ان التوكل على الله ، والاقرار له بالتوحيد انما هو من صميم الدين ، وعنصر أساس في كيانه . . .
  وحث الامام على الصدقة لان بها اسعافا للفقراء والمحرومين ، ووعد المتصدق بان الله تعالى يمنحه الرزق والعطاء .
  10 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ان موسى بن عمران سأل ربه فقال : بعيد أنت يا رب فأناديك أم قريب فأناجيك ، فأوحى الله إليه يا موسى أنا جليس من ذكرني . . .
  إن الله تعالى قريب لكل من يناجيه ، ويدعوه ، وينجب ؟ إليه فيشمله برحمته ، ولطفه .
  11 ـ وباسناده قال ( عليه السلا م ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : دعاء أطفال أمتي مستجاب ، ما لم يقارفوا الذنوب . . .   إن دعاء أطفال المؤمنين مستجاب ، فلا يرد الله لهم دعوة ، ولكن إذا لم يقترفوا الجرائم والذنوب .
  12 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : من مر على المقابر ، وقرأ قل هو الله إحدى عشرة مرة ثم وهب أجره للأموات أعطي له من الاجر بعدد الأموات . . .
  ان قراءة سورة التوحيد للأموات المسلمين له الاجر المضاعف عند الله ، والثواب الجزيل .
  13 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : الدعاء سلاح المؤمن ، وعماد الدين ، ونور السماوات والأرض فعليكم بالدعاء ، وأخلصوا النية . . .
  وحكى هذا الحديث أهمية الدعاء ، فهو سلاح المؤمن ، وعماد الدين ، ونور السماوات والأرض ، وقد حاز بذلك اسمى مكانة عند الله تعالى .
  14 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إذا أراد أحدكم حاجة فليباكر في طلبها يوم الخميس ، وليقرأ إذا خرج من منزله آخر آل عمران ، وآية الكرسي ، وإنا أنزلناه في ليلة القدر وأم الكتاب فان فيها قضاء حوائج الدنيا والآخرة . . .
  وحوى هذا الحديث المنهاج لقضاء الحوائج ، فقد حدد الزمان ، وحدد ما يقرأ .

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _ 235 _

  فيه من الآيات والسور من كتاب الله العزيز .
  15 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ستة من المروءة : ثلاثة منها في الحضر : وثلاثة في السفر : أما التي في الحضر : فتلاوة القرآن ، وعمارة المساجد ، واتخاذ الاخوان في الله ، وأما التي في السفر فبذل الزاد ، وحسن الخلق ، والمزاح في غير معاصي الله . . .
  ان هذه الخصال الستة تحكي شرف الانسان ، ومروءته ، وحسن طويته .
  16 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : اللهم ارحم خلفائي ثلاث مرات : قيل : يا رسول الله من خلفاؤك ؟ قال : الذين يأتون من بعدي ، ويروون أحاديثي وسنتي ، ويعلمونها الناس من بعدي . . .
  ان الذين يروون أحاديث النبي ( صلى الله عليه وآله ) ويذيعونها بين الناس ، ويعلمونهم معالم الدين ، واحكام الشريعة هم خلفاء النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأقرب الناس إليه .
  17 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إن هذا العلم خزائن الله ، ومفاتيحه السؤال فاسألوا يرحمكم الله فإنه يؤجر فيه أربعة السائل والمعلم ، والمستمع ، والمجيب . . .
  حث النبي ( صلى الله عليه وآله ) الجاهل على السؤال عما لا يعلمه من شؤون دينه وغيره فان في ذلك إذاعة للعلم ، ونشرا له .
  18 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : من قرأ إذا زلزلت الأرض أربع مرات كان كمن قرأ القرآن كله . . .
  ان قراءة هذه السورة الكريمة أربع مرات يترتب عليها هذا الأثر العظيم ، وهو قراءة القرآن كله .
  19 ـ وباسناده قال ، حدثني أبي محمد بن علي ( عليهما السلام ) قال : قال ( عليه السلام ) : خمسة لو دخلتم فيهن ما قدرتم على مثلهن لا يخاف عبد إلا ذنبه ، ولا يرجو إلا ربه ، ولا يستحي الجاهل إذا سئل عما لم يعلم أن يقول : الله ورسوله أعلم ، ولا يستحي الذي لا يعلم أن يتعلم ، والصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد ، ولا ايمان لمن لا صبر له . . .
  وتجسدت الحكمة في هذه الأمور ، التي يسمو بها الانسان لو أخذ بها ، ويكون

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _ 236 _

  مثلا أعلى للفضيلة والأدب.
  19 ـ وباسناده قال : حدثني الحسين بن علي ( عليهما السلام ) ، قال : وجد لوح تحت حائط مدينة من المدائن مكتوب فيه أنا الله لا إله إلا أنا ، ومحمد نبيي ، عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح ؟ وعجبت لمن أيقن بالقدر كيف يحزن ؟ ! وعجبت لمن اختبر الدنيا كيف يطمئن إليها ؟ ! وعجبت لمن أيقن بالحساب كيف يذنب ؟ ! وحوى هذا اللوح موعظة جليلة لو تأملها الانسان لابتعد عن كل ذنب ، وعمل كل ما يقربه إلى الله زلفى .
  20 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أتاني ملك ، فقال : يا محمد إن ربك يقرئك السلام ، ويقول لك : إن شئت جعلت لك بطحاء مكة ذهبا ، قال فرفع رأسه إلى السماء ، فقال : يا رب أشبع يوما فأحمدك ، وأجوع يوما فأسألك . . .
  لقد زهد النبي ( صلى الله عليه وآله ) في الدنيا ، وأعرض عن زخارفها ، واتجه صوب الله تعالى ، وكان ذلك من خصائصه التي امتاز بها على سائر النبيين .

الباب الثاني في الاذان
  21 ـ وباسناده قال : قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) : لما بدأ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بتعليم الاذان أتى جبريل بالبراق فاستصعب عليه ، ثم أتاه بدابة يقال لها براقة فاستصعبت عليه فقال لها جبريل اسكني فما ركبك أحد أكرم على الله منه فسكنت فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فركبتها حتى انتهت إلى الحجاب الذي يلي الرحمن تبارك وتعالى فخرج ملك من وراء الحجاب فقال : الله أكبر ، الله أكبر ، قال :
  فقلت : يا جبريل من هذا الملك .
  قال : والله الذي أكرمك بالنبوة ما رأيت هذا الملك قبل ساعتي هذه .
  فقال : الله أكبر ، الله أكبر .
  فنودي من وراء الحجاب صدق عبدي أنا أكبر ، أنا أكبر
  قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : فقال الملك أشهد أن لا إله إلا الله ، اشهد أن لا إله إلا الله ، فنودي من وراء الحجاب صدق عبدي أنا الله لا إله إلا أنا .
  قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : فقال الملك : أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله فنودي من وراء الحجاب

