كيف نتلوا
   وعن عبدالله بن سليمن قال : سألت ابا عبدالله [ عليه السلام ] عن قول الله عز ّوجلّ ( وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ) (1) ، قال [ عليه السلام ] قال امير المؤمنين [ عليه السلام ] بيّنه تبيانا ولا تهزّه هزّ الشعر ، ولا تنثره نثر الرّمل ، ولكن اقرعوا به قلوبكم القاسية ولا يكن همُّ أحدكم آخر السورة (2) .
   وعن الامام الصادق [ عليه السلام ] : ( وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ) قف عند وعده ووعيده وتفكّر في امثاله ومواعظه [ وقوله [ عليه السلام ] : الوقوف عند ذكر الجنة والنار (3) .
   وقال سبحانه وتعالى ( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) (1) .

--------------------
(1) سورة المزّمّل ، الآية 4 .
(2) السرائر لابن ادريس : ص 476 واورد الكليني (ره) في اصول الكافي : ج2 ص 614 .
(3) تفسير العياشي : ج1 ص 57 .

كيف نقرأ القرآن _ 28 _
   ويروى عن النبي [ صلى الله عليه وآله ] : [ قال ] اقرأوا القرآن بالحان العرب وأصواتها ، وإيّاكم ولحون أهل الفسق [ بعض النسخ أهل الفسوق ] [ وأهل الكبائر فأنه سيجيء من بعدي أقوام يرجّعون القرآن ترجيع الغناء ، والنوح والرّهبانّية ، لايجوز تراقيهم [ لا يجوز مدحهم ورفع شأنهم ] ، قلوبهم مقلوبة [ بعض النسخ قاسية ] وقلوب من يعجبه شأنهم (2) .
   وعنه [ صلى الله عليه وآله ] : انّ الرّجل الأعجمي [ غير العربي ] من أمّتي ليقرأ القرآن بعجمته فترفعه الملائكة على عربيّته (3) .
   وهناك آية شريفة دالة على هذا المطلب قوله تعالى في سورة فاطر آية عشرة [ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ] .

--------------------
(1) سورة البقرة ، الآية 121 .
(2) الكافي : ج2 ص 614 .
(3) الكافي : ج2 ص 619 باب ( ان القرآن يرفع كما انزل ) .

كيف نقرأ القرآن _ 29 _
   المقصود من الكلم الطيّب : هي الكلمات الحسنة من التعظيم والتقديس وأيّ شيء أحسن من كتاب الله وذكر الله وأحسن الكلام ( لا اله الاّ الله ) سوى صدرت من عربيّ أو أعجميّ وهذه الكلمات تصعد الى الله لانّ الملائكة يكتبون اعمال بني آدم ويرفعونها الى حيث شاء الله سبحانه وتعالى وهذا معنى قوله تعالى ( كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ ) (1) و ( كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ ) (2) .
   وأمّا العمل الصالح فأفضل الأعمال خدمة الناس خير الناس أنفعهم للناس وقد اشارة الآية الشريفة الى ذلك ( أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ) (3) .
   وعن أبي عبدالله [ عليه السلام ] قال : تعلّموا العربيّة فأنها كلام الله الذي كلّم به خلقه ونطق به للماظين (4) . وعن النبي صلى الله عليه وآله : حسنّوا القرآن بأصواتكم فأن الصّوت الحسن يزيد القرآن حسناً (5) .
   وعن الإمام الصادق [ عليه السلام ] في قوله تعالى : ( والذين آتيناهم الكتاب الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ ) قال عليه السلام : حقّ تلاوته هو الوقوف عند ذكر الجنّة والنار يسأل في الأولى ويستعيذ من الأخرى (6) .

--------------------
(1) سورة المطففين ، الآية 18 .
(2) سورة المطففين ، الآية 7 .
(3) سورة المؤمنين ، الآية 61 .
(4) الخصال للصدوق : ص 258 ح 134 .
(5) عيون أخبار الرضا : ج 2 ص69 .
(6) مجمع البيان : ج1 ص198 .

كيف نقرأ القرآن _ 30 _
   سُئل النبي [ صلى الله عليه وآله ] : ايّ الناس احسن صوتاً بالقرآن ؟ فقال [ صلى الله عليه وآله ] : « من إذا سمعت قراءته رأيت انه يخشى الله » (1) .
   وعن محمد بن الفضيل قال : قال أبو عبدالله [ عليه السلام ] : « يكره ان يقرأ قل هو الله أحد في نفس واحد » (2) .
   وعن أم سلمة أنها قالت : كان النبي [ صلى الله عليه وآله ] يقطع قراءته آية آية (3) .
   وعن أبي عبد الله [ عليه السلام ] قال : ان الله عز ّوجلّ اوحى الى موسى بن عمران [ عليه السلام ] : « إذا وقفت بين يدي فقف موقف الذّليل الفقير ، واذا قرأت التوراة فأسمعنيها بصوت حزين » (4) .

--------------------
(1) بحار الانوار : ج92 ص 195 .
(2) الكافي : ج2 .
(3) مجمع البيان : ج5 ص 378 .
(4) مجمع البيان : ج5 ص 378 .

