66 النصرة لشيعة البصرة


وقال الطبري : من طريق الشعبي : قال أخذ الخطام يوم الجمل سبعون رجلاً من قريش كلهم يقتل وهو آخذ بالخطام (1).
   وقال المسعودي : وسار القوم نحو البصرة - عائشة وطلحة والزبير - في ستمائة راكب (2).
   وقال الشيخ المفيد ( رحمه الله ) ، وروى ابو مخنف ، والمسعودي ، عن هاشم بن بريد ، عن عبد الله بن مخارق ، عن هاشم بن مساحق القرشي قال : حدّثنا أبي أنهّ لما انهزم الناس يوم الجمل ، اجتمع معه - مع الإمام (ع) - طائفة من قريش فيهم مروان ابن الحكم ، فقال بعذهم لبعض : والله لقد ظلما هذا الرجل -يعنون الإمام عليّاً (ع) ونكثنا بيعته ...(3).
   ويقول الميرزا حبيب الخوئي : كان مع عائشة مروان بن الحكم ومعه شباب من قريش عندما التجأوا بدار عبد الله بن خلف بعد الجمل ، وكان مع عبد الله بن الزبير شباب من آل الزبير .
   وقال ايضاً : المعروف ان أصحاب الجمل خرجوا من مكّة المكرمة في ستمائة راكب وأربعمائة راجل ، ولعل في الطريق التحق معهم ايضاً الأجلاف من الأعراب (4).
   ويقول جورج جرداق : تم لعائشة جيش في مكّة عدته بضعة آلاف (5).
   ويقول البلاذري : سار طلحة والزبير وعائشة فيمن اجتمع اليهم من الناس


(1) تاريخ الطبري :3/58 .
(2) مروج الذهب :3/357.
(3) نهج السعادة :1/382.
(4) منهاج البراعة :1/136.
(5) عليّ وعصره :4/202 .


67 من هم أهل الجمل


فخرجوا في ثلاثة آلاف ، منهم من أهل المدينة ، ومكّة تسعمائة (1).
   وقال الإمام علي (ع) : كان طلحة يرجو اليمن ، والزبير يرجو العراق ، فلما علما أني غير موليهما استأذناني للعمرة يريدان الغدر ، فأتيا عائشة واستخفاها مع كل شيء في نفسها عليَّ ، وقادهما عبد الله بن عامر إلى البصرة ، وضمن لهما الأموال والرجال ، وأعانهم عليَّ يعلى بن منبه بأصوع الدنانير ، ثم أتوا البصرة وأهلها مجتمعون على بيعتي وطاعتي وها شيعتي (2).
   وقال ابن قتيبة : ذكروا أنّه لما اجتمع طلحة والزبير وذووهما مع عائشة واجتمعوا على المسير من مكة ، وأثارهم عبد الله بن عامر فدعاهم إلى البصرة ، ووعدهم الرجال والأموال ، فقال سعيد بن العاص لطلحة والزبير : ان عبد الله بن عامر كلمه إلى البصرة ، وقد فر من أهلها فرار العبد الأبق ، وهم في طاعة عثمان ، ويريد أن يقاتل بهم عليّاً ، وهي في طاعة علي ، وخرج من عندهم أميراً ، ويعود اليهم طريداً ، وقد وعدكم الرجال والأموال ، فأما الأموال فعنده ، وأما الرجال فلا رجل (3).
   اقول : رحم الله ناصرنا ، فقد ايدنا ابن قتيبة في ان البصرة أصبحت شيعة لعلي (ع) بعد ما عادت اليه الخلافة ، ويرد مقالة البصرة عثمانية ، اذلو كانت عثمانية لبقت على ولائها لعبد الله بن عامر والي عثمان على البصرة .
   ويقول ابن أبي الحديد : قاتلت مع عائشة أزد عمان سلت الله اقدامها ، وكذلك قاتلت مع عائشة قبيلة بنو جمح ، وقريش وبنو أمية (4).


(1) انساب الاشراف :2/224 .
(2) نهج السعادة :5/199، 202.
(3) الإمامة والسياسة :1/78 .
(4) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد :11/84 و 86.


68 النصرة لشيعة البصرة


   وقال ايضاً : قال إبراهيم بن هلال الثقفي في الغارات : لما بايع أهل البصرة عليّاً بعد الهزيمة ، دخلوا في الطاعة غير بني ناجية [ هم قوم نصارى اسلموا ثم ارتدوا ] فأنّهم عسكروا ، فبعث اليهم عليّ (ع) رجلاً من أصحابه في خيل يقاتلهم ، فأتاهم ، فقال : ما بالكم عسكرتم ، وقد دخل الناس في الطاعة غيركم ! فافترقوا ثلاث فرق : فرقة قالوا : كنّا نصارى فاسلمنا ودخلنا فيما دخل الناس فيه من الفتنة ، ونحن نبايع كما بايع الناس ; فأمرهم فاعتزلوا ، وفرقة قالوا : كنا نصارى فلم نسلم ، وخرجنا مع القوم الذين كانوا خرجوا ; قهرونا فأخرجونا كرهاً ، فخرجنا معهم فهزموا ، فنحن دخلنا فيما دخل الناس فيه ، ونعطيكم الجزية كما أعطيناهم ، فقال : اعتزلوا فاعتزلوا .
   وفرقة قالوا : كنا نصارى فأسلمنا فلم يعجبنا الاسلام ، فرجعنا إلى النصرانية ، فنحن نعطيكم الجزية كما أعطاكم النصارى.
   فقال لهم : توبوا وارجعوا إلى الإسلام ، فابوا فقتل مقاتلهم وسبى ذرارهم ، وقدم بهم على عليّ (ع) (1).
   اقول : الآن تبين من هم أصحاب الجمل ؟
   وهنا حتى لا يقع منا الظلم على بني ناجية فيقول ابن أبي الحديد : قامت بنو ناجية بإخفاء عبد الله بن هاشم بن عتبة احد أصحاب الإمام علي (ع) والذي استشهد أبوه يوم صفين ، وكان معاوية قد اعطى الأمان إلى الكل الاّ لعبد الله بن هاشم وكان منخفياً في دار فلانه المخزومية ، فاستخرجه زياد وانفذه إلى معاوية(2).


(1) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد :2/89.
(2) المصدر السابق :8/228.


69 شبهات أهل البصرة يوم الجمل


       شبهات أهل البصرة يوم الجمل :

   قال الإمام عليّ (ع) : ((إن الفتن إذا أقبلت شبّهت )) .
   قال ابن أبي الحديد : معناه أنّ الفتن عند اقبالها وابتداء حدوثها ، يلتبس امرها ولا يعلم الحق منها من الباطل ، إلى ان تنقضي وتدبر ، فحينئذ ينكشف حالها ، ويعلم ما كان مشتبهاً منها . ثم أكد (ع) هذا المعنى بقوله :(( ينكرن مقبلات ويعرفن مدبرات )) ومثال ذلك فتنه الجمل ، كان كثير من الناس فيها في مبدا الامر متوقفين ، واشتبه عليهم الحال ، ولم يعلموا موضع الحق الى ان انقضت الفتنة ، ووضعت الحرب اوزارها ، وبان لهم صاحب الضلالة من صاحب الهداية (1).
   والسبب في حدوث هذه الشبهات لدى البصريين هو الدعاية التي استخدمها طلحة والزبير ضد الامام علي (ع) ، أسلوب الدعاية الذي تلجا اليه المؤسسات الحديثة كما لجأت اليه المؤسسات القديمة ، وقوام الدعاية ان يظهر الشيء المدعو له كما يريده الداعي ان يظهر ، فأن كان باطلاً اظهره حقاً ، وان كان شراً اظهره خيراً وان كان لا شيء أظهره شيئاً كثيراً .
   واشد الأمور حاجة للدعاية الأمور الكاذبة لحاجتها الى الطلاء والتمويه ، واكثر الرجال عوزاً الى الدعاية المبطلون والمستنفعون بالبطل والذين لا قيمة لما يفعلون، والذين ينساهم الناس حال انتهاء الدعاية لهم ، ذلك لان الطبيعة لا تقبل غشاً والحياة لا تستقم بالخداع والزمان لا يهضم الا الحق والحق اكبر .
   ومن الدعاية التي استخدمها الرجلان طلحة والزبير ضد الامام علي (ع) تأليباً للبصريين عليه ما نقله ابن أبي الحديد ، عن الواقدي والمدائني من ان طلحة والزبير قاما في الناس فقالا : (( ان علي بن أبي طالب ان يظفر فهو فناكم يا اهل البصرة ، فاحموا حقيقتكم فإنه لا يبقي حرمة الا انتهكها ، ولا حريماً الا هتكه ولا


(1) شرح نهج البلاغة :7/38.


70 النصرة لشيعة البصرة


ذرية الا قتلها ، ولا ذوات خدر الا سباهن ، فقاتلوا مقاتلة من يحمي عن حريمة ويختار الموت على الفضيحة يراها في اهله .
   ويقول حكيم بن جبلة البصري وهو من الموالين للامام علي (ع) :
   اقبل طلحة والزبير مخالفين محاربين يطلبان بدم عثمان ، ففرقا بيننا ونحن أهل دار وجوار ،اللهم انهما لم يريدا عثمان.
   وراحت عائشة تحرض الجموع على قتل الامام علي (ع) وقالت لاهل البصرة : بايعتم علي بن ابي طالب بغير مشورة من الجماعة ، ابتزازاً وغصباً .
    ويقول الامام علي (ع) فقدموا - طلحة والزبير - على اهل مصر - يعني البصرة - كلهم في طاعتي وعلى بيعتي ، فشتتوا كلمتهم ، وافسدوا علي جماعتهم (1).
   ويقول ايضاً : وبايعني هذان الرجلان -طلحة والزبير - في اول من بايع ، ... وقد نكثا وغدرا ونهضا الى البصرة بعائشة ليفرقا جماعتكم ويلقيا بأسكم بينكم (2).


