ـ تفسير العياشى مجلد : 1 من ص 301 سطر 1 الى ص 310 سطر 25
( الانبوب خ ل ) وليس بالكعب .
58 ـ عن على بن أبى حمزة قال : سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن قول الله :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ ) إلى قوله ( إلى الكعبين ) فقال : صدق الله قلت : جعلت فداك كيف يتوضأ ؟ قال : مرتين مرتين ، قلت : يمسح ؟ قال : مرة مرة ، قلت : من الماء مرة ؟ قال : نعم ، قلت : جعلت فداك فالقدمين ؟ قال : اغسلهما غسلا
(1) .
59 ـ عن محمد بن احمد الخراسانى رفع الحديث قال : أتى امير المؤمنين عليه السلام رجل فسأله عن المسح على الخفين فأطرق في الارض مليا
(2) ثم رفع رأسه فقال : يا هذا ان الله تبارك وتعالى أمر عباده بالطهارة وقسمها على الجوارح ، فجعل للوجه منه نصيبا وجعل لليدين منه نصيبا وجعل للرأس منه نصيبا ، وجعل للرجلين منه نصيبا ، فان كانتا خفاك من هذه الاجزاء فامسح عليهما
(3) .
60 ـ عن غالب بن الهذيل قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله :
( وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) على الحفض هى ام على الرفع ؟ فقال : بل هى على الخفض
(4)
61 ـ عن عبدالله بن خليفة اى العريف ( أبى العريف ظ ) المكرانى الهمدانى
قال : قام ابن الكوا إلى علي عليه السلام فسئله عن المسح على الخفين ؟ فقال : بعد كتاب الله تسئلنى ؟ قال الله :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا ) إلى قوله ( الكعبين ) ثم قام اليه ثانية فسأله ، فقال له مثل ذلك ثلث مرات كل ذلك يتلو عليه هذه الاية
(5)
62 ـ عن الحسن بن زيد عن جعفر بن محمد ان عليا عليه السلام خالف القوم في المسح
--------------------
(1) البحار ج 18 : 68 ، البرهان ج : 453 .
(2) اى ارخى عينيه ينظر إلى الارض .
(3) البحار ج 18 : 67 ، البرهان ج 1 : 453 .
(4 ـ 5) البرهان ج 1 : 454 . ( * )
تفسير العياشي (الجزء الاول)_ 302 _
على الخفين على عهد عمر بن الخطاب قالوا رأينا النبى صلى الله عليه واله وسلم يمسح على الخفين ، قال : فقال على عليه السلام : قبل نزول المائدة أو بعدها ؟ فقالوا : لا ندرى قال : ولكن أدرى ان النبى صلى الله عليه واله ترك المسح على الخفين حين نزلت المائدة ولان أمسح على ظهر حمار أحب إلى ان امسح على الخفين وتلا هذه الاية
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) (1)
63 ـ عن زرارة قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن التيمم ؟ فقال : ان عمار بن ياسر أتى النبى صلى الله عليه واله فقال أجنبت وليس معى ماء ؟ فقال : كيف صنعت يا عمار ؟ قال نزعت ثيابى ثم تمعكت على الصعيد
(2) ؟ فقال : هكذا يصنع الحمار انما قال الله : ( فامسحوا وجوهكم وأيديكم منه ) ثم وضع يديه جميعا على الصعيد ثم مسحها ثم مسح من بين عينيه إلى اسفل حاجبيه ثم دلك احدى يديه بالاخرى على ظهر الكف بدأ باليمنى
64 ـ عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام قال : فرض الله الغسل على الوجه والذراعين والمسح على الرأس والقدمين فلما جاء حال السفر والمرض والضرورة وضع الله الغسل وأثبت الغسل مسحا فقال :
( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ ) إلى ( وايديكم منه )
(3)
65 ـ عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام في قوله : ( ما يريد الله ليجعل عليكم في الدين من حرج ) والحرج الضيق
(4)
66 ـ عن عبدالاعلى مولى آل سام قال : قلت لابى عبدالله عليه السلام انى عثرت فانقطع ظفرى ، فجعلت على اصبعى مرارة
(5) كيف اصنع بالوضوء للصلوة قال : فقال عليه السلام : تعرف هذا واشباهه في كتاب الله تبارك وتعالى ( ما جعل الله عليكم
--------------------
(1 ـ 4) البرهان ج 1 : 454 .
