ترجمة عكرمة :
وبهذه الأحاديث الصحيحة المتفق عليها بين المسلمين يسقط القولان الآخران ، لأن المفروض أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فسر بنفسه ـ قولا وفعلا ـ الآية المباركة ، وعيّن من نزلت فيه ، فلا يسمع ـ والحال هذه ـ ما يخالف تفسيره كائنا من كان ، فكيف والقائل بالقول الأول هو « عكرمة » ؟!
وقد كان هذا الرجل أشد الناس مخالفة لنزول الآية في العترة الطاهرة فقط ، فقد حكي عنه أنه كان ينادي في الأسواق بنزولها في زوجات النبي فقط (1) أنه كان يقول : « من شاء باهلته أنها نزلت في نساء النبي خاصة » (2).
وقد كان القول بنزورها في العترة هو الرأي الذي عليه المسلمون ، كما يبدو من هذه الكلمات ، بل جاء التصريح به في كلامه حيث قال : « ليس بالذي تذهبون إليه ، إنما هو نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم » (3).
إلا أن من غير الجائز الأخذ بقول عكرمة في هذا المقام وأمثاله !
---------------------------
(1) تفسير الطبري 22 | 7 ، تفسير ابن كثير 3 | 415 ، أسباب النزول : 268.
(2) الدر المنثور 5 | 198 ، تفسير ابن كثير 3 | 415.
(3) الدر المنثور 5 | 198.
فإن عكرمة البربري من أشهر الزنادقة الذين وضعوا الأحاديث للطعن في الإسلام ! وإليك طرفا من تراجمه في الكتب المعتبرة المشهورة (1) :
1 ـ طعنه في الدين :
لقد ذكروا أن هذا الرجل كان طاعنا في الإسلام ، مستهزئا بالدين ، من أعلام الضلالة ودعاة السوء.
فقد نقلوا عنه أنه قال : إنما أنزل الله متشابه القرآن ليضل به !
وقال في وقت الموسم : وددت أني اليوم بالموسم وبيدي حربة فأعترض بها من شهد الموسم يمينا وشمالا !
وأنه وقف على باب مسجد النبي وقال : ما فيه إلا كافر !
وذكروا أنه كان لا يصلي ، وأنه كان في يده خاتم من الذهب ، وأنه كان يلعب بالنرد ، وأنه كان يستمع الغناء.
2 ـ كان من دعاة الخوارج :
وأنه إنما أهل أفريقية رأي الصفرية ـ وهم من غلاة الخوارج ـ منه ، وقد ذكروا أنه نحل ذلك الرأي إلى ابن عباس !
وعن يحيى بن معين : إنما لم يذكر مالك عكرمة ، لأن عكرمة كان
ينتحل رأي الصفرية.
وقال الذهبي : قد تلكم الناس في عكرمة ، لأنه كان يرى رأي الخوارج.
3 ـ كان كذابا :
كذب على سيده ابن عباس حتى أوثقه علي بن عبدالله بن عباس على باب كنيف الدار ، فقيل له : أتفعلون هذا بمولاكم ؟! قال : إن هذا يكذب على أبي.
وعن سعيد بن المسيب ، أنه قال لمولاه : يا برد ، إياك أن تكذب عليّ كما يكذب عكرمة على ابن عباس .
وعن القاسم : إن عكرمة .
وعن ابن سيرين ويحيى بن معين ومالك : كذاب .
وعن ابن ذويب : كان غير.
وحرم مالك الرواية عنه.
وأعرض عنه مسلم بن الحجاج.
وقال محمد بن سعد : ليس يحتج بحديثه .
4 ـ ترك الناس جنازته :
ولهذه الأمور وغيرها ترك الناس جنازته ؛ قيل : فما حمله أحد ، حتى اكتروا له أربعة رجال من السودان.
ترجمة مقاتل :
ومقاتل حاله كحال عكرمة ، فقد أدرجه كل من : الدارقطني ، والعقيلي ، وابن الجوزي ، والذهبي في ( الضعفاء )... وتكفينا كلمة الذهبي : « اجمعوا على تركه » (1).
ترجمة الضحاك :
وأما القول الآخر فقد عزاه ابن الجوزي إلى الضحاك بن مزاحم فقط :
وهذا الرجل أدرجه ابن الجوزي نفسه كالعقيلي في ( الضعفاء ) وتبعهما الذهبي فأدرجه في « المغني في الضعفاء » ... ونفوا أن يكون لقي ابن عباس ، بل ذكر بعضهم أنه لم يشافه أحدا من أصحا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وعن يحيى بن سعيد : كان الضحاك عندنا ضعيفا .
قالوا : وكانت أمه حاملا به سنتين ! (2).
هذا ، ولكن في نسبة هذا القول ـ كنسبة القول الأول إلى ابن السائب الكلبي ـ كلام فقد نسب إليهما القول باختصاص الآية بالخمسة الأطهار في المصادر وهو الصحيح ، كما حققنا ذلك في الرد على السالوس.