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _ 237 _

  صدق عبدي أنا أرسلت محمدا رسولا .
  قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : فقال الملك : حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، فنودي من وراء الحجاب صدق عبدي ، ودعا إلى عبادتي .
  قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال الملك : حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، فنودي من وراء الحجاب صدق عبدي ، ودعا إلى عبادتي ، وقد أفلح من واظب عليها (1) .
  قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أكمل الله لي الشرف على الأولين والآخرين . . .
  لقد أجمعت الشيعة على أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) هو الذي شرع الاذان بهذه الكيفية التي ذكرت في هذا الحديث أو بما يقرب منها في حين أن أبناء السنة والجماعة ذكروا أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) لما قدم المدينة صعب على الناس معرفة أوقات صلاته فتشاوروا في أن ينصبوا علامة يعرفون وقت صلاة النبي ( صلى الله عليه وآله ) كيلا تفوتهم الجماعة فأشار بعضهم بالناقوس فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : هو للنصارى ، وأشار بعضهم بالبوق فقال : هو لليهود ، وأشار بعضهم بالدف فقال : هو للروم .
  وأشار بعضهم بايقاد النار ، فقال : ذلك للمجوس ، وأشار بعضهم بنصب راية ، فإذا رآها الناس أعلم بعضهم بعضا فلم يعجبه ( صلى الله عليه وآله ) ذلك ، فقام ( صلى الله عليه وآله ) مهتما ، فبات عبد الله بن زيد مهتما باهتمام رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فرأى في نومه ملكا علمه الأذان والإقامة ، فأخبر النبي ( صلى الله عليه وآله ) بذلك .
  وقد وافقت الرؤيا الوحي ، فامر بهما النبي ( صلى الله عليه وآله ) (2) وهذا بعيد جدا لان الأذان والإقامة من مقدمات الصلاة ، شأنهما شأن بقية المقدمات من الطهارة واستقبال القبلة وإباحة المكان ، وجميع هذه المقدمات ، مع بيان الصلاة قد نزل بها الوحي ، ثم لماذا رأى عبد الله بن زيد الملك ، ولم يره بقية الصحابة ممن هم أجل شأنا منه .
الباب الثالث في الحث على الصلوات الخمس وصفة صلاة الجنائز
  22 ـ وباسناده قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لا يزال الشيطان

---------------------------
(1) أورد الحديث في تأريخ الخميس بلفظه مع زيادة ( حي على خير العمل ) ونصت مصادر الحديث والفقه عند الشيعة على ذلك .
(2) الفقه على المذاهب الأربعة 1 / 311 .

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _ 238 _

  ذاعرا من ابن آدم ما حافظ على الصلوات الخمس ، فإذا ضيعهن تجرأ عليه ، وأوقعه في العظائم . . .
  ان الله تعالى شرف الانسان وكرمه ، بالصلاة والمثول بين يديه في الصلوات الخمس ، وان الشيطان الرجيم ليعبث بالانسان ، ويجهد على أن يحرمه من هذه الفضيلة والمنزلة الكريمة .
  23 ـ وباسناده قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : من أدى فريضة فله عند الله دعوة مستجابة . . .
  ان أداء الفريضة سواء أكانت صلاة أم صوما أم حجا أم غيرها ، فان لها من الاجر عند الله تعالى أن يستجيب له دعوة .
  24 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لا تزال أمتي بخير ما تحابوا ، وأدوا الأمانة واجتنبوا الحرام ، وأقروا الضيف ، وأقاموا الصلاة ، وآتوا الزكاة ، فان لم يفعلوا ذلك ابتلوا بالسنين والقحط . . .
  دعا النبي ( صلى الله عليه وآله ) أمته إلى المحافظة على هذه الخصال الكريمة ، ووعدهم أن يكونوا بخير ما داموا يؤدونها ، فإذا أهملوها فان الله تعالى يصيبهم ببلاء عظيم .
  25 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إذا لم يستطع الرجل أن يصلي قائما صلى جالسا ، فان لم يستطع أن يصلي جالسا فليصل مستلقيا على قفاه رجليه حيال القبلة يومي ايماء . . .
  من أهم الفرائض الاسلامية الصلاة ، ولا تسقط عن المكلف بحال من الأحوال ، فإذا كان قادرا صلى من قيام ، وإذا كان عاجزا صلى من جلوس ، وهكذا حيث ما ذكر في الرواية .
  26 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : حافظوا على الصلوات الخمس ، فان الله عزوجل إذا كان يوم القيامة يدعو العبد فأول شئ يسأل عنه الصلاة ، فإذا جاء بها تامة ، وإلا زج في النار . . .
  إن أول ما يسأل عنه المكلف في حشره ونشره هي الصلاة فإذا جاء بها تامة فقد ذاعرا : اي فزعا .

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _ 239 _

  سلم من عقاب الله تعالى ، وإذا لم يأت بها أو كانت فاقدة لبعض شروطها فإنه يزج في النار .
  27 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لأصحابه : لا تضيعوا صلاتكم فان من ضيع صلاته حشر مع قارون وفرعون وهامان ، وكان حقا على الله أن يدخله النار مع المنافقين والويل لمن لم يحافظ على صلاته وأداء سنة نبيه . . .
  لقد اهتم الاسلام بالصلاة اهتماما بالغا ، وميزها على بقية العبادات فمن أداها كان مسلما ، ومن أنكرها مات ميتة جاهلية ، وحشر مع الظالمين والكافرين .
  27 ـ وباسناده قال : قال علي صلوات الله عليه : صلى بنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) صلاة السفر فقرأ في الأولى الحمد ، وقل يا أيها الكافرون ، وفي الأخرى الحمد ، وقل هو الله أحد ، ثم قال : قرأت لكم ثلث القرآن وربعه . . . وتقصر الصلاة الرباعية في السفر ، وقد قرأ النبي ( صلى الله عليه وآله ) في الركعة الأولى بعد الفاتحة سورة ( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) وفي الركعة الثانية قرأ بعد الفاتحة سورة التوحيد ، وبين ( صلى الله عليه وآله ) ثواب ذلك بأنه قد قرأ ثلث القرآن في الركعة الأولى ، وربع القرآن الكريم في الركعة الثانية .
  28 ـ وباسناده قال : سئل محمد بن علي ( عليه السلام ) عن الصلاة فزعم أن أباه كان يقصر الصلاة في السفر . . .
  أما تقصير الصلاة في السفر فإنها من ضروريات مذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وقد دل على ذلك الكتاب والسنة .
  29 ـ وباسناده قال : رأيت النبي ( صلى الله عليه وآله ) كبر على عمه حمزة ( عليه السلام ) خمس تكبيرات ، وكبر على الشهداء بعده خمس تكبيرات ، فلحق بحمزة سبعون تكبيرة . . .
  أما الصلاة على الأموات فهي من الواجبات الكفائية فإذا قام بها البعض سقطت عن الباقين ، أما كيفيتها فهي :
  أن يأتي بخمس تكبيرات يأتي بالشهادتين بعد الأولى ، والصلاة على النبي ( صلى الله عليه وآله ) بعد الثانية ، والدعاء للمؤمنين