(2) مضى الحديث مع تفسير لغاته في سورة النساء رقم 144 باختلاف يسير فراجع
(5) قال في النهاية المرارة هى التى في جوف الشاة وغيرها يكون فيها ماء اخضر
مر ، قيل هى لكل حيوان الا الجمل ـ ثم قال ـ ومنه حديث ابن عمر انه جرح ابهامه فالقمها مرارة وكان يتوضأ عليها . ( * )
تفسير العياشي (الجزء الاول)_ 303 _
في الدين من حرج )
(1)
67 ـ عن أبى بصير عن أحدهما ان رأس المهدى
(2) يهدى إلى موسى بن عيسي على طبق قلت فقد مات هذا وهذا ؟ قال : فقد قال الله ( ادخلوا الارض المقدسة التى كتب الله لكم فلم يدخلوها ودخلها الابناء او قال : ابناء الابناء فكان ذلك دخولهم فقلت : لو ترى ان الذى قال في المهدى وفى ابن عيسى
(3) يكون مثل هذا ؟ فقال : يكون في اولادهم ، فقلت : ما تنكر أن يكون ما قال في ابن الحسن
(4) يكون في ولده ؟ قال نعم : ليس ذلك مثل ذا
(5)
68 ـ عن حريز عن بعض أصحابه عن أبى جعفر عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم : والذى نفسى بيده لتركبن سنن من قبلكم حذوا النعل بالنعل والقذة بالقذة
(6) حتى لا تخطئون طريقهم ولا يخطئكم سنة بنى اسرائيل ، ثم قال أبوجعفر عليه السلام قال : موسى لقومه ( يا قوم ادخلوا الارض المقدسة التى كتب الله لكم ) فردوا عليه وكانوا ستمائة الف
( قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ * قَالَ رَجُلانِ مِنْ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ) احدهما يوشع بن نون والاخر كالب بن يافنا ، قال : وهما ابنا عمه ، فقالا :
( ادْخُلُوا عَلَيْهِمْ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ ) إلى قوله ( انا هيهنا قاعدون ) قال : فعصى أربعون ألف وسلم هارون
(7)
وابناه ويوشع بن نون وكالب بن يافنا ( يوفتا خ ل ) فسماهم الله فاسقين فقال : لا تأس على القوم
--------------------
(1) البرهان ج 1 : 454 .
(2) المراد من المهدى هو المهدى العباسى .
(3) هذا هو الصحيح الموافق لنسخة البحار لكن في الاصل ونسختى البرهان واثبات
الهداة ( عيسى ) بحذف ( ابن ) .
(4) يعنى القائم ( ع ) .
(5) البحار ج 5 : 256 و 13 : 179 ، اثبات الهداة ج 7 : 97 ، البرهان ج 1 : 456 .
(6) القذة : ريش السهم ، يعنى كما تقدر كل واحدة منهن على صاحبتها وتقطع قال
بن الاثير : يضرب مثلا للشيئين يستويان ولا يتفاوتان .
