الفهرس العام


الفصل الثاني : البحث عن رجال الاسناد :
الفصل الثالث : البحث عن متن الحديث :
النقطة الأولى : في تحقيق المراد من اسم حرب :
النقطة الثانية : هل كان اسم حرب من
الأسماء المحبوبة أم المبغوضة :



  الثالث جاء النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : حرباً ، قال : بل هو محسن ، ثم قال : سميتهم بأسماء ولد هارون شبّر وشبير ومشبّر .
  وأخرجه عن أحمد الديار بكري في تاريخ الخميس ، والكنجي الشافعي في كفاية الطالب (1) ، وأخرجه أحمد أيضاً في كتاب الفضائل كما في ( الحسين والسنة ) (2) .
  والغريب أنّ من الشيعة من أخرج ذلك دون التنبيه إلى ما فيه من خفايا البلايا ، كما مرّ في ذكر المصادر الشيعية التي تسرّب إليها الحديث .
  الخامس من المصادر هو الأدب المفرد للبخاري (3) ( ت 256 هـ ) ، جاء فيه الحديث بصورة واحدة :   حدّثنا أبو نعيم ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ ( رضي الله عنه ) قال : لما ولد الحسن ( رضي الله عنه ) سميته حرباً ، فجاء النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : بل هو حسن .
  فلما ولد الحسين ( رضي الله عنه ) سميته حرباً ، فجاء النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : بل هو حسين ، فلما ولد الثالث سميته حرباًَ ، فجاء النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : بل هو محسن ، ثم قال : إنّي سميتهم بأسماء ولد هارون شبّر وشبير ومشبّر .
  وعقّب المحقق على ذلك فقال : ليس في شيء من الكتب الستة ، وجاء في كتاب فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد (4) ، تأليف فضل الله الجيلاني استاذ في الجامعة العثمانية ما يلي : أخرجه ابن عبد البر في الاستيعاب من طريقين

---------------------------
(1) تاريخ الخميس 1 : 418 ، كفايه الطالب : 352 .
(2) الحسين والسنة : 15 .
(3) الأدب المفرد للبخاري : 213 .
(4) فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد تأليف فضل الله الجيلاني 2 : 288 .

المحسن السبط مولود أم سقط _ 27 _

  كلاهما عن إسرائيل إلى آخره ، والحاكم وقال : صحيح الاسناد ، وأحمد ، وقال الحافظ في الإصابة : إسناده صحيح .
  السادس من المصادر هو أنساب الأشراف للبلاذري (1) ( ت 279 هـ ) ، فقد جاء فيه :   حدّثني أبو عمرو الزيادي ، حدّثنا عبد الله بن رجاء ، حدّثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق أنّ علياً قال : لمّا ولد الحسن سميته حرباً ، فجاء النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، فقال : هو الحسن ، فلمّا ولد الحسين سميناه حرباً ، فجاء النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، فقال : هو الحسين ، فلما ولد الثالث جاء فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً قال : هو محسن ، إنّما سميتهم بأسماء ولد هارون شبر شبير ومشبر .
  حدّثنا عبد الله بن صالح ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق بنحوه ، ورواه أيضاً بسندٍ آخر عن ابن سعد ، ذكره في ترجمة الحسين ( عليه السلام ) (2) .
  السابع من المصادر هو المعجم الكبير للطبراني (3) ( ت 360 هـ ) ، جاء فيه الحديث بخمسة أسانيد :   1 ـ حدّثنا عثمان بن عمر الضبّي ، حدّثنا عبد الله بن رجاء ، أخبرنا إسرائيل ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ ( رضي الله عنه ) قال : لما ولد الحسن سميته حرباً ، فجاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ فقلت : حرباً ، فقال : بل هو حسن ، فلمّا ولد الحسين سميناه حرباً ، فأتى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : ائتوني بابني ما سميتموه ؟ فقلت : حرباً ، فقال : بل هو حسين ، فلما ولد الثالث سميته حرباً ، فجاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ فقلت : حرباً ، فقال : بل هو محسن ، ثم قال : سميتهم بولد هارون شبر وشبير ومشبّر .

---------------------------
(1) أنساب الأشراف للبلاذري 1 : 404 .
(2) ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) 3 : 144 .
(3) المعجم الكبير للطبراني 3 : 100 / 101 .

المحسن السبط مولود أم سقط _ 28 _

  2 ـ حدّثنا محمّد بن يحيى بن سهل بن محمّد العسكري ، ثنا سهل بن عثمان ، ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ ( رضي الله عنه ) قال : لما ولد الحسن ابن عليّ ( رضي الله عنه ) جاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : أروني ابني ما سمّيتموه ؟ قلت : سميته حرباً ، قال : بل هو حسن ، فلمّا ولد الحسين بن عليّ ( رضي الله عنه ) جاء فقال مثل قوله ، فقلت : سميته حرباً ، فقال : بل هو حسين ، فلمّا ولد الثالث جاء فقال مثل قوله ، فقلت : سميته حرباً ، فقال : بل هو محسن ، ثم قال : سميتهم بولد هارون شبر وشبير ومشبر .
  3 ـ حدّثنا محمّد بن أبان الأصبهاني ، حدّثنا إسماعيل بن عمرو البجلي ، ثنا قيس بن الربيع ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ ( رضي الله عنه ) قال : كنت أحبّ أن أكتني بأبي حرب ، فلمّا ولد الحسن سميته حرباً ، فجاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : ما سميتم ؟ فقلت : سميته حرباً ، فقال : هو الحسن .
   4 ـ حدّثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي ، ثنا أبو كريب ، ثنا إبراهيم بن يوسف ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ ( رضي الله عنه ) قال : لما ولد الحسن سميته حرباً ، فقال لي : لا ولكن سمّه حسناً ، ثم ولد الحسين فسميته حرباً ، فقال لي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ما سميته ؟ فقلت : حرباً ، قال : بل سمّه حسيناً ، ثم ولد آخر فسميته حرباً ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : ما سميته ؟ قلت : حرباً ، قال : سمّه محسناً .
  5 ـ حدّثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي ، ثنا عبد الله بن عمر بن أبان ، ثنا يحيى بن عيسى الرملي التميمي ، ثنا الأعمش ، عن سالم بن أبي الجعد قال : قال عليّ ( رضي الله عنه ) : كنت رجلاً أحب الحرب ، فلمّا ولد الحسن هممت أن أسميه حرباً ، فسمّاه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) الحسن ، فلما ولد الحسين هممت أن أسميه حرباً فسمّاه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) الحسين ، وقال ( صلى الله عليه وآله ) : إنّي سميت إبنيّ هذين باسم إبني هارون شبراً وشبيراً .
  الثامن من المصادر هو المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري (1) ( ت 405 هـ ) ، جاء فيه بصورتين :

---------------------------
(1) المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري 3 : 165 .

