دأبت كتب الملل والمذاهب على اتهام عدد من كبار علماء الشيعة ورواتهم بالتجسيم ومن أبرزهم هشام بن الحكم ... وعندما يتتبع الباحث آراء هؤلاء الضحايا وسيرتهم لا يجد فيها لهذه التهمة عيناً ولا أثر ، ويعرف أنه لا يوجد سبب لهذا
الإفتراء إلا أن هؤلاء كانوا مدافعين أقوياء عن أهل البيت (ع) ومذهبهم !
والذي يظهر من أخبار هشام بن الحكم أنه كان في زمن الرشيد أقوى مناظر مسلم يهابه علماء اليهود والنصارى والمجوس والملحدين ، فقد تحداهم جميعاً وأفحمهم !
كما كان مناظراً شيعياً قديراً ، وقد أفحم عمرواً بن عبيد وأبا الهذيل العلاف وغيرهما من المعتزلة والأشاعرة .
وكان جعفر البرمكي يعقد في قصر هارون الرشيد جلسات للمناظرة بين علماء الأديان والمذاهب المختلفة وكان هارون يشاهد بعضها من وراء الستر!
وقد برز هشام بنبوغه وقوة منطقه في تلك المجالس وغيرها ، وذاعت شهرته ، وسجل التاريخ بعض مناظراته مع أئمة الأديان .
الوهابية والتوحيد _ 241 _
وقد استطاع البرمكي وزير الرشيد بدهائه المجوسي وعدائه لأهل البيت (ع) أن يجر هشاماً في إحدى الجلسات إلى المناظرة في الإمامة ليحرك عليه الرشيد ، فغضب الرشيد على هشام وأراد قتله ، ولكنه فر من قبضتهم وبقي مختفياً إلى أن توفي .
وقد نص المسعودي في مروج الذهب على هذه الحادثة ، قال في ج 3 ص 379 : ( ... مجلس عند يحيى بن خالد يجتمع فيه أهل الكلام من أهل الإسلام وغيرهم فقال لهم يحيى : قد أكثرتم الكلام ونفي الصفات وإثباتها والاستطاعة والأفعال ... والإمامة أنص هي أم اختيار ... ؟ ) إلى آخره ... ويكفي للرد على تهمتهم لهشام بالتجسيم ، وكذب ما رووه عه في طول معبوده وعرضه ولونه ... أن الأشعري نفسه نقل عن هشام تفسيره لقوله بأن الله تعالى جسم ، وأنه يقصد به نفي التعطيل وأنه شئ لا كالأشياء ... قال في مقالات الاسلاميين : 2/9 : (قال هشام بن الحكم : معنى الجسم أنه موجود ، وكان يقول : إنما أريد بقولي : جسم ، أنه موجود ، وأنه شئ ، وأنه قائم بنفسه ) ، انتهى .
ونكتفي هنا بذكر دفاع الشريف المرتضى عن هشام ، ثم نذكر نماذج من مناظراته التي تثبت وحدها براءة الرجل وبعده عن تهمة كتب الملل المعروفة .
قال الشريف المرتضى في الشافي ص 83 : ( فأما ما رمي به هشام بن الحكم & بالتجسيم ، فالظاهر من الحكاية عنه القول بجسم لا كالأجسام ، ولا خلاف في أن هذا القول ليس بتشبيه ولا ناقض لأصل ، ولا معترض على فرع ، وأنه غلط في عبارة يرجع في إثباتها ونفيها إلى اللغة .
الوهابية والتوحيد _ 242 _
وأكثر أصحابنا يقولون إنه أورد ذلك على سبيل المعارضة للمعتزلة فقال لهم: إذا قلتم إن القديم تعالى شئ لا كالأشياء فقولوا إنه جسم لا كالأجسام ، وليس كل من عارض بشئ وسأل عنه يكون معتقداً له ومتديناً به ، وقد يجوز أن يكون قصد به إلى
إستخراج جوابهم عن هذه المسألة ومعرفة ما عندهم فيها ، أو إلى أن يبين قصورهم عن إيراد المرتضى في جوابها ، إلى غير ذلك مما لا يتسع ذكره .
فأما الحكاية عنه أنه ذهب في الله تعالى أنه جسم له حقيقة الأجسام الحاضرة ، وحديث الأشبار المدعى عليه فليس نعرفه إلا من حكاية الجاحظ عن النظام ، وما هو فيها إلا متهم عليه غير موثوق بقوله في مثله .
