مضافاً الى قاعدة التسامح في أدلة الكراهة والسنن (1) هل هي ذاتية

---------------------------
  زياً وشعارأ لهم وان لايسه كان يعرف انه منهم ومن أعوانهم : كما يظهر من التعليل والاستثناء كما يحتمل عدم استنادهم اليها في مقام العمل بل القول منهم بالكراهة لعله من باب قاعدة التسامح في أدلة السنن والكراهة الغير النامة وعليه فتكون تلك الادلة غير تامة سنداً ودلالة كما لا يخفى .
(1) اختلف الاصحاب رضوان الله عليهم في مفاد هذه القاعدة المشهورة بقاعدة التسامح هل أنها تدل على ثبوت استحباب الفعل وكراهته بمجرد وصول خبر ضعيف عليه أولا ؟ بل لابد من الاتيان بالفعل يقصد الرجاء والثواب دون ثبوت الاستحباب للفعل نفسه ؟ فالظاهرين الاخبار هوالثاني ولا دلالة لها على ما ذهب اليه المشهور أصلا : هذا ولا بأس بنقل تلك الاخبار تبركاً وتيمناً بها في المقام .
  فهي على ما رواها شيخنا الحر في الوسائل ج ل ص 59 باب استحباب الاتيان بكل عمل مشروع روى له ثواب منهم عليهم السلام .
  ( منها ) ما رواه عن الصدوق بسنده عن صفوان عن أبي عبدالله عليه السلام قال : من يلغه شيء من الثواب على شيء من الخير فعمل ( فعمله ـ خ ل ) به كان له أجر ذلك وان كان ( وان لم يكن على ما بلغه ـ خ ل ) رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يقله .
  ( ومنها ) ما رواه عن البرقي ره في المحاسن بسنده عن هشام بن سالم عن أبي عبدالله عليه السلام قال من بلغه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم شيء من الثواب فعمله كان أجر ذلك له كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يقله .
  ( ومنها ) عن محمد بن مروان عن أبي عبدالله عليه السلام قال من بلغه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم شيء من الثواب ففعل ذلك طلب قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان له ذلك الثواب وان كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يقله .

إرشاد العباد _ 26 _
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

---------------------------
  ( ومنها ) عن علي بن محمد القاساني عمن ذكره عن عبدالله ابن القاسم الجعفري عن ابي عبدالله عن آبائه عليهم السلام : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من وعده الله علي عمل ثواباً فهو منجزه له ومن أوعده على عمل عقاباً فهو فيه بالخيار .
  ( أقول ) وهذا الحديث يدل على ترتب الثواب على العمل المقطوع ثبوته لا العمل الذي بلغ عليه الثواب وهو لم يثبت في حد نفسه بعد وعليه فهو خارج عما نحن فيه كما لا يخفي فتأمل .
  ( ومنها ) ما رواه عن شيخنا الكليني قده محمد بن يعقوب عن علي ابن ابراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبدالله عليه السلام قال : من سمع شيئاً من الثواب علي شيء فصنعه كان له وان لم يكن علي ما بلغه .
  ( ومنها ) عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن سنان عن عمران الزعفراني عن محمد بن مروان ، قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : من بلغه ثواب من الله علي عمل فعمل ذلك العمل التماس ذلك الثواب أوتيه وان لم يكن الحديث كما بلغه .
  ( ومنها ) مارواه عن ابن فهد قده في عدة الداعي : قال روى الصدوق عن محمد بن يعقوب بطرقه الى الائمة عليهم السلام ان من بلغه شيء من الخير فعمل به كان له من الثواب ما بلغه وان لم يكن الامر كما نقل اليه .
  ( ومنها ) ما رواه عن السيد بن طاووس قده في كتاب ( الاقبال ) عن الصادق عليه السلام قال : من بلغه شيء من الخير فعمل به كان له ذلك الثواب وان لم يكن الامر كما بلغه انتهى .
  فهذا هو مجموع ما ذكر من الروايات في هذا الباب : وانت ترى ان هذه الاخبار الساطعة الانوار ظاهرة الدلالة واضحة المقالة ان الاجر والثواب مترتبان على العمل الماتي به بداعي البلوغ ، ورجاء درك الثواب

