وجاء هذا المضمون في البحار للعلامة المجلسي رضوان الله عليه قال : ( روى ابن بطريق في العمدة من تفسير الثعلبي باسناده عن الأعمش بن أبي وائل قال قرأت في مصحف عبد الله ابن مسعود : ( إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران وآل محمد على العالمين ) ).
  وقد وردت روايات متضاربة في مضمونـها في نفس المصدر السابق فتارة تذكر أن الزيادة بمفردها سقطت وأنـهم حرفوها وتارة أن ( آل عمران ) ليست بقرآن وإنما وضعت بدلا عن ( آل محمد ) التي كانت فيها ، وتارة أن ( آل محمد ) تنـزيل ، وهو المختار الذي مال إليه أكابر الإمامية ، والأمر سهل إذ روايات تفسير العياشي كلها يحكم مراسيل لا يعتمد عليها ، وهي في القرآن هكذا ( إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ) ( آل عمران / 33 ).
  ( أخرج ابن جرير عن عبد الرحمن بن أبي حماد قال : في قراءة ابن مسعود ( فناداه جبريل وهو قائم يصلى في المحراب ) ) (1) ، وهي في القرآن هكذا ( فَنَادَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ ) ( آل عمران / 39 ).
  ( أخرج ابن أبي داود في المصاحف عن ابن مسعود انه كان يقرأ ( واركعي واسجدي في الساجدين ) ) (2) ، وهي في القرآن هكذا ( يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ) ( آل عمران / 43 ).

* أوتوا الكتاب !
  ( أخرج عبد بن حميد والفريابي وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ) (آل عمران / 81 )، قال : هي خطأ من الكتـّاب ، وهي في قراءة ابن مسعود ( وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب ) ) .
  هاهو إمامهم مجاهد بن جبر يدعي أن القرآن تعرض للتحريف على يد كتّاب المصحف !
  ( أخرج ابن جرير عن الربيع انه قرأ ( و إذا أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب ) قال : وكذلك كان يقرؤها أبي بن كعب ).

--------------------
(1) الدر المنثور ج2ص21 .
(2) ن.م ص24 .

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 552 _
  ( أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس : إن أصحاب عبد الله يقرؤون ( و إذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لما آتيتكم من كتاب وحكمة ) ونحن نقرأ ( مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ ) فقال ابن عباس : إنما أخذ الله ميثاق النبيين على قومهم ! ) (1) .

* آية بيـّنة !
  ( أخرج سعيد بن منصور والفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف عن ابن عباس أنه كان يقرأ ( فيه آية بينة مقام إبراهيم ) ).
  ( أخرج ابن الأنباري عن مجاهد انه كان يقرأ ( فيه آية بينة ) ) (2) ، وهي في القرآن هكذا ( فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ ) ( آل عمران / 97 ).
  ( أخرج ابن جرير عن هرون قال : في قراءة أبي بن كعب ( إذ تصعدون في الوادي ) ) (3) ، وهي في القرآن هكذا ( إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ ) ( آل عمران / 153 ).
  ( أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف من طريق عطاء عن ابن عباس انه كان يقرأ : ( إنما ذلكم الشيطان يخوفكم أولياءه ) ) (4) ، وهي في القرآن هكذا ( إِنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ ) ( آل عمران / 175 ).
  ( أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس إن أصحاب عبد الله يقرؤون ( و إذ أخذ ربك من الذين أوتوا الكتاب ميثاقهم ) ) (5) ، وهي في القرآن هكذا ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ) ( آل عمران / 187 ).
  ( أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والدارمي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن سعد بن أبي وقاص إنه كان يقرأ ( و إن كان رجل يورث كلالة وله أخ أو أخت

--------------------
(1) ن.م ص47.
(2) ن.م ص54.
(3) ن.م ص86.
(4) ن.م ص104 .
(5) ن.م ص108 .

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 553 _
  من أم ) (1) ، وهي في القرآن هكذا ( وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَوْ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ ) ( النساء / 12).

* إلا أن يفحشن !
  ( أخرج ابن جرير عن مقسم ( ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما أتيتموهن إلا أن يفحشن ) في قراءة ابن مسعود ).
  ( أخرج عبد بن حميد عن قتادة : ( إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) ( النساء / 19 )، يقول : إلا أن ينشزن ، وفي قراءة ابن مسعود و أبُي بن كعب ( إلا أن يفحشن ) ) (2) ، وهي في القرآن هكذا ( وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) ( النساء / 19 ).
  ( أخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : قال عمر بن الخطاب : لا تغالوا في مهور النساء ! فقالت امرأة : ليس ذلك لك يا عمر إن الله يقول ( وآتيتم إحداهن قنطارا من ذهب ) قال : وكذلك هي في قراءة ابن مسعود فقال عمر : إن امرأة خاصمت عمر فخصمته ) (3) ، وهي في القرآن هكذا ( وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا ) ( النساء / 20 ) .
  ( أخرج ابن أبي حاتم عن أبي بن كعب أنه كان يقرؤها ( ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا من قد سلف إلا من مات ) ) (4) ، وهي في القرآن هكذا ( وَلاَ تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلاً ) ( النساء / 22 ) .
  ( أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن داود انه قرأ في مصحف ابن مسعود ( وربائبكم اللاتي دخلتم بأمهاتـهن ) ) (5) ، وهي في القرآن هكذا ( وَرَبَائِبُكُمْ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ ) ( النساء / 23 ) .

--------------------
(1) ن.م ص126 .
(2) ن.م ص132.
(3) ن.م ص133 ، أخرجه عبد الرزاق الصنعاني في المصنف ج6ص180 ح10420 ، تحقيق المحدث الأعظمي .
(4) ن.م ص134 .
(5) ن.م ص136 .

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _554 _
* إلى أجل مسمّى !
  ( أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن الأنباري في المصاحف والحاكم وصححه من طرق عن أبي نضرة قال : قرأت على ابن عباس ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ) ( النساء / 24 )، قال ابن عباس : ( فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى ) ، فقلت : ما نقرؤها كذلك فقال ابن عباس : والله لأنزلـها الله كذلك ! ) (1) .
  ( أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : في قراءة أبي بن كعب ( فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى ) ).
  ( أخرج ابن أبي داود في المصاحف عن سعيد بن جبير قال : في قراءة أبي بن كعب ( فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى ) ) .
  ( أخرج عبد الرزاق عن عطاء أنه سمع ابن عباس يقرؤها ( فما استمتعتم به منهن إلى أجل فآتوهن أجورهن ) ، وقال ابن عباس : في حرف أبي ( إلى أجل مسمى ) ) (2) .
  وفي تفسير الطبري : ( بسنده قال حدثني حبيب بن أبي ثابت عن أبيه قال : أعطاني ابن عباس مصحفا فقال : هذا على قراءة أبي ، قال أبو كريب : قال يحيى : فرأيت المصحف عند نصير فيه ( فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى ) ) (3) .
  أقول : هذه الموارد تثبت أن زواج المتعة لم ينسخه الله عز وجل كما يزعم أهل الزيغ بشهادة ابن عباس حبر الأمة وأبي بن كعب سيد القرّاء (4) حيث اتخذا تشريع المتعة قرآنا يتلى بزيادة ألفاظ للآية الكريمة ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ) ( النساء / 24 ) ، وهذه القراءة كانت إلى ما

