الملحق الثاني : كتاب المعارف لابن قتيبة وما لحقه من تحريف وتخريف :
استخذاء في تاريخه (1) ، وقد ذكر وقعة الجمل وختم بقوله :
( هذا أمر الجمل ملخص من كتاب أبي جعفر الطبري ، اعتمدناه للوثوق به ولسلامته من الأهواء الموجودة في كتب ابن قتيبة وغيره من المؤرخين ) .
وهذا كما هو تعريض صريح بابن قتيبة ، فهو تلويح إلى كتاب ( الإمامة والسياسة ) ، إذ لم يرد عند ابن قتيبة في بقية كتبه ما يثير حفيظة ابن خلدون وأضرابه كما ورد في كتاب ( الإمامة والسياسة ) .
ولئن تحاشى ابن خلدون التصريح باسمه وحشره مجملاً مهملاً في كتب ابن قتيبة وغيره من المؤرخين ، فإنّ ابن العربي المالكي ( ت 543 هـ ) تحامل صريحاً فذكر ابن قتيبة ووصفه بالجاهل العاقل ( ؟ ) فقال في كتابه ( العواصم من القواصم ) (2) :
( ومن أشد شيء على الناس جاهل عاقل ، أو مبتدع محتال ، فأمّا الجاهل فهو ابن قتيبة ، فلم يبق ولم يذر للصحابة رسماً في كتاب ( الإمامة والسياسة ) إن صح جميع ما فيه ...) ونحن حسبنا تصريحه بصحة نسبة كتاب ( الإمامة والسياسة ) إلى ابن قتيبة ، فلنا شهادته بصحة النسبة ، وله رأيه في جميع ما فيه .
وكذلك كان ابن حجر الهيتمي في كتابه تطهير الجنان واللسان (3) ، فقد نعى على ابن قتيبة ذكر ما شجر بين الصحابة فقال :
( وقد علمت مما قدّمته في معنى الإمساك عن ذلك ، أنّ عدم الإمساك امّا أن يكون واجباً لا سيما مع ولوع العوام به ، ومع تآليف صدرت من بعض المحدّثين كابن قتيبة مع جلالته القاضية بانّه كان ينبغي له أن لا يذكر تلك الظواهر ، فإن أبى إلاّ ذكرها فليبيّن جريانها على قواعد أهل السنّة ، حتى لا يتمسك مبتدع أو جاهل بها ...) .
---------------------------
(1) تاريخ ابن خلدون 2 : 1090 .
(2) العواصم من القواصم : 248 .
(3) تطهير الجنان واللسان : 43 .
المحسن السبط مولود أم سقط _ 577 _
وقد علّق محقق الكتاب على ذلك بقوله في هامش صفحة / 44 ، فذكر قول ابن العربي في العواصم ـ وقد مر نقله ـ ثم قال : وكالمبرّد في كتابه الأدبي ، وأينَ عَقلُهُ من عقل ثعلب الإمام المتقدم في أماليه ، فانّه ساقها بطريقة أدبية سالمة من الطعن على أفاضل الأمة ، وأما المبتدع فالمسعودي فإنّه يأتي منه متاخمة الالحاد فيما روى من ذلك ، إمّا البدعة فلا شك فيه ، هذا وقد ذكر العلماء ان الإمامة والسياسة ليست لابن قتيبة ، لأنّه يروي فيه عن عالمين كبيرين في مصر ولم يدخلها ولم يأخذ عنهما ، والمعروف عن المبرّد ينزع إلى رأي الخوارج ، وأمّا المسعودي فهو من كبار الشيعة وله في نحلتهم مؤلفات .
أقول : ليت المحقق صرح لنا بأسماء العلماء الذين ذكروا انّ الإمامة والسياسة ليس لابن قتيبة ، لننظر في مدى صحة آرائهم وحججهم ، لكنه هو الآخر فيما يبدو لي تأثر بتشكيك المستشرقين ، وستأتي مناقشتهم فيما ذكروه حول الكتاب .
وقد كان الأولى به أن ينهج نهج العلاّمة الشيخ محمد زاهد الكوثري في انصاف ابن قتيبة ، حيث قال في مقدمة كتاب ( الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية والمشبّهة ) لابن قتيبة (1) ، وهو يذكر أهمية الكتاب للمتأدب والمتكلم والمفيد ...
فقال : ( وأمّا المتكلم الذي يرى ابن قتيبة هجّاءً ولوجاً فيما لا يحسنه ، كرّاميّاً مشبّهاً غير متثبت في نقل ما شجر بين الصحابة ، منحرفاً عن أهل بيت النبوة ( رضي الله عنهم ) ، نظر إلى كتاب الإمامة والسياسة المعزوّ إليه من قديم الدهر إلى غير ذلك مما هو مثبوت في كتب خاصة يلفيه قد رجع إلى الصواب في كثير من تلك المسائل ، ولطّف لهجته في جملة منها ) .
---------------------------
(1) مقدمة الكتاب .
المحسن السبط مولود أم سقط _ 578 _
ولم يكن الشيخ الكوثري الوحيد في تقويمه الصحيح ، ونقده الهادئ ، وإلى القارئ جملة من أقوال آخرين من الكتّاب المحدثين لم يبتعدوا كثيراً عن نهج الكوثري .
1 ـ قال عبد الكريم الخطيب في كتابه ( علي بن أبي طالب بقية النبوة وخاتم الخلافة ) (1) : اهتم ابن قتيبة في كتابه ( الإمامة والسياسة ) اهتماماً خاصاً بالفتنة التي كانت في أخريات خلافة عثمان ، ثم ما تلاها في خلافة علي ، وما وقع من حروب كوقعة الجمل وصفين والنهروان وغيرها ، وهو ينقل كثيراً ممن سبقوه كابن إسحاق وابن سعد وغيرهما .
وقد أورد معظم أخباره غير مسندة ، مخالفاً بذلك السَنن الذي كان متبعاً عند رواة السير والأخبار ممن سبقوه أو عاصروه ، إذ غلب عليهم المنهج الذي كانوا يتبعونه في رواية الأحاديث النبوية ، وكان كثير منهم محدّثاً قبل أن يكون مؤرخاً .
واكتفى ابن قتيبة بأن يصدّر أخباره بنسبتها تلك النسبة المجهّلة العامة ، فيقول : ذكروا ، أو قالوا ، أو حدّثوا ، أو رووا ، ولعلّه لم يكن ذلك من ابن قتيبة عن رغبة في الاختصار ، بقدر ما هو شعور بأنّ هذه الأخبار التي تروي أحداث هذه الفترة ، ليست على الصحة والسلامة التي يُطمأن إليها ويوثق بها .
وإذن فليس ثمة داعية لربطها هذا الربط المحكم ، وشدّها ذلك الشدّ الوثيق بسلسلة موصولة الحلقات بأهل الثقة من الصحابة والتابعين وغيرهم ، وانّه لأقرب إلى طبيعتها والأشبه بحالها أن ترسل هكذا إرسال ، لا تحمل على أحد ، ولا تضاف إلى أحد ، وبهذا يمكن أن يسوّى حسابها ، ونقدّر قيمتها ، في ذاتها ولذاتها دون نظر إلى شيء آخر وراء ما يحمل جوهرها من صدق أو كذب .