وجملة الأمر أن المذاهب يجب أن تؤخذ من أفواه قائليها وأصحابهم المختصين بهم ومن هو مأمون في الحكاية عنهم ، ولا يرجع فيها إلى دعاوى الخصوم ، فإنه إن يرجع إلى ذلك في المذهب اتسع الخرق وجل الخطب ، ولم نثق بحكاية في مذهب ولا استناد مقالة ، ولو كان يذهب هشام إلى ما يدعونه من التجسم وجب أن يعلم ذلك ويزول اللبس فيه ، كما يعلم قول الخوارزمي وأصحابه بذلك ، ولا نجد له دافعاً ، كما لا نجد لمقالة الخوارزمي دافعاً .
ومما يدل على براءة هشام من هذا القرف ورميه على هذا المعنى الذي يدعونه ، ما روي عن الصادق (ع) في قوله : لا تزال يا هشام مؤيداً بروح القدس ما نصرتنا بلسانك .
وقوله (ع) حين دخل عليه وعنده مشائخ الشيعة فرفعه على جماعتهم ، وأجلسه إلى جانبه في المجلس وهو إذ ذاك حديث السن : هذا ناصرنا بقلبه ويده ولسانه .
وقوله (ع) : هشام بن الحكم رائد حقنا وسايق قولنا ، المؤيد لصدقنا والدافع لباطل أعدائنا ، من تبعه وتبع أمره تبعنا ، ومن خالفه وألحد فيه فقد عادانا وألحد فينا .
الوهابية والتوحيد _ 243 _
وأنه (ع) كان يرشد في باب النظر والحجاج ، ويحث الناس على لقائه ومناظرته . فكيف يتوهم عاقل مع ما ذكرناه على هشام هذا القول بأن ربه سبعة أشبار بشبره ؟
وهل ادعاء ذلك عليه رضوان الله عليه مع اختصاصه المعلوم بالصادق (ع) وقربه منه ، وأخذه عنه إلا قدح في أمر الصادق (ع) ونسبة له إلى المشاركة في الإعتقاد الذي نحلوه هشاما ، وإلا كيف لم يظهر عنه من التنكير عنه ، والتبعيد له ما يستحقه المقدم على هذا الإعتقاد المنكر ، والمذهب الشنيع .
فأما حدوث العالم فهو أيضاً من حكاياتهم المختلقة وما نعرف للرجل فيه كتاباً ، ولا حكاه عنه ثقة ) انتهى .
وقال في هامشه : قال الشهرستاني في الملل و النحل 1/185 : ( هشام بن الحكم صاحب غور في الأصول لا يجوز أن يغفل عن إلزاماته على المعتزلة ، فإن الرجل وراء ما يلزمه على الخصم ، ودون ما يظهره من التشبيه ، وذلك أنه ألزم العلاف فقال : إنك تقول الباري تعالى عالم بعلم وعلمه ذاته ، فيشارك المحدثات في أنه عالم بعلم ويباينها في أن علمه ذاته ، فيكون عالماً لا كالعالمين ، فلم لا تقول : إنه جسم لا كالأجسام وصورة لا كالصور ، وله قدر لا كالأقدار ) انتهى .
ولكن العجيب أن الشهرستاني بعد وصفه هشاماً بما وصفه به من المعرفة نقل عنه القول بإلهية علي (ع) ، وهو أجل من ينسب إليه مثل هذا القول انتهى .
هذا ، ومن العجيب من باحث وهابي أن يشنع على هشام بن الحكم بسبب قوله إن الله تعالى جسم لا كالأجسام ، في حين أن ذلك هو مذهب الوهابية ، فقد رفض ابن باز وابن تيمية نفي صفة الجسم عن الله تعالى ، كما تقدم ! فالأولى بالوهابيين أن يدعوا أن هشاماً بن الحكم منهم بسبب مقولته هذه ! ! على أنك سترى من مناظراته براءة أفكاره عن القول بالجهة والتجسيم .
* قال ابن قتيبة في عيون الأخبار : 2/153 : ( دخل الموبذ على هشام بن الحكم ، فقال له : يا هشام ، حول الدني شئ ؟ قال : لا ، قال : فإن أخرجت يدي فثم شئ يردها ؟ قال هشام : ليس ثم شئ يردك ، ولا شئ تخرج يدك فيه ، قال : فكيف أعرف هذا ؟
قال له : يا موبذ ، أنا وأنت على طرف الدنيا ، فقلت لك يا موبذ : إني لا أرى شيئاً ، فقلت لي : ولم لا ترى ، فقلت لك : ليس هاهنا ظلام يمنعني ، قلت لي أنت : يا هشام إني لا أرى شيئاً ، فقلت لك : ولم لا ترى ؟ قلت : ليس ضياء أنظر به ، فهل
تكافأت الملتان في التناقض ؟ قال : نعم .
قال : فإذا تكافأتا في التناقض لم تتكافآ في الإبطال أن ليس شئ ؟
الوهابية والتوحيد _ 245 _
فأشار الموبذ بيده أن أصبت !
