البحث الخامس : فاطمة عليها السلام وعلاقتها بأصول الدين

الاسرار الفاطمية _ 135 _

  
محمد حسن سميسم (1)

مـن مـبلغ عـني الـزمان iiعتابا      ومـقـرعّ مـنـي لــه iiأعـتابا
دهـر  تـعامى عـن هـداه iiكأنما      أصـحاب  أحـمد أشركوا مذ iiغابا
نـكصوا عـلى الأعقاب بعد iiمماتهٍ      سـيرون  فـي هذا النكوص iiعقابا
سـل عـنهم الـقرآن يـشهد iiفيهم      إن كـنت لـم تـفقه لـذاك iiجوابا
فـكـأنهم لـم يـشهدوا خـمّاً iiولا      بــدراً  ولا أحـداً ولا iiالأحـزابا
وبـخيبرٍ  مـن راح يـرقل iiباللوا      مـن  قـدّ مـرحب من أزال iiالبابا
ومـن  اشـترى إلاه نـفس iiمحمدٍ      فـي  نـفسه لـما دعـي iiفـأجابا
من في الصلاة يرى الصلاة فريضةً      مـن نـال خـاتمه الشريف iiجوابا
مـن بـاب حطة غير حيدرةٍ iiومن      لـمـدينة  الـمختار كـان iiالـبابا
أعـجبت مـمن أخـرّوا iiمـقدامهم      بـعـد  الـنبي وقـدموا iiالأذنـابا
قـد أضـمروها لـلوصي iiضغائناً      مــذ  دحـرجوها لـلنبّي iiدبـابا
لـينفرّوا العضباء عن قطب iiالهدى      حـتى بـعود الـدين بـعد iiيـبابا
نـستبوا  لـه هـجراً لحذف iiكتابه      فـكـأنهم لا يـسـمهون iiكـتـابا
مـا  كـان يـنطق عن هواه iiوإنما      وحــي  تـلـقاه الـنبّي خـطابا
يـاباب  فـاطم لاطـرقت بـخيفةٍ      ويـد الـهدى سـدلت عليك iiحجابا
أو هـي عـليك أمـا علمت iiبفاطم      وقـفت  وراك تـناشد iiالأصـحابا
لـهفي  عليك أما اسعطعت iiتصدّهم      لـما  أتـاك بـنو الضلال iiغضابا
أو مـارققت لـضلعها لـما iiانحنى      كـسـراً ومـنه تـزجر iiالـخطابا
أفـهل درى الـمسمار حين اصابها      مـن قـبلها قـلب الـنبيّ أصـابا
عـتبي على الأعقاب أسقط iiمحسن      فـيها  ومـا انـهالت لـذاك iiترابا

---------------------------
(1) زعيم أسرة آل سميسم من أصحاب الفضل والأدب والسخاء وله ديوان شعر مخطوط أكثره في أهل البيت ، ولد شاعرنا سنة 1279 هـ و توفي 1343 هـ .

الاسرار الفاطمية _ 137 _

البحث الخامس : فاطمة الزهراء عليها السلام وعلاقتها بأصول الدين
  تمر الكثير من الأفكار والنظريات على ذهن الإنسان ومنها ما يجد طريقاً واضحاً الى فكر الإنسان وعقله فتكون عندئذ عقائد ثابتة وراسخة وعلى ضوء ما تمليه عليه الاستدلالات العقلية والبراهين المنطقية ، ومن هنا كانت العقيدة لها معنى في حياة الإنسان فهي مشتقة من المصدر عقد الذي يعني الاحكام والشد والربط لفكرة معينة في ذهن الإنسان وفكره بعد عرضها عليه والاستدلال عليها الاستدلال الصحيح المطابق للبراهين السليمة ، فالعقيدة اذن عبارة عن ذلك الشي الذي يتصل بذهن الإنسان وروحه وفكره ، فهو يعني التقبل أي تقبل ، أي نظرية للأنسان وربطها بذهنه واحكام صلتها بروحه وفكره وعليه يكون عندئذ معنى العقيدة .
  وعليه لابد لكل انسان مؤمن من عقائد على المستوى النظري ومن ثم يأتي المستوى التطبيقي لهذه العقائد وهو ما يتم بالتصديقات على المستوى الخارجي لهذه العقائد ، فالعقائد تحدد شكل الإنسان وساكلته ( قل كل يعمل على شاكلته ) وتشكل هيئته الباطنية وحقيقته الواقعية وهذه العقائد هي التي تحفزه على العمل الصالح وتحدد إتجاهه في الحياة وعلى ضوء ذلك يأتي العمل الصالح الذي يبرهن على الإيمان الذي يعتقده الفرد المؤمن . وعلى هذا الاساس إذا كانت العقيدة صائبة ومطابقة للواقع كانت عنذئذ طريقة الإنسان المؤمن في الحياة طريقة صحيحة وصائبة وعلى ضوء تلك العقيدة التي يؤمن بها والتي كانت صائبة ومطابقة للواقع ، اما اذا كانت عقيدته فاسدة باطلة فان ذلك سوف ينعكس على طبيعة سيرته وطريقة حياته في الواقع الخارجي سوف يؤدي ذلك الى الضياع والابتعاد عن الطريق الصحيح الذي خطه الشرع المبين ، ومن هذا المنطلق كان اهتمام الاسلام بتصحيح العقيدة قبل أي شيء آخر ، أي تصحيح عقيدة كل انسان مسلم ، مؤمن بالله تعالى .
  والسؤال الذي ينقدح في المقام اذا

الاسرار الفاطمية _ 138 _

  كان الاسلام يهتم اهتماماً كبيراً تصحيح العقيدة فهذا يعني ان هناك موانع تمنع تصحيح العقيدة وتقف حاجز في طريق استقرارها في النفس الانسانية فعلية فلابد لنا قبل ذكر الامور التي تصحح العقيدة من ذكر موانع تصحيح هذه العقيدة فما هي هذه الموانع ؟

موانع تصحيح العقيدة
  ان في عقيدة كل انسان مؤمن يريد الاجابة على سؤال ما يخطر بذهنه ان يرجع الى القرآن الكريم أولاً بأعتبارة المصدر الأول للمسلمين ، ومن بعد ذلك يرجع الى السنة الشريفة للرسول وأهل بيته الطيبين الطاهرين ، ولذا لنستنطق القرآن ونستخبره عن الآيات التي أثبتت موانع تصحيح العقيدة الاسلامية فنجد منه أولا هذه الآية المباركة التي أخبرت عن الموانع التي تقف في طريق تثبيت هذه العقيدة حيث قالت الآية المباركة ( ان يتبعون إلا الظن وما تهوي الانفس ) (1) .
  أي هناك عاملين ينشأ عنهما خطأ الإنسان في آرائه وعقائده :
  أحدهما : اتباع الظن .
  والآخر : اتباع الهوى .
  كما ان هناك أموراً أخرى وردت في الروايات الشريفة بأعتبار مواضع زلل الفكر ، كالتعصب والتقليد والاستبداد واللجاجة إلا ان هذه الامرو تعود كلها الى الاهواء النفسية أي : أنّ كل ماجاء في الروايات الشريفة بهذا الشأن هو في الحقيقة تفسير وبيان للآية الكريمة الانفة الذكر .
  فنظراً الى هذه المقدمة ، نستعرض موانع تصحيح العقيدة على ضوء القرآن الكريم والروايات الشريفة ، وهذه الموانع كما سبقت الاشارة اليها هي :
  1 ـ الظن .
  2 ـ الاهواء النفسية .
  3 ـ التعصب .
  4 ـ التقليد .
  5 ـ الاستبداد .
  6 ـ اللجاجة .

---------------------------
(1) سورة النجم : 23 .

