24 ـ عن جابر قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : والله ليملكن رجل منا أهل البيت الارض بعد موته ثلثمائة سنة ويزداد تسعا قال : قلت فمتى ذلك ؟ قال : بعد موت القائم قال : قلت : وكم يقوم القائم في عالمه حتى يموت قال : تسع عشرة سنة من يوم قيامه إلى يوم موته قال : قلت : فيكون بعد موته هرج ؟ قال نعم خمسين سنة ، قال : ثم يخرج المنصور إلى الدنيا فيطلب دمه ودم أصحابه ، فيقتل ويسبى حتى يقال : لو كان هذا من ذرية الانبياء ما قتل الناس كل هذا القتل ، فيجتمع الناس عليه أبيضهم وأسودهم فيكثرون عليه حتى يلجئونه إلى حرم الله ، فاذا اشتد البلاء عليه مات المنتصر وخرج السفاح إلى الدنيا غضبا للمنتصر ، فيقتل كل عدو لنا جائر ويملك الارض كلها ، ويصلح الله له امره ويعيش ثلثمأة سنة ويزداد تسعا ، ثم قال أبوجعفر : يا جابر وهل تدرى من المنتصر والسفاح ؟ يا جابر المنتصر الحسين والسفاح امير المؤمنين صلوات الله عليهم أجمعين (1) .
  25 ـ عن زرارة وحمران عن ابى جعفر وأبى عبدالله عليهم السلام في قوله : ( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ ) قال : انما عنى بها الصلوة (2)
  26 ـ عن عاصم الكورى عن أبى عبدالله عليه السلام قال : سمعته يقول : في قول الله : ( فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ) قال : وعيد (3) .
  27 ـ عن سعد بن طريف عن ابى جعفر عليه السلام قال : الظلم ثلثة ، ظلم لا يغفره الله ، وظلم يغفره الله ، وظلم لا يدعه ، فاما الظلم الذى لا يغفره الله الشرك ، واما الظلم الذى يغفره الله فظلم الرجل نفسه ، واما الظلم الذى لا يدعه فالذنب بين العباد (4) .
  28 ـ عن أبى حمزة عن ابى جعفر عليه السلام قال : نزل جبرئيل بهذه الآية هكذا على محمد صلى الله عليه وآله فقال : ( وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر انا اعتدنا للظالمين آل محمد حقهم نارا ) (5)

--------------------
(1) البرهان ج 2 : 465 ، البحار ج 13 : 236 .
(2) البرهان ج 2 : 465 ، البحار ج 18 : 10 .
(3) البرهان ج 2 : 465 ، الصافى ج 2 : 12 .
(4 ـ 5) البرهان ج 2 : 465 ـ 466 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني)_ 327 _

  29 ـ عن عبدالله بن سنان عن أبى عبدالله عليه السلام قال : ابن آدم خلق أجوف لا بد له من الطعام والشراب ، فقال : ( وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي ) (1) .
  30 ـ وعنه عليه السلام في قول الله : ( يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ ) قال : تبدل خبزة بيضاء نقية يأكل الناس منها حتى يفرغ من الحساب ، قال له قائل : انهم يومئذ لفى شغل عن الاكل والشرب ، فقال له : ابن آدم خلق أجوف لابد له من الطعام والشراب ، أهم اشد شغلا ام من في النار قد استغاثوا ؟ قال الله : ( وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ ) (2) .
  31 ـ عن ادريس القمى قال : سألت ابا عبدالله عليه السلام عن الباقيات الصالحات ؟ فقال : هى الصلوة فحافظوا عليها ، وقال : لا تصل الظهر أبدا حتى تزول الشمس (3) .
  32 ـ عن أبى بصير عن ابى عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : خذوا جننكم (4) قالوا : يا رسول الله عدو حضر ؟ قال : لا ، ولكن خذوا جننكم من النار ، فقالوا : بم نأخذ جننا يا رسول الله من النار ؟ قال سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر ، فانهن يأتين يوم القيمة ولهن مقدمات ومؤخرات ومنجيات ومعقبات ، وهن الباقيات الصالحات ، ثم قال أبوعبدالله عليه السلام ( ولذكر الله اكبر ) قال : ذكر الله عندما أحل او حرم وشبه هذا ومؤخرات (5) .
  33 ـ عن محمد بن عمرو عمن حدثه عن ابى عبدالله عليه السلام انه قال : قال الله عزوجل ، ( الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) كما أن ثمانى ركعات يصليها العبد آخر الليل زينة الآخرة (6) .

--------------------
(1 ـ 2) البرهان ج 2 : 466 ، البحار ج 3 : 221 .
(3) البرهان ج 2 : 470 ، البحار ج 15 ( ج 2 ) : 57 ، الصافى ج 2 : 15 .
(4) الجنن جمع الجنة ـ بضم الجيم ـ الترس وكلما وقى من سلاح
(5 ـ 6) البرهان ج 2 : 470 ، البحار ج 19 ( ج 2 ) : 6 و 18 ( ج 2 ) : 557 الصافى ج 2 : 15 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني)_ 328 _

  34 ـ عن خالد بن نجيح عن أبى عبدالله عليه السلام قال : اذا كان يوم القيمة دفع إلى الانسان كتابه ، ثم قيل له اقرأة قلت : فيعرف ما فيه ؟ فقال : انه يذكره فما من لحظة ، ولا كلمة ، ولا نقل قدم ، ولا شئ فعله الا ذكره ، كأنه فعله تلك الساعة فلذلك قالوا ( يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا ) (1) .
  35 ـ عن خالد بن نجيح عن أبى عبدالله عليه السلام في قوله ( اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ ) قال : يذكر العبد جميع ما عمل وما كتب عليه كأنه فعله تلك الساعة ، فلذلك قالوا ( يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا ) (2) .
  36 ـ عن جميل بن دراج عن ابى عبدالله عليه السلام قال : سألته عن ابليس أكان من الملئكة ؟ وهل كان يلى من أمر السماء شيئا ؟ قال : انه لم يكن من الملئكة ولم يكن يلى من امر السماء شيئا ، كان من الجن وكان مع الملئكة وكانت الملئكة تراه انه منها ، وكان الله يعلم انه ليس منها ، فلما امر بالسجود كان منه الذى كان (3)
  37 ـ عن هشام بن سالم عن ابى عبدالله عليه السلام قال : امر الله ابليس بالسجود لآدم مشافهة ، فقال : وعزتك لئن اعفيتنى من السجود لآدم لاعبدنك عبادة ما عبدها خلق من خلقك (4) .
  38 ـ وفى رواية اخرى عن هشام عنه ولما خلق الله آدم قبل أن ينفخ فيه الروح كان ابليس يمر به فيضربه برجله فيدب (5) فيقول ابليس : لامر ما خلقت ؟ (6) .
  39 ـ عن محمد بن مروان عن أبى جعفر عليه السلام في قوله : ( مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً ) قال : ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال : اللهم أعز الدين بعمر بن الخطاب أو بأبى جهل بن هشام ، فأنزل الله

--------------------
(1 ـ 2) البرهان ج 2 : 471 ، البحار ج 3 : 282 ، الصافى ج 2 : 16 .
(3 ـ 4) البرهان ج 2 : 471 ، البحار ج 5 : 34 و 14 : 619 .
(5) دب دبيبا : مشى على هنيئة كمشى الطفل والنمل والضعيف .
(6) البرهان ج 2 : 471 ، البحار ج 5 : 32 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني)_ 329 _


  ( وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً ) يعنيهما (1)
  40 ـ عن محمد بن مروان عن أبى عبدالله عليه السلام قال : قلت له : جعلت فداك قال رسول الله صلى الله عليه وآله : اعز الاسلام بأبى جهل بن هشام او بعمر بن الخطاب ؟ فقال : يا محمد قد والله قال ذلك ، وكان على اشد من ضرب العنق ، ثم اقبل على فقال : هل تدرى ما انزل الله يا محمد ؟ قلت : أنت اعلم جعلت فداك ، قال : ان رسول الله كان في دار الارقم فقال : اللهم اعز الاسلام بابى جهل بن هشام او بعمر بن الخطاب فأنزل الله ( مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً ) يعنيهما (2) .
  41 ـ عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبى جعفر وأبى عبدالله عليهما السلام قال : انه لما كان من امر موسى عليه السلام الذى كان اعطى مكتل (3) فيه حوت مملح ، قيل له : هذا يدلك على صاحبك عند عين مجمع البحرين لا يصيب منها شئ ميتا الا حيى يقال لها الحيوة ، فانطلقا حتى بلغا الصخرة (4) فانطلق الفتى يغسل الحوت في العين فاضطرب الحوت في يده حتى خدشه وانفلت منه (5) ونسيه الفتى ، فلما جاوز الوقت الذى وقت فيه اعنى موسى ( قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً * قَالَ أَرَأَيْتَ ) إلى قوله ( على اثارهما قصصا ) فلما أتاها وجد الحوت قد خر في البحر فاقتصا الاثر حتى اتيا صاحبهما في جزيرة من جزائر البحر اما متكيا واما جالسا في كساء له ، فسلم عليه موسى فعجب من السلام وهو في أرض ليس فيهاالسلام فقال : من أنت ؟ قال : انا موسى ، قال : انت موسى بن عمران الذى كلمه الله تكليما ؟ قال : نعم ، قال : فما حاجتك ؟ قال اتبعك على ان تعلمنى مما علمت رشدا ، قال : انى وكلت بأمر

--------------------
(1 ـ 2) البرهان ج 2 : 471 ـ 472 ، البحار ج 8 : 22 ، الصافى ج 2 : 17 .
(3) المكتل ـ كمنبر ـ الزنبيل .
(4) وفى البرهان هكذا ( فانظر إلى حين تلقى الصخرة اه )
(5) انفلت : تخلص .

