المقدمة
الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام عل سيدنا محمد وآله الطاهرين ، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين من الأولين والاخرين .
وبعد :
فقد ذكرت في بعض بحوثي بعد حديث : إن كل حديث جاء فى مناقب الخلفاء ، وذكرت فيه أساميهم على الترتيب فهو حديث موضوع بلا ريب . . .
فطلب مني بعض القراء الأفاضل اثبات ذلك عن طريق التحقيق في أسانيد عدّة من الأحاديث ـ من هذا القبيل ـ الخرّجة في الصحاح والكتب المعتبر . . . فكانت هذه الرسالة . . .
ثم ظهر لي أن الحكم بالوضع لا يختص باخبار أبواب المناقب ، بل أكاد أتبع بان كل حديث كان كذلك في مطلق الأبواب فهو موضوع ، حق التي جاء فيها عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه يقول : جئت أنا وأبو بكر وعمر وعثمان . . . خرجت أنا وأبو بكر وعمر وعثمان . . . أين أبو بكر وعمر وعثمان . . .
وقد يكون فيها ذكر « عليّ » بعدهم وقد لا يكون ، ولربما جاء اسمه مقدّما على « عثمان » لكنهما متى ذكرا فهما مؤخران عن أبي بكر وعمر . . . !
ومن الطريف أني وجدت حديثا قد وضع فيه الكذابون هذا المعنى عن لسان أمير المؤمنين عليه السلام ، ليكون إقراراً منه بذلك ، فلا يبقى لأحدٍ اعتراض عليه . . . ! ! :
أخرج البخاري ، قال : حدّثني الوليد بن صالح ، حدثنا عيسى بن يونس ، حدثنا عمر بن سعيد بن أبي الحسين المكيّ ، عن ابن أبي مليكة ، عن ابن عباس . . . » .
وأخرج مسلم ، قال : « حدثنا سعيد بن عمرو الأشعثي وأبو الربيع العتكي وأبو كريب محمد بن العلاء ـ واللفظ لأبي كريب ـ قال أبو الربيع : حدثنا ، وقال الأخران : أخبرنا ابن المبارك ، عن عمر بن سعيد بن أبي حسين ، عن ابن أبي مليكة ، قال : سمعت ابن عباس يقول :
وضع عمر بن الخطاب على سريره ، فتكنفه الناس يدعون ويثنون ويصلون عليه قبل أن يرفع ـ وأنا فيهم ـ قال : فلم يرعني إلا برجل قد أخذ بمنكبي من ورائي ، فالتفت إليه فإذا هو علي ، فترحم على عمر وقال : ما خلّفت أحدا أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منك ، وأيم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك ، وذاك أني كنت أكثر أسمع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : جئت أنا وأبو بكر وعمر ، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر ، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر ، فإن كنت لأرجو ـ أو لأظن ـ أن يجعلك الله معهما » (1) .
وكذا أخرجه غيرهما ، كأبن ماجة . . . فرواه باسناده عن عمر بن سعيد ، عن ابن أبي مليكة ، عن ابن عباس . . .
لكنه حديث موضوع على أمير المؤمنين عليه السلام . . . لأن مداره على
---------------------------
(1) صحيح البخاري 5|69 ، صحيح مسلم 7|112 .
الرسائل العشرة _ 369 _
« ابن أبي مليكة » هذا الرجل الذى يعدّ من كبار النواصب المبغضين له ولأهل البيت عليهم السلام ، حتى كان قاضي عبدلله بن الزبير ومؤذنه . . . (1) .
والله أسال أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم ، وأن يوفقنا لتحقيق الحق واتباعه ، انه هو البرّ الرحيم .
أخرج البخاري ، قال :
« حدثنا محمد بن مسكين أبو الحسن ، حدثنا يحيى بن حسان ، حدثنا سليمان ، عن شريك بن أبي نمر ، عن سعيد بن المسيب ، قال : أخبرني أبو موسى الأشعري : أنه توضأ في بيته ثم خرج ، فقلت : لألزمن رسول الله ( صل الله عليه واله وسلّم ) ، ولأكونن معه يومي هذا ، قال : فجاء المسجد فسأل عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فقالوا : خرج ووجه ههنا ، فخرجت على إثره أسأل عنه حتى دخل بئر أريس ، فجلست عند الباب ـ وبابها من جريد ـ حتى قضى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حاجته فتوضأ ، فقمت إليه فإذا هو جالس عل بئر أريس ، وتوسط قفها وكشف عن ساقيه ودلآهما في البئر ، فسلمت عليه ثم انصرفت ، فجلست عند الباب فقلت : لأكونن بواب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) اليوم ،
فجاء أبوبكرفدفع الباب ، فقلت : من هذا ؟ !
فقال : أبو بكر .
فقلت : على رسلك . ثم ذهبت فقلت : يا رسول الله ! هذا أبو بكر يستأذن .
فقال : إئذن له وبشره بالجنة ،
فاقبلت حتى قلت لأبي بكر : أدخل ، ورسول الله يبشرك بالجنة .
فدخل أبو بكرفجلس عن يمين رسول الله ( صل الله عليه وآله وسلم ) معه في القف ، ودلى رجليه في البئركما صنع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وكشف عن ساقيه ،
ثم رجعت فجلست وقد تركت أخي يتوضّأ ويلحقني ، فقلت : إن يرد الله
---------------------------
(1) تهذيب التهذيب 5|268 .
الرسائل العشرة _ 370 _
بفلانٍ خيراً ـ يريد أخاه ـ يأت به ، فاذا إنسان يحرك الباب ،
فقلت : من هذا ؟ !
فقال : عمربن الخطاب .
فقلت : على رسلك ، ثم جئت إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فسلمت عليه ، فقلت : هذا عمر بن الخطاب يستأذن .
فقال : إئذن له وبشره بالجنة .
فجئت فقلت له : أدخل ، وبشّرك رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالجنة ،
فدخل فجلس مع رسول الله ( صلى الله عليه وإله وسلم ) في القفّ عن يساره ، ودلى رجليه في البئر ،
ثم رجعت فجلست فقلت : إن يرد الله بفلانٍ خيراً يأت به. فجاء إنسان يحرك الباب .
س فقلت : من هذا؟!
فقال : عثمان بن عفان .
فقلت : على رسلك ، فجئت إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فاخبرته .
فقال : إئذن له وبشره بالجنة علي بلوى تصيبه .
فجئته فقلت له : أدخل ، وبشرك رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالجنة على بلوى تصيبك ،
فدخل فوجد القف قد ملئ ، فجلس وجاهه من الشقّ الآخر،
قال شريك : قال سعيد بن المسيب : فأوّلتها قبورهم » (1) .
وأخرجه مسلم بالإسناد واللفظ . . . (2) .
---------------------------
(1) صحيح البخاري 5|68 .
(2) صحيح مسلم 7|118 .
