اسرة النقيب ودورها السياسي في البصرة
طالب النقيب نموذجاً 1899 ـ 1921 م

الاستاذ لازم لفتة ذياب المالكي

بسم الله الرحمن الرحيم

  تنحدر اسرة النقيب التي تولت نقابة البصرة في حدود النصف الثاني من القرن التاسع عشر من مدينة مندلي ، حيث نزح السيد طالب وهو الجد الاعلى للاسرة الى البصرة خلال الاعوام ( 1811 ـ 1814 ) معه اولاده ( عبد الرحمن ومحمد سعيد ) ، اصبح للسيد مكانة متميزة بسبب دخوله مع السيد ( درويش الرفاعي ) نقيب اشراف البصرة آنذاك في مصاهرة ، وبعد وفاة الاخير انتقلت النقابة الى ابناء السيد طالب واول من تولى نقابة اشراف البصرة هو ( عبد الرحمن ) عام 1874 م ، ثم خلفه اخاه ( محمد سعيد ) الذي عين نائباً لرئيس ادارة ممتلكات السلطان عبد الحميد الثاني ( الادارة السنية ) ، وعند تقدمه في العمر رشح اخيه ( سيد رجب ) بعد موافقة الباب العالي على ترشيحه ، وبعد توفي محمد سعيد عام 1896 اصبح السيد رجب نقيب الاشراف في البصرة ، وهو والد السيد طالب النقيب ، لقد مارس نقيب الاشراف دوراً مهماً في مدينة البصرة خلال العهد العثماني ، حيث كان نقيب الاشراف يقوم بمهام القاضي في محكمة من ينتسبون الى ذرية الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقط ، وبعد منتصف القرن التاسع عشر اصبح لنقباء البصرة دوراً مهماً في الحياة السياسية للمدينة وفي علاقتها مع الدولة العثمانية ، كما ساهم نقيب البصرة في حل المشاكل القائمة بين الدولة العثمانية وحكانم امارات الخليج العربي والقبائل العربية الثائرة على السلطان العثماني ، وكانت نقابة الاشراف تستند الى قاعدة روحية صوفية تتمثل في كون نقيب الاشراف في البصرة رئيساً للطريقة الرفاعية فصار للرفاعية السيادة على الطرق الصوفية الاخرى في البصرة واكد تقرير ( H . D ) في الوثائق البريطانية ان اسرة نقيب البصرة السيد طالب النقيب تدعي انها سليلة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بدءاً بالسيد احمد الرفاعي الذي يقع قبره شرق مدينة الحي الواقعة على نهر الغراف ، رست عدداً من المحطات السياسية في حياة طالب النقيب للفترة 1899 ـ 1921 م اهمها :

اولاً :
ان اسرة النقيب كانت تحضى برعاية الشيخ ( ابو الهدى الصيادي ) شيخ الطريقة الرفاعية في استانبول ، والذي كان لها تأثير على السلطان عبد الحميد الثاني ، وقد استطاع ابو الهدى الصيادي ان يسهل للسيد طالب النقيب تبوء المراكز العالية وتقليد المناصب الرفيعة في البصرة .

ثانياً :
تعتبر سنة 1899 بداية البروز السياسي للسيد طالب النقيب على الساحة السياسية في استانبول عندما ارسله والده السيد رجب النقيب لحل الخلاف الواقع بين الشيخ مبارك في الكويت ووالي البصرة حمدي باشا ، وقد نجح طالب النقيب في مهمته وثم عزل حمدي باشا من الولاية وعين مكانه محسن باشا ( 1899 ـ 1901 ) كما نجح في حل الخلاف الواقع بين الدولة العثمانية والشيخ خزعل شيخ المحمرة حول املاك الاخير في البصرة .

ثالثاً :
اصبحت البصرة في زمن طالب النقيب قلعة الائتلافين ومعقلهم بفضل نفوذه وسطوته ، خاصة بعد نجاحه في الانتخابات ولعب ايضاً دوراً اساسياً في المحاولة الوحدوية بين كل من البصرة وعربستان والكويت ، لانقاذ منطقتهم من السياسة الجديدة التي انتهجها رجال الاتحاد والترقي في الدولة العثمانية وهي سياسة التتريك .

رابعاًً :
ان طموحات طالب النقيب السياسية بعد الحرب العالمية الاولى كانت ضمن التخطيط البريطاني العام ، فكان مؤيداً لفكرة تقسيم العراق الى ولايات كما كانت في العهد العثماني ، وكان يسنده في ذلك ويبرز شخصيته امام البريطانيين الشيخ خزعل امير المحمرة ، وكانت طموحاته بأن يكون والياً للبصرة أو حاكماً للعراق وكان ضد ترشيح فيصل بن الحسين لعرش العراق وكان يدعم طموحاته الحاكم السياسي ( ارنولد ولسن ) ، غير أن الخط البياني المتصاعد لطالب النقيب بدأ بالهبوط تدريجياً ، بعد تعين ( برسي كوكس ) حاكماً سياسياً للعراق ، حيث اسندت اليه وزارة الداخلية في الحكومة العراقية المؤقتة ، بعد ان عين البريطانيون الامير فيصل بن الحسين ملكاً للعراق وفق مقررات مؤتمر القاهرة 1921 م ، وقد عارض طالب النقيب ذلك وهدد السلطة بالتمرد معتمداً على رؤساء العشائر العراقية ، مما ادى ببريطانيا انهاء دورها السياسي وارسل منفياً خارج العراق الى المانيا بمدينة ( ميونخ ) حتى وفاته عام 1929 م ونقل جثمانه الى مدينة البصرة حيث دفن في مقبرة الحسن البصري في مدينة الزبير .