المثل التاسع والخمسون : البخلاء
  يقول الله تعالى في الآيات 17 ـ 33 من سورة القلم : ( إنَّا بَلَوْنَاهُمْ كما بَلَوْنا أصحابَ الجَنَّة إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصبحِينَ * وَلاَ يَستَثنُونَ * فَطَافَ عَليها طائِفٌ مِن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصبَحَتْ كَالصَّرِيمِ * فَتَنَادوا مُصبِحِينَ * أنِ اغذُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إن كُنتُم صَارِمِينَ * فانطَلَقُوا وَهُم يَتَخافتُونَ * أَن لا يدَخُلَنَّهَا اليومَ عَلَيكُم مِسكِينٌ * وَغَدَوا عَلَى حَرد قَادِرِينَ * فَلَمَّا رَأوهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُمُونَ * قَالَ أَوسَطُهُم أَلَمْ أَقُل لَكُم لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ * قَالُوا سُبحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَأَقبَلَ بَعْضُهُم عَلَى بَعْض يَتَلاوَمُونَ * قَالُوا ياوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ * عَسَى رَبُّنَا أَن يُبدِلَنَا خَيراً مَنهَا إنَّا إلى رَبِّنَا راغِبُونَ * كَذَلِكَ العَذَابُ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أكبَرُ لَو كَانُوا يَعْلمُونَ ).

تصوير البحث
  قد يجسِّم الله الحقائق التربوية المهمة جداً في قالب تشبيه محض ، وقد يجسّمها من خلال قولبة قصة حقيقية من الواقع الخارجي في إطار مثل ، والآيات السبع عشرة من سورة القلم من قبيل القسم الثاني.

الشرح والتفسير
  كان الحديث في الآيات السابقة لآيات المثل عن المناعين عن الخير (1) ، وعقب ذلك ذكر

--------------------
(1) هؤلاء لا أنهم بخلاء فحسب بل يمنعون الآخرين من الانفاق كذلك.

أمثال القرآن _ 516 _

  قصة أصحاب الجنّة في قالب تمثيل جميل.
  يستفاد من تعابير الآيات الجميلة أن هذه القصة كانت معروفة عند العرب قبل الاسلام ، بالطبع ليس بالتفصيل المذكور هنا ، وحاول القرآن بيان نكات ظريفة في هذه القصة ، أوضح من خلالها عاقبة المنَّاع للخير.
  جاءت قصة أصحاب الجنة في القرآن كالتالي : ( إنَّا بَلَوْنَاهُمْ كما بَلَوْنا أصحابَ الجَنَّة ).
  يا رسول ، إنَّا أدخلنا اُمتك في اختبار كما أدخلنا من قبلهم أصحاب الجنة (1) ، ويراد من الجنة هنا البستان لا ما تقابل جهنم.
  كان في الاُمم السالفة والد خيّر ، له بستان واسع ، عندما يحلُّ فصل جني الثمار كان هذا الرجل السخي يخبر الفقراء والمساكين لينالوا نصيباً منها ، ولأجل ذلك كان البستان ينمو ويثمر كل عام أكثر فأكثر.
  توفي هذا الأب السخي وترك البستان لاُولاده ، الذين كانوا بخلاء وقصيري النظر ، ويرون ثمار البستان حقهم الخاص بهم دون غيرهم ، فمنعوا الفقراء والمساكين من النيل من البستان ، كما كان يفعل ذلك والدهم ، وكان لسان حالهم يقول : لِمَ نعطِ هؤلاء مع أنَّهم لم يفعلو لنا ولبستاننا شيئاً ولم يعملوا فيه ، كما أنهم لم يستثمروا شيئاً من أموالهم في البستان ؟
  وهل هم يدينون لنا بشيء ؟ وهل هو إرث آبائهم ؟ والحق ينبغي أن يرجع لصاحبه ، ونحن أصحاب هذا الحق وما لنا وهؤلاء الفقراء ؟ ولماذا يعيش الفقراء ؟ فليموتوا !
  ولأجل تحقيق أفكارهم الشيطانية رسموا الخطة التالية : ( إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِ مُنَّها مُصبحِينَ * وَلاَ يَستَثنُونَ ).
  تقضي خطتهم التي أقسموا عليها أن يذهبوا في الصباح الباكر مع غلمانهم إلى البستان

--------------------
(1) اختلف المفسرون في محلّ هذه الجنة ، فقال البعض : إنَّها في اليمن ، واحتملها البعض مدينة صنعاء الكبيرة ، وطائفة ثالثة قالت : إنَّها في الحبشة ، وطائفة رابعة قالت : في الشام ، والاحتمال الخامس : كونها في الطائف ، والاحتمال الاول هو المشهور ، راجع الأمثل 18 : 491.