المحسن السبط مولود أم سقط _ 29 _

  1 ـ أخبرنا أبو العباس محمّد بن أحمد المحبوبي بمرو ، ثنا سعيد بن مسعود ، ثنا عبيد الله بن يونس ، أنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ ( رضي الله عنه ) قال : لما ولدت فاطمة الحسن جاء النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قال : قلت : حرباً ، قال : بل هو حسن .
  فلمّا ولدت الحسين جاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : أروني ابني ما سمّيتموه ؟ قلت : سميته حرباً ، قال : بل هو حسين ، ثم ولدت الثالث جاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : أروني ابني ما سمّيتموه ؟ قلت : سميته حرباً ، قال : بل هو محسن ، ثم قال : إنّما سميتهم باسم ولد هارون شبر وشبير ومشبر .
  وعقّب الحاكم على الحديث بقوله : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه ، وتبعه الذهبي في التلخيص ، فذكر الحديث مبتدءاً بالسند من هانئ بن هانئ ثم قال في آخره : صحيح ، رواه إسرائيل عن جدّه .
  ثم إنّ الحاكم أخرج الحديث مرّة ثانية (1) كما يلي :
  2 ـ حدّثنا أبو الحسن عليّ بن محمّد الشيباني بالكوفة ، حدّثنا إبراهيم بن إسحاق الزهري ، ثنا جعفر بن عون ، ثنا يونس بن أبي إسحاق ، عن أبيه ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ قال : لما أن ولد الحسن سميته حرباً ، فقال لي النبي ( صلى الله عليه وآله ) : ما سميت ابني ؟ قلت : حرباً ، قال : بل هو الحسن ، فلمّا ولد الحسين سميته حرباً ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : ما سميت ابني ؟ قلت : حرباً ، قال : هو الحسين ، فلما ولد محسن قال : ما سميت ابني ؟ قلت : حرباً ، قال هو محسن ، ثم قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : إنّي سمّيت بَنيّ هؤلاء بتسمية هارون بنيه شبّراً وشبيراً ومشبّراً .
  وعقّب الحاكم على الحديث بقوله : هذا الحديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه ، وذكره الذهبي في التلخيص مختصراً وعقب بقوله : قلت مرّ من حديث إسرائيل .

---------------------------
(1) المصدر نفسه 3 : 168 .

المحسن السبط مولود أم سقط _ 30 _

  التاسع من المصادر هو السنن الكبرى للبيهقي (1) ( ت 458 هـ ) ، جاء فيه :
  أخبرنا أبو عليّ الروذباريّ ، أنبأ عبد الله بن عمر بن أحمد بن شوذب المقري بواسط ، أنبأ شعيب بن أيوب ، ثنا عبيد بن موسى ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ قال : لمّا ولد الحسن سمّيته حرباً ، فجاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ فقلت : حرباً ، فقال : بل هو حسن .
  ثم ولد الحسين فسميته حرباً ، فجاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : أروني ابني ماسميتموه ؟ فقلت : حرباً ، فقال : بل هو حسين ، فلمّا ولد الثالث سميته حرباً ، فجاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : حرباً ، قال : بل هو محسن ، ثم قال : سميتهم بأسماء ولد هارون شبّر وشبير ومشبّر .
  ثم قال البيهقي : رواه يونس بن أبي إسحاق عن أبيه ، وقال في الحديث : إنّي سميت بَنيّ هؤلاء بتسمية هارون بنيه ، وروي في هذا المعنى أخبار كثيرة .
  وجاء فيه أيضاً (2) :
  أخبرنا عليّ بن أحمد بن عبدان ، أنبأ أحمد بن عبيد ، ثنا عثمان بن عمر ، ثنا ابن رجا ، ثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، ح ( حيلولة ) وحدّثنا أبو عبد الله الحافظ ، ثنا أبو الحسن عليّ بن محمّد الشيباني بالكوفة ، ثم ساق الحديث سنداً ومتناً كما مرّ في الحديث الثاني عند الحاكم في المستدرك حرفاً بحرف ، ثم عقّب البيهقي بقوله : لفظ حديث يونس ، وفي رواية إسرائيل : أروني ابني ما سميتموه ؟ والباقي بمعناه .
  العاشر من المصادر هوتاريخ دمشق لابن عساكر ( ت 571 هـ ) ، ( ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) بتحقيق المحمودي ) (3) جاء الحديث فيه بثلاث صور :

---------------------------
(1) السنن الكبرى للبيهقي 6 : 163 .
(2) المصدر نفسه 7 : 63 .
(3) ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) من تاريخ دمشق : 17 / 18 .

