(25) جرهمة الأنصارية
  أورد لها ابن شهرآشوب في المناقب هذه الأبيات في مدح أمير المؤمنين علي بن أبي طالب سلام الله عليه :
ص  هـر الـنبي فذاك الله iiاكرمه      إذ اصـطفاه وذاك الص هر iiمدخر
لا  يـسلم الـقرن مـنه إن ألم iiبه      ولا  ي هـاب وإن أعـداؤه كثروا
مـن  رام صـولته أتـت iiمـنيته      لا يدفع الثكل عن أقرانه الحذر (1)

**************************************************************
(1) مناقب آل أبي طالب 2 : 93 .

اشعار النساء المؤمنات   ـ 102 ـ
(26) حورية
  أُم حكيم بنت خالد الكنانية
  زوجة عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب ، اسمها حورية ، ولكنها اشتهرت ببنت خالد الكنانية .
  لما أمر معاوية بن أبي سفيان بسر بن أرطأة بقتل شيعة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ، أغار بسر على مكة والمدينة وقتل فيها أعداداً كثيرة . ثم توجه إلى صنعاء اليمن ، وكان الحاكم فيها من قبل أمير المؤمنين عليه السلام هو عبيد الله بن عباس ، فأحس بأنه لا يقوى على مقاومة بسر فخرج منها ، ودخلها بسر لعنة الله عليه وقتل عدداً من أهلها ، وكان ممن قتلهم سليمان وداود ابني عبيد الله بن عباس حيث كانا صغيرين فذبحهما وقطع رأسيهما كما يذبح الكبش .
  فخرجت اُم حكيم مع جماعة من نساء قبيلتها باكيات معولات فدعت اُم حكيم بالويل على بسر ، وقالت : تريقون دماء الرجال لقولكم أنهم مقصرون ، فما ذنب الصغار ؟ ولا يوجد من فعل فعلتكم هذه في الجاهلية .
  فقال بسر : والله لهممت أن أضع فيكن السيف واقتلكن جميعاً .
  قالت اُم حكيم : والله إن قتلتنا أحب إلينا مما فعلت بنا وانتدبت قائلة :
هـامن  أحـس بـابني اللذين iiهما      كالدرتين تشظى (1) عنهما الصدف

**************************************************************
(1) تشظى الشيء : إذا تطاير شظايا ، وقال كالدرتين تشظى عنهما الهدف . الصحاح 6 : 2392 (تشظى ) .

اشعار النساء المؤمنات   ـ 103 ـ
هـامن  أحـس بـابني الذين iiهما      سـمعي وقلبي فقلبي اليوم iiمختطف
هـامن  أحـس بـابني الذين iiهما      مخ العظام فمخي اليوم مزدهف (1)
نـبئت بسراً وما صدقت ما iiزعموا      من قيل هم ومن الافك الذي iiاقترفوا
أنـحى  عـلى ودجي ابني iiمرهفة      مـشحوذة  وكـذاك الإثـم iiيقترف
مـن  دل وال هـة حـرى iiمسلبة      على  صبيين ضلا إذ مضى السلف
  وقد دعا أمير المؤمنين عليه السلام على بسر وكان فيما دعا به (اللهم لا تمته حتى تسلبه عقله ) ، فلم يلبث إلا يسيراً حتى وسوس وذهب عقله ، فكان يهذي بالسيف ويقول : أعطوني سيفاً أقتل به ، لا يزال يردد ذلك ، فاُتخذ له سيفاً من خشب ، وكانوا يدنون منه المرفقة فلا يزل يضربها حتى يصرع ويغشى عليه ، وكان يضرب على الزق المنفوخ حتى ينتثر ، فلبث كذلك إلى أن هلك لعنه الله .
  وكان بسر مع معاوية بن أبي سفيان في صفين ، فطلب مبارزة الإمام علي عليه السلام ، فلما علاه علي عليه السلام بالسيف وأيقن أن حتفه في تلك الضربة أبدى سوأته ، كما فعل ذلك عمرو بن العاص قبله ، فتركه الإمام علي سلام الله عليه .
  وقد أولع الشعراء بذم هذا الفعل الخسيس الذي يدل على جبن وعدم حياء

**************************************************************
(1) اُزْهفَ الشيء وازدهف : أي ذهب به ، الصحاح 4 : 1371 (زهف ) .