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _ 240 _

  والمؤمنات بعد الثالثة ، والدعاء للميت بعد الرابعة ، ثم يكبر الخامسة وينصرف (1) وقد تضافرت بذلك الاخبار عن أئمة الهدى ( عليهم السلام ) (2) أما أهل السنة فإنهم ذهبوا إلى أن التكبيرات أربع ، وينصرف المصلي بعد الرابعة (3) .
  30 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) :
  يا علي إذا صليت على جنازة فقل : اللهم إن هذا عبدك ، وابن أمتك ماض في حكمك ، ولم يكن شيئا مذكورا ، زارك ، وأنت خير مزور ، اللهم لقنه حجته ، وألحقه بنبيك ، ونور له في قبره ، ووسع عليه في مدخله ، وثبته في القول الثابت ، فإنه افتقر إليك ، واستغنيت عنه ، وكان يشهد أن لا إله إلا أنت فاغفر له ، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده .
  يا علي إذا صليت على امرأة فقل : اللهم أنت خلقتها ، وأنت أحييتها ، وأنت أمتها ، وأنت أعلم بسرها وعلانيتها جئناك شفعاء لها ، فاغفر لها ، اللهم لا تحرمنا أجرها ، ولا تفتنا بعدها .
  يا علي إذا صليت على طفل ، فقل اللهم اجعله لأبويه سلفا وذخرا واجعله فرطا ، واجعله لهما نورا ورشدا ، وأعقب والديه الجنة ، انك على كل شئ قدير . . .
  أما كيفية الصلاة على الأموات فقد ذكرناها .
  وأما هذا الدعاء فهو بعد التكبيرة الرابعة ، واما الصلاة على الطفل فان كان قد توفي وسنه ست سنين فيصلى عليه صلاة الجنائز ، وجوبا وإذا لم يبلغ هذه السن فيستحب عليه الصلاة .

الباب الرابع في فضل أهل البيت
  وهو على ثلاثة أقسام
  القسم الأول
في فضل علي بن أبي طالب ( عليه السلام )
  31 ـ وباسناده قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يا علي أنا سيد المرسلين ، وأنت يعسوب المؤمنين ، وإمام المتقين ، وقائد الغر المحجلين . . .
  أما الامام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فهو رائد الفكر والحكمة في الاسلام ،

---------------------------
(1) العروة الوثقى 1 / 170 .
(2) وسائل الشيعة أبواب صلاة الجنازة .
(3) الفقه على المذاهب الأربعة 1 / 519 .

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _ 241 _

  وهو نفس النبي ( صلى الله عليه وآله ) وباب مدينة علمه ، ووصيه من بعده ، وقد أشاد النبي ( صلى الله عليه وآله ) وباب مدينة علمه ، ووصيه من بعده ، وقد أشاد النبي ( صلى الله عليه وآله ) بسمو منزلته ، وعظيم مكانته ، ولم يؤثر عنه ( صلى الله عليه وآله ) أنه أشاد بأحد من أصحابه كما أشاد بالامام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) والغرض من ذلك هو التدليل على خلافته من بعده .
  32 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لما أسري بي إلى السماء أخذ جبرئيل بيدي ، وأقعدني على درنوك (1) من درانيك الجنة ، ثم ناولني سفر جلة منها ، وهي معدة بما فيها للإمام علي ( عليه السلام ) .
  ان الله تعالى أعد لعلي ( عليه السلام ) في الدار الآخرة جميع ما فيها من نعم ، وبوأه الفردوس الاعلى يتبوأ منه حيثما يشاء .
  33 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) :
  يا علي أني سألت ربي فيك خمس خصال فأعطاني .
  أما أولهن فسألت ربي أن تنشق عني الأرض ، وانفض التراب عن رأسي وأنت معي ، فأعطاني .
  وأما الثانية فسألت ربي أن يوقفني عند كفة الميزان وأنت معي فأعطاني .
  وأما الثالثة فسألت ربي أن يجعلك حامل اللواء وهو لواء الله الأكبر تحته المفلحون الفائزون في الجنة فأعطاني .
  وأما الرابعة فسألت ربي أن تسقي أمتي من حوضي فأعطاني .
  وأما الخامسة فسألت ربي أن يجعلك قائد أمتي إلى الجنة فأعطاني ، ربي ، والحمد لله الذي من علي بذلك . . .
  لقد خص الله الامام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بكل مكرمة وحباه بكل فضيلة ، وقد استجاب دعاء نبيه فيه أن يمنحه هذه الخصال الكريمة .
  34 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إذا كان يوم القيامة اخذت بحجزة الله ، وأخذت أنت بحجزتي ، وأخذ ولدك بحجزتك ، وأخذت شيعة ولدك بحجزتهم (2) فترى أين يؤم بنا . . .
  إن للإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) منزلة كريمة عند الله تعالى يسمو بها على

---------------------------
(1) الدرنوك : بساط من بسط الجنة .
(2) قال أبو القاسم الطائي : سألت أبا العباس بن ثعلب عن الحجزة ؟ قال : هي السبب ، وسألت ابن نفطويه النحوي فقال هي السبب .

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _ 242 _

  جميع الصالحين والمتقين ، ويتميز بها هو وأبناؤه وشيعته يوم حشر الناس وبعثهم .
  35 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يا علي إنك قسيم الجنة والنار ، وانك تقرع باب الجنة فتدخلها بلا حساب . . .
  وهذا الحديث رواه جمهور العلماء من الشيعة والسنة ، وهو يحكي فضل الامام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وعظيم شأنه عند الله ، وانه بلغ منزلة من الله لم يبلغها أي أحد من الناس سوى النبي ( صلى الله عليه وآله ) .
  36 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يا علي إذا كان يوم القيامة كنت أنت وولدك على خيل بلق متوجون بالدر والياقوت فيأمر الله بكم إلى الجنة ، والناس ينظرون . . .
  ما أعظم منزلة الامام وأبنائه الطيبين عند الله ، فقد خصهم بكل مكرمة ، وميزهم على جميع خلقه .
  37 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إذا كان يوم القيامة نوديت من بطنان العرش نعم الأب أبوك إبراهيم ، ونعم الأخ أخوك علي بن أبي طالب . . .
  وخص الله نبيه العظيم ( صلى الله عليه وآله ) بجميع ألوان الفضل التي منه أنه من ذرية إبراهيم خليل الله ، وان أخاه الامام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) المنافح عن كلمة التوحيد ، والذاب عن قيم الاسلام ومبادئه .
  38 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إن الله أمرني بحب أربعة : علي ، وسلمان ، وأبي ذر ، والمقداد بن الأسود . . .
  إن هؤلاء الأربعة قد ساهموا في بناء الاسلام ، ورفعوا مشعل التوحيد ، وقد أمر الله تعالى نبيه بحبهم لأنهم من عناصر التقوى والصلاح .
  39 ـ قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يا علي ان الله قد غفر لك ، ولذريتك ، ولشيعتك ، ولمحبي شيعتك ، ولمحبي محبي شيعتك ، فابشر فإنك الأنزع البطين منزوع من الشرك ، مبطون من العلم . . .
  ولعظيم اتصال الإمام ( عليه السلام ) بالله تعالى ، فقد منحه هذه الفضيلة الكبرى بان غفر له ولأبنائه وشيعته ومن يتعلق بهم .