--------------------
(1) تفسير الطبري ج5ص9 ، والمستدرك للحاكم ج2ص305 و علق عليه ب‍ (صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه) ، ورواية الطبري في تفسيره فيها ( قال ـ ابن عباس ـ : والله لأنزلها الله كذلك ، ثلاث مرّات ).
(2) ص140
(3) تفسير الطبري ج5ص12.
(4) يكفي في المقام ذكر ما ورد في صحيح مسلم ج2ص885ح1217 ( عن أبي نضرة قال كان عباس يأمر بالمتعة وكان ابن الزبير ينهى عنها ، قال : فذكرت ذلك لجابر بن عبد الله ، فقال : على يدي دار الحديث تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما قام عمر ، قال : إن الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء (!!) ، وإن القرآن قد نزل منازله فأتموا الحج والعمرة لله كما أمركم الله ، وأبتوا نكاح هذه النساء فلن أوتى برجل نكح امرأة إلى أجل إلا رجمته بالحجارة ).
  وفي ج2ص1023ح1405 في باب نكاح المتعة : ( قال عطاء قدم جابر بن عبد الله معتمرا ، فجئناه في منـزله فسأله القوم عن أشياء ثم ذكروا المتعة ، فقال : نعم استمتعنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر ) .
  وفي نفس الصفحة ( أخبرني أبو الزبير قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول : كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر حتى نـهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث ).
  وفي نفس الصفحة ( عن أبي نضرة قال : كنت عند جابر بن عبد الله ، فأتاه آت ، فقال : ابن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين ! فقال جابر : فعلناهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نـهانا عنهما عمر فلم نعد لهما ) .

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _555 _
  بعد وفاة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وبقيت المصاحف بـهذه الزيادة ( إلى أجل مسمى ) إلى ما بعد زمان النبوة بفترة طويلة ، ومن الجدير بالذكر أن الشيعة لا يستدلون بـهذه الجمل لإثبات استمرار تشريع هذا الزواج وعدم نسخه لأنـها ليست من القرآن في نظرهم ، أما أهل السنة فيرون أنـها ليست بقرآن لأنـها غير متواترة ، قال : ( وأما قراءة ابن عباس وابن مسعود وأبي بن كعب وسعيد بن جبير ( فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى ) فليست بقرآن عند مشترطي التواتر ولا سنة لأجل روايتها قرآنا ) (1) ، وقد مرت كلمات بعضهم بأن هذه الزيادات ليست من القرآن ومع ذلك قرأها الصحابة كقرآن !
  وعلى أي حال فهذا التحريف للنص القرآني ـ على مبانيهم ـ يشرح لنا معني الآية ويفسّرها ، ولا مانع من أخذ المفيد وترك الفاسد من تلك الزيادات كما اعتمد الحنفية قراءة ابن مسعود ( فصيام ثلاثة أيام متتابعات ) بدلا عن قوله ( فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ) ( البقرة / 196 ) لإثبات لزوم التتابع .
  ولا يقال إن هذه الموارد من باب تفسير الآية ، وذلك لأن القراءة بالتفسير تكون حالة شاذة ونادرة كالمرة والمرتين ومن غير المعقول أن يفسر القارئ الآية في كل مرّة وكأن القرآن لا يقرأ إلا مع التفسير حتى قيل ( قراءة فلان كيت وكيت ) ، ( وكان يقرؤها بكذا وكذا ) ! ، إلا أن يتبع أهل السنة شيعة أهل البيت عليهم السلام في القول بالتنـزيل الذي أنزل من السماء تفسيرا للقرآن ، فيحتملوا حينها أن هؤلاء الصحابة قرؤوا التنـزيل مع القرآن فاختلط عليهم الأمر .
  ( أخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال في بعض القراءة ( فان أتوا أو أتين بفاحشة ) ) (2) ، وهي في القرآن هكذا ( فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ ) ( النساء / 25 ).
  ( وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد انه كان يقرأ ( عاقدت إيمانكم ) ) (3) ، وهي في القرآن هكذا ( وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ ) ( النساء / 33).
  ( أخرج ابن جرير عن طلحة بن مصرف قال في قراءة عبد الله ( فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله فاصلحوا إليهن واللاتي تخافون ) ) (4) ، وهي في القرآن هكذا ( فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ ) ( النساء / 34 ).
  ( أخرج ابن أبي داود في المصاحف من طريق عطاء عن عبد الله أنه قرأ ( إن الله لا يظلم مثقال نملة ) ) (5) ، وهي في القرآن هكذا ( إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ) ( النساء / 40 ).
  لمتابعة القراءات الشاذة اضغط على الصفحة التالية أدناه

--------------------
(1) نيل الأوطار ج6ص275 .
(2) الدر المنثور ج2ص134.
(3) ن.م ص150.
(4) ن.م ص152.
(5) ن.م ص162.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 556 _
* أنا كتبتـها عليك !
  ( أخرج ابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف عن مجاهد قال : هي في قراءة أبي بن كعب و عبد الله بن مسعود ( ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك وأنا كتبتها عليك ) ).
  ( أخرج ابن المنذر من طريق مجاهد أن ابن عباس كان يقرأ ( وما أصابك من سيئة فمن نفسك و أنا كتبتها عليك ) قال مجاهد وكذلك في قراءة أبي وابن مسعود ) (1) ، وهي في القرآن هكذا ( مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنْ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ) ( النساء / 79 ).
  هاهو مرجع الصحابة في القرآن عبد الله بن مسعود وسيد القراء أبي بن كعب وحبر الأمة ابن عباس يقولون بجزئية هذا المقطع ( وأنا كتبتها عليك ) من الآية وواظبوا على قراءته حتى اشتهر ذلك عنهم ، أ قرآن هو أم لا ؟! نحيل الجواب إلى أهل السنة .
  ( أخرج ابن أبي حاتم وابن عبد البر في التمهيد عن سفيان بن عيينة عن ابن شبرمة سمعته يقرؤها ( عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا )(النساء/84)، قال سفيان : وهي في قراءة ابن مسعود هكذا ( عسى الله أن يكف من بأس الذين كفروا ) ) (2) .
  ( أخرج ابن جرير وابن المنذر عن أبي بن كعب انه كان يقرأ ( فاقصروا من الصلاة إن يفتنكم الذين كفروا ) ولا يقرأ ( إِنْ خِفْتُمْ ) وهي في مصحف عثمان ( إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا ) ) (3) ، وهي في القرآن هكذا ( وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا ) ( النساء / 101 ).
  ( أخرج أبو عبيد في فضائل القرآن وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف عن عائشة أنـها كانت تقرأ ( إن يدعون من دونه إلا أوثانا ) ، ولفظ ابن جرير كان في مصحف

--------------------
(1) الدر المنثور ج2 ص185.
(2) ن.م ص187.
(3) ن.م ص210.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 557 _
  عائشة ( إن يدعون من دونه إلا أوثانا ) ( (1) ، وهي في القرآن هكذا ( إنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا ) ( النساء / 117 ).