اشعار النساء المؤمنات   ـ 104 ـ
  فاعله ، فقالت الحارث بن النضر السهمي من شعراء ذلك الوقت :
أفـي  كل يوم فارس ليس iiينتهي      وعـورته  تـحت العجاجة iiبادية
يـكف ب هـا عـنه علي iiسنانه      ويضحك من ها في الخلاء معاويه
بـدت أمس من عمرو فقنع iiرأسه      وعـورة  بـسر مثلها حذو حاذيه
فـقولا لـعمرو ثم بسر ألا iiانظرا      سـبيلكما  لا تـلقيا الـليث iiثانيه
ولا  تـحمدا إلا الـحيا وخصاكما      هـما  كـانتا والله لـلنفس iiواقيه
فـلولا  هـما لم تنجوا من iiسنانه      وتـلك بما في ها عن العود iiناهيه
مـتى تلقيا الخيل المشيحة iiصبحة      وفـيها عـلي فاتركا الخيل iiناحيه
وكـونا  بعيداً حيث لا تدرك iiالقنا      نـحوركما إن الـتجارب iiكـافيه
وإن كان منه بعد في النفس iiحاجة      فـعودا إلـى ما شئتما هي iiماهيه

اشعار النساء المؤمنات   ـ 105 ـ
  وقال الامير أبو فراس الحمداني :
ولا خير في دفع الردى بمذلة      كما ردها يوماً بسوأته iiعمرو
  وقال ابن منير الطرابلسي :
بـطلّ بـسوءته iiيقا      تل لا بصارمه الذكر
  وقال السيد محسن الأمين من قصيدة له :
لا قـاه عـمرو والأسنة iiشرع      لـقيا الـحمامة للعقاب iiالكاسر
وتـلاه  بـسر ثـم ما iiنجاهما      منه  سوا فعل الخسيس iiالغادر
فـثنى حـياء عنهما وعفا iiولم      يرهقهما عفو الكريم القادر (1)

**************************************************************
(1) معادن الجواهر ونزهة الخواطر 1 : 360 .

اشعار النساء المؤمنات   ـ 106 ـ
(27) درة العلماء
  هي العالمة الفاضلة ، الكاملة الواعظة ، القارئة العابدة الزاهدة ، ذات الأخلاق الملكية ، والصفات القدسية ، الشهيرة بـ (خانم قراءت ) ، والملقبة بالحزينة ـ لها أشعار باللغة العربية واُخرى بالفارسية ، ولها أشعار جمعت فيها اللغتين العربية والفارسية ، وأكثر شعرها في مدح النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام ، ولها اشعار كثيرة في الحكم والمواعظ .
  ولها ديوان شعر طبع في طهران سنة 1332 هـ ، ذكره الشيخ الطهراني في الذريعة (1) .
  ومن شعرها : قالت تصف النبي صلى الله عليه وآله ، والأئمة عليهم السلام :
خـليلي  الا تدنو إلى عين iiرائق      تــرو بـكأس سـائغ iiمـتورد
وارحـل  بهذا الدار وابغ iiمنازلاً      رفـيعاً  وسـيعاً زاكـياً ذا iiتسدد
وجالس مع الأبرار واذكر هنا لهم      حـديث  حـبيب مـشفق iiمتودد

**************************************************************
(1) الذريعة 9 | 1 : 235 رقم 1432 .

اشعار النساء المؤمنات   ـ 107 ـ
فـطيب  لـنا نـفساً لـذكر iiنواله      وفـرج  بـنا هـما بـبشر iiمجدد
هو الأصل في الايجاد والكل فرعه      بـمـولده  كـان الـصفي iiمـولد
فـأحمد  إن كـان ابن آدم iiصورة      وبـالصدق مـعنى آدم بـن محمد
هـو  العلم المأثور في ظلم iiالدجى      هـو  العمد الممدود في كل مرصد
هو  الكوكب الدري في وسط السما      به  من معضلات الغواشي iiلنهتدي
هو الأمن والايمان والكهف والهدى      و هـذا هـو الـدين القويم iiالمؤيد
وعـتـرته خـير الـبرية iiكـلها      هـم  العروة الوثقى وقصر iiالمشيد
ب هـم فـتح الله الامور بأسر iiها      عـلى الـخلق طـراً ظلهم iiمتمدد
فهم حجج الرحمن قدما على الورى      وفـي هـم كتاب الله بالحق iiيشهد
مـعاندهم لو كانت الأرض كل iiها      لـه  ذهـباً مـلآى بـذاك ليفتدي

