الاستاذ
محمد جعفر الهاشمي


   الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطّيبين الطاهرين واللّعن الدائم على أعدائهم الى قيام يوم الدّين آمين ربّ العالمين .

الاهـداء
   إلى مولانا صاحب العصر والزمان بقية العترة الطاهرة ، الحجّة بن الحسن العسكري روحي وأرواح العالمين لمقدمه الفداء ، راجياً منه القبول لهذه الصفحات المشرقة بكلامهم وعلومهم الزاخر إن شاء الله تعالى وهو المستعان .

محمد جعفر الهاشمي   
13 / رجب / 1415 هجري

كيف نقرأ القرآن _ 2 _


التعليم والتعلّم
   قال رسول الله صلى الله عليه وآله : « ما من مؤمن ذكرٍ أو أنثى ، حرٍ أو مملوكٍ ، إلاّ ولله عليه حقّ واجب أن يتعلّم من القرآن » (1) .
   وعنه صلى الله عليه وآله : « من تعلّم القرآن وتواضع في العلم ، وعلم عباد الله ، وهو يريد ما عند الله لم يكن في الجنّة أعظم ثوابا منه ، ولا اعظم منزلة منه ، ولم يكن في الجنة منزل ولا درجة رفيعة ، ولا نفيسة إلاّ وكان له أوفر النّصيب ، وأشرف المنازل » (2) .
وعن الإمام الصادق عليه السلام : « ينبغي للمؤمن ان لايموت حتى يتعلّم القرآن ، أو يكون في تعلّمه » (3) .

--------------------
(1) مستدرك الوسائل : ج1 [ القديم ] : ص 287 .
(2) ثواب الأعمال : ص 51 .
(3) بحار الأنوار : ج 92 ص 189 .

كيف نقرأ القرآن _ 3 _
   وعن الرسول الأعظم [ صلى الله عليه وآله ] : « من قرأ القرآن قبل أن يحتلم فقد أُوتي الحكم صبيّاً » (1).
   وعنه [ صلى الله عليه وآله ] : من علم ولده القرآن فكانّما : « حجّ البيت عشرة آلاف حجّة ، واعتمر عشرة آلاف عمرة ، وأعتق عشرة آلاف رقبة من ولد أسماعيل عليه السلام ، وغزا عشرة آلاف غزوة ، وأطعم عشرة آلاف مسكين مسلم جائع ، وكأنّما كسا عشرة آلاف عارٍ مسلم ، ويكتب له بكل حرفٍ عشر حسنات ، ويمحوا الله عنه عشر سيّئات ، ويكون معه في قبره حتّى يبعث ، ويثقل ميزانه ، ويجاوز به على الصراط كالبرق الخاطف ، ولم يفارقه القرآن حتّى ينزل من الكرامة أفضل ما يتمنّى » (2) .
   وروى عنه [ صلى الله عليه وآله ] : « إذا قال المعلم للصبي : بسم الله الرحمن الرحيم .
فقال الصبي : بسم الله الرحمن الرحيم .
كتب الله : « براءةً للصّبي ، وبراءة لأبويه ، وبراءة للمعلّم » (3) .

--------------------
(1) كنز العمّال : ج2 ص 245 .
(2) جامع الخبار كما في مستدرك الوسائل : ج1 ص 209 .
(3) مجمع البيان : ج1 ص 18 .

كيف نقرأ القرآن _ 4 _

   روى الحافظ سليمان بن ابراهيم القندوزي ( الحنفي ) المتوفّى ( 1294 ) هجرية في كتابه ينابيع المودة [ ص 69 ] قال :
   وفي الدرّ المنظم ( لابن طلحة الحلبي الشافعي : اعلم أن جميع اسرار الكتب السماوية في القرآن وجميع ما في القرآن في الفاتحة وجميع ما في الفاتحة في البَسملة وجميع ما في البسملة في باء البسملة ، وجميع ما في باء البسملة في النقطة التي هي تحت الباء » .
   قال الامام علي [ عليه السلام ] : « أنا النّقطة الَّتي تحت الباء » ، وقال ابن عباس [ رضي الله عنه ] : يشرح لنا عليّ [ عليه السلام ] نقطة الباء من بسم الله الرحمن الرحيم ليلة فانفلق عمود الصبّح وهو بعد لم يفرغ (1) .

--------------------
(1) ينابيع المودّة : ص 70 .

كيف نقرأ القرآن _ 5 _
وروى عن الرسول الأكرم [ صلى الله عليه وآله ] : خياركم من تعلّم القرآن وعلمّه (1) .
   وعن امير المؤمنين علي بن أبي طالب [ عليه السلام ] قال : حقّ الولد على الوالد « ان يحسن اسمه ، ويحسن ادبه ، ويعلّمه القرآن » (2) .
وعنه أيضا [ عليه السلام ] في خطبة له :
« وتعلّموا القرآن فأنّه ربيع القلوب ، واستشفعوا بنوره فأنّه شفاء الصدور ، واحسنوا تلاوته فأنّه انفع القصص ، فانّ العالم العامل بغير علمه كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق من جهله ، بل الحجّة عليه اعظم ، والحسرة له ألزم ، وهو عند الله ألوم » (3) .