* قبل موتـهم !
  ( أخرج الطيالسي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله ( وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ) (النساء / 159 )، قال : هي في قراءة أبي ( قبل موتـهم ) قال : ليس يهودي يموت أبدا حتى يؤمن بعيسي ، قيل لابن عباس : أ رأيت إن خر من فوق بيت ! قال : يتكلم به في الهواء ! فقيل : أ رأيت إن ضرب عنق أحدهم قال يتلجلج بـها لسانه ).
  ( أخرج ابن المنذر عن أبي هاشم وعروة قالا : في مصحف أبي بن كعب ( وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موتـهم ) ) (2) .
  ( أخرج ابن جرير عن أبي ميسرة انه كان يقرأ ( والمنطوحة ) ) (3) ، وهي في القرآن هكذا ( وَالنَّطِيحَةُ ) ( المائدة / 3 ).
  ( أخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن إبراهيم النخعي أنه قال : في قراءتنا ـ وربما قال ـ في قراءة عبد الله ( والسارقون والسارقات فاقطعوا أيمانـهم ) ) (4) ، وهي في القرآن هكذا ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ) ( المائدة / 38 ).
  ( أخرج أبو الشيخ عن إبراهيم النخعي في قوله يحرفون الكلم عن مواضعه قال : كان يقول بني إسرائيل يا بني أحباري فحرفوا ذلك فجعلوه يا بني أبكاري فذلك قوله ( يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ ) ( المائدة / 41 )، وكان إبراهيم يقرؤها ( يحرفون الكلم من مواضعه ) ) (5) .

--------------------
(1) ن.م ص223.
(2) ن.م ص241 .
(3) ن.م ص257.
(4) ن.م ص280.
(5) ن.م ص283.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 558 _
  ( أخرج أبو عبيد وابن جرير عن ابن مسعود أنه كان يقرأ ( من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا ) ) (1) ، وهي في القرآن هكذا ( مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ ) ( المائدة / 57 ).
  ( أخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال : كنا نقرأ على عهد رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم ( يا أيها لرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك أن عليا مولى المؤمنين وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ) ) (2) .
  هذه القراءة تشهد بأن اختصاص علي بن أبي طالب عليه السلام بولاية المؤمنين كان أمرا متعارفا عليه بينهم حتى صارت قراءة يقرؤون بها على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقرينة قوله ( كنا نقرأ )، وتدل أيضا على أن نزول الآية كان لتثبيت ولاية أمير المؤمنين عليه السلام على جميع الصحابة، كما جاءت الأخبار أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قام في غدير خم رافعا عضد علي عليه السلام معلنا برفيع صوته ( من كنت مولاه فهذا علي مولاه ).
  وهذه الرواية أشكل من روايات الكافي ، وذلك لأن روايات الكافي لم تصرّح بأن الإمام عليه السلام كان يقرأ الزيادة كقرآن بخلاف هذه التي فيها أن ابن مسعود كان يقرأ الآية بـهذا الشكل ، وما أنزله الله قرآنا خاليا من التنـزيل هو ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ) ( المائدة / 67 ) ، والتنـزيل هو ما كان يقرأ به ابن مسعود وغيره من الصحابة بإضافة مقطع ( أن عليا مولى المؤمنين ) .
  ( وأخرج أبو عبيد في فضائله وابن أبي شيبة في مسنده وعبد بن حميد والبخاري في تاريخه والحارث بن أبي أسامة في مسنده والحكيم الترمذي في نوادر الأصول والبزار وابن الأنباري في المصاحف وابن المنذر وابن أبي حاتم و الطبراني وابن مردويه : عن سلمان أنه سئل عن قوله (ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا) (المائدة/82) ، قال : الرهبان الذين في الصوامع ، نزلت على رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم ( ذلك بأن منهم صديقين ورهبانا ) .
  ولفظ البزار : ( دع القسيسين ! أقرأني رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم ( ذلك بأن منهم صديقين ) ) ، ولفظ الحكيم الترمذي ( قرأت على النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم ( ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ ) (المائدة / 82 )، فأقرأني ( ذلك بأن منهم صديقين ) ) (3) .

--------------------
(1) ن.م ص294.
(2) ن.م ص298.
(3) ن.م ص304.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 559 _
* ثلاثة أيام متتابعات !
  ( أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي داود في المصاحف وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي بن كعب أنه كان يقرؤها ( فصيام ثلاث أيام متتابعات ) ).
  ( أخرج مالك والبيهقي عن حميد بن قيس المكي قال : كنت أطوف مع مجاهد فجاءه إنسان يسأله عن صيام الكفارة أيتابع ؟ قال حميد : فقلت : لا ، فضرب مجاهد في صدري ثم قال : إنـها في قراءة أبي بن كعب ( متتابعات ) ) .
  ( أخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري وأبو الشيخ والبيهقي من طرق عن ابن مسعود أنه كان يقرؤها ( فصيام ثلاثة أيام متتابعات ) قال سفيان : ونظرت في مصحف ربيع بن خيثم فرأيت فيه ( فمن لم يجد من ذلك شيئا فصيام ثلاثة أيام متتابعات ) ) .
  ( أخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود انه كان يقرأ كل شئ في القرآن ( متتابعات ) ).
  ( أخرج أبو عبيد وابن المنذر عن ابن عباس انه كان يقرؤها ( فصيام ثلاثة أيام متتابعات ) ) (1) ، وهي في القرآن هكذا ( فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ ) ( المائدة / 89 ).
  ( أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق قتادة عن أنس في قول الله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ) (المائدة / 101 )، أن الناس سألوا ـ إلى قوله ـ قال قتادة : وفي قراءة أبي بن كعب ( قد سألها قوم بينت لهم فأصبحوا بـها كافرين ) ) (2) ، وهي في القرآن هكذا ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ ) ( المائدة / 101 ـ 102 ).
  ( أخرج أبو عبيد في فضائله عن أبى الزاهرية أن عثمان رضي الله عنه كتب في آخر المائدة ( لله ملك السموات والأرض والله سميع بصير ) ) (3) ، ولا أدري كيف خالف عثمان ما تواتر بين المسلمين وخالف

