الفهرس العام

2 ـ كيفية البيعة الجبرية


3 ـ غصبهم فدكا هدية النبي صلى الله عليه وآله للزهراء عليها السلام!!
4 ـ وصية فاطمة الزهراء عليها السلام وشهادتها
5 ـ مؤامرتهم لقتل أمير المؤمنين عليه السلام
(49) ما كتبه رسول الله صلى الله عليه وآله في الكتف
(50) يحل لعلي عليه السلام في المسجد ما يحل لرسول الله صلى الله عليه وآله
(51) يحل مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله لأهل بيته فقط
(52) علي عليه السلام صديق الأمة وفاروقها
(53) الدافع لحرب الجمل وصفين عند علي عليه السلام
(54) أهل البيت عليهم السلام الشهداء على الناس
(55) اعترافات سعد بن أبي وقاص بشأن أمير المؤمنين عليه السلام
(56) المهاجرون والأنصار لم يواجهوا عليا عليه السلام في حروبه
(57) ندامة الثلاثة المتخلفين عن علي عليه السلام
(58) احتجاجات أبان على الحسن البصري

  أول ما قال أمير المؤمنين عليه السلام عند البيعة الجبرية
  فانتهوا بعلي عليه السلام إلى أبي بكر ملببا، فلما بصر به أبو بكر صاح : (خلوا سبيله) فقال علي عليه السلام : (ما أسرع ما توثبتم على أهل بيت نبيكم يا أبا بكر ، بأي حق وبأي ميراث وبأي سابقة تحث الناس إلى بيعتك ؟ ألم تبايعني بالأمس بأمر رسول الله صلى الله عليه وآله )؟

التهديد الأول لعلي عليه السلام
  فقال عمر : دع عنك هذا يا علي ، فوالله إن لم تبايع لنقتلنك فقال علي عليه السلام : (إذا والله أكون عبد الله وأخا رسول الله المقتول)، فقال عمر: (أما عبد الله المقتول فنعم ، وأما أخو رسول الله فلا) فقال علي عليه السلام: (أما والله، لولا قضاء من الله سبق وعهد عهده إلي خليلي لست أجوزه لعلمت أينا أضعف ناصرا وأقل عددا) ، وأبو بكر ساكت لا يتكلم.
  فقام بريدة فقال : يا عمر ، ألستما اللذين قال لكما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (انطلقا إلى علي فسلما عليه بإمرة المؤمنين)، فقلتما : أعن أمر الله وأمر رسوله ؟ فقال : نعم.
  فقال أبو بكر : قد كان ذلك يا بريدة ، ولكنك غبت وشهدنا ، والأمر يحدث بعده الأمر فقال عمر : وما أنت وهذا يا بريدة ؟ وما يدخلك في هذا ؟ فقال بريدة : (والله لا سكنت في بلدة أنتم فيها أمراء) ، فأمر به عمر فضرب وأخرج.
  ثم قام سلمان فقال : (يا أبا بكر، اتق الله وقم عن هذا المجلس، ودعه لأهله يأكلوا به رغدا إلى يوم القيامة، لا يختلف على هذه الأمة سيفان)، فلم يجبه أبو بكر ، فأعاد

كتاب سليم بن قيس الهلالي _ 389 _

  سلمان فقال مثلها ، فانتهره عمر وقال: ما لك ولهذا الأمر ؟ وما يدخلك فيما هيهنا ؟
  فقال : مهلا يا عمر ، قم يا أبا بكر عن هذا المجلس، ودعه لأهله يأكلوا به والله خضرا إلى يوم القيامة ، وإن أبيتم لتحلبن به دما وليطمعن فيه الطلقاء والطرداء والمنافقون ، والله لو أعلم أني أدفع ضيما أو أعز لله دينا لوضعت سيفي على عاتقي ثم ضربت به قدما.
  أتثبون على وصي رسول الله ؟ فأبشروا بالبلاء وأقنطوا من الرخاء.
  ثم قام أبو ذر والمقداد وعمار ، فقالوا لعلي عليه السلام: (ما تأمر ؟ والله إن أمرتنا لنضربن بالسيف حتى نقتل) ، فقال علي عليه السلام : (كفوا رحمكم الله واذكروا عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وما أوصاكم به)، فكفوا.

التهديد الثاني لعلي عليه السلام
  فقال عمر لأبي بكر ـ وهو جالس فوق المنبر ـ : ما يجلسك فوق المنبر وهذا جالس محارب لا يقوم فينا فيبايعك ؟ أو تأمر به فيضرب عنقه ؟ ـ والحسن والحسين عليهما السلام قائمان على رأس علي عليه السلام ـ فلما سمعا مقالة عمر بكيا ورفعا أصواتهما : (يا جداه يا رسول الله) فضمهما علي عليه السلام إلى صدره وقال : (لا تبكيا ، فوالله لا يقدران على قتل أبيكما، هما أقل وأذل وأدخر (1) من ذلك.
  وأقبلت أم أيمن النوبية حاضنة رسول الله صلى الله عليه وآله وأم سلمة فقالتا : (يا عتيق ، ما أسرع ما أبديتم حسدكم لآل محمد) ، فأمر بهما عمر أن تخرجا من المسجد ، وقال : (ما لنا وللنساء)!