ودخل عليه يوماً آخر ، فقال : هما في القوة سواء ؟ قال : نعم . قال : فجوهرهما واحد ؟
قال الموبذ لنفسه ومن حضر يسمع : إن قلت إن جوهرهما واحد ، عادا في نعت واحد ، وإن قلت مختلف ، اختلفا أيضاً في الهمم والإرادات ولم يتفقا في الخلق ، فإن أراد هذا قصيراً أراد هذا طويلاً ! !
قال هشام : فكيف لا تسلم ؟ ! قال : هيهات ! ) انتهى .
* قال الصدوق في التوحيد للصدوق ص 270 : ( أبي قال : حدثنا أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن أحمد ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن حماد ، عن الحسن بن إبراهيم ، عن يونس بن عبد الرحمن عن هشام بن الحكم ، عن جاثليق من جثالقة النصارى يقال له بريهة ، قد مكث جاثليق النصرانية سبعين سنة وكان يطلب الإسلام ويطلب من يحتج عليه ممن يقرأ كتبه ويعرف المسيح بصفاته ودلائله وآياته ، قال وعرف بذلك حتى اشتهر في النصارى والمسلمين واليهود والمجوس ، حتى افتخرت به النصارى وقالت : لو لم يكن في دين النصرانية إلا بريهة لا جزأنا ، وكان طالباً للحق والإسلام مع ذلك ، وكانت معه امرأة تخدمه طال مكثها معه ، وكان يسر إليها ضعف النصرانية وضعف حجتها ، قال فعرفت ذلك منه ، فضرب بريهة الأمر ظهراً لبطن وأقبل يسأل فرق المسلمين والمختلفين في الإسلام ، من أعلمكم ؟
وأقبل يسأل عن أئمة المسلمين وعن صلحائهم وعلمائهم وأهل الحجى منهم ، وكان يستقرئ فرقة فرقة لا يجد عند القوم شيئاً ، وقال لو كانت أئمتكم أئمة على الحق لكان عندكم بعض الحق ، فوصفت له الشيعة ووصف له هشام بن الحكم ، فقال يونس
بن عبد الرحمن : فقال لي هشام : بينما أنا على دكاني على باب الكرخ جالس وعندي قوم يقرؤون علي القرآن فإذا أنا بفوج النصارى معه ما بين القسيسين إلى غيرهم نحو من مائة رجل عليهم السواد والبرانس ، والجاثليق الأكبر فيهم بريهة حتى نزلوا حول دكاني وجعل لبريهة كرسي يجلس عليه ، فقامت الأساقفة والرهابنة على عصيهم ، وعلى رؤوسهم برانسهم .
الوهابية والتوحيد _ 247 _
فقال بريهة : ما بقي من المسلمين أحد ممن يذكر بالعلم بالكلام إلا وقد ناظرته في النصرانية فما عندهم شئ ، وقد جئت أناظرك في الإسلام .
قال : فضحك هشام فقال : يا بريهة إن كنت تريد مني آيات كآيات المسيح فليس أنا بالمسيح ولا مثله ولا أدانيه ، ذاك روح طيبة خميصة مرتفعة ، آياته ظاهرة وعلاماته قائمة ، قال بريهة : فأعجبني الكلام والوصف ، قال هشام : إن أردت الحجاج فها هنا .
قال بريهة : نعم ، فإني أسألك ما نسبة نبيكم هذا من المسيح نسبة الأبدان ؟ قال هشام : ابن عم جده ( لأمه ) لأنه من ولد إسحاق ومحمد من ولد إسماعيل ، قال بريهة : وكيف تنسبه إلى أبيه ؟ قال هشام : إن أردت نسبه عندكم أخبرتك ، وإن أردت نسبه عندنا أخبرتك ، قال بريهة : أريد نسبه عندنا ، وظننت أنه إذا نسبه نسبتنا أغلبه ، قلت : فانسبه بالنسبة التي ننسبه بها ، قال هشام : نعم ، تقولون : إنه قديم من قديم ، فأيهما الأب وأيهما الإبن ؟
الوهابية والتوحيد _ 248 _
قال بريهة : الذي نزل إلى الأرض الإبن ، قال هشام : الذي نزل إلى الأرض الأب !
قال بريهة : الإبن رسول الأب ، قال هشام : إن الأب أحكم من الإبن لأن الخلق خلق الأب ، قال بريهة : إن الخلق خلق الأب وخلق الإبن ، قال هشام : ما منعهما أن ينزلا جميعاً كما خلقا إذا اشتركا ؟ ! قال بريهة : كيف يشتركان وهما شئ واحد إنما
يفترقان بالإسم .
قال هشام : إنما يجتمعان بالإسم ، قال بريهة : جهل هذا الكلام ، قال هشام : عرف هذا الكلام ، قال بريهة : إن الإبن متصل بالأب ، قال هشام : إن الإبن منفصل من الأب .