       دور شيعة البصرة في قتال اصحاب الجمل :

   قال الطبري : لما بلغ علياً خبر اجتماع الزبير وطلحة وعائشة على الخروج الى البصرة ، خرج عليّ يبادرهم في تعبيته التي كان تعبى بها الى الشام ، وخرج معه من نشط من الكوفيين والبصريين في سبعمائة رجل (3) ... .
   يلاحظ هنا ان البصريين كانوا النواة الاولى لقتال اصحاب الجمل .
   ويقول خليفة بن خياط : كان على ميمنة -الامام علي (ع) - عندما قدم البصرة


(1) المختار من نهج البلاغة بتعليق محمد عبده :1/288 ، ونهج السعادة :1/363 .
(2) نهج السعادة : 1/271
(3) تاريخ الطبري :3/10 .


71 دور شيعة البصرة في قتال اصحاب الجمل


   ربيعة البصرة والكوفة وعليهم علباء بن الهيثم السدوسي ، وعلى الميسرة وهم مضر البصرة ومضر الكوفة الحسن بن علي (1).
   أمّا ما قالتة عائشة في ذلك كما توضحه لنا رسالتها الى الكوفة :
   قالت : انا قدمنا البصرة فدعوناهم الى اقامة كتاب الله باقامة حدوده فأجابنا الصالحون الى ذلك ، واستقبلنا من لا خير فيه بالسلاح وقالوا : لنتبعنكم عثمان ليزيدوا الحدود تعطيلاً فعاندوا فشهدوا علينا بالكفر وقالوا لنا المنكر فقرأنا عليهم : (( ألم تر الى الذين أتوا نصيبا من الكتاب يدعون الى كتاب الله ليحكم بينهم ))(2) فأذعن لي بعضهم ، واختلفوا بينهم فتركناهم وذلك فلم يمنع ذلك من كان منهم على رأية الاول من وضع السلاح في أصحابي وعزم عليهم عثمان بن حنيف الا قاتلوني حتى منعني الله عز وجل بالصالحين فرد كيدهم في غورهم فمكثنا ستاً وعشرين ليلة ندعوهم الى كتاب الله عز وجل واقامة حدوده ... فابوا واحتجوا باشياء ، فاصطلحنا عليها فخاضوا وغدروا وخانوا فجمع الله عزّ وجلّ لعثمان (رض) ثأرهم فاقادهم فلم يفلت منهم الا رجل ـ هو حرقوص بن زهير ـ ... وجاءوا ـ تعني شيعة الامام علي (ع) ـ حتى بلغوا سدة بيتي ومعهم من يهديهم الي فدارت عليهم الرماح فأطاف بهم المسلمون فقتلوهم ... وإنا قتلنا بثأرنا وسعنا العذر ، كانت الوقعة لخمس ليال بقين من ربيع الاخر سنة ست وثلاثين .
   وأما رسالة عائشة الى اليمامة ونواحيها عندما وصلت البصرة تؤكد لنا قوة المقاومة الشيعية في البصرة واليك ما قالته عائشة :
   بعد كلام ، إن ابن حنيف الضال المضل(3) كان بالبصرة يدعو المسلمين الى سبيل النار ،... فلما دنونا الى البصرة وسمع بنا ابن حنيف جمع لنا الجموع وأمرهم ان


(1) تاريخ خليفة بن خياط :184.
(2) آل عمران :23.
(3) قال ابن حجر في الاصابة :2/4559 رقم 5435 : صحابي شهد احداً والمشاهد بعدها .


72 النصرة لشيعة البصرة



يلقونا بالسلاح فيقاتلونا ويطردونا وشهدوا علينا بالكفر وقالوا فينا المنكر ... ولم نشعر به حتى اظلنا في ثلاثة آلاف من جهلة العرب وسفعائهم ، وصفهم دون المســجد بالسلاح ...(1) واليك ما قاله الامام علي (ع) بحق طلحة والزبير وعائشة عندما أغاروا على اهل البصرة :
   فقدموا - طلحة والزبير وعائشة - على عمالي ، وخزان بيت مال المسلمين الذي في يدي ، وعلى اهل مصر كلهم في طاعتي وعلى بيعتي ، فشتتوا كلمتهم ، وافسدوا على جماعتهم ; ووثبوا على شيعتي ، فقتلوا طائفة منهم غدراً ، وطائفة منهم عضوا على اسيافهم (2)، فضاربوا بها حتى لقوا الله صادقين (3).
   فوالله لو لم يصيبوا منهم الا رجلاً واحداً متعمدين لقتله لحل لي به قتل ذلك الجيش بأسره ، فدع ما انهم قد قتلوا من المسلمين اكثر من العدة التي دخلوا بها عليهم ; وقد ادال الله منهم ، فبعداً للقوم الظالمين (4).
   وقال ايضاً في مسجد الكوفة عندما قام اليه أبو بردة بن عوف الأزدي فقال : يا أمير المؤمنين أرأيت القتلى حول عائشة وطلحة والزبير ، علام قتلوا ؟ - اوقال : بم قتلوا - فقال علي (ع) :


(1) الجمل ، لضامر بن شدقم :36 المقدمة
(2) العض على الاسياف ; كناية عن استقامتهم في الوفاء ببيعتهم وتفدية انفسهم في طريق الحق وحفظ ما في ايديهم من اموال بيت المال وابائهم عن الخضوع لدعوة الناكثين طلحة والزبير وعائشة . ومن اراد تفصيل شرح كلام امير المؤمنين (ع) فعليه بما رواه البلاذري والطبري وحول فضائح طلحة والزبير في البصرة .
(3) المختار من نهج البلاغة بتعليق الشيخ محمد عبده :1/288 .
(4) شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد :6/240 ، والمسترشد للطبري :102 .


73 دور شيعة البصرة في قتال أصحاب الجمل



   قتلوا بما قتلوا شيعتي وعمالي ، وقتلوا اخا ربيعة العبدي في عصابة من المسلمين ، فقالوا : انا لا ننكث كما مكثتم ، ولا نغدر كما غدرتم ، فوثبوا عليهم فقتلوهم ، فسالتهم ان يدفعوا الي قتلة اخواني اقتلهم بهم ، ثم كتاب الله حكم بيني وبينهم ، فأبوا عليّ، وقاتلوني ـ وفي اعناقهم بيعتي ، ودماء قريب من الف رجل من شيعتي ـ(1).
   وقال ابن ابي الحديد : قال ابو مخنف : وحدثني الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، ان الزبير وطلحة أغذّا السير بعائشة ، حتى انتهوا الى حفر أبي موسى الاشعري ، وهو قريب من البصرة ، وكتبا الى عثمان بن حنيف الانصاري ، وهو عامل علي (ع) على البصرة : ان اخل لنا دار الامارة ، فلما وصل كتابهما اليه بعث الاحنف بن قيس ، فقال له : ان هؤلاء القوم قدموا علينا ومعهم زوجة رسول الله ، والناس اليها اسراع كما ترى .
   فقال الاحنف : انهم جاؤوك بها للطلب بدم عثمان وهم الذين البوا على عثمان الناس ، وسفكوا دمه واراهم والله لا يزالون حتى يلقوا العداوة بيننا ، ويسفكوا دماءنا ، واظنهم والله سيركبون منك خاصة ما لا قبل لك به ان لم تتأهب لهم بالنهوض اليهم فيمن معك من اهل البصرة ، فانك اليوم الوالي عليهم وانت فيهم مطاع فسر اليهم بالناس بادرهم قبل ان يكونوا معك في دار واحدة ، فيكون الناس لهم اطوع منهم اليك .
   فقال عثمان بن حنيف : الرأي ما رايت لكنني أكره الشر وان ابداهم به وارجوا العافية والسلامة الى ان ياتيني كتاب أمير ألمؤمنين ورأيه فافعل به .
   ثم أتاه بعد الاحنف حكيم بن جبلة العبدي من بني عمرو بن وديعة ، فأقرأه كتاب طلحة والزبير ، فقال له مثل قول الاحنف ، وأجابه عثمان بمثل جوابه للاحنف.


(1) شرح نهج البلاغة :2/74.


74 النصرة لشيعة البصرة



   فقال له حكيم : فأذن لي حتى أسير اليهم بالناس ، فان دخلوا في طاعة أمير المؤمنين والا نابذتهم على سواء .
   فقال عثمان : لو كان ذلك راي لسرت اليهم بنفسي ، قال حكيم : أما والله ان دخلوا عليك هذا المصر لينقلبن قلوب كثير من الناس اليهم ، وليزيلنك عن مجلسك هذا وانت اعلم فأبى عليه عثمان .
   قال : وكتب علي الى عثمان لما بلغه مشارفة القوم البصرة ، من عبد الله علي أمير ألمؤمنين الى عثمان بن حنيف :
   اما بعد : فإن البغاة عاهدوا الله ثم نكثوا ، وتوجهوا الى مصرك ، وساقهم الشيطان لطلب مالا يرضى الله به والله اشد بأساً ، واشد تنكيلاً ، فاذا قدموا عليك فدعهم الى الطاعة والرجوع الى الوفاء بالعهد والميثاق الذي فارقونا عليه ، فان اجابوا فأحسن جوارهم ما داموا عندك ، وان ابوا الا التمسك بحبل النكث والخلاف ، فناجزهم القتال حتى يحكم الله بينك وبينهم وهو خير الحاكمين ، وكتبت كتابي هذا اليك من الربذة ، وانا معجل المسير اليك ان شاء الله وكتبه عبيد الله بن أبي رافع في سنة ست وثلاثين .
   قال : فلما وصل كتاب علي (ع) الى عثمان ، ارسل الى أبي الاسود الدؤلي وعمران بن الحصين الخزاعي ، فأمرهما ان يسيرا حتى ياتياه بعلم القوم ، وما الذي اقدمهم ! فانطلقا حتى اذا اتيا حفر أبي موسى ، وبه معسكر القوم ، فدخلا على عائشة ، فنالاها ووعظاها ،وأذكراها وناشداها الله ، فقالت لهما : القيا طلحة والزبير ، فقاما من عندها ، ولقيا الزبير فكلماه، فقال لهما : انا جئنا للطلب بدم عثمان ندعو الناس الى ان يردوا أمر الخلافة شورى ، ليختار الناس لانفسهم . فقالا له : ان عثمان لم يقتل بالبصرة ليطلب دمه فيها ، وانت تعلم قتله عثمان من قم ، واين هم ! وانك وصاحبك وعائشة كنت اشد الناس عليه . وقال جورج جرداق : وكان حكيم بن جبلة العبدي البصري وهو موال