الاسرار الفاطمية _ 139 _

  اما الظن فهو من أخطر العوامل التي تؤدي بأفكار الغالبية في العالم الى مهاوي العقائد الباطلة الفاسدة ، وأول ما يوصي به القرآن الكريم لتصحيح العقيدة هو تجنب الاعتماد على هذا المنزلق ، ويؤكد على اتباعه بعدم بناء عقائدهم وآرائهم على دعائم الظن والشك والتسليم بشي دونما التأكد من صحته وثبوته فيقول سبحانه عزوجل في صريح كلامه : ( ولا تقف ماليس لك به علم ) (1) .
  ففي نظر القرآن الكريم أنه لا يحق لمسلم أن يقضي شيئاً أو يجعله مداراً لعلمه مالم يثبت له انه قطعي وثابت .
  فلو أمعنا النظر في العقائد والآراء المتناقضة بين الناس في المجتمعات المختلفة وطرحناها على سياق البحث والتحليل الجذري لانتهينا بلا عناء الى أن أغلب هذه العقائد فاقدة للاسس العلمية جذرياً وإنها لا تستند إلاّ الى الظن أو الى الشك وأن أهل الدنيا كانوا ومازالوا يقتفون أثر الظن في المسائل العقائدية وخاصة في أصولها ولهذا نرى القرآن يعلن بصراحة بان من اتبع الاكثرية فقد ضل ومن ذلك قوله تعالى : ( وان تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ان يتبعون إلا الظن وانهم إلا يخرصون ) (2) .
  وهكذا في بقية الموانع الاخرى لتصحيح العقيدة الاسلامية وفي قبال ذلك ينقدح لنا كيفية الوصول الى شرائط تصحيح العقيدة الاسلامية كالتأني والتجربة والتمركز وتبادل النظر وكل الامور التي لها دخل في الحصول على الاستدلالات الصحيحة للحصول على العقيدة الاسلامية الصحيحة وعلى ضوء القرآن الكريم والنسة الشريفة ، فمن هنا كان لابد لنا ان ندخل في معرفة عقيدتنا في فاطمة الزهراء ومدى ارتباط حياتها بكل ما تملكه الكلمة من معنى في أصول ديننا وعقائدنا والسؤال الذي يطرح في المقام وعلى ضوء الاستدلالات هل ان فاطمة عليها السلام وظلاماتها وحياتها الشخصية والغيبية له ارتباط بأصول الدين ، وبحيث هذا الارتباط يكون ناشيء من وعي وفهم للعقائد التي أمرنا الله تعالى بالاعيان بها ام لا ؟
  وعلى هذا الاساس كان لابد لنا من الوقوف مع الزهراء عليها السلام ونرى مدى ارتباطها بأصول الدين ، وهل هناك ارتباط لها بالتوحيد والنبوة والإمامة والعدل والمعاد ، أم

---------------------------
(1) الاسراء : 36 .
(2) الانعام : 16 .

الاسرار الفاطمية _ 140 _

  يتجاوز الأمر الى أبعد من ذلك ؟ أم لا يوجد ارتباط ؟ وما الثمرة في ذلك والفائدة من هذا البحث ؟ كل هذه الامثلة سوف نحاول الاجابة عليها خلال هذا البحث الذي له من الاهمية العظمى في حياة الفرد المؤمن الموالي لأهل بيت العصمة عليهم السلام .

فاطمة عليها السلام وعلاقتها بالتوحيد
  توجد عدة أدلة وشواهد تدل بالدلالة المطابقية أو الالتزامية على أن فاطمة الزهراء عليها السلام لها ارتباط وثيق بتوحيد الله ، وعلى ضوء هذه الادلة والشواهد التي سنقدمها بين يدي القاريء العزيز يتبين لنا أن لمعرفة فاطمة عليها السلام دور كبير في عقيدة الفرد المؤمن ، وأما أثبات هذا الارتباط وكيفية ثبوته تصميم التوحيد فهذا ما يتوقف معرفته وثبوته على مقدمات نرى من الضرورة فيما نحن فيه التذكير بها والتمعن في مدلولاتها لكي نصل وعلى ضوءها ـ أي المقدمات ـ الى اثبات هذا الأمر .
  أما نوعية هذا الادلة والشواهد فتارة تكون عبارة عن نص ورد في حديث أو ورد في زيارة لأئمة أهل البيت أو من خلال فقرة معينة من الاحاديث التي تروي لنا ، ادعيتهم عليهم السلام ، وعلى هذا الحال تكون هذه الادلة مبثوثة وموزعة على كتب الادعية والزيارات والأحاديث الشريفة لأهل البيت العصمة عليهم السلام .
  وعلى هذا الأساس نجد أول الادلة التي نستطيع اثبات ارتباط فاطمة عليها السلام بصميم التوحيد ما ورد في زيارة ائمة أهل البيت عليهم السلام بالزيارة المعروفة بالجامعة الكبيرة والمروي سند معتبر عن الإمام علي الهادي عليه السلام حيث تطالعنا هذه الزيارة بالفقرة التالية ( من أراد الله بدأ بكم ، ومن وحدّه قبل عنكم حيث ورد في تفسير هذه الفقرة أنه من لم يوحد الله لم يقبل عنكم أو بالعكس من لم يقبل عنكم لم يوحد الله تعالى فهو على ذلك يكون من المشركني لأن معرفة الله تعالى حق المعرفة مشروط و على ما ورد

الاسرار الفاطمية _ 141 _

  في الروايات الشريفة على معرفة شروط هذه المعرفة ومن شروط هذه المعرفة هو القبول عن أهل البيت عليهم السلام في كل ما يقولونه من المعارف الربانية الحقة وفي كل ما يقولونه من الحق فهم حجج الله على الخلق ، فالراد عليهم كالراد على الرسول وعلى الله تعالى ، هذا البيان يظهر لنا ان معرفة مراتب التوحيد متوقف على المعارف الرانية التي جاء بها أهل البيت في بيان معنى التوحيد والقبول عنهم في كل شيء يقولون به ، فانه من عرفهم فقد عرف الله تعالى لانهم هم الادلاء عليه وعلى مرضاته وكل ما ثبت للائمة عليهم السلام فهو ثابت للزهراء عليها السلام فهي مشتركة معهم في كونها نورانية وكونها الصراط المستقيم وكذلك كونها الكلمات التي تلقاها آدم عليه السلام لتوبته واشتراكها في المباهلة معهم عليها السلام وأيضاً اشتراكها في كونهم الشجرة الطيبة ونزول الملاكة عليهم في ليلة القدر واشتراكها معهم في بدء خلقها معهم قبل خلق آدم وعرض ولايتهم على الاشياء ... الخ .
  والاهم من هذا كله هو كونها عليها السلام الحجة على الأئمة وعلى معرفتها دارت القرون الاولى وما تكاملت نبوة نبي من الأنبياء حتى أقر بفضلها ومحبتها وعلى هذا الاساس تكون كل من يقبل عنها الحق فهو من الموحدين وكل ما صدر منها لابد من الإيمان به وإلاّ الراد عليها كالراد على الله ورسوله ، وعليه تكون فاطمة عليها السلام مر تبطة بتوحيد الله تعالى ونعني بذلك أنه لابد من الإيمان بها والتصديق بكل ما صدر منها انه الحق وان توحيد أي مسلم أو مؤمن لا يكتمل حتى يقر بفضلها ومحبتها وولايتها ، فيكون على هذا الأساس كل من رد عليها ولم يقبل منها الحق فهو مشرك أو منافق فهي اذن لها ارتباط بالاصل الأول من اصول الدين وهو التوحيد وهذا ثابت لها وللائمة من ولدها عليهم السلام وهذا ما وجدناه في قول الإمام الحسين عليه السلام عندما خرج في واقعة كربلاء حاملاً الطفل الرضيع وهو ينادي : هل من ذاب يذب عن حرم رسول الله ؟ هل من موحد يخاف الله فينا ؟ هل من مغيث يرجو الله في إغاثتنا ؟
  ومحل الشاهد هو هل من موحد يخاف الله فينا ، فالذي يكون موحداً لابد ان يخاف الله في كل شيء ويقف عند حدوده التي أمرنا بالوقوف عندها ، فانه من ملازمات التوحيد مخافة الله تعالى في عدم أذية الناس وخلق الله تعالى والذي

الاسرار الفاطمية _ 142 _

  لا يخاف الله تعالى فهو ليس موحد فالذين ظلموا آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم لم يكونوا موحدين لانهم لم يخافوا الله تعالى في خلقه الذين خلقهم قبل كل شيء فما بالك ، فيهم عليه السلام حيث كانوا من الذي استخلصهم واصطفاهم الله تبارك وتعالى على الخلق فيكون من باب الاولوية انه كل من ظلمهم كان من المشركين وكل من رد عليهم فقد أشرك بالله تعالى من حيث لا يعلم لأنّ الله تعالى أمر الخلق بالاخذ عنهم والتسليم لهم وان الراد علهيم راد على الله والراد على الله مشرك وقد أخبر الله تعالى عن حكم من أشرك فيهم حيث يقول الله تعالى في كتابه ( ويوم نحشرهم جميعاً ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون ثم لم تكن فتنتهم إلاّ ان قالوا والله ربنا ماكنّا مشركين ) .
  يعني ما وضعوا أصناماً ظاهرة يعبدونهم من دون الله ويصلون لهم ولكنهم أتخذوا رجالا من دون ولي الله و حجة الله فأمرهم بخلاف ما أمر الله فأطاعوهم في خلاف أمر الله فعبدوهم من حديث لا يعلمون فرد عليه سبحانه فقال أنظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون ، وقال الإمام الصادق عليه السلام حكاية عنهم هيهات فات قوم وماتوا قبل ان يهتدوا وظنوا انهم آمنوا واشركوا من حيث لا يعلمون ) .
  إذن لا يعرف الله احد من الخلق حق معرفته حتى يأتي بالشروط التي تتوقف عليها المعرفة وهذه الشروط كلها معرفتهم عليهم السلام بما فيهم فاطمة الزهراء التي هي قطب الرحى التي تدور عليها معرفة أهل البيت وكما وصفت لك وفسرت فاذا كان كذلك فكيف لا يقبل عنهم أي فرد ، وقد قبل عنهم لانه قبل العلم والمعرفة والتوحيد عنهم ولو لم يقبل لم يعلم ولم يعرف اذ لا يكون ذلك منه غيرهم علهم السلام ، وعلى هذا كانت فاطمة عليها السلام من هذه الجهة ومن خلال فقرة الزيارة الجامعة الكبيرة مرتبط بصميم التوحيد وهذا لا يظهر إلاّ لمن تمعن وتفحص ودقق في مأثورات أهل البيت عليهم السلام فأفهم تغنم أنشاء الله .
  اما ثاني الادلة التي نستطيع من خلالها الورود في مسألة ارتباط فاطمة بصميم التوحيد فهو ماجاءت وتظافرت به الروايات الشريفة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وهذه الروايات تنقسم فيما نحن فيه الى أربعة طوائف :

الاسرار الفاطمية _ 143 _

  1 ـ الطائفة الاولى : اذاها عليها السلام هو أذى الله تبارك وتعالى .
  2 ـ الطائفة الثانية : رضاها عليها السلام هو رضى الله تبارك وتعالى .
  3 ـ الطائفة الثالثة : حبها عليها السلام هو حب الله تبارك وتعالى .
  4 ـ الطائفة الرابعة : غضبها عليها السلام هو غضب الله تبارك وتعالى .
  ونستفيد من خلال التأمل والتمعن في مدلولات هذه الروايات أنه لا معنى لارتباط أذية ورضى فاطمة وغضبها بالله تعالى اذا لم تكن معصومة بالعصمة المطلقة ، فالله تبارك وتعالى جعلها معبرة عن غضبه ورضاه لكونها معصومة بالعصمة المطلقة الذاتية وإلاّ فان هكذا قول يكون في غاية الوهن والعبث وعدم الحكمة ، فالله تبارك وتعالى جعل فاطمة عليها السلام المعبره عن غضبه ورضاه وعلى لسان نبيه الاكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهذا يدل على انها عليها السلام معصمومة ولا تفعل إلاّ برضا الله تبارك وتعالى ، وعلى كل حال فان جميع الروايات المروية عن لسان النبي صلى الله عليه وآله وسلم جاءت لتؤكد هذه الحقيقة وهي كون فاطمة لها ارتباط بالله تعالى وتوحيده سواء كان هذا الارتباط تارة يأتي على هيئة غضب الله أو رضاه أو على هيئة حب الله تبارك وتعالى أو أذاه ، وإليك بعض النصوص التي بينت هذه الطوائف الأربعة من الروايات :
  * جاء في تفسير قوله تعالى ( ان الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والاخرة وأعد لهم عذاباً مهيناً ) أنها نزلت في غصب حق أمير المؤمنين عليه السلام ، وأخذ حق فاطمة ( أذاها ) ، قد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : من آذاها في حياتي كمن آذاها بعد موتي ، ومن آذاها بعد موتي كمن آذاها في حياتي ، ومن آذاها فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله وهو قول الله عزوجل : ( ان الذين يؤذون الله ورسوله ) (1) .
  أقول : يظهر من هذا الآية ان الله تبارك وتعالى يتأذى من فعل بعض القوم ومن المعلوم ان الله لا تصل إليه اذية أي بشر بالمعنى وانما جعل بعض المؤمنين

---------------------------
(1) تفسير علي بن إبراهيم 533 ، عنه البحار 43 | 25 ح 23 في تفسير الآية 57 من الأحزاب ، وجاء في المناقب 3 | 210 في رواية مقاتل : ( الذين يؤذون المؤمنين ) يعني علياً .
( والمؤمنات ) يعني فاطمة ( فقد احتملوا بهتاناً واثماً مبيناً ) .

الاسرار الفاطمية _ 144 _

  والذين هم أهل بيت النبوة مظهر من مظاهر أذيته اذا تؤذوا هم عليهم السلام ، وهذا نص صريح في كونهم مر تبطين بالله ، فالغضب الإلهي يتجلّى في غضبهم كما أنّ غضبهم مرآة غضب الله ، وكذلك الحال في الرضا .
  * وجاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انه قال : ( ان فاطمة بضعة مني ... وان الله تبارك وتعالى ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها ) (1) .
  * وورد عن تفسير الثعلبي باسناده عن مجاهد قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلى الله عليه وآل وسلم وقد أخذ بيد فاطمة عليها السلام وقال : ( من عرف فاطمة فقد عرفها ، ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمد وهي بضعة مني وهي قلبي الذي بين جنبي ، فمن آذاها فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ) (2) .
  * وروي عن الإمام الصادق عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انه قال : ( يا فاطمة ، ان الله ليغضب لغضبك ، ويرضى لرضاك ) (3) .
  وهذا الحديث يعتبر من أهم الاحاديث التي رواها العامة الخاصة ولقد وجدنا لهذا الحديث عدة أسانيد مختلفة سواء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مباشرة أو عن ائمة الهدى عليهم السلام فتارة يكون الحديث عن الإمام الحسين عليه السلام واخرى عن الصادق والباقر أو عن الإمام زين العابدين وهكذا نجده بأسانيد مختلفه ولكن المحتوى واحد والمضمون لا يختلف وهو ان الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها (4) .
  * وروي عن الإمام الصادق عليه السلام هذا الحديث حيث قال جده النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( يا فاطمة ، ان الله تبارك وتعالى ليغضب لغضبك ويرضى لرضاك ) ، وقد أثار هذا

---------------------------
(1) معاني الأخبار : 303 ، ، ح 2 .
(2) كشف الغمة : 1 | 467 ، الفصول المهمة 1281 ، نور الابصار : 52 ، نزهة المجالس 2 | 228 ، ائمة الهدى : 82 ، الاحقاق : 10 | 212 ، 213 .
(3) المناقب : 3 | 106 ومثله عن الحسين ( ع ) كشف الغمة 1 | 458 .
(4) ولقد روى هذا الحديث في كتب مختلفة واسانيد معتبرة ومن هذا الكتب مقتل الخوارزمي 1 | 51 ، ومجالس المفيد 94 وروضة الواعظين 180 ، تاريخ دمشق 1 | 159 ، وسيلة النجاة 212 ، وكنز العمال 12 | 111 ، ميزان الاعتدال 1 | 535 ح 2002 ، غاية المرام : 294 ، صحيفة الرضا 90 | ح 23 .

الاسرار الفاطمية _ 145 _

  الحديث بعض الشباب الذين كانوا في زمن الإمام عليه السلام ومنهم صندل الذي جاء إليه وقال له : يا ابا عبدالله ان هؤلاء الشباب يجيئونا بأحاديث منكره .
  فقال : له جعفر عليه السلام : وما ذاك يا صندل ؟
  قال : جاء عنك ، انك حدثتهم ان الله ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها !
  قال : فقال جعفر عليه السلام : يا صندل ، ألستم رويتم فيما تروون : أن الله تبارك وتعالى يغضب لغضب عبده المؤمن ويرضى لرضاه ؟! قال : بلى قال : فما تنكرون ان تكون فاطمة عليها السلام مؤمنة يغضب لغضبها ، ويرضى لرضها ؟!.
  قال : فقال : ( الله أعلم حيث يجعل رسالته ) (1) .
  ويظهر من هذا الحديث ان مسألة انكار أحاديث أهل البيت في قضية فاطمة الزهراء وان رضاها رضا الله ورسوله كانت موجودة من زمن الأئمة عليهم السلام ، وكذلك توجد نقطة مهمة ونكتة خافية وهي ان الرسول انما تحدث بهذه الاحاديث في فاطمة عليها السلام ليؤكد على مسألة مهمة وهو ان فاطمة عليها السلام سوف تظلم وتؤذى من بعده ، لذا سوف ترضى عن بعض المسلمين وتغضب على البعض الاخر فلذلك أعطى الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم ضابطة كلية في مسألة تقييم بعض الشخصيات في زمن فاطمة عليها السلام ألا وهي ضابطة الرضا والغضب بالنسبة لفاطمة ، فكأنما يشير غلى ما سيجري عليها من الظلم من بعده .
  اذن تبين لنا من خلال تفسير الآية المباركة ( ان الذين يؤذون الله ... ) وبيان بعض الاحاديث الشريفة حول رضا فاطمة وغضبها وانها مقرون برضا الله وغضبه ، انها عليها السلام مرتبطة بصميم التوحيد وهنا يرد هذا السؤال المهم في ما نحن فيه ألا وهو ما الثمرة من هذا الارتباط ؟ أن بعبارة أخرى ما الفائدة فى ارتباط غضب فاطمة ورضاها بالله تعالى ؟ والجواب يظهر من خلال متابعة القرآن الكريم والاحاديث التي

---------------------------
(1) كنز العمال : 13 | 674 ح 37725 ، الحاكم في مستدركه : 3 | 153 ميزان الاعتدال : 1 | 535 ح 2002 ، التذكرة لابن الجوزي : 320 ، كفاية الطالب 363 أسد الغابة : 5 | 522 ، ذخائر العقبى : 39 | ينابيع المودة : 173 ، 198 الاصابة : 4 | 378 ، خصائص السيوطي : 2 | 265 ، الكامل في الرجال : 2 | 762 ، اسعاف الراغبين : 187 عنهم ، العوالم : 1 | 154 .