الوهابية والتوحيد _ 249 _
قال بريهة : هذا خلاف ما يعقله الناس ، قال هشام : إن كان ما يعقله الناس شاهداً لنا وعلينا فقد غلبتك ، لأن الأب كان ولم يكن الإبن فتقول هكذا يا بريهة ؟ قال : ما أقول هكذا ، قال : فلم استشهدت قوماً لا تقبل شهادتهم لنفسك ؟ ! قال بريهة : إن
الأب اسم والإبن اسم يقدر به القديم ، قال هشام : الإسمان قديمان كقدم الأب والإبن ؟ قال بريهة : لا ولكن الأسماء محدثة .
قال : فقد جعلت الأب إبناً والابن أباً ، إن كان الإبن أحدث هذه الأسماء دون الأب فهو الأب ، وإن كان الأب أحدث هذه الأسماء دون الابن فهو الأب والإبن أب وليس ههنا ابن ، قال بريهة : إن الإبن إسم للروح حين نزلت إلى الأرض .
قال هشام : فحين لم تنزل إلى الأرض ، فاسمها ما هو ؟ قال بريهة : فاسمها إبن نزلت أو لم تنزل ، قال هشام : فقبل النزول هذه الروح كلها واحدة واسمها اثنان ؟ قال بريهة : هي كلها واحدة روح واحدة ، قال : قد رضيت أن تجعل بعضها إبناً
وبعضها أباً .
الوهابية والتوحيد _ 250 _
قال بريهة : لا ، لأن اسم الأب واسم الإبن واحد ، قال هشام : فالإبن أبو الأب ، والأب أبو الابن ، والإبن واحد ، قالت الأساقفة بلسانها لبريهة : ما مر بك مثل ذا قط ، تقوم ؟ فتحير بريهة وذهب ليقوم فتعلق به هشام ، قال : ما يمنعك من الإسلام
؟ أفي قلبك حزازة ؟ فقلها وإلا سألتك عن النصرانية مسألة واحدة تبيت عليها ليلك هذا فتصبح وليس لك همة غيري ، قالت الأساقفة : لا ترد هذه المسألة لعلها تشككك ، قال بريهة : قلها يا أبا الحكم ، قال هشام : أفرأيتك الإبن يعلم ما عند الأب ؟ قال :
نعم ، قال : أفرأيتك الأب يعلم كل ما عند الإبن ؟ قال : نعم ، قال : أفرأيتك تخبر عن الإبن أيقدر على حمل كل ما يقدر عليه الأب ؟ قال : نعم ، قال : أفرأيتك تخبر عن الأب أيقدر على كل ما يقدر عليه الإبن ؟ قال : نعم ، قال هشام : فكيف يكون واحد منهما ابن صاحبه وهما متساويان ؟ ! وكيف يظلم كل واحد منهما صاحبه ؟ قال بريهة : ليس منهما ظلم ، قال هشام : من الحق بينهما أن يكون الابن أب الأب والأب ابن الإبن ، بت عليها يا بريهة !
وافترق النصارى وهم يتمنون أن لا يكونوا رأوا هشاماً ولا أصحابه ، قال : فرجع بريهة مغتماً مهتماً حتى صار إلى منزله .
فقالت امرأته التي تخدمه : ما لي أراك مهتماً مغتماً ، فحكى لها الكلام الذي كان بينه وبين هشام ، فقالت لبريهة : ويحك أتريد أن تكون على حق أو على باطل ؟ ! فقال بريهة : بل على الحق .
الوهابية والتوحيد _ 251 _
فقالت له : أينما وجدت الحق فمل إليه ، وإياك واللجاجة فإن اللجاجة شك والشك شؤم وأهله في النار ، قال : فصوب قولها وعزم على الغدو على هشام ، قال : فغدا عليه وليس معه أحد من أصحابه ، فقال : يا هشام ألك من تصدر عن رأيه وترجع
إلى قوله وتدين بطاعته ؟ قال هشام : نعم يا بريهة ، قال : وما صفته ؟ قال هشام : في نسبه أو في دينه ؟ قال : فيهما جميعاً صفة نسبه وصفة دينه .
قال هشام : أما النسب خير الأنساب : رأس العرب وصفوة قريش وفاضل بني هاشم كل من نازعه في نسبه ، وجده أفضل منه ، لأن قريشاً أفضل العرب وبني هاشم أفضل قريش ، وأفضل بني هاشم خاصهم ودينهم وسيدهم ، وكذلك ولد السيد أفضل من ولد غيره وهذا من ولد السيد ، قال : فصف دينه ، قال هشام : شرائعه أو صفة بدنه وطهارته ؟ قال : صفة بدنه وطهارته.
