المسائل الجارودية
ـ 13 ـ
وكان من مذهبه جواز امامة المفضول مع قيام الافضل ، فقال كان علي بن ابي طالب افضل الصحابة الا ان الخلافة فوضت إلى ابي بكر لمصلحة رأوها وقاعدة دينية راعوها .
وكذلك يجوز ان يكون المفضول اماما والافضل قائم فيرجع إليه في الاحكام ، ويحكم بحكمه في القضايا ، ولما سمعت شيعة الكوفة هذه المقالة منه وعرفوا انه لا يتبرأ عن الشيخين رفضوه ، حتى اتى قدره عليه ، فسميت رافضة .
وجرت بينه وبين اخيه محمد الباقر مناظرة لا من هذا الوجه ، بل من حيث كان يتلمذ لواصل بن عطاء ويقتبس العلم ممن يجوز الخطا على جده في قتال الناكثين ، والقاسطين ، ومن يتكلم في القدر على غير ما ذهب إليه اهل البيت ، ومن حيث انه
كان يشترط الخروج شرطا في كون الامام اماما ، قال له يوما على قضية مذهبك والدك ليس بامام ، فانه لم يخرج قط ولا تعرض للخروج .
قال أبو الحسن الاشعري ان الزيدية افترقت ستة فرق :
1 ـ الجارودية .
2 ـ سليمانية اصحاب سليمان بن جرير .
3 ـ البترية اتباع حسن بن صالح بن حي وكثير النواء .
4 ـ نعيمية اتباع نعيم بن اليمان .
5 ـ فرقة لم يسمها الاشعري .
6 ـ اليعقوبية .
قال المسعودي
(1) : ان الزيدية كانت في عصرهم ثمانية فرق :
اولها الفرقة المعروفة بالجارودية وهم اصحاب ابي الجارود زياد بن المنذر العبدي ، وذهبوا إلى ان الامامة مقصورة في ولد الحسن والحسين دون غيرهما ثم الفرقة
الثانية المعروفة بالمرئية ، ثم الفرقة الثالثة المعروفة بالابرقية ،
ثم الفرقة الرابعة المعروفة باليعقوبية
**************************************************************
(1) مروج الذهب 2 / 183 . ( * )
المسائل الجارودية
ـ 14 ـ
وهم اصحاب يعقوب بن علي الكوفي ، ثم الفرقة الخامسة المعروفة بالعقبية
ثم الفرقة السادسة المعروفة بالابترية وهم اصحاب كثير الابتر والحسن بن صالح بن حي ،
ثم الفرقة السابعة المعروفة بالجريرية وهم اصحاب سليمان بن جرير ، ثم الفرقة الثامنة المعروفة باليمانية وهم اصحاب محمد بن يمان الكوفي ، وقد زاد هؤلاء في المذاهب وفرعوا مذاهب على ما سلف من اصولهم
(1) .
وقال مؤلفو دائرة المعارف الاسلامية : يحصى من الزيدية ما تبلغ ثماني فرق : من فرقة ابي الجارود الذي جمع بين الاعمال الحربية وبين القول بتاليه الائمة ، إلى فرقة مسلمة بن كهيل الذي اقتصر في تمسكه بمذهب الزيدية على مجرد الميل إلى الشيعة وكانت الحاذ شبيهه بذلك في المذهب الاعتقادي للزيدية ، وهم لم يصبحوا جماعة متحدة الا بعد ان تولى قيادتهم الروحية رجال من العلويين الذين كانوا يدعون الامامة ، وإذا نحن اعتمدنا على ما لدينا حتى الان من معلومات وثيقة وجدنا انه لا يستحق هذا الوصف من العلويين الا رجلان : اولهما الحسن بن زيد الذي اسس منذ حوالي سنة 250 دولة زيدية جنوب بحر الخزر ، وثانيهما القاسم الرمي وهو ابن ابراهيم طباطبا بن اسماعيل الديباج بن ابراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن ابي طالب ( المتوفى سنة 246 ه ) وعلى حين انه لا توجد من مؤلفات الحسن بن زيد الا شواهد غير مباشرة فان مؤلفات القاسم الذي لم يوفق على اية حال في ميدان السياسة قد بقيت .
ومذهب الزيدية الذي وضعه القاسم ووسعه وفصله من جاء بعده ، هو المذهب الزيدي الوحيد الذي بقي إلى اليوم ، مذهب ينحو فيما يتعلق بالقول في ذات الله منحى الاعتزال ، وهو فيما يتعلق بالمسائل الاخلاقية مخالف للمرجئة ويحيل إلى ذلك طابعا من التشدد في الدين يرفض التصوف ، ولذلك فالطرق الصوفية ممنوعة في الدولة الزيدية الحالية .
**************************************************************
(1) كما ان مقارنة اسماء الفرق في مقالات الاسلاميين للاشعري ومروج الذهب للمسعوي معلنة بمذاب غير ما عدها المسعودي . (*)
المسائل الجارودية
ـ 15 ـ
واما فيما يتعلق بمسائل العبادات فان مذهب الزيدية هذا يشترك مع بقية الشيعة في مميزات معينة انفردوا بها بوصفهم فرقة من فرق ، من ذلك قولهم في الاذان : حي على خير العمل ، والتكبير خمس مرات في صلوة الجنازة ، رفض المسح على
الخفين ، ورفض الصلوة خلف الفاجر ، وعدم اكل ذبايح غير المسلمين ، وهم فيما يتعلق باحكام الزواج يحرمون الزواج من غيرهم ، ولا يجوزون على كل حال زواج المتعة .
وهنا نجد افرادا من الزيدية يوافقون افرادا من اهل السنة في مخالفة افراد آخرين من الزيدية ومن اهل السنة بحيث اصبح مذهب الزيدية في الفقه بمثابة مذهب خامس إلى جانب المذاهب الاربعة ، وقد صور لنا أبو الحسن عبد الله بن مفتاق الزيدي ذلك تصويرا واضحا ملموسا بان جعل اسم كتابه ( المنتزع المختار من الغيث المدرار )
(1) .
ولابد بطبيعة الحال ان تكون الاراء قد اتحدت في الدولة الزيدية الحالية اتحادا كبيرا .
ابو الجارود ، مؤسس مذهب الجارودية : قد سبق أن الجارودية فرقة من الزيدية ، منسوبة إلى مؤسسه أبي الجارود ، ونقلنا من نشوان الحميري : أن الزيدية الموجودين هم الذين ينتسبون إلى الجارودية ، ولم يبق ساير فرق الزيدية .
وستري ان ابا الجارود غير معتمد بل مطعون عند اهل السنة والشيعة .
مع أن كثيرا من المسائل الاعتقادية مستنده إلى اقوال النبي واصحابه بالاسناد ، وكذلك فقه الزيدية ، حيثما كان اكثر مسائله ماخوذة من فقه الاحناف ، وفقههم مستندة في الاكثر إلى الاحاديث الواردة عن النبي ( ص ) بالرواية .
فإذا لم يكن امام المذهب ثقة عند الفريقين فكيف يمكن الاستناد إلى قوله وروايته في
**************************************************************
(1) الجزء الاول ، طبعة القاهرة 1328 ه . (*)
المسائل الجارودية
ـ 16 ـ
المسائل الاعتقادية والفقهية .
ونحن الآن ننقل كلام أئمة علم الرجال من الفريقين في الرجل ، ولمقال عدم التطويل نكتفي بما ذكر في الكتب الاربعة الرجالية ( من مصادر علم الرجال عند الامامية ) وما نقله ابن حجر العسقلاني عن ائمة الجرح والتعديل من اهل السنة ، في تهذيب التهذيب .
قال الكشي
(1) : حكى ان ابا الجارود سمى سرحوبا ، وتنسب إليه السرحوبية من الزيدية ، سماه بذلك أبو جعفر عليه السلام وذكر ان سرحوبا اسم شيطان اعمى يسكن البحر ، وكان أبو الجارود مكفوفا اعمى ، اعمى القلب .
ثم حكى عن ابي نصر
(2) قال : كنا عند ابي عبد الله عليه السلام فمرت بنا جارية معها قمقم فقلبته ، فقال أبو عبد الله عليه السلام ان اللة عزوجل قد قلب قلب ابي الجارود كما قلبت هذه الجارية هذا القمقم ، فما ذنبي .
وعن ابي اسامة ، قال قال لي أبو عبد الله : ما فعل أبو الجارود ، اما والله لا يموت الا تائها .
وعن ابي بصير قال : ذكر أبو عبد الله عليه السلام كثير النوا وسالم بن ابي حفصة وابا الجارود ، فقال : كذابون ، مكذبون ، كفار ، عليهم لعنة الله . قال قلت جعلت فداك كذابون قد عرفتهم فما معنى مكذبون ، قال : كذابون يأتونا فيخبرون انهم يصدقونا ، وليس كذلك ، ويسمعون حديثنا ويكذبون به .