الرسائل العشرة _ 371 _
وقال البخاري : « حدثنا يوسف بن موسى ، حدثنا ابو أسامة ، قال : حدّثني عثمان بن غياث ، حدثنا أبو عثمان النهدي ، عن أبي موسى . . . » (1) .
وقال مسلم : « حدثنا محمد بن المثنى العنزي ، حدثنا ابن أبي عديّ ، عن عثمان بن غياث ، عن أبي عثمان النهدي ، عن أبي موسى الأشعري . . . » (2) .
واخرجه غيرهما كذلك . . .
أقول :
ترجمة شريك بن أبي نمر :
ففي السند الأول : شريك بن أبي نمر :
قال ابن معين : ليس بالقوي .
وقال النسائي : ليس بالقوي .
وقال ابن عديّ : إذا روى عنه ثقة فانه ثقة ،
وكان يحيى بن سعيد لا يحدّث عنه .
وقال الساجي : كان يرى القدر.
ووهّاه ابن حزم لأجل حديثه في الإسراء ،
وذكر الذهبي الحديث فقال : هذا من غرائب الصحيح (3) .
ترجمة عثمان بن غياث :
وفي السند الثاني : عثمان بن غياث :
قال الدوري عن ابن معين : كان يحيى بن سعيد يضعف حديثه في التفسير.
وقال علي بن المديني : سمعت يحيى القطان يقول : عند عثمان بن غياث كُتُبّ عن عكرمة فلم يصحّحها لنا ،
وذكره الآجري ـ عن أبي داود ـ في مرجئة أهل البصرة ،
وقال أحمد : كان يرى الإرجاء(4)
والراوي عنه عند البخاري : « أبو أسامة » وهو حماد بن أسامة :
ترجمة أبي أسامة :
قال الأزدي : قال المعيطي : كان كثير التدليس ، ثم بعد ذلك تركه .
وقال ابن سعد : يدلّس ويبين تدّليسه .
وعن سفيان الثوري : إني لأعجب كيف جاز حديث أبي أسامة ، كان أمره بينا ، كان من أسرق الناس لحديث جيد .
وقال الأجري عن أبي داود : قال وكيع : نهيت أبا أسامة أن يستعير الكتب وكان دفن كتبه (5) .
أخرج مسلم قائلا :
« حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد ، حدّثني أبي ، عن جدّي ، حدّثني عقيل بن خالد ، عن ابن شهاب ، عن يحيى بن سعيد بن العاص : أن سعيد بن العاص أخبره أن عائشة زوج النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعثمان حدّثاه : أن أبا بكر استاذن على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم )وهو مضطجع على فراشه لابس مرط عائشة ، فاذن لأبي بكر وهو كذلك ، فقضى حاجته ثم انصرف ،
ثم استاذن عمر ، فاذن له وهو على تلك الحال ، فقضى إليه حاجته ثم انصرف ،
قال عثمان : ثم استاذنت عليه ، فجلس وقال لعائشة : اجمعي عليك ثيابك ، فقضيت إليه حاجتي ، ثم انصرفت ،
فقالت عائشة : يا رسول الله ، ما لي لم أرك فزعت لأبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ كما فزعت لعثمان ؟ ! .
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إن عثمان رجل حييّ ، وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحال أن لا يبلغ اليّ في حاجته » (1) .
أقول :
ترجمة عقيل بن خالد :
في هذا السند : عقيل بن خالد :
قال أبو حاتم : لم يكن بالحافظ .
وقال الماجشون : كان جلوازاً .
وقال الذهبي : قيل : كان والي إيلة ،
وكان يحيى القطان يضعفه ( 11)،
وفيه « ابن شهاب » وهو « الزهري » :
---------------------------
(1) صحيح مسلم 7|117.
الرسائل العشرة _ 373 _
ترجمة الزهري :
وهو من أشهر المنحرفين عن أمير المؤمنين وأهل بيته عليهم السلام ، كان ينال منهم ويضع الأحاديث في الحطّ منهم وفي فضل غيرهم وتقديم غيرهم عليهم :
قال ابن أبي الحديد : « كان الزهري من المنحرفين عنه ، وروى جرير بن عبد الحميد ، عن محمد بن شيبة ، قال : شهدت مسجد المدينة فإذا الزهري وعروة ابن الزبير جالسان يذكران عليا فنالا منه ، فبلغ ذلك عليّ بن الحسين ، فجاء حتى وقف عليهما فقال : أما أنت يا عروة فان أبي حاكم أباك إلى الله فحكم لأبي على أبيك، وأما أنت يا زهري ، فلو كنت بمكة لأريتك كير أبيك » .
قال : « وروى عاصم بن أبي عامر البجلي ، عن يحيى بن عروة ، قال : كان أبي إذا ذكر علياً نال منه » (1) .
وقال ابن عبد البرّ : « ذكر معمر في جامعه عن الزهري قال : ما علمنا أحداً أسلم قبل زيد بن حارثة ، قال عبد الرزاق : وما أعلم أحدا ذكره غير الزهري » (2)
أي : هو كذب ، فإن أول من أسلم هو أمير المؤمنين علي عليه السلام ،
لكن الزهري يريد إنكار هذه المنقبة أو إخفاءها . . .
هذا ، وقد بلغ عداء الزهري لأهل البيت عليهم السلام حدّاً جعله يروي حتى عن عمر بن سعد بن أبي وقاص ! . . . قال الذهبي :
« عمر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه ، وعنه : إبراهيم وأبو إسحاق ، وأرسل عنه الزهري وقتادة .
قال ابن معين : كيف يكون من قتل الحسين ثقة ؟ ! » (3) .
---------------------------
(1) ميزان الاعتدال 3|89 ، تهذيب التهذيب 7|228 .
(2) شرح نهج البلاغة 4|102 .
(3) الكاشف ـ ترجمة عمر بن سعد .
الرسائل العشرة _ 374 _
لكن الرجل كان من أعوان بني أمية وعمالهم ومشيدي سلطانهم ، حتى جاء في ترجمته من « رجال المشكاة » للمحدث الشيخ عبد الحق الدهلوي ، ما نصه : « إنه قد ابتلي بصحبة الأمراء بقلّة الديانة ، وكان أقرانه من العلماء والزهاد يأخذون عليه وينكرون ذلك منه ، وكان يقول : أنا شريك في خيرهم دون شرهم! فيقولون : ألا ترى ما هم فيه وتسكت ؟! ».
قال ابن خلكان : « ولم يزل الزهري مع عبد الملك ، ثم مع هشام بن عبد الملك ، وكان يزيد بن عبد الملك قد استقضاه » (1) .
ومن هنا قدح فيه ابن معين ، فقد :
« حكى الحاكم عن ابن معين أنه قال : أجود الأسانيد : الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله .
فقال له إنسان : الأعمش مثل الزهري .
فقال : تريد من الأعمش أن يكون مثل الزهري ؟ !
الزهري يرى العرض والإجازة ويعمل لبني أميّة. والأعمش فقير صبور ، مجانب للسلطان ، ورع عالم بالقرآن » (2) .
