معالجة فضلات السفن الوافدة

الاستاذ كاظم فنجان حسين الحمامي

   تمهيد

بسم الله الرحمن الرحيم
  تقوم الموانئ العالمية بتقديم الكثير من الخدمات والتسهيلات من السفن الراسية على أرصفتها ومن بين هذه التسهيلات بعض الإجراءات الروتينية المتعلقة بالموضوع التخلص من النفايات والفضلات الناتجة من السفن .
  وذلك من خلال توفير سيارات حوضية مخصصة لجمع النفايات والفضلات السائلة وسيارات أخرى مخصصة لجمع الفضلات الصلبة ، إضافة إلى وجود جنائب مسيرة آليا تقوم بجولات يومية على السفن الراسية مخصصة لجمع النفايات والفضلات الصلبة السائلة ويتم التخلص نهائيا من كافة أنواع النفايات والفضلات بعدة طرق ، ومن هذه الطرق نذكر على سبيل المثال طريقة رمي النفايات ودفنها في مناطق الطمر الصحي وهذه الطريقة تعتبر غير حضارية وغير مسئولة ، أما الطريقة المثالية المتبعة في جميع الموانئ فتتم من خلال استخدام معمل صغير خارج الميناء متخصص بمعالجة النفايات واستخراج مواد أخرى يمكن الاستفادة منها إضافة الى استخراج بعض المواد الصلبة التي لا تؤثر على البيئة .
  ومثل هذه المعامل موجود حاليا في الموانئ الخليجية وتدار من قبل القطاع الخاص بعقود مبرمة بين مالكي تلك المعامل وإدارات الموانئ وفيما يلي شرح مفصل للسياقات والإجراءات والطرق المتبعة في هذا المجال .

الفوائد والمردودات الايجابية التي تحققها الطرق المبينة

1 ـ غياب تسهيلات التخلص من النفايات
  ان افتقار موانئنا لهذه التجهيزات بسبب عدم توفرها أو بسبب عدم الاعتياد على استخدامها في السابق ، سيؤدي حتماً الى تراكم هذه النفايات داخل السفن التي قد تضطر إلى رميها في المسطحات المائية في الميناء خلال ساعات الليل أو التخلص منها بطرق غير مشروعة وبالتالي التسبب في مشاكل بيئية كثيرة داخل حدود الميناء .
  إضافة إلى ما تقدم فان افتقار موانئنا لهذه التسهيلات يعكس صورة غير حضارية ولا تنسجم مع متطلبات السياقات الحديثة التي يفترض إتباعها في التعامل مع السفن الوافدة ، وبرغم تأكيدات المنظمة البحرية العالمية المثبتة في القرار رقم (9) من الملحق (V ) من الاتفاقية الدولية لمكافحة التلوث البحري لعام 1973 وتعديلات 1978 ما تزال موانئنا تفتقر لهذه الخدمات .
  وقد صنفت الفضلات والازبال التي تنتجها السفن إلى عدة أصناف ، وألزمت الاتفاقية جميع الموانئ العالمية بضرورة عزل هذه الأصناف عن بعضها البعض ، وندرج أدناه هذه الأصناف
ـ اللدائن البلاستيكية .
ـ الاغلفة والأغطية والأرضيات الخشبية أو أية مواد قابلة للطفو وتستخدم لحماية البضائع .
ـ بقايا المواد الورقية والزجاجية والمعدنية . . . الخ .
ـ فضلات الطعام
ـ الرماد الناتج من عمليات الحرق والإتلاف باستثناء رماد المواد البلاستيكية التي يفترض أن تعامل بطرق خاصة بسبب العناصر السمية التي تحملها .

2 ـ تبني الأساليب الحديثة
  وبخلاف ما ورد ذكره في الفقرة (1) فان التصدي لهذه المشكلة وتوفير الطرق الأساسية لمعالجتها سيؤدي حتما إلى ضمان نظافة موانئنا وخلوها من كافة أنواع الملوثات البيئية إضافة لتحقيق سمعة طيبة على الصعيد المحلي والعالمي واكتساب موارد مالية لا بأس بها تضاف إلى خزينة الدولة وهنا لابد لنا من الإشارة بان هذه التسهيلات تعتبر بموجب القوانين الدولية من التسهيلات الإلزامية التي يفترض توفيرها في جميع الموانئ البحرية .

3 ـ الطريقة الأولى
  وتعتمد على استخدام جنائب حوضية مسيرة آليا وتقوم بعمليات مجدولة للإرساء على السفن من الجهة الثانية ( جهة البحر ) واستلام الفضلات الحاوية الصلبة عن طريق رافعات السفينة أما الفضلات والنفايات السائلة فتستلم عن طريق الخراطيم المرنة وبهذه الطريقة تقوم تلك الجنائب بجمع كميات لا باس بها من النفايات الصلبة والسائلة , ثم ترسو بعد ذلك على رصيف آخر حيث تقوم بتحويل ما جمعته إلى السيارات التي يفترض أن تكون بانتظارها .
  ان هذه الطريقة تعتبر من الناحية العملية شبه معقدة وتؤدي لضياع الوقت والجهد المبذول لهذه الغاية ثم أنها تتطلب وحدات بحرية متخصصة وطواقم إضافية لسنا بحاجة إليها في الوقت الحاضر بالإضافة الى حتمية وجود رصيف مهيأ لاستقبال الجنائب إثناء عودتها وهذا يفسر ارتفاع تكاليف استخدام هذه الطريقة بالمقارنة مع الطريقة الثانية .

4 ـ الطريقة الثانية
  وتعتمد على استخدام سيارات حوضية لنقل النفايات السائلة ، وأخرى مفتوحـــــة لنـقـــــل النفايات الصلبة ، ويمكن تجهيز كل ميناء بسيارتين فقط لتغطية احتياجات السفن الراسيــــــة على الأرصفة .
  فنلاحظ هنـــا انخفاض تكاليف هذه الطريقـــة وانخفاض الموارد البشريـــــة المستخدمة لتنفيذهــــــــــا .

5 ـ اسلوب التخلص من النفايات
ويستعمل هذا الأسلوب على طريقتين ، وكالتالي

أ‌ ـ أسلوب الطمر الصحي
وهو الأسلوب المتبع بالتنسيق مع الجهات المعنية بحماية البيئة حيث يتم اختيار حفرة كبيرة خارج المناطق السكنية والزراعية وبعيدة عن مناطق الرعي ، تلقى فيها النفايات وتجمع هناك ومن ثم يتم ردم الحفرة وتغطيتها بالرمال والأتربة وهكذا . . وهذه الطريقة تعتبر غير حضارية وتؤدي إلى وقوع مشاكل مستقبلية لايمكن التكهن بنتائجها .

ب‌ ـ طريقة المعالجة الكيماوية والميكانيكية
وهذه الطريقة تعتمد على استخدام معامل متخصصة بمعالجة النفايات تقوم باستلام تلك النفايات من السيارات التي قامت بجمعها ، حيث يجري بعد ذلك معالجة النفايات بطرق كيماوية أو فيزياوية أو ميكانيكية لتحويلها لمواد أخرى صديقة للبيئة ولا تسبب أي ضرر ، وأحيانا تحول إلى مواد يمكن الاستفادة منها من خلال إتباع سلسلة من عمليات التكرير والمعالجة للحصول على مواد جديدة تعود على المستخدم بالنفع والفائدة الأكيدة.
وبناءا عليه فأن هذه المعامل تعد من المعامل الإنتاجية التي تستخدم النفايات لمواد أولية لتستخرج منها مواد أخرى أكثر فائدة وتحقق موارد مالية كبيرة .
وهذا هو الأسلوب الصحيح المعروف بـ (Recycling)

6 ـ النشاطات الخليجية
  وفي الجانب البيئي اثنت المنظمة البحرية العالمية على الجهود التي تمت لإنشاء مرافق لاستقبال مياه التوازن ومخلفات السفن في دول مجلس التعاون الخليجي، وبينت أهمية الإسراع في استكمال إنشاء المرافق تمهيدا للانضمام إلى اتفاقية ماربول الدولية .
  ونظراً للأهمية الخاصة لدول مجلس التعاون الخليجي والدول الأخرى المطلة على الخليج العربي في الملاحة والصيد والتحلية والإمداد بالطاقة الكهربائية وتبريد العمليات الصناعي وغيرها من الأنشطة البشرية التي تؤثر سلباً على البيئة البحرية وأبرزها النفط ومشتقاته كان لا بد أن تسارع الدول المطلة على الخليج العربي ولا سيما دول مجلس التعاون الخليجي بالانضمام إلى اتفاقية ماربول الدولية لمنع التلوث الدولية لمنع التلوث من السفن لسنة 1973 والبروتوكول المنبثق منه لسنة 1978م والتي تمنع إلقاء مياه التوازن والنفايات الأخرى في المسطحات المائية بل إلقاؤها في مرافق استقبال خاصة لذلك أن معظم دول العالم المطلة على المحيطات والبحار وقعت وانضمت إلى هذه الاتفاقية والبروتوكول للحفاظ على مياهها من التلوث النفطي ومشتقاته إلا أن بعض دول مجلس التعاون الخليجي لم تو ! قع حتى الآن عليها لكنها تبذل جهوداً كبيرة لإقامة مرافق الاستقبال الخاصة بها توطئة للانضمام لهذه الاتفاقية الدولية الهامة والتي من شأنها أن تساهم بقدر كبير في حماية منطقتها البحرية وتمكنت دول مجلس التعاون الخليجي من خلال شركة استشارية مختصة من إعداد خارطة للمواقع المقترحة لإقامة المرافق والخطة التنفيذية وبناء على توصيات المجلس الوزاري لمجلس التعاون في دورته الخامسة والسبعين في الرياض بتاريخ 3 / 6 / 2000م وتوصيات المجلس الوزاري للمنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية "روبمي" تقرر تشكيل لجنة تسيير إقليمية لتنفيذ اتفاقية ماربول مكونة من ممثلين من جميع الدول الأعضاء في المنظمة وقد أوصت اللجنة في اجتماعها الأول في البحرين بتشكيل لجان وطنية في كل دولة لمتابعة تهيئة المرافق الخاصة باستقبال النفايات ومياه التوازن للسفن والانضمام إلى الاتفاقية .
  وقد شكلت دولة قطر لجنتها الوطنية التي تضم عدداً من الجهات المختصة بالدولة مثل (إدارة المواني ، وزارة الطاقة ، إدارة خفر السواحل والحدود ، وزارة الشؤون البلدية والزراعة إضافة إلى المجلس الأعلى للبيئة والمحميات الطبيعية ) وتواصل اللجان المهام المناطة بها توطئة لإنشاء مرافق الاستقبال الخاصة بمياه التوازن والنفايات في الدولة .
  وتأتي أهمية إقامة مرافق استقبال التوازن من كون أن أكثر من 40% من إنتاج النفط العالمي يستخرج من منطقة الخليج العربي وأن 50% من حركة الشحن للنفط والناقلات النفطية الأخرى في العالم تمر عبر الخليج العربي لذلك ترى دولة قطر ودول الخليج الأخرى أن قضية التحكم والرقابة على مياه الخليج تعتبر مسألة جوهرية للمحافظة على منطقتها البحرية سيما وأن الحروب التي شهدتها المنطقة أيضاً أثرت في بيئتها البحرية مما يستدعي الإسراع في بناء مرافق استقبال النفايات بمختلف أنواعها إذ لا يستقيم أن نأخذ من البحر الماء والأسماك والموارد الطبيعية الأخرى وتكافئة بإلقاء النفايات والمخلفات البشرية والصناعية مما يؤدي إلى تدمير بعض النباتات البحرية التي لها دور بارز في استقرار النظم البيئية الساحلية .
  ولقد دفعت خطورة هذا الوضع المتدهور في البيئات البحرية إلى تحرك العلماء والباحثين والمسئولين لوضع حد لهذه المشكلة تمخض عن البحث عن وسائل لحماية البيئات البحرية وصيانتها ومنع استنزافها ومن ثم برزت فكرة إنشاء المرافق المينائية المخصصة لاستقبال النفايات والفضلات التي تخلفها السفن .

7 ـ الخلاصة والتوجيهات
من خلال ما تقدم نستنتج بأننا بأمس الحاجة لاعتماد الطريقة المثالية المتبعة من قبل الموانئ العالمية من التخلص من النفايات التي تولدها السفن الراسية على الأرصفة والالتزام بتطبيق توصيات المنظمة البحرية العالمية وتنفيذ أحكام الاتفاقات البحرية الدولية التي نصت على وجوب قيام إدارات الموانئ بتوفير وتهيئة كافة التسهيلات اللازمة لمساعدة السفن في التخلص من النفايات، ولضمان نظافة الميناء وخلوه من الملوثات البيئية الضارة .
  وبناءا عليه نقترح الحصول على الموافقات الأصولية اللازمة لفتح باب التنافس بين الشركات المحلية والعالمية لتقديم عطاءاتها بالاتجاه الذي يحقق فوائد مزدوجة تعود بالنفع والفائدة إلى إدارة الميناء، والى وكالات الخطوط الملاحية المسئولة عن تحركات السفن الوافدة إلى موانئنا ، وبالاتجاه الذي يضمن سلامة بيئتنا البحرية وحصولنا على مواد مفيدة من خلال معالجة المواد الضارة وهذا هو المحور الأساسي للموضوع برمته .
   لذلك بقدر مسؤولية الدولة وأجهزتها المختصة في إنشاء مرافق استقبال النفايات نرى أن هناك دوراً هاماً يمكن أن تقوم به مؤسساتنا الصناعية ومرتادي البحر عموماً من خلال اهتمامهم بالمحافظة على البيئات البحرية بعدم إلقاء المخلفات أي كان نوعها في البحر أو على السواحل لأن من شأن ذلك أن يضر ضرراً بالغاً ببيئتنا البحرية لذا نأمل أن نتعاون جميعاً من أجل المحافظة عليها


BASRAHCITY.NET