اشعار النساء المؤمنات   ـ 108 ـ
وشـيعتهم  يوم القيامة حول iiهم      عـلى سـرر مستبشرين iiمروّد
لهم  كل ما تشهي النفوس iiوكلما      تـلذ  به الأبصار في كل iiمورد
يـقولون : أتـمم ربـنا نـوراً      فـإنا  لـهذا الـيوم كـنا iiنزود
مـلائـكة يـستقبلون iiقـدومهم      يـرونهم مـن طـيبين iiالممجد
يـقولون لما ينظرون بوجه iiهم      : سـلامٌ عليكم فادخلو ها iiمخلد
فـلا تمسكن إلا بحبل ولائ iiهم      ولا تـدخرن عن باب آل iiمحمد
كـفاك بـذكر الآل فخراً iiونعمة      (حزينة ) قومي واشكري وتهجد
  وقالت في وصف الأئمة الأنثي عشر عليهم السلام :
يـا  خلي البال قد حرت الفكر      صم عن غيرك سمعي والبصر
هـجت  نار الحب في iiوجنتنا      لـن  لـنا قـلباً قسياً iiكالحجر

اشعار النساء المؤمنات   ـ 109 ـ
ارجـع  الـنضرة فـينا iiمقبلاً      لا  تـركنا لـهشيم الـمحتضر
لـيس يـنجيني مـن الغم iiسوا      أجـل  جـاء وأمـر قـد iiقدر
ضجت  النفس من الموت iiأسى      قـلتها  كوني كمن يهوى iiالسفر
إنـما  فـيها نـزلنا iiعـابرين      لـيست الـدنيا لـنا دار iiمـقر
مـضت الـناس عـلى iiقنظرة      أنـت تـمضين علي ها iiبحذر
لا مـناص الـيوم مـما iiنزلت      فـتـنادين بـها أيـن iiالـمفر
فـامسكي  بالعروة الوثقى iiالتي      إن تـمسكت ب ها تلقي iiالظفر
سـادة قد طابت الأرض ب iiهم      حيث ما ينحون من رجس طهر
في  دجى الليل الغواشي iiالمظلم      بـعضهم  شمس وبعض كالقمر
فـي سماء المجد أبدوا iiمشرقين      أنـجم تـعداد هـا أثـنا iiعشر

اشعار النساء المؤمنات   ـ 110 ـ
هـم أمـان الـخلق طراً iiكلما      غـاب  نـجم منهم نجم iiزهر
هـم  عماد الدين أنوار iiالهدى      مـن  تولاهم نجا من كل iiشر
هـم ولاة الأمر بعد المصطفى      بـولا  هـم كـل ذنب iiيغتفر
عن صراط الحق من شايع iiهم      عاجلاً  س هلاً بلا خوف عبر
خـاتم  فـيهم كـختم iiالأنبياء      مـعلن  الـحق وقـتال iiالكفر
هـو حـبل الله iiلـلمعتصمين      لـعدو الله سـيف مـشت هر
سيدي  قد ذاب قلبي في iiهواك      لا  تـدعني إن دائي ذو iiخطر
أنت حصن الله يا كهف الورى      آيــة  الله وذكـرى iiلـلبشر
مـوتـنا  فـيك حـياة iiدائـم      وتـوريك  مـن الـموت أمر
فـمتى  تـظ هـر يـا iiسيدنا      أم مـتى يـبدو لنا منك iiالأثر

اشعار النساء المؤمنات   ـ 111 ـ
لست  إن أرجوا صريخا iiغيركم      فـي اُمـوري ولـيوم iiالمنتشر
فـبـحق  الـسادة iiالـمنتجبين      رب لا تـهتك عبيوبي المتستتر
بـيننا  فـاجمع وايـا هـم iiإذا      دنـت الآجـال مـنا iiوحـضر
(يا حزينة ) اصبري واستبشري      إن تُـسرين لـيوم قـد iiعـسر
  وقالت تشكو زمانها وترك الأهل والأحبة لها وسبب تسميتها بالحزينة :
ألا يا نديمي خلني في غلا iiصدري      ألم تر سيل الدمع من مقلتي يجري
إلـى الله أشكو ما أرى من iiأحبتي      لـياليّ تمضي في الكآبة بالس iiهر
يـهينونني  كـالقاف حين iiتنزلت      وقد  كنت كالباء المرفع في iiالحفر
أبـيت  وأمسي بين أ هلي iiغريبة      ودار أبي لي صار كالبدو في القفر
فـكم جـئتهم حـباً لـهم iiوكرامة      وكم  رفضوني في الشدائد iiوالغمر

