بالتفويض ، أو يكون التكبيران الأوّلان خارجين عن الأذان كما يؤمي إليه ما رواه الفضل بن شاذان من العلل عن الرضا عليه السلام ، وبه يجمع بين الأخبار .
  والأظهر أن الغرض في هذا الخبر بيان الإقامة وأطلق عليها الأذان مجازاً ، ويمكن أن يكون سؤالهم عن البعثة لزيادة الاطمئنان كما في سؤال إبراهيم ـ عليه السلام ـ إذ تصفح وجوه شيعة أخيه في وقت كل صلاة ، موقوف على العلم بالبعثة ، ويمكن أن يكون قولهم : ( وإنا لنتصفّح ) إخباراً عمّا أمروا به أن يفعلوه بعد ذلك ، ويؤيّده عدم وجوب الصلاة قبل ذلك كما هو الظاهر ، وإن أمكن أن يكون هذا في معراجٍ تحقق بعد وجوب الصلاة ، لكنه بعيد عن سياق الخبر ، ويحتمل أيضاً أن يكون عرفوه ، صلى الله عليه وآله ، وعرفوا وصيّه ، وشيعة وصيّه ، بأنهم يكونون كذلك ، ولذا كانوا يتصفّحون وجوه شيعته في أوقات الصلاة ، ليعرفوا هل وجبت عليهم صلاة أم لا ، فلا ينافي عدم علمهم بالبعثة ، وفيه أيضاً بُعدٌ ، ويحتمل أن يكون التصفّح كناية عن رؤية أسمائهم في رق البيت المعمور كما سيأتي ، أو عن رؤية أشباحهم ، وأمثلتهم حول العرش ، كما يؤمي إليه قولهم : ( وهم نور حول العرش ) ، وقريب منه ما ذكره بعض الأفاضل ، أنّ علمهم به ، وبأخيه ، وشيعته ، وأحوالهم فوق أحوال عالم الحسّ ، وهو العالم الذي أخذ عليهم فيه الميثاق ، والعلم فيه لا يتغيّر ، وهذا لا ينافي جهلهم ببعثه في عالم الحسّ الذي يتغيّر العلم فيه .
  أقـول : هذا موقوف على مقدمات مباينة لطريقة العقل .
  قوله عليه السلام : ( مرحباً بالأوّل ) أي : خلقاً ورتبةً ، والرُحب بالضمّ : السعة ، وانتصاب ( مرحباً ) بفعل لازم الحذف كأهلاً وسهلاً أي : أتيت وصادقت رُحباً وسعةً ... ( مرحباً بالآخر ) أي ظهوراً وبعثة ، ( ومرحباً بالحاشر ) أي : بمن يتّصل زمان أمته بالحشر ، ( ومرحباً بالناشر ) أي : بمن ينشر قبل الخلق وإليه الجمع والحساب ، وقد بيّنا جميع ذلك في الكتاب الكبير ـ أي البحار ـ ، والرقّ بالفتح ويكسر : جلد رقيق يكتب فيه والصحيفة البيضاء ، ودوي الريح والطائر والنحل : صوتها ، صوتان مقرونان ، كونهما مقرونين لأنّ الصلاة مستلزمة للفلاح وسبب له .

السـلام في القرآن والحديـث _ 205 _
  وفي العلل : بعد ذلك بمحمد صلّى الله عليه وآله تقوم الصلاة ، وبعليّ الفلاح ، ويحتمل أن تكون هاتان الفقرتان مفسّرتين للسابقتين ، والغرض بيان اشتراط قبول الصلاة وصحّتها بولايتهما ، ويحتمل أن يكون إشارة إلى ما ورد في بعض الأخبار من تفسير الصلاة والعبادات بهم أي : الصلاة رسول الله صلى الله عليه وآله ، والفلاح أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، وهما متحدان من نور واحد ، مقرونان قولاً وفعلاً ، وبما فسّر في هذا الخبر يظهر سرّ تلك الأخبار ومعناها ، والضمير في قوله : ( لشيعته ) راجع إلى الرسول ـ على ما في العلل ـ أو إلى عليّ صلوات الله عليهما ، وترك ( حيّ على خير العمل ) الظاهر أنّه من الإمام ، أو من الرواة تقيّة ، ويحتمل أن يكون قرّر بعد ذلك كما مرّ ويؤيده عدم ذكر بقية فصول الأذان ، ويحتمل أن يكون خرق الأطباق والحجب من تحته ، صلى الله عليه وآله ، أو من فوقه ، أو منهما معاً ، وأيضاً يحتمل أن يكون هذا في السماء الرابعة ، أو بعد عروجه إلى السابعة ، والأخير أوفق بما بعده ، فعلى الأوّل إنّما خرقت الحجب من تحته لينظر إلى الكعبة ، وإلى البيت المعمور ، فلما نظر إليهما وجدهما متحاذين ، متطابقين ، متماثلين ، ولذا قال : ( ولكل مثل مثال ) أي : كلّ شيءٍ في الأرض له مثال في السماء ، فعلى الثاني يحتمل أن تكون الصلاة تحت العرش محاذياً للبيت المعمور بعد النزول ، وعلى التقديرين استقبال الحجر مجازاً ، أي : استقبل ما يحاذيه أو ما يشاكله ويشبهه .
  قوله : ( وأنت الحرام ) أي : المحترم المكرم ، ولعله إشارة إلى أن حُرمة البيت إنما هي لحرمتك ، كما ورد في غيره .
  قوله : ( صار الوضوء ) في العلل صار أوّل الوضوء ، ويدلّ على استحباب أخذ ماءِ الوضوء أوّلاً باليمنى ، وعلى ما هنا يمكن أن يفهم منه استحباب الإرادة .
  قوله تعالى : ( وعلى عدد حجبي ) وفي العلل بعدد حجبي ، فمن أجل ذلك صار التكبير سبعاً ، لأن الحجب سبعة ، وافتتح القراءة عند انقطاع الحجب ، فمن أجل ذلك صار الافتتاح ستَّة ، والحجب مطابقة ثلاثة بعدد النور الذي نزل على محمد ثلاث مرّات ، فلذلك كان الافتتاح ثلاث مرّات ،

السـلام في القرآن والحديـث _ 206 _
  ومن أجل ذلك كان التكبير سبعاً ، والافتتاح ثلاثاً ، فلمّا فرغ من التكبير والافتتاح قال الله عزّ وجلّ : الآن وصلت إلي فسمّه باسمي ، فقال : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) إلى آخره .
  الظاهر : أنّ المراد بالحجب هنا غير السموات ، كما يظهر من سائر الأخبار ، وأنَّ ثلاثة منها متلاصقة ، ثم تفصل بينهما بحار النور ، ثم اثنان منها متلاصقان ، ثم تفصل بينهما بحار النور ، ثم اثنان ملتصقان ، فلذا استحبّ التوالي بين ثلاث من التكبيرات ، ثم الفصل بالدعاء ، ثم بين اثنين ثم الفصل بالدعاء ، ثم يأتي باثنتين متصلتين ، فكل شروع في التكبير ابتداء افتتاح ، وحمل الوالد العلامة ( ره ) ، الأفتتاح ثلاثاً على تكبيرة الإحرام، التي هي افتتاح القراءة ، وتكبير افتتاح الركوع ، وتكبير افتتاح السجود ، ولعل ما ذكرنا أظهر .
  وقوله : ( شكراً ثانياً ) : يحتمل أن يكون كلام الإمام عليه السلام ، أي قال النبي صلّى الله عليه وآله على وجه الشكر : ( الحمد الله ربّ العالمين ) ، والظاهر أنّه من تتمّة التحميد ، ويؤيد الأول أنه ورد تحميد المأموم في هذا المقام بدون هذه التتمَّة . ويؤيد الثاني أنّه ، صلّى الله عليه وآله ، أضمر شكراً عند قوله : ( الحمد لله ربّ العالمين ) أوّلاً ، ويدلّ على استحباب التحميد في هذا المقام للإمام والمنفرد أيضاً ، ولعله خص بعد ذلك بالمأموم .
  قوله عليه السلام : ( قطعت ) لعلّه لمّا كانت سورة الفاتحة بالوحي ، وانقطع الوحي بتمامها ، وحمد الله من قبل نفسه ، قال الله تعالى لما قطعت القراءة بالحمد فاستأنف البسملة ، فالمراد بالذكر القرآن .
  قوله عليه السلام : ( نسبة ربّك ) في العلل ( فقال له اقرأ قل هو الله أحد كما أنزلت ، فإنها نسبتي ونعتي ) فيدلّ على تغيير في سورة التوحيد .
  قوله تعالى : ( فإنها نسبتك ) أي : مبينة شرفك وكرامتك ، وكرامة أهل بيتك ، أو مشتملة على نسبتك ، ونسبتهم إلى الناس ، وجهة احتياج الناس إليك وإليهم ، فإن نزول الملائكة والروح بجميع الأمور التي يحتاج الناس

السـلام في القرآن والحديـث _ 207 _
  إليها ، إذا كان إليك وإليهم ، فبهذه الجهة أنهم محتاجون إليك وإليهم .
  قوله تعالى : ( إن السلام ) في العلل : ( إني أنا السلام والتحية ) فلعل التحية معطوفة على السلام تفسيراً وتأكيداً .
  وقوله ( والرحمة ) مبتدأ أي : أنت المراد بالرحمة ، وذريتك بالبركات ، أو المراد أن كلامهم رحمة وبركات ، ويحتمل أن يكون قوله ( والتحية ) مبتدأ ، وعلى التقادير حاصل المعنى : سلام الله وتحيته ورحمته وشفاعة محمد وأهل بيته صلوات الله عليهم ودعاؤهم وهدايتهم وإعانتهم عليكم : أي لكم .
  قوله : ( تجاه القبلة ) أي من غير التفات إلى اليسار أو اليمين أيضاً كثيراً ، بأن يحمل ما فعله ، صلى الله عليه وآله ، على الالتفات القليل ، ويؤيده قوله عليه السلام ( أن لا تلتفت يساراً ) وما قيل من أنه رأى الملائكة والنبيين تجاه القبلة ، فسلم عليهم مرة ، لأنهم المقربون ، ليسوا من أصحاب اليمين ، ولا من أصحاب الشمال ، فلا يخفى ما فيه ، إذ الظاهر أنهم كانوا مؤتمّين به صلى الله عليه وآله .
  قوله عليه السلام : ( كان التكبير في السجود شكراً ) لعل المعنى أنه ، صلى الله عليه وآله ، لما كان هويّه إلى السجود لمشاهدة عظمته ، تجلت له ، كبّر قبل السجود شكراً لتلك النعمة كما قال تعالى : ( ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون ) (1) أي على ما هدى ، وفي العلل ومن أجل ذلك صار التسبيح في السجود والركوع شكراً وهو أظهر كما لا يخفى .
  قوله عليه السلام : ( في صلاة الزوال ) وفي العلل : ( وهي الفرض الأول وهي أول ما فرضت عند الزوال ) ولعل المعنى أن هذه الصلاة التي فرضت ، وعلمها الله نبيه في السماء ، إنما فرضت وأوقعت أولاً في الأرض عند الزوال ، فلا يلزم أن يكون إيقاعها في السماء عند الزوال ، مع أنه

--------------------
(1) البقرة : 185 .

