لانفعنك ثم قال : اما ان هذا في كتاب الله ، قلت : جعلت فداك أين في كتاب الله ؟ قال : في يونس : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ ) إلى قوله : ( العظيم ) (1)
  34 ـ عن أبى حمزة الثمالى قال : قلت لابى جعفر عليه السلام : ما يصنع بأحد عند الموت قال : اما والله يا با حمزة ما بين أحدكم وبين أن يرى مكانه من الله ومكانه منا يقر به عينه الا ان يبلغ نفسه ها هنا ، ثم اهوى بيده إلى نحره ، الا ابشرك يابا حمزة فقلت : بلى جعلت فداك ، فقال : اذا كان ذلك أتاه رسول الله صلى الله عليه واله وعلى عليه السلام معه ، قعد عند رأسه فقال له اذا كان ذلك رسول الله صلى الله عليه واله : أما تعرفنى ؟ أنا رسول الله هلم الينا فما امامك خير لك مما خلفت ، اما ما كنت تخاف فقد أمنته ، واما ما كنت ترجو فقد هجمت عليه ، أيتها الروح أخرجى إلى روح الله ورضوانه ، ويقول له على عليه السلام مثل قول رسول الله صلى الله عليه واله ثم قال : يا با حمزة الا أخبرك بذلك من كتاب الله ؟ قوله : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ) الآية (2) .
  35 ـ عن زرارة وحمران عن أبى جعفر وأبى عبدالله عليهما السلام قالا : ان الله خلق الخلق وهى أظلة فأرسل رسوله محمد صلى الله عليه واله ، فمنهم من آمن به ومنهم من كذبه ، ثم بعثه في الخلق الآخر فآمن به من كان آمن في الاظلة وجحده من جحد به يومئذ ، فقال : ( مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ ) (3)
  36 ـ عن أبى بصير عن أبى عبدالله عليه السلام في قوله : ( ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم ) إلى ( بما كذبوا به من قبل ) قال : بعث الله الرسل إلى الخلق وهم في أصلاب الرجال وأرحام النساء فمن صدق حينئذ صدق بعد ذلك ، ومن كذب حينئذ كذب بعد ذلك (4) .
  37 ـ عن عبدالله بن محمد الجعفى عن ابى عبدالله عليه السلام قال : ان الله خلق

--------------------
(1) البحار ج 3 : 143 ، البرهان ج 2 : 190 ، الصافى ج 1 : 760 .
(2) البحار ج 3 : 141 ، البرهان ج 2 : 191
(3 ـ 4) البحار ج 3 : 71 ، البرهان ج 2 : 192

تفسير العياشي (الجزء الثاني)_ 127 _

  الخلق فخلق من أحب مما احب وكان ما احب ان يخلقه من طينة من الجنة ، وخلق من ابغض مما ابغض وكان ما ابغض ان خلقه من طينة النار ، ثم بعثهم في الظلال ، فقلت : واى شئ الظلال ؟ فقال : اما ترى ظلك في الشمس شئ وليس بشئ ، ثم بعث فيهم النبيين يدعونهم إلى الاقرار بالله فأقر بعضهم وانكر بعض ، ثم دعوهم إلى ولايتنا فأقروا لله بها من احب الله وأنكرها من ابغض ، وهو قوله : ( فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ ) ثم قال ابوجعفر : كان التكذيب ـ من قبل ـ ثم (1)
  38 ـ عن زرارة وحمران ومحمد بن سلم عن ابى جعفر وابى عبدالله عليهما السلام عن قوله : ( رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) قال : لا تسلطهم علينا فتفتنهم بنا (2)
  39 ـ عن ابى رافع قال : ان رسول الله صلى الله عليه واله خطب الناس فقال : ايها الناس ان الله امر موسى وهرون ان يبيتا لقومهما بمصر بيوتا وامرهما ان لا يبيت في مسجدهما جنب ولا يقرب فيه النساء الا هارون وذريته ، وان على منى بمنزلة هارون وذريته من موسى فلا يحل لاحد ان يقرب النساء في مسجدى ولا يبيت فيه جنبا الا على وذريته فمن سائه ذلك فهاهنا واشار بيده نحو الشام (3)
  40 ـ عن هشام بن سالم عن ابى عبدالله عليه السلام قال : كان بين قوله ( قد اجيبت دعوتكما ) وبين أن أخذ فرعون اربعين سنة (4)
  41 ـ عن ابن أبى عمير عن بعض أصحابنا يرفعه قال : لما صار موسى في البحر اتبعه فرعون وجنوده ، قال فتهيب فرس فرعون ان يدخل البحر ، فتمثل له جبرئيل على

--------------------
(1) البرهان ج 2 : 192 ، البحار ج 3 : 68 .
(2) البرهان ج 2 : 192 ، الصافى ج 1 : 761 .
(3) البرهان ج 2 : 192 ، الصافى ج 1 : 762 ، وقوله صلى الله عليه واله فمن سائه اه اى فمن سائه فهيهنا مقره اى البرهوت او الشام مثل قوله فمن سائه ففى السقر او في جهنم ( عن هامش الصافى ) .
(4) البرهان ج 2 : 195 ، البحار ج 5 : 255 ، الصافى ج 1 : 762 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 128 _

  رمكة (1) فلما رأى فرس فرعون الرمكة اتبعها فدخل البحر هو وأصحابه فغرقوا (2)
  42 ـ عن محمد بن سعيد الازدى ان موسى بن محمد بن الرضا عليه السلام أخبره ان يحيى بن اكثم كتب اليه يسئله عن مسائل اخبرنى عن قول الله تبارك وتعالى ( فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلْ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ ) من المخاطب بالاية فان كان المخاطب فيها النبى صلى الله عليه واله ليس قد شك فيما أنزل الله ، وان كان المخاطب به غيره فعلى غيره اذا أنزل الكتاب ؟ قال موسى : فسألت أخى عن ذلك قال : فاما قوله : ( فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلْ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ ) فان المخاطب بذلك رسول الله صلى الله عليه واله ولم يك في شك مما انزل الله ولكن قالت الجهلة كيف لم يبعث الينا نبيا من الملئكة انه لم يفرق ، بينه وبين نبيه في الاستغناء في المأكل والمشرب والمشى في الاسواق ، فاوحى الله إلى نبيه ( فَاسْأَلْ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ ) بمحضر الجهلة هل بعث الله رسولا . قبلك الا و هو يأكل الطعام ويشرب ويمشى في الاسواق ، ولك بهم اسوة ، وانما قال : ( فان كنت في شك ) ولم يكن ولكن ليتبعهم كما قال له عليه السلام ( فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) ولو قال : تعالوا نبتهل فنجعل لعنة الله عليكم لم يكونوا يجيئون للمباهلة ، وقد عرف ان نبيكم مؤد عنه رسالته ، وما هو من الكاذبين ، وكذلك عرف النبى عليه وآله السلام انه صادق فيما يقول ، ولكن أحب أن ينصف من نفسه (3)
  43 ـ عن عبدالصمد بن بشير عن أبى عبدالله عليه السلام في قول الله : ( فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلْ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ ) قال لما اسرى بالنبى صلى الله عليه واله ففرغ من مناجات ربه رد إلى البيت المعمور وهو بيت في السماء الرابعة بحذاء الكعبة ، فجمع الله النبيين والرسل والملئكة ، وأمر جبرئيل فاذن واقام ، فتقدم فصلى بهم فلما فرغ التفت اليه فقال : ( فَاسْأَلْ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ ) إلى قوله : ( من المهتدين ) (4) .