اشعار النساء المؤمنات   ـ 112 ـ
فـكم مـن بـليات أرى من جفائ iiهم      وكـم  مـصيبات يـقل ل ها صبري
فـكم مـن ن هـار ما تفرغت iiساعة      وكـم مـن لـيال ما رقدت الى الفجر
وإن  مـدت الأيـدي إلـي هم iiبحاجة      يـدي دون أيـدي هم ترد إلى iiنحري
بـلا ج هـة مـن غير أني أحب iiهم      وداد غـنـى لا عـن تـملقة iiالـفقر
وإنــي  بـحمد الله ذات iiاسـتطاعة      ولـكن  مـن هجرانهم كسروا iiظهري
لـداهيتي  سـميت نـفسي (حزينة ii)      سـموم  بـليات أذوق مـدى د iiهري
تـلامـذتي  إن تـسـألني iiعـبـارة      لـكثرة أشـجاني اُجـيب بـلا iiأدري
وكـنت فـي غـور من العلم iiخائضة      خوض الحضيض لوجه الدر في البحر
فـربي  كـفيل فـي الامـور جميعها      عـلـيه  تـوكلت وفـوضته أمـري

اشعار النساء المؤمنات   ـ 113 ـ
  وقالت أيضا :
يـا  ذلـة بـعد عز كنت فيه iiمدى      سنين  أعوام دهري ليت ما iiمضت
اضـحت دويـراي أيـاماً قـلائلة      من بعد ما ضحكت يا طول ما بكت
  وقالت أيضا :
يـا قرحة ثقبت قلبي وليس iiلها      مـعالج  يـتداوا هـا iiومـلتئم
حتى الممات بأحشائي iiجراحتها      داء يؤلم روحي وهو مكتتم (1)

**************************************************************
(1) تراجم النساء 2 : 72 .

اشعار النساء المؤمنات   ـ 114 ـ
(28) دعد الكيالي
  شاعرة فلسطينية ، كرست اعمالها الأدبية للنكبة ، وغنت لفلسطين في معظم شعرها ، وفي عام 1946 م زارت مدينة النجف الأشرف ، ونظمت فيها قصيدة رائعة ، قرنت فيها بين ضيعة القدس ومأساة الطفوف ، مستلهمة من كربلاء صمود الحسين عليه السلام وتضحيته ، وقد نشرت هذه القصيدة مؤخراً مجلة الموسم الفصلية في عددها الثالث عشر الصادر في عام 1413 هـ * 1992 م ، حيث تقول فيها :
يـا فـتاة الـعرب إبكي iiواندبي      يـوم عاشوراء واستبكي iiونوحي
كـربلا أي مـآس هـجت iiلـي      فـغدا قـلبي كالطير الذبيح . ii.!
كـربـلا أي دمــاء iiأهـرقت      فـوق كثبانك يا مهد جروحي ii.!
كـربلا يـا آهـة الـشعر ويـا      دمـعة الـفن ويـا أنـة iiروحي
جـئت أسـعى بـحنين iiظـامئ      لـثرى  جـدي تخفيني iiمسحوي
رحـت  أبـكي بـذ هول خاشع      وأنـاجي مـن بـذياك iiالضريح
جـئت  يـا جـداه أسـعى iiوأنا      مـثل  نـسر تاعس الجد iiالعثور
جـئت يـا جـداه أذري iiدمـعة      دمـعة المظلم يدعو وا ثبوري .!
جـئت أبـكي وطـناً ضاع iiولم      ار مـن يـفديه إلا بالشمور . .!
كـلـهم يـهتف فـليحيى iiوقـد      صار  واموتاه من أهل القبور ii.!
ضـاع من عرب وهم في iiلهوهم      يضربون الطبل لا طبل النفير .!
لـيتني  يـا جـد قـدمت iiولـم      أر مـسرى جـدنا ملك الي iiهود
لـيتني  يـا جـد قـدمت iiولـم      أر قـومي عـيشهم عيش iiالعبيد
يـرتضون الـذل يـا جـد iiكأن      لم تمت في ساحة الحق الشهيد ii.!
مـت حـر الراي لم تخضع iiلما      يـخفض الـهامة يا خير iiالجدود
حـرموك الـماء يـا جـد iiفـلم      يـنل الـحرمان من عزم iiالحديد
قـتـلوا  ولـدك يـا جـد فـلم      يـنل الـقتل مـن البأس iiالشديد
كـلـهم  كـان شـجاعاً بـاسلاً      لـم يـطق صبراً على ظلم iiيزيد
قـتلوا  ؟ لا . انـهم أحـياء iiفي      جـنـة الـخلد بـأمن iiوسـعود
غـلبوا  ؟ لا إنـهم لـم يـغلبوا      كـيف يا جد وهم أسد الأسود ii!!
إنـهم قـد نـصروا الـحق iiوما      مـات  من مات فدى الحق iiالتليد
لـيـتنا  مـتنا فـدى iiأوطـاننا      لـيـتنا  لـم نـخدر iiبـالوعود
لـيـتنا يـا جـد ثـرنا iiمـثلما      ثـرت قدماً بالضبا لا بالقصيد .!
ش  هــد الله بـأنـي iiوأنــا      أبـدع الـشعر وأشـدو لـلخلود

