ابن كعب
(1) .
وعن أنس بن مالك ـ في حديث عن قتادة عنه ـ هم : اُبيّ بن كعب ، معاذ ابن جبل ، زيد بن ثابت ، أبو زيد ، قال : من أبو زيد ؟ قال : أحد عمومتي
(2) .
وفي آخر ـ عن ثابت عنه ـ قال : ( مات النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ ولم يجمع القرآن غير أربعة : أبو الدرداء ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت ، وأبو زيد ) .
فأيّ توجيه صحيح لحصر جمّاع القرآن في أربعة ؟ وكيف الجمع بين ما روي عن الصحابّيين ، ثمّ بين الحديثين عن أنس ؟
قال السيوطي : ( قد استنكر جماعة من الأئمّة الحصر في الأربعة ، وقال المازري : لا يلزم من قول أنس ( لم يجمعه غيرهم ) أن يكون الواقع في نفس الأمر كذلك ... قال : وقد تمسّك بقول أنس هذا جماعة من الملاحدة ولا مستمسك لهم فيه ، فإنّا لا نسلّم حمله على ظاهره ) ثمّ ذكر السيوطي كلاماً للقرطبي ونقل عن الباقلاّني وجوهاً من الجواب عن حديث أنس ثمّ قال : ( قال ابن حجر : وفي غالب هذه الإحتمالات تكلّف )
(3) .
ثانياً : قد اختلفت أحاديثهم في ( أوّل من جمع القرآن ) ففي بعضها أنّه ( أبو بكر ) وفي آخر ( عمر ) وفي ثالث ( سالم مولى أبي حذيفة ) وفي رابع ( عثمان ) .
وطريق الجمع بينها أن يقال : إنّ أبا بكر أول من جمع القرآن أي دوّنه تدويناً ، وأنّ المراد من : ( فكان [ عمر ] أول من جمعه في المصحف ) أي : أشار
--------------------
(1) صحيح البخاري 6 : 102 ، صحيح مسلم 7 : 149 .
(2) صحيح البخاري 6 : 102 ، واختلف في اسم أبي زيدٍ هذا . انظر الاتقان 1 : 74 .
(3) الاتقان 1 | 244 ـ 247 .
التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف
_ 244 _
على أبي بكر أن يجمعه ، وأنّ المراد فيما ورد في ( سالم ) : أنّه من الجامعين للقرآن بأمر أبي بكر ، وأمّا ( عثمان ) فجمع الناس على قراءة واحدة .
ثالثاً : في بيان الأحاديث الواردة في كيفية الجمع وخصوصيّاته في كلّ مرحلة ، أمّا في المرحلة الأولى ، فقد رووا عن زيد قوله : ( كنّا على عهد رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ ولم يكن القرآن جمع شيء ) (1) وأنّه قال لأبي بكر لمّا أمره بجمع القرآن : ( كيف تفعل شيئاً لم يفعله رسول الله ؟! ) (2) .
إلاّ أنّه يمكن الجمع بين هذه الأخبار بحمل النافية على عدم تأليف القرآن وجمعه بصورة كاملة في مكان واحد ، بل كان كتابته كاملة عند الجميع ...
وهكذا تندفع الشبهة الاولى .
وأمّا في المرحلة الثانية : فإنّه وإن كان أمر أبي بكر بجمع القرآن وتدوينه بعد حرب اليمامة ، لكنّ الواقع كثرة من بقي بعدها من حفّاظ القرآن وقرّائه ، مضافاً إلى وجود القرآن مكتوباً على عهد النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ ... فلا تطرق الشبهة من هذه الناحية في تواتره ، وأمّا الحديث : ( إنّ عمر سأل عن آيةٍ من كتاب الله كانت مع فلان قتل يوم اليمامة ... ) فإسناده منقطع (3) .
فالشبهة الثانية مندفعة كذلك .
وأمّا جمع القرآن من العسب واللخاف وصدور الرجال ـ كما عن زيد ـ فإنّه لم يكن لأنّ القرآن كان معدوماً ، وإنّما كان قصدهم أن ينقلوا من عين المكتوب بين يدي النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ ولم يكتبوا من حفظهم ، وأمّا قوله :
--------------------
(1) المستدرك 2 : 662 .
(2) الاتقان 1 : 202 .
(3) الاتقان 1 : 59 .
التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف
_ 245_