الوهابية والتوحيد _ 252 _
قال هشام : معصوم فلا يعصي ، وسخي فلا يبخل ، شجاع فلا يجبن ، وما استودع من العلم فلا يجهل ، حافظ للدين قائم بما فرض عليه ، من عترة الأنبياء ، وجامع علم الأنبياء ، يحلم عند الغضب ، وينصف عند الظلم ، ويعين عند الرضا ، وينصف من الولي والعدو ، ولايسأل شططاً في عدوه ولا يمنع إفادة وليه ، يعمل بالكتاب ويحدث بالأعجوبات ، من أهل الطهارات ، يحكي قول الأئمة الأصفياء ، لم تنقض له حجة ، ولم يجهل مسألة ، يفتي في كل سنة ، ويجلو كل مدلهمة .
قال بريهة : وصفت المسيح في صفاته وأثبته بحججه وآياته ، إلا أن الشخص بائن عن شخصه والوصف قائم بوصفه ، فإن يصدق الوصف نؤمن بالشخص ، قال هشام : إن تؤمن ترشد وإن تتبع الحق لا تؤنب ، ثم قال هشام : يا بريهة ما من حجة أقامها الله على أول خلقه إلا أقامها على وسط خلقه وآخر خلقه ، فلا تبطل الحجج ، ولا تذهب الملل ، ولا تذهب السنن ، قال بريهة : ما أشبه هذا بالحق وأقربه من الصدق ، وهذه صفة الحكماء يقيمون من الحجة ما ينفون به الشبهة .
الوهابية والتوحيد _ 253 _
قال هشام : نعم ، فارتحلا حتى أتيا المدينة والمرأة معهما ، وهما يريدان أبا عبد الله (ع) فلقيا موسى بن جعفر ، فحكى له هشام الحكاية ، فلما فرغ .
قال موسى بن جعفر ، : يا بريهة كيف علمك بكتابك ؟ قال : أنا به عالم .
قال : كيف ثقتك بتأويله ؟ قال : ما أوثقني بعلمي فيه ، قال : فابتدأ موسى بن جعفر بقراءة الإنجيل ... قال بريهة : والمسيح لقد كان يقرأ هكذا وما قرأ هذه القراءة إلا المسيح ، ثم قال بريهة : إياك كنت أطلب منذ خمسين سنة أو مثلك ، قال فآمن
وحسن إيمانه وآمنت المرأة وحسن إيمانها .
قال : فدخل هشام وبريهة والمرأة على أبي عبد الله (ع) ، وحكى هشام الحكاية والكلام الذي جرى بين موسى (ع) وبريهة .
فقال أبو عبد الله (ع) : ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ، فقال بريهة : جعلت فداك أنى لكم التوراة والإنجيل وكتب الأنبياء ؟ قال : هي عندنا وراثة من عندهم نقرؤها كما قرؤوها ونقولها كما قالوها ، إن الله لا يجعل حجة في أرضه يسأل عن
شئ فيقول لا أدري .
فلزم بريهة أبا عبد الله (ع) حتى مات أبو عبد الله (ع) ، ثم لزم موسى بن جعفر حتى مات في زمانه ، فغسله بيده وكفنه بيده ولحده بيده ، وقال : هذا حواري من حواريي المسيح يعرف حق الله عليه ، قال : فتمنى أكثر أصحابه أن يكونوا مثله .
* في الإحتجاج : 2/69 : ( روي عن هشام بن الحكم أنه قال : من سؤال الزنديق الذي أتى أبا عبد الله (ع) أن قال : ما الدليل على صانع العالم ؟
فقال أبو عبدالله (ع) : وجود الأفاعيل التي دلت على أن صانعها صنعها ، ألا ترى أنك إذا نظرت إلى بناء مشيد مبني ، علمت أن له بانيا وإن كنت لم تر الباني ، ولم تشاهده .
قال : فما هو ؟ قال : هو شئ بخلاف الأشياء ، أرجع بقولي شئ إلى إثباته ، وأنه شئ بحقيقته الشيئية ، غير أنه لا جسم ولا صورة ولا يحس ولا يجس ولا يدرك بالحواس الخمس ، لا تدركه الأوهام ولا تنقصه الدهور ، ولا يغيره الزمان .
