وأما تفسير الصناعات :
فكل ما يتعلم العباد أو يعلمون غيرهم من صنوف الصناعات مثل الكتابة والحساب والتجارة والصياغة والسراجة والبناء والحياكة والقصارة والخياطة وصنعة صنوف التصاوير ما لم يكن مثل الروحاني وأنواع صنوف الآلات التي يحتاج إليها العباد التي منها منافعهم وبها قوامهم وفيها بلغة جميع حوائجهم فحلال فعله وتعليمه والعمل به وفيه لنفسه أو لغيره وإن كانت تلك الصناعة وتلك الآلة قد يستعان بها على وجوه الفساد ووجوه المعاصي ويكون معونة على الحق والباطل فلا بأس بصناعته وتعليمه نظير الكتابة التي هي على وجه من وجوه الفساد من تقوية معونة ولاة ولاة الجور وكذلك السكين والسيف والرمح والقوس وغير ذلك من وجوه الآلة التي قد تصرف إلى جهات الصلاح وجهات الفساد وتكون آلة ومعونة عليهما فلا بأس بتعليمه وتعلمه وأخذ الأجر عليه وفيه والعمل به وفيه لمن كان له فيه جهات الصلاح من جميع الخلائق ومحرم عليهم فيه تصريفه إلى جهات الفساد والمضار فليس على العالم والمتعلم إثم ولا وزر لما فيه من الرجحان في منافع جهات صلاحهم وقوامهم به وبقائهم وإنما الإثم والوزر على المتصرف بها في وجوه الفساد والحرام وذلك إنما حرم الله الصناعة التي حرام هي كلها التي يجي‏ء منها الفساد محضا نظير البرابط والمزامير والشطرنج وكل ملهو به والصلبان والأصنام وما أشبهه ذلك من صناعات الأشربة الحرام وما يكون منه وفيه الفساد محضا ولا يكون فيه ولا منه شي‏ء من وجوه الصلاح فحرام تعليمه وتعلمه والعمل به وأخذ الأجر عليه وجميع التقلب فيه من جميع وجوه الحركات كلها إلا أن تكون صناعة قد تنصرف إلى جهات الصنائع وإن كان قد يتصرف بها ويتناول بها وجه من وجوه المعاصي فلعله لما فيه من الصلاح حل تعلمه وتعليمه والعمل به ويحرم على من صرفه إلى غير وجه الحق والصلاح فهذا تفسير بيان وجه اكتساب معاش العباد وتعليمهم في جميع وجوه اكتسابهم .

وجوه إخراج الأموال وإنفاقها :
أما الوجوه التي فيها إخراج الأموال في جميع وجوه الحلال المفترض عليهم ووجوه النوافل كلها فأربعة وعشرون وجها منها سبعة وجوه على خاصة نفسه وخمسة وجوه على من تلزمه نفسه وثلاثة وجوه مما تلزمه فيها من وجوه الدين وخمسة وجوه مما تلزمه فيها من وجوه الصلات وأربعة أوجه مما تلزمه فيها النفقة من وجوه اصطناع المعروف فأما الوجوه التي تلزمه فيها النفقة على خاصة نفسه فهي مطعمه ومشربه وملبسه ومنكحه ومخدمه وعطاؤه فيما يحتاج إليه من الأجراء على مرمة متاعه أو حمله أو حفظه وشي‏ء يحتاج إليه من نحو منزله أو آلة من الآلات يستعين بها على حوائجه وأما الوجوه الخمس التي تجب عليه النفقة لمن تلزمه نفسه فعلى ولده ووالديه وامرأته ومملوكه لازم له ذلك في حال العسر واليسر وأما الوجوه الثلاثة المفروضة من وجوه الدين فالزكاة المفروضة الواجبة في كل عام والحج المفروض والجهاد في إبانه وزمانه وأما الوجوه الخمس من وجوه الصلات النوافل فصلة من فوقه وصلة القرابة وصلة المؤمنين والتنفل في وجوه الصدقة والبر والعتق وأما الوجوه الأربع فقضاء الدين والعارية والقرض وإقراء الضيف واجبات في السنة .

تحف العقول عن آل الرسول _127_

ما يحل للإنسان أكله :
  فأما ما يحل ويجوز للإنسان أكله مما أخرجت الأرض فثلاثة صنوف من الأغذية صنف منها جميع الحب كله من الحنطة والشعير والأرز والحمص وغير ذلك من صنوف الحب وصنوف السماسم وغيرها كل شي‏ء من الحب مما يكون فيه غذاء الإنسان في بدنه وقوته فحلال أكله وكل شي‏ء تكون فيه المضرة على الإنسان في بدنه فحرام أكله إلا في حال الضرورة والصنف الثاني مما أخرجت الأرض من جميع صنوف الثمار كلها مما يكون فيه غذاء الإنسان ومنفعة له وقوته به فحلال أكله وما كان فيه المضرة على الإنسان في أكله فحرام أكله والصنف الثالث جميع صنوف البقول والنبات وكل شي‏ء تنبت الأرض من البقول كلها مما فيه منافع الإنسان وغذاء له فحلال أكله وما كان من صنوف البقول مما فيه المضرة على الإنسان في أكله نظير بقول السموم القاتلة ونظير الدفلى وغير ذلك من صنوف السم القاتل فحرام أكله .

وأما ما يحل أكله من لحوم الحيوان :
  فلحوم البقر والغنم والإبل وما يحل من لحوم الوحش وكل ما ليس فيه ناب ولا له مخلب وما يحل من أكل لحوم الطير كلها ما كانت له قانصة فحلال أكله وما لم يكن له قانصة فحرام أكله ولا بأس بأكل صنوف الجراد .

وأما ما يجوز أكله من البيض :
  فكل ما اختلف طرفاه فحلال أكله وما استوى طرفاه فحرام أكله .

وما يجوز أكله من صيد البحر :
  من صنوف السمك ما كان له قشور فحلال أكله وما لم يكن له قشور فحرام أكله .

وما يجوز من الأشربة :
  من جميع صنوفها فما لا يغير العقل كثيرة فلا بأس بشربه وكل شي‏ء منها يغير العقل كثيره فالقليل منه حرام .

وما يجوز من اللباس :
  منه وصوفه وشعره ووبره وإن كان الصوف والشعر والريش والوبر من الميتة وغير الميتة ذكيا فلا بأس بلبس ذلك والصلاة فيه وكل شي‏ء يكون غذاء الإنسان في مطعمه ومشربه أو ملبسه فلا تجوز الصلاة عليه ولا السجود إلا ما كان من نبات الأرض من غير ثمر قبل أن يصير مغزولا فإذا صار غزلا فلا تجوز الصلاة عليه إلا في حال ضرورة .

تحف العقول عن آل الرسول _128_

أما ما يجوز من المناكح :
  فأربعة وجوه نكاح بميراث ونكاح بغير ميراث ونكاح اليمين ونكاح بتحليل من المحلل له من ملك من يملك وأما ما يجوز من الملك والخدمة فستة وجوه ملك الغنيمة وملك الشراء وملك الميراث وملك الهبة وملك العارية وملك الأجر فهذه وجوه ما يحل وما يجوز للإنسان إنفاق ماله وإخراجه بجهة الحلال في وجوهه وما يجوز فيه التصرف والتقلب من وجوه الفريضة والنافلة .

رسالته ( عليه السلام ) في الغنائم ووجوب الخمس :
  فهمت ما ذكرت أنك اهتممت به من العلم بوجوه مواضع ما لله فيه رضا وكيف أمسك سهم ذي القربى منه وما سألتني من إعلامك ذلك كله فاسمع بقلبك وانظر بعقلك ثم أعط في جنبك النصف من نفسك فإنه أسلم لك غدا عند ربك المتقدم أمره ونهيه إليك وفقنا الله وإياك اعلم أن الله ربي وربك ما غاب عن شي‏ء وما كان ربك نسيا وما فرط في الكتاب من شي‏ء وكل شي‏ء فصله تفصيلا وأنه ليس ما وضح الله تبارك وتعالى من أخذ ماله بأوضح مما أوضح الله من قسمته إياه في سبله لأنه لم يفترض من ذلك شيئا في شي‏ء من القرآن إلا وقد أتبعه بسبله إياه غير مفرق بينه وبينه يوجبه لمن فرض له ما لا يزول عنه من القسم كما يزول ما بقي سواه عمن سمي له لأنه يزول عن الشيخ بكبره والمسكين بغناه وابن السبيل بلحوقه ببلده ومع توكيد الحج مع ذلك بالأمر به تعليما وبالنهي عما ركب ممن منعه تحرجا فقال الله جل وعز في الصدقات وكانت أول ما افترض الله سبله ( إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ والْمَساكِينِ والْعامِلِينَ عَلَيْها والْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وفِي الرِّقابِ والْغارِمِينَ وفِي سَبِيلِ اللَّهِ وابْنِ السَّبِيلِ ) فالله أعلم نبيه ( عليه السلام ) موضع الصدقات وأنها ليست لغير هؤلاء يضعها حيث يشاء منهم على ما يشاء ويكف الله جل جلاله نبيه وأقرباءه عن صدقات الناس وأوساخهم فهذا سبيل الصدقات وأما المغانم فإنه لما كان يوم بدر قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من قتل قتيلا فله كذا وكذا ومن أسر أسيرا فله من غنائم القوم كذا وكذا فإن الله قد وعدني أن يفتح علي وأنعمني عسكرهم فلما هزم الله المشركين وجمعت غنائمهم قام رجل من الأنصار فقال يا رسول الله إنك أمرتنا بقتال المشركين وحثثتنا عليه وقلت من أسر أسيرا فله كذا وكذا من غنائم القوم ومن قتل قتيلا فله كذا وكذا إني قتلت قتيلين لي بذلك البينة وأسرت أسيرا فأعطنا ما أوجبت على نفسك يا رسول الله ثم جلس فقام سعد بن عبادة فقال يا رسول الله ما منعنا أن نصيب مثل ما أصابوا جبن عن العدو ولا زهادة في الآخرة والمغنم ولكنا تخوفنا إن بعد مكاننا منك فيميل إليك من جند المشركين أو يصيبوا منك ضيعة فيميلوا إليك فيصيبوك بمصيبة وإنك إن تعط هؤلاء القوم ما طلبوا يرجع سائر المسلمين ليس لهم من الغنيمة شي‏ء ثم جلس فقام الأنصاري فقال مثل مقالته الأولى ثم جلس يقول ذلك كل واحد منهما ثلاث مرات فصد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بوجهه فأنزل الله عز وجل ( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ والأنفال اسم جامع لما