--------------------
(1) ن.م ص314.
(2) ن.م ص334.
(3) ن.م ص350.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 560 _
  ما جمعه الصحابة في زمنه فغيره وبدله من تلقاء نفسه ؟! ، وهي في القرآن هكذا ( لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ( المائدة / 120 ) .
  ( أخرج ابن أبي حاتم من طريق بشر بن السري عن هارون النحوي قال : في قراءة أبـيّ ( من يصرفه الله ) ) (1) ، وهي في القرآن هكذا ( مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ ) ( الأنعام / 16 ) .
  ( أخرج أبو عبيد وابن جرير عن هرون قال : في حرف ابن مسعود ( يا ليتنا نرد فلا نكذب ) بالفاء ) (2) ، وهي في القرآن هكذا ( يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ ) ( الأنعام / 27 ) .
* يقضي بالحق !
  ( أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن جبير قال : في قراءة عبد الله ( يقضي الحق وهو أسرع الفاصلين ) ).
  ( أخرج ابن أبي حاتم عن الأصمعي قال : قرأ أبو عمر ( ويقضي الحق ) وقال : لا يكون الفصل إلا بعد القضاء ).
  ( أخرج ابن أبي حاتم من طريق حسن بن صالح بن حي عن مغيرة عن إبراهيم النخعي أنه قرأ ( يقضي الحق وهو خير الفاصلين ) قال : ابن حي لا يكون الفصل إلا مع القضاء ) (3) .
  وهذا اجتهاد صريح في مقابل النص القرآني ، ولو كان هناك مجال للاحتجاج بالسنة النبوية في القراءات لقُدّمت استدلالا على صحة قراءة الآية بتغيير لفظها من( يَقُصُّ ) إلى ( يقضي ) ، بمعنى أن عدول المغيرين لنص القرآن عن الاحتجاج بسنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وركونـهم إلى اجتهاداتـهم ورأيهم الشخصي كهذا المورد دليلٌ على بطلان ادعاء التوقيف في القراءات الشاذة ، وعلى أي حال فالآية في القرآن هكذا ( إِنْ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ ) ( الأنعام / 57 ) .
  ( أخرج ابن الأنباري في المصاحف عن أبي اسحق قال : في قراءة عبد الله ( كالذي استهواه الشيطان ) ) (4) ، وهي في القرآن هكذا ( كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ ) ( الأنعام / 71 ) .

--------------------
(1) ن.م ج3 ص7.
(2) ن.م ص9.
(3) ن.م ص14.
(4) ن.م ص22.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 561 _
* حرث حرج ‍!
  ( أخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس أنه كان يقرؤها ( وحرث حرج ) ).
  ( أخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن ابن الزبير أنه قرأ ( أنعام وحرث حرج ) ) (1) .
  ( أخرج أبو عبيد وابن الأنباري في المصاحف عن هارون قال : في قراءة عبد الله ( هذه أنعام وحرث حرج ) ) (2) ، وهي في القرآن هكذا ( وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لاَ يَطْعَمُهَا إِلاَّ مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ ) ( الأنعام / 138 ).

* الذين أحسنوا !
  ( أخرج ابن الأنباري في المصاحف عن هارون قال : قراءة الحسن ـ البصري ـ ( تماما على المحسنين ) ).
  ( أخرج ابن الأنباري عن هارون قال : في قراءة عبد الله ( تماما على الذين أحسنوا ) ) (3) ، وهي في القرآن هكذا ( ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسنَ وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ ) ( الأنعام / 154 )
  ( أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس انه كان يقرأ هذه الآية ( ما نـهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين فإن أخطأكما أن تكونا ملكين لم يخطكما أن تكونا خالدين فلا تموتان فيها أبدا وقاسمهما ) ـ قال : حلف لهما ـ ( إني لكما لمن الناصحين ) ) (4) .
  ( أخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الربيع ابن أنس قال : في بعض القراءة ( وقاسمهما بالله إني لكما لمن الناصحين ) ) (5) ، وهي في القرآن هكذا ( فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنْ الْخَالِدِينَ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنْ النَّاصِحِينَ ) ( الأعراف / 20 ـ 21 ).

--------------------
(1) هذه الموارد التي فيها لفظ ( قرأ ) أوردناها كشواهد .
(2) ن.م ص48.
(3) ن.م ص58.
(4) ن.م ص74.
(5) ن.م ص75.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 562 _
  ( أخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف وأبو الشيخ عن مجاهد قال : في قراءة ابن مسعود ( حتى يلج الجمل الأصفر في سم الخياط ) ) (1) ، وهي في القرآن هكذا ( حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ) ( الأعراف / 40 ).
  ( أخرج عبد بن حميد عن عمرو بن دينار قال : كان ابن عباس يقرأ ( كأنك حفي بـها ) ) (2) ، وهي في القرآن هكذا ( يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا ) ( الأعراف / 187 ).
* يسـألونك الأنفال !
  ( أخرج ابن جرير عن الضحاك قال : هي في قراءة ابن مسعود ( يسئلونك الأنفال ) ) .
  ( أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الأعمش قال : كان أصحاب عبد الله يقرؤونـها ( يسئلونك الأنفال) ) ، وهي في القرآن هكذا ( يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأَنْفَالِ ) ( الأنفال / 1 ) ولا مانع أن يقرأ صاحب القراءة الشاذة بقراءة الجمهور كما جاء في الأثر أن ابن مسعود قرأ بلفظ الآية الصحيح وهو ما أخرجه ابن مردويه من طريق شقيق : ( عن ابن مسعود أنه قرأ ( يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأَنْفَالِ ) ) (3) .
  وبـهذا يتضح ما قررناه سابقا من أن لفظ ( قرأ ) لا تدل على أن المقروء كان قراءة خاصة بالقارئ ، ولكن لفظ ( كانت قراءته ) أو ( كان يقرأ بكذا ) يدل على أن القارئ يعتبر هذا المقروء قرآنا كغيره .
  ( أخرج عبد الرزاق في المصنف وعبد بن حميد وابن مردويه عن ابن عباس قال : لما كان يوم بدر ـ إلى قوله ـ فنـزل القرآن ( يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأَنْفَالِ ) وكان أصحاب عبد الله يقرؤونـها ( يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم فيما تشاجرتم به ) الخ ) (4) .