المحسن السبط مولود أم سقط _ 31 _

  1 ـ أخبرنا أبو العز بن كادش ، أخبرنا أبو محمّد الجوهري ، أخبرنا عليّ بن محمّد بن أحمد ابن نصير ، أخبرنا جعفر بن محمّد بن عتيب ، أخبرنا محمّد بن خالد بن خداش ، أخبرنا سالم بن قتيبة ، أخبرنا يونس بن أبي إسحاق ، عن أبيه ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ قال : لما ولد الحسن سميته حرباً ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : ما سميت ابني ؟ قلت : حرباً ، قال : هو الحسن .
  فلما ولد الحسين سميته حرباً ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : ما سميت ابني ؟ قلت : حرباً ، قال : هو الحسين ، فلما ولد محسن سميته حرباً ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : ما سميت ابني ؟ قلت : حرباً ، قال : فهو محسن ، ثم قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : إنّي سميت بَنيّ هؤلاء تسمية هارون بنيه شبراً وشبيراً ومشبراً .
  2 ـ أخبرنا أبو غالب ابن البناء ، أخبرنا أبو الحسين ابن الآبنوس ، أخبرنا أبو الحسن الدارقطني ، أخبرنا محمّد بن القاسم بن زكريا ، أخبرنا أبو كريب ، أخبرنا إبراهيم بن يوسف ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، أنّه حدّثه عن عليّ قال : لما ولد الحسن سميته حرباً ، فقال لي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ما سميته ؟ قلت : سميته حرباً ، قال : لا ولكن اسمه حسن ، ثم ولد لي الحسين سميته حرباً ، فقال لي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ما سميته ؟ قلت : سميته حرباً ، فقال : لا اسمه حسين ، ثم ولد لي فقال : ما سميته ؟ قلت : سميته حرباً ، فقال : لا اسمه محسن .
  قال الدار قطني : تفرد به إبراهيم بن يوسف عن أبيه .
  3 ـ أخبرنا أبو عليّ بن السبط ، أخبرنا أبو محمّد الجوهري ، وأخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، أخبرنا أبو عليّ ابن المذهب ، قالا : أخبرنا أحمد بن جعفر ، أخبرنا عبد الله ، حدّثني أبي ، أخبرنا يحيى بن آدم ، أخبرنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ قال : لما ولد الحسن سميته حرباً ، فجاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قال : قلت : حرباً ، قال : بل هو حسن .

المحسن السبط مولود أم سقط _ 32 _

  فلما ولد الحسين سمّاه حرباً ، فجاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قال : قلت : حرباً ، قال : بل هو حسين ، فلمّا ولد الثالث سمّيته حرباً ، فجاء النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : حرباً ، قال : بل هو محسن ، ثم قال : سميتهم بأسماء ولد هارون شبّر شبير مشبر .
  الحادي عشر من المصادر هو أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير (1) ( ت 630 هـ ) ، جاء فيه في ترجمة الحسن :
  قال عليّ بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) : لما ولد الحسن جاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : سميته حرباً ، قال : بل هو حسن ، فلما ولد الحسين سمّيناه حرباً ، فجاء النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : سميته حرباً ، قال : بل هو حسين ، فلمّا ولد الثالث جاء النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : حرباً ، قال : بل هو محسن ، ثم قال : سميتهم بأسماء ولد هارون شبر وشبير ومشبر .
  وجاء أيضاً ثانياً (2) ذكر الحديث الآنف الذكر في ترجمة الحسين مع ذكر اسناده المنتهي إلى أحمد بن حنبل ، وحيث تقدّم في المصدر الثالث فلا حاجة إلى إعادته .
  وجاء فيه أيضاً (3) في ترجمة المحسن اعادة الحديث بنفس السند السابق .
  الثاني عشر من المصادر هو ( مجمع الزوائد ) (4) للهيثمي ( ت 807 هـ ) ، جاء فيه ذكر الحديث المروي عن هانئ بن هانئ ، ثم قال الهيثمي : رواه أحمد والبزار إلاّ أنّه قال : سميتهم بأسماء ولد هارون جبر وجبير ومجبّر .
  والطبراني ، ورجال أحمد والبزار رجال الصحيح غير هانئ بن هانئ ، وهو ثقة .

---------------------------
(1) اُسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير 2 : 10 / 18 .
(2) المصدر نفسه 2 : 18 .
(3) المصدر نفسه 4 : 308 .
(4) مجمع الزوائد للهيثمي 8 : 52 .

المحسن السبط مولود أم سقط _ 33 _

  ثم ورد في المصدر المذكور الحديث الآخر : وعنه ـ عن عليّ _ قال : لما ولد الحسن سميته حرباً ، وكنت أحب أن أكتني بأبي حرب ، فجاء النبي ( صلى الله عليه وآله ) فحنكه ، فقال : ما سميتم ابني ؟ فقلنا : حرباً ، فقال : هو الحسن ، ثم ولد الحسين فسميته حرباً ، فأتى النبي ( صلى الله عليه وآله ) فحنكه فقال : ما سميتم ابني ؟ فقلنا : حرباً ، فقال : هو الحسين .
  ثم قال الهيثمي : رواه البزار والطبراني بنحوه بأسانيد ، ورجال أحدهما رجال الصحيح .
  الثالث عشر من المصادر هو عيون الأخبار وفنون الآثار (1) للداعي المطلق إدريس عماد الدين القرشي ( ت 872 هـ ) ، جاء فيه ما لفظه :
   وروي عن أبي غسان بإسناده عن عليّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : لما ولد الحسن بن عليّ سمته أمّه حرباً ، فجاء النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : لا بل هو حسن .
  فلما ولد الحسين سمته أمّه أيضاً حرباً ، فجاء النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : لا بل هو حسين ، فلمّا ولد محسن سمّته أمه حرباً ، فجاء النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : لا ، بل هو محسن ، ثم قال : إنّي سميتهم بأسماء أولاد هارون شبر وشبير ومشبر .
  وعقّب المؤلف على ذلك بقوله : ومن هذه الرواية دليل على أنّ محسن ولد على عهد النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، والأشهر الذي عليه الإجماع أيضاً أنّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) سمّاه وهو في بطن فاطمة ، وأنّها أسقطته حين راعها عمر بن الخطاب ودفع على بطنها الباب ، والله أعلم بالصواب .
  تعقيب على صور الحديث :
  هذه نماذج من صور الحديث في مختلف المصادر ، وهي من الأمهات التي يرجع إليها المتأخرون وعنها يأخذون ، وحسب القارئ هذه المصادر الإثنى عشر

---------------------------
(1) عيون الأخبار وفنون الآثار 4 : 6 .

