لا يخفى أنّنا لازلنا بحاجة إلى تكريس الجهود ومضاعفتها نحو الفهم الصحيح والافهام المناسب لعقائدنا الحقّة ومفاهيمنا الرفيعة ، ممّا يستدعي الالتزام الجادّ بالبرامج والمناهج العلمية التي توجد حالة من المفاعلة الدائمة بين الاُمّة وقيمها الحقّة ، بشكل يتناسب مع لغة العصر والتطوّر التقني الحديث .
وانطلاقاً من ذلك ، فقد بادر مركز الابحاث العقائدية التابع لمكتب سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني ـ مدّ ظلّه ـ إلى اتّخاذ منهج ينتظم على عدّة محاور بهدف طرح الفكر الاسلامي الشيعي على أوسع نطاق ممكن .
ومن هذه المحاور : عقد الندوات العقائديّة المختصّة ، باستضافة نخبة من أساتذة الحوزة العلمية ومفكّريها المرموقين ، التي تقوم نوعاً على الموضوعات الهامّة ، حيث يجري تناولها بالعرض والنقد
تزويج أم كلثوم من عمر _ 6 _
والتحليل وطرح الرأي الشيعي المختار فيها ، ثم يخضع ذلك الموضوع ـ بطبيعة الحال ـ للحوار المفتوح والمناقشات الحرّة لغرض الحصول على أفضل النتائج .
ولاجل تعميم الفائدة فقد أخذت هذه الندوات طريقها إلى شبكة الانترنت العالمية صوتاً وكتابةً .
كما يجري تكثيرها عبر التسجيل الصوتي والمرئي وتوزيعها على المراكز والمؤسسات العلمية والشخصيات الثقافية في شتى أرجاء العالم.
وأخيراً ، فإنّ الخطوة الثالثة تكمن في طبعها ونشرها على شكل كراريس تحت عنوان ( سلسلة الندوات العقائدية ) بعد إجراء مجموعة من الخطوات التحقيقية والفنيّة اللازمة عليها .
وهذا الكرّاس الماثل بين يدي القارئ الكريم واحدٌ من السلسلة المشار إليها.
سائلينه سبحانه وتعالى أن يناله بأحسن قبوله .
مركز الابحاث العقائدية
فارس الحسّون
الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين من الاوّلين والاخرين .
بحثنا في هذه الليلة حول مسألة تزويج أُمّ كلثوم من عمر بن الخطّاب ، وهذه المسألة أيضاً قضيّة تاريخيّة ، ولكنّها ليست قضيّة تاريخيّة محضة ، بل إنّ لها مداليلها ، ولها آثارها في العقائد ، لانّ القضايا يجب أن تنظر وتلحظ بدقّة ، ويستفاد منها أُمور أُخرى ما وراء هذه القضايا .
لقد ثبت عند الفريقين أنّ عمر بن الخطّاب في سبيل خلافة أبي بكر اعتدى على الزهراء ( عليها السلام ) وعلى بيتها ، هذا موجود في المصادر عند الفريقين.
ثمّ إنّه خطب بنت أمير المؤمنين أُمّ كلثوم ، هذه الخطبة لماذا كانت ؟ وما الغرض منها ؟ تزويج أم كلثوم من عمر _ 8 _
وهل تحقّق هذا التزويج والتزوّج أو لم يتحقق ؟
إن لم يتحقق ، فلماذا ردّه علي ( عليه السلام ) ، ولم يزوّجه ابنته ؟
وإن كان قد تحقّق هذا التزويج ، فهل تحقق عن طوع ورغبة أو تحقق في ظروف خاصة وملابسات معيّنة ؟
إن كان عن طوع ورغبة وميل ورضا من أهل البيت ، فأين صارت تلك القضايا والاعتداءات على البيت ؟
وإن لم يكن هناك طوع ورغبة فإذن كيف كان هذا التزويج ؟
فالقضيّه تاريخيّة ، لكنّها عندما تحلل تنتهي هذه القضيّة التاريخيّة إلى قضايا أُخرى ، ويستكشف منها أُمور أُخرى.
ولذا نرى أنّ علماء الفريقين يهتمّون بهذه القضيّة ، ولو كانت قضيّة تاريخيّة محضة ، فأيّ تأثير لهذا التزويج أو عدم وقوع هذا التزويج ، إن كان الخبر صادقاً أو لم يكن ، إن كان الامر واقعاً أو لم يكن ، فلماذا تؤلف هذه الكتب ؟ ولماذا هذه المقالات ، وهذه البحوث ؟ وهذه الاسئلة والاجوبة منذ قبل زمان الشيخ المفيد وإلى يومنا هذا ؟ ولماذا اشتهار هذا الخبر في كتب أهل السنّة ، من حديث وتاريخ وكتب تراجم الصحابة ، وإلى غير ذلك ؟
إذن ، ليست القضيّة قضيّة تاريخيّة محضة ينظر إليها كخبر يحتمل الصدق والكذب ، ولا يهمّنا ما إذا كان صادقاً أو كان كاذباً .
رواة الخبر
هذه القضيّة موجودة في كتب أصحابنا وفي كتب السنّة ، من أشهر رواة الخبر من أهل السنّة:
1 ـ ابن سعد ، في الطبقات (1) .
2 ـ أبو بشر الدولابي ، في كتاب الذريّة الطاهرة (2) .
3 ـ الحاكم النيسابوري ، في المستدرك (3) .
4 ـ البيهقي ، في السنن الكبرى (4) .
5 ـ الخطيب البغدادي ، في تاريخ بغداد (5) .
---------------------------
(1) الطبقات الكبرى 8 / 462 .
(2) الذرية الطاهرة: 157 ـ 165 .
(3) المستدرك 3 / 142 .
(4) السنن الكبرى 7 / 63 و 114 .
(5) تاريخ بغداد 6 / 182 .
تزويج أم كلثوم من عمر _ 10 _
6 ـ ابن عبدالبر ، في الاستيعاب (1) .
7 ـ ابن الاثير ، في أُسد الغابة (2) .
8 ـ ابن حجر العسقلاني، في الاصابة (3) .
فتلاحظون وجود الخبر في كتب الحديث ، وفي كتب تراجم الصحابة ، وفي كتب أُخرى .
فلابدّ من البحث عن هذا الخبر بحثاً علميّاً تحقيقيّاً ، لا يكون فيه أيّ إفراط أو تفريط بأيّ نقطة أساسيّة موجودة في هذه الاخبار .
قبل كلّ شيء ، نلاحظ :
أوّلاً: هذا الخبر غير موجود في الصحيحين ، وكم من خبر كذّبوه لعدم كونه في الصحيحين .
ثانياً : هذا الخبر غير موجود في شيء من الصحاح الستّة ، فقد اتفق أربابها على عدم رواية هذا الخبر .
ثالثاً : هذا الخبر ليس في شيء من المسانيد والمعاجم الحديثيّة المعتبرة المشهورة، كمسند أبي يعلى ومسند أحمد
ومسند البزّار ، وكذا معاجم الطبراني ، وغير هذه الكتب ، هذا الخبر غير موجود فيها .
رابعاً : إنّ كثيراً من أسانيد هذا الخبر تنتهي إلى أهل البيت أنفسهم ، وهذا ممّا يجلب الانتباه ، ولابدّ من التأمّل في هذه الجهة.
وأنا أذكر أوّلاً روايات القوم عن أهل البيت ، ثمّ أذكر رواياتهم عن غير أهل البيت .
أمّا رواية القوم عن أهل البيت:
عن الصادق ( عليه السلام ) ، رواه الحاكم النيسابوري ، عن الصادق ، عن أبيه ، عن جدّه : وإنّ عمر خطب أُمّ كلثوم ابنة علي بن أبي طالب وتزوّج بها .
يقول الحاكم : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه ، أي البخاري ومسلم .