اشعار النساء المؤمنات   ـ 115 ـ
قـد كـر هت الشعر والنثر iiمعاً      وعشقت النار في جوف الحديد !
لـيتني  نـار عـصوف iiتمحق      الظلم  والطغيان من هذا iiالوجود
لـيـتـني قـنـبـلة iiذريــة      فأريح الكون من شر الي هود ii.!
لـيتني  لـكنني يـا جـد فـي      عـزلتي يـرهقني ثـقل iiالقيود
  ***
جـئت أستوحي ضريحاً طا iiهراً      وبـقلبي ذكـرة الماضي iiالأسيف
وعـلـى  خـدي دمـع iiنـاطق      بـشجوني آه مـن دمع ذريف .!
ثـم ودعـت وروحـي ذا iiهـل      وعلى ثغري صدى الروح اللهيف
آه يـا ذكـرى فـؤاد ذاب iiمـن      ضـيعة الـقدس ومأساة iiالطفوف
إيـه  يـا مـن ألـهمتني iiمبدئي      إيـه  يا بنت الرزايا iiوالصروف
أفـهمي الأعـراب أن الـحق iiلا      شيء  يعليه سوى الحرب iiالعنيف

اشعار النساء المؤمنات   ـ 116 ـ
(29) الرباب بنت امرئ القيس
  الرباب بنت امرئ القيس بن عدي بن أوس بن جابر بن كعب بن عليم بن هبل بن عبد الله بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة ابن ثور بن كلب ، هكذا ذكر نسبها ابن سعد في الطبقات (1) .
  وقال السيد محسن الأمين في الأعيان نقلا عن نسمة السحر : الرباب بنت امرئ القيس بن عدي بن أوس بن جابر بن كعب بن حليم بن خباب بن كلب الكلبية (2) .
  وقال أبو الفرج الأصفهاني في الأغاني : الرباب بنت امرئ القيس بن جابر بن كعب بن علي بن وبرة بن ثعلبة بن عمران بن الحاف بن قضاعة (3) .
  واُمها هند الهنود بنت الربيع بن مسعود بن مصادف بن حصن بن كعب ، وفي الأغاني : امها هند بنت الربيع بن مسعود بن مروان بن حصين بن كعب بن عليم بن كليب (4) .
  وهي زوجة سيد الشهداء الحسين بن علي بن أبي طالب سلام الله عليه ، وقال أبو الفرج الأصفهاني : قال هشام بن الكلبي : كانت الرباب من خيار النساء وأفضلهن (5) .

**************************************************************
(1) الطبقات الكبرى : ترجمة الإمام الحسين عليه السلام المطبوعة في نشرة تراثنا 10 : 187 .
(2) أعيان الشيعة 6 : 449 .
(3) الأغاني 16 : 139 .
(4) الأغاني 16 : 139 .
(5) الأغاني 16 : 141 .