75 دور القبائل الشيعية في البصرة يوم الجمل



لعلي (ع) ، اشد الناس جزعاً لاعمال طلحة والزبير وما فعلاه في عثمان بن حنيف فجمع انصاراً كثيرين وقاتل بهم اصحاب الجمل وهو يقول في طلحة والزبير :((إنّا خلفنا هذين الرجلين وقد بايعا علياً واعطياه الطاعة ))(1).
   وقال الطبري : اشتد القتال بي طلحة والزبير وبين حكيم بن جبلة ، وكان مع حكيم اربعة قواد فكان حكيم بحيال طلحة ، وذريح بحيال الزبير ، وابن المحرش بحيال عبد الرحمن بن عتاب ، وحرقوص بن زهير بحيال عبد الرحمن بن الحارث ابن هشام ، وزحف طلحة لحكيم وهو في ثلاثمائة رجل (2).
   وقتل في هذه المعركة حكيم بن جبلة وابنه وأخوه ومئات من الشيعة البصريين قبل وصول الامام علي (ع) البصرة ، وكانت تسمى هذه المعركة بالجمل الصغرى .
   وقال ابن العماد : لما اقدمت عائشة وطلحة والزبير البصرة واستعانوا على ـ علي بن أبي طالب ـ ببيت مالها ، ووصل عليّ خلفهم واجتمع على أهل البصرة ، والكوفة فحاول صلحهم ـ عائشة وطلحة والزبير ـ ...(2).

     دور القبائل الشيعية في البصرة يوم الجمل :


  بعد شهادة حكيم بن جبلة واصحابه قال الطبري : قال القعقاع بن عمرو إلى عائشة والزبير وطلحة ، ماذا تريدون ؟ قالوا : قتلة عثمان ، فقال القعقاع : فقد قتلتما قتلة عثمان من اهل البصرة (4) ، وانتم قبل قتلتم اقرب إلى الاستقامة منهم .
   اليوم قتلتم ستمائة الا رجلاً فغضب لهم ستة آلف واعتزلوكم وخرجوا من بين


(1) علي وعصره :4/216 .
(2) تاريخ الطبري :3/19 .
(3) شذرات الذهب :1/42 .
(4) اقول : هذا دليل اخر على رد مقولة ان البصرة عثمانية .


76 النصرة لشيعة البصرة


اظهركم ، وطلبتم ذلك الذي أفلت ـ حرقوص بن زهير ـ فمنعه ستة آلاف هم على رجل فإن تركتموه كنتم تاركين لما تقولون ، وان قاتلتموهم والذين اعتزلوكم فاديلوا عليكم فالذي حذرتم وقربتم به هذا ألامر اعظم مما اراكم تكرهون .
   وانتم احميتم مضر وربيعة من هذه البلاد فاجتمعـوا على حربـكم وخذلانكم ونصرة لهؤلاء (1).
   أما قبائل عبد القيس (2) فقد كانت قد خرجت من البصرة قبل وصول الامام علي (ع) وبعد شهادة حكيم بن جبلة واحتلال البصرة من قبل أصحاب الجمل ، وأقامت عبد القيس في مكان بين ذي قار والبصرة تنتظر قدوم الامام علي (ع) لتنظم اليه .
   وقال ابن كثير : كانت عبد القيس آلوفاً ينتظرون علياً ، ومر بهم علي فساروا معه حتى نزلوا بالزاوية (3).
   قال الطبري : قتل منهم يوم الجمل خمسمائة (4) [وكانوا مع الامام علي (ع) ] .
   ويقول الطبري : خرج شقيق بن ثور ، وعمرو بن مرحوم العبدي لنصرة الامام علي (ع) يوم الجمل وكانت رايتهم مع مولى لشقيق يسمى رشراشة (5) .
   أما موقف بن جشم من أصحاب الجمل :
   قال الطبري : عندما وصل طلحة والزبير البصرة واجتمعا في مسجدها قام رجل من بني جشم فقال : ايها الناس ان هؤلاء القوم جاؤوكم فلا تغتروا بهم


(1) شذرات الذهب :3/29.
(2) يقول الدكتور يوسف جعفر في كتابه القوى السياسية في كوت الاحساء :ص46 قبيلة عبد القيس وهم من ربيعة ، قال رسول الله (ص) : (( نعم القوم عبد القيس )) .
(3) البداية والنهاية :7/238 .
(4) تاريخ الطبري :3/58 .
(5) تاريخ الطبري :3/36 .

77 انتهاكات عائشة وطلحة والزبير لشيعة البصرة


واسمعوا قولي وأطيعوا أمري وردوا هؤلاء القوم إلى مكانهم الذي منه أقبلوا ، واجتمعوا على بيعتكم لامامكم وأطيعوا أميركم ، ولعبـد القيس في مسجد البصرة مثل هذا الموقـف (1) .
   وأما بني مجاشع : فلم تبايع طلحة والزبير عندما قدما البصرة ، وكانوا ذوي دين وفضل .
    وأما بكر بن وائل : قال الطبري قتل منهم يوم الجمل خمسمائة [ وكانوا مع الامام علي (ع) ](2).
   وأما ربيعة : يقول الزبير بن بكار جرت مفاخرة بين أبي بكر الذهلي البصري ونفر من الكوفة فقال أبو بكر : لم يكن أهل البصرة يوم الجمل ثلاثين ألفاً لان ربيعة البصرة كانت مع علي تقاتل عنه ، وتدعوا اليه وعليّ الذي يقول :
         يا لهف نفسي علي ربيعة                 ربيعة السامعة المطيعة (3)
   وأما بنو تميم : قال الطبري : قتل منهم يوم الجمل خمسمائة [ وكانوا مع الامام علي (ع) ](4).

        انتهاكات عائشة وطلحة والزبير لشيعة البصرة :

   قال جورج جرداق : دخل جيش عائشة البصرة في ليلة باردة وقتلوا قوماً من البصريين في المسجد ، ودخلوا دار عثمان بن حنيف عامل الامام علي (ع) على البصرة ، فأساؤوا اليه وحقروه وضربوه وأمعنوا في الاساءة والتحقير والضرب

(1) تاريخ الطبري :3/480 .
(2) المصدر السابق : 3/58 .
(3) ألاخبار الموفقات : 155/ 79 .
(4) تاريخ الطبري :3/58 .


78 النصرة لشيعة البصرة


ـ وهومن أصحاب محمد (ص) ـ فأخبر طلحة والزبير عائشة فما كان منها الا ان أمرت به تقول :(( اقتلوه ! )) فاستعظمت احدى النساء هذا الأمر وقالت لعائشة : (( نشدتك الله يا أم المؤمنين في عثمان بن حنيف وصحبته لرسول الله ! فبدلت عائشة أمرها قائلة :(( احبسوه ولا تقتلوه )) ، وأمر احد الرؤساء في جيش عائشة قائلاً :(( اضربوه وانتفوا شعر لحيته )) ، فضربوه ضرباً موجعا ً كثيراً ونتفوا شعر لحيته ورأسه وحاجبيه وأشفار عينيه ثم حبسوه (1).
   وأقام اصحاب الجمل بالبصرة وقد صار أمرها اليهم ، وعاش اصحاب الجمل في نشوة من استيلائهم على البصرة .
    وقال ايضاً فهناك جماعة ألبوا الناس على علي بن ابي طالب ، وأقبلوا بهم الى احدى عواصمه فأهانوا عامله عليها ونتفوا لحيته وضربوه وحبسوه واخرجوه ، ونكلوا بانصاره ومحبيه وقتلوهم شر قتلة ، وهم لا ماخذ لهم على هؤلاء التقلى ، ولا على امامهم الغائب ; وقسموا الارزاق على ذويهم وهي من حق الجماعة دون تمييز وتفريق (2).
   ويقول السبط ابن الجوزي : ونهبوا بيت مال البصرة وقتلوا سبعين رجلاً من المسلمين بغير جرم فهم أول من قتل في الإسلام ظلماً (3).
   وقال الشيخ المفيد ( رحمه الله ) : أصيب من عبد القيس ـ يوم الجمل الصغرى ـ خمسمائة شيخ مخضوب من شيعة امير المؤمنين ، سوى من اصيب من سائر الناس ... وقتلوا كذلك اربعين رجلاً من السبابجة (4) صبراً ، يتولى منهم ذلك الزبير خاصة (5).

(1) علي وعصره :4/216 .
(2) المصدر السابق : 4/217 .
(3) تذكرة الخواص :74 .
(4) قوم من السند كانوا بالبصرة حرساً للسجن ولبيت المال .
(5) الجمل : 151 ، والطبري في تاريخه : 3/485 ، وابن الاثير في الكامل : 3/110 ، وحديث 285 من ترجمة أمير ألمؤمنين (ع) من انساب الاشراف للبلاذري .


79 انتهاكات عائشة وطلحة والزبير لشيعة البصرة


   وقال الامام علي (ع) : نكثوا بيعتي ، وأخرجوا ابن حنيف عاملي بعد الضرب والمبرح والعقوبة الشديدة ، وقتلوا السبابجة ، ومثلوا بحكيم بن جبلة العبدي ، وقتلوا رجالاً صالحين ، ثم تتبعوا منهم من نجا يأخذونهم في كل حائط وتحت كل رابية ، ثم يأتون بهم فيضربون رقابهم صبراً ، مالهم قاتلهم الله أنّى يؤفكون (1).
   وقال (ع) : قتل طلحة والزبير من شيعتي في البصرة أكثر من العدة التي قد دخلوا بها عليهم ، وقد دعا عليهم وقال :
   (( اللهم اقتلهم بمن قتلوا من شيعتي ، وعجل لهم النقمة ، وبما صنعوا بخليفتي ))(2) .
   ويقول ايضاً: فسارا الى البصرة فقتلا بها المسلمين وفعلا بها الأفاعيل (3).
   وفي نهج السعادة : قتل ألف نفر من شيعة علي (ع) قبل مجيئه (4).
   وقال الطبري : [ قال الامام علي (ع) ]: أتى طلحة والزبير وعائشة البصرة وأهلها مجتمعون على طاعتي وبيعتي ، وبها شيعتي وخزّان مال المسلمين ، فدعو الناس لعصيتي وإلى نقض بيعتي فمن أطاعهم أكفره ومن عصاهم قتلوه ، فثار بهم حكيم بن جبلة العبدي في سبعين رجلاً من عباد أهل البصرة وكانوا يسمون أصحاب الثفنات كانت جبهاتهم كثفنات الإبل (5).
   ويقول محب الدين الوهابي : نادى منادي الزبير وطلحة بالبصرة ألا من كان فيكم من قبائلكم أحد ممن غزا المدينة - يقصد الثائرين على عثمان - فليأتنا بهم

(1) نهج السعادة : 1/350 .
(2) نهج السعادة :1/301 ، والجمل :154 .
(3) نهج السعادة : 1/ 317 .
(4) المصدر السابق :1/466
(5) المسترشد :101 .


80 النصرة لشيعة البصرة


فجيء بهم كما يجاء بالكلاب فقتلوا فما افلت منهم إلاّ حرقوص بن زهير السعدي من بني تميم .

        دور أهل البصرة في نصرة الإمام عليّ (ع) في صفين :

   قال نصر بن مزاحم في (( كتاب صفين )) : دخل أمير المؤمنين (ع) الكوفة بعد رجوعه من البصرة ومعه أشراف من أهل البصرة (1).
   وقد قدم على الامام علي (ع) بعد قدمومه الكوفة من البصرة ، الأحنف بن قيس ، وجارية بن قدامة وحارث بن زيد ، وزيد بن جبلة ، وأعين بن ضبيعة وعظم الناس بني تميم ، وكان فيهم أشراف ، ولم يقدم هؤلاء على عشيرة من أهل الكوفة .
   فقام الأحنف بن قيس ، وجارية بن قدامة ، وحارثة بن بدر ، فتكلم الاحنف فقال أمير ألمؤمنين انه ان يك بنو سعد لم تنصرك يوم الجمل فانها لم تنصر عليك وقد عجبوا أمس من نصرك ، وعجبوا اليوم ممن خذلك ، لانهم شكوا في طلحة والزبير ، ولم يشكوا في معاوية ، وعشيرتنا في البصرة فلو بعثنا اليهم فقدموا الينا فقاتلنا لهم العدو [ اي معاوية وأشياعه من أهل الشام ] وانتصفنا بهم وأدركوا اليوم ما فاتهم أمس .
   ثم خاطب عليّ (ع) حارثة فوافق الاحنف في رايه ، فقال (ع) للأحنف أكتب إلى قومك ، فكتب اليهم يحثهم على الخروج والمسير إليه لقتال معاوية بن ابي سفيان .
   وكتب معاوية بن صعصعة وهو ابن اخي ألاشعث إلى بني سعد أبياتاً من الشعر في ذلك (2)، فلما انتهى كتاب الاحنف ، وشعر معاوية إلى بني سعد ساروا بجماعتهم

(1) كتاب صفين :ص3 .
(2) انظر شعره في ترجمة في أصحاب الامام عليّ (ع)


81 دور أهل البصرة في نصرة الإمام عليّ (ع) في صفين


حتى نزلوا الكوفة فعزت بالكوفة وكثرت .
   وعن عبد الله بن عوف قال : ان علياً (ع) لم يبرح النخيلة حتى قدم عليه ابن عبّاس بأهل البصرة ، قال وكان كتب عليّ (ع) إلى ابن عبّاس :
   أمّا بعد : فاشخص إلى بمن قبلك من المسلمين والمؤمنين ، وذكرهم بلائي عندهم ، وعفوي عنهم ، واستبقائي لهم ، ورغبهم في الجهاد ، واعلمهم الذي لهم في ذلك الفضل والسلام .
   قال فلما وصل كتابه إلى ابن عبّاس بالبصرة قام في النّاس ، فقرأ عليهم الكتاب وحمد الله واثنى عليه وقال :
   يا ايها النّاس استعدوا للشخوص إلى امامكم ، وانفروا خفافاً وثقالاً ، وجاهدوا باموالكم وانفسكم ، فانكم تقاتلون المحلين القاسطين ، الذين لا يقرأون القرآن ، ولا يعرفون حكم الكتاب ، ولا يدينون دين الحق ، مع أمير ألمؤمنين وابن عم رسول الله بالمعروف والناهي عن المنكر ، وكان بالحق والقيّم بالهدى والحاكم بحكم الكتاب الذي لا يرتشي في الحكم ، ولا يداهن الفجار ، ولا تأخذه في الله لومة لائم .
   فقام اليه الاحنف بن قيس فقال : نعم والله لنجيبنك ولنخرجن معك ، على العسر واليسر ، والرضا والكره ، نحتسب في ذلك الخير ، ونامل به من الله العظيم من الاجر .
   وقام إليه خالد بن معمر السدوسي فقال : سمعنا وأطعنا ، فمتى استنفرتنا نفرنا ، ومتى دعوتنا اجبنا .
   وقام إليه عمرو بن مرحوم العبدي فقال : وفق الله أمير ألمؤمنين ، وجمع له أمر المسلمين ، ولعن المحلين القاسطين الذين لا يقرأون القرآن ، نحن والله عليهم حنقون ، ولهم في الله مفارقون ، فمتى اردتنا صحبك خيلنا ورجلنا ان شاء الله .

82 النصرة لشيعة البصرة


فاجاب النّاس إلى المسير ونشطوا وخفوا (1).
   ويقول معاوية بن أبي سفيان في رسالته إلى الامام عليّ (ع) :
ولا حجتك على أهل الشـــام كحجتك على أهل البصرة لانهم اطاعوك ولم يطعك أهل الشام (2).
   وكذلك خرج شيعة البصرة لقتال الخوارج فقال ابن الاثير خرج شريك الأعور وكان من شيعة عليّ لقتال الخوارج من البصرة وانتخب ثلاثة آلاف فارس من الشيعة (3).
   وذكر نصر بن مزاحم اسماء قبائل البصرة التي شاركت مع الامام علي (ع) في وقعة صفين ضد معاوية بن أبي سفيان :
   1- قبيلة مضر البصرة : جعلها الإمام علي بن أبي طالب (ع) في القلب يوم صفين .
   2- قبيلة بكر بن وائل البصرة : جعل عليها الحصين بن المنذر . وقد ادعت بكر ابن وائل البصرة انها قتلت عبيد الله بن عمرو بن الخطاب ، قتله محرز بن الصحصح من بن عائش بن مالك بن تيم اللات بن ثعلبة ، فقد بعث اليه معاوية إلى البصرة واخذ سيفه منه (4).
   3- قبيلة تميم البصرة : جعل عليها الاحنف بن قيس .
   واما موقف الإمام عليّ بن أبي طالب من بني تميم كما ينقله لنا العّلامة المحمودي حفظه الله قال : قال ابن أبي ميثم : روى ان ابن عبّاس كان قد أضرّ ببني تميم حين ولي البصرة ... وعيرهم بالجمل حتى كان يسميهم شيعة الجمل وأنصار

(1) بحار الانوار :ج32 ص 406 .
(2) بحار الانوار :ج32 ص393
(3) الكامل في التاريخ :ج13 ص431
(4) وقعة صفين :298 .


83 دور أهل البصرة في نصرة الإمام عليّ (ع) في صفين



عسكر حزب الشيطان ، فاشتد ذلك لعى نفر من شيعة عليّ (ع) من بني تميم منهم جارية بن قدامة وغيره ، فكتب بذلك جارية إلى عليّ (ع) فكتب (ع) إلى ابن عبّاس ... : حادث اهلها بالاحسان أليهم واحلل عقدة الخوف عن قلوبهم ولقد بلغني تنمرك لبني تميم وغلظتك عليهم ، وان بني تميم لم يغب لهم نجم الا طلع لهم آخر ، وانهم لم يسبقوا بوغم في جاهلية ولا إسلام ، وان لهم بنا رحماً ماسة ، وقرابة خاصة ، ونحن مأجورون على صلتها ، ومأزورون على قطيعتها ، وكن عندي صالح ظني بك ولا يضين رايي فيك والسلام (1) .
   4- قبيلة سعد ورباب : جعل عليها جارية بن قدامة .
   5- قبيلة خزاعة : جعل عليها عمرو بن الحمق .
   6- قبيلة بجيلة : جعل عليها رفاعة بن شداد .
   7- قبيلة عمرو وحنظلة البصرة : جعل عليها أعين بن ضبيعة .
   8- قبيلة ذهل : جعل عليها خالد بن معمر السدوسي .
   9- قبيلة ربيعة البصرة : جعل عليها خالد بن معمر السدوسي ،والذي قال فيها الإمام عليّ (ع) عندما راى راياتها رايات ربيعة هي رايات الله (2).
    وأما دورها في صفين :
   قال نصر : وجد أهل العراق لواءهم في صفين مركوزاً وليس حوله الا ربيعة ؛ وعليّ (ع) بينها ن وهم محيطون به ، وهو لا يعلم من هم ، ويظنهم غيرهم ، فلما أذّن مؤذن عليّ (ع) الفجر ... ثم وقف وصلى الفجر ، فلما انتقل ابصر وجوهاً ليس بوجوه أصحابه بالامس ، واذا مكانه الذي هو فيه ما بين الميسرة إلى القلب ، فقال : من القوم ؟ قالوا : ربيعة ، وإنك يا أميرألمؤمنين لعندنا منذ اليلة ! فقال : فخر طويل

(1) نهج السعادة : 5/154 .
(2) وقعة صفين :288.