--------------------
(1) امالي الطوسي : ج1 ص 367 .
(2) نهج البلاغة [ الحكمة ] رقم 399 .
(3) نهج البلاغة خطبة 110 .

كيف نقرأ القرآن _ 6 _
   وعن معاذ قال : سمعت رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] يقول : « ما من رجل علّم ولده القرآن الا توّج الله أبويه ـ يوم القيامة ـ تاج الملك وكسيا حلّتين لم ير الناس مثلهما » (1) .
   قال [ صلى الله عليه وآله ] : « اشرف امتّي حملة القرآن ، واصحاب الليل » (2) .
   وقد أشار القرآن الكريم الى هذا الاهتمام البليغ في سورة الاسراء آية 78 و 79 .
   ( أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا * وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا ) .
   لقد اشار الرسول [ صلى الله عليه وآله ] الى هذا الاهتمام البليغ لان قرآن الفجر يشهد له ملائكة الليل والنّهار ونافلة الليل تبعث الانسان الى مقام محمود ما بعث نبيّ الاّ والتزم بصلاة الليل ولقد فرضت على النبي محمّد [ صلى الله عليه وآله ] كونه آخر الرسل وخاتم النبيين ومصداق هذه الآية أهل البيت [ عليهم السلام ] .

--------------------
(1) مجمع البيان : ج1 ص 9 .
(2) مجمع البيان : ج1 ص 16 .

كيف نقرأ القرآن _ 7 _
   قال رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] : « تعلّموا القرآن فأنّه يأتي يوم القيامة صاحبه في صورة شابّ جميل شاحب اللون فيقول له : انا القرآن الذي كنت اسهرت ليلك ، واظمأت هو اجرك ، واجفف ريقك ، واسبلت دمعتك ، ـ الى أن قال ـ فابشر فيؤتى بتاج فيوضع على رأسه ، ويعطى الأمان بيمينه ، والخلد في الجنان بيساره ، ويكسى حلّتين ، ثمّ يقال له : اقرأ وإرقاأ فكلّما قرأ آية صعد درجة ، ويكسى ابواه حلّتين ان كانا مؤمنين ، يقال لهما : هذا لما علمتماه القرآن » (1) .
   وعن أبي عبد الله [ عليه السلام ] في حديث له قال : ومن تعلّم منه [ القرآن ] حرفاً ظاهراً « كتب الله له عشر حسنات ، ومحا عنه عشر سيّئات ، ورفع له عشر درجات » قال [ عليه السلام ] : « لا اقول بكلّ آية ولكن بكلّ حرف باء وتاء أو شبههما » (2) .
   وعن الرسول الأعظم [ صلى الله عليه وآله ] : ان اردتم : « عيش السعداء ، وموت الشهداء ، والنجاة يوم الحسرة ، والظلّ يوم الحرور ، والهدى يوم الضلالة ، فادرسوا القرآن : فأنّه كلام الرحمن ، وحرز من الشيطان ، ورجحان في الميزان » (3) .

--------------------
(1) الكافي : ج2 ص 441 ح 3 .
(2) الكافي : ج2 ص 613 ح 6 .
(3) بحار الانوار : ج 92 ص 19 .

كيف نقرأ القرآن _ 8 _
   وعنه [ صلى الله عليه وآله ] : يامعاذ ان اردت : « عيش السعداء ، وميتة الشهداء ، والنجاة يوم الحشر ، والأمن يوم الخوف ، والنور يوم الظلمات ، والظلّ يوم الحرور ، والرّيّ يوم العطش ، والوزن يوم الخفّة ، والهدى يوم الظلالة ، فإدرس القرآن : فأنه ذكر الرحمن ، وحرز من الشيطان ، ورجحان في الميزان » (1) .
   وعنه [ صلى الله عليه وآله ] : « خياركم من تعلّم القرآن وعلّمه » (2) .
وليس المقصود من التعلم القراءة قط بل أنما الفهم والعمل به .
   وعنه [ صلى الله عليه وآله ] : « ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه الاّ ونزلت عليهم السكينة ، وغشيتهم الرحمة ، وحفّتهم الملائكة ، وذكرهم فيمن عنده » (3) .
   وعن ابن عباس قال : قال رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] : « معلّم القرآن ومتعلّمه يستغفر له كل شيء حتّى الحوت في البحر » (4) .

--------------------
(1) كنز العمال : ح 2439 .
(2) بحار الانوار : ج 92 ص 189 .
(3) كنز العمال : ح 2330 .
(4) مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل : ج 4 ص 235 .

