شيء (1) بخلاف الثاني، ويصحّ التعليق على الوطء كان يقول : (أنت عليّ كظهر اُمّي إن قاربتُكِ)، كما يصحّ التعليق على غيره حتى الزمان على الأقوى كأن يقول: (أنت عليّ كظهر اُمّي إن جاء يوم الجمعة)، نعم لايصحّ التعليق على الإتيان بفعل بقصد زجر نفسه عنه، أو على ترك فعل بقصد بعثها نحوه كما مرّ آنفاً.
  10 ـ لو قيّد الظّهار بمدّة كشهر أو سنة ففي صحّته إشكال، والأقرب البطلان، أي لا اعتبار لهذا الظّهار.
  11 ـ إذا تحقّق الظهار بشرائطه، فإن كان مطلقاً حرم على المظاهِر وطء المظاهَر منها ، ولا يحلّ له حتى يكفِّر ، فاذا كفّر حلّ له وطؤها ، ولا تلزمه كفارة أُخرى بعد الوطء، ولو وطئها قبل أن يكفّر لزمته كفّارتان : إحداهما للوطء ، والاُخرى لإرادة العود إليه ـ أي للوطء ـ والأظهر عدم حرمة سائر الاستمتاعات عليه قبل التكفير، وأمّا إذا كان ـ أي الظّهار ـ معلّقاً فيحرم عليه الوطء بعد حصول المعلَّق عليه، فلو علّقه على نفس الوطء، كما لو قال : (إذا وطأتك فأنت عليّ كظهر أمّي) لم يحرم الوطء المعلَّق عليه ولاتجب به الكفّارة.
  12 ـ تتكرّر الكفّارة بتكرّر الوطء قبل التكفير، كما أنّها تتكرّر بتكرّر الظّهار مع تعدّد المجلس ـ أي إذا كان الظّهار في أوقات مختلفة ـ وأمّا مع اتحاده ففيه إشكال ، فلا يترك الاحتياط ـ أي تتكرّر الكفّارة على الأحوط وجوباً لو تعدّد الظّهار في مجلس واحد .
  13 ـ كفّارة الظّهار عتق رقبة ، وإذا عجز عنه فصيام شهرين متتابعين ، وإذا عجز عنه فإطعام ستّين مسكيناً .

(1) أي غيره مشروط بشيء مّا.

احكام المرأة والأسرة 252
  14 ـ إذا عجز عن الاُمور الثلاثة صام ثمانية عشر يوماً، وإن عجز عنه لم يجزئه الاستغفار على الأحوط لزوماً .
  15 ـ إذا ظاهر من زوجته ثمّ طلّقها رجعيّاً لم يحلّ له وطؤها حتى يكفّر ، بخلاف ما إذا تزوّجها بعد انقضاء عدّتها ، أو كان الطّلاق بائناً وتزوّجها في العدّة، فإنّه يسقط حكم الظّهار ويجوز له وطؤها بلا تكفير ، ولو ارتدّ أحدهما، فإن كان قبل الدخول، أو كانت المرأة يائسة أو صغيرة ، أو كان المرتدّ هو الرجل عن فطرة ثمّ تاب المرتدّ وتزوّجها سقط حكم الظّهار ، وجاز له وطؤها بلا تكفير، وأمّا لو كان الارتداد بعد الدخول ولم تكن المرأة يائسة ولا صغيرة وكان المرتدّ هو الرجل عن ملّة أو هي ـ أي المرأة ـ مطلقاً فحكمه حكم الطّلاق الرجعي، فإن تاب المرتدّ ـ أي الملّي الذي أسلم ثمّ ارتدّ ولم يكن أبواه أوأحدهما مسلماً ـ في العدّة لم يجز له أن يطأها حتى يكفّر، وإن انقضت عدّتها ثم تزوّجها جاز له وطؤها من دون كفّارة ، ولو ظاهر من زوجته ثمّ مات أحدهما لم تثبت الكفّارة .
  16 ـ إذا صبرت المظاهَر منها على ترك وطئها فلا اعتراض، وإن لم تصبر رفعت أمرها إلى الحاكم ، فيحضره ويخيّره بين الرجعة بعد التكفير وبين طلاقها ، فإن اختار أحدهما، وإلاّ أنظره ثلاثة أشهر من حين المرافعة، فإن انقضت المدّة ولم يختر أحد الأمرين حبسه وضيّق عليه في المطعم والمشرب حتى يختار أحدهما ، ولا يجبره على خصوص أحدهما ، وإن امتنع عن كليهما طلّقها الحاكم على الأقوى.

الإيلاء
  قال تعالى مشيراً إلى هذا المفهوم {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ

احكام المرأة والأسرة 253
  أَشْهُر فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ } (1).
  والإيلاء لغة : عبارة عن اليمين مطلقاً ، وأمّا في اصطلاح الفقهاء: فهو حلف الزوج أن لايطأ زوجته أربعة أشهر فأكثر ، وشرائط اُخرى لايتحقّق الإيلاء بدونها ، فإذا حلف الزوج قيل للمرأة : " آلية " ، وللجمع " أوال ".
  ولم يشرّع الإيلاء ـ مع ما فيه من حرمان للمرأة عن حقّها الطبيعي إلاّ لتأديبها ، وإلزامها على ترك معصية الزوج كي تعود الحياة الزوجيّة إلى الوئام والاستقرار .
  1 ـ الإيلاء: هو الحلف على ترك وطء الزوجة الدائمة قُبلا، إمّا أبداً أو مدّة تزيد على أربعة أشهر لغرض الإضرار بها ، فلا يتحقّق الإيلاء بالحلف على ترك وطء المتمتع بها ، ولا بالحلف على ترك وطء الدائمة مدّة لاتزيد على أربعة أشهر، ولافيما إذا كان لدفع ضرر الوطء عن نفسه أو عنها ، أو لنحو ذلك ، أي لو حلف أن لايطئها لأنّها مريضة ، أو لوجود مانع ، فلا يدخل ذلك في بحث الإيلاء، كما يعتبر فيه أيضاً أن تكون الزوجة مدخولا بها ولو دبراً فلا يتحقّق بالحلف على ترك وطء غير المدخول بها ، نعم تنعقد اليمين في جميع ذلك وتترتب عليها مع اجتماع شروطه، أي شروط اليمين.
  2 ـ يعتبر في المؤلي ـ أي الزوج الحالف على أن لا يقارب زوجته أكثر من أربعة أشهر لغرض إيصال الضرر اليها ـ أن يكون بالغاً عاقلا مختاراً ـ أي غير مجبر ـ قاصداً ـ أي لاهازلا ولا حالفاً في حال نومه ، فلا يقع الإيلاء من الصغير والمجنون والمكره والهازل والسكران ، ومن اشتدّ به الغضب حتى سلبه قصده أو اختياره.
  وهل يعتبر أن يكون قادراً على الإيلاج فلا يقع من العنّيين والمجبوب ؟ فيه

(1) البقرة 2:226.

