ولـقد حـققت لـلزوجة قانوناً وعدلاً
ظهر الحق إلى المرأة كالصبح iiالمبين

أي iiوربـي
وفـرضت الـعلم لـلمرأة كيما iiتتعلم
ولكي تترك دنيا الجهل والفكر المحطم

ولـتعدو  تعرف الدين الحقيقي iiوتفهم
جـوهر الإسلام والدين ومعناه iiالثمين

أي iiوربـي
  وقالت رحمها الله :
قسماً  وإن ملئ iiالطريق      بـما  يعيق السير iiقدما
قسماً  وإن ج هد iiالزمد      لـكي يـثبط فيّ iiعزما
أو حاول الدهر iiالخؤون      بـأن يـرش إليّ iiسهما
وتفاعلت شتى الظروف      تـكيل آلامـاً و iiهـما
فتراكمت  سحب الهموم      بـاُفق  فـكري iiفادلهما
لـن أنـثني عما iiاُروم      وإن  عدت قدماي تدمى
كـلا  ولن أدع الج هاد      فـغايتي  أغلى iiوأسمى

اشعار النساء المؤمنات   ـ 27 ـ
  وقالت أيضاً :
أنا  كنت أعلم أن iiدرب      الـحق  بالاشواك iiحافل
خالٍ  من الريحان iiينشر      عـطره بـين iiالجداول
لكنني أقدمت اقفو iiالسير      فـي  خـطو iiالأوائـل
فـلطالما كـان iiالمجاهد      مـفرداً  بـين iiالجحافل
ولـطالما  نـصر iiالإله      جـنوده و هـم iiالقلائل
فالحق  يخلد في iiالوجود      وكـل مـا يعدوه iiزائل
سـأظل أشـدو iiبـاسم      إسلامي وأنكر كل باطل
  وقالت رحمها الله :
اسـلامنا  أنـت iiالحبيب      وكل  صعب فيك س iiهل
ولأجـل دعوتك iiالعزيزة      عـلـقم  الأيـام iiيـحلو
ولم يعل شيء فوق أسمك      فـي  الـدنا فالحق iiيعلو
وتـطبّق  الـدنيا iiمبادئك      الـعظيمة وهـي iiعـدل
وسـينصر  الرحمن iiجند      الـحق  ما ساروا iiوحلوا
وأظـل بـاسمك iiدائـماً      أشـدو فلا أل هو iiوأسلو

اشعار النساء المؤمنات   ـ 28 ـ
  وقالت أيضاً :
غـداً لـنا لا لمبادئ iiالعدى      ولا لافـكار هـم iiالـقاحلة
غـداً لـنا تـزهر في iiأفقه      أمـجادنا  وشـمسهم iiزائلة
غـداً  لـنا إذا تركنا الونى      ولـم  تـعد أرواحنا iiخاملة
غـداً  لـنا إذا عقدنا اللواء      لـديننا في اللحظة ii‍‌الفاصلة
لا  وهن لا تشتيت لا iiفرقة      نـصبح ‌مثل الحلقة iiالكاملة
إذ ذاك لا نـرهب كل iiالدنا      ولا  نـبالي نـكبة iiنـازلة
غـداً  لـنا وما أحيلى iiغداً      كـل  الأماني في غد iiماثلة
إذ  يـنتشر دستور iiاسلامنا      تهدي الورى أفكاره الفاضلة

اشعار النساء المؤمنات   ـ 29 ـ
  وقالت أيضاً :
غـداً لـنا مهما ادعى iiملحد      وارتـحلت مـبادئ iiوافـدة
غـداً لـنا إذا صـمدنا iiولم      نصعف أمام العصبة الجاحدة
فالله  قـد واعـدنا iiنـصره      والـحق لا يخلف من iiواعده
  وقالت في مكان آخر :
سـترتفع  رايـة اسلامنا      نحو الهدى خفاقة iiصاعدة
ويـنتصر  دستور iiقرآننا      رغم أنوف الزمرة الحاقدة
  ولها مقطوعة توجيهية نظمتها رداً على تسمية فتياة الاُمة (رجعيات ) قالت فيها :
(رجعية ) إن قيل عنك ! فلا تبالي واصمدي
قولي  : أنا بنت الرسالة ، من هداها iiاهتدي
لـم يثنني خجلي عن العليا ، ولم يغلل iiيدي

اشعار النساء المؤمنات   ـ 30 ـ
كـلا ولا هـذا الحجاب يعيقني عن iiمقصدي
فغد لنا واُختاه ، فامضي في طريقك واصعدي
والـحق  يـا اُخـتاه يعلو فوق كيد iiالمعتدي
  وقالت رحمها الله تصف ذهابها إلى بيت الله الحرام :
فرصة العمر وأغلى مطلب
تهب  الإنسان أحلى الإرب
  ***
أيـها  الراحل عن iiاوطانه
لاهـيا  عنها وعن iiاخوانه