الاسرار الفاطمية _ 146 _

  رويناها لك من خلال الكتب المعتبرة والذي نراه وحسب فهمنا القاصر ان بعض الثمرات هي :
  1 ـ أن كل من آذى فاطمة فقد آذى الله ورسوله لذا سوف يستحق اللغنة بنص القرآن الكريم ( ان الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله ... ) هذا في الدنيا .
  2 ـ اعداد العذاب الالهي للذين يؤذون الله تعالى في ذرية رسوله ( واعد لهم عذاباً مهينا ) .
  3 ـ ونستفيد من بعض الروايات ان الله تعالى ليغضب لغضب المؤمن فكيف بإبنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟
  4 ـ اعطاء ضابطة مهمة من الناحية التأريخية وهي كل من ثبتت أذيته لفاطمة في حياتها لابد من لعنه والبراءة منه وكل من سار على منوال الظالمين للزهراء في حقها ورضايتهم على فعل الظالمين فهم مع الظالمين يجب لعنهم في الدنيا والبراءة منهم وكثيرة هي الثمرات في هذا الارتباط وفي الذي سردناه لك كفاية لمن يرجوا الوصول الى حقيقة الامور .

فاطمة عليها السلام وعلاقتها بالنبوة
  من القضايا المهمة التي يهمنا البحث عنها هو ارتباط فاطمة الزهراء عليها السلام بمقام النبوة الخاتمية ومن يمثل هذه الخاتمية أعني بذلك شخص رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، ولا بد لنا ونحن نر توي من الماء العذب لفاطمة عليها السلام واللآلىء المتناثرة في حياتها ان نقف مع مقامها والارتباط الوثيق لهذا المقام بالنسبة للنبوة ، والذي ينقدح في الذهن القاصر لصحاب هذا القلم ان هناك عدة أدلة وشواهد تثبت ان لفاطمة ارتباط وثيق بالنبوة ، وهذا الارتباط تارة يتمثل على نحو الابوة لهذه الصديقة الطاهرة وتارة آخرى على شكل حب لهذه النسمة الطيبة ومرة اخرى على الارتباط العقائدي لها عليها السلام ، وسوف نعطي عدة شواهد وادلة على ذلك ، ومن خلال استقراء واستنطاق بعض الكتب الروائية والتاريخية التي تروي لنا قضية الزهراء وارتباطها بشخص النبي صلى الله عليه وآله وسلم من

الاسرار الفاطمية _ 147 _

  جهة وبمقام النبوة من جهة أخرى ، أما كيف يكون هذا الارتباط بالنبوة ومقامها ، فنقول : وردت عدة شواهد على هذه المسألة من القرآن الكريم ولكن نكتفي على شاهد قرآني واحد وهو الآية 57 من سورة الاحزاب ( ان الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا ... ) فهذه الآية الشريفة وكما تبيّن لنا لها ارتباط بمسألة أذى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونحن نعلم انه ورد في الحديث الشريف عنه صلى الله عليه وآله وسلم انه ما أوذي نبي بمثل ما أوذيت ، وكذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم من آذى مؤمنا فقد أذاني ، فهذه الأحاديث تثبت مسألة أذى رسول الله ولقد حدثنا التاريخ كيف ان القوم عندما بعث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بمكة كيف آذوه وطردوه من دياره والأكثر من ذلك نجد ان الكثير من النصوص عند العامة والخاصة قد بينت ان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد آذوه القوم بعد مماته في إبنته فاطمة عليها السلام تبين وتؤكد على حقيقة ثابتة ولا ينكرها إلا معاند أو منافق وهي أنهم قد أذوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ذريته ، فكانت الاحاديث المروية عنه تمثل الدعامة العظمى لارتباط أقرب الناس إليه وهي فاطمة الزهراء عليها السلام ، ولا نقصد من ارتباط الصديقة الطاهرة عليها السلام به مجرد لانه والدها كلا بل هناك أمور غيبية قد ذكرت بعض الروايات اسرارها وكما بينا في بعض أحاديثنا كحديث الاقرار بفضل فاطمة جميع الأنبياء وانه ما تكاملت نبوة نبي حتّى أقرّ بفضلها ومحبتها ... ممّا يدل على ارتباطها بالنبوّة العامّة كارتباطها بالنبّوة الخاصّة ... وغير ذلك من الأحاديث في هذا المضمار ، وان كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إكراماً عظيماً أكثر مما كان الناس يظنونه وأكثر من أكرام الرجال لبناتهم حتى خرج بها عن حد الآباء للأولاد ، فقال بعض الخاص والعام مراراً لا مرة واحدة وفي مقامات مختلفة لا في مقام واحد : إنها سيدة نساء العالمين ... وإنها إذا مرت في الموقف نادى منادٍ من جهة العرش : يا أهل الموقف : غضوا أبصاركم لتعبر فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وهذا من الاحاديث الصحيحة (1) .
  وعليه لابد من ذكر بعض

---------------------------
(1) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد والقول كله له : 9 | 193 ، عنه اعلموا اني فاطمة : 4 | 55 .

الاسرار الفاطمية _ 148 _

  النصوص التي تبين لنا مقام فاطمة من الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم .
  * لفقد جاء في حديث طويل عن سعد بن أبي وقاص انه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : ( فاطمة بضعة مني ، من سرها فقد سرني ومن ساءها فقد ساءني ، فاطمة أعز الناس علّي ) (1) .
  * وروي النسائي باسناده عن السور بن محزمة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو على المنبر يقول ( فاطمة هي بضعة مني يريبني ما أرابها ويؤذيني ما آذاها ، ومن آذى رسول الله فقد حبط عمله ) (2) .
  * وروى أحمد بأسناده عن المسور ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( فاطمة شجنة مني يبسطني ما يبسطها ويقبضني ما قبضها وأنه تنقطع يوم القيامة الانساب والاسباب إلا نسبي وسببي ) (3) .
  * وروي عن جابر بن عبدالله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ان فاطمة شعرة مني ، فمن آذى شعرة مني فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ، ومن آذى الله لعنه الله ملء السماوات والأرض (4) .
  * عن عبدالله بن زبير عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث : انها ـ فاطمة ـ بضعة منيء يؤذيني ما آذاها وينصبني ما أنصبها (5) .
  وكثيرة هي الاحاديث التي تروي لنا ارتباط الزهراء وظلمها وأذيتها برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ولئلا يطول المقام بنا ولا نخرج عن هذا الكتاب نكتفي بهذه الاحاديث ونقول : إنّ كلام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى هذا يدل على انه ليس غضبه بأعتبار انه والدها ، لا وانما غضب النبوة ومقامها السامي الذي تمثل السماء ونحن نعلم أيضاً انه أذى فاطمة ايضاً الله تبارك وتعالى ، وإلا

---------------------------
(1) مجالس المفيد : 259 ، أمالي الطوسي : ح 1 ، 24 ، بشارة المصطفى : 85 .
(2) الخصائص : 35 .
(3) مسند أحمد 4 | 332 .
(4) كشف الغمة 1 | 467 .
(5) مسند أحمد 4 | 5 ، صحيح الترمذي 5 | 698 ح 3869 ، الصواعق المحرقة : 114 ، لسان العرب : 1 | 758 ، النهاية : 5 | 62 .

الاسرار الفاطمية _ 149 _

  لا معنى ان يغضب الرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ لانه أباها الشخصي فقط لانه في مثل هذه الحالة سوف تكون العصبية لها بأعتبار القرابة وانما يؤكد الرسول من خلال هذه الاحاديث على حقيقة مهمة جداً وهي مسألة عصمة فاطمة عليها السلام لانها لو كانت ممن تقارف الذنوب لم يكن مؤذيها مؤذياً له صلى الله عليه وآل وسلم على كل حال لذا ثبتت لها العصمة من خلال أقوال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في حقها عليه السلام .
  ويظهر ايضاً من خلال الحديث المروي في حق فاطمة عليها السلام عن أبي جعفر عليه السلام يقول : ( ولقد كانت عليها السلام مفروضة الطاعة على جميع من خلق الله من الجن والانس ، والطير والوحوش والأنبياء حتى أقرّ بفضل فاطمة عليها السلام وحجيتها ) حيث نستفيد من هذين الحديثين ان فاطمة عليها السلام كانت مرتبطة بنبوة الأنبياء السابقين قبل نبينا محمد صل الله عليه وآله وسلم ، فهي ـ أي النبوة ـ لم تكتمل في أي نبي من الأنبياء حتى أقر بفضل فاطمة وحجيتها ، وهذا يدل انها كانت مفروضة الطاعة على جميع الأنبياء وكما تبين لنا من خلال البحوث المتقدمة في هذا الأمر .