المحسن السبط مولود أم سقط _ 34 _

  فهي تُغني عن غيرها ، ولنعد الآن إلى صور الحديث فنُلقي عليها نظرة فاحصة ، لنعرف مدى التفاوت الذي حصل بين ما جاء في أقدم مصدر ، وبين ما جاء بعده ، مع العلم بأنّ الحديث واحد ، وراويه الأول واحد ، ثم الذي رواه عنه أيضاً هو واحد ، فلماذا نجدُ التفاوت ؟
  ومهما كان ذلك لفظياً أو بسيطاً ، فهو بالتالي يكشف عن عدم الدقة في النقل ، ويورث ذلك عدم الثقة بالناقل ، وبالتالي إلى عدم اعتبار الحديث ، فخذ أمثلة على ذلك :
  1 ـ جاء في ثاني المصادر وهو كتاب ( مسند الطيالسي ) فقد روى حديث أبي إسحاق بن يحيى ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ ، وقد ورد فيه أنّ علياً كان يحب أن يكتنى بأبي حرب فسمّى ولده حرباً ... فغيّره النبي ( صلى الله عليه وآله ) وسمّاه حسناً ، ثم ولد الحسين سماه عليّ حرباً وغيّره النبي ( صلى الله عليه وآله ) وسمّاه حسيناً .
  وإلى هنا انتهى الحديث ولم يأت عن ولادة الثالث شيئاً ، ولا عن تسمية النبي ( صلى الله عليه وآله ) لهما باسم ابني هارون ، بينما نجد نفس الحديث بنفس السند في المصادر التالية فيه نقص وفيه زيادة ، ففي بعضها ليس فيه ذكر لمحبة عليّ أن يكتني بأبي حرب ، بينما فيه زيادة ذكر ولادة المحسن وأنّ علياً سمّاه حرباً ، فغيّره النبي ( صلى الله عليه وآله ) وسمّاه المحسن ، مضافاً إلى زيادة قوله ( صلى الله عليه وآله ) : سميتهم بأسماء ولد هارون ... الخ .
فمن أين جاءت تلك الزيادة ؟ ولماذا طرأ ذلك النقصان ، فاختفت محبة عليّ أن يكتنى بأبي حرب ! !
  2 ـ وخذ مثالاً ثانياً ما جاء في الحديث الثاني الذي رواه ابن سعد في الطبقات ، وهو الثالث في سُلّم المصادر ، تجد الحديث يرويه أبو إسحاق مرسلاً ليس فيه ذكر عمّن أخذه ، وفيه تجد حبّ عليّ أن يكتني بأبي حرب ، وفيه زيادة أخرى هي قوله ( عليه السلام ) في كل ولادة : ( ما شأن حرب وهو حسن ) ( ما شأن حرب وهو حسين ) ( ما شأن حرب وهو محسن أو محسّن ) [بالتشديد] وهذه الزيادة

المحسن السبط مولود أم سقط _ 35 _

  الأخيرة لم ترد إلاّ في حديث أبي إسحاق المرسل الذي أخرجه ابن سعد في الطبقات ، ولم ترد في بقية المصادر التي أوردت الحديث .
  3 ـ وخذ مثالاً ثالثاً حديث هانئ بن هانئ عن عليّ ، وقارن بين ألفاظه في مختلف مصادره تقف على التفاوت فيها ، ولابدّ لنا من الإشارة إلى أنّ هانئ بن هانئ الذي حدّث عن عليّ ( عليه السلام ) لم يروِ عنه غير أبي إسحاق ، كما سيأتي بيان ذلك .
  فهذا التفاوت والاختلاف إما أن يكون منه أو من أبي إسحاق ، وفي كلتا الحالتين يتطرق الريب إلى صدقهما في النقل ، أما الحمل على رجال السند من بعد أبي إسحاق حتى أصحاب المصادر ربّما كان فيه تجنٍ عليهم ، لأنّهم رووا ما سمعوا ، وإن كانت المؤاخذة قد ترد عليهم حين رووا ذلك على ما فيه من تفاوتٍ وتهافت .
  4 ـ وخذ مثالاً رابعاً ما جاء في المصدر الثاني عشر ، ففيه مضافاً إلى إرساله أنّ الذي سمّى الأبناء بحرب هي أمهم فاطمة ( عليها السلام ) ، وهذا بخلاف ما مرّ أنّ علياً ( عليه السلام ) هو الذي سمى أو أحبّ أن يسمّي ، فجميع هذه الملاحظات تسقط الحديث المذكور عن الاعتبار .
  والآن لنقرأ شيئاً عن الرواة لنعرف وزنهم في ميزان الجرح والتعديل .

المحسن السبط مولود أم سقط _ 37 _

الفصل الثاني : البحث عن رجال الاسناد :

  ولنبدأ بهم حسب ذكرهم في المصادر ، فرجال الحديث في المصدر الأول ـ وهو سيرة ابن إسحاق _ قال : أنا ( أخبرنا ) يونس ، عن يونس بن عمرو ، عن أبيه ، عن هانئ بن هانئ .
  فيونس الأول هو : ابن بكير ، قال الآجري عن أبي داود : ليس هو عندي بحجة ، كان يأخذ ابن إسحاق فيوصله بالأحاديث ، ومع ذلك قالوا عنه : كان صدوقاً إلاّ أنّه كان يتبع السلطان ، وكان مرجّئاً ، ومع ذلك روى له مسلم متابعة ! !   ويونس الثاني هو : ابن عمرو ـ أبي إسحاق _ السبيعي روى عن أبيه ، وقد أثنوا عليه في كتب الرجال ، ومن الثناء عليه : كان يقدم عثمان على عليّ ، ولعل ذلك هو سبب قول أبي حاتم : صدوق لا يحتج به ( خلاصة تهذيب الكمال ) .
  وفي المصدر الثاني : وهو ( مسند أبي داود الطيالسي ) : حدّثنا قيس ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ ( عليه السلام ) .
  فأما قيس ـ شيخ أبي داود ـ فقد قال هو نفسه عنه : ما أخرجت له إلاّ ثلاثة أحاديث ، حدّث بأحاديث عن منصور هي عن عبيدة ، وأحاديث عن مغيرة هي