أمثال القرآن _ 517 _
  ويجنون ثماره قبل أن يأتوا الفقراء ، وإذا جاءوا فلا يشاهدون شيئاً يأخذونه معهم (1) ، فذهبوا إلى فراشهم بهذا الأمل.
  ( فَطَافَ عَليها طائِفٌ مِن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ ).
  الطائف تعني الذي يطوف ، وقد اُطلق هذا الاصطلاح على من يطوف الكعبة بهذا الاعتبار.
  كما يُطلق الطائف على البلاء الذي ينزل ليلاً ، من قبيل السرقة التي غالباً ما تحصل ليلاً ، وسبب الاطلاق هو أن السارق غالباً ما يطوف البيت الذي يقصد سرقته قبل أن يسطو عليه ، وذلك ليتعرَّف على نقاط ضعفه وفجواته ليدخل منها.
  تأوّهات المظلومين تبلورت على نحو طائف وبلاء إلهي نزل على بستانهم وأتلفه.
  ( فَأَصبَحَتْ كَالصَّرِيمِ ).
  عند الصباح لم يجدوا أثراً من الثمار والفواكه التي خططوا لها بالأمس ، فقد تبدَّلت جنتهم إلى قطعة من الفحم.
  ما هو البلاء الذي نزل على هذه الجنة ؟ قد يكون عبارة عن صاعقة أمرها الله أن تحرق الجنة لتبدّله إلى فحم ورماد.
  تكفي درجة حرارة بمستوى مائة لإحراق هذه الجنة ، أمَّا إذا كانت درجة حرارة الصاعقة خمسة عشر ضعفاً فما تفعل بالجنَّة ؟ إنَّ هذه الدرجة من الحرارة تذيب كل أنواع الفلزات فضلاً عن الأشجار والفواكه والخضار.
  ( فَتَنَادوا مُصبِحِينَ * أنِ اغذُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إن كُنتُم صَارِمِينَ ).
  استيقظ أصحاب الجنة صباحاً ولم يكونوا على علم بما كان قد حصل لبستانهم ، فنادى أحدهم الآخر ليستعجلوا في اليقظة والذهاب لجني الثمار ، وبعد حمل المستلزمات الضرورية تحركوا باتجاه البستان.

--------------------
(1) لم يتّخذوا هذا القرار بناءً للحاجة ، بل لضعف إيمانهم وبخلهم ، لأن بامكانهم أن يبذلوا مقداراً من محصولات بستانهم مهما كانت حاجتهم.
إلاَّ أن بعض المفسرين فسَّر عبارة ( وَلاَ يَستَثنُونَ ) بنحو آخر وقال : عندما خططو للغد لم يقولوا : إن شاء الله ، فما كان غرورهم يسمح لهم بالتفوّه بهذه العبارة المباركة. لكن التفسير الأول اصح ، لكونه متناسباً مع القصّة.
راجع الأمثل 18 : 491.

أمثال القرآن _ 518 _
  ( فانطَلَقُوا وَهُم يَتَخافتُونَ * أَن لا يدَخُلَنَّهَا اليومَ عَلَيكُم مِسكِينٌ * وَغَدَوا عَلَى حَرد قَادِرِينَ ).
  أيقظ أحدهم الآخر بإيجاد ضوضاء ، لكنهم خرجوا ببطء ودون إيجاد أي صوت ودون أن يتكلَّموا ، وإذا أرادوا مبادلة الكلام همس أحدهم في إذن الآخر ، وما كان كلامهم إلاَّ تحذير أحدهم الآخر من أن يطلّع واحد من الفقراء على الموضوع.
  نعم ، كانوا قد قرروا أن يحولوا دون اطلاع الفقراء ، وأن يمنعوهم بقوّة دون الوصول إلى الجنة ، ومن المحتمل أنَّهم وظّفوا بعض الأقوياء ليمنعوا الفقراء عن دخول الجنة إذا ما اطَّلعوا رغم الإجراءات التي اتخذوها للحؤول دون اطلاعهم.
  ( فَلَمَّا رَأوهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُمُونَ ) بعد الاجراءات والاحتياطات التي قاموا بها وصلوا جنّتهم وفقاً لخطّتهم ، لكنَّهم عندئذ تعجّبوا حيث لم يعثروا على أثر للطراوة والخضار ، ولا نسيم ، ولا صوتاً للطيور ولا للقنوات ، ولا فاكهة ولا شجرة ، فلم يبقَ من الجنة غير الفحم والرماد ، عندئذ اعترفوا بخطأهم وأقرّوا بصحة منهج والدهم واعتبروا أنفسهم ضالين.
  ( قَالَ أَوسَطُهُم أَلَمْ أَقُل لَكُم لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ ).
  يبدو أن واحداً من الاخوة كان أعقلهم ، وكان مخالفاً لهم منذ البداية وكان مصرّاً على العمل وفق نهج الوالد ، إلاَّ أنَّ إخوته كانوا يشكّلون الأكثرية ، وهو الاقلية ، لذلك لم يكن لرأيه تأثير عليهم ، لكنه بعد ما شاهد ـ كاخوته ـ ما آلت إليه جنتهم قال لهم ما ورد في العبارة المتقدَّمة.
  ( قَالُوا سُبحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَأَقبَلَ بَعْضُهُم عَلَى بَعْض يَتَلاوَمُونَ ).
  كانت ملامة أخيهم بمثابة السوط الذي جلد ضميرهم وأيقظه من سبات الغفلة ، عندئذ جرى تقديس الله وتسبيحه على ألسنتهم ، وبدأوا يعترفون بأنَّهم ظالمون.
  إنَّهم ظلموا أنفسهم ، كما ظلموا الفقراء ، ثم أخذ أحدهم يلوم الآخر ، ويحمّل أحدهم الآخر مسؤولية هذا العمل ، وهو سيرة المذنبين دائماً.
  نعم ، في الصباح الباكر كان أحدهم يوقظ الآخر بصوت عال ، وتحرّكوا باتجاه الجنَّة