(7) قال المجلسى ( ره ) اى التسليم الكامل ( * )
تفسير العياشي (الجزء الاول)_ 304 _
الفاسقين فتاهوا اربعين
(1) سنة لانهم عصوا فكان حذو النعل بالنعل ، ان رسول الله صلى الله عليه واله لما قبض لم يكن على أمر الله الا على والحسن والحسين وسلمان والمقداد وأبوذر فمكثوا أربعين حتى قام على
(2) فقاتل من خالفه
(3)
69 ـ عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبى جعفر وأبى عبدالله عليهما السلام عن قوله :
( يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ) قال : كتبها لهم ثم محاها
(4)
70 ـ عن أبى بصير قال : قال أبو عبدالله عليه السلام لى : ان بنى اسرائيل قال لهم ادخلوا الارض المقدسة فلم يدخلوها حتى حرمها الله عليهم وعلى أبنائهم وانما دخلها ابناء الابناء
(5)
71 ـ عن اسمعيل الجعفى عن أبى عبدالله عليه السلام قال : قلت له أصلحك الله
( ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ) أكان كتبها لهم ؟ قال : اى والله لقد كتبها لهم ثم بدا له لا يدخلوها قال : ثم ابتدء هو فقال : ان الصلوة كانت ركعتين عند الله فجعلهما للمسافر وزاد للمقيم ركعتين فجعلهما أربعا
(6)
72 ـ عن مسعدة بن صدقة عن أبى عبدالله عليه السلام انه سئل عن قول الله
( ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ) قال : كتبها لهم ثم محاها ، ثم كتبها لابنائهم فدخلوها والله يمحو ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب
(7)
73 ـ عن على بن اسباط عن الرضا عليه السلام قال : قلت له : ان أهل مصر يزعمون ان بلادهم مقدسة ؟ قال : وكيف ذلك ؟ قلت : جعلت فداك يزعمون انه يحشر في جبلهم
سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ، فقال : لا لعمرى ما ذاك كذاك ، وما غضب الله
على بنى اسرائيل الا ادخلهم مصرا ولا رضى عنهم الا أخرجهم منها إلى غيرها أوحى
الله إلى موسى أن يخرج عظام يوسف منها ، فاستدل موسى على من يعرف موضع القبر
--------------------
(1) تاه يتهأ : ذهب متحيرا وضل .
(2) قال المجلسى ( ره ) ولعله ( ع ) حسب الاربعين من زمان اظهار النبى ـ ص ـ
خلافة امير المؤمنين ( ع ) وانكار المنافقين ذلك بقلوبهم حتى اظهروه بعد وفاته ـ ص ـ
(3) البحار ج 5 : 265 ، و 8 : 151 ، البرهان ج 1 : 456 ، الصافى ج 1 : 433
(4 ـ 7) البحار ج 5 : 265 ، البرهان ج 1 : 456 ، الصافى ج 1 : 433 . ( * )
تفسير العياشي (الجزء الاول)_ 305 _
فدل على امرأة عمياء زمنه
(1) فسألها موسى ان تدله عليه فأبت الا على خصلتين يدعو الله فيذهب بزمانتها ويصيرها معه في الجنة في الدرجة التى هو فيها فاعظم ذلك موسي فأوحى الله اليه وما يعظم عليك من هذا ؟ أعطها ما سألت ، ففعل فوعدته طلوع القمر فحبس الله طلوع القمر حتى جاء موسى لموعده فأخرجته من النيل في سفط مر مر ( من طين خ ) فحمله موسى قال : ثم قال ان رسول الله صلى الله عليه واله قال : لا تأكلوا في فخارها
(2) ولا تغسلوا رؤسكم بطينها ، فانه يورث الذلة ويذهب بالغيرة
(3)
74 ـ عن الحسين ابن أبى العلا عن أبى عبدالله عليه السلام قال : ذكر أهل مصر وذكر قوم موسى وقولهم :
( فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ) فحرمها الله عليهم أربعين سنة وتيههم ، فكان اذا كان العشاء وأخذوا في الرحيل نادوا الرحيل الرحيل الوحا الوحا
(4) فلم يزالوا كذلك حتى تغيب الشمس حتى اذا ارتحلوا او استوت بهم الارض قال الله للارض ديرى بهم فلا يزالوا كذلك حتى اذا اسحروا وقارب الصبح قالوا ان هذا الماء قد أتيتموه فانزلوا فاذا أصبحوا اذا أبنيتهم ومنازلهم التى كانوا فيها بالامس فيقول بعضهم لبعض : يا قوم لقد ضللتم وأخطأتم الطريق فلم يزالوا كذلك حتى أذن الله لهم فدخلوها وقد كان كتبها لهم
(5)
75 ـ عن داود الرقى قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : كان أبوجعفر عليه السلام يقول نعم الارض الشام وبئس القوم أهلها ، وبئس البلاد مصر اما انها سجن من سخط الله عليه ، ولم يكن دخول بنى اسرائيل مصر الا من سخطه ومعصيته منهم لله ، لان الله قال :
--------------------
(1) الزمنه : المصابة بالزمانة وهى تعطيل القوى .