تحف العقول عن آل الرسول _129 _

   أصابوا يومئذ مثل قوله ( ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ ) ومثل قوله ( أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ ) ثم قال ( قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ والرَّسُولِ ) فاختلجها الله من أيديهم فجعلها لله ولرسوله ثم قال ( فَاتَّقُوا اللَّهَ وأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وأَطِيعُوا اللَّهَ ورَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) فلما قدم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) المدينة أنزل الله عليه ( واعْلَمُوا أَنَّ ما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ولِلرَّسُولِ ولِذِي الْقُرْبى والْيَتامى والْمَساكِينِ وابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ ) فأما قوله لِلَّهِ فكما يقول الإنسان هو لله ولك ولا يقسم لله منه شي‏ء فخمس رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الغنيمة التي قبض بخمسة أسهم فقبض سهم الله لنفسه يحيي به ذكره ويورث بعده وسهما لقرابته من بني عبد المطلب فأنفذ سهما لأيتام المسلمين وسهما لمساكينهم وسهما لابن السبيل من المسلمين في غير تجارة فهذا يوم بدر وهذا سبيل الغنائم التي أخذت بالسيف وأما ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب فإن كان المهاجرون حين قدموا المدينة أعطتهم الأنصار نصف دورهم ونصف أموالهم والمهاجرون يومئذ نحو مائة رجل فلما ظهر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على بني قريظة والنضير وقبض أموالهم قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) للأنصار إن شئتم أخرجتم المهاجرين من دوركم وأموالكم وقسمت لهم هذه الأموال دونكم وإن شئتم تركتم أموالكم ودوركم وقسمت لكم معهم قالت الأنصار بل اقسم لهم دوننا واتركهم معنا في دورنا وأموالنا فأنزل الله تبارك وتعالى ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ يعني يهود قريظة فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ ولا رِكابٍ لأنهم كانوا معهم بالمدينة أقرب من أن يوجف عليهم بخيل وركاب ثم قال ( ل ِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ ورِضْواناً ويَنْصُرُونَ اللَّهَ ورَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ) فجعلها الله لمن هاجر من قريش مع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وصدق وأخرج أيضا عنهم المهاجرين مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من العرب لقوله الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وأَمْوالِهِمْ لأن قريشا كانت تأخذ ديار من هاجر منها وأموالهم ولم تكن العرب تفعل ذلك بمن هاجر منها ثم أثنى على المهاجرين الذين جعل لهم الخمس وبرأهم من النفاق بتصديقهم إياه حين قال أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ لا الكاذبون ثم أثنى على الأنصار وذكر ما صنعوا وحبهم للمهاجرين وإيثارهم إياهم وأنهم لم يجدوا في أنفسهم حاجة يقول حزازة مما أوتوا يعني المهاجرين دونهم فأحسن الثناء عليهم فقال ( والَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ والْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ ولا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا ويُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ ولَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ ومَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) وقد كان رجال اتبعوا النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد وترهم المسلمون فيما أخذوا من أموالهم فكانت قلوبهم قد امتلأت عليهم فلما حسن إسلامهم استغفروا لأنفسهم مما كانوا عليه من الشرك وسألوا الله أن يذهب بما في قلوبهم من الغل لمن سبقهم إلى الإيمان واستغفروا لهم حتى يحلل ما في قلوبهم وصاروا إخوانا لهم فأثنى الله على الذين قالوا ذلك خاصة فقال

تحف العقول عن آل الرسول _130_

  ( والَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ولِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ ولا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ ) فأعطى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) المهاجرين عامة من قريش على قدر حاجتهم فيما يرى لأنها لم تخمس فتقسم بالسوية ولم يعط أحدا منهم شيئا إلا المهاجرين من قريش غير رجلين من أنصار يقال لأحدهما سهل بن حنيف وللآخر سماك بن خرشة أبو دجانة فإنه أعطاهما لشدة حاجة كانت بهما من حقه وأمسك النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من أموال بني قريظة والنضير ما لم يوجف عليه خيل ولا ركاب سبع حوائط لنفسه لأنه لم يوجف على فدك خيل أيضا ولا ركاب وأما خيبر فإنها كانت مسيرة ثلاثة أيام من المدينة وهي أموال اليهود ولكنه أوجف عليها خيل وركاب وكانت فيها حرب فقسمها على قسمة بدر فقال الله عز وجل ( ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ ولِلرَّسُولِ ولِذِي الْقُرْبى والْيَتامى والْمَساكِينِ وابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) فهذا سبيل ما أفاء الله على رسوله مما أوجف عليه خيل وركاب وقد قال علي بن أبي طالب ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ما زلنا نقبض سهمنا بهذه الآية التي أولها تعليم وآخرها تحرج حتى جاء خمس السوس وجندي سابور إلى عمر وأنا والمسلمون والعباس عنده فقال عمر لنا إنه قد تتابعت لكم من الخمس أموال فقبضتموها حتى لا حاجة بكم اليوم وبالمسلمين حاجة وخلل فأسلفونا حقكم من هذا المال حتى يأتي الله بقضائه من أول شي‏ء يأتي المسلمين فكففت عنه لأني لم آمن حين جعله سلفا لو ألححنا عليه فيه أن يقول في خمسنا مثل قوله في أعظم منه أعني ميراث نبينا ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حين ألححنا عليه فيه فقال له العباس لا تغمز في الذي لنا يا عمر فإن الله قد أثبته لنا بأثبت مما أثبت به المواريث بيننا فقال عمر وأنتم أحق من أرفق المسلمين وشفعني فقبضه عمر ثم قال لا والله ما أتاهم ما يقبضنا حتى لحق بالله ثم ما قدرنا عليه بعده ثم قال علي ( عليه السلام ) إن الله حرم على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الصدقة فعوضه منها سهما من الخمس وحرمها على أهل بيته خاصة دون قومهم وأسهم لصغيرهم وكبيرهم وذكرهم وأنثاهم وفقيرهم وشاهدهم وغائبهم ولأنهم إنما أعطوا سهمهم لأنهم قرابة نبيهم والتي لا تزول عنهم الحمد لله الذي جعله منا وجعلنا منه فلم يعط رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أحدا من الخمس غيرنا وغير حلفائنا وموالينا لأنهم منا وأعطى من سهمه ناسا لحرم كانت بينه وبينهم معونة في الذي كان بينهم فقد أعلمتك ما أوضح الله من سبيل هذه الأنفال الأربعة وما وعد من أمره فيهم ونوره بشفاء من البيان وضياء من البرهان جاء به الوحي المنزل وعمل به النبي المرسل ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فمن حرف كلام الله أو بدله بعد ما سمعه وعقله فإنما إثمه عليه والله حجيجه فيه والسلام عليك ورحمة الله وبركاته .

تحف العقول عن آل الرسول _131_

احتجاجه ( عليه السلام ) على الصوفية لما دخلوا عليه فيما ينهون عنه من طلب الرزق :
  دخل سفيان الثوري على أبي عبد الله ( عليه السلام ) فرأى عليه ثيابا بيضاء كأنها غرقئ البياض فقال له إن هذا ليس من لباسك فقال ( عليه السلام ) له اسمع مني وع ما أقول لك فإنه خير لك عاجلا وآجلا إن كنت أنت مت على السنة والحق ولم تمت على بدعة أخبرك أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان في زمان مقفر جشب فإذا أقبلت الدنيا فأحق أهلها بها أبرارها لا فجارها ومؤمنوها لا منافقوها ومسلموها لا كفارها فما أنكرت يا ثوري فو الله إني لمع ما ترى ما أتى علي مذ عقلت صباح ولا مساء ولله في مالي حق أمرني أن أضعه موضعا إلا وضعته فقال ثم أتاه قوم ممن يظهر التزهد ويدعون الناس أن يكونوا معهم على مثل الذي هم عليه من التقشف فقالوا إن صاحبنا حصر عن كلامك ولم تحضره حجة فقال ( عليه السلام ) لهم هاتوا حججكم فقالوا إن حججنا من كتاب الله قال ( عليه السلام ) لهم فأدلوا بها فإنها أحق ما اتبع وعمل به فقالوا يقول الله تبارك وتعالى مخبرا عن قوم من أصحاب النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ويُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ ولَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ ومَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ فمدح فعلهم وقال في موضع آخر ويُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً ويَتِيماً وأَسِيراً فنحن نكتفي بهذا فقال رجل من الجلساء إنا ما رأيناكم تزهدون في الأطعمة الطيبة ومع ذلك تأمرون الناس بالخروج من أموالهم حتى تتمتعوا أنتم بها فقال أبو عبد الله ( عليه السلام ) دعوا عنكم ما لا ينتفع به أخبروني أيها النفر أ لكم علم بناسخ القرآن من منسوخه ومحكمه من متشابهه الذي في مثله ضل من ضل وهلك من هلك من هذه الأمة فقالوا له بعضه فأما كله فلا فقال ( عليه السلام ) لهم من هاهنا أوتيتم وكذلك أحاديث رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأما ما ذكرتم من إخبار الله إيانا في كتابه عن القوم الذين أخبر عنهم لحسن فعالهم فقد كان مباحا جائزا ولم يكونوا نهوا عنه وثوابهم منه على الله وذلك أن الله جل وتقدس أمر بخلاف ما عملوا به فصار أمره ناسخا لفعلهم وكان نهى تبارك وتعالى رحمة لمؤمنين ونظرا لكيلا يضروا بأنفسهم وعيالاتهم منهم الضعفة الصغار والولدان والشيخ الفان والعجوز الكبيرة الذين لا يصبرون على الجوع فإن تصدقت برغيفي ولا رغيف لي غيره ضاعوا وهلكوا جوعا فمن ثم قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) خمس تمرات أو خمس قرص أو دنانير أو دراهم يملكها الإنسان وهو يريد أن يمضيها فأفضلها ما أنفقه الإنسان على والديه ثم الثانية على نفسه وعياله ثم الثالثة على القرابة وإخوانه المؤمنين ثم الرابعة على جيرانه الفقراء ثم الخامسة في سبيل الله وهو أخسها أجرا وقال النبي ( صلى الله عليه وآله) للأنصاري حيث أعتق عند موته خمسة أو ستة من الرقيق ولم يكن يملك غيرهم وله أولاد صغار لو أعلمتموني أمره ما تركتكم تدفنونه مع المسلمين ترك صبية صغارا يتكففون