عن ابي سليمان الحمال قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول لابي الجارود بمنى في فسطاطه ، رافعا صوته : يا ابا الجارود ، كان والله ابي امام اهل الارض حيث مات لا يجهله الا ضال ، ثم رأيته في العام المقبل قال له مثل ذلك ، قال فلقيت ابا الجارود بعد ذلك بالكوفة ، فقلت له : اليس قد سمعت ما قال أبو
**************************************************************
(1) رجال الكشي ، ص 150 ، طبعة بمبئي . ( * )
(2) أبي بصير .
المسائل الجارودية
ـ 17 ـ
عبد الله عليه السلام مرتين ، قال : انما يعني اباه علي بن ابي طالب عليه السلام .
قال الشيخ في رجاله ضمن اصحاب الباقر عليه السلام
(1) : زياد بن المنذر ، أبو الجارود الهمداني الحوفي الكوفي ، تابعي ، زيدي اعمى ، إليه تنسب الجارودية منهم ، وذكره ايضا في اصحاب ابي عبد الله ، جعفر بن محمد الصادق قال : زياد بن المنذر ، أبو الجارود الهمداني الحارفي ، الحوفي ، مولاهم ، كوفي ، وقال في الفهرست
(2) : زياد بن المنذر يكنى ابا الجارود ، زيدي المذهب ، واليه تنسب الزيدية الجارودية ، له اصل ، وله كتاب التفسير عن ابي جعفر الباقر عليه السلام ، اخبرنا به الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ، واخبرنا بالتفسير : احمد بن عبدون ، وكان ضعيفا ، وخرج ايام ابب السرايا معه فأصابه جراحة .
وقال النجاشي
(3) : ابو الجارود الهمداني الخارقي الاعمى ، اخبرنا ابن عبدون ، عن محمد ابن سنان : قال قال لي أبو الجارود : ولدت اعمى ، ما رأيت الدنيا قط ، كوفي كان من اصحاب ابي جعفر ، وروى عن ابي عبد الله عليهما السلام ، وتغير لما خرج زيد رضي الله عنه .
وقال ابو العباس بن نوح : هو ثقفي ، سمع عطية ، وروى عن ابي جعفر ، وروى عنه مروان بن معاوية وعلي بن هاشم بن البريد ، يتكلمون فيه ، قاله البخاري ، له كتاب تفسير القرآن رواه عن ابي جعفر عليه السلام ، اخبرنا به عدة من اصحابنا الخ .
**************************************************************
(1) رجال الشيخ ، ص 122 ، طبعة النجف .
(2) الفهرست ، ص 72 ، طبعة النجف .
(3) رجال النجاشي ، ص 170 ، طبعة مؤسسة النشر الاسلامي بقم . ( * )
المسائل الجارودية
ـ 18 ـ
وقال ابن حجر العسقلاني
(1) : زياد بن المنذر الهمداني ويقال النهدي ، ويقال الثقفي ، أبو الجارود الاعمى الكوفي روى عن عطية العوفي ، وابي الجحاف داود بن ايى عوف ، وابي الزبير ، والاصبغ بن نباتة ، وابي بردة بن أبي موسى ، وابي جعفر الباقر ، و عبد الله بن الحسن ابن الحسن ، والحسن البصري ، ونافع بن الحارث ، وهو نفيع ابو داود الاعمى ، وغيرهم .
وعنه مروان بن معاوية الفزاري ويونس بن بكير ، وعلي بن هاشم بن البريد ، وعمار بن محمد ابن اخت سفيان ، ومحمد بن بكر الرساني ، ومحمد بن سنان العوفي وغيرهم .
قال عبد الله بن احمد عن ابيه : متروك الحديث ، وضعفه جدا ، وقال معاوية ابن صالح عن يحيى بن معين ، : كذاب عدو الله ، ليس يسوى فلسا ، وقال الدوري عن يحيى : كذاب وقال الاجري عن ابي داود : كذاب ، سمعت يحيى يقوله .
وقال البخاري يتكلمون فيه ، وقال النسائي متروك ، وقال في موضع آخر : ليس بثقة ، وقال ابو حاتم ضعيف ، وقال يزيد بن زريع لابي عوانة : لا تحدث عن ابي الجارود ، فانه اخذ كتابه فاحرقه .
قال ابو حاتم بن حبان : كان رافضيا يضع الحديث في مثالب اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ويروي في فضائل اهل البيت رضى الله عنهم اشياء ما لها وصول ، لا يحل كتب حديثه ، وقال ابن عدي : عامة احاديثه غير محموظة وعامة ما يرويه في فضائل اهل البيت ، وهو من المعدودين من اهل الكوفة الغالين ، واحاديثه عن من يروى عنه فيها نظر .