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _ 243 _

  40 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : من كنت مولا ه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، واخذل من خذله ، وانصر من نصره . . .
  أعلن النبي ( صلى الله عليه وآله ) هذه الكلمات المشرقة التي هي من أغلى الأوسمة التي منحها للامام يوم غدير خم ، وهو من أهم أعياد المسلمين ، فقد نصب الإمام خليفة من بعده ، وأمر المسلمين بمبايعته ، وقد بايعته حتى نساء النبي ( صلى الله عليه وآله ) وبذلك اليوم الخالد تمت النعمة الكبرى على المسلمين ، ونزلت فيه الآية الكريمة : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ) .
  41 ـ وباسناده قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يا علي لولاك ما عرف المؤمنون بعدي . . .
  إن الامام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) هو المحك الذي يعرف به المؤمن من الفاسق فمن أحبه كان مؤمنا ، ومن عاداه فهو فاسق ، تقول عائشة : إذا ما التبر حك على محك وفينا الغش والذهب المصفى تبين غشه من غير شك علي بيننا شبه المحك (1) .
  42 ـ وباسناده قال : حدثني علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) قال : ورثت من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كتابين : كتاب الله تعالى ، وكتابا في قراب سيفي ، قيل يا أمير المؤمنين : وما الكتاب في قراب سيفك ؟ قال : من قتل غير قاتله ، أو ضرب غير ضاربه فعليه لعنة الله . . .
  لقد ورث الامام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) جميع صفات الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ومقوماته ، والتي منها ما ذكره ( عليه السلام ) :
  43 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) :
  يا علي انك أعطيت ثلاثا ما أعطيت أنا مثلهن .
  قلت : فداك أبي وأمي ما أعطيت ؟
  قال ( صلى الله عليه وآله ) : أعطيت صهرا مثلي ، وأعطيت مثل زوجتك فاطمة سلام الله عليها ، وأعطيت مثل ولديك الحسن والحسين .
  لقد خص الله تعالى الامام أمير المؤمنين بهذه الخصال الثلاث التي ما حبي أحد بمثلهن .

---------------------------
(1) نور الابصار للشبلنجي .

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _ 244 _

  44 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ليس في القيامة راكب غيرنا ، ونحن أربعة .
  فقام إليه رجل من الأنصار ، فقال له : يا رسول الله من هم ؟
  فقال : أنا على دابة البراق ، وأخي صالح على ناقة الله التي عقرت ، وعمي حمزة على ناقتي العضباء ، وأخي علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) على ناقة من نوق الجنة وبيده لواء الحمد ، ينادي لا إله إلا الله ، محمد رسول الله (ص) فيقول الآدميون : ما هذا إلا ملك مقرب ، أو نبي مرسل أو حامل عرش ، فيجيبهم ملك من بطنان العرش ، يا معشر الآدميين ، ليس ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا ، ولا حامل عرش هذا علي بن أبي طالب . . .
  إن الله تعالى ليظهر يوم القيامة مكانة وليه الامام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وسمو منزلته عنده ، حتى لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل ، ولا ولي ولا خلق غير ذلك إلا عرفهم مدى أهمية الإمام ( عليه السلام ) عنده .
  45 ـ وباسناده قال : قال علي ( عليه السلام ) : من أحبني وجدني عند مماته بحيث ما يحب ، ومن أبغضني وجدني عند مماته بحيث يكره . . .
  وقد تضافرت الاخبار بأن الامام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ليحضر عند ممات كل أحد مؤمنا كان أو كافرا ، فان كان مؤمنا أوصى ملك الموت بالرفق به ، وإن كان كافرا أوصى بالشدة به .
  القسم الثاني .

في فضل فاطمة عليها السلام
  46 ـ قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : انما سميت فاطمة لان الله تعالى فطمها وفطم من أحبها من النار . . .
  يعرض هذا القسم إلى ما أثر عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) في فضل بضعته سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء سلام الله عليها ، والتي منها هذا الحديث الشريف ، وقد أعلن أن الله تعالى قد فطم سيدة نساء العالمين من النار كما فطم شيعتها ومحبيها من النار .
  47 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ان الله يغضب لغضب فاطمة ، ويرضى لرضاها . . .
  وهذا الحديث مجمع عليه ، وهو يدل على سمو منزلة بضعة الرسول وريحانته

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _ 245 _

  عند الله ، وانها قد احتلت عنده تعالى مكانة متميزة لم يحتاجها غيرها من المؤمنات .
  48 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : تحشر ابنتي فاطمة يوم القيامة ، ومعها ثياب مصبوغة بدم الحسين فتعلق بقائمة من قوائم العرش ، فتقول : يا رب احكم بيني وبين قاتل ولدي ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : فيحكم لابنتي ورب الكعبة . . .
  إن فاجعة سيد شباب أهل الجنة وريحانة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد اهتز لهولها العالم بأسره ، وان من أعظم المصابين بكارثته ورزيته سيدة النساء ، وبضعة الرسول ، وانها سوف ترفع قميصه ملطخا بدمائه الزكية امام الله تعالى شاكية ما جرى على ولدها من عظم الرزايا .
  يقول الشاعر :
                                              لا  بـد أن ترد القيامة فاطم        وقميصها بدم الحسين ملطخ
  ويقول أبو العلاء :
ثبتا في قميصه ليجئ الحشر        مـستعديا  إلـى iiالـرحمن
  49 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : تحشر ابنتي فاطمة ، وعليها حلة الكرامة ، وقد عجنت بماء لحياة فينظر إليها الخلائق فيتعجبون ، ثم تكسى أيضا حلتين من حلل الجنة مكتوب على كل حلة بخط أخضر :
  ادخلوا بنت محمد الجنة ، مكتوبا على أحسن الصورة ، وأحسن الكرامة ، وأحسن المنظر ، فتزف إلى الجنة كما تزف العروس ، ويوكل بها سبعون الف جارية . . .
  ان الله تعالى سيظهر يوم القيامة فضل سيدة النساء التي جاهدت كأعظم ما يكون الجهاد في سبيل الاسلام ، التي أقامت التشيع بخطبها الخالدة ، ومواقفها البطولية التي لم يقفها أحد غيرها .
  50 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش ، يا معشر الخلايق غضوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة بنت محمد ( صلى الله عليه وآله ) . . .
  وهذا من مواطن التكريم والتعظيم لسيدة النساء سلام الله عليها يوم حشر الناس أمام رب العالمين .
  51 ـ وباسناده قال علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) : كنا مع النبي ( صلى الله