لكن الذهبي يتعقّب هذا الخبر فيقول : هذا منقطع .
والبيهقي يقول : هذا مرسل .
حينئذ لا يتمّ سنده .
رواه البيهقي عن أبي عبدالله الحاكم صاحب المستدرك ـ وهو
تزويج أم كلثوم من عمر _ 12 _
شيخه ـ بسنده عن الصادق ( عليه السلام ) ، وفي السند أحمد بن عبدالجبّار ، وهذا الرجل قال ابن أبي حاتم: كتبت عنه وأمسكت عن الرواية عنه ، لكثرة كلام الناس فيه ، قال مطيّن : كان يكذب ، قال أبو أحمد الحاكم : ليس بقوي عندهم ، تركه ابن عقدة ، قال ابن عدي : رأيت أهل العراق مجمعين على ضعفه (1) .
الراوي الاخر في هذا السند عند البيهقي يونس بن بكير ، عن أبي داود : ليس هو عندي بحجة ، قال النسائي : ليس هو بقوي ، وقال مرّةً : ضعيف ، الجوزجاني يقول : ينبغي أن يتثبّت في أمره ، قال الساجي : كان ابن المديني لا يحدّث عنه ، قال أحمد : ما كان أزهد الناس وأنفرهم عنه ، قال ابن أبي شيبة : كان فيه لين ، قال الساجي : كان يتّبع السلطان وكان مرجئاً (2) .
عن الامام الباقر ( عليه السلام ) ، رواه ابن عبدالبر في الاستيعاب وابن حجر في الاصابة .
لكن في سنده : عمرو بن دينار ، لاحظوا ، الميموني يقول عن أحمد : ضعيف منكر الحديث، عن ابن معين : لا شيء ذاهب الحديث ، ابن عدي يقول : ضعيف الحديث ، أبو حاتم يقول : ضعيف
وعامّة حديثه منكر ، أبو زرعة يقول : واهي الحديث ، البخاري : فيه نظر ، أبو داود يقول : ليس بشيء ، الترمذي يقول : ليس بالقوي ، النسائي يقول : ليس بثقة ، النسائي أيضاً : ضعيف ، الدارقطني : ضعيف ، الجوزجاني : ضعيف ، ابن حبّان : لا يحلّ كتب حديثه إلاّ على جهة التعجّب كان يتفرّد بالموضوعات عن الاثبات ، البخاري في الاوسط : لا يتابع على حديثه ، ابن عمّار الموصلي : ضعيف ، الساجي : ضعيف (1) .
ويروون هذا الخبر عن الحسن بن الحسن المجتبى ، يرويه عنه البيهقي بسنده في السنن الكبرى .
لكن في السند:
سفيان بن عيينة ، وفيه كلام (2) .
ووكيع بن جرّاح ، وفيه كلام لاسباب منها شرب المسكر والفتوى بالباطل وغير ذلك (3) .
وابن جريج ، وفيه كلام كثير (4) .
وابن أبي مليكه ، كان من الخوارج ، وكان مؤذّناً لابن الزبير بمكة وقاضياً له ، هذا بتهذيب التهذيب (1) .
فهذه رواياتهم عن أهل البيت ، عن الصادق ( عليه السلام ) ، وعن الباقر ( عليه السلام ) ، وعن الحسن بن الحسن المجتبى ( عليه السلام ).
وأمّا عن غير أهل البيت ، ننظر في أسانيد ما رووا عن غير أهل البيت:
في إخبار ابن سعد في الطبقات ، وعنه ابن حجر في الاصابة ، فيه وكيع بن الجرّاح ، وقد ذكرناه ، وفيه أيضاً هشام بن سعد قال أحمد : لم يكن بالحافظ ، وكان يحيى القطّان لا يحدّث عنه ، وقال ابن معين : ليس بذاك القوي ، قال النسائي : ضعيف ، قال ابن عدي : مع ضعفه يكتب حديثه ، الدوري عن ابن معين : ضعيف ، أبو حاتم : لا يحتجّ به ، ذكره ابن عبد البر فيمن ينسب إلى الضعف ويكتب حديثه ، ذكره يعقوب بن سفيان في الضعفاء ، قال ابن سعد : كان يستضعف وكان متشيّعاً (2) .