--------------------
(1) الرمك ـ محركة ـ : الفرس والبرذونة تتخذ للنسل .
(2) البحار ج 5 : 255 ، البرهان ج 2 : 196 ، الصافى ج 1 : 762 .
(3 ـ 4) البحار ج 6 : 214 ، البرهان ج 2 : 197 ـ 198 ، الصافى ج 1 : 766 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 129 _

  44 ـ عن أبى عبيدة الحذاء عن أبى جعفر عليه السلام قال : سمعته يقول : وجدنا في بعض كتب أمير المؤمنين عليه السلام قال : حدثنى رسول الله صلى الله عليه واله ان جبرئيل عليه السلام حدثه ان يونس بن متى عليه السلام بعثه الله إلى قومه وهو ابن ثلثين سنة ، وكان رجلا يعتريه الحدة (1) وكان قليل الصبر على قومه والمداراة لهم ، عاجزا عما حمل من ثقل حمل أوقار النبوة وأعلامها وانه تفسخ تحتها كما يتفسخ الجذع تحت حمله (2)
  وانه اقام فيهم يدعوهم إلى الايمان بالله والتصديق به وأتباعه ثلثا وثلثين سنة ، فلم يؤمن به ولم يتبعه من قومه الا رجلان ، اسم أحدهما روبيل واسم الآخر تنوخا وكان روبيل من اهل بيت العلم والنبوة والحكمة وكان قديم الصحبة ليونس بن متى من قبل أن يبعثه الله بالنبوة ، وكان تنوخا رجلا مستضعفا عابدا زاهدا منهمكا في العبادة (3) وليس له علم ولا حكم ، وكان روبيل صاحب غنم يرعاها ويتقوت منها ، وكان تنوخا رجلا حطابا يحتطب على رأسه ويأكل من كسبه ، وكان لروبيل منزلة من يونس غير منزلة تنوخا لعلم روبيل وحكمته وقديم صحبته فلما رأى يونس ان قومه لا يجيبونه ولا يؤمنون ضجر وعرف من نفسه قلة الصبر ، فشكى ذلك إلى ربه وكان فيما يشكى ان قال : يا رب انك بعثتنى إلى قومى ولى ثلثون سنة ، فلبثت فيهم أدعوهم إلى الايمان بك والتصديق برسالاتى وأخوفهم عذابك ونقمتك ثلثا وثلثين سنة ، فكذبونى ولم يؤمنوا بى ، وجحدوا نبوتى ، واستخفوا برسالاتى وقد تواعدونى وخفت أن يقتلونى فأنزل عليهم عذابك فانهم قوم لا يؤمنون ، قال : فأوحى الله إلى يونس أن فيهم الحمل والجنين والطفل والشيخ الكبير والمرأة الضعيفة والمستضعف المهين ، وأنا الحكم العدل ، سبقت رحمتى غضبى لا أعذب الصغار بذنوب الكبار من قومك ، وهم يا يونس عبادى وخلقى وبريتى في بلادى وفى عيلتى احب أن أتأناهم (4) وأرفق بهم وانتظر توبتهم ، وانما بعثتك

--------------------
(1) اى يصيبه البأس والغضب .
(2) فسخ الرجل : ضعف .
(3) انهمك في الامر : جد فيه ولج .
(4) من التأنى بمعنى الرفق والمداراة .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 130 _

  إلى قومك لتكون حيطا عليهم (1) تعطف عليهم لسخاء (2) الرحمة الماسة منهم ، وتأنأهم برأفة النبوة فاصبر معهم باحلام الرسالة ، وتكون لهم كهيئة الطبيب المداوى العالم بمداواة الدواء ، فخرقت بهم (3) ولم تستعمل قلوبهم بالرفق ولم تسسهم بسياسة المرسلين ، ثم سألتنى عن سوء نظرك العذاب لهم عند قلة الصبر منك وعبدى نوح كان أصبر منك على قومه ، وأحسن صحبة وأشد تأنيا في الصبر عندى ، وأبلغ في العذر فغضبت له حين غصب لى ، وأجبته حين دعانى ، فقال يونس : يارب انما غضبت عليهم فيك ، وانما دعوت عليهم حين عصوك فوعزتك لا أتعطف عليهم برأفة أبدا ولا أنظر اليهم بنصيحة شفيق بعد كفرهم و تكذيبهم اياى ، وجحدهم نبوتى ، فأنزل عليهم عذابك فانهم لا يؤمنون أبدا ، فقال الله : يا يونس انهم مائة ألف او يزيدون من خلقى يعمرون بلادى ويلدون عبادى ومحبتى ان أتأناهم للذى سبق من علمى فيهم وفيك ، وتقديرى وتدبيرى غير علمك وتقديرك ، وانت المرسل وأنا الرب الحكيم وعلمى فيهم يا يونس باطن في الغيب عندى لا يعلم ما منتهاه ، وعلمك فيهم ظاهر لا باطن له ، يا يونس قد أجبتك إلى ما سئلت من إنزال العذاب عليهم وما ذلك يا يونس بأوفر لحظك عندى ، ولا اجمل لشأنك ، وسيأتيهم العذاب في شوال يوم الاربعاء وسط الشهر بعد طلوع الشمس فأعلمهم ذلك ، قال فسر ذلك يونس ولم يسوئه ولم يدر ما عاقبته وانطلق يونس إلى تنوخا العابد

--------------------
(1) وفى نسخة الصافى ( حفيظا عليهم )
(2) وفى نسخة الصافى ( لسجال الرحمة ) والسجل كفلس : الدلو العظيمة اذا كان فيها ماء قل او كثر وهو مذكر ولا يقال لها فارغة سجل وقولهم سجال عطيتك من هذا المعنى .
(3) وفى نسخة الصافى ( فخرجت بهم ) وقوله فخرقت بهم اى لم تتصرف فيهم حسن التصرف ويمكن ان يكون مصحف ( حزقت ) بالزاى المعجمة من حزق الوتر : جذبه وشده .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 131 _

  ـ تفسير العياشى مجلد : 2 من ص 131 سطر 1 الى ص 140 سطر 23
  فأخبره بما أوحى الله اليه من نزول العذاب على قومه في ذلك اليوم ، وقال له : انطلق حتى اعلمهم بما أوحى الله الي من نزول العذاب ، فقال تنوخا : فدعهم في غمرتهم (1) ومعصيتهم حتى يعذبهم الله ، فقال له يونس : بل نلقى روبيل فنشاوره فانه رجل عالم حكيم من أهل بيت النبوة فانطلقا إلى روبيل فأخبره يونس بما أوحى الله اليه من نزول العذاب على قومه في شوال يوم الاربعاء في وسط الشهر بعد طلوع الشمس فقال له : ماترى انطلق بنا حتى أعلمهم ذلك ، فقال له روبيل : ارجع إلى ربك رجعة نبى حكيم ورسول كريم ، واسئله أن يصرف عنهم العذاب فانه غنى عن عذابهم و هو يحب الرفق بعباده وما ذلك بأضر لك عنده ، ولا اسوأ لمنزلتك لديه ، ولعل قومك بعد ما سمعت ورأيت من كفرهم وجحودهم يؤمنون يوما فصابرهم وتأناهم ، فقال له تنوخا : ويحك يا روبيل ـ على ـ ما أشرت على يونس وامرته به بعد كفرهم بالله وجحدهم لنبيه وتكذيبهم اياه واخراجهم اياه من مساكنه ، وما هموا به من رجمه فقال روبيل لتنوخا : اسكت فانك رجل عابد لا علم لك .
  ثم اقبل على يونس فقال : ارأيت يا يونس اذا أنزل الله العذاب على قومك انزله فيهلكهم جميعا أو يهلك بعضا ويبقى بعضا ؟ فقال له يونس : بل يهلكهم الله جميعا وكذلك سألته ما دخلتنى لهم رحمة تعطف فأرجع الله فيهم وأسئله ان يصرف عنهم فقال له روبيل : أتدرى يا يونس لعل الله اذا أنزل عليهم العذاب فأحسوا به ، ان تتوبوا اليه ويستغفروه فيرحمهم فانه أرحم الراحمين ويكشف عنهم العذاب من بعد ما أخبرتهم عن الله انه ينزل عليهم العذاب يوم الاربعاء فتكون بذلك عندهم كذابا .
  فقال له تنوخا : ويحك يا روبيل لقد قلت عظيما يخبرك النبى المرسل ان الله أوحى اليه بان العذاب ينزل عليهم فترد قول الله وتشك فيه وفى قول رسوله ؟ ! اذهب فقد حبط عملك ، فقال روبيل لتنوخا : لقد فشل رأيك (2) ثم اقبل على