أمثال القرآن _ 519 _
  باحتياط ، وهم حالياً يتَّهم بعضهم الآخر.
  ممَّا يلفت أنَّ الآية ( قَالُوا سُبحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ) تكشف عن أنَّهم لم يتلقّوا نزول العذاب ظلماً من الله عليهم ، بل نزّهوا الله من كل ظلم ، واعتبروا أنفسهم سبباً لهذا العذاب.
  إنهم أعلنوا من خلال هذه الجملة كونهم ظلموا الآخرين فكانوا أهلاً لنزول العذاب ، ولم يكن ذلك ظلماً من الله عليهم ، بل ما صدر منه هو عين العدالة والحكمة ونوعٌ من اللطف في حقّهم ، لأن وجدانهم استيقظ من سباته إثر هذا العذاب فتابوا إلى الله وأنابوا إليه.
  ( قَالُوا ياوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ ).
  ربّنا ، أغوتنا نعمك وأغفلتنا عن صاحب النعم ، فانحرفنا.
  ربّنا ، ما كنا نعلم أنَّ الأموال التي وهبتها لنا لم تكن بأكملها لنا ، بل جعلت سهماً للفقراء فيها.
  ربّنا ، علمنا أن ذلك كان اختباراً منك لنا فنتوب ونقرُّ بذنبنا ، وها نحن جئناك تائبين نادمين داعيك بالدعاء التالي : ( عَسَى رَبُّنَا أَن يُبدِلَنَا خَيراً مَنهَا إنَّا إلى رَبِّنَا راغِبُونَ ).
  يقظ أصحاب الجنة من سبات الغفلة بصفعة العذاب الإلهي ، فاعتبروا ممَّا حدث لهم وتابوا ودعوا الله بهذا الدعاء.
  بعد التوبة والدعاء عزموا بجدٍّ ومثابرة على العمل على الأرض ، فلم يمضِ وقت طويل ـ كما ينقل ابن مسعود ـ حتى رزقهم الله بلطفه جنَّة أعظم وأفضل ممَّا كانت لهم (1).
  لكن بعض المفسرين يرى أن توبتهم لم تُقبل لعدم توافر شروط التوبة فيهم (2).
  ( كَذَلِكَ العَذَاب وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أكبَرُ لَو كَانُوا يَعْلمُونَ ).
  هذه الآية استنتاج لقصة أصحاب الجنَّة ، وهي تحذير لكلِّ من كان يعيش حياة ذات وجوه شبه مع حياة أصحاب الجنَّة ، فهي تقول : إن العذاب الاُخروي أشدّ وأكبر من العذاب

--------------------
(1) مجمع البيان 10 : 237.
(2) انظر الأمثل 18 : 497.