--------------------
(1) ن.م ص84.
(2) ن.م ص151.
(3) الدر المنثور ج3 ص161 ، وكذا روايتي الضحاك والأعمش .
(4) ن.م ص160.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 563 _
  أقول : ذهب بعض المحققين إلى أن هذه الزيادات تفسيرية وهذا مجانب للصحة ، لأنه من غير المعقول أن تشتهر قراءة عن جماعة معينة كلهم اتفقوا على لفظ واحد في تفسيرها ! ، ناهيك عن أن كلمة ( يقرؤونـها ) لا تفيد معنى التفسير ، وعلى أي حال فالمورد والموردان أمر هين .
  ( أخرج أبو عبيد عن ابن عباس رضي الله عنهما انه كان يقرأ ( إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وان تنتهوا فهو خير لكم وان تعودوا نعدو لن نغنى عنهم فئتهم من الله شيئا ) ) (1) ، وهي في القرآن هكذا ( إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمْ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ) .
  ( أخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله ( إِلاَّ أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ ) قال : إلا أن يتوبوا وكان أصحاب عبد الله يقرؤونـها ( ريبة في قلوبـهم ولو تقطعت قلوبـهم ) ) (2) ، وهي في القرآن هكذا ( إِلاَّ أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) ( التوبة / 110 ).
  ( أخرج أبو الشيخ عن الربيع قال : في قراءة عبد الله رضي الله عنه ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بالجنة ) ) (3) ، وهي في القرآن هكذا ( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ ) ( التوبة / 111 ).
  ( أخرج أبو الشيخ عن الضحاك قال : في قراءة عبد الله ( أولا يرون أنـهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين وما يتذكرون ) ) (4) ، وهي في القرآن هكذا ( أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ ) ( التوبة / 126 ).
  ( أخرج سعيد بن منصور وابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ ( قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أنذرتكم به ) ) (5) ، وهي في القرآن هكذا ( قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ ) ( يونس / 16 ).

--------------------
(1) ن.م ص175.
(2) ن.م ص280.
(3) ن.م ص281.
(4) ن.م ص293.
(5) ن.م ص302.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 564 _
  ( أخرج أبو الشيخ عن الضحاك في قوله ( وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا ) ( يونس / 19 ) : في قراءة ابن مسعود قال ( كانوا على هدى ) ) (1) .
  ( أخرج ابن جرير عن أبي بن كعب وابن عباس ومروان بن الحكم أنـهم كانوا يقرؤون ( وازينت وظن أهلها أنـهم قادرون عليها وما كان الله ليهلكهم إلا بذنوب أهلها ) ) (2) ، وهي في القرآن هكذا ( حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا ) ( يونس / 24 ) .
  ( أخرج ابن جرير وابن المنذر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال : في قراءة أُبـيّ ( كان لم تغن بالأمس وما أهلكناها إلا بذنوب أهلها كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون ) ) (3) ، وهي في القرآن هكذا ( كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) ( يونس / 24 ) .

* فهـلا !
  ( أخرج عبد الرزاق وابن جرير و أبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه قال : بلغني أن في حرف ابن مسعود رضي الله عنه ( فهلا كانت قرية آمنت ) ) (4) ، وهي في القرآن هكذا ( فَلوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ ) ( يونس / 98 ) ، وهناك رواية عن أحد الصحابة تثبت التحريف لعدة آيات في القرآن بإسقاط حرف الفاء منها :
  ( أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه قال : كل ما في القرآن (فَلوْلاَ) فهو ( فهلا ) إلا في حرفين في يونس ( فلولا كانت قرية آمنت ) والآخر ( فلولا كان من القرون من قبلكم ) ) (5) ، وعلى هذا تكون الآيات التي فيها ( فَلوْلاَ ) في القرآن محرفة في نظر الصحابي أبي مالك الأشعري وهو كعب بن عاصم ، وهذه الآيات هي :

-------------------
(1) ن.م ص 302 .
(2) ن.م ص304.
(3) ن.م ص304 .
(4) ن.م ص317 .
(5) على خلاف في ضبط الاسم ، راجع كتاب أسماء من يعرف بكنيته للحافظ أبي الفتح الأزدي الموصلي ص60رقم 129 ، والإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني ج2ص195ت2043 .

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 565 _
   ( ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنتُمْ مِنْ الْخَاسِرِينَ ) ( البقرة / 64 ) .
   ( فَلَوْلاَ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ ) ( الأنعام / 43 ) .
   ( وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ ) ( التوبة / 122 ) .
   ( فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ ) (الصافات / 143 ) .
   ( فَلَوْلاَ أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ ) ( الزخرف / 53 ) .
   ( فَلَوْلاَ نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً ) ( الأحقاف / 28) .
   ( نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلاَ تُصَدِّقُونَ) ( الواقعة / 57 ) .
   ( وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ النَّشْأَةَ الأُولَى فَلَوْلاَ تَذكَّرُونَ ) ( الواقعة / 62 ) .
   ( لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ ) ( الواقعة / 70 ) .
  ( فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ ) ( الواقعة / 83 ) .
   ( فَلَوْلاَ إِنْ كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ ) ( الواقعة / 86 ) ، وكل هذه الموارد يلزم تبديل ( فَلوْلاَ ) بلفظ ( فهلا ) لأنـها الآن محرفة ومبدلة !
  ( أخرج ابن المنذر عن هارون رضي الله عنه قال : في حرف أبي بن كعب ( ما أتيتم به سحر ) وفي حرف ابن مسعود رضي الله عنه ( ما جئتم به سحر ) ) (1) ، وهي في القرآن هكذا ( مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ ) ( يونس / 81 ) .
* من شطر أنفسنا !
  ( أخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ ( أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون ) ).
  ( أخرج ابن جرير عن أبي العالية رضي الله عنه قال : في قراءة أبي رضي الله عنه أنه قرأ ( أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون ) ) (2) ، وهي في القرآن هكذا ( أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ ) ( هود / 28 ) .

-------------------
(1) ن.م ص326.
(2) ن.م ص326.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 566 _
- * وهو جالس !
  ( أخرج ابن جرير عن السدي قال : لما بعت الله الملائكة عليهم السلام لتهلك قوم لوط ـ إلى قوله ـ وقامت سارة رضي الله عنها تخدمهم فذلك حين يقول ( وامرأته قائمة وهو جالس ) في قراءة ابن مسعود ).
  ( أخرج ابن المنذر عن المغيرة رضي الله عنه قال في مصحف ابن مسعود ( وامرأته قائمة وهو جالس ) ) (1) ، وهي في القرآن هكذا ( وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا ) ( هود / 71 ).
  ( أخرج أبو عبيد وابن جرير عن هارون رضي الله عنه قال : في حرف ابن مسعود رضي الله عنه ( فاسر بأهلك بقطع من الليل إلا امرأتك ) ) (2) ، وهي في القرآن هكذا ( فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنْ اللَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ ) ( هود / 81 ).
  ( أخرج ابن أبي داود عن سفيان رضي الله عنه قال : في قراءة عبد الله ( كذلك أخذ ربك ) بغير واو ) (3) ، وهي في القرآن هكذا (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ ) ( هود / 102 ).
  ( أخرج أبو الشيخ عن مقاتل بن حيان رضي الله عنه أنه كان يقرؤها ( أرسله معنا غدا نلهو ونلعب ) ) (4) ، وهي في القرآن هكذا ( أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) ( يوسف / 12 ).
  ( أخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة رضي الله عنه قال : في قراءة عبد الله ( ووجدا سيدها ) ) (5) ، وهي في القرآن هكذا ( وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ) ( يوسف / 25 ).
  ( وأخرج البخاري في تاريخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري وأبو الشيخ وابن مردويه من طرق عن ابن مسعود رضي الله عنه انه قرأ ( إني أراني أعصر عنبا ) وقال : والله لقد أخذتـها من رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم هكذا ) (6) ، وهي في القرآن هكذا ( إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا ) ( يوسف / 36 ).

