شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (9) :
424 ـ حدّثنا سهل بن محمّد
(1) العطّار ، عن أحمد بن عمرو الدهقان
(2) ، عن محمّد بن كثير ، عن عاصم بن كليب ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال إنَّ رجلاً جاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فشكى إليه الجوع.
فبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى بيوت أزواجه.
فقلن : ما عندنا إلاّ الماء.
فقال (عليه السلام) : ( مَن لهذا الرجل الليلة ؟ ).
فقال علي بن أبي طالب (عليه السلام) : ( أنا يا رسول الله ).
فأتى إلى فاطمة (عليها السلام) فأعلمها.
فقالت : ( ما عندنا إلاّ قوت الصبية ، ولكنّا نؤثر به ضيفنا ).
فقال علي (عليه السلام) : ( نوّمي الصِبية ، وأطفىء السراج ).
فلما أصبح غدا على رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فنزلت هذه الاية :
( وَيُؤثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِم وَلَو كَانَ بِهِم خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفسِهِ فَأُولَئكَ هُمُ المُفلِحُونَ ) (3).
425 ـ حدّثنا أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن كليب بن معاوية الاسدي ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) :
--------------------
(1) أ : محمد بن سهل.
(2) وفي بعض المصادر : الدهان.
(3) تأويل الايات الظاهرة : 653 ـ 654 ط جماعة المدرسين ، و 2 / 678 رقم 4 ط مدرسة الامام المهدي.
تأويل ما نزل من القرآن الكريم فـي النبـي وآلـه صلـى اللّـه عليهـم
_ 395 _
في قوله تعالى : ( وَيُؤثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِم وَلَو كَانَ بِهِم خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفسِهِ فَأُولَئكَ هُمُ المُفلِحُونَ ) ، قال : ( بينا علي عند فاطمة (عليهما السلام) إذ قالت له : يا علي إذهب إلى أبي فابغنا منه شيئاً.
فقال : نعم.
فأتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأعطاه ديناراً وقال له : ياعلي اذهب فابتع (1) به لاهلك طعاماً.
فخرج من عنده ، فلقيه المقداد بن الاسود (رحمه الله) وقاما ما شاء الله أن يقوما وذكر له حاجته ، فأعطاه الدينار وانطلق إلى المسجد ، فوضع رأسه فنام.
فانتظره رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلم يأت ، ثمّ انتظره فلم يأت ، فخرج يدور في المسجد ، فإذا هو بعلي (عليه السلام) نائم في المسجد ، فحرّكه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقعد.
فقال له : يا علي ما صنعت ؟
فقال : يا رسول الله خرجت من عندك فلقيني (2) المقداد بن الاسود فذكر لي ما شاء الله أن يذكر فأعطيته الدينار.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : أما إنّ جبرائيل قد أنبأني بذلك ، وقد أنزل الله فيك كتاباً : ( وَيُؤثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِم وَلَو كَانَ بِهِم خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفسِهِ فَأُولَئكَ هُمُ المُفلِحُونَ ) ) (3).
426 ـ حدّثنا محمّد بن أحمد بن ثابت ، عن القاسم بن إسماعيل ، عن
--------------------
(1) د : فابتغ.
(2) م : فلقيت.
(3) تأويل الايات الظاهرة : 654 ط جماعة المدرسين ، و 2 / 679 رقم 5 ط مدرسة الامام المهدي.
تأويل ما نزل من القرآن الكريم فـي النبـي وآلـه صلـى اللّـه عليهـم
_ 396 _
محمّد بن سنان ، عن سماعة بن مهران ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : ( أُوتي (1) رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمال وحلل ، وأصحابه حوله جلوس ، فقسمه عليهم حتّى لم يبق منه حلّة ولا دينار ، فلمّا فرغ منه جاء رجل من فقراء المهاجرين وكان غائباً ، فلمّا رآه رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : أيُّكم يعطي هذا نصيبه ويؤثره على نفسه ؟
فسمعه علي (عليه السلام) فقال : نصيبي ، فأعطاه إيّاه.
فأخذه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأعطاه الرجل ، ثم قال : يا علي إن الله جعلك سبّاقاً للخير (2) ، سخّاءً بنفسك عن المال ، أنت يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب الظلمة ، والظلمة هم الذين يحسدونك ويبغون عليك ويمنعونك حقك بعدي ) (3).
427 ـ وبالاسناد ، عن القاسم بن إسماعيل ، عن إسماعيل بن أبان ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : ( إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان جالساً ذات يوم ، وأصحابه جلوس حوله ، فجاء علي (عليه السلام) وعليه سمل ثوب منخرق عن بعض جسده ، فجلس قريباً من رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، فنظر إليه ساعة ثم قرأ : ( وَيُؤثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِم وَلَو كَانَ بِهِم خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفسِهِ فَأُولَئكَ هُمُ المُفلِحُونَ ).
ثمّ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعليّ (عليه السلام) : أما إنك رأس الذين نزلت فيهم هذه الاية
--------------------
(1) د : أُتي.
(2) م : سبباً للخير ، وفي بعض المصادر : سباقاً للخيرات.
(3) تأويل الايات الظاهرة : 654 ـ 655 ط جماعة المدرسين ، و 2 / 679 رقم 6 ط مدرسة الامام المهدي.
تأويل ما نزل من القرآن الكريم فـي النبـي وآلـه صلـى اللّـه عليهـم
_ 397 _
وسيدهم وإمامهم.
ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي : أين حلّتك التي كسوتكها يا علي ؟
فقال : يارسول الله إن بعض أصحابك أتاني يشكو (1) عريه وعري أهل بيته ، فرحمته وآثرته بها على نفسي ، وعرفت أن الله سيكسوني خيراً منها.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : صدقت ، أما إن جبرائيل فقد أتاني يحدّثني أن الله قد اتخذ لك مكانها في الجنة حلّة خضراء من استبرق وصبغتها (2) من ياقوت وزبرجد ، فنعم الجواز جواز ربك بسخاوة نفسك وصبرك على سملتك (3) هذه المنخرقة ، فأبشر يا علي.
فانصرف علي فرحاً مستبشراً بما أخبره به رسول الله ) (4).
( ... رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلاِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالاْيمَانِ ... ) (10) :
428 ـ حدّثنا علي بن عبدالله ، عن إبراهيم بن محمّد ، عن يحيى بن صالح ، عن الحسين الاشقر ، عن عيسى بن راشد ، عن أبي بصير ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال :
--------------------
(1) أ : يشتكي.
(2) أ : وصَنِفتها.
(3) أ : شملتك.
(4) تأويل الايات الظاهرة : 655 ط جماعة المدرسين ، و 2 / 680 رقم 7 ط مدرسة الامام المهدي.
وراجع تأويل هذه الاية أيضاً : الامالي للشيخ 2 / 137 رقم 8.
تأويل ما نزل من القرآن الكريم فـي النبـي وآلـه صلـى اللّـه عليهـم
_ 398 _