(علوم اللغة والشعر)
ابو عمرو بن علاء
الاستاذ حسين مزهر حمادي

 من بين النجوم الزاهرة التي ملأت سماء البصرة الشماء ، يزهو نجم أبي عمرو بن العلاء ، ذلك العلم الذي تلألأت أنوار علمه لتضىء دروب العلم والمعرفة .
 فقد كان ابو عمرو إمام العربية في القراءة والنحو واللغة والشعر لنصف قرن من الزمن .
 وسنقتبس جذوة من أنوار ذلك العالم لنعطي نبذة موجزة عن سيرته العلمية الحافلة بالعطاء الزاخر ..
أسمه ونسبه :
 هو أبو عمرو زبان بن العلاء بن العربان التميمي ، ولد في مكة المكرمة بين سنة 68 ـ 71 ثم أنتقل إلى البصرة وسكن في المربد لينشأ فيها هو وابنته وولداه ( بشر ومعاوية ) ثم ليصبح فيما بعد من أكابر العلماء في البصرة .
شيوخه :
 تتلمذ أبو عمرو على أيدي كبار العلماء من الصحابة والتابعين ومن مختلف الأمصار ، فمن شيوخه في القراءات القراَنية انس بن مالك ، وابن كثير ، ويزيد بن القعقاع ، وسعيد بن جبير ، والحسن البصري .
أما شيوخه في اللغة والنحو : فنصر بن عاصم الليثي وعبد الله بن أبي اسحق الحضرمي .
علومه :
 لقد كان لتنقلات أبي عمرو بين مكة والمدينة والبصرة والكوفة وإقامته في بوادي نجد والحجاز ومشافهة الاعراب وأخذه الفصاحة واللغة وغريبها عنهم ، كل ذلك كان له الاثر البارز في صقل موهبته وغزارة علمه وسعة افق إطلاعه فبرع في علوم شتى كان يزخر بها عصره .
 فبرع في علم القراءات وأصبحت له قراءة تفرد بها حتى عدة أحد القراء السبعة المشهورين وأبدع في علم النحو فكان من المؤسسين لذلك العلم ومن الذين ارسوا دعائمه بفضل اَرائه التي نقلها عنه تلامذته كالخليل وسيبويه والكسائي ، أما في مجال اللغة وغريبها فقد كانت له اَراء كثيرة ملأت بطون الكتب التي دونها عنه تلامذته ، أما في رواية الحديث الشريف فقد كانت رواياته قليلة ، ومع ذلك فقد وثقه علماء الحديث .
 وفي مجال رواية الشعر ونقده كان أبو عمرو رواية لأشعار فحول العرب من أمثال : امرىء القيس والنابغة الذبياني والأعشى الكبير والحطيئة ، وقد جمعها ودونها تلميذه الأصمعي الذي يقول عنه ( سألت أبا عمرو عن ثمانية اَلاف مسألة مما أحصيت عددها من أشعار العرب ولغاتها غير ما لم أحص فكأنه في قلوب العرب .
تلامذته :
تتلمذ على يد أبي عمرو علماء كثيرون وبشتى ميادين العلم ، فقد كان له مجلسان للدرس أحدهما في مسجد البصرة الجامع ، فمن تلامذته في القراءات أبو محمد اليزيدي ، وعبد الوارث بن سعيد ، وأحمد بن موسى اللؤلؤي ، وعبد الله بن عطاء الخفاف ، وهارون بن موسى وغيرهم .
أما تلامذته في النحو : فيونس بن حبيب وعيسى بن عمر والخليل بن أحمد الفراهيدي وأبو جعفر الرؤاسي والكسائي .
أما تلامذته في اللغة ورواية الشعر : فالاصمعي وأبو عبيدة وأبو زيد الأنصاري .
اَثاره :
 تروي المصادر ان ابا عمرو كانت لديه كتب ودفاتر جمع فيها كل اَرائه وما نقله عن العرب وقد ملأت بيته لكثرتها ، ولكنه تنسك فأحرقها ، ثم عاد إلى علمه فلم يبقى له سوى ما حفظه في قلبه ومع هذا فقد أثر عنه العديد من المصنفات مثل : كتاب النوادر ، وكتاب الأمثال ، وكتاب الوقف والأبتداء ، وكتاب الأدغام الكبير ، وكتاب شرح ديوان الخرنق ، وكتاب قراءة ابي عمرو ( وهو من رواية تلميذه اليزيدي ) . ونظراً لأشتهار ابي عمرو بالقراءة وكثرة اَرائه في اللغة والنحو أصبح منهلاً للواردين ومجالاً خصباً للبحث والتصنيف ، فكثرت المصنفات التي بحثت في قراءته واَرائه وأخباره قديماً وحديثاً .
فقديماً مثل : كتاب قراءة أبي عمرو بن العلاء ( لأبي زيد الأنصاري ) وكتاب قراءة أبي عمرو ( لأحمد بن زيد الحلواني ) وكتاب التنبيه على مذهب أبي عمرو بن العلاء في الإماله والفتح ( لأبي عمرو الداني ) وكتاب ( أخبار أبي عمرو بن العلاء ) لأبي بكر الصولي ، وغيرها من المصنفات .
 أما حديثاً فنجد دراسة بعنوان ( الأصوات في قراءة أبي عمرو بن العلاء ) للدكتور عبد الصبور شاهين ، وكتاب ( أبو عمرو بن العلاء وجهوده في القراءة والنحو ) للدكتور زهير غازي زاهد ، ودراسة بعنوان ( أبو عمرو بن العلاء ومذهبه في النحو ) تأليف كامل محمد جميل ، ودراسات أخرى لامجال لذكرها .
 وأخيراً توفي ذلك العالم النحرير في الكوفة سنة 154 هجرية وعمره أربع وثمانون سنة وقيل ست وثمانون سنة .
وغدا نجماً متألقاً يتلألأ في سماء الخلد ومناراً للعلم والمعرفة .