لا  يـبالي بـجوى iiتحنانه
قـاده  الـشوق إلى iiايمانه

سائراً نحو النعيم iiالمرتجى
في رحاب الله أو قبر النبي
  ***

فرصة العمر وأغلى مطلب
تهب  الإنسان أحلى الإرب
  ***
إيـها  الراحل سر نحو iiالنعيم
نحو  وادي زمزم نحو iiالحطيم

نـحو بيت الله والركن iiالعظيم
في رحاب الله ذي العفو الكريم

نحو سعي الحق أو نحو iiالصفا
واذكــر الله بـقلب iiوجـب

اشعار النساء المؤمنات   ـ 31 ـ
فرصة العمر وأغلى مطلب      تهب  الإنسان أحلى الإرب
  ***
أيها  الراحل قف جنب iiالمقام      حيث إبراهيم قد صلى وصام
ثم  صل في خشوع iiوإحترام      واتجه  في ها إلى رب iiالأنام
واطلب العفو من الرب iiالذي      جـعل الـتوبة عتق iiالمذنب
  ***
فرصة العمر وأغلى مطلب      تهب  الإنسان أحلى الإرب
  ***
أيها الراحل إن جئت الصفا      فـأسع  للمروة تبغي iiشرفاً
وابـتهل  فيها بقلب قد iiهفا      نحو عفو الله اسمى من iiعفا
ثـم قصر بعد سبع iiوأنثني      شـاكراً لـله نـيل iiالطلب
  ***
فرصة العمر وأغلى مطلب      تهب  الإنسان أحلى الإرب
  ***
أيـها الراحل يهنيك iiالمسير      نحو وادي خيبر نحو الغدير

اشعار النساء المؤمنات   ـ 32 ـ
نحو بدرٍ ، أحدٍ ، نحو البشير      نحو  غارٍ في حراء ٍ iiمستنير
بضياء  المرسل الهادي iiالذي      شـع نـوراً في بلاد iiالعرب
  ***
فرصة العمر وأغلى مطلب      تهب  الإنسان أحلى الإرب
  ***
أيـها الـراحل خذ ها iiفرصة      لـك  واغـنم في ذراها iiعبرة
ودع  الـروح لـتمضي iiحرة      فـي  سـماء الحق تبغي iiجنة
عرضها ، طولها كأرض وسما      و  هـي تـحيا بشعور iiعذب
  ***
فرصة العمر وأغلى مطلب      تهب  الإنسان أحلى الإرب
  ***
أي هـا الراحل هذهِ iiعرفات      فاغتنمها  فرصة قبل iiالفوات
واشـغلن  ساعتها iiبالدعوات      واغسل الذنب بسيل العبرات
جـبل  الـرحمة في ها فأته      رحـمة  الله بـقلب iiوجـبِ

اشعار النساء المؤمنات   ـ 33 ـ
فرصة العمر وأغلى مطلب      تهب  الإنسان أحلى الإرب
  ***
ثـم  عند الظهر قفها iiوقفة      تـائباً لـله فـي ها iiتوبة
واسكب الروح عليها عبرة      تغسل  الذنب وتعطى iiجنة
لا يـلقاها سـوا قلب iiنقي      واستقم فيها لوقت iiالمغرب
  ***
فرصة العمر وأغلى مطلب      تهب  الإنسان أحلى الإرب
  ***
أيـها  الـراحل ذي iiمزدلفة      نحوها فاطو الدجى في عرفة
يـذكر  الله ب ها من iiعرفة      تـائباً عـن كـل ما iiاقترفه
لـيس فيها غير أرض iiوسما      وظـلام  وخـشوع مر iiهب
  ***
فرصة العمر وأغلى مطلب      تهب  الإنسان أحلى الإرب
  ***
إنـها  ليلة سعد iiوخشوع      وابت هال ودعاء ودموع

اشعار النساء المؤمنات   ـ 34 ـ
ومناجاة  إلى وقت iiالطلوع      ما اُحيلاها أراض iiوربوع
يـستميل القلب فيها iiراحة      تزدهي من كل زهر طيب
  ***
فرصة العمر وأغلى مطلب      تهب  الإنسان أحلى الإرب
  ***
أيها  الراحل قد نلت iiالمنى      إذ توجهت إلى أرض iiمنى
مسجداً للخيف يعطيك iiالهنا      فـيه  تنسى كل جهد iiوعنا
أيها الراحل ورام الجمرات      فـي  حصا معدودة للطلب
  ***
فرصة العمر وأغلى مطلب      تهب  الإنسان أحلى الإرب
  ***
وتـوجه بـعد هـا iiللكعبة      طف  وصل وابتهل iiللتوبة
ثـم فـأت للصفا iiوالمروة      واشـكر  الله لـهذه النعمة
ثـم  طف فيها طوافاً iiثانياً      ليس من جهد بها أو نصب