وبهذه المناسبة كتب إليه الإمام زين العابدين عليه السلام كتاباً يعظه فيه
ويذكره الله والدار الآخرة ، وينبّهه على الآثار السيئة المترتبة عل كونه في قصور السلاطين ، ومن ذلك قوله :
« إن أدنى ما كتمت وأخف ما احتملت أن آنست وحشة الظالم ، وسهلت له طريق الغي . . . جعلوك قطبا أداروا بك رحى مظالمهم ، وجسرا يعبرون عليك إلى بلاياهم ، وسلماً إلى ضلالتهم ، داعيا إلى غيهم ، سالكاً سبيلهم . . .
إحذر ، فقد نبئت؛ وبادر ، فقد أجّلت . . . ولا تحسب اني أردت توبيخك وتعنيفك وتعييرك ، لكني أردت أن ينعش الله ما فات من رأيك ، ويردّ إليك ما عزب من دينك . . .
أما ترى ما أنت فيه من الجهل والغرة ، وما الناس فيه من البلاء والفتنة ؟ !
فأعرض عن كل ما أنت فيه حتى تلحق بالصالحين الذين دفنوا في أسمالهم ، لاصقة بطونهم بظهورهم . . .
ما لك لا تنتبه من نعستك ؟ ! وتستقيل من عثرتك ! فتقول : والله ما قمت لله مقاما واحدا ما أحييت به له دينا ، أو أمت له فيه باطلا » (3) .
---------------------------
(1) وفيات الأعيان 3|317 ترجمة الزهري .
(2) تهذيب التهذيب ـ ترجمة الأعمش 4|195 .
(3) تحف العقول عن آل الرسول : 198 ، إحياء العلوم 2|143.
أخرج مسلم في مناقب طلحة والزبير :
« حدّثنا عبيد الله بن محمد بن يزيد بن خنيس وأحمد بن يوسف الأزدي ، قالا : حدّثنا إسماعيل بن أبي أويس ، حدّثني سليمان بن بلال ، عن يحيى بن سعيد ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة : أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان على جبل حراء فتحرك ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أسكن حراء ، فما عليك إلا نبي أو صدّيق أو شهيد ، وعليه : النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأبو بكر وعمر وعثمان وعليّ وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص ، رضي الله عنهم » (1) .
أقول :
أوردنا هذا الحديث هنا وإن لم يكن ذُكِر الأسامي على الترتيب على لسان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، لأن ذلك موضوع على لسانه في ألفاظ أخرى لهذا الحديث ، ولأن المقصود منه ـ مضافا الى إثبات الترتيب ـ نسبة وصف أبي بكر بـ « الصديق » وجميع من ذكر بعده بـ « الشهادة » إلى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . . . لكنه حديث موضوع . . .
أما من حيث المتن ـ بغض النظر عما في وصف غير أميرالمؤمنين عليه السلام بـ « الشهيد » ـ أن سعد بن أبي وقاص مات حتف أنفه في قصره ! ! ومن هنا لم يذكر سعد في صحيح مسلم في الحديث الذي قبله . . . فلاحظ ! لكن بعضهم تصدّى لتصحيح المعنى بان سعدا مات بالطاعون ومن مات به فهو شهيد ! ! (2) .
---------------------------
(1) صحيح مسلم 7|128 .
(2) لاحظ : الشفاء وشرحه نسيم الرياض 3|192 .
الرسائل العشرة _ 376 _
واما من حيث السند ففيه ـ بغض النظر عن غيره ـ : إسماعيل بن أبي أويس :
ترجمة إسماعيل بن أبي أويس :
قال النسائي : ضعيف (1) .
وقال يحيى بن معين : هو وأبوه يسرقان الحديث .
وقال الدولابي : سمعت النضر بن سلمة المروزي يقول : كذاب .
وقال الذهبي ـ بعد نقل ما تقدم ـ : ساق له ابن عديّ ثلاثة أحاديث ثم قال : روى عن خاله مالك غرائب لا يتابعه عليها أحد (2) .
وقال إبراهيم بن الجنيد عن يحيى : مخلط ، يكذب ، ليس بشيء (3) .
وقال ابن حزم في « المحلى » : قال أبو الفتح الأزدي : حدثني سيف بن محمد : أن ابن أبي أويس كان يضع الحديث (4) .
وقال العيني : أقر على نفسه بالوضع كما حكاه النسائي (5) .
أخرج ابن ماجة في فضل عثمان قائلا :
« حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير وعليّ بن محمد ، قالا : ثنا وكيع ، ثنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، عن عائشة ، قالت :
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في مرضه : وددت أن عندي بعض أصحابي ، قلنا : يا رسول الله ألا ندعو لك أبا بكر ؟ فسكت ، قلنا : ألا ندعو لك عمر ؟ فسكت ، قلنا : ألا ندعو لك عثمان ؟ قال : نعم ، فجاء ، فخلا به ، فجعل النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يكلّمه ووجه عثمان يتغير .
قال قيس : فحدّثني أبو سهلة مولى عثمان : أن عثمان بن عفان قال يوم الدار : إن رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) عهد إليّ عهدا فأنا صائر إليه .
وقال عليّ في حديثه : وأنا صابر عليه .
قال قيس : فكانوا يرونه ذلك اليوم » (1) .
وأخرجه الحاكم بإسناده عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، عن أبي سهلة مولى عثمان ، عن عائشة . . . ثم قال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (2) .
أقول :
في هذا السند : قيس بن أبي حازم :
ترجمة قيس بن أبي حازم :
نقل الذهبي وابن حجر عن يعقوب بن شيبة السدوسي ـ واللفظ للثاني ـ : « قد تكلّم أصحابنا فيه ، فمنهم من رفع قدره وعظمه وجعل الحديث عنه من أصح الاسناد ، ومنهم من حمل عليه وقال : له أحاديث مناكير ، والذين أطروه حملوا هذه الأحاديث على أنها عندهم غير مناكير وقالوا : هي غرائب. ومنهم من حمل عليه في مذهبه ،
وقالوا : كان يحمل على عليّ ،
والمشهور عنه : أنه كان يقدم عثمان،
ولذلك تجنب كثير من قدماء الكوفيين الرواية عنه (3) .
وذكر السيوطي في « تدريب الراوي » فائدة قال : « أردت أن أسرد أسماء من رمي ببدعة ممن أخرج لهم البخاري ومسلم أو أحدهما » ثم ذكر « قيس بن أبي حازم ، في الذين رموا بالنصب ، وهو بغض عليّ عليه السلام .
أخرج الترمذي قائلا :
« مناقب معاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأُبَيّ وأبي عبيدة بن الجراح ـ رضي الله عنهم ـ :
حدثنا سفيان بن وكيع ، حدثنا حميد بن عبد الرحمن ، عن داود العطار ، عن معمر ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أرحم أمتي بأمتي أبو بكر ، وأشدّهم في أمر الله عمر ، وأصدقهم حياء عثمان بن عفان ، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل ، وأفرضهم زيد بن ثابت ، وأقرؤهم أُبي بن كعب ، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح .
هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث قتادة إلا من هذا الوجه ،
وقد رواه أبو قلابة عن أنس عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : حدّثنا محمد بن بشار ، نا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ، حدثنا خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) : أرحم أمتي بأمتي أبو بكر ، وأشدّهم في أمر الله عمر ، وأصدقهم حياء عثمان ، وأقرؤهم لكتاب الله أُبي بن كعب ، وأفرضهم زيد بن ثابت ، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل ، ألا وإن لكل امة أمينا وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجرّاح ،
هذا حديث حسن صحيح (1) .
وأخرجه ابن ماجة أيضا حيث قال :
« حدثنا محمد بن المثنى ، ثنا عبد الوهّاب بن عبد المجيد ، ثنا خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، عن أنس بن مالك : ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : أرحم أُمّتي بأمتي أبو بكر . . .
حدثنا عليّ بن محمد ، ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن خالد الحذاء ، عن أبي قلابة مثله » (1) .
وأخرجه الحاكم فقال :
« حدثنا عبد الرحمن بن حمدان الجلاّب بهمدان ، حدثنا أبو حاتم الرازي ، حدثنا محمد بن يزيد بن سنان الرهاوي ، حدثنا الكوثر بن حكيم أبو محمد الحلبي ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) : أرأف أمتي بها أبو بكر ، وإن أصلبها في أمر الله عمر ، وإن أشدها حياء عثمان ، وإن أقرأها أبي بن كعب ، وإن أفرضها زيد بن ثابت ، وإن أقضاها علي ابن أبي طالب ، وإن أعلمها بالحلال والحرام معاذ بن جبل ، وإن أصدقها لهجة أبو ذر ، وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح ، وإن حبر هذه الأمة لعبد الله بن عباس » (3) .
أقول :
هذه أهم أسانيد هذا الحديث في أهمّ كتب القوم . . . وهو حديث موضوع على رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلّم ) ، ولو أردنا النظر في أسانيده بالتفصيل ، لخرجنا عن وضع الرسالة ، فنكتفي ببعض الكلام على الأسانيد المذكورة وهو أقل قليل . . .
أما سنده عند الترمذي ، ففي إسناده الأول : سفيان بن وكيع :
---------------------------
(1) صحيح الترمذي 5|623 .
(2) سنن ابن ماجة 1|58.
(3) المستدرك على الصحيحين 3|535.
الرسائل العشرة _ 379 _
ترجمة سفيان بن وكيع :
قال البخاري : يتكلمون فيه لأشياء لقنوه إياها .
وقال ابو زرعة : يتهم بالكذب .
قال ابن أبي حاتم : سئل عنه أبي فقال : ليّن .
وقال النسائي : ليس بثقة .
وقال الآجري : امتنع أبو داود من التحديث عنه ،
وذكره الذهبي في الضعفاء .
وقال ابن حجر : ابتلي بوراق فادخل عليه ما ليس من حديثه ، فنصح فلم يقبل ، فسقط حديثه (1) .
* و« داود العطّار » :
ترجمة داود العطار :
قال الحاكم : قال يحيى بن معين : ضعيف الحديث .
وقال الأزدي : يتكتمون فيه (2) . .
ترجمة قتادة :
وقتادة :
كان يرى القدر ويدعو إلى ذلك ،
وكان مشهوراً بالتدليس ،
وعن الشعبي : قتادة حاطب ليل (3) .
وفي إسناده الثاني : « محمد بن بشار » :
ترجمة محمد بن بشار :
كذّبه الفلاّس ،
كان يحيى لا يعبأ به ويستضعفه ،
والقواريري : لا يرضاه ،
وكان صاحب حمام (1)
و « عبد الوهاب بن عبد المجيد » :
ترجمة عبد الوهاب بن عبد المجيد :
قال ابن أبي حاتم : سألت أبي عنه فقال : مجهول ،
وعدّه ابن مهدي فيمن كان يحدّث من كتب الناس ولا يحفظ ذلك الحفظ .
وقال الدوري عن ابن معين : اختلط بآخره .
وقال أبو داود : تغيّر .
وذكره العقيلي في الضعفاء (2) .
و « خالد الحذاء » :
ترجمة خالد الحذاء :
قال أبو حاتم : يكتب حديثه ولا يحتج به .
وقال ابن حجر : حكى العقيلي في تاريخه من طريق يحيى بن آدم عن أبي شهاب ، قال : قال لي شعبة : عليك بحجاج بن أرطاة ومحمد بن إسحاق فإنهما
حافظان ، واكتم عليّ عند البصريين في خالد الحذاء وهشام .
قال يحيى : وقلت لحماد بن زيد : ما لخالد الحذاء ؟! قال : قدم علينا قدمة من الشام فكانا أنكرنا حفظه .
وقال عبّاد بن عباد : أراد شعبة أن يقع في خالد فأتيته أنا وحماد بن زيد فقلنا له : ما لك أجننت ؟! وتهددناه ، فسكت ،
وحكى العقيلي من طريق أحمد بن حنبل قيل لابن علية في حديث : كان خالد يرويه. فلم يلتفت إليه ابن علية وضعف أمر خالد .
قال ابن حجر الظاهر أن كلام هؤلاء من أجل ما أشار إليه حّماد بن زيد من تغيرحفظه بآخره ، أو من أجل دخوله في عمل السلطان » (3)
و « أبو قلابة » وهو عبدالله بن زيد الجرمي :
ترجمة أبي قلابة :
وكان يبغض عليّاً عليه السلام ويسيء إليه الأدب ، ولذا لم يرو عنه أصلاً .
وقد اتفقوا على أنه كان يدلّس عمّن لحقهم وعمّن لم يلحقهم (1)
وعن أبي الحسن القابسي المالكي : هو عند الناس معدود في البُله ،
وبما ذكرنا يظهر الكلام على سنده عند ابن ماجة ،
بقي أمران :
أحدهما : إن هذا الحديث ـ بالإضافة إلى ما ذكر ـ مرسل ، نص عليه ابن حجر العسقلاني في « فتح الباري » وكذا غيره من الشراح . . . قال المناوي بشرحه : « قال ابن حجر في الفتح : هذا الحديث أورده الترمذي وابن حبّان من طريق عبد الوهّاب الثقفي عن خالد الحذاء مطوّلا ، وأوّله « أرحم » وإسناده
صحيح ، إلاّ أن الحفاظ قالوا : إن الصواب في أوله الإرسال ، والموصول منه ما اقتصر عليه البخاري » (2)
والثاني : إن راويه « أنس بن مالك » لا يعتمد عليه بعدما صدر منه الكذب والخيانة في غير مورد . . .
وأما سنده عند الحاكم . . . ففيه : « محمد بن يزيد بن سنان الرهاوي » :
ترجمة محمد بن يزيد الرهاوي :
قال الذهبي : قال الدارقطني : ضعيف .