--------------------
(1) ن.م ص340.
(2) ن.م ص345 .
(3) ن.م ص349 .
(4) ن.م ج4ص9.
(5) ن.م ص14.
(6) ن.م ص19.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 567 _
  أقول : مع مراعاة ما ورد في صحاح أهل السنة من أن ابن مسعود قد شهد العرضة الأخيرة فعلم ـ بزعمهم ـ ما نسخ وما بُدّل ، تُرى كيف يُطمأن لما كُتب في مصاحفنا مع قوله إنه أخذها من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟! ، ألا يحتمل أن هذا مما علم ابن مسعود بنسخه وتبديله في العرضة الأخيرة التي تفرد بـها من دون الصحابة ؟!
* أنا آتيكم !
  ( أخرج أبو عبيد وابن المنذر عن هارون رضي الله عنه قال : في قراءة أبي بن كعب ( أنا آتيكم بتأويله ) ) .
  ( أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ رضي الله عنه أنه ـ أبي بن كعب ـ كان يقرأ ( أنا آتيكم بتأويله ) فقيل له : ( أَنَا أُنَبِّئُكُمْ ) ! قال : أهو كان ينبئهم !؟ ) (1) .
  أقول : وكأن القراءة أمر مزاجي ورأي يرتئيه القارئ وهذا كما ترى تحريف للقرآن ، وهي في القرآن هكذا ( أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ ) ( يوسف / 45 ).
  ( أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ( فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ ) قال : في بعض القراءة الأولى ( هو أبقى له لا يؤكل ) ) (2) ، المقصود أن بعضا كان يقرأ بإقحام هذه الجملة ( هو أبقى له لا يؤكل ) في الآية الكريمة ( فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ ) ( يوسف / 47 ).

* ففقد ، صاع ، أصياع !
  ( أخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه كان يقرأ ( فـفقد صواع الملك ) ).
  ( أخرج سعيد بن منصور وابن الأنباري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يقرأ ( صاع الملك ) ).
  ( أخرج عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه كان يقرأ ( أصياع الملك ) ) (3) ، وهي في القرآن هكذا ( قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ ) ( يوسف / 72 ).

--------------------
(1) ن.م ص22.
(2) ن.م ص22.
(3) ن.م ص27.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 568 _
  ( أخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الحسن في الآية قال : ليس عالم إلا فوقه عالم حتى ينتهي العلم إلى الله منه بدأ واليه يعود وفي قراءة عبد الله ( وفوق كل عالم عليم ) ) (1) ، وهي في القرآن هكذا ( وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ) ( يوسف / 76 ).
  لاحظ أن ابن مسعود كان مغرما بتبديل ألفاظ القرآن إلى معانيها بدعوى أن معناها واحد ! وقلنا فيما سبق أن أول من افتتح هذا الباب هو ابن مسعود ، ولعل هذا سبب ما روي عن الإمام الصادق عليه السلام :
  ( عن عبد الله بن فرقد والمعلى بن خنيس قالا : كنا عند أبي عبد الله عليه السلام ومعنا ربيعة الرأي فذكرنا فضل القرآن فقال أبو عبد الله عليه السلام : إن كان ابن مسعود لا يقرأ على قراءتنا فهو ضال ، فقال ربيعة : ضال ؟‍! فقال : نعم ، ضال ، ثم قال أبو عبد الله عليه السلام : أما نحن فنقرأ على قراءة أبي ) (2) .
  ( أخرج ابن جرير عن إبراهيم رضي الله عنه قال : في مصحف عبد الله ( فأوف لنا الكيل وأوقر ركابنا ) ) (3) ، وهي في القرآن هكذا ( فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ ) ( يوسف / 88 ).
  ( أخرج أبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه قال : في حرف عبد الله قال : ( أنا يوسف وهذا أخي بيني وبينه قربى قد منّ الله علينا ) ) (4) ، وهي في القرآن هكذا ( قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا ) ( يوسف / 90 ).
  ( أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن سفيان رضي الله عنه قال : البشير هو يهودا قال وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقرأ ( وجاء البشير من بين يدي العِـير ) ) (5) ، وهي في القرآن هكذا ( فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا ) ( يوسف / 96 ).

--------------------
(1) ن.م ص28.
(2) أصول الكافي ج2ص634رقم27.
(3) الدر المنثور ج4 ص33.
(4) ن.م ص33.
(5) ن.م ص35.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ _
569 -   ( أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة قال : في مصحف عبد الله ( وكائن من آية في السماوات والأرض يمشون عليها والسماء والأرض آيتان عظيمتان ) ) (1) .
  أقول : من السياق أستبعد كون هذه الزيادة ( والسماء والأرض آيتان عظيمتان) من القرآن في نظر ابن مسعود ، بالإضافة إلى أن الراوي أخذها من مصحفه وهذا يقوي احتمال عدم كونـها من القرآن في نظر ابن مسعود ، بخلاف جملة ( يمشون عليها ) لأنـها حلت بدلا عن بعض مفردات الآية ، وهي في القرآن هكذا ( وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ ) ( يوسف / 105 ).
  ( أخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله ( يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ) ( الرعد / 11 ) ، قال : بأمر الله ، قال وفي بعض القراءة ( يحفظونه بأمر الله ) ) (2) .

* رقيب ، رقباء من خلفه !
  ( أخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال : في قراءة أبي بن كعب رضي الله عنه ( له معقبات من بين يديه ورقيب من خلفه يحفظونه من أمر الله ) ).
  ( أخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ ( له معقبات من بين يديه ورقباء من خلفه من أمر الله يحفظونه ) ).
  ( أخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم عن الجارود بن أبي سبرة رضي الله عنه قال : سمعني أن عباس رضي الله عنهما اقرأ ( له معقبات من بين يديه ومن خلفه ) فقال : ليست هناك ! ولكن ( له معقبات من بين يديه ورقيب من خلفه ) ) (3) .
  أقول : ورد نفس مضمون هذه الرواية في تفسير القمي وهي ـ كالعادة ـ محل لغط الوهابية ولكن المساكين جهلوا بما عندهم ! ، وهي في القرآن هكذا ( لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ) ( الرعد / 11 ).