---------------------------
(1) علي بن أبي طالب بقية النبوة : 41 .
المحسن السبط مولود أم سقط _ 579 _
2 ـ الدكتور طه محمد الزيني الاستاذ بالأزهر ، فقد تولّى تحقيق كتاب ( الإمامة والسياسة ) ونشرت الكتاب مؤسسة الحلبي وشركاه للنشر والتوزيع ، ونأى عن الخوض في مسألة صحة نسبة الكتاب إلى ابن قتيبة أو عدمه ، بل قال في مقدمته : ( وبعد فإنّ كتاب الإمامة والسياسة للعالم الفاضل المؤرخ العظيم عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري من أشهر الكتب تداولاً بين قراء العربية ...) فهذا المحقق يبدو جازماً بصحة النسبة .
3 ـ وأمّا علي شيري فهو أيضاً حقق الكتاب ، وطبعته دار الأضواء في بيروت ، غير انّه ذكر في مقدمته ما اُثير حول الكتاب من شك في نسبته إلى ابن قتيبة ، فقال في ص 8 :
وقد ظهر مؤخراً عدم اتفاق على اسم مؤلّف هذا الكتاب ، بعد ان شكّك كثير من العلماء في نسبته إلى ابن قتيبة ، وحيث انّ بعضهم استبعد انتسابه إليه ، وكان أول من تزعّم التشكيك بنسبته إلى ابن قتيبة المستشرق غاينفوس المجريطي ، ثم تبعه الدكتور دوزي في صدر كتابه تاريخ الأندلس وآدابه ، ويشير د ، بيضون في صدر كتابه المتقدم ( الحجاز والدولة الإسلامية ) وأيضاً السيد أحمد صقر في مقدمته لكتاب تأويل مشكل القرآن المطبوع بالقاهرة سنة 1973م حيث يقول : وقد نسب إلى ابن قتيبة كتاب مشهور شهرة بطلان نسبته إليه ، وهو كتاب الإمامة والسياسة ... ثم قال علي شيري :
ومهما يكن من أمر فقد بقي كتاب ( الإمامة والسياسة ) محافظاً على قيمته كأحد أبرز المصادر ، بما تضمن من نصوص يكاد ينفرد بها عن غيره . ثم قال : ونبقى مترددين باتخاذ موقف حاسم من هذه القضية المطروحة .
أقول : وعلى خلاف هؤلاء جمهرة من قدماء ومحدثين ، ذهبوا إلى صحة نسبة كتاب ( الإمامة والسياسة ) إلى مؤلّفه ابن قتيبة منهم :
المحسن السبط مولود أم سقط _ 580 _
1 ـ الحجّاج بن يوسف بن محمد البلوي ( ت 604 هـ ) في كتابه ألف باء (1) قال : ذكر ابن قتيبة في الإمامة والسياسة : أنه لما قدم على الحجاج سعيد بن جبير ، قال له : ما اسمك ؟ قال : أنا سعيد بن جبير ، فقال الحجاج : أنت شقي بن كُسير ، قال سعيد : أمي أعلم باسمي .
2 ـ القاضي ابن الشباط ( ت 681 هـ ) نقل عنه في كتابه ( حلة السمط وسمة المرط ) في الفصل الثاني من الباب الرابع والثلاثين ، وهو كتاب في الأدب والتاريخ في أربعة أجزاء كبار (2) .
3 ـ تقي الدين الفاسي المكي ( ت 832 هـ ) في كتابه العقد الثمين في أخبار البلد الأمين (3) ، وفي كتابه الآخر شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام (4) .
4 ـ عمر بن فهد المكي ( ت 885 هـ ) في كتابه اتحاف الورى بأخبار أم القرى في ذكر وقائع سنة/ 93 ، نقل عنه في ذكر كيفية القبض على سعيد بن جبير .
5 ـ ابن السابق عز الدين عبد العزيز بن عمر بن فهد ( ت 921 هـ ) أخذ عنه في كتابه غاية المرام بأخبار سلطنة البلد الحرام .
6 ـ محمد محبوب عالم ، أخذ عنه في تفسيره المعروف بتفسير شاهي .
إلى غير هؤلاء .
وأمّا من المحدثين فهم كثيرون ، منهم :
1 ـ محمد فريد وجدي في كتابه ( دائرة معارف القرن العشرين ) ذكر في ( خلف ) فنقل عن كتاب ( الإمامة والسياسة ) خطبة أبي بكر في السقيفة فقال : نقول :
---------------------------
(1) كتاب ألف باء : 478 .
(2) راجع مقدمة كتاب المعارف : 56 ، لثروت عكاشة ، وبشأن ابن الشباط وكتابه راجع معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 11 : 57 .
(3) العقد الثمين 7 : 195 .
(4) شفاء الغرام : 171 .
المحسن السبط مولود أم سقط _ 581 _
يرى المتأمل في خطبة أبي بكر أنه لم يشر إلى حديث الخلافة في قريش ، مع أنه كان أمضى سلاح له في ذلك اليوم الصعب ، الأمر الذي يجعلنا نشك في صحته ، وان الكتاب الذي نقل منه هذه الخطبة هو من أقدم الكتب وأوثقها في مسائل الخلافة الإسلامية ، وذكر في (1) ( خلف ) قال : أورد العلاّمة الدينوري في كتابه الإمامة والسياسة . (2) ، وقال : كتاب الإمامة والسياسة لأبي محمد عبد الله بن مسلم الدينوري ( ت 270 هـ ) ، راجع عنه ما نقله عنه في يزيد ( زيد ) (3) .
2 ـ جرجي زيدان في كتابه ( تاريخ آداب اللغة العربية ) (4) ، فقال : ( الإمامة والسياسة ) هو تاريخ الخلافة وشروطها بالنظر إلى طلابها من وفاة النبي إلى عهد الأمين والمأمون ، طبع بمصر سنة 1900 ، ومنه نسخ خطية في مكتبات باريس ولندن .
3 ـ الدكتور أحمد شلبي (5) في كتابه ( التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية ) الطبعة الخامسة ، نقل عنه كثيراً وذكره في قائمة مصادره (6) ، وذكره بين كتابيه عيون الأخبار والمعارف .
4 ـ الدكتور حسن إبراهيم حسن (7) في كتابه ( تاريخ الإسلام السياسي والديني والثقافي والإجتماعي ) نقل عنه ط القاهرة سنة 1322 كما في ضمن قائمة المصادر ، وذكر كتابه الآخر كتاب المعارف ط 1353 هـ ، 1934 م .
---------------------------
(1) دائرة معارف القرن العشرين 2 : 312 .
(2) المصدر نفسه 2 : 745 .
(3) المصدر نفسه 2 : 749 .
(4) تاريخ آداب اللغة العربية 2 : 171 .
(5) دكتوراه في الفلسفة من جامعة كمبرديج ، استاذ مساعد في التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة .
(6) التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية 1 : 392 .
(7) مدير جامعة محمد علي ، واستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة فؤاد الأول ( سابقاً ) .
المحسن السبط مولود أم سقط _ 582 _
5 ـ البحاثة عمر رضا كحالة في كتابه أعلام النساء (1) بهامش ترجمة الزهراء ( عليها السلام ) .
6 ـ الدكتور أحمد محمود صبحي (2) في كتابه ( نظرية الإمامة لدى الشيعة الاثنى عشرية ) ط دار المعارف بمصر سنة 1969 م .
7 ـ الاستاذ محمود المرداوي في كتابه ( الخلافة بين التنظير والتطبيق ) دراسات في الفقه السياسي .
8 ـ علي جلال الحسيني في كتابه ( الحسين ) ط السلفية سنة 1349 بالقاهرة ، نقل مكرراً (3) .
9 ـ أحمد زكي صفوت في كتابه ( جمهرة خطب العرب ) و ( جمهرة رسائل العرب ) كما في قائمة المصادر فيهما .
10 ـ الاستاذ حسين محمد يوسف في كتابه ( سيد الشهداء ) وقد تعرض لاكراه الصحابة على بيعة يزيد نقل في ص 503 وقال في الهامش : الإمامة والسياسة للإمام أبي عبد الله محمد بن .
وقد انتقده القاضي أبو بكر بن العربي نقداً مراً .
أقول : فمن يجد أمثال من ذكرنا من شيوخ العلم من المتقدمين ، وأساتذة مرموقين من المحدثين ، جميعاً يؤمنون بصحة نسبة كتاب ( الإمامة والسياسة ) إلى ابن قتيبة ، كيف يطمئن إلى صحة ما قاله المستشرقون ، على انّ من المحدثين سوى من ذكرت من عدّ الكتاب مطمئناً بصحة نسبته إلى ابن قتيبة ، كالدكتور مصطفى الشكعة في كتابه ( مناهج التأليف عند العلماء العرب ) قسم الأدب ، فقد ذكر في
---------------------------
(1) أعلام النساء 4 : 114 / 116 .
(2) مدرس الفلسفة بكلية الآداب جامعة الاسكندرية .
(3) راجع كتاب الحسين 1 : 75 ، 82 ، 173 ، 304 ، و 2 : 6 ، 93 .
المحسن السبط مولود أم سقط _ 583 _
كتاب الإمامة والسياسة (1) لابن قتيبة في عداد الكتب التي وصلت الينا من مؤلفاته برقم 7 من قائمة كتبه المذكورة ، وهي 14 كتاباً .
وخلّ عنك ما تكرر من طبعاته بمصر وحدها قديماً ، وكتب على بعض الطبعات ما يشعر بالتوثيق ، نحو ما كتب على ظهر طبعة 1322 بمطبعة النيل بتصحيح محمد محمود الرافعي .
وعلى ظهر طبعة أخرى بمصر غير مؤرخة باسم تاريخ الخلفاء الراشدين ودولة بني أمية المعروف بالإمامة والسياسة ، وقفت على طبعه جماعة من أدباء العصر .
وعلى ظهر ثالثة طبعت بمصر سنة 1328 بمطبعة الأمة بدرب شغلان جهة الدرب الأحمر بمصر : كتاب الإمامة والسياسة تأليف الإمام الفقيه أبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة المتوفى سنة 270 هـ ـ ( رحمه الله ) .
إلى غير ذلك من طبعاته الأخرى وكلها بمصر ، ولا يتّهم الطابعون والناشرون جميعاً في دينهم إذ يطبعون كتاباً ليس لابن قتيبة باسمه ، مهما افترضنا فيهم مطامع الربح التجاري .
وأمّا ما جاء في النقطة الثانية ، فهو إشارة إلى ما ورد في الإمامة والسياسة (2) ، قال : وحدثتني مولاة لعبد الله بن موسى ـ وكانت من أهل الصدق والصلاح ـ أنّ موسى حاصر حصنها الذي كانت من أهله .
فتأكيد صاحب الكتاب على توثيق المرأة التي حدثته ، ووصفها بأنّها من أهل الصدق والصلاح ، يشير إلى ان صاحب الكتاب كان منتبهاً إلى أنّ ثمة استغراباً في قبول الرواية عند قرائها ، لبعد الزمان بين فتح الأندلس الذي هو قبل ولادة ابن قتيبة بنحو مائة وعشرين سنة ، لذلك أكّد على توثيق محدثته ، وهذا لم يكن منه مع أيّ
---------------------------
(1) الإمامة والسياسة : 184 .
(2) المصدر نفسه 2 : 75 .
المحسن السبط مولود أم سقط _ 584 _
من الرواة الذين أخذ عنهم ، على انّه ليس في قبول الرواية أيّ استحالة عقلية ، فلو افترضنا أنّ المحدثة كانت من المعمّرين ، وكانت سنّها يوم حدثت في حدود المائة والثلاثين ، فيكون عمرها عند الفتح في حدود السادسة ، وعمر السامع منها في حدود العاشرة ، وكلاهما يكون في سنّ التمييز ، فلا بُعد في ذلك ، فلماذا نستبعده لمجرد كونه نادر الوقوع ، هذا إذا قلنا انّ قائل : ( حدثتني ) هو ابن قتيبة ، أمّا إذا كان القائل هو الراوي للحديث المتقدم عليه وهو جعفر بن الأشتر فلا إشكال .
وأمّا النقطة الثالثة : وفيها خلط المؤلف في المغايرة بين أبي العباس وبين السفاح وجعلهما اثنين ، فهذا نحوٌ من التهويش والتشويش ، ومن يقرأ النص الوارد في الكتاب لا يجد لتلك التهمة أيّ وجه مقبول ، وإلى القارئ النص كما هو في الكتاب :
لقد جاء فيه (1) : ( قتل رجال بني أمية في الشام ) وذكروا انّ أبا العباس ولى عمه عبد الله عن علي الذي يقال له السفاح ، وأمره أن يسكن فلسطين ...فقد سكن السفاح فلسطين ...( وهكذا تكرر اسم السفاح والمراد به عبد الله بن علي عم أبي العباس ) إلى أن قال في آخر الكلام : ( ثم كتب ـ أبو العباس ـ إلى عمه السفاح ألاّ يقتل أحداً من بني أمية حتى يُعلم به أمير المؤمنين ، فكان هذا أول ما نقم به أبو العباس على عمه السفاح ) .
ومن يقرأ هذا النص يعرف انّ المؤلف لم يخلط ، ولم يخبط في المغايرة بين أبي العباس وبين عمه السفاح ، وانّما الخبط والخلط ممن ظن الاتحاد حيث كان لقب أبي العباس السفاح أيضاً فتخيل خبط المؤلف ، وليس كذلك ، بل إنّ عبد الله بن علي عم أبي العباس أيضاً لقّب بالسفاح لكثرة من قتل من الخلق ، وليس اللقب مختصاً بأبي العباس وإن كان هو قد اشتهر به ، ومن راجع كتب الأنساب والألقاب
---------------------------
(1) المصدر نفسه 2 : 136 .