الوهابية والتوحيد _ 255 _
قال السائل : فإنا لم نجد موهوماً إلا مخلوقاً . قال أبو عبدالله(ع) : لو كان ذلك كما تقول ، لكان التوحيد عنا مرتفعاً لأنا لم نكلف أن نعتقد غير موهوم. لكنا نقول : كل موهوم بالحواس مدرك بها ، تحده الحواس ممثلاً فهو مخلوق ، ولابد من إثبات
كون صانع الأشياء خارجاً من الجهتين المذمومتين: إحداهما النفي إذ كان النفي هو الإبطال والعدم ، والجهة الثانية التشبيه بصفة المخلوق الظاهر التركيب والتأليف ، فلم يكن بد من إثبات الصانع لوجود المصنوعين، والإضطرار منهم إليه أنهم مصنوعون، وأن صانعهم غيرهم وليس مثلهم ، إن كان مثلهم شبيهاً بهم في ظاهر التركيب والتأليف وفيما يجري عليهم من حدوثهم بعد أن لم يكونوا ، وتنقلهم من صغر إلى كبر ، وسواد إلى بياض ، وقوة إلى ضعف ، وأحوال موجودة لا حاجة بنا إلى تفسيرها لثباتها ووجودها .
قال السائل : فأنت قد حددته إذ أثبت وجوده ! قال أبو عبد الله(ع) : لم أحدده ، ولكني أثبته إذ لم يكن بين الإثبات والنفي منزلة .
الوهابية والتوحيد _ 256 _
قال السائل : فقوله : الرحمن على العرش استوى ؟ قال أبو عبد الله (ع) : بذلك وصف نفسه ، وكذلك هو مستول على العرش بائن من خلقه ، من غير أن يكون العرش محلاًّ له ، لكنا نقول : هو حامل وممسك للعرش ، ونقول في ذلك ما قال : وسع كرسيه السماوات والأرض ، فثبتنا من العرش والكرسي ما ثبته ، ونفينا أن يكون العرش والكرسي حاوياً له ، وأن يكون عز وجل محتاجاً إلى مكان ، أو إلى شئ مما خلق ، بل خلقه محتاجون إليه .
قال السائل : فما الفرق بين أن ترفعوا أيديكم إلى السماء ، وبين أن تخفضوها نحو الأرض ؟ قال أبو عبد الله : في علمه وإحاطته وقدرته سواء ، ولكنه عز وجل أمر أوليائه وعباده برفع أيديهم إلى السماء نحو العرش لأنه جعله معدن الرزق ، فثبتنا ما ثبته القرآن والأخبار عن الرسول حين قال : إرفعوا أيديكم إلى الله عز وجل ، وهذا تجمع عليه فرق الأمة كلها ، ومن سؤاله أن قال : ألا يجوز أن يكون صانع العالم أكثر من واحد ؟
قال أبو عبد الله : لا يخلو قولك إنهما اثنان من أن يكونا : قديمين قويين أو يكونا ضعيفين ، أو يكون أحدهما قويا والآخر ضعيفاً ، فإن كانا قويين فلم لا يدفع كل واحد منهما صاحبه وينفرد بالربوبية ، وإن زعمت أن أحدهما قوي والآخر ضعيف ثبت أنه واحد كما نقول ، للعجز الظاهر في الثاني ، وإن قلت إنهما اثنان ، لم يخل من أن يكونا متفقين من كل جهة ، أو مفترقين من كل جهة ، فلما رأينا الخلق منتظما والفلك جارياً واختلاف الليل والنهار والشمس والقمر ، دل ذلك على صحة الأمر والتدبير وايتلاف الأمر ، وأن المدبر واحد .
الوهابية والتوحيد _ 257 _
وعن هشام بن الحكم قال : دخل ابن أبي العوجاء على الصادق (ع) فقال له الصادق (ع) : يا بن أبي العوجاء ! أنت مصنوع أم غير مصنوع ؟ قال : لست بمصنوع ، فقال له الصادق : فلو كنت مصنوعاً كيف كنت ؟ فلم يحر ابن أبي العوجاء جواباً ، وقام وخرج .
وقال : دخل أبو شاكر الديصاني وهو زنديق على أبي عبد الله وقال : يا جعفر بن محمد دلني على معبودي ! فقال أبو عبد الله (ع) : أجلس ! فإذا غلام صغير في كفه بيضة يلعب بها فقال أبو عبد الله : ناولني يا غلام البيضة ، فناوله إياها ، فقال أبو عبد الله : يا ديصاني هذا حصن مكنون ، له جلد غليظ ، وتحت الجلد الغليظ جلد رقيق ، وتحت الجلد الرقيق ذهبة مايعة ، وفضة ذائبة ، فلا الذهبة المايعة تختلط بالفضة الذائبة ، ولا الفضة الذائبة تختلط بالذهبة المايعة ، فهي على حالها ، لا يخرج منها خارج مصلح فيخبر عن إصلاحها ، ولا يدخل إليها داخل مفسد فيخبر عن إفسادها ، لا يدرى للذكر خلقت أم للأنثى ، تنفلق عن مثل ألوان الطواويس ، أترى لها مدبراً ؟
الوهابية والتوحيد _ 258 _
قال : فأطرق ملياًّ ثم قال : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، وأنك إمام وحجة من الله على خلقه ، وأنا تائب مما كنت فيه ...