---------------------------
(1) أي أصغر وأذل.

كتاب سليم بن قيس الهلالي _ 390 _

التهديد الثالث لعلي عليه السلام
  ثم قال : يا علي، قم بايع ، فقال علي عليه السلام: إن لم أفعل ؟ قال : إذا والله نضرب عنقك.
  قال عليه السلام: كذبت والله يا بن صهاك، لا تقدر على ذلك، أنت ألأم وأضعف من ذلك.

التهديد الرابع لعلي عليه السلام
  فوثب خالد بن الوليد واخترط سيفه وقال : (والله إن لم تفعل لأقتلنك) ، فقام إليه علي عليه السلام وأخذ بمجامع ثوبه ثم دفعه حتى ألقاه على قفاه ووقع السيف من يده!

التهديد الخامس لعلي عليه السلام
  فقال عمر : قم يا علي بن أبي طالب فبايع، قال عليه السلام: فإن لم أفعل ؟ قال : (إذا والله نقتلك)، واحتج عليهم علي عليه السلام ثلاث مرات ، ثم مد يده من غير أن يفتح كفه فضرب عليها أبو بكر ورضي منه بذلك ، ثم توجه إلى منزله وتبعه الناس.

3 ـ غصبهم فدكا هدية النبي صلى الله عليه وآله وسلم للزهراء عليها السلام!!


احتجاج الزهراء عليها السلام لإعادة فدك
  قال : ثم إن فاطمة عليها السلام بلغها أن أبا بكر قبض فدك، فخرجت في نساء بني هاشم حتى دخلت على أبي بكر فقالت : يا أبا بكر ، تريد أن تأخذ مني أرضا جعلها لي رسول الله صلى الله عليه وآله وتصدق بها علي من الوجيف الذي لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب ؟ أما كان قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (المرء يحفظ في ولده بعده ) ؟ وقد علمت أنه لم يترك لولده شيئا غيرها.

كتاب سليم بن قيس الهلالي _ 391 _

منع عمر من كتاب أبي بكر برد فدك
  فلما سمع أبو بكر مقالتها والنسوة معها دعا بدواة ليكتب به لها ، فدخل عمر فقال : يا خليفة رسول الله، لا تكتب لها حتى تقيم البينة بما تدعي ، فقالت فاطمة عليها السلام : نعم ، أقيم البينة.
  قال : من ؟ قالت : علي وأم أيمن، فقال عمر : (لا تقبل شهادة امرأة عجمية لا تفصح ، وأما علي فيحوز النار إلى قرصه)، فرجعت فاطمة عليها السلام وقد جرعها من الغيظ ما لا يوصف ، فمرضت.

أبو بكر وعمر يعودان فاطمة عليها السلام
  وكان علي عليه السلام يصلي في المسجد الصلوات الخمس، فكلما صلى قال له أبو بكر وعمر : (كيف بنت رسول الله )؟ إلى أن ثقلت ، فسألا عنها وقالا : (قد كان بيننا وبينها ما قد علمت ، فإن رأيت أن تأذن لنا فنعتذر إليها من ذنبنا ) ؟ قال عليه السلام : ذاك إليكما.
  فقاما فجلسا بالباب ، ودخل علي عليه السلام على فاطمة عليها السلام فقال لها : (أيتها الحرة ، فلان وفلان بالباب يريدان أن يسلما عليك، فما ترين) ؟ قالت عليها السلام : البيت بيتك والحرة زوجتك، فافعل ما تشاء ، فقال : (شدي قناعك)، فشدت قناعها وحولت وجهها إلى الحائط.

دعاء فاطمة عليها السلام على أبي بكر وعمر
  فدخلا وسلما وقالا : ارضي عنا رضي الله عنك، فقالت : ما دعاكما إلى هذا ؟ فقالا : اعترفنا بالإساءة ورجونا أن تعفي عنا وتخرجي سخيمتك ، فقالت : فإن كنتما صادقين فأخبراني عما أسألكما عنه ، فإني لا أسألكما عن أمر إلا وأنا عارفة بأنكما تعلمانه ، فإن صدقتما علمت أنكما صادقان في مجيئكما ، قالا : سلي عما بدا لك، قالت : نشدتكما بالله هل سمعتما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : (فاطمة بضعة مني ، فمن آذاها فقد آذاني ) ؟ قالا : نعم ، فرفعت يدها إلى السماء فقالت : (اللهم إنهما قد آذياني ، فأنا أشكوهما إليك وإلى