تحف العقول عن آل الرسول _132_

  الناس ثم قال حدثني أبي أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال ابدأ بمن تعول الأدنى فالأدنى ثم هذا ما نطق به الكتاب ردا لقولكم ونهيا عنه مفروض من الله العزيز الحكيم قال ( الَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا ولَمْ يَقْتُرُوا وكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً ) أ فلا ترون أن الله تبارك وتعالى عير ما أراكم تدعون إليه والمسرفين وفي غير آية من كتاب الله يقول ( إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) فنهاهم عن الإسراف ونهاهم عن التقتير لكن أمر بين أمرين لا يعطي جميع ما عنده ثم يدعو الله أن يرزقه فلا يستجيب له للحديث الذي جاء عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن أصنافا من أمتي لا يستجاب لهم دعاؤهم رجل يدعو على والديه ورجل يدعو على غريم ذهب له بمال ولم يشهد عليه ورجل يدعو على امرأته وقد جعل الله تخلية سبيلها بيده ورجل يقعد في البيت ويقول يا رب ارزقني ولا يخرج يطلب الرزق فيقول الله جل وعز عبدي أ ولم أجعل لك السبيل إلى الطلب والضرب في الأرض بجوارح صحيحة فتكون قد أعذرت فيما بيني وبينك في الطلب لاتباع أمري ولكيلا تكون كلا على أهلك فإن شئت رزقتك وإن شئت قترت عليك وأنت معذور عندي ورجل رزقه الله مالا كثيرا فأنفقه ثم أقبل يدعو يا رب ارزقني فيقول الله أ لم أرزقك رزقا واسعا أ فلا اقتصدت فيه كما أمرتك ولم تسرف وقد نهيتك ورجل يدعو في قطيعة رحم ثم علم الله نبيه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كيف ينفق وذلك أنه كانت عنده ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أوقية من ذهب فكره أن تبيت عنده شي‏ء فتصدق وأصبح ليس عنده شي‏ء وجاءه من يسأله فلم يكن عنده ما يعطيه فلامه السائل واغتم هو ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حيث لم يكن عنده ما يعطيه وكان رحيما رفيقا فأدب الله نبيه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بأمره إياه فقال ولا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ ولا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً يقول إن الناس قد يسألونك ولا يعذرونك فإذا أعطيت جميع ما عندك كنت قد خسرت من المال فهذه أحاديث رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يصدقها الكتاب والكتاب يصدقه أهله من المؤمنين وقال أبو بكر عند موته حيث قيل له أوص فقال أوصي بالخمس والخمس كثير فإن الله قد رضي بالخمس فأوصى بالخمس وقد جعل الله عز وجل له الثلث عند موته ولو علم أن الثلث خير له أوصى به ثم من قد علمتم بعده في فضله وزهده سلمان وأبو ذر رضي الله عنهما فأما سلمان رضي الله عنه فكان إذا أخذ عطاءه رفع منه قوته لسنته حتى يحضره عطاؤه من قابل فقيل له يا أبا عبد الله أنت في زهدك تصنع هذا وإنك لا تدري لعلك تموت اليوم أو غدا فكان جوابه أن قال ما لكم لا ترجون لي البقاء كما

تحف العقول عن آل الرسول _133_

  خفتم علي الفناء أ وما علمتم يا جهلة أن النفس تلتاث على صاحبها إذا لم يكن لها من العيش ما تعتمد عليه فإذا هي أحرزت معيشتها اطمأنت فأما أبو ذر رضي الله عنه فكانت له نويقات وشويهات يحلبها ويذبح منها إذا اشتهى أهله اللحم أو نزل به ضيف أو رأى بأهل الماء الذين هم معه خصاصة نحر لهم الجزور أو من الشياه على قدر ما يذهب عنهم قرم اللحم فيقسمه بينهم ويأخذ كنصيب أحدهم لا يفضل عليهم ومن أزهد من هؤلاء وقد قال فيهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ما قال ولم يبلغ من أمرهما أن صارا لا يملكان شيئا البتة كما تأمرون الناس بإلقاء أمتعتهم وشيئهم ويؤثرون به على أنفسهم وعيالاتهم واعلموا أيها النفر أني سمعت أبي يروي عن آبائه (عليه السلام) أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال يوما ما عجبت من شي‏ء كعجبي من المؤمن أنه إن قرض جسده في دار الدنيا بالمقاريض كان خيرا له وإن ملك ما بين مشارق الأرض ومغاربها كان خيرا له فكل ما يصنع الله عز وجل به فهو خير له فليت شعري هل يحيق فيكم اليوم ما قد شرحت لكم أم أزيدكم أ وما علمتم أن الله جل اسمه قد فرض على المؤمنين في أول الأمر أن يقاتل الرجل منهم عشرة من المشركين ليس له أن يولي وجهه عنهم ومن ولاهم يومئذ دبره فقد تبوأ مقعده من النار ثم حولهم من حالهم رحمة منه فصار الرجل منهم عليه أن يقاتل رجلين من المشركين تخفيفا من الله عز وجل عن المؤمنين فنسخ الرجلان العشرة وأخبروني أيضا عن القضاة أ جور منهم حيث يفرضون على الرجل منكم نفقة امرأته إذا قال أنا زاهد وإنه لا شي‏ء لي فإن قلتم جور ظلمتم أهل الإسلام وإن قلتم بل عدل خصمتم أنفسكم وحيث تريدون صدقة من تصدق على المساكين عند الموت بأكثر من الثلث أخبروني لو كان الناس كلهم كما تريدون زهادا لا حاجة لهم في متاع غيرهم فعلى من كان يتصدق بكفارات الإيمان والنذور والصدقات من فرض الزكاة من الإبل والغنم والبقر وغير ذلك من الذهب والفضة والنخل والزبيب وسائر ما قد وجبت فيه الزكاة إذا كان الأمر على ما تقولون لا ينبغي لأحد أن يحبس شيئا من عرض الدنيا إلا قدمه وإن كان به خصاصة فبئس ما ذهبتم إليه وحملتم الناس عليه من الجهل بكتاب الله عز وجل وسنة نبيه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأحاديثه التي يصدقها الكتاب المنزل أو ردكم إياها بجهالتكم وترككم النظر في غرائب القرآن من التفسير بالناسخ من المنسوخ والمحكم والمتشابه والأمر والنهي وأخبروني أنتم عن سليمان بن داود ( عليه السلام ) حيث سأل الله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فأعطاه الله جل اسمه ذلك وكان ( عليه السلام ) يقول الحق ويعمل به ثم لم نجد الله عاب ذلك عليه ولا أحدا من المؤمنين وداود ( عليه السلام ) قبله في ملكه وشدة سلطانه ثم يوسف النبي ( عليه السلام ) حيث قال لملك مصر ( اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) فكان أمره الذي كان اختار مملكة الملك وما حولها إلى اليمن فكانوا يمتارون الطعام من عنده لمجاعة أصابتهم وكان ( عليه السلام ) يقول الحق ويعمل به فلم نجد أحدا عاب ذلك عليه ثم ذو القرنين عبد أحب الله فأحبه طوى له الأسباب وملكه مشارق الأرض ومغاربها وكان يقول بالحق ويعمل به ثم لم نجد أحدا عاب ذلك عليه فتأدبوا أيها النفر بآداب الله عز وجل للمؤمنين واقتصروا على أمر الله ونهيه ودعوا عنكم ما اشتبه عليكم مما لا علم لكم به وردوا العلم إلى أهله تؤجروا وتعذروا عند الله تبارك وتعالى وكونوا في طلب علم الناسخ من القرآن من منسوخه ومحكمه من متشابهه وما أحل الله فيه مما حرم فإنه أقرب لكم من الله وأبعد لكم من الجهل ودعوا الجهالة لأهلها فإن أهل الجهل كثير وأهل العلم قليل وقد قال الله ( وفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ) .