كيف نقرأ القرآن _ 9 _
الاهتمام بالقرآن
   عن أبي الجارود قال : قال أبو جعفر عليه السلام : قال رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] : أنا أوّل وافد على العزيز الجبّار يوم القيامة ، وكتابه ، وأهل بيتي ، ثمّ امّتي ، ثم أسالهم ما فعلتم بكتاب الله وأهل بيتي (1) .
   وكيف فعلوا بكتاب الله وهل ساروا حسب وفقه ام جعلوه غاية لمصالحهم وشهواتهم وأول من صنع هذا هو ذاك الذي قال في وجه الرسول [ صلى الله عليه وآله ] كفانا كتاب الله وهل كان يفهم كتاب الله حيث منع الرسول [ صلى الله عليه وآله ] من الكتف والدواة وقال للرسول [ صلى الله عليه وآله ] انّ الرجل ليهجر وهو يلتجأ بعليِّ أكثر من سبعين مرّة ويقول لولا علي لهلك عمر ويقول حتّى النساء افقه منّي ولم يحفظ من كتاب الله الاّ القليل مع اصراره على الحفظ وحفظ سورة البقرة خلال اثنتي عشرة سنة فلما ختمها نحر جزوراً (2) .
   وأمّا أهل بيت الرسول [ صلى الله عليه وآله ] : كيف جازوهم تقول عائشة بنت الشاطئ في كتابها [ السيدة زينب عقيلة بني هاشم عليها السلام ] في صفحة 36 :
يوم حاول « عمر بن الخطاب » ان يقتحم بيت « الزهراء » كي يحمل « عليا » على البيعة « لأبي بكر » خشية تفرّق الكلمة وتمزّق الشمل [ وهل ابن ابي قحافة وابن الخطاب اشدّ خوفاً من الله والرسول على الدّين والأمة تركوا رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] مسجّى وليس عنده الاّ عليا مشتغلاً بتجهيزه [ صلى الله عليه وآله ] وابن الخطاب وابن ابي قحافة مشتغلان بغصب الخلافة وتمزّق الأمة وتفرّق الكلمة بعدما أمرهم الله سبحانه وتعالى يوم الغدير بأتباع عليٍّ [ عليه السلام ] من بعد الرسول وجعله وليّاً وخليفة للمؤمنين ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ) .

--------------------
(1) بحار الانوار : ج 92 .
(2) الدر المنثور : ج1 ص 12 ، تاريخ الاسلام للذهبي : ( عهد الخلفاء الراشدين : ص 267 ) .

كيف نقرأ القرآن _ 10 _

   فأخذ رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] عليا بيده وقال : « من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه ، اللهمّ والٍ مّن والاه ، وعادِ من عاداه ، فلقيه عمر [ بن الخطاب ] وقال : هنيئاًَ لك يابن أبي طالب اصبحت مولاي ، ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة (1) .
   ثمّ لم يتفرّقا القوم حتى نزلت هذه الآية : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ) .
   اذاً ايُّ تفرّق تشير اليه بنت الشاطي مع وجود النص على خلافة امير المؤمنين علي [ عليه السلام ] أو ليس سقيفة بني ساعدة ومؤسسها مزّقت كلمة الاسلام بعناوين مختلفة مع أنّ النبي [ صلى الله عليه وآله ] أمر المسلمين بالخروج مع جيش اُسامة ولعن من تخلّف عنه .
   ثم تقول بنت الشاطي :
   فلمّا سمعت « فاطمة » اصوات القوم ( عمر وجماعته ) تقترب نادت بأعلى صوتها : يا ابت رسول الله ، ماذا لقينا بعدك من « ابن الخطاب » و « وابن ابي قحافة » ؟

--------------------
(1) تفسير النيسابوري ( غرائب القرآن ورغائب الفرقان ) .

كيف نقرأ القرآن _ 11 _
   وقد اشار الى هذه المقطوعة من التاريخ كثير من علماء العامة باساليب مختلفة مع اضافة حرق الباب بالنار وسقوط الجنين :
1 ـ قال ابن عبد ربّه الأندلسي : الذين تخلّفوا عن بيعة أبي بكر : عليّ عليه السلام ، والعباس ، والزبير ، وسعد بن عبادة فامّا عليّ والعبّاس والزبير فقعدوا في بيت فاطمة حتى بعث اليهم أبو بكر عمر بن الخطاب ليخرجهم من بيت فاطمة وقال له : ان ابوا فقاتلهم ، فاقبل بقبس من نار على ان يضرم عليهم الدار ، فلقيته فاطمة ، فقالت يابن الخطّاب : أجئت لتحرق دارنا ؟ قال : نعم . أو تدخلوا فيما دخلت فيه الامة (1) .
2 ـ قال عمر رضا كحاله : وتفقّد ابو بكر قوماً تخلّفوا عن بيعته عند علي بن أبي طالب
كالعباس والزّبير وسعد بن عباد فقعدوا في بيت فاطمة فبعث أبو بكر عمر بن الخطاب فجاءهم عمر فناداهم وهو في دار فاطمة فأبوا ان يخرجوا .
   فدعا بالحطب وقال : والذي نفس عمر بيده لتخرجنّ أو لأحرقنّها على من فيها ، فقيل له : يا أبا حفص إن فيها فاطمة قال : واِن . . (2) .
3 ـ قال أبو الفتح أحمد بن عبد الكريم الشهرستاني : وقال النظام (3) إن عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتى ألقت الجنين من بطنها (4) وكان يصيح : احرقوا دارها بمن فيها ، وما كان في الدار غير عليٍ ، وفاطمة ، والحسن والحسين (5) .
4 ـ أخرج البلاذي عن سليمان التيمي ، وعن ابن عون : انّ ابا بكر ارسل الى عليّ يريد البيعة فلم يبايع ، فجاء عمر ،