(2) الفخار جمع الفخارة : الجرة ويقال له بالفارسية ( سبو ) .
(3) البحار ج 14 : البرهان ج 1 : 456 .
(4) الوحى : العجلة ، يقال في الاستعجال ( الوحى الوحى ) اى البدار البدار
يمد ويقصر .
(5) البحار ج 5 : 265 ، البرهان ج 1 : 457 ، الصافى ج 1 : 435 . ( * )
تفسير العياشي (الجزء الاول)_ 306 _
( ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ) يعنى الشام فأبوا أن يدخلوها فتاهوا في الارض أربعين سنة في مصر وفيا فيها
(1) ثم دخلوها بعد اربعين سنة ، قال : وما كان خروجهم من مصر ودخولهم الشام الا من بعد توبتهم ورضاء الله عنهم وقال : انى لاكره ان آكل من شئ طبخ في فخار ، وما أحب ان اغسل رأسى من طينها مخافة أن يورثنى تربتها ( ترابها خ ل ) الذل ويذهب بغيرتى
(2) .
76 ـ عن ابن سنان عن أبى عبدالله عليه السلام في قول الله
( ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ) قال : كان في علمه انهم سيعصون ويتيهون أربعين سنة ، ثم يدخلونها بعد تحريمه ايآها عليهم
(3) .
77 ـ عن هشام بن سالم عن حبيب السجستانى عن أبى جعفر عليه السلام قال : لما قرب ابنا آدم القربان فتقبل من احدهما ولم يتقبل من الاخر قال تقبل من هابيل ولم يتقبل من قابيل ، ادخله من ذلك حسد شديد ، وبغى على هابيل فلم يزل يرصده ويتبع خلوته
حتى ظفر به متنحيا عن آدم ، فوثب عليه فقتله ، فكان من قصتهما ما قد أنبأ الله في
كتابه مما كان بينهما من المحاورة قبل أن يقتله ، قال : فلما علم آدم بقتل هابيل جزع
عليه جزعا شديدا ودخله حزن شديد ، قال : فشكى إلى الله ذلك فأوحى الله اليه انى
واهب لك ذكرا يكون خلفا لك من هابيل ، قال : فولدت حواء غلاما زكيا مباركا ،
فلما كان يوم السابع سماه آدم شيث ، فاوحى الله إلى آدم انما هذا الغلام هبة منى لك
فسمه هبة الله قال : فسماه هبة الله .
قال : فلما دنا أجل آدم أوحى الله اليه أن يا آدم انى متوفيك ورافع روحك إلى يوم كذا وكذا فاوص إلى خير ولدك وهو هبتى الذى وهبته لك ، فأوص اليه وسلم اليه
ما علمناك من الاسماء والاسم الاعظم ، فاجعل ذلك في تابوت فانى احب ان لا يخلو أرضى
من عالم يعلم علمى ويقضى بحكمى أجعله حجتى على خلقى
--------------------
(1) فيافى كصحارى لفظا ومعنى .