اشعار النساء المؤمنات   ـ 117 ـ
  وفي أعيان الشيعة نقلا عن نسمة السحر : كانت الرباب من خيار النساء جمالاً وأدباً وعقلاً ، أسلم أبوها في خلافة عمر ، وكان نصرانياً من عرب الشام ، فولاه عمر على قومه من قضاعة ، وما أمسى حتى خطب إليه علي بن أبي طالب عليه السلام ابنته الرباب لابنه الحسين عليه السلام فزوجه إياها (1) .
  وفي الأغاني : خطب علي بناته له ولولديه الحسنين ، فقال : أنكحتك يا علي المحياة ابنتي ، وأنكحتك يا حسن سلمى ، وانحكتك يا حسين الرباب ، فولدت الرباب للحسين سكينة عقيلة قريش وعبد الله الذي قتل يوم الطف واُمه تنظر إليه (2) .
  وأحب الحسين عليه السلام زوجته الرباب حباً شديداً ، وكان معجباً بها يقول فيها الشعر ، وما قاله فيها وفي بنته سكينة :
لـعمرك  انـني لاُحب iiداراً      تحل  ب ها سكينة iiوالرباب
احـبهما  وأبـذل جل iiمالي      ولـيس لـلائمي فيها iiعتاب
ولست لهم وإن عتبوا iiمطيعا      حياتي أو يعليني التراب (3)
  وفي تاج العروس : قال الحسين عليه السلام في الرباب :
أحـب لـحبها زيداً iiجميعاً      ونـتلة  كلها وبني iiالرباب
أخـوالاً  ل ها من آل iiلامٍ      أحبهم وطرّ بني جناب (4)

**************************************************************
(1) أعيان الشيعة 6 : 449 .
(2) الأغاني 16 : 141 ، جمهرة أنساب العرب : 457 .
(3) الأغاني 16 : 139 ، البداية والنهاية 8 : 209 ، تذكرة الخواص : 233 ، شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام 13 : 14 ، الفصول المهمة : 183 .
(4) تاج العروس 1 : 236 (ربب ) .

اشعار النساء المؤمنات   ـ 118 ـ
  ولما استشهد الحسين سلام الله عليه في أرض كربلاء وجدت عليه الرباب وجداً شديداً ، حتى أنها أقامت على قبره سنة كاملة ثم انصرفت (1) .
  وفي تذكرة الخواص : أن الرباب بنت امرئ القيس زوجة الحسين أخذت الرأس ووضعته في حجرها وقبلته وقالت :
واحـسينا  فـلا نسيت حسيناً      أقـصـدته  أسـنة iiالأعـداء
غـادروه بـكربلاء iiصـريعاً      لا سقى الله جانبي كربلاء (2)
  ومما قالته في رثائه عليه السلام :
إن الـذي كـان نوراً يستضاء iiبه      بـكربلاء  قـتيل غـير iiمـدفون
سـبط الـنبي جـزاك الله صالحة      عـنا  وجـنبت خسران iiالموازين
قـد كـنت لي جبلاً صعباً ألوذ iiبه      وكـنت  تـصحبنا بالرحم iiوالدين
مــن لـليتامى ومـن لـلسائلين      يـغني ويـؤوي إلـيه كل iiمسكين
والله  لا أبـتغي صـهراً بصهركم      حتى اُغيب بين الرمل والطين (3)

**************************************************************
(1) البداية والنهاية 8 : 209 .
(2) تذكرة الخواص 233 ، منتهى الآمال 1 : 463 .
(3) الأغاني 16 : 141 ، منتهى الآمال 1 : 335 ، أعلام النساء 1 : 439 .

اشعار النساء المؤمنات   ـ 119 ـ
  وكان قد خطبها بعد استشهاد الإمام الحسين عليه السلام خلق كثير من الاشراف ، فقالت : ما كنت لأتخذ حمواً بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ، فو الله لا يؤويني ورجلاً بعد الحسين سقف أبداً .
  وقال الشيخ المامقاني في التنقيح يعتمد على روايتها غاية الاعتماد (1) .