تفسير العياشي (الجزء الثاني)_ 330 _

  لا تطيقه ، ووكلت بأمر لا اطيقه ، وقال له ( إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً * وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً * قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً ) فحدثه عن آل محمد عليه السلام وعما يصيبهم حتى اشتد بكاؤهما ، ثم حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وعن امير المؤمنين وعن ولد فاطمة وذكر له من فضلهم وما اعطوا حتى جعل يقول يا ليتنى من آل محمد وعن رجوع رسول الله عليه وآله السلام إلى قومه (1) وما يلقى منهم ومن تكذيبهم اياه ، وتلا هذه الاية : ( وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ ) فانه اخذ عليهم الميثاق (2) .
  42 ـ عن ابى حمزة عن ابى جعفر عليه السلام قال : كان وصى موسى بن عمران يوشع بن نون ، وهو فتاه الذى ذكر الله في كتابه (3)
  43 ـ عن هشام بن سالم عن ابى عبدالله عليه السلام قال : كان موسى اعلم من الخضر (4)
  44 ـ عن الحفص بن البخترى عن أبى عبدالله عليه السلام في قول موسى لفتاه : ( آتنا غدائنا ) وقوله : ( رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ) فقال : انما عنى الطعام فقال ابوعبدالله عليه السلام : ان موسى لذو جوعات (5) .
  45 ـ عن بريد عن أحدهما قال : قلت له : ما منزلتكم في الماضين وبمن تشبهون منهم ؟ قال : الخضر وذو القرنين ، كانا عالمين ولم يكونا نبيين (6)
  46 ـ عن اسحق بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام قال : انما مثل على ومثلنا من بعده من هذه ا لامة كمثل موسى النبى صلى الله عليه وآله والعالم حين لقيه واستنطقه وسأله الصحبة ، فكان من أمرهما ما أقتصه الله لنبيه صلى الله عليه وآله في كتابه ، وذلك ان الله قال

--------------------
(1) وفى نور الثقلين ( وعن مبعث رسول الله ... ) وهو الظاهر ، وقال المجلسى رحمه الله في معناه : اى بعد الهجرة او في الرجعة ( انتهى ) ، ويمكن ان يكون المراد الرجوع عن شعب ابى طالب بعد ثلاث سنين ـ والله اعلم .
(2) البرهان ج 2 : 475 ، البحار ج 5 : 297 .
(3 ـ 5) البرهان ج 2 : 476 ، البحار ج 5 : 206 ، وفى البرهان ( لذو جوعان ) بدل ( جوعات ) في الخبر الاخير .
(6) البرهان ج 2 : 476 ، البحارج 5 : 296 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني)_ 331 _

  ـ تفسير العياشى مجلد : 2 من ص 331 سطر 1 الى ص 340 سطر 23
  لموسى : ( إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنْ الشَّاكِرِينَ ) ثم قال : ( وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ ) وقد كان عند العالم علم لم يكتب لموسى في الالواح ، وكان موسى يظن أن جميع الاشياء التى يحتاج اليها في تابوته ، وجميع العلم قد كتب له في الالواح كما يظن هؤلاء الذين يدعون انهم فقهاء وعلماء ، وانهم قد أثبتوا جميع العلم و الفقه في الدين مما يحتاج هذه الامة اليه ، وصح لهم عن رسول الله وعلموه ولفظوه ، وليس كل علم رسول علموه ولا صار اليهم عن رسول الله ولا عرفوه ، وذلك ان الشئ من الحلال والحرام والاحكام يرد عليهم فيسئلون عنه ولا يكون عندهم فيه أثر عن رسول الله ويستحيون ان ينسبهم الناس إلى الجهل ويكرهون ان يسئلوا فلا يجيبوا فيطلبوا الناس العلم من معدنه ، فلذلك استعملوا الرأى والقياس في دين الله ، وتركوا الآثار ودانوا الله بالبدع ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه واله : كل بدعة ضلالة ، فلو انهم اذا سئلوا عن شئ من دين الله فلم يكن عندهم منه أثر عن رسول الله ردوه إلى الله والى الرسول والى أولى الامرمنهم ، لعلمه الذين يستنبطونه منهم ، من آل محمد صلى الله وعليه وآله والذى منعهم من طلب العلم منا العداوة والحسد لنا ، ولا والله ما حسد موسى العالم ، وموسى نبى الله يوحى اليه حيث لقيه واستنطقه وعرفه بالعلم ، ولم يحسده كما حسدتنا هذه الامة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله على ما علمنا وما ورثنا عن رسول الله صلى الله عليه وآله ، ولم يرغبوا الينا في علمنا كما رغب موسى إلى العالم ، وسأله الصحبة ليتعلم منه العلم ويرشده .
  فلما ان سأل العالم ذلك علم العالم ان موسى لا يستطيع صحبته ولا يحتمل عليه ولا يصبر معه فعند ذلك قال العالم : ( وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً ) فقال له موسى وهو خاضع له يستعطفه على نفسه كى يقبله : ( قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً ) وقد كان العالم يعلم أن موسى لا يصبر على علمه ، فذلك والله يا اسحق بن عمار حال قضاة هؤلاء وفقهائهم وجماعتهم اليوم ، لايحتملون والله علمنا ، ولا يقبلونه ولا يطيقونه ، ولا يأخذون به ، ولا يصبرون عليه كما لم يصبر موسى

تفسير العياشي (الجزء الثاني)_ 332 _

  على علم العالم حين صحبه ، وراى من راى من علمه ، وكان ذلك عند موسى مكروها ، وكان عند الله رضا وهو الحق ، وكذلك علمنا عند الجهلة مكروه لا يؤخذ وهو عند الله الحق (1)
  47 ـ عن عبدالرحمن بن سيابة عن أبى عبدالله عليه السلام قال : ان موسى صعد المنبر وكان منبره ثلث مراق (2) فحدث نفسه ان الله لم يخلق خلقا أعلم منه ، فأتاه جبرئيل فقال : انك قد ابتليت فانزل فان في الارض من هو اعلم منك فاطلبه فأرسل إلى يوشع انى قد ابتليت فاصنع لنا زادا وانطلق بنا واشترى حوتا ـ من حيتان الحية ـ فخرج بآذربيجان ، ثم شواه ثم حمله في مكتل ثم انطلقا يمشيان في ساحل البحر ، والنبى اذا أمر ان يذهب إلى مكان (3) لم يعى أبدا حتى يجوز ذلك الوقت ، قال : فبينما هما يمشيان انتهيا إلى شيخ مستلقى معه عصاه ، موضوعة إلى جانبه وعليه كساء اذا قنع رأسه (4) خرجت رجلاه واذا غطى رجليه خرج رأسه ، قال : فقام موسى يصلى وقال ليوشع : احفظ على قال : فقطرت قطرة من السماء (5) في المكتل فاضطرب الحوت ، ثم جعل يثب من المكتل إلى البحر ، قال : وهو قوله : ( فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً ) قال : ثم انه جاء طير فوقع على ساحل البحر ثم أدخل منقاره فقال : يا موسى ما اتخذت من علم ربك ما حمل ظهر منقارى من جميع البحر ، قال : ثم قام يمشى فتبعه يوشع .
  قال موسى وقد نسى الزبيل (6) يوشع قال : وانما أعيى حيث جاز الوقت فيه (7) فقال ( آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً ) إلى قوله ( في البحر عجبا ) قال :

--------------------
(1) البرهان ج 2 : 476 ، البحار ج 5 : 297 .
(2) مراق جمع المرقاة ـ بفتح الميم وكسرها ـ : الدرجة .
(3) وفى البحار هكذا ( والنبى اذا مر في مكان اه ) .
(4) قنع رأسه بالشئ : غطاه به .
(5) وفى البرهان ( الماء ) بدل ( السماء ) .
(6) وهو الزنبيل ويقال له المكتل ايضا وقد مر .
(7) كذا في النسخ وفى البحار هكذا ( فقال موسى لما أعيا حيث جاز الوقت فيه اه )