تحف العقول عن آل الرسول _134_

كلامه (عليه السلام) في خلق الإنسان وتركيبه :
  قال ( عليه السلام ) عرفان المرء نفسه أن يعرفها بأربع طبائع وأربع دعائم وأربعة أركان فطبائعه الدم والمرة والريح والبلغم ودعائمه العقل ومن العقل الفهم والحفظ وأركانه النور والنار والروح والماء وصورته طينته فأبصر بالنور وأكل وشرب بالنار وجامع وتحرك بالروح ووجد طعم الذوق والطعام بالماء فهذا تأسيس صورته فإذا كان تأييد عقله من النور كان عالما حافظا ذكيا فطنا فهما وعرف فيما هو ومن أين يأتيه ولأي شي‏ء هو هاهنا وإلى ما هو صائر بإخلاص الوحدانية والإقرار بالطاعة وقد تجري فيه النفس وهي حارة وتجري فيه وهي باردة فإذا حلت به الحرارة أشر وبطر وارتاح وقتل وسرق وبهج واستبشر وفجر وزنى وبذخ وإذا كانت باردة اهتم وحزن واستكان وذبل ونسي فهي العوارض التي تكون منها الأسقام ولا يكون أول ذلك إلا بخطيئة عملها فيوافق ذلك من مأكل أو مشرب في حد ساعات لا تكون تلك الساعة موافقة لذلك المأكل والمشرب بحال الخطيئة فيستوجب الألم من ألوان الأسقام ثم قال ( عليه السلام ) بعد ذلك بكلام آخر إنما صار الإنسان يأكل ويشرب ويعمل بالنار ويسمع ويشم بالريح ويجد لذة الطعام والشراب بالماء ويتحرك بالروح فلو لا أن النار في معدته لما هضمت الطعام والشراب في جوفه ولو لا الريح ما التهبت نار المعدة ولا خرج الثفل من بطنه ولو لا الروح لا جاء ولا ذهب ولو لا برد الماء لأحرقته نار المعدة ولو لا النور ما أبصر ولا عقل والطين صورته والعظم في جسده بمنزلة الشجر في الأرض والشعر في جسده بمنزلة الحشيش في الأرض والعصب في جسده بمنزلة اللحاء على الشجر والدم في جسده بمنزلة الماء في الأرض ولا قوام للأرض إلا بالماء ولا قوام لجسد الإنسان إلا بالدم والمخ دسم الدم وزبده فهكذا الإنسان خلق من شأن الدنيا وشأن الآخرة فإذا جمع الله بينهما صارت حياته في الأرض لأنه نزل من شأن السماء إلى الدنيا فإذا فرق الله بينهما صارت تلك الفرقة الموت يرد شأن الآخرة إلى السماء فالحياة في الأرض والموت في السماء وذلك أنه يفرق بين الروح والجسد فردت الروح والنور إلى القدرة الأولى وترك الجسد لأنه من شأن الدنيا وإنما فسد الجسد في الدنيا لأن الريح تنشف الماء فييبس الطين فيصير رفاتا ويبلى ويرد كل إلى جوهره الأول وتحركت الروح بالنفس والنفس حركتها من الريح فما كان من نفس المؤمن فهو نور مؤيد بالعقل وما كان من نفس الكافر فهو نار مؤيد بالنكراء فهذا من صورة ناره وهذا من صورة نوره والموت رحمة من الله لعبده المؤمن ونقمة على الكافر ولله عقوبتان إحداهما من الروح والأخرى تسليط الناس بعض على بعض فما كان من قبل الروح فهو السقم والفقر وما كان من تسليط فهو النقمة وذلك قول الله عز وجل ( وكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ ) من الذنوب فما كان من ذنب الروح فعقوبته بذلك السقم والفقر وما كان من تسليط فهو النقمة وكل ذلك عقوبة للمؤمن في الدنيا وعذاب له فيها وأما الكافر فنقمة عليه في الدنيا وسوء العذاب في الآخرة ولا يكون ذلك إلا بذنب والذنب من الشهوة وهي من المؤمن خطأ ونسيان وأن يكون مستكرها وما لا يطيق وما كان من الكافر فعمد وجحود واعتداء وحسد وذلك قول الله عز وجل كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ.ناره وهذا من صورة نوره والموت رحمة من الله لعبده المؤمن ونقمة على الكافر ولله عقوبتان إحداهما من الروح والأخرى تسليط الناس بعض على بعض فما كان من قبل الروح فهو السقم والفقر وما كان من تسليط فهو النقمة وذلك قول الله عز وجل ( وكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ ) من الذنوب فما كان من ذنب الروح فعقوبته بذلك السقم والفقر وما كان من تسليط فهو النقمة وكل ذلك عقوبة للمؤمن في الدنيا وعذاب له فيها وأما الكافر فنقمة عليه في الدنيا وسوء العذاب في الآخرة ولا يكون ذلك إلا بذنب والذنب من الشهوة وهي من المؤمن خطأ ونسيان وأن يكون مستكرها وما لا يطيق وما كان من الكافر فعمد وجحود واعتداء وحسد وذلك قول الله عز وجل ( كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ ) .

تحف العقول عن آل الرسول _135_

ومن حكمه (عليه السلام ) :
  لا يصلح من لا يعقل ولا يعقل من لا يعلم وسوف ينجب من يفهم ويظفر من يحلم والعلم جنة والصدق عز والجهل ذل والفهم مجد والجود نجح وحسن الخلق مجلبة للمودة والعالم بزمانه لا تهجم عليه اللوابس والحزم مشكاة الظن والله ولي من عرفه وعدو من تكلفه والعاقل غفور والجاهل ختور وإن شئت أن تكرم فلن وإن شئت أن تهان فاخشن ومن كرم أصله لان قلبه ومن خشن عنصره غلظ كبده ومن فرط تورط ومن خاف العاقبة تثبت فيما لا يعلم ومن هجم على أمر بغير علم جدع أنف نفسه ومن لم يعلم لم يفهم ومن لم يفهم لم يسلم ومن لم يسلم لم يكرم ومن لم يكرم تهضم ومن تهضم كان ألوم ومن كان كذلك كان أحرى أن يندم إن قدرت أن لا تعرف فافعل وما عليك إذا لم يثن الناس عليك وما عليك أن تكون مذموما عند الناس إذا كنت عند الله محمودا إن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) كان يقول لا خير في الحياة إلا لأحد رجلين رجل يزداد كل يوم فيها إحسانا ورجل يتدارك منيته بالتوبة إن قدرت أن لا تخرج من بيتك فافعل وإن عليك في خروجك أن لا تغتاب ولا تكذب ولا تحسد ولا ترائي ولا تتصنع ولا تداهن صومعة المسلم بيته يحبس فيه نفسه وبصره ولسانه وفرجه إن من عرف نعمة الله بقلبه استوجب المزيد من الله قبل أن يظهر شكرها على لسانه ثم قال ( عليه السلام ) كم من مغرور بما أنعم الله عليه وكم من مستدرج بستر الله عليه وكم من مفتون بثناء الناس عليه إني لأرجو النجاة لمن عرف حقنا من هذه الأمة إلا لأحد ثلاثة صاحب سلطان جائر وصاحب هوى والفاسق المعلن الحب أفضل من الخوف والله ما أحب الله من أحب الدنيا ووالى غيرنا ومن عرف حقنا وأحبنا فقد أحب الله كن ذنبا ولا تكن رأسا قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من خاف كل لسانه .

وروي عنه ( عليه السلام ) في قصار هذه المعاني :
  قال ( عليه السلام ) من أنصف الناس من نفسه رضي به حكما لغيره .
  وقال ( عليه السلام ) إذا كان الزمان زمان جور وأهله أهل غدر فالطمأنينة إلى كل أحد عجز .
  وقال ( عليه السلام ) إذا أضيف البلاء إلى البلاء كان من البلاء عافية .
  وقال ( عليه السلام ) إذا أردت أن تعلم صحة ما عند أخيك فأغضبه فإن ثبت لك على المودة فهو أخوك وإلا فلا .
  وقال ( عليه السلام ) لا تعتد بمودة أحد حتى تغضبه ثلاث مرات .

تحف العقول عن آل الرسول _136 _

  وقال ( عليه السلام ) لا تثقن بأخيك كل الثقة فإن صرعة الاسترسال لا تستقال .
  وقال ( عليه السلام ) الإسلام درجة والإيمان على الإسلام درجة واليقين على الإيمان درجة وما أوتي الناس أقل من اليقين .
  وقال ( عليه السلام ) إزالة الجبال أهون من إزالة قلب عن موضعه .
  وقال ( عليه السلام ) الإيمان في القلب واليقين خطرات .
  وقال ( عليه السلام ) الرغبة في الدنيا تورث الغم والحزن والزهد في الدنيا راحة القلب والبدن .
  وقال ( عليه السلام ) من العيش دار يكرى وخبز يشرى .
  وقال ( عليه السلام ) لرجلين تخاصما بحضرته أما إنه لم يظفر بخير من ظفر بالظلم ومن يفعل السوء بالناس فلا ينكر السوء إذا فعل به .
  وقال ( عليه السلام ) التواصل بين الإخوان في الحضر التزاور والتواصل في السفر المكاتبة .
  وقال ( عليه السلام ) لا يصلح المؤمن إلا على ثلاث خصال التفقه في الدين وحسن التقدير في المعيشة والصبر على النائبة .
  وقال ( عليه السلام ) المؤمن لا يغلبه فرجه ولا يفضحه بطنه .
  وقال ( عليه السلام ) صحبة عشرين سنة قرابة .
  وقال ( عليه السلام ) لا تصلح الصنيعة إلا عند ذي حسب أو دين وما أقل من يشكر المعروف .
  وقال ( عليه السلام ) إنما يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر مؤمن فيتعظ أو جاهل فيتعلم فأما صاحب سوط وسيف فلا .
  وقال ( عليه السلام ) إنما يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر من كانت فيه ثلاث خصال عالم بما يأمر عالم بما ينهى عادل فيما يأمر عادل فيما ينهى رفيق بما يأمر رفيق بما ينهى .
  وقال ( عليه السلام ) من تعرض لسلطان جائر فأصابته منه بلية لم يؤجر عليها ولم يرزق الصبر عليها .
  وقال ( عليه السلام ) إن الله أنعم على قوم بالمواهب فلم يشكروه فصارت عليهم وبالا وابتلى قوما بالمصائب فصبروا فكانت عليهم نعمة .
  وقال ( عليه السلام ) صلاح حال التعايش والتعاشر مل‏ء مكيال ثلثاه فطنة .
  وقال ( عليه السلام ) ما أقبح الانتقام بأهل الأقدار .
  وقيل له ما المروة فقال (عليه السلام) لا يراك الله حيث نهاك ولا يفقدك من حيث أمرك .
  وقال ( عليه السلام ) اشكر من أنعم عليك وأنعم على من شكرك فإنه لا إزالة للنعم إذا شكرت ولا إقامة لها إذا كفرت والشكر زيادة في النعم وأمان من الفقر .
  وقال ( عليه السلام ) فوت الحاجة خير من طلبها من غير أهلها وأشد من المصيبة سوء الخلق منها .
  وسأله رجل أن يعلمه ما ينال به خير الدنيا والآخرة ولا يطول عليه فقال ( عليه السلام ) لا تكذب .