في خبر رواه ابن عبدالبر وابن حجر عن أسلم مولى عمر ، في سنده : عبدالله بن وهب ، تكلّم فيه ابن معين ، قال ابن سعد : كان يدلّس ، قال أحمد في حديث ابن وهب عن ابن جريج شيء ، وقال أبو عوانة : صدق لانّه يأتي بأشياء لا يأتي بها غيره ، ذكره ابن عدي في الكامل في الضعفاء (1) .
في رواية الخطيب في تاريخ بغداد عن عقبة بن عامر الجهني ، في هذا السند : موسى بن علي اللخمي ، هذا الرجل كان والي مصر من سنة 155 حتّى سنة 161 ، قال ابن معين : ليس بالقوي ، وكذا قال ابن عبدالبر فيما انفرد به ، هذا الراوي الاول.
والراوي الثاني أبوه علي بن رباح اللخمي ، فهو أوّلاً: وفد على معاوية وكان من أصحابه ، وثانياً : قال : لا أجعل في حلّ من سمّاني علي فإنّ اسمي عُلي ، كان من المقرّبين عند عمر بن عبدالعزيز ثمّ عتب عليه ، فأغزاه أفريقيا ، فلم يزل بها إلى أنْ مات (2) .
والراوي الاخير عقبة بن عامر الجهني ، أوّلاً: هذا من ولاة معاوية ، وهذا الشخص قاتل عمّار بن ياسر في صفّين ، وهذا الشخص هو الذي ضرب عمّار بأمر عثمان بن عفّان ـ باشر ضرب
عمّار ـ لاحظوا كتاب الانساب في لقب الجهني ، تهذيب التهذيب (1) ، حسن المحاضرة (2) ، طبقات ابن سعد (3) .
رواية ابن سعد في الطبقات ، عن عطاء الخراساني ، وقد أورد البخاري عطاء الخراساني في الضعفاء ، وذكره ابن حبّان في المجروحين (4) ، والعقيلي في الضعفاء الكبير (5) ، والذهبي أورده في الميزان ، وأيضاً أورده في كتاب المغني في الضعفاء ، قال السمعاني : بطل الاحتجاج به .
وروى ابن سعد وغيره هذا الخبر عن الواقدي محمّد بن عمر الواقدي ، والواقدي قال أحمد عنه : كذّاب ، البخاري : متروك ، أبو حاتم : متروك ، النسائي : يضع الحديث ، ابن راهويه : هو عندي ممّن يضع الحديث ، ابن معين : ليس بثقة ، الدارقطني : فيه ضعف ، السمعاني : تكلّموا فيه ، ابن خلّكان : ضعّفوه في الحديث وتكلّموا فيه ، اليافعي : أئمّة الحديث ضعّفوه، والذهبي : مجمع على
---------------------------
(1) تهذيب التهذيب 7 / 216 .
(2) حسن المحاضرة 1 / 558 .
(3) طبقات ابن سعد 3 / 259 .
(4) المجروحين 2 / 130 .
(5) الضعفاء الكبير : ترجمة رقم 1444 .
تزويج أم كلثوم من عمر _ 17 _
ركه (1) .
في رواية يروونها في كتاب الاصابة وفي الاستيعاب بسندهم عن عبدالرحمن بن زيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب .
في هذا السند : عبدالرحمن بن زيد ، قال أحمد : ضعيف ، ابن معين : ليس بشيء ، البخاري وأبو حاتم : ضعّفه علي بن المديني جدّاً ، أبو داود : أولاد زيد بن أسلم كلّهم ضعيف ، النسائي : ضعيف ، أبو زرعة : ضعيف ، ابن سعد : ضعيف جدّاً ، ابن خزيمة : ليس ممّن يحتجّ أهل العلم بحديثه ، الساجي : منكر الحديث ، الطحاوي : حديثه في النهاية من الضعف عند أهل العلم ، أبو نعيم : روى عن أبيه أحاديث موضوعة وهذا الحديث عن أبيه ابن الجوزي أجمعوا على ضعفه ، لاحظوا هذه الكلمات في تهذيب التهذيب (2) .