--------------------
(1) اى في جهلهم وغفلتهم .
(2) فشل الرجل : ضعف وجبن وتراخى عند حرب او شدة وفى نسخة الصافى ( فسد ) بدل ( فشل ) وهو الظاهر .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 132 _

  يونس فقال : انزل الوحى والامر من الله فيهم على ما أنزل عليك فيهم من انزال العذاب عليهم ، وقوله الحق ، أرايت اذا كان ذلك فهلك قومك كلهم وخربت قريتهم أليس يمحو الله اسمك من النبوة وتبطل رسالتك وتكون كبعض ضعفاء الناس ، ويهلك على يديك مائة ألف او يزيدون من الناس ، فأبى يونس أن يقبل وصيته فانطلق ومعه تنوخا من القرية وتنحيا عنهم غير بعيد ، ورجع يونس إلى قومه فأخبرهم ان الله أوحى اليه انه منزل العذاب (1) عليكم يوم الاربعاء في شوال في وسط الشهر بعد طلوع الشمس ، فردوا عليه قوله فكذبوه واخرجوه من قريتهم اخراجا عنيفا (2)
  فخرج يونس ومعه تنوخا من القرية وتنحيا عنهم غير بعيد واقاما ينتظران العذاب ، واقام روبيل مع قومه في قريتهم حتى اذا دخل عليهم شوال صرخ روبيل (3) بأعلى صوته في رأس الجبل إلى القوم انا روبيل شفيق عليكم الرحيم بكم ـ إلى ربه قد أنكرتم عذاب الله ـ هذا شوال قد دخل عليكم وقد دخل عليكم وقد أخبركم يونس نبيكم ورسول ربكم ان الله اوحى اليه ان العذاب ينزل عليكم في شوال في وسط الشهر يوم الاربعاء بعد طلوع الشمس ، ولن يخلف الله وعده رسله ، فانظروا ما انتم صانعون فأفزعهم كلامه ووقع في قلوبهم تحقيق نزول العذاب ، فأجفلوا نحو روبيل (4) وقالوا له : ماذا أنت مشير به علينا يا روبيل ؟ فانك رجل عالم حكيم لم نزل نعرفك بالرقة ( الرأفة خ ل ) علينا والرحمة لنا ، وقد بلغنا ما اشرت به على يونس فينا : فمرنا بأمرك واشر علينا برأيك ، فقال لهم روبيل : فانى ارى لكم واشير عليكم ان تنظروا وتعمدوا اذا طلع الفجر يوم الاربعاء وسط الشهر ان تعزلوا الاطفال عن الامهات في اسفل الجبل في طريق الاودية ، وتقفوا النساء في سفح

--------------------
(1) وفى نسخة البرهان ( انى منزل اه ) وفى البحار ( انه ينزل اه ) .
(2) العنف ضد الرفق والعنيف : الشديد من القول والسير .
(3) صرخ صراخا : صاح شديدا .
(4) اى اسرعوا نحوه بالذهاب .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 133 _

  الجبل (1) ـ وكل المواشى جميعا عن أطفالها ـ ويكون هذا كله قبل طلوع الشمس ـ فاذا رايتم ريحا صفراء أقبلت من المشرق ـ فعجوا عجيج الكبير منكم والصغير (2) بالصراخ والبكاء والتضرع إلى الله والتوبة اليه والاستغفار له ، وارفعوا رؤسكم إلى السماء وقولوا : ربنا ظلمنا أنفسنا وكذبنا نبيك وتبنا اليك من ذنوبنا ، وان لمن تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين المعذبين ، فاقبل توبتنا وارحمنا يا أرحم الراحمين ثم لا تملوا من البكاء والصراخ والتضرع إلى الله والتوبة اليه حتى توارى الشمس بالحجاب او يكشف الله عنكم العذاب قبل ذلك .
  فأجمع رأى القوم جميعا على أن يفعلوا ما اشار به عليهم روبيل ، فلما كان يوم الاربعاء الذى توقعوا فيه العذاب تنحى روبيل عن القرية حيث يسمع صراخهم و يرى العذاب اذا نزل ، فلما طلع الفجر يوم الاربعاء فعل قوم يونس ما أمرهم روبيل به فلما بزغت الشمس (3) اقبلت ريح صفراء مظلمة مسرعة لها صرير وحفيف و هدير (4) فلما رأوها عجوا جميعا بالصراخ والبكاء والتضرع إلى الله وتابوا اليه واستغفروه وصرخت الاطفال بأصواتها تطلب امهاتها ، وعجت سخال البهايم (5) تطلب الثدى وعجت الانعام تطلب الرعى ، فلم يزالوا بذلك ويونس وتنوخا يسمعان ضجيجهم ( صيحتهم خ ل ) وصراخهم ويدعوان الله عليهم بتغليظ العذاب عليهم ، وروبيل في موضعه يسمع صراخهم وعجيجهم ويرى ما نزل وهو يدعو الله بكشف العذاب عنهم .
  فلما ان زالت الشمس وفتحت أبواب السماء وسكن غضب الرب تعالى رحمهم

--------------------
(1) السفح : عرض الجبل المنسبط أو أسفله
(2) عج الرجل عجا وعجيجا : صاح ورفع صوته .
(3) بزغ الشمس : طلعت .
(4) الصرير : الصوت الشديد ، وحفيف الريح : صوتها في كل ما مرت به و الهدير بمعناه .
(5) السخال جمع السخلة : ولد الشاة .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 134 _

  الرحمن فاستجاب دعائهم وقبل توبتهم واقالهم عثرتهم ، وأوحى الله إلى اسرافيل عليه السلام ان اهبط إلى قوم يونس فانهم قد عجوا إلى البكاء والتضرع وتابوا إلى واستغفرونى فرحمتهم وتبت عليهم ، وانا الله التواب الرحيم اسرع إلى قبول توبة عبدى التائب من الذنوب وقد كان عبدى يونس ورسولى سألنى نزول العذاب على قومه وقد أنزلته عليهم ، وأنا الله أحق من وفى بعهده وقد أنزلته عليهم ، ولم يكن اشترط يونس حين سألنى ان أنزل عليهم العذاب ان أهلكهم فأهبط اليهم فأصرف عنهم ما قد نزل بهم من عذابى ، فقال اسرافيل : يارب ان عذابك قد بلغ أكتافهم وكاد ان يهلكهم وما أراه الا وقد نزل بساحتهم فالى اين أصرفه ؟ فقال الله : كلا انى قد أمرت ملائكتى ان يصرفوه ( يوقفوه خ ل ) فلا ينزلوه عليهم حتى يأتيهم أمرى فيهم وعزيمتى فاهبط يا اسرافيل عليهم واصرفه عنهم واصرف به إلى الجبل بناحية مفاوض العيون ومجارى السيول في الجبال العاتية (1) العادية المستطيلة على الجبال فاذلها به ولينها حتى تصير ملينة حديدا جامدا .
  فهبط اسرافيل عليهم فنشر اجنحته فاستاق بها (2) ذلك العذاب حتى ضرب بها الجبال التى أوحي الله اليه أن يصرفه اليها ، قال أبوجعفر عليه السلام : وهى الجبال التى بناحية الموصل اليوم ، فصارت حديدا إلى يوم القيمة ، فلما رأى قوم يونس ان العذاب قد صرف عنهم هبطوا إلى منازلهم من رؤس الجبال وضموا اليهم نساءهم وأولادهم وأموالهم ، وحمدوا الله على ما صرف عنهم ، وأصبح يونس وتنوخا يوم الخميس في موضعهما التى كانا فيه لا يشكان ان العذاب قد نزل بهم وأهلكهم جميعا ، لما خفيت أصواتهم عنهما ، فأقبلا ناحية القرية يوم الخميس مع طلوع الشمس ينظران إلى ما صار اليه القوم فلما دنوا من القوم واستقبلتهم الحطابون والحمارة (3) والرعاة باغنامهم ونظروا إلى أهل القرية مطمئنين قال يونس لتنوخا : يا تنوخا كذبنى الوحى (4) و