احكام المرأة والأسرة 254
  وجهان أقربهما الأوّل ـ أي لايصدق الإيلاء على الزوج الغير قادر على مقاربة زوجته كالعنّيين وهو من فيه مرض مانع من انتشار العضو بحيث لايقدر معه على الايلاج .
  والمجبوب هو مقطوع العضو التناسلي بحيث لم يبق منه ما يمكنه الوطء به .
  3 ـ لا ينعقد الإيلاء ـ كمطلق اليمين ـ أي كما لا ينعقد مطلق اليمين ـ إلاّ باسم الله تعالى المختص به ، أو ما ينصرف إطلاقه إليه ـ أي لله تعالى كما لو قال : باسم الرّحمن ، أو باسم الرحيم ، وكذلك صفاته عزّ وجلّ الاُخرى المشتركة بينه وبين غيره ولو في مقام الحلف ، ولا يعتبر فيه العربية، ولا اللّفظ الصريح في كون المحلوف عليه ترك الجماع قُبلا ، بل المعتبر صدق كونه حالفاً على ترك ذلك العمل بلفظ ظاهر فيه ، فيكفي قوله : (لاأطأُكِ)، أو (لا اُجامِعُك)، أو (لا أمسُّكِ)، بل وقوله : (لا جمع رأسي ورأسك وسادة أو مخدّة) إذا قصد به ترك الجماع.
  4 ـ إذا تمّ الإيلاء بشرائط ، فإن صبرت المرأة مع امتناعه ـ أي امتناع الزوج ـ عن المواقعة فهو ـ أي يجري عليها حكم الإيلاء ـ وإلاّ فلها أن ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي فينظره ـ أي ينتظره ـ الحاكم أربعة أشهر، فإن رجع وواقعها في هذه المدّة فهو ـ أي فهو زوجها دون أيّ مانع شرعي ـ وإلاّ ـ أي وإن لم يرجع ـ ألزمه بأحد الأمرين إمّا الرجوع أو الطّلاق ، فإن فعل أحدهما وإلاّ حبسه وضيّق عليه في المطعم والمشرب حتى يختار أحدهما، ولايجبره على أحدهما معيّناً ، وإن امتنع عن كليهما ـ أي عن الرجوع والطّلاق ـ طلّقها الحاكم، ولو طلّق وقع الطّلاق رجعيّاً أو بائناً على حسب اختلاف موارده .
  5 ـ إذا عجز المؤلي عن الوطء كان رجوعه بإظهار العزم على الوطء على تقدير القدرة عليه ، أي لو كان قادراً عليه.

احكام المرأة والأسرة 255
  6 ـ المشهور بين الفقهاء رضوان الله عليهم أنّ الأشهر الأربعة ـ التي ينظر فيها المؤلي ثم يجبر على أحد الأمرين بعدها ـ تبدأ من حين الترافع إلى الحاكم، وقيل : من حين الإيلاء، فعلى هذا لو لم ترافع حتى انقضت المدّة ألزمه الحاكم بأحد الأمرين من دون إمهال وانتظار مدّة، وهذا القول لايخلو من قوّة، ولكن مع ذلك لا تترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك ، أي الأحوط وجوباً أن ينتظره الحاكم الشرعي ويمهله مدّة ويكون مبدأ حسابها وقت الترافع لاحين الإيلاء.
  7 ـ إذا اختلفا في الرجوع والوطء فادّعاهما المؤلي ـ أي الزوج ـ وأنكرت هي فالقول قوله بيمينه ، أي يؤخذ بقول الزوج لو حلف .
  8 ـ يزول حكم الإيلاء بالطّلاق البائن وإن عقد عليها في العدّة، بخلاف الطّلاق الرجعي فإنّه وإن خرج به ـ أي بالطّلاق ـ من حقّها فليست لها المطالبة والترافع إلى الحاكم، لكن لايزول حكم الإيلاء إلاّ بانقضاء عدّتها ، فلو راجعها في العدّة عاد إلى الحكم الأوّل ـ أي إلى الإيلاء ـ فلها المطالبة بحقّها والمرافعة إلى الحاكم.
  9 ـ متى وطأَها الزوج بعد الإيلاء لزمته الكفّارة ، سواء أكان ـ يعني الوطء ـ في مدّة التربّص ـ أي الانتظار ـ أو بعدها أو قبلها لو جعلناها من حين المرافعة; لأنّه قد حنث اليمين ـ أي خالفها ـ على كلّ حال وإن جاز له هذا الحنث بل وجب ـ أي الحنث ـ بعد انقضاء المدّة ومطالبتها وأمر الحاكم به تخييراً بينه وبين الطّلاق، وبهذا تمتاز هذه اليمين عن سائر الأيمان ، كما أنّها تمتاز عن غيرها بأنّه لا يعتبر فيها ما يعتبر في غيرها من كون متعلّقها ـ أي الشيء الذي يعلّق عليه هذا اليمين ـ راجحاً شرعاً ـ أي لا يشترط أن يكون ما علّق عليه اليمين محلّلا وجائزاً شرعاً ـ أو كونه غير مرجوح شرعاً مع رجحانه بحسب الأغراض الدنيوية العقلائية.

احكام المرأة والأسرة 256
  10 ـ إذا آلى من زوجته مدّة معيّنة فدافع عن الرجوع والطّلاق إلى أن انقضت المدّة لم تجب عليه الكفّارة ، ولو وطئها قبله ـ يعني قبل انقضاء المدّة ـ لزمته الكفّارة.
  11 ـ لا تتكرّر الكفّارة بتكرّر اليمين إذا كان الزمان المحلوف على ترك الوطء فيه واحداً.

اللّعان
  1 ـ الّلعان: مباهلة خاصّة بين الزوجين أثرها دفع حدّ أو نفي ولد، ويثبت في موردين :
  المورد الأوّل: فيما إذا رمى الزوج زوجته بالزّنى .
  2 ـ لا يجوز للرجل قذف زوجته بالزّنى مع الرّيبة ـ أي مع الشكّ في أنّها زنت أولا، وهو درجة خمسين بالمائة ـ ولا مع غلبة الظنّ ـ أي بدرجة ثمانين بالمائة ـ لبعض الأسباب المريبة، بل ولا بالشّياع ـ أي لكونه شائعاً ـ ولا بإخبار شخص ثقة، نعم يجوز مع اليقين ولكن لا يُصدّق إذا لم تعترف به الزوجة، ولم يكن له بيّنه، بل يحدَّ ـ أي يقام على الزوج حدّ القذف مع مطالبتها ـ أي بالحدّ ـ إلاّ إذا أوقع اللّعان الجامع للشروط الآتية فيدرأ عنه الحدّ.
  3 ـ يشترط في ثبوت اللّعان بالقذف أن يدّعي المشاهدة، فلا لعان فيمن لم يدّعها ، ومن لم يتمكّن منها كالأعمى، فيحدّان مع عدم البيّنة، كما يشترط في ثبوته ـ أي اللعان ـ أن لا تكون له بيّنة على دعواه ـ أي على ادّعائه بأنّها زنت ـ فإن كانت له بيّنه تعيّن إقامتها لنفي الحدّ ولالعان ، أي لا يثبت اللعان.
  4 ـ يشترط في ثبوت اللّعان في القذف أن يكون القاذف بالغاً عاقلا، وأن تكون المقذوفة بالغة عاقلة سالمة عن الصمم والخرس، كما يشترط فيها أن تكون زوجة

احكام المرأة والأسرة 257
  دائمة ، فلا لعان في قذف الأجنبيّة ـ أي غير الزوجة ـ بل يحدّ القاذف مع عدم البيّنة ، وكذا في المتمتع بها على الأقوى ـ أي يقام الحدّ على الزوج الذي قذف زوجته المؤقّتة ـ ويشترط فيها أيضاً أن تكون مدخولا بها ، فلا لعان فيمن لم يدخل بها ، وأن تكون غير مشهورة بالزنى وإلاّ فلا لعان ، بل ولا حدّ على الزوج القاذف حتى يدفع باللّعان ، نعم عليه التعزير في غير المتجاهرة بالزّنى إذا لم يدفعه عن نفسه بالبيّنة .
  المورد الثاني: فيما إذا نفى ولديّة من ولد على فراشه ـ أي أنكر أنّ هذا المولود من صلبه ـ مع لحوقه به ظاهراً كما سيتوضّح .
  5 ـ لايجوز للزوج أن يُنكر ولديّة من تولّد على فراشه مع لحوقه به ظاهراً بأن دخل ـ أي الزوج ـ بأُمّه ـ أي اُمّ المولود ـ وأنزل في فرجها ولو احتمالا ، أو أنزل على فرجها واحتمل دخول مائه فيه بجذب أو نحوه، وكان قد مضى على ذلك إلى زمان وضعه ستة أشهر فصاعداً ولم يتجاوز أقصى مدّة الحمل ، فإنّه لايجوز له في هذه الحالة نفي الولد عن نفسه ، وإن كان قد فجر أحدٌ بأمّه فضلا عمّا إذا اتّهمها بالفجور، بل يجب عليه الإقرار بولديّته ، أي يجب عليه أن يعترف ويقرّ بأنّ هذا الولد له .
  نعم ، يجوز له أن ينفيه ـ ولو باللّعان ـ مع علمه بعدم تكوّنه من مائه من جهة علمه باختلال شروطه الالتحاق به ، بل يجب عليه نفيه إذا كان يلحق به بحسب ظاهر الشرع ـ أي انّه من اُمّه التي دخل بها أو أنّه أقرّ ذلك ثمّ نفاه لولا نفيه ـ أي لولا أنّ الزوج نفاه عنه ولم يعتبره ولداً له لوجب الالتزام بظاهر الشرع الذي يثبت أنّه ولده حقّاً ، مع كونه في معرض ترتّب أحكام الولد عليه من الميراث والنّكاح والنظر إلى محارمه وغير ذلك .
  6 ـ إذا نفى ولديّة من ولد على فراشه، فإن علم أنّه ـ أي الوالد ـ قد أتى بما

احكام المرأة والأسرة 258
  يوجب لحوقه به بسببه في ظاهر الشرع أو أقرّ هو ـ أي الزوج ـ بذلك ومع ذلك نفاه لم يسمع منه هذا النفي ولا ينتفي ـ أي الولد ـ منه لا باللّعان ولا بغيره .
  وأمّا لو لم يعلم ذلك ولم يقرّبه ـ أي الزوج ـ وقد نفاه إمّا مجرّداً عن ذكر السبب بأن قال: (هذا ليس ولدي) وإما مع ذكر السبب بأن قال: (إنّي لم اُباشر اُمّه منذ ما يزيد على عام قبل ولادته) فحينئذ وإن لم ينتف عنه بمجرّد نفيه لكن ينتفي عنه باللّعان .
  7 ـ إنما يشرّع اللّعان لنفي الولد فيما إذا كان الزوج عاقلا والمرأة عاقلة ، وفي اعتبار سلامتها من الصممم والخرس إشكال وإن كان الاعتبار أظهر.
  ويعتبر أيضاً أن تكون ـ أي الأُمّ ـ منكوحة بالعقد الدائم، وأمّا ولد المتمتع بها فينتفي بنفيه من دون لعان ، وإن لم يجز له نفيه مع عدم علمه بالانتفاء ولو عُلم أنّه أتى بما يوجب اللّحوق به في ظاهر الشرع ـ كالدخول باُمّه مع احتمال الإنزال أو أقرّ بذلك ومع ذلك نفاه لم ينتف عنه بنفيه ولم يسمع منه ذلك كما هو كذلك في الدّائمة.
  8 ـ يعتبر في اللّعان لنفي الولد أن تكون المرأة مدخولا بها، فلا لعان مع عدم الدخول، نعم إذا ادّعت المرأة المطلّقة الحمل منه فأنكر الدخول فأقامت بيّنة على إرخاء الستر فالأقرب ثبوت اللّعان.
  9 ـ لا فرق في مشروعيّة اللّعان لنفي الولد بين كونه حملا ـ أي قبل الولادة وحال كونه جنيناً في بطن اُمّه ـ أو منفصلا أي مولوداً .
  10 ـ من المعلوم أنّ انتفاء الولد عن الزوج لايلازم كونه ولد زنى لاحتمال كونه عن وطء شبهة أو غيره ، فلو علم الرجل بعدم التحاق الولد به ـ وإن جاز بل وجب عليه نفيه عن نفسه على ما سبق ـ لكن لايجوز له أن يرمي أمّه بالزنى وينسب ولدها

احكام المرأة والأسرة 259
  إلى الزّنى مالم يتيقّن ذلك .
  11 ـ إذا أقرّ بالولد لم يسمع إنكاره له بعد ذلك ـ أي بعد نفيه عنه ـ سواء أكان إقراره بالصريح أو بالكناية مثل أنّ يبشّر به ويقال له : (بارك الله لك في مولودك) فيقول : (آمين) أو (إن شاء الله تعالى) بل قيل : إنّه إذا كان الزوج حاضراً وقت الولادة ولم ينكر الولد مع انتفاء العذر لم يكن له إنكاره بعد ذلك، ولكنّه محلّ إشكال بل منع .
  12 ـ لايقع اللّعان إلاّ عند الحاكم الشرعي، وفي وقوعه عند المنصوب من قبله لذلك إشكال ـ أي لا تقع عند من نصّبه الحاكم للّعان ـ وصورة اللّعان أن يبدأ الرجل ويقول بعد قذفها أو نفي ولدها : (أشهد بالله إنّي لمن الصّادقين فيما قلت من قذفها أو نفي ولدها) يقول ذلك أربع مرّات ، ثم يقول مرّة واحدة : (لعنة الله عليّ إن كنت من الكاذبين) ثم تقول المرأة بعد ذلك أربع مرات : (أشهد بالله إنّه لمن الكاذبين في مقالته من الرّمي بالزّنا أو نفي الولد) ، ثمّ تقول مرّة واحدة : (إنّ غضبَ اللهِ عليَّ إن كان من الصّادقين) ، وقد مرّت هذه المعاني في صريح القرآن الكريم (1).
  13 ـ يجب أن تكون الشهادة واللّعن بالألفاظ المذكورة، فلو قال أو قالت : (أحلف) أو (أُقسم) أو (شهدتُ) أو (أنا شاهد) أو أبدلا لفظ الجلالة بـ (الرحمن) أو بـ (خالق البشر) أو بـ (صانع الموجودات) ، أو قال الرجل : (إنّي صادق) أو (لصادق) أو (من الصّادقين) من غير ذكر الّلام ، أو قالت المرأة: (إنّه لكذّاب) أو (كاذب) أو (من الكاذبين) لم يقع ، وكذا لو أبدل الرجل اللّعنة بالغضب والمرأة بالعكس ـ أي لو قال: (غضب اللهِ عليّ إن كنت من الكاذبين).

(1) انظر سورة النور 24: 6 ـ 9.

احكام المرأة والأسرة 260
  14 ـ يجب أن تكون المرأة معيّنة ، وأن يبدأ الرجل بشهادته ، وأن تكون البدأة في الرجل بالشّهادة ثمّ باللّعن ، وفي المرأة بالشّهادة ثم بالغضب .
  15 ـ يجب أن يكون إتيان كلّ منهما باللّعان بعد طلب الحاكم منه ذلك ، فلو بادر قبل أن يأمر الحاكم به لم يقع .
  16 ـ الأحوط ـ لزوماً ـ أن يكون النّطق بالعربيّة مع القدرة عليها ، ويجوز بغيرها مع التعذّر.
  17 ـ يجب أن يكونا قائمين ، أي لاجالسين ولا مضطجعين أو أي هيئة اُخرى غير القيام عند التلفّظ بألفاظهما الخمسة، وهل يعتبر أن يكونا قائمين معاً عند تلفّظ كلّ منهما ، أو يكفي قيام كلّ منهما عند تلفّظه بما يخصّه؟ وجهان ، ولا تترك مراعاة الاحتياط، أي بالقيام معاً عند أداء اللعان وألفاظه المختصّة به ، سواء كان المتكلّم فعلا هو الرجل أم المرأة.
  18 ـ يستحب أن يجلس الحاكم مستدبر القبلة ويقف الرجل على يمينه، وتقف المرأة على يساره ، ويحضر من يستمع اللّعان، ويعظهما ـ أي الزوّجين ـ الحاكم قبل اللّعن والغضب.
  19 ـ إذا وقع اللّعان الجامع للشرائط منهما يترتّب عليه أحكام أربعة:
  1 ـ انفساخ عقد النكاح والفرقة بينهما، أي مباشرة بعد تحقق اللّعان بلا طلاق .
  2 ـ الحرمة الأبديّة ، فلا تحلّ له أبداً ولو بعقد جديد، وهذان الحكمان ثابتان في مطلق اللّعان، سواء أكان للقذف أم لنفي الولد.
  3 ـ سقوط حدّ القذف عن الزوج بلعانه وسقوط حدّ الزناء عن الزوجة بلعانها ،

احكام المرأة والأسرة 261
  فلو قذفها ثمّ لاعَنَ ونكلت (1) هي عن اللّعان تخلّص الرجل عن حدّ القذف وحُدّت المرأة حدّ الزانية ـ أي اُقيم عليها نفس الحدّ الذي يقام على الزانية ـ لأنّ لعان الزوج بمنزلة البيّنة على زنا الزوجة.
  4 ـ انتفاء الولد عن الرجل دون المرأة إن تلاعنا لنفيه ـ بمعنى أنّه لو نفاه وادّعت كونه له فتلاعنا ، لم يكن توارث بين الرجل والولد ، فلا يرث أحدهما الآخر ، وكذا لا توارث بين الولد وكلّ من انتسب إليه بالاُبوّة كالجدّ والجدّة والأخ والأخت للأب ، وكذا الأعمام والعمّات ، بخلاف الاُمّ ومن انتسب إليه بها حتى أنّ الإخوة للأب والأُمّ بحكم الإخوة للاُم ، أي لا يؤثّر هذا اللّعان في نفي التوارث بينهم جميعاً وبين الولد.
  5 ـ إذا قذف امرأته بالزنى ولاعنها ، ثمّ كذّب نفسه بعد اللّعان ـ أي أقرّ على نفسه بالكذب ـ لم يحدّ للقذف ولم يزل التحريم، ولو كذّب في أثنائه ـ أي في أثناء الملاعنة ـ يحدّ (2) ولا تثبت أحكام اللّعان ، ولو اعترفت المرأة بعد اللّعان بالزنى أربعاً ففي الحدّ تردّد ، والأظهر العدم، أي لا يقام عليها الحدّ.
  6 ـ إذا كذّب نفسه بعد ما لاعن لنفي الولد ، لحق به الولد فيما عليه من الأحكام لا فيما له منها ـ أي تجب حقوق الولد على هذا الرجل بصفته أب له ، ولكن لا تجب حقوق الأب على هذا الولد لأنّه نفاه عنه ـ فيرثه الولد ولا يرثه الأب ـ أي لا يرث الأب الولد ـ ولا من يتقرّب به، وسيأتي تفصيل ذلك في كتاب الميراث إن شاء الله تعالى .

(1) النكول: نَكَلَ عن العدوِّ وعن اليمين ينكُلُ بالضمّ، أي جَبُنَ. الصحاح 5: 1835 "نكَل".
(2) أي يقام عليه الحدّ.

احكام المرأة والأسرة 262
مسائل متفرّقة
تتعلّق بالمرأة والاُسرة وخصوصاً الشباب
  1 ـ نرى في الغرب المدارس المختلطة بين الإناث والذكور ، فلا يجوز الحضور في هذه المدارس إذا كان الاختلاط يؤدّي إلى وقوع الطالب أو الطالبة في المحرّم، وأمّا مع الوثوق من الحفاظ على سلامة الدين والقيام بالالتزامات الشرعيّة ومنها الحجاب والتجنّب عن النّظر واللّمس المحرّمين، وعدم التأثّر بما يحيط بهما من أجواء التحلّل والإنحراف فلا بأس به .
  2 ـ لو أدّى دخول البنات في المدارس الغربيّة إلى إفساد أخلاقهن، والإخلال بعقائدهن والتزامهن بالشريعة ، فلا يجوز الدخول في هذه المدارس.
  3 ـ لايجوز اصطحاب الفتيات مع الشباب المسلم في السفرات الجامعيّة لغرض التنزّه والتفريح، إلاّ مع الأمن من الوقوع في الحرام.
  4 ـ لا يجوز لوليّ الطّفل أن يجعل طفله في مدرسة اُوربيّة يتولّى التدريس فيها أساتذة لاتؤمن بوجود الله، مع الاحتمال القويّ بالتأثير على عقيدة الطّفل، والولي يتحمّل المسؤوليّة الكاملة في ذلك.
  5 ـ لايجوز الحضور في أماكن الفساد مطلقاً على الأحوط وجوباً، ومن هذه الأمكنة المسابح المختلطة، سواء كان لغرض السّباحة أو للتنزّه .
  6 ـ تعتبر المصافحة في الغرب من وسائل التحيّة وتبادل الاحترام، وقد يؤدّي تركها إلى الإخراج من العمل أحياناً أو الحرمان من الدراسة، أو الاستحقار للمسلم ،

احكام المرأة والأسرة 263
  فلو لم يكن مناصّ للتخلّص من المصافحة، وأدّى تركها إلى الضّرر أو الحرج الشديد تلبس المسلمة أو المسلم الكفوف إن أمكن ويصافحها الأجنبيّ أو الأجنبيّة.
  7 ـ الأحوط وجوباً ترك رقص النّساء أمام النّساء، والرجال أمام الرّجال، ويحرم رقص النساء أمام الرّجال، ولكن يجوز رقص الزوجة لزوجها وبالعكس إذا لم يكن بمنظر الغير.
  8 ـ لو كان درس الرّقص غير مقترن بالغناء والموسيقي المحرّمة، وهو جزء من المادّة الدراسية التي لا يسمح بتركها ، ونافت التربية الدينيّة، فيحرم حضور هذا الدرس، بل وإن لم تنافيها على الأحوط وجوباً .
  9 ـ يجوز للمسلم أن يرسل ابنه إلى معاهد تعلّم الموسيقي باعتبارها فنّ من الفنون، إن لم يقترن بالعزف المحرّم عمليّاً، بشرط أن يحرز عدم تأثير ذلك على تربية الولد وتديّنه .
  10 ـ يجوز للمرأة المسلمة أن تلتحق بالكلّيات المختلطة في الغرب، هذا إذا وثقت من نفسها بأنّها سوف تلتزم بالشريعة ، ولا يؤدّي ذلك إلى ارتكابها للمحرّم ، وإن لم تثق من نفسها فلا يجوز لها الالتحاق (1).
  11 ـ لو تحدّث الرّجل مع عدّة نساء أجنبيّات بقصد الاقتناع بواحدة منهنّ، واختيار إحداهنّ للزواج فلا بأس فيه ، مادام خالياً من الحديث المحرّم الذي لا يجوز مع الأجنبيّة، وتجرّد عن النظر المحرّم وخوف الإنجرار إلى الوقوع في الحرام.
  12 ـ الأحوط وجوباً ترك النظر إلى صورة امرأة محجّبة يعرفها وقد ظهرت في الصورة من دون حجاب ، هذا في غير الوجه والكفّين ، أمّا الوجه والكفّين فيجوز

(1) فقه الحضارة: 183.

احكام المرأة والأسرة 264
  النظر لهما من دون تلذّذ وريبة.
  13 ـ لو احتفظ بصورة صبيّة وقد بلغت سنّ التكليف الآن فلا يجوز على ـ الأحوط وجوباً ـ أن ينظر لتلك الصورة إن كانت مطابقة لأوصافها بعد تكليفها، ويجوز له النظر إلى وجهها وكفّيها مع عدم الالتذاذ وخوف الافتتان.
  14 ـ نجد في أسواق الغرب الأجهزة التناسلية المصطنعة ـ للمرأة والرجل ـ للالتذاذ ، فلا يجوز ذلك إذا كان قد قصد الإمناء، أو كان من عادته ذلك، والأحوط وجوباً له الاجتناب حتى مع الاطمئنان من عدم الإمناء.

احكام المرأة والأسرة 265
مسائل تتعلّق بالجنس
  1 ـ المقصود من التلذّذ الشهوي ـ الذي هو مقياس للحرمة ـ ليس هو مطلق التلذّذ، بلّ خصوص التلذّذ الجنسي، ولا يشمل التلذّذ الروحيّ الذي يحصل للإنسان أثر مشاهدة الطبيعة اللطيفة ، كالنظر إلى حديقة زاهية أو منظر جميل ، ولكنّه بعيد في المورد ممّن لم يفقد القوة الشهويّة.
  والمراد من الريبة هو خوف الافتتان والوقوع في الحرام، وهو مقياس آخر للحرمة ، وأمّا الحدّ الأدنى في الالتذاذ المحرّم هو حصول أوّل درجة من درجات الإحساس الجنسي حتى مع عدم إفراغ الشهوة كلّها .
  2 ـ هناك فرق بين النّظرة الأُولى والثانية ، فإذا نظر الرجل إلى المرأة ـ أو بالعكس ـ بالنّظرة الأُولى فلا يترتّب على ذلك حرمة شرعاً ، والمقصود من النّظرة الأُولى هي النّظرة العابرة الصدفيّة الخالية من أيّ التذاذ أو ريبة ، بخلاف النظرة الثانية التي يتقصّد الإنسان فيها ، ويلتذّ بها نوعاً مّا ، وهي التي تزرع في القلب الشهوة، وكفى بها لصاحبها فتنة كما جاء عن المعصوم (عليه السلام).
  وكذلك تحرم النّظرة الثانية وإن كانت خالية من الالتذاذ، لأنّها قد توقع الإنسان في الحرمة، فتحرم من باب خوف الريبة .
  3 ـ لايجوز النّظر إلى بدن المحارم بشهوة أوخوف الوقوع في الحرام، والمحارم من يحرم الزواج منهم أبداً إلى آخر العمر، سواء من جهة النسب كالأُمّ والأُخت

احكام المرأة والأسرة 266
  وغيرهنّ ، أو من جهة الرّضاعة كالأُخت في الرضاعة، أو من جهة المصاهرة كأُمّ الزوجة وأب الزوج مثلا .
  4 ـ لايجوز للشاب أن يجلس مع الشابّة فيبادل معها الحديث من غير شهوة ولا خوف الوقوع في الحرام، إذا كانت المناظر استفزازيّة لا يؤمن معها من الانجرار إلى الحرام، وأمّا مجرّد التحدّث من غير شهوة ولا خوف الانجرار إلى الحرام فلا بأس به .

مرض الإيدز
  من الأمراض الخطيرة التي شاعت وخصوصاً في الدول الغربيّة مرض الإيدز، وذلك نتيجة للاختلاط الجنسي المفرط، ومن المؤسف أنّ لهذا المرض قابليّة الانتشار والسريان عن طرق متعدّدة مضافاً إلى الجنس، كانتقاله بالدم والأجنّة الملوّثة من الأُمّ المصابة إلى جنينها ، أو انتقاله إلى الأولاد أثناء وضع الحمل.
  ولخطورة هذا المرض يجب عل المصاب أن يتوقّى عن الأسباب الناقلة للمرض حتى لا يصاب به غيره ، وكذلك يجب على الآخرين المراقبة والوقاية منه ، ولا يجوز منعه عن الحضور في الأمكنة العامّة كالمساجد ونحوها مع الأمن من انتقال العدوى إلى غيره .

احكام المرأة والأسرة 267
كتاب الإرث
موجبات الإرث
  موجبات الإرث على نوعين: نسب، وسبب.
  أمّا النسب فله ثلاث طبقات:
الطبقة الأُولى:
  صنفان : أحدهما الأبوان المتّصلان ـ اي الوالدان ـ دون الأجداد والجدّات ، وثانيهما الأولاد وإن نزلوا ـ أي أولاد الأولاد وأولاد البنات ـ ذكوراً وإناثاً.
الطبقة الثانية:
  صنفان أيضاً: أحدهما الأجداد والجدّات وإن علوا ـ أي أجداد الأجداد، وأجداد الجدّات، وثانيهما: الإخوة والأخوات وأولادهم وإن نزلوا .
الطبقة الثالثة:
  صنف واحد وهم : الأعمام والأخوال وإن علوا ، كأعمام الآباء والاُمهات وأخوالهم وأعمام الأجداد والجدّات وأخوالهم ، وكذلك أولادهم ـ وإن نزلوا ـ كأولاد أولادهم، وأولاد أولاد أولادهم، وهكذا بشرط صدق القرابة للميّت عرفاً .
  وأما السّبب فهو قسمان : زوجيّه ، وولاء.
  والولاء ثلاث طبقات : ولاء العتق ، ثمّ ولاء ضمان الجّريرة، ثم ولاء الإمامة، أي أنّ الإمام(عليه السلام) يرث من ليس له سبب أو نسب.

احكام المرأة والأسرة 268
في أقسام الوارث
  ينقسم الوارث إلى خمسة أقسام:
  1 ـ من يرث بالفرض ـ أي المقدار المعيّن في الشريعة، وهو ما ورد في القرآن الكريم في آية المواريث من سورة النساء (1)، وهو الزوجة فإنّ لها الربع مع عدم الولد، والثمن معه ، ولا يُردّ عليها أبداً ـ أي لا تأخذ أكثر ممّا فرض لها أصلا ولا تستحقّ شيئاً ممّا زاد من السّهام.
  2 ـ من يرث بالفرض دائماً وربما يرث بالردّ ـ كالاُم فإنّ لها السّدس مع الولد، والثلث مع عدمه إذا لم يكن حاجب ، وربما يردّ عليها زائداً على الفرض كما إذا زادت الفريضة على السهام، وكالزوج فإنّه يرث الربع مع الولد والنّصف مع عدمه، ويردّ عليه إذا لم يكن وارث إلاّ الإمام.
  3 ـ من يرث بالفرض تارة وبالقرابة اُخرى، كالأب فإنّه يرث بالفرض مع وجود الولد وبالقرابة مع عدمه ، والبنت والبنات فإنّهن يرثن مع الابن بالقرابة ـ أي بسبب القرابة ـ وبدونه بالفرض ، والاُخت والأخوات للأب أو للأبوين فإنّهن يرثن مع الأخّ بالقرابة ومع عدمه بالفرض ، وكالإخوة والأخوات من الاُم فإنّهم يرثون بالفرض إذا لم يكن جدّ للاُمّ ، وبالقرابة معه .
  4 ـ من لايرث إلاّ بالقرابة ، كالابن، والإخوة للأبوين أو للأب، والجدّ والأعمام والأخوال.
  5 ـ من لايرث بالفرض ولا بالقرابة بل يرث بالولاء ، وهو المُعتِق وضامن الجريرة ، والإمام (عليه السلام).

(1) النساء 4: 11 ـ 12.

احكام المرأة والأسرة 269
في أنواع السهام
  الفرض هو السهم المقدّر في الكتاب المجيد، وهو ستة أنواع، وأصحابها ثلاثة عشر ، كما يلي :
  1 ـ النصف، وهو للبنت الواحدة، والأُخت للأبوين أو للأب فقط إذا لم يكن معها أخ ، وللزوج مع عدم الولد للزوجة وإن نزل .
  2 ـ الرّبع ، هو للزوج مع الولد للزوجة وإن نزل ـ أي لو ماتت الزوجة وكان لها ولد أو ولد الولد فيأخذ الزوج ربع الإرث ـ وللزوجة مع عدم الولد للزوج وإن نزل ، والزوجة تأخذ الربع فإن كانت واحدة اختصّت به وإلاّ فهو لهنّ بالسوية .
  3 ـ الثمن، وهو للزوجة مع الولد للزوج وإن نزل ، فإن كانت واحدة اختصّت به ، وإلاّ فهو لهنَّ بالسويّة أي وإن كنّ أكثر من واحدة فيقسّم الثمن عليهن جميعاً.
  4 ـ الثلثان، وهو للبنتين فصاعداً مع عدم الابن المساوي، وللاُختين فصاعداً ـ أي إن كنّ الأخوات أكثر من اثنتين ـ للأبوين أو للأب فقط مع عدم الأخ.
  5 ـ الثلث ، وهو سهم الأُم مع عدم الولد وإن نزل ، وعدم الإخوة ـ أي إذا لم يكن للميّت ولد أو ولد الولد، أو إخوة ـ على تفصيل يأتي (1)، وللأخ والاُخت من الاُم مع التعدّد.
  6 ـ السدس ، وهو لكلّ واحد من الأبوين مع الولد ـ أي إن كان لهما ولد ـ وإن نزل ، وللاُم مع الإخوة للأبوين ـ أي مع وجود الإخوة إن كانوا من طرف الأبوين ـ أو الأب فقط ، وللأخ الواحد من الأُم والاُخت الواحدة منها .

(1) التفصيل مذكور في ارث الطبقة الأولى فراجع .

احكام المرأة والأسرة 270
في بطلان العول والتعصيب
  العول هنا: هو ارتفاع الفريضة وازدياد السّهام، فيدخل النقصان على بعض معيّن من أهل الفرائض دون البعض الآخر، ففي إرث الطبقة الأُولى يدخل النقص على البنت أو البنات، وفي إرث الطبقة الثانية كما إذا ترك زوجاً أو اُختاً واُختين من الأمّ فإنّ سهم الزوج النصف، وسهم الأُخت من الأبوين النصف، وسهم الاُختين من الأمّ الثلث ، ومجموعها زائد على الفريضة، يدخل النّصف على المتقرّب بالأبوين كالاُخت في المثال دون الزوج، ودون المتقرّب بالأُم .
  والتعصيب من العصبة : وهم الرجال مابين العشرة إلى الأربعين، ويقصد به هنا قلّة الورثة، وزيادة مقدار عن القسمة فلمن يعطى هذا الزائد؟ قال علماؤنا: يقسّم الزائد على ذوي الفروض فيرثون الإضافة بالردّ ، كالبنت مثلا ترث النّصف بالفرض والنّصف الآخر بالردّ .
  هذا إذا كان الورثة جميعاً ذوي فروض ، وأمّا إذا لم يكونوا جميعاً ذوي فروض فيقسّم المال بينهم ، وإذا كان بعضهم ذا فرض دون آخر اُعطي ذو الفرض فرضه، واُعطي الباقي لغيره .
  4 ـ إذا تعدّد الورثة فتارة يكونون جميعاً ذوي فروض ـ أي مذكورين في آية المواريث ـ واُخرى لايكونون جميعاً ذوي فروض ، وثالثة يكون بعضهم ذا فرض دون بعض .
  وإذا كانوا جميعاً ذوي فروض ، فتارة تكون فروضهم مساوية للفريضة ـ أي بمقدار ماذكر في الكتاب الكريم ـ واُخرى تكون زائدة عليها، وثالثة تكون ناقصة

احكام المرأة والأسرة 271
  عنها:
  فالاُولى ـ أي ما كانت متساوية بالفروض ، مثل أن يترك الميت أبوين وبنتين ، فإن سهم كلّ واحد من الأبوين السّدس، وسهم البنتين الثلثان، ومجموعها مساو للفريضة ، لأنّ السدسين متساويان مع الثلث.
  والثانية : مثل أن يترك الميّت زوجاً وأبوين وبنتين ، فإنّ السهام في الفرض الربع والسدسان والثلثان ، وهي زائدة على الفريضة .

موانع الإرث
  أوّلا: الكفر
  1 ـ لايرث الكافر من المسلم وإن كان قريباً، وإن كان ابنه وغير ذلك، ويختصّ إرثه بالمسلم وإن كان بعيداً ، فلوكان له ابن كافر وللابن ابن مسلم يرثه ابن الابن دون الابن، وكذا إذا كان له ابن كافر وأخ أو عمّ أو ابن عمّ مسلم يرثه المسلم دونه ـ أي دون الابن الكافر ـ بل وكذا إذا لم يكن له وارث من ذوي الأنساب وكان له معتِق أو ضامن جريرة مسلم يختصّ إرثه به ، أي المسلم دون الكافر.
  وإذا لم يكن له وارث مسلم في جميع الطّبقات من ذوي الأنساب وغيرهم إلاّ الإمام (عليه السلام) كان إرثه له ، ولم يرث الكافر منه شيئاً .
  ولا فرق في الكافر بين الأصلي ذميّاً كان أم حربيّاً ـ أي أنّ الكافر لايرث سواءكان من أهل الكتاب أو لم يكن منهم ـ والمرتدّ فطريّاً ـ أي سواء كان من أبوين مسلمين ، أو كان أحدهما مسلماً ـ أم مليّاً ـ أي كان من أبوين كافرين وقد أسلم هو ثم ارتدّ بعد ذلك ـ كما لا فرق في المسلم بين الإماميّ وغيره .

احكام المرأة والأسرة 272
  2 ـ المسلم يرث الكافر ويمنع من إرث الكافر للكافر وإن كان المسلم بعيداً والكافر قريباً ، فلو مات كافر وله ولد كافر وأخ مسلم ، أو عمّ مسلم ، أو معتِق أو ضامن جريرة مسلم ، ورثة ـ أي المسلم ـ ولم يرثه الكافر، نعم إذا لم يكن له وارث مسلم إلاّ الإمام (عليه السلام) لم يرثه ـ أي لا يرث الإمام الكافر مع عدم وجود مسلم من أقربائه ـ بل تكون تركته لورثته الكفّار حسب قواعد الإرث، هذا إذا كان الكافر أصليّاً ـ أي إذا لم يكن مرتدّاً ـ أمّا إذا كان مرتدّاً عن ملّة أو فطرة فالمشهور أنّ وارثه الإمام (عليه السلام)، ولا يرثه الكافر، وكان بحكم المسلم ولكن لا يبعد أن يكون المرتدّ كالكافر الأصليّ، ولاسيما إذا كان مليّاً ـ أي أنّ الإمام لايرث هذا المرتدّ ويرثه أقرباؤه من الكفّار مع فقدان المسلم الضامن لجريرته أو الذي أعتقه.
  3 ـ إذا مات الكافر وله ولد صغير ـ أو أكثر ـ محكوم بالكفر تبعاً ـ أي تبعاً للأب ـ وكان له وارث مسلم من غير الطّبقة الأولى واحداً كان أو متعدّداً ، دفعت تركته إلى المسلم ـ أي وإن كان من غير الطّبقة الأُولى ـ والأحوط لزوماً ـ أي وجوباً ـ أن ينفق منها على الصغير إلى أن يبلغ ـ فإن أسلم ـ أي الصغير بعد بلوغه ـ حينئذ وبقي شيء من التركة دفعه إليه ، وإن أسلم قبل بلوغه سلّم الباقي إلى الحاكم الشرعي ليتصدّى للإنفاق عليه ، فإن بقي مسلماً إلى حين البلوغ دفع إليه المتبقي من التركة ـ إن وجد ـ وإلاّ دفعه إلى الوارث المسلم.
  4 ـ لومات مسلم عن ورثة كفّار ليس بينهم مسلم ، فأسلم واحد منهم بعد موته بلافصل معتدّ به ـ أي بلا فاصلة زمنيّة معتبرة عرفاً ـ اختص هو ـ أي المسلم ـ بالإرث ولم يرثه الباقون ، ولم ينته الأمر إلى الامام (عليه السلام).
ولو أسلم أكثر من واحد دفعة أو متتالياً ورثوه جميعاً مع المساواة في الطّبقة ـ

احكام المرأة والأسرة 273
  أي إن كانوا جميعاً من الطّبقة الأُولى أو الثانية مثلا ـ وإلاّ اختصّ به من كان مقدّماً بحسبها .
  5 ـ لومات مسلم أو كافر وكان له وارث كافر ووارث مسلم غير الإمام (عليه السلام)وأسلم وارثة الكافر بعد موته ، فإن كان وارثه المسلم واحداً اختصّ بالإرث ، ولم ينفع لمن أسلم إسلامه، نعم لوكان الواحد هو الزوجة وأسلم قبل القسمة بينها وبين الإمام (عليه السلام) نفعه إسلامه، فيأخذ نصيبه من تركته ، وأمّا لو كان وارثه المسلم متعدّداً فإن كان إسلام من أسلم بعد قسمة الإرث لم ينفعه إسلامه ولم يرث شيئاً ، وأمّا إذا كان إسلامه قبل القسمة فإن كان مساوياً في المرتبة مع الوارث المسلم شاركه ، وإن كان مقدّماً عليه بحسبها ـ أي إذا كان من الطّبقة الأولى مثلا ، أو طبقة مقدّمة على غيرها ـ انفرد بالميراث ، كما إذا كان إبناً للميّت والوارث المسلم إخوة له ، وتستثنى من هذا الحكم صورة واحدة تقدمت في المسألة رقم (3).
  6 ـ المراد من المسلم والكافر ـ وارثاً وموروثاً وحاجباً ـ أي مانعاً من الإرث ـ ومحجوباً ـ أي ممنوعاً ـ أعمّ من المسلم والكافر بالأصالة وبالتبعيّة، ومن الثاني المجنون والطفل غير المميّز، والمميّز الذي لم يختر الإسلام أو الكفر بنفسه، فكلّ طفل غير مميّز أو نحوه كان أحد أبويه مسلماً حال انعقاد نطفته بحكم المسلم ـ أي تجري عليه أحكام المسلم ـ فيمنع من إرث الكافر، ولايرثه الكافر بل يرثه الإمام (عليه السلام)، لأنّه بحكم المسلم إذا لم يكن له وارث مسلم ، وكلّ طفل غير مميّز أو نحوه ـ أي المجنون ـ كان أبواه معاً كافرين حال انعقاد نطفته بحكم الكافر ، فلا يرث المسلم مطلقاً كما لايرث الكافر، إذا كان له وارث مسلم غير الإمام على كلام في بعض الصور تقدّم في المسألة رقم (3)، نعم إذا أسلم أحد أبويه قبل بلوغه تبعه في

احكام المرأة والأسرة 274
  الإسلام، وجرى عليه حكم المسلمين كما مرّ .
  7 ـ المسلمون يتوارثون وإن اختلفوا في المذاهب والأُصول والعقائد ـ أي وإن كان بعضهم من السنّة والآخر من الشيعة مثلا ـ نعم المنتحلون للإسلام المحكومون بالكفر ـ كالنواصب والخوارج والغلاة ـ ممّن تقدّم ذكرهم في كتاب الطهارة لايرثون من المسلم ويرث المسلم منهم .
  8 ـ الكفّار يتوارثون وإن اختلفوا في الملل والنحل ، فيرث النصرانيّ من اليهوديّ وبالعكس ، بل يرث الحربيّ من الذمّي وبالعكس ، لكن يشترط في إرث بعضهم من بعض فقدان الوارث المسلم كما تقدّم .
  9 ـ المرتدّ : وهو من خرج عن الإسلام واختار الكفر على قسمين: فطريّ، ومليّ .
   والفطريّ من ولد على إسلام أحد أبويه أو كليها ثمّ كفر ، وفي اعتبار إسلامه بعد التمييز قبل الكفر وجهان أقربهما الاعتبار.
  وحكم الفطري أنّه يقتل في الحال، وتبين منه زوجته ـ أي يفرّق بينه وبينها ـ بمجرّد ارتداده، وينفسخ نكاحها بغير طلاق ، وتعتدّ عدّة الوفاة ثم تتزوّج إن شاءت ، وتُقسّم أمواله التي كانت له حين ارتداده بين ورثته بعد أداء ديونه كالميّت ولا ينتظر موته .
  وأمّا بالنسبة إلى ماعدا الأحكام الثلاثة المذكورات فالأقوى قبول توبته ـ أي لا تؤثّر توبته في وجوب قتله ، والتفريق بينه وبين زوجته، وتقسيم أمواله باطناً وظاهراً ، فيطهر بدنه ، وتصحّ عباداته ، ويجوز تزويجه من المسلمة ، بل له تجديد العقد على زوجته السابقة، حتى قبل خروجها من العدّة على القول ببينونتها عنه بمجرّد الارتداد ، والظّاهر أنّه يملك الأموال الجديدة بأسبابه الاختيارية ـ كالنجارة والحيازة ـ

احكام المرأة والأسرة 275
  والقهريّة ـ كالإرث ـ ولو قبل توبته .
  وأمّا المرتد المليّ ـ وهو من يقابل الفطريّ ـ فحكمه أنّه يستتاب ـ أي يطالب بالتوبة ـ فإن تاب وإلاّ قتل، وانفسخ نكاح زوجته ـ أي المسلمة ـ إذا كان الارتداد قبل الدخول أو كانت يائسة أو صغيرة ولم تكن عليها عدّة ، وأمّا إذا كان الارتداد بعد الدخول وكانت المرأة في سنّ من تحيض وجب عليها أن تعتدّ عدّة الطّلاق من حين الارتداد، فإن رجع عن ارتداده إلى الإسلام قبل انقضاء العدّة بقي الزواج على حاله على الأقرب ، وإلاّ انكشف أنّها قد بانت عنه عند الارتداد.
  ولا تقسّم أموال المرتدّ المليّ إلاّ بعد موته ـ أي لاحين الارتداد كما في المرتدّ الفطريّ ـ بالقتل أو غيره، وإذا تاب ثمّ ارتدّ ففي وجوب قتله من دون استتابة في الثالثة أو الرابعة إشكال.
  هذا إذا كان المرتدّ رجلا ، وأمّا لو كان امرأة فلا تقتل ولا تنتقل أموالها عنها إلى الورثة إلاّ بالموت ، وينفسخ نكاحها بمجرّد الارتداد بدون اعتداد ـ أي بدون عدّة ـ مع عدم الدخول ـ أي مع عدم كونها مدخولا بها ـ أو كونها صغيرة أو يائسة ، وإلاّ توقّف الانفساخ على انقضاء العدّة وهي بمقدار عدّة الطلاق.
  وتحبس المرتدّة ويضيّق عليها، وتضرب على الصلاة حتى تتوب ، فإن تابت قبلت توبتها ، ولافرق في ذلك بين أن تكون مرتدّة عن ملّة أو عن فطرة .
  10 ـ يشترط في ترتيب الأثر على الارتداد البلوغ، وكمال العقل، والقصد والاختيار ، فلو أكره على الارتداد فارتدّ كان لغواً ، وكذا إذا كان غافلا أو ساهياً ، أو هازلا أو سبق لسانه ، أو كان صادراً عن الغضب الذي لايملك معه نفسه ويخرج به عن الاختيار، أو كان عن جهل بالمعنى .