المحسن السبط مولود أم سقط _ 585 _
يجد غيرهما من لقّب بالسفاح ، فقد ورد في جمهرة أنساب العرب لابن حزم (1) ، انّ مسلمة بن خالد بن كعب بن القنفذ كان يلقب بالسفاح .
وأما انكار أن يكون للمهدي وَلَدٌ اسمه ( عبد الله ) فهو قول بغير علم ، فانّ أبناء المهدي ـ كما ذكرهم ابن حزم في الجمهرة (2) ـ هم :
موسى الهادي ، وهارون الرشيد أمهما الخيزران اُم ولد ، وعبد الله شقيقهما ، وعلي وعبيد الله اُمهما ريطة بنت أبي العباس السفاح ، وإبراهيم ابن عليّة ، ومنصور عمّر حتى أدرك المتوكل ، وإسحاق ويعقوب وبنات ، منهنّ عليّة الشاعرة ومنهنّ العباسة . فراجع .
وأما النقطة الرابعة : فربّما يتخيل لها وجه من الصحة ، لكن إذا عرفنا ان ابن قتيبة عاش بعد عصر المأمون ـ وهو أزهى عصور الخلافة العباسية التي اتسعت رقعة حكمها وكثر منافسوها في المغرب ، وكانت أيدي الخلفاء العباسيين تطولهم منذ عهد الرشيد الذي لاحق إدريس الحسني جدّ الأدارسة ـ ففي مثل تلك الحال لا تبعد أخبار الأندلس عن ابن قتيبة ومعاصريه .
ولو أعملنا مقارنة بين ما ذكره ابن قتيبة ، وبين ما ذكره البلاذري في فتوح البلدان في موضوع فتح الأندلس ، لوجدنا المعلومات متقاربة جداً ، ولما كان الرجلان ـ ابن قتيبة والبلاذري ـ متعاصرين ، فبين وفاتيهما ثلاث سنين ، أمكننا تصحيح المعلومة في كتاب الإمامة والسياسة بنفس الميزان الذي نصحح به معلومة فتوح البلدان ، وليس من اختلاف بينهما سوى الإجمال والتفصيل في روايتهما .
وأمّا النقطة الخامسة : في انّه لم يرد في كتاب الإمامة والسياسة أبداً ذكر أحد ممن أخذ عنهم ابن قتيبة في سائر كتبه ، وهذا من زخرف القول وليس الأمر كذلك ، بل يجد الباحث انّه كما روى إجازة عن الجاحظ في كتاب عيون
---------------------------
(1) جمهرة أنساب العرب : 306 .
(2) المصدر نفسه : 32 .
المحسن السبط مولود أم سقط _ 586 _
الأخبار (1) روى أيضاً عنه في الإمامة والسياسة (2) في قتل جعفر بن يحيى البرمكي ، فقد قال : قال عمرو بن بحر الجاحظ .
وأمّا النقطة السادسة : فبانّ المؤلف مالكي الهوى والمذهب ، وابن قتيبة حنفي المذهب ، فَلَمْ يرد أيّ تصريح بذلك ، وكلّما جاء في الكتاب ذكر مالك وما كان منه ومعه من أبي جعفر المنصور ، وإذا كان ما ورد فيه من التبجيل يصح معه دعوى انّه مالكي الهوى ، لكن لا يعني ذلك انّه مالكي المذهب ، وأبعد من ذلك دعوى انّ ابن قتيبة كان حنفياً ، ولم يظهر في ذلك ما يدل عليه من كتب تراجم الأحناف ، فراجع .
وأمّا النقطة السابعة : فلم أقف على ما يدل على أنّ مؤلف كتاب الإمامة والسياسة كان بدمشق ، فليحقق .
وأمّا النقطة الثامنة : وهي رواية المؤلّف عن أبي يعلى محمد بن عبد الرحمن الأنصاري ( ت 146 هـ ) قبل ولادة ابن قتيبة بخمس وستين سنة ، فلقد تفحصت الكتاب مراراً فلم أقف فيه على روايته عن رجل بهذا الاسم ، وإنّما وجدت روايته عن ابن أبي يعلى النجيبي ، ولا يبعد أن يكون هو مراد الدكتور شاكر مصطفى الذي سماه خطأً بأبي يعلى محمد بن عبد الرحمن الأنصاري ( ت 146 هـ ) فإن كان هو مراده فيأبى عليه التغاير في الكنية أولاً ، والتغاير في النسبة ثانياً ، وليس في المقام ذكر اسمه ، فمن أين له تعيينه بأنّه محمد بن عبد الرحمن الأنصاري .
على انّ الدكتور ثروت عكاشة جعله ابن أبي ليلى قاضي الكوفة المتوفى سنة 148 ، وقال : انّه مات قبل مولد ابن قتيبة بخمس وستين سنة ، وهذا أيضاً من الرجم بالغيب بلا ريب ، فانّ القاضي المذكور ليس نجيباً ولا نجيبياً ، كما هو الوارد في نسبته في كتاب الإمامة والسياسة ، لأنّ ابن أبي يعلى القاضي وإن كان اسمه محمد بن عبد الرحمن إلاّ انّه ليس بأنصاري نسباً ، بل كان مولى الأنصار قتل أبوه مع ابن
الأشعث ، ومهما يكن فليس من حجة على انّه المذكور في كتاب الإمامة والسياسة باسم ابن أبي ليلى النجيبي .
وأمّا النقطة التاسعة : في انّه ورد في الكتاب ذكر ( مراكش ) وهذه مدينة بناها يوسف بن تاشفين ، وقد فحصت الكتاب فلم أقف على ذلك الاسم فيه ، فما أدري من أين جاؤوا به فكتبوه .
وأمّا النقطة العاشرة : في مغايرة أسلوب الكتاب للمألوف من أسلوب ابن قتيبة في بقية كتبه ، وهذه دعوى لم يأت عليها بشاهد من مقارنة بين الإسلوبين في عرض موضوع واحد ورد في الإمامة والسياسة كما ورد في أحد كتب ابن قتيبة الاُخرى ، وبينهما من التغاير ما يثبت ذلك .
وأخيراً مهما كانت تلك النقاط ذات دلالة على نفي النسبة إلى ابن قتيبة ، إلاّ انّه توجد في الكتاب إشارات ذات دلالة أيضاً على صحة نسبة الكتاب إلى ابن قتيبة ، فقد ورد في ثلاثة مواضع وهي :
1 ـ قال أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة ، راجع ص 3 في أول الكتاب .
2 ـ وقال عبد الله بن مسلم ، راجع ص 26 من الجزء الأول .
3 ـ وقال عبد الله بن مسلم ، راجع ص 73 من الجزء الأول .