**************************************************************
(1) تنقيح المقال 3 : 78 .

اشعار النساء المؤمنات   ـ 120 ـ
(30) زينب الكبرى
  بنت أمير المؤمنين وسيد الموحدين علي بن أبي طالب سلام الله عليه .
  اُمها سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين ، الطهر الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام بنت فخر الاُمة وسيدها ونبيها محمد صلى الله عليه وآله وسلم .
  وهي الصديقة الصغرى ، عقيلة بني هاشم ، العالمة غير المعلمة ، والفهمة غير المفهمة ، عاقلة لبيبة جزلة ، وكانت في فصاحتها وزهدها وعبادتها كأبيها المرتضى وامها الزهراء سلام الله عليها ، وامتازت بمحاسنها الكثيرة ، وأوصافها الجليلة ، وخصالها الحميدة ومفاخرها البارزة ، وفضائلها الطاهرة .
  ولدت سلام الله عليها قبل وفاة جدها صلى الله عليه وآله وسلم بخمس سنين ، وتزوجت من ابن عمها عبد الله بن جعفر ، فولدت له محمداً وعلياً وعباساًً واُم كلثوم وعوناً .
  حدثت عن اُمها فاطمة الزهراء سلام الله عليها ، وأسماء بنت عميس ، وروى عنها محمد بن عمرو ، وعطاء بن السائب ، وفاطمة بنت الحسين عليه السلام ، وجابر بن عبد الله الانصاري ، وعباد العامري .
  عرفت سلام الله عليها بكثرة العبادة والتهجد ، شأنها في ذلك شأن أبيها وامها وجدها ، وشأن أهل البيت جميعاً عليهم السلام ، وينقل عن الإمام زين العابدين عليه السلام قوله : (ما رأيت عمتي تصلي الليل من جلوس إلا ليلة الحادي عشر ) .
  أي أنها سلام الله عليها ما تركت تهجدها وعبادتها المستحبة حتى

اشعار النساء المؤمنات   ـ 121 ـ
  في تلك الليلة الحزينة التي فقدت فيها الأعزة والأحبة ، ولاقت ما لاقت في ذلك اليوم من مصائب ، حتى أن الحسين عليه السلام عندما ودع عياله وداعه الأخير يوم عاشوراء قال لها : (يا اُختاه لا تنسيني في نافلة الليل ) .
  ولسنا بصدد ترجمة حياة السيدة زينب سلام الله عليها ، فإن ذلك خارج عن هدف وضع هذا الكتيب ، ويتطلب تأليف كتاب مستقل كما فعل غير واحد من الكتّاب ، بل عرفنا بها سلام الله عليها طبقاً للمنهج الذي سرنا عليه ، وهو ايراد تعريف بسيط للشاعرة التي نوردها هنا .
  وللعقيلة سلام الله عليها شأن أسمى من الشعر وأرفع من الأدب فهي العالمة غير المعلمة ، والتي تفسر القرآن الكريم لجماعة النسوة ، ولها مجلس خاص لتعليم الفقه ، لكن مأساة كربلاء وما تلاها من مشاهد الحزن والأسى جعلتها تنفس عن آلامها برثاء أخيها الشهيد ، ولعلها كانت تستهدف بهذه المراثي غاية أهم من الرثاء ، وهي تعرية الظالمين والنيل منهم والتحريض عليهم .
  قالت سلام الله عليها لما رأت رأس الحسين عليه السلام :
يـا هلالاً لما استتم iiكمالا      غاله  خسفه فأبدى iiغروبا
ما توهمت يا شقيق فؤادي      كان هذا مقدراً مكتوبا (1)ii
  ولها عليها السلام في رثائه عليه السلام :
عـلى  الطف السلام iiوساكنيه      وروح  الله فـي تـلك القباب
نفوس قدست في الأرض قدسا      وقد  خلقت من النطف iiالعذاب
مـضاجع فـتية عبدوا iiفناموا      هـجوداً  في الفدافد iiوالروابي

**************************************************************
(1) زينب الكبرى : 110 .

اشعار النساء المؤمنات   ـ 122 ـ
علت هم في مضاجع هم كعاب      بــاردان مـنـعمة iiرطـاب
وصيرت القبور ل هم iiقصورا      مـناخاً  ذات أفنية رحاب (1)ii
  وقالت بعد خطبتها المشهورة في الكوفة :
مـاذا تـقولون إذ قـال الـنبي iiلكم      مـاذا  صـنعتم وأنـتم آخـر iiالاُمم
بـأ هـل بـيتي وأولادي iiوتكرمتي      مـنهم  اُسـارى ومنهم ضرجوا iiبدم
مـا  كان ذاك جزائي إذ نصحت لكم      أن تـخلفوني بسوء في ذوي iiرحمي
إنـي لأخـشى عـليكم أن يحل iiبكم      مثل العذاب الذي أودى على إرم (2)
  وقد نسبت مثل هذه الأبيات إلى احدى بنات عقيل بن أبي طالب .
  وقالت سلام الله عليها بعد أن رأت رأس الحسين عليه السلام :
اتـشهرونا فـي الـبرية iiعنوة      ووالـدنا  أوحـى إلـيه iiجليل
كـفرتم بـرب العرش ثم iiنبيه      كأن لم يجئكم في الزمان رسول