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 333 _
  فرجع موسى يقفى أثره حتى انتهى اليه وهو على حاله مستلق ، فقال له موسى : السلام عليك فقال وعليك السلام يا عالم بنى اسرائيل ، قال : ثم وثب فأخذ عصاه بيده ، قال : فقال له موسى : انى قد امرت ان اتبعك على ان تعلمنى مما عملت رشدا فقال كما قص عليكم ( إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً ) قال : فانطلقا حتى انتهيا إلى معبر (1) فلما نظر اليهم أهل المعبر فقالوا : والله لا نأخذ من هؤلاء أجرا ، اليوم نحملهم ، فلما ذهب السفينة كثرت الماء خرقها (2) قال له موسى كما أخبرتم ، ثم قال : ( قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً * قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً ) قال : وخرجا على ساحل البحر فاذا غلام يلعب مع غلمان عليه قميص حرير أخضر في اذنيه درتان فتوركه العالم (3) فذبحه فقال له موسى ( أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً ) قال : ( فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً ) خبزا نألكه فقد جعنا ، قال : وهى قرية على ساحل البحر يقال لها : ناصرة وبها تسمى النصارى نصارى ، فلم يضيفوهما ولا يضيفون بعدهما احدا حتى تقوم الساعة .
  وكان مثل السفينة فيكم وفينا ترك الحسين البيعة لمعوية ، وكان مثل الغلام فيكم قول الحسين بن على لعبد الله بن على : لعنك الله من كافر ، فقال له : قد قتلته يا با محمد وكان مثل الجدار فيكم علي والحسن والحسين (4)

--------------------
(1) المعبر : ما عبر به النهر والمراد هنا السفينة .
(2) كذا في النسخ وفى البحار ( فلما ذهبت السفينة وسط الماء خرقها اه ) .
(3) تورك فلان الصبى : جعله على وركه معتمدا عليها .
(4) البرهان ج 2 : 476 ، البحار ج 5 : 297 ، وقال المجلسى رحمه الله في بيان الحديث : اما كون ترك الحسين عليه السلام البيعة لمعاوية لعنه الله شبيها بخرق السفينة لانه عليه السلام بترك البيعة مهد لنفسه المقدسة الشهادة ، وبها انكسرت سفينة اهل البيت صلوات الله عليهم وكان فيها مصالح عظيمة منها : ظهور كفر بنى امية وجورهم على الناس ، وخروج الخلق عن طاعتهم ومنها : ظهور حقية اهل البيت عليهم السلام وامامتهم اذ لو بايعه الحسين عليه السلام ايضا لظن اكثر الناس وجوب متابعة خلفاء الجور وعدم كونهم عليهم السلام ولاة الامر .
ومنها : ان بسبب ذلك صار من بعده من الائمة عليهم السلام آمنين مطمنين ، ينشرون العلوم بين الناس ، إلى غير دلك من المصالح التى لا يعملها غيرهم ، ولو كان ما ذكره المورخون من بيعته عليه السلام له أخيرا حقا كان المراد ترك البيعة ابتداءا ، ولا يبعد ان يكون في الاصل يزيد بن معاوية ، فسقط الساقط الملعون هو وأبوه ، واما ما تضمن من قول الحسن عليه السلام لعبد الله بن على فيشكل توجيهه لانه كان من السعداء الذين استشهدوا مع الحسين صلوات الله عليه على ما ذكره المفيد وغيره . والقول بانه عليه السلام علم انه لو بقى بعد ذلك ولم يستشهد لكفر بعيد ، والظاهر أن يكون عبيد الله ـ مصغرا ـ بناءا على ما ذكره ابن ادريس انه لم يستشهد مع الحسين عليه السلام ردا على المفيد ، وذكر صاحب المقاتل وغيره انه صار إلى المختار فسأل أن يدعو اليه ويجعل الامر له فلم يفعل ، فخرج ولحق بمصعب بن الزيبر فقتل في الوقعة وهو لا يعرف .
قوله : ( فقال له ) اى امير المؤمنين عليه السلام ، ( قد قتلته ) اى سيقتل بسبب لعنك أو هذا اخبار بانه سيقتل كما قتل الخضر الغلام لكفره واما مثل الجدار فلعل المراد ان الله تعالى كما حفظ العلم تحت الجدار للغلامين لصلاح أبيهما فكذلك حفظ العلم لصلاح على والحسن والحسين عليهم السلام في اولادهم إلى ان يظهره القائم عليه السلام للخلق أو حفظ الله علم الرسول صلى الله عليه وآله بأمير المؤمنين للحسنين صلوات الله عليهم ، فأقام عليا عليه السلام للخلافة بعد ان أصابه ما أصابه من المخالفين والله يعلم .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 334 _

  48 ـ عن عبدالله بن ميمون القداح عن ابى عبدالله عن ابيه عليه السلام قال : بينما موسى قاعدا في ملاء من بنى اسرائيل اذ قال له رجل : ما أرى احدا أعلم بالله منك قال موسى : ما أرى ، فأوحى الله اليه بلى عبدى الخضر فسأل السبيل اليه ، وكان له آية الحوت ان افتقده ، وكان من شأنه ما قص الله (1)
  49 ـ عن هشام بن سالم عن ابى عبدالله عليه السلام كان سليمان اعلم من آصف ، وكان موسى أعلم من الذى اتبعه (2)

--------------------
(1 ـ 2) البرهان ج 2 : 477 ، البحار ج 5 : 298 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 335 _

  50 ـ عن ليث بن سليم عن أبى جعفر عليه السلام (1) شكى موسى إلى ربه الجوع في ثلثة مواضع ( آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً ) ( لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً ) ( رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ) (2) .
  51 ـ عن اسمعيل بن أبى زياد الكوفى عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن ابن عباس قال : ما وجدت للناس ولعلى بن أبيطالب شبها الا موسى وصاحب السفينة ، فكلم موسى بجهل ، وتكلم صاحب السفينة بعلم ، وتكلم الناس بجهل ، ويكلم على بعلم (3) .
  52 ـ عن عبدالله بن سنان عن أبى عبدالله عليه السلام ان نجدة الحرورى كتب إلى ابن عباس يسئله عن سبى الذرارى ، فكتب اليه : اما الذرارى فلم يكن رسول الله يقتلهم وكان الخضر يقتل كافرهم ويترك مؤمنهم ، فان كنت تعلم ما يعلم الخضر فاقتلهم (4) .
  53 ـ عن اسحق بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام قال : سمعته يقول : بينما العالم يمشى مع موسى اذا هم بغلام يعلب قال : فوكزه العالم فقتله فقال له موسى : ( أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً ) قال فأدخل العالم يده فاقتلع كتفه فاذا عليه مكتوب كافر مطبوع (5) .
  54 ـ عن حريز عن أبى عبدالله عليه السلام انه كان يقرؤ ( وكان ورائهم ملك ) يعنى امامهم (6)

--------------------
(1) في البرهان ( عن أبى عبدالله عليه السلام وفى نسخة عن أبى جعفر عليه السلام ، اه )
(2 ـ 5) البرهان ج 2 : 478 ـ 477 ، البحار ج 5 : 298 ، الصافى ج 2 : 23 ـ 24 .
(6) قال الطبرسى رحمه الله في المجمع : الوراء والخلف واحد وهو نقيض جهة القدام ويستعمل وراء بمعنى القدام ايضاء على الاتساع لانها جهة مقابلة فكأن كل واحدة من ـ الجهتين وراء الاخرى ثم استشهد لذلك بشعر لعبيد وغيره ونقل ايضا عن أبن عباس انه كان يقرأ ( وكان امامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحا غصبا ) ثم قال : وروى اصحابنا عن أبى عبدالله عليه السلام ايضا انه كان يقرأ كل سفينة صالحة غصبا وروى ذلك ايضا عن أبى جعفر عليه السلام قال وهى قرائة امير المؤمنين عليه السلام وعن تفسير القمى رحمه الله انه قال : هكذا نزلت وانه واذا كانت معيوبة لم يأخذ منها شئ .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 336 _

  ( يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً ) (1)
  55 ـ عن حريز عمن ذكره عن أحدهما (2) انه قرأ ( فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ ) فطبع كافرا (3) .
  56 ـ عن أبى بصير عن ابى عبدالله عليه السلام في قوله : ( فخشينا ) خشى ان ادركه الغلام ان يدعوا أبويه إلى الكفر فيجيبانه من فرط حبهما اياه (4) .
  57 ـ عن عبدالله بن خالد (5) رفعه قال : كان في كتف الغلام الذى قتله العالم مكتوب كافر (6) .
  58 ـ عن محمد بن عمر عن رجل عن أبى عبدالله عليه السلام قال : ان الله ليحفظ ولد المؤمن إلى ألف سنة ، وان الغلامين كان بينهما وبين ابويهما سبعمأة سنة (7) .
  59 ـ عن عثمان عن رجل عن أبى عبدالله عليه السلام في قول الله : ( فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً ) قال : انه ولدت لهما جارية فولدت غلاما فكان نبيا (8) .
  60 ـ عن الحسن بن سعيد اللحمى (9) قال : ولد رجل من اصحابنا جارية دخل على أبى عبدالله عليه السلام فرآه متسخطا لها ، فقال له أبوعبدالله : ارأيت لو أن الله أوحى اليك انى اختار لك أو تختار لنفسك ما كنت تقول ؟ قال : كنت أقول يا رب تختار لى ، قال : فان الله قد اختار لك ثم قال : ان الغلام الذى قتله العالم كان مع موسى في قول الله ( فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً ) قال : فأبدلهما جارية