اشعار النساء المؤمنات   ـ 35 ـ
فرصة العمر وأغلى مطلب      تهب  الإنسان أحلى الإرب
  ***
وتـوجه بـعد هـا iiللكعبة      طف  وصل وابتهل iiللتوبة
ثـم فـأت للصفا iiوالمروة      واشـكر  الله لـهذه النعمة
ثـم  طف فيها طوافاً iiثانياً      ليس من جهد بها أو نصب
  ***
فرصة العمر وأغلى مطلب      تهب  الإنسان أحلى الإرب
  ***
أي ها الراحل زر تلك الرحاب      وبـقيعاً مـا بـه خير iiالتراب
فـغدت جدرانه تحكي iiالخراب      وانـمحت آثـار ها فهي يباب
وبـه  أربـعة يـرجى ب iiهم      نـيل  عـفو الله يـوم iiالتعب
  ***
فرصة العمر وأغلى مطلب      تهب  الإنسان أحلى الإرب
  وقالت رحمها الله في كتابها (كلمة ودعوة ) :
اُخـتاه  هـيا لـلجهاد iiوللفدا      وإلى نداء الحق في وقت الندا

اشعار النساء المؤمنات   ـ 36 ـ
هيا أجهري في صرخة جبارة      إنـا بـنات مـحمد لن iiنقعدا
إنـا بـنات رسـالة iiقـدسية      حـملت  لنا عزاً تليداً iiأصيداً
  وقالت فيه أيضاً :
إلى المجد يا فتيات ال هدى      لـنحيي  مـآثرنا iiالخالدات
ونـمضي سـوياً إلى iiغاية      لأجل لقا ها ت هون iiالحياة
ونـكتب  تـأريخنا iiناصعاً      مُـضيئاً بأعمالنا البا هرات
فـإما مـقام الـعلى iiنرتقيه      وإمـا قـبوراً تضم الرفات
  وفي يوم 19 جمادى الاولى من عام 1400 هـ ، الموافق 4 | 5 | 1980 م تم اعتقال الشهيد الصدر واُخته العلوية بنت الهدى ، وبعد ثلاثة أو أربعة ايام نفّذ حكم الإعدام بهما رضوان الله تعالى عليهما .
  وبهذا يكون قد أفل نجم المعلمة الكبيرة والمرشدة العظيمة العلوية بنت الهدى ، وفازت برضوان الله وجنات عدنٍ تجري من تحتها الأنهار .

(2) أروى بنت الحارث

  أروى بنت الحارث بن عبد الملطب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي ، ابنة عم رسول الله صلى الله عليه وآله .
  قال ابن سعد في الطبقات : اُمها تخزيه بنت قيس بن طريف بن عبد العزى بن عامر بن عميرة بن وديعة بن الحارث بن فهر .
  تزوجها أبو وداعة بن صبرة بن سعيد بن سعد بن سهم ، فولدت له : المطلب ، وأبا سفيان ، واُم جميل ، واُم حكيم والربعة بني أبي وداعة (1) .
  وهي من ربات الفصاحة والبلاغة والشعر ، كانت أغلظ الوافدات على معاوية بن أبي سفيان ، حيث أسمعته ومن معه كلاماً قارصاً .
  قال ابن طيفور في بلاغات النساء : روى ابن عائشة ، عن حماد بن سلمة ، عن حميد الطويل ، عن أنس بن مالك ، قال : دخلت أورى بنت الحارث بن عبد الملطب على معاوية بن أبي سفيان بالموسم وهي عجوز كبيرة ، فلما رآها قال : مرحباً بك يا عمة .
  قالت : كيف أنت يا ابن أخي ؟ لقد كفرت بعد بالنعمة وأسأت لابن عمّك الصحبة ، وتسميت بغير أسمك ، وأخذت غير حقك ، بغير بلاء كان منك ولا من آبائك في الإسلام (2) ، ولقد كفرتم بما جاء به محمد صلى الله عليه وآله ،

**************************************************************
(1) الطبقات الكبرى 8 : 50 .
(2) في العقد الفريد : من غير دين كان منك ولا من آبائك ، ولا سابقة في الإسلام .