**************************************************************
(1) أدب الطف 1 : 236 .
(2) أدب الطف 1 : 236 .

اشعار النساء المؤمنات   ـ 123 ـ
لـحاكم إلـه الـعرش يا شر iiأمة      لكم في لظى يوم المعاد عويل (1)

**************************************************************
الاحتجاج 2 : 31 .

اشعار النساء المؤمنات   ـ 124 ـ
(31) السيدة سكينة
(1)
  بنت أبي عبد الله الإمام الحسين عليه السلام
  أمها الرباب بنت امرئ القيس بن عدي القضاعي .
  وهي الشريفة الطاهرة المطهرة ، والزهرة الباسمة الناظرة ، كانت سيدة نساء عصرها ، وأحسنهن اخلاقاً ، ذات بيان وفصاحة ، ولها السيرة الجميلة ، والكرم الوافر ، والعقل التام ، تتصف بنبل الفعال ، وجميل الخصال ، وطيب الشمائل .
  وكانت ذات عبادة وزهد ، يقول عنها الإمام الحسين عليه السلام :
  (وأما سكينة فغالب عليها الاستغراق مع الله ، فلا تصلح لرجل ) .
  وكان الامام الحسين عليه السلام يحبها حباً شديداً ، ويقول فيها وفي اُمها الرباب الشعر ، قال :
لـعمرك  انني لاحب iiداراً      تـحل بها سكينة iiوالرباب
أحـبهما  وابذل جل iiمالي      وليس للائمي في ها عتاب

**************************************************************
(1) انظري ترجمتها في : ابصار العين في انصار الحسين عليه السلام : 36 ، اُسد الغابة 5 : 521 ، الأعلام للزركلي 3 : 106 نقلاً عن ( المجد 438 ونسب قريش : 59 والمصارع : 272 وخطط مبارك 2 : 60 وفهرس دار الكتاب 8 : 252 ) أعلام النساء 2 : 202 ، أعيان الشيعة 7 : 254 ، الأغاني 16 : 165 ، أمالي الزجاج : 169 ، بحار الانوار 10 : 223 ، البداية والنهاية 8 : 210 ، تاريخ الخميس 1 : 300 تظلم الزهراء ( ع ) : 224 ، تنقيح المقال 3 : 80 ، جنة المأوى : 232 ، رياحين الشريعة 3 : 256 ، رياض العلماء 5 : 410 ، شذرات الذهب 1 : 154 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 20 : 153 ، العقد الفريد 5 : 155 و 159 و 6 : 218 ، كشف الغمة 2 : 38 ، الكنى والألقاب 2 : 424 ، مثير الأحزان : 104 وفيات الأعيان 2 : 394 .

اشعار النساء المؤمنات   ـ 125 ـ
ولست لهم وإن عتبوا iiمطيعاً      حياتي أو يعليني التراب (1)
  ولم نجد من شعرها إلا أبياتاً قليلة قالتها ترثي أباها الحسين عليه السلام ، وهذا يكذب ما نسب إليها من مجالسة الشعراء والتحكيم بينهم فلو كانت بالمستوى الشعري الذي زعموه لملأت الدنيا رياءً لأبيها ، فقد ذكروا أن الخنساء كانت تقول البيت والبيتين وبعد مقتل أخويها بلغت في رثائها الغاية .
  ففي أمالي الزجاج عدة أبيات قالتها سكينة ترثي اباها الحسين عليه السلام :
لا  تـعذليه فـهم قـاطع iiطـرقه      فـعـينه بـدمـوع ذرف iiغـدقة
إن الـحسين غـداة الطف iiيرشقه      ريب المنون فما أن يخطئ iiالحدقة
بـكف  شـر عـباد الله كـل هم      نـسل البغايا وجيش المرق الفسقة
يـا اُمة السوء هاتوا ما iiاحتجاجكم      غـداً وجـلكم بـالسيف قد iiصفقة
الـويل  حـل بـكم إلا بمن لحقه      صـيرتموه لأرمـاح الـعدا iiدرقة
يـا عين فاحتفلي طول الحياة iiدماً      لا  تـبكِ ولداً ولا أ هلاً ولا iiرفقة
لـكن على ابن رسول الله iiفاسكبي      قيحاً ودمعا وفي أثريهما العلقة (2)

**************************************************************
(1) البداية والنهاية 8 : 209 ، تذكرة الخواص 233 ، الفصول المهمة : 183 .
(2) سكينة بنت الحسين عليه السلام للحاج علي دخيل : 20 نقلا عن أمالي الزجاج : 169 .