كتاب سليم بن قيس الهلالي _ 392 _

  رسولك ، لا والله لا أرضى عنكما أبدا حتى ألقى أبي رسول الله وأخبره بما صنعتما ، فيكون هو الحاكم فيكما).
  قال : فعند ذلك دعا أبو بكر بالويل والثبور وجزع جزعا شديدا ، فقال عمر : تجزع يا خليفة رسول الله من قول امرأة ؟

4 ـ وصية فاطمة الزهراء عليها السلام وشهادتها

  قال : فبقيت فاطمة عليها السلام بعد وفاة أبيها رسول الله صلى الله عليه وآله أربعين ليلة ، فلما اشتد بها الأمر دعت عليا عليه السلام وقالت : (يا بن عم ، ما أراني إلا لما بي ، وأنا أوصيك أن تتزوج بنت أختي زينب تكون لولدي مثلي ، وتتخذ لي نعشا ، فإني رأيت الملائكة يصفونه لي .
  وأن لا يشهد أحد من أعداء الله جنازتي ولا دفني ولا الصلاة علي).
  قال ابن عباس : وهو قول أمير المؤمنين عليه السلام : (أشياء لم أجد إلى تركهن سبيلا ، لأن القرآن بها أنزل على قلب محمد صلى الله عليه وآله: قتال الناكثين والقاسطين والمارقين الذي أوصاني وعهد إلي خليلي رسول الله بقتالهم ، وتزويج أمامة بنت زينب أوصتني بها فاطمة عليها السلام).
  قال ابن عباس : فقبضت فاطمة عليها السلام من يومها ، فارتجت المدينة بالبكاء من الرجال والنساء ، ودهش الناس كيوم قبض فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فأقبل أبو بكر وعمر يعزيان عليا عليه السلام ويقولان له : (يا أبا الحسن، لا تسبقنا بالصلاة على ابنة رسول الله).

كتاب سليم بن قيس الهلالي _ 393 _

  فلما كان في الليل دعا علي عليه السلام العباس والفضل والمقداد وسلمان وأبا ذر وعمارا ، فقدم العباس فصلى عليها ودفنوها .

أراد عمر نبش قبر الزهراء عليها السلام فواجهه أمير المؤمنين عليه السلام
  فلما أصبح الناس أقبل أبو بكر وعمر والناس يريدون الصلاة على فاطمة عليها السلام، فقال المقداد: قد دفنا فاطمة البارحة، فالتفت عمر إلى أبي بكر فقال: ألم أقل لك إنهم سيفعلون ؟ قال العباس : إنها أوصت أن لا تصليا عليها.
  فقال عمر : والله لا تتركون ـ يا بني هاشم ـ حسدكم القديم لنا أبدا، إن هذه الضغائن التي في صدوركم لن تذهب والله لقد هممت أن أنبشها فأصلي عليها.
  فقال علي عليه السلام: (والله لو رمت ذلك يا بن صهاك لأرجعت إليك يمينك، والله لئن سللت سيفي لا غمدته دون إزهاق نفسك ، فرم ذلك)، (1) فانكسر عمر وسكت ، وعلم أن عليا عليه السلام إذا حلف صدق.
  ثم قال علي عليه السلام : يا عمر ، ألست الذي هم بك رسول الله صلى الله عليه وآله وأرسل إلي، فجئت متقلدا بسيفي ، ثم أقبلت نحوك لأقتلك ، فأنزل الله عز وجل : (فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا) (2)، فانصرفوا .

---------------------------
(1) أي اقصد نحوه إن قدرت عليه.
(2) سورة مريم: الآية 84.

كتاب سليم بن قيس الهلالي _ 394 _

5 ـ مؤامرتهم لقتل أمير المؤمنين عليه السلام

  قال ابن عباس : ثم إنهم تآمروا وتذاكروا فقالوا : (لا يستقيم لنا أمر ما دام هذا الرجل حيا) فقال أبو بكر : من لنا بقتله ؟ فقال عمر : (خالد بن الوليد) فأرسلا إليه فقالا :
  (يا خالد ، ما رأيك في أمر نحملك عليه ؟ قال : احملاني على ما شئتما، فوالله إن حملتماني على قتل ابن أبي طالب لفعلت ، فقالا : والله ما نريد غيره، قال : فإني له!
  فقال أبو بكر : إذا قمنا في الصلاة صلاة الفجر فقم إلى جانبه ومعك السيف، فإذا سلمت فاضرب عنقه ، قال : نعم ، فافترقوا على ذلك.