تحف العقول عن آل الرسول _137_

  وقيل له ما البلاغة فقال (عليه السلام) من عرف شيئا قل كلامه فيه وإنما سمي البليغ لأنه يبلغ حاجته بأهون سعيه .
  وقال ( عليه السلام ) الدين غم بالليل وذل بالنهار .
  وقال ( عليه السلام ) إذا صلح أمر دنياك فاتهم دينك .
  وقال ( عليه السلام ) بروا آباءكم يبركم أبناؤكم وعفوا عن نساء الناس تعف نساؤكم .
  وقال (عليه السلام) من ائتمن خائنا على أمانة لم يكن له على الله ضمان .
  وقال (عليه السلام) لحمران بن أعين يا حمران انظر من هو دونك في المقدرة ولا تنظر إلى من هو فوقك فإن ذلك أقنع لك بما قسم الله لك وأحرى أن تستوجب الزيادة منه عز وجل واعلم أن العمل الدائم القليل على اليقين أفضل عند الله من العمل الكثير على غير يقين واعلم أنه لا ورع أنفع من تجنب محارم الله والكف عن أذى المؤمنين واغتيابهم ولا عيش أهنأ من حسن الخلق ولا مال أنفع من القناعة باليسير المجزئ ولا جهل أضر من العجب .
  وقال ( عليه السلام ) الحياء على وجهين فمنه ضعف ومنه قوة وإسلام وإيمان .
  وقال ( عليه السلام ) ترك الحقوق مذلة وإن الرجل يحتاج إلى أن يتعرض فيها للكذب .
  وقال ( عليه السلام ) إذا سلم الرجل من الجماعة أجزأ عنهم وإذا رد واحد من القوم أجزأ عنهم .
  وقال ( عليه السلام ) السلام تطوع والرد فريضة .
  وقال ( عليه السلام ) من بدأ بكلام قبل سلام فلا تجيبوه .
  وقال ( عليه السلام ) إن تمام التحية للمقيم المصافحة وتمام التسليم على المسافر المعانقة .
وقال (عليه السلام) اتق الله بعض التقى وإن قل ودع بينك وبينه سترا وإن رق   وقال ( عليه السلام ) تصافحوا فإنها تذهب بالسخيمة .
  وقال ( عليه السلام ) من ملك نفسه إذا غضب وإذا رغب وإذا رهب وإذا اشتهى حرم الله جسده على النار .
  وقال ( عليه السلام ) العافية نعمة خفيفة إذا وجدت نسيت وإذا عدمت ذكرت .
  وقال ( عليه السلام ) لله في السراء نعمة التفضل وفي الضراء نعمة التطهر .
  وقال ( عليه السلام ) كم من نعمة لله على عبده في غير أمله وكم من مؤمل أملا الخيار في غيره وكم من ساع إلى حتفه وهو مبطئ عن حظه .
  وقال ( عليه السلام ) قد عجز من لم يعد لكل بلاء صبرا ولكل نعمة شكرا ولكل عسر يسرا اصبر نفسك عند كل بلية ورزية في ولد أو في مال فإن الله إنما يقبض عاريته وهبته ليبلو شكرك وصبرك .

تحف العقول عن آل الرسول _138_

  وقال (ع ليه السلام ) ما من شي‏ء إلا وله حد قيل فما حد اليقين قال ( عليه السلام ) أن لا تخاف شيئا .
  وقال ( عليه السلام ) ينبغي للمؤمن أن يكون فيه ثمان خصال وقور عند الهزاهز صبور عند البلاء شكور عند الرخاء قانع بما رزقه الله لا يظلم الأعداء ولا يتحمل الأصدقاء بدنه منه في تعب والناس منه في راحة .
  وقال ( عليه السلام ) إن العلم خليل المؤمن والحلم وزيره والصبر أمير جنوده والرفق أخوه واللين والده .
  وقال أبو عبيدة ادع الله لي أن لا يجعل رزقي على أيدي العباد فقال ( عليه السلام ) أبى الله عليك ذلك إلا أن يجعل أرزاق العباد بعضهم من بعض ولكن ادع الله أن يجعل رزقك على أيدي خيار خلقه فإنه من السعادة ولا يجعله على أيدي شرار خلقه فإنه من الشقاوة .
  وقال ( عليه السلام ) العامل على غير بصيرة كالسائر على غير طريق فلا تزيده سرعة السير إلا بعدا .
  وقال ( عليه السلام ) في قول الله عز وجل اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ قال يطاع فلا يعصى ويذكر فلا ينسى ويشكر فلا يكفر .
  وقال ( عليه السلام ) من عرف الله خاف الله ومن خاف الله سخت نفسه عن الدنيا .
  وقال ( عليه السلام ) الخائف من لم تدع له الرهبة لسانا ينطق به .
  وقيل له ( عليه السلام ) قوم يعملون بالمعاصي ويقولون نرجو فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم الموت فقال ( عليه السلام ) هؤلاء قوم يترجحون في الأماني كذبوا ليس يرجون إن من رجا شيئا طلبه ومن خاف من شي‏ء هرب منه .
  وقال ( عليه السلام ) إنا لنحب من كان عاقلا عالما فهما فقيها حليما مداريا صبورا صدوقا وفيا إن الله خص الأنبياء ( عليهم السلام ) بمكارم الأخلاق فمن كانت فيه فليحمد الله على ذلك ومن لم تكن فيه فليتضرع إلى الله وليسأله إياها قيل له وما هي قال (عليه السلام) الورع والقناعة والصبر والشكر والحلم والحياء والسخاء والشجاعة والغيرة وصدق الحديث والبر وأداء الأمانة واليقين وحسن الخلق والمروة .
  وقال (عليه السلام) من أوثق عرى الإيمان أن تحب في الله وتبغض في الله وتعطي في الله وتمنع في الله .
  وقال ( عليه السلام ) لا يتبع الرجل بعد موته إلا ثلاث خصال صدقة أجراها الله له في حياته فهي تجري له بعد موته وسنة هدى يعمل بها وولد صالح يدعو له .
  وقال ( عليه السلام ) إن الكذبة لتنقض الوضوء إذا توضأ الرجل للصلاة وتفطر الصيام فقيل له إنا نكذب فقال ( عليه السلام ) ليس هو باللغو ولكنه الكذب على الله وعلى رسوله وعلى الأئمة ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ثم قال إن الصيام ليس من الطعام ولا من الشراب وحده إن مريم (عليه السلام) قالت إني نذرت للرحمن صوما أي صمتا فاحفظوا ألسنتكم وغضوا أبصاركم ولا تحاسدوا ولا تنازعوا فإن الحسد يأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب .
  وقال ( عليه السلام ) من أعلم الله ما لم يعلم اهتز له عرشه .

تحف العقول عن آل الرسول _139_

  وقال ( عليه السلام ) إن الله علم أن الذنب خير للمؤمن من العجب ولو لا ذلك ما ابتلى الله مؤمنا بذنب أبدا .
  وقال ( عليه السلام ) من ساء خلقه عذب نفسه .
  وقال ( عليه السلام ) المعروف كاسمه وليس شي‏ء أفضل من المعروف إلا ثوابه والمعروف هدية من الله إلى عبده وليس كل من يحب أن يصنع المعروف إلى الناس يصنعه ولا كل من رغب فيه يقدر عليه ولا كل من يقدر عليه يؤذن له فيه فإذا من الله على العبد جمع له الرغبة في المعروف والقدرة والإذن فهناك تمت السعادة والكرامة للطالب والمطلوب إليه .
  وقال ( عليه السلام ) لم يستزد في محبوب بمثل الشكر ولم يستنقص من مكروه بمثل الصبر .
  وقال ( عليه السلام ) ليس لإبليس جند أشد من النساء والغضب .
  وقال ( عليه السلام ) الدنيا سجن المؤمن والصبر حصنه والجنة مأواه والدنيا جنة الكافر والقبر سجنه والنار مأواه .
  وقال ( عليه السلام ) ولم يخلق الله يقينا لا شك فيه أشبه بشك لا يقين فيه من الموت .
  وقال ( عليه السلام ) إذا رأيتم العبد يتفقد الذنوب من الناس ناسيا لذنبه فاعلموا أنه قد مكر به .
  وقال ( عليه السلام ) الطاعم الشاكر له مثل أجر الصائم المحتسب والمعافى الشاكر له مثل أجر المبتلى الصابر .
  وقال ( عليه السلام ) لا ينبغي لمن لم يكن عالما أن يعد سعيدا ولا لمن لم يكن ودودا أن يعد حميدا ولا لمن لم يكن صبورا أن يعد كاملا ولا لمن لا يتقي ملامة العلماء وذمهم أن يرجى له خير الدنيا والآخرة وينبغي للعاقل أن يكون صدوقا ليؤمن على حديثه وشكورا ليستوجب الزيادة .
  وقال ( عليه السلام ) ليس لك أن تأتمن الخائن وقد جربته وليس لك أن تتهم من ائتمنت .
  وقال ( عليه السلام ) ليس لملول صديق ولا لحسود غنى وكثرة النظر في الحكمة تلقح العقل .

تحف العقول عن آل الرسول _140_

  وقال ( عليه السلام ) كفى بخشية الله علما وكفى بالاغترار به جهلا .
  وقال ( عليه السلام ) أفضل العبادة العلم بالله والتواضع له .
  وقال ( عليه السلام ) عالم أفضل من ألف عابد وألف زاهد وألف مجتهد .
  وقال ( عليه السلام ) إن لكل شي‏ء زكاة وزكاة العلم أن يعلمه أهله .
   وقال ( عليه السلام ) القضاة أربعة ثلاثة في النار وواحد في الجنة رجل قضى بجور وهو يعلم فهو في النار ورجل قضى بجور وهو لا يعلم فهو في النار ورجل قضى بحق وهو لا يعلم فهو في النار ورجل قضى بحق وهو يعلم فهو في الجنة .
  وسئل عن صفة العدل من الرجل فقال ( عليه السلام ) إذا غض طرفه عن المحارم ولسانه عن المآثم وكفه عن المظالم .
  وقال ( عليه السلام ) كل ما حجب الله عن العباد فموضوع عنهم حتى يعرفهموه .
  وقال ( عليه السلام ) لداود الرقي تدخل يدك في فم التنين إلى المرفق خير لك من طلب الحوائج إلى من لم يكن له وكان .
  وقال ( عليه السلام ) قضاء الحوائج إلى الله وأسبابها بعد الله العباد تجري على أيديهم فما قضى الله من ذلك فاقبلوا من الله بالشكر وما زوى عنكم منها فاقبلوه عن الله بالرضا والتسليم والصبر فعسى أن يكون ذلك خيرا لكم فإن الله أعلم بما يصلحكم وأنتم لا تعلمون .
  وقال ( عليه السلام ) مسألة ابن آدم لابن آدم فتنة إن أعطاه حمد من لم يعطه وإن رده ذم من لم يمنعه .
  وقال ( عليه السلام ) إن الله قد جعل كل خير في التزجية .
  وقال ( عليه السلام ) إياك ومخالطة السفلة فإن مخالطة السفلة لا تؤدي إلى خير .
  وقال ( عليه السلام ) الرجل يجزع من الذل الصغير فيدخله ذلك في الذل الكبير .
  وقيل له من أكرم الخلق على الله فقال ( عليه السلام ) أكثرهم ذكرا لله وأعملهم بطاعة الله قلت فمن أبغض الخلق إلى الله قال ( عليه السلام ) من يتهم الله قلت أحد يتهم الله قال (عليه السلام) نعم من استخار الله فجاءته الخيرة بما يكره فيسخط فذلك يتهم الله قلت ومن قال يشكو الله قلت وأحد يشكوه قال ( عليه السلام ) نعم من إذا ابتلي شكا بأكثر مما أصابه قلت ومن قال ( عليه السلام ) إذا أعطي لم يشكر وإذا ابتلي لم يصبر قلت فمن أكرم الخلق على الله قال ( عليه السلام ) من إذا أعطي شكر وإذا ابتلي صبر .