اشعار النساء المؤمنات   ـ 38 ـ
  فأتعس الله منكم الجدود ، واصعر منكم الخدود (1) ، حتى ردّ الله الحق إلى أهله ، وكانت كلمة الله هي العليا ، ونبينا محمد صلى الله عليه وآله هو المنصور على من ناواه ولو كره المشركون .
  فكنا أهل البيت أعظم الناس في الدين حظاً ونصيباً وقدراً ، حتى قبض الله نبيه صلى الله عليه وآله مغفوراً ذنبه ، مرفوعاً درجته ، شريفاً عند الله مرضياً ، فصرنا أهل البيت فيكم بمنزلة قوم موسى من آل فرعون ، يذبحون ابناءهم ، ويستحيون نساءهم ، وصار ابن عم سيد المرسلين فيكم بعد نبينا بمنزلة هارون من موسى ، حيث يقول : يابن اُم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني ، ولم يجتمع بعد رسول الله صلى الله عليه وآله لنا شمل ، ولم يسهل لنا وعر ، وغايتنا الجنة وغايتكم النار .
  قال عمرو العاص : أيتها العجوز الضالة أقصري من قولك ، وغضي من طرفك .
  قالت : ومن أنت لا اُم لك ؟
  قال : عمرو بن العاص .
  قالت : يابن اللخناء النابغة (2) أتكلمني ؟ ! أربع على ضلعك (3) ، وأعن بشأن نفسك ، فوالله ما أنت من قريش في اللباب من حسبها ، ولا كريم منصبها ، ولقد

**************************************************************
(1) في العقد الفريد : فأتعس منكم الجدود ، وأضرع منكم الخدود .
الجَدّ : الحظ والسعادة ، لسان العرب 3 : 108 ( جدد )
أضرع : أذل ، لسان العرب 8 : 221 ( ضرع ) .
(2) في العقد الفريد : النباغة .
قال الطريحي في مجمع البحرين 5 : 16 ( نبغ ) : نبغ الشيء ينبغ نبوغاً : أي ظهر ، ومنه ( ابن النابغة ) لعمرو بن العاص لظهورها وشهرتها في البغي .
علماً بأن أسم اُم عمرو بن العاص هو النابغة من بني عنزة ، كما قاله ابن حجر في الإصابة 3 : 2 .
(3) أربع على ضلعك : أفعل بقدر ما تطيق ، ولا تحمل عليها أكثر مما تطيق ، لسان العرب 8 : 244 (ضلع ) .

اشعار النساء المؤمنات   ـ 39 ـ
  إدعاك ستة من قريش كلهم يزعم أنه أبوك (1) ، ولقد رأيت اُمك ايام منى بمكة مع كل عبد عاهر فأتم بهم فإنك بهم أشبه .
  فقال مروان بن الحكم : أيتها العجوز الضالة ساخ بصرك ، مع ذهاب عقلك فلا تجوز شهادتك .
  قالت : يا بني أتتكلم ؟ ! فوالله لأنت إلى سفيان بن الحارث بن كلدة أشبه منك بالحكم ، وإنك لشبهه في زرقة عينيك وحمرة شعرك ، مع قصر قامته وظاهر دمامته ، ولقد رأيت الحكم ماد القامة ظاهر الامة وسبط الشعر ، وما بينكما من قرابة إلا كقرابة الفرس الظامر من الأتان المقرب ، فاسأل اُمك عما ذكرت لك فإنها تخبرك بشأن ابيك إن صدقت .
  ثم التفتت إلى معاوية فقالت : والله ما عرضني لهؤلاء غيرك ، وان اُمك هذه للقائلة يوم أحد في قتل حمزة رحمه الله :
نَـحـنُ جَـزَيْـناكم بـيوم iiبـدر      والحرب يوم  (2) الحرب ذات سعر
مـا  كـان عن عتبة لي من iiصبر      أبـي وعـمي وأخـي وص iiهري
شـفيت  وحـشي غـليل iiصدري      شـفيت  نـفسي وقـضيت iiنذري
فـشكر  وحـشي عـليّ iiعـمري      حـتى تغيب  (3) أعظمي في قبري
  فأجبتها :
يا بنت رقاعٍ عظيم iiالكفر      خزيت في بدر وغير بدر

**************************************************************
(1) في العقد الفريد : فسألت اُمك عنهم ، فقالت : كلهم أتاني ، فانظروا أشبههم به فألحقوه ، فغلب عليك شبه العاص بن وائل فلحقت به .
(2) في العقد الفريد : بعد .
(3) في العقد الفريد : ترم .
ورمت عظامه : وأرمّت : اذا بليت ، لسان العرب 12 : 253 (رمم ) .