فاطمة عليها السلام والعدل الإلهي
  يعتبر العدل من الأصول الإعتقادية التي يمتاز بها الشيعة الامامية عن غيرهم من المذاهب الاخرى ، فمسألة العدل عندهم قد دخلت كل الأصعدة الحياتية المهمة وهذا يعود الى وجود العدل في كل أفعال الله تعالى فهو ـ أي الله تعالى ـ قد جعله من أسماءه الحسنى فعندما يأخذ الشيعة الامامية العدل ويعتبرونه من اصول الدين لم يكن هذا جزافاً وانما كان على اساس وأصل متين استمدوه من القرآن الكريم هذا الكتاب العظيم الذي بذر فكرة العدل في قلوب وأرواح الناس ثم سقاها ونماها فكرياً وفلسفياً وعملياً واجتماعياً انه القرآن الكريم الذي طرح مسألة العدل من حيث مظاهرها المختلفة العدل التكويني ، والعدل التشريعي ، والعدل الاخلاقي ، والعدل الاجتماعي ... الخ .

---------------------------
(1) دلائل الإمامة : 28 .

الاسرار الفاطمية _ 150 _

  والقرآن الكريم يصرح بان نظام الوجود مبني على أساس العدل والتوازن على أساس الاستحقاق والقابلية ، وعلى هذا الاساس توجد عدة آيات قرآنية تؤكد على مسالة العدل سواء كان ذلك عن طريق ذكر المقابل للعدل أي الظلم وتأتي الآية القرآنية تنفي الظلم أي تقر العدل بالنتيجة أو عن طريق ذكر القرآن ان هناك يوم حساب يحاسبون فيه الناس ليكون العدل هو الاساس الذي سوف تكون عليه المحاسبة ، وهكذا يذكر القرآن الكريم آيات العدل في كل مظاهرها الوجودية ، وسنورد هنا بعض الآيات القرآنية التي تعتبر الفاعلية الالهية والتدبير الالهي قائماً على أساس العدل حيث يقول الباري عزوجل في هذا المضمار ( شهد الله أنه لا إله إلاّ هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط ) (1) .
  أو أن العدل هو المعيار لله سبحانه في موضوع الخلقة ( والسماء رفعها ووضع الميزان ) (2) .
  وعلق على هذه الآية الرسول الكريم صلى الله عليه وآل وسلم بقوله : ( بالعدل قامت السماوات والأرض ) واهتم القرآن الكريم اهتماماً استثنائياً بالعدل التشريعي أي مراعاة أصل العدل دائماً في النظام الاعتباري والتشريع القانوني ، وقد صرح ذلك في الكتاب المعجز بان الهدف من ارسال الأنبياء وبعثة الرسل انما هو قيام النظام البشري وارساء الحياة الانسانية على أساس العدل والقسط : ( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ) (3) .
  واضافة إلى ذلك فان الاصل الكلي الذي نسبه القرآن الى كل الأنبياء بخصوص النظام التشريعي ولا سيما في الشريعة الاسلامية هو ( قل أمر ربي بالقسط ) وفي مكان آخر يقول ( ذلكم أقسط عند الله ) .
  ويعتبر القرآن الكريم الإمامة والقيادة عهداً الهياً ينبعث عنه النضال عنه النضال ضد الظلم والتلاؤم مع العدل ، ويقول القرآن الكريم في موضوع لياقة إبراهيم عليه السلام للامامة والقيادة : ( وإذا ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني

---------------------------
(1) آل عمران : آية 18 .
(2) الرحمن : آية 7 .
(3) الحديد : آية 25 .

الاسرار الفاطمية _ 151 _

  جاعلك للناس اماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين ) (1) .
  فعندما أختار الله ابراهيم إماماً ، إستفهم ابراهيم هل تشمل هذه الموهبة الالهية نسله ؟
  فأجيب بأن الإمامة عهد إلهي والظالمون لا نصيب لهم فيه ، يعني مقتضى العدالة الربانية هكذا تكون مع الظالمين ، وإذا دققنا النظر في القرآن الكريم وجدناه يدور حول محور واحد هو العدل في كل الافكار القرآنية من التوحيد الى المعاد ومن النبوة الى الإمامة والزعامة ومن الآمال الفردية الى الاهداف الاجتماعية ، فالعدل في القرآن قرين التوحيد وركن المعاد وهدف لتشريع النبوة وفلسفة الزعامة والإمامة ومعيار كمال الفرد ومقياس سلامة المجتمع (2) .
  اذن بعد هذه المقدمة في العدل يأتي السؤال في هذا المقام الذي نحن فيه وهو هل ان الله جل جلاله أعطى الى اولياؤه الكثير من المناصب والمقامات الروحانية وعلى كل المستويات بالعدل أو جزافاً اعطاهم اياها ؟
  فمثلاً مقام فاطمة الزهراء عليها السلام وحجيتها على الأئمة وعلى جميع الأنبياء والجن والانس ، ومقام شفاعتها يوم القيامة وانها تشفع بالجنة هل أعطى تعالى هذه المقامات بالعدل لها فتكون عندئذ مرتبط بالعدل الالهي أم لا ؟
  وهذا السؤال يحتاج الى ذكر مسألة مهمة وهي تعهريف العدجل سواء لغوياً أم اصطلاحياً وبعد ذلك نرى مدى انطباق هذا الموضوع وعلى ضوء التعريف في حياة الصديقة الطاهرة فاطمة عليها السلام ومدى ارتباطها بالعدل الالهي .
  العدل في اللغة : العدل من أسماء الله سبحانه ، العدل هو الذي لا يميل به الهوى فيجور في الحكم ، وهو في الاصل مصدر سمي به فوضع موضع العادل وهوأبلغ منه لانه جعل المسمى نفسه عدلاً وفلان من أهل المعدلة أي من أهل العدل .
  والعدل : الحكم بالحق ، فيقال هو يقضي بالحق ويعدل وهو حكم عادل : ذو معدلة في حكمه (3) .
  اما تعريف العدل في الاصطلاح فلقد وردت فيه عدة تعاريف ولكن الذي يهمنا فيما نحن فيه التحريف الذي يقول : ( هو رعاية الاستحقاق في افاضة الوجود

---------------------------
(1) البقرة : آية 124 .
(2) العدل الالهي : 46 .
(3) لسان العرب مادة عدل .

الاسرار الفاطمية _ 152 _

  وعدم الامتناع عن الافاضة والرحمة حيث يتوفر امكان الوجود أو امكان الكمال ) .
  وعلى أساس هذا التعريف يتبين لنا ان الموجودات تتفاوت مع بعضها في النظام الكوني من حيث قابليتها لاكتساب الفيض الالهي من مبدأ الوجود ، فكل موجود وفي أي رتبة من الوجود يملك استحقاقاً خاصاً من حيث قابليته لاكتساب الفيض ، ولما كانت الذات الالهية المقدسة كمالاً مطلقاً وخيراً مطلقاً وفياضة على الاطلاق فهي تعطي ولاتمسك ولكنها تعطي لكل موجود ما هو ممكن له من وجودأو كمال وجود ، فالعدل الالهي ـ حسب هذه النظرية ـ يعني ان أي موجود يأخذ من الوجود ومن كماله المقدار الذي يستحقه وبأمكانه ان يستوفيه (1) .
  وعلى هذا الاساس تكون الزهراء عليها السلام مستحقة للعدل الالهي في افاضة الكمال لها وفي كل المقامات المعنوية والروحية ، فكونها عليها السلام حجة على الأنبياء وعلى جميع البشر وانه ما تكاملت نبوة نبي حتى أقر بفضلها وكذلك كونها صاحبة الشفاعة الكبرى يوم القيامة وغيرها من المقامات التي أعطاها الله تعالى اياها كل ذلك لانها كانت مستحقة لكل هذا الكمال ، أما كيف كانت مستحقة لذلك فهذا مانفهمه من خلال الزيارة الواردة في حقها ( السلام عليك يا ممتحنة امتحنك الذي خلقك قبل أن يخلقك فوجدك صارة لما امتحنك ) فعلى أساس هذا الامتحان وكونها صابرة نجد ان الله تعالى وجدها مستحقة للعدل الالهي وللكمال الذي يليق بحالها ، وعليه تكون الحكمة الالهية للعدل الالهي وللكمال الذي يليق بحالها ، حيث تكون الحكمة الالهية في وضع الزهراء في مقامها السامي انما هو بالامكان اللأئق لها وبالعدل الالهي استحقت ذلك فتكون عليها السلام حينئذ مرتبطة بالعدل الالهي من حيث كونها مستحقة للافاضات الربانية وكما تبين لك من خلال الاحاديث الواردة في شأنها عليها السلام .
  هذا من جهة ومن جهة أخرى ان مولاتنا لفاطمة عليها السلام هل هي من العدل الالهي أم لا ؟
  لاشك ولا ريب عندما يطلب الله تعالى منا ان نكو مع الزهراء عليها السلام في التولية والتبرئة من اعدائها هو عين العدل الالهي لأنّ الله تعالى وعلى لسانه في القرآن

---------------------------
(1) العدل الالهي : 71 .

