وعنه [ صلى الله عليه وآله ] : يامعاذ ان اردت : « عيش السعداء ، وميتة الشهداء ، والنجاة يوم الحشر ، والأمن يوم الخوف ، والنور يوم الظلمات ، والظلّ يوم الحرور ، والرّيّ يوم العطش ، والوزن يوم الخفّة ، والهدى يوم الظلالة ، فإدرس القرآن : فأنه ذكر الرحمن ، وحرز من الشيطان ، ورجحان في الميزان » (1) .
وعنه [ صلى الله عليه وآله ] : « خياركم من تعلّم القرآن وعلّمه »
(2) .
وليس المقصود من التعلم القراءة قط بل أنما الفهم والعمل به .
وعنه [ صلى الله عليه وآله ] : « ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه الاّ ونزلت عليهم السكينة ، وغشيتهم الرحمة ، وحفّتهم الملائكة ، وذكرهم فيمن عنده »
(3) .
وعن ابن عباس قال : قال رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] : « معلّم القرآن ومتعلّمه يستغفر له كل شيء حتّى الحوت في البحر »
(4) .
--------------------
(1) كنز العمال : ح 2439 .
(2) بحار الانوار : ج 92 ص 189 .
(3) كنز العمال : ح 2330 .
(4) مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل : ج 4 ص 235 .
كيف نقرأ القرآن
_ 9 _
الاهتمام بالقرآن
عن أبي الجارود قال : قال أبو جعفر عليه السلام : قال رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] : أنا أوّل وافد على العزيز الجبّار يوم القيامة ، وكتابه ، وأهل بيتي ، ثمّ امّتي ،
ثم أسالهم ما فعلتم بكتاب الله وأهل بيتي (1) .
وكيف فعلوا بكتاب الله وهل ساروا حسب وفقه ام جعلوه غاية لمصالحهم وشهواتهم وأول من صنع هذا هو ذاك الذي قال في وجه الرسول [ صلى الله عليه وآله ] كفانا كتاب الله وهل كان يفهم كتاب الله حيث منع الرسول [ صلى الله عليه وآله ] من الكتف والدواة وقال للرسول [ صلى الله عليه وآله ] انّ الرجل ليهجر وهو يلتجأ بعليِّ أكثر من سبعين مرّة ويقول لولا علي لهلك عمر ويقول حتّى النساء افقه منّي ولم يحفظ من كتاب الله الاّ القليل مع اصراره على الحفظ وحفظ سورة البقرة خلال اثنتي عشرة سنة فلما ختمها نحر جزوراً (2) .
وأمّا أهل بيت الرسول [ صلى الله عليه وآله ] : كيف جازوهم تقول عائشة بنت الشاطئ في كتابها [ السيدة زينب عقيلة بني هاشم عليها السلام ] في صفحة 36 :
يوم حاول « عمر بن الخطاب » ان يقتحم بيت « الزهراء » كي يحمل « عليا » على البيعة « لأبي بكر » خشية تفرّق الكلمة وتمزّق الشمل [ وهل ابن ابي قحافة وابن الخطاب اشدّ خوفاً من الله والرسول على الدّين والأمة تركوا رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] مسجّى وليس عنده الاّ عليا مشتغلاً بتجهيزه [ صلى الله عليه وآله ] وابن الخطاب وابن ابي قحافة مشتغلان بغصب الخلافة وتمزّق الأمة وتفرّق الكلمة بعدما أمرهم الله سبحانه وتعالى يوم الغدير بأتباع عليٍّ [ عليه السلام ] من بعد الرسول وجعله وليّاً وخليفة للمؤمنين ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ) .
--------------------
(1) بحار الانوار : ج 92 .
(2) الدر المنثور : ج1 ص 12 ، تاريخ الاسلام للذهبي : ( عهد الخلفاء الراشدين : ص 267 ) .
كيف نقرأ القرآن
_ 10 _
فأخذ رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] عليا بيده وقال : « من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه ، اللهمّ والٍ مّن والاه ، وعادِ من عاداه ، فلقيه عمر [ بن الخطاب ] وقال : هنيئاًَ لك يابن أبي طالب اصبحت مولاي ، ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة (1) .
ثمّ لم يتفرّقا القوم حتى نزلت هذه الآية : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ) .
اذاً ايُّ تفرّق تشير اليه بنت الشاطي مع وجود النص على خلافة امير المؤمنين علي [ عليه السلام ] أو ليس سقيفة بني ساعدة ومؤسسها مزّقت كلمة الاسلام بعناوين مختلفة مع أنّ النبي [ صلى الله عليه وآله ] أمر المسلمين بالخروج مع جيش اُسامة ولعن من تخلّف عنه .
ثم تقول بنت الشاطي :
فلمّا سمعت « فاطمة » اصوات القوم ( عمر وجماعته ) تقترب نادت بأعلى صوتها : يا ابت رسول الله ، ماذا لقينا بعدك من « ابن الخطاب » و « وابن ابي قحافة » ؟
--------------------
(1) تفسير النيسابوري ( غرائب القرآن ورغائب الفرقان ) .
كيف نقرأ القرآن
_ 11 _
وقد اشار الى هذه المقطوعة من التاريخ كثير من علماء العامة باساليب مختلفة مع اضافة حرق الباب بالنار وسقوط الجنين :
1 ـ قال ابن عبد ربّه الأندلسي : الذين تخلّفوا عن بيعة أبي بكر : عليّ عليه السلام ، والعباس ، والزبير ، وسعد بن عبادة فامّا عليّ والعبّاس والزبير فقعدوا في بيت فاطمة حتى بعث اليهم أبو بكر عمر بن الخطاب ليخرجهم من بيت فاطمة وقال له : ان ابوا فقاتلهم ، فاقبل بقبس من نار على ان يضرم عليهم الدار ، فلقيته فاطمة ، فقالت يابن الخطّاب : أجئت لتحرق دارنا ؟ قال : نعم . أو تدخلوا فيما دخلت فيه الامة (1) .
2 ـ قال عمر رضا كحاله : وتفقّد ابو بكر قوماً تخلّفوا عن بيعته عند علي بن أبي طالب
كالعباس والزّبير وسعد بن عباد فقعدوا في بيت فاطمة فبعث أبو بكر عمر بن الخطاب فجاءهم عمر فناداهم وهو في دار فاطمة فأبوا ان يخرجوا .
فدعا بالحطب وقال : والذي نفس عمر بيده لتخرجنّ أو لأحرقنّها على من فيها ، فقيل له : يا أبا حفص إن فيها فاطمة قال : واِن . . (2) .
3 ـ قال أبو الفتح أحمد بن عبد الكريم الشهرستاني : وقال النظام (3) إن عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتى ألقت الجنين من بطنها (4) وكان يصيح :
احرقوا دارها بمن فيها ، وما كان في الدار غير عليٍ ، وفاطمة ، والحسن والحسين (5) .
4 ـ أخرج البلاذي عن سليمان التيمي ، وعن ابن عون : انّ ابا بكر ارسل الى عليّ يريد البيعة فلم يبايع ، فجاء عمر ،
--------------------
(1) العقد الفريد : ج2 ص 205 ط المطبعة الازهرية المصرية الكائنة بخان جعفر بجوار الساحة الحسينينة عام 1321 هجـري .
(2) اعلام النساء : ج4 ص 114 .
(3) توفّى النظام سنة 231 هجري انظر : هامش الملل والنحل : ج 1 ص 53 .
(4) الى هنا ذكره الصفدري في الوافي بالوفيات : ج 6 ص 17 وفيه : ألقت المحسن من بطنها .
(5) الملل والنحل : ج1 ص 57 .
كيف نقرأ القرآن
_ 12 _
ومعه فتيلة فتلقّته فاطمة على الباب فقالت فاطمة :
يابن الخطّاب ، اتراك محرّقا عليّ بابي ؟ قال : نعم . وذلك أقوى فيما جاء به أبوك (1) .
[ انظر الى وقاحة الرجل الى أيِّ حدِّ وصلت يتجسر على بضعة الرسول [ صلى الله عليه وآله ] ويتمسخر بالنبي ورسالة الله سبحانه وتعالى ] .
5 ـ قال عبد الحميد بن أبي الحديد : ولما رأت فاطمة ما صنع عمر ، فصرخت ، ولوت ، واجتمع معها نساء كثير من الهاشميات ، وغيرهنّ فخرجت الى باب حجرتها وقالت : يا ابا بكر ما اسرع ما اغرتم على أهل بيت رسول الله (2) والله لا أكلّم عمر حتّى القي الله .
6 ـ قال الاستاذ الكبير عبد الفتاح عبد المقصود : « . . . أتى عمر بن الخطاب منزل علي وفيه طلحة ، والزبير ، ورجال من المهاجرين ، فقال : والله لأحرقن عليكم أو لتخرجنّ الى البيعة . . (3) .
--------------------
(1) انساب الأشراف : ج1 ص 586 .
(2) شرح نهج البلاغة : ج2 ص 119 .
(3) شرح النهج : ج1 ص 134 ، أنساب الأشراف للبلاذري : ج1 ص 278 ، تاريخ ابي الفداء ص 156 ، شرح نهج البلاغة : ج2 ص 19 الامامة والسياسة لأبن قتيبة : ج1 ص 20 ، عقد الفريد : ج2 ص 176 ، شهيرات النساء : ج3 ص 33 .
كيف نقرأ القرآن
_ 13 _
ثمّ قال الاستاذ :
ثمّ تطالعنا صحائف ما أورد المؤرّخون بالكثير من أشباه هذه الأخبار المضطربة التي لانعدم ان نجد من بينها من عنف عمر ما يصل به الى المشروع في قتل علي ، أو أحراق بيته على من فيه . . .
فلقد ذكر انّ ابا بكر ارسل عمر بن الخطاب ، ومعه جماعة بالنار ، والحطب الى دار علي وفاطمة ، والحسن ، والحسين ليحرقوه بسبب الامتناع عن بيعته . فلمّاَ راجع عمر بعض الناس قائلين : « انّ في البيت فاطمة » ، قال : وإن ! . . » (1) .
7 ـ وقد نظم هذه الواقعة شاعر النّيل حافظ ابراهيم فقال :
وقـولــة ( لعليّ ) قالهــا iiعمــر اكــرم بـسامعهــا اعظم iiبملقيهــا حـرّقت دارك لا أبقي عليــك iiبهــا ان لم تبايــع وبنـت المصطفى فيهـا
مـا كــان غير أبي حفص يفوه iiبها امـام فارس عدنــان وحاميهــا
(2) |
--------------------
(1) السقيفة والخلافة : ص 14 .
(2) ديوان ابراهيم : ج 1 ص 75 تحت عنوان : ( عمر وعلي ) طبع دار الكتب المصرية القاهرة .
كيف نقرأ القرآن
_ 14 _
8 ـ وقال ابن قتيبة : . . . ثمّ قام عمر فمشى ومعه جماعة حتّى أتوا باب فاطمة فدقّوا الباب فلما سمعت اصواتهم نادت بأعلى صوتها : يا ابت يا رسول الله ماذا لقينا بعدك من ابن الخطّاب ، وابن أبي قحافة (1) .
9 ـ يقول صاحب كتاب الاحتجاج لقد خاطب الامام الحسن عليه السلام المغيرة بن شعبة في مجلس معاوية بقوله : « وأنت ضربت فاطمة بنت رسول الله حتى اَدميتها ، وألقت ما في بطنها ، استذلالاً منك لرسول الله ، ومخالفة منك لأمره ، وانتهاكا لحرمته ، وقد قال لها رسول الله : « انت سيدة نساء أهل الجنة » والله مصيّرك الى النار . . . الخ (2) .
10 ـ وهناك الشعراء يتواترون المأساة ويتحدّثون عنها ، قال أحدهم :
اِوتـدري مـا صدر فاطم ما iiالمسمار ومــا حال ضلعهــا iiالمكســور مــا سـقوط الجنين ؟ مــا iiحمرة العين ومــا بال قرطهـا المنثــور |
وفي آخر المطاف نرجع الى تتمّة ما قالته بنت الشاطي : ممّا لقت الزهراء عليها السلام من المصيبة من ابن الخطاب وابن ابي قحافة عند ذلك انصرف القوم باكين ، ومضى « عمر » محزوناً يسأل « أبا بكر » ان ينطلق معه الى « فاطمة » ليسترضياها .
وانطلقا فأستأذنا عليها فلم تأذن لهما ، فأتيا « علياً » فكلّماه ، فأدخلهما عليها ، فلمّا اخذا مجلسيهما حوّلت « فاطمة » وجهها الى الحائط ، دون ان تردّ عليهما السّلام ! .
وتكلّم « ابو بكر » فقال :
ياحبيبة رسول الله ، والله ان قرابة رسول الله احبّ الي من قرابتي ، وإنّك احبّ اليّ من عائشة ابنتي ، ولوددت يوم مات ابوك انّي مت ولا ابقى بعده ، أفتراني أعرفك وأعرف فضلك
--------------------
(1) الامامة والسياسة الطبعة الاخيرة عام 1969 بمصر .
(2) الاحتجاج : ص 137 والبحار : ج 10 .
كيف نقرأ القرآن
_ 15 _
وشرفك ، وامنعك حقّك وميراثك من رسول الله ، الاّ انّي سمعته [ صلى الله عليه وآله ] يقول :
« نحن معاشر الانبياء لانورّث ما تركناه فهو صدقة » .
فأدارت « فاطمة » اليهما ، وجهها الشاحب الحزين وسألت :
ـ أرأيتكما إن حدّثتكما حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وآله تعرفانه وتعملان به ؟
قالا معاً : « نعم » .
فقالت :
ـ انشدتكما الله الم تسمعا رسول الله يقول : « رضا فاطمة من رضاي ، وسخط فاطمة من سخطي ، فمن أحبّ فاطمة ابنتي فقد أحبّني ، ومن ارضى فاطمة فقد ارضاني ، ومن اسخط فاطمة فقد اسخطني ؟ » .
قالا : « نعم سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وآله » .
قالت :
ـ فأنّي اشهد الله وملائكته إنكما اسخطتماني وما ارضيتماني ولئن لقيت رسول الله لأشكوكما إليه .
وعادت فأشاحت بوجهها الحزين ، وخرج الزائران يبكيان ! . .
كيف نقرأ القرآن
_ 16 _