اشعار النساء المؤمنات   ـ 40 ـ
صـبحك  الله قـبيل iiالـفجر      بـالهاشميين الـطوال الز هر
بـكل قـطاع حـسام يـفري      حـمزة  لـيثي وعلي صقري
إذ  رام شـبيب وأبوك iiغدري      أعطيتي وحشي ضمير الصدر
هـتك وحـشي حجاب iiالستر      مـا لـلبغايا بـعدها من iiفخر
  فقال معاوية لمروان وعمرو : ويلكما أنتما عرضتماني لها واسمعتماني ما أكره .
  ثم قال لها معاوية : عفا الله عما سلف ، يا خالة هات حاجتك .
  قالت : مالي أليك حاجة ، وخرجت عنه .
  فقال معاوية لأصحابه : والله لو كلمها من في المجلس جميعاً لأجابت كل واحد بغير ما تجيب به الآخر ، وان نساء بني هاشم لأفصح من رجال غيرهم .
  وبعث لها قبل رحيلها فأكرمها وعادت إلى المدينة .
  وفي رواية قال لها معاوية : يا عمة أقصدي قصد حاجتك ودعي عنك اساطير النساء .
  قالت : تأمر لي بألفي دينار ، وألفي دينار ، وألفي دينار .
  قال : ما تصنعين يا عمة بألفي دينار ؟
  قالت : أتشري بها عيناً خرارة في أرض خوراة (1) ، تكون لولد الحارث بن عبد المطلب .
  قال : نعم الموضع وضعتيها ، فما تصنعين بألفي دينار ؟
  قالت : أزوج بها فتيان عبد المطلب من أكفائهم .
  قال نعم الموضع وضعتيها ، فما تصنعين بألفي دينار ؟

**************************************************************
(1) أرض خوارة : لينة سهلة ، لسان العرب 4 : 262 (خور ) .
والخرارة : عين الماء الجارية ، سميت خرارة لخرير مائها وهو صوته ، لسان العرب 4 : 234 (خرر ) .

اشعار النساء المؤمنات   ـ 41 ـ
  قالت : أستعين بها على عسر المدينة وزيارة بيت الله الحرام .
  قال : نعم الموضع وضعتيها ، هي لك نعم وكرامة .
  ثم قال : أما والله لو كان علي ما أمر لك بها .
  قالت : صدقت ، إن علياً أدى الأمانة ، وعمل بأمر الله وأخذ به .
  وأنت ضيعت أمانتك ، وخنت الله في ماله ، فأعطيت مال الله من لا يستحقه ، وقد فرض الله في كتابه الحقوق لأهلها وبيّنها فلم تأخذ بها ، ودعانا إلى أخذ حقنا الذي فرض الله لنا ، فشُغل بحربك عن وضع الاُمور مواضعها ، وما سألتك من مالك شيئاً فتمن به ، إنما سألتك من حقنا ، ولا نرى أخذ شيء غير حقنا ، أتذكر علياً فض الله فاك ، وأجهد بلاءك ثم علا بكاؤها وقالت :
ألا  يـا عـين ويـحك iiاسعدينا      ألا وابـكـي أمـير iiالـمؤمنينا
رُزيـنا خـير من ركب iiالمطايا      وفـارسها ومـن ركـب iiالسفينا
ومـن  لـبس النعال أو iiاحتذاها      ومـن قـرأ الـمثاني iiوالـمئينا
إذا  اسـتقبلت وجـه أبي iiحسن      رأيـت  الـبدر راع الـناظرينا
ولا والله لا أنــسـى iiعـلـياً      وحـسن  صـلاته في iiالراكعين
أفي الشهر الحرام  (1) فجمعتمونا      بـخير الـناس طُـرا اجـمعينا
  فأمر لها معاوية بستة آلاف دينار ، وقال لها : يا عمة أنفقي هذه في ما تُحبين فإذا احتجتيني فاكتبي إلى إبن أخيك يحسن صفدك (2) ومعونتك إن شاء الله .

**************************************************************
(1) هكذا ورد في المصدر ، والصحيح : شهر الصيام .
(2) الصفد : العطاء ، الصحاح 2 : 498 (صفد ) ، تاج العروس 2 : 400 (صفد ) .

اشعار النساء المؤمنات   ـ 42 ـ
  ومن شعرها قالت ترثي أباها :
عـيني جـودا بـدمع غير iiممنون      إذ أنـهما لا بـدمع الـعين يشفيني
إنـي  نـسيت أبـا أروى iiوذكرته      عـن  غـير مـا بغضة ولا iiهون
ومـال  زال أبيض مكراماً iiلاُسرته      رحب المحاسن في خصب وفي لين
مـن آل عـبد مـنافٍ إن iiمـهلكه      ولـو بقيت رغوب الدهر iiيعصيني
مـن الـذين مـتى ما تغش iiناديهم      تـلقى  الـحضارمة الشم iiالعرانين
  روى ذلك أيضاً ابن عبد ربة ـ في العقد الفريد ـ ضمن الوافدات على معاوية عن العباس بن بكار ، قال : حدثني عبدالله بن سليمان المدني وأبو بكر الهذلي : أن أروى بنت الحارث بن عبد الملطب دخلت على معاوية وهي عجوز ، فلما رآها معاوية قال : مرحباً بك وأهلاً يا عمة ...
  وقال الزركلي في أعلامه : إنها توفيت حدود سنة خمسين هجرية (1) .