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _ 246 _

  عليه وآله ) في حفر الخندق إذ جاءت فاطمة ( عليها السلام ) ومعها كسيرة من خبز فدفعتها إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : ما هذه الكسيرة ؟ قالت : قرص خبز شعير خبزته للحسن والحسين جئتك منه بهذه الكسيرة ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : يا فاطمة أما أنه أول طعام دخل في أبيك منذ ثلاثة أيام . . .
  ويكشف هذا الحديث عن مواساة أهل البيت ( عليهم السلام ) بعضهم لبعض ، والايثار فيما بينهم كما يكشف عن زهدهم ، واعراضهم عن زخارف الحياة .
  51 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أتاني ملك فقال : يا محمد إن الله عزوجل يقرؤك السلام ، ويقول : قد زوجت فاطمة من علي ، فزوجها منه ، وأمرت شجرة طوبي أن تحمل الدر والمرجان واليواقيت ، وان أهل السماء قد فرحوا بذلك ، وسيولد لهما ولدان سيدا شباب أهل الجنة ، وبهما تزين أهل الجنة فابشر يا محمد فأنت خير الأولين والآخرين . . .
  وتضافرت الاخبار أن زواج سيدة النساء وبضعة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) بالامام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) انما كان بأمر من الله تعالى ليعطي بذلك مثلا أعلى للقران في الاسلام ، وانه مبني على الكرامة والفضيلة ، ولا شأن فيه بأي حال من الأحوال للاعتبارات المادية التي مالها إلى الزوال .
  فقد زوج الرسول ( صلى الله عليه وآله ) سيدة النساء من الامام أمير المؤمنين في حين أنه كان أفقر المسلمين ، ولم يكن عنده من متع الحياة سوى درعه وسيفه ، فباع درعه ، وجعله صداقا لسيدة النساء ، واشترى بثمنه جهازا أزهد جهاز في ذلك العصر ، ولكنه أنفس وأغلى جهاز في الاسلام لأنه قائم على الفضيلة والشرف ، وسمو الذات . . .
  فسلام الله على أهل البيت الذين مثلوا جوهر الاسلام في جميع شؤونهم وأحوالهم .
  52 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : حدثني أبي علي بن الحسين قال : حدثتني أسماء بنت عميس قالت : كنت عند جدتك فاطمة ( عليها السلام ) إذ دخل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وفي عنقها قلادة من ذهب كان علي بن أبي طالب اشتراها من فئ له ، فقال لها النبي ( صلى الله عليه وآله ) : لا يغرنك الناس أن يقولوا : بنت محمد ( صلى الله عليه وآله ) وعليك لبس الجبابرة فقطعتها فباعتها ، واشترت رقبة وأعتقتها فسر النبي ( صلى الله عليه وآله ) بذلك . . .
  لقد أراد الرسول ( صلى الله عليه وآله ) أن تكون سيدة النساء قدوة حسنة .

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _ 247 _

  ومثلا أعلى للفضيلة ، ونكران الذات ، وان تشارك البائسات من النساء المسلمين في فقرهن ، ولا يكون لها أي امتياز عليهن .
  القسم الثالث .
في فضل الحسنين ، وولادتهما ، وأهل البيت عليهم السلام عموما
  52 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، وأبوهما خير منهما . . .
  إن سبطي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) سيدا شباب أهل الجنة ، وسراجان لهما فسلام الله عليهما وعلى أبيهما سيد العترة الطاهرة .
  53 ـ قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : الولد ريحانة ، وريحانتاي الحسن والحسين . . .
  إن الامامين الزكيين ريحانتا رسول الله ( صلى ا لله عليه وآله ) ووديعتاه في أمته ، وقد أخلص لهما النبي ( صلى الله عليه وآله ) كأعظم ما يكون الاخلاص .
  54 ـ قال ( عليه السلام ) : حدثني علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) أن الحسن والحسين كانا يلعبان عند النبي ( صلى الله عليه وآله ) حتى مضى عامة الليل ثم قال ( صلى الله عليه وآله ) : انصرفا إلى أمكما فبرقت برقة فما زالت تضئ لهما حتى دخلا على فاطمة ، والنبي ( صلى الله عليه وآله ) ينظر إلى البرقة ، فقال : الحمد لله الذي أكرمنا أهل البيت .
  لقد خص الله تعالى السبطين ( عليهما السلام ) بكل مكرمة ، وحباهما بالمزيد من ألطافه ، واصطفاهما من بقية خلقه .
  55 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : النجوم أمان لأهل السماء ، وأهل بيتي وأولادي أمان لامتي .
  أن أهل البيت ( عليهم السلام ) أمان لأهل الأرض بهم يستدفع البلاء ، وتنزل الرحمة ، ويعم الخير .
  56 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : حرمت الجنة على من ظلم أهل بيتي ، وقاتلهم ، والمعين عليهم ، ومن سبهم أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ، ولا يكلمهم الله يوم القيامة ، ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _ 248 _

  الويل كل الويل لمن جحد ولاية أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وسن ظلامتهم ، والويل لمن ظلمهم ، وناهضهم ، فقد حرم من الجنة وباء بغضب من الله ورسوله .
  57 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أربعة أنا شفيع لهم يوم القيامة : المكرم لذريتي ، والقاضي لهم حوائجهم ، والساعي لهم في أمورهم عند ما اضطروا إليها ، والمحب بقلبه ولسانه .
  إن من يحب أهل البيت ( عليهم السلام ) وقام بتكريمهم وتعظيمهم فقد ظفر بالخير العميم ، ونال شفاعة جدهم سيد المرسلين .
  58 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إنا أهل بيت لا تحل لنا الصدقة ، وأمرنا باسباغ الوضوء ، وان لا ننزي حمارا على عتيقة .
  لقد حرمت الصدقة الواجبة كالزكاة على أهل البيت ( عليهم السلام ) وكذلك على من انتسب إليهم من العلويين زادهم الله شرفا .
  59 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : من سب نبيا قتل ومن سب صاحب نبي جلد .
  60 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها زج في النار .
  إن أهل البيت ( عليهم السلام ) سفن النجاة وأمن العباد ، من تبعهم فقد نجا ومن تخلف عنهم فقد غرق ، وقد شبههم النبي (ص) بهذا الحديث ـ المجمع على صحته ـ بسفينة نوح ( عليه السلام ) التي كانت نجاة للمؤمنين من أصحابه حينما أحاطت بهم أمواج من الماء غرق فيها كل من زاغ عن الحق ، ونجا من كان على سفينة نوح من المؤمنين ، فكذلك أهل بيت النبوة سلام الله عليهم فمن أقر بولايتهم فقد فاز ، ومن كذبهم وظلمهم فقد هوى إلى أسفل درك من النار .
  61 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : الويل لظالمي أهل بيتي عذابهم مع المنافقين في الدرك الأسفل من النار .

