الوهابية المبتدعة المسعورين الذين لا يعرفون من الإسلام إلا اسمه ان الشيعة هم المسلمون الذين كانوا ولا يزالون متمسكين وعاملين باسلام محمد بن عبدالله (ص) كما انزل عليه من خالق الأرض والسماء وغيرهم شذ عن الإسلام وانحرف عنه قولاً وعملا وفكرا ولكنهم لا ينزلون الى مستوى الجبهان وأمثاله من حلفاء الشيطان الحاقدين على اهل البيت وشيعتهم لان ذلك لا يخدم مصلحة الإسلام ولا يستفيد منه سوى اعداؤه وستبقى مصلحة الإسلام العليا هدفهم الاول والاخير كما عودهم على ذلك أئمتهم ( عليهم السلام ) وسلام الله وتحياته على سيد المسلمين وامامهم امير المؤمنين الذي كان يتجاهل كل حقوقه ويتنكر لجميع مصالحه عندما يرى لاخطر محدقا بالإسلام ويقول : والله لأسالمن ما سلمت أمور المسلمين ولم يكن جور إلا علي خاصة .
وانا نناشد المسؤولين في المملكة السعودية ان يراقبوا تصرفات شيوخهم وأحكامهم الجائرة ودائرة الاوقاف التي تبذل الملايين على طباعة كتب المسعورين والحاقدين على الإسلام وحماته وعلمائه كالجبهان وأمثاله الذين يسيئون في كتبهم وأحكامهم وأجوبتهم على ما يوجه اليهم من الاسئلة الى أئمة المسلمين وعلماء المسلمين ويعملون على تمزيق شمل الامة وتبديد وحدتها وقوتها وطاقاتها التي تجب ان تستغل لصد هجمات الاعداء في الشرق والغرب وتحرير القدس أولى القبلتين من أيدي الغزاة الغاصبين ، والمسلمون في أيامهم هذه في أمس الحاجة الى المخلصين العالمين لجمع الكلمة وتوحيد الصفوف ونبذ الخلافات الطائفية والمذهبية التي لا تخدم غير اسرائيل وأعوانها من اعداء العرب والاسلام .
كما تتمنى على علماء المسلمين في مصر وغيرها من الاقطار الإسلامية ان لا يقفوا موقف المتفرج من تلك التحديات والاستفزازات التي تصدر من شيوخ الوهابيين بين الحين والآخر لأخوان لهم في الدين لا لشيء الا لأنهم يدينون بالولاء والمحبة لأهل بيت رسول الرحمة والمحبة
والكرامة وأن ينصحوا اولئك الشيوخ وحكامهم عن التحرش والتحديات السافرة المتواصلة للطائفة الشيعية التي تشكل اكبر مجموعة في العالم الإسلامي ، وأن يصرفوا طاقاتهم المادية والعلمية لرد هجمات العدو المشترك في الشرق والغرب وصنيعته الجاثم على حدودهم والطامع الأول بخيرات بلادهم وحسب تقديري ان نداء واحدا يوجهه شيخ الازهر لحكام السعودية بهذا الخصوص سيكون أجدى وأنفع م كتاب يصدره احد الشيعة لرد تلك الهجمات المسعورة .
ومهما كان الحال فلقد جرني الحديث عن موقف الوهابيين من قبور الائمة والاولياء الى هذه الصورة الموجزة عن حملات الوهابيين على الشيعة والتي ما زالت تتصاعد بين الحين والآخر مكتفياً بهذا المقدار اليسير من الهوار الهادىء من الوهابيين لأعود الى الحديث عن مرقد العقيلة وموقف الشيعة من زيارة القبور ولأقول لهؤلاء ان الصخور والاحجار ليست الهدف والغاية ، ولو كانت هي المقصودة لذاتها لكان في الجبال الشامخات والصخور العاليات غنى عن مشقة السفر والترحال الى مراقد الائمة والاولياء ان المقصود بالذات من الزيارة تخليد ما قدمه صاحب القبر من المثل العليا والتضحيات الجسام في سبيل الحق والواجب والعقيدة والمستضعفين في الارض من بني الانسان .
اما الاحجار فليس لها الا شرف الانتساب لصاحب القبر كالاحجار التي بني منها البيت الحرام ومسجد الرسول وسائر المعابد وكجلد القرآن الكريم
(1) .
وقد جرت عادة الأمم والدول في زماننا هذا على الحتفاظ ببيوت عظمائها وقبورها واحاطتها بهالة من التقديس والتعظيم حتى ولو عرض للبيع اي شيء ينتسب للعظماء لبذل اتباعه في سبيله اغلى الاثمان ، وما ذاك الا لشرف الانتساب اليه .
وحدث المؤرخون انه حين أدخل رأس الحسين ( عليه السلام ) على يزيد بن معاوية كان في مجالس الشراب فوضعوا الرأس بين يديه ، فدخل عليه رسول ملك الروم في ذلك الوقت فأنكر عليه أشد الانكار حينما علم ان الرأس للحسين ابن بنت نبيهم ، وقال ليزيد : هل سمعت يا يزيد بكنية الحافر ؟ قال : وما هي ؟ قال : عندنا مكان يقال بأن الحمار الذي كان يركبه عيسى بن مريم مر به فبنينا كنيسة في ذلك المكان سميناها كنيسة الحافر نسبة إلى حافر حمار عيسى ، ونحن نحج الى المكان في كل عام ومن كل قطر وناحية وننذر له النذور ونعظمه كما تعظمون كتبكم ومقدساتكم وأنتم تقتلون ابن نبيكم وتطوفون برأسه في البلدان ، فأشار عليه جلازوته بقتله لئلا يفضحه بعد رجوعه لبلاده فقتله وصلبه على باب قصره بعد ان قام النصراني الى الرأس فقبله وتشهد الشاهدين .
وهذا شيء مألوف لدى جميع الأمم على اختلاف اديانهم ومعتقداتهم والكل حينما يعظمون مرقدا او اثرا من آثار عظمائهم انما يعظمونه باعتباره رمزا لما كان يتمتع به من صفات ومواهب وما قدمه لأمته ووطنه من خدمات وتضحيات واصلاحات .
وقال العقاد في كتابه ( ابو الشهداء ) : ان حرم الحسين ( عليه السلام ) في كربلاء يزوره المسلمون للعبرة والذكرى ، ويزوره غيرهم للنظر والمشاهدة ، ولكن كربلاء لو أعطيت حقها من التنويه والتخليد لحق لها ان تصبح مزارا لكل آدمي يعرف لبني نوعه نصيباً من القداسة وحظا من الفضيلة ، لأننا لا نذكر بقعة من بقاع هذه الارض يقترن اسمها بجملة
---------------------------
1 ـ لقد حكم فقهاء المسلمين بتحريم تنجيس المساجد ارضها وحيطانها وما فيها من الفرش واوجبوا ازالة النجاسة عنها وقالوا بتحريم مس كتابة القرآن الكريم لغير المتوضأ ، وقال الشافعية : لا يجوز مس جلده حتى ولو انفصل عنه ولامس الخيوط المعلق بها القرآن .