المحسن السبط مولود أم سقط _ 38 _

  عن فراس ، وقال أحمد : روى أحاديث منكرة ، وكان يحيى وعبد الرحمن لا يحدثان عن قيس ، وكان ابن معين يقول عنه : ليس بشيء ، وقال : ضعيف الحديث لا يساوي شيئاً (1) .
  أما باقي رجال السند فستأتي حالهم عند ذكر المصادر التالية حسب تسلسلها .
  وفي المصدر الثالث : وهو الطبقات الكبرى فقد روى ابن سعد عن عبيد الله بن موسى ، قالوا عنه : ثقة يتشيع ، عن إسرائيل بن يونس : ثقة تكلّم فيه بلا حجة ، عن أبي إسحاق السبيعي ثقة عابد اختلط بآخره ، عن هانئ بن هانئ الهمداني الكوفي ، قال ابن المديني : مجهول ، وقال الشافعي : لا يُعرف ، وأهل العلم لا ينسبون حديثه لجهالة حاله (2) .
  وقال ابن سعد في الطبقات (3) : كان يتشيع وهو منكر الحديث .
  وقال الذهبي (4) : ليس بالمعروف ، وقد ورد ذكره في كتب الرجال الشيعية ، ولم يذكر فيه مدح ، نعم روي أنّه كان من آخر رسل أهل الكوفة إلى الحسين ( عليه السلام ) ، هو وسعيد بن عبد الله الحنفي يطلبون منه القدوم عليهم ، وأنّهم ينتظرونه ولا رأي لهم في غيره ، فأجابهم ( عليه السلام ) وأرسل الجواب مع الرسولين المذكورين ، كما ذكر ذلك الشيخ المفيد في الإرشاد (5) ، والطبري (6) وغيره ذكروا مثل ذلك .

---------------------------
(1) تهذيب التهذيب 8 : 393 .
(2) المصدر نفسه 11 : 12 .
(3) طبقات ابن سعد 6 : 155 .
(4) المغني في الضعفاء 2 : 707 .
(5) الارشاد : 203 .
(6) تاريخ الطبري 6 : 198 .

المحسن السبط مولود أم سقط _ 39 _

  ولدى التحقيق في أسماء شهداء الطف لم أقف على ذكر لهانئ بن هانئ المذكور بينهم ، بينما ورد اسم سعيد بن عبد الله الحنفي في عداد الشهداء ، وكان من المفترض فيه أن يكون كزميله الحنفي ولم يذكر أنه كذلك ، ونكتفي بهذا عنه ، ويتضح أنّ الرجل مجهول الحال أو مجروح ، ومَن وثقه لا يقوم بحجة ترفع أقوال الجارحين من أئمة الفن .
  وقد قال ابن عبد البر في الاستقصاء ( ترجمة رقم 2182 ) : كل مَن لم يرو عنه إلاّ رجل واحد لا يعرف إلاّ بذلك ، فهو مجهول عندهم لا تقوم به حجة .
  فتبيّن أنّ الحديث بهذا السند الضعيف لا يصح أن يحتج به .
  أما الحديث الثاني في الطبقات فهو عن الحسن بن موسى ، وهو الأشيب أبو عليّ البغدادي ثقة ، عن زهير بن معاوية أبو خيثمة ثقة ثبت وسماعه عن أبي إسحاق بآخرة ، وقد تقدم أن أبا إسحاق اختلط بآخرة فلاحظ ذلك ، فالحديث مضاف إلى إرساله إذ لم يدرك أبو إسحاق الإمام عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) ليروي عنه ، فأبو إسحاق في هذا إما مرسِل أو مدلِّس ، لأنّه روى الحديث كما مرّ بالسند الأول عن هانئ بن هانئ وهو هنا لم يذكره .
  أما أسانيد المصادر الباقية فحيث أنّها تنتهي إلى إسرائيل عن أبي إسحاق عن هانئ بن هانئ ، وقد عرفنا حال هؤلاء ، فلا حاجة إلى بسط القول في الرجال الّذين رووا الحديث عن إسرائيل ، يبقى لنا و قفة عابرة مع أولئك الّذين اهتموا بتصحيح الاسناد كالبزار والحاكم والهيثمي وغيرهم ممّن سبقت الإشارة إلى أقوالهم ، فإنّ حجتهم ـ الواهية ـ أنّ رجال بعض أسانيده هم رجال الصحيح ، كما مرّ عن رجال أحمد والبزار وحكاه الهيثمي .
  وكأنّ الصحيح عندهم هو كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .
  وأسفي على تلك الجهود المضاعة لإثبات أنّ صحيح البخاري هو أصح كتاب بعد كتاب الله ، مع كثرة ما فيه من هنات وهفوات ، وما أخذ عليه وفيه من مؤاخذات ، يعرفها أولئك المخرفون قبل غيرهم .

المحسن السبط مولود أم سقط _ 40 _

  ومهما يكن حالهم فلسنا بصددهم ، وإنّما الذي يهمنا أن نقوله : إنّ جميع الأسانيد في الحديث في جميع المصادر تنتهي إلى أبي إسحاق عن هانئ بن هانئ ، ومرّت بنا كلمة الشافعي وغيره ، فلا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن يحتج بالحديث المذكور ، وكذلك بالنسبة إلى الحديث الثاني الذي رواه أبو إسحاق مرسلاً .
  بقى هنا شيء يجب أن ننبه عليه ، هو ما جاء مرسلاً عن سالم بن أبي الجعد ، قال عليّ : كنت رجلاً أحبّ الحرب ، فلما ولد الحسن هممت أن أسميه حرباً ، فسمّاه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) الحسن ، قال : فلما ولد الحسين فهممت أن أسميه حرباً لأنّي كنت أحبّ الحرب ، وسماه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) الحسين ، وقال : إنّي سميت ابنيّ هذين باسمي ابني هارون شبراً وشبيراً .
  وهذا الحديث أخرجه ابن سعد في الطبقات (1) ، والهيثمي في مجمع الزوائد (2) ، والطبراني في المعجم الكبير (3) ، ولمّا كان مرسلاً فلا حاجة إلى عطف النظر إلى رجال السند فيه .
  كما لا حاجة إلى البحث عن أبي غسان الراوي للحديث مرسلاً عن عليّ ( عليه السلام ) كما في المصدر الثاني عشر ، فلا تغني معرفة حاله ، مع جهالة الراوي عنهم من رجاله ، وهذا هو المصدر الوحيد الذي ذكرته وصاحبه من غير أهل السنة ، كما أنّه ليس من الشيعة الإمامية ، بل هو من الإسماعيلية ، وإنّما ذكرته للتنبيه على تسرّب حديث الاكتناء بأبي حرب في التراث الإسلامي ، دون الالتفات إلى ما فيه من هناة .