--------------------
(1) الجبال العاتية : الكبيرة الطويلة .
(2) استاق الماشية : حثها على السير من خلف ، عكس قادها .
(3) الحمارة : اصحاب الحمير في السفر وفى بعض النسخ ( الحماة )
(4) اى باعتقاد القوم كما قاله المجلسى رحمه الله .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 135 _

  وكذبت وعدى لقومى لا وعزة ربى لا يرون لى وجها أبدا بعد ما كذبنى الوحى فانطلق يونس هاربا على وجهه مغاضبا لربه (1) ناحية بحر ايلة (2) متنكرا فرارا من أن يراه أحد من قومه ، فيقول له : يا كذاب ، فلذلك قال الله : ( وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) الاية ورجع تنوخا إلى القرية فلقى روبيل فقال له : يا تنوخا أى الرأيين كان أصوب وأحق ان يتبع رأيى أو رأيك ؟ فقال له تنوخا : بل رأيك كان أصوب ، ولقد كنت اشرت برأى الحكماء والعلماء ، وقال له تنوخا : اما انى لم أزل أرى انى أفضل منك لزهدى وفضل عبادتى ، حتى استبان فضلك بفضل علمك وما أعطاك الله ربك من الحكمة مع ان التقوى أفضل من الزهد والعبادة بلا علم ، فأصطحبا فلم يزالا مقيمين مع قومهما ومضى يونس على وجهه مغضبا لربه ، فكان من قصته ما أخبر الله به في كتابه إلى قوله : ( فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ) قال أبوعبيدة قلت لابى جعفر عليه السلام : كم كان غاب يونس عن قومه حتى رجع اليهم بالنبوة والرسالة فآمنوا به وصدقوه ؟ قال : أربعة اسابيع سبعا منها في ذهابه إلى البحر ، وسبعا منها في رجوعه إلى قومه ، فقلت له : وما هذه الاسابيع شهور او ايام او ساعات ؟ فقال : يا با عبيدة ان العذاب اتاهم يوم الاربعاء في النصف من شوال ، و صرف عنهم من يومهم ذلك ، فانظلق يونس مغاضبا ، فمضى يوم الخميس سبعة أيام في مسيره إلى البحر ، وسبعة ايام في بطن الحوت ، وسبعة أيام تحت الشجرة بالعراء وسبعة ايام في رجوعه إلى قومه ، فكان ذهابه ورجوعه مسير ثمانية وعشرين يوما ثم أتاهم فآمنوا به وصدقوه واتبعوه ، فلذلك قال الله ( فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ ) (3) .

--------------------
(1) اى على قومه لربه تعالى ، اى كان غضبه لله تعالى لا للهوى ، أو خائفا عن تكذيب قومه لما تخلف عنه من وعد ربه ( قاله المجلسى رحمه الله ) .
(2) ايلة : جبل بين مكة والمدينة قرب ينبع ، وبلد بين ينبع ومصر .
(3) البحار ج 5 : 425 ، البرهان ج 2 : 200 ، الصافى ج 1 : 767 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 136 _
  45 ـ عن ابى بصير عن ابى عبد الله عليه السلام قال : لما اظل قوم يونس العذاب دعوا الله فصرفه عنهم ، قلت : كيف ذلك ؟ قال : كان في العلم انه يصرفه عنهم (1) .
  46 ـ عن الثمالى عن ابى جعفر عليه السلام قال : ان يونس لما آذاه قومه دعا الله عليهم فأصبحوا اول يوم ووجوههم صفرة واصبحوا اليوم الثانى ووجوههم سود ، قال : و كان الله واعدهم ان يأتيهم العذاب فأتاهم العذاب حتى نالوه برماحهم ، ففرقوا بين النساء وأولادهن والبقر وأولادها ولبسوا المسوح والصوف (2) ووضعوا الحبال في أعناقهم والرماد على رؤسهم وضجوا ضجة واحدة إلى ربهم ، وقالوا آمنا بإله يونس ، قال : فصرف الله عنهم العذاب إلى جبال آمد (3) قال : وأصبح يونس وهو يظن انهم هلكوا فوجدهم في عافية فغضب وخرج كما قال الله : ( مغاضبا ) حتى ركب سفينة فيها رجلان ، فاضطربت السفينة فقال الملاح : يا قوم في سفينتى مطلوب ، فقال يونس : أنا هو ، وقام ليلقى نفسه فابصر السمكة وقد فتحت فاها فهابها ، وتعلق به الرجلان ، وقالا له : أنت وحدك ونحن رجلان فساهمهم فوقعت السهام عليه ، فجرت السنة بان السهام اذا كانت ثلث مرات انها لا يخطى ، فألقى نفسه فالتقمه الحوت فطاف به البحار سبعة حتى صار إلى البحر المسجور وبه يعذب قارون ، فسمع قارون دويا (4) فسأل الملك عن ذلك فأخبره انه يونس ، وان الله قد حبسه في بطن الحوت فقال له قارون : أتأذن لى ان اكلمه فاذن له فسأله عن موسى فاخبره انه مات وبكا ثم سأله عن هارون فاخبره انه مات (5) فبكا وجزع جزعا شديدا وسأله عن اخته كلثم وكانت مسماة

--------------------
(1) البحار ج 5 : 424 ، البرهان ج 2 : 202 .
(2) المسوح جمع المسح ـ بالكسر ـ : الكساء من شعر كثوب الرهبان .
(3) قال الحموى : آمد ـ بكسر الميم ـ : اعظم ديار بكر .
(4) الدوى : الحفيف وقد مر معناه آنفا فراجع .
(5) وفى نسخة البرهان هكذا ( فقال يا يونس : فما فعل الشديد الغضب لله موسى بن عمران ؟ فأخبره انه مات ، قال : فما فعل الرؤوف العطوف على قومه هارون بن عمران ؟ فأخبره انه مات ) .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 137 _

  له فأخبره انها ماتت ـ فقال : وا أسفا على آل عمران ـ قال : فأوحى الله إلى الملك الموكل به : ان ارفع عنه العذاب بقية الدنيا لرقته ؟ على قرابته (1) .
  47 ـ عن معمر قال : قال أبوالحسن الرضا عليه السلام : ان يونس لما امره الله بما أمره فأعلم قومه فأظلهم العذاب ففرقوا بينهم وبين اولادهم وبين البهائم وأولادها ، ثم عجوا إلى الله وضجوا ، فكف الله العذاب عنهم فذهب يونس مغاضبا فالتقمه الحوت فطاف به سبعة في البحر (2) فقلت له : كم بقى في بطن الحوت ؟ قال : ثلثة ايام ، ثم لفظه الحوت ، وقد ذهب جلده وشعره فأنبت الله عليه شجرة من يقطين فأظلته ، فلما قوى أخذت في اليبس ، فقال : يا رب شجرة أظلتنى يبست فأوحى الله اليه : يايونس تجزع لشجرة أظلتك ولا تجزع لمأة ألف أو يزيدون من العذاب ؟ (3) .
  48 ـ عن على بن عقبة عن أبيه قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : اجعلوا أمركم هذا الله ولا تجعلوا للناس ، فانه ما كان لله فهو لله وما كان للناس فلا يصعد إلى الله ، ولا تخاصموا الناس بدينكم فان الخصومة ممرضة للقلب ، ان الله قال لنبيه صلى الله عليه واله : يا محمد ( إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ) قال : ( أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) ذروا الناس فان الناس اخذوا من الناس ، وانكم أخذتم من رسول الله وعلى ولا سواء ، انى سمعت أبى عليه السلام وهو يقول : ان الله اذا كتب إلى عبد ان يدخل في هذا الامر كان أسرع اليه من الطير إلى وكره (4) .
  49 ـ عن عبدالله بن يحيى الكاهلى عن أبى عبدالله عليه السلام قال : سمعته يقول لما اسرى برسول الله عليه وآله السلام أتاه جبرئيل عليه السلام : بالبراق فركبها فأتى بيت المقدس ، فلقى من لقى ـ من اخوانه ـ من الانبياء ، ثم رجع فأصبح يحدث اصحابه انى