--------------------
(1) ن.م ص40ـ41.
(2) ن.م ص46.
(3) ن.م ص48ـ49.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 570 _
* أفلَم يتبيّن !
  ( أخرج ابن جرير وابن الأنباري في المصاحف عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ ( أ فلم يتبين الذين آمنوا ) فقيل له إنـها في المصحف ( أَفَلَمْ يَيْئَسْ ) ( الرعد / 31 ) ، فقال : أظن الكتاب كتبها وهو ناعس ) .
  أقول : هذه الرواية إنما وردت عند ابن جرير بـهذا اللفظ : ( عن عكرمة عن ابن عباس أنه كان يقرؤها ( أفلم يتبيّن الذين آمنوا ) قال : كتب الكاتب الأخرى وهو نـاعـس ) (1).
  ( أخرج ابن جرير عن علي رضي الله عنه أنه كان يقرأ ( أفلم يتبين الذين آمنوا ) ) .
  ( أخرج أبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه ( أفَلَمْ يَيْئَسْ ) أ فلم يعلم ، ومن الناس من يقرؤها ( أفلم يتبين ) ) (2).
  قال ابن حجر العسقلاني في فتح الباري : ( ومن طريق ابن جريج قال : زعم ابن كثير وغيره أنـها القراءة الأولى ، وهذه القراءة جاءت عن علي وابن عباس وعكرمة وابن أبي مليكة وعلي بن بديمة وشهر بن حوشب ، وعلي بن الحسين وابنه زيد وحفيده جعفر بن محمد ـ عليهم السلام ـ في آخرين قرأوا كلهم ( أفلم يتبيّن ) ) (3) .
  وواضح أن ما ذكره ابن عباس هو تحريف صريح للقرآن الكريم ، لأن كاتب المصحف في زمن عثمان كتب الآية وهو ناعس مخالفا لما أنزله الله ، ومازال هذا التحريف إلى يومنا هذا على ما أخطأ به الكاتب .
  ( أخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس في قوله ( كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت في الأرض ) وكذلك كان يقرؤها ) (4) ، وهي في القرآن هكذا ( أَلَمْ تَرَى كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ) ( إبراهيم / 24 ).
  ( أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال : أمر الذي حاج إبراهيم-إلى قوله- فذلك قولهم ( وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ) ( إبراهيم / 46 )، وهي في قراءة عبد الله بن مسعود ( وان كاد مكرهم ) ) (5) .

--------------------
(1) تفسير الطبري ج18ص136 ، من المؤكد أن كثيرا من الموارد التي نقلناها عن الدر المنثور تتغاير مع ما في أصولـها ، خاصة وأن السيوطي ينقل الرواية عن أكثر من مصدر ومقتضى الحال اختلاف ألفاظ الروايات فيسهل عليه حينئذ اعتماد وتدوين أخف الروايات نكارة وشذوذا في المتن ، والمصادر التي أخذ منها السيوطي الروايات ليست كلها في متناول اليد .
(2) ن.م ص63.
(3) فتح الباري شرح صحيح البخاري ج 8 ص 475 .
(4) الدر المنثور ج4 ص70.
(5) ن.م ص90.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 571 _
  ( أخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه أنه كان يقرؤها ( من قطر ) قال : من صفر يحمى عليه آن ، قال : قد انتهى جره ) (1) ، وهي في القرآن هكذا ( مِنْ قَطِرَانٍ ) ( إبراهيم / 50 ).
  ( أخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة أن أبا عياض كان يقرؤها والخيل ( وحشية فذللها الله لإسماعيل بن إبراهيم ) ) (2) ، وهي في القرآن هكذا ( وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) ( النحل / 8 ).
* منكم جائر ‍!
  ( أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ( وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ ) (النحل/9)، قال : على الله بيان حلاله وحرامه وطاعته ومعصيته ، ( وَمِنْهَا جَائِرٌ ) قال : على السبيل ناكب عن الحق وفي قراءة ابن مسعود ( ومنكم جائر ) ) .
  ( أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف عن علي أنه كان يقرأ هذه الآية ( فمنكم جائر ) ) (3)، وهي في القرآن هكذا ( وَمِنْهَا جَائِرٌ ) ( النحل / 9).
  ( أخرج أبو عبيد وابن المنذر عن هارون قال : في قراءة أبي بن كعب رضي الله عنه ( وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه يقرؤه يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا ) ) (4) ، وهي في القرآن هكذا ( وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا ) ( الإسراء / 13 ).
* ووصّى ربك !
  هذه الآية الكريمة ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ) (الإسراء / 23 ) التي ندر من لا يحفظ نصّها من المسلمين لكثرة ترديد الوعاظ لها نجد أن أكابر الصحابة وعلماء القرآن من سلفهم الصالح يتجاهرون بوقوع التحريف فيها بسبب ما أخطأ به كتّاب القرآن الذين حرّفوا نصّها

--------------------
(1) ن.م ص92 .
(2) ن.م ص111.
(3) ن.م ص112.
(4) ن.م ص168.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 572 _
  وغيروا لفظها ! وسنقتصر في هذا المقام على الروايات الحاكية عمن كان يقرأها محرفة ، وسيأتي الكلام بإذنه تعالى في التحريف الصريح :
  ( أخرج الطبراني عن الأعمش قال : كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقرأ ( ووصى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه ) ).
  ( أخرج ابن جرير عن حبيب بن أبي ثابت رضي الله عنه قال : أعطاني ابن عباس رضي الله عنهما مصحفا فقال :هذا على قراءة أبي بن كعب رضي الله عنه فرأيت فيه ( ووصى ربك ) ) .
  ( أخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة قال : في حرف ابن مسعود رضي الله عنه ( ووصى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه ) ) (1) .
  ( أخرج أبو يعلى وابن مردويه عن أبي بن كعب رضي الله عنه إنه قرأ ( ولا تقربوا الزنا انه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا إلا من تاب فإن الله كان غفورا رحيما ) فذكر لعمر رضي الله عنه فأتاه فسأله ، فقال : أخذتـها من رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم وليس لك عمل إلا الصفق بالبقيع ! ) ، وهي في القرآن هكذا ( وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً ) ( الإسراء / 32 ).
  ( أخرج أبو عبيد وابن المنذر عن الكسائي قال : هي في قراءة أبي بن كعب ( فلا تسرفوا في القتل إن وليه كان منصورا ) ) (2) ، وهي في القرآن هكذا ( فَلاَ يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا ) ( الإسراء / 33 ).
  ( أخرج أبو عبيد في فضائله وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف وأبو نعيم في الحلية عن مجاهد رضي الله عنه قال : لم أكن أحسن ما الزخرف حتى سمعتها في قراءة عبد الله ( أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ ) ( الإسراء / 93 )، قال :( من ذهب ) ) (3) ، يقصد أن هذا المقطع من الآية كان هكذا ( أو يكون لك بيت من ذهب ) في قراءة ابن مسعود .

