صفات اللّه جل جلاله
ـ 19 ـ
إثبات الوجه لله :
باب ذكر صورة ربنا جل و علا .
باب ذكر إثبات العين لله جل و علا .
باب إثبات السماع و الرؤية لله جل و علا .
باب إثبات اليد للخالق البارىء جل و علا .
باب ذكر إثبات الرجل لله عز و جل .
باب ذكر البيان أن الله عز و جل ينضر إليه جميع المؤمنين .
باب ذكر البيان أن جميع المؤمنين يرون الله يوم القيامة مخليا به .
و ألف الإمام الحافظ عثمان بن سعيد الدارمي ( ت : 280 هـ ) كتاب : الرد على الجهمية ، و من أبوابه :
صفات اللّه جل جلاله
ـ 20 ـ
باب استواء الرب على العرش و ارتفاعه إلى السماء و بينونته من الخلق .
باب النزول ليلة النصف من شعبان .
باب النزول يوم عرفة .
باب نزول الرب يوم القيامة للحساب .
باب نزول الله لأهل الجنة .
باب الرؤية
(1) .
**************************************************************
(1) سنن الترمذي ، كتاب صفة الجنة ، باب رؤية الرب 10/18 ـ 19 .
صفات اللّه جل جلاله
ـ 21 ـ
و ألف الذهبي كتاب (العلو العال للعلي الغفار)
(1) أورد فيه الآيات و الأحاديث التي يفهمون منها أن مكان الله في العلو المكاني ، ثم ذكر أقوال الصحابة و التابعين و العلماء و المحدثين في تأييد ذلك .
صفات الله عند مدرسة أهل البيت (ع) :
في المسلمين من درسنا آراءهم في صفات الله المذكورة استنادا لروايات أبي هريرة ، و غيره و قد أجاب أئمة أهل البيت (ع) في الرد على مثل هذه الشبهات الناتجة عن انتقال بعض الأفكار التوراتية و التمسك بظاهر القرآن و حمله على معانيه اللغوية ، و فيما يلي دراسة تلك الروايات علي ضوء هدي أهل البيت (عليهم السلام) :
**************************************************************
(1) سنن ابن ماجة ، كتاب الزهد ، باب صفة أهل الجنة ، ح 4336 ، ص 1451 ـ 1452 و سنن الترمذي ، أبواب صفة الجنة ، باب ما جاء في سوق الجنة 10 / 16 ـ 17 .
صفات اللّه جل جلاله
ـ 22 ـ
1 ـ خلق آدم على صورته :
و قد كشف أهل البيت حقيقة روايات أبي هريرة في أن الله خلق آدم على صورته :
عن الحسين بن خالد قال قلت للرضا (ع) يا ابن رسول الله (ص) إن الناس يروون أن رسو الله (ص) قال إن الله خلق آدم على صورته ، فقال : قاتلهم الله لقد حذفوا أولالحديث أن رسول الله (ص) مر برجلين يتسابان فسمع أحدهما يقول لصاحبه قبح الله وجهك و وجه من يشبههك فقال : يا عبد الله لا تقل هذا لأخيك فإن الله عز و جل خلق آدم على صورته
(1) .
**************************************************************
(1) هو الحافظ الكبير إمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة (ت : 311 هـ) استاذ البخاري و مسلم في الحديث ، طبع الكتاب سنة 1378 هـ ، نشر مكتبة الكليات الأزهرية بميدان الأزهر في القاهرة ، راجع ترجمة المؤلف في مقدمة الكتاب .
صفات اللّه جل جلاله
ـ 23 ـ
و في رواية اخرى قريبة من الأولى : عن أبي الورد بن ثمامة عن علي (ع) قال : سمع النبي (ص) رجلا يقول لرجل قبح الله وجهك و وجه من يشبهك ، فقال (ص) : مه لا تقل هذا فإن الله عز و جل خلق آدم على صورته
(1) .
عن بعض أصحابنا قال : كتبت الى أبي الحسن (ع) أسأله عن الجسم و الصورة فكتب سبحان من ليس كمثله شيء لا جسم و صورة
(2) .
و عند دراسة الحديث يتضح ما يلي :
**************************************************************
(1) ط ، ليدن ، سنة 1960 م .
(2) الإمام الحافظ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي (ت : 748 هـ) ، نشر المكتبة السلفية في المدينة المنورة ، باب الرحمة ، ط ، الثانية ، (سنة 1388 هـ) .
صفات اللّه جل جلاله
ـ 24 ـ
أولا : حذف بداية الحديث :
حذفت من رواية أبي هريرة بداية حديث الرسول و هي ( رأى النبي (ص) رجلان يتخاصمان يتنازعان و يسب أحدهما الآخر قبح الله وجهك و وجه من يشبهك فقال : لا تقل هذا لأخيك ) .
حذفت بداية الحديث الهامة و لم يتبق منها سوى آخر الخبر و هو ( أن الله خلق آدم على صورته ) ، و بهذا الحذف يتوهم أن الضمير في كلمة ( صورته ) يعود الى الله و يتصور السامع أن الرسول (ص) قال : ( إن الله خلق آدم على صورته ، أي صورة الله ) .
ثانيا : إضافتان في حديث أبي هريرة :
الأولى : جاء في بداية الحديث الثاني للرسول ( أيما رجل تشاجر مع أخيه فليتجنب ضربه على وجهه ) ، و قد تكون هذه العبارة تحريفا آخر لذلك الجزء من الرواية التي أشرنا الى حذفها .