--------------------
(1) البحار ج 5 : 427 ، البرهان ج 2 : 203 .
(2) وفى نسخة البحار ( سبعة أبحر ) وهو الظاهر .
(3) البحار ج 5 : 427 ، البرهان ج 2 : 203 .
(4) البحار ج 3 : 58 ، البرهان ج 2 : 204 ، والوكر ، عش الطائر اين كان في جبل او شجر وان لم يكن فيه ، ويقال له بالفارسية ( آشيانه ) .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 138 _

  أتيت بيت المقدس الليلة ، ولقيت اخوانى من الانبياء ، فقالوا : يا رسول الله وكيف أتيت بيت المقدس الليلة ؟ فقال : جاءنى جبرئيل عليه السلام بالبراق فركبته ، وآية ذلك انى مررت بعير لابى سفيان على ماء بنى فلان وقد اضلوا جملا لهم وهم في طلبه ، قال : فقال له القوم بعضهم لبعض : انما جاء راكبا سريعا ، ولكنكم قد اتيتم الشام وعرفتموها فسلوه عن اسواقها وأبوابها وتجارها قال : فسلوه فقالوا : يا رسول الله كيف الشام وكيف اسواقها ؟ وكان رسول الله صلى الله عليه واله اذا سئل عن الشئ لا يعرفه شق عليه حتى يرى ذلك في وجهه ، قال : فبينا هو كذلك اذ أتاه جرئيل عليه السلام فقال : يا رسول الله هذه الشام قد رفعت لك فالتفت رسول الله عليه وآله السلام فاذا هو بالشام ، وأبوابها و تجارها ، فقال : اين السائل عن الشام ؟ فقالوا : أين بيت فلان ومكان فلان ؟ فأجابهم في كل ما سألوه عنه ، قال : فلم يؤمن فيهم الا قليل ، وهو قول الله : ( وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ ) فنعوذ بالله ان لا نؤمن بالله ورسوله ، آمنا بالله ورسوله ، آمنا بالله وبرسوله (1)
  50 ـ عن محمد بن الفضيل عن أبى الحسن الرضا عليه السلام قال : سألته عن شئ في الفرج ، فقال : أوليس تعلم ان انتظار الفرج من الفرج ان الله يقول : ( فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنْ الْمُنْتَظِرِينَ ) (2) .
  51 ـ عن مصقلة الطحان عن أبى عبدالله عليه السلام قال : ما يمنعكم ان تشهدوا على من مات منكم على هذا الامر انه من أهل الجنة ، ان الله يقول : ( كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ ) (3)

--------------------
(1) البحار ج 6 : 332 ، البرهان ج 2 : 205 .
(2) البرهان ج 2 : 205 ، البحار ج 13 : 137 ، الصافى ج 1 : 775 .
(3) البرهان ج 2 : 205 ، البحار ج 15 ( ج 1 ) : 131 ، الصافى ج 1 : 775 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 139 _

بسم الله الرحمن الرحيم

من سورة هود

  1 ـ عن ابن سنان عن جابر عن أبى جعفر عليه السلام قال : من قرأ سورة هود في كل جمعة بعثه الله يوم القيمة في زمرة ـ المؤمنين و ـ النبيين وحوسب حسابا يسيرا ولم يعرف خطيئة عملها يوم القيمة (1) .
  2 ـ عن سدير عن أبى جعفر عليه السلام قال : أخبرنى جابر بن عبدالله ان المشركين كانوا اذا مروا برسول الله صلى الله عليه واله طأطأ أحدهم رأسه (2) وظهره هكذا وغطى راسه بثوبه حتى لا يراه رسول الله صلى الله عليه واله ، فأنزل الله ( أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ) إلى ( وما يعلنون ) (3)
  3 ـ عن محمد بن فضيل عن جابر عن ابى جعفر عليه السلام قال : اتى رسول الله صلى الله عليه واله رجل من اهل البادية فقال : يا رسول الله ان لى بنين وبنات واخوة واخوات ، وبنى بنين وبنى بنات ، وبنى اخوة وبنى اخوات ، والمعيشة علينا خفيفة ، فان رأيت يا رسول الله ان تدعو الله ان يوسع علينا ، قال : وبكى فرق له المسلمون ، فقال رسول الله عليه وآله السلام : ( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ) من كفل بهذه الافواه المضمونة على الله رزقها صب الله عليه الرزق صبا كالماء المنهمر ، ان قليل فقليلا ، وان كثير فكثيرا قال : ثم دعا رسول الله صلى الله عليه واله وأمن له المسلمون قال : قال أبوجعفر عليه السلام : فحدثنى من راى الرجل في زمن عمر فسأله

--------------------
(1) البرهان ج 2 : 206 ، البحار ج 19 : 70 ، مجمع البيان ج 5 : 140 لكن فيه هكذا ( عن الحسن بن على الوشاء عن ابن سنان عن ابى جعفر عليه السلام الخ ) .
(2) طأطأ رأسه : خفضه .
(3) البرهان ج 2 : 206 ، الصافى ج 1 : 777 مجمع البيان ج 5 : 143 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 140 _

  عن حاله فقال : من أحسن من خوله حلالا (1) وأكثرهم مالا (2)
  4 ـ عن عبدالله بن سنان عن أبى عبدالله عليه السلام قال : ان الله خلق الخير يوم الاحد وما كان ليخلق الشر قبل الخير ، وخلق يوم الاحد والاثنين الارضين ، وخلق يوم الثلثاء أقواتها وخلق يوم الاربعاء السموات ، وخلق يوم الخميس أقواتها والجمعة وذلك في في قوله : ( خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ) فلذلك أمسكت اليهود يوم السبت (3)
  5 ـ محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام قال : كان الله تبارك وتعالى كما وصف نفسه ، ( وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ) والماء على الهواء والهواء لايجرى (4)
  6 ـ قال محمد بن عمران العجلى : قلت لابى عبدالله عليه السلام أى شئ كان موضع البيت حيث كان الماء في قول الله ( وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ) ؟ قال : كانت مهاة بيضاء يعنى درة (5)
  7 ـ عن أبان بن مسافر عن ابى عبدالله عليه السلام في قول الله : ( وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمْ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ ) يعنى عدة كعدة بدر ( لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ ) قال : العذاب (6)
  8 ـ عن عبدالاعلى الحلبى قال : قال ابوجعفر عليه السلام : أصحاب القائم عليه السلام الثلثمائة والبضعة عشر رجلا ، هم والله الامة المعدودة التى قال الله في كتابه : ( وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمْ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ ) قال : يجمعون له في ساعة واحدة قزعا كقزع

--------------------
(1) خوله الله مالا : اعطاه اياه متفضلا وملكه اياه .
(2) البرهان ج 2 : 206 .
(3) البرهان ج 2 : 207 ، البحار ج 14 : 14 .
(4 ـ 5) البرهان ج 2 : 208 ، البحار ج 14 : 20 - 21
(6) البرهان ج 2 : 209 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 141 _