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _ 249_

  الويل كل الويل لمن ظلم واعتدى على أهل بيت النبوة الذين هم مصدر الوعي والفكر لا لهذه الأمة فحسب ، وانما للناس أجمعين ، ان مصير الظالمين لهم هو العذاب الدائم في الدار الآخرة ، وان الله تعالى لا يغفر لهم ، ولا ينجيهم من العذاب الأليم .
  62 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : كأني قد دعيت فأجبت ، واني تارك فيكم الثقلين : أحدهما أكبر من الآخر ، كتاب الله عزوجل ، حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ؟ .
  لقد قرن النبي ( صلى الله عليه وآله ) بين كتاب الله العظيم ، وبين العترة الطاهرة ، فلو لم يكونوا أهل بيته معصومين من الخطأ لما صحت المقارنة بين القرآن العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وبين العترة الطاهرة ، وكما أن التمسك بالكتاب سبب النجاة فكذلك التمسك بأهل البيت ( عليهم السلام ) :
  63 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : اشتد غضب الله ، وغضب رسوله على من أهرق دم ذريتي ، أو اذاني في عترتي .
  لقد اسشف النبي ( صلى الله عليه وآله ) من وراء الغيب على ما يجري على ذريته من الظلم والاعتداء من خصوم الاسلام وأعدائه فقد أراقوا دماءهم وصبوا عليهم من الظلم والجور ما لم يشاهد مثله في جميع أدوار التاريخ .
  64 ـ وباسناده قال : جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) : السبت لنا والأحد لشيعتنا ، والاثنين لبني أمية ، والثلاثاء لشيعتهم ، والأربعاء لبني العباس ، والخميس لشيعتهم ، والجمعة لله وليس فيه سفر قال الله تعالى : ( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله ) .
  قسم الإمام ( عليه السلام ) أيام الأسبوع إلى هذه الأقسام ، وخص يوم الجمعة بالمزيد من الفضل وجعله الله تعالى ، ومن خصوصياته أنه يكره السفر فيه قبل الزوال حتى يؤدي المكلف صلاة الجمعة .
  65 ـ وباسناده قال : حدثني أبي موسى بن جعفر ـ يعني الإمام الصادق ( عليه السلام ) ـ قال : كان على خاتم محمد بن علي ظني بالله حسن ، وبالنبي المؤتمن ، وبالوصي ذي المنن ، وبالخيرين الحسين والحسن .

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _ 250 _

  وتتجلى مظاهر العبودية والطاعة لله تعالى ، في كل مظهر من مظاهر حياة الأئمة الطاهرين سلام الله عليهم ، والتي منها ما كانوا يكتبونه من كلمات التوحيد على الأحجار التي يتختمون بها .
  66 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال علي بن الحسين ( عليه السلام ) : سادات الناس في الدنيا الأسخياء ، وسادات الناس في الآخرة الأتقياء .
  67 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال علي بن الحسين ( عليه السلام ) : العافية ملك خفي . . .
  إن من نعم الله الكبرى على الانسان هي العافية ، فهي أعظم نعمة على الانسان وكلما يتمتع به الانسان من النعم لا أثر له إذا كان فاقدا للصحة .
  68 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وسلم : من اصطنع صنيعه إلى واحد من أولاد عبد المطلب ، ولم يجازه عليها فأنا أجازيه غدا إذا لقيته يوم القيامة .
  69 ـ وباسناده قال علي بن الحسين ( عليه السلام ) : إن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أذن في اذن الحسن والحسين بالصلاة ـ أي بأذان الصلاة ـ يوم ولدا .
  لقد اجرى النبي ( صلى الله عليه وآله ) على سبطيه وريحانتيه يوم ولدا المراسم الشرعية التي منها انه اذن في الاذن اليمنى وأقام في اليسرى ، وقد صار ذلك سنة شرعية تجري على كل مولود مسلم .
  70 ـ وباسناده قال حدثني أبي علي بن الحسين ( عليه السلام ) قال : حدثتني أسماء بنت عميس ، قالت : قبلت جدتك فاطمة بالحسن والحسين ( عليهما السلام ) .
  فلما ولد الحسن ( عليه السلام ) جاء النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، فقال : يا أسماء هاتي ابني فدعته في خرقة صفراء فرمى بها النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : يا أسماء ألم أعهد إليك أن لا تلفي المولود في خرقة صفراء فلففته في خرقة بيضاء ، فدفعته إليه فاذن في أذنه اليمني ، وأقام في أذنه اليسرى ثم قال ( صلى الله عليه وآله ) : بأي شئ سميت ابني هذا يا علي ؟ قال ( عليه السلام ) : ما كنت لأسبقك باسمه يا رسول الله ، وقد كنت أحب أن أسميه حربا ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) إني لا أسبق باسمه ربي عزوجل ، ثم هبط جبريل ( عليه السلام ) ، فقال : يا محمد العلي

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _ 251 _

  الاعلى يقرئك اسلام ، ويقول لك : علي منك بمنزلة هارون من موسى ، ولا نبي بعدك ، فسم ابنك هذا باسم ابن هارون ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : ما اسم ابن هارون يا جبريل ؟ فقال : شبر فقال ( صلى الله عليه وآله ) لساني عربي ، فقال : سمه الحسن ، فقالت أسماء فسماه الحسن فلما كان يوم سابعه عق عنه النبي ( صلى الله عليه وآله ) بكبشين أملحين فأعطى القابلة فخذ كبش ، وحلق رأسه ، وتصدق بوزن الشعر ورقا ، وطلى رأسه بالخلوق (1) ثم قال : يا أسماء الدم فعل الجاهلية (2) فقالت أسماء : فلما كان بعد حول من مولد الحسن ( عليه السلام ) ولد الحسين ( عليه السلام ) فجاء النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، فقال يا أسماء هلمي ابني ، فدفعته إليه في خرقة بيضاء فأذن في أذنه اليمنى ، وأقام في اليسرى ، ووضعته في حجره ، فبكى .
  فقالت أسماء : فداك أبي وأمي ! مم بكاؤك ؟ فقال ( صلى الله عليه وآله ) من ابني هذا ، قلت إنه ولد الساعة ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : تقتله الفئة الباغية من بعدي لا أنا لهم الله شفاعتي .
  ثم قال ( صلى الله عليه وآله ) : لا تخبري فاطمة فإنها حديثة عهد بولادته ثم قال ( صلى الله عليه وآله ) لعلي : بأي شئ سميت ابني هذا ؟ قال ( عليه السلام ) : ما كنت لأسبقك باسمه يا رسول الله ، وقد كنت أحب أن اسميه حربا ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : ما كنت لا سبق باسمه ربي فأتاه جبريل ( عليه السلام ) فقال : الجبار يقرئك السلام ، ويقول : سمه باسم ابن هارون ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : وما اسم ابن هارون ؟
  فقال : شبير ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : لساني عربي ، فقال : سمه الحسين ، فسماه ، ثم عق عنه النبي ( صلى الله عليه وآله ) يوم السابع بكبشين أملحين ، وحلق رأسه وتصدق بوزن شعره ورقا ، وطلى رأسه بالخلوق ، وقال : الدم فعل الجاهلية ، وأعطى القابلة فخذ كبش .
  والدي نراه ان بعض الفقرات من هذا الحديث من الموضوعات ، وهي رغبة الامام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في تسمية السبطين باسم ( حرب ) وهذا اللفظ لا يحمل أي طابع من الجمال ، وهو اسم لجد الأسرة الأموية التي حاربت الاسلام

---------------------------
(1) الخلوق : نوع من الطيب .
(2) من عادة الجاهلية ان المولود منهم يطلونه بالدم ، والاسلام قد نهى عن ذلك ، وجعل مكانه ان يطلى بالطيب .