إرشاد العباد _ 27 _
  من حيث كونه لبس سواد فلا تتغير وان اعتراه عنوان مطلوب في حد ذاته شرعاً من حيث هو كذلك كلبسه في مأتم مولانا الحسين صلوات الله عليه للتحزن به عليه في أيامه لتواتر الاخبار بشعار ذلك من شيعته ومواليه بأي نحو من أنحائه المتعارفة في العرب والعادة التي منها لبس السواد في أيام المأتم والعزاء المعهود صيرورته شعاراً في العرف العام من قديم الزمان لكل مفقود عزيز أو جليل لهم : أولا بل يتغير الحكم الكراهي والمنع التنزيهي اذا اندرج تحت هذا العنوان ونحوه مما هو مطلوب شرعاً لم أجد من تفطنه وتعرض لحكمه عدا خالنا العلامة أعلى الله مقامه في برهانه (1) وقبله شيخنا المحدث البحراني قدس

---------------------------
  لا صيرورة العمل بهذه الاخبار مستحباً كما ليس للبلوغ والخبر الضعيف سببية في انقلاب العمل عما هو عليه فتكون مفادها هو الارشاد الى حكم العقل بحسن الانقياد غير ان الله تعالى في هذا الانقياد يفضل على العبد بالثواب البالغ على العمل وان كان العمل غير ثابت في الواقع بل وان كان غير مشروع ثبوتاً من دون نظر لها الى اثبات استحباب أصل العمل وكما هو الظاهر من جملة منها المقيدة بطلب قول النبي (ص) أو التماس ذلك الثواب ، اذاً استحباب العمل بقاعدة التسامح لا يخلو عن التسامح : وأما دلالتها على ترتب الثواب على الترك للعمل البالغ عليه خبر ضعيف بالكراهة فو جهان : أظهرهما ذلك لكون الترك مستنداً الى امتثال قول النبي صلى الله عليه وآله وصدق انه طلب قول النبي (ص) كما لا يخفى فلاحظ جيداً هذا وللقولين ثمرات مذكوره في محلها من رامها فليراجع محلها من كتب الاصول .
(1) المراد به هو العلامة الفقيه السيد علي الطباطبائي آل بحر العلوم قده حيث ذكر ذلك في كتاب الصلاة من البرهان القاطع في شرح المختصر النافع طبع طهران .
إرشاد العباد _ 28 _   سره في حدايقه فمال الى الاخير حيث صرح في (1) هذا المقام بأنه لا يبعد استثناء لبس السواد في مأتم الحسين عليه السلام لاستفاة الاخبار بشعار الحزن عليه : عليه السلام : قال ويؤيده رواية المجلسي قدس سره عن البرقي في كتاب المحاسن (2) عن عمر بن زين العابدين عليه السلام أنه قال