الاسرار الفاطمية _ 153 _

  الكريم اعتبر أذى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم من الأسباب المؤدية الى اللعنة والعذاب الأليم وبأعتبار كونها عليها السلام من لحم رسول الله بل هي نساء رسول الله المعبر عنهم ( بنسائنا ) في آية المباهلة وأيضاً رضاها رضى رسول الله وغضبها غضب الله ورسوله وإضافة الى ذلك انها مستحقة حسب وجودها واللفيوضات الربانية كل ذلك يعتبر من العدل الإلهي فتكون عندئذ عليها السلام مرتبطة بصميم العدل الإلهي وإن مولاتنا لها عين العدل الذي أمرنا الله تعالى ونكون له ملازمين له في كل الحالات .

فاطمة عليها السلام وعلاقتها بالإمامة
  تشكل الإمامة أصلاً مهماً من الأصول الخمسة الدينية عند الشيعة الإمامية بعد التوحيد والنبوة والعدل ، ولقد تظافرت الروايات الشريفة على التأكيد على هذه المسألة المهمة في الدين الاسلامي فضلاً عن القرآن الكريم الذي أكد أيضاً على مسألة إثبات الإمامة من خلال القرآن الكريم والأحاديث الشريفة بل نقول ان من أراد الإطلاع على هذه القضية فعليه مراجعة الكتب الكلامية التي أثبت هذه المسألة المهمة ، ولقد تطرقنا الى هذه المسألة ـ أي الإمامة ـ في هذه الكتاب بأعتبارها لها إرتباط عميق بالصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام ، وربما سائل يسأل كيف يمكننا أن نعرف أن الزهراء لها ارتباط بصميم الإمامة ؟ وهذا سؤال مهم على ما أتصوره ولابد من خلال استقراء الكتب الروائية وحياة الصديقة الطاهرة وقراءة بعض النصوص واستنطاقها نجد انه هناك عدة أمور يمكن من خلالها إثبات هذا الارتباط الوثيق للزهراء بالإمامة التي جعلها الله تبارك وتعالى أما ماهية هذه القضية من خلال إثباتها عن طريق الروايات أو الزيارات الواردة فهذا ما يتوقف بيانه على إبراز بعض الأدلة والشواهد التي تؤيد هذه القضية تارة وتدعمها تارة أخرى .
  أولاً : أما الأدلة التي نستطيع من خلال اثبات ارتباط فاطمة بصميم الدين فهذا ما يتبين لنا من كونها عليها السلام الحجة على الأنبياء فضلاً عن الأئمة عليهم السلام .
  إما كونها الحجة على

الاسرار الفاطمية _ 154 _

  الأنبياء فهذا ما أثبته الحديث المروي الذي يقول فيه الإمامة : ( ما تكاملت نبوة نبي حتى أقر بفضلها ومحبتها وهي الصديقة الكبرى وعلى معرفتها دارت القرون الأولى ) ولا نريد الوقوف مع مفهوم هذا الحيث على أي شيء يدل فلقد تبين لك كيف انها لابد من الإقرار بفضلها ومحبتها من قبل الخلق أجمعين فضلاص عن الأنبياء ، وإما كونها الحجة على الأسمة فهذا ما تبين لنا من خلال شرح الحديث الوارد عن الإمام الحسن العسكري الذي يقول فيه ( نحن حجج الله على خلقه وجدبنا فاطمة عليها السلام حجة الله علينا ) فراجع شرح هذا الحديث في كتابنا هذا وسوف يتبين لك الحال في هذا الأمر وهذا يكون أفضل شاهد على كونها مرتبطة بصميم الإمامة ولهذا يحتاج الى تمعن في هذا الأمر وتدقيق عميق حتى نصل الى مداركه ومدلولاته .
  ثانيا : إن الزهراء عليها السلام كانت الرحم الطاهر لحمل الإمامة فهي أم الأئمة الأطهار وهي والدة الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة واللذان كانا إمامان قاما أو قعدا ، فقد حملت بهما من خلال الارتباط السماوي بأمير المؤمنين حيث زوجها الله تبارك وتعالى من أمير المؤمنين وكما ورد في الحديث الذي يقول ( زوج النور من النور ) وهذا يشهد به الموالي والمخالف في قضية زواج الزهراء عليها السلام ، أما كونها رحم طاهرة ، فهذا ما أثبتته الآية الكريمة ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) فضلاً عن الزيارة الشريفة الواردة في حق الإمام الحسين عليه السلام والتي يقول فيها الإمام عليه السلام ( أشهد إنك كنت نوراً في الأصلاب الشامخة والأرحام المطهرة الى آية التطهير تثبت كونها عليها السلام الرحم الطاهر للأئمة عليهم السلام ومن جهة شاهد على كونها مرتبطة بصميم الإمامة بالنكتة التي بيناها لك من حيث هي أم الأئمة عليهم السلام ).
  ثالثاً : نجد من خلال استقراء القرآن الكريم ومتابعة آياته الشريفة أن الزهراء عليها السلام تكون مشتركة ومرتبطة بالإمامة من خلال عدة آيات قرآنية اثبت اشتراكها مع الأئمة عليهم السلام منها كونها الصراط المستقيم ومشتركة معهم عليهم السلام فلقد ورد عن جابر بن عبدالله الأنصاري أنه قال :

الاسرار الفاطمية _ 155 _

  ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أن الله جعل علياً وزوجته وأبناؤه حجج الله على خلقه ، وهم أبواب العلم في أمتي ، من أهتدى بهم هدي الى صراط مستقيم (1) .
  وأيضاً عن رسول الله أنه قال : ( اهتدوا بالشمس فإذا غاب الشمس فاهتدوا بالقمر ، فاذا غاب القمر فاهتدوا بالزهرة ، فاذا غابت الزهرة فاهتدوا بالفرقدين ، فقيل يا رسول الله ماالشمس وما القمر وما الزهرة وما الفرقدان ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم : الشمس أنا ، والقمر عليّ ، والزهرة فاطمة ، والفرقدان الحسن والحسين عليهما السلام ) (2) .
  قوله تعالى : ( فتلقّى آدم من ربّه كلمات فتاب عليه إنّه هو التوّاب الرحيم ) (3) .
  * أخرج ابن النجار عن ابن عبّاس قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الكلمات الّتي تلقّاها آدم من ربّه فتاب عليه ، سأل بحقّ محمّد وعلّي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت علّي ، فتاب عليه (4) .
  قوله تعالى : ( فقل تعالوا ندع ابناءنا وأبناءكم ... ) (5) .
  * قال محّب الدّين الطبريّ : لما نزل قوله تعالى : ( فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ) الآية ، دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم هؤلاء الأربعة (6) .
  * عن أبي سعيد رضى الله عنه : لمّا نزلت هذه الآية ، دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً وقال : ( اللّهمّ هؤلاء أهلي ) ، أخرجه مسلم والترمذي (7) .
  قوله تعالى : ( ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمةً طيّبة كشجرةٍ طيّبة ... ) (8) .
  * عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : أنا شجرة ، وفاطمة فرعها ، وعلي لقاحها ، وحسن وحسين ثمرها ، ومحبيّهم (9) من أمّتي أوراقها ، ثمّ قال : هم في جنّة عدن والّذي بعثني

---------------------------
(1) شواهد التنزيل للحافظ الاسكافي الحنفي 1 | 58 ، 59 .
(2) شواهد التنزيل للحافظ الحسكاني الحنفي 1 | 58 ، 59 .
(3) البقرة : آية 37 .
(4) ( الدر المنثور ) 1 | 147 .
(5) آل عمران : آية 61 .
(6) ( ذخائر العقبى ) : 25 ، 24 .
(7) ( ذخائر العقبى ) 25 ، 24 .
(8) ابراهيم : آية 24 .
(9) كذا ، والصواب ( محبّوهم ) .

الاسرار الفاطمية _ 156 _

  بالحقّ (1) .
  * وعنه صلى الله عليه وآله وسلم يقول : أنا شجرة ، وعلّي القلب ، وفاطمة اللقاح ، والحسن والحسين الثمر ، وشيعتنا الورق ، وحيث ينبت الشجر تساقط ورقها ، ثم قال : في جنّة عدن والّذي بعثني بالحقّ (2) .
  وقوله تعالى : ( أولئك الّذين يدعون يبتغون إلى ربهّم الوسيلة ... ) (3) .
  * عن عكرمة : هم النبّي وعلّي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السّلام (4) .
  قوله تعالى : ( إنّي جزيتهم اليوم بما صبروا أنّهم هم الفائزون ) (5) .
  * عن عبدالله بن مسعود : يعني جزيتهم بالجنّة اليوم بصبر علّي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين في الدنيا على الطاعات وعلى الجوع والفقر ، وبما صبروا على المعاصي وصبروا على البلاء لله في الدنيا ، أنّهم هم الفائزون والناجون من الحساب (6) .
  قوله تعالى : ( كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة ... ) (7) .
  * عن موسى بن القاسم ، عن علّي بن جعفر قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن قوله الله عزّوجلّ ( كمشكاة فيها مصباح ) قال : المشكاة فاطمة ، والمصباح الحسن ، والحسين الزجاجة ( كأنّها كوكب درّي ) قال : كانت فاطمة كوكباً درّياً من نساء العالمين ( يوقد من شجرة مباركة ) الشجرة المباركة إبراهيم ( لا شرقيّة ولا غربيّة ) لا يهودّية ولا نصرانيّة ( يكاد زيتها يضيء ) قال : يكاد العلم أن ينطق منها ( ولو لم ـ تمسسه نار ، نور على نور ) قال : فيها إمام بعد إمام ( يهدي الله لنوره من يشاء ) قال : يهدي الله عزّوجلّ لولا يتنا من يشاء (8) .