**************************************************************
(1) انظري : الأربعين حديثاً لمنتجب الدين ، الحكاية العاشرة ص : 89 ، أعيان الشيعة 3 : 245 ، أعيان النساء : 24 ، أعلام النساء 1 : 29 ، الدر المنثور : 25 ، رياحين الشريعة 3 : 333 ، الأعلام للزركلي 1 : 290 ، بلاغات النساء : 27 ، الإصابة في تمييز الصحابة 4 : 227 ، الطبقات الكبرى لابن سعد 8 : 50 ، العقد الفريد 1 : 357 .

اشعار النساء المؤمنات   ـ 42 ـ
(3) أروى بنت عبد المطلب
(1)
  ابن هاشم ، عمة النبي صلى الله عليه وآله ، كانت فصيحة اللسان بليغة الكلام شاعرة ، وهي صحابية جليلة ، دافعت عن النبي صلى الله عليه وآله ، وكانت تشجع ولدها على اتباع النبي صلى الله عليه وآله .
  قال ابن سعد في الطبقات الكبرى : اُمها فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم .
  وفي الاستيعاب : اختلف في اُم اروى بنت عبد المطلب ، فقيل : اُمها فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن مخزوم ، فلو صح هذا كانت شقيقة عبد الله والزبير وأبي طالب وعبد الكعبة واُم حكيم واميمة وبرة .
  وقيل اُمها صفية بنت جندب بن حجير بن رئاب بن حبيب بن سوأة بن عامر بن صعصعة ، فلو صح هذا كانت شقيقة الحارث بن عبد المطلب . وأهل النسب لا يعرفون لعبد المطلب بنتاً إلا من المخزومية ، إلا صفية وحدها فإنها من الزهرية .
  وفي الطبقات : تزوجها في الجاهلية عمير بن وهب بن عبد مناف بن

**************************************************************
(1) انظري ترجمتها في : اُسد الغابة 5 : 227 ، أعلام النساء 1 : 32 ، أعيان الشيعة 3 : 245 ، أعيان النساء : 28 ، الاستيعاب ( المطبوع بهامش الإصابة ) 4 : 224 ، الاصابة 4 : 22 ، الطبقات الكبرى 8 : 42 ، المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري 4 : 52 ، رياحين الشريعة 3 : 331 ، سيرة ابن هشام 1 : 113 و 114 و 179 .

اشعار النساء المؤمنات   ـ 44 ـ
  قصي ، فولدت له طليباً ، ثم خلف عليها أرطأة بن شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي ، فولدت له فاطمة ، ثم أسلمت أروى بمكة وهاجرت إلى المدينة .
  وروى ابن سعد أيضاً : أن طليب بن عمير أسلم في دار الأرقم بن ابي الأرقم المخزومي ، ثم خرج فدخل على اُمه أروى ، فقال : تبعت محمداً وأسلمت لله .
  فقالت له : إن حق من وازرت وعضدت ابن خالك ، والله لو كنا نقدر على ما يقدر عليه الرجال لتبعناه وذببنا عنه .
  قال : فما يمنعك يا اُمي من أن تسلمي وتتبعيه ، فقد أسلم أخوك حمزة .
  فقالت : انظر ما تصنع أخواتي ثم أكون إحداهن .
  قال : فاني أسألك بالله إلا أتيتيه فسلمت عليه وصدقتيه وشهدت أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله .
  وكانت أروى شاعرة كأخواتها ، ومن شعرها ما رثت به أباها عبد المطلب في حياته ، وذلك أنه جمع بناته في مرضه وهن : أروى ، واُم حكيم البيضاء ، وأميمة ، وبرة ، وصفية ، وعاتكة ، وأمرهن بأن يقلن في حياته ما يردن أن يرثينه بعد وفاته ليسمع ما تريد أن تقول كل واحدة منهن ، فأنشأت كل واحدة منهن في رثائه ، فقالت أروى تبكي أباها :
بـكت عـيني وحق لها البكاء      عـلى سـمح سـجيته iiالحياء
عـلى  سـهل الخليقة iiأبطحي      كـريم الـخيم نـيته iiالـعلاء
على الفياض شيبة ذي iiالمعالي      أبـوه  الـخير لـيس له iiكفاء
طويل الباع أملس شيظمي (1)      أغـر  كـأن غـرته iiضـياء