  ـ تفسير العياشى مجلد : 2 من ص 141 سطر 1 الى ص 150 سطر 24
  الخريف (1)
  9 ـ عن الحسين عن الخراز عن عبدالله عليه السلام : ( وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمْ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ ) قال : هو القائم واصحابه (2)
  10 ـ عن جابر بن أرقم عن اخيه زيد بن أرقم قال : ان جبرئيل الروح الامين نزل على رسول الله صلى الله عليه واله بولاية على بن ابيطالب عليه السلام عشية عرفة فضاق بذلك رسول الله صلى الله عليه واله مخافة تكذيب اهل الافك والنفاق فدعا قوما انا فيهم فاستشارهم في ذلك يقوم به في الموسم فلم ندر ما نقول له وبكى صلى الله عليه واله ، فقال له جبرئيل : مالك يا محمد أجزعت من امر الله ؟ فقال : كلا يا جبرئيل ، ولكن قد علم ربى ما لقيت من قريش اذا لم يقروا لى بالرسالة حتى أمرنى بجهادهم وأهبط إلى جنودا من السماء فنصرونى فكيف يقرون لعلى من بعدى ، فانصرف عنه جبرئيل فنزل عليه : ( فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ ) (3)
  11 ـ عن عمار بن سويد قال : سمعت ابا عبدالله عليه السلام يقول فيهذه الآية ( فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ ) إلى قوله : ( او جاء معه ملك ) قال : ان رسول الله صلى الله عليه واله لما نزل غديرا (4) قال لعلى عليه السلام : انى سألت ربى ان يوالى بينى و بينك ففعل ، وسألت ربى ان يواخى بينى وبينك ففعل ، وسألت ربى ان يجعلك وصيى ففعل ، فقال رجلان من قريش : والله لصاع من تمر في شن بال (5) أحب الينا فيما سأل محمد ربه ، فهلا سأله ملكا يعضده على عدوه او كنزا يستعين به على فاقته ، والله

--------------------
(1 ـ 2) البرهان ج 2 : 209 ، الصافى ج 1 : 778 ، اثبات الهداة ج 7 : 100 و القزع ـ محركة ـ : قطع من السحاب متفرقة صغار قيل وانما خص الخريف لانه اول الشتاء والسحاب فيه يكون متفرقا غير متراكم ولا مطبق ثم يجتمع بعضه إلى بعض .
(3) البرهان ج 2 : 210 ، البحار ج 9 : 310 ، الصافى ج 1 : 780 .
(4) وفى بعض النسخ كرواية الكلينى في الكافى ( قديدا ) بدل ( غديرا ) .
(5) الشن ـ بفتح الشين ـ : القربة الخلق الصغيرة يكون الماء فيها ابرد من غيرها .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 142 _

  ما دعاه إلى باطل الا اجابه له ، فانزل الله عليه ( فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ ) إلى آخر الاية قال : ودعا رسول الله عليه وآله السلام لامير المؤمنين في آخر صلوته رافعا بها صوته يسمع الناس يقول : اللهم هب لعلى المودة في صدور المؤمنين والهيبة والعظمة في صدور المنافقين ، فأنزل الله : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَنُ وُدّاً * فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُدّاً ) بنى امية فقال رمع : (1) والله لصاع من تمر في شن بال أحب إلى مما سأل محمد ربه أفلا سأله ملكا يعضده أو كنزا يستظهر به على فاقته ، فأنزل الله فيه عشر آيات من هود اولها : ( فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ ) إلى ( ام يقولون افتريه ولاية على قل فاتوا بعشر سور مثله مفتريات ) إلى ( فان لم يستجيبوا لك ) في ولاية على ( فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) لعلى ولايته ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا ) يعنى فلانا وفلانا ( نوف اليهم أعمالهم فيها ) أفمن كان على بينة من ربه ( رسول الله صلى الله عليه واله ويتلوه شاهد منه ) أمير المؤمنين عليه السلام ( وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً ) قال كان ولاية على في كتاب موسى ( أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنْ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ ) في ولاية على ( انه الحق من ربك ) إلى قوله : ( ويقول الاشهاد ) هم الائمة عليهم السلام ( هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ ) إلى قوله ( هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلا تَذَكَّرُونَ ) (2)
  12 ـ عن بريد بن معوية العجلى عن أبى جعفر عليه السلام قال : الذى على بينة من ربه رسول الله صلى الله عليه واله والذى تلاه من بعده الشاهد منه اميرالمؤمنين عليه السلام ، ثم اوصياؤه واحد بعد واحد (3)
  13 ـ عن جابر عن عبدالله بن يحيى قال : سمعت عليا عليه السلام وهو يقول : ما من

--------------------
(1) قد مر المراد من الرجل آنفا وان الكلمة مقلوبة .
(2) البحار ج 9 : 101 ، البرهان ج 2 : 210 ، ونقله الطبرسى في المجمع ج 5 : 146 مختصرا .
(3) البحار ج 9 : 73 ، البرهان ج 2 : 213 ، الصافى ج 1 : 782 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 143 _

  رجل من قريش الا وقد أنزلت فيه آية أو آيتان من كتاب الله ، فقال له رجل من القوم : فما نزل فيك يا أميرالمؤمنين ؟ فقال : اما تقرأ الاية التى في الهود ( أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ ) محمد صلى الله عليه واله عليه بينة من ربه ، وانا الشاهد (1) .
  14 ـ عن أبى عبيدة قال : سألت أبا حعفر عليه السلام عن قول الله : ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ ) إلى قوله ( ويبغونها عوجا ) فقال : هم اربعة ملوك من قريش يتبع بعضهم بعضا (2)
  15 ـ عن أبى أسامة قال : قلت لابى عبدالله عليه السلام : ان عندنا رجلا يسمى كليب ، لا يجئ عنكم شئ الا قال أنا أسلم فسميناه كليب تسليم قال : فترحم عليه ثم قال : أتدرون ما التسليم ؟ فسكتنا فقال : هو والله الاخبات قول الله : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ ) (3).
  16 ـ عن ابن أبى نصر البزنطى عن أبى الحسن الرضا عليه السلام قال : قال الله في قوم نوح ( وَلا يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ )

--------------------
(1) البحار ج 9 : 73 ، البرهان ج 2 : 213 ، الصافى ج 1 : 782 .
(2) الصافى ج 1 : 783 وقال الفيض : الملوك الاربعة الثلاثة ومعاوية ونقله المحدث البحرانى في البرهان ج 2 : 215 ، لكن فيه اختلاف وزيادة ففيه هكذا : ( العياشى عن أبيعبد الله عليه السلام قال : سئلت ابا جعفر عليه السلام في قول الله ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا اولئك يعرضون على ربهم إلى قوله يبغونها عوجا اى يطلبون لسبيل الله ربقا عن الاستقامة يحرفونها بالتأويل ويصفونها بالانحراف عن الحق والصواب ، وعن النبى في خبر ان الله تعالى فرض على الخلق خمسة فأخذوا اربعة وتركوا واحدا فسئلوا عن الاربعة ؟ قال : الصلوة والزكوة والحج والصوم ، قالوا فما الواحد الذى تركوا ؟ قال ولاية على ابن ابيطالب عليه السلام قالوا : هى واجبة من الله تعالى ؟ قال نعم قال الله ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا الايات ) ، انتهى .
(3) البرهان ج 2 : 216 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 144 _

  قال : الامر إلى الله يهدى ويضل (1)
  17 ـ عن أبى الطفيل عن أبى جعفر عن أبيه عليهما السلام في قول الله ( وَلا يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ ) قال : نزلت في العباس (2)
  18 ـ عن اسمعيل الجعفى عن أبى جعفر عليه السلام قال : كانت شريعة نوح ان يعبد الله بالتوحيد والاخلاص وخلع الانداد ، وهى الفطرة التى فطر الناس عليها ، وأخذ ميثاقه على نوح والنبيين أن يعبدون الله ولا يشركون به شيئا ، وأمره بالصلوة والامر والنهى والحرام والحلال ، ولم يفرض عليه أحكام حدود ولا فرض مواريث فهذه شريعته ، فلبث فيهم ألف سنة الا خمسين عاما يدعوهم سرا وعلانية ، فلما أبوا وعتوا قال : رب انى مغلوب فانتصر ، فأوحى الله ( أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاَّ مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ) فلذلك قال نوح : ( ولا يلدوا الا فاجرا كفارا ) و أوحى الله اليه ( ان اصنع الفلك ) (3) .
  19 ـ عن المفضل بن عمر قال : كنت مع أبى عبدالله عليه السلام بالكوفة ايام قدم على أبى العباس ، فلما انتهينا إلى الكناسة فنظر عن يساره ثم قال : يا مفضل ههنا صلب عمى زيد رحمه الله ، ثم مضى حتى أتى طاق الزياتين وهو آخر السراجين ، فنزل فقال لى : انزل فان هذا الموضع كان مسجد الكوفة الاول الذى خطه آدم ، وانا أكره ان أدخله راكبا ، فقلت له : فمن غيره عن خطته ؟ فقال : اما أول ذلك فالطوفان في زمن نوح ، ثم غيره بعد اصحاب كسرى والنعمان بن منذر ، ثم غيره زياد بن أبى سفيان ، فقلت له : جعلت فداك وكانت الكوفة و مسجدها في زمن نوح ؟ فقال : نعم يا مفضل ، وكان منزل نوح وقومه في قرية على متن الفرات مما يلى غربى الكوفة ، قال : وكان نوح رجلا نجارا فأرسله الله و انتجبه ، ونوح اول من عمل سفينة تجرى على ظهر الماء ، وان نوحا لبث في قومه