---------------------------
(1) شواهد التنزيل : 1 | 312 ـ 313 .
(2) شواهد التنزيل : 1 | 312 ، 313 .
(3) الاسراء : آية 57 .
(4) شواهد التنزيل : 1 | 324 .
(5) المؤمنون : آية 11 .
(6) المصدر : 408 .
(7) النور : آية 35 .
(8) المناقب لابن المغازليّ : 317 .

الاسرار الفاطمية _ 157 _

  قوله تعالى : ( وأمر أهلك بالصلواة اصطبر عليها ... ) (1) .
  * عن عبدالله بن الحسن ، عن أبيه ، عن جدّه قال : أبو الحمراء خادم النبّي صلى الله عليه وآله وسلم : لمّا نزلت هذه الآية كان النبّي صلّى الله عليه وآله يأتي باب علّي وفاطمة عند كل صلوة فيقول : الصلاة ـ رحمكم الله ـ إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً (2) .
  قوله تعالى : ( وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً ... ) (3) .
  * عن السدّي : نزلت في النبّي صلى الله عليه وآله وسلم وعلّي ، زوّج فاطة علّياً ، وهو ابنعمّه وزوج ابنته ، كان نسباً وكان صهراً (4) .
  قول تعالى : ( واجعلنا للمتّقين إماماً ) (5) .
  * قال النّبي صلى الله عليه وآل وسلم قلت : يا جبرئيل من أزواجنا ؟ قال : خديجة ، قال : ومن ذرياتنا ؟ قال : فاطمة ، وقرّة أعين ؟ قال : الحسن والحسين ، قال : واجعلنا للمتّقين إماماً ؟ قال : عليّ بن أبي طالب (6) .
  قوله تعالى ( إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ) (7) .
  * عن أبي سعيد الخدريّ رضى الله عنه قال : نزلت في خمسة : في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلّي وفاطمة والحسن والحسين ، أخرجه أحمد في المناقب وأخرجه الطبرانّي (8) .
  قوله تعالى : ( قل لا أسألكم عليه أجراً إلاً المودّة في القربى ـ ) (9) .
  * قال الزّمخشريّ : إنّها لمّا نزلت ( قل لا أسئلكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربى ) قيل : يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الّذين وجبت علينا مودّتهم ؟ قال : علّي وفاطمة

---------------------------
(1) طه : آية 132 .
(2) شواهد التنزيل : 1 | 381 . والآية في الأحزاب : آية 33 .
(3) الفرقان : آية 54 .
(4) المصدر : 414 .
(5) الفرقان : آية 74 .
(6) شواهد التنزيل : 1 | 416 .
(7) الأحزاب : آية 33 .
(8) ذخائر العقبى : 24 .
(9) الشورى : آية 23 .

الاسرار الفاطمية _ 158 _

  وابناهما ... وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من مات على حبّ آل محمّد مات شهيداً ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات مغفوراً له ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات مغفوراً له ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات تائباً ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات مؤمناً مستكمل الإيمان ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد بشرّه ملك الموت بالجنّة ثمّ منكر ونكير ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد يزف إلى الجنة كما تزف العروس إلى بيت زوجها ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد فتح له في قبره بابان إلى الجنّة ، ألا ومن مات على حبّ آل محمد جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات على السنّة والجماعة ، ألا ومن مات على بغض آل محمّد جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله ، ألا ومن مات على بغض آل محمّد مات كافراً ، ألا ومن مات على بغض آل محمّد لم يشمّ رائحة الجنّة (1) .
  * قوله تعالى : ( ذلك بأنّ الله مولى الّذين آمنوا وأنّ الكافرين لامولى لهم ) (2) .
  عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس : يعني وليّ علي وحمزة وجعفر وفاطمة والحسن والحسين وولّي محمّد صلى الله عليه وآل وسلم ، ينصرهم بالغلبة على عدوّهم (3) .
  * قوله تعالى : ( كانوا قليلاً من اللّيل ما يهجعون ) (4) .
  عن عبدالله بن عبّاس قال : نزلت في علّي بن أبي طالب والحسن والحسين وفاطمة عليه السلام (5) .
  * قوله تعالى : ( والّذين آمنوا واتّبعتهم ذرّيّتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرّيّتهم ) (6) .
  عن ابن عبّاس قال : نزلت في النبّي وعلّي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام (7) .

---------------------------
(1) الكّشاف : 3 | 467 .
(2) محمد صلّى الله عليه وآله : آية 11 .
(3) شواهد التنزيل : 2 | 174 ، 194 ، 197 .
(4) الذاريات : آية 17 .
(5) شواهد التنزيل : 2 | 174 ، 194 ، 197 .
(6) الطور : آية 21 .
(7) شواهد التنزيل : 2 | 174 ، 194 ، 197 .

الاسرار الفاطمية _ 159 _

  قوله تعالى : ( مرج البحرين يلتقيان ، بينهما برزخ لا يبغيان ، فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان ، يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ) (1) .
  أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : ( مرج البحرين يلتقيان ) قال : علّي وفاطمة ، ( بينهما برزخ لا يبغيان ) قال : النبّي صلى الله عليه وآله وسلم ، ( يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ) قال : الحسن الحسين (2) .
  * قوله تعالى : ( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ) (3) .
  إنّ رجلاً جاء إلى النبّي صلى الله عليه وآله وسلم فشكا إليه الجوع ، فبعث إلى بيوت آزواجه فقلن : ماعندنا إلاّ الماء ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : من لهذه الليلة ؟ فقال عليّ عليه السلام : أنا يا رسول الله ، فأتي فاطمة فأعلمها ، فقالت : ما عندنا إلاّ قوت الصبية ولكنّا نؤثر به ضيفنا ، فقال عليّ عليه السلام : نؤّمي الصبية وأنا أطفيء للضيف السراج ، ففعلت وعشّى الضيف ، فلمّا أصبح أنزل الله عليهم هذه الآية : ( ويؤثرون عن أنفسهم ) (4) .
  عن ابن عباس في قول الله ( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ) قال : نزلت في علّي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام (5) .
  * قوله تعالى : ( ويطعمون الطعام على حبّه مسكيناً ويتيماً وأسيراً ) (6) .
  قال أبو الفضل شهاب الدين السيّد محمود الآلوسيّ : وماذا عسى يقول امرؤ فيهما يعني عليّا وفاطمة عليهما السلام سوى أنّ عليّا مولى المؤمنين ووصّي النبّي ، وفاطمة البضعة الأحمديّة والجزء المحمّديّ ، وأمّا الحسنان فالّروح والريحان وسيّدا شباب أهل الجنان .
  وليس هذا من الرفض ، بل ما سواه عندي هو الغيّ ، ومن اللطائف على القول بنزولها فيهم أنّه سبحانه لم يذكر فيها الحور العين ، وأنّما صرّح عزّوجلّ بولدان مخلّدين رعاية

---------------------------
(1) الرحمن : آية 19 ـ 22 .
(2) الدر المنثور : 7 | 697 .
(3) الحشر : آية 8 .
(4) شواهد التنزيل : 2 | 246 ـ 247 .
(5) شواهد التنزيل : 2 | 246 ـ 247 .
(6) الدهر : آية 8 .

الاسرار الفاطمية _ 160 _

  لحرمة البتول وقرّة عين الرسول (1) .
  * قوله تعالى : ( ليلة القدر خير من ألف شهر تنزّل الملائكة والروح فيها ) (2) .
  عن عبدالله نب عجلان السكوني قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : بيت علّي وفاطمة من حجرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وسقف بيتهمعرض ربّ العالمين ، وفي قعر بيوتهم فرجة مكشوطة إلى العرش معراج الوحي ، والملائكة تنزل عليهم بالوحي صباحاً ومساءً وفي كلّ ساعة وطرفة عين ، والملائكة لا ينقطع فوجهم ، فوج ينزل وفوج يصعد (3) .
  رابعاً : من خلال الروايات الشريفة نجد ان الزهراء عليها السلام مرتبطة ومشتركة مع الأئمة الذين يمثلون الدعامة الكبرى الإمامة في كثير من الامور وهذا ما نجده من خلال الروايات الشريفة التي اثبت هذه المسألة ومنها : في خلقتها النورانيّة
  * عن النبّي صلى الله عليه وآل وسلم إنّه قال : لمّا خلق الله تعالى آدم أبو البشر (4) ونفخ فيه من روحه ، التفت آدم يمنة العرض فإذا في النور خمسة أشباح سجّداً وركّعاً ، قال آدم : يا ربّ هل خلقت أحداً من طين قبلي ؟ قال : لا ، يا آدم ، قال : فمن هؤلاء الخمسة الأشباح الّذين أراهم في هيئتي وصورتي ؟ قال : هؤلاء خمسة من ولدك ، لولاهم ما خلقتك ، هؤلاء خمسة شققت لهم خمسة أسماء من أسمائي ، لولاهم ما خلقت الجنّة ولا النار ، ولا العرش ، ولا الكرسي ، ولا السماء ، ولا الأرض ، ولا الملائكة ، ولا الانس ، ولا الجنّ ، فأنا المحمود وهذا محّمد ، وأنا العالي وهذا علّي ، وأنا الفاطر وهذه فاطمة ، وأنا الإحسان وهذا الحسن ، وأنا المحسن وهذا الحسين ، آليت بعزّتي أنّه لا يأتيني أحد

---------------------------
(1) روح المعاني : 29 | 158 .
(2) القدر : آية 3 ـ 4 .
(3) تأويل الآيات : للعلامة السيّد شرف الدين النجفّي : 2 | 818 .
(4) كذا .