أمثال القرآن _ 520 _
  الأليم والمفجع الذي أنزلناه على هؤلاء.
  وعلى كل من توفَّرت عنده امكانيات وثروة أن يترك منها سهماً للفقراء ، ولو بخل في ذلك وخطى في هذا الاتجاه بحيث لا هو بذل ولا ترك الآخرين يبذلون فليطمئن من نزول عذاب الله عليه في الدنيا والآخرة.
  بالطبع لا ينبغي أن يكون العذاب دائماً عبارة عن صاعقة سماوية تحرق ممتلكات البخيل ، بل لله جنود لكل زمان ومكان ، من قبيل : الآفات والحروب والسيول والأمراض المستعصية والجفاف وانعدام البركة ، فهذه كلها جنود لله يبعثها حيث يشاء.
  خطابات الآية
  1 ـ الاستئثار بلاء خطر
  إذا اتُّخذت الأموال والثروة جسراً للوصول إلى الغايات ، ولم يخرج حبّها عن مستوى الاعتدال كان ذلك أمراً مطلوباً ومستحسناً ، أما إذا بلغ حبُّها مستوى الإفراط وعدَّت بحد ذاتها هدفاً وليس وسيلة وأنتجت ثماراً من قبيل الاستئثار كان ذلك أمراً مذموماً.
  ولأجل ذلك فرض الاسلام الحقوق الواجب دفعها ، كما دعى المسلمين إلى الإنفاق الزائد على ذلك ( الانفاق المستحب ) لكي يحول بذلك عن انتاج أو نمو شجرة الاستئثار البغيضة.
  تتجلَّى أخطار الاستئثار عندما تتسع رقعة آثاره الذميمة لتشمل المجتمع كله بعد ما كانت منحصرة في المستأثر فقط ، كما هو حال باقي الذنوب ، وذلك لأن آهات المظلومين والمستحقين والمساكين قد تتبدَّل إلى إعصار يكتسح المجتمع بأسره.
  علينا تطهير أنفسنا من هذه الصفة الذميمة ، وذلك من خلال إنفاق بعض من أموالنا ( قدر الإمكان ) لمحرومي المجتمع وفقرائه ، ولنقتدِ في هذا المجال بالأئمة المعصومين ( عليهم السلام ).
  ينقل في أحوال الامام الصادق ( عليه السلام ) قوله التالي : ( كنت آمر إذا أدركت الثمرة أن يثلم في حيطانها الثلم ليدخل الناس ويأكلوا ، وكنت آمر في كل يوم أن يوضع عشر بنيات يقعد على كل بنية عشرة كلَّما أكل عشرة جاء عشرة اُخرى يلقى لكلّ نفس منهم مدّ من رطب ، وكنت آمر لجيران الضيعة كلهم الشيخ والعجوز والصبي

أمثال القرآن _ 521 ـ
  والمريض والمرأة ومن لا يقدر أن يجيء فيأكل منها لكلِّ إنسان منهم مدّاً ... ) (1).
  2 ـ الهدف من البلاء والعذاب
  البلاء والعذاب والمرض والمشاكل الاجتماعية والفردية والغلاء والتضخّم وما شابه ، كل ذلك ليس عقوبة دائماً ، بل قد يكون بمثابة الصدمة التي يوردها الطبيب على المريض لكي يشعره ويحسّسه.
  والله قد يستهدف من العذاب تربية الانسان وإيقاضه من غفلته.
  العذاب الذي نزل على أصحاب الجنَّة كان من هذا القبيل ، بناءً على رأي اولئك الذين يرون أنَّ توبتهم قد قبلت ، بعد ما أعربوا عن ندمهم ، لينتهجوا بعدها نهج أبيهم في الانفاق على الفقراء والمساكين ، ممَّا وفَّر الأرضية لأن يرزقهم الله الجنة مرَّة اُخرى.
  3 ـ العلاقة بين الذنب وانقطاع الرزق
  للعصيان والذنوب والتخلّف عن القوانين الالهية عواقب سيئة لا في الآخرة فقط بل في الدنيا كذلك ، فآثار العصيان مشهودة في الدنيا ، كما هي ثابتة في الآخرة.
  البحث في الآثار الدنيوية للذنوب بحث جميل ويكشف عن وجود بعدين للدين لا بعد واحد ، وقد انعكس هذا البحث في آيات وروايات كثيرة.
  الآيات التي هي موضع بحثنا تشير إلى هذا المطلب ، والبخل والأسوء منه منع الخير لا أنه لا يوجب زيادة ثروة الانسان وأمواله فحسب بل يكون بمثابة الحريق الذي يحرق الزرع ويترك الانسان يعيش البؤس والتعاسة.
  الرواية التالي ذكرها واحدة من كثير من الروايات الواردة في هذا المجال ، يقول الامام الباقر ( عليه السلام ) : ( إنَّ الرجل ليذنب الذنب فيدرأُ عنه الرزق ) وتلا هذه الآية : ( إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصبحِينَ ... ) (2).

--------------------
(1) وسائل الشيعة 6 : 140 ـ 141 ، أبواب زكاة الغلات ، الباب 18 ، الحديث 2.
(2) تفسير نور الثقلين 5 : 395 ، الحديث 44 ، ( نقلاً عن الأمثل 18 : 499 ).