السـلام في القرآن والحديـث _ 208 _
  يحتمل أن يكون النبي ، صلى الله عليه وآله ، في ذلك الوقت محاذياً لموضع يكون في الأرض وقت الزوال ، لكنه بعيد ، إذ الظاهر من الخبر أنها أوقعت في موضع كان محاذياً لمكّة ، ولمّا كان الظاهر من الأخبار تعدّد المعراج ، فيمكن حمل هذا الخبر على معراج وقع في اليوم ، وبهذا الوجه يمكن التوفيق بين أكثر الأخبار المختلفة الواردة في كيفية المعراج ، ثم إنه يظهر من هذا الخبر أن الصلاة ( لما كانت ) معراج المؤمن ، فكما (1) أن النبي ، صلى الله عليه وآله ، لمّا نفض عن ذيله الأطهر علائق الدنيا ، وتوجه إلى عرش القرب والوصال ومكالمة الكبير المتعال ، وكلّما خرق حجاباً من الحجب الجسمانيّة كبّر الربّ تعالى ، وكشف بسببه حجاباً من الحجب العقلائية حتى وصل إلى العرش (2) العظمة والجلال ، ودخل مجلس الأنس والوصال ، فبعد رفع الحجب المعنوية بينه وبين مولاه كلمه وناجاه ، فاستحقّ لأن يتجلّى له نور من أنوار الجبروت ، فركع وخضع لذلك النور ، فاستحقّ أن يتجلى عليه نور أعلى منه ، فرفع رأسه وشاهده وخر ساجداً لعظمته ، ثم بعد طيِّ تلك المقامات ، والوصول إلى درجة الشهود والاتصال بالربّ الودود ، رفع له الأستار من البين ، وقربه إلى مقام قاب قوسين ، فأكرمه بان يقرن اسمه باسمه في الشهادتين ، ثم حباه بالصلاة عليه ، وعلى أهل بيته المصطفين ، فلمّا لم يكن بعد الوصول إلا السلام ، أكرمه بهذا الإنعام ، وأمره أن يسلّم على مقرّبي جنابه ، الذين فازوا قبله بمثل هذا المقام تشريفاً لهم بإنعامه ، وتأليفاً بين مقرّبي جنابه ، أو أنّه لمّا أذنه بالرجوع عن مقام ( لي مع الله ) (3) الذي لا يرحمه فيه سواه ، ولم يكن يخطر بباله غير مولاه ، التفت إليهم فسلَّم عليهم ، كما يؤمي إليه هذا الخبر ، فكذا ينبغي للمؤمن إذا أراد التوجه إلى جنابه تعالى بعد تشبثه بالعلائق الدنيّة ، وتوغّله في العوائق الدنيوية ، أن يدفع ( عنه ) عند الأنجاس الظاهرة والباطنة ، ويتجلى بما يستر

--------------------
(1) يحتمل أن يكون ( فكما ) جواب ( لما ) أي أن الصلاة معراج المؤمن ، كما أن النبي صلى الله عليه وآله أزال العلائق الدنيوية كلها عن نفسه ، أو يكون الجواب ( توجه إلى عرش القرب ... ) والواو زائدة .
(2) كذا ، والصحيح ( عرش العظمة ) .
(3) حديث مشهور لم أجد له مصدراً في مجامع الحديث .

السـلام في القرآن والحديـث _ 209 _
  عوراته الجسمانيّة والروحانيّة ، ويتعطّر بروائح الأخلاق الحسنة ، ويتّطهر من دنس الذنوب والأخلاق الذميمة ، ويخرج من بيته الأصنام ، والكلاب ، والصور ، والخمور الصورية ، وعن قلبه صور الأغبار ، وكلب النفس الأمارة ، وشكر الملك ، والمال ، والعزّ ، والأصنام ، وحب الذهب ، والفضة ، والأموال ، والأولاد ، والنساء ، وسائر الشهوات الدنيوية ، ثم يتذكر بالأذان والإقامة ما نسيه بسبب الاشتغال بالمشهيات ، والأعمال ، من عظمة الله تعالى ، وجلاله ، ولطفه ، وقهره ، وفضل الصلاة ، وسائر العبادات ، مرة بعد أخرى ، ويتذكر أمور الآخرة ، وأهوالها ، وسعادتها ، وشقاواتها ، عند الاستنجاء ، والوضوء ، والغسل ، وأدعيتها ، إذا علم أسرارها ، ثم يتوجه إلى المساجد التي هي بيوت الله في الأرض ، ويخطر بباله عظمة صاحب البيت وجلاله ، إذا وصل إلى أبوابها ، فلا يكون عنده أقل عظمة من أبواب الملكوت الظاهرة ، التي إذا وصل إليها ، دُهش ، وتخيّر ، وارتعد ، وخضع ، واستكان ، فإذا دخل المسجد ، وقرب من المحراب الذي هو محلّ محاربة النفس والشيطان ، يستعيذ بالكريم الرحمن من شرورهما وغرورهما ، ويتوجه بصورته إلى بيت الله ، وبقلبه إلى الله ، وأعرض عن كل شيءٍ سواه ، ثم يستفتح صلاته بتكبير الله وتعظيمه ، ليضمحلّ في نظره من عداه ، ويخرق بكلّ تكبير حجاباً من الحجب الظلمانيّة الراجعة إلى نقصه ، والنورانية الراجعة إلى كمال معبوده ، فيقبل تلك المعرفة والأنقياد والتسليم بشراشره إلى العليم الحكيم ، ويستعين في أموره باسم المعبود الرحمن الرحيم ، ويحمده على نعمائه ، وقرباته ربّ العالمين ، وأخرجه من كتم العدم إلى أن أوصله إلى مقام العابدين ، ثم بأنه الرحمن الرحيم ، وبأنه مالك يوم الدين ، ويجزي المطيعين والعاصين ، فإذا عرفه بهذا الوجه استحق لأن يرجع من مقام الغيبة إلى الخطاب ، مستعيناً بالكريم الوهاب ، ويطلب منه الصراط المستقيم ، وصراط المقربين ، والأنبياء ، والأئمّة المكرمين ، مقرّاً بأنّهم على الحق واليقين ، وإن أعداءهم ممّن غضب الله عليهم ولعنهم ومن الضالّين ، ويتبرّأ منهم ومن طريقتهم تبرّء الموقنين ، ثم يصفه سبحانه لتلاوة التوحيد بالوحدانية ، والتنزيه عمّا لا يليق بذاته وصفاته ، فإذا عبد ربّه بتلك الشرائط ، وعرفه بتلك الصفات ، يتجلّى له نور من أنوار الجلال ، فيخضع لذلك

السـلام في القرآن والحديـث _ 210 _
  إلى شهادة أن لا إله إلاّ اللّه وانّ محمّداً عبده ورسوله ، ولكم ان آمنتم ما للمسلمين وعليكم ما على المسلمين من خير وشر ، فقالوا له : إياك أردنا ، وأنت طلبتنا ، قد سمعنا مقالتك ، فخذ حذرك واستعد للحرب العوان ، واعلم انّا قاتلوك وقاتلوا أصحابك والموعود فيما بيننا وبينك غداً ضحوة ، وقد اعذرنا فيما بيننا وبينك.
  فقال لهم علي ( عليه السلام ) : ويلكم تهدّدوني بكثرتكم وجمعكم ، فأنا أستعين باللّه وملائكته والمسلمين عليكم ولا حول ولا قوة إلاّ باللّه العلي العظيم.
  فانصرفوا إلى مراكزهم وانصرف علي إلى مركزه ، فلمّا جنّه الليل أمر أصحابه أن يحسنوا إلى دوّابهم ويقضموا ويسرجوا ، فلمّا انشق عمود الصبح صلى بالناس بغلس ، ثمّ غار عليهم بأصحابه فلم يعلموا حتى وطأهم الخيل ، فما أدرك آخر أصحابه حتى قتل مقاتليهم وسبى ذراريهم واستباح أموالهم وخرب ديارهم وأقبل بالاَُسارى والاَموال معه.
  فنزل جبرئيل وأخبر رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بما فتح اللّه على عليّ ( عليه السلام ) وجماعة المسلمين.
  فصعد رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) المنبر فحمد اللّه وأثنى عليه وأخبر الناس بما فتح اللّه على المسلمين ، وأعلمهم انّه لم يصب منهم إلاّ رجلين ، ونزل فخرج يستقبل عليّاً ( عليه السلام ) في جميع أهل المدينة من المسلمين حتى لقيه على ثلاثة أميال من المدينة ، فلمّا رآه علي ( عليه السلام ) مقبلاً نزل عن دابته ، ونزل النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حتى التزمه وقبّل ما بين عينيه ، فنزل جماعة المسلمين إلى علي ( عليه السلام ) حيث نزل رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) وأقبل بالغنيمة والاَُسارى و ما رزقهم اللّه من أهل وادي اليابس ).
  ثمّ قال جعفر بن محمد ( عليهما السلام) : ( ما غنم المسلمون مثلها قط إلاّ أن يكون من خيبر ، فانّها مثل خيبر وأنزل اللّه تعالى في ذلك اليوم هذه السورة :

السـلام في القرآن والحديـث _ 211 _
  صلى الله عليه وآله ربه تبارك وتعالى مطرقاً فقال : السلام عليك ) (1) .
  وفي المقنع : ثم سلم وقل : ( اللهم أنت السلام ، ومنك السلام ، ولك السلام ، وإليك يعود السلام ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام على الأئمة الراشدين المهديين ، السلام على جميع أنبياء الله ، ورسله ، وملائكته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، فإذا كنت إماماً فسلم وقل : السلام عليكم مرة واحدة وأنت مستقبل القبلة ، وتميل بعينك [ بعينيك ] إلى يمينك ، وإن لم تكن إماما فقل : السلام عليكم وتميل بأنفك إلى يمينك ، وإن كنت خلف إمام تأتمّ به ، فتسلّم تجاه القبلة واحدة ردّاً على الإمام ، وتسلم على يمينك واحدة ، وعلى يسارك واحدة ، إلاّ أن لا يكون على يسارك أحد ، فلا تسلم على يسارك ، إلا أن بجنب الحائط فتسلم على يسارك ولا تدع التسليم على يمينك كان على يمينك أحد أو لم يكن ) (2) .
  بيـان : في تسليمات الصلاة أسرار كثيرة ، قد جاءت الإشارة إلى بعضها في أحاديث سلام الصلاة ، وقد سبق الصادقي منها أنه الأمان من إبطال الصلاة وعما يفسدها (3) ، وأنه يأمن المسلّم والمسلّم عليه من شرّ كلّ إلى كلٍّ (4) ، هذا في غير الصلاة ، وأما فيها فكما دريت معنى الأمان به آنفاً .
  ولعل من معاني سلام الصلاة على غير الله عزّ وجلّ هو الاستمرار على الألفة ، والتعرف ، وجميل العشرة ، التي كانت قبل الصلاة ، وأنّ السلام عند الفراغ منها أقرب إلى الخلوص والوفاء والصدق ، لأنه قد سمت نفس المصلي بعروجه إلى عرش العظمة وجمال الحقّ تعالى فجاء بالسلام من عند السلام .

--------------------
(1) جامع أحاديث الشيعة 5 | 351 .
(2) المقنع 29 ، جامع أحاديث الشيعة 5 | 350 ، الباب 5 من التشهد والتسليم .
(3) الوسائل 4 | 1006 ، وفي غضون العنوان الأول من العناوين العشرة .
(4) المصدر نفسه .

