صيادو الأسماك ضحايا من نوع آخر

الاستاذ كاظم فنجان حسين الحمامي

جوهر المشكلة
  تعرض الصيادون العراقيون الذين يعملون في شط العرب وخور عبد الله والمياه الإقليمية العراقية إلى أضرار كبيرة في العامين الأخيرين نتيجة فقدان الدعم والإسناد الذي يفترض أن تقدمه المؤسسات الحكومية المعنية , ومما زاد الحال سوءا إن الجهات الحكومية العراقية التي كانت ملتزمة بتقديم المساعدات المحدودة اجتهدت هذا العام في إلغاء كل المساعدات بل إنها شرعت بإطلاق سلسلة من الاتهامات للعاملين في مهنة الصيد البحري , وبالتالي توقف مجموعة كبيرة من سفن وزوارق الصيد عن العمل , وأدت هذه السياسات إلى إفراغ المياه الإقليمية العراقية من أي نشاط بحري عراقي ومنحت زوارق الدول المجاورة فرصة استغلال هذا الغياب ألقسري والاستفادة من مصائد الأسماك الواقعة في الجانب العراقي .
  وهكذا أصبح من المألوف حاليا رؤية زوارق الصيد الكويتية والإيرانية وهي تصول وتجول في مياهنا , وبخاصة في المنطقة الواقعة خارج مدخل خور عبد الله من جهة البحر , وهي المنطقة التي لا تتواجد فيها زوارق خفر السواحل العراقية آو زوارق القوة البحرية العراقية لكونها تقع خارج نطاق عملياتها بسبب وقوع هذه المنطقة تحت إشراف سفن أسطول الاحتلال الأمريكي , والحقيقة إن غياب سفن و زوارق الصيد العراقية وانسحابها من المياه الإقليمية العراقية سيؤدي إلى فقدان ركن أساسي من أركان السيادة الوطنية على المياه الإقليمية العراقية وبالتالي خسارة التوازن الجيوبولوتيكي شمال الخليج العربي .
  كما يعاني الصيادون حاليا من آثار البطالة بسبب توقف سفنهم عن العمل , وبالتالي تعرض أسرهم إلى ظروف الفقر والعوز .

المؤشرات الفنية والاقتصادية لمجالات الاستثمار
  ان المؤشرات الفنية والاقتصادية لقطاع الثروة السمكية تشير الى إمكانية التوسع في عدة مشاريع استثمارية في قطاع الثروة السمكية ويعزى ذلك إلى التطور الكبير في تقنيات وتكنولوجيا صيد الأسماك حيث شجع هذا التطور على التوسع في قطاع صيد الأسماك واستغلال جميع الموارد المائية لإقامة مشاريع متنوعة لصيد الأسماك .

واقع الاستثمار السمكي في البيئة البحرية
  إن غياب رعاية الدولة لهذا القطاع أدى إلى غياب السياسات التنموية والاستثمارية عن هذا القطاع وقد ترك القطاع يستغل بشكل غير عقلاني وبطرق وإمكانيات مادية وفنية محدودة جدا .
وتصنف طرق الاستثمار في القطاع حاليا كالآتي :
ـ الصيد التقليدي في المسطحات البحري القريبة .
ـ الصيد التقليدي في المياه البحرية العميقة .

مقومات تنشيط الاستثمار
  إن قطاع الصيد بحاجة ماسة إلى إجراءات إدارية وفنية ودعم مالي ومعنوي من قبل أجهزة ومؤسسات الدولة وذلك من اجل ان ينهض القطاع ويوظف لاستثمار أموال وإمكانيات فنية واسعة , وجعل القطاع يلعب دورا اقتصاديا متميزا في الإنتاج الحيواني .
ومن أهم مقومات تنشط الاستثمار ما يلي :
ـ منح سفن وزوارق الصيد العراقية حصص مقننة من الوقود والمحروقات وبأسعار مدعومة من قبل الدولة , وذلك أسوة بجميع زوارق وسفن الصيد الخليجية والعربية التي ما زالت تتلقى الدعم المطلق من حكوماتها لأسباب سياسية وسيادية بحرية في المقام الأول .
ـ دعم اتحادات وجمعيات صيد الأسماك والنهوض بمستواها بحيث تتوافق مع السياسات الزراعية والاقتصادية للعراق الجديد .
ـ إعادة النظر بقوانين وتشريعات تسجيل السفن بحيث تتوافق مع التشريعات البحرية الحديثة . علما ان قانون تسجيل السفن العراقية يعود الى عام 1942 ولم يطرأ علية أي تعديل لحد الآن .
ـ الاستثمار في مجال الصيد البحري وحسب الظروف وإمكانيات المياه الإقليمية والمياه المجاورة والاستفادة من قانون البحار الدولي للعمل في المياه الدولية عن طريق إنشاء شركات مختلطة للصيد البحري وبالتعاون مع دول الجوار .

معوقات ومشاكل تنمية الثروة السمكية
  لقد وهب الله العراق ثروة سمكية بحرية غنية .
وان هذه الثروة البحرية أصبحت بحكم الطبيعة قاعدة أساسية لتنمية ثروة سمكية كبيرة ومصدرا أساسيا لرفد الأسواق المحلية بالأسماك وعلى مدار السنة .
  أن الواقع الحالي يشير إلى أن الثروة السمكية البحرية في حالة تدهور كبير من الناحية الاقتصادية والنوعية والكمية , ويمكن القول بأن الإنتاج الحالي للسنوات الماضية يتم بصورة بدائية .
  ان أسباب تخلف الاستثمار وعدم استخدام التكنولوجيا الحديثة في تنمية واستغلال الثروة السمكية يعود بالدرجة الأساس الى عدم اهتمام المؤسسات الحكومية العراقية وإهمالها لهذا القطاع منذ زمن بعيد , وعدم تخصيص خطط استثمارية لهذا القطاع ولمدة تزيد على عشرين سنة ماضية .
  بالإضافة إلى المضايقات المتعاقبة التي يتعرض لها الأسطول العراقي من قبل سفن وزوارق الدورية الكويتية والإيرانية , ناهيك عن الظروف الاقتصادية غير الطبيعية التي مرت على العراق خلال السنوات الماضية .
  والاذكى من ذلك كله ان بعض المؤسسات الحكومية أخذت في الآونة الأخيرة تمعن في الإساءة إلى هذا القطاع وبالاتجاه الذي أدى إلى تفريغ المياه الإقليمية العراقية من أي تواجد بحري محلي وبالتالي خسارة الدولة لنفوذها البحري الذي يفترض ان تبسطه على مياهها بشتى الطرق والوسائل ومهما كانت النتائج .
إذ تشكل سيادتنا على المياه الإقليمية أولوية أولى لا يمكن التفريط بها .

أمثلة لبعض أشكال الدعم الممكنة التي تقدمها الدول العربية لسفن وزوارق الصيد :
  ترى منظمة الأغذية والزراعة الدولية ان الدعم الذي يفترض ان تقدمه الحكومات ليس الا نوعا من انواع الإعانات والقروض والحوافز المالية والتي تكون غالباً في شكل نقدي او عيني بهدف تشجيع وتطوير مهنة الصيد البحري وبسط نشاطات الصيد ومدها إلى مساحات ومسافات بحرية أوسع وأعمق .
   والشكل التالي الذي نشرته منظمة الأغذية والزراعة الدولية يبين ان الدعم الحكومي يشكل 50% من العام الذي ينبغي ان يقدم لقطاع الصيد البحري.

الفئة الأولى
الدعم من أجل تحسين الكفاءة الاقتصادية. منح لشراء معدات السلامة. حوافز مباشرة للتصدير . منح لإعادة تدريب الصيادين للعمل في صناعات أخرى. خطط التعويض في حالة سوء الأحوال الجوية. الضرائب (السلبية). الرسوم (السلبية) التي تفرض على الواردات والصادرات. التعويض عن الأضرار. المنح الاستثمارية لإقامة برك تربية الأسماك. المنح التي تُدفع في حالة سحب سفن الصيد من الخدمة لفترات مؤقتة . مدفوعات دعم حصول الصيادين على إجازات. مدفوعات لخفض تكاليف الإجراءات المحاسبية. تقديم مساهمات مقابلة للاستثمارات التي ينفقها القطاع الخاص. دعم عمليات النقل.
منح لشراء سفن صيد جديدة أو مستعملة ، أو لتطوير السفن. دعم الدخل، والتأمين ضد البطالة، ومدفوعات ضمان الدخل. مدفوعات مقابل الاستغناء عن السفن وإخراجها من الخدمة. إلغاء تراخيص وأذون وحصص الصيد مقابل تعويضات ومنح التقاعد. التعويض في مواسم إغلاق المصايد أو الحد من الصيد فيها . برامج التعويض في حالة وجود تضارب بين معدات الصيد المستعملة والرغبة في صيانة الموارد. تعويضات التخفيف من حدة الكوارث التي يتعرض لها الصيادون. الاستثمارات المباشرة الجديدة من جانب الحكومة في شركات تصنيع الأسماك، أو شركات الصيد، أو شركات تربية الأحياء المائية. مدفوعات للصيادين لدعم الأسعار. منح لصغار الصيادين ومساعدات مباشرة للمشاركين في مصايد معينة . منح للبدء في مشروعات مشتركة .


الفئة الثانية
برامج البحوث والتنمية التي تمولها الحكومة. خفض الرسوم التي تتقاضاها الأجهزة الحكومية. حصول الصيادين على مستلزماتها بسعر أقل من سعر السوق. جمع المعلومات وتحليلها ونشرها. الترويج لمصايد الأسماك وتنميتها. إجراء عمليات الصيد الاستكشافية وتنمية معدات الصيد. تحسين المصايد بما في ذلك دعم إقامة الخلجان الصناعية. إجراء بحوث على الصيد في المياه العميقة. التعاون الدولي في مجالات مصايد الأسماك. التدخل في السوق. برامج التنمية الإقليمية. التعريفات الجمركية وحصص التعريفة الجمركية. الإعفاء من رسوم الواردات. نظم دعم الأسعار. حظر تفريغ الأسماك. حظر الاستثمارات الأجنبية المباشرة. إدارة مصايد الأسماك (التكاليف التي لا تسترد) الترويج لاستهلاك الأسماك. مناطق التجارة الحرة. بحوث السوق. فرض قيود على المِلكية. تخصيص حصص الصيد للصيادين المحليين فقط.
البرامج الصحية التي تمولها الحكومة لمصايد معينة. المبالغ التي تدفع للحكومات الأجنبية مقابل الصيد في المناطق التابعة لها. مرافق البينية الأساسية الخاصة بصناعة الصيد، مثل أسواق السمك، وأماكن إنزال الأسماك والمواني. تقديم خدمات توفير الطعم المستخدم في الصيد. تطوير معدات الصيد. دعم إدارة مصايد الأسماك القائمة على المجتمعات المحلية التقليدية، والتنمية الإقليمية ومنظمات المنتجين. إعفاء الوقود الذي تستخدمه سفن الصيد من الضرائب. الإعفاء من ضريبة المبيعات. إجراء تخفيضات خاصة على ضريبة الدخل بالنسبة للصيادين. برامج تأجيل سداد الضرائب. رد ضريبة الاستثمار. توفير القروض بشروط مواتية. ضمان الحكومة للقروض المصرفية. برامج التأمين على الصيادين أو دعم خطط التأمين. برامج تنشيط الأسواق. اللوائح التي تنظم المدخلات والمخرجات. دعم المجموعات والآليات الاستشارية. خدمات التفتيش وإصدار شهادات الصلاحية. خدمات التدريب والإرشاد. توفير اصبعيات الأسماك والأعلاف السمكية لقطاع تربية الأحياء المائية. فرض شروط على جنسية وإقامة موظفي ومديري شركات الصيد وأطقم السفن.


الفئة الثالثة
القواعد واللوائح الخاصة باستخدام الكيماويات والعقاقير في تربية الأحياء المائية. خطط الإنتاج وحصص الأعلاف في مجال تربية الأحياء المائية. شروط إصدار تراخيص تربية الأحياء المائية. شروط الرقابة البيطرية على تربية الأحياء المائية. القواعد واللوائح الخاصة بهروب الأسماك من مناطق تربية الأحياء المائية. شروط حفظ السجلات وتقديم التقارير.
برامج التفريخ ومواطن الأسماك. اللوائح البيئية. تحسين الظروف البيئية لمجتمعات الصيادين التقليدية. نقل التكنولوجيا. حماية المناطق البحرية. اللوائح الخاصة بمعدات الصيد (مثل معدات استبعاد صيد السلاحف البحرية). اللوائح الخاصة بسلامة الأغذية والقواعد الصحية.


الفئة الرابعة
عدم اشتراط إصدار شهادات الصلاحية أو تصاريح الصيادين. استفادة الصيادين من الخدمات العامة ، مثل المياه وخدمات الصرف الصحي ، بدون مقابل .
استغلال الموارد بدون مقابل أو بأسعار أقل من أسعار السوق. عدم تنفيذ مواصفات الجودة الخاصة بالأسماك . عدم تحصيل رسوم التسجيل. عدم تنفيذ اللوائح القائمة. عدم مكافحة التلوث.


وفيما يلي قائمة مبدئية نشرتها منظمة الأغذية والزراعة الدولية حول أشكال الدعم الذي يفترض ان تقدمه الحكومات لقطاع صيد الأسماك .
أشكال الدعم
وصفها
الجهة المسؤولة
المستفيدون
1 ـ خصم الضرائب المفروضة على الوقود .
2 ـ توفير المرافق في أماكن تفريغ الأسماك .
3 ـ تقديم منح استثمارية
4 ـ عدم فرض رسوم على الانتفاع بالموارد
تخفيض الضرائب المفروضة على الوقود الذي تستخدمة مراكب الصيد ( ردها بأثر رجعي ) .
توفير المرافق في أماكن تفريغ الأسماك بدون مقابل .
مرافق التخزين ومعدات النقل .
إعفاء مراكب الصيد من رسوم الترخيص
إدارة الثروة السمكية .
إدارات البلدية في المدن .
إدارات الثروة السمكية
الصيادون المسجلون بإدارة الثروة السمكية .
قطاع الصيادين الحرّفيين .
قطاع تربية الأحياء المائية .
قطاع المصايد البحرية الطبيعية .


أخيرا وليس آخرا
  ينبغي الإسراع في تسخير كل الجهود و بذلها للنهوض بقطاع الصيد البحري وتبني الفعاليات والنشاطات التي ترقى بهذا القطاع , فمهنة صيد الأسماك في العراق تعتبر من المهن العريقة ذات الارتباط العميق بأهالي البصرة الذين توارثوا هذه المهنة عن الأجداد وحافظوا عليها وحاولوا تطويرها وتطوير أساليب صيدهم على حدود إمكانياتهم الطبيعية وتنوعت اداوات صيدهم على حسب نوعيات الأسماك التي يحتاجونها ويرغبون في صيدها . . .
  وتعاني هذه الشريحة حاليا من فقدانها الدعم الذي يفترض ان تقدمه لها المؤسسات الحكومية المعنية بهذا النشاط الاقتصادي الواسع .
   ففي الوقت الذي تسعى فيه الدول الخليجية المجاورة الى فتح صناديق تشجيع الصيادين وتوفير الدعم والمساعدات والتي عادت على الصيادين في تلك الدول بمردود جيد ووفرت لهم الاستقرار الاجتماعي .
   وفي الوقت الذي تسعى فيه أيضا إلى توسيع رقعتها البحرية وبسط نفوذها , , , نرى الجهات الحكومية العراقية تمعن في إهمال هذا القطاع الكبير وتتهجم علية متمة إياه بسلسلة من التهم المطلقة والتي شملت آثارها كل الصيادين دون استثناء .
وتكاد قلوبنا تنفطر من رؤية المياه الإقليمية العراقية خالية تماما من أي نشاط بحري محلي بعد التوقف الشامل الذي تعرضت له سفن وزوارق الصيد العراقية بسبب أزمة الوقود والمحروقات .
  بينما نرى ان الدول المجاورة توزع الزوارق على الصيادين بالمجان وتشجعهم للصيد في المياه الاقليمية العراقية .
  وقد يندهش بعض المعنيين من هذا السرد ولكنني هنا اجد نفسي مضطرا لكي اشير في نهاية هذه المقالة الى الدعم الذي قدمته الحكومة اليمنية الى العاملين في مهنة الصيد حينما أقدمت على توزيع 700 زورق صيد على الصيادين مجانا في العيد الوطني الخامس عشر فيما تخطط الحكومة اليمنية لتوزيع 1000 زورق مع نهاية عام 2007 .
وقد قام بتوزيع الوجبة الاولى الدكتور علي محور ( وزير الثروة السمكية في اليمن ) , .
  وقد نشر هذا الخبر في صحيفة ( سبتمبر اليمنية ) العدد 1309 الصادر في 22 / شباط / 2007 . . . ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .


BASRAHCITY.NET