ندامة أبي بكر عند إجراء المؤامرة
  ثم إن أبا بكر تفكر فيما أمر به من قتل علي عليه السلام وعرف أنه إن فعل ذلك وقعت حرب شديدة وبلاء طويل ، فندم على ما أمره به ، فلم ينم ليلته تلك حتى أصبح ثم أتى المسجد وقد أقيمت الصلاة ، فتقدم فصلى بالناس مفكرا لا يدري ما يقول.
  وأقبل خالد بن الوليد متقلدا بالسيف حتى قام إلى جانب علي عليه السلام، وقد فطن علي عليه السلام ببعض ذلك ، فلما فرغ أبو بكر من تشهده صاح قبل أن يسلم : (يا خالد لا تفعل ما أمرتك، فإن فعلت قتلتك) ثم سلم عن يمينه وشماله.

المواجهة لمؤامرة القتل
  فوثب علي عليه السلام فأخذ بتلابيب خالد وانتزع السيف من يده ، ثم صرعه وجلس على صدره وأخذ سيفه ليقتله ، واجتمع عليه أهل المسجد ليخلصوا خالدا فما قدروا عليه.

كتاب سليم بن قيس الهلالي _ 395 _

  فقال العباس: حلفوه بحق القبر (لما كففت)، فحلفوه بالقبر فتركه، وقام فانطلق إلى منزله.
  وجاء الزبير والعباس وأبو ذر والمقداد وبنو هاشم، واخترطوا السيوف وقالوا: (والله لا تنتهون حتى يتكلم ويفعل) واختلف الناس وماجوا واضطربوا.
  وخرجت نسوة بني هاشم فصرخن وقلن : (يا أعداء الله، ما أسرع ما أبديتم العداوة لرسول الله وأهل بيته لطالما أردتم هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فلم تقدروا عليه، فقتلتم ابنته بالأمس ، ثم أنتم تريدون اليوم أن تقتلوا أخاه وابن عمه ووصيه وأبا ولده ؟ كذبتم ورب الكعبة ، ما كنتم تصلون إلى قتله).
  حتى تخوف الناس أن تقع فتنة عظيمة.

كتاب سليم بن قيس الهلالي _ 397 _

  تتمة متن كتاب سليم
  نذكر في هذا الفصل 22 حديثا جاء في نسخة (ج) من كتاب سليم

كتاب سليم بن قيس الهلالي _ 399 _

(49) ما كتبه رسول الله صلى الله عليه وآله في الكتف

  وعن سليم بن قيس ، قال : سمعت سلمان يقول : سمعت عليا عليه السلام ـ بعد ما قال ذلك الرجل ما قال وغضب رسول الله صلى الله عليه وآله ودفع الكتف ـ : ألا نسأل رسول الله صلى الله عليه وآله عن الذي كان أراد أن يكتب في الكتف مما لو كتبه لم يضل أحد ولم يختلف اثنان ؟

كلام رسول الله صلى الله عليه وآله بعد قول عمر
  فسكت حتى إذا قام من في البيت وبقي علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام وذهبنا نقوم أنا وصاحبي أبو ذر والمقداد، قال لنا علي عليه السلام: إجلسوا.
  فأراد أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وآله ونحن نسمع ، فابتدأه رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : (يا أخي، أما سمعت ما قال عدو الله ؟ أتاني جبرئيل قبل فأخبرني أنه سامري هذه الأمة وأن صاحبه عجلها، وأن الله قد قضى الفرقة والاختلاف على أمتي من بعدي ، فأمرني أن أكتب ذلك الكتاب الذي أردت أن أكتبه في الكتف لك وأشهد هؤلاء الثلاثة عليه ، ادع لي بصحيفة).

أسماء الأئمة الاثني عشر عليهم السلام في الكتف
  فأتى بها ، فأملى عليه أسماء الأئمة الهداة من بعده رجلا رجلا وعلي عليه السلام يخطه بيده.
  وقال صلى الله عليه وآله وسلم : إني أشهدكم إن أخي ووزيري ووارثي وخليفتي في أمتي علي بن أبي طالب ، ثم الحسن ثم الحسين ثم من بعدهم تسعة من ولد الحسين.

كتاب سليم بن قيس الهلالي _ 400 _

  ثم لم أحفظ منهم غير رجلين علي ومحمد ، ثم اشتبه الآخرون (1) من أسماء الأئمة عليهم السلام ، غير أني سمعت صفة المهدي وعدله وعمله وأن الله يملأ به الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا.
  ثم قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : إني أردت أن أكتب هذا ثم أخرج به إلى المسجد ثم أدعو العامة فأقرأه عليهم وأشهدهم عليه ، فأبى الله وقضى ما أراد.
  ثم قال سليم : فلقيت أبا ذر والمقداد في إمارة عثمان فحدثاني ، ثم لقيت عليا عليه السلام بالكوفة والحسن والحسين عليهما السلام فحدثاني به سرا ما زادوا ولا نقصوا كأنما ينطقون بلسان واحد .