تحف العقول عن آل الرسول _141_

  وقال ( عليه السلام ) أنفع الأشياء للمرء سبقه الناس إلى عيب نفسه وأشد شي‏ء مئونة إخفاء الفاقة وأقل الأشياء غناء النصيحة لمن لا يقبلها ومجاورة الحريص وأروح الروح اليأس من الناس لا تكن ضجرا ولا غلقا وذلل نفسك باحتمال من خالفك ممن هو فوقك ومن له الفضل عليك فإنما أقررت له بفضله لئلا تخالفه ومن لا يعرف لأحد الفضل فهو المعجب برأيه واعلم أنه لا عز لمن لا يتذلل لله ولا رفعة لمن لا يتواضع لله .
  وقال ( عليه السلام ) إن من السنة لبس الخاتم .
  وقال ( عليه السلام ) أحب إخواني إلي من أهدى إلي عيوبي .
  وقال ( عليه السلام ) لا تكون الصداقة إلا بحدودها فمن كانت فيه هذه الحدود أو شي‏ء منه وإلا فلا تنسبه إلى شي‏ء من الصداقة فأولها أن تكون سريرته وعلانيته لك واحدة والثانية أن يرى زينك زينه وشينك شينه والثالثة أن لا تغيره عليك ولاية ولا مال والرابعة لا يمنعك شيئا تناله مقدرته والخامسة وهي تجمع هذه الخصال أن لا يسلمك عند النكبات .
  وقال ( عليه السلام ) مجاملة الناس ثلث العقل .
  وقال ( عليه السلام ) ضحك المؤمن تبسم .
  وقال ( عليه السلام) ما أبالي إلى من ائتمنت خائنا أو مضيعا .
  وقال ( عليه السلام ) للمفضل أوصيك بست خصال تبلغهن شيعتي قلت وما هن يا سيدي قال ( عليه السلام ) أداء الأمانة إلى من ائتمنك وأن ترضى لأخيك ما ترضى لنفسك واعلم أن للأمور أواخر فاحذر العواقب وأن للأمور بغتات فكن على حذر وإياك ومرتقى جبل سهل إذا كان المنحدر وعرا ولا تعدن أخاك وعدا ليس في يدك وفاؤه .
  وقال ( عليه السلام ) ثلاث لم يجعل الله لأحد من الناس فيهن رخصة بر الوالدين برين كانا أو فاجرين ووفاء بالعهد للبر والفاجر وأداء الأمانة إلى البر والفاجر .
  وقال ( عليه السلام ) إني لأرحم ثلاثة وحق لهم أن يرحموا عزيز أصابته مذلة بعد العز وغني أصابته حاجة بعد الغنى وعالم يستخف به أهله والجهلة .
  وقال ( عليه السلام ) من تعلق قلبه بحب الدنيا تعلق من ضررها بثلاث خصال هم لا يفنى وأمل لا يدرك ورجاء لا ينال .
  وقال ( عليه السلام ) المؤمن لا يخلق على الكذب ولا على الخيانة وخصلتان لا يجتمعان في المنافق سمت حسن وفقه في سنة .
  وقال ( عليه السلام ) الناس سواء كأسنان المشط والمرء كثير بأخيه ولا خير في صحبة من لم ير لك مثل الذي يرى لنفسه .

تحف العقول عن آل الرسول _142_

  وقال ( عليه السلام ) من زين الإيمان الفقه ومن زين الفقه الحلم ومن زين الحلم الرفق ومن زين الرفق اللين ومن زين اللين السهولة .
  وقال ( عليه السلام ) من غضب عليك من إخوانك ثلاث مرات فلم يقل فيك مكروها فأعده لنفسك .
  وقال ( عليه السلام ) يأتي على الناس زمان ليس فيه شي‏ء أعز من أخ أنيس وكسب درهم حلال .
  وقال ( عليه السلام ) من وقف نفسه موقف التهمة فلا يلومن من أساء به الظن ومن كتم سره كانت الخيرة في يده وكل حديث جاوز اثنين فاش وضع أمر أخيك على أحسنه ولا تطلبن بكلمة خرجت من أخيك سوءا وأنت تجد لها في الخير محملا وعليك بإخوان الصدق فإنهم عدة عند الرخاء وجنة عند البلاء وشاور في حديثك الذين يخافون الله وأحبب الإخوان على قدر التقوى واتق شرار النساء وكن من خيارهن على حذر وإن أمرنكم بالمعروف فخالفوهن حتى لا يطمعن منكم في المنكر .
  وقال ( عليه السلام ) المنافق إذا حدث عن الله وعن رسوله كذب وإذا وعد الله ورسوله أخلف وإذا ملك خان الله ورسوله في ماله وذلك قول الله عز وجل ( فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِما أَخْلَفُوا اللَّهَ ما وَعَدُوهُ وبِما كانُوا يَكْذِبُونَ وقوله وإِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ فَقَدْ خانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ واللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ).
  وقال ( عليه السلام ) كفى بالمرء خزيا أن يلبس ثوبا يشهره أو يركب دابة مشهورة قلت وما الدابة المشهورة قال ( عليه السلام ) البلقاء .
  وقال ( عليه السلام ) لا يبلغ أحدكم حقيقة الإيمان حتى يحب أبعد الخلق منه في الله ويبغض أقرب الخلق منه في الله .
  وقال ( عليه السلام ) من أنعم الله عليه نعمة فعرفها بقلبه وعلم أن المنعم عليه الله فقد أدى شكرها وإن لم يحرك لسانه ومن علم أن المعاقب على الذنوب الله فقد استغفر وإن لم يحرك به لسانه وقرأ ( إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ ) الآية .
  وقال ( عليه السلام ) خصلتين مهلكتين تفتي الناس برأيك أو تدين بما لا تعلم .
  وقال ( عليه السلام ) لأبي بصير يا أبا محمد لا تفتش الناس عن أديانهم فتبقى بلا صديق .

تحف العقول عن آل الرسول _143_

  وقال ( عليه السلام ) الصفح الجميل أن لا تعاقب على الذنب والصبر الجميل الذي ليس فيه شكوى .
  وقال ( عليه السلام ) أربع من كن فيه كان مؤمنا وإن كان من قرنه إلى قدمه ذنوب الصدق والحياة وحسن الخلق والشكر .
  وقال ( عليه السلام ) لا تكون مؤمنا حتى تكون خائفا راجيا ولا تكون خائفا راجيا حتى تكون عاملا لما تخاف وترجو .
  وقال ( عليه السلام ) ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني ولكن الإيمان ما خلص في القلوب وصدقته الأعمال .
  وقال ( عليه السلام ) إذا زاد الرجل على الثلاثين فهو كهل وإذا زاد على الأربعين فهو شيخ .
  وقال ( عليه السلام ) الناس في التوحيد على ثلاثة أوجه مثبت وناف ومشبه فالنافي مبطل والمثبت مؤمن والمشبه مشرك .
  وقال ( عليه السلام ) الإيمان إقرار وعمل ونية والإسلام إقرار وعمل .
  وقال ( عليه السلام ) لا تذهب الحشمة بينك وبين أخيك وأبق منها فإن ذهاب الحشمة ذهاب الحياء وبقاء الحشمة بقاء المودة .
  وقال ( عليه السلام ) من احتشم أخاه حرمت وصلته ومن اغتمه سقطت حرمته .
  وقيل له خلوت بالعقيق وتعجبك الوحدة فقال ( عليه السلام ) لو ذقت حلاوة الوحدة لاستوحشت من نفسك ثم قال ( عليه السلام ) أقل ما يجد العبد في الوحدة أمن مداراة الناس .
  وقال ( عليه السلام ) ما فتح الله على عبد بابا من الدنيا إلا فتح عليه من الحرص مثليه .
  وقال ( عليه السلام ) المؤمن في الدنيا غريب لا يجزع من ذلها ولا يتنافس أهلها في عزها .
  وقيل له أين طريق الراحة فقال ( عليه السلام ) في خلاف الهوى قيل فمتى يجد عبد الراحة فقال ( عليه السلام ) عند أول يوم يصير في الجنة .
  وقيل له أين طريق الراحة فقال ( عليه السلام ) في خلاف الهوى قيل فمتى يجد عبد الراحة فقال ( عليه السلام ) عند أول يوم يصير في الجنة .
  وقال ( عليه السلام ) لا يجمع الله لمنافق ولا فاسق حسن السمت والفقه وحسن الخلق أبدا .
  وقال ( عليه السلام ) طعم الماء الحياة وطعم الخبز القوة وضعف البدن وقوته من شحم الكليتين وموضع العقل الدماغ والقسوة والرقة في القلب .

