمة : قلت يا رسول الله أنا من أهل بيتك ؟ قال لا : ولكنك إلى خير (1) .
  أما الشاهد الثاني : ما روي عن أمير المؤمنين علي عليه السلام في إحتجاجه على أبي بكر حيث قال له أخبرني عن وقول الله عزّ وجلّ ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) أفينا نزلت أو في غيرنا نزلت ؟ قال : فيكم : فأخبرني لو أنّ شاهدين من المسلمين شهداً على فاطمة عليها السلام بفاحشة ما كنت صانعاً ؟ قال : كنت أقيم عليها الحد كما أقيم على نساء المسلمين !! قال الإمام عليه السلام كنت إذن عند الله من الكافرين قال : ولم ؟ قال : لأنك رددت شهادتها وقبلت شهادة غيرها كنت عند الله من الكافرين قال : فبكى الناس وتفرقوا ودمدموا (2) .
  وعلى هذا يكون الشاهدين فيهما دلالة على أن فاطمة كانت من أهل بيت العصمة فهي معصومة من الزلل والخطأ والعصمة هنا لها هي العصمة الذاتية وليس الفعلية ، ومما يؤكد العصمة فيها كذلك الأقوال والأحاديث الواردة من خلال استقراء كتب الحديث حيث روت لنا هذه الكتب إن الرسول كان دائماً يقول : فاطمة بضعة مني

---------------------------
(1) التبيان في تفسير القرآن للشيخ الطوسي : 8 | 339 .
(2) علل الشرائع : 191 باب 151 .

الاسرار الفاطمية _ 192 _

  يغضبني من أغضبها ويسرني من أسرها وإن الله ليغضب لغضبها ويرض لرضاها .
  فان هذا كاشف عن إناطة رضاها بما فيه مرضاة الرب جلّ شأنه وغضبه بغضبها حتى إنها لو غضبت أو رضيت على أمر مباح لابد أن تكون له جهة شرعية تدخله في الراجحات لم تكن حالة الرضا والغضب فيها منبعثة عن جهة نفسانية وهذا مثل العصمة الثابتة لها عليها السلام (1) وقد قال الشيخ المفيد طاب ثراه (2) في إثبات الحكم بكون فاطمة معصومة من الزلل والخطأ ما نصه : قد ثبت عصمة فاطمة عليها السلام بإجماع الأمة على ذلك فتياً مطلقة ، وإجماعهم على إنّه لو شهد شهود بما يوجب إقامة الحد من الفعل المنافي للعصمة ، لكان الشهود مبطلين في شهادتهم ، ووجب على الأمة تكذيبهم وعلى السلطان عقوبتهم ، فإنّ الله تعالى قد دل على ذلك بقوله : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ) .
  ولا خلاف بين نقلة الآثار إن فاطمة عليها السلام كانت من أهل هذه الآية ، وقد بيّنا فيما سلف إنّ ذهاب الرجس عن أهل البيت الذين عنوا بالخطاب يوجب عصمتهم ولأجماع الأمة ايضاً على قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( من آذى فاطمة فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله عزوجل ) .
  فلولا أنّ فاطمة عليها السلام كانت معصومة من الخطأ ، مبرأة من الزلل ، لجاز منها وقوع ما يجب آذاها بالأدب والعقوبة ولو وجب ذلك لوجب آذاها ولو جاز وجوب آذاها لجاز آذى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، والأذى لله عزوجل فلمّا بطل ذلك دلّ على أنها عليها السلام كانت معصومة حسب ما ذكرناه ، وإذا ثبت عصمة فاطمة عليها السلام وجب القطع بقولها ، واستغنت عن الشهود في دعواها ـ في قضية فدك ـ لأن المدعي إنمّا افتقر للشهود لارتفاع العصمة عنه وجواز ادعائه الباطل فيستظهر بالشهود وعلى قوله لئلا يطمع كثير من الناس في أموال غيرهم ، وجحد الحقوق الواجبة عليهم وإذا كانت العصمة مغنية عن الشهادة وجب القطع على قول فاطمة عليها السلام وعلى ظلم ما نعها فدكاً ومطالبتها بالبينة عليها .
  ويكشف عن صحة ما ذكرناه أن الشاهدين إنما يقبل قولهما على الظاهر مع جواز

---------------------------
(1) وفاة الصديقة الزهراء : 55 للمقرم .
(2) الفصول المختارة من العيون المحاسن : 88 .

الاسرار الفاطمية _ 193 _

  أن يكونا مبطلين كاذبين فيما شهدا به ، وليس يصح الإستظهار على قول من قد أمن من الكذب بقول من لا يؤمن عليه ، ذلك كيما لا يصح الاستظهار على قول المؤمن بقول الكافر ، وعلى قول العدل البر بقول الفاسق الفاجر .
  ويدل أيضاً على ذلك : إنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم استشهد على قوله فشهد خزيمة بن ثابت في ناقة نازعه فيها منازع ، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم : من أين علمت يا خزيمة ، أنّ هذه الناقة لي ؟ أشهدت شرائي لها ؟ فقال : لا ولكني علمت أنّها لك من حيث إنّك رسول الله ، فأجاز النبي صلى الله عليه وآله وسلم شهادته كشهادة رجلين وحكم بقوله فلو لا أن العصمة دليل الصدق وتعني عن الاستشهاد ، لما حكم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقول خزيمة من ثابت وحده وصوّبه في الشهادة له على ما لم يره ولم يحضره ، بأستدلاله عليه بدليل نبوته وصدقه على الله سبحانه فيما أراده الى بريته ، وإذا وجب قبول قول فاطمة عليها السلام بدلائل صدقها ، واستغنت عن الشهود لها ثبت ان من قطع حقها وأوجب الشهود على صحة قولها ، قد جار في حكمه وظلم في فعله ، وآذى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم بأيذائه لفاطمة عليها السلام وقد قال الله عزّوجلّ : ( إنّ الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعدّ لهم عذاباً مهينا ) (1) .
  اذن لاشك في عصمة فاطمة عليها السلام ، أمّا عندنا فللإجماع القطعي المتواتر والأخبار المتواترة في فضائلها ومناقبها .
  وأمّا الحجة على المخالفين :
  1 ـ فبآية التطهير الدالة على عصمتها ، وكما بيّنا في إثبات نزول هذه الآية في جماعة كانت داخلة فيهم بل هي قطب الرحى الذي يدور فيه أهل البيت عليهم السلام .
  2 ـ وبالأخبار المتواترة الدّالة على أنّ إيذائها إيذاء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وإنّ الله تعالى يغضب لغضبها ويرضى لرضاها : ووجه الإستدلال بالروايات على عصمتها صلوات الله عليها : أنّه كانت فاطمة عليها السلام ممن تقارق الذنوب وتركتبها ، لجاز إيذاؤها ، بل إقامة الحد عليها ، لو فعلت معصية ، وارتكبت ما يوجب حداً ، لم يكن رضاها رضى الله

---------------------------
(1) الأحزاب : آية 57 .

الاسرار الفاطمية _ 194 _

  سبحانه إذا رضيت بالمعصية ، ولا من سرها في معصية ساراً لله سبحانه ، ومن أغضبها بمنعها عن ارتكابها مغضباً له جل شأنه ، فإن قيل : لعل المراد ، من آذاها ظلماً فقد آذاني ، ومن سرّها في طاعة الله فقد سرّني ، وأمثال ذلك ، لشيوع التخصيص في العمومات قلنا :
  أولاً : التخصيص خلاف الأصل ، ولايصار إليه إلا بدليل فمن أراد التخصيص فعليه إقامة الدليل .
  ثانياً : إن فاطمة صلوات الله عليها تكون حينئذ كسائر المسلمين ، لم تثبت لها خصوصية ومزية في تلك الأخبار ، ولا كان لها فيها تشريف وحدمة ، وذلك باطل بوجوه :
  1 ـ إنّه لا معنى حينئذ لتفريع كون إيذائها إيذاء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على كونها بضعة منه كما يصرح بذلك صحيح البخاري ومسلم في رواياته .
  2 ـ إنّ كثيراً من الأخبار السالفة المتضمنة لأنكاره صلى الله عليه وآله وسلم على بني هاشم ، في أن ينكحوا إبنتهم علي بن ابي طالب عليه السلام ، أو النكاح بنت أبي جهل ، ليس من المشتركات بين المسلمين فإنّ ذلك النكاح كان مما أباحه الله سبحانه ، بل ممّا رغّب فيه وحث عليه لولا كان كونه إيذاء لسيدة النساء ، وقد علل رسول صلى الله عليه وآله وسلم عدم الإذن بكونها بضعة منه يؤذيها ما آذاها ويربيه ما يريبها تظهر بطلان القول بعموم الحكم لكافة المسلمين ، على إنه لو ثبت هذا القول بأن علي صلى الله عليه وآله وسلم ربما أو أراد أن يتزوج من المتقدمي الذكر .
  3 ـ إنّ القول بذلك يوجب إلقاء كلامه صلى الله عليه وآله وسلم وخلّوه من الفائدة ، إذ مدلوله حينئذ أنّ بضعته كسائر المسلمين ولا يقول ذلك من أوتي حظاً من الفهم والفطانة ، أو أتصف بشيء من الانصاف والأمانة ، وقد أطبق محدثوهم على إيراد تلك الروايات في باب مناقبها صلوات الله عليها .
  فإن قيل : أقصى ما يدل عليه الأخبار ، هو أنّ إيذاؤها إيذاء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ومن جوّز صدور الذنب عنه صلى الله عليه وآله وسلم ، لا يأبى عن إيذائه إذا فعل ما يستحق به الإيذاء .
  قلنا : بعد مامر من الدلائل على عصمة الأنبياء عليهم السلام ، قال الله تعالى ( والذين