موقف المستشرقين من الكتاب :
قلنا قريباً انّ المستشرق ( غاينفوس المجريطي ) هو أول من أعلن تشكيكه في نسبة الكتاب إلى ابن قتيبة ، وتبعه غيره ، منهم دوزي ، وقد لخّص مواقفهم من الكتاب الاستاذ محمد عبد الله عنان في كتابه دولة الإسلام في الأندلس من الفتح إلى بداية عهد الناصر (1) ، فقال :
وردت هذه التفاصيل في كتاب ( الإمامة والسياسة ) المنسوب إلى ابن قتيبة ، ومع انّ هذه النسبة يحيط بها كثير من الشك ، فانّ الكتاب يتضمن كثيراً من الأخبار والتفاصيل المفيدة عن رجالات الإسلام في عصر الخلفاء الراشدين والدولة الأموية .
---------------------------
(1) دولة الإسلام : 24 / الهامش رقم : 2 .
المحسن السبط مولود أم سقط _ 588 _
وقد اعتبره المستشرق الأسباني جاينجوس قديماً وصحيحاً ، وان كان يشك في نسبته لابن قتيبة لعدة أسباب وجيهة ، وانتفع به المستشرق الألماني قايل والمستشرق الايطالي أماري .
ويرى دوزي انّ الكتاب غير قديم وغير صحيح ، وانّه يحتوي أخطاء تاريخية وروايات خيالية غير معقولة ، وعلى ذلك فلا يمكن أن يكون ابن قتيبة صاحب هذا التصنيف الضعيف .
ويرى المستشرق هاماكر ويوافقه دوزي انّ هذا الكتاب وأمثاله من الكتب التاريخية الحماسية ( مثل الكتب التي نسبت للواقدي ) قد ألّفت أيام الحروب الصليبية ، لبثّ الحماس في نفوس المسلمين ، وتذكيرهم بمجد أسلافهم وبطولتهم الخارقة ، راجع دوزي ، انتهى كلام الاستاذ عنان .
أقول : ومع كل ما سبق من تشكيك ساقوه ، وخصوصاً ما قاله دوزي وهاماكر من انّه لبثّ الحماس الديني ، فلماذا اعتنى بطبع الكتاب غير واحد منهم ؟
فقد نشره المستشرق الألماني نولدكه في سنة 1886 م ، راجع كتاب المستشرقون لنجيب عقيقي (1) ، ونشره أيضاً المستشرق دي خويه في مجلة الدراسات الشرقية سنة 1907 (2) .
واعتنى المستشرق ريبيرا أي فواجو الأسباني بترجمة فتوح الأندلس لابن الفوطية ـ وكان قد نشره جاينجوس وسابيدرا ـ مع اضافات من كتاب الإمامة والسياسة ، وطبع في مدريد سنة 1921 م .
وللمستشرق بيريس بحث بعنوان كتاب الإمامة والسياسة في نظر ابن قتيبة نشره في المجلة الطرابلسية /1934 م إلى غير هؤلاء ، فإذا كان الكتاب من الكتب
---------------------------
(1) المستشرقون : 740 .
(2) المصدر نفسه : 666 .
المحسن السبط مولود أم سقط _ 589 _
التاريخية الحماسية لبثّ الحماس في نفوس المسلمين ... فنشره مكرراً خلاف مصلحة الصليبين ، فما بالهم يتهافتون على نشره وترجمته .
ثم إنّا نقول لهم ولكل مشكك ، بانّه مهما يمكن أن يقال ـ وقد قيل ـ في مناقشات النسبة ، سواء صحت أم لم تصح ، ومهما كان الحق في هذه المسألة التي ما زالت بين الأخذ والرد ، فانّ اعتماد روايات الكتاب ليس من الأهمية والخطر في التاريخ الإسلامي حتى يحتاج إلى بذل مزيد من الجهد للاستقصاء وقول الكلمة الفاصلة ، ما دام المذكور في الكتاب ليس بدعاً في التاريخ ، بل هناك تواريخ اُخرى تذكره على تفاوت في الاجمال والتفصيل .
وحسب المثبتين متابعة من سبقهم من أعلام المحدّثين والمؤرخين ممن أخذوا من الكتاب وصرحوا بنسبته إلى ابن قتيبة ، وقد مرّ بنا ان ابن الشبّاط ( ت 681 هـ ) نقل عنه ، وكذلك ابن فهد المكي ( ت 885 هـ ) نقل عنه في كتابه ( اتحاف الورى بأخبار اُم القرى ) ومثله ـ فيما أرى ـ ابن حجر الهيتمي المكي ( ت 974 هـ ) في كتابه ( تطهير الجنان واللسان ) المطبوع بهامش كتابه الصواعق المحرقة حيث قال (1) :
( ومع تآليف صدرت من بعض المحدّثين كابن قتيبة مع جلالته القاضية بانّه كان ينبغي له أن لا يذكر تلك الظواهر ، فان أبى إلاّ ذكرها ، فليبيّن جريانها على قواعد أهل السنّة حتى لا يتمسّك مبتدع أو جاهل بها ) .
وهذا القول من ابن حجر يريد به ما ذكره ابن قتيبة في كتاب ( الإمامة والسياسة ) بدون شك أو ريب ، لانّه قد ذكر فيه ما شجر بين الصحابة ، وهذا ما غاض ابن حجر ، إذ ليس في باقي كتب ابن قتيبة ما يشير إليه ابن حجر .
إذن فالكتاب يعرفه لمؤلفه ابن قتيبة غير واحد من قدامى ومحدثين ، وقد مرّت أسماء بعضهم قبل هذا ، وحبّذا لو أعيدت طباعته محققاً تحقيقاً كاملاً شاملاً لوجه العلم لا للتجارة .
ولنختم الكلام في المقام بذكر كلمة قيّمة لابن قتيبة :
قال في كتابه ( الاختلاف في اللفظ والردّ على الجهمية والمشبّهة ) (1) ما يلي : وقد رأيت هؤلاء _ يعني الجهمية والمشبّهة ـ أيضاً حين رأوا غلوّ الرافضة في حبّ علي ، وتقديمه على من قدّمه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وصحابته عليه وادعاءهم له شركة النبي ( صلى الله عليه وآله ) في نبوّته ؟ وعلم الغيب للأئمة من ولده ، وتلك الأقاويل والأمور السرية التي جمعت إلى الكذب والكفر افراط الجهل والغباوة ، ورأوا شتمهم خيار السلف وبغضهم وتبرّأهم منهم ، قابلوا ذلك أيضاً بالغلوّ في تأخير علي كرّم الله وجهه وبخسه حقه ، ولحنوا في القول وإن لم يصرّحوا إلى ظلمه ، واعتدوا عليه بسفك الدماء بغير حق ، ونسبوه إلى الممالاءة على قتل عثمان ، وأخرجوه بجهلهم من أئمة الهدى إلى جملة أئمة الفتن ، ولم يوجبوا له اسم الخلافة لاختلاف الناس عليه ، وأوجبوها ليزيد بن معاوية لاجماع الناس عليه ، واتهموا من ذكره بغير خير .
وتحامى كثير من المحدّثين أن يحدثوا بفضائله كرّم الله وجهه ، أو يظهروا ما يجب له (2) ، وكل تلك الأحاديث لها مخارج صحاح ، وجعلوا ابنه الحسين ( عليه السلام )
---------------------------
(1) الاختلاف في اللفظ : 47 .