وعن هشام بن الحكم قال : كان زنديق بمصر يبلغه عن أبي عبد الله (ع) علم ، فخرج إلى المدينة ليناظره فلم يصادفه بها وقيل هو بمكة ، فخرج إلى مكة ونحن مع أبي عبد الله (ع) ، فانتهى إليه وهو في الطواف فدنا منه وسلم ، فقال له أبو عبد الله : ما اسمك ؟ قال : عبد الملك ، قال : فما كنيتك ؟ قال : أبو عبد الله ، قال أبو عبد الله (ع) : فمن ذا الملك الذي أنت عبده ، أمن ملوك الأرض أم من ملوك السماء ؟ وأخبرني عن ابنك أعبد إله السماء ، أم عبد إله الأرض ؟ فسكت .
الوهابية والتوحيد _ 259 _
فقال أبو عبد الله : قل ! فسكت ، فقال : إذا فرغت من الطواف فأتنا ، فلما فرغ أبو عبدالله (ع) من الطواف أتاه الزنديق ، فقعد بين يديه ونحن مجتمعون عنده .
فقال أبو عبد الله (ع) : أتعلم أن للأرض تحتاً وفوقاً ؟ فقال : نعم ، قال : فدخلت تحتها ؟ قال : لا ، قال : فهل تدري ما تحتها ؟ قال : لا أدري إلا أني أظن أن ليس تحتها شئ ، فقال أبو عبد الله : فالظن عجز ما لم تستيقن ، ثم قال له : صعدت إلى السماء ؟ قال : لا ، قال : أفتدري ما فيها ؟ قال : لا ، قال : فأتيت المشرق والمغرب فنظرت ما خلفهما ؟ قال : لا.
قال : فالعجب لك ، لم تبلغ المشرق ولم تبلغ المغرب ، ولم تنزل تحت الأرض ولم تصعد إلى السماء ، ولم تخبر ما هناك فتعرف ما خلفهن ، وأنت جاحد بما فيهن ، وهل يجحد العاقل ما لا يعرف ؟ !
فقال الزنديق : ما كلمني بهذا غيرك .
قال أبو عبد الله (ع) : فأنت من ذلك في شك ، فلعل هو ولعل ليس هو .
قال : ولعل ذلك ، فقال أبو عبدالله (ع) : أيها الرجل ليس لمن لا يعلم حجة على من يعلم ، ولا حجة للجاهل على العالم ، يا أخا أهل مصر تفهم عني ، أما ترى الشمس والقمر والليل والنهار يلجان ولا يستبقان ، يذهبان ويرجعان ، قد اضطرا ليس لهما مكان إلا مكانهما ، فإن كانا يقدران على أن يذهبا فلم يرجعان ، وأن كانا غير مضطرين فلم لا يصير الليل نهاراً والنهار ليلاً ؟ اضطرا والله .
الوهابية والتوحيد _ 260 _
يا أخا أهل مصر ، إن الذي تذهبون إليه وتظنون من الدهر ، فإن كان هو يذهبهم فلم يردهم ؟ وإن كان يردهم فلم يذهب بهم ؟ أما ترى السماء مرفوعة ، والأرض موضوعة ، لا تسقط السماء على الأرض ، ولا تنحدر الأرض فوق ما تحتها ، أمسكها والله خالقها ومدبرها ، قال فآمن الزنديق على يدي أبي عبد الله ، فقال : يا هشام خذه إليك وعلمه ) .
* وفي الإحتجاج : 2/142 : ( وعن هشام بن الحكم قال : اجتمع ابن أبي العوجاء وأبو شاكر الديصاني الزنديق وعبد الملك البصري وابن المقفع ، عند بيت الله الحرام يستهزؤون بالحاج ويطعنون بالقرآن ! فقال ابن أبي العوجا : تعالوا ننقض كل واحد منا ربع القرآن وميعادنا من قابل في هذا الموضع ، نجتمع فيه وقد نقضنا القرآن كله ، فإن في نقض القرآن إبطال نبوة محمد ، وفي إبطال نبوته إبطال الإسلام وإثبات ما نحن فيه .
فاتفقوا على ذلك وافترقوا ، فلما كان من قابل اجتمعوا عند بيت الله الحرام ، فقال ابن أبي العوجاء : أما أنا فمفكر منذ افترقنا في هذه الآية : فلما استيأسوا منه خلصوا نجياً ، فما أقدر أن أضم إليها في فصاحتها وجميع معانيها شيئاً ، فشغلتني هذه الآية عن التفكر في ما سواها .