---------------------------
(1) طبقات ابن سعد : 239 .
(2) مجمع الزوائد 8 : 52 .
(3) المعجم الكبير 3 : 97 .

المحسن السبط مولود أم سقط _ 41 _

الفصل الثالث : البحث عن متن الحديث :

  والبحث في هذا المجال يكون من خلال ست نقاط على النحو التالي :
  النقطة الأولى : وفيها تحقيق المراد من اسم حرب ، فهل هو اسم المعنى الوصفي ؟ أم اسم العلم الشخصي ؟ وما المراد منهما في الحديث .
  النقطة الثانية : هل كان اسم حرب من الأسماء المبغوضة أم المحبوبة ؟
  النقطة الثالثة : ماذا كان يعني إصرار الإمام ـ إن صدقت الأحلام ـ في تسمية أبنائه بحرب اسم المعنى الوصفي ، أم اسم العلم الشخصي ؟
  النقطة الرابعة : ما هي الدوافع المغرية في شخصية حرب اسم العلم الشخصي ؟ بدءاً من آبائه ، ومروراً به ، وانتهاءاً بأبنائه ؟
  النقطة الخامسة : في كنى الإمام وما هي أحبّ كناه إليه ؟
  النقطة السادسة : وأخيراً ماذا وراء الأكمة من تعتيم وظلمة لتضليل الأمة ؟

المحسن السبط مولود أم سقط _ 43 _

النقطة الأولى : في تحقيق المراد من اسم حرب :

  النقطة الأولى : في تحقيق المراد من اسم حرب وهل هو اسم المعنى ؟ أم اسم العلم ؟ ومن المراد منهما في الحديث ؟
  إذا رجعنا إلى المصدر الأول والحديث الثالث من المصدر الخامس ، وجدنا قول الإمام ـ فيما نسب إليه ـ : ( وقد كنت أحبّ أن أكتني بأبي حرب ) وفي مرسل أبي إسحاق كما في المصدر الثاني نقرأ قول أبي إسحاق : وكان يعجبه أن يكنّى أبا حرب ، أما في مرسل سالم بن أبي جعد نقرأ قول الإمام : كنت رجلاً أحبّ الحرب .
  ومهما أغضينا النظر عن الاختلاف في معاني الكلمات الثلاث ، فإنّ هذا إن دل على شيء فيدلّ على أنّ المراد بحرب هو اسم المعنى الوصفي ، ولعله إستناداً إلى ذلك ذهب العقّاد ـ وربما غيره أيضاً _ إلى أنّ المراد من حب الإمام أن يكتني بأبي حرب ، لأنّه رجل شجاع يحب الحرب ، فلنقرأ ما يقوله العقّاد ، وهو يتحدث عن سيرة الإمام مع بنيه ، بعد أن حكى قول الإمام في حق الوالد على الولد ، وحق الولد على الوالد وهو : ( أن يحسّن اسمه ، ويحسّن أدبه ، ويعلّمه القرآن ) .
  قال العقّاد : ومن إحسان التسمية أنّه همّ بتسمية ابنه حرباً ، لأنّه يرشحه للجهاد وهو أشرف صناعاته ، لولا أنّ رسول الله سمّاه الحسن وهو أحسن ، فجرى على

المحسن السبط مولود أم سقط _ 44 _

  هذا الاختيار في تسمية أخويه الحسين والمحسن ، وأتم حق أبنائه في إحسان أسمائهم ، فاختار لهم أسماء النبي ، وأسلافه من الخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان (1) .
  ولا نريد مناقشة العقّاد في تعليله العليل، بأنّ علياً لشجاعته المنقطعة النظير ، كان يحبّ أن يعدّ ابنه فيرشحه لتلك الشجاعة عن طريق تسميته بحرب ؟ !   وكأنّ مجرّد التسمية باسم صفة ، سوف يؤثّر خصائص تلك الصفة في المسمّى ! ؟ وما أدري بماذا يجيب ـ لو كان حياً _ عن تخلّف الصفة فعلاً عن الموصوف بها اسماً ، فكم من اسمه اسد وهو في الحروب نعامة ، وكم من اسمه حاتم وهو في بخله زاد على ما در ، وكم وكم ... ولنا في أسماء الأضداد ما يغني عن إكثار الشواهد ، إذن ليس الأمر كما ذهب إليه العقّاد وغيره .
  ثم هل لنا أن نسأل عن شجاعة أبناء عليّ التي ورثوها ، وكانت ظاهرة للعيان خصوصاً في حرب الجمل ، وصفين ، والنهروان ، هل كانت نتيجة تسميتهم بحرب ؟ ! وهذا ما لم يكن ولم يقع ، أم هي صناعة على نحو صناعات أبيهم كما قاله العقّاد فيه ! ثمّ ما بالنا نجد التفاوت في تلك الصناعة ، فيمتاز بعضهم على بعض في الحروب ، أوليسوا هم جميعاً خرّيجوا مدرسة واحدة ، والمربّي لهم واحد .
  وما دام الإمام ـ إن صدقت الأحلام التي راودت مخيّلة الوضّاعين ـ كان يحب أن يكتنى بأبي حرب لأنّه يحبّ الحرب ، وقد حاول ثلاث مرّات أن يسمّي أحد أبنائه من ولد فاطمة ( عليها السلام ) فلم يقرّه النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، فلماذا لم يسمّ أحد الباقين من أبنائه الّذين هم من غير فاطمة ( عليها السلام ) بهذا الاسم المحبّب إليه ! ! ولم يكن ثمة النبي ( صلى الله عليه وآله ) موجوداً حتى يغيّره مثلاً .