--------------------
(1) ن.م ص171 .
(2) ن.م ص181.
(3) ن.م ص203.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 573 _
  ( أخرج ابن أبي داود في المصاحف عن أبي رزين رضي الله عنه قال : في قراءة عبد الله بن عمر ( ولا تخافت بصوتك ولا تعال به ) ) (1) ، وهي في القرآن هكذا ( وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً ) ( الإسراء / 110 ).
  ( أخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال : في حرف ابن مسعود ( وقالوا لبثوا في كهفكم ) الآية ، يعني إنما قاله الناس ألا ترى أنه قال : ( قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا ) ( الكهف / 26 ) ! ) (2) .
  مازال باب الاجتهاد مفتوحا في القراءات ! ولا أدري أين قراءة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من اجتهادات هؤلاء ؟! وعلى أي حال هي في القرآن هكذا ( وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ) ( الكهف / 25 ).
  ( أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه ( وَإِذْ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ ) ( الكهف / 16 )، قال : هي في مصحف ابن مسعود ( وما يعبدون من دون الله ) فهذا تفسيرها ) (3) .
  أقول : لا يتوهم أن جملة ( فهذا تفسيرها ) دليلٌ على أن هذا التغيير كان مجرد تفسير للآية ، فالظاهر أن قتادة فسر الآية بـهذا المعنى لأن قراءة ابن مسعود لها كانت بـهذا الشكل ، ويتضح ذلك أكثر عند ملاحظة تبديل مفردات الآية في المصحف بـمفردات أخرى والتفسير إنما يكون بالزيادة لا مع حذف الآية وتبديل مفرداتـها ، والأمر سهل كما قلنا فلا نطيل لإثبات مورد وموردين مع وجود مئات الموارد الأخر التي تثبت تلاعب سلفهم الصالح بالقرآن .
  ( أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة قال : هي في مصحف عبد الله ( فخاف ربك إن يرهقهما طغيانا وكفرا ) ) (4) ، وهي في القرآن هكذا ( وَأَمَّا الْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ) ( الكهف / 80 ).

--------------------
(1) ن.م ص208.
(2) ن.م ص214.
(3) ن.م ص216.
(4) ن.م ص229.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 574 _
* سفينة صالحة !
  ( أخرج من وجه آخر عن سعيد بن جبير قال : جلست عند ابن عباس ـ إلى أن يقول ابن عباس ـ في قراءة أبي بن كعب ( كل سفينة صالحة ) ) (1) ، ثم ذكر السيوطي نفس الرواية من وجه آخر .
  ( أخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم كان يقرأ ( وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا ) ) ، أقول : إن كانت قراءة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تخالف قراءتنا فلا خير في قراءتنا إذن !
  ( أخرج ابن الأنباري عن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قرأ ( يأخذ كل سفينة صالحة غصبا ) ) .
  ( أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : كانت تقرأ في الحرف الأول ( كل سفينة صالحة غصبا ) قال : وكان لا يأخذ إلا خيار السفن ) .
  ( أخرج أبو عبيد وابن المنذر عن أبي الزاهرية قال : كتب عثمان ( وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا ) ) (2) .
  ( أخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق سعيد بن جبير قال : إنا لعند ابن عباس في بيته إذ قال : سلوني ، قلت : أي أبا عباس جعلني الله فداءك ، بالكوفة رجل قاص يقال له نوف يزعم أنه ليس بموسى بني إسرائيل ـ إلى قوله ـ : وكان ابن عباس يقرأ ( وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا ) ) (3) .
  واضح من الرواية السابقة أن ما قاله سعيد بن جبير كان متأخرا عن زمن توحيد المصاحف في عهد عثمان ، لأن سعيد بن جبير وُلد في دولة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام كما قاله الذهبي في سير أعلام النبلاء : ( وكان قتله في شعبان سنة خمس وتسعين ، ومن زعم أنه عاش تسعا وأربعين سنة لم يصنع شيئا ،

--------------------
(1) ن.م ص232.
(2) ن.م ص237.
(3) ن.م ص230.

إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف _ 575 _
  وقد مر قوله لابنه : ما بقاء أبيك بعد سبع وخمسين ، فعلى هذا يكون مولده في خلافة أبي الحسن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ) (1) .
  فلا يستفاد من رواية قتادة أنـهم كفوا عن قراءة هذه الزيادة بعد توحيد المصاحف في زمن عثمان ، وقول قتادة إن هذه الزيادة كانت في الشكل الأول للقرآن غير صحيح (2) ، وعلى أي حال فما أنزله الله عز وجل قرآنا هو ( أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا وَأَمَّا الْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ) ( الكهف / 79 ـ 80 ).
  ( أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : في قراءة أبي ( وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكر له ) ) (3) ، وهي في القرآن هكذا ( وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ) ( الكهف / 63 ).

* كان كافرا و أبواه مؤمنين ‍‍!
  ( أخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة قال : حرف أبي ( و أما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين ) ) (4) .
  ( أخرج البخاري ومسلم و الترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه البيهقي في الأسماء والصفات من طريق سعيد بن جبير قال : إنا لعند ابن عباس في بيته ـ إلى قوله ـ

--------------------
(1) سير أعلام النبلاء ج4ص341 ط مؤسسة الرسالة .
(2) قلنا سابقا أن سبب هذه المعمعة هو ابتعادهم عن مناهل الوحي وبيوت العصمة عليهم السلام الذين بينوا في بعض روايتـهم أن هذه الزيادة وغيرها كانت من قبيل التنـزيل الذي نزل من السماء ، ولكن بعض الصحابة كان يتمسك بكل ما سمعه من النبي صلى الله عليه وآله سلم حرفيا من غير تفريق بين ما هو قرآن وما هو تفسير اقترن بالقرآن فوقع الاشتباه عند بعض الصحابة ، وأتعب أهل السنة أنفسهم في تخريج تلك الموارد وإلا فروايات أهل البيت عليهم السلام واضحة في أن هذه الزيادة (صالحة) هي من التنـزيل لا من القرآن ، وأهل مكة أدرى بشعابـها فقد روى الكشي رضوان الله تعالى عليه في رجاله بسند معتبر ما يصرح به الإمام أن تلك الزيادة تفسيرية أنزلت من عند الله عز وجل : ( عن عبد الله بن زرارة قال : قال لي أبو عبد الله عليه السلام : أقرأ مني على والدك السلام ـ إلى قوله ـ فأحببت أن أعيبك ليحمدوا أمرك في الدين بعيبك ونقصك ، ويكون بذلك منا دفع شرهم عنك ، يقول الله عز وجل : ( أَمّا السَّفينَةُ فَكانَتْ لِمَساكينَ يَعْمَلونَ في الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفينَةٍ غَصْبا ً) ، هذا التنـزيل من عند الله : ( صالحة ) )
  ومن نظر بتأمل في بعض ما روي من القراءات الشاذة للصحابة لا يخـفى عليه الدور الخطير الذي لعبه للتنـزيل في هذه المسألة إذ كان بعض الصحابة يقرؤه كقرآن منـزل بلا فرق ، وكونه من التنـزيل يصحح ما نسبه بعض الصحابة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قرأ بـهذه الزيادة كما في الرواية الأولى ، وقد تكلمنا عن التنـزيل بما فيه الكفاية في أول الأبحاث فراجع .
(3) ن.م ص236.
(4) ن.م ص237.