--------------------
(1) البرهان ج 2 : 478 ، البحار ج 5 : 298 .
(2) وفى البرهان ( عن أبى عبدالله عليه السلام ) مكان ( عن احدهما ) .
(3 ـ 4) البرهان ج 2 : 478 ، البحار ج 5 : 298 ، الصافى ج 2 : 24 .
(5) وفى البرهان ( عبدالله بن حبيب ) مكان ( عبدالله بن خالد ) .
(6 ـ 8) البرهان ج 2 : 478 ، البحار ج 85 : 29 ، الصافى ج 2 : 25
(9) والظاهر انه مصحف اللخمى بالخاء قال في تنقيح المقال : اللخمى بالخاء المعجمة لقب جمع ، وعد منهم الحسن بن سعيد .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 337 _

  ولدت سبعين نبيا (1) .
  61 ـ عن أبى يحيى الواسطى رفعه إلى أحدهما عليه السلام في قول الله : ( وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ ) إلى قوله : ( واقرب رحما ) قال : أبدلهما مكان الابن بنتا فولدت سبعين نبيا (2) .
  62 ـ عن أبى بصير عن ابى عبدالله عليه السلام (3) قال : كم من انسان له حق لا يعلم به ، قال قلت : وما ذلك اصلحك الله ؟ قال : ان صاحب الجدار كان لهما كنز تحته ، اما انه لم يكن ذهب ولا فضة ، قال قلت : فأيهما كان أحق به ؟ فقال : الاكبر ، كذلك نقول (4) .
  63 ـ عن اسحق بن عمار قال : سمعت ابا عبدالله عليه السلام يقول : ان الله ليصلح بصلاح (5) الرجل المؤمن ولده وولد ولده ، ويحفظه في دويرته ودويرات حوله فلا يزالون في حفظ الله لكرامته على الله ثم ذكر الغلامين فقال : ( وكان أبوهما صالحا ) ألم تر ان الله شكر صلاح أبويهما لهما (6)
  64 ـ عن يزيد بن رويان قال : دخل نافع بن الازرق المسجد الحرام والحسين بن على عليهما السلام مع عبدالله بن عباس جالسان في الحجر فجلس اليهما ثم قال : يا بن عباس صف لى الهك الذى تعبده ، فأطرق ابن عباس طويلا مستبطئا بقوله فقال له الحسين : إلى يا بن الارزق المتورط في الضلالة المرتكن في الجهالة أجيبك عما سألت عنه ، فقال : ما اياك سألت فتجيبنى ، فقال له ابن عباس : مه عن ابن رسول الله فانه من أهل بيت النبوة ومعه من ( معدن ظ ) الحكمة فقال له صف لى فقال له اصفه بما وصف به نفسه وأعرفه بما عرف به نفسه ، لا يدرك بالحواس ، ولا يقاس بالناس ، قريب غير ملتزق ، وبعيد غير مقص ، يوحد ولا يتبعض لا اله الا هو الكبير المتعال ، قال :

--------------------
(1 ـ 2) البرهان ج 2 : 478 ، البحار ج 5 : 298 .
(3) كذا في الاصل لكن في ساير النسخ ( عن أبى جعفر ) بدل ( أبى عبدالله )
(4) البرهان ج 2 : 478 ، البحار ج 5 : 298 .
(5) وفى بعض النسخ ( ليفلح بفلاح ) .
(6) البحار ج 5 : 298 ، وج 15 ( ج 2 ) : 187 البرهان ج 2 : 487 الصافى ج 2 : 25 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 338 _
  فبكى ابن الارزق بكاءا شديدا فقال له الحسين : ما يبكيك ؟ قال : بكيت من حسن وصفك ، قال : يا بن الازرق انى أخبرت انك تكفر ابى واخى وتكفرنى ؟ قال له نافع : لئن قلت ذاك لقد كنتم الحكام ومعالم الاسلام ، فلما بدلتم استبدلنا بكم .
  فقال له الحسين : يا بن الازرق اسئلك عن مسألة فأجبنى عن قول الله لا اله الا هو : ( وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَهُمَا ) إلى قوله : ( كنزهما ) من حفظ فيهما ؟ قال : فأيهما أفضل ابويهما أم رسول الله وفاطمة ؟ قال : لا بل رسول الله وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله ، قال : فما حفظهما حتى حيل بيننا وبين الكفر ، فنهض ثم نفض بثوبه ثم قال : قد نبأنا لله عنكم معشر قريش أنتم قوم خصمون (1)
  65 ـ عن زرارة وحمران عن أبى جعفر وأبيعبد الله عليهما السلام قالا : يحفظ الاطفال باعمال آبائهم (2) كما حفظ الله الغلامين بصلاح أبيهما (3)
  66 ـ عن صفوان الجمال عن أبى عبدالله عليه السلام قال : سألته عن قول الله ( وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَهُمَا ) فقال : اما انه ما كان ذهبا ولا فضة ، وانما كان أربع كلمات : انى انا الله لا اله الا انا من أيقن بالموت لم تضحك (4) سنه ، ومن أقر بالحساب لم يفرح قلبه ، ومن آمن بالقدر (5) لم يخش الا ربه (6)
  67 ـ عن ابن اسباط عن ابى الحسن الرضا عليه السلام قال : كان في الكنز الذى

--------------------
(1) البرهان ج 2 : 478 .
(2) وفى البحار ( بصلاح آبائهم ) .
(3) البحار ج 15 ( ج 2 ) : 178 ، البرهان ج 2 : 479 .
(4) وفى نسخة ( لن تضحك )
(5) وفى البرهان ( ومن أقر بالقبر اه ) بدل ( ومن آمن بالقدر ) وفى الصافى ( ومن ايقن بالقدر لم يخش الا الله اه )
(6) البرهان ج 2 : 479 ، البحار ج 5 : 298 ، الصافى ج 2 : 25 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 339 _
  قال الله : ( وكان تحته كنز لهما ) لوح من ذهب فيه بسم الله الرحمن الرحيم محمد رسول الله ، عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح ، وعجبت لمن ايقن بالقدر كيف يحزن ، وعجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يركن اليها ، وينبغى لمن غفل عن الله ان لا يتهم الله في قضائه ولا يستبطئه في رزقه (1)
  68 ـ عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام ان النبى صلى الله عليه وآله قال : ان الله ليخلف العبد الصالح من بعد موته في أهله وماله ، وان كان أهله اهل سوء ، ثم قرأ هذه الآية إلى آخرها ( وكان أبوهما صالحا ) (2) .
  69 ـ عن احمد بن محمد بن أبى نصر انه سمع هذا الكلام من الرضا عليه السلام عجبا لمن غفل عن الله كيف يستبطئ الله في رزقه ، وكيف اصطبر على قضائه (3)
  70 ـ عن محمد بن عمرو الكوفى عن رجل عن ابى عبدالله عليه السلام قال : ان الله يحفظ ولد المؤمن لابيه إلى الف سنة ، وان الغلامين كان بينهما وبين ابويهما سبعمأة سنة (4) .
  71 ـ عن الاصبغ قال : قام ابن الكوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال : يا امير المؤمنين اخبرنى عن ذى القرنين أملك كان ام نبى ؟ واخبرنى عن قرنيه أذهب ام فضة ؟ قال : انه لم يكن النبى ولا ملك ، ولم يكن قرناه ذهب ولا فضة ، ولكنه كان عبدا احب الله فأحبه ، ونصح لله فنصح له ، وانما سمى ذوالقرنين لانه دعا قومه فضربوه على قرنه ، فغاب عنهم ، ثم عاد اليهم فدعاهم فضربوه بالسيف على قرنه الآخر و فيكم مثله (5)
  72 ـ عن أبى بصير عن ابى جعفر عليه السلام قال : ان ذا القرنين لم يكن نبيا و