السـلام في القرآن والحديـث _ 212 _
  الأمر الثاني :
  سلام الولادة ، والموت ، والبعث وأيّامها وقبل كلِّ شيءٍ نقدّم من القرآن الكريم ما جاء في يحيى وعيسى على نبيّنا وآله وعليهما الصلاة والسلام قال تعالى منوّهاً بيحيى : ( والسَّلامُ عَلَيهِ يَومَ وُلِدَ وَيَومَ يَموتُ وَيَومَ يُبعَثُ حَيّاً ) (1) ، وعن لسان عيسى : ( وَالسّلامُ عَلىَّ يَومَ وُلِدتُ وَيَومَ أَمُوتُ وَيَومَ أُبعَثُ حَيّاً ) (2) .
  بيـان : في عيون الأخبار بإسناده إلى ياسر الخادم قال : سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول : إن أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلاثة مواطن : يوم يولد ويخرج من بطن أمّه فيرى الدنيا ، ويوم يموت فيعاين الآخرة وأهلها ، ويوم يبعث فيرى أحكاماً لم يرها في دار الدنيا ، وقد سلّم الله عزّ وجلّ على يحيى في هذه الثلاثة المواطن ، وآمن روعته ، فقال : ( وَسَلامٌ عَلَيهِ يَوْمَ وَلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً ) وقد سلّم عيسى بن مريم على نفسه في هذه الثلاثة المواطن : ( وَالسّلامُ عَلىَّ يَوْمَ وَلِدتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أَبعَثُ حَيّاً ) (3) .

--------------------
(1) مريم : 15 .
(2) مريم : 33 .
(3) عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 | 201 ، تفسير الصافي 2 | 40 ، إحقاق الحق 19 | 581 .

السـلام في القرآن والحديـث _ 213 _
  أقول : دل السلام في الرضوي على الأمان من العذاب ، ومما يتبع الولادة ، والموت ، والبعث ، واحتمل بعض السلام في الآيتين بمعنى التحية ، أو الأمان ، أو هما جميعاً على الأشتراك أو غير ذلك ، ( وسلام عليه يوم ولد ) أي أمان من الله تعالى عليه من أن يناله الشيطان بما ينال به بني آدم ، ( ويوم يموت ) من وحشة فراق الدنيا ، وهول المطلع ، وعذاب القبر ، وفيه دليل على أنه يقال للمقتول ميت ، بناء على أنّه عليه السلام قتل لبغيّ من بغايا بني إسرائيل ( ويوم يبعث حيّاً ) من هول القيامة وعذاب النار .
  وجيء بالحال للتأكيد ، وقيل : للإشارة ، إلى أن البعث جسمانيّ لا روحانيّ ، وقيل : ـ والقائل الآلوسي ـ للتنبيه على أنّه عليه السلام من الشهداء ... وقيل : إنّ المراد بالسلام التحية المتعارفة ، والتشريف بها لكونها من الله تعالى في المواطن التي فيها العبد في غاية الضعف ، والحاجة ، وقلّة الحيلة ، والفقر إلى الله عزّ وجلّ ، وفي خبر ... إن عيسى ويحيى عليهما السلام التقيا وهما ابنا الخالة ، فقال يحيى لعيسى : أدع الله تعالى لي فأنت خير مني ، فقال عيسى : بل أنت ادع لي فأنت خير منّي ، سلّم الله تعالى عليك وأنا سلّمت على نفسي (1) .
  وقيل ـ والقائل القرطبي : ـ تفسير السلام هنا بالتحية المتعارفة أشرف ، وأنبه من الأمان ، لأن الأمان متحصل له بنفي العصيان عنه (2) ( بالعصمة ) .
  وقال السيد الطباطبائي : قوله تعالى : ( وسلامٌ عَليه يَومَ وُلد وَيَوم يَموت ويَوم يُبعثُ حيّاً ) السلام قريب المعنى من الأمن ، والذي يظهر من موارد استعمالها ، في الفرق بينهما ، أنّ الأمن خلّو المحلّ ممّا يكرهه الأنسان ، ويخاف منه ، والسلام كون المحلّ بحيث كلّ ما يلقاه الإنسان فيه فهو يلائمه من غير أن يكرهه ويخاف منه .
  وقال طاب ثراه : وتنكير السلام لإفادة التفخيم ، أي سلام فخيم عليه

--------------------
(1) تفسير روح المعاني 16 | 68 ، وتفسير الجامع للقرطبي 6 | 88 .
(2) تفسير الجامع للقرطبي 6 | 88 .

السـلام في القرآن والحديـث _ 214 _
  ممّا يكرهه في هذا الأيام الثلاثة ، التي كل واحد منها مفتتح عالم من العوالم ، التي يدخلها الإنسان ، ويعيش فيها ، فـ ( سلام عليه يوم ولد ) فلا يمسه مكروه في الدنيا يزاحم سعادته ، وسلام عليه ( يوم يموت ) فسيعيش في البرزخ عيشة نعيمة ، وسلام عليه ( يوم يبعث حياّ ) ، فيحيى فيها بحقيقية الحياة ولا نصب ولا تعب .
  وقيل : إنّ تقييد البعث بقوله : ( حيّاً ) للدلالة على أنّه سيقتل شهيداً ، لقوله تعالى في الشهداء : ( بل أحياء عند ربّهم يرزقون ) ( آل عمران : 169 ) .
  واختلاف التعبير في قوله : ( وُلِدَ ) ، ( يَموتُ ) ، ( يُبعثُ ) لتمثيل أنّ التسليم في حال حياته عليه السلام (1) .
  وقال رحمه الله : قوله تعالى : ( والسلامُ عَلَىَّ يَوم وُلدتُ وَيَومَ أَموتُ وَيَومَ أُبعثُ حيّاً ) تسليم منه على نفسه في المواطن الثلاثة الكلية ، التي تستقبله في كونه ، ووجوده ، وقد تقدم توضيحه في آخر قصّة يحيى المتقدّمة .
  نعم بين التسليمتين فرق ، فالسلام في قصّة يحيى نكرة تدلّ على النوع ، وفي هذه القصّة محلّى بلام الجنس ، يقيد بإطلاقه الاستغراق ، وفرق آخر وهو أنّ المسلّم على يحيى هو الله سبحانه ، وعلى عيسى هو نفسه (2) .
  وقال الآلوسي بعد الآية : تقدَّم الكلام في وجه تخصيص هذه المواطن بالذكر :
* فتـذكر فما في العهد من قدم *

  والأظهر بل الصحيح أن التعريف للجنس جيء به تعريضاً باللعنة على متّهمي مريم وأعدائها عليها السلام من اليهود ، فإنه إذا قال : جنس السلام عليّ خاصّة ، فقد عرّض بإنّ ضدّه عليكم ، ونظيره قوله تعالى : ( والسلامُ

--------------------
(1) تفسير الميزان 14 | 21 .
(2) تفسير الميزان 14 | 47 ـ 48 .

السـلام في القرآن والحديـث _ 215 _
   عَلى مَن اتّبع الهدى ) (1) يعني أنّ العذاب على مَن كذّب وتولّى ، وكان المقام مقام مناكرةٍ وعنادٍ ، فهو مئنة لنحو هذا من التعريض ، والقول بأنه لتعريف العهد خلاف الظاهر ، بل غير صحيح ، لا لأنّ المعهود سلام يحيى عليه الصلاة والسلام ، وعينه لا يكون سلاماً لعيسى عليه الصلاة والسلام ، لجواز أن يكون من قبيل ( هذا الذي رزقنا من قبل ) (2) ، بل لأن هذا الكلام منقطع عن ذلك وجوداً وسرداً ، فيكون معهوداً غير سابق لفظاً ومعنىً ، على أنّ المقام يقتضي التعريض ، ويفوت على ذلك التقدير ، لأنّ التقابل إنما ينشأ من اختصاص جميع السلام به عليه السلام ، كذا في الكشف ، والاكتفاء في العهدية لتصحيحه بذكره في الحكاية لا يخفى جلاله ، وسلام يحيى عليه السلام قيل : لكونه من قول الله تعالى أرجح من هذا السلام ، لكونه من قول عيسى عليه السلام ، وقيل : هذا أرجح لما فيه من إقامة الله تعالى إياه في ذلك مقام نفسه ، مع إفادة أختصاص جميع السلام به عليه السلام فتأمل (3) .
  قال صاحب الكشاف : ( والسلام على ) ، قيل : أدخل لام التعريف لتعرّفه بالذكر قبله ، كقولك : جاءنا رجل ، فكان من فعل الرجل كذا ، والمعنى ذلك السلام الموجّه إلى يحيى في المواطن الثلاثة موجّه إليّ ، والصحيح أن يكون هذا التعريف تعريضاً باللعنة على متهمي مريم عليها السلام وأعدائها من اليهود ، وتحقيقه أنّ اللام للجنس ، فإذا قال : وجنس السلام عليّ خاصّة ، فقد عرّض بأنّ ضدّه عليكم (4) ... أقول : عبارة الآلوسي مع ما في الكشاف متقاربة في المعنى ، وهل أنّ السلام سواء قاله الله عزّ وجلّ كما في يحيى ، أو أن أحداً من الانبياء سلّم

--------------------
(1) طه : 47 .
(2) البقرة : 25 .
(3) تفسير روح المعاني 16 | 83 .
لعل وجه التأمل أن سلام عيسى عليه السلام على نفسه لا يقرن بسلام الله عزّ وجلّ على يحيى ولا يقاس ذلك به .
والجواب : أنهما سيان بعد إقرار الله تعالى لسلام عيسى على نفسه.
(4) تفسير الكشاف 3 | 16 .

السـلام في القرآن والحديـث _ 216 _
  على نفسه في هذه المواطن الثلاثة كعيسى ، خاصّ بهم عليهم السلام ، أو يعمّ الأوصياء ، والخلّص من المؤمنين ، وكلّ من ينبغي التسليم عليه ؟ .
  الجـواب : أنّه عامّ ، وإنما خص يحيى وعيسى بالذكر للملابسات التي كانت لهما ، يعرف ذلك من درس حياتهما عليهما السلام ، والدليل على عموم السلام قوله تعالى : ( قيل يا نوح اهبط بسلام منّا وبركات عليك وعلى أمم ممّن معك ... ) (1) .
  والسلام بأي معنى كان يعمّ الذين ممّن مع نوح من المؤمنين به ، وبنفس الدليل شامل لغيرهم ، ممّن يأتي من بعد نوح إلى يوم القيامة ، والعقل السليم يسوّغ التسليم المذكور أيضاً .
  ثم إن في القرآن الكريم خمس آيات نوّهت باسم يحيى وهي : ( إنّ الله يبشّرك بيحيى مصدّقاً بكلمة من الله وسيّداً وحصوراً ) (2) .
  ( وزكريّا ويحيى وإلياس كلٌّ من الصالحين ) (3) .
  ( يا زكريّا إنّا نبشّرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميّاً ) (4) .
  ( يايحيى خذ الكتاب بقوّة وءاتيناه الحكم صبيّاً ) (5) .
  ( فَاستَجَبنا لَه وَوَهَبْنا له يَحيى وَأَصلَحنا له زَوجَهُ ) (6) .
  وهذه من فضائله الّتي صرّحت فيها ، وهي تستدعي السلام عليه من الله تعالى في الحالات كلّها ، ومنها المواطن الثلاثة ، ومعناه سلامته ،

--------------------
(1) هود : 48 .
(2) آل عمران : 39 .
(3) الأنعام : 85 .
(4) مريم : 7 .
(5) مريم : 12 .
(6) الأنبياء : 90 .