--------------------
(1 ـ 2) البرهان ج 2 : 216 الصافى ج 1 : 786 .
(3) البرهان ج 2 : 221 البحار ج 5 : 93 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 145 _

  الف سنة الا خمسين عاما يدعوهم إلى الهدى فيمرون به ويسخرون منه ، فلما راى ذلك منهم دعا عليهم ، فقال : ( رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنْ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً ) إلى قوله : ( الا فاجرا كفارا ) قال : فأوحى الله اليه يا نوح ( ان اصنع الفلك ) واوسعها وعجل عملها ( بأعيننا ووحينا ) فعمل نوح سفينته في مسجد الكوفة بيده يأتى بالخشب من بعد حتى فرغ منها ، قال مفضل : ثم انقطع حديث أبى عبدالله عليه السلام عند ذلك عند زوال الشمس ، فقام فصلى الظهر ثم العصر ثم انصرف من المسجد فالتفت عن يساره ، وأشار بيده إلى موضع دار الداريين وهو في موضع دار ابن حكيم ، وذلك فرات اليوم ، فقال لى : يا مفضل ها هنا نصبت أصنام قوم نوح ، يغوث ويعوق و نسرا ، ثم مضى حتى ركب دابته فقلت له : جعلت فداك في كم عمل نوح سفينته حتى فرغ منها ؟ قال : في الدورين فقلت : وكم الدوران ؟ قال : ثمانون سنة ، قلت : فان العامة تقول : عملها في خمسمائة عام ؟ قال : فقال : كلا كيف والله يقول ( ووحينا ) (1) .
  20 ـ عن عيسى بن عبدالله العلوى عن أبيه قال : كانت السفنية طولها

--------------------
(1) البرهان ج 2 : 221 البحار ج 5 : 93 ، الصافى ج 1 : 790 ، وقال المجلسى رحمه الله : الظاهر من الخبر انه عليه السلام فسر الوحى بالسرعة كما صرح الجوهرى بمجيئه بهذا المعنى وحمله المفسرون على معناه المشهور قال الشيخ الطبرسى : معناه : وعلى ما أوحينا اليك من صفتها وحالها عن أبى مسلم وقيل المراد بوحينا : ان اصنعها ( انتهى ) وقال الفيض رحمه الله آخر الحديث يحتمل معنيين احدهما ان ما يكون بامر الله و تعليمه كيف يطول زمانه إلى هذه المدة والثانى : ان يكون قد فسر الوحى هنا بالسرعة والعجلة فانه جاء بهذا المعنى يقال الوحا الوحا ممدودا ومقصورا يعنى البدار البدار و والمعنى الثانى اتم في الاستشهاد .
وقال في الوافى بعد بيان معنى الحديث كما هنا ( إلى قوله ) اتم قال : واصوب بل يكاد يتعين لما مر في هذا الحديث من قوله عليه السلام : فأوحى الله إلى نوح ان اصنع سفينة واوسعها وعجل عملها .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 146 _

  اربعين في اربعين سمكها (1) وكانت مطبقة بطبق وكان معه خرزتان (2) تضئ احداهما بالنهار ضوء الشمس ، وتضئ احداهما بالليل ضوء القمر ، وكانوا يعرفون وقت الصلوة ، وكان عظام آدم معه في السفينة ، فلما خرج من السفينة صير قبره تحت المنارة التى بمسجد منى (3)
  21 ـ عن المفضل قال : قلت لابى عبدالله عليه السلام : ارأيت قول الله : ( حتى اذا جاء أمرنا وفار التنور ) ما هذا التنور واين كان موضعه ؟ وكيف كان ؟ فقال : كان التنور حيث وصفت لك فقلت فكان بدو خروج الماء من ذلك التنور ؟ فقال : نعم ان الله أحب أن يرى قوم نوح الآية ، ثم ان الله بعده أرسل عليهم مطرا يفيض فيضا ، وفاض الفرات فيضا ايضا والعيون كلهن عليها ، فغرقهم الله وأنجى نوحا ومن معه في السفينة ، فقلت له : فكم لبث نوح ومن معه في السفينة حتى نضب الماء (4) وخرجوا منها ؟ فقال : لبثوا فيها سبعة ايام ولياليها ، وطافت بالبيت ثم استوت على الجودى وهو فرات الكوفة (5) فقلت له : ان مسجد الكوفة لقديم ؟ فقال : نعم وهو مصلى الانبياء ولقد صلى فيه رسول الله صلى الله عليه واله حيث انطلق به جبرئيل على البراق ، فلما انتهى به إلى دار السلام وهو ظهر الكوفة وهو يريد بيت المقدس ، قال له : يا محمد هذا مسجد ابيك آدم ومصلى الانبياء ، فانزل فصل فيه ، فنزل رسول الله صلى الله عليه واله فصلى ، ثم انطلق به إلى بيت المقدس فصلى ثم ان جبرئيل عرج به إلى السماء (6)

--------------------
(1) السمك : القامة من كل شئ بعيد طويل السمك .
(2) الخرزة : الثقبة .
(3) البرهان ج 2 : 221 ، البحار ج 5 : 93 ، ثم لا يخفى انه قد اختلفت الكلمات في موضع قبر آدم عليه السلام والذى تدل عليه أكثر أخبارنا انه في الغرى فراجع كتاب المزار من البحار وغيره .
(4) نضب الماء : غار في الارض وسفل .
(5) واستظهر بعض ان الصحيح ( قرب الكوفة ) .
(6) البرهان ج 2 : 221 ، البحار ج 5 : 92 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 147 _

  22 ـ عن الحسن بن على عن بعض أصحابه عن أبى عبدالله قال : جائت امرأة نوح اليه وهو يعمل السفينة فقالت له : ان التنور قد خرج منه ماء ، فقام اليه مسرعا حتى جعل الطبق عليه فختمه بخاتمه ، فقام الماء فلما فرغ نوح من السفينة جاء إلى خاتمه ففضه (1) وكشف الطبق ففار الماء (2)
  23 ـ أبوعبيدة الحذاء عن أبى جعفر عليه السلام قال : مسجد كوفان فيه فار التنور ونجرت السفينة ، وهو سرة بابل ومجمع الانبياء (3) .
  24 ـ عن سلمان الفارسى عن اميرالمؤمنين عليه السلام في حديث له في فضل مسجد الكوفة فيه نجر نوح سفينته ، وفيه فار التنور ، وبه كان بيت نوح ومسجده (4) .
  وفى زاوية اليمنى ( رواية اليمين خ ) فارت التنور يعنى في مسجد الكوفة (5) .
  25 ـ عن الاعمش رفعه إلى على عليه السلام في قوله : ( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ ) فقال : اما والله ما هو تنور الخبز ، ثم أومأ بيده إلى الشمس ، فقال : طلوعها (6)
  26 ـ عن اسمعيل بن جابر الجعفى عن أبى عبدالله عليه السلام قال : صنعها في مائة سنة ، ثم أمره ان يحمل فيها من كل زوجين اثنين الازواج الثمانية ـ الحلال ـ التى خرج بها آدم من الجنة ليكون معيشة لعقب نوح في الارض ، كما عاش عقب آدم ، فان الارض تغرق وما فيها الا ما كان معه في السفينة ، قال : فحمل نوح في السفينة من الازواج الثمانية التى قال الله : ( وانزل بكم من الانعام ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين ومن الابل اثنين ومن البقر اثنين ) فكان زوجين من الضأن زوج

--------------------
(1) فض ختم الكتاب : كسره وفتحه .
(2) البرهان ج 2 : 222 البحار ج 5 : 93 ، الصافى ج 1 : 787 .
(3) البحار ج 5 : 93 ، البرهان ج 2 : 222 .
(4) البحار ج 5 : 93 ، البرهان ج 2 : 222 ، الصافى ج 1 : 789 .
(5) البرهان ج 2 : 222 .
(6) البرهان ج 2 : 222 ، البحار ج 5 : 93 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 148 _

  يربيها الناس ويقومون بأمرها وزوج من الضأن التى تكون في الجبال الوحشية احل لهم صيدها ، ومن المعز اثنين يكون زوج يربيه الناس ، وزوج من الظباء ـ سمى الزوج الثانى ـ ومن البقر اثنين زوج يربيه الناس ، وزوج هو البقر الوحشى ومن الابل زوجين وهى البخاتى والعراب (1) وكل طير وحشى او انسى ثم غرقت الارض (2) .
  27 ـ عن ابراهيم عن أبى عبدالله عليه السلام ان نوحا حمل الكلب في السفينة ولم يحمل ولد الزنا (3) .
  28 ـ عن عبدالله ( عبيد الله خ ل ) الحلبى عنه قال : ينبغى لولد الزنا ان لا تجوز له شهادة ، ولايؤم بالناس ، لم يحمله نوح في السفينة ، وقد حمل فيها الكلب والخنزير (4)
  29 ـ عن حمران عن أبى جعفر عليه السلام في قول الله : ( وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ ) قال : كانوا ثمانية (5)
  30 ـ عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام قال : ( ونادى نوح ابنه ) قال : انما في لغة طى ابنه بنصب الالف يعنى ابن امرأته (6)
  31 ـ عن موسى عن العلا بن سيابة عن أبى عبدالله عليه السلام في قول الله : ( ونادى نوح ابنه قال : ليس بابنه انما هو ابن امرأته ، وهو لغة طى يقولون لابن امرأته

--------------------
(1) البخاتى جمع البخت والبختية ـ اعجمى معرب ـ : الابل الخراسانيه تنتج من بين عربية وفالج : والخيل العراب ـ بالكسر : الكرائم السالمة عن الهجنة اى العيب .
(2) البرهان ج 2 : 222 ، الصافى ج 1 : 788 البحار ج 5 : 93 وقال المجلسى في بيان الحديث : قرأ حفص ( من كل ) بالتنوين والباقون اضافوا وفسرهما المفسرون بالذكر والانثى وقالوا على القرائة الثانية معناه احمل اثنين من كل زوجين اى من كل صنف ذكر وصنف انثى ولا يخفى ان تفسيره عليه السلام ينطبق على القرائتين من غير تكلف :
(3 ـ 5) البرهان ج 2 : 222 ، البحار ج 5 : 93 .
(6) البرهان ج 2 : 222 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 149 _

  ابنه (1) قال نوح : ( رب انى أعوذ بك ) إلى ( الخاسرين ) (2)
  32 ـ عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام في قول نوح : ( يا بنى اركب معنا ) قال : ليس بابنه قال : قلت : ان نوحا قال يابنى ؟ قال فان نوحا قال ذلك وهو لا يعلم (3) .
  33 ـ عن ابراهيم بن أبى العلا عن غير واحد عن أحدهما قال : لما قال الله : ( يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَاسَمَاءُ أَقْلِعِي ) قالت الارض : انما امرت ان ابلع مائى انا فقط ولم امر ان ابلع ماء السماء ، قال : فبلعت الارض ماءها وبقى ماء السماء فصير بحرا ـ حول السماء ـ (4) وحول الدنيا (5)
  34 ـ عن عبدالرحمن بن الحجاج عن أبى عبدالله عليه السلام في قوله : ( يا ارض ابلعى ماءك ) قال : نزلت بلغة الهند اشربى ـ وفى رواية عباد عنه ( يا ارض ابلعى ماءك ) حبشية ـ (6) .
  35 ـ عن الحسن بن صالح عن أبى عبدالله عليه السلام قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يحدث عطاء قال : كان ـ طول ـ سفينة نوح ألف ذراع ومائتى ذراع ، وعرضها ثمان مائة ذراع وطولها في السماء (7) ، ثمانون ذراعا وطافت بالبيت سبعا (8) وسعت بين الصفا والمروة سبعة اشواط ثم استوت على الجودى (9)
  36 ـ عن المفضل بن عمر عن ابى عبدالله عليه السلام استوت على الجودى هو فرات

--------------------
(1) يعنى بفتح الهاء مخفف ابنها ويؤيده ما روى من قرائة ابنها كما في الصافى ومجمع البيان فراجع .
(2 ـ 3) البرهان ج 2 : 222 ، البحار ج 5 : 93 ، الصافى ج 1 : 791 .
(4) هذه الزياده ليست في نسختى البحار والبرهان وكذا فيما رواه القمى رحمه الله في تفسيره
(5) البحار ج 5 : 93 ، البرهان ج 2 : 222 .
(6) البحار ج 5 : 93 ، البرهان ج 2 : 222 ، الصافى ج 1 : 791 .
(7) اى عمقها كما في رواية قصص الانبياء .
(8) وفى البرهان ( وطافت بالبيت سبعة ايام ولياليها ) .
(9) البحار ج 5 : 90 ، البرهان ج 2 : 222 ، الصافى ج 1 : 789 .

تفسير العياشي (الجزء الثاني) _ 150 _

  الكوفة (1)
  37 ـ عن ابى بصير عن ابى الحسن عليه السلام (2) قال : قال يا ابا محمد ان ـ الله اوحى إلى الجبال انى مهرق ـ (3) سفينة نوح على جبل منكن في الطوفان فتطاولت وشمخت وتواضع جبل عندكم بالموصل يقال له الجودى ، فمرت السفينة تدور في الطوفان على الجبال كلها حتى انتهت إلى الجودى ، فوقعت عليه ، فقال نوح ياراتقى ياراتقى (4) قال : قلت له : جعلت فداك اى شئ هذا الكلام ؟ فقال : اللهم اصلح اللهم اصلح (5)
  38 ـ عن ابى بصير عن ابى الحسن موسى عليه السلام قال : كان نوح في السفينة فلبث فيها ما شاء الله ، وكانت مأمورة فخلى سبيلها نوح ، فأوحى الله إلى الجبال انى واضع سفينة عبدى نوح على جبل منكم ، فتطاولت الجبال وشمخت غير الجودى وهو جبل بالموصل ، فضرب جؤجؤ السفينة (6) الجبل فقال نوح : عند ذلك رب

--------------------
(1) البحار ج 5 : 93 ، البرهان ج 2 : 222 ، وقد مر استظهار بعض بان الصحيح ( قرب الكوفة ) .
(2) وفى البرهان هكذا ( عن ابن ابى نصر ( أبى بصير خ ) عن أبى الحسن الرضا عليه السلام قال : قال : يا ابا النصر ( يا ابا محمد خ ) ( وفى البحار ) عن ابى بصير عن أبى الحسن موسى عليه السلام ( كما في الحديث الاتى .
(3) وفى نسخة البحار والصافى كما في الحديث الاتى ( واضع ) مكان ( مهرق ) ومثله رواية الكلينى رحمه الله .
(4) وفى نسخة ( بارت قنى بارت قنى ) وفى نسخة البحار ( بارات ) بزيادة الالف وفى رواية الكلينى رحمه الله : ( يا مارى اتقن ) وقد خلت نسخة البرهان عن اللفظة ومكانها هكذا ( فقال نوح بالسريانية كلاما ) قال قلت جعلت فداك اه )
(5) البحار ج 5 : 93 ، البرهان ج 2 : 223 ، الصافى ج 1 : 793 .
(6) جؤجؤ السفينة : صدرها .