(2) البحار ج 5 : 265 و 14 : 337 ، البرهان ج 1 : 457
(3) البحار ج 5 : 265 ، البرهان ج 1 : 457 . ( * )
تفسير العياشي (الجزء الاول)_ 307 _
قال : فجمع آدم اليه جميع ولده من الرجال والنساء فقال لهم : يا ولدى ان الله اوحى إلى انه رافع اليه روحى وأمرنى ان اوصى إلى خير ولدى وانه هبة الله ، فان الله اختاره لى ولكم من بعدى اسمعوا له واطيعوا أمره ، فانه وصيى وخليفتى عليكم ،
فقالوا جميعا : نسمع له ونطيع أمره ولا نخالفه ، قال : فأمر بالتابوت فعمل ثم جعل
فيه علمه والاسماء والوصية ثم دفعها إلى هبة الله ، وتقدم اليه في ذلك وقال له : انظر يا هبة الله اذا انا مت فاغسلنى وكفنى وصل على وأدخلنى في حفرتى ، فاذا مضى بعد
وفاتى أربعون يوما فاخرج عظامى كلها من حفرتى فاجمعها جميعا ثم اجعلها في التابوت واحتفظ به ولا تأمنن عليه أحدا غيرك ، فاذا حضرت وفاتك واحسست بذلك من نفسك فالتمس خير ولدك وألزمهم لك صحبة وأفضلهم عندك قبل ذلك فأوص اليه بمثل ما أوصيت به اليك ولا تدعن الارض بغير عالم منا أهل البيت .
يا بنى ان الله تبارك وتعالى أهبطنى إلى الارض وجعلنى خليفته فيها ، حجة له على خلقه ، فقد أوصيت اليك بأمر الله وجعلتك حجة لله على خلقه في أرضه بعدى ، فلا تخرج من الدنيا حتى تدع لله حجة ووصيا وتسلم اليه التابوت وما فيه كما سلمته اليك ، وأعلمه انه سيكون من ذريتى رجل اسمه نوح يكون في نبوته الطوفان والغرق ، فمن ركب في فلكه نجا ومن تخلف عن فلكه غرق ، وأوص وصيك ان يحفظ بالتابوت وبما فيه ، فاذا حضرت وفاته أن يوصى إلى خير ولده وألزمهم له وأفضلهم عنده ، وسلم اليه التابوت وما فيه ، وليضع كل وصى وصيته في التابوت وليوص بذلك بعضهم إلى بعض ، فمن أدرك نبوة نوح فليركب معه وليحمل التابوت وجميع ما فيه في فلكه ولا يتخلف عنه أحد .
ويا هبة الله وانتم يا ولدى ـ اياكم ـ الملعون قابيل وولده فقد رأيتم ما فعل بأخيكم هابيل فاحذروه وولده ، ولا تناكحوهم ولا تخالطوهم ، وكن أنت ياهبة الله
واخوتك واخواتك في أعلى الجبل واعزله وولده ودع الملعون قابيل وولده في أسفل
الجبل .
قال : فلما كان اليوم الذى أخبر الله انه متوفيه فيه تهيأ آدم للموت واذعن به
تفسير العياشي (الجزء الاول)
_ 308 _
قال : وهبط عليه ملك الموت فقال آدم : دعنى يا ملك الموت حتى أتشهد وأثنى
على ربى بما صنع عندى من قبل أن تقبض روحى فقال آدم اشهد ان لا اله الا الله وحده
لا شريك له واشهد أنى عبدالله وخليفته في أرضه ابتدأنى باحسانه وخلقنى بيده ولم يخلق خلقا بيده سواى ونفخ في من روحه ، ثم اجمل صورتى ولم يخلق على خلقى أحدا قبلى ، ثم أسجد لى ملئكته وعلمنى الاسماء كلها ولم يعلمها ملئكته ثم اسكننى جنته ولم يكن يجعلها دار قرار ولا منزل استيطان ، وانما خلقنى ليسكننى الارض للذى أراد من التقدير والتدبير وقدر ذلك كله من قبل أن يخلقنى ، فمضيت في قدره وقضائه ونافذ امره ، ثم نهانى ان آكل من الشجرة فعصيته وأكلت منها ، فأقالنى عثرتى وصفح لى عن جرمى ، فله الحمد على جميع نعمه عندى حمدا يكمل به رضاه عنى .