---------------------------
(1) موسوعة العقّاد ( العبقريات الإسلامية ) : 821 ، أما عن تسمية أبناء الإمام بأسماء أبي بكر وعمر وعثمان ، فقد روى البلاذري في أنساب الأشراف 2 : 192 ، قال : وكان عمر ابن الخطاب سمّى عمر بن عليّ باسمه ووهب له غلاماً .
أقول : وما يدرينا لعلّ في مخبآت الآثار ما يكشف أنّ عمر تبع مَنْ قبله في ذلك ، ومن أتى بعده كان على وتيرته ، على أنّه ورد في تسمية ابنه عثمان : سماه باسم عثمان بن مظعون السلف الصالح ، كما ورد في وصفه .

المحسن السبط مولود أم سقط _ 45 _

  وأيضاً ما دام الإمام كان مغرماً باسم حرب لأنّه شجاع ، ويحب أن يكتني بأبي حرب وقد غيّره النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، لماذا لم يعدل إلى ما يرادف ذلك في المعنى كالهيجاء والوغى والقتال والن ـ زال والطعان ، فينال بذلك مبتغاه حين يلقّب بأبي الهيجاء مثلاً ، أو أبي الوغى ، وأبي مقاتل ، وأبي منازل ، وأبي مطاعن ، كما كان العرب يفعلون ذلك ، وحتى كانوا يكتنون بأسماء آلات الحرب كالصارم والهندي والخطي ، فهذا أبو الصوارم ، وذاك أبو الخطي ، وثالث أبو الهندي ، وهكذا دواليك ، فخذ ما شئت من أمثلة لديك .
  فقد جاء في حديث رواه الصدوق في معاني الأخبار (1) بسنده عن أحمد بن أشيم ، قال للرضا ( عليه السلام ) : جعلت فداك لم سمّوا العرب أولادهم بكلب ونمر وفهد وأشباه ذلك ؟ قال : كانت العرب أصحاب حرب ، فكانت تهوّل على العدو بأسماء أولادهم ، ويسمون عبيدهم فرج ومبارك وميمون وأشباه ذلك يتيمّنون بها .
  ثم لو كانت ارادته اسم المعنى الوصفي من حرب ، لتحول بعد التغيير الأول إلى بعض مشتقاته اللفظية ، مثل ( محارب ) فيسمى ولده الثاني أو الثالث ، ولينظر هل كان النبي ( صلى الله عليه وآله ) يقرّه على ذلك أم يغيّره ؟
  ثم أنّ سيرة الإمام عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) في حروبه كلّها كانت سيرة مثلى ، تأبى على مناوئيه وأعدائه فضلاً عن أوليائه أن يقولوا بأنّه كان يحب الحرب ، لأنّه شجاع متعطش لإراقة الدماء وإزهاق الأرواح .
  فإنّا نقرأ حياته في الحروب التي خاض غمارها أيّام الرسول الكريم ( صلى الله عليه وآله ) بدءاً من بدر ثم اُحد وحنين والأحزاب وخيبر وإلى آخرها ، فلم يكن يعدو أوامر النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، ولم يرهق الناس بطشاً حتى يؤذن له .
  وما حديث مبارزته لعمرو بن عبدود إلا دليل على تلك السيرة المثلى ، فهو حيث يقرّره بأنّه يجيب إلى إحدى خصال ثلاث ، فيبدأ بدعوته إلى الاسلام ،

---------------------------
(1) معاني الأخبار للصدوق : 391 ، عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) 1 : 315 .

المحسن السبط مولود أم سقط _ 46 _

  وحين يأبى عليه ذلك ، يطلب منه أن يرجع بالجيش عن محاربة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ثانياً ، وحين يأبى ذلك يطلب إليه الن ـ زول إلى الحرب .
  وأما الحروب التي بعد النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقد فرضت عليه ، ولم يكن راغباً في إثارتها ، لولا بغي البغاة عليه ، من ناكثين وقاسطين ومارقين ، ومع ذلك كله كان لا يبدؤهم بقتال حتى يعذر إليهم ، يتريّث طويلاً ، ويبعث الرسل تلو الرسل إلى أعدائه ، بالأعذار تلو الأعذار ، ثم الإنذار تلو الإنذار ، يخوفهم عواقب البغي والعدوان ، ويحذّرهم مغبّة إغواء الشيطان لهم ، حذار عواقب الحرب الوخيمة ، حتى إذا تمادوا في طغيانهم ، وأصرّوا على منابذته ومناجزته ، ثم هُم بدؤوه بالقتال ، شمّر للحرب عن ساعده ، فخاض الغمرة وأصلاهم نارها ، وألزم عقباهم عارها .
  هذا عليّ ( عليه السلام ) الذي كان يحب الحرب ! ؟ نعم يخوض الحرب حين لا مناص من خوضها وقد شبّت وقدتها ، أما أنه يحبها ويدعو إليها فلا ، بل هو رجل السلم والسلام ، وما علم المسلمون الحكم في قتال أهل القبلة إلاّ من سيرته في الحروب الثلاثة : الجمل وصفين والنهروان .
  فهل مثل هذا الإنسان يمكن أن يقال فيه كان يحب أن يكتني بأبي حرب ، لأنه يحب الحرب ، ويجعل العقّاد من ذلك دليلاً على حسن اختيار الإمام لأحسن الأسماء لأبنائه ، على أنّ في باقي قوله بعد ذلك : وأتمّ حق أبنائه في إحسان أسمائهم فاختار لهم أسماء النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأسلافه ، ما يستبعد اسم المعنى الوصفي ( لحرب ) فلاحظ .
  والآن وبعد هذه التساؤلات التي استبعدت أن يكون المراد بحرب في زعم الزاعمين أن علياً أحب أن يكتنى بأبي حرب ، يعني الحرب ضد السلم ، إذن هل المراد بحرب اسم علم شخصي شغف الإمام به حباً ، فأحبّ أن يسمّي أحد أبنائه باسمه تيمناً به ، وإذا كان ذلك فمن هو ذلك صاحب الاسم المزعوم ؟