---------------------------
(1) (ج) خ ل : (ثم اشتبه عليه الآخرون) ، ثم إنه لا مجال لوقوع هذا الاشتباه من سلمان ولا من سليم ولا من أبان ، وذلك لما نراه في سائر أحاديث هذا الكتاب وكتب أخرى من تصريح سلمان وسليم وأبان بأسماء الأئمة فردا فردا ، فالاشتباه عليهم في مثل هذا المورد عجيب ، ولا شك في استعمالهم التقية في هذا الكلام لئلا يعرف الظالمون أشخاص الأئمة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.

كتاب سليم بن قيس الهلالي _ 401 _

(50) يحل لعلي عليه السلام في المسجد ما يحل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

  سليم عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وفي يده عسيب (1) رطب ونحن في مسجده ، فجعل يضربنا ويقول : لا ترقدوا في المسجد.
  قال جابر : فخرجنا وأراد علي عليه السلام أن يخرج معنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أين تخرج يا أخي ؟ إنه يحل لك في المسجد ما يحل لي ، أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، إن الله أمر موسى أن يبني مسجدا طاهرا طيبا لا يسكنه معه إلا هو وابناه شبر وشبير.

علي عليه السلام الذائد عن الحوض يوم القيامة
  يا أخي، والذي نفسي بيده إنك للذائد عن حوضي بيدك كما يذود الرجل عن إبله الإبل الجربة ، كأني أنظر إلى مقامك من حوضي معك عصى من عوسج . (2)

---------------------------
(1) العسيب: جريدة من النخل كشط خوصها.
(2) العوسج: شجيرة من فصيلة الباذنجانيات، أغصانه شائكة وأزهاره مختلفة الألوان.

كتاب سليم بن قيس الهلالي _ 402 _

(51) يحل مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله لأهل بيته فقط

  سليم بن قيس قال : سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول : كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله بصحن مسجده يقول :
  (ألا إنه لا يحل مسجدي لجنب ولا لحائض غيري وغير أخي وغير ابنتي ونسائي وخدمي وحشمي ، ألا هل سمعتم؟ ألا هل بينت لكم ؟ ألا لا تضلوا)، ينادي بذلك نداء .

كتاب سليم بن قيس الهلالي _ 403 _

(52) علي عليه السلام صديق الأمة وفاروقها

  وذكر سليم بن قيس أنه جلس إلى سلمان وأبي ذر والمقداد في إمارة عمر بن الخطاب، فجاء رجل من أهل الكوفة فجلس إليهم مسترشدا ، فقالوا له : عليك بكتاب الله فألزمه ، وعلي بن أبي طالب فإنه مع الكتاب لا يفارقه.
  وإنا نشهد أنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : (إن عليا مع القرآن والحق، حيثما دار دار ، (1) إنه أول من آمن بالله وأول من يصافحني يوم القيامة من أمتي ، وهو الصديق الأكبر والفاروق بين الحق والباطل ، وهو وصيي ووزيري وخليفتي في أمتي ويقاتل على سنتي).

أبو بكر وعمر انتحلا اسم غيرهما
  فقال لهم الرجل: فما بال الناس يسمون أبا بكر الصديق وعمر الفاروق ؟
  فقالوا له (2): نحلهما الناس اسم غيرهما (3) كما نحلوهما خلافة رسول الله صلى الله عليه وآله وإمرة المؤمنين،

---------------------------
(1) هكذا في النسخ بصيغة المفرد.
(2) من هنا إلى آخر الحديث في (الفضائل) هكذا: فقالوا له : الناس تجهل حق علي عليه السلام، كما جهل خلافة رسول الله صلى الله عليه وآله جهلا حق أمير المؤمنين عليه السلام ، وما هما لهما باسم لأنهما اسم غيرهما ، والله إن عليا هو الصديق الأكبر والفاروق الأزهر، والله إن عليا لخليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وإنه أمير المؤمنين أمرنا وأمرهم به رسول الله فسلمنا إليه ـ جميعا وهما معا ـ بإمرة المؤمنين والفاروق الأزهر وأنه الصديق الأكبر.
(3) أورد الكاندهلوي في حياة الصحابة: ج 2 ص 22 عن ابن شهاب قال : بلغنا أن أول من قال لعمر (الفاروق) أهل الكتاب.

كتاب سليم بن قيس الهلالي _ 404 _

  وما هو لهما باسم لأنه اسم غيرهما ، إن عليا لخليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين.
  لقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وأمرهما معنا فسلمنا على علي عليه السلام بإمرة المؤمنين . (1)

---------------------------
(1) ورد هذا الحديث في الإحتجاج للطبرسي بتفاوت كثير، ولذا نورد ما في الإحتجاج هيهنا : قال سليم بن قيس : جلست إلى سلمان وأبي ذر والمقداد ، فجاء رجل من أهل الكوفة فجلس إليهم مسترشدا، فقال له سلمان : عليك بكتاب الله فألزمه وعلي بن أبي طالب عليه السلام فإنه مع القرآن لا يفارقه ، فإنا نشهد أنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : إن عليا يدور مع الحق حيث دار ، وإن عليا هو الصديق والفاروق ، يفرق بين الحق والباطل، قال : فما بال القوم يسمون أبا بكر الصديق وعمر الفاروق ؟ قال : نحلهما الناس اسم غيرهما كما نحلوهما خلافة رسول الله وإمرة المؤمنين. لقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وأمرهما معنا فسلمنا جميعا على علي بن أبي طالب عليه السلام بإمرة المؤمنين.