وقد حقّقت أسانيد هذا الخبر في جميع هذه الكتب التي ذكرتها ، ولم أجد حديثاً سالماً عن طعن كبير ، لربّما تكون في بعض الاخبار طعون طفيفة أو تجريحات في بعض الرجال يمكن
حينئذ ننظر في متون الخبر ، ولم أقرأ لكم بعدُ شيئاً من المتون ، وهنا نقاط :
النقطة الاُولى:
يظهر من الاخبار أنّ الناس تعجّبوا من خطبة عمر بنت علي ، وإلحاح عمر الشديد على أن يتزوّج ابنة علي ، وتعجّبهم واضح وسيتّضح أكثر ، حتّى صعد عمر المنبر وقال : أيها الناس والله ما حملني على الالحاح على علي بن أبي طالب ابنته ، إلاّ أنّي سمعت رسول الله يقول : ( كلّ سبب ونسب منقطع ) فأردت أن يكون لي منه نسب وصهر .
في رواية الخطيب البغدادي : أكثر تردّده إليه ـ أي إلى علي ـ وفي بعض الالفاظ : عاوده .
تزويج أم كلثوم من عمر _ 21 _
في رواية طبقات ابن سعد ، ورواية الدولابي في الذريّة الطاهرة : إنّه هدّد علياً .
والخطبة لا تحتاج إلى تهديد ، إمّا تكون وإمّا أنْ لا تكون ، ولا تحتاج إلى تهديد !!
وفي رواية في مجمع الزوائد : لمّا بلغه ـ بلغ عمر ـ منع عقيل عن ذلك قال: ويح عقيل، سفيه أحمق (1) .
وفي رواية الذريّة الطاهرة ، وفي مجمع الزوائد : التهديد بالدرّة ، هذه درّة عمر المعروفة .
لكنْ أبو نعيم ، لمّا ينقل الخبر في حلية الاولياء ، يسقط من الخبر ـ بنفس السند ـ التهديد ومنع عقيل من هذا التزويج .
راجعوا حلية الاولياء (2) وقارنوا بينه وبين رواية أبي بشر الدولابي في كتابه الذريّة الطاهرة .
النقطة الثانية :
عندما خطب عمر ابنة علي ، اعتذر علي بأشياء :
أوّلاً:
إنّها صغيرة أو إنّها صبيّة .
لاحظوا طبقات ابن سعد والبيهقي .
العذر الاخر :
إنّي لارصدها لابن أخي ، أو إنّي حبست بناتي على أولاد جعفر .
هذا في الطبقات وفي المستدرك .
العذر الثالث :
إنّ لي أميرين معي ـ يعني الحسن والحسين ـ ، أميرين أي مشاورين ( فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ) أي تشيرون .
الامر الاخر شاور عقيلاً والعباس أيضاً ، هذه المشورات .
فالاعتذارات هذه لماذا ؟ والتهديدات من عمر لماذا ؟
النقطة الثالثة :
ذكر الواقدي كما في كتاب الطبقات وغيره : إنّ عليّاً أعطاها ـ أي البنت ـ بردة أو حلّة ، وقال لها : انطلقي بهذا إلى عمر ، وكان قصده أن ينظر إليها ، فلمّا رجعت البنت قالت لابيها : ما نشر البردة ولا نظر الاّ إليّ.
هكذا يصوّرون ، أنّ عليّاً أراد أن ينظر إليها عمر بن الخطاب ، فبهذا العنوان أرسلها إليه ، وهذا ما استقبحه بعض علمائهم ، ولذا لم يتعرّض لنقله كثير منهم ، إنّ عليّاً يرسل بنته وهي صبيّة صغيرة إلى عمر بهذا العنوان !! بعنوان أن ينظر إلى البردة ـ القطعة من القماش ـ
تزويج أم كلثوم من عمر _ 23 _
لكن في الاصل وفي الواقع ، يريد علي أن ينظر الرجل إلى ابنته أمام الناس ! لاحظوا بقيّة الاقوال .
النقطة الرابعة :
في رواية الطبقات : أمر علي بأُم كلثوم فصنعت ، وفي رواية الخطيب عن عقبة بن عامر : فزُيّنت ، زُيّنت البنت ، فأعطاها القماش ، بأن تحمل القماش إلى المسجد فينظر عمر إليها ليرى هل تعجبه البنت أو لا ؟
وفي رواية ابن عبد البر وغيره عن الباقر ( عليه السلام ) ! كشف عن ساقها ، فلمّا أخذت القماش إلى المسجد أمام الناس ، فبدل أن ينظر الرجل إلى القماش نظر إليها ، وكشف عن ساقها .
فجاء بعضهم ، وهذّب هذه العبارة : كشف عن ساقها، بنت علي في المسجد وعمر يفعل هذا ! قال ابن الاثير : وضع يده عليها ، وقال الدولابي : أخذ بذراعها ، وفي رواية اخرى : ضمّها إليه .
أمّا الحاكم والبيهقي فلم يرويا شيئاً من هذه الاشياء .
وهنا يقول السبط ابن الجوزي : قلت : هذا قبيح والله، لو كانت أمة لما فعل بها هذا ، ثمّ بإجماع المسلمين لا يجوز لمس الاجنبيّة ، فكيف ينسب عمر إلى هذا .
تزويج أم كلثوم من عمر _ 24 _
وهل كان لمساً فقط كما يروون ؟!
النقطة الخامسة :
قال عمر للناس في المسجد بعد أن وقع هذا التزويج ، قال وهو فرح مستبشر : رفّئوني رفّئوني ـ أي قولوا لي بالرفاء والبنين .
هذا في الطبقات وفي الاستيعاب وفي الاصابة وغيرها من الكتب.
ثمّ إنّ هذا أي قول الناس للمتزوّج بالرفاء والبنين ، هذا من رسوم الجاهلية ، وقد منع عنه رسول الله، والحديث في مسند أحمد (1) ، وهو أيضاً في رواياتنا ، لاحظوا كتاب وسائل الشيعة (2) .
ولذا نرى أنّ بعضهم يحوّر هذه الكلمة أو ينقلها بالمعنى ، لاحظوا الحاكم يقول : قال لهم ألا تهنّئوني ، وفي البيهقي : فدعوا له بالبركة .
النقطة السادسة :
---------------------------
(1) مسند أحمد 3 / 451 .
(2) وسائل الشيعة 14 / 183 .
تزويج أم كلثوم من عمر _ 25 _
على فرض وقوع التزويج ، فهل له منها ولد أو أولاد ؟
في بعض الروايات : ولدت له زيداً ، أي ذكراً اسمه زيد .
وفي رواية الطبقات : زيد ورقية .
وفي رواية النووي في كتاب تهذيب الاسماء واللغات : زيد وفاطمة .
وفي رواية ابن قتيبة في المعارف : ولدت له وُلداً قد ذكرناهم .
إذن ، أصبحوا أكثر من اثنين .
النقطة السابعة:
في موت هذه العلوية الجليلة مع ولدها في يوم واحد ، هكذا يروون ، إنّها ماتت مع ولدها في يوم واحد ، وشيّعا معاً ، وصلّي عليهما معاً .
ابن سعد يقول عن الشعبي : صلّى عليهما عبدالله بن عمر ، ويروي عن غير الشعبي : صلّى عليهما سعيد بن العاص .
وفي تاريخ الخميس للدياربكري : صلّى عليهما سعد بن أبي وقّاص .
وهي قضيّة واحدة .
قالوا : ماتت في زمن معاوية ، وكان الحسن والحسين قد