84 النصرة لشيعة البصرة


لك يا ربيعة (1).
   وقال ابن أبي الحديد : قال الإمام علي (ع) لربيعة :(( أنتم درعي ورمحي )) ، فربيعة تفتخر بهذا الكلام إلى اليوم (2).
   وقال ايضاً : قال نصر : وكان عليّ (ع) لايعدل بربيعة أحد من الناس (3)، فهذا المدح من قبل الإمام علي لن ابي طالب (ع) شق ذلك على مضر ، واظهروا لهم القبيح ، وأبدوا ذات انفسهم فقال فيهم الحضين بن المنذر الرقاشي البصري وهو من ربيعة شعراً اغضبهم به ، من جملته :
ارى مضراً صـارت ربيـعة شعـار أمـير ألمؤمنين وذا فضـل
فابدوا لنا مما تجن صدورهم وهو السوء والبغضاء والحقد والغل
فـأبلوا بلانا او أقروا بفضلنا ولن تلحقونا الدهر مـا حـنت الإبل

   10- قبيلة عبد القيس البصرة : جعل عليها عمرو بن حنظلة .
   11- قبيلة قريش البصرة : جعل عليها الحارث بن نوفل الهاشمي .
   12- قبيلة قيس البصرة : جعل عليها قبيصة بن شداد الهلالي .
   وقد كان على خيل أهل البصرة في صفين سهل بن حنيف ، وعلى رجالة البصرة قيس بن سعد ، وعلى قراء أهل البصرة مسعود بن فدكي التميمي (4).

        ولاء شيعة البصرة للإمام عليّ بن أبي طالب (ع):

   كان الإمام عليّ (ع) عالماً بأهل البصرة اذ يقول لهم :(( أني عارف لذي الطاعة

(1) شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد :8/216 .
(2) المصدر السابق :8/ 245 .
(3) المصدر السابق :5/161 .
(4) وقعة صفين :205 - 206 .


85 ولاء شيعة البصرة للإمام عليّ (ع)


منكم فضله ، ولذي النصيحة حقه ، غير متجاوز متهماً إلى بريء ، ولا انا ناكثاً إلى وفي ))(1).
   وكذلك كان اهل البصرة يدركون مواقف الإمام عليّ (ع) لهم ، وكانوا يشاطرونه في ما كان يمر به ن فقد كان يبكيهم كلامه مواعظه ، فعندما خطب أمير ألمؤمنين (ع) في جامع البصرة فقال لهم معاشر المؤمنين والمسلمين ... إلى آخر كلامه فبكى أهل البصرة كلهم ، وصلوا عليه (2).
   ويقول ابن بطوطة : كان لجامع البصرة سبع صوامع احدهما الصومعة التي تتحرك بزعمهم ـ يعني شيعة البصرة ـ عند ذكر علي بن أبي طالب (ع) صعدت عليها من اعلى سطح الجامع ومعي بعض اهل البصرة فوجدت في ركن من اركانها مقبض خشب مسمراً فيها كأنه مقبض مملسة البناء فجعل الرجل الذي كان معي يده في ذلك المقبض وقال بحق راس أمير ألمؤمنين علي (ع) تحركي وهز المقبض فتحركت الصومعة (3)
    وقال الدكتور علي السامي النشار : وما أشد الخلاف بين حب مجموعة من الصحابة لعليّ في عهد الرسول ، ولي عهد الشيخين ، وبين حب انصار عليّ الملتفين حوله في طرقات الكوفة والبصرة (4).
   وعندما خرج الإمام (ع) من البصرة إلى الكوفة بعد وقعة الجمل شيعه الناس الى خارج البصرة ، وتبعه الاحنف بن قيس الى الكوفة (5)، وعندما ورد الإمام (ع)

(1) يحار الانوار :33/ 495 .
(2) المصدر السابق :39/ 348 .
(3) رحلة ابن بطوطة :1/209 .
(4) نشأة الفكر الفلسفي في الاسلام : الجزء الثاني ص1.
(5) نهج السعادة : 1/458 .


86 النصرة لشيعة البصرة


الكوفة كان معه أشرف الناس وأهل البصرة (1).
   وعن محمد بن الحنفية قال : لما قدم أمير ألمؤمنين (ع) إلى البصرة بعد قتال أهل الجمل دعاه الأحنف بن قيس واتخذ له طعاماً ، وبعث اليه أصحابه فأقبل إليه أمير ألمؤمنين ثم قال : يا احنف ادع أصحابي ، فدعاهم ....(2).
   وقد صنف البصريون كتباً في فضائل عليّ (ع) منها :
   1- تفضيل عليّ (ع) لأبي عبد الله الحسين بن علي المعتزلي البصري (308-369 هـ ) .
   2- الدرجات في تفضيل عليّ (ع) على سائر الصحابة ،للشيخ أبي عبد الله الحسين بن عليّ المعروف بالجعل والكاغذي .
   3- مسند أمير ألمؤمنين (ع) لأبي يوسف يعقوب بن شيبة .
   4- مسند عليّ (ع) لأسماعيل بن اسحاق بن اسماعيل المالكي (199 - 282) .
   ولهم كتب كثيرة صنفت في فضائل اهل البيت (عليهم السلام) .

       قوة العقيدة الشيعية لدى أهل البصرة

   لقد ركز التاريخ على التشيع في الكوفة فقط ولعل هذا يدل على اعتبارات سياسية أريد منها حصر التشيع في هذه الحاضرة فقط اما لو تتبعنا موقف الشيعي البصري لوجدنا التواجد الفعال وقوة العقيدة المتجلية في النصرة لعليّ (ع) وأهل بيته (عليهم السلام) ومن خلال المقارنة بين الشيعي الكوفي والشيعي البصري تعطى الحصيلة النهائية ، فنشاهد شيعة البصرة عندما حدثت معركة الجمل كانوا هم النواة الاولى للدفاع عن التشيع وولاية عليّ بن أبي طالب (ع) وموقف حكيم بن جبلة

(1) المصدر السابق :1/462 .
(2) نهج السعادة :1/434.


87 قوة العقيدة لدى أهل البصرة


واصحابه ليس خافياً على احد ، ولكن كيف كان موقف الشيعة في الكوفة ؟ كان دوراً ضعيفاً جداً ولو لا إلامام علي والحسن (ع) ومالك الأشتر وعمار بن ياسر لما نهض أهل الكوفة بمساندة إلامام عليّ (ع) وقد كان عدد أهل الكوفة قوم الجمل قليلاً جداً على بعض الروايات التاريخية كان ستة آلاف أو اثني عشر ألفاً ، وكذلك قارن بين موقف شيعة البصرة في معركة صفين وموقف الشيعة في الكوفة تشاهد رجحان كفة شيعة البصرة على الكوفة ، وقد تعرضت لدور الشيعة في البصرة في صفين في ما سبق في هذا الكتاب .
    اما دور الشيعة في الكوفة في نصرة إلامام الحسن (ع) فلا حاجة للذكره لأنّه معروف لدى الخاص والعام إلاّ ان رسائل إلامام الحسين (ع) لما وصلت إلى أهل البصرة يستنصرهم خرج من أهلها أهم رجالاتها ووصلوا إلى مكّة والتحقوا بإلامام الحسين (ع) ولا يخفى على طالب الحقيقة المسافة بي البصرة ومكّة والمدة التي يحتاجها المسافر للوصول اليها ولكن مَن من شيعة الكوفة له مثل هذا الموقف ، وتجهزت شيعة البصرة بقيادة يزيد بن مسعود النهشلي بقوة عددها عشرة آلاف مقاتل شيعي بصري وكما يقول العلامة محمد حسين المظفر (رحمه الله) لو لا حيلولة القدر لتغيرت المعادلة السياسية بوصول شيعة البصرة إلى كربلاء ولكن اثناء الطريق وصل الخبر إلى شيعة البصرة بشهادة إلامام الحسين (ع) وقد ذكر إنّ عبيد الله بن زياد قد جعل الحرس على مداخل ومخارج البصرة حتى لا مخرج أحد إلى نصرة إلامام ولكن شيعة البصرة تحدّوا هذا الأمر وتهديد ابن زياد عليه لعنه الله والملائكة والناس اجمعين .
   ولو قارنا قرب المسافة بين الكوفة وكربلاء لوجدناها قريبة جداً فلماذا لم يصل أحد إلى إلامام الحسين ما عدا النفر القليل أمثال حبيب بن مظاهر فكيف استطاع حبيب الوصول وغيره لم يستطع ؟ اين كان سليمان بن صرد ، والمسيب ابن نجبة ، وعبد الله بن وال ... ألم يذهب حبيب بن مظاهر إلى بني أسد قرب كربلاء
   

88 النصرة لشيعة البصرة


وبأذن من إلامام الحسين (ع) وطلب منهم نصرة الحسين (ع) فأجابه بعضهم ولكن وصل الخبر انّ عمر بن سعد حال بين وصولهم إلى إلامام الحسين ورجع حبيب وحده ؟ كيف استطاع حبيب الافلات من جنود ابن سعد ولم يستطع بنو أسد ذلك .
   نعم إنّ أعذار الشيعة في الكوفة في عدم نصرة إلامام الحسين (ع) غير موجهة وغير مقبولة وهنا لا بد من إلاشارة إلى كلام عبيد الله بن الحر الجعفي إلى إلامام الحسين (ع) والذي ينقله ابن اعثم في (( الفتوح )) يقول : والله ما خرجت من الكوفة الاّ مخافة ان يدخلها الحسين بن علي وانا فيها ، فلا انصره لانه ليس في الكوفة شيعة ولا أنصار إلاّ وقد مالوا إلى الدنيا إلاّ من عصم الله منهم ....(1).
   وكلام الشاعر الفرزق البصري للإمام الحسين (ع) ان القلوب معك والسيوف عليك هذا لا يمكن ان نعتبره إلا من مواقف الشيعة الخلص إذا ما قارنا العشرة آلاف التي اتجهت من البصرة إلى نصرة الإمام حسين (ع) .
   اذن لماذا شوّه التاريخ دور الشيعة في البصرة وعلى يد من ؟ على ايدي الشيعة انفسهم ، طبعاً الشيعة في بلدان اخرى لا تقبل الشيعة في البصرة وهذا ناشىء عن الدعاية الاموية التي جعلت الشيعي البصري يقبل بهذه الدعاية ويشكك بعدم تشيع البصرة هذا موقف الشيعة ويؤلمني قول السيد محسن الأمين (رحمه الله) الذي يعتبر اي شخص من الكوفة شيعياً فيقول عند ذكر احد رجال الكوفة يستفاد تشيعه من امور ، أولاً : انّه من أهل الكوفة الذين عرفوا بالتشيع وغلب عليهم ، بينما عرف أهل البصرة بضده وغلب عليهم (2)، وهذه زلةّ لا تغفر من هكذا انسان فقد ساعد الدعاية الاموية التي غيرت الحقيقة والواقع إلى غيره ، نعم ربما شعر السيد محسن الأمين (رحمه الله) يزلّته واراد استدراكها كما استدرك أمور لسنا بصددها،

(1) الفتوح :5/83 ، وتاريخ الطبري :3/309.
(2) أعيان الشيعة :2/515 .


89 قوة العقيدة الشيعية لدى أهل البصرة


حين قال في البحث الثاني عشر في ذكر البلدان والمدن والاقطار التي وجدت فيها الشيعة بكثرة وهي موجودة اليوم قال :
   البصرة : اليوم جل أهل البصرة شيعة إمامية نمخلصون في ولاء أهل البيت (1).
   اقول :وهذا لا ياتي في ليلة وضحاها ان لم يكن له جذور عميقة سابقة والتي بدات بنزول ابي الاسود الدؤلي البصرة كما اشرت إليها في نشأة التشيع في البصرة .
   وانظر موقف ابن الأثير في الكامل عندما يتعرض إلى مسير الإمام الحسين (ع) إلى كربلاء حيث يقول :
   خرج [ اي الإمام الحسين (ع) ] متوجها إلى العراق في أهل بيته ، وستين شخصاً من أهل الكوفة صحبته .
   اذن أصبحت الدعاية الاموية مقبولة لدى الشيعة بان البصرة ليست شيعية واني قد تصديت لهذه الكتابات بالخصوص ما قاله ابن الأثير وافردت كتاباً في البصرة في نصرة الإمام الحسين (ع) وذكرت الاعداد الذين استشهدوا مع الحسين (ع) وفندت به أقوال ابن الأثير وأمثاله ، وهنا يتحصل لنا من هم الشيعة واين يتواجدون ، حتى لا نظلم فئة قد عرفت بتاريخها الحافل بالمواقف الشريفة والكريمة ألا وهم الشيعة في البصرة ، وهذا الكلام نصرة الى شيوخنا وأسلافنا امثال شهداء الجمل الصغرى التي استشهد به اابناء جبلة وعبد القيس ، ولماذا لا يتعرض التاريخ بان الجمل الصغرى هي دفاع الشيعة في البصرة عن الاسلام .

(1) أعيان الشيعة :1/197 .


90 النصرة لشيعة البصرة


  
     دور نساء شيعة البصرة:

   لا يمكننا ان ننسى دور المرأة في اي مكان وزمان خاصة الصالحات منهن فلزاماً عليَّ ان اذكر ولو موجزاً دور المرأة البصرية الشيعية في وقعة الجمل .
   تذكر سير التاريخ ان الإمام عليّاً (ع) بعد الانتهاء من الجمل جهز عائشة واختار لها اربعين امرأة من نساء البصرة المعروفات .
   وأذكر هنا موقف احدى نساء عبد القيس بعد انقضاء معركة الجمل : قال المسعودي : خرجت امرأة من عبد القيس تطوف في القتلى ، فوجدت ابنين لها قد قتلا ، وقد كان قتل زوجها وأخوان لها فيمن قتل قبل مجيء عليّ البصرة (1)، فانشأت تقول :
شهدت الحروب فشيبتني      فلم  أر يوماً كيوم iiالجمل
اضـر  على مؤمن فتنة      واقـتله  لـشجاع iiبطل
فـليت الظعينة في iiبيتها      ولـيتك عسكر لم iiترحل

   وقد اوردت بعض أسماء الصالحات منهن في الجزء الثاني فراجعه .

       شيعة البصرة والإمام الحسن بن عليّ (ع) :


   لم ترتد شيعة البصرة بعد شهادة الإمام عليّ (ع) كما يؤيده التأريخ في موقف جارية بن قدامة البصري ، قال المامقاني : لما رجع جارية من سيره بعد قتل الإمام عليّ (ع) دخل على الإمام الحسن (ع) فضرب على يده فبايعه ، وعزاه ، وقال : ما يجلسك ، سر يرحمك الله إلى عدوك قبل ان يسار إليك .

(1) خرج حكيم بن جبلة العبدي البصري في سبعين رجلاً فقتلوا جميهاً وهم من أصحاب أمير ألمؤمنين عليّ بن أبي طالب (ع) .
(2) مروج الذهب :2/ 378 .


91 شيعة البصرة والإمام الحسن (ع)


   فقال الإمام الحسن (ع) : لو كان الناس كلهم مثلك سرت بهم (1).
   وكذلك جاء سليمان بن صرد الى الإمام الحسن (ع) بعد صلحه مع معاوية بن أبي سفيان فقال له : ما ينقضي تعجبنا من بيعتك معاوية ومعك اربعون الف مقاتل من أهل الكوفة ، وشيعتك من أهل البصرة .
    واما موقف البصرة من شهادة الامام الحسن (ع) عندما وصل نبا وفاته إلى زياد بن أبيه في البصرة واخبر به الناس ، فقد تعالى منهم البكاء والضجيج ، وسمع ابو بكرة شقيق زياد وكان مريضاً ، الناس وعويلهم فقال لزوجته ميسة : ما هذا الضجيج والعويل وعلى من يبكي الناس ؟ فقالت بلغهم موت الحسن بن عليّ .
   وقال ابن ابي الحديد : قال أبو الحسن المدائني : وصل نعي الحسن (ع) إلى البصرة في يومين وليلتين ، فقال الجارود بن أبي سبرة :
اذا كــان شـر سـار يـوم iiولـيلة        وان  كـان خـيرُ أخّـر الـسَّير iiاربعا
اذا مــا بـريد الـشر اقـبل iiنـحونا        باحدى الدواهي الربد سار وأسرعا (2)

   وكانت شيعة البصرة موالية إلى الإمام الحسن (ع) ، فلما بلغ معاوية بن أبي سفيان خبر شهادة أمير ألمؤمنين عليّ بن أبي طالب (ع) ، وبيعه الناس ابنه الحسن (ع) دس معاوية رجلاً من بني القين إلى البصرة ليكتب إليه بالاخبار ويفسد على الإمام الحسن (ع) الأمور ، فعرف الإمام الحسن (ع) بذلك فكتب إلى البصرة باستخراج القيني من بني سليم فاخرج وضربت عنقه (3).

(1) تنقيح المقال :1/206 .
(2) شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد : 16/ 214 .
(3) بحار الانوار : 44/ 45 ، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 16/225 .


92 النصرة لشيعة البصرة

        موقف البصرة من الإمام الحسين بن عليّ (ع) :


   بعد شهادة الإمام الحسن بن عليّ (ع) بقيت البصرة على ولائها إلى أهل البيت ( عليهم السلام ) ونتيجة لهذا الولاء دفع الامام الحسين بن عليّ (ع) ان يرسل كتبه إلى أهل البصرة طالباً منهم نصرته ، وهذا ناشيء من معرفته لاهل البصرة بانهم لم يرتدوا عن ولائهم لأمير ألمؤمنين عليّ بن أبي طالب (ع) .
   وقد ارسل الحسين (ع) كتبه إلى أشراف أهل البصرة يدعوهم لتصرته ولزوم طاعته ، منهم يزيد بن مسعود النهشلي ، والمنذر بن الجارود ، وهو بمكّة فقد ارسل كتبه مع سليمان مولاه فكتب :
    أمّا بعد ، فان الله اصطفى محمداً (ص) على خلقه وأكرمه بنبوته ، واختاره لرسالته ، ثم قبضه الله اليه ، وقد نصح لعباده وبلغ ما ارسل به (ص) ، وكنا أهله وأولياءه وأوصياءه وورثته ن وأحق الناس بمقامه في النّاس ، فاستأثر علينا قومنا بذلك [ فاغضينا كراهية للفرقة ومحبة للعافية ] (1)ونحن نعلم انا احق بذلك الحق المستحق علينا ممن تولاه ، وقد بعثت رسولي إليكم بهذا الكتاب ، وانا ادعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه (ص) فان السنة قد اميتت ، وان البدعة قد احييت ، فان تسمعوا قولي وتطيعوا امري ، اهدكم سبيل الرشاد والسلام .
    وكانت الشيعة في البصرة تجتمع في دار مارية بنت منقذ العبدية ، وكانت دارها مألفاً للشيعة يتحدثون فيها .
   وعندما ارسل الحسين (ع) كتابه إلى اهل البصرة اجتمع الشيعة في دار مارية العبدية لتدارس الموقف .
    ومن الذين ارسل اليهم الحسين (ع) كتاباً يزيد بن مسعود أبي خالد النهشلي البصري من اشراف البصرة يدعوه الحسين (ع) لنصرته .

(1) في نسخة : فرضينا وكرهنا الفرقة واحببنا لكم العافية .