تحف العقول عن آل الرسول _144_

  وقال ( عليه السلام ) الحسد حسدان حسد فتنة وحسد غفلة فأما حسد الغفلة فكما قالت الملائكة حين قال الله ( إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها ويَسْفِكُ الدِّماءَ ونَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ ونُقَدِّسُ لَكَ ) أي اجعل ذلك الخليفة منا ولم يقولوا حسدا لآدم من جهة الفتنة والرد والجحود والحسد الثاني الذي يصير به العبد إلى الكفر والشرك فهو حسد إبليس في رده على الله وإبائه عن السجود لآدم ( عليه السلام ).
  وقال ( عليه السلام ) الناس في القدرة على ثلاثة أوجه رجل يزعم أن الأمر مفوض إليه فقد وهن الله في سلطانه فهو هالك ورجل يزعم أن الله أجبر العباد على المعاصي وكلفهم ما لا يطيقون فقد ظلم الله في حكمه فهو هالك ورجل يزعم أن الله كلف العباد ما يطيقونه ولم يكلفهم ما لا يطيقونه فإذا أحسن حمد الله وإذا أساء استغفر الله فهذا مسلم بالغ .
  وقال ( عليه السلام ) المشي المستعجل يذهب ببهاء المؤمن ويطفئ نوره .
  وقال ( عليه السلام ) إن الله يبغض الغني الظلوم .
  وقال ( عليه السلام ) الغضب ممحقة لقلب الحكيم ومن لم يملك غضبه لم يملك عقله .
  وقال الفضيل بن عياض قال لي أبو عبد الله (عليه السلام) أ تدري من الشحيح قلت هو البخيل فقال ( عليه السلام ) الشح أشد من البخل إن البخيل يبخل بما في يده والشحيح يشح على ما في أيدي الناس وعلى ما في يده حتى لا يرى في أيدي الناس شيئا إلا تمنى أن يكون له بالحل والحرام لا يشبع ولا ينتفع بما رزقه الله .
  وقال ( عليه السلام ) إن البخيل من كسب مالا من غير حله وأنفقه في غير حقه .
  وقال ( عليه السلام ) لبعض شيعته ما بال أخيك يشكوك فقال يشكوني أن استقصيت عليه حقي فجلس ( عليه السلام ) مغضبا ثم قال كأنك إذا استقصيت عليه حقك لم تسئ أ رأيتك ما حكى الله عن قوم يخافون سوء الحساب أ خافوا أن يجور الله عليهم لا ولكن خافوا الاستقصاء فسماه الله سوء الحساب فمن استقصى فقد أساء .
  وقال ( عليه السلام ) كثرة السحت يمحق الرزق .
  وقال ( عليه السلام ) سوء الخلق نكد .

تحف العقول عن آل الرسول _145_

  وقال ( عليه السلام ) إن الإيمان فوق الإسلام بدرجة والتقوى فوق الإيمان بدرجة وبعضه من بعض فقد يكون المؤمن في لسانه بعض الشي‏ء الذي لم يعد الله عليه النار وقال الله ( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ ونُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً ) ويكون الآخر وهو الفهم لسانا وهو أشد لقاء للذنوب وكلاهما مؤمن واليقين فوق التقوى بدرجة ولم يقسم بين الناس شي‏ء أشد من اليقين إن بعض الناس أشد يقينا من بعض وهم مؤمنون وبعضهم أصبر من بعض على المصيبة وعلى الفقر وعلى المرض وعلى الخوف وذلك من اليقين .
  وقال ( عليه السلام ) إن الغنى والعز يجولان فإذا ظفرا بموضع التوكل أوطناه .
  وقال ( عليه السلام ) حسن الخلق من الدين وهو يزيد في الرزق .
  وقال ( عليه السلام ) الخلق خلقان أحدهما نية والآخر سجية قيل فأيهما أفضل قال ( عليه السلام ) النية لأن صاحب السجية مجبول على أمر لا يستطيع غيره وصاحب النية يتصبر على الطاعة تصبرا فهذا أفضل .
  وقال ( عليه السلام ) إن سرعة ائتلاف قلوب الأبرار إذا التقوا وإن لم يظهروا التودد بألسنتهم كسرعة اختلاط ماء السماء بماء الأنهار وإن بعد ائتلاف قلوب الفجار إذا التقوا وإن أظهروا التودد بألسنتهم كبعد البهائم من التعاطف وإن طال اعتلافها على مذود واحد .
  وقال ( عليه السلام ) السخي الكريم الذي ينفق ماله في حق الله .
  وقال ( عليه السلام ) يا أهل الإيمان ومحل الكتمان تفكروا وتذكروا عند غفلة الساهين .
  قال المفضل بن عمر سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الحسب فقال (عليه السلام) المال قلت فالكرم قال ( عليه السلام ) التقوى قلت فالسؤدد قال (عليه السلام) السخاء ويحك أ ما رأيت حاتم طي كيف ساد قومه وما كان بأجودهم موضعا .
  وقال ( عليه السلام ) المروة مروتان مروة الحضر ومروة السفر فأما مروة الحضر فتلاوة القرآن وحضور المساجد وصحبة أهل الخير والنظر في التفقه وأما مروة السفر فبذل الزاد والمزاح في غير ما يسخط الله وقلة الخلاف على من صحبك وترك الرواية عليهم إذا أنت فارقتهم .
  وقال ( عليه السلام ) اعلم أن ضارب علي ( عليه السلام ) بالسيف وقاتله لو ائتمنني واستنصحني واستشارني ثم قبلت ذلك منه لأديت إليه الأمانة .

تحف العقول عن آل الرسول _146_

  وقال سفيان قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) يجوز أن يزكي الرجل نفسه قال نعم إذا اضطر إليه أ ما سمعت قول يوسف ( اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) وقول العبد الصالح ( أَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ ) .
  وقال ( عليه السلام ) أوحى الله إلى داود (عليه السلام) يا داود تريد وأريد فإن اكتفيت بما أريد مما تريد كفيتك ما تريد وإن أبيت إلا ما تريد أتعبتك فيما تريد وكان ما أريد .
  قال محمد بن قيس سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الفئتين يلتقيان من أهل الباطل أبيعهما السلاح فقال ( عليه السلام ) بعهما ما يكنهما الدرع والخفتان والبيضة ونحو ذلك .
  وقال ( عليه السلام ) أربع لا تجزي في أربع الخيانة والغلول والسرقة والربا لا تجزي في حج ولا عمرة ولا جهاد ولا صدقة .
  وقال ( عليه السلام ) إن الله يعطي الدنيا من يحب ويبغض ولا يعطي الإيمان إلا أهل صفوته من خلقه .
  وقال ( عليه السلام ) من دعا الناس إلى نفسه وفيهم من هو أعلم منه فهو مبتدع ضال .
  قيل له ما كان في وصية لقمان فقال ( عليه السلام ) كان فيها الأعاجيب وكان من أعجب ما فيها أن قال لابنه خف الله خيفة لو جئته ببر الثقلين لعذبك وارج الله رجاء لو جئته بذنوب الثقلين لرحمك ثم قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) ما من مؤمن إلا وفي قلبه نوران نور خيفة ونور رجاء لو وزن هذا لم يزد على هذا ولو وزن هذا لم يزد على هذا   قال أبو بصير سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن الإيمان فقال (عليه السلام) الإيمان بالله أن لا يعصى قلت فما الإسلام فقال ( عليه السلام ) من نسك نسكنا وذبح ذبيحتنا .
  وقال ( عليه السلام ) لا يتكلم أحد بكلمة هدى فيؤخذ بها إلا كان له مثل أجر من أخذ بها ولا يتكلم بكلمة ضلالة فيؤخذ بها إلا كان عليه مثل وزر من أخذ بها .
  وقيل له إن النصارى يقولون إن ليلة الميلاد في أربعة وعشرين من كانون فقال ( عليه السلام ) كذبوا بل في النصف من حزيران ويستوي الليل والنهار في النصف من آذار .
  وقال ( عليه السلام ) كان إسماعيل أكبر من إسحاق بخمس سنين وكان الذبيح إسماعيل (عليه السلام) أ ما تسمع قول إبراهيم ( عليه السلام ) ( رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ) إنما سأل ربه أن يرزقه غلاما من الصالحين فقال في سورة الصافات ( فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ ) يعني إسماعيل ثم قال ( وبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ) فمن زعم أن إسحاق أكبر من إسماعيل فقد كذب بما أنزل الله من القرآن .

تحف العقول عن آل الرسول _147_

  وقال ( عليه السلام ) أربعة من أخلاق الأنبياء ( عليهم السلام ) البر والسخاء والصبر على النائبة والقيام بحق المؤمن .
  وقال ( عليه السلام ) لا تعدن مصيبة أعطيت عليها الصبر واستوجبت عليها من الله ثوابا بمصيبة إنما المصيبة أن يحرم صاحبها أجرها وثوابها إذا لم يصبر عند نزولها .
  وقال ( عليه السلام ) إن لله عبادا من خلقه في أرضه يفزع إليهم في حوائج الدنيا والآخرة أولئك هم المؤمنون حقا آمنون يوم القيامة ألا وإن أحب المؤمنين إلى الله من أعان المؤمن الفقير من الفقر في دنياه ومعاشه ومن أعان ونفع ودفع المكروه عن المؤمنين .
  وقال ( عليه السلام ) إن صلة الرحم والبر ليهونان الحساب ويعصمان من الذنوب فصلوا إخوانكم وبروا إخوانكم ولو بحسن السلام ورد الجواب .
  قال سفيان الثوري دخلت على الصادق ( عليه السلام ) فقلت له أوصني بوصية أحفظها من بعدك قال ( عليه السلام ) وتحفظ يا سفيان قلت أجل يا ابن بنت رسول الله قال (عليه السلام) يا سفيان لا مروة لكذوب ولا راحة لحسود ولا إخاء لملوك ولا خلة لمختال ولا سؤدد لسيئ الخلق ثم أمسك ( عليه السلام ) فقلت يا ابن بنت رسول الله زدني فقال (عليه السلام) يا سفيان ثق بالله تكن عارفا وارض بما قسمه لك تكن غنيا صاحب بمثل ما يصاحبونك به تزدد إيمانا ولا تصاحب الفاجر فيعلمك من فجوره وشاور في أمرك الذين يخشون الله عز وجل ثم أمسك ( عليه السلام ) فقلت يا ابن بنت رسول الله زدني فقال (عليه السلام) يا سفيان من أراد عزا بلا سلطان وكثرة بلا إخوان وهيبة بلا مال فلينتقل من ذل معاصي الله إلى عز طاعته ثم أمسك ( عليه السلام ) فقلت يا ابن بنت رسول الله زدني فقال (عليه السلام) يا سفيان أدبني أبي ( عليه السلام ) بثلاث ونهاني عن ثلاث فأما اللواتي أدبني بهن فإنه قال لي يا بني من يصحب صاحب السوء لا يسلم ومن لا يقيد ألفاظه يندم ومن يدخل مداخل السوء يتهم قلت يا ابن بنت رسول الله فما الثلاث اللواتي نهاك عنهن قال (عليه السلام) نهاني أن أصاحب حاسد نعمة وشامتا بمصيبة أو حامل نميمة .
  وقال (عليه السلام ) ستة لا تكون في مؤمن العسر والنكد والحسد واللجاجة والكذب والبغي .
  وقال ( عليه السلام ) المؤمن بين مخافتين ذنب قد مضى لا يدري ما يصنع الله فيه وعمر قد بقي لا يدري ما يكتسب فيه من المهالك فهو لا يصبح إلا خائفا ولا يمسي إلا خائفا ولا يصلحه إلا الخوف .
  وقال ( عليه السلام ) من رضي بالقليل من الرزق قبل الله منه اليسير من العمل ومن رضي باليسير من الحلال خفت مئونته وزكت مكسبته وخرج من حد العجز .

