فأقول : أنظر إلى ما في هذه العبارة من الخبط ، فإنه أنكر فيها وجود جسم بالمعنى الذي ذكره سواء كان واجباً أو ممكناً ، والظاهر أن غرضه من هذا الإنكار هو التوصل إلى نفي الجسمية التي تلزم من معتقده في الله تعالى ، فلئلا يقال إنه شبه الخالق بمخلوقه ، نفى الجسمية بالمعنى المذكور عن مخلوقه أيضاً ، وأنت تعرف أن الجسم إن لم يكن مركباً من المادة والصورة فلا محيص أن يكون مركباً من الجواهر الفردة ، ولكن الجهل ليس له حد ينتهي إليه ، فلا غرو أن وصل به إلى هذا الخبط الشنيع ، فليته بين بعد نفيه تركب الجسم مما ذكر ، ذكر من أي شئ تتركب الأجسام ؟ ولا أعتقد أنه يذهب به طيشه أن يقول بتركبها من أجزاء تتجزأ إلى غير النهاية ، فإن ذلك مما أنكره علماء الكلام قاطبة ، ونفته العلوم الحاضرة وقامت البراهين على بطلانه ، ولولا أن في ذكرها خروجاً عن الصدد لبسطناها . ثم قال : وإن أردتم بالجسم ما يوصف بالصفات ، ويرى بالأبصار ويتكلم ويكلم ويسمع ويبصر ويرضى ويغضب ، فهذه المعاني ثابتة للرب تعالى وهو موصوف بها ، فلا ننفيها عنه بتسميتكم الموصوف بها جسماً ... إلى آخر ما قال . الوهابية والتوحيد
فأقول : لم نعرف أحداً عرف الجسم بأنه المتكلم المكلم السميع البصير الذي يرضى ويغضب ، وإنما هذه صفات تقوم بالحي العاقل ، نعم إن الجسم يرى بالأبصار كما قال ولكن إثباته الجسم له تعالى بهذا المعنى تنزيل له سبحانه منزلة مخلوقاته مما ينافي الألوهية ، فإن كون الله تعالى جسماً بهذا المعنى نقص يجب تنزيهه عنه ، أما عقلاً فلأن الرؤية كما تحقق في علم البصر إنما تتم بوقوع أشعة النور على سطح المرئي وانعكاسها عنه إلى البصر ، فيلزم منه كون المرئي ذا سطح ، وذلك يستدعي تركبه من أجزاء وهو ينافي الألوهية ، لأن الجسم بهذاالمعنى عين الجسم الذي نفاه أولاًعنه تعالى بل حتى عن الممكن. |
قد استوى عمرو على العراق مـن غير سيف و دم | مهراق
ويستحيل ضد ذي الصفات في حقه كالكون في الجهات |
قد استوى بشر على العراق من غير سيف ودم | مهراق
قد استوى بشر على العراق من غير سيف ودم | مهراق