**************************************************************
(1) الشيظمي : الفتى الجسيم ، الصحاح 5 : 1960 (شظم ) .

اشعار النساء المؤمنات   ـ 45 ـ
أقب (1) الكشح أروع ذي فضول      لــه الـمجد الـمقدم iiوالـسناء
أبـي  الـضيم أبلج هبرزي (2)      قـديم  الـمجد لـيس لـه iiخفاء
ومـعقل مـالك وربـيع ف iiهر      وفـاصلها اذا الـتمس iiالـقضاء
وكـان  هـو الفتى كرماً iiوجوداً      وبـأساً حـين تـنسكب iiالـدماء
إذا هـاب الـكماة الـموت iiحتى      كـأن قـلوب أكـثر هـم iiهواء
مـضى  قـدماً بذي ربدٍ iiخشيب      عـليه حـين تـبصره الب iiهاء
  وقالت ترثي النبي صلى الله عليه وآله :
ألا  يا رسول الله كنت رجاً iiلنا      وكـنت بـنا براً ولم تك iiجافياً
كـأن  عـلى قلبي لذكر iiمحمدٍ      وما خفت من بعد النبي المكاويا

**************************************************************
(1) الأقب : الضامر البطن ، الصحاح 1 : 197 (قبب ) .
(2) هبرزي : هو كل جميل وسيم عند العرب ، الصحاح 2 : 901 (هبرز ) .

اشعار النساء المؤمنات   ـ 46 ـ
(4) أسماء العامرية الأشبيلية
  قال الشيخ ذبيح الله المحلاتي في كتابه (تراجم أعلام النساء ) نقلاً عن كتاب (لسان الميزان ) : كانت أسماء حسنة شيعية ذات شعر ، من شعرها :
عرضنا النصر والفتح المبينا      لـسـيدنا  أمـير iiالـمؤمنيا
إذا  كان الحديث عن iiالمعالي      رأيـت حـديثكم فينا iiشجونا
رويـتـم عـلمه iiفـعلمتموه      وصـنتم  عهده فغدا iiمصونا

**************************************************************
(1) تراجم النساء 1 : 225 .

اشعار النساء المؤمنات   ـ 47 ـ
(5) أسماء القزوينية
  أسماء بنت العلامة الكبير السيد ميرزا صالح ابن العلامة الفقيه السيد مهدي القزويني الحلي .
  تدعى بـ (سومة ) ، وتعرف بـ (الحباية ) ، تكريماً لمقامها الرفيع ومنزلتها الاجتماعية العالية .
  تزوجت ابن عمها الميرزا موسى ابن الميرزا جعفر القزويني ، وأنجبت منه ابنتها ملوك ، والتي كانت أديبة فاضلة ، تأتي ترجمتها في حرف الميم .
  كانت أسماء عالمة ، فاضلة ، أديبة ، شاعرة باللغتين الفصحى والدارجة ، من ربات النفوذ الاجتماعي ، ذات عقل راجح ، ولها منزلة اجتماعية مرموقة ، يحترمها الجميع ، وكلمتها مسموعة وأمرها مطاع عند العشائر العراقية .
  ذكر لها السيد الجواد شبر في كتابه أدب الطف بيتين من الشعر في رثاء الإمام الحسين عليه السلام ، هما :
وإن قـتيلاً قـد قضى حق iiدينه      وزاحـم  فـي سماء همته iiنسرا
فـذاك لـعمري لا توفيه iiأعيني      وإن أصبحت للرزء باكية عبرى
  ثم قال : ولدت في الحلة الفيحاء حدود سنة 1283 هـ ، ونشأت في كنف والدها ، وكان للبيئة من نفسها أثر في بلورة ذهنيتها ، فالاجواء العلمية التي كانت تعيشها والمجالس الأدبية التي تعقد في مناسبات كانت توثر أثرها وتدفع بهذه الحرة للشعر والأدب ، فلا تفوتها النادرة الأدبية ، أو الشاردة المستملحة ، فهي تكتب هذه ، وتحفظ تلك ، وتحدث بالكثير منها .