أمثال القرآن _ 522 _
  كما نقل عن ابن عباس قوله : إنَّ العلاقة بين الذنب وقطع الرزق أوضح من الشمس ، كما بيّنها الله عزَّ وجلَّ في سورة ن والقلم (1).
  النتيجة : العلاقة بين الذنب وانقطاع الرزق واضحة ، وعلى الانسان ترك العصيان حتى لو كان طالباً للدنيا فقط.
  4 ـ العناد أو الإنابة ؟
  عندما يشاهد الانسان نتيجة أعماله في الدنيا يختار أحد الطريقين ، إمَّا اللجاجة والعناد وإمَّا الإنابة والرجوع.
  البعض يتلقى البلاء لطفاً من الله يوقظه به من سبات الغفلة ويمنعه دون تكرار الأخطاء ، فيتوب ويخجل ، ولاشك أن الله سيتغمدّه بألطافه.
  وبعض آخر في سبات عميق ، لا شيء يوقظه منه إلاَّ الموت ، فلا توقظه هذه الحوادث من نومه فيستمر في المضي في درب الخطأ ، بل تزيد الحوادث من سرعة مشيه في هذا الطريق ، أي طريق المعصية والذنوب عناداً ولجاجة ، وهو في الحقيقة في عناد مع سعادته ، وكلَّما تقدَّم كلما نقص احتمال نجاته ، وكلما ابتعد عن رحمة الله.
  العناد ناشئ عن الرذائل الأخلاقية ، ومصدرها الأساسي هو الجهل ، الذي خلَّف للانسان على طول التاريخ آثاراً مشؤومة وغير مباركة كثيرة (2).
  وفقاً لما جاء في بعض الروايات فإنَّ أصحاب الجنة اختاروا الطريق الاول فتابوا وأنابوا إلى الله فشملتهم الألطاف الالهية.
  أمَّا أفراد من قبيل أبي لهب وأبي سفيان ومعاوية فاختاروا درب العناد فأصبحوا لعنة على ألسن المؤمنين إلى يوم القيامة.

--------------------
(1) الميزان 20 : 37 ( نقلاً عن الأمثل 18 : 499 ).
(2) راجع البحوث ذات الصلة بالعناد واللجاجة في الأخلاق في القرآن 2 : 211 فما بعدها.

أمثال القرآن _ 523 _
  5 ـ العلاقة بين التسبيح والتوبة
  عندما التفت أصحاب الجنة إلى خطأهم تابوا وبدأوا توبتهم بتسبيح الله ، كما ورد في الآية : ( قَالُوا سُبحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ).
  كما نلحظ هذا المعنى في قصة يونس التي وردت في الآية 87 من سورة الأنبياء ، فعندما أدرك أنَّه ترك الأولى تاب وقال : ( لا إلَهَ إلاَّ أنتَ سُبْحَانَكَ إنّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) ، فسبَّح الله أولاً ثمّ تاب.
  كما نلحظ هذا المعنى في قصة موسى ( عليه السلام ) الواردة في الآية 143 من سورة الأعراف.
  سؤال : ما العلاقة بين تسبيح الله والتوبة والندم ؟
  الجواب : حقيقة المذنب كونه جاهلاً لبعض صفات الله ذات الصلة بذنبه أو أنّه تجاهلها وأنكرها عملياً ، فالسارق ـ مثلاً ـ يجهل صفة الرزق التي يتصف بها الله أو أنه أنكرها عملياً ، وعندما يدرك خطأه يصحِّح اعتقاده في البداية فيسبّح الله وينزهه من كل عيب ونقص ثم يبتُّ بإصلاح أعماله وسلوكه ، ويجبر ما سبق منه بالتوبة والعمل الصالح.
  النتيجة : الذنب ينشأ عن عاملين :
  الاول : الاعتقاد .
  والثاني : السلوك والعمل ، ولهذا يُفرض بالتوبة أن تكون اعتقادية وسلوكية.
  ابتُلينا حالياً (1) باختبارات مختلفة ، وما هي إلاَّ نتيجة لأعمالنا واعتقاداتنا ، فالجفاف بلغ مدناً كانت محاصرة بالأنهار والمياه ، من قبيل اصفهان وعبادان ، وقد أعملت الحكومة بعض القيود ونظام الحصص في اصفهان وغيرها من المدن ممَّا سبب مشاكل للناس.
  هذا من جانب ومن جانب آخر فان حرب الصحافة والاتهامات والافتراءات تستمر بلا هودة ، وبعض الصحف استهدفت بجسارة جميع المقدسات ، يستحي القلم من ذكر ولو نموذجاً واحداً منها (2).