تحف العقول عن آل الرسول _148_

  وقال سفيان الثوري دخلت على أبي عبد الله ( عليه السلام ) فقلت كيف أصبحت يا ابن رسول الله فقال ( عليه السلام ) والله إني لمحزون وإني لمشتغل القلب فقلت له وما أحزنك وما أشغل قلبك فقال ( عليه السلام ) لي يا ثوري إنه من داخل قلبه صافي خالص دين الله شغله عما سواه يا ثوري ما الدنيا وما عسى أن تكون هل الدنيا إلا أكل أكلته أو ثوب لبسته أو مركب ركبته إن المؤمنين لم يطمئنوا في الدنيا ولم يأمنوا قدوم الآخرة دار الدنيا دار زوال ودار الآخرة دار قرار أهل الدنيا أهل غفلة إن أهل التقوى أخف أهل الدنيا مئونة وأكثرهم معونة إن نسيت ذكروك وإن ذكروك أعلموك فأنزل الدنيا كمنزل نزلته فارتحلت عنه أو كمال أصبته في منامك فاستيقظت وليس في يدك شي‏ء منه فكم من حريص على أمر قد شقي به حين أتاه وكم من تارك لأمر قد سعد به حين أتاه .
  وقيل له ما الدليل على الواحد فقال ( عليه السلام ) ما بالخلق من الحاجة .
  وقال ( عليه السلام ) لن تكونوا مؤمنين حتى تعدوا البلاء نعمة والرخاء مصيبة .
  وقال ( عليه السلام ) المال أربعة آلاف واثنا عشر ألف درهم كنز ولم يجتمع عشرون ألفا من حلال وصاحب الثلاثين ألفا هالك وليس من شيعتنا من يملك مائة ألف درهم .
وقال ( عليه السلام ) من صحة يقين المرء المسلم أن لا يرضي الناس بسخط الله ولا يحمدهم على ما رزق الله ولا يلومهم على ما لم يؤته الله فإن رزقه لا يسوقه حرص حريص ولا يرده كره كاره ولو أن أحدكم فر من رزقه كما يفر من الموت لأدركه رزقه قبل موته كما يدركه الموت .
  وقال (عليه السلام) من شيعتنا من لا يعدو صوته سمعه ولا شحنه أذنه ولا يمتدح بنا معلنا ولا يواصل لنا مبغضا ولا يخاصم لنا وليا ولا يجالس لنا عائبا قال له مهزم فكيف أصنع بهؤلاء المتشيعة قال ( عليه السلام ) فيهم التمحيص وفيهم التمييز وفيهم التنزيل تأتي عليهم سنون تفنيهم وطاعون يقتلهم واختلاف يبددهم شيعتنا من لا يهر هرير الكلب ولا يطمع طمع الغراب ولا يسأل وإن مات جوعا قلت فأين أطلب هؤلاء قال (عليه السلام) اطلبهم في أطراف الأرض أولئك الخفيض عيشهم المنتقلة دارهم الذين إن شهدوا لم يعرفوا وإن غابوا لم يفتقدوا وإن مرضوا لم يعادوا وإن خطبوا لم يزوجوا وإن رأوا منكرا أنكروا وإن خاطبهم جاهل سلموا وإن لجأ إليهم ذو الحاجة منهم رحموا وعند الموت هم لا يحزنون لم تختلف قلوبهم وإن رأيتهم اختلفت بهم البلدان .

تحف العقول عن آل الرسول _149_

  وقال ( عليه السلام ) من أراد أن يطول الله عمره فليقم أمره ومن أراد أن يحط وزره فليرخ ستره ومن أراد أن يرفع ذكره فليخمل أمره .
  وقال ( عليه السلام ) ثلاث خصال هن أشد ما عمل به العبد إنصاف المؤمن من نفسه ومواساة المرء لأخيه وذكر الله على كل حال قيل له فما معنى ذكر الله على كل حال قال (عليه السلام) يذكر الله عند كل معصية يهم بها فيحول بينه وبين المعصية .
  وقال ( عليه السلام ) الهمز زيادة في القرآن .
  وقال ( عليه السلام ) إياكم والمزاح فإنه يجر السخيمة ويورث الضغينة وهو السب الأصغر .
  وقال الحسن بن راشد قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) إذا نزلت بك نازلة فلا تشكها إلى أحد من أهل الخلاف ولكن اذكرها لبعض إخوانك فإنك لن تعدم خصلة من أربع خصال إما كفاية وإما معونة بجاه أو دعوة مستجابة أو مشورة برأي .
  وقال ( عليه السلام ) لا تكونن دوارا في الأسواق ولا تكن شراء دقائق الأشياء بنفسك فإنه يكره للمرء ذي الحسب والدين أن يلي دقائق الأشياء بنفسه إلا في ثلاثة أشياء شراء العقار والرقيق والإبل .
  وقال ( عليه السلام ) لا تكلم بما لا يعنيك ودع كثيرا من الكلام فيما يعنيك حتى تجد له موضعا فرب متكلم تكلم بالحق بما يعنيه في غير موضعه فتعب ولا تمارين سفيها ولا حليما فإن الحليم يغلبك والسفيه يرديك واذكر أخاك إذا تغيب بأحسن ما تحب أن يذكرك به إذا تغيبت عنه فإن هذا هو العمل واعمل عمل من يعلم أنه مجزي بالإحسان مأخوذ بالإجرام .
  وقال له يونس لولائي لكم وما عرفني الله من حقكم أحب إلي من الدنيا بحذافيرها قال يونس فتبينت الغضب فيه ثم قال ( عليه السلام ) يا يونس قستنا بغير قياس ما الدنيا وما فيها هل هي إلا سد فورة أو ستر عورة وأنت لك بمحبتنا الحياة الدائمة .

تحف العقول عن آل الرسول _150_

  وقال ( عليه السلام ) يا شيعة آل محمد إنه ليس منا من لم يملك نفسه عند الغضب ولم يحسن صحبة من صحبه ومرافقة من رافقه ومصالحة من صالحه ومخالفة من خالفه يا شيعة آل محمد اتقوا الله ما استطعتم ولا حول ولا قوة إلا بالله .
  وقال عبد الأعلى كنت في حلقة بالمدينة فذكروا الجود فأكثروا فقال رجل منها يكنى أبا دلين إن جعفرا وإنه لو لا أنه ضم يده فقال لي أبو عبد الله (عليه السلام) تجالس أهل المدينة قلت نعم قال (عليه السلام) فما حدثت بلغني فقصصت عليه الحديث فقال ( عليه السلام ) ويح أبا دلين إنما مثله مثل الريشة تمر بها الريح فتطيرها ثم قال قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كل معروف صدقة وأفضل الصدقة صدقة عن ظهر غنى وابدأ بمن تعول واليد العليا خير من السفلى ولا يلوم الله على الكفاف أ تظنون أن الله بخيل وترون أن شيئا أجود من الله إن الجواد السيد من وضع حق الله موضعه وليس الجواد من يأخذ المال من غير حله ويضع في غير حقه أما والله إني لأرجو أن ألقى الله ولم أتناول ما لا يحل بي وما ورد علي حق الله إلا أمضيته وما بت ليلة قط ولله في مالي حق لم أؤده .
  وقال (عليه السلام) لا رضاع بعد فطام ولا وصال في صيام ولا يتم بعد احتلام ولا صمت يوم إلى الليل ولا تعرب بعد الهجرة ولا هجرة بعد الفتح ولا طلاق قبل النكاح ولا عتق قبل ملك ولا يمين لولد مع والده ولا للمملوك مع مولاه ولا للمرأة مع زوجها ولا نذر في معصية ولا يمين في قطيعة .
  وقال ( عليه السلام ) ليس من أحد وإن ساعدته الأمور بمستخلص غضارة عيش إلا من خلال مكروه ومن انتظر بمعاجلة الفرصة مؤاجلة الاستقصاء سلبته الأيام فرصته لأن من شأن الأيام السلب وسبيل الزمن الفوت .
  وقال ( عليه السلام ) المعروف زكاة النعم والشفاعة زكاة الجاه والعلل زكاة الأبدان والعفو زكاة الظفر وما أديت زكاته فهو مأمون السلب .
  وكان ( عليه السلام ) يقول عند المصيبة الحمد لله الذي لم يجعل مصيبتي في ديني والحمد لله الذي لو شاء أن تكون مصيبتي أعظم مما كان كانت والحمد لله على الأمر الذي شاء أن يكون وكان .
  وقال ( عليه السلام ) يقول الله من استنقذ حيران من حيرته سميته حميدا وأسكنته جنتي .
  وقال ( عليه السلام ) إذا أقبلت دنيا قوم كسوا محاسن غيرهم وإذا أدبرت سلبوا محاسن أنفسهم .
  وقال ( عليه السلام ) البنات حسنات والبنون نعم فالحسنات تثاب عليهن والنعمة تسأل عنها .