المحسن السبط مولود أم سقط _ 47 _

  وإذا رجعنا إلى تاريخ تلك الحقبة التي ذكروا أن علياً سمّى أوهمّ أو أحبّ أن يكتني بتسمية ابنه الأول ( حرب ) لانجد إلاّ حرب بن أمية بن عبد شمس ، وهذا هو والد أبي سفيان صخر بن حرب ، وهو جدّ معاوية بن أبي سفيان .
  ولعل القارئ داعبت مخيلته ظنون توحي إليه بأنّ الحديث من نسيج أحفاد حرب ، ليجعلوا من أبيهم انساناً محبباً ومرموقاً حتى همّ عليّ ، أو سمّى ، أو أحبّ أن يسمّي أحد أبنائه باسمه ، وكرر ذلك ثلاث مرّات إلاّ أنّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) غيّر ، إذن كان لحرب ذكر ونباهة ومقام معلوم مزعوم ، ولنترك التعقيب فعلاً على ذلك حتى نقرأ ما يلي من النقطة الثانية ، ولكن أود تنبيه القارئ إلى أنّ الذي يشير إلى المراد بحرب هو اسم العلم الشخصي ، هو قوله ( عليه السلام ) : ( ما شأن حرب ) ؟ كما مرّ في الحديث الثاني في المصدر الثاني .

المحسن السبط مولود أم سقط _ 49 _

النقطة الثانية : هل كان اسم حرب من
الأسماء المحبوبة أم المبغوضة :

  هذا سؤال يصح أن يقال إذا كان القارئ على علم بأنّ هناك أسماء محبوبة وأخرى مبغوضة ، ورد التنبيه عليها من الشرع ، وليس المقصود هنا بالمحبوبية والمبغوضية ما يراه الإنسان في نفسه .
  وإذا رجعنا إلى الأحاديث التي وردت عن صاحب الشرع في تلك المسألة ، نجد أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) كان يغيّر الاسم القبيح ـ كما في حديث عائشة ( في الفتح الكبير للنبهاني ) نقلاً عن الترمذي وهو في جامعه (1) .
  وقد روى الحميري في قرب الإسناد (2) بسنده عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) عن آبائه ( عليهم السلام ) ، أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كان يغيّر الأسماء القبيحة في الرجال والبلدان .
  وقد غيّر بعض الأسماء ، كما في حديث سعيد بن المسيب بن حزن أنّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال لجده حزن : ما اسمك ؟ قال : حزن ، قال : أنت سهل ، قال له : السهل يوطأ أو يمتهن ، قال سعيد : فما زالت الحزونة فينا بعد .
  والحديث أخرجه أبو داود في السنن (3) كما أخرجه غيره .

---------------------------
(1) الفتح الكبير للنبهاني 2 : 385 ، عن سنن الترمذي 2 : 107 .
(2) قرب الإسناد للحميري : 45 .
(3) سنن أبي داود 4 : 289 .

المحسن السبط مولود أم سقط _ 50 _

  وإلى القارئ نموذجاً من الأسماء التي غيّرها النبي ( صلى الله عليه وآله ) .
  قال أبو داود : وغيّر النبي ( صلى الله عليه وآله ) اسم العاص ، وعزيز ، وعقلة ، وشيطان ، والحكم ، وغراب ، وحباب ، وشهاب فسماه هشاماً ، وسمى حرباً سلماً ، وسمى المضطجع المنبعث ، وأرضاً تسمى عَفِرَة سماها خَضِرة ـ بمعجمة ـ وشعب الضلالة سماه شعب الهدى ، وبنو الزنية سمّاهم بني الرشدة ، وسمى بني مغوية بني رشدة .
  قال أبو داود : وتركت أسانيدها للاختصار (1) .
  وأخرج الترمذي في صحيحه (2) والبغوي في مصابيح السنّة (3) أنه غيّر اسم عاصية بنت عمر فسماها جميلة .
  وقد ذكر البخاري في صحيحه في كتاب الأدب بعض تلك الأسماء ، وزاد في كتاب الأدب المفرد كثيراً من الأحاديث في ذلك فلتراجع .
  وإذا علمنا أنّ هناك أسماء مبغوضة غيّرها النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وكان منها اسم حرب فغيّره وسمّاه سلماً _ كما مرّ عن أبي داود ـ فما بال الإمام عليّ ( عليه السلام ) يحبّ أن يكتني بحرب ؟ أو لم يكن يعلم بما رواه أبو وهب الجشمي في خصوص حرب ؟ وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد (4) وغيره بأسانيدهم عن أبي وهب ـ وكانت له صحبة ـ عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنّه قال : ( تسمّوا بأسماء الأنبياء ، وأحبّ الأسماء إلى الله ( عزّ وجلّ ) عبد الله وعبد الرحمن ، وأصدقها حارث وهمام ، وأقبح الأسماء حرب ومرّة ) (5) .

---------------------------
(1) سنن أبي داود 4 : 289 .
(2) صحيح الترمذي 2 : 137 .
(3) مصابيح السنّة للبغوي 2 : 148 .
(4) الأدب المفرد للبخاري : 211 ، وأبو داود في السنن 2 : 307 ، والبيهقي في السنن الكبرى 9 : 306 ، وأحمد في المسند 4 : 345 ، وابن القيم في زاد المعاد : 258 / 260 ، والنبهاني في الفتح الكبير 2 : 385 ، وابن عبد البر في الاستيعاب 2 : 78 .
(5) لقد ورد الحديث عن طريق أهل البيت ( عليهم السلام ) كما في الجعفريات ملحقاً بكتاب قرب الإسناد ، بلفظ ( نعم الأسماء عبد الله وعبد الرحمن والأسماء المعبّدة ، وشرها همام والحارث ... ) وأخرجه السيد الراوندي في نوادره : 9 ، وفيه : ( نعم الأسماء عبد الله وعبد الرحمن والأسماء المعبدة ، وشرها همام والحارث ... ) ونقله عن النوادر في البحار 104 : 130 ، ومستدرك الوسائل 3 : 618 ، ولقد ورد في حديث جابر مرفوعاً أنّه ( صلى الله عليه وآله ) قال : ( وشر الأسماء ضرار ومرّة وحرب وظالم ) راجع الخصال للصدوق : 228 .