--------------------
(1) يقصد ايران صيف 1379 هـ ش ، حيث ابتليت ايران بالجفاف مضافاً إلى تيارات فكرية مشبوهة.
(2) اندرجت نماذج منها في رسالة مفتوحة وجَّهها مجموعة من فضلاء الحوزة ومدرسيها إلى وزارة الإرشاد ، انعكس قسم منها في العدد 3561 لصحيفة القدس ، الصادرة بتاريخ 17/2/1379 هـ ش ، والقسم الآخر انعكس في مقال يحمل عنوان ( پهلو به پهلو ) أي جنباً لجنب ، كما سرد كتاب ( آزادي يا توطئة ) ، أي الحرية أم المؤامرة ، كل ما ورد في الصحف التي سعت لإلقاء الشبهات في المجتمع ونقدها.
إلهي ، نعوذ بك من هذه الأفكار والكلمات ، فاحفظنا ومجتمعاتنا منها.

أمثال القرآن _ 524 _
  ومن جانب آخر كذلك فان مؤامرات الأعداء تزداد وتتعقّد يومياً ويزداد خطرها كل يوم.
  والأسوء من ذلك الاختلاف والنزاعات الكلامية بين الأحزاب السياسية ، فقد بلغت مستوى أن نسوا أرباب الأحزاب مشاكل الناس إثرها.
  ألَمْ تدعُنا هذه الحوادث للإنابة إلى الله ؟ ألم يأن لنا أن نسبّح الله وننزّهه ثمّ نتوب إليه لكي يتغمّدنا بلطفه ورحمته وفيضه ؟
  اللهم ، اجعل البلاء الذي سببناه لأنفسنا عاملاً ليقظتنا ووعينا.
  اللهم ، أرنا طريق الإنابة ووفقنا للتوبة.

أمثال القرآن _ 525 _
المثل الستون : الموقف تجاه الكلام الحق
  يقول الله في الآيات 49 ـ 51 من سورة المدثر : ( فَمَا لَهُمْ عَن التذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأنَّهُم حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ * فَرَّت من قَسْوَرَة ).

تصوير البحث
  في هذه الآيات الثلاث ، التي تشكّل آخر مثل من أمثال القرآن الجميلة ، شبَّه الله جماعة الوثنيين المتعصبين والمعاندين المتهربين عن تذكرات القرآن والرسول بالحُمُر الفارَّة من صوت الأسد.

الشرح والتفسير
  ( فَمَا لَهُمْ عَن التذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ ).
  بعد ما ينقل القرآن المجيد حوار أصحاب الجنة وأصحاب الجحيم ، يطرح السؤال التالي : لماذا أعرض أصحاب الجحيم عن التذكرات في الدنيا ؟
  تكرَّرت مفردة ( تذكرة ) تسع مرّات في القرآن ، واُريد منها القرآن في جميع هذه الموارد ، أمّا مفردة ( ذكر ) ، التي هي من نفس المادة ، فتكررت خمسين مرّة ، واُريد منها القرآن المجيد كذلك في كثير من الموارد ، منها : الآية 6 من سورة الحجر : ( يَا أيُّها الذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إنَّكَ لمَجْنُونٌ ) والقرآن هو الذي نُزِّل على الرسول ( صلى الله عليه وآله ).

أمثال القرآن _ 526 _
  وباعتبار أن الرسول ( صلى الله عليه وآله ) جاء بالذكر والتذكرة ( القرآن المجيد ) سُمِّي مُذكِّراً ، فقد جاء في الآية 21 و22 من سورة الغاشية : ( فَذَكِّرْ إنَّما أنْتَ مُذَكِّرٌ * لَستَ عَلَيْهِم بمُصَيْطِر ).
  إذن ، القرآن المجيد ذكر ، والرسول مذكِّر ، لكن من المؤسف أن بعضاً من العنودين والمتعصبين لا يصغي إلى تذكرات الرسول ، بل يفرُّ منها.
  ( كَأنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَة ).
  الحُمُر جمع حمار ، وبما أنها مطلقة فتشمل جميع ما يندرج تحت هذا الصنف من الحيوانات ، لكن المراد منه هنا ليس الحمار الأهلي الذي يستخدمه الانسان لأداء أعماله بل المراد هو الحمار الوحشي ، وذلك للاُمور التالية :
  أولاً : الحمار الوحشي يخاف الأسد أكثر ويفرُّ منه ، وقيد ( مُسْتَنْفِرَة ) يفيد كون المراد الحمار الوحشي لا الأهلي.
  ثانياً : الحديث في الآية عن الأسد والحمار (1) ، ومن الواضح أن هناك تناسباً أكثر بين الأسد والحمار الوحشي ، وبخاصة أن للأسد رغبة خاصة بصيد الحمار الوحشي ، والخوف يستولي على الحُمرُ بمجرّد أن تسمع صوته بحيث تفقد صوابها ولا تعلم إلى أين تتجّه ، ويتفرّق الفصيل إلى جهات عديدة.
  أحسن القرآن بيان كلّ شيء أراد بيانه واستخدم أرفع مستويات التعبير وأكملها فيه ، وفي هذه الآية رسم الله أكمل أنواع الفرار والهروب ، وذلك من وجوه فصاحة القرآن وبلاغته.
  لماذا يفرُّ الوثنيون من تذكيرات الأنبياء ؟ لماذا يفرون من الجنة المدعوون لها باتجاه جهنَّم ؟ لماذا يتجهون إلى الظلمات تاركين خلفهم النور ؟
  لماذا يتركون الأماكن الآمنة ويتجهون نحو اماكن خطرة يحتمل السقوط فيها ؟ يزداد إعجاب الانسان عندما يفكر بهذه الآيات وكذا روايات وردت في هذا المجال.