الوهابية والتوحيد _ 261 _
فقال عبد الملك : وأنا منذ فارقتكم مفكر في هذه الآية : يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له ، إن الذين يدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه ، ضعف الطالب والمطلوب ، ولم أقدر على الإتيان بمثلها ، فقال أبو شاكر : وأنا منذ فارقتكم مفكر في هذه الآية : لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ، لم أقدر على الإتيان بمثلها .
فقال ابن المقفع : يا قوم إن هذا القرآن ليس من جنس كلام البشر ، وأنا منذ فارقتكم مفكر في هذه الآية : وقيل يا أرض ابلعي مائك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين ، لم أبلغ غاية المعرفة بها ، ولم أقدر على الإتيان بمثلها .
قال هشام بن الحكم : فبينما هم في ذلك ، إذ مر بهم جعفر بن محمد الصادق (ع) فقال : قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً ، فنظر القوم بعضهم إلى بعض وقالوا : لئن كان للإسلام حقيقة لما انتهت أمر وصية محمد إلا إلى جعفر بن محمد ، والله ما رأيناه قط إلا هبناه واقشعرت جلودنا لهيبته ، ثم تفرقوا مقرين بالعجز ) .
* في لإحتجاج : 2/126 : ( قال هشام : بلغني ما كان فيه عمرو بن عبيد ، وجلوسه في مسجد البصرة ، وعظم ذلك علي ، فخرجت إليه ودخلت البصرة يوم الجمعة وأتيت مسجد البصرة فإذا أنا بحلقة كبيرة ، وإذا بعمرو بن عبيد عليه شملة سوداء مؤتزر بها من صوف وشملة مرتد بها ، والناس يسألونه ، فاستفرجت الناس فأفرجوا لي ثم قعدت في آخر القوم على ركبتي ، ثم قلت : أيها العالم أنا رجل غريب ، أتأذن لي فأسألك عن مسألة ؟ قال : إسأل ! قلت له : ألك عين ؟ قال : يا بني أي شئ هذا من السؤال إذ كيف تسأل عنه ؟ فقلت : هذا مسألتي ، فقال : يا بني سل وإن كانت مسألتك حمقى ، قلت : أجبني فيها ، قال فقال لي : سل ! فقلت : ألك عين ؟ قال : نعم ، قال : قلت فما تصنع بها ؟ قال : أرى بها الألوان والأشخاص ، قال قلت : ألك أنف ؟ قال : نعم ، قال قلت : فما تصنع به ؟ قال : أشم به الرائحة ، قال قلت : ألك لسان ؟ قال : نعم ، قال قلت : فما تصنع به ؟ قال : أتكلم به ، قال قلت : ألك أذن ؟ قال : نعم ، قلت : ما تصنع بها ؟ قال : أسمع بها الأصوات ، قال قلت : ألك يدان ؟ قال : نعم ، قلت : فما تصنع بهما ؟ قال : أبطش بهما ، وأعرف بهما اللين من الخشن ، قال قلت : ألك رجلان ؟ قال : نعم ، قال قلت : فما تصنع بهما ؟ قال أنتقل بهما من مكان إلى مكان ، قال قلت : ألك فم ؟ قال : نعم ، قال قلت : فما تصنع به ؟ قال : أعرف به المطاعم والمشارب على اختلافها ، قال قلت : ألك قلب ؟ قال : نعم ، قال قلت : فما تصنع به ؟ قال : أميز به كلما ورد على هذه الجوارح ، قال قلت : أفليس في هذه الجوارح غنى عن القلب ؟ قال : لا ، قلت : وكيف ذاك وهي صحيحة سليمة ؟
قال : يا بني إن الجوارح إذا شكت في شئ شمته أو رأته أو ذاقته ، ردته إلى القلب ، فتيقن بها اليقين ، وأبطل الشك ، قال قلت : فإنما أقام الله عز وجل القلب لشك الجوارح ؟ قال : نعم ، قلت : لا بد من القلب ، وإلا لم يستيقن الجوارح ، قال : نعم .
الوهابية والتوحيد _ 237 _
قلت : يا أبا مروان إن الله تبارك وتعالى لم يترك جوارحكم حتى جعل لها إماماً ، يصحح لها الصحيح وينفي ما شكت فيه ، ويترك هذه الخلق كله في حيرتهم وشكهم واختلافهم ، لا يقيم لهم إماماً يردون إليه شكهم وحيرتهم ، ويقيم لك إماماً لجوارحك ، ترد إليه حيرتك وشكك ، قال : فسكت ولم يقل لي شيئاً ، قال : ثم التفت إلي فقال لي : أنت هشام ؟ قال قلت : لا ، فقال لي : أجالسته ؟ فقلت : لا ، قال : فمن أين أنت ؟ قلت : من أهل الكوفة ، قال : فأنت إذا هو ، ثم ضمني إليه ، وأقعدني في مجلسه ، وما نطق حتى قمت ) ! !