كيف نقرأ القرآن _ 31 _
   وعن النبي [ صلى الله عليه وآله ] : « انّ القرآن نزل بالحزن فاذا قرأتموه فابكوا فأن لم تبكوا فتباكوا » (1) .
   وعن الإمام الصادق [ عليه السلام ] قال ان رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] ، اتى شابّاً من الأنصار فقال [ صلى الله عليه وآله ] انّي أريد ان اقرأ عليكم ( القرآن ) فمن بكى فله الجنّة فقرأ آخر الزّمر : ( وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا ) الى آخر السورة ، فبكى القوم جميعا الاّ شابّا فقال [ الشاب ] يارسول الله قد تباكيت فما قطرت عيني . قال [ صلى الله عليه وآله ] أنّي معيد عليكم فمن تباكى فله الجنّة ، فأعاد [ صلى الله عليه وآله ] عليهم فبكى القوم وتباكى الشاب فدخلوا الجنّة جميعاً (2) .
   وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب [ عليه السلام ] في وصف المتّقين قال : « اما الليل فصافّون اقدامهم ، تالين لاجزاء القرآن ، يرتلونه ترتيلا ، يحزنون به انفسهم ،

--------------------
(1) المستدرك : ج1 ص 294 .
(2) المجالس : ص 325 وفي الأمالي للصدوق : ص 437 / 10 المجلس 1 .

كيف نقرأ القرآن _ 32 _
يستثيرون به دواء دائهم ، واذا مرّوا بآية فيها تخويف اصغوا اليها مسامع قلوبهم وابصارهم فاقشعرّت منها جلودهم ووجلت قلوبهم ، فظّنوا انّ صهيل جهنم وزفيرها وشهيقها في أصول آذانهم ، واذا مرّوا بآية فيها تشويق ركنوا اليها طمعا ، وتطلّعت أنفسهم اليها شوقا ، وظنّوا أنّها نصب أعينهم » (1) .
   وعنه عليه افضل الصلاة والسلام قال : أنّه سيأتي عليكم من بعدي زمان ليس فيه شيء اخفى من الحقّ ولا أظهر من الباطل . . . ليس عند أهل ذلك الزمان سلعه ابور من الكتاب اذا تلي حق تلاوته ، ولا انفق منه اذا حرّف عن مواضعه ، ولا في البلاد شيء انكر من المعروف ، ولا اعرف من المنكر . . . فالكتاب يومئذ واهله طريدان منفيّان . . . (2) .

--------------------
(1) نهج البلاغة خطبة المتقين رقم 193 .
(2) نهج البلاغة خطبة 147 . وليس بعيدا ان هذا الزمان هو الذي اشار اليه الإمام عليه افضل الصلاة والسلام .

كيف نقرأ القرآن _ 33 _
   وعن الإمام الصادق [ عليه السلام ] : « في قوله تعالى : يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ » :
« يرتلون آياته ويتفهّمون معانيه ، ويعملون باحكامه ، ويرجعون وعده ويخشون عذابه ، ويتمثّلون قصصه ، ويعتبرون أمثاله ، ويأتون اوامره ، ويجتنبون نواهيه ، وما هو والله بحفظ آياته وسرد حروفه ، وتلاوة سوره ودرس اعشاره واخماسه ، حفظوا حروفه وأضاعوا حدوده ، وانّما هو تدبّر آياته » .
   يقول الله تعالى : ( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ ) (1) .

--------------------
(1) تنبيه الخواطر : ص 463 سورة ص الآية 29 .

كيف نقرأ القرآن _ 34 _
   قال العلامة المجلسي ( ره ) في البحار كان الإمام الرضا [ عليه السلام ] في طريق خراسان يكثر بالليل في فراشه من تلاوة القرآن ، فاذا مرّ بآية فيها ذكر جنّة او نار بكى وسأل الله الجنّة وتعوذّ به من النار (1) وقال المجلسي (ره) .
   قال سبحانه وتعالى ( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ ) (2) .
   وعن طاووس قال : سئل النبي [ صلى الله عليه وآله ] : من أحسن الناس قراءة ؟ قال [ صلى الله عليه وآله ] : اذا سمعت قراءته رأيت أنّه يخشى الله (3) .
   وعن الإمام الرضا [ عليه السلام ] عندما سئل عن قرائته القرآن ، فأجاب : « ما مررت بسورة الاّ فكرت في مكّيها ومدنيها ، وعامها وخاصها ، وناسخها ومنسوخها » الخ .

--------------------
(1) بحار الانوار : ج92 ص 210 .
(2) سورة الحديد ، الآية 16 .
(3) كنز العمال : ج3 ص414 .

كيف نقرأ القرآن _ 35 _
قارىءُ القرآن
   عن أبي عبدالله [ عليه السلام ] : في حديث : قال : انّ من الناس من يقرأ القرآن ليقال : فلان قارىء ، ومنهم من يقرأ القرآن ليطلب به الدنيا ولا خير في ذلك ، ومنهم من يقرأ القرآن لينتفع به في صلاته وليله ونهاره (1) .
   فأوّلهم مراءي في العمل ولا عمل له وثانيهم مشرك في العمل والشرك كفر وأما الثالث فهو المقصود من قارىء القرآن .
   وعن أبي جعفر [ عليه السلام ] قال : قرّاء القرآن ثلاثة : « رجل قرأ القرآن ، فاتّخذه بضاعة ، واستدرّ به الملوك ، واستطال به على الناس ، ورجل قرأ القرآن فحفظ حروفه ، وضيّع حدوده ، وأقامه اقامة القدح ، فلا كثر الله هؤلاء من حملة القرآن ، ورجل قرأ القرآن ، فوضع دواء القرآن على داء قلبه ، فاسهر به ليله ، واضمأ به نهاره ، وقام به في مساجده ، وتجافى به عن فراشه ، فبأولئك يدفع الله البلاء ، فبأولئك ينزّل الله الغيث من السماء ، فوالله هؤلاء في قرّاء القرآن اعزّ من الكبريت الأحمر » (2) .