قال : فقبض ملك الموت روحه صلوات الله عليه ، فقال أبوجعفر : ان جبرئيل
نزل بكفن آدم وبحنوطه والمسحاة معه (1) قال : ونزل مع جبرئيل سبعون الف ملك ليحضروا جنازة آدم عليه السلام قال : فغسله هبة الله وجبرئيل كفنه وحنطه ، ثم قال : يا هبة الله تقدم فصل على ابيك وكبر عليه خمسا وعشرين تكبيرة ، فوضع سرير آدم
ثم قدم هبة الله وقام جبرئيل عن يمينه والملئكة خلفهما ، فصلى عليه وكبر عليه
خمسا وعشرين تكبيرة وانصرف جبرئيل والملئكة ، فحفروا له بالمسحاة ثم ادخلوه
في حفرته ، ثم قال جبرئيل يا هبة الله هكذا فافعلوا بموتاكم والسلام عليكم ورحمة
الله وبركاته عليكم اهل البيت .
فقال ابوجعفر عليه السلام : فقام هبة الله في ولد أبيه بطاعة الله وبما أوصاه أبوه ، فاعتزل ولد الملعون قابيل فلما حضرت وفات هبة الله أوصى إلى ابنه قينان (2) و سلم اليه التابوت وما فيه وعظام آدم ووصية آدم وقال له : ان أنت ادركت نبوة
--------------------
(1) المسحاة : آلة من حديد يسحى به ويقال له بالفارسية ( بيل ) .
(2) الظاهر ان هيهنا سقطا او اختصارا من النساخ او الراوى لان الوصى بعد هبة الله
ابنه انوش ، وبعده قينان بن انوش ( عن هامش بعض النسخ ) . ( * )
تفسير العياشي (الجزء الاول)
_ 309 _
نوح فاتبعه واحمل التابوت معك في فلكه ولا تخلفن عنه فان في نبوته يكون الطوفان والغرق ، فمن ركب في فلكه نجا ومن تخلف عنه غرق .
قال فقام قينان بوصية هبة الله في اخوته وولد أبيه بطاعة الله قال : فلما حضرت قينان الوفاة اوصى إلى ابنه مهلائيل وسلم اليه التابوت وما فيه والوصية ، فقام مهلائيل بوصية قينان وسار بسيرته فلما حضرت مهلائيل الوفاة اوصى إلى ابنه يرد ، فسلم اليه التابوت وجميع ما فيه والوصية ، فتقدم اليه في نبوة نوح ، فلما حضرت وفاة يرد
اوصي إلى ابنه اخنوخ وهو ادريس فسلم اليه التابوت وجميع ما فيه والوصية ، فقام اخنوخ بوصية يرد ، فلما قرب أجله أوحى الله اليه انى رافعك إلى السماء وقابض روحك في السماء فاوص إلى ابنك خرقاسيل فقام خرقاسيل بوصية اخنوخ ، فلما حضرته الوفاة أوصى إلى ابنه نوح ، وسلم اليه التابوت وجميع ما فيه والوصية .
قال : فلم يزل التابوت عند نوح حتى حمله معه في فلكه فلما حضرت النوح
الوفاة أوصى إلى ابنه سام ، وسلم التابوت وجميع ما فيه والوصية .
قال حبيب السجستانى ثم انقطع حديث ابى جعفر عليه السلام عندها (1)
78 ـ عن أبى حمزة الثمالى عن أبى جعفر عليه السلام قال : لما اكل آدم من الشجرة أهبط إلى الارض فولد له هابيل واخته توأم ، ثم قابيل واخته توأم ، ثم ان آدم أمر هابيل وقابيل أن يقربا قربانا وكان هابيل صاحب غنم وكان قابيل صاحب زرع فقرب
هابيل كبشا من أفضل غنمه ، وقرب قابيل زرعه ما لم يكن ينق كما أدخل بيته فتقبل
قربان هابيل ولم يقبل قربان قابيل ، وهو قول الله ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْ الآخَرِ ) الاية وكان القربان تأكله النار فعمد قابيل إلى النار فبنى لها بيتا وهو أول من بنى بيوت النار ، فقال لاعبدن هذه النار حتى يتقبل قربانى .