كتاب سليم بن قيس الهلالي _ 405 _

(53) الدافع لحرب الجمل وصفين عند علي عليه السلام

  سليم قال : سمعت عليا عليه السلام يقول يوم الجمل ويوم الصفين:
  إني نظرت فلم أجد إلا الكفر بالله والجحود بما أنزل الله تعالى ، أو الجهاد في سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فاخترت الجهاد في سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، على الكفر بالله والجحود بما أنزل الله ومعالجة الأغلال في نار جهنم ، إذا وجدت أعوانا على ذلك.
  إني لم أزل مظلوما منذ قبض رسول الله صلى الله عليه وآله، فلو وجدت قبل اليوم أعوانا على إحياء الكتاب والسنة كما وجدتهم اليوم لقاتلت ولم يسعني الجلوس.

كتاب سليم بن قيس الهلالي _ 406 _

(54) أهل البيت عليهم السلام الشهداء على الناس

يحذر على الدين من ثلاثة رجال
  سليم بن قيس قال : سمعت علي بن أبي طالب عليه السلام يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
  احذروا على دينكم ثلاثة رجال: رجل قرأ القرآن حتى إذا رآى عليه بهجته كأن رداء للإيمان غيره إلى ما شاء الله، اخترط سيفه على أخيه المسلم ورماه بالشرك.
  قلت: يا رسول الله، أيهما أولى بالشرك ؟ قال : الرامي به منهما.
  ورجل استخفته الأحاديث، كلما انقطعت أحدوثة كذب مثلها أطول منها، إن يدرك الدجال يتبعه.
  ورجل آتاه الله عز وجل سلطانا فزعم أن طاعته طاعة الله ومعصيته معصية الله، وكذب ، لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، لا طاعة لمن عصى الله.

العصمة هي المناط في طاعة النبي والأئمة عليهم السلام
  إنما الطاعة لله ولرسوله ولولاة الأمر الذين قرنهم الله بنفسه ونبيه فقال : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ) (1)، لأن الله إنما أمر بطاعة رسول الله صلى الله عليه وآله لأنه معصوم مطهر لا يأمر بمعصية الله، وإنما أمر بطاعة أولي الأمر لأنهم معصومون مطهرون لا يأمرون بمعصية الله.

---------------------------
(1) سورة النساء: الآية 59.

كتاب سليم بن قيس الهلالي _ 407 _

طريق أهل البيت عليهم السلام ينجي من الضلال
  قال : ثم أقبل علي علي بن أبي طالب عليه السلام ـ حين فرغ من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ـ فقال : لا بد من رحى ضلالة ، فإذا قامت طحنت وإن لطحنها روقا وإن روقها حدتها وعلى الله فلها.
  إن أبرار عترتي وطيب أرومتي أحلم الناس صغارا وأعلمهم كبارا، ألا وبنا يفرج الله الضيق والزمان الكلب، وعلى أيدينا يغير الكگب.
  ألا وإنا أهل بيت من حكم الله حكمنا وقول صادق سمعنا ، فإن تتبعوا سبيلنا وتسلكوا طريقنا وآثارنا تهتدوا ببصائرنا ، وإن تخالفونا تهلكوا ، وإن تقتدوا بنا تجدونا على الكتاب أمامكم، وإن تخالفونا لم تضروا بذلك إلا أنفسكم.
  إن الله يسأل الشهداء من أهل البيت عليهم السلام عن أهل زمانهم إن الله سائل أهل كل زمان ويدعى الشهداء عليهم في زمانهم منا ، فمن صدق صدقناه ومن كذب كذبناه ، (1) إن رسول الله صلى الله عليه وآله هو المنذر الهادي الرسول إلى الجن والأنس إلى يوم القيامة ، لا نبي بعده ولا رسول ، ولا ينزل بعد القرآن كتابا.
  ولكل أهل زمان هاد ودليل وإمام يهديهم ويدلهم ويرشدهم إلى كتاب ربهم وسنة نبيهم ، كلما مضى هاد خلف آخر مثله، هم مع الكتاب والكتاب معهم لا يفارقونه ولا يفارقهم حتى يردوا على رسول الله صلى الله عليه وآله حوضه .

---------------------------
(1) يمكن قراءة هذه الفقرة بالتشديد هكذا : فمن صدق صدقناه ومن كذب كذبناه.

كتاب سليم بن قيس الهلالي _ 408 _

  إنا أهل بيت دعا الله لنا أبونا إبراهيم عليه السلام فقال : (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) (1)، فإيانا عنى الله بذلك خاصة.
  ونحن الذين عنى الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) إلى آخر السورة (2) ، فرسول الله الشاهد علينا ونحن شهداء الله على خلقه وحججه في أرضه.
  ونحن الذين عنى الله بقوله : (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ) إلى آخر الآية ، (3) فلكل زمان منا إمام شاهد على أهل زمانه . (4)

---------------------------
(1) سورة إبراهيم: الآية 37.
(2) سورة الحج: الآيتان 77 و 78 ، والآية الثانية هكذا : (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ).
(3) سورة البقرة: الآية 143، وتمام الآية هكذا : ( ... وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ).
(4) ورد الحديث في خصال الصدوق بصورة أخصر وبتفاوت، وهذا نص ما في الخصال : سليم بن قيس قال : سمعت علي بن أبي طالب عليه السلام يقول : احذروا على دينكم ثلاثة رجال : رجلا قرأ القرآن حتى إذا رأيت عليه بهجته اخترط سيفه على جاره ورماه بالشرك ، قلت : يا أمير المؤمنين، أيهما أولى بالشرك ؟ قال : الرامي، ورجلا استخفته الأحاديث، كلما حدث أحدوثة كذب مدها بأطول منها ، ورجلا آتاه الله عز وجل سلطانا فزعم أن طاعته طاعة الله ومعصيته معصية الله، وكذب لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، لا ينبغي للمخلوق أن يكون حبه لمعصية الله، فلا طاعة في معصيته ولا طاعة لمن عصى الله، إنما الطاعة لله ولرسوله ولولاة الأمر ، إنما أمر الله عز وجل بطاعة الرسول لأنه معصوم مطهر لا يأمر بمعصيته وإنما أمر بطاعة أولي الأمر لأنهم معصومون مطهرون لا يأمرون بمعصيته.

كتاب سليم بن قيس الهلالي _ 409 _

(55) اعترافات سعد بن أبي وقاص بشأن أمير المؤمنين عليه السلام

  قال سليم بن قيس : لقيت سعد بن أبي وقاص وقلت له : إني سمعت عليا عليه السلام يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : (اتقوا فتنة الأخينس (1) ، اتقوا فتنة سعد ، فإنه يدعو إلى خذلان الحق وأهله)، فقال سعد : اللهم إني أعوذ بك أن أبغض عليا أو يبغضني ، أو أقاتل عليا أو يقاتلني ، أو أعادي عليا أو يعاديني.

فضائل أمير المؤمنين عليه السلام على لسان سعد
  إن عليا كانت له خصال لم تكن لأحد من الناس مثلها:
  إنه صاحب براءة حين قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (إنه لا يبلغ عني إلا رجل مني).
  وقال صلى الله عليه وآله له يوم غزاة تبوك : (أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير النبوة، فإنه لا نبي بعدي).
  وأمر صلى الله عليه وآله بسد كل باب شارع إلى المسجد غير بابه، فجهد عمر أن يرخص له في كوة صغيرة قدر عينه فأبى ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله، وقال عند ذلك حمزة والعباس وجعفر :
  (سددت أبوابنا وتركت باب علي ) ؟ فقال صلى الله عليه وآله: (ما أنا سددتها ولا فتحت بابه ، ولكن الله سدها وفتح بابه).
  وآخى رسول الله صلى الله عليه وآله بين كل رجلين من أصحابه، فقال عليه السلام له : آخيت بين كل رجلين من أصحابك وتركتني ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (أنت أخي وأنا أخوك في الدنيا والآخرة).

---------------------------
(1) (ج) خ ل: الأخنس، بمعنى المتأخر والمتنحي.

كتاب سليم بن قيس الهلالي _ 410 _

غزوة خيبر على لسان سعد
  وقال في يوم خيبر حين انهزم أبو بكر وعمر فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال : (ما بال أقوام يلقون المشركين ثم يفرون ؟ لأدفعن الراية غدا إلى رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، ليس بجبان ولا فرار ولا يرجع حتى يفتح الله على يديه خيبرا).
  فلما أصبحنا اجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وأريت رسول الله وجهي (1) فقال : (أين أخي، ادعوا لي عليا)، فأتوه به ، فإذا هو رمد يقاد من رمده وعليه إزار وغبار الدقيق عليه وكان يطحن لأهله ، فأمره رسول الله صلى الله عليه وآله فوضع رأسه في حجره وتفل في عينيه.
  ثم عقد له ودعا له ، فما انثنى حتى فتح الله له وأتاه بصفية بنت حيي بن أخطب، فأعتقها النبي صلى الله عليه وآله ثم تزوجها وجعل عتقها صداقها

واقعة الغدير على لسان سعد
  وأعظم من ذلك ـ يا أخا بني هلال (2) ـ يوم غدير خم ، أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيده ـ وأنا أنظر إليه ـ رافعا عضديه فقال : (ألست أولى بكم من أنفسكم ) ؟ فقالوا :
  بلى ، قال : (فمن كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، ليبلغ الشاهد الغائب).