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _ 252 _

  وجهدت على اطفاء نور الله ، بالإضافة إلى أن الاسلام دين السلام ، وهو تحية المسلمين فيما بينهم ، وقد نصت كتب الفقه الإمامي على كراهة تسمية المولود باسم حرب .
  71 ـ وباسناده ، قال : حدثني أبي علي بن الحسين ( عليهما السلام ) إنه سمى حسنا يوم سابعه ، واشتق من اسم الحسن الحسين ، وذكر أنه لم يكن بينهما إلا الحمل ، ان أغلب مراسم الولادة الشرعية انما تجري على المولود في اليوم السابع من عمره والتي منها تسميته .
  72 ـ وباسناده قال : حدثني أبي علي بن الحسن ( عليهما السلام ) ان فاطمة ( عليها السلام ) عقت عن الحسن ، والحسين فأعطت القابلة فخذ شاة ودينارا .
  73 ـ وباسناده قال علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) : كأني بالقصور ، وقد شيدت حول قبر الحسين ، وكأني بالأسواق وقد حفت حول قبره ، ولا تذهب الأيام والليالي حتى يسار إليه من الآفاق ، وذلك عند انقطاع بني مروان .
  لقد تحقق ما تنبأ به الإمام ( عليه السلام ) فقد شيدت القصور والأسواق في كربلا مدينة الشرف والإباء ، وصار قبر الامام الشهيد العظيم مزارا ومقصدا لكل مسلم ولكل انسان يؤمن بانسانيته ، فهو أقدس مزار في جميع آفاق الكون .
  74 ـ وباسناده قال : سئل جعفر بن محمد ( عليه السلام ) عن زيارة قبر الحسين ( عليه السلام ) قال : اخبرني أبي قال : من زار قبر الحسين بن علي عارفا بحقه كتبه الله في أعلى عليين ، ثم قال : إن حول قبره لسبعين الف ملك شعثا غبرا يبكون عليه إلى أن تقوم الساعة .
  لقد تضافرت الاخبار عن أئمة أهل الهدى ( عليهم السلام ) في الحث على زيارة سيد الشهداء وصانع الكرامة الانسانية الإمام الحسين ( عليه السلام ) .
  فان في زيارته صلة للرسول الأعظم وتكريما لهذا الامام الذي رفع مشعل التوحيد ، ولولا تضحيته لقضى الأمويون على الاسلام ، ومحوا جميع أحكامه .
  75 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إن قاتل الحسين في تابوت من النار ، عليه نصف عذاب أهل النار وقد شدت يداه ورجلا ه بسلاسل من نار فينكس في النار حتى يقع في قعر جهنم ، وله ريح يتعوذ

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _ 253 _

  أهل ا لنار إلى ربهم من شدة نتنه ، وهو فيها خالد ، ذائق العذاب الأليم ، كلما نضجت جلودهم بدل الله الجلود ليذوقوا العذاب الأليم ، لا يفتر عنهم ساعة ، ويسقون من حميم جهنم ، فالويل لهم من عذاب الله عزوجل .
  الويل لكل أثيم مجرم حارب سيد شباب أهل الجنة الذي ثار من أجل حقوق المظلومين والمضطهدين ، وانقاذهم من الحكم الأموي الارهابي الذي استهان بارواح الناس وكرامتهم إن الله تعالى أعد العذاب الأليم ، والعقاب الشديد الذي لم يعاقب بمثله المجرمون لكل من اشترك في حرب ريحانة رسول الله (ص) وسيد شباب أهل الجنة .
  76 ـ وباسناده قال : حدثني أبو القاسم الطائي ، قال : حدثني علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) قال : حدثني أبي موسى بن جعفر ، قال : حدثني أبي جعفر بن محمد قال : حدثني أبي محمد بن علي ، قال : حدثني أبي علي بن الحسين ، قال : حدثني أبي الحسين بن علي قال : حدثني أبي علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إن موسى بن عمران رفع يديه ، وقال : يا رب إن أخي هارون قد مات فاغفر له فأوحى الله تعالى إليه يا موسى لو سألتني في الأولين والآخرين لأجبتك ما خلا قاتل الحسين فاني لا اغفر له ، وانتقم من قاتله .
  ان الله تعالى الذي وسعت رحمته جميع عباده فإنها لا تشمل قاتل الإمام الحسين ( عليه السلام ) الذي انتهكت في قتله جميع حرمات الله ، وحرمات رسوله .
  الباب الخامس في فضل المؤمن ، وحسن الخلق وفضل من أسمه محمد وأحمد
  77 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : مثل المؤمن عند الله كمثل ملك مقرب ، وان المؤمن عند الله أفضل من ملك مقرب ، وليس شئ أحب إلى الله من مؤمن تائب ، أو مؤمنة تائبة .
  إن المؤمن من له الكرامة ، والمنزلة الرفيعة ما ليست لاحد من خلقه فقد يسمو المؤمن بمثله فيكون أسمى من الملائكة ، وأقرب إلى الله تعالى منهم .
  78 ـ وباسناده ، قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ان المؤمن يعرف في السماء كما يعرف الرجل في أهله ، وولده ، وانه أكرم عنده

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _ 254 _

  من ملك مقرب . . .
  79 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أتاني جبريل عن ربه ، وهو يقول ، ربي عزوجل يقرئك السلام ويقول : يا محمد بشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات ، ويؤمنون بك ، ويحبون أ هل بيتك بالجنة فان لهم عندي جزاء الحسنى وسيد خلون الجنة .
  إن المؤمنين الذين يتصفون بهذه الصفات لهم المنزلة الكريمة في الفردوس الاعلى يتبوأون فيه حيثما شاؤوا .
  80 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : من عامل الناس ولم يظلمهم ، وحدثهم فلم يكذبهم ، ووعدهم فلم يخلفهم فهو مؤمن كملت مروءته ، وظهرت عدالته ، ووجبت محبته ، وحرمت غيبته .
  ان هذه الصفات الكريمة إذا تحلى بها الانسان فإنه يكون كامل الايمان والمروءة والعدالة ، وعلى الناس أن يخلصوا له ، ويجتنبوا غيبته .
  81 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، من بهت مؤمنا أو مؤمنة أو قال فيه ما ليس فيه أقامه الله على تل (1) من نار حتى يخرج مما قال فيه .
  ان للمؤمن حرمة عند الله ، وقد الزم تعالى بصيانته ، فليس لأحد أن ينال من كرامته ، ويطعن في شخصيته .
  82 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : من كرامة المؤمن على الله أن لا يجعل لأجله وقتا معلوما حتى يهم ببائقة قبضه الله رأفة .
  ومعنى هذا الحديث ان الله تعالى يمد بعمر المؤمن لكنه إذا اقترف ذنبا قصر عمره ، وقد قال الإمام الرضا ( عليه السلام ) اجتنبوا البوائق يمد الله لكم في الأعمار .
  83 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : عليكم بحسن الخلق ، فان حسن الخلق في الجنة لا محالة .

---------------------------
(1) التل : هو المجتمع من التراب أو الرمل كما في القاموس .