--------------------
(1) العقد الفريد : ج2 ص 205 ط المطبعة الازهرية المصرية الكائنة بخان جعفر بجوار الساحة الحسينينة عام 1321 هجـري .
(2) اعلام النساء : ج4 ص 114 .
(3) توفّى النظام سنة 231 هجري انظر : هامش الملل والنحل : ج 1 ص 53 .
(4) الى هنا ذكره الصفدري في الوافي بالوفيات : ج 6 ص 17 وفيه : ألقت المحسن من بطنها .
(5) الملل والنحل : ج1 ص 57 .

كيف نقرأ القرآن _ 12 _
ومعه فتيلة فتلقّته فاطمة على الباب فقالت فاطمة :
   يابن الخطّاب ، اتراك محرّقا عليّ بابي ؟ قال : نعم . وذلك أقوى فيما جاء به أبوك (1) .
   [ انظر الى وقاحة الرجل الى أيِّ حدِّ وصلت يتجسر على بضعة الرسول [ صلى الله عليه وآله ] ويتمسخر بالنبي ورسالة الله سبحانه وتعالى ] .
5 ـ قال عبد الحميد بن أبي الحديد : ولما رأت فاطمة ما صنع عمر ، فصرخت ، ولوت ، واجتمع معها نساء كثير من الهاشميات ، وغيرهنّ فخرجت الى باب حجرتها وقالت : يا ابا بكر ما اسرع ما اغرتم على أهل بيت رسول الله (2) والله لا أكلّم عمر حتّى القي الله .
6 ـ قال الاستاذ الكبير عبد الفتاح عبد المقصود : « . . . أتى عمر بن الخطاب منزل علي وفيه طلحة ، والزبير ، ورجال من المهاجرين ، فقال : والله لأحرقن عليكم أو لتخرجنّ الى البيعة . . (3) .

--------------------
(1) انساب الأشراف : ج1 ص 586 .
(2) شرح نهج البلاغة : ج2 ص 119 .
(3) شرح النهج : ج1 ص 134 ، أنساب الأشراف للبلاذري : ج1 ص 278 ، تاريخ ابي الفداء ص 156 ، شرح نهج البلاغة : ج2 ص 19 الامامة والسياسة لأبن قتيبة : ج1 ص 20 ، عقد الفريد : ج2 ص 176 ، شهيرات النساء : ج3 ص 33 .

كيف نقرأ القرآن _ 13 _
ثمّ قال الاستاذ :
   ثمّ تطالعنا صحائف ما أورد المؤرّخون بالكثير من أشباه هذه الأخبار المضطربة التي لانعدم ان نجد من بينها من عنف عمر ما يصل به الى المشروع في قتل علي ، أو أحراق بيته على من فيه . . .
   فلقد ذكر انّ ابا بكر ارسل عمر بن الخطاب ، ومعه جماعة بالنار ، والحطب الى دار علي وفاطمة ، والحسن ، والحسين ليحرقوه بسبب الامتناع عن بيعته . فلمّاَ راجع عمر بعض الناس قائلين : « انّ في البيت فاطمة » ، قال : وإن ! . . » (1) .
7 ـ وقد نظم هذه الواقعة شاعر النّيل حافظ ابراهيم فقال :

وقـولــة  ( لعليّ ) قالهــا iiعمــر
اكــرم بـسامعهــا اعظم iiبملقيهــا
حـرّقت دارك لا أبقي عليــك iiبهــا
ان لم تبايــع وبنـت المصطفى فيهـا
مـا  كــان غير أبي حفص يفوه iiبها
امـام فارس عدنــان وحاميهــا (2)

--------------------
(1) السقيفة والخلافة : ص 14 .
(2) ديوان ابراهيم : ج 1 ص 75 تحت عنوان : ( عمر وعلي ) طبع دار الكتب المصرية القاهرة .

كيف نقرأ القرآن _ 14 _
8 ـ وقال ابن قتيبة : . . . ثمّ قام عمر فمشى ومعه جماعة حتّى أتوا باب فاطمة فدقّوا الباب فلما سمعت اصواتهم نادت بأعلى صوتها : يا ابت يا رسول الله ماذا لقينا بعدك من ابن الخطّاب ، وابن أبي قحافة (1) .
9 ـ يقول صاحب كتاب الاحتجاج لقد خاطب الامام الحسن عليه السلام المغيرة بن شعبة في مجلس معاوية بقوله : « وأنت ضربت فاطمة بنت رسول الله حتى اَدميتها ، وألقت ما في بطنها ، استذلالاً منك لرسول الله ، ومخالفة منك لأمره ، وانتهاكا لحرمته ، وقد قال لها رسول الله : « انت سيدة نساء أهل الجنة » والله مصيّرك الى النار . . . الخ (2) .
10 ـ وهناك الشعراء يتواترون المأساة ويتحدّثون عنها ، قال أحدهم :
اِوتـدري  مـا صدر فاطم ما iiالمسمار
ومــا  حال ضلعهــا iiالمكســور
مــا  سـقوط الجنين ؟ مــا iiحمرة
العين ومــا بال قرطهـا المنثــور

   وفي آخر المطاف نرجع الى تتمّة ما قالته بنت الشاطي : ممّا لقت الزهراء عليها السلام من المصيبة من ابن الخطاب وابن ابي قحافة عند ذلك انصرف القوم باكين ، ومضى « عمر » محزوناً يسأل « أبا بكر » ان ينطلق معه الى « فاطمة » ليسترضياها .
   وانطلقا فأستأذنا عليها فلم تأذن لهما ، فأتيا « علياً » فكلّماه ، فأدخلهما عليها ، فلمّا اخذا مجلسيهما حوّلت « فاطمة » وجهها الى الحائط ، دون ان تردّ عليهما السّلام ! .
   وتكلّم « ابو بكر » فقال : ياحبيبة رسول الله ، والله ان قرابة رسول الله احبّ الي من قرابتي ، وإنّك احبّ اليّ من عائشة ابنتي ، ولوددت يوم مات ابوك انّي مت ولا ابقى بعده ، أفتراني أعرفك وأعرف فضلك

--------------------
(1) الامامة والسياسة الطبعة الاخيرة عام 1969 بمصر .
(2) الاحتجاج : ص 137 والبحار : ج 10 .

كيف نقرأ القرآن _ 15 _
وشرفك ، وامنعك حقّك وميراثك من رسول الله ، الاّ انّي سمعته [ صلى الله عليه وآله ] يقول : « نحن معاشر الانبياء لانورّث ما تركناه فهو صدقة » .
   فأدارت « فاطمة » اليهما ، وجهها الشاحب الحزين وسألت :
ـ أرأيتكما إن حدّثتكما حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وآله تعرفانه وتعملان به ؟ قالا معاً : « نعم » .
فقالت :
ـ انشدتكما الله الم تسمعا رسول الله يقول : « رضا فاطمة من رضاي ، وسخط فاطمة من سخطي ، فمن أحبّ فاطمة ابنتي فقد أحبّني ، ومن ارضى فاطمة فقد ارضاني ، ومن اسخط فاطمة فقد اسخطني ؟ » .
قالا : « نعم سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وآله » .
قالت :
ـ فأنّي اشهد الله وملائكته إنكما اسخطتماني وما ارضيتماني ولئن لقيت رسول الله لأشكوكما إليه . وعادت فأشاحت بوجهها الحزين ، وخرج الزائران يبكيان ! . .

كيف نقرأ القرآن _ 16 _
حتّى إذا لقيا القوم ، سألهم « أبو بكر » ان يقيلوه من البيعة فأبوا . . . (1) .
   وهناك مجموعة من الأحاديث تشير الى الفاجعة التي احدثها عمر وأبو بكر بحقّ فاطمة الزهراء [ عليها السلام ] وآدّت الى وفاة الزهراء [ عليها السلام ] هذا الذي كان يخشاه الرسول [ صلى الله عليه وآله ] أن يحدث من بعده وكان يقول في حقّ ابنته فاطمة « فاطمة بضعة منّي فمن أغضبها أغضبني » (2) .
   وكان يقول [ صلى الله عليه وآله ] بأبي وأميّ إني يوشك أن اُدعى فأُجيب وإنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله عز وجل وعترتي أهل بيتي ، كتاب الله حبلٌ ممدودٌ من السّماء الى الأرض وعترتي أهل بيتي ، وإنّ اللطيف الخبير أخبرني أنّهما لَن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض ، فانظروا كيف تخلّفوني فيهما (3) .

--------------------
(1) السيدة زينب عقيلة بني هاشم ، بنت الشاطي : ص 36 .
(2) صحيح البخاري : ج5 ص 26 . وفي صحيح مسلم : ج4 ص1903 اضاف يربيني ما أرابها ويؤذيني ما آذاها .
(3) المصادر : صحيح مسلم : ج2 ص238 وسنن الترمذي : ج 2 ص 307 ، مسند احمد بن حنبل : ج3 ص 14 ، 17 ، 59 ومسترك الصحيحين : ج3 ص 109 .
واهل بيت الرسول صلى الله عليه وآله هم الذين ذهب بهم ليباهل بهم نصارى نجران وما كان مع النبي إلاّ فاطمة وابوها وبعلها وبنوها فليست نساء النبي من أهل بيته ، سورة آل عمران ، الآية 61 .

كيف نقرأ القرآن _ 17 _
وحامل القرآن مما لهم عند الله من الكرامة والشرف » (1) .
   يروى عن الرسول [ صلى الله عليه وآله ] انه قال : « حملة القرآن المخصوصون برحمة ا . . . ، الملبسون نور الله ، المعلّمون كلام الله ، المقرّبون عند الله ، من والاهم فقد والى الله ، ومن عاداهم فقد عادى الله .
   فيقول الله عزّ وجلّ : ياحملة القرآن تحببّو الى الله بتوقير كتابه يزدادكم حبّاً ويحببكم الى خلقه (2) .
   وروي عن النبي [ صلى الله عليه وآله ] قال : انّ اكرم العباد الى الله بعد الانبياء : « العلماء ، ثمّ حملة القرآن ، يخرجون من الدنيا كما يخرج الأنبياء ، ويحشرون من قبورهم مع الأنبياء ، ويمرّون على الصراط مع الأنبياء ويأخذون ثواب الأنبياء ، فطوبى لطالب العلم » .
   وعنه [ صلى الله عليه وآله ] قال : يوضع يوم القيامة ـ منابر من نور ، وعند كلّ منبر نجيب من نجب الجنّة ثمّ ينادي مناد من قبل ربّ العزّة : اين حملة كتاب الله [ وهم حفظة القرآن العاملون به ] .
   اجلسوا على هذه المنابر فلا خوف عليهم ، ولا انتم تحزون حتى يفرغ الله تعالى من حساب الخلائق ، ثمّ اركبوا على هذه النّجب واذهبوا الى الجنّة (3) .
   وقال الامام الصادق [ عليه السلام ] : ثلاثة يشكون الى الله عزّ وجلّ : « مسجد خراب لا يصلّي فيه اهله ، وعالم بين جهّال ، ومصحف معلّق قد وقع عليه الغبار لا يقرأ فيه » (4) .
   هذا الحديث الشريف يشير الى أمور عديدة قد ابتلى بها المسلمون ، منها : قلّة الحضور في المساجد وقت الصلاة وهذه الظاهرة دالة على

--------------------
(1) مستدرك الوسائل : ج1 ص 290 .
(2) مستدرك الوسائل : ج1 ص 290 القديم .
(3) مستدرك الوسائل : ج1 ص 290 [ النجب جمع نجيب وهو الفرس الاصيل ] .
(4) الكافي : ج2 ص 449 .

كيف نقرأ القرآن _ 18 _
تفرّق المسلمين .
اذاً أين مقولة هذه الآيات الشريفة :
1 ـ « إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ » (1) .
2 ـ « وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ » (2) .
   وغير ذلك من الآداب والاخلاق الحميدة السامية ، ومنها :
   عدم التثقيف فكثيرا من المسلمين أصبحت أوقاتهم الغالية رخيصة في حقّ التلفاز والراديو واللهو واللعب وتركوا الثقافة الاسلامية من مطالعة الكتب والجرائد والصحف والمجلات التي تبني كيانهم المنهار وتركهم رجال الدّين وهذه المصيبة عمت كثيرا من المسلمين وليس غريبا نفقد بلادنا الاسلامي من اقصاه الى اقصاه وتهيمن علينا الغرب لانّ الجهل احاط بنا وملأ آفاق الدول الاسلامية فأصبحت التيارات الغربيّة هي المؤثرة ثقافة وحضارة . ومنها :

--------------------
(1) سورة الحجرات ، الآية 10 .
(2) سورة آل عمران ، الآية 103 .

كيف نقرأ القرآن _ 19 _
   ركوا القرآن مهجوراً وبالأحرى أن أقول المبادئ والقيم التي كان المسلم يفتخر بها على غيره آنذاك القيم التي بنت الكيان الاسلامي سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وروحيا وفكريا .
   القرآن الذي فيه تبيان كلّ شيء ( لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ) (1) .
   القرآن الذي اعطى للأنسان جميع الحريات المشروعة ونهى الانسان عن المحرّم المحدود ، والذي اشار اليه العلماء بالتفصيل في الكتب الاسلامية وحلّل الطيبات من الأكل والشرب ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) وقوله تعالى : ( قل انّما قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) (2) وقوله تعالى : ( لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ) (3) وقوله تعالى : ( الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ) (4) فأطلق سراح الحريات المقيّدة بالسلاسل والأغلال ومسك بيد الأمراه واعطاها مستواها الرفيع الشامغ بعدما كانت تدفن ويهال عليها التراب في الجاهلية الظلماء فقال سبحانة وتعالى ( وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ) وأعطى حرية الكلام تحت الاطار الاسلامي اعنى ان لا يكون سبّاً أو فحشاً أو إهانة قوله تعالى : ( وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ ) (5) .

--------------------
(1) سورة فصلت ، الآية 42 .
(2) سورة الأعراف ، الآية 33 .
(3) سورة البقرة ، الآية 256 .
(4) سورة الزُّمّر ، الآية 18 .
(5) سورة الأنعام ، الآية 108 .

كيف نقرأ القرآن _ 20 _
( ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) (1) .
   وقوله تعالى : ( وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ) (2) .
وهكذا حرية الجرائد والصحف والمجلات ، وحرية التلفاز والراديوا ، وحرية الأحزاب الحرة ، وكلّ هذه تحت الأطار الأسلامي المشروع وليس تحت قانون الدول التي لا تلاحظ الشرع والعقل ، قال : فكشف العمامة عن وجه وقال : يا أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا جندب بن جنادة البدري ، أبو ذر الغفاري .
   سمعت رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] : بهاتين والاّ صمّتا ، ورأيته بهاتين والاّ فعميتا يقول : « عليٌّ قائد البررة ، وقاتل الكفرة ، منصور من نصره ، مخذول من خذله » ، أما أنّي صلّيت مع رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] صلاة الظهر فسئل سائل في المسجد فلم يعطه أحد ، فرفع السائل يده الى السماء وقال : اللهمّ أشهد انّي سئلت في مسجد رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] فلم يعطني أحد شيئاً ، وكان عليّ راكعاً فأومئ اليه بخنصره اليمنى وكان يتختّم فيها فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره ، وذلك بعيني النبي [ صلى الله عليه وآله ] .
   فلمّا فرغ من صلاته رفع النبي [ صلى الله عليه وآله ] رأسه الى السماء وقال : « اللهم انّ موسى سألك فقال : ( رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي * وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ) » (3) .

--------------------
(1) سورة النحل ، الآية 125 .
(2) سورة فصلت ، الآية 34 .
(3) سورة طه ، الآية 25 ـ 32 .

كيف نقرأ القرآن _ 21 _
   فأنزلت عليه قرآنا ناطقاً : ( سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا ) (1) .
   اللهم وانا محمد نبيّك وصفيّك ، اللهم فأشرح لي صدري ، ويسّر لي امري واجعل لي وزيراً من أهلي ( عليا ) اشدد به ظهري ، قال ابو ذر : فما استتم رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] الكلمة حتى نزل عليه جرائيل من عند الله تعالى فقال : يا محمد اقرأ : قال : وما اقرأ ؟ قال : إقرأ ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) (2) .
   نعم يجب الاهتمام بالقرآن والعمل به فولاية علي ابن ابي طالب عليهما السلام شرطا اساسيا وواجبا شرعيا افرضه الله تعالى على عباده في واقعة الغدير حيث أمر الله سبحانه وتعالى الرسول [ صلى الله عليه وآله ] بالتبليغ ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ) (3) .

--------------------
(1) سورة القصص ، الآية 35 .
(2) غاية المرام : ص 103 و 104 .
(3) سورة المائدة ، الآية 67 .

كيف نقرأ القرآن _ 22 _
   روى العلامة النيسابوري ( نظام الدين ) ابو بكر محمد بن الحسن ( الشافعي ) في تفسيره قال : عن ابي سعيد الخدري ، ان هذه الآية : يا أيها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربّك الآية نزلت في فضل علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) في ( غدير خم ) فاخذ رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] بيده وقال : « من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، اللهمّ والي من ولاه وعاد من عاداه » ، فلقيه عمر [ بن الخطاب ] وقال : هنيئا لك بابن ابي طالب اصبحت مولاي ، ومولى كل مؤمن ومؤمنة (1) .
   اخرج العلامة ( الحنفي ) موفق بن احمد الخوارزمي في ( مقتله ) بسنده المذكور عن أبي سعيد الخدري قال : انّ النبي [ صلى الله عليه وآله ] يوم دعا الناس الى علي في ( غدير خم ) امر بما كانت تحت الشجرة من شوك فلمَّ ، وذلك يوم الخميس ، ثمّ دعا الناس الى عليّ فأخذ بضبعه ثمّ رفعه حتى نظر الناس الى بياض ابطيهما ، ثمّ لم يتفرّقا

--------------------
(1) تفسير النيسابوري ( غرائب القرآن ورغائب الفرقان ) هامش تفسير الطبري : ج6 ص 194 و 195 .

كيف نقرأ القرآن _ 23 _
حتى نزلت هذه الآية ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ) (1) .
   فقال رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] : « الله أكبر على اكمال الدين واتمام النعمة ورضا الرب برسالتي والولاية لعليّ ثمّ قال : اللّهم والِ من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله » (2) .
   ونقل الشيخ عبد العظيم الربيعي ، في ( كتاب السياسة الحسينية ) في باب ( الاذان ومضامينه العالية ) عن كتاب ( السلافة في امر الخلافة ) تأليف الشيخ عبد الله المراغي ـ من اعلام السنة في القرن السابع الهجري ـ ونقل فيه روايتان ، مضمون احديهما : انّه اذّن سلمان الفارسي فرفع الصحابة لرسول الله [ صلى الله عليه وآله ] انه [ سلمان ] زاد في الأذان ( اشهد أنّ علياً ولي اللّه ) فجبههم [ قطعهم ] النبي بالتوبيخ والتأنيب اللاذع واقر لسلمان هذه الزيادة .

--------------------
(1) سورة المائدة ، الآية 3 .
(2) مقتل الحسين للخوارزمي : ج1 ص 47 و48 .

كيف نقرأ القرآن _ 24 _
   ومضمون الآخرى : انّهم سمعوا ابا ذر الغفاري ـ بعد بيعة الغدير ـ يهتف بها في الاذان ، فرفعوا ذلك الى النبي صلى الله عليه وآله فقال لهم : أما وعيتم خطبتي يوم الغدير لعليّ بالولاية ؟ اما سمعتم قولي في ابي ذر « ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء على ذي لهجة اصدق من ابي ذر الغفاري ؟ » انّكم لمنقلبون بعدي على اعقابكم (1) .
   ولقد اشار النبي [ صلى الله عليه وآله ] الى قول الله تعالى : ( أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ ) (2) .
   وإنَّ حسان بن ثابت انشد في علي عليه السلام يوم الغدير هذه الأبيات :
يناديـهم  يـوم الغــدير iiنبـيـهـم
بخم وأســمع بـالرســول مـناديا
يقــول  فـمـن مـوالكـم ونبـيكم
فقالـو ولم يبـدوا هناك iiالتـعـاميـا
الـهـك مــولانـا وأنـت iiوليـنـا
ولـم تـرينـا في الـولاية عاصـيـا
فـقـال لـه قم يـاعـلي iiفــاننـي
رضـيتك  من بعـدي امـامـا iiوهادياً

--------------------
(1) السياسة الحسينية : ص 10 . (2) آل عمران ، الآية 144 .

كيف نقرأ القرآن _ 25 _
   عن اسحاق بن غالب قال : قال أبو عبد الله [ عليه السلام ] : اذا جمع الله عز ّوجلّ الاوّلين والآخرين اذا هم بشخص قد اقبل لم ير قط أحسن صورة منه ، فأذا نظر اليه المؤمنون [ وهو القرآن ] قالوا : هذا منّا ، هذا احسن شيء رأينا ، فأذا انتهى اليهم جازهم ـ الى ان قال [ عليه السلام ] ـ حتى يقف عن يميني العرش فيقول الجبّار عز ّوجلّ : وعزّتي وجلالي وارتفاع مكاني لاكرمنّ اليوم من أكرمك ، ولأهيننّ من أهانك (1) .
   وفي وصيّة النبي [ صلى الله عليه وآله ] لعليّ [ عليه السلام ] قال : « وعليك بتلاوة القرآن على كلّ حال » (2) .
   وقال [ صلى الله عليه وآله ] : « ان هذا القرآن هو النور المبين ، والحبل المتين ، والعروة الوثقى ، والدرجة العليا ، والشفاء الأشفى ، والفضيلة الكبرى ، والسعادة العظمى ، من استضاء به نوّره الله ، ومن عقد به أموره عصمه الله ، ومن تمسّك به انقذه الله ، ومن لم يفارق احكامه رفعه الله ، ومن استشفى به شفاه الله ، ومن آثره على ما سواه هداه الله ، ومن طلب الهدى في غيره اضلّه الله ، ومن جعله شعاره ودثاره اسعده الله ، ومن جعله إمامه الذي يقتدي به ومقوله الذي ينتهي اليه أواه الله الى جنّات النعيم ، والعيش السليم » (3) .

--------------------
(1) الكافي : ج2 ص 440 ح 14 .
(2) الكافي : ج8 ص 79 ح 33 اورده عن المحاسن في الحديث 21 .
(3) بحار الأنوار : ج 92 ص 31 .

كيف نقرأ القرآن _ 26 _
   وقال الامام علي بن أبي طالب [ عليهما السلام ] : « ثمّ انزل عليه [ اي انزل الله على نبيه محمد [ صلى الله عليه وآله ] : الكتاب نوراً لا تطفا مصابيحه ، وسراجا لا يخبو توقده ، وبحرا لا يدرك قعره ، ومنهاجا لايضل نهجه ، وشعاعا لا يظلم ضوؤه ، وفرقانا لا يخمد برهانه ، وتبيانا لا تهدم اركانه ، وشفاءً لا تخشى اسقامه ، وعزّاً لا تهزم انصاره ، وحقّاً لا تخذل اعوانه فهو معدن الايمان وبحبوحته وينابيع العلم وبحوره ، ورياض العدل وغدرانه ، وأثافي (1) الاسلام وبنيانه ،وآودية الحقّ ، وغيطانه ، وبحر لاينزفه المنتزفون ، وعيون لا ينضبها الماتحون ، ومناهل لا يغصها الواردون ، ومنازل لا يضل نهجها المسافرون ، وأعلام لا يعمى عنها السائرون ، وأكام لا يجوز عنها القاصدون ، جعله الله ريّا لعطش العلماء ، وربيعا لقلوب الفقهاء ، ومحاجا لطرق الصلحاء ، ودواءً ليس بعده دواء ، ونوراً ليس معه ظلمة وحبلاً وثيقا عروته ، ومعقلا منيعا ذروته ، وعزّاً لمن تولاه ، وسلماً لمن دخله ، وهدىً لمن ائتمّ به ، وعذرا لمن انتحله ، ورهاناً لمن خاصم به ، وفلجا لمن حاجّ به ، وحاملا لمن حمله ، ومطيّة لمن اعمله ، وآية لمن توسّم ، وجنّة لمن استلأم ، وعلما لمن وعى ، وحديثا لمن روى ، وحكما لمن قضى » (2) .

--------------------
(1) جمع اثفيه : الحجر الذي يوضع عليه القدر والمقصود منه عليه قام الاسلام .
(2) نهج البلاغة ، الخطبة رقم 198 .