محاولة سعد بن أبي وقاص تبرير نفاقه
  قال سليم : وأقبل علي سعد فقال : إنما شككت ولست بقاتل نفسي إن كان سبقني إلى فضل غبت عنه إني لم أزعم أني مخطئ ولا مسئ ، بل هو على الحق .

---------------------------
(1) قائل هذا الكلام سعد بن أبي وقاص.
(2) المخاطب به سليم بن قيس الهلالي.

كتاب سليم بن قيس الهلالي _ 411 _


(56) المهاجرون والأنصار لم يواجهوا عليا عليه السلام في حروبه

  قال : وذكر سليم : أنه لم يكن مع طلحة والزبير رجل واحد من المهاجرين والأنصار ، ولا مع معاوية رجل من المهاجرين والأنصار ، ولا مع الخوارج يوم النهروان أحد من المهاجرين والأنصار.

سعد يخبر عن رئيس الخوارج
  قال: وسمعت سعدا وذكر المخدج، قال : فقال علي عليه السلام : قتل شيطان الوهدة، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : (أمه أمة لبني سليم وأبوه شيطان)!

كتاب سليم بن قيس الهلالي _ 412 _

(57) ندامة الثلاثة المتخلفين عن علي عليه السلام

  قال سليم بن قيس : وجلست يوما إلى محمد بن مسلمة وسعد بن مالك وعبد الله بن عمر (1) ، فسمعتهم يقولون: لقد تخوفنا أن نكون قد هلكنا بتخلفنا عن نصرة علي وعن قتالنا معه الفئة الباغية.
  فقلت : اللهم إني قد سمعت عليا عليه السلام يقول : (أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين).
  قال : فبكوا ، ثم قالوا : صدق علي عليه السلام وبر ، ما قال على الله ولا على رسوله قط إلا الحق، فنستغفر الله من تخلفنا عنه وخذلاننا إياه.

---------------------------
(1) هؤلاء الثلاثة هم الذين تخلفوا عن بيعة أمير المؤمنين عليه السلام والمسير معه إلى القتال، روى نصر بن مزاحم في كتاب صفين : ص 65 عن خفاف بن عبد الله قال : ثم تهيأ علي عليه السلام للمسير إلى البصرة وخف معه المهاجرون والأنصار، وكره القتال معه ثلاثة نفر : سعد بن مالك (وهو ابن أبي وقاص) وعبد الله بن عمر ومحمد بن مسلمة ، وروى ابن أبي الحديد أن محمد بن مسلمة كان معهم (يوم بيعة أبي بكر) وأنه هو الذي كسر سيف الزبير ، راجع البحار: ج 8 طبع قديم ص 59.

كتاب سليم بن قيس الهلالي _ 413 _

(58) احتجاجات أبان على الحسن البصري

التبرك بتراب أقدام أمير المؤمنين عليه السلام
  سليم بن قيس ، قال : سمعت سلمان يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام:
  (لولا أن تقول طوائف من أمتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك مقالة تتبع أمتي آثار قدميك في التراب فيقبلونه). (1)

فضائل أمير المؤمنين عليه السلام على لسان الحسن البصري
  قال أبان: فحدثت الحسن بن أبي الحسن ـ وهو في بيت أبي خليفة (2) ـ بهذا الحديث عن سليم عن سلمان، فقال الحسن : (والله لقد سمعت في علي حديثين ما حدثت بهما

---------------------------
(1) ورد هذا الحديث في (ج) خ ل هكذا : سليم قال : سمعت سلمان يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلي عليه السلام : (لولا أن تقول أمتي فيك ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك مقالة تتبع أمتي آثار قدميك في التراب فيقبلونه) ، روي في البحار: ج 68 ص 137 بإسناده عن جابر قال : لما قدم علي عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله بفتح خيبر قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (لولا أن يقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى للمسيح عيسى بن مريم لقلت اليوم فيك مقالا لا تمر بملأ إلا أخذوا التراب من تحت رجليك ومن فضل طهورك يستشفون به ...)، وقد قال صلى الله عليه وآله مثل ذلك بشأن علي عليه السلام في غزوة ذات السلاسل كما في البحار : ج 21 ص 79.
(2) أبو خليفة الحجاج بن أبي عتاب الديلمي العبدي البصري هو الذي آوى إليه عدد ممن هرب من ظلم الحجاج الثقفي.