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _ 255 _

  ومن أهم المبادئ الاسلامية العليا حسن الأخلاق ، وهي من أجمل وأكمل صفات النبي ( صلى الله عليه وآله ) التي امتاز بها على سائر النبيين وقد اكد الاسلام على ضرورة الاتصاف بهذه الصفة الكريمة ، وحث الأمم في حال بداوتها فتمايز فيما بينها بالقوة البدنية فإذا ارتقت تمايزت بالعلم ، فإذا بلغت من الارتقاء غايته تمايزت بالأخلاق .
  84 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لو يعلم العبد ما له من حسن الخلق لعلم أن ما يحتاج إلا أن يكون له حسن الخلق ، وفي هذا الحديث الدعوة إلى التحلي بحسن الخلق ، وان الله تعالى أعد الثواب الجزيل لمن يتصف بهذه الصفة الكريمة .
  85 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إذا كان يوم القيامة تجلى الله لعبده المؤمن فيوقفه على ذنوبه ذنبا ، ذنبا ، ثم يغفر الله له ، ولا يطلع الله على ذلك ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا ، وستر عليه ما يكره ان يقف عليه أحد ، ثم يقول لسيئاته كن حسنات . . .
  وحكى هذا الحديث رحمة الله الواسعة ، وعفوه الشامل لعباده المؤمنين وأنه تعالى سيمنحهم بلطفه ، ويغفر للمسيئين منهم نسأله تعالى ان يشملنا برحمته .
  86 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : من استذل مؤمنا أو مؤمنة أو حقره لفقره ، وقلة ذات يده شهره الله يوم القيامة ثم يفضحه . . . من الذنوب التي يعاقب الله عليها اذلال المؤمن واهانته وتحقيره ، فان الله تعالى قد رفع شأنه وأعلى منزلته فمن استهان به فقد استهان بالله تعالى .
  87 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ان العبد ينال بحسن الخلق درجة الصائم القائم . . .
  لقد اكد النبي ( صلى الله عليه وآله ) على ضرورة الاتصاف بهذه الصفة الكريمة ليسمو المسلم ، ويتميز على غيره .

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _ 256 _

  88 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ما من شئ أثقل في الميزان من حسن الخلق .
  89 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ). : الخلق السئ يفسد العمل كما يفسد الخل العسل .
  لقد حذر النبي ( صلى الله عليه وآله ) من الأخلاق السيئة التي تلقي الناس في شر عظيم ، بالإضافة إلى انها تفسد ما يعمله الانسان من الأعمال الصالحة .
  90 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : حدثني علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) من كنوز البر اخفاء العمل ، والصبر على الرزايا ، وكتمان المصائب .
  أن من أميز صفات الانسان هذه الصفات الكريمة التي هي من كنوز البر وتدلل على سمو الشخص .
  91 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) حدثني علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) : حسن الخلق خير قرين ، قال : أكملكم ايمانا أحسنكم أخلاقا .
  إن حسن الخلق خير قرين ، وخير حارس ، فهو يقي الانسان من كثير من المشاكل والمصاعب ، وفي نفس الوقت دليل على كمال ايمان الشخص .
  92 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : عنوان صحيفة المسلم حسن الخلق .
  ان السمت البارز في شخصية المسلم ـ كما يريد النبي ( صلى الله عليه وآله ) من أمته ـ هو حسن الخلق .
  93 ـ وباسناده عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : سئل رسول الله ما أكثر من يدخل الجنة ؟ قال : تقوى الله وحسن الخلق ، وسئل عن أكثر ما يدخل النار ؟ قال : الأجوفان : البطن والفرج . . .
  ان تقوى الله ، والتجنب عن معاصيه والاتصاف بحسن الخلق من أوثق الأسباب التي يفوز بها الانسان في مرضاة الله ، ويدخل الجنة كما أن عدم المبالاة في اكل الحرام ، والعملية الجنسية الغير مشروعة مما توجب دخول النار .
  94 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أقربكم مني مجلسا يوم القيامة ، أحسنكم خلقا ، وخيركم خيركم لأهله .

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _ 257_

  ان من تزين بحسن الخلق فهو من الصق الناس وأقربهم إلى الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) يوم القيامة ، كما أن أقرب الناس إلى رسول الله (ص) من كان خيرا لأهله رؤوفا بهم ، عطوفا عليهم ، قائما بشؤونهم .
  95 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أحسن الناس ايمانا أحسنهم خلقا ، وألطفهم بأهله ، وأنا ألطفكم بأهلي .
  وهذا الحديث يؤكد على حسن الأخلاق ، والبر بالأهل والاحسان إليهم ، وان ذلك من صفات الرسول الكريم ( صلى الله عليه وآله ) .
  96 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إذا سميتم الولد محمدا فأكرموه ، وأو سعوا له المجلس ، ولا تقبحوا له وجها .
  لقد ندب الاسلام إلى تسمية المولود من المسلمين باسم النبي ( محمد ) ( صلى الله عليه وآله ) ، وان من سمي بهذا الاسم فيستحق التكريم والتبجيل ، ويوسع له في المجلس ، ولا يستقبل بالاعراض .
  97 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ما من قوم كانت لهم مشورة فحضر معهم من أسمه محمد أو احمد فأدخلوه في المشورة إلا خير لهم .
  وفي هذا الحديث دعوة إلى تسمية المسلمين أبنائهم باسم النبي العظيم ( صلى الله عليه وآله ) ، وان يبجلوا ويكرموا من سمي بهذا الاسم المبارك .
  98 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : مامن مائدة وضعت فقعد عليها من أسمه محمد أو أحمد إلا قدس الله ذلك المنزل في كل يوم مرتين .
الباب السادس في ذكر الأطعمة ، والفواكه والأدهان
  99 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : سيد طعام الدنيا والآخرة اللحم ، وسيد شراب الدنيا والآخرة الماء ، وأنا سيد

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _ 258 _

  ولد آدم ، ولا فخر ، والفقر فخري .
  إن سيد الأطعمة هي اللحوم ، وذلك لما فيها من الفيتامينات التي هي ضرورة لحفظ البدن ، كما أن سيد الشراب هو الماء القراح .
  وأعرب النبي ( صلى الله عليه وآله ) ـ في هذا الحديث ـ أنه سيد ولد آدم ، وأن الفقر فخر له ، فقد توفي ( صلى الله عليه وآله ) ولم يخلف من متاع الدنيا شيئا .
  100 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : سيد طعام الدنيا والآخرة اللحم والأرز . . .
  حكى هذا الحديث فضل اللحم والأرز ، وانهما من سادات الأطعمة وخيارها ، وذلك لما فيها من الفوائد التي تنمي الجسم .
  101 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إذا طبختم فأكثروا القرع فإنه يشد قلب الحزين .
  102 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : حدثني علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) قال : عليكم في القرع فإنه يزيد في الدماغ .
  وحث هذا الحديث وما قبله على أكل اليقطين ، وذلك لما فيه من الفوائد الغذائية فهو ، يحتوي على فيتامين ( آ ) وعلى الحديد والكلس ، وغيرهما كما أن تناول بذوره يطرد الدودة الوحيدة من الأمعاء .
  103 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إذا أكلتم الثريد فكملوا من جوانبه فإن الذروة ـ أي أعلاها ـ فيها بركة .
  ومع هذا الحديث دعوة إلى آداب الاكل ، وان من يأكل الثريد فليتناول من جوانب الاناء لا من أعلاه .
  104 ـ وباسناده قال ( عليه السلام ) : حدثني علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : من أراد البقاء ، ولا بقاء فليباكر الغذاء ، ويجيد الحذاء ، ويخفف الرداء ، ويقل غشيان النساء .
  وحكى هذا الحديث بعض الوصايا الصحيحة التي تمد في عمر الانسان وهي :
  أ ـ التبكير في الغذاء .