--------------------
(1) اشتقت قسورة من مادة ( قسر ) وتعني القهر والغلبة ، وهي أحد أسماء الأسد ، وقيل : هو السهم ، وقيل : الصياد.
ولكن المعنى الاولى هو الأنسب ، راجع الأمثل 19 : 173.

أمثال القرآن _ 527 _
  كان عبدة الأصنام المتعصبون يفرّون من نداء الحق بذرائع مختلفة ، فبعض منهم كان يجعل القطن في اُذنيه لكي لا يسمع شيئاً من كلام الحق.
  جاء أسعد بن زرارة ( من كفار المدينة ) يوماً إلى مكة لتهيئة بعض وسائل الحرب وحاجات اُخرى ، فشاهد جنب باب المسجد الحرام واحداً من كفار مكة بيده كيس من القطن يدعو كل من أراد دخول المسجد أن يجعل قطناً في اُذنيه.
  سأله أسعد عن سبب ذلك ، فقال له : هناك ساحر جنب الكعبة يُدعى محمّد يسحر الناس بكلماته ، والقطن يحول دون تأثير سحره على الناس ... (1).
  وكان بعض آخر منهم يجعل أصابعه في اُذنيه لكي لا يسمع شيئاً من كلام الحق الجذّاب الذي يتفوّه به الأنبياء ، بل كان البعض لا يكتفي بذلك ويجعل ثيابه فوق رأسه لكي لا تنقر اُذنيه ولو كلمة من كلمات الحق.
  في هذا المجال خاطب نوح ربه قائلاً : ( وإنّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ واسْتغشَوْا ثيابَهُمْ وأصَرُّوا واسْتَكْبَروا اسْتِكْباراً ) (2).
  وبعض آخر كان يأمر غلمانه ومن تحت يديه أن يحدث ضوضاء بالصراخ والصفير والتصفيق عند تلاوة القرآن لكي يحولوا دون سماع نغمات القرآن الجميلة.
  يقول الله فى ى الآية 26 من سورة فصّلت : ( وَقَالَ الَّذينَ كَفَروا لا تسْمَعُوا لِهذا القُرآنِ والغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ).
  خلاصة الكلام : أن المشركين والوثنيين كانوا يحولون دون بلوغ صوت الحق أسماع الناس ، ويستخدمون لهذا الغرض أساليب مختلفة.
  أسأل تارة اُخرى : لماذا كانوا يفرّون من تذكيرات الأنبياء والرسل ؟

--------------------
(1) تقدم تفصيل القصة في تحليلنا لأمثال القرآن في بداية الكتاب.
(2) نوح : 7.

أمثال القرآن _ 528 _
  لماذا كانوا أعداءً لسعادتهم وهدايتهم ونجاتهم ؟
  جواب هذه الأسئلة ينحصر في أربع جمل : العناد ، والحماقة ، والتعصّب الذي في غير موضعه ، والجهل.
  نعم ، هذه الاُمور تحوول دون سماع صوت الحق وتؤدّي إلى فرار الانسان وهروبه من الحق.
  اللهم ، وفقنا لترك هذه الرذائل الأربع ، لكي نقبل نداءك الحق بكل وجودنا.
  خطابات الآية
  1 ـ القرآن ذكر والرسول مذكِّر
  سؤال : لماذا اُطلق على القرآن ( ذكر ) و( تذكرة ) وعلى الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ( مذكِّر ) ؟ وما السر في هذا التعبير ؟
  الجواب : هذه التعابير تستبطن نقطتين مهمتين ، هما مصادر لمعارف عليا.
  النقطة الاولى : ممَّا يمكن استفادته من الآية التي هي موضع بحثنا وكذا آيات وروايات اُخرى كون التذكير إحدى مهام الأنبياء ووظائفهم.
  وهذا يعني أن فطرة الانسان الطاهرة مجبولة على الايمان وتعاليم الأنبياء ( فِطرَةَ اللهِ التي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ) (1) ، لا فيما يخصُّ اصول الدين فحسب بل وكذا فروعه ، والفطرة بأعماقها تستبطن هذه التعاليم الرفيعة.
  بناءً على ذلك تكون وظيفة الأنبياء هي التذكير بهذه المعارف والقضايا الفطرية ، لكي لا ينساها البشر ، بل يبقى واعياً متذكّراً لها وموحداً في فكره وسلوكه ، ومعتقداً بالمعاد والحياة بعد الموت ، ومتداعياً في ذهنه ما استبطنته الفطرة بأعماقها من مفاهيم من قبيل : العدالة والتقوى.
  أوضح الامام علي ( عليه السلام ) في الخطبة الاولى من ( نهج البلاغة ) وظيفة الانبياء ببيان جميل جداً ، وقال في الإجابة عن سبب بعثة الانبياء :