---------------------------
(1) قال في الحدائق ج 2 ص 142 من طبع تبريز سنة 1316 هـ و ج 7 ص 118 من طبع النجف الاشرف سنة 1379 ما هذا نصه : ( أقول ) لا يبعد استثناء لبس السواد في مأتم الحسين عليه السلام من هذه الاخبار ( أي الاخبار الدالة على الكراهة ) لما استقاضت به الاخبار من الامر باظهار شعائر الاحزان ويؤيده ما رواه شيخنا المجلسي ره عن البرقي في كتاب المحاسن أنه روي عن عمر بن زين العابدين عليه السلام أنه قال لما قتل جدي الحسين المظلوم الشهيد لبسن نسآء بني هاشم في مأتمه لباس السواد ولم يغيرنها في حر أو برد وكان الامام زين العابدين عليه السلام يصنع لهن الطعام في المأتم : الحديث منقول عن كتاب جلاء العيون بالفارسية ولكن هذا حاصل ترجمته انتهى .
  ( أقول ) وسيأتي نقل الحديث عن المحاسن بنصه فلاحظ وراجع .
(2) المحاسن ج 2 ص 402 من طبع طهران سنة 1370 هـ عن الحسن بن ظريف بن ناصح عن أبيه عن الحسين بن زيد عن عمر بن علي بن الحسين عليهم السلام قال : لما قتل الحسين بن علي عليهما السلام لبسن نساء بني هاشم السواد والمسوح وكن لا تشتكين من حر ولا برد وكان علي بن الحسين عليهما السلام يعمل لهن الطعام للمأتم انتهى .
  وجه الدلالة على الاستحباب هو لبسهن ذلك بمحضره عليه السلام وعدم منعهن عن لبسه وأمرهن بغيره من مراسم العزاء وخصوصاً بعد وجود مثل الصديقة الصغرى زينب الكبرى عليها السلام الذى لا يقصر فعلها عن فعل المعصوم لكونها تالية له في المقامات العالية والدرجات السامية : كما يدل
إرشاد العباد _ 29 _   لما قتل جدي الحسين عليه السلام لبسن نساء بني هاشم في مأتمه ثياب السواد ولم يغيرنها في حر ولا برد و كان أبي علي بن الحسين عليهما السلام يعمل لهم الطعام في المأتم انتهى .
  ولعل وجه التأييد ما ذكره الخال العلامة أعلى الله في الداربن مقامه من بعد عدم اطلاع الامام علي اتفاقهن على لبس السواد ولم يمنعهن فهو تقرير منه حينئذ .
  ( قلت ) بل الممتنع عادة عدم اطلاعه على ذلك فهو متضمن لتقريره لا محالة ان صح الحديث (1) وان لم يكن المنع على تقديره منع تحريم لظهور الحديث على تقرير صحته في اتخاذهن ذلك من آداب العزاء وشعار الحزن عليه ، عليه الصلاة والسلام فلو لم يكن ذلك من شعاره المطلوب شرعاً ومن آدابه المندوبة المندرجة في عموم تعظيم شعائر الله لوجب عليه منعهن عن ذلك حذراً م الاغراء بالجهل المستلزم من عدمه بالنسبة اليهن بل والى غيرهن ممن اطلع على ذلك من مواليهم :

---------------------------
  عله انه شعار الحزن والعزاء على المفقود العزيز الجليل من قديم الزمان وسالف العصر والاوان : وكما هو المرسوم اليوم في جميع نقاط العالم كما لا يخفى فلاحظ .
(1) الظاهر ان رجال الحديث موثقون فان الحسن بن طريف ثقة وكذلك طريف ثقة والحسين بن زيد حسن عمر بن علي حسن بل ثقة كما في رجال العلامة المامقاني قده اذاً فالرواية حسنة .

إرشاد العباد _ 30 _   واعترض عليه السيد الخال الاستاذ (1) حشره الله مع أجداده الامجاد : قائلا بعد نقله عبارة الحدائق كما وقفت عليها .
  ( وفيه ) مع امكان تنزيل الحزن والمأتم هنا على ما هو المقرر في آدابه في الشرع التي ليس منها لبس السواد ان معارضة ما دل على رجحان الحزن وكراهة السواد نظير معارضة دليل حرمة الغناء من المحرم ورجحان رثاء الحسين (2) عليه السلام وكلما كان من هذا القبيل يفهم المتشرعة منهما تقييد الراجح بغير الممنوع في الشرع حرمة أو كراهة من غير فرق خصوصاً وقد ورد أنه لا يطاع الله من حيث يعصى كما في الاخبار وليس ما نحن وما أشبه الامثل رجحان قضاء اجابة المسؤول

---------------------------
(1) في البرهان القاطع كتاب الصلاة في باب لباس المصلى فراجع ولاحظ .
(2) ذهب الى الجواز جماعة كما صرح بذلك صاحب مشارق الاحكام قال في ص 151 منه وفي مجمع الفائدة جعل ترك الغناء في مرائي الحسين (ع) أحوