قال : أخبرنا عثمان بن عمر ومحمد بن كثير العبدي ، قالا : حدّثنا إبراهيم بن نافع ، عن عمرو بن دينار ، قال : كان الرجل إذا أتى ابن عمر فقال : إنّ عليّ رقبة من بني إسماعيل ؟ قال : عليك بالحسن والحسين.
قال
(1): أخبرنا كثير بن هشام ، قال : حدّثنا حمّاد بن سلمّة ، عن أبي المهزم ، قال : كنّا مع جنازة امرأة ومعنا أبو هريرة فجيء بجنازة رجل فجعله بينه وبين المرأة فصلى عليهما ، أقبلنا أعيا الحسين فقعد في طريق ، فجعل أبوهريرة ينفض التراب عن قديمه بطرف ثوبه ، فقال الحسين : يا با هريرة وأنت تفعل هذا ؟ ! قال أبو هريرة : دعني ، فو الله لو يعلم الناس منك ما أعلم لحملوك على رقابهم .
قال : أخبرنا عارم بن الفضل ، قال : حدّثني مهدي بن ميمون ، قال : حدّثنا محمد بن أبي يعقوب الضبّي ، أنّ معاوية بن أبي سفيان كان يلقى الحسين فيقول : مرحباً وأهلاً بابن رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم )ويأمر له بثلاثمائة ألف.
قال
(2): أخبرنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا قطري الخشّاب ـ مولى طارق ـ ، قال : حدّثنا مدرك ـ أبو زياد ـ ، قال :
كنّا في حيطان ابن عبّاس فجاء ابن عبّاس وحسن وحسين فطافوا في البستان فنظروا ثمّ جاءوا ( 39 / أ ) إلى ساقية فجلسوا على شاطئها ، فقال لي حسن : يا مدرك ، أعندك غذاء ؟ قلت : قد خبزنا ، قال : إيت به ، قال : فجئته بخبز وشيء من ملح جريش وطاقتين بقل فأكل ، ثمّ قال : يا مدرك ، ما أطيب هذا !
ثمّ أتى بغذائه وكان كثير الطعام طيّبه، فقال: يا مدرك، اجمع لي غلمان البستان، قال: فقدّم إليهم فأكلوا ولم يأكل ، فقلت : ألا تأكل ؟ ! قال : ذاك كان أشهى عندي من هذا.
ثمّ قاموا فتوضؤواثمّ قدّمت دابّة الحسن فأمسك له ابن عبّاس بالركاب وسوى عليه.
ثمّ جيء بدابّة الحسين فأمسك له ابن عبّاس بالركاب وسوّى عليه ، فلمّا مضينا قلت : أنت أكبر منهما تمسّك لهما وتسوّي عليهما ؟ ! فقال : يالكع ، أتدري من هذان ؟ ! هذان ابنا رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) أو ليس هذا ممّا أنعم الله عليّ به أن امسك لهما واسوّي عليهما ؟ ! .
---------------------------
(1) ورواه الذهبي في تاريخ الإسلام 3 / 9 ـ 10 عن محمد بن سعد .
(2) تذكرة خواصّ الاُمّة ص 234 عن ابن سعد في الطبقات ملخّصاً .
وقد ترجم له البخاري في الكنى ص 32 فقال : أبو زياد مولى ابن عباس ، عن ابن عباس . . .
وفي التاريخ الكبير 8 / 2 : مدرك أبو زياد مولى علي ، عن علي ، روى عنه الربيع بن صالح .
وقال ابن حجر : وأبو زياد ذكره ابن حبّان أيضاً في الثقات . . .
ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ومقتله
_ 21 _
قال
(1): أخبرنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق عن1 رزين بن عبيد ، قال : شهدت ابن عبّاس وأتاه علي بن حسين فقال : مرحباً بابن الحبيب.
قال
(2): أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي ، عن ابن عون ، عن عمير بن إسحاق ، قال : كان مروان أميراً علينا ستّ سنين فكان يسبّ عليّاً كل جمعة على المنبر ، ثمّ عزل ، فاستعمل سعيد بن العاص سنتين فكان لا يسبّه ، ثم عزل ، واُعيد مروان فكان يسبّه .
فقيل : يا حسن ، ألا تسمع ما يقول هذا ؟ ! فجعل لا يردّ ( 39 / ب ) شيئاً .
قال : وكان الحسن يجيء يوم الجمعة فيدخل في حجرة النبي ( صلّى الله عليه وسلّم ) فيقعد فيها فإذا قضيت الخطبة خرج فصلّى ثم رجع إلى أهله.
قال : فلم يرض بذلك حتى أهداه له في بيته ، قال : فأنا لعنده إذ قيل : فلان بالباب ، قال : إئذن له ، فوالله إنّي لأظنّه قد جاء بشرّ ، فأذن له فدخل فقال : يا حسن ، إنّي قد جئتك من عند سلطان وجئتك بعزمه ، قال : تكلّم .
---------------------------
(1) وأخرجه أحمد في الفضائل 2 / 777 برقم 1377 عن يحيى بن آدم ، عن إسرائيل.
(2) السيوطي في تاريخ الخلفاء ص 190 عن ابن سعد ملخّصاً إلى قوله : فالله أشدّ نقمة .
ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ومقتله
_ 22 _
قال : أرسل مروان بعلي وبعلي وبعلي وبك وبك وبك وما وجدت مثلك إلاّ مثل البغلة ! يقال لها : من أبوك ؟ فتقول : اُمّي الفرس .
قال : ارجع إليه فقل له : إنّي والله لا أمحو عنك شيئاً ممّا قلت بأن أسبّك ولكنّ موعدي وموعدك الله ، فإن كنت صادقاً فجزاك الله بصدقك ، وإن كنت كاذباّ فالله أشدّ نقمة ، وقد كرّم الله جدّي أن يكون مثله ـ أو قال : مثلي ـ مثل البغلة .
فخرج الرجل فلمّا كان في الحجرة لقي الحسين فقال له : يا فلان ، ما جئت به ؟ قال : جئت برسالة وقد أبلغتها ، فقال : والله لتخبرني ما جئت ( به ) أو لآمرن بك فلتضربنّ حتى لا تدري متى رفع عنك ، فقال : ارجع ، فرجع فلمّا رآه الحسن قال : ارسله ، قال : إنّي لا أستطيع ، قال : لَم ِ؟ قال : إنّي قد حلفت ، قال : قد لج فأخبره ، فقال : أكل فلان بظر اُمّه إن لم يبلغه عنّي ما أقول .
قل له : بك وبأبيك وبقومك ، وإيه بيني وبينك أن تمسك ( 40 / أ ) منكبيك من لعنه رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) قال : فقال : وزاد .
(1)قال: أخبرنا يعلى بن عبيد ، قال : حدّثنا عبيد الله بن الوليد الوصافي ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، قال : حجّ الحسين بن علي خمساً وعشرين حجّة ماشياً ونجائبه تقاد معه .
قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدّثنا حفص بن غياث ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه أنّ الحسين بن علي حجّ ماشياً وأنّ نجائبه تقاد إلى جنبه .
قال
(2): أخبرنا روح بن عبادة ، قال : حدّثنا ابن جريج ، قال: أخبرني العلاء أنّه سمع محمد بن علي بن حسين يقول : كان حسين بن علي يمشي إلى الحجّ ودوابّه تقاد وراءه .
---------------------------
(1) لعن الله الطريد ابن الطريد ، لعن الله مروان وآل مروان ، لعن الله من مهّد لهم سبّ عترة الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) ومكّنهم من ذلك ، لعن الله ظروفاً قاسية ألجأت الكرام إلى مجابهة اللئام بمثل هذا الكلام .
(2) في الاستيعاب 1 / 397 ، وأورده سبط ابن الجوزي ص 234 ، وأخرجه الحاكم في المستدرك 3 / 169 عن محمد بن يعقوب عن محمد بن عبدالوهّاب عن يعلى ، والذهبي في تلخيصه .
ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ومقتله
_ 23 _
قال
(1): أخبرنا الوليد بن عقبة الطحّان ، قال : أخبرنا سفيان ، قال : كان الحسين بن علي إذا أراد أن يدخل الحمّام أتى الحيرة ، يعني أنّهم ليست لهم حرمة .
قال
(2): أخبرنا عفّان بن مسلم ، قال : حدّثنا حمّاد بن سلمة ، قال أخبرنا عطاء بن السائب ، عن أبي يحيى
(3)، قال : كنت بين الحسن بن علي والحسين ومروان بن الحكم ، والحسين يسابّ مروان ، فجعل الحسن ينهى الحسين حتى قال مروان :
---------------------------
(1) ممّا يظهر أنّ الناس كانوا يدخلون الحمّامات بغير مئزر ! فكان الحسين ( عليه السلام ) يتجنّبها ويذهب إلى الحيرة إذ كان أهلها نصارى فإذا كانوا مكشوفي العورة في الحمّام كان أهون إذ ليس لهم حرمة ، راجع كتاب وسائل الشيعة 1 / 365 باب جواز النظر إلى عورة البهائم ومن ليس بمسلم بغير شهوة .
(2) وأورده الذهبي في تاريخ الإسلام .
وفي المطالب العالية 4 / 329 عن ابن راهويه وأبي يعلى وفيه : لعنك الله وأنت في صلب أبيك ، وفي هامشه نقلاً عن إتحاف المهرة .
ورواه في الرقم بعده أيضاً عن ابن راهويه وأبي يعلى وفيه : والله والله والله لعنك الله على لسان نبيّه وأنت في صلب الحكم .
ومجمع الزوائد 5 / 241 و 10 / 72 .
(3) أبو يحيى هوالمكّي واسمه زياد ، ترجم له البخاري في التاريخ الكبير 3 / 378 وأشار إلى حديثه هذا فقال : وقال ابن حمّاد : حدّثنا أبو عوانة ، عن عطاء ، عن زياد أبي يحيى : إنّي لأمشي مع حسن وحسين ومروان . . .
ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ومقتله
_ 24 _
إنكم أهل بيت ملعونون ! !
(1).
قال : فغضب الحسن وقال : ويلك قلت أهل بيت ملعونين ، فوالله لقد لعن الله أباك على لسان نبيّه وأنت في صلبه .
قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدّثنا ابن أبي غنيّة ، ( 40 / ب ) عن يحيى بن سالم الموصلي ، عن مولى الحسين بن علي ، قال : كنت مع الحسين بن علي فمرّ بباب فاستسقى ، فخرجت إليه جارية بقدح مفضّض ! فجعل ينزع الفضّة فيرمي بها إليها ، قال : اذهبي بها إلى أهلك ، ثم شرب .
قال
(2): أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدّثنا حسن بن صالح ، عن عبد الله بن عطاء ، عن أبي جعفر ، قال : كان الحسن والحسين يعتقان عن علي .
قال : أخبرنا مالك بن إسماعيل النهدي ، قال : أخبرنا سهل بن شعيب ، عن قنان النهمي ،
عن جعيد همدان ، قال : أتيت الحسين بن علي وعلى صدره سكينة بنت حسين ، فقال : يا اُخت كلب خذي ابنتك عنّي .
فساءلني فقال : أخبرني عن شباب العرب أو عن العرب ، قال : قلت :
---------------------------
(1) كبرت كلمة تخرج من أفواههم ، لعن الله مروان الطريد ابن الطريد ولعن الله من مهّد له الأمر ، مع ذلك التأكيد الشديد من رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) في أهل بيته وبيان منزلتهم والحثّ على إكرامهم يبلغ بهم الحال خلال أربعين سنة من موته ( صلوات الله عليه ) أنّ يلعنوا جهرة في مدينته ، فليس هذا شيء مرتجل بل أمر دبّر بليل وبدىء به من بعد الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) وتدرّجوا إلى أن بلغوا كلّ مبلغ وصاروا يجهرون في خطبة الجمعات في مدينة الرسول وسائر البلاد بلعن علي ومن يحبّه وإلى أن بلغ الأمر إلى أن تمكّنوا من قتل الحسين ( عليه السلام ) نهاراً جهاراً دون عذر وسبب بتلك الوحشية المنقطعة النظير .
ولو أنّ المسلمين حكومة وشعباً كانوا متمسّكين بهدى الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) سائرين على نهجه منفّذين تعاليمه لما تمكن الطريد مروان أن يعود إلى المدينة فضلاً عن أن يصبح أميرها وحاكمها .
(2) اخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 3 / 388 عن الفضل بن دكين بالإسناد واللفظ .
ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ومقتله
_ 25 _
أصحاب جلاهقات
(1) ومجالس ! قال : فأخبرني عن الموالي ، قال: قلت : آكل ربا أو حريص على الدنيا ، قال : فقال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، والله إنّهما للصنفان اللذان كنّا نتحدّث أنّ الله تبارك وتعالى يتنصر بهما لدينه .
يا جعيد همدان ، الناس أربعة : فمنهم من له خلق وليس له خلاق ، منهم من له خلاق وليس له خلق ، ومنهم من له خلق وخلاق ذلك أفضل الناس ، ومنهم من ليس له خلق ولا خلاق وذاك شرّ الناس.
قال
(2): أخبرنا أحمد بن عبدالله بن يونس ، قال : حدّثنا زهير بن معاوية ، ( 41 / أ ) قال : حدّثنا عمّار بن معاوية الدهني ، قال : حدّثني أبو سعيد قال : رأيت الحسن والحسين يصلّيان مع الإمام العصر ثم أتيا الحجر واستلماه ثمّ طافا اُسبوعاً وصلّيا ركعتين.
فقال الناس : هذان ابنا بنت رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) فحطمهما الناس حتى لم يستطيعا أن يمضيا ومعهما رجل من الركانات فأخذ الحسين بيد الركاني وردّ الناس عن الحسن وكان يجلّه ، وما رأيتهما مّرا بالركن الذي يلي الحجر من جانب الحجر إلاّ استلماه ، قال : قلت لأبي سعيد : فلعلّهما بقي عليهما بقيّة من اُسبوع قطعته الصلاة ؟ قال : لا ، بل طافا اُسبوعاً تامّاً .
قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي ، قال : حدّثنا مسلم ابن خالد ، عن عمرو بن دينار ، قال : رأيت حسناً وحسيناً يطوفان بعد العصر ويصلّيان .
قال : أخبرنا طلق بن غنام النخعي ، قال : حدّثنا شريك وقيس عن عمّار الدهني ، عن مسلم البطين ، عن حسين بن علي أنّه كان يدّهن عند الإحرام بالزيت ويدّهن أصحابه بالدهن الطيّب .
قال : أخبرنا شبابة بن سوار ، قال : أخبرني بسام ، قال : سألت أبا جعفر عن الصلاة خلف بني اُميّة ؟ فقال : صلّ خلفهم فإنّا نصلّي خلفهم ، قال : قلت : يا با جعفر ، إنّ الناس ( يقولون ) إنّ هذا منكم تقيّة ؟ فقال : قد كان الحسن والحسين يصلّيان خلف مروان يبتدران ( 41 / ب ) الصف ، وإن كان الحسين ليسبّه وهو على المنبر حتى ينزل ، أفتقيّة هذه ؟ !
(3).
---------------------------
(1) الجلاهق ـ بضمّ الجيم ـ : البندق المعمول من الطين ، الواحدة جلاهقة ، فارسي معرّب.
مجمع البحرين 5 / 143 .
(2) ورواه الحافظ ابن عساكر في ترجمة الحسن ( عليه السلام ) من تاريخ دمشق بإسناده عن ابن سعد .
(3) المقام أوضح من أن يحتاج إلى التعليق ، فالرأي العام لا يخفى عليه أمثال هذا.
ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ومقتله
_ 26 _
ذكر دعاء الحسين ( رضي الله عنه )
قال
(1): أخبرنا سعيد بن منصور ، عن جرير بن عبدالحميد ، عن منصور ، عن محمد بن أبي محمد البصري ، قال : كان الحسين بن علي يقول في وتره : اللّهمّ إنّك تَرى ولا تُرى ، وأنت بالمنظر الأعلى ، وانّ لك الآخرة والاُولى ، وإنّا نعوذ بك من أن نذلّ ونخزى .
قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي ، قال : حدّثنا مسلم بن خالد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، قال : جاء رجل من أهل مصر إلى حسن وحسين يوم عرفة فسألهما عن صيام يوم عرفة فوجد حسيناً صائماً ووجد حسناّ مفطراّ وقالا : كلّ ذلك حسن .
قال : أخبرنا الحسن بن موسى ، قال : حدّثنا زهير ، عن جابر ، عن محمد بن عليّ ، قال : كان الحسن والحسين يصلّيان خلف مروان ويعتدّان بالصلاة معه
(2).
قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن عثمان بن عثمان ، عن رجل من
آل أبي رافع ، عن أبيه ، عن أبي رافع ، قال : كان علي بن أبي طالب يقول : إنّا أهل بيت فينا ركنات ، منها رضاي بالحكمين !
(3) وابني هذا ـ يعني الحسن ـ سيخرج من هذا الأمر ، وأشبه أهلي بي الحسين .
قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن يزيد بن عياض ( 42 / أ ) بن جعدبة ، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، قال : مرّ الحسين بمساكين يأكلون في الصفّة ، فقالوا : الغداء فنزل وقال : إنّ الله لا يحبّ المتكبّرين ، فتغذى ، ثمّ قال لهم : قد أجبتكم فأجيبوني ، قالوا : نعم ، فمضى بهم إلى منزله فقال للرباب : أخرجي ما كنت تدّخرين .
قال: أخبرنا علي بن محمد، عن محمد بن عمر العبدي ، عن أبي سعيد الكلبي ، قال : معاوية لرجل من قريش : إذا دخلت مسجد رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) فرأيت حلقة فيها قوم كأنّ على رؤوسهم الطير فتلك حلقة أبي عبد الله مؤتزراً على أنصاف ساقيه ليس فيها من الهزّيلا شيء .
---------------------------
(1) ابن أبي شيبة في المصنّف 2 / 300 ، و ج 12 ق 143 / أ .
(2) الإسناد منقطع حسب ما اصطلحوا عليه ، وأنّى لنا أن نعرف أنّ مَن صلّى خلف أحد أنّه نوى الاقتداء به وأنّه اعتدّ بصلاته تلك ولم يعدها فيما بعد ؟ ! .
(3) متى رضي ( عليه السلام ) بالحكمين ؟ ! ولكن لا رأي لمن لا يطاع .
فلعن الله أعداء آل محمد فإنّهم لم يألوا جهداً في التقّول عليهم واختلاق ما يزري بهم ، وتعم الحكم الله وإليه المشتكى .
وأبو عبدا لله هو الحسين ( عليه السلام ) .
ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ومقتله
_ 27 _
قال
(1): أخبرنا علي بن محمد ، عن جويرية بن أسماء ، قال : خطب معاوية بن أبي سفيان ابنة عبد الله بن جعفر على يزيد بن معاوية ، فشاور عبد الله حسيناً فقال : أتزوّجه وسيوفهم تقطر من دمائنا ؟ ! ضمّها إلى ابن أخيك القاسم ابن محمد .
قال : إنّ عليّ ديناً ، قال : دونك البغيبغة فاقض منها دينك فقد علمت ما كان يصنع فيها عمّك ، فزوّجها من القاسم .
ووفد عبد الله ( على ) معاوية فباعه البغيبغة بألف ألف ، وكتب معاوية إلى مروان بحزها ، فركب مروان ليقبضها فوجد الحسين واقفاً على الشعب ، قال : من شاء فليدخله ، والله لا يدخله أحد إلاّ وضعت فيه سهماً .
فرجع ( 42 / ب ) مروان وكتب إلى معاوية ، فكتب إليه معاوية : أعرض عنها ، وسوّغ المال عبد الله بن جعفر .
فلمّا هلك معاوية وقتل الحسين أخذ يزيد بن معاوية البغيبغة ، فلمّا هلك يزيد ردّها ابن الزبير على آل أبي طالب ، فلمّا قتل ابن الزبير ردّها عبدالملك على آل معاوية ، فلمّا ولي عمر بن عبدالعزيز ردّها على ولد علي ، فلمّا ولي يزيد بن عبدالملك قبضها ودفعها إلى آل معاوية ، حتى ولي الوليد بن يزيد بن عبدالملك فقال : ارتفعوا إلى القاضي .
قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن عبد الله بن جعفر ، عن امّ بكربنت المسوّر وغسان بن عبد الحميد ، عن جعفر بن عبد الرحمن بن مسوّر ، عن أبيه ، عن المسوّر أنّ معاوية كتب إلى مروان : زوّج يزيد من ابنة عبد الله بن جعفر واقض عنه دينه خمسين ألف دينار وصله بعشرة الآف دينار .
فقال عبد الله بن جعفر : ما أقطع أمراً دون الحسين ، فشاوره ، فقال : اجعل أمرها إليّ ، ففعل واجتمعوا فقال مروان : إنّ أمير المؤمنين أحبّ أن يزيد القرابة لطفاً والحقّ عظماً وأن يتلافى صلاح هذه الحيّين بالصهر ، وقد كان من أبي جعفر في إجابة أمير المؤمنين ما حسن فيه رأيه وولي أمرها خالها وليس عند حسين خلاف على أمير المؤمنين .
فتكلّم حسين وقال : إنّ الله رفع بالإسلام الخسيسة وأتمّ الناقصة ( 43 / أ ) وأذهب اللؤم ، فلا لؤم على مسلم ، وإنّ القرابة التي عظمّ الله حقّها قرابتنا ، وقد زوّجت هذه الجارية من هو أقرب نسباً وألطف سبباً ، القاسم بن محمد بن جعفر .
فقال مروان : أغَدْراً يا بني هاشم ؟ ! وقال لعبد الله بن جعفر : يابن جعفر ، ماهذه أيادي أمير المؤمنين عندك ! قال : قد أعلمتك أنّي لا أقطع أمراً فيها دون خالها .
---------------------------
(1) البغيبغة : ممّا أحياه أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) وهي بين جدّة والليث شمال مجيرمة ، والحسين ( عليه السلام ) إنّما وهبها لابن عمّه وزوج اخته عبد الله بن عفر لتبقى في أيديهم ، لا لتخرج إلى أعدائهم ، ولهذا وقف ذلك الموقف الحاسم ، قال في تاج العروس : البغيبغة ضيعة بالمدينة لآل جعفر .
ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ومقتله
_ 28 _
قال حسين : نشدتكم الله أتعلمون أنّ الحسن خطب عائشة بنت عثمان فولّوك أمرها ، فلمّا صرنا في مثل هذا المجلس قلت : قد بد الي أن اُزوّجها عبد الله ابن الزبير ؟ ! هل كان هذا يا ابا عبد الرحمن ؟ ـ يعني المسوّر بن مخرمة ـ فقال : اللّهمّ نعم ، فقال مروان : إنّما ألوم عبد الله ، فأمّا حسين فوغر الصدر ! فقال مسوّر : لا تحمل على القوم ، فالذي صنعوا أوصل ، وصلوا رحماً ووضعوا كريمتهم حيث أحبّوا .
قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن يزيد بن عياض بن جعدبة ، عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم ، قال : خطب سعيد بن العاص اُمّ كلثوم بنت علي بعد عمر ! وبعث إليها بمائة ألف ، فدخل عليها الحسين فشاورته ، فقال : لا تزوّجيه ، فأرسلت إلى الحسن ، فقال : أنا اُزوّجه ، فاتّعدوا لذلك وحضر الحسن وأتاهم سعيد ومن معه ، فقال سعيد : أين أبو عبد الله ؟ قال الحسن : أكفيك دونه ، قال : فلعلّ أبا ( 43 / ب ) عبد الله كره هذا يا با محمد ؟ قال : قد كان وأكفيك ، قال : إذاً لا أدخل في شيء يكرهه ، ورجع ولم يعرض في المال ولم يأخذ منه شيئاً
(1).
قال : أخبرنا معن بن عيسى ، قال : حدّثنا سليمان بن بلال ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه : أنّ الحسين بن علي رحمه الله تختّم في اليسار !.
قال
(2): أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدّثنا المطلب بن زياد ، عن السدي ، قال : رأيت حسين بن علي رحمه الله وأنّ جمّته خارجة من تحت عمامته .
قال
(3): أخبرنا الفضل بن دكين ومحمد بن عبد الله الأسدي ، قالا : حدّثنا يونس بن أبي إسحاق ، عن العيزار بن حريث ، قال : رأيت على الحسين بن علي مطرفاً من خزّ ، قد خضّب لحيته ورأسه بالحنّاء والكتم .
---------------------------
(1) كذا ؟ ! .
(2) وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنّف 8 / 447 رقم 5118 عن المطلب بن زياد .
(3) وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنّف 8 / 340 رقم 4676 بإسناد آخر عن ، وفيه العيزار : كساء خزّ ، وص 435 رقم 5065 بأوجز منه .
ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ومقتله
_ 29 _
قال : أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي ، قال : حدّثنا سفيان ، عن إسماعيل بن أبي خالد وإبراهيم بن مهاجر ، عن الشعبي ، قال : أخبرني من رأى على الحسين بن علي جبّة من خزّ .
قال : أخبرنا عارم بن الفضل ، قال : حدّثنا حمّاد بن زيد ، عن أبي بكر الهذلي ، عن عبد الله بن يزيد ، قال : رأيت على الحسين بن علي رضي الله عنهما جبّة خزّ .
قال : أخبرنا خالد بن مخلّد ، قال : حدّثني معتب مولى جعفر بن محمد ، قال : سمعت جعفر بن محمد يقول : اُصيب الحسين وعليه جبّة خزّ .
قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدّثنا ( 44 / أ ) إسماعيل ابن إبراهيم بن مهاجر ، قال : سمعت أبي ، عن الشعبي ، قال : رأيت على الحسين جبّة خزّ ورأسه مخضوب بالوسمة .
قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا إسرائيل ، عن إبراهيم ابن مهاجر ، عن عامر ، قال : رأيت الحسين بن علي يخضب بالوسمة ويختم في شهر رمضان ، ورأيت عليه جبّة خزّ .
قال : أخبرنا وهب بن جرير ويحيى بن عبّاد ، عن شعبة ، عن أبي إسحاق ، قال : سمعت العيزار يقول : كان الحسين بن علي يخضب بالوسمة ، قال يحيى بن عبّاد : رأيت .
قال
(1): أخبرنا عبدالملك بن عمرو أبوعامر العقدي ، قال : حدّثنا شعبة ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، أنّ الحسين بن علي كان يخضب بالوسمة .
قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن محمد بن قيس ، أنّه رأى الحسين بن علي ولحيته مخضوبة بالوسمة .
قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن السدي ، عن كثير ـ مولى بني هاشم ـ أنّ الحسين بن علي كان يخضب بالوسمة .
---------------------------
(1) كان في الأصل : عبد الملك بن عمرو بن عامر ، والصحيح أبو عامر وهو عبدالملك بن عمرو بن قيس أبو عامر العقدي البصري ، ترجمه في الطبقات 7 / 299 وقال : وكان ثقة توفّي بالبصرة سنة 224 وهو من رجال الصحاح الستّ ، له ترجمة مبسوطة في تهذيب التهذيب 6 / 409 .
ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ومقتله
_ 30 _
قال : أخبرنا عبيدالله بن موسى ، قال : أخبرنا إسرائيل ، عن السدي ، قال : رأيت الحسين بن علي ولحيته شديدة السواد ومعه ابنه علي .
قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدّثنا سفيان ، عن السري ابن كعب الأزدي ، قال : رأيت الحسين بن علي واقفاً على برذون أبيض قد خضب رأسه ولحيته بالوسمة .
قال ( 44 / ب ) : أخبرنا خالد بن مخلّد ، قال : حدّثني معتب ـ مولى جعفر بن محمد ـ ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، قال : صبغ الحسين بالوسمة .
قال : أخبرنا محمد بن عبيد ، عن طلحة بن عمرو بن عطاء وعبيد ابن أبي يزيد المكّيّين ، قالا : نظرنا إلى الحسين بن علي وهو يسوّد رأسه ولحيته .
قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدّثنا سفيان ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن قيس ـ مولى خباب ـ ، قال : رأيت الحسين يخضب بالسواد .
حدّثنا عبدالوهّاب بن عطاء ومعن بن عيسى ، قالا : أخبرنا أبو معشر المديني ، عن سعيد بن أبي سعيد ، قال : رأيت الحسين بن علي يخضب بالسواد .
قال : أخبرنا مالك بن إسماعيل ، قال : حدّثنا حسن بن صالح ، عن السدي ، قال : رأيت الحسن بن علي أسود اللحية .
قال
(1): أخبرنا خالد بن مخلّد ومحمد بن عمر ، قالا : حدّثنا موسى بن يعقوب الزمعي ، قال : أخبرني هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي
---------------------------
(1) أخرجه الحافظ الطبراني في المعجم الكبير 2821 ، والحاكم في المستدرك 4 / 398 ، والبيهقي في دلائل النبّوة 6 / 468 .
والذهبي في تلخيص المستدرك 4 / 398 ورمز له خ م ، أي على شرط الشيخين ، وفي سير أعلام النبلاء 3 / 289 .
وسبط ابن الجوزي في تذكرة خواصّ الاُمّة ص 250 ، والسيوطي في جمع الجوامع 1 / 26 ، والمتّقي في كنز العمّال 12 / 126 كلّهم عن ابن سعد .
وأخرجه أبو عبد الله المقدسي محمد بن أحمد ، المتوفى سنة 744 ، في كتاب ( صفات ربّ العالمين ) من طريق أبي طاهر المخلص عن الحافظ البغوي .
راجع سيرتنا وسنّتنا ص 87 .
ومحمد بن عمر هو الواقدي ، وخالد بن مخلّد هو القطواني أبو الهيثم البجلي الكوفي المتوفى 213 من رجال الصحاح الستّ .
ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ومقتله
_ 31 _
وقّاص ، عن عبد الله بن وهب بن زمعة ، قال : أخبرتني اُمّ سلمة أنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) اضطجع ذات يوم للنوم فاستيقظ فزعاً وهو خاثر ! ثمّ اضطجع فرقد واستيقظ وهو خاثر دون المرّة الاُولى .
ثمّ اضطجع فنام فاستيقظ ففرغ وفي يده تربة حمراء يقلّبها بيده وعيناه تهراقان الدموع !
فقلت : ما هذه التربة يا رسول الله ؟ فقال : أخبرني جبريل ( 45 / أ ) أنّ ابني الحسين يُقتل بأرض العراق ! فقلت لجبريل : أرني تربة الأرض التي يقتل بها ، فجاء بها فهذه تربتها .
قال
(1): أخبرنا يعلى ومحمد ابنا عبيد ، قالا : حدّثنا موسى الجهني ، عن صالح بن أربد النخعي ، قال : قالت اُمّ سلمة : قال لي نبي ال له : اجلسي بالباب فلا يلج عليّ أحد فجاء الحسين وهو وضيف فذهبت تناوله فسبقها فدخل .
قالـت : فلمّا طال عليّ خفت أن يكون قد وجد عليّ فتطلّعت من الباب فإذا في كف النبي ( صلّى الله عليه وسلّم ) شيء يقلّبه ، والصبي ناثم على بطنه ودموعه تسيل .
فلمّا أمرني أن أدخل قلت : يا رسول الله ، إنّ ابنك جاء فذهبت أتناوله فسبقني ، فلمّا طال عليّ خفت أن تكون قد وجدت عليّ فتطلّعت من الباب فرأيتك تقلّب شيئاً في كفّك والصبي نائم على بطنك ودموعك تسيل !.
فقال : إنّ جبريل أتاني بالتربة التي يُقتل عليها وأخبرني أنّ اُمّتي يقتلوه ! قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : أخبرنا موسى بن محمد بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أبي سلمة ،
عن عائشة ، قالت : كانت لنا مشربة ، فكان النبي ( صلّى الله عليه وسلّم ) إذا أراد لقى جبريل لقيه فيها ، فلقيه رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) مرّة من ذلك فيها وأمر عائشة أن لا يصعد إليه أحد .
---------------------------
(1) أخرجه ابن أبي شيبة في كتاب المصنّف 15 / 97 رقم 19213 ، والطبراني في المعجم الكبير 2820 ، والبيهقي في دلائل النبوّة 6 / 468 موجزاً ، وكذا ابن حجر في المطالب العالية 4 / 73 عن ابن راهويه موجزاً ، والخوارزمي في مقتل الحسين ( عليه السلام ) 1 / 158 .
ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ومقتله
_ 32 _
فدخل حسين بن علي ولم تعلم حتى غشيها فقال جبريل : من هذا ؟ فقال رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) : ( 45 / ب ) ابني ، فأخذه البني ( صلّى الله عليه وسلّم ) فجعله على فخذه .
فقال : أما إنّه سيقتل ! فقال رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم : ومن يقتله ؟ ! قال : اُمّتك ! ! فقال رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) : اُمّتي تقتله ؟ ! قال : نعم ، وإن شئت أخبرتك بالأرض التي يقتل بها ، فأشار له جبريل إلى الطف بالعراق وأخذ تربة حمراء فأراه إيّاها فقال : هذه من تربة مصرعه .
قال
(1): أخبرنا علي بن محمد ، عن عثمان بن مقسم ، عن المقبري ، عن عائشة ، قالت بينا رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) راقد إذ جاء الحسين يحبو إليه فنحيته عنه ، ثم قمت لبعض أمري ، فدنا منه فاستيقظ يبكي ، فقلت : ما يبكيك ؟ قال : إنّ جبريل أراني التربة التي يقتل عليها الحسين ، فاشتدّ غضب الله على من يسفك دمه ، وبسط يده فإذا فيها قبضة من بطحاء .
فقال
(2): يا عائشة والذي نفسي بيده انّه ليحزنني ، فمن هذا من اُمتي يقتل حسيناً بعدي ؟ ! .
---------------------------
(1) أخرجه أحمد في المسند 6 / 294 ، والطبراني في المعجم 2815 والبيهقي في دلائل النبّوة 6 / 470 ، والخوارزمي في مقتل الحسين ( عليه السلام ) 1 / 159 .
والمتّقي في كنز العمّال 12 / 127 ـ 128 عن ابن سعد ، والطبراني .
وأورد الذهبي نحوه في سير أعلام النبلاء 3 / 290 عن أحمد ( في المسند 6 / 294 ) عن عائشة أو اُمّ سلمة ، ثم قال : ورواه عبدالرزّاق . . . عن اُمّ سلمة ولم يشكّ ، ورواه ابن سعد من حديث عائشة ، وله طرق اُخر .
وقال محقّق الكتاب في تعليقه : إسناده صحيح كما قال المؤلف في تاريخه 3 / 11 .
أبو سلمة هو ابن عبد الرحمان بن عوف .
ومحمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي أبو عبد الله القرشي المدني ، المتوفى 120 ، من رجال الصحاح الستّئ .
وابنه موسى أبو محمد المدني توفى 151 ، من رجال الترمذي وابن ماجة .
والسيوطي في جمع الجوامع 1 / 26 : بلفظ : أخبرني جبريل أنّ ابني الحسين يقتل بأرض الطفّ وجاءني بهذه التربة وأخبرني أنّ فيها مضجعه .
ابن سعد والطبراني عن عائشة .
وكنز العمّال 12 / 123 عنهما .
(2) كنز العمال 12 / 127 عن ابن سعد ، وفي علل الدار قطني ج 5 ق 83 / أ : وسئل عن حديث محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، عن عائشة في قتل الحسين ، فقال : يرويه يزيد ( كذا ، والصحيح زيد ) بن الحباب ، واختلف فيه فرواه أحمد بن عمر الوكيعي عنه ، وقال : عن سعيد ( كذا ) بن عمارة الأنصاري ، ولا ينسبه ولا يقول فيه عن أبيه ، وهو الصحيح : حدّثنا جعفر بن أحمد الواسطي ، حدّثنا إبراهيم ( كذا ) أحمد بن عمر الوكيعي ، حدّثنا أبي ، حدّثنا أبوالحسن العگلي ، حدّثنا شعبة ، عن عمارة بن غزية الأنصاري ، عن أبيه ، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، عن عائشة : انّ رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) قال لها وهو مع جبريل ( صلّى الله عليه وسلّم ) في البيت ، فقال : عليك الباب ، ففعلت فدخل حسين بن علي فضمّه رسول الله إليه ، فقال : انّك تحبّه ؟ قال : نعم ، قال : أما انّ اُمتك ستقتله ، قال : فدمعت عينا النبي ، فقال : أتحبّ أن اريك التربة التي يُقتل فيها ، فتناول ( من ) الطف تربة حمراء .
حدّثنا الحسين بن اسماعيل ، حدّثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد ، حدثنا زيد بن الحباب أبوالحسين ، حدّثنا سفيان بن عمارة الأنصاري ، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث ، عن عائشة ، ولم يقل عن أبيه .
ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ومقتله
_ 33 _
قال
(1): أخبرنا عفان بن مسلم ، ويحيى بن عباد ، وكثير بن هشام وموسى بن اسماعيل ، قالوا : حدّثنا حماد بن سلمة ،
قال : حدثنا عمار بن أبي عمار ، عن ابن عباس قال : رأيت النبي ( صلّى الله عليه وسلم ) فيما يرى النائم بنصف النهار وهو قائم أشعث أغبر ، بيده قارورة فيها دمّ .
فقلت : بأبي واُميّ ما هذا ؟ قال : دم الحسين واصحابه أنا منذ ( اليوم ) ألتقطه .
قال : فأحصى ذلك اليوم فوجده قتل ذلك في ذلك اليوم .
( 46 / أ ) قال
(2): واخبرنا علي بن محمد ، عن حماد بن سلمة ، عن ابان ، عن شهر بن حوشب .
عن اُم سلمة ، قالت : كان جبريل عند رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) والحسين معي ، فبكى فتركه ، فأتى النبي ( صلّى الله عليه وسلّم ) فأخذته فبكى فأرسلته .
فقال له جبريل : أتحبّه ؟ قال : نعم ، فقال : أما انّ اُمتك ستقتله .
---------------------------
(1) أخرجه أحمد في المسند 1 / 242 عن عبدالرحمن ( بن مهدي ) ، عن حماد ، وفي 283 عن عفان ، عن حماد ، وفي طبعة أحمد شاكر 4 / 26 وفي فضائل الصحابة رقم 1380 و 1381 وفيه من رواية القطيعي برقم 1389 و 1396 ، وصحّحهما محقّقه وصحّحه ، واخرجه عبد بن حميد في مسنده الورقة 5 .
وأخرجه الحافظ الطبراني في المعجم الكبير 2822 ، وأبو طاهر المخلص في الفوائد المنتقاة ، والحاكم في المستدرك على الصحيحين 4 / 397 والذهبي في تلخيصه وصحّحاه على شرط مسلم ، وابن عبد البر في الإستيعاب 1 / 196، والخطيب في تأريخ بغداد 1 / 142 ، والبيهقي في دلائل النبوة 6 / 471 ، وابوالفرج بن الجوزي في الردّ على المتعصب العنيد ص 52 والمنتظم في حوادث سنة 61 ج 3 : الورقة 129 ( مخطوطة أيا صوفيا رقم 3094 ) ، وفي التبصرة 2 / 13 ، وابن الأثير في اُسد الغابة 2 / 23 ، والذهبي في تاريخ الاسلام 2 : 349 وفي سير أعلام النبلاء 3 / 213 ، والمزي في تهذيب الكمال 3 / 439 و 6 / 439 وابن حجر في الإصابة 1 / 335 ، وفي تهذيب التهذيب 2 / 355 .
وأخرجه ابن أبي الدنيژا ( له كتاب مقتل الحسين ) وأخرجه من طريقه الحافظ ابن عساكر في تأريخه رقم 326 و 325 بإسناده عن القطيعي بطريقيه وأورده ابن كثير في البداية والنهاية 8 / 200 عن أحمد ثم قال : واسناده قوي ، ثم أورده عن ابن أبي الدنيا باسناد آخر ولفظ مغاير وأورده الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 194 ، وقال : رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح ، والبوصيري في إتحاف السادة المهرة ج 3 / ق 60 ب ، وقال : رواه ابن بكر ابن أبي شيبة وأحمد بن حنبل وأحمد بن منيع وعبد ابن حميد بسند صحيح .
وراجع بقية مصادره في كتاب سيرتنا وسنتنا لشيخنا العلامّة الأميني صاحب الغدير رحمه الله تعالى ص 124 ـ 128 .
(2) أخرجه أحمد في المسند 3 / 242 ، وعبد بن حميد في مسنده الورقة 6 ، والترمذي في الجامع الصحيح 5 / 620 ، وابن الجوزي في التبصرة ، وابن الأثير في جامع الاُصول 2 / 1 والبوصيري في إتحاف السادة 3 / 61 .
ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ومقتله
_ 34 _
قال
(1): أخبرنا علي بن محمد ، عن يحيى بن زكريا ، عن رجل ، عن عامر الشعبي ، قال : قال علي وهو على شاطىء الفرات : صبراً أبا عبد الله ، ثم قال : دخلت على رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) وعيناه تفيضان ، فقلت : أحدث حدث ؟ فقال : أخبرني جبريل أنّ حسيناً يقتل بشاطىء الفرات ، ثم قال : أتحبّ أن اُريك من تربته ؟ قلت : نعم ، فقبض قبضة من تربتها فوضعها في كفي ، فما ملكت عيني أن فاضتا .
قال
(2): أخبرنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا اسرائيل ، عن أبي اسحاق ، عن هانيء،
عن علي قال : ليقتلنّ الحسين بن علي قتلاً ، واني لأعرف تربة الأرض التي يقتل بها ، يقتل بغربة قريب من النهرين .
قال
(3): أخبرنا يحيى بن حماد ، قال : حدّثنا أبو عوانة ، عن عطاء بن السائب ، عن ميمون ، عن شيبان بن مخرم ،
---------------------------
(1) جمع الجوامع 1 / 26 و كنز العمال 12 / 127 عن ابن سعد عن علي مقتصرين على قوله : أخبرني جبرئيل انّ حسيناً يقتل بشاطىء الفرات ، تاريخ الاسلام 3 / 10 و 13 / 655 عن ابن أبي
شيبة وأحمد وأبي يعلى وسنن سعيد بن منصور .
وسبط ابن الجوزي 250 وابن كثير في تاريخه 8 / 199 كلاهما عن ابن سعد ، واخرجه الحافظ الطبراني في المعجم الكبير .
وأخرجه أحمد في المسند 2 / 60 وقال محقّقه : وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف والبزار في مسنده وأبو يعلى في مسنده .
وكنز العمال 12 / 127 عن أحمد وأبي يعلى وابن سعد والطبراني عن علي ، والطبراني عن أبي امامة وعن أنس ، وابن عساكر عن اُم سلمة .
وابن سعد والطبراني عن عائشة ، أبو يعلى عن زينب اُم المؤمنين ، ابن عساكر عن اُم الفضل .
(2) كنز العمال 13 / 673 عن ابن أبي شيبة .
وأخرجه أبو عمرو بن السماك عثمان بن أحمد في جزء من حديثه ضمن المجموع رقم 297 حديث في الورقة 88 ب عن الحسن بن سلام عن عبيد الله بن موسى .
(3) كنز العمال 13 / 655 عن الطبراني .
ترجم البخاري في التاريخ الكبير 4 / 253 شيبان بن مخزم وأشار إلى حديثه هذا ، فقال : سمع علياً في كربلاء ، قاله أبو حمزة عن عطاء عن ميمون بن مهران .
وكذلك الأمير ابن ماكولا أشار إلى حديثه في الإكمال 7 / 220 وضبطه فقال : واما مخزم ، بزاي مشدّدة وفتحها ، فهو شيبان بن مخزم عن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه ) روى عنه عطاء بن السائب .
ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ومقتله
_ 35 _
قال ـ وكان عثمانياً يبغض علياً ! ـ قال : رجع مع علي من صفين ، قال : فانتهينا الى موضع ، قال : فقال : ما يسمى هذا الموضع ؟ قال : قلنا : كربلاء قال : كرب و بلا ، قال : ثم قعد على رابيّة ، وقال :
يقتل هاهنا قوم أفضل شهداء على وجه الأرض لا ( 46 / ب ) يكون شهداء رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) ، قال : قلت : بعض كذباته وربّ الكعبة ! قال : فقلت لغلامي ـ وثمة حمار ميت ـ : جئني برجل هذا الحمار فأوتدته في المقعد الذي كان فيه قاعداً .
فلما قُتل الحسين قلت لأصحابي : إنطلقوا ننظر ، فانتهينا إلى المكان واذا جسد الحسين على رجل الحمار ، واذا أصحابه ربضة حوله .
قال
(1): أخبرنا يحيى بن حماد ، قال : حدّثنا أبو عوانة ، عن سليمان ، قال : حدّثنا أبو عبيد الضبي ، قال : دخلنا على أبي هرثم الضبي حين اقبل من صفين وهو مع علي ، وهو جالس على دكان وله أمراة يقال لها : حرداً ، هي أشدّ حباً لعلي وأشدّ لقوله تصديقاً .
فجاءت شاة فبعرت ، فقال : لقد ذكرني بعر هذه الشاة حديثاً لعلي ، قالوا : وما علم علي بهذا ؟ قال : أقبلنا مرجعنا من صفين فنزلنا كربلاء فصلّى بنا علي صلاة الفجر بين شجرات ودوحات حرمل ثم اخذ كفاً من بعر الغزلان فشمّه ، ثم قال : اوه ، اوه ، يقتل بهذا الغائط قوم يدخلون الجنة بغير حساب .
قال : قالت حرداء : وما تنكر من هذا ؟ هو أعلم بما قال منك ، نادت بذلك وهو في جوف البيت .
قال : أخبرنا الفضل بن دكين ، قال : حدّثنا عبدالجبار بن عباس ، عن عمار الدهني ، قال : مرّ علي على كعب ، فقال : انّ من ولد هذا لرجل يقتل في عصابة لا يجف عرق خيولهم حتى يردوا على محمد ( 47 / أ ) ( صلّى الله عليه وسلّم ) .
فمرّ حسن فقالوا ، هو هذا يا أبا اسحاق ؟ قال : لا ، فمرّ حسين فقالوا : هذا هو ؟ قال : نعم .
قال : أخبرنا علي بن محمد ، عن الحسن بن دينار ، عن معاوية بن قرّة ، قال : قال الحسين : والله ليعتدنّ عليّ كما اعتدت بنو اسرائيل في البست .
قال
(2): أخبرنا علي بن محمد ، عن جعفر بن سليمان الضبعي ، قال : قال الحسين بن علي : والله لا يدعوني حتى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي ! فإذا فعلوا سلُط الله عليهم من يذلّهم حتى يكونوا أذلّ من فرم الامّة .
فقدم العراق فقتل بنينوى يوم عاشوراء سنة إحدى وستين .
---------------------------
(1) كنز العمال 13 / 673 عن ابن أبي شيبة موجزاً .
تهذيب الكمال 6 / 410 عن ابن سعيد .
(2) قال ابن الأثير في النهاية ( فَرَم ) : ومنه حديث الحسين : حتى تكونوا أذلّ من فَرَم الأمّة ، هو بالتحريك ما تعالج به المرأة فرجها ليضيق ، وقيل : هو خرقة الحيض .
ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ومقتله
_ 36 _
قال
(1): أخبرنا علي بن محمد، عن عامر بن أبي محمد ، عن الهيثم بن موسى ، قال : قال العربان بن الهيثم : كان أبي يتبدّى فينزل قريباً من الموضع الذي كان فيه معركة الحسين ، فكنا لا نبدوا إلاّ وجدنا من بني أسد هناك ، فقال له أبي : أراك ملازماً هذا المكان ؟ ! قال : بغلني انّ حسيناً يقتل هاهنا ، فانا أخرج لعليّ أصادفه فاقتل معه .
فلما قتل الحسين ، قال أبي : إنطلقوا ننظر هل الأسدي في من قتل ؟ فأتينا المعركة فطوفنا ، فإذا الأسدي مقتول .
---------------------------
(1) رواه الحافظ ابن عساكر 269 باسناده عن ابن سعد .
كان أبي يتبدى ، أي : يخرج إلى البادية ، والرجل من بني أسد هو أنس بن الحارث بن نُبَيْه الصحابي .
قال البخاري في التاريخ الكبير 2 / 30 : أنس بن الحارث قتل مع الحسين بن علي سمع النبي ( صلّى الله عليه وسلّم ) .
قال محمد : حدّثنا سعيد بن عبد الملك بن واقد الحراني ، حدّثنا عطاء بن مسلم الخفاف ، عن الأشعث بن سحيم ، عن أبيه ، عن أنس .
وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 2 / 287 : أنس بن الحارث له صحبة قتل مع الحسين بن علي ( عليه السلام ) .
وأخرج ابن عساكر 283 من طريق الحافظ البغوي باسناده عن أنس بن الحارث يقول : سمعت رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) : يقول : انّ ابني هذا ـ يعني الحسين ـ يقتل بأرض يقال لها : كربلا فمن شهد ذلك منكم فلينصره (اُنظر تهذيب تأريخ ابن عساكر لبدران 4 / 338 ) .
قال : فخرج أنس بن الحارث إلى كربلا فقتل مع الحسين .
وأخرجه الحافظ أبو نعيم في دلائل النبوة 486 وابن كثير في البداية والنهاية 8 / 199 عن البغوي بإسناده والخوارزمي في مقتل الحسين ( عليه السلام ) 1 / 159 من طريق البيهقي عن الحاكم باسناده عن أنس . . . قال فقتل أنس بن الحارث مع الحسين بن علي ( عليه السلام ) .
وذكره ابن الأثير في اُسد الغابة 1 / 146 وذكر انّه سمع النبي ( صلّى الله عليه وسلّم ) يقول : انّ ابني هذا يقتل بأرض من أرض العراق فمن أدركه منكم فلينصره ، فقتل مع الحسين ( رضي الله عنه ) .
أخرجه الثلاثة ( أي : ابن عبد البر وابن منده وأبو نعيم ) .
وترجم لأبيه أيضاً 1 / 417 وقال : روى أنس بن الحارث بن نبيه عن أبيه الحارث ابن نبيه وكان من أصحاب النبي ( صلّى الله عليه وسلّم ) من أهل الصفّة ، قال : سمعت رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) ـ والحسين في حجره ـ يقول : انّ ابني هذا يقتل في أرض يقال لها : العراق فمن أدركه منكم فلينصره ، فقتل أنس بن الحارث مع الحسين .
وقد روي عن أنس بن الحارث ، قال : سمعت رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) ولم يقل عن أبيه أخرجه أبوموسى انتهى .
وذكره ابن حجر في الإصابة في القسم الأول من حرف الألف 1 / 68 وحكى الأقوال فيه إلى ان قال : ووقع في التجريد للذهبي : لاصحبة له وحديثه مرسل ! . . . فردّ عليه ابن حجر وقال : وكيف يكون حديثه مرسلاً ! وقد قال : سمعت ، وقد ذكره في الصحابه البغوي وابن السكن وابن شاهين والدغولي وابن زبر والباوردي وابن منده وابو نعيم وغيرهم ، انتهى .
وخرّج السيوطى حديثه هذا في الخصائص الكبرى 2 / 125 وفي جمع الجوامع وخرجه تلميذه شمس الدين الدمشقي في سبل الهدى والرشاد الورقة 547 عن البغوي والمتقي في كنز العمال 12 / 126 عن البغوي وابن السكن والباوردي وابن منده وابن عساكر .