--------------------
(1) الروم : 30.

أمثال القرآن _ 529 _
  ( ليستأدوهم ميثاق فِطرته ويذكّروهم منسيَّ نعمته ويحتجّوا عليهم بالتبليغ ويثيروا لهم دفائن العقول ... ) .
  للبعثة أهداف مختلفة :
  الاول : مطالبة البشر بأداء ميثاق الفطرة.
  ومن هذه العبارة يستفاد أن الله أبرم مع فطرة البشر عهداً ، وعلى الانسان أن يؤديه في حياته ، وقد يكون العهد الذي أشارت إليه الآية 172 من سورة الأعراف هو هذا.
  الثاني : تذكيرهم بما نسوه من نِعم الله ، فهو نوع تذكير ، ولو بحث الانسان عن تلك النعم لوجدها في أعماق وجوده ، لكنه نساها ، لأنه غرق في الماديات ، ومن خواص عالم المادة أنَّه يُنسي ، فالدنيا تُغفل الانسان وتنسيه.
  الثالث : أن يتمّوا عليهم الحجة عن طريق البراهين العقلية ، مضافاً إلى القضايا الفطرية ، وبذلك يبلّغون الانسان تعاليم السماء.
  الرابع : أن يكتشفوا الأرضيات والجواهر المستودعة في فطرة الانسان وعقله ويستخرجوها.
  الرسول بمثابة المزارع الذي لا يخلق البذر بل يزرعها ويهيىء الأرضية اللازمة لنموّها ، والأنبياء بتذكيرهم بالتعاليم التي تستبطنها فطرة الانسان يسعون في نموّها وازدهارها.
  هناك شواهد من الآيات والروايات على هذا الكلام ، منها ما ورد عن الرسول ( صلى الله عليه وآله ) قوله : ( الناس معادن كمعادنِ الذهب والفضة ) (1) ، أي أن الجميع يتمتع بوجود ذي قيمة ينبغي استخراجه بإشراف الخبير.
  إذن ، النقطة الاولى التي استبطنتها هذه التعابير هي كون اصول الدين وفروعه متجذّرة في فطرتنا ، وما يقوم به الانبياء هو التذكير بها.
  النقطة الثانية : هي ما ورد في الآية 26 من سورة الغاشية ، من أن التذكير هو الوظيفة الوحيدة للأنبياء ، ولا سلطة على أكثر من ذلك ، وبعبارة اُخرى : الدين غير اجباري ، فهم

--------------------
(1) بحار الأنوار 58 : 65 ، الحديث 51.

أمثال القرآن _ 530 _
  يذكرون الناس بالمعارف الالهية ولا يمكنهم أن يجبروهم على قبول الدين ، والدين من شؤون الناس ذاتهم قبلوه ام لم يقبلوه.
  لم يجبر الرسول المشركين على قبول الدين ، بل دعاهم إليه ، وتركهم يقررون ما يشاؤون ، والنتيجة هي أن بعضاً منهم ما استعدَّ حتى للاصغاء إلى كلامه.
  2 ـ ينبغي الإصغاء لنداء الحق
  خطاب الآية الثاني هو ضرورة الإصغاء لنداء الحق من أي شخص صدر ، حتى لو كان طفلاً وأصغر من الصاغي بل حتى لو كان عدواً ، فينبغي الإصغاء للحق والانصياع له دائماً ومن أيٍّ صدر.
  3 ـ عوامل التذكُّر
  آيات القرآن وكلمات الأنبياء ليست الوحيدة التي تذكّر الانسان ، بل جميع الحوادث التي تحصل للانسان تعدُّ عوامل للتذكُّر ، فالكوارث والجفاف والأمراض والزلازل والسيول وما شابه ، كلها عوامل تساعد على التذكُّر.
  لكل معلول علة ينبغي البحث عنها ومعرفتها للاعتبار منها ، والتجربة تثبت وتدعو الانسان لأن يبحث عن علّة كل ما واجه من مشاكل ولو