اشعار النساء المؤمنات   ـ 48 ـ
  ثم ذكر بنتها ملوك قائلاً : كانت تتحدث عن امّها ، وكيف كانت واسطة لحل النزاعات العائلية ، فكثيراً ما قصدت العوائل المتنافرة ، ولطّفت الجو ، وأماتت النزاع والخصام حتى ساد الوئام .
  وتتحدث عن اُمها ومكانتها الأدبية ، وتروي شعرها باللغتين الفصحى والدارجة .
  واشتهر عن أسماء أنها تميزت بشخصية قوية ، وبأسلوب جميل في الحديث ، وكان مجلسها في الحلة عامراً بالمتأدبات وذوات المعرفة .
  اُصيبت بمرض لازمها شهوراً متعددة ، وتوفيت بعد سنة 1342 هـ ، ونقلت بموكب كبير إلى النجف الأشرف لمقرها الأخير ، وأقيمت الفاتحة على روحها الطاهرة صباح مساء ، وسارع الشعراء إلى رثائها .
  وللتدليل على ما روينا نثبت نموذجاً من رسائلها الأدبية ، وهي كثيرة : كتبت إلى صديقة لها تعزيها بوفاة والدتها :
صبراً  على نوب الزمان iiوإنما      شيم الكرام الصبر عند المعضل
لا  تـجزعي مما رُزيت iiبفادح      فالله  عـودك الـجميل iiفأجملي
  خطب نازل ، ومصاب هائل ، ورزية ترعد منها المفاصل ، وتذرف منها الدموع الهوامل ، وينفطر منها الصخر ، ولا يحمد عندها الصبر ، ويشيب منها الوليد ، ولا يفتدى بها بالطارف والتليد ، وعمّت كل قريب وبعيد . غير أن الذي أطفى لهيبها ، وسكن وجيجها التسليم للقدر والقضاء ،

اشعار النساء المؤمنات   ـ 49 ـ
  وانّك الخلف عمن مضى ، فلم تفتقد من أنتِ البقية ، ولم تذهب من فيك شمائلها ، فذكراها بك لم تزل مذكورة ، وكأنها حية غير مقبورة ، فلا طرقت بيتك الطوارق ولا حلّت بساحة ربعك البوائق ، ودمت برغم أنف الحقود ، لانرى فيك إلا ما يغيظ الحسود .
  الداعية العلوية أسماء
  1 رجب المرجب 1322 هـ
  الرسالة الثانية التي كتبتها إلى شقيقها السيد هادي ، لنجاته من حادثة رعناء سنة 1328 هـ ، وكانت يومئذٍ في الحلة وهو في الهندية :
أ ( هادي ) دجى الظلماء بنور جبينه      وأحـسابه  يـجلوه إن أظلم iiالخطب
لـقد أضـرم الاعـداء نار iiحقودهم      وما  علموا في رشح جودك قد iiيخبو
  غمام جود الوافدين إذا أمحل النادي ، وشمس صباح السارين وبدرها ( الهادي ) ، حفظك الله الرحمن من طوارق الأسواء بمحمد ( ص ) وآله النجباء .
  أما بعد ، فنحن بحمد الله المتعال ما زلنا في السرور ، وما نزال ـ سيما بورود حديث فرح من ذوي شرف قديم وخصوص مسرور ـ من ذوي فضل عميم ، يشعر أن الله قد حباك بنعمته الوافية ، وخصك بسلامته الكافية ، ونجاك من هذه الرائعة ، فيالها من قارعة ، فحمدنا الله على ذلك ، وشكرناه على ما هنالك ، وإلا لتركت مقلة المجد عبرى ، ومهجة الفخر حرا ، وأحنيت على وجد منا الضلوع ، ومنعت من عيوننا طيب الهجود والهجوع ، وتمثلنا بقول من قال :

اشعار النساء المؤمنات   ـ 50 ـ
فديت ب ( المحصول ) كي يفتدي      أصـلك مـحفوظاً بـآل iiالرسول
  ثم قال السيد جواد شبر معلقاً على هذه الحادثة :
  وسبب كتابة هذه الرسالة ( كما روى الخطيب السيد محمد رضا في مؤلفه : الخبر والعيان في أحوال الأفاضل والأعيان ص 64 في ترجمة السيد باقر بن السيد هادي المذكور ما نصه ) :
  ان السيد هادي دعاه بعض رؤساء العشائر إلى وليمة ليلاً ، فخرج على فرسه ، تحدق به جريرة من الخيل ، منهم ولده السيد باقر وجماعة من خاصته وخدمه ، وأخوه المرحوم السيد حسن ، وكان الوقت صيفاً ، فانعقد المجلس في الفضاء بجنب المضيف من قصب .
  فبينا الناس قد شغلوا بنصب الموائد ، وإذا بصوت الرصاص يُلعلع من فئة لها ثأر مع صاحب المضيف ، ففزع القوم واضطربوا ، وكان على رأس السيد هادي خادم واقف يقاله له ( محصول ) فأصابته رصاصة فسقط على أثرها قتيلاً ، كما قتل ساقي الماء واُصيب آخرون ، ثم ثار الحي ومن كان مدعوا للوليمة ، فانهزم الغزاة راجعين ، أما السيد هادي فقد ثبت في مكانه لم يتحرك ولم ينذعر .
  وعندما رجع السيد هادي إلى بلاده سجد ولده السيد باقر شكراً لله على سلامة والده ، وكتب من فوره إلى عم أبيه في الفيحاء أبي المعزّ السيد محمد هذين البيتين :