وقال النسائي : ليس بالقوي.
وقال ابن أبي حاتم : سألت أبي عنه فقال : ليس بشيء ، هو أشد غفلة من أبيه.
وقال البخاري : أبو فروة متقارب الحديث ، إلا أن ابنه محمدا يروي عنه مناكير.
وقال الآجري عن أبي داود : أبو فروة الجزري ليس بشيء ، وابنه ليس بشيء.
وقال الترمذي : لا يتابع على روايته ، وهو ضعيف .
وأورده الذهبي في « المغني في الضعفاء » .
وقال ابن حجر : ليس بالقوي (3).
رجمة كوثر بن حكيم :
وكوثر بن حكيم :
قال البخاري في الضعفاء والمتروكين : منكر الحديث .
وقال النسائي في الضعفاء والمتروكين : متروك الحديث .
وقال أبو زرعة : ضعيف .
وقال ابن معين : ليس بشيء.
وقال أحمد : أحاديثه بواطيل .
وقال الدارقطني : متروك .
وقال الذهبي في « المغني في الضعفاء » : تركوا حديثه ، له عجائب (1).
أقول :
فظهر أن الحق مع من لم يكتف بتضعيف هذا الحديث بل رجّح وضعه (2) .
أخرج الحاكم في مناقب عثمان ، وصححه على شرط الشيخين ، قائلا :
« حدثنا أبو علي الحافظ ، ثنا أبو بكر محمد بن محمد بن سليمان ، ثنا أبو عبيد الله أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، حدّثني عميّ ، ثنا يحيى بن أيوب ، ثنا هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ ، قالت : أول حجر حمله النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) لبناء المسجد ، ثم حمل أبو بكر حجرا آخر ، ثم حمل عمر حجراً آخر ، ثم حمل عثمان حجرا آخر ، فقلت : يا رسول الله ، ألا ترى إلى هؤلاء كيف يساعدونك ؟ فقال : يا عائشة ، هؤلاء الخلفاء من بعدي .
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، وإنما اشتهر بإسناد واهٍ من رواية محمد بن الفضل بن عطية ، فلذلك هجر » (3) .
أقول :
هذا حديث موضوع بالنظر إلى سنده ومتنه .
أما السند ، ففيه ـ بغض النظر عن غيره ـ : أحمد بن عبد الرحمن بن وهب المصري :
ترجمة أحمد بن عبد الرحمن المصري :
قال ابن عديّ : رأيت شيوخ مصر مجمعين على ضعفه .
وقال ابن يونس : لاتقوم به حجة .
وقال ابن حبان : إنه أتى بمناكير في آخر عمره (4) .
قلت : وهذا الحديث عن عمّه ! !
وأما المتن ، فيكفي في الكلام حوله نقل عبارة الذهبي ، فإنه قال في تعقيب الحاكم ما هذا نصّه :
« قلت : أحمد منكر الحديث ، وهو ممن نقم على مسلم إخراجه في الصحيح ، ويحيى وإن كان ثقة فقد ضعف .
ثم لوصحّ هذا لكان نصا في خلافة الثلاثة .
ولا يصح بوجه! فإن عائشة لم تكن يومئذ دخل بها النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وهي محجوبة صغيرة ، فقولها هذا يدل على بطلان الحديث .
قال الحاكم : وإنما اشتهر هذا الحديث من رواية محمد بن الفضل بن عطية ، فلذلك هجر ،
قلت : ابن عطية متروك لما » (1) .
أخرج أبو داود قائلا :
« حدثنا عمرو بن عثمان ، ثنا محمد بن حرب ، عن الزبيدي ، عن ابن شهاب ، عن عمرو بن أبان بن عثمان ، عن جابر بن عبد الله : أنه كان يحدّث أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : أري الليلة رجل صالح أن أبا بكر نيط برسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ونيط عمر بأبي بكر ، ونيط عثمان بعمر ، قال جابر : فلما قمنا من عند رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قلنا : أما الرجل الصالح فرسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وامّا تنوط بعضهم ببعض فهم ولاة هذا الأمر الذي بعث الله به نبيه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
قال أبو داود : ورواه يونس وشعيب ، لم يذكرا عمراً » (2) .
وأخرج الحاكم قائلا :
« أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار ، ثنا أحمد بن مهدي بن رستم ، ثنا موسى بن هارون البردي ، ثنا محمد بن حرب ، حدّثني الزبيدي ، عن الزهري ، عن عمرو بن أبان بن عثمان ، عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : أري الليلة رجل صالح أن أبا بكر ـ رضي الله عنه ـ نيط برسول الله( صلى الله عليه وآله وسلّم ) ، ونيط عمر بابي بكر ، ونيط عثمان بعمر ، قال جابر : فلما قمنا من عند النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قلنا : الرجل الصالح النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وأما ما ذكر من نوط بعضهم بعضاً فهم ولاة هذا الأمر الذي بعث الله به نبيه ( صلى الله عليه وآله وسلم )
ولعاقبة هذا الحديث إسناد صحيح عن أبي هريرة ، ولم يخرجاه » (3) .
---------------------------
(1) تلخيص المستدرك 3|97 .
(2) سنن أبي داود 2|263 .
(3) المستدرك 3|71 .
لكن الحاكم رواه مرة أخرى عن طريق عثمان بن سعيد الدارمي ، عن محمد ابن حرب ، عن
الزبيدي ، عن الزهري ، عن عمرو بن أبان بن عثمان ، عن جابر . . . ، ثم قال :
« قال الدارمي : فسمعت يحيى بن معين يقول : محمد بن حرب يسند هذا الحديث والناس
يحدثون به عن الزهري مرسلاً ، إنما هو عمرو بن أبان ، ولم يكن لأبان بن عثمان ابن يقال له
عمرو » (1) .
وفي هذا المقام أيضا وافقه الذهبي !
أقول : يكفي في سقوط الحديث ـ بغض النظر عن رجاله ، فإن « محمد بن حرب » و « محمد
بن الوليد الزبيدي » كليهما من أهل حمص ، وهم مشهورون بالبغض لعلي عليه السلام كما نص
عليه ياقوت في « حمص » من « معجم البلدان » لا سيما وأن كليهما من قضاة دمشق كما في
ترجمتهما في « تهذيب التهذيب » ، وأيضا فإن « ابن شهاب الزهري » من أشهر المنحرفين
عن أمير المؤمنين عليه السلام ـ كلام أبي داود في آخره ، وكلام يحيى بن معين . . .
أما التناقض من الحاكم والذهبي فلم أجد له حلاً ! !
أخرج الطبراني عن معاذ بن جبل ، قال :
« قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) : أريت أني وضعت في كفة وامّتي في كفة
فعدلتها ، ثم وضع ابو بكر في كفة وأمتي في كفة فعدلها ، ثم وضع عثمان في كفة وامّتي في كفة
فعدلها ، ثم رفع الميزان » .