--------------------
(1) الوسائل : ج6 ص 181 ـ أصول الكافي : ج2 ص 444 .
(2) المقصود من الكبريت الأحمر هي مادّة كميائية تبدل النحاس ذهبا وهي اغلى من كل شيء يتصوره الانسان .

كيف نقرأ القرآن _ 36 _
   وعن الصادق عن آبائه [ عليهم أفضل الصلاة والسلام ] عن النبيّ [ صلى الله عليه وآله ] : ( في حديث المناهي ـ قال : من قرأ القرآن ثمّ شرب عليه حراماً أو آثر عليه حبّ الدنيا وزينتها ، استوجب عليه سخط الله الاّ ان يتوب ، آلا وأنّه ان مات على غير توبة حاجّه ( القرآن ) يوم القيامة فلا يزايله الاّ مدحوضاً (1) .
   عن الإمام الصادق عن آبائه [ عليهم السلام ] : قال رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] صنفان من أمتي اذا صلحا صلحت أمّتي وإذا فسدا فسدت [ أمتي ] « الأمراء » ، « القرأء » (2) .
   وعن النبي [ صلى الله عليه وآله ] : في حديث قال : من تعلّم القرآن فلم يعمل به واثر عليه حبّ الدنيا وزينتها استوجب سخط الله وكان في الدرجة مع اليهود والنصارى ( الذين ينبذون كتاب الله وراء ظهورهم ) (3) .

--------------------
(1) من لا يحضره الفقيه : ج4 ص6 ح1 .
(2) الوسائل .
(3) ثواب الاعمال وعقاب الاعمال : ص 322 .

كيف نقرأ القرآن _ 37 _
   ومن قرأ القرآن يريد به سمعة والتماس الدنيا لقي الله يوم القيامة ووجهه عظم ليس عليه لحم وزجّ القرآن في قفاه حتى يدخله النار (1) .
   ومن قرأ القرآن ولم يعمل به حشره الله يوم القيامة اعمى فيقول : ( رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا ) قال : ( كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى ) فيؤمر به الى النار (2) .
   ومن تعلّم ( قرأ ) ابتغاء وجه الله وتفقّها في الدّين كان له من الثواب مثّل جميع ما يعطي الملائكة والأنبياء والمرسلون (3) .
   ومن تعلّم القرآن يريد به رياء وسمعة ليماري به السفهاء ويباهي به العلماء ، ويطلب به الدنيا بدّد الله عزّوجلّ عظامه يوم القيامة ولم يكن في النار أشد عذابا منه وليس نوع من انواع العذاب الاّ ويعذّب به ومن شدّة غضب الله عليه وسخطه (4) .
   ومن تعلّم القرآن وتواضع في العلم وعلّم عباد الله وهو يريد ما عند الله لم يكن في الجنّة اعظم ثوابا منه ولا اعظم منزلة منه ، ولم يكن في الجنّة منزل ولا درجة رفيعة ولا نفيسة الاّ كان له فيها أوفر النّصيب وأشرف المنازل (5) .

--------------------
(1 ، 2)ثواب الاعمال وعقاب الاعمال : ص337 .
(3) عقاب الأعمال : قطعة 346 .
(4) عقاب الأعمال : قطعة 347 .
(5) ثواب الاعمال وعقاب الاعمال : ص346 .

كيف نقرأ القرآن _ 38 _
   وعن أبي عبد الله [ عليه السلام ] قال :
قيل : ( يا رسول الله ) أيّ الرجال خير ؟
قال : الحال المرتحل .
قيل : وما الحال المرتحل ؟
قال : الفاتح الخاتم الذي يقرأ القرآن ويختمه فله عند الله دعوة مستجابة (1) .
وقال رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] : « يا أبا ذر من أجلال الله : إكرام ذي الشيبة المسلم ، وإكرام حملة القرآن العاملين به ، وإكرام السلطان المقسط [ العادل ](2) وان كان مشركا أو كافرا لانّ السلطان العادل يسيّر البلاد والعباد الى السعادة مثل ملك الحبشة النصراني العادل الذي استقبل اللاجئين [ جعفر بن أبي طالب [ عليهما السلام ] وجماعته ] برحابة صدر واسع وبعد ذلك اسلم .

--------------------
(1) ثواب الاعمال وعقاب الاعمال : ص 127 .
(2) مستدرك الوسائل : ج1 ص 290 .

كيف نقرأ القرآن _ 39 _
   وقال علي بن أبي طالب [ عليهما السلام ] : « من دخل في الاسلام طائعا وقرأ القرآن ظاهرا فله في كلّ سنة مائتا دينار في بيت مال المسلمين ، وان منع في الدنيا اخذها يوم القيامة وافية احوج ما يكون اليها » (1) .
   نهى عليّ بن أبي طالب عليهما السلام عن قراءة القرآن عرياناً (2) .
   وعنه [ عليه أفضل الصلاة والسلام ] : « سبعة لا يقرأون القرآن : الراكع ، والساجد ، وفي الكنيف ، وفي الحمّام ، والجُنب ، والنفساء ، والحائض » (3) .
   والنهي في هنا دالّ على الكراهية الاّ آيات السجدة الواجبة لو قُرأت في حالة الجنابة والنفاس والحيض فهي محرّمة (4) .
   وعن النبي الأكرم [ صلى الله عليه وآله ] : [ قال ] انت تقرأ القرآن ما نهاك ، فاذا لم ينهك فلست تقرؤه (5) .
نعم من لم يتّعظ بالقرآن لا يوعظ بشيء .
   وعنه [ صلى الله عليه وآله ] : الغرباء في الدنيا اربعة : « قرآن في جوف ظالم ، ومسجد في نادي قوم لا يصلّى فيه ، ومصحف في نادي قوم لا يصلّى فيه ، ورجل صالح مع قوم سوء » (6) .

--------------------
(1) الخصال : ج2 ص 150 .
(2) بحار الأنوار : ج92 ص 216 .
(3) الخصال للصدوق (ره) : ج2 ص 10 .
(4) آيات السجدة ، آية 15 من سورة السجدة وآية 37 من سورة فصلت وآية 62 من سورة النجم وآية 19 من سورة العلق .
(5) شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد : ج10 ص 23 .
(6) كنز العمال : ح2845 .

كيف نقرأ القرآن _ 40 _
   عن جعفر بن محمد عليهما السلام انّ عليا [ عليه السلام ] قال : انّ في جهنّم رحى تطحن ، أفلا تسألون ما طحنها ؟ فقيل له : وماطحنها يا أمير المؤمنين ؟ فقال : العلماء الفجرة ، والقرّاء الفسقة ، والجبابرة الظلمة ، والوزراء الخونة ، والعرفاء الكذبة ، وان في النار لمدينة يقال لها : الحصينة أفلا تسألوني ما فيها ؟ فقيل له : وما فيه يا أمير المؤمنين ؟ قال : فيه أيدي الناكثين (1) .
   الناكثون الذين نكثوا البيعة من بعد الرسول [ صلى الله عليه وآله ] بعدما بايعوا عليا في غدير خم وسمعوا قول النبي [ صلى الله عليه وآله ] في حق المولى [ عليه السلام ] من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعادي من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وسمعوا قول الله سبحانه وتعالى ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ) (2) .
   فالاسلام من دون ولاية علي بن أبي طالب عليهما السلام ليس اسلاما كاملا مثل الصلاة بلا ركوع فلو اختل الركن بطل الاسلام ولهذا الله سبحانه وتعالى بيّن اكمال الدين والنعمة بولاية علي بن أبي طالب عليهما السلام ، وهو ركن الاسلام لولا مال خديجة وسيف علي ما قام الاسلام .
   وأوّل من نكث البيعة والخلافة هو الغاصب الأوّل والثاني حيث هيّئا سقيفة بني ساعدة المشؤمة لغصب الخلافة وشملتهم لعنة الله والرسول حيث قال [ صلى الله عليه وآله ] : « ملعون ملعون من تخلف عن جيش اسامة » (3) ، فتخلّفا عن الجيش مع مجموعة من الناكثين .
   وعن الإمام الباقر [ عليه السلام ] : « من دخل على إمام جائر فقرأ عليه القرآن يريد بذلك عرض الدنيا ، لعن القارىء بكل حرف عشر لعنات ، ولعن السامع بكل حرف لعنة » (4) .

--------------------
(1) ثواب الاعمال وعقاب الاعمال : ص302 .
(2) المائدة : الآية .
(3) راجع كتاب مؤتمر علماء بغداد . وكتاب ليالي پيشاور .
(4) بحار الانوار : ج92 ص 184 .

كيف نقرأ القرآن _ 41_
فضل التلاوة
   عن النبي الأكرم [ صلى الله عليه وآله ] قال : يقال لصاحب القرآن أقرأ وارقه ورتّل كما كنت ترتّل في الدنيا فانّ منزلك عند آية تقرؤها (1) .
   وعنه [ صلى الله عليه وآله ] قال : « من قرأ عشر آيات في ليلة لم يكتب من الغافلين ، ومن قرأ خمسين آية كتب من الذاكرين ، ومن قرأ مائة آية كتب من القانتين ، ومن قرأ مائتي آية كتب من الخاشعين ، ومن قرأ خمسمائة آية كتب من المجتهدين ، ومن قرأ ألف آية كتب له قنطار ، والقنطار خمسون ألف مثقال ذهب ، والمثقال اربعة وعشرون قيراطا ، أصغرها مثل جبل أُحد ، واكبرها ما بين السماء والأرض » (2) .

--------------------
(1) مجمع البيان : ج1 ص 16 .
(2) الكافي : ج2 ص 448 .

كيف نقرأ القرآن _ 42 _
   وعنه [ صلى الله عليه وآله وسلم ] قال : النظر في المصحف من غير قراءة عبادة (1) .
   وعنه [ صلى الله عليه وآله وسلم ] : انه لا ينبغي لحامل القرآن ان يظّنّ ان أحدا أعطي ، أفضل مما أعطي ، لأنّه لو ملك الدنيا بأسرها لكان القرآن أفضل مما ملكه (2) .
   وعن الامام الصادق [ عليه السلام ] من قرأ القرآن في المصحف متّع ببصره وخفّف العذاب عن والديه وان كانا كافرين (3) .
   وعنه [ عليه السلام ] : [ قال ] من قرأ القرآن وهو شابّ مؤمن اختلط القرآن بلحمه ودمه ، وجعله الله مع السفرة البررة كان القرآن حجيرا ( حجيجا ) عنه يوم القيامة .

--------------------
(1) وقد اشار اليه الامام الصادق عليه السلام في الكافي : ج2 ص 449 ح 55 .
(2) مستدرك الوسائل : ج1 ص288 .
(3) ثواب الأعمال : ص 128 .

كيف نقرأ القرآن _ 43 _
   يقول [ القرآن ] : يارب انّ كلّ عامل قد اصاب اجر عمله غير عاملي فبلغّ به اكرم عطاياك ، فيكسوه الله حلتين من حُلل الجنّة ، ويوضع على رأسه تاج الكرامة ثم يقال له [ للقرآن ] هل ارضيناك فيه ؟ فيقول القرآن ياربّ قد كنت ارقب له فيما هو افضل من هذا ، فيعطي الأمن بيمينه ، والخلد بيساره ، ثمّ يدخل الجنّة فيقال له : اقرأ وأصعد درجة ، ثم يقال له : هل بلّغنا به وارضيناك ؟ فيقول [ القرآن ] نعم (1) .
   وعن النبي [ صلى الله عليه وآله ] : ليس شيء أشدّ على الشيطان من القراءة في المصحف نظراً (2) .
   وعن اسحاق بن عمّار ، عن أبي عبدالله [ عليه السلام ] : قلت له : جعلت فداك انّي احفظ القرآن على ظهر قلبي ، فأقرأه على ظهر قلبي أفضل أو انظر في المصحف ؟ فقال [ عليه السلام ] لي : بل اقرأه وانظر في المصحف فهو أفضل آما علمت انّ النظر في المصحف عبادة (3) .

--------------------
(1) الكافي : ج1 ص 441 .
(2) ثواب الأعمال : ص 129 .
(3) الكافي : ج2 ص 449 ح 55 .


كيف نقرأ القرآن _ 44 _
   وقال الإمام زين العابدين [ عليه السلام ] : عليك بالقرآن فأنّ الله خلق الجنّة بيده لبنة من ذهب ولبنه من فظة ملاطها المسك ، وترابها الزعفران ، وحصباؤه اللؤلؤ ، وجعل درجاتها على قدر آيات القرآن ، فمن قرأ القرآن قال له [ الله سبحانه وتعالى ] أقرأ وارق ومن دخل الجنّة منهم لم يكن في الجنّة اعلى درجة منه ما خلا النّبيّون والصدّيقون (1) .
   وعن أبي عبد الله [ عليه السلام ] : قال : « ومن قرأ نظراً من غير صوت كتب الله بكل حرف حسنة ، ومحا عنه سيئة ، ورفع له درجة » (2) .
   وقال [ عليه السلام ] : « ومن قرأ حرفاً [ ظاهراً ] وهو جالس في صلاته كتب الله له به خمسين حسنة ، ومحا عنه خمسين سيئة ، ورفع له خمسين درجة ، ومن قرأ حرفا وهو قائم في صلاته ، كتب الله له مائة حسنة ، ومحا عنه مائة سيئة ، ورفع له مائة درجة » (3) .
   وعن أبي عبد الله [ عليه السلام ] قال : قال أمير المؤمنين [ عليه السلام ] : « البيت الذي يقرأ فيه القرآن ويذكر الله عز ّوجلّ فيه تكثر بركته ، وتحضره الملائكة ، وتهجره الشياطين ، ويضيء لأهل السماء كما تضيء الكواكب لأهل الأرض وانّ البيت الذي لايقرأ فيه القرآن ولا يذكر الله عزّوجلّ فيه تقلّ بركته ، وتهجره الملائكة وتحضره الشياطين » (4) .

--------------------
(1) مستدرك الوسائل : ج1 ص292 .
(2) المسائل الاسلامية للشيرازي .
(3) الكافي : ج2 ص613 ح6 .
(4) الكافي : ج2 ص 610 ح3 .

كيف نقرأ القرآن _ 45 _
   وعن أبي عبد الله [ عليه السلام ] عن أبيه [ عليه السلام ] في حديث قال : كان يجمعنا [ الامام الباقر عليه السلام ] فيأمرنا بالذكر حتى تطلع الشمس ويأمر بالقراءة من كان يقرأ منّا ، ومن كان لا يقرأ منّا امره بالذكر ، والبيت الذي يقرأ فيه القرآن ويذكر الله عزّوجلّ فيه تكثر بركته (1) .
   وعن ليث بن أبي سليم رفعه قال : قال النبي [ صلى الله عليه وآله ] : « نوّروا بيوتكم بتلاوة القرآن ولاتتّخذوها قبورا كما فعلت اليهود والنصارى صلّوا في الكنائس والبيع وعطّلوا بيوتهم ، فأنّ البيت [ الذي ] إذا كثر فيه تلاوة القرآن ، كثر خيره ، وأتّسع أهله ، واضاء لأهل السماء كما تضيء نجوم السماء لأهل الدنيا » (2) .
   وقال الرسول الأكرم [ صلى الله عليه وآله ] : « ليكن كل كلامكم ذكر الله ، وقراءة القرآن » (3) .
   وعن الرضا [ عليه السلام ] يرفعه الى النبي [ صلى الله عليه وآله ] قال : « اجعلوا لبيوتكم نصيبا من القرآن فأنّ البيت إذا قرىء فيه القرآن يسر على اهله ، وكثر خيره ، وكان سكانه في زيادة ،وإذا لم يقرأ فيه القرآن ، ضيّق على أهله ، وقلّ خيره ، وكان سكانه في نقصان (4) .

--------------------
(1) الكافي : ج2 ص 610 ح1 .
(2) الكافي : ج2 ص 610 ح1 .
(3) جامع الأخبار اخرجه المستدرك : ج1 ص 293 .
(4) عدة الداعي : ص 269 .

كيف نقرأ القرآن _ 46 _
   وعن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر [ عليه السلام ] قال : « من ختم القرآن بمكّة من جمعة الى جمعة أو اقلّ من ذلك ، أو أكثر ، وختمه في يوم الجمعة كتب الله له من الأجر والحسنات من اوّل جمعة كانت في الدنّيا الى آخر جمعة تكون فيه ، وان ختمه في سائر الأيام ، فكذلك » (1) .
   عن جابر ، عن أبي جعفر [ عليه السلام ] انّه قال : « لكلّ شيء ربيع ، وربيع القرآن شهر رمضان » (2) .
   وعن عليّ بن أبي حمزة قال : سأل أبو بصير أبا عبد الله وأنا حاضر فقال [ ابو بصير ] له [ لأبي عبد الله عليه السلام ] : جعلت فداك اقرأ القرآن في ليلة ؟ فقال [ عليه السلام ] : لا ، فقال : في ليلتين ؟ فقال [ عليه السلام ] : لا ، حتى بلغ ستّ ليال ، فأشار [ عليه السلام ] بيده فقال : ها ، ثمّ قال [ عليه السلام ] : يا أبا محمد ، انّ من كان قبلكم من اصحاب محمّد [ صلى الله عليه وآله ] كان يقرأ القرآن في شهر أو أقل ، وانّ القرآن لا يقرأ هذرمة [ سرعة ] ولكن يرتل ترتيلاً اذا مررت بآية فيها ذكر النار وقفت عندها وتعوّذت بالله من النار .
فقال أبو بصير : اقرأ القرآن في رمضان في ليلة ؟ فقال [ عليه السلام ] : لا ، فقال : ففي ليلتين ؟ فقال [ عليه السلام ] : لا ، فقال : ففي ثلاث ؟ فقال [ عليه السلام ] : ها ، وأوما بيده نعم شهر رمضان لايشبه شيء من الشهور ، له حقّ وحرمة ، وأكثر من الصلاة ما أستطعت (3) .

--------------------
(1) الكافي : ج2 ص610 ح 4 وثواب الاعمال : ص 125 .
(2) الكافي : ج2 ص 614 ح10 .
(3) الكافي : ج2 ص 610 ح5 .

كيف نقرأ القرآن _ 47 _
   قال رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] : « يا سلمان عليك بقراءة القرآن فأنّ قراءته كفارة الذنوب ، وستر من النار ، وامان من العذاب ، ويكتب لمن يقرأ بكلّ آية ثواب مائة شهيد ، ويعطى بكلّ سورة ثواب نبيّ مرسل ، وتنزل على صاحبه الرّحمة ، وتستغفر له الملائكة ، واشتاقت اليه الجنّة ، ورضي عنه المولى ، وانّ المؤمن اذا قرأ القرآن نظر الله اليه بالرّحمة واعطاه بكلّ حرف نورا على الصراط ، يا سلمان المؤمن اذا قرأ القرآن فتح الله عليه ابواب الرحمة ، وخلق الله بكلّ حرف يخرج من فمه ملكا يسبح له الى يوم القيامة » (1) .
   وفي أحدى الأيام سئل الرسول [ صلى الله عليه وآله ] من المسلمين من يقوم الليل كله بالصلاة فلم يقم أحد إلا سلمان ، فقال الرسول [ صلى الله عليه وآله ] ومن يختم القرآن في كل ليلة فكذلك قام سلمان .

--------------------
(1) بحار الأنوار : ج92 .

كيف نقرأ القرآن _ 48 _
   فقال الرسول [ صلى الله عليه وآله ] : ومن يصوم السنّة كلها فهكذا قام سلمان الفارسي ( رحمه الله ) .
   فقال المسلمون : لم يكن هكذا يا رسول الله نحن رأيناه في بعض الليالي معنا ورأيناه في بعض الايام يأكل ويشرب .
   فقال سلمان المحمدي : يا رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] إني سمعتك تقول من قرأ سورة قل هو الله احد ثلاث مرات فكانّما ختم القرآن ، ومن توضّا ونام فكانّما قام الليل كلّه بالعبادة ، ومن صام من كلّ شهر أوّله وآخره ووسطه فكأنما صام الشهر كله فأنا في كلّ ليلة اتوضا وأقرأ سورة قل هو الله أحد ثلاث مرات وأصوم من كلّ شهر أوله وآخره ووسطه .
   نعم لقد أحسن صنعاً سلمان المحمدي هو من مصاديق هذه الآية الشريفة ( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) (1) فطوبى لهم ولكل مؤمن سار على نهج الهدى .

--------------------
(1) سورة الواقعة ، الآية 10 و 11 .

كيف نقرأ القرآن _ 49 _
   وعن الرسول الأكرم [ صلى الله عليه وآله ] : « من قرأ في شهر رمضان آية من القرآن كان له اجر من ختم القرآن في غير من الشهور » (1) .
   وقال الامام الصادق [ عليه أفضل الصلاة والسلام ] : « من قرأ ( قل هو الله احد ) مرّة فكأنّما قرأ ثلث القرآن وثلث التوراة وثلث الانجيل وثلث الزبور » (2) .
   وقال [ صلى الله عليه وآله ] : « قل هو الله أحد ثلث القرآن » (3) .
   وقد يستفاد ويستنبط من هذه الروايات الشريفة هذه المسئلة لو تلونا سورة التوحيد في شهر رمضان المبارك ثلاث مرات فكانّما ختمنا القرآن قدر آياته المباركة وهذا اعظم شيء يناله الانسان المؤمن من شهر رمضان المبارك .
   روي الحافظ القندوزي عن ( الفقيه الحنفي ) موفق بن احمد بن الخوارزمي باسناده المذكور ، عن عبد الله بن عباس قال : قال رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] : « ياعلي ما مثلك في الناس الاّ كمثل سورة ( قل هو الله أحد ) في القرآن من قرأها مرّة فكأنما قرأ ثلث القرآن ، ومن قرأها مرّتين فكأنّما قرأ ثلثي القرآن ، ومن قرأها ثلاث مرّات فكأنّما قرأ القرآن كلّه ، وكذا أنت يا علي ، من أحبّك بقلبه فقد اخذ ثلث الايمان ، ومن أحبّك بقلبه ولسانه فقد أخذ ثلثي الايمان ، ومن أحبّك بقلبه ولسانه ويده فقد جمع الايمان كلّه ، والذي بعثني بالحقّ نبيّا لو أحبك أهل الأرض كما يحبّك أهل السماء لما عذّب الله أحداً منهم بالنار » (4) .

--------------------
(1) عيون أخبار الرضا : ص 163 .
(2) التوحيد للصدوق : ص260 .
(3) معاني الأخبار : ص 191 .
(4) ينابيع المودة : ص 125 .

كيف نقرأ القرآن _ 50 _
الطهارة
   قال الله في محكم كتابه العظيم اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ) (1) .
   فظاهر الآية دلة على حرمة مس آيات القرآن الكريم على غير طهور [ أي وضوء ] ، ولا يخفى أنّ ظاهر القرآن حجة قطعاً عند المذاهب الاسلامية .
   وأمّا تفسيرها وتأوليها فهي في حقيقة أهل البيت [ عليهم أفضل الصلاة والسلام ] ومعناها لا يعلم القرآن الكريم الذي هو ( فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ ) (2) ، محفوظ ومصون عن التغير والتبديل كما دالة الآية عليه ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) (3) ، لا يعلمه الاّ المطّهرون الذين طهّر الله تعالى نفوسهم من ارجاس المعاصي وقذرات الذنوب الذين اكرمهم الله تعالى بتطهير نفوسهم كالملائكة الكرام والأنبياء العظام وأهل بيت النبوّة ومعدن الرسالة هم فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها والتّسعة المعصومين من ولد الحسين [ عليهم أفضل الصلاة والسلام ] الذين مدحهم الله في كتابه الكريم ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (4) .

--------------------
(1) سورة الواقعة ، الآية 79 .
(2) سورة الواقعة ، الآية 78 .
(3) سورة الحجر ، الآية 9 .
(4) سورة الأحزاب ، الآية 33 .

كيف نقرأ القرآن _ 51 _
   والمطهّرون ـ اسم مفعول من باب التطهير [ التفعيل ] من طهر يطهّر فهو مطهّر وذاك مطهّر مطهّران ـ مطهّرون وليس من باب الأطهار [ الأفعال ] ولا التطهّر [ التفعّل ] .
   والمطهّرون على القراءة المشهورة الصحيحة بمعنى : التنزّه من الرجس والدّنس وامّا الأطهار والتطهر فهما من البول والحدث ومن استدل بالآية على عدم لمس القرآن على غير طهر فهو استدلال بظاهر الآية واستنادا الى الأحاديث الواردة من النبي وأهل بيته الأطهار امثال هذه الروايات الشريفة قوله [ صلى الله عليه وآله ] : « لايمس القرآن من هو على غير طهر » (1) .
   وعن علي ابن أبي طالب [ عليهما السلام ] : « لا يقرأ العبد القرآن اذا كان على غير طهور حتى يتطهّر » (2) .
   وعنه [ عليه أفضل الصلاة والسلام ] : « لقارىء القرآن بكلّ حرف يقرؤه في صلاة قائما مائة حسنة ، وقاعدا خمسون حسنة ، ومتطهّرا في غير صلاة خمس وعشرون حسنة ، وغير متطهّر عشر حسنات » (3) .

--------------------
(1) نقلها الفخر الرازي في ذيل تفسير هذه الآية .
(2) الخصال في حديث الأربعمائة : ج2 ص 174 .
(3) عدة الداعي : ص 212 .

كيف نقرأ القرآن _ 52 _
الاستعاذة
   قال الله في محكم كتابه العظيم ( فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ) (1) .
   الاستعاذة هي استدفاع الأدنى [ الشيطان ] بالأعلى [ وهو الله جل جلاله ] على وجه الخضوع والتذلل لله سبحانه وتعالى ، اتفقوا القرّاء على التلفّظ بالاستعاذة قبل التسمية .
فيقول ابن كثير وعاصم وابو عمرو : ( اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) ، ونافع وابن عامر والكسائي : ( اعوذ بالله من الشيطان الرجيم . إنّ هو السميع العليم ) ، وحمزة ( نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ) ، وأبو حاتم : ( أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ) .

--------------------
(1) بحار الأنوار : ج 92 ص 216 .

كيف نقرأ القرآن _ 53 _
   ومعنى أعوذ : التجأ بالله من شر الشيطان ، والشيطان : في اللغة هو كلّ متمرّد من الجنّ والانس والدّواب ولذلك جاء في القرآن شياطين الأنس والجن أعني المبعّد من رحمة الله ، والرجيم : أي المطرود من السماء المرمي بالشّهب الثاقبة وقيل المرجوم والأستعاذة مستحبّة غير واجبة بلا خلاف في الصلاة وخارج الصلاة .
   قال الامام الصادق [ عليه السلام ] : « أغلقوا أبواب المعصية بالأستعاذة ، وأفتحوا أبواب الطاعة بالتسمية » (1) .
   وفي التفسير المنسوب الى الأمام العسكري [ عليه السلام ] يقول [ عليه السلام ] والأستعاذة هي ما قد أمر الله به عباده عند قرائتهم القرآن وتلى الآية الى آخرها ثمّ قال [ عليه السلام ] : « ومن تأدّب بادب الله أدّاه الى الفلاح الدائم ، ومن استوصى بوصيّة الله كان له خير الدّارين » (2) .

--------------------
(1) لئالي الاخبار : ج3 ص 333 .
(2) تفسير الأمام الحسن العسكري [ عليه السلام ] : سورة النحل ، الآية 98 .

كيف نقرأ القرآن _ 54 _
البسملة
   قال الإمام الصادق [ عليه السلام ] في تفسير بسم الله الرحمن الرحيم : « الباء بهاء الله ، والسين سناء الله ، والميم مجد الله » (1) .
   البسملة ليست هي واجبة الاّ في ابتداء كل سورة عدا سورة براءة فهي محرّمة اتيانها للشروع الموبّخ للمشركين الذين قال الله سبحانه وتعالى فيهم ( بَرَاءةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ) (2) .
   وهناك فوائد كثيرة للبسملة منها قوله [ صلى الله عليه وآله ] قال : « من قرأ ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ، بنى الله له في الجنّة سبعين ألف قصر من ياقوتة حمراء ، في كلّ قصر سبعون ألف بيت من لؤلؤ بيضاء ، في كلّ بيت سبعون ألف سرير من زبرجد خضراء ، وفوق كلّ سرير سبعون ألف فراش من سندس واستبرق ، وعليه زوجة من الحور العين ، ولها سبعون ألف ذوابة (3) مكلّلة بالدّرّ والياقوت ، مكتوب على خدّها الأيمن : محمد رسول الله ، وعلى خدّها الأيسر عليّ وليّ الله ، وعلى جنبيها الحسن ، وعلى ذقنها الحسين ، وعلى شفتيها ( بسم الله الرحمن الرحيم » .
قيل يا رسول الله لمن هذه الكرامة ؟ قال : « لمن يقول بالحرمة والتعظيم بسم الله الرحمن الرحيم » (4) .

--------------------
(1) لئالي الأخبار : ج3 ص 333 .
(2) التوبة ، الآية 1 .
(3) ذوابه جمع ذوائب : الشعر المضفور اعنى له سبعون ألف ضفيره مجمّله بالدّر والياقوت .
(4) لئالي الأخبار : ج3 ص333 .

كيف نقرأ القرآن _ 55 _
الاصغاء والاستماع له
   قال الله في محكم كتابه العظيم ( وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) (1) .
   وعن عبدالله بن أبي يعفور عن أبي عبدالله [ عليه السلام ] قال : قلت له : الرجل يقرأ القرآن ، ايجب على من سمعه الأنصات له والاستماع ؟ قال : نعم ، اذا قرء عندك القرآن وجب عليك الأنصات والأستماع (2) .
   وعن زرارة قال : قال أبو جعفر [ عليه السلام ] : واذا قرىء القرآن في الفريضة خلف الإمام [ الجمعة أو الجماعة ] فاستمعوا له وانصتوا لعلّكم ترحمون (3) .
   مسألة : لو سمع المصلّي آية السجدة الواجبة في أثناء الصلاة فما هو حكمه ؟
--------------------
(1) الاعراف ، الآية 204 .
(2) مجمع البيان : ج2 ص515 بحار ج92 ص222 .
(3) تفسير العياشي : ج1 ص 44 ح 131 .

كيف نقرأ القرآن _ 56 _
ج : ان كانت [ الصلاة ] واجبة فبعد اتمام الصلاة يأتي بها فوراً .
   وان كانت الصلاة مستحبّة فيأتي بها اثناء الصلاة بعد سمعها فوراً .
   وعن الإمام أبي عبد الله [ عليه السلام ] قال : « من استمع حرفاً من كتاب الله عزّ وجلّ من غير قراءة ، كتب الله له حسنة ، ومحا عنه سيئة ، ورفع له درجة » (1) .
   وعن رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] قال : « يدفع الله عن مستمع القرآن بلوى الدنيا وعن قاريه بلوى الآخرة ، والذي نفس محمد بيده لسامع آية من كتاب الله ـ وهو معتقد ـ أعظم أجراً من ثبير (2) ذهبا يتصدّق به ، ولقارىء آية من كتاب الله معتقدا أفضل ممّا دون العرش الى أسفل التّخوم » (3) .
   وعنه [ صلى الله عليه وآله ] : « ألا من اشتاق الى الله فليسمع كلام الله » (4) .
--------------------
(1) الكافي : ج2 ص 613 ح 6 .
(2) جبل بمكة كأنه من الثبرة وهي الأرض السهلة . وقيل باليمن .
(3) وسائل الشيعة : ج6 ص 175 مؤسسة آل البيت عليهم السلام .
(4) البحر : ج92 ص20 .