--------------------
(1 ـ 4) البرهان ج 2 : 479 البحار ج 5 : 295 ، وج 15 ( ج 2 ) : 178 .
(5) الصافى ج 2 : 27 ، البحار ج 5 : 161 وقوله عليه السلام وفيكم مثله اى وفيكم من يضرب على قرنه مرتين ، قال الجزرى في النهاية : ومنه حديث على وذكر قصة ذى القرنين ثم قال : وفيكم مثله ، فيرى انه انما عنى نفسه لانه ضرب على رأسه ضربتين ، احداهما يوم الخندق والاخرى ضربة ابن ملجم .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 340 _
  لكن كان عبدا صالحا أحب الله فأحبه ، وناصح الله فناصحه ، أمر قومه بتقوى الله فضربوه على قرنه ، فغاب عنهم زمانا ثم رجع اليهم فضربوه على قرنه الآخر ، وفيكم من هو على سنته ، وانه خير بين السحاب الصعب والسحاب الذلول فاختار الذلول فركب الذلول ، فكان اذا انتهى إلى قوم كان رسول نفسه اليهم لكى لا يكذب الرسل (1)
  73 ـ عن ابى الطفيل قال : سمعت عليا عليه السلام يقول : ان ذا القرنين لم يكن نبيا ولا رسولا ولكن كان عبدا أحب الله فأحبه وناصح الله فنصحه ، دعا قومه فضربوه على أحد قرنيه فقتلوه ، ثم بعثه الله فضربوه على قرنه الآخر فقتلوه (2)
  74 ـ عن بريد بن معوية عن ابى جعفر عليه السلام وابى عبدالله عليه السلام جميعا قال لهما ما منزلتكم ؟ ومن تشبهون من مضى ؟ قال : صاحب موسى وذو القرنين ، كانا عالمين ولم يكونا نبيين (3)
  75 ـ عن أبى حمزة الثمالى عن ابى جعفر عليه السلام قال : ان الله لم يبعث انبياء ملوكا في الارض الا اربعة بعد نوح ، اولهم ذوالقرنين واسمه عياش ، وداود وسليمان ، ويوسف ، فاما عياش فملك ما بن المشرق والمغرب ، واما داود فملك ما بين الشامات إلى بلاد اصطخر ، وكذلك كان ملك سليمان ، فاما يوسف فملك مصر وبراريها لم يجاوزها إلى غيرها (4)
  76 ـ عن ابن الورقاء قال : سألت امير المؤمنين عليه السلام عن ذى القرنين ما كان قرناه ؟ فقال : لعلك تحسب كان قرنيه ذهبا او فضة ، وكان نبيا بعثه إلى اناس فدعاهم إلى الله والى الخير ، فقام رجل منهم فضرب قرنه الايسر فمات ، ثم بعثه فأحياه وبعثه إلى الناس فقام رجل فضرب قرنه الايمن فمات فسماه الله ذا القرنين (5)
  77 ـ عن ابن هشام عن أبيه عمن حدثه عن بعض آل محمد صلى الله عليه وآله قال : ان ذو القرنين كان رجلا صالحا طويت له الاسباب ومكن له في البلاد ، وكان قد وصف له عين الحيوة

--------------------
(1 ـ 5) البرهان ج 2 : 482 ، البحار ج 5 : 161 ـ 164 ـ 165 ، الصافى ج 2 : 27 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 341 _
  ـ تفسير العياشى مجلد : 2 من ص 341 سطر 1 الى ص 350 سطر 24
  وقيل له : من يشرب منها شربة لم يمت حتى يسمع الصوت ، وانه خرج في طلبها حتى أتى موضعها ، وكان في ذلك الموضع ثلثمائة وستين ( ستون ظ ) عينا ، وكان خضر على مقدمته وكان من اشد (1) اصحابه عنده ، فدعاه فأعطاه وأعطا قوما من اصحابه كل رجل منهم حوتا مملحا ، فقال : انطلقوا إلى هذه الموضع فليغسل كل رجل منكم حوته عند عين ولا يغسل معه احد ، فانطلقوا فلزم كل رجل منهم عينا فغسل فيها حوته ، وان الخضر انتهى إلى عين من تلك العيون فلما غمس الحوت و وجد الحوت ريح الماء حيى فانساب في الماء (2)
  فلما راى ذلك الخضر رمى بثيابه وسقط وجعل يرتمس في الماء ويشرب و يجتهد أن يصيبه ولا يصيبه فلما رأى ذلك رجع فرجع إلى اصحابه وأمره ذو القرنين بقبض السمك ، فقال : انظروا فقد تخلفت سمكة ، فقالوا : الخضر صاحبها ، قال فدعاه فقال : ما خلف سمكتك ؟ قال : فاخبره الخبر ( الخضر ج ل ) فقال له : فصنعت ماذا ؟ قال : سقطت عليها فجعلت أغوص فاطلبها فلم اجدها ، فقال : فشربت من الماء ؟ قال : نعم قال : فطلب ذو القرنين العين فلم يجدها ، فقال للخضر أنت صاحبها (3) .
  78 ـ عن حارث بن حبيب قال : أتى رجل عليا فقال له : يا امير المؤمنين أخبرنى عن ذى القرنين فقال له : سخر له سحاب وقربت له الاسباب ، وبسط له في النور ، فقال له الرجل : كيف بسط له في النور ؟ فقال على عليه السلام : كان يبصره بالليل كما يبصر بالنهار ، ثم قال على عليه السلام للرجل : أزيدك فيه ؟ فسكت (4) .
  79 ـ عن الاصبغ بن نباته عن أمير المؤمنين عليه السلام انه قال : سئل عن ذى القرنين قال : كان عبدا صالحا واسمه عياش واختاره الله وابتعثه إلى قرن من القرون الاولى في ناحية المغرب ، وذلك بعد طوفان نوح ، فضربوه على قرن رأسه الايمن فمات منها ، ثم احياه الله بعد مأة عام ، ثم بعثه إلى قرن من القرون الاولى في ناحية المشرق فكذبوه

--------------------
(1) في نسخة ( افضل ) وفى اخرى ( آثر ) مكان ( اشد ) .
(2) اى دخل فيه .
(3 ـ 4) البرهان ج 2 : 483 ، البحار ج 5 : 165 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 342 _
  فضربوه ضربة على قرنه الايسر فمات منها ، ثم أحياه الله بعد مأة عام وعوضه الله من الضربتين اللتين على رأسه قرنين في موضع الضربتين أجوفين وجعل عز ملكه وآية نبوته في قرنه .
  ثم رفعه الله إلى السماء الدنيا فكشط له عن الارض (1) كلها جبالها وسهولها وفجاجها حتى أبصر ما بين المشرق والمغرب ، وآتاه الله من كل شئ علما يعرف به الحق والباطل ، وأيده في قرنيه بكسف من السماء ، فيه ظلمات ورعد وبرق ، ثم أهبط إلى الارض وأوحى الله اليه : ان سر في ناحية غرب الارض وشرقها فقد طويت لك البلاد ، وذللت لك العباد ، فأرهبتهم منك ، فسار ذو القرنين إلى ناحية المغرب فكان اذا مر بقرية زأر فيها (2) كما يزأر الاسد المغضب ، فينبعث من قرنيه ظلمات ورعد وبرق وصواعق ، ويهلك من ناواه وخالفه ، فلم يبلغ مغرب الشمس حتى دان له أهل المشرق والمغرب ، قال : وذلك قول الله ( إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً ) فسار ( حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ) إلى قوله ( أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ) في الدنيا بعذاب الدنيا ( ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ ) في مرجعه ( فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُكْراً ) إلى قوله : ( وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً * ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً ) ذو القرنين من الشمس سببا .
  ثم قال أمير المؤمنين : ان ذا القرنين لما انتهى مع الشمس إلى العين الحامية وجد الشمس تغرب فيها ومعها سبعون الف ملك يجرونها بسلاسل الحديد ، والكلاليب يجرونها من قعر البحر في قطر الارض الايمن ، كما تجرى السفينة على ظهر الماء ، فلما انتهى معها إلى مطلع الشمس سببا ( وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ ) إلى قوله ( بما لديه خبرا ) فقال أمير المؤمنين عليه السلام : ان ذا القرنين ورد على قوم قد أحرقتهم الشمس وغيرت أجسادهم وألوانهم حتى صيرتهم كالظلمة ( ثم اتبع ) ذو القرنين ( سببا ) في ناحية الظلمة ، ( حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ

--------------------
(1) كشط عن الشئ : كشفه عنه .
(2) زأر الاسد : صات من صدره .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 343 _
  من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا قولوا يا ذا القرنين ان يأجوج ومأجوج خلف هذين الجبلين وهم يفسدون في الارض ، اذا كان أبان زروعنا وثمارنا خرجوا علينا من هذين السدين ، فرعوا من ثمارنا وزروعنا حتى لا يبقون منها شيئا ، ( فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً ) نؤديه اليك في كل عام ( عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً ) إلى قوله : ( زبر الحديد ) قال : فاحتفر له جبل حديد فقلعوا له امثال اللبن ، فطرح بعضه على بعض فيما بين الصدفين ، وكان ذو القرنين هو أول من بنى ردما على الارض ، ثم جمع عليه الحطب وألهب فيه النار ، ووضع عليه المنافيخ فنفخوا عليه ، فلما ذاب قال : آتونى بقسر وهو المس الاحمر .
  قال : فاحتفروا له جبلا من مس فطرحوه على الحديد فذاب معه واختلط به ، قال : ( فَمَا اسْتَطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً ) يعنى يأجوج ومأجوج ، ( قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً ) إلى ها هنا رواية على بن الحسن ( الحسين خ ) ورواية محمد بن نصير .
  وزاد جبرئيل بن أحمد في حديثه بأسانيد عن الاصبغ بن نباته عن على بن ابيطالب صلى الله عليه وآله ( وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ ) يعنى يوم القيمة ، وكان ذو القرنين عبدا صالحا وكان من الله بمكان نصح الله فنصح له ، وأحب الله فأحبه ، وكان قد سبب له في البلاد ومكن له فيها حتى ملك ما بين المشرق والمغرب وكان له خليلا من الملئكة يقال له رفائيل (1) ينزل اليه فيحدثه ويناجيه ، فبينا هو ذات يوم عنده اذ قال له ذو القرنين : يا رفائيل كيف عبادة اهل السماء وأين هى من عبادة أهل الارض ؟ قال رفائيل : يا ذا القرنين وما عبادة أهل الارض ؟ (2) فقال : اما عبادة أهل السماء ما في السموات موضع قدم الا وعليه ملك قائم لا يقعد أبدا أو راكع لا يسجد أبدا او ساجد لا يرفع رأسه أبدا ، فبكى ذو القرنين بكاءا شديدا وقال : يا رفائيل انى احب ان أعيش حتى أبلغ من عبادة ربي وحق طاعته بما هو أهله ، قال رفائيل : ياذا القرنين

--------------------
(1) وفى نسخة ( رفات ئيل ) وكذا في الموضع الاتية وفى البحار ( روفائيل ) و في المنقول عن العرائس ( روفائيل ) .
(2) وفى المحكى عن العرائس ( يا ذا القرنين وما عبادتكم عند عبادتنا اه ) .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 344 _
  ان لله في الارض عينا تدعى عين الحيوة ، فيها عزيمة من الله انه من يشرب منها لم يمت حتى يكون هو الذى يسئل الله الموت ، فان ظفرت بها تعيش ما شئت ، قال : و اين تلك العين وهل تعرفها ؟ قال : لا ، غير انا نتحدث في السماء ان لله في الارض ظلمة لم يطأها انس ولا جان (1) ، فقال ذو القرنين : وأين تلك الظلمة ؟ قال رفائيل : ما أدرى ، ثم صعد رفائيل .
  فدخل ذو القرنين حزن طويل من قول رفائيل ومما أخبره عن العين والظلمة ولم يخبره بعلم ينتفع به منهما ، فجمع ذو القرنين فقهاء اهل مملكته وعلمائهم و أهل دراسة الكتب وآثار النبوة ، فلما اجتمعوا عنده قال ذو القرنين : يا معشر الفقهاء وأهل الكتب وآثار النبوة هل وجدتم فيما قرأتم من كتب الله أو في كتب من كان قبلكم من الملوك ان لله عينا تدعى عين الحيوة ؟ فيها من الله عزيمة انه من يشرب منها لم يمت حتى يكون هو الذى يسئل الله الموت ؟ قالوا : لا يا أيها الملك قال : فهل وجدتم فيما قرأتم من الكتب ان لله في الارض ظلمة لم يطأها انس ولا جان ؟ قالوا : لا يا ايها الملك فحزن عليه ذو القرنين حزنا شديدا وبكى ، اذ لم يخبر عن العين والظلمة بما يحب .
  وكان فيمن حضره غلام من الغلمان من أولاد الاوصياء أوصياء الانبياء وكان ساكتا لا يتكلم حتى اذا آيس ذو القرنين منهم قال له الغلام : ايها الملك انك تسئل هؤلاء عن امر ليس لهم به علم ، وعلم ما تريد عندى ، ففرح ذو القرنين فرحا شديدا حتى نزل عن فراشه ، وقال له : ادن منى ، فدنا منه فقال : اخبرنى فقال : نعم ايها الملك انى وجدت في كتاب آدم الذى كتب يوم سمى له ما في الارض من عين أو شجر ، فوجدت فيه ان لله عينا تدعى عين الحيوة ، فيها من الله عزيمة انه من يشرب منها لم يمت حتى يكون هو الذى يسئل الله الموت بظلمة لم يطأها انس ولا جان ، ففرح ذو القرنين وقال : ادن منى يا ايها الغلام تدرى أين موضعها ؟ قال : نعم ، وجدت

--------------------
(1) وفى المحكى عن العرائس زيادة وهى : ( فنحن نظن ان تلك العين في تلك الظلمة ) .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 345 _

  في كتاب آدم انها على قرن الشمس يعنى مطلعها .
  ففرح ذو القرنين وبعث إلى أهل مملكته فجمع اشرافهم وفقهائهم وعلمائهم واهل الحكم منهم ، فاجتمع اليه ألف حكيم وعالم وفقيه ، فلما اجتمعوا اليه تهيأ للمسير وتأهب له بأعد العدة ، واقوى القوة ، فسار بهم يريد مطلع الشمس يخوض البحار (1) ويقطع الجبال والفيا في (2) والارضين والمفاوز ، فسار اثنا عشر سنة حتى انتهى إلى طرف الظلمة ، فاذا هى ليست بظلمة ليل ولا دخان ولكنها هواء يفور فسد ما بين الافقين ، فنزل بطرفها وعسكر عليها وجمع علماء اهل عسكره وفقهائهم وأهل الفضل منهم فقال : يا معشر الفقهاء والعلماء انى اريد ان اسلك هذه الظلمة فخروا له سجدا فقالوا : ايها الملك انك لتطلب أمرا ما طلبه ولا سلكه أحد من كان قبلك من النبيين والمرسلين ، ولا من الملوك ، قال : انه لابد لى من طلبها ، قالوا : يا ايها الملك انا لنعلم انك اذا سلكتها ظفرت بحاجتك منها بغير عنت عليك لامرنا ولكنا نخاف ان يعلق بك (3) منها أمر يكون فيه هلاك ملكك وزوال سلطانك ، و فساد من في الارض ، فقال : لابد من ان اسلكها فخروا سجدا لله وقالوا : انا نتبرء اليك مما يريد ذو القرنين .
  فقال ذو القرنين : يا معشر العلماء أخبرونى بأبصر الدواب ؟ قالوا : الخيل الاناث البكارة ابصر الدواب ، فانتخب من عسكره فأصاب ستة آلاف فرس اناثا أبكارا وانتخب من اهل العلم والفضل والحكمة ستة آلاف رجل ، فدفع إلى كل رجل فرسا وعقد (4) لافسحر ـ وهو الخضر ـ على ألف فرس ، فجعلهم على مقدمته وأمرهم ان يدخلوا الظلمة وسار ذو القرنين في أربعة آلاف ، وامر أهل عسكره ان يلزموا معسكره اثنا عشر سنة ، فان رجع هو اليهم إلى ذلك الوقت والا تفرقوا في البلاد ، ولحقوا

--------------------
(1) خاض الماء : دخله .
(2) الفيا في كصحارى لفظا ومعنى .
(3) وفى نسخة ( يتفق عليك ) .
(4) وفى نسخة ( يتفق عليك ) ( وولى ) .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 346 _

  ببلادهم أو حيث شاؤا .
  فقال الخضر : أيها الملك انا نسلك في الظلمة لا يرى بعضنا بعضا كيف نصنع بالضلال اذا أصابنا فأعطاه ذو القرنين خرزة حمرا (1) كأنها مشعلة لها ضوء فقال خذ هذه الخرزة فاذا أصابكم الضلال فارم بها إلى الارض ، فانها تصيح ، فاذا صاحت رجع اهل الضلال إلى صوتها ، فأخذها الخضر ومضى في الظلمة وكان الخضر يرتحل وينزل ذو القرنين فبينا الخضر يسير ذات يوم اذ عرض له واد في الظلمة ، فقال لاصحابه : قفوا في هذا الموضع لا يتحركن أحد منكم عن موضعه ، ونزل عن فرسه فتناول الخرزة فرمى بها في الوادى فأبطأت عنه بالاجابة حتى ساء ظنه وخاف ان لا يجيبه ثم أجابته ، فخرج إلى صوتها فاذا هى على جانب العين ـ يقفوها ـ واذا ماؤها أشد بياضا من اللبن واصفى من الياقوت ، وأحلى من العسل ، فشرب منه ثم خلع ثيابه فاغتسل منها ، ثم لبس ثيابه ثم رمى بالخرزة نحو أصحابه فأجابته ، فخرج إلى اصحابه وركب وامرهم بالمسير فساروا .
  ومر ذو القرنين بعده فاخطأوا الوادى فسلكوا تلك الظلمة أربعين يوما و اربعين ليلة ثم خرجوا بضوء ليس بضوء نهار ولا شمس ولا قمر ولكنه نور فخرجوا إلى الارض حمراء ورملة خشخاشة فركة (2) كان حصاها اللؤلؤ ، فاذا هو بقصر مبنى على طول فرسخ فجاء ذو القرنين إلى الباب فعسكر عليه ثم توجه بوجهه وحده الي القصر فاذا طائر واذا حديدة طويلة قد وضع طرفاها على جانبى القصر ، والطير الاسود معلق بأنفه في تلك الحديدة بين السماء والارض مزموم كأنه الخطاف او صورة الخطاف