رواه الهيثمي (2) والمتقي (3) عن الطبراني. وقال الأول : « وفيه عمرو بن واقد وهو
متروك ، ضعفه الجمهور » .
أقول :
ترجمة عمرو بن واقد :
وهذه نبذة من كلماتهم في الرجل المذكور :
كان مروان الطاطري يقول : عمرو بن واقد كذاب .
وقال يزيد بن محمد بن عبد الصمد : قال أبو مسهر : كان يكذب من غير أن يتعمّد .
وقال يعقوب بن سفيان عن دحيم : لم يكن شيوخنا يحدّثون عنه
قال : وكانه لم يشك أنه كان
يكذب .
وقال أبو حاتم والبخاري والترمذي : منكر الحديث .
وقال النسائي والدارقطني والبرقاني : متروك الحديث (4) .
وأورده الذهبي في ميزانه ـ بعد أن أشار إلى كونه من رجال الترمذي وابن ماجة
---------------------------
(1) المستدرك 3|102 .
(2) مجمع الزوائد 9|59 .
(3) كنز العمال 11|641 .
(4) تهذيب التهذيب 8|101 .
الرسائل العشرة _ 385 _
فذكر بعض الكلمات في جرحه وذمّه : ثم روى بعض الأحاديث التي وقع الرجل في
طريقها ، منها هذا الحديث . . . ثم قال : « وهذه الأحاديث لا تعرف إلآ من رواية عمرو بن واقد ،وهو هالك » (1) .
روى ابن عساكر ، عن ابن عمر ، عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) :
« إن الله أمرني بحب اربعةٍ من أصحابي؛ وقال : احبّهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي » .
رواه المتقي عن ابن عساكر. وعن ابن عديّ ثم قال :
« فيه : سليمان بن عيسى السجزي. قال ابن عدّي : يضع » (2) .
أقول :
ترجمة سليمان بن عيسى السجزي :
قال الذهبي : « سليمان بن عيسى بن نجيح السجزي ، عن ابن عون وغيره ، هالك ،
قال الجوزجاني : كذاب مصرّح ،
وقال أبو حاتم : كذاب ،
وقال ابن عدّي : يضع الحديث ، له كتاب : تفضيل العقل ، جزءان ،
ومن بلاياه : حدثنا الليث ، عن نافع ، عن ابن عمر مرفوعاً : إن الله أمرني بحب أربعة : أبي
بكروعمروعثمان وعلي . . . » (3) .
وكذا قال ابن حجر العسقلاني (4) .
أخرج ابن أبي خيثمة وأبويعلى والبزار وأبو نعيم ، عن أنس ، قال :
« كنت مع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في حائطٍ ، فجاء آتٍ فدق الباب ، فقال : يا أنس ، قم فافتح له وبشره بالجنة وبالخلافة من بعدي ؛ فاذا أبو بكر ، ثم جاء رجل فدق الباب فقال : يا أنس ، قم فافتح له وبشره بالجنة وبالخلافة من بعد أبي بكر؛ فاذا عمر ، ثم جاء رجل فدق الباب فقال : افتح له وبشره بالجنة وبالخلافة من بعد عمر وأنه مقتول؛ فاذا عثمان » ،
رواه عنهم السيوطي (1) .
وقال الخطيب : « الصقر بن عبد الرحمن بن بنت مالك بن مغول ، يكنى أبا بهز ، وهو كوفي ، نزل بغداد وحدّث بها . . . أخبرني عليّ بن محمد بن الحسن المالكي ، أخبرنا عبد الله بن عثمان الصفار ، أخبرنا محمد بن عمران بن موسى الصيرفي ، حدثنا عبد الله بن علي بن المديني ، قال : قلت لأبي في حديث أبي بهز عن ابن إدريس عن المختار بن فلفل عن أنس : كان في حائطٍ فقال : إئذن له وبشره بالجنة ، مثل حديث أبي موسى ؟ فقال : كذب ، هذا موضوع » .
ثم روى باسناده عن طريق أبي يعلى : حدّثنا أبو بهز صقر بن عبد الرحمن ابن بنت مالك بن مغول ، حدثنا عبد الله بن إدريس ، عن المختار بن فلفل ، عن أنس بن مالك ، قال : جاء النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) فدخل إلى بستان فاتى آتٍ فدق الباب فقال : قم يا أنس . . .
قال عبد المؤمن : سألت أبا عليّ عن الصقر فقال : كان شيخاً مغفلاً مطروحاً ببغداد . . . وأبو الصقر عبد الرحمن بن مالك بن مغول كان ـ يعني الصقرـ يضع الحديث .
---------------------------
(1) الخصائص الكبرى 1|122 .
الرسائل العشرة _ 387 _
قال أبو عليّ صالح بن محمد : عبد الرحمن بن مالك من أكذب الناس ، وأبو بهز ابنه كان أكذب من أبيه » (1) .
وروى العيني هذا الحديث في شرح البخاري فقال :
« رواه أبو يعلى الموصلي من حديث المختار بن فلفل عن أنس وقال : هذا حديث حسن » (2) .
أقول :
قد عرفت تنصيص غير واحد من حفاظ القوم على كون الرجل من أكذب الناس ، وأن الحديث موضوع . . . على أن ابن عدي يحكي عن أبي يعلى أنه كان إذا حدثنا عنه ضعّفه . . .
وممن نصّ على أن هذا الحديث كذب هو : الذهبي ، فانه ذكر « الصقر » في ( ميزانه ) فقال : « الصقر بن عبد الرحمن ، أبو بهز ، سبط مالك بن مغول ، حدّث عن عبد الله بن إدريس عن مختار بن فلفل عن أنس بحديث كذب : قم يا انس فافتح لأبي بكر وبشره بالخلافة من بعدي؛ وكذا في عمر وعثمان .
قال ابن عديّ : كان أبو يعلى إذا حدثنا عنه ضعّفه ، وقال أبو بكر بن أبي شيبة : كان يضع الحديث، وقال أبو علي جزرة : كذاب . . . » (3) .
وتبعه ابن حجر في ( لسانه ) فذكر عبارة الذهبي ثم روى الحديث باسناده عن أبي يعلى عن صقر عن عبد الله بن إدريس عن المختار بن فلفل عن أنس . . . ثم قال :
« لو صحّ هذا لما جعل عمر الخلافة في أهل الشورى ، وكان يعهد إلى عثمان
بلا نزاع » (4) .
---------------------------
(1) تاريخ بغداد 9|339 ـ 341 .
(2) عمدة القارئ 16|176 .
(3) ميزان الاعتدال 2|317 .
(4) لسان الميزان 3|193 .
ما رواه عبد الوهّاب الكلابي ، المعروف بابن أخي تبوك ، المتوفى في سنة 396 وكان مسند دمشق في مسنده ،
وابن عساكر في تاريخ دمشق ،
والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد . . .
قال الخطيب :
« حدثت عن عبد الوهاب بن الحسن الدمشقي ، حدثنا أبو القاسم عبد الله ابن أحمد بن محمد التميمي المعروف بالغباغبي ، قال : حدّثني ضرار بن سهل ، حدثنا الحسن بن عرفة ، حدثنا أبو حفص الأبار ، عن حميد عن أنس ، قال :
قال لي عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) : يا علي ، إن الله أمرني أن أتخذ أبا بكر والداً ، وعمر مشيراً ، وعثمان سندا ، وأنت ـ ياعليّ ـ ظهيراً ،
هذا الحديث منكر جدا ، لا أعلم رواه بهذا الإسناد إلاّ ضرار بن سهل ، وعنه الغباغبي ، وهما جميعا مجهولان » (1) .
وقال ابن الجوزي ،
« باب في فضائل الأربعة ، وفيه أحاديث :
الحديث الأول :
أنبأنا ابو منصور القزّاز ، قال أبو بكر أحمد بن عليّ الخطيب ، قال : حدّثت عن عبد الوهاب بن الحسن الدمشقي ، حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمد التميمي المعروف بالغباغبي ، قال : حدّثني ضرار بن سهل ، حدثنا الحسن ابن عرفة ، حدثنا أبو حفص الأبّار ، عن حميد ، عن أنس ، قال :
قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يا عليّ ، إن الله أمرني أن أتخذّ أبا بكر والداً . . . وأنت يا علي ظهيرا » .
قال ابن الجوزي بعد أن رواه عن الخطيب كذلك :
---------------------------
(1) تاريخ بغداد 9|345 .
الرسائل العشرة _ 389 _
« قال الخطيب : هذا حديث منكر جدّاً ، لا أعلم رواه بهذا الإسناد إلأ ضرار بن سهل ، وعنه الغباغبي ، وهما مجهولان » (1) .
وقال الذهبي :
« ضراء بن سهل عن الحسن بن عرفة ، بخبر باطل ، ولا يدرى من ذا الحيوان.
والحديث عن ابن عرفة :
حدّثنا الأبار ، عن حميد ، عن أنس ، قال عليّ : قال لي النبي ( صلى الله عليه واله وسلّم ) :
يا علي ، إن الله أمرني أن أتخذ أبا بكر والداً . . .
رواه أخو تبوك عبد الوهاب الكلابي ، عن عبدالله بن أحمد الغباغبي ـ أحد المجهولين ـ عن ضرار » (2) .
وقال ابن حجر :
« ضرار بن سهل ، عن الحسن بن عرفة ، بخبر باطل ، ولا يدرى من ذا الحيوان !!
والحديث عن ابن عرفة : حدثنا الأبار ، عن حميد ، عن أنس ، قال علي رضي الله عنه : قال لي النبي ( صلىّ الله عليه وآله وسلم ) : يا عليّ ، إن الله أمرني أن أتخذ أبا بكر . . . رواه أخو تبوك عبد الوهاب الكلابي ، عن عبد الله بن أحمد الغباغبي ـ أحد المجهولين ـ عن ضرار » (3) .
أقول : إلى هنا وقد عرفت أن هذا الحديث من الموضوعات . . .
ثم إن ابن حجر بعد أن ذكر الحديث ، وقال ـ تبعا للذهبي ـ : « رواه أخو تبوك عبد الوهّاب الكلابي عن عبد الله بن أحمد الغباغبي « وحكم تبعاً له بانه لا أحد المجهولين » . . . عنون :
« عبد الله بن أحمد بن محمد التميمي ، المعرف بالعباعبي » .
قال : « روى عن : ضرار بن سهل عن الحسن بن عرفة في فضل الخلفاء الأربعة ، روى عنه : عبد الوهاب العلائي » .
فهناك : « الغباغبي » وهنا « العباعبي » !
والراوي عنه هناك : « عبد الوهاب الكلابي » وهنا « عبد الوهاب العلائي » !
ثم قال :
« قال الخطيب : منكر جدّا ، لا أعلم رواه بهذا الإسناد غير ضرار ، وهو والعباعبي مجهولان. وذكر له ابن عساكر نسباً إلى فراس بن حابس التميمي أخي الأقرع بن حابس . . .
مات سنة 425 .
وكان معلماً على باب الجابية .
قلت : فهو معروف ، والتصق الوهم بضرار » (1) .
أقول : لقد حاول ابن حجر أن يخرج الرجل عن الجهالة ، مع وهمه في لقبه وفي لقب الراوي عنه ، لكنه لم يفلح ، إذ لم يأت له بتوثيق ولا مدح ، إذ لا يخرج الرجل عن المجهوليّة العلم بكونه معلّماً في مكان كذا ، وبانه مات في سنة كذا ، وإلا لم يحكم عليه بالجهالة الخطيب البغدادي الراوي عنه بواسطة واحدة ، ولا ابن الجوزي الراوي عن الخطيب بواسطة واحدة ، ولا الذهبي . . . ! !
ما أخرجه الترمذي وعنه السيوطي وصححه ، وهو :
« رحم الله أبا بكر زوجني ابنته ، وحملني إلى دار الهجرة ، وأعتق بلالاً من ماله ، وما نفعني مال في الإسلام ما نفعني مال أبي بكر ، رحم الله عمر يقول الحق وإن كان مراً ، لقد تركه الحق وماله من صديق ، رحم الله عثمان تستحه الملائكة ، وجهز جيش العسرة ، وزاد في مسجدنا حتى وسعنا ، رحم الله علياّ ، اللهّم أدر الحق معه حيث دار ،
ت عن عليّ ، صح » (2) .
---------------------------
(1) لسان الميزان 3|250 .
(2) فيض القدير ـ شرح الجامع الصغير 4|18ـ 19 .
الرسائل العشرة _ 391 _
أقول :
في سنده : مختار بن نافع :
قال أبو زرعة : واهي الحديث .
وقال البخاري والنسائي وأبو حاتم والساجي : منكر الحديث .
وقال النسائي أيضا : ليس بثقة .
وقال ابن حبان : كان يأتي بالمناكيرعن المشاهير حتى يسبق إلى القلب أنه كان المتعمّد لذلك (1) .
ولما ذكرنا أورده الحفّاظ في الأحاديث الباطلة المكذوبة :
قال ابن الجوزي : « روى مختار بن نافع التميمي ، عن أبي حيان ، عن أبيه ، عن علي ، عن النبي . . .
ما أخرجه الطبراني وأبو نعيم وابن عديّ والخطيب وغيرهم بأسانيدهم عن ابن عبّاس . . .
قال الخطيب :
« قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) : ما في الجنة شجرة إلآ مكتوب على كل ورقة منها : لا إله إلاّ الله ، محمد رسول الله ، أبو بكر الصديق ، وعمر الفاروق ، وعثمان ذي النورين » (2) .
وقال ابن الجوزي :
« أنبانا عبد الرحمن بن محمد القزاز ، قال : أنبانا أحمد بن علي بن ثابت ، قال : أنبأنا القاضي أبو الفرج محمد بن أحمد بن الحسن الشافعي . . . عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله . . .
اسم الاحتياطي : الحسن بن عبد الرحمن بن عبّاد أبو عليّ ،
قال أبو حاتم ابن حبان : هذا باطل موضوع ، وعليّ بن جميل كان يضع الحديث ، لا تحل الرواية عنه بحال ، وقال أبو أحمد ابن عديّ : لم يأت بهذا الحديث عن جرير غير عليّ ، وعليّ يحدّث بالبواطيل عن ثقات الناس فيسرق السرق » (3) .
وقال الذهبي :
« عليّ بن جميل الرقي ، روى عن جرير بن عبد الحميد وعيسى بن يونس ، كذبه ابن حبّان . . . وروى علي بن جميل ، عن جرير ، عن ليث ، عن مجاهد .
---------------------------
(1) تهذيب التهذيب 10|62 .
(2) تاريخ بغداد 4|5 و 5|108 .
(3) الموضوعات 1|336 .
الرسائل العشرة _ 392 _
عن ابن عباس ، عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، قال . . . » (1) .
وقال السيوطي :
« الطبراني : حدثنا سعيد بن عبد ربه الصفار البغدادي ، حدّثنا علي بن جميل الرقي ، حدثنا جرير بن عبد الحميد ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس . . .
قال ابن حبان : موضوع ، وعلي بن جميل وضّاع . . .
أبو نعيم في الحلية : حدّثنا القاضي أبو أحمد ، حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الملك ، حدثنا علي بن جميل به .
وقال الختلي في الديباج : حدثني القاسم بن أبي علي الكوفي ، حدثنا عبد العزيز بن عمرو الخراساني ، عن جرير الرازي ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس . . .
قال الذهبي في الميزان : عبد العزيز فيه جهالة ، والخبر باطل ، فهو الآفة فيه ،
ابن عديّ : حدثنا أحمد بن عامر البرقعيدي ، حدثني معروف البلخي بدمشق ، حدثنا جرير ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس . . .
قال الذهبي : هذا موضوع . . . » (2) .
ما رواه جماعة من الحفاظ :
قال ابن الجوزي : « أنبانا هبة الله بن محمد بن الحصين ، أنبانا أبو طالب ابن غيلان ، أنبانا أبو بكر الشافعي ، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا الحسن بن صالح ، حدثنا الحسن بن الحسن النرسي ، حدثنا اصبغ بن الفرج ، عن البيع بن محمد ، عن أبي سليمان الأيلي ، عن ابن جريج ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس ، قال :
قال رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) : اذا كان يوم القيامة نادى مناد تحت العرش : أين أصحاب محمد ؟ فيؤتى بابي بكر وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفّان ـ وعليّ ـ رضي الله عنهم ـ فيقال لأبي بكر : قف على باب الجنة فأدخل من شئث برحمة الله وردّ من شئت بعلم الله عزوجل ، ويقال لعمر : قف على الميزان فثقل من شئت برحمة الله وخفف من شئت بعلم الله، قال : ويكسى عثمان بن عفان حلتين فيقال له : إلبسهما فاني خلقتهما واذخرتهما حين أنشات السماوات والأرض ، ويعطى علي بن أبي طالب رضي الله عنه عصى عوسج من الشجرة التي خلقها الله تعالى بيده في الجنة فيقال له : ذُد الناس عن الحوض ،
وقد رواه أصبغ ، عن سليمان بن عبد الأعلى ، عن ابن جريج .
ورواه أصبغ ، عن السري بن محمد ، عن ابي سليمان الأيلي ، عن ابن جريج ،
وهذا يدل على تخليط من أصبغ أو ممن روى عنه ،
وفي إسناده جماعة مجهولون ،
وقد رواه أحمد بن الحسن الكوفي عن وكيع ؛ قال الدارقطني : هو متروك ، وقال ابن حبان : يضع الحديث على الثقات .
ورواه إبراهيم بن عبد الله المصيصي ، عن حجّاج بن محمد ، عن ابن جريج .
قال ابن حبان : إبراهيم يسرق الحديث ويسويه ، ويروي عن الثقات ما ليس من أحاديثهم ، فيستحق ان يكون من المتروكين » (1) .
وأورد الذهبي إبراهيم بن عبد الله في ( ميزانه ) ثم ذكر بترجمته حديثين هذا
أحدهما ، ثم قال : « هذا رجل كذاب ، قال الحاكم : احاديثه موضوعة .
قال :
وهو الذي يروي عن وكيع ، عن سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس ، مرفوعا : إذا كان يوم القيامة يكون أبو بكر على أحد أركان الحوض ، وعمر على الركن الثاني ، وعثمان على الركن الثالث ، وعليّ على الرابع ، فمن أبغض واحدا منهم لم يسقه الأخرون .
وقد روى عن حجاج ، عن ابن جريج ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس ، مرفوعا : إذا كان يوم القيامة نادى مناد تحت العرش : هاتوا أصحاب محمد ، فيؤتى بأبي بكر وعمر وعثمان وعليّ . . . » (2) .
وابن حجر تبع الذهبي في عنوان الرجل وذكر الحديثين والحكم بأنه كذاب . . . (3) .
هذه طائفة من الأحاديث الموضوعة في هذا الباب . . . وهي قليل من كثير . . . وقد ذكر المحققون
منهم بعضا منها في الكتب المصنفة في الأخبار الموضوعة ، كـ « الموضوعات » لابن الجوزي
، و « الكامل » لابن عديّ ، و « ميزان الاعتدال » للذهبي ، و « اللآلي المصنوعة » للسيوطي
، و « لسان الميزان » لابن حجر العسقلاني ، و « تنزيه الشريعة » لابن عرّاق . . .
لكنهم يتجنبون الحكم بالوضع على ما أخرج منها في الصحاح وفي الصحيحين خاصة ، لما لهذين
الكتابين من الشأن الرفيع والعظمة البالغة عندهم . . . إلآ أنا تعمّدنا التحقيق في بعض ما أخرج في
الكتابين تأكيداً منا على أنهما كغيرهما من الكتب في الاشتمال على الحديث الصحيح وغيره . . .
وقد بحثنا عن هذا الموضوع ببعض التفصيل في كتابنا : التحقيق في نفي التحريف عن القرآن
الشريف . . .
وعلى كل حال . . . فهذه الأحاديث باطلة موضوعة ، سواء المخرج منها في كتابي البخاري ومسلم
والمخرج منها في غيرهما. . .
ولا يخفى على النبيه الغرض من وضع هذه الأحاديث ، فإن القوم كانوا وما زالوا يشعرون
بضرورة توجيه الخلافة التي أسسوها ، والمراتب التي ابتدعوها . . . لعلمهم التفصيلي بما كان . . .
وبأن أقاويلهم ما أنزل الله بها من سلطان . . . ولكن . . . لن يصلح العطار ما أفسده الدهر . . .
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين . . .