جبل سنام تاريخ يفترش الرمال

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم


  تقع مدينة (الزبير) ـ إحدى مُدن محافظة البصرة ـ في شِمال شَرق شِبه الجزيرة العربية، والتي يُعدُّ سطحُها هَضبةً لا ترتفع إلّا بضعة أمتار عن مستوى سطح البحر، وهي مدينة ولدت من رحم الصحراء، فاحتضنها الرملُ، وطوَّق حدودَها، ومن بين تلك الرمال وذاك القرب من سطح البحر، وفي منطقة شبه مُقفرة مستوية الأرض، يشقُّ الرمالَ جبلٌ صخريٌّ شاخصٌ لوحده، يُدعى : (جبل سنام)، في ظاهرة طبيعيّة غريبة فريدة من نوعها، أثارت العديد من الإستغراب.
  يقع الجبلُ في الجنوب الغربيِّ لمحافظة البصرة، على الطرف الغربيِّ لناحية (سفوان) المُحاذية للحدود الكويتيّة، ويبعد عن مركز مدينة البصرة بحوالي (45) كيلو مترا، وحوالي (8.5) الكيلو متر عن ناحية (سفوان)، أطلق عليه السكان المحليون تسمية : (جبل سنام) ، لأنَّ شكله يشبه ـ إلى حدٍّ ما ـ سنام الجمل.
  يُعرّف جبل سنام علمياً بأنّه : قُبَّة مِلحية اختراقية، ولا يتجاوز ارتفاعه (152) مترا عن مستوى سطح البحر، كما يرتفع عن الأراضي المجاورة له (96) مترا تقريبا، أمَّا طُوله، فيبلغ (1700) متر، وعرضه (1200) متر، ويضمُّ (64) وادياً صغيراً ناشئاً عن تساقط الأمطار، التي تُعدُّ قنوات لتصريف مياه الأمطار للجبل، ولأنَّ اصطلاح (جبل) لا يطلق إلّا على المرتفع الطبوغرافي الذي لا يقل ارتفاعه عن (600) متر عن مستوى سطح البحر، فإنَّ (جبل سنام) كَسَرَ هذه القاعدة ، لانفراده في تلك المنطقة المستوية، ولانعدام القمم الجبلية فيها، وإن كان البعض يعدُّها تسمية خاطئة من وجهة نظر علميّة.
  وقد اهتم الباحثون الجيولوجيون بدراسة الجبل، وكان من بينهم الباحث (وليام)، الذي أكّد في دراسةٍ أجراها على الجبل عام (1949 م) أنّه عبارةٌ عن اسطوانة ملحيّة تنكشف صخور أجزائها العُليا على السطح، وأنَّ صخوره تتألف بصورة رئيسة من صخور الجبس، وأنَّها تُشابه إلى حدٍّ كبير صخور سلسلة (هرمز).
  وتكمن أهمَّية هذا الجبل في كونه القُبَّة الملحيّة الوحيدة المتكشّفة فوق سطح الأرض، في حين أنَّ باقي التراكيب الملحية المتواجدة في المنطقة جميعها تحت سطح الأرض، أمّا أعمار مُعظم صخوره، فإنها تعود إلى عصور ما قبل العصر (الكامبيري)، أي : إلى حوالي ستمائة مليون سنة، ممّا يجعلها من أقدم الصخور المُنكشفة على سطح الأرض، ليس في العراق فقط، بل في العالم أجمع.
  لقد انفرد (جبل سنام) بخصائص مميّزة، جعلت منه مكاناً مؤهّلاً لأن يكون من المحميّات الطبيعيّة؛ إذ يُمكن جعل المناطق التي تُحيط بهذا الجبل مَحميّة عِلميّة تسهّل على الدارسين والباحثين إقامة المختبرات العلميّة، التي تُساعدهم على اكتشاف أساليب حياة بعض الكائنات المتواجدة في المنطقة، ولأنّه أحد المعالم الأثرية، والمناطق السياحية التي عمل موقعها الإستراتيجي على فرض أهمَّيتها في المنطقة ، لتواجده في الجزء الذي يربط محافظة البصرة والعراق بدول الخليج العربي عن طريق البوّابة البريّة التي تجمعنُا بالكويت، فإنّه بالإمكان تحويل موقع (جبل سنام) إلى منطقة سياحي ، عن طريق بناء المُنتجعات، والفنادق السياحيّة، والأماكن الترفيهيّة، واعتباره مُتنفّساً سياحيّاً غير تقليديّ للسُيّاح، وبذلك، نكون قد أوجدنا مصدراً آخر للتمويل، يمكن الإفادة من وارداته الماليّة لرفد خزينة الدولة.


BASRAHCITY.NET