(2) وابن قتيبة كان شهر بالانحراف بالنظر إلى عدم تثبته في نقل ما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم في مؤلفاته السابقة ، بحيث يشفّ من ثنايا نقوله الانحراف والنُصب ، حتى ان الحافظ ابن حجر قال في حق حمل السلفي كلام الحاكم فيه على المذهب انّ مراد السلفي بالمذهب النصب، فان في ابن قتيبة انحرافاً عن أهل البيت والحاكم على ضد من ذلك أ هـ ، وهنا يردّ على النواصب بما يرضي الله ورسوله كما ترى ، عفا الله عما سلف وفي ذلك عبرة بالغة ، وانحراف المتوكل عن علي كرّم الله وجهه وتقريبه للمنحرفين عنه بعد رفع المحنة مما جعل للنواصب سوقاً تروج فيها أهواؤهم ومروياتهم عند كثير من أهل الحديث ، حتى أخذ يتقمص النواصب في أزياء أهل الحديث ، وأصبح رجال الخوارج في موضع التجلّة والتعويل في كتبهم مدى القرون بعد أن كانوا مهجورين لبغضهم عليًاً كرّم الله وجهه ، وقد ورد : ( لايبغضك إلاّ منافق ) ولشقهم عصا المسلمين في أحرج وقت ، ولا : تزال نتائج ذلك ماثلة أمام أعين المتبصرين مما فيه ذكريات أليمة لا نريد الولوج في مضايقها ، مكتفين بهذه الإشارة الوجيزة وفّر المصنف الكلام حقه في ذلك ، ( عن هامش الأصل ) .
المحسن السبط مولود أم سقط _ 591 _
خارجياً شاقاً لعصا المسلمين حلال الدم ، لقول النبي ( صلى الله عليه وآله ) : من خرج على اُمتي وهم جميع فاقتلوه كائناً من كان .
وسوّوا بينه في الفضل وبين أهل الشورى ، لأن عمر لو تبيّن له فضله لقدّمه عليهم ، ولم يجعل الأمر شورى بينهم ، وأهملوا من ذَكَرَه أو روى حديثاً من فضائله ، حتى تحامى كثير من المحدثين أن يتحدثوا بها ، وعنوا بجمع فضائل عمرو بن العاص ومعاوية كأنّهم لا يريدونهما بذلك وإنّما يريدونه .
فان قال قائل : أخو رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) علي ، وأبو سبطيه الحسن والحسين ، وأصحاب الكساء علي وفاطمة والحسن والحسين ، تمعّرت الوجوه ، وتنكّرت العيون ، وطرت حسائك الصدور ، وان ذكر ذاكر قول النبي ( صلى الله عليه وآله ) : من كنت مولاه فعليّ مولاه و أنت منّي بمنزلة هارون من موسى وأشباه هذا ، التمسوا لتلك الأحاديث المخارج لينتقصوه ويبخسوه حقه بغضاً منهم للرافضة ، والزاماً لعليّ ( عليه السلام ) بسببهم ما لا يلزمه ، وهذا هو الجهل بعينه .
والسلامة لك أن لا تهلك بمحبته ولا تهلك ببغضه ، وأن لا تحتمل ضغناًَ عليه بجناية غيره ، فإن فعلت فأنت جاهل مفرط في بغضه ، وأن تعرف له مكانه من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بالتربية والاُخوة والصهر والصبر في مجاهدة أعدائه ، وبذل مهجته في الحروب بين يديه ، مع مكانه في العلم والدين والبأس والفضل من غير أن تتجاوز به الموضع الذي وضعه به خيار السلف ، لما تسمعه من كثير من فضائله ، فهم كانوا أعلم به وبغيره ، ولأنّ ما أجمعوا عليه هو العيان الذي لا يشك فيه ، والأحاديث المنقولة قد يدخلها تحريف وشوب ، ولو كان إكرامك لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) هو الذي دعاك إلى محبة من نازع علياً وحاربه ولعنه ، إذ صحب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وخدمه ،
المحسن السبط مولود أم سقط _ 592 _
وكنت قد سلكت في ذلك سبيل المستسلم ، لأنت بذلك في علي ( عليه السلام ) أولى لسابقته وفضله وخاصيته وقرابته والدناوة التي جعلها الله بينه وبين رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عند المباهلة حين قال تعالى : ( قُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ ) فدعا حسناً وحسيناً ( وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ ) فدعا فاطمة ( عليها السلام ) ( وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ) (1) فدعا علياً ( عليه السلام ) ، ومن أراد الله تبصيره بصّره ، ومن أراد غير ذلك حيّره .
لئن تطرّق الشك في نسبة كتاب الإمامة والسياسة إلى ابن قتيبة ـ كما مرّ في الملحق الأول ـ فإنّ كتاب المعارف لم يشك أحد في صحة نسبته إلى ابن قتيبة ، لكنّه لحقه من التحريف والتخريف ، مما يقف المرء عنده مبهوتاً ، إذ لم يسلم من اختلاف الرواة ، ولا من تحريف الجناة ، ولا من تخريف التحقيق وجهل الناشرين الحفاة ، ولم يكن هو الكتاب الوحيد من الكتب الذي طالته يد العبث من بعد مؤلفه . ولابد لنا من وقفة عنده لتسليط الضوء على بعض ما لحقه مما قلناه من تحريف وتخريف ، وذلك من خلال ثلاث نقاط :
1 ـ اختلاف الرواة .
2 ـ تحريف الجناة .
3 ـ تخريف التحقيق وجهل الناشرين الحفاة .
أولاً ، اختلاف الرواة :
من النادر جداً أن يسلم كتاب من اختلاف بين روايات الرواة عن مؤلفه ، نتيجة تفاوت الرواة في الفهم والضبط ، لذلك تحصل الزيادة والنقصان ، وهذا أمر معلوم ، ولعل أوضح شاهد على ذلك هو كتاب الجامع الصحيح للبخاري ، الذي يحظى باهتمام بالغ لدى كثير من المسلمين ، حتى غالى بعضهم فقال : انّه أصح كتاب بعد كتاب الله .
المحسن السبط مولود أم سقط _ 594 _
ومع ذلك الاطراء والثناء ، فلم يسلم من آفة اختلاف الرواة عن صاحبه ، وهذا ما نجده كشاهد عيان على هوامش صفحاته في جملة من طبعاته القديمة في الهند أو الاستانة أو مصر ، حيث الهوامش مملوءة باختلاف نسخ الرواة ، مرموز إلى أصحابها كالبري والكشميهني وأبي ذر وغيرهم ، مع شدة الحرص وبذل الجهد في سبيل ضبط النص لاهتمام الأوائل بالقراءة والسماع على المؤلف .