--------------------
(1) الخرزة : ـ واحدة الخرز محركة ـ الحب المثقوب من الزجاج ونحوه تنظم منه المسابح والقلائد ونحوها ، فصوص من حجارة كالماس والياقوت .
(2) قال الفيروز آبادى : الخشخشة : صوت السلاح ، وكل شئ يابس اذا حل بعضه ببعض والدخول في الشئ ، وقوله عليه السلام : ( فركة ) اى كانت لينة بحيث كان يمكن فركها باليد ( بحار الانوار ) .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 347 _

  او شبيه بالخطاف او هو خطاف ، فلما سمع خشخشة ذى القرنين ، قال : من هذا ؟ قال أنا ذو القرنين ، فقال الطائر : يا ذا القرنين اما كفاك ما ورائك حتى وصلت إلى حد بابى هذا ؟ ففرق ذو القرنين فرقا شديدا (1) فقال : يا ذا القرنين لا تخف وأخبرنى ، قال : سل ، قال : هل كثر بنيان الآجر والجص في الارض ؟ قال : نعم ، قال : فانتفض الطير وامتلا حتى ملا من الحديدة ثلثها ، ففرق ذو القرنين فقال : لا تخف ، فأخبرنى قال : سل ، قال : هل كثر المعازف ؟ (2) قال : نعم ، قال فانتفض الطير وامتلاء حتى امتلاء من الحديدة ثلثيها ، ففرق ذو القرنين فقال : لا تخف و أخبرنى ، قال : سل قال : هل ارتكب الناس شهادة الزور في الارض ؟ قال : نعم ، فانتفض انتفاضة وانتفخ ، فسد ما بين جدارى القصر قال : فامتلاء ذو القرنين عند ذلك فرقا منه ، فقال له : لا تخف وأخبرنى قال : سل قال : هل ترك الناس شهادة ان لا اله الا الله ؟ قال : لا ، فانضم ثلثه ثم قال : يا ذا الققرنين لا تخف وأخبرنى ، قال : سل ، قال : هل ترك الناس الصلوة المفروضة ؟ قال : لا ، قال : فانضم ثلث آخر ، ثم قال : يا ذو القرنين لا تخف وأخبرنى ، قال : سل ، قال : هل ترك الناس الغسل من الجنابة ؟ قال : لا ، قال : فانضم حتى عاد إلى الحالة الاولى .
  واذا هو بدرجة مدرجة إلى اعلى القصر فقال الطير : يا ذا القرنين اسلك هذه الدرجة ، فسلكها وهو خائف لا يدرى ما يهجم عليه حتى استوى على ظهرها ، فاذا هو بسطح ممدود مد البصر واذا رجل شاب أبيض مضئ الوجه ، عليه ثياب بيض حتى كانه رجل او في صورة رجل او شبيه بالرجل أو هو رجل ، واذا هو رافع رأسه إلى السماء ينظر اليها ، واضع يده على فيه ، فلما سمع خشخشة ذى القرنين قال : من هذا ؟ قال : انا ذو القرنين قال : يا ذا القرنين ما كفاك ما وراك حتى وصلت إلى ؟ قال ذو القرنين : مالى أراك واضعا يدك على فيك ؟ قال : يا ذا القرنين أنا صاحب الصور ، وان الساعة قد اقتربت ، وانا أنتظر ان اؤمر بالنفخ فأنفخ ، ثم ضرب بيده

--------------------
(1) فرق ـ كعلم ـ : فزع .
(2) المعازف : الملاهى كالعود والطنبور .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 348 _

  فتناول حجرا فرمى به إلى ذى القرنين ، كأنه حجر أو شبه حجر او هو حجر ، فقال يا ذا القرنين خذها فان جاع جعت ، وان شبع شبعت فارجع ، فرجع ذو القرنين بذلك الحجر حتى خرج به إلى أصحابه ، فأخبرهم بالطير وما سأله عنه وما قال له ، وما كان من أمره واخبرهم بصاحب السطح وما قال له وما أعطاه .
  ثم قال لهم : انه اعطانى هذا الحجر وقال لي ان جاع جعت ، وان شبع شبعت ، وقال : أخبرونى بأمر هذا الحجر ، فوضع الحجر في احدى الكفتين ووضع حجرا مثله في الكفة الاخرى ، ثم رفعوا الميزان فاذا الحجر الذى جاء به أرجح بمثل الآخر ، فوضعوا آخر فمال به حتى وضعوا ألف حجر كلها مثله ، ثم رفعوا الميزان فمال بها ولم يستمل به الالف حجر ، وقالوا : يا ايها الملك لا علم لنا بهذا ، فقال له الخضر : ايها الملك انك تسئل هؤلاء عما لا علم لهم به ، وقد اوتيت علم هذا الحجر فقال ذو القرنين : فأخبرنا به وبينه لنا فتناول الخضر الميزان فوضع الحجر الذى جاء به ذو القرنين في كفة الميزان ، ثم وضع حجرا آخر في كفة أخرى ثم وضع كفة تراب (1) على حجر ذى القرنين يزيده ثقلا ، ثم رفع الميزان فاعتدل وعجبوا وخروا سجدا لله ، وقالوا : ايها الملك هذا أمر لم يبلغه علمنا ، وانا لنعلم ان الخضر ليس بساحر فكيف هذا ؟ وقد وضعنا معه ألف حجر كلها مثله فمال بها ، وهذا قد اعتدل به وزاده ترابا قال ذو القرنين : بين يا خضر لنا أمر هذا الحجر .
  قال الخضر : ايها الملك ان أمر الله نافذ في عباده ، وسلطانه قاهر ، وحكمه فاصل ، وان الله ابتلى عباده بعضهم ببعض ، وابتلى العالم بالعالم ، والجاهل بالجاهل ، والعالم بالجاهل ، والجاهل بالعالم ، وانه ابتلانى بك وابتلاك بى ، فقال ذو القرنين : يرحمك الله يا خضر انما تقول ابتلانى بك حين جعلت أعلم منى ، وجعلت تحت يدى ، أخبرنى يرحمك الله عن أمر هذا الحجر ، فقال الخضر : ايها الملك ان هذا الحجر مثل ضربه لك صاحب الصور ، يقول : ان مثل بنى آدم مثل هذا الحجر الذى وضع ووضع معه ألف حجر فمال بها ، ثم اذا وضع عليه التراب شبع

--------------------
(1) في نسخة ( كفا من تراب ) .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 349 _

  وعاد حجرا مثله ، فيقول : كذلك مثلك ، أعطاك الله من الملك ما أعطاك فلم ترض به حتى طلبت أمرا لم يطلبه احد كان قبلك ، ودخلت مدخلا لم يدخله انس ولا جان ، يقول : كذلك ابن آدم لا يشبع حتى يحثى عليه التراب (1) قال : فبكى ذو القرنين بكاءا شديدا وقال : صدقت يا خضر يضرب لى هذا المثل ، لا جرم انى لا أطلب اثرا في البلاد بعد مسلكى هذا ثم انصرف راجعا في الظلمة ، فبينا هم يسيرون اذا سمعوا خشخشة تحت سنابك خيلهم (2) فقالوا : ايها الملك ما هذا ؟ فقال : خذوا منه ، فمن أخذ منه ندم ومن تركه ندم ، فأخذ بعض وترك بعض ، فلما خرجوا من الظلمة اذا هم بالزبرجد ، فندم الآخذ والتارك ، ورجع ذو القرنين إلى دومة الجندل (3) وكان بها منزله ، فلم يزل بها حتى قبضه الله اليه .
  قال : وكان صلى الله عليه وآله اذا حدث بهذا الحديث قال : رحم الله أخى ذو القرنين ما كان مخطئا اذا سلك ما سلك ، وطلب ما طلب ، ولو ظفر بواد الزبرجد في مذهبه لما ترك فيه شيئا الا أخرجه للناس ، لانه كان راغبا ولكنه ظفر به بعد ما رجع ، فقد زهد (4)
  80 ـ جبرئيل بن احمد عن موسى بن جعفر رفعه إلى أبى عبدالله عليه السلام قال : ان ذا القرنين عمل صندوقا من قوارير ، ثم حمل في مسيره ماشاء الله ، ثم ركب البحر فلما انتهى إلى موضع منه قال لاصحابه : دلونى فاذا حركت الحبل فأخرجونى فان لم احرك الحبل فأرسلونى إلى آخره ، فأرسلوه في البحر وارسلوا الحبل مسيرة اربعين يوما ، فاذا ضارب يضرب جنب الصندوق ، ويقول : يا ذا القرنين أين تريد ؟ قال : اريد

--------------------
(1) حثى عليه التراب : رماه وصبه .
(2) السنابك جمع السنبك ـ بالضم ـ طرف الحافر .
(3) موضع على سبع مراحل من دمشق بينها وبين مدينة الرسول صلى الله عليه وآله ، يقرب من تبوك ، وهى احد حدود فدك ، قيل سميت بدوم بن اسماعيل وسميت دومة الجندل لان حصنها مبنى بالجندل .
(4) البرهان ج 2 : 483 ـ 486 ، البحار ج 5 : 165 ـ 168 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 350 _

  ان انظر إلى ملك ربى في البحر كما رأيته في البر ، فقال : يا ذا القرنين ان هذا الموضع الذى انت فيه مر فيه نوح زمان الطوفان فسقط منه قدوم (1) فهو يهوى في قعر البحر إلى الساعة لم يبلغ قعره ، فلما سمع ذو القرنين ذلك حرك الحبل وخرج (2) .
  81 ـ عن ابى حمزة الثمالى عن أبى جعفر عليه السلام قال : كان اسم ذو القرنين عياش ، وكان أول الملوك من الانبياء ، وكان بعد نوح ، وكان ذو القرنين قد ملك ما بين المشرق والمغرب (3) .
  82 ـ عن جميل بن دراج عن أبى عبدالله عليه السلام قال : سألته عن الزلزلة فقال : اخبرنى أبى عن ابيه عن آبائه قال : قال رسول الله عليه وآله السلام : ان ذا القرنين لما انتهى إلى السد جاوزه فدخل الظلمة ، فاذا هو بملك طوله خمس مأة ذراع ، فقال له الملك : يا ذا القرنين اما كان خلفك مسلك ؟ فقال له ذو القرنين : ومن أنت ؟ قال : أنا ملك من ملئكة الرحمن موكل بهذا الجبل ، وليس من جبل خلقه الله الا وله عرق إلى هذا الجبل ، فاذا أراد الله ان يزلزل مدينة اوحى إلى ربى فزلزلتها (4) .
  83 ـ عن جابر عن أبى جعفر عليه السلام قال : قال امير المؤمنين صلوات الله عليه تغرب الشمس في عين حامية في بحر دون المدينة التى تلى مما يلى المغرب يعنى جابلقاء (5)
  84 ـ عن أبى بصير عن ابى جعفر في قول الله ( لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْراً * كَذَلِكَ ) قال : لم يعلموا صنعة البيوت (6) .

--------------------
(1) القدوم : آلة للنحت والنجر .
(2) البرهان ج 2 : 486 ، البحار ج 5 : 168 .
(3) البرهان ج 2 : 486 ، وقد مر الحديث تحت رقم 75 ايضا مع الزيادة فراجع (4) البرهان ج 2 : 486 ، البحار ج 5 : 161 .
(5 ـ 6) البرهان ج 2 : 486 ، البحار ج 5 : 168 ، الصافى ج 2 : 28 ـ 29 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 351 _

  ـ تفسير العياشى مجلد : 2 من ص 351 سطر 1 الى ص 354 سطر 8
  85 ـ عن جابر عن أبى عبدالله عليه السلام (1) قال : ( أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً ) قال : التقية (2) ( فَمَا اسْتَطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً ) قال : هو التقية (3) .
  86 ـ عن المفضل (4) قال : سألت الصادق عليه السلام عن قوله ( أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً ) قال : التقية ( فَمَا اسْتَطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً ) اذا عمل بالتقية لم يقدروا في ذلك على حيلة ، وهو الحصن الحصين وصار بينك وبين أعداء الله سدا لا يستطيعون له نقبا ، قال : وسألته عن قوله : ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ ) قال : رفع التقية عند الكشف (5) فينتقم من أعداء الله (6) .
  87 ـ عن الاصبغ بن نباته عن امير المؤمنين عليه السلام قال : ( وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ ) يعنى يوم القيمة (7) .
  88 ـ عن محمد بن حكيم ( الحكم خ ل ) قال : كتبت رقعة إلى أبى عبدالله عليه السلام فيها أتستطيع النفس المعرفة ؟ قال : فقال : لا فقلت : يقول الله : ( الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ

--------------------
(1) وفى البرهان ( عن أبى جعفر عليه السلام )
(2) هذا هو الظاهر الموافق لنسخة البرهان لكن في الاصل هكذا ( اجعل بيننا و بينهم سدا فما اسطاعوا اه ) .
(3) البرهان ج 2 : 486 ، البحار ج 5 : 168 .
(4) وفى نسخة ( الفضيل ) بدل ( المفضل ) .
(5) وفى البحار ( رفع التقية عند قيام القائم عليه السلام اه ) .
(6) البرهان ج 2 : 486 ، البحار ج 5 : 168 وقال المجلسى رحمه الله كان هذا كلام على سبيل التمثيل والتشبيه ، اى جعل الله التقية لكم سدا لرفع ضرر المخالفين عنكم إلى قيام القائم عليه السلام ورفع التقية ، كما ان ذا القرنين وضع السد لرفع فتنة يأجوج ومأجوج إلى أن يأذن الله لرفعها .
(7) البرهان ج 2 : 487 ، الصافى ج 2 : 32 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 352 _

  فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً ) قال : هو كقوله ( مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ ) قلت : يعاتبهم ؟ قال : لم يعتبهم بما صنع ، قلوبهم ولكن يعاتبهم بما صنعوا ، ولو لم يتكلفوا لم يكن عليهم شئ (1) .
  89 ـ عن امام بن ربعى قال : قام ابن الكوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال اخبرنى عن قول الله : ( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ) قال : اولئك اهل الكتاب كفروا بربهم وابتدعوا في دينهم فحبط اعمالهم وما اهل النهر منهم ببعيد (2)
  90 ـ عن ابى الطفيل قال : منهم اهل النهر .
  وفى رواية ابى الطفيل : اولئك هم اهل حرورا (3) .
  91 ـ عن عكرمة عن ابى عباس قال : ما في القرآن آية ( الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) الا وعلى اميرها وشريفها ، وما من اصحاب محمد رجل الا وقد عاتبه الله ، وما ذكر عليا الا بخير ، قال عكرمة : انى لاعلم لعلى منقبة لو حدثت بها لبعدت اقطار السموات والارض (4) .
  92 ـ عن العلا بن الفضيل عن ابى عبدالله عليه السلام قال : سألته عن تفسير هذه الآية ( فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ) قال من صلى او صام او اعتق او حج يريد محمدة الناس ، فقد اشترك في عمله وهو مشرك مغفور (5) .
  93 ـ عن جراح (6) عن ابى عبدالله عليه السلام ـ قال من كان يرجوا لى عبادة ربه احدا ـ انه ليس من رجل يعمل شيئا من البر لا يطلب به وجه الله انما يطلب به تزكية

--------------------
(1) البرهان ج 2 : 494 ، البحار ج 3 : 85 ، الصافى ج 2 : 32 .
(2 ـ 3) البرهان ج 2 : 495 ، الصافى ج 2 : 33 .
(4) البرهان ج 2 : 495 .
(5) البرهان ج 2 : 495 ، البحار ج 15 ( ج 3 ) : 54 ، الصافى جمع 2 : 35 وقال الفيض رحمه الله يعنى انه ليس من الشرك الذى قال الله تعالى : ان الله لا يغفر ان يشرك به وذلك لان المراد بذلك الشرك الجلى ، وهذا هو الشرك الخفى .
(6) وفى نسخة البحار ( حزام ) .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 353 _

  الناس يشتهى ان يسمع به الناس ، فذاك الذى اشرك بعبادة ربه (1)
  94 ـ عن على بن سالم عن ابى عبدالله قال : قال الله تبارك وتعالى : أنا خير شريك ، من اشرك بى في عمله لن اقبله الا ما كان لى خالصا (2) .
  95 ـ وفى رواية اخرى عنه قال : ان الله يقول انا خير شريك ، من عمل لى ولغيرى فهو لمن عمل له دونى (3) .
  96 ـ عن زرارة وحمران عن ابى جعفر وابى عبدالله عليهما السلام قالا : لو ان عبدا عمل عملا يطلب به رحمة الله (4) والدار الآخرة ثم أدخل فيه رضا احد من الناس كان مشركا (5)
  97 ـ عن سماعة بن مهران قال : سألت ابا عبدالله عليه السلام عن قول الله : ( فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ) قال : العمل الصالح المعرفة بالائمة ، ( وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ) التسليم لعلى لا يشرك معه في الخلافة من ليس ذلك له ولا هو من أهله (6) .

--------------------
(1 ـ 3) البحار ج 15 ( ج 3 ) : 54 ، البرهان ج 2 : 496 ـ 497 ، الصافى ج 2 : 36 .
(4) وفى نسخة ( وجه الله ) .
(5 ـ 6) البرهان ج 2 : 497 ، البحار ج 15 ( ج 3 ) : 54 و 95 و 102 ، الصافى ج 2 : 36 .