الاسرار الفاطمية _ 161 _

  بمثقال ذرّة من خردل من بغض أحدهم إلاّ أدخلته ناري ولا أبالي .
  يا آدم ، هؤلاء صفوتي من خلقي ، بهم أنجيهم وبهم أهلكهم ، فإذا كان لك إليّ حاجة فبهؤلاء توسّل ، فقال النبّي صلى الله عليه و آله وسلم : نحن سفينة النجاة ، من تعلّق بها نجا ، ومن حا عنها هلك ، فمن كان له إلى الله حاجة فليسأل بنا أهل البيت (1) .

في بدء خلقتها
  * عن النبّي صلى الله عليه وآله وسلم قال : إنّ الله خلقني وخلق عليّا وفاطمة والحسن والحسين قبل أن يخلق آدم عليه السلام ، حين لاسماء مبنّية ، ولا أرض مدحيّة ، ولا ظلمة ولانور ، ولا شمس ولا قمر ، ولا جنّة ولانار ، فقال العبّاس : فكيف بدء خلقكم يا رسول الله ؟ فقال : يا عمّ : لمّا أراد الله أن يخلقنا تكلّم بكلمة خلق منها نوراً ، ثمّ تكلّم بكلمة أخرى فخلق منها روحاً ، ثمّ مزج النور بالروح فخلقني وخلق عليّا وفاطمة والحسن والحسين ، فكنّا نسبّحه حين لا تسبيح ، ونقدّيه حين لا تقديس ، فلما أراد الله تعالى أن نشيء خلقه فتق نوري فخلق منه العرش فالعرش من نوري ، ونوري من نور الله ، ونوري أفضل من العرش ، ثمّ فتق نور أخي علّي فخلق منه الملائكة ، فالملائكة من نور علّي ، ونور عليّ من نور الله ، وعلي أفضل من الملائكة ، ثم فتق نور ابنتي فخلق منه السماوات والأرض ، فالسموات والأرض من نور ابنتي فاطمة ، ونور ابنتي فاطمة من نور الله ، وابنتي فاطمة أفضل من السماوات والأرض ، ثمّ فتق نور ولدي الحسن ، ونور الحسن من نور الله ، والحسن أفضل من الشمس والقمر ، ثمّ فتق نور ولدي الحسين فخلق منه الجنّة والحور العين ، فالجنّة والحور العين من نور ولدي الحسين ، ونور ولدي الحسين من نور الله ، وولدي الحسين أفضل من الجنّة والحور العين (2) .

---------------------------
(1) فرائد السمطين : 1 | 36 .
(2) بحار الانوار : 15 | 10 .

الاسرار الفاطمية _ 162 _

في عرض ولايتها على الأشياء
  * في حديث الإسراء : يا محمّد ! إنّي خلقتك وخلقت عليّا وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ولد الحسين من نوري ، وعرضت ولايتكم على أهل السماوات والأرض ، فمن قبلها كان عندي من المؤمنين ، ومن جحدها كان عندي من الظالّين ( الظالمين خ ل ) .
  يا محمّد ! لو أنّ عبداً من عبيدي عبدني حتىّ ينقطع ، أو يصير كالشنّ البالي ، ثمّ أتاني جاحداً لولا يتكم ما غفرت له حتى يقرّ بولايتكم .
  يا محمّد : أتحبّ أن تراهم ؟ قلت : نعم ، يا ربّ ! قال : التفت ، فالتفتّ عن يمين العرش ، فإذا أنا باسمي وباسم علّي وفاطمة والحسن والحسين وعليّ ومحمّد وجعفر وموسى وعلّي والحسن ، والمهديّ في وسطهم كأنّه كوكب درّيّ ، فقال : يا محمّد ! هؤلاء حي على خلقي ، وهذا القائم من ولدك بالسيف من أعدائك (1) .

في سبق دخولها الجنّة   * عن علي عليه السلام عن النيّي صلى الله عليه وآله وسلم إنّ أوّل من يدخل الجنّة أنا وأنت وفاطمة والحسن والحسين ، قال عليّ : فمحبّونا ؟ قال : من ورائكم (2) .

في كونها في خطيرة القدس   * وعنه صلّى الله عليه وآله : إنّ فاطمة وعليّا والحسن والحسين في خطيرة القدس في قبّة بيضاء ، سقفها عرش الرحمن (3) .

---------------------------
(1) تأويل الآيات : 1 | 98 .
(2) مسند فاطمة الزهراء عليها السلام للسيوطيّ : 45 ، 46 .
(3) مسند فاطمة الزهراء عليها السلام : للسيوطي : 45 ، 46 .

الاسرار الفاطمية _ 163 _

في جواز دخولها عليها السلام مسجد النبي
  وعنه صلّى الله عليه وآله : ألا لا يحلّ المسجد لجنب ولا حائض إلاّ لرسول الله وعلّي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام (1) .
في سكونتها معهم في الجنّة   * عن النبّي صلّى الله عليهم وآله قال : في الجنّة درجة تدعى الوسيلة ، فإذا سألتم الله فاسألوا لي الوسيلة ، قالوا : يا رسول الله ! من يسكن معك فيها ؟ قال : علّي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام (2) .

في كونها ركناً لعلّي عليهم السلام   * على النبّي صلى الله عليه وآله وسلم إنه قال لعلّي بن أبي طالب عليه السلام : سلام عليك يا أبا الريحانتين ، فعن قليل يذهب ركناك ، والله خليفتي عليك ، فلّما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال علي عليه السلام : هذا أحد الركنين ، فلمّا ماتت فاطمة عليها السلام قال : هذا الركن الآخر ( 3) .
  أقول : ينبغي إمعان النظر في معنى الركنيّة ، فأيّ معنى تصوّر لركنيّة صلى الله عليه وآله وسلم لعلّي عليه السلام فهوثابت لفاطمة الزهراء عليها السلام ، ولعمري هذا مقام شامخ لم ينله أحد إلاّ هي ، وهو من مختصّاتها عليها السلام .

---------------------------
(1) تأويل الآيات : 1 | 98 .
(2) المصدر السابق : 69 .
(3) ذخائر العقبي : 56 .

الاسرار الفاطمية _ 164 _

في إصابة نور الله لها
  * عن النبّي صلى الله عليه وآله وسلم قال : لمّا خلق الله الجنّة خلقها من نور وجهه ، ثمّ أخذ ذلك النور فقذفه فأصابني ثلث النور ، وأصاب فاطمة ثلث النور ، وأصاب عليّاً وأهل بيته ثلث النور ، فمن أصابه من ذلك النور اهتدى إلى ولاية آل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم (1) ، ومن لم يصبه من ذلك النور ضلّ عن ولاية آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم أقول : التدبّر في هذا الحديث يعطي جلالة شأنها وعلوّ درجاتها عليها السلام ، إذ جعلها الله ـ تعالى شأنه ـ في النور قسيم أبيها وبعلها وبنيها عليهم السلام ، بل هي أكبر حظّاً منهم .
  وهذا لعمري شأوّ لاتنالها أيدي المتناولين ، وبحر لا يدرك قعرها غوص المتعمّقين .

في كونها خير خلق الله تعالى
  * عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث طويل : على ساق العرش مكتوب : لا إله إلاّ الله ، محمّد رسول الله ، وعلى وفاطمة والحسن والحسين خير خلق الله (2) .
في اختيار الله تعالى ايّاها على النساء
  * قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلّي عليه السلام : إنّ الله عزّ وجلّ أشرف على الدنيا فاختارني منها على رجال العالمين ، ثمّ اطّلع الثانية فاختارك على رجال العالمين ، ثمّ اطلع الثالثة فاختار الأئمّة من ولدك على رجال العالمين ، ثمّ اطّلع الرابعة فاختار فاطمة على نساء العالمين (3) .
  * قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ليلة عرج بي إلى السماء رأيت على باب الجنّة مكتوباً : لا

---------------------------
(1) البحار : 43 | 44 .
(2) بحر المعارف : للمولى عبدالصمد الهمداني : 428 .
(3) زين الفتى : للحافظ العاصميّ ، كما في ( فاطمة الزهراء ) للعلاّمة الأميني ص 43 .