صفات اللّه جل جلاله
ـ 25 ـ
الثانية : في نهاية الرواية الأولى عن الرسول (ص) ذكر أبو هريرة أن الرسول (ص) قال : ( إن الله خلق آدم بطول ستين ذراعا ) ، و هذا الكلام لا ينطبق و نتائج الأبحاث العلمية العصرية .
و يلاحظ على هذا الجزء من حديث أبي هريرة أنه متأثر بالأساطير التوراتية عن بداية الخلق ، تلك الأساطير التي كان أبو هريرة متشبعا بها .
و استنادا لما ذكرنا من حذف أبي هريرة لجزء من حديث الرسول (ص) و جعله يتلائم و ما جاء في التوراة بل و إضافة للحديث أساطير من عنده لتتطابق مع أساطير التوراة حول بداية الخلق ، و يمكن القول أن روايتي أبي هريرة هي من جملة ما تغلغل من الإسرائيليات الى ثقافة المسلمين .
و بما أن هذا الحديث مروي عن صحابي شهير كأبي هريرة فإن أتباع مدرسة الخلفاء قد تمسكوا به فتصوروا أن لله شكلا و أعضاء مثل الإنسان و لذلك في كل مكان من القرآن جاء به لفظ ( وجه ) مضاف إلى الباري تعالى مثل ( وجه ربك ) فإنهم يفسرون معنى الوجه بالمعنى اللغوي الذي هو عضو من جسم الإنسان و الحيوان .
صفات اللّه جل جلاله
ـ 26 ـ
2 ـ يد الله :
و جاء في الروايات الواردة عن أهل البيت (ع) حول تفسير ما المراد من يد الله :
عن محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر (ع) فقلت قوله عز و جل يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي فقال اليد في كلام العرب القوة و النعمة ، قال : و اذكر عبدنا داود ذا الأيد ، و قال : و الماء بنيناها بأيد ، أي بقوة ، و قال : و أيدهم بروح منه ، أي قواهم ، و يقال لفلان عندي أيادي كثير أي فواضل و إحسان و له عندي يد بيضاء أي نعمة
(1) .
و عن محمد بن عبيدة قال : سألت الرضا (ع) عن قول الله عز و جل لإبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت ، قال : يعني بقدرتي و قوتي
(2) .
**************************************************************
(1) كتاب توحيد الصدوق طبع طهران 1387 هـ ق ص 153 ، و بحار الأنوار كتاب التوحيد با 2 ، 14 / 11 .
(2) توحيد الصدوق ص 152 ، وبحار الأنوار 14/ 12 .
صفات اللّه جل جلاله
ـ 27 ـ
و عن محمد بن عيسى بن عبيد قال سألت أبا الحسن علي بن محمد العسكري عن قوله تعالى و الأرض جميعا قبضته يوم القيامة و السموات مطويات بيمينه ، فقال ذلك تعبير الله تبارك و تعالى لمن شبهه بخلقه ألا ترى أنه قال و ما قدروا الله حق قدره ، و معناه إذ قالوا إن الأرض جميعا قبضته يوم القيامة و السموات مطويات بيمينه كما قال عز و جل و ما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء ، ثم نزه عز و جلعن القبضة و اليمين فقال : سبحان الله و تعالى عما يشركون
(1) .
و ما جاء عن أهل البيت يدركه كل ملم باللغة العربية لانه مطابق لاستعمالاتها و أدواتها التعبيرية .
يقول الراغب الأصفهاني في ( مفردات القرآن ) و علماء مصريين في ( معجم ألفاظ القرآن الكريم ) أن اليد تعني عضو البدن و قد استعملت في معاني اخر مثل الشيء تحت تصرف أحد ما يقال ( في يده ) و كذلك الأمر إذا كان الشيء في ملكه أو تحت أمره و اختياره.
**************************************************************
(1) توحيد الصدوق ص 102 ح 16 .
صفات اللّه جل جلاله
ـ 28 ـ
ثم يذكر هؤلاء العلماء المصريين تسعة معان مجازية لكلمة اليد ، منها ما جاء في الآيات الثلاثة السابقة و منها الآية الكريمة بيده ملكوت كل شيء ، التي تعني زمام أمر الوجود و الحكم خاضعين له و كذلك الحال في بيدك الخير ، أي إن الخير في إختيارك ، و يد الله مغلولةعند اليهود تعني يده التي هي عضو من بدنه مكبلة فلا يتمكن من الإنفاق ، و إن ( مبسوطة ) يعني يده مفتوحة و يمكنه الإنفاق و نظير الآية التي تخاطب النبي (ص) يدك مغلولة .
ما أعجب سلوك أتباع مدرسة الخلفاء فهؤلاء يفسرون اليد في الآية النازلة بشأن النبي (ص) و لا تجعل يدك مغلولة بالمعنى المجازي عبر به عن البخيل الذي لا يقدر من قبله على إخراج شيء من ماله
(1) .
لكنهم يفسرون اليد في الآية يد الله مغلولة بأنها عضو من أعضاء البدن ! ! فما هو سبب سوء الفهم هذا عند بعض علماء مدرسة الخلفاء .
**************************************************************
(1) توحيد الصدوق ص 153 ح 1 .