وقال النوبختي في مقالات الشيعة : والجارودية منهم اصحاب ابي الجارود ، زياد بن المنذر ، روى له الترمذي حديثا واحدا في اطعام الجائع ، قلت : قال يحيى بن يحيى
**************************************************************
(1) تهذيب التهذيب ج / 3 / 386 الطبعة الاولى بمطبعة دائرة المعارت النظامية بحيدر آباد . ( * )
المسائل الجارودية
ـ 19 ـ
النيسابوري : يضع الحديث ، حكاه الحكم في التاريخ .
وقال ابن عبد البر : اتفقوا على انه ضعيف الحديث منكره ، ونسبه بعضهم إلى الكذب ، قلت : وفي الثقات لابن حبان : زياد بن المنذر ، روى عن نافع بن الحارث ، وعنه يونس بن بكير ، فهو غفل عنه ابن حبان ، وذكره البخاري في فصل من مات من الخمسين ومائة إلى الستين .
المسائل الجارودية
ـ 20 ـ
عملنا في تصحيح النسخة استفدنا في تصحيح هذه الرسالة من ثلاث نسخ مخطوطة ، ومن النسخة المطبوعة ، نذكر ذيلا مختصات كل واحدة منها :
1 ـ نسخة مكتبة آية الله المرعشي في قم المحروسة ، وهي ضمن مجموعة مضبوطة تحت رقم 243 ، وكتابة النسخة قديمة جدا ، وعليها كتابة التملك المؤرخة : محرم 888 ه ، وجعلناها الاساس ، وعبرنا عنها بالاصل
(1) .
2 ـ نسخة ثانية في مكتبة آية الله المرعشي ، ضمن مجموعة برقم 78 ، ونرمز عنها ب ( عش ) .
3 ـ نسخة مكتبة مجلس الشورى الاسلامي ، ضمن كتب اهداها امام جمعة خوي ، مضبوطة برقم 8 ونعبر عنها ب نسخة المجلس ، ونرمز عنها ب ( مج ) .
4 ـ النسخة المطبوعة في النجف الاشرف ضمن مجموعة من مؤلفات شيخنا المفيد ، ونرمز عنه ب ( ط ) ، اي المطبوعة وفيها سقط واخطاء غير مطبعية ولكن في كثير من الموارد تؤيد احدى النسخ التي استفدنا عنها .
**************************************************************
(1) وذلك في موارد كان المذكور في بعض النسخ ، اصح ، فجعلناها في النص ، واثبتنا ما في الاصل ، ذيلا . ( * )
المسائل الجارودية
ـ 21 ـ
الصفحة الاولى من نسخة الاساس
المسائل الجارودية
ـ 22 ـ
الصفحة الاولى من نسخة الاساس
المسائل الجارودية
ـ 23 ـ
الصفحة الاولى من نسخة الاساس
المسائل الجارودية
ـ 24 ـ
الصفحة الاولى من نسخة الاساس
المسائل الجارودية
ـ 27 ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلواته على خيرته من خلقه محمد وآله الطاهرين ، ( أما بعد ، فقد )
(1)
اتفقت الشيعة العلوية من الامامية والزيدية الجارودية
(2) على ان الامامة كانت عند وفاة النبي صلى الله عليه وآله لامير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام وانها كانت للحسن بن علي عليهما السلام من بعده وللحسين بن علي بعد اخيه
عليهما السلام وانها من بعد الحسين من
(3) ولد فاطمة عليها
(4) السلام لا تخرج
(5) منهم إلى غيرهم ولا يستحقها سواهم ولا تصلح الا لهم فهم اهلها دون من عداهم حتى يرث الله الارض ومن عليها وهو خير الوارثين ، ثم أختلف هذان الفريقان بعد
**************************************************************
(1) ليست بى الاصل ولا في عش ومج .
(2) الجارودية اصحاب ابي الجارود فقد زعموا ان النبي صلى الله عليه وآله نص على علي بن ابي طالب عليه السلام بالوصف لون التسمية والناس قصروا حيث لم يتعرفوا الوصف ولم يطلبوا الموصوف ولهذا نصبوا ابا بكر باختيارهم ، وايضا هم خالفوا امامة زيد بن علي ولم يعتقدوا بهذا الاعتقاد .
(3) ط : في .
(4) عليهم السلام ( ط ) .
(5) مج ، ط : لا يخرج . ( * )