ولم يكن كتاب المعارف لابن قتيبة مستثنى من وهن الاختلاف في الرواية ، وعدم الضبط في صحة السماع من مؤلّفه ، لذلك حصل التفاوت بين نسخ وروايات تلامذته ، فتسبب ذلك في معاناة الباحث المحقق حين يجد النص تختلف رواية الرواة له ، وكشاهد واحد على ذلك ما نقرأ خبره عند البُرّي التلمساني ، وهو من رجال القرن السابع الهجري ، ذكره في كتابه ( الجوهرة في نسب النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأصحابه العشرة ) (1) قال : ( وولد الحسين ( رضي الله عنه ) علياً الأكبر ، اُمه مرة بنت عروة بن مسعود الثقفي ، كذا قال محمد بن شبل في روايته كتاب المعارف عن موسى بن جميل عن ابن قتيبة مؤلفه .
وفي رواية غير ابن شبل هي بنت مرة بن عروة بن مسعود ، وقتل مع أبيه ...) .
وإذا راجعنا المطبوع من كتاب المعارف سواء الطبعة الاُولى بمصر سنة 1353 هـ ، أو الطبعة الثانية بتحقيق الدكتور ثروت عكاشة ، نجد النص هكذا : ( وولد الحسين علياً واُمه بنت مرة بن عروة بن مسعود الثقفي ) (2) ولم يشر إلى الرواية الثانية من قريب أو بعيد .
ثانياً ، تحريف الجناة :
لقد عبثت أيادٍ غير أمينة بكتاب المعارف لابن قتيبة فحرّفت ما وسعها ذلك ، فطالت بعض النصوص بالزيادة والنقصان ، والتغيير والتبديل ، وهذا ما أخفى كثيراً من الحقائق عن أعين الناس ، خصوصاً فيما يتعلّق بأنصار الخلافة في أحداث السقيفة وما بعدها ، وللتدليل على هذا نذكر بعض الشواهد :
1 ـ قال الحافظ ابن شهرآشوب السروي ( ت 588 هـ ) في كتابه مناقب آل أبي طالب وهو يذكر أولاد فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) قال : ( وفي معارف القتبي أن محسناً فسد من زحم قنفذ العدوي ) . فهذا النص لا يوجد في المطبوع من كتاب المعارف في طبعاته الثلاث الأوربية والمصريتين .
والذي يؤكّد رواية ابن قتيبة له ما ذكره الحافظ الكنجي الشافعي ( ت 658 هـ ) في كتابه كفاية الطالب في ذكر أولاد الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) نقلاً عن غير واحد من أهل السير ، فذكر التفاوت فيما بين رواياتهم مقارناً ذلك بما رواه الشيخ المفيد موافقاً لهم ومنفرداً عنهم ، إلى أن قال : وزاد على الجمهور وقال : ( انّ فاطمة ( عليها السلام ) أسقطت بعد النبي ذكراً كان سمّاه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) محسناً ) (1) .
ثم قال الكنجي الشافعي : ( وهذا شيء لم يوجد عند أحد من أهل النقل إلاّ عند ابن قتيبة ) .
فهذا نحو تأكيد على وجود النص في كتاب المعارف كما نقله عنه ابن شهرآشوب ، إذ لا نحتمل وجوده في بقية كتب ابن قتيبة ـ لتغاير موضوعاتها عما ذكر _ غير المعارف إلاّ كتاب الإمامة والسياسة فهو وإن كان أقرب احتمالاً ، إلاّ انّ هذا ليس فيه النص المذكور .
وليس من المعقول ولا من المقبول إتهام ابن شهرآشوب والكنجي بالتواطؤ في التقوّل على ابن قتيبة ، لاختلافهما مذهباً ومشرباً وزماناً ومكاناً ، مضافاً إلى ما نجده في كتب الرجال والتراجم من جميل الثناء عليهما ممن لا يتهم فيهما بمحاباة .
2 ـ جاء في كتاب ( الأربعون العشارية ) (1) لعبد الرحيم بن الحسين العراقي ( ت 806 هـ ) .
( وقد ذكر عكراش في بعض المشاهد ، فذكر ابن قتيبة انّه حضر مع علي ( رضي الله عنه ) وقعة الجمل وأخذه ابن دريد من أبي محمد بن قتيبة ، فانّه حكى في كتاب المعارف انّ عكراشاً حضر مع عليّ وقعة الجمل وانّ علياً مسح رأسه ، وعاش عكراش بعد ذلك مائتي سنة ، فهذه الحكاية لم يروها بإسناد ، وعلى تقدير ثبوتها فالمراد انّه أكمل بعد ذلك مائة سنة ، فكان جميع عمره مائة سنة ) .
هذا كله لا يوجد في المطبوع من كتاب المعارف ، والأنكى من ذلك انّه ورد في ص 310 من الطبعة المحققة : ( عكراش بن ذؤيب ( رضي الله عنه ) هو من بني تميم ... وشهد الجمل مع ( عائشة ) فقال الأحنف ـ وهو من رهطه ـ كأنّكم وقد جيئ به قتيلاً أو به جراحة لا تفارقه حتى يموت ، فضُرب ضربة على أنفه ، فعاش بعدها مائة سنة والضربة به ) .
فيا ترى من الذي تولّى كبر التحريف ، فاستبدل بوقوف عكراش مع علي ( عليه السلام ) في الجمل ، وقوفه مع عائشة ؟ ومن الذي محا كرامة مسح الإمام لرأس عكراش ، بضربة على أنفه ، وقول الأحنف ؟
وأود أن ألفت نظر القارئ إلى أمر ذي بال في المقام ، وهو انّ ابن حجر العسقلاني ( ت 852 هـ ) ذكر في تهذيب التهذيب والإصابة في معرفة الصحابة
ترجمة عكراش بن ذؤيب ، وحكى فيهما نقلاً عن كتاب المعارف لابن قتيبة وكتاب الاشتقاق لابن دريد انّ عكراشاً شهد الجمل مع عائشة .
وإذا لاحظنا الفرق بين تاريخي وفاة العراقي ( 806 هـ ) ووفاة ابن حجر ( 852 هـ ) نجد الفرق ( 46 ) سنة أي أقل من نصف قرنٍ ، يمكن ادعاء ادراك ابن حجر للعراقي ، ولما كان النص عند العراقي ( شهد مع علي ) كيف انقلب بجرة من قلم عند ابن حجر ( شهد مع عائشة ) وهنا ينبغي أن ننتبه إلى انّ عملية التغيير والتحريف بدأت في تلك الفترة ، وربّما كان ابن حجر ابن سوأتها وتبعه غيره .
3 ـ جاء في كتاب عمدة القارئ في شرح صحيح البخاري للعيني (1) :
وقال ابن قتيبة في المعارف ( كان عبيد الله ( يعني ابن موسى بن باذام ) يسمع ويروي أحاديث منكرة ، فضُعف بذلك عند كثير من الناس ) .
وإذا قارنا بين هذا وبين الموجود في المطبوع محققاً من المعارف نجد تحريفاً غير مستساغ فقد جاء في ص 519 : عبيد الله بن موسى بن باذام ... وكان يقرأ القرآن في مسجده ، ويتشيّع ، ويروي في ذلك أحاديث منكرة ، فضُعف بذلك عند كثير من الناس ) .
فمن ذا الذي غيّر كلمة ( ويُسمّع ) إلى كلمة ( ويتشيّع ) .