السـلام في القرآن والحديـث _ 217 _
  ومعافاته عن كلّ ما يلحقها من نقمات وعذاب .
  وأمّا عيسى فقد تناوله القرآن الكريم في خمسة وعشرين موضعاً نذكر منها خمس آيات وهي : ( وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ) (1) .
  ( إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ) (2) .
  ( إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ ) (3) .
  ( ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ ) (4) .
  ( وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ ) (5) .
  لهذه الخصائص وغيرها ، ممّا جاء فيه في بقيّة الآيات ، اقتضى تسليمه على نفسه ، ولعلّ الوجه في ذلك أنّه من الأنبياء الذين ليس كمثل يحيى في درجتهم ، وإن كان هو منهم ، كما صرّح في الآي المتقدّمة الذكر ، وكيف كان فالسلام عليهما من الله ، أو من نفسهما من المكرمات التي خصّهما الله تعالى بها ، وليس معنى ذلك أنّ سواهما من نبيّ ، أو وصيّ ، أو مؤمن مرضيّ عند الله عزّ وجلّ ، ليس له من السلام في المواطن الثلاثة نصيب ، خاصّة السلام بمعنى الأمان من العذاب ، وقد قال تعالى : ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ) (6) .
  والأمن والأمان لا ينفكّ عن كلّ متَّقٍ ، فضلاً عن الأنبياء والأوصياء عليهم السلام ، ومنها زيارة الإمام الحسين عليه السلام في صحيح بيّاع السابري ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام وهو يقول : مَن أتى قبر الحسين عليه السلام كتب الله له حجّة ، وعمرة ، وعمرة ، وحجّة ، قال :

--------------------
(1) البقرة : 87 .
(2) آل عمران : 45 .
(3) النساء : 171 :
(4) مريم : 34 .
(5) الحديد : 27 .
(6) الدخان : 51 .

السـلام في القرآن والحديـث _ 218 _
  قلت : جعلت فداك فما أقول إذا أتيته ؟ قال : تقول : ( السلام عليك يا أبا عبد الله ، السلام عليك يا بن رسول الله ، السلام عليك يوم وُلدتَ ، ويوم تموتُ ، ويَوم تُبعث حيّاً ، أشهد أنّك حيّ ، شهيد ترزق عند ربّك ، وأتوالى وليّك ، وأبرأ من عدوّك ، وأشهد أنّ الذين قاتلوك وانتهكوا حرمتك ملعونون على لسان النبيّ الأميّ ، وأشهد أنّك قد أقمت الصلاة ، وآتيت الزكاة ، وأمرت بالمعروف ، ونهيت عن المنكر ، وجاهدت في سبيل ربّك بالحكمة ، والموعظة الحسنة ، أسأل الله وليّك ووليّنا أن يجعل تحفتنا من زيارتك الصلاة على نبيّنا ، والمغفرة لذنوبنا ، اشفع لي يا بن رسول الله عند ربّك ) (1) .
  أقول : لعل قوله : ( ويوم تموت ) إشارة إلى رجعة الحسين عليه السلام وموته ، حيث إنّه قتل شهيداً سنة 61 في فاجعة كربلاء المؤلمة ، التي عمّ جمر مصابها العالمين ، من لدن آدم إلى انقراض العالم ، ولم يمت والأيّام الثلاثة مفروضة له ، ولجميع المعصومين من الأنبياء عليهم السلام وغيرهم .

--------------------
(1) كامل الزيارات ، الباب 79 ص 220 ـ 221 .

السـلام في القرآن والحديـث _ 219 _
  الأمر الثالث :
  في سـلام الكائـنات التكلّم عن سلام الكائنات يقع في مقامين .
  الأول : في صحّة سلامنا عليها .
  الثاني : في إمكان سلامها علينا ووقوعه .
  وقبل الشروع في ذلك يتّجه سؤال : وهو هل أن الكائنات ذات حياة وشعور ، لكي يتسنى لنا البحث عن السلام من الجانبين أم لا ؟ أو هل ما جاء من النوعين إنّما هو لأجل الأحياء ، وذوي الشعور من نبيّ أو وصيّ أو غيرهما ، من إنسان أو غير إنسان ؟ أو أنّ ذلك كان علي سبيل الإعجاز ، إذا قلنا إنّها فاقدة للشعور ؟ ويظهر جواب ذلك كله في غضون البحوث الآتية .
  المقام الأوّل :
  في السلام على الكائنات من أرض ، وسماء ، وشجر ، ومدر ، وزمان ، ومكان ، وغيرها إليك بعض الآيات أو الروايات التي تدلّ على إنّ الكائنات شاعرة ومدركة وناطقة ، قال تعالى في مواضع من القرآن الكريم منها آية : ( وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ ) (1) .

--------------------
(1) فصّلت : 21 .

السـلام في القرآن والحديـث _ 220 _
  بيـان : دلت الآية على تكلم جلود البشر ونطقها بإنطاق الله لها ولكلّ شيءٍ ، وآية ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً ) (1) ، نصّت على أنّ الكائنات تسبّح الله تعالى ، وتسبيحها دالّ بوضوح على تمتعها بنعمة الإدراك والشعور ، وعلى نوع من التعقل ، بدليل إرجاع ضمير ذوي العقول إليهم ، بقوله تعالى : ( تسبيحهم ) ولم يقل عزّ من قائِل ( تسبيحها ) ، وفي آخر الآية بشارة ونذارة : أما البشارة فهي إمكان تعقّل البشر تسبيح الكائنات وتفقهه (1) ويتجلى ذلك بما فيها من التنذير بأنّ ترك تفقّه تسبيحها من السفاهة والذنب ، إذ لا حلم إلاّ عن سفه ، ولا غفران إلا عن ذنب ، فلولا أن تفقّه التسبيح مستطاع للبشر وميسور له ، لما كان ترك ذلك معدوداً من الذنوب ، وأنه عمل سفهي يغفره الله عزّ وجلّ ويحلم عنه ، وفي إنذار ذلك دلالة على البشارة المذكورة ، على سبيل الإشارة التي تكفي الحرّ المتدبّر في الآية ( فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين ) (2) .
  صرّحت الآية على أنّ السماء والأرض تقول كما نقول ، ولهما كلام ككلامنا ، والتأويل بأنّه ليس قولهما كالقول قول بلا دليل ، ويأتي مزيد توضيح له في المقام الثاني ، وإذا ثبت لهما ثبت لغيرهما للمشابهة في الجميع .
  ومن الرواية الدعاء الخامس والأربعون من الصحيفة السجادية :

--------------------
(1) الإسراء : 44 .
(2) ولعل المناسب لذكر المقام الأول ـ وهو سلامنا على الكائنات ـ بعض المذكورات فيه من آية أو رواية ، وقد دريت أننا أولاً بصدد إثبات الإدراك لهنّ ، حتى يتسنى لنا السلام عليهن ، ومن ثم جئنا بالآية أو الرواية ، ومما يدلنا على إدراكهنّ ، ما جاء من ترحيب الإمام الكاظم عليه السلام في دعاء يوم الاثنين أوّله : ( مرحباً بخلق الله الجديد ... ) رواه الشيخ الكفعمي طاب ثراه في البلد الأمين 117 ، إذ لو لم يكن لخلق الله من سماء ، وأرض ، وشجر ، ومدر ، من شعور وإدراك لكان الترحيب لغواً محضاً ، وتعالى كلام المعصوم من اللغو ، 3 ـ فصّلت : 11 .

السـلام في القرآن والحديـث _ 221 _
  ( السلام عليك ياشهر الله الأكبر ... ) من تسليمات الإمام السجاد عليه السلام عند وداع شهر رمضان المبارك (1) ، وهل يسلم ـ روحي فداه ـ على فاقد الشعور ، أو لابدّ من الأخذ فيه بظاهر الكلام المثبت لشعور المسلّم عليه وهو الزمان ؟ فإذا ثبت له ثبت لغيره من خلق الله ، غير الإنسان ، والملك ، وذوي العقول ، والشعور ، لأن ( حكم الأمثال فيما يجوز وما لا يجوز سواء ) (2) .
  وأن المواجهة لها كرامتها إطلاقاً ، وجدارتها للسلام عند المناسبات ، وإليك من النظم بهذا الصدد بالذات قال القائل ونعم ما قال :

ذنـوبي وإن جـلّت فـعفوك iiمـوئلي      ومـا  زال كـان الـعفو للذنب iiماحيا

أنـلني  مـنُى قـلبي رضاك iiوبغيتي      لـقـاؤك فـيـه يـا مـناي iiشـفائيا

لـعـلك  غـضـبان ولـست بـعالم      سلام على الدارين إن كنت راضيا (3)
  وآخر :
سـلام عـلى أهل القبور الدوارس      كـأنّهم لـم يـجلسوا في iiالمجالس
ولـم  يشربوا من بارد الماء iiشربةً      ومـل يأكلوا من كلّ رطب iiويابس
سـلام  عـلى الدنيا وطيب iiنعيمها      كأن لم يكن يعقوب فيها بجالس (4)
--------------------
(1) سبق البحث في غضون ( 10 ـ سلام الوداع ) .
(2) وهو مثل مشهور .
(3) شدّ الأزار في حطّ الأوزار عن زوّار المزار 73 ، لعبد الله بَدل المترجم فيه تحت رقم 20 قوله :
* سلام على الدارين *
  الداران : الدنيا والآخرة وليست الدنيا إلا السماء والأرض وما بينهما وهي ليست إلا الكائنات فسلام الشاعر إنما هو عليها ، وهكذا الآخرة وما خلق الله فيها من شيء .
(4) شد الأزار 286 ، للأمير يعقوب بن ليث ، رقم 207 ، وشرحه : هزار مزار لولده عيسى بن جنيد من كتاب القرن الثامن والتاسع .

السـلام في القرآن والحديـث _ 222 _
  ولشمس الدين محمد بن إبراهيم :
أوقـفوا الركب نسأل الأخبارا      ونـحيّي الـرسوم iiوالآثـارا
كـيف لا نسأل الركائب iiعمّن      كـان  عشرين حِجّة لي iiجارا
يـا  خـليليّ عرِّجا بي iiحتى      نـسأل الحيّ والحمى iiوالديارا
وارحـما  مدنفاً حليف شجون      لـم  يـرد بالفراق إلاّ iiادكارا
كـلّ  خِـلٍّ حـسبتُه لي وفيّاً      خان  عهدي وحال عنه iiودارا
أُفٍّ  لـلدّهر إنّـه غير iiوافٍ      عهد كسرى وكيقباذ ودارا (1)
  ولآخـر :
يـا عرصة الوادي عليك سلام      ما ناح من فوق الغصون iiحَمام
أيـن الـذين عهدتهُمُ في iiسادةٍ      غُـرَرٍ وأيـن أولـئك iiالأقوام
أخنى عليهم صَرف دهرٍ iiجائرٍ      لـم  يُبق فيهم بهجة تُستامُ (2)
حـيّاك يـا أثر الديار iiسحائب      وسقاكَ في إثر الغَمام غَمامُ (3)
--------------------
(1) شدّ الأزار 345 ـ 346 ، المترجم رقم 243 ، ( دارا ) أحد السلاطين الداداريَّة .
(2) قيل نظيره لأبي نواس :
يا دار ما فَعَلت بكِ الأيّامُ      لم تُبق فيك بشاشة iiتستام
هامش شدّ الأزار 390 .
(3) شدّ الأزار 390 ، المترجم رقم 265 .

السـلام في القرآن والحديـث _ 223 _
  ولأسعد بن نصر :
عـليك  سلام الله يا خير منزل      رحـلنا وخـلفناك غـير iiذميم
فلا زلت معموراً ولا زلت آهلاً      ونـزّلك الرحمن كلّ كريم (1)ii
  وأسعد على ما ترجمه جُنيد الشيرازي (2) المتوفى 791 هـ ، هو عميد الملك أبو غانم أبو المظفّر أسعد بن نصر بن أبي غانم جهشيار بن أبي شجاع بن الحسين بن فرّخان الأنصاري الفالي ، وزير فارس ، وزّر لمظفّر الدين الأتابك (3) بشيراز ونواحيها ، ونكبه واعتقله بقلعة أشكنوان بفارس ، وهو صاحب القصيدة المعروفة الّتي أوّلها :
من يُبلغنّ حماماتٍ ببطحاء      ممتّعات بسلسال iiوخضراء
  وكان في مبدأ تحصيله يسكن ( رباط دشت ) بفال ، فلمّا استدعي إلى الوزارة كتب على باب الرباط :
عليك سلام الله يا خير iiمنزل      رحلنا وخلّفناك غير ذميم (4)
  وللسيد قوام الدين محمد بن محمد مهدي النسفي قصيدة منها :
قف  بالسلام على أرض الغري iiوقل      بـعد  السلام على مَن شرّف iiالحرما
مـنّي الـسلام عـلى قبر iiبحضرته      أهمى عليه سحاب الرحمة الديما (5)
--------------------
(1) شدّ الأزار 522 .
(2) مؤلفّ كتاب ( شدّ الأزار ... ) .
(3) يعني سعد بن زنگي .
(4) شد الأزرار 521 ـ 522.
(5) الإجازة الكبيرة للسيد عبد الله التستري الجزائري ، 17 ، في تعليقته للشيخ محمد السمامي الحائري ، والكنى والألقاب للمحدّث القمي 3 | 92 .

السـلام في القرآن والحديـث _ 224 _
  وهل السلام على الدنيا والآخرة ، أو الآثار والرسوم ، أو على عرصة الوادي أو خير المنازل ، أو أرض الغري أو غيرها ، لأجل أهلها الحالّين فيها ، ولو في حين من الأحيان ، فشرّفت لكرامتهم بالسلام ، وليست هي منها في شيءٍ ؟ .
  أو يقال إنّ للكائنات كرامتها ، لأنّها من دلائل الصنع ، وآيات التوحيد ، فالسماء بسمكها وشمسها ، بضيائها وقمرها ، بنورها وكواكبها ، وأجوائها وأمطارها وطيورها ، وكلّ شيءٍ ممّا خلق الله فيه ، والأرض ورواسيها ، وبحارها ، وأشجاراها ، وترابها ، وما يدب عليها وبينها ، جديرة بالسلام . أو ما سمعت من الإمام السجاد عليه السلام سلامه على شهر رمضان (1) ؟ وهل سلامه عليه سلام على فاقد الشعور ؟ أو أنّه العالم به دوننا ؟ أو ليس يحسن السلام على ما يصح الخطاب معه ؟ وقد كان من دعائه عليه السلام إذا نظر إلى الهلال : ( أيّها الخلق المطيع الدائب السريع المتردد في منازل التقدير ، المتصرّف في فلك التدبير ، آمنت بمن نوّر بك الظُلَم ، وأوضح بك البُهَمَ وَجَعَلَكَ آية من آيات ملكه ، وعلامة من علامات سلطانه ... ) (2) .
  وفي صحيح سيف التمّار قال : ( قلت لأبي عبد الله عليه السلام : أتيت الحجر الأسود فوجدت عليه زحاماً ، فلم ألقَ إلاّ رجلاً من أصحابنا فسألته . فقال : لا بدّ من استلامه ، فقال : إن وجدته خالياً وإلاّ فسلّم من بعيد ) (3) .
  بيـان : قال صاحب الجواهر عند تفسيرالاستلام : وعن الأزهري : أنه افتعال

--------------------
(1) في غضون سلام الوداع .
(2) الدعاء الثالث والأربعون من الصحيفة السجادية 222 . ومنه ما قال الشاعر متحسّراً :
ذهـب  الـصبا وتولت iiالأيام      فعلى الصبا وعلى الزمان سلام
جواهر البلاغة 332 .
(3) الوسائل 9 | 410 ، الباب 16 من الطواف ، الحديث 4 .

السـلام في القرآن والحديـث _ 225 _
  من السلام وهو التحيّة ، واستلامه لمسه باليد تحرياً لقبول السلام منه تبرّكاً به ـ قال : ـ وهذا كما قرأت منه السلام ـ قال : ـ وقد أملى عليّ أعرابيّ كتاباً إلى بعض أهاليه فقال في آخره : أفترى منّي السلام ـ قال : ـ وممّا يدلّك على صحّة هذا القول ، أن أهل اليمن يسمّون الركن الأسود ( المحيّى ) معناه : أنّ الناس يحيّونه بالسلام ، وعن بعض أنّه مأخوذ من السلام بمعنى أنّه يحيّى نفسه عن الحجر ، إذ ليس الحجر ممّن يحيّيه كما يقال : اختدم : إذا لم يكن له خادم وإنما خدم نفسه (1) .
  أقـول : على هذا التفسير يحمل قوله عليه السلام في الحديث : ( فسلّم من بعيد ) على التحية القوليّة ، ولا يتنافى مع معنى الأستلام للحجر الأسود .
  وروى الشيخ الصدوق عن الصادق عليه السلام قال : ( لمَّا انتهى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إلى الركن الغربي فقال له الركن : يا رسول الله ألست قعيداً من قواعد بيت ربّك ، فما لي لا أستلم ؟ فدنا منه النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال له : اسكن عليك السلام غير مهجور ) (2) .
  بيـان : لعلّ قوله : ( عليك السلام ) سلام التحية منه ، صلى الله عليه وآله ، ابتداءً ، أو كما هو الظاهر يكون السلام جواباً لشكوى الركن ، وتقديم

--------------------
(1) الجواهر 19 | 346 ، بعد نقل القول عن أن الاستلام مأخوذ من السلام وهي الحجارة .
(2) علل الشرائع 429 ، الوسائل 9 | 421 ، وقد تقدم في غضون ( 10 ـ سلام الوداع ) تفسير الركن الغربي الذي هو قبل اليماني وبعد الشامي .
ومن الأحاديث الناصّة على صحة السلام على الكائنات ، بل ومحبوبيته أيضاً ، ما رواه ابن طاوس بإسناده إلى محمد بن سنان قال : قال لي العالم ـ أي الكاظم ـ صلوات الله عليه : يا محمد بن سنان ، هل دعوت في هذا اليوم بالواجب من الدعاء ، وكان يوم الجمعة ؟ فقلت : وما هو يا مولاي ؟ قال : تقول : السلام عليك أيها اليوم الجديد المبارك ، الذي جعله الله عيداً لأوليائه المطهرين من الدنس ، الخارجين من البلوى ، المكروبين مع أوليائه المصفين من العَكر ، الباذلين أنفسهم في محبة أولياء الرحمن تسليماً ، السلام عليكم سلاماً دائماً أبداً ، وتلتفت إلى الشمس وتقول : السلام عليك أيتها الشمس الطالعة ، والنور الفاضل البهي ، أشهدك بتوحيدي لله لتكوني شاهدة ... جمال الأسبوع 229 . وهو صريح بالمحبوبية السلام على الشمس ، وعلى غيرها بالملازمة العرفية .

السـلام في القرآن والحديـث _ 226 _
  ( عليك ) نظير تقديم ( عليك ) عن سلام الوداع ، وكلمة ( غير مهجور ) شاهدة على الجواب ، ويحتمل أن يكون جواباً لسلام الركن الغربي على النبي ، قد سمعه دوننا ، فأجاب عن ذلك ، ويشهد التقديم المذكور له ، لأنه أبلغ في الجواب ، وكان الانسب ذكر الحديث عند البحث عن سلام الكائنات المقام الثاني ، إلا أن الذي حدانا إلى ذكره هنا هو احتمال أن يكون من مواطن السلام عليها ، والأشياء كلها جديرة بالسلام عليها ، لأنها آيات الله الدالة على توحيده ، فلها كرامتها التي يحسن الاتجاه إليها ، والسلام عليها ، لما لها من الدلالة على جمال الصنع ، فيقال : سلام عليك يا سماء الله الذي رفع سمكك وسوّاك ، وأغطش (1) ليلك ، وأخرج ضحاك ، وسلام عليك يا ارض الله التي جعلك الله لنا مهاداً، ولك الجبال أوتاداً ، وأخرج ماءك ومرعاك ... وقس عليهما الأشياء كلها بما لها من نظام الكون ، وخصصها بالسلام ، بما خصها الله عزّ وجلّ من خاصة ، وهي من آيات الله ، ودلائل الصنع ، لمن أراد عرفان الله وشكره ، كما قال تعالى : ( وهو الذي جعل الليل والنهار خِلْفَةً لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً ) (2) عقيب قوله عز من قائل : ( تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُنِيراً ) (3) .
  كلها آيات دالة على أنه تعالى جاعل الكائنات بهذا النظم العجيب ، الجدير بالسلام عليها ليلاً ونهاراً وفي كل وقت ، وإليه تعالى يعود السلام ، كما بدأ منه السلام .
  يبقى سؤال : وهو أنه ماذا يقصد المسلّم عليها بسلامه ، وهل ينوي بالسلام الدعاء لها بأن تسلم دوماً من الآفات ؟ أو من وصول الشرّ إليها ، بأن تأمن من ؟ أو يروم بتحيته تبادل المحبة معها ؟ أو يكون سلامه عليها للتعاهد على استمرار ذكر اسم الله السلام ، وعلى الطاعة له تعالى ؟ وهكذا بقية

--------------------
(1) أغطشه الله أظلمه ، وفي الحديث : ( أطفأ بشعاعه ظلمة الغطش ) أي ظلمة الظلام مجمع البحرين ـ غطش ـ .
(2) الفرقان : 62 .
(3) الفرقان : 61 .