93 موقف البصرة من الإمام الحسين (ع)


    فجمع يزيد بن مسعود قومه بعد قراءته كتاب الحسين (ع) ، بني تميم ، وبني حنظلة ن وبني سعد ، وبني عامر وخطبهم فقال :
    يا بني تميم كيف ترون موضعي فيكم ، وحسبي منكم فقالوا بخ بخ ، انت والله فقرة الظهر ، وراس الفخر ، حللت في الشرف وسطا ، وتقدمت فيه فرطا .
    قال :فاّني قد جمعتكم لامر اريد ان اشاوركم فيه واستعن بكم عليه
    فقالوا له : انا والله نمنحك النصيحة ، ونجهدك الرأي ، فقل حتى نسمع .
    فقال : إنّ معاوية قد مات ، فاهون به والله هالكاّ ومفقوداّ ، الا وانه قد انكسر باب الجور والاثم ، وتضعضعت اركان الظلم ، وقد كان احدث بيعة عقد بها أمراً ، وظن انه قد احكمه وهيهات الذي اراد ، اجتهد والله ففشل ، وشاور فخذل ، وقد قام يزيد شارب الخمور ، وراس الفجور ، يدعى الخلافة على المسلمين ، ويتامر عليهم بغير رضا منهم مع قصر حلم ، وقلة حلم ، وقلة علم ، ولا يعرف من الحق موطىء قدمه ، فاقسم بالله قسماً مبروراً ، لجهاده على الدين ، افضل من جهاد المشركين ، وهذا الحسين بن عليّ أميرألمؤمنين ، وابن رسوله (ص) ذو الشرف الاصيل ، والرأي الاثيل ، له فضل لا يوصف ، وعلم لا ينزف ، هو اولى بهذا الامر ، لسابقته وسنه ، وقدمه وقرابته يعطف على الصغير ، ويحنو على الكبير ، فأكرم به راعي رعية ، وامام قوم وجبت لله به الحجة ، وبلغت به الموعظة ، فلا تعشوا عن نور الحق ، ولا تسكعوا في وهد الباطل .
    والله لا يقصر احد عن نصرته الا اورثه الله الذل في ولده ، والقلة في عشيرته ، ها انا ذا قد لبست للحرب لامتها ، وادرعت لها بدرعها من لم يقتل يمت ومن يهرب لم يفت ، فاحسنوا رحمكم الله رد الجواب .
    فقالت بنو حنظلة : يا ابا خالد نحن نبل كنانتك وفرسان عشيرتك ، ان رميت بنا اصبت وان غزوت بنا فتحت ، لا تخوض غمرة الا خضناها ، ولا تلقى والله شدة الا لقيناها ، ننصرك باسيافنا ، ونقيك بأبداننا اذا شئت.

94 النصرة لشيعة البصرة


   وقالت بنو اسد : ابا خالد ان ابغض الاشياء الينا خلافك ، والخروج من رايك .
    وقالت بنو عامر : نحن بنو ابيك ، وحلفاؤك لا نرضى ان غضبت ، ولا نوطن ان ظعنت ، فادعنا نجبك ، وامرنا نطعك .
    ثم كتب إلى الحسين (ع) :
    أما بعد : فقد وصل إليّ كتابك وفهمت ما ندبتني اليه ، ودعوتني له من الاخذ بحظى من طاعتك والفوز بنصيني من نصرتك ، وان الله لم يخل الارض من عامل عليها بخير ، ودليل على سبيل نجاة ، وانتم حجة الله على خلقه ، ووديعته في ارضه ، تفرعتم من زيتونه احمدية ، وهو اصلها ، وانتم فرعها ، فأقدم سعدت باسعد طائر ، فقد ذللت لك اعناق بني تميم، وتركتهم اشد تتابعاً في طاعتك من الأبل الظماء لورود الماء يوم خمسها ، وقد ذللت بني سعد وغسلت درن قلوبها بماء سحابه مزن حين استهل برقها فلمع .
    ثم ارسل الكتاب مع الحجاج بن بدر السعدي وكان متهيئاً للمسير إلى الحسين (ع) بعدما سار إليه جماعة من العبديين .

       دور شيعة البصرة في الأخذ بثارات الحسين (ع):

    وعندما ارسل الحسين (ع) كتابه الى البصرة ، صعد عبيد الله بن زياد المنبر فخطب وتوعد أهل البصرة على الخلاف واثارة الارجاف (1).
    وامر عبيد الله بن زياد فاخذ ما بين واقصة إلى طريق الشام ، وإلى طريق البصرة فلا يدعون احد يلج ولا احد يخرج (2).
    ولم تستطع شيعة البصرة الوصول الى نصرة الحسين (ع) كما حصل ليزيد بن

(1) بحار الانوار :ج44 ص337 .
(2) المصدر السابق :ص 370 .


95 دور شيعة البصرة في الاخذ بثارات الحسين (ع)


مسعود النهشلي عندما تجهز للخروج إلى الحسين (ع) ، فبلغه شهادته قبل ان يسير فجزع من انقطاعه عنه .
    وبعد شهادة الحسين (ع) شعر اهل الكوفة بالندم واعلنوا توبتهم ، لذا ارسل سليمان بن صرد كتاباً إلى شيعةالبصرة للطلب بدم الحسين (ع) وارسل الكتاب إلى المثنى بن مخرمة العبدي وبعثه من ظبيان بن عمارة التميمي من بني سعد .
    فكتب المثنى الجواب :
    أما بعد : فقد قرأت كتابك واقرأته اخوانك ، فحمدوا رايك واستجابوا لك ، فنحن موافقون ان شاء الله تعالى للاجل الذي ضربت .
    وقال الطبري : دعا سليمان بن صرد ، المثنى بن مخرمة للاخذ بدم الحسين ، وجاء ومعه ثلثمائة من اهل البصرة (1).
   ويقول القنصل الروسي الكسندر ادامون في البصرة عام 1912م في كتابه (( ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها )) :
   ان الشيعة في البصرة لم يدعوا الفرصة تمر بعد وفاة يزيد بن معاوية وحاولوا استغلال الاضطرابات التي قامت بسبب موت يزيد وكادت الانتفاضة التي اشعلوها ان تؤدي الى القضاء على الحكم العربي في العراق لقد بدات هذه الانتفاضة بحملة من الشيعة تعدادها عشرة آلاف مسلح سارت نحو الشام ، وهدفها معاقبة عبيد الله بن زياد الذي كان قد هرب من البصرة الى الشام ، لكن مروان بن الحكم الاموي الذي كان قد اختير خليفة اسرع بارسال جيشه لملاقاة حملة أهل البصرة فاستطاع هذا الجيش ان يحطم المتقمين لدم الحسين .
   غير ان هذا الفشل لم يكبح جماح الشيعة في البصرة فقد انضموا في السنة

(1) تاريخ الطبري : ج5 ص 558 ،600 ، وبحار الانوار :ج45 ص356 ،360، 362.


96 النصرة لشيعة البصرة


التالية إلى التمرد الذي قام في الكوفة (1).
   وهذا دليل على قدم التشيع في البصرة ، وقد ذكرنا في الجزء الثاني من هذا الكتاب أصحاب الإمام الحسين (ع) الذين استشهدوا معه والذين لم يستطيعوا الوصول اليه ، كما افردنا كتاباً في موقف اهل البصرة من الامام الحسين (ع) سميناه (( البصرة في نصرة الامام الحسين (ع) )) طبع عام 2000 م .
   ولو اردنا حساب نسبة المشاركين من أهل البصرة مع الإمام الحسين (ع) لوجدناهم 11 شهيداً من مجموع 72 شهيداً استشهدوا مع الإمام الحسين (ع) يوم عاشوراء في كربلاء وتاتي نسبة مشاركة أهل البصرة مع الإمام الحسين (ع) بعد الهاشميين .
   وهذه والله لمنقبة عظيمة لاينالها الا ذو حظ عظيم اذ يقول العلامة المظفر : وكفى البصرة ان يكون فيهم مثل يزيد ابن مسعود النهشلي صهر أمير ألمؤمنين (ع) وشيعته الذين لولا حيلولة القدر لنصر الحسين (ع) وبين يديه ما يربو على عشرة آلاف مقاتل (2).
   ويقول رسول الله (ص) في الذين نصروا الحسين (ع) :
   يأتيه قوم من محبينا ليس في الارض اعلم بالله ولا اقوم محقنا منهم ، وليس على ظهر الارض احد يلتفت اليه غيرهم ، اولئك مصابيح في ظلمات الجور ، وهم الشفعاء ، وهم واردون حوضي غداً اعرفهم اذا وردوا عليَّ بسيماهم وكل اهل دين يطلبونا ولا يطلبون غيرنا ، وهم قوام الارض ، وبهم ينزل الغيث (3).
   وبنور تلك المصابيح التبي اطفئت مع الإمام الحسين (ع) والتي اضاءة البصرة منذ ذلك العصر رغم ظلمات الجور الاموي وقد وصل ذلك النور الى احفاد

(1) ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها :ج2 ص15 .
(2) تفسير الفرات :172 .
(3) تاريخ الشيعة :113 .


97 دور علماء شيعة البصرة في نشر التشيع والحديث


اولئك الابطال البصريين قبنورهم اصبحت البصرة اليوم شيعية وان كان فيها اليوم على غير مذهب أهل البيت (عليهم السلام) نفر وان قلوا في العدد .الا انهم هم الحاكمون من قبل السلطان على مرور الازمنة.

        دور علماء شيعة البصرة في نشر التشيع والحديث :

   روى الخطيب بسنده عن عليّ بن المديني انه قال : قدم علينا ـ أي إلى البصرة ـ أبو بكر بن ابي شيبة ويحيى وعبد الرحمن قال : فاراد الخائب ـ يعني سليمان الشاذكوني وهو شيعي ـ ان يذاكره فاجتمع الناس في مسجد الجامع قال : فقال لي عبد الرحمن بن مهدي : اذهب فامنعهما ، فاني اخشى ان تقع فتنة يتعصب مع هذا قوم ومع هذا قوم (1).
   الاقطار التي رحل اليها البصريون :

        مكّة المكّرمة :

   رحل إلى مكّة اسماعيل بن مسلم ، أصله بصري فلكثرة مجاورته بمكّة قيل له المكّي وكان من اصحاب الامام الصادق (ع) ، فقيهاً مفتياً ، وضعفته العامة لتشيعه(2).
   والحارث بن عمير البصري نزيل مكّة : روى عن الامام الصادق (ع) ، وثقة ابن معين .
   وعبد الرحمن بن عبد الله بن عبيد ابو سعيد البصري .
   فقد كان لعلماء البصرة صلة مستمرة بعلماء مكّة واهلها فكانوا يذهبون اليها في

(1) تاريخ بغداد :1/69 .
(2) رجال الطوسي :147 رقم 90 ، ومعجم رجال الحديث :3/ 186 رقم 432 ،وتهذيب الكمال : 3/198 .


98 النصرة لشيعة البصرة


مواسم الحج وغيرها ، يروون الاحاديث ويتذاكرونها ثم يعودون إلى البصرة (1).

        المدينة المنوّرة :

   كانت المدينة المنورة في العصر الاسلامي الاول مركز الخلافة الاسلامية ، لذا كان سكان الاقطار الاخرى انذاك يترددون عليها ، كما انها كانت في طريق اهل العراق القادمين الى مكّة المكرمة لاداء فريضة الحج ، وكان علماء الحديث يقتنصون كل فرصة لرواية الحديث ومذكراته لانهم قد نذروا كل وقتهم لهذه المهمة الشريفة .
    وهكذا فاننا نستطيع القول بان علماء الشيعة في البصرة من رواة الحديث جلهم ان لم يكونوا كلهم قد دخلوا المدينة ، وكانت المدينة غنية من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) على مر العصور فبعد عهد الصحابة الذين تتلمذوا على يدي رسول الله (ص) امثال :الامام عليّ بن ابي طالب (ع) ، وعمار بن ياسر ، وسلمان المحمدي ، وجابر بن عبد الله الانصاري ، كان من التابعين الإمام علي بن الحسين بن عليّ بن ابي طالب ، والإمام أبي جعفر محمد بن عليّ الباقر (ع) .
   وقد كان للبصريين رحلات الى مدينة رسول الله (ص) .
   وهذا حماد بن عيسى (ت 109 هـ) الجهني الذي الذي كان يذهب الى المدينة ليتزود من الامام جعفر بن محمد الصادق وابي الحسن موسى الكاظم ، وابي جعفر الثاني محمد بن علي الجواد ، الحديث وكان حماد متحرزاً في الحديث .
   وكذلك كان أبان بن عثمان الذي اجازه الامام جعفر الصادق (ع) له الرواية عنه بواسطة أبان بن تغلب ، وكذلك أيوب بن أبي تميمة كيسان السختياني الذي كان يتردد على الإمام الصادق والباقر (ع) ، في المدينة ، ولا مجال لحصرهم هنا لذا ذكرناهم بالتفصيل في الجزء الثاني في الفصل الاول في باب اصحاب

(1) اعيان الشيعة :4/371 . وتهذيب الكمال :5/269.


99 دور علماء شيعى البصرة في نشر التشيع والحديث


رسول الله (ص) والائمة (عليهم السلام) فراجعه .

        الكوفة :

   الكوفة شقيقة البصرة وجارتها وصنوها ، فالبصرة مصرت عام 14 هـ والكوفة مصرت عام 17 هـ ، وبينهما مسافة ليست بالبعيدة ، وكان بينهما مجرى نهري يقطعة الراكب في ليلة واحدة ، هذا لقاصد البصرة لان نهر الفرات منحدراً ويجري ماؤه بسرعة لذا يصل البصرة في ليلة واحدة واما الذاهبالة الكوفة من البصرة لا يمكنه قطع هذا النهر بليلة واحدة لان تيار الماء مسيره معاكس للمتجه الى الكوفة ، والكوفة كالبصرة من حيث غناها بالعلماء والحفاظ ، وكان يسكنها عدد كبير من الصحابة امثال عبد الله بن مسعود ، والتابعين .
   فلا غرو اذن ان تكون الكوفة من اكثر الاقطار التصاقاً بالبصرة من الناحية العلمية ، وامتزاجاً في الاسانيد وعلوم الحديث وغير ذلك فقد كانت رحلات المحدثين متصلة بينهما طلباص للاحاديث والتوثق منها .
   وفوق هذا كله ، فهناك عدد علماء شيعة البصرة ومحدثيها ، رحلوا الى الكوفة فنزلوها واستقروافيها واذكر هنا مختصراً بعضاً منهم :
   ابان بن عثمان ابو عبد الله الاحمر البجلي ،ثقة عند الخاصة ، من اصحاب الامام الصادق ، والكاظم (ع) .
   واسماعيل بن مسلم مولى حدير ابو اسحاق المكي الازدي ، من اصحاب الامام الصادق (ع) فقيهاً مفقياً .
   وحبيب بن أبي حبيب ابو عمرو البجلي ، تابعي ، من أصحاب ابي جعفر الباقر ، وجعفر بن محمد الصادق (ع) .
   وحازم بن الحسين ابو اسحاق الحميسي ، من اصحاب الصادق (ع) ، وقالوا ابو حاتم : يكتب حديثه .

100 النصرة لشيعة البصرة


وعبد السلام بن حرب ابو بكر الملائي النهدي ، من اصحاب الصادق (ع) (ت 187 هـ) .
   وغياث بن ابراهيم ابو محمد التميمي الاسيدي ، وثقه النجاشي وقال : روى عن ابي عبد الله، وأبي الحسن (ع) ، وهو من اصحاب الباقر ايضاُ .
   وقد كان عدد من علماء الكوفة وحفاظها يقصدون البصرة ويحدثون فيها : فهذا ايوب بن واقد يحدث في البصرة من اصحاب الصادق (ع) ، وحازم بن ابراهيم البجلي من اصحاب الصادق (ع) ، وحجاج بن ارطاة بن ثور من اصحاب الباقر والصادق (ع) ، وحماد بن عيسى الجهني من اصحاب الصادق والكاظم (ع) (ت 209 هـ) ، والربيع بن زياد الضبي من اصحاب الصادق (ع) ، وعبد الرحمن بن ابي عبد الله ميمون ، ثقة من اصحاب الباقر والصادق (ع) ، وعبد الله بن داود بن عامر ، ثقة من اصحاب الصادق (ع) ، وعبد الملك بن خالد من اصحاب الصادق (ع) ، والفضل بن العلاء البجلي من اصحاب الصادق (ع) ، ومحمد بن مروان الذهلي ( ت 161 هـ)
   وهكذا نجد ان الطريق بين البصرة والكوفة ، كان دائما عامراً بالمحدثين الذاهبين والقادمين الذين لم يكن لهم هم الا رواية الحديث وجمعه .


       بغداد :

   انشئت مدينة بغداد عام 145 هـ ، وهي عاصمة الخلافة ابان حكم العباسيين ، ونظراً لاهمية مركز بغداد فقد نشط العلماء بالرحيل اليها ، لنشر علومهم فيها ، وكان من بينهم علماء شيعة البصرة حيث حدث فيها بعضهم ، ونزلها واستقر فيها بعضهم آلاخر ، فاذا تصفحنا تاريخ بغداد للخطيب وجدناه زاخراً باسماء البصريين الذين رحلوا الى بغداد ، وحدثوا فيها الا اننا لا نستطيع القول بانها بدات بعد انشاء بغداد ببضع سنوات فشعبة بن الحجاج ( ت 160 هـ ) رحل الى بغداد وحدث فيها ،

  • تمهيد
  • نشأة البصرة
         التطور العمراني
  • فضل الاُبلة والبصرة

    فضل مسجد البصرة

    من وصف البصرة

  • دور شيعة البصرة في اللغة
          العربية وعلومها

    علم النحو

    علم اللغة

    علم العروض

  • تعريف التشيع ، معنى
         التشيع
  • نشأة التشيع في البصرة

    تشويه حقيقية التشيع في البصرة

    موقف جارية بن قدامة من معاوية

  • دور البصرة في وقعة الجمل

    دور معاوية بن أبي سفيان في وقعة الجمل

    من هم أهل الجمل

    شبهات أهل البصرة في يوم الجمل

    دور شيعة البصرة في قتال أصحاب الجمل

    دور القبائل الشيعية في البصرة يوم الجمل

    انتهاكات عائشة وطلحة والزبير لشيعة البصرة

  • دور أهل البصرة في نصرة
         الامام علي بن أبي طالب
         عليه السلام في صفين

    ولاء شيعة البصرة للامام علي بن أبي طالب عليه السلام

  • قوة العقيدة الشيعية لدى
         أهل البصرة
  • دور نساء شيعة البصرة
  • شيعية البصرة والامام
         الحسن بن علي عليه
         السلام

    موقف البصرة من الامام الحسين بن علي عليه السلام

    دور شيعية البصرة في الاخذ بثأرات الحسين عليه السلام

  • دور علماء شيعة البصرة في
          نشر التشيع والحديث في

    مكة المكرمة

    المدينة المنورة

    الكوفة

    بغداد

    بخارى

    خراسان

    كابل

    حيدر آباد

    الري

    حضر موت

    اليمن

    البحرين

  • الاحاديث الموضوعة في
         شيعة البصرة
  • الشيعة في البصرة في زمن
         الدولة العباسية
  • الحركات الشيعية التي
         ظهرت في البصرة وايدتها
         شيعة البصرة
  • الحكومات الشيعية في
         البصرة
  • شيعة البصرة والمرجعية
         الدينية
  • الحالة السياسية في البصرة
  • شيعية البصرة سياساً في
         ظل الحكم الملكي
  • شيعة البصرة في ظل الحكم
         العارفي الطائفي
  • شيعة البصرة في ظل الحكم
         البعثي
  • الاحتفال السنوي في ذكرى
         شهادة الامام علي عليه
         السلام
  • دور عشيرة بني منصور
         وعلماء شيعة البصرة في
         مقاومة الاحتلال البريطاني
         في العراق
  • أعيان الشيعة في البصرة
  • البصريون الشيعة من أصحاب
         رسول الله صلى الله عليه
         وآله والائمة عليهم السلام

    أصحاب الامام علي عليه السلام

    أصحاب الامام الحسن عليه السلام

    أصحاب الامام الحسين عليه السلام

    أصحاب الامام علي بن الحسين عليه السلام

    اصحاب الامام محمد بن علي الباقر عليه السلام

    أصحاب الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام

    أصحاب الامام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام

    أصحاب الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام

    أصحاب الامام محمد بن علي الجواد عليه السلام

    اصحاب الامام علي بن محمد الهادي عليه السلام

    أصحاب الامام الحسن بن علي العسكري عليه السلام

    أصحاب الامام المهدي - عجل الله تعالى فرجه -

    الذين لم يرووا عن الائمة عليهم السلام

  • النساء
    BASRAHCITY.NET