4 ـ جاء في كتاب تهذيب الأسماء واللغات للنووي (2) ( ت 676 ) :
أ ـ وقال ابن قتيبة في المعارف : كان عبد الله بن جعفر أجود العرب ، وأخبار أحواله في السخاء والجود والحلم مشهورة لا تحصى ، ومما روينا عنه انّه أقرض الزبير بن العوام ألف ألف درهم ، فلما قتل الزبير قال عبد الله بن الزبير لعبد الله بن
جعفر وجدت في كتب أبي أن له عليك ألف ألف درهم ، فقال هو صادق : فاقبضها إذا شئت ، ثم لقيه فقال : يا أبا جعفر إنّي وهمت المال لك على أبي ، قال : فهو لك ، قال : لا اُريد ذلك ، قال : فإن شئت فهو لك وإن كرهت ذلك فلك فيه نظرة ما شئت .
وهذا النص لا يوجد منه في ص 206 ط محققة إلاّ قوله : ( وأمّا عبد الله بن جعفر ، فكان يكنى أبا جعفر ، ولد بالحبشة ، وكان أجود العرب ) .
ب ـ وجاء أيضاً في تهذيب الأسماء واللغات (1) :
قال ابن قتيبة : ولد عبد الله بن جعفر سبعة عشر ابناً وبنتين ، وهم جعفر الأكبر وعلي وعون الأكبر وعباس واُم كلثوم ، اُمهم زينب بنت علي بن أبي طالب من فاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
ومحمد وعبيد الله وأبو بكر اُمهم الخوصاء بنت حفصة أحد بني تيم بن ثعلبة .
وصالح وموسى وهارون ويحيى واُم أبيها اُمهم ليلى بنت مسعود بن خالد النهشلي تزوجها بعد علي بن أبي طالب .
ومعاوية وإسماعيل وإسحاق والقاسم لاُمهات أولاد .
والحسن وعون الأصغر اُمهما جمانة بنت المسيب الفزارية ) .
وقد جاء النص في كتاب المعارف /207 ط محققة بتفاوت يسير مما يمكن حمله على اختلاف النسخة من جهة الرواة .
ومما ينبغي التنبيه عليه أن كثيراً من النقول عن كتاب المعارف لابن قتيبة في عدة مصادر كالصحاح للجوهري من المصادر اللغوية ، وتهذيب الأسماء واللغات للنووي في التراجم واللغة ، وعمدة القارئ للعيني في الحديث وغيرها ، يمكن أن
---------------------------
(1) المصدر نفسه 1 : 264 .
المحسن السبط مولود أم سقط _ 599 _
تراجع على المطبوع من المعارف محققاً للمقارنة ، وإثبات ما لم يوجد فعلاً فيه فيضاف إلى المطبوع بعنوان نصوص ضائعة من كتاب المعارف ، وهذا جهد غير مضاع ، لما فيه من كثير فائدة وجميل عائدة .
ثالثاً ، تخريف التحقيق وجهل الناشرين الحفاة :
لقد طبع كتاب المعارف لابن قتيبة حتى اليوم ـ فيما أعلم ـ ثلاث مرات ، أولها طبعة أوربا نشرها المستشرق الألماني ( وستنفلد ) سنة 1850 م ولم أطلع عليها ، وإنّما ذكرتها استناداً إلى بحث صديقنا المرحوم الدكتور مصطفى جواد ( ت 1390 هـ ) في مجلة المجمع العلمي العراقي (1) ، وثاني طبعاته سنة 1353 بالمطبعة الإسلامية بمصر ، تجد تعريفها في البحث المذكور آنفاً .
وثالث الطبعات هي بتحقيق الدكتور ثروت عكاشة ( وزير الثقافة والإرشاد القومي في الجمهورية العربية المتحدة ) وكان بحث الدكتور مصطفى جواد حول هذه الطبعة ، فقد تناولها نقداً وتصحيحاً ومؤاخذة في أكثر من مائة مورد ، ومع بالغ جهده فقد زاغت عنه موارد اُخرى ، استدركتها عليه وكتبتها على هامش نسختي من المجلة المذكورة وسأذكرها بعدُ .
ولما كان الدكتور المحقق العكاشي ـ كما سمّاه الدكتور الناقد ـ قد بذل جهداً مشكوراً ومذكوراً في مقدمة الكتاب وتحقيقه المتن ، ومع ذلك فذاك مبلغ علمه ، ولا اُريد انتقاص الرجل حين أقول : لم يكن فارس ميدان ، ولا راجلاً تخلف بالركبان ، حتى ظننت أنّه قد استعان ببعض تلامذته ، فتولوا له المراجعة وكتبوا التحقيق باسمه ، ومهما يكن فإنّ الجواد يكبو والصارم ينبو .
( وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْم عَلِيمٌ ) (2) .
---------------------------
(1) مجلة المجمع العلمي العراقي 9 : 433 .
(2) يوسف : 76 .
المحسن السبط مولود أم سقط _ 600 _
والآن إلى شواهد مما فاته من بسائط المعرفة في التحقيق ، وهي مما زاغ عنه نظر المرحوم الدكتور الناقد أيضاً ، فالحق أن يجعلا معاً شريكين في هذه الملاحظة وعدلي ميزان في هذه الغفلة .
أ ـ جاء في المقدمة ص 14 ذكر أبي عبيدة معمّر بن المثنى ومصنفاته فقال العكاشي المحقق :
( ولم يصلنا من هذه ـ يعني كتبه ـ كلها إلاّ كتاب نقائض جرير والفرزدق ) ؟ هذا ولم يعقّب الدكتور الناقد بشيء على ذلك .
وهذا من الغريب جداً منهما معاً ، فإنّ لأبي عبيدة من المصنفات المطبوعة في مكتبتي ـ على قلة ما تحويه ـ ثلاثة كتب مطبوعة ومحققة هي :
1 ـ كتاب ( العققة والبررة ) حققه الاستاذ عبد السلام محمد هارون ، وطبعه سنة 1373 هـ ضمن ( نوادر المخطوطات ) (1) .
2 ـ كتاب ( مجاز القرآن ) حققه الاستاذ فؤاد سزگين في جزئين طبع بمصر ، الأول سنة 1374 هـ ، والثاني سنة 1381 هـ .
3 ـ كتاب ( الخيل ) من مطبوعات حيدر آباد الدكن في الهند سنة 1358 هـ .
ب ـ ومن ذلك ما جاء في الحديث عن الخليل بن أحمد الفراهيدي في صفحة 18 من المقدمة عند ذكر مؤلفاته ، فذكر أسماءها وختم المحقق قوله : ( وهذا كله قد ضاع ) ؟
وهذا أيضاً من غرائبه ، إذ لم يكلف نفسه بالسؤال عن نسخة كتاب العين للخليل أشهر كتبه مع وجودها ، وطبع جزء منه يومئذٍ ، وأغرب من ذلك غفلة الاستاذ الناقد عن التنبيه عليه ، وهو أحد أعضاء اللجنة التي زارت النجف الأشرف ،