السـلام في القرآن والحديـث _ 227 _
  معاني السلام وآثاره الطيبة المباركة المحصاة إلى المئة التي سبق ذكرها (1) ؟ .
  الجـواب : كل معاني السلام جائزة القصد ، وهل تأمن الكائنات من شرور معاصي بني آدم وذنوبهم ، هي التي تكدر البحار ، والأشجار ، وتفسد كلّ شيء ، وقد جاء في الحديث الذي رواه الشيخ الصدوق طاب ثراه قال : ( قال رسول الله ، صلّى الله عليه وآله ، لامرآة سألته : إن لي زوجاً وبه غلظة عليّ وإني صنعت شيئاً لأعطفه عليّ .
  قال : أفّ لك كدرّت البحار ، وكدّرت الطين ، ولعنتك الملائكة الأخيار ، وملائكة السموات والأرض ... ) (2) .
  ومن أعظمها الشرك بالله عزّ وجلّ الذي تتقطّر السموات منه وتهدّ الجبال كما قال تعالى : ( تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً ) (3) .
  وإن من الذنوب ما يظلم الهواء ، ويمنع قطر السماء ، كما جاء ذلك في الدعاء الحسني : ( ... واغفر لي الذوب التي تمسك غيث السماء واغفر لي الذنوب التي تظلم الهواء ... ) (4) .
  والزنا واليمين الكاذبة تدعان الديار بلاقع ، وتستدعيان الدمار ، في نبويّ : ( الزنا يورث الفقر ويدع الديار بلاقع ) (5) ، وعلويّ : ( إنّ اليمين الكاذبة وقطيعة الرحم تذران الديار بلاقع من أهلها ... ) (6) ، ونبويّ : ( إيّاكم واليمين الفاجرة ، فإنها تدع الديار من أهلها بلاقع ) (7) .

--------------------
(1) المذكورة قبل الفصول العشرة .
(2) من لا يحضره الفقيه 3 | 282 ، مطبعة النجف 1387 .
(3) مريم : 90 ـ 91 .
(4) كتاب المجتبى من الدعاء المجتبى 8 .
(5) الوسائل 14 | 233 .
(6) الوسائل 16 | 144 .
(7) الوسائل 16 | 145 .

السـلام في القرآن والحديـث _ 228 _
  بـيـان : المراد بها الدمار (1) قال الجزري : البلاقع جمع بلقع ، وبلقعة ، وهي الأرض القفر التي لا شيء بها ، يريد أنّ الحالف بها يفتقر ويذهب ما في بيته من الرزق ، وقيل : هو أن يفرّق الله شمله ، ويغيّر عليه ما أولاه من نعمه (2) ، وفي المثل : ( اليمين الغموس تدع الديار بلاقع ) (3) .
  وعلى معنى الدعاء للسلامة فلا مانع من تفسير السلام على الكائنات به ، بأن يديم الله سلامتها ، لينتفع بها الأحياء من البشر وغيره ، بل لا شك أنّها من نِعَم الله وآلائه ، التي حثّ العباد على شكرها ، وضمن لهم الزيادة ، وهي إدامتها ومضاعفاتها ، قال تعالى : ( لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي ) (4) .
  وعلى معنى تبادل الحبّ فيراد من السلام عليها إنا وإيّاها نتعاهد على الحبّ في الله والطاعة له ، ولكن بيننا وبينها فرق أن الكائنات غير الشاعرة بنظرنا وهي في الواقع شاعرة ، لا تحيد عن أمر الله ، مطيعة له ، مقهورة لقضائه ، كما في آية حثّ العباد على شكرها ، وضمن لهم الزيادة ، وهي إدامتها ومضاعفاتها ، قال تعالى : ( فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ) (5) .
  فهي مسيرة ونحن مخّيرون ، ومن ثم نطيع مرّة ، ونتمرّد

--------------------
(1) لأن الديار الأرض العامرة وإلاّ فهي البلاقع .
(2) النهاية 1 | 153 ـ بلقع ـ .
(3) مجمع الأمثال 2 | 425 ، رقم المثل 4744 ، حرف الياء ، وفيه : ( اليمين الغموس : التي تغمس صاحبها في الإثم ، فهو فعول بمعنى فاعل ، قال الخليل : الغموس اليمين التي لم توصل بالاستثناء ، والبلقع : المكان الخالي ) .
(4) إبراهيم : 7 .
(5) فصلت : 11 .
أقول : جاء التخاطب مع الحيوانات كتخاطب الجمادات من سماء وأرض ، والنباتات من شجر ونبات ، فقد روى ابن شهر اشوب في المناقب 1 | 25 ـ 26 في قصّة مجيء أبرهة بن الصباح لهدم الكعبة : أتاه عبد المطلب ليسترد إبله ، فقال : تُعلمني في مائة بعير ، وتترك دينك ودين آبائك ، وقد جئت لهدمه فقال عبد المطلب : أنا ربّ الإبل وللبيت ربّ سيمنعه منك ، فردّ إليه إبله فانصرف إلى قريش ، فأخبرهم الخبر ، فأخذ بحلقة الباب قائلاً :
يا ربّ لا أرجو لهم سواكا      يا  ربّ فامنع منهم iiحماكا
إنّ  عدوّ البيت من iiعاداكا      امـنعهم أن يخربوا iiقراكا
=

السـلام في القرآن والحديـث _ 229 _
  أخرى ، ولأجل ذلك حسن التعاهد معها على الطاعة ، كما نتعاهد مع المعصومين عليهم السلام على ذلك ، وفي الحقيقة تكون المعاهدة من جانب واحد ، لأن الكائنات لا تتخلّف عن انقيادها الذاتي القهري ، وكذا المعصوم عليه السلام لعصمته .
  وعلى معنى التعاهد فالأمر أوضح ، وهذا التفسير يرجع إلى التعاهد في الحبّ في الله .
  المقـام الثـاني : في إمكـان سـلام الكـائنات ووقـوعه
  المراد بالكائنات الجمادات والنباتات والحيوانات ، وأما الإنسان فقد عرفت الحال فيه كما اتّضح من المقام الأوّل صحّة الخطاب معها والسلام عليها .
  والتكلم هنا عن سلامها أو تحققه ، وبلفظ أبين : هل يمكن أن يسلّم الشجر والحجر والحيوان وغيرها على الإنسان ، وبعد أن يكون ممكناً هل هو واقع أو لا ؟ ؟ .
  الجـواب : أمّا الإمكان فلا يمنعه العقل ، إذ لا يلزم منه ما يخالف سنّة العقل أو النقل .
  وأمّا الوقوع فهل هو على تقديره يكون بالقول والنطق ، كنطقنا ، أو هو بطور آخر من لسان الحال ، أو لسان الذات ؟ .

--------------------
=
وله أيضاً :
لا همّ أنّ المرء يمنع رحله فامنع رحالك      لا يـغلبنّ صليبهم ومحالهم غدوا iiمحالك
أي كيدهم ، والمِحال بالكسر : الكيد ، فانجلى نوره على الكعبة ، فقال لقومه : انصرفوا والله ما انجلى من جبيني هذا النور إلا ظفرت ، والآن قد انجلى عنه ، وسجد الفيل له ، فقال للفيل : يا محمود ، فحرّك الفيل رأسه ، فقال له : تدري لِمَ جاؤوا بك ؟ فقال الفيل برأسه لا ، فقال : جاؤوا بك لتهدم بيت ربّك ، أفتراك فاعل ذلك ؟ فقال الفيل برأسه : لا .

السـلام في القرآن والحديـث _ 230 _
  الجـواب : إن من الكائنات السماء والأرض ، وقد نصت آية ( فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ) (1) على وقوع القول في غير السلام منهما ، فضلاً عن إمكانه ، وقلنا : إذا ثبت لهما ذلك ثبت لغيرهما من الكائنات ، لاشتراك النظائر في الحكم ، وعدم الامتياز فيه ، إلاّ لدليل ولا دليل عليه ، بل بعض آيات القرآن الكريم قد صرح بتسبيح السموات والأرض وكلّ شيءٍ كما سبق بيانه (2) .
  قال الشيخ المجلسي طاب ثراه : وروي أنه نزل جبرئيل على جياد (3) أصفر والنبيّ ، صلى الله عليه وآله ، بين علي عليه السلام وجعفر ، فجلس جبرئيل عند رأسه ، وميكائيل عند رجليه ، ولم ينّبهاه إعظاماً له ، فقال ميكائيل : إلى أيّهم بُعثت ؟ قال : إلى الأوسط ، فلمّا انتبه أدّى إليه جبرئيل الرسالة عن الله تعالى ، فلمّا نهض جبرئيل ليقوم أخذ رسول الله ، صلى الله عليه وآله ، بثوبه ثم قال : ما اسمك ؟ قال : جبرئيل ، ثم نهض النبيّ ، صلى الله عليه وآله ، ليلحق بقومه فما مرّ بشجرة ولا مدرة إلا سلّمت عليه وهنأته ، ثم كان جبرئيل يأتيه ولا يدنو منه ، إلا بعد أن يستأذن عليه ، فأتاه يوماً وهو بأعلى مكة فغمز بعقبه بناحية الوادي فانفجر عين ، فتوضّأ جبرئيل وتطهَّر الرسول ، ثم صلّى الظهر ، وهي أوّل صلاة فرضها الله عزّ وجلّ ، وصلّى أمير المؤمنين عليه السلام مع

--------------------
(1) فصلت : 11 .
(2) في غضون المقام الأول ... وهل يسمعه الكل أو يخص الأنبياء والأوصياء عليهم السلام دون غيرهم ، يأتي بيانه قريباً ، ولعل ما جاء في تفسير آية ( وَقَالَ الإِنسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ) ( الزلزلة : 3 ـ 5 ) .
عن القمي أن أمير المؤمنين عليه السلام هو الأنسان القائل للأرض ، وأنها إياه تحدث بأخبارها ، وحديث زلزلة المدينة وقوله لها اسكني فسكنت ، وقله : إياي تحدث ، والنبوي قال : أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمله على ظهرها ، تقول : عمل كذا و كذا فهذا أخبارها ، ( بأن ربك أوحى لها ) أي تحدث بسبب إيحاء ربك لها ، تفسير القمي 2 | 433 ، وتفسير الصافي 2 | 840 ، يؤيد القول الثاني أي اختصاص تكلم الكائنات بالنبي أو وصي نبي فتدبر .
(3) يحتمل أنه تصحيف ( جواد ) والأصفر صفة له أنظر البحار 18 | 196 ، هامشه .

السـلام في القرآن والحديـث _ 231 _
  النبيّ ، صلى الله عليه وآله ، ورجع رسول الله ، صلى الله عليه وآله ، من يومه إلى خديجة فإخبرها ، فتوضأت وصلّت صلاة العصر من ذلك اليوم (1) .
  بيـان : بعد إخراج الحديث فيه تصريح بسلام الشجر والمدر عليه ، صلّىالله عليه وآله ، وظاهره بالقول المسموع ، كما أن الشجر والمدر من باب المثل فيشمل غيرهما .
  وقد جاء التصريح بسلام كل شيء على النبي ، صلى الله عليه وآله ، فيما حكاه رحمه الله أيضاً بلفظ : وروي أن جبرئيل عليه السلام أخرج قطعة ديباج فيها خطّ فقال : أقرأ ، قال : كيف أقرأ ولست بقارىء ؟ إلى ثلاث مرات فقال في المرة الرابعة : ( اقرآ باسمك ربّك ) إلى قوله : ( ما لم يعلم ) (2) ، ثم أنزل الله تعالى جبرئيل وميكائيل عليهما السلام ومع كلّ واحد منهما سبعون ألف ملك ، وأتى بالكرسي ووضع تاجاً على رأس محمد ، صلى الله عليه وآله ، وأعطي لواء الحمد بيده ، فقال : اصعد عليه واحمد لله ، فلمّا نزل عن الكرسي توجّه إلى خديجة فكان كلّ شيءٍ يسجد له ( أي لله تعالى ) ويقول بلسان فصيح : السلام عليك يا نبي الله ، فلما دخل الدار صارت منوّرة فقالت خديجة : وما هذا النور ؟
  قال : هذا نور النبوة ، قولي : لا أله إلا الله محمد رسول الله ، فقالت : طال ما قد عرفت ذلك ، ثم أسلمت ، فقال :

--------------------
(1) البحار 18 | 196 ، قوله : ( فغمز بعقبه ) لعل الضمير فيه يعود إلى جبرئيل عليه السلام ، ويكون ( بناحية الوادي ) مفعول ( فغمز ) ، ويحتمل أن يكون اللفظ : ( بعقبة بناحية الوادي ) والعقبة : المرقى الصعب من الجبل ، والمراد هنا المرتفع ، والله العالم .
وحديث ابن عباس وفيه ( خرج رسول الله ، صلى الله عليه وآله ، من حرا فما مر بحجر ولا مدر ولا شجر إلا وناداه السلام عليك يا رسول الله ... ) تفسير البرهان 4 | 479 . وفي مناقب ابن شهر آشوب 1 | 126 : وكان لا يمر على شجرة إلا سلمت عليه ، وكان القمر يحرك مهده في حال صباه .
صلى الله عليك يا رسول الله .
(2) ( أول ما نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله ( بسم الله الرحمن الرحيم اقرأ باسم ربك ) وآخره ( إذا جاء نصر الله ) رواه الكليني في أصول الكافي 2 | 628 ، باب النوادر من كتاب فضل القرآن ، الحديث 5 .

السـلام في القرآن والحديـث _ 232 _
  يا خديجة إنّي لأجد برداً ، فدثرت عليه فنام فنودي : ( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ) الآية، فقام وجعل إصبعه في أُذنه وقال : الله أكبر الله أكبر ، فكان كلّ موجود يسمعه يوافقه (1) .
  بيـان : قوله : ( فكان كل شيءٍ يسجد له ، ويقول بلسان فصيح : السلام عليك يا نبيّ الله ) أي يسجد لله تعالى كما أشرنا إليه آنفاً ، أو يكون كناية عن الاحترام ، أو غيرهما من المعاني الصحيحة ، وفيه تصريح بسلام كل شيءٍ عليه صلى الله عليه وآله ، وهل هو خاصّ به أو يعم الخلّص من المؤمنين أيضاً ؟ .
  الجواب : أنه لا ينفيه الحديث وهل يكون له تجاوب وعلقة بين الإنسان وغيره ؟ يأتي الجواب قريباً بأن البقاع التي كانوا يعبدون الله تعالى عليها تسلم عليهم ، بل وتبكي لفقدهم رحمة بهم ، وقد روى الشيخ البهائي في كتابه ( الأربعين ) ما يدل عليه من بعض الوجوه قال طاب ثراه فيه : وبالسند المتصل إلى الشيخ الصدوق ـ عماد الإسلام ـ محمد بن علي بن بابويه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن وهب ، عن عمر بن نهيل ، عن سلام المكّي ، عن الإمام أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام قال : ( أتى رجل إلى النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ يقال له : شيبة

--------------------
(1) البحار 18 | 196 ـ 197 .
قد سبق منا في بعض الهوامش أن تكلم الكائنات خاص بنبيّ أو وصي نبيّ ، ولكن بعض الأحاديث دل على عدم الاختصاص ، منها ما رواه أمين الإسلام الطبرسي في كتابه إعلام الورى 35 ، في جملة من كلامه قال : ومنها كلام الذئب ، وذلك أن رجلاً كان في غنمه يرعاها ، فأغفلها سويعة من نهاره ، فعرض ذئب فإخذ منها شاةً ، فأقبل يعدو خلفه ، فطرح الذئب الشاة ، ثم كلمه بكلام فصيح فقال : تمنعني رزقاً ساقه الله إلي ؟ فقال الرجل : يا عجباً الذئب يكلّم ، فقال : أنتم أعجب وفي شأنكم للمعتبرين عبرة ، هذا محمد يدعو إلى الحق ببطن مكة وأنتم عنه لاهون ، فأبصر الرجل رشده ، وأقبل حتى أسلم ، وأبقى لعقبه شرفاً لا تخلقه الأيام ، يفخرون به على العرب والعجم يقولون : إنا بنو مكلم الذئب .

السـلام في القرآن والحديـث _ 233 _
  الهذلي ، فقال : يا رسول الله إني شيخ قد كبرت سنّي ، وضعفت قوّتي عن عمل كنت عوّدته نفسي ، من صلاة ، وصيام ، وحجّ ، وجهاد ، فعلّمني يا رسول الله كلاماً ينفعني الله به ، وخفّف عليّ يا رسول الله ، فقال : أعدها فأعادها ثلاث مرّات ، فقال رسول الله : ما حولك شجرة ولا مدرة إلا وقد بكت من رحمتك ( كذا ) ، فإذا صلّيت الصبح فقل عشر مرات : ( سبحان الله العظيم وبحمده ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم ) ، فإن الله عزّ وجلّ يعافيك بذلك من العمى ، والجنون ، والجذام ، والفقر . والهرم .
  فقال : يا رسول الله هذا للدنيا فما للآخرة ؟ قال : تقول في دبر كل صلاة : ( اللهم اهدني من عندك وأفض عليّ من فضلك وانشر عليّ من رحمتك ، وأنزل عليّ من بركاتك ) .
  قال : فقبض عليهنّ بيده ، ثم مضى ، فقال رجل لابن عباس : ما أشدّ ما قبض خالك ـ من باب الاستهزاء ـ ، فقال النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ : اما إن وافى بها يوم القيامة لم يدعها متعمداً فتحت له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها شاء ) (1) والحديث صريح في حالة الكائنات من نبات أو جماد ، وأنها تبكي رحمة للشيخ المذكور ، والظاهر أنها لا تخص إنساناً خاصّاً .
  وهكذا سور القرآن لمن كان من الناس يتلوها تخاطبه في المحشر وتسلّم عليه كسلامنا . ففي الصحيح عن يعقوب الأحمر قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : ( جعلت فداك إنه أصابتني هموم وأشياء ، لم يبق شيء من الخير إلا وقد تفلّت منّي منه طائفة حتى القرآن لقد تفلت مني طائفة منه ، قال : ففزع عند ذلك حين ذكرت القرآن ، ثم قال : إن الرجل لينسى السورة من القرآن ، فتأتيه يوم القيامة حتى تُشرف عليه من درجة من بعض الدرجات ، فتقول : السلام عليك ، فيقول : وعليك السلام مَن أنت ؟ فتقول : أنا سورة كذا وكذا ضيّعتني وتركتني ، أما لو تمسّكت بي بلغت بك هذه الدرجة ، ثم أشار بأصبعه ، ثم قال : عليكم بالقرآن فتعلموه ، فإن من

--------------------
(1) الأربعين 199 ـ 200 ، الحديث الثاني والثلاثون ، وللبهائي طاب ثراه حوله شرح يجدر الرجوع إليه .

السـلام في القرآن والحديـث _ 234 _
  الناس من يتعلم القرآن ليقال : فلان قارئ ، ومنهم من يتعلمه فيطلب به الصوت فيقال : فلان حسن الصوت ، وليس في ذلك خير ، ومنهم من يتعلمه فيقوم به ليله ونهاره لا يبالي من علم ذلك ومن لم يعلمه ) (1) .
  بـيـان : لعلك تقول : سلام سور القرآن معناه : نطقها الذاتي وبطابعها القرآني كقوله تعالى : ( هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ ) (2) ، وكل شيء بهذا التفسير كذلك ، وهي دلالة الذاتية على وجود صانعه ، وعليه فسلام السور القرآنية سلام طابعي ذاتي ، لا سلام التحية القولية .
  والجواب عنه وعمّا يضاهيه : أن باب التأويل مفتوح إذا استحال ذلك في العقول ، يعني أن العقل لا يرى سلام الكائنات القولي من المحال ، وأن فيه من المحذور العقلي ، ومن المعلوم أن لا استحالة في سلامها ولا كلامها ولا بكائها ، ولا يلزم من ذلك محذور أبداً ، لا عقلاً ولا شرعاً ، بل جاء في القرآن صريحاً أن السماء والأرض وكل شيء له نطق قد سبقت الآي المصرحة بذلك هذا من حيث الإمكان ، بل حتى الوقوع من هذا النوع ، وإن بقي في المقام تساؤل وهو ما معنى سلام السورة ، أو الركن الغربي ، أو الحجر ، والمدر ، والشجر ، بل وكل شيء ، وهل سلام ذلك كله كسلامنا ؟ أو المراد به الأنقياد لأمر الله تعالى ، والخضوع الذاتي المشار إليه آنفاً ؟ .
  وتقدم الجواب عن هذا السؤال قريباً ، ويأتي بيانه أيضاً بشكل آخر وهو أنه لا بد من العلقة الذاتية والسنخية مع الأشياء حتى يعرف لغتها الخاصة بها ، كما وقد سبق أنهم عليهم السلام لهم المعرفة والارتباط بالكائنات جميعاً ، وهم الذين يسمعون ويسمّعون الآخرين من تكلم كل شيء ، حتى النطق والتحية ، ويشهد بذلك تكلم الأسد مع الإمام الكاظم عليه السلام ، وجوابه ، روحي فداه ، له .

--------------------
(1) أصول الكافي 2 | 608 ـ 609 .
(2) الجاثية : 29 .

السـلام في القرآن والحديـث _ 235 _
  عن البطائني قال : خرج موسى بن جعفر عليه السلام في بعض الأيام من المدينة إلى ضيعة له خارجة عنها ، فصحبته وكان راكباً بغلة وأنا على حمار ، فلما صرنا في بعض الطريق اعتَرَضَنا أسد فأحجمتُ خوفاً ، وأقدم أبو الحسن غير مكترث به ، فرأيت الأسد يتذلل لأبي الحسن ويهمهم ، فوقف له أبو الحسن كالمصغي إلى همهمته ، ووضع الأسد يده على كفل بغلته ، وخفت من ذلك خوفاً عظيماً ، ثم تنحى الأسد إلى جانب الطريق ، وحول أبو الحسن وجهه إلى القبلة وجعل يدعو ، ثم حرك شفتيه بما لم أفهمه ، ثم أومأ إلى الأسد بيده أن امض ، فهمهم الأسد همهمةً طويلةً وأبو الحسن يقول : آمين آمين ، وانصرف الأسد حتى غاب عن أعيننا ، ومضى أبو الحسن بوجهه واتبعته ، فلما بعدنا عن الموضع لحقته فقلت : جعلت فداك ما شأن هذا الأسد ؟ فلقد خفته والله عليك ، وعجبت من شأنه معك ، قال : إنه خرج يشكو عسر الولادة على لبوته ، وسألني أن أدعو الله ليفرج عنها ، ففعلت ذلك ، وأُلقي في روعي أنها ولدت له ذكراً ، فخبرته بذلك ، فقال لي : امض في حفظ الله فلا يسلط الله عليك وعلى ذريتك وعلى أحد من شيعتك شيئاً من السباع ، فقلت : آمين (1) .
  ونظيرها قصة الفرس مع أمير المؤمنين عليه السلام حين وصوله إلى المكان الخاوي وقول الفرس له : ( إنه قد حُفر ودبّر عليك ) قد رواها الشيخ الطبرسي (2) .
  وكذا قول الطنبور له ، عليه السلام ، رواه المحدث القمي عن رسالة قبائح الخمر للأمير صدر الدين الدشتكي ، نقل أنه استمع أمير المؤمنين عليه السلام رجلاً يضرب بالطنبور ، فمنعه وكسر طنبوره ، ثم استتابه فتاب ، ثم قال : أتعرف ما يقول الطنبور حين يضرب ؟ فقال : وصي رسول الله أعلم ، فقال : إنه يقول :
سـتندم سـتندم أيا iiصاحبي      ستدخل جهنم أيا ضاربي (3)
--------------------
(1) إرشاد المفيد 295 ـ 296 ، البحار 48 | 57 ـ 58 .
(2) الاحتجاج 1 | 60 .
(3) السفينة 2 | 519 ـ لها ـ .

السـلام في القرآن والحديـث _ 236 _
  وكذا قول الحارث الهمداني : بينا أنا مع أمير المؤمنين ... في الحيرة إذا نحن بديراني يضرب بالناقوس ، قال : فقال : ... يا حارث أتدري ما يقول هذا الناقوس ؟ ... إنه يضرب مثل الدنيا وخرابها ويقول : ( لا إله إلا الله حقا حقا ، صدقا صدقا ، إن الدنيا قد غرتنا ، وشغلتنا ، واستهوتنا ، واستغوتنا يابن الدنيا مهلاً مهلاً ، يابن الدنيا دقّاً دقّاً ، يابن الدنيا جمعاً جمعاً ، تفنى الدنيا قرناً قرناً ) (1) ... من عرف كلام السباع وغيرها كالمعصوم عليه السلام عرفه بصنوف اللغات ، ومعرفة سلامهن من أدناها ، وهو الإنسان الكامل ، الموهوبة له الولاية الكبرى والغاية من خلق الخلق ، والحجة الذي لولاه لساخت الأرض بأهلها .
  وهل الكائنات تعقل ردّ السلام على صاحب السلام غير المعصوم ؟ أو يقال بقصره على المعصوم دون غيره ؟ .
  الجـواب : إذا صحّ عقلاً وشرعاً سلامها ، صحّ ردّها أيضاً على غير المعصوم ، وأما هو فلا كلام فيه (2) ، ويشهد له ما جاء في نظائره ، ولا ريب في أن

--------------------
(1) معاني الأخبار 231 .
(2) وأعظم من السلام عليه التسليم له بكل معنى الكلمة ، وأن الحيوانات لأطوع للمعصوم عليه السلام من الإنسان ، فضلاً عن النباتات والجمادات .
ومن شواهد الأولى قصة النبي في بداية الزواج مع خديجة ، وطلبها منه التجارة إلى الشام من قبلها ، وتقديمها البعير الشديد المراس ، واعتراض عمه العباس ، وقول النبي : دعه يا عم ، فلما سمع البعير كلام البشير النذير برك على قدمي النبي ، وجعل يمرغ وجهه على قدمي النبي ، ونطق بكلام فصيح وقال : من مثلي وقد لمس ظهري سيد المرسلين ؟ فقلن النسوة اللاتي كن عند خديجة : ما هذا إلا سحر عظيم قد أحكمه هذا اليتيم ، قالت لهن خديجة : ليس هذا سحراً ، وإنما هو آيات بينات وكرامات ظاهرات ، ثم قالت :
نطق  البعير بفضل أحمد iiمخبرا      هـذا الـذي شرفت به أم القرى
هـذا  مـحمد خير مبعوث iiأتى      فهو الشفيع وخير مَن وطأ الثرى
يـا حـاسديه تمزَّقوا من غيظكم      فهو الحبيب ولا سواه في iiالورى
  البحار 16 | 27 ـ 28 ، باب تزويجه صلى الله عليه وآله بخديجة رضي الله عنها ...

السـلام في القرآن والحديـث _ 237 _
  الشيء يستدل عليه بنظيره ، لأن حكم الأمثال فيما يجوز وما لا يجوز واحد (1) .
  فالنظائر شواهد ، ومن تلك النظائر أيضاً : شهادة البقاع للمتعبد عليها ، وبكاء السماء لموت المؤمن ، وتسبيح السبحة الحسينية بيد مسبحها ، واستغفار الكائنات لمعلم الخير ، ولطالب العلم .
  ونصّت عليها النصوص ، وخذ لبعضها منها مثالاً :
  1 ـ ( سأل أبو كهمس أبا عبد الله عليه السلام فقال : يصلي الرجل نوافله في موضع أو يفرقها ؟ قال : لا بل ههنا وههنا ، فإنها تشهد له يوم القيامة ) (2) .
  2 ـ الصادقي الآخر : ( صلوا من المساجد في بقاع مختلفة ، فإنّ كلّ بقعة تشهد للمصلّي عليها يوم القيامة ) (3) .
  3 ـ النبوي : ( يا أبا ذرّ ما من رجل يجعل جبهته في بقعة من بقاع الأرض إلا شهدت له بها يوم القيامة ، وما من منزل ينزله قوم إلاّ وأصبح ذلك المنزل يصلّي عليهم أو يلعنهم ، يا أبا ذرّ ما من صباح ولا رواح إلاّ وبقاع الأرض ينادي بعضها بعضاً يا جارة : هل مرّ بك اليوم ذاكر لله ، أو عبد وضع جبهته عليك ساجداً لله تعالى ؟ فمن قائلة : لا ومن قائلة نعم ، فإذا قالت نعم اهتزّت وانشرحت وترى أنّ لها الفضل ) (4) .
  4 ـ الكاظمي : ( إذا مات المؤمن بكت عليه الملائكة ، وبقاع الأرض التي كان يعبد الله عليها ، وأبواب السماء التي كان يصعد أعماله فيها ) (5) .
  ومن تلك النظائر التي تشهد على إمكان نطق الكائنات بل على وقوعه بوضوح : 1 ـ قال الصفَّار : حدّثنا أحمد بن محمد ، عن الحسن بن السعيد ، عن

--------------------
(1) مثل سائر على الألسن .
(2) الوسائل 3 | 472 .
(3) الوسائل 3 | 474 .
(4) الوسائل 3 | 474 .
(5) الوسائل 3 | 473 ، وفيه مثله .

السـلام في القرآن والحديـث _ 238 _
  حماد بن عيسى عن عبد الله ين ميمون القدّاح ، عن أبي عبد الله ، عن أبيه عليه السلام ، قال : قال رسول الله : ( من سلك طريقاً يطلب فيه علما سلك الله تعالى به طريقا إلى الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً به ، وإنه ليستغفر ( له ) من في السموات ومن الأرض حتى الحوت في البحر ، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر ... ) (1) .
  2 ـ الصادقي : ( طالب العلم يستغفر له كلّ شيءٍ والحيتان في البحار والطير في جوّ السماء ) (2) .
  3 ـ الباقري : ( إنّ جميع دواب الأرض لتصلي على طالب العلم حتى الحيتان في البحر ) (3) .
  4 ـ النبوي : ( إنّ معلم الخير يستغفر له دواب الأرض وحيتان البحر وكل ذي روح في الهواء وجميع أهل السماء والأرض ، وإن العالم والمتعلم في الأجر سواء يأتيان يوم القيامة كفرسي رهان يزدحمان ) (4) .
  5 ـ الصادقي : ( إن معلم الخير لتستغفر له دواب الأرض وحيتان البحر وكل صغيرة ، وكبيرة في أرض الله ) (5) .
  بـيـان : قوله : ( إن جميع دواب الأرض لتصلي على طالب العلم حتى الحيتان في البحر ) تصريح بصلاة كل ذي روح ، حتى الحيتان على طالب العلم ،

--------------------
(1) بصائر الدرجات 23 .
(2) بصائر الدرجات 24 .
(3) بصائر الدرجات 24 .
(4) بصائر الدرجات 23 .
( مثل يضرب في المتساويين في الفضل والمجاراة ، وقد جاء المثل في الباقري : ( ... يخرج عليهم الخراساني والسفياني هذا من المشرق ، وهذا من المغرب يستبقان إلى الكوفة كفرسي رهان ) غيبة النعماني ص 255 .
(5) بصائر الدرجات 24 .

السـلام في القرآن والحديـث _ 239 _
  والصلاة هي الدعاء المفسر به السلام على أحد معانيه السالف ذكرها (1) ، وكذلك استغفار الموجودات بأسرها لمعلم الخير ، وطالب العلم يثبت سلامها أيضاً ، إما لاشتراكها في المعاني ، بل يثبت تقديم السلام عليها تحكيماً لعموم دليل تقديمه على كل كلام ، إن قلنا : إن صلاة الكائنات واستغفارها من جنس الكلام والقول ، وقد سبق بيانه قريباً أو لأن الصلاة والاستغفار ، ووضع الملائكة أجنحتها أرفع من السلام ، ولا يفقد الأرفع الرفيع ، فيلزمها السلام ، وأما إذا قلنا بالاشتراك في ظاهرة حب الكائنات للإنسان المعلم للخير وطالب العلم بل لكل من أطاع الله تعالى فهي والسلام شرع سواء ، على أن بقاع الأرض الشاهدة لمن تعبد عليها في يوم القيامة (2) من شواهد حُسن السلام كما صرح بالسلام من الطرفين في حديث نختم به الكتاب : ( إن علياً قال : دعاني رسول الله صلى الله عليه وآله ، فوجَّهني إلى اليمن لأصلح بينهم ، فقلت : يا رسول الله إنهم قوم كثير ، ولهم سنٌ وأنا شابٌّ حدثٌ ، فقال : يا علي إذا صرت بأعلى عقبة فناد بأعلى صوتك : ياشجر ، يا حجر ، يا مدر ، يا ثرى محمد رسول الله يقرؤكم السلام ، قال : ذهبت فلما صرت بأعلى العقبة أشرفت على أهل اليمن ، فإذا هم مقبلون نحوي ، شاهرون سلاحهم مشرعون أسنتهم ، متنكبون قسيّهم ، فناديت بأعلى صوتي يا شجر ، يا مدر ، يا ثرى ، محمد رسول الله يقرؤكم السلام ( قال : ) فلم تبق شجرة ، ولا مدرة ، ولا ثرى إلا ارتج بصوت واحد : ( وعلى محمد رسول الله ، وعليك السلام ) فاضطربت قوائم القوم ، وارتعدت ركبهم ، ووقع السلاح من أيديهم ، وأقبلوا إليّ بالصلح مسرعين ، فأصلحت بينهم وانصرفت (3).
  وإلى هنا انتهى الكلام عن الفصول العشرة وخاتمتها بما فيها من الأسرار .

--------------------
(1) في غضون ( 2 ـ السلام تحية الله التي اختارها للمسلمين ) ، وغيره .
(2) الوسائل 3 | 472 ـ 474 ، وقد تقدم بعض رواياتها وكذا نظائرها ، أرقامها : 1 ، 2 ، 3 .
(3) الخرائج لقطب الراوندي 2 | 492 ـ 493 .

السـلام في القرآن والحديـث _ 240 _
  اللهم يـا سلام اسلك بنا سُبُل السـلام ، وثبّتنا على الإيمان بك وبرسولك ، والولاية للأئمة المعصومين ، والطاعة لهم ولاسيما الإمام المهدي المبشّر بنشر العدل ، وإحياء أحكام الإسلام ، عليهم أفضل الصلاة والسلام واجمعنا معهم في دار السلام آمين ، وآخر دعوانا ان الحمد لله ربّ العالمين