ثم ان ابليس عدوا لله أتاه وهو يجرى من ابن آدم مجرى الدم في العروق ، فقال له : يا قابيل قد تقبل قربان هابيل ولم يتقبل قربانك وانك ان تركته يكون له عقب
--------------------
(1) البحار ج 7 : 13 ، البرهان ج 1 : 461 . ( * )
تفسير العياشي (الجزء الاول)
_ 310 _
يفتخرون على عقبك ، ويقولون : نحن ابناء الذين تقبل قربانه ، وانتم ابناء الذين ترك قربانه فاقتله لكى لا يكون له عقب يفتخرون على عقبك فقتله ، فلما رجع قابيل إلى آدم قال له : يا قابيل اين هابيل ؟ فقال : اطلبه حيث قربنا القربان ، فانطلق آدم
فوجد هابيل قتيلا ، فقال آدم : لعنت من أرض كما قبلت دم هابيل فبكى آدم على هابيل
اربعين ليلة ، ثم ان آدم سأل ربه ولدا فولد له غلام فسماه هبة الله ، لان الله وهبه له و أخته توأم ، فلما انقضت نبوة آدم واستكملت ايامه اوحى الله اليه ان يا آدم قد قضيت نبوتك واستكملت ايامك ، فاجعل العلم الذى عندك والايمان والاسم الاكبر وميراث
العلم وآثار علم النبوة في العقب من ذريتك عند هبة الله ابنك ، فانى لم أقطع العلم و
الايمان والاسم الاعظم وآثار علم النبوة من العقب من ذريتك إلى يوم القيمة ، ولن أدع
الارض الا وفيها عالم يعرف به دينى ويعرف به طاعتى ويكون نجاة لمن يولد فيما
بينك وبين نوح .
وبشر آدم بنوح وقال : ان الله باعث نبيا اسمه نوح فانه يدعو إلى الله ويكذبه قومه ، فيهلكهم الله بالطوفان فكان بين آدم ونوح عشرة أبا كلهم أنبياء وأوصى آدم إلى هبة الله ان من أدركه منكم فليؤمن به وليتبعه وليصدق به فانه ينجو من الغرق ،
ثم ان آدم مرض المرضة التى مات فيها فأرسل هبة الله فقال له : ان لقيت جبرئيل و
من لقيت من الملئكة فاقرءه منى السلام وقل له : يا جبرئيل ان أبى يستهديك من ثمار
الجنة فقال جبرئيل : يا هبة الله ان أباك قد قبض صلوات الله عليه ، وما نزلنا الا للصلوة عليه فارجع ، فرجع فوجد آدم قد قبض فأراه جبرئيل عليه السلام كيف يغسله حتى اذا بلغ الصلوة عليه ، قال هبة الله : يا جبرئيل تقدم فصل على آدم فقال له جبرئيل : ان الله أمرنا ان نسجد لابيك وهو في الجنة فليس ان نؤم شيئا من ولده ، فتقدم هبة الله
فصلى على أبيه آدم وجبرئيل خلفه ، وجنود الملئكة وكبر عليه ثلثين تكبيرة ،
فأمره جبرئيل فرفع من ذلك خمسا وعشرين تكبيرة والسنة اليوم فينا خمس تكبيرات ، وقد كان يكبر على أهل بدر تسعا وسبعا .
ثم ان هبة الله لما دفن آدم عليه السلام أتاه قابيل فقال : يا هبة الله انى قد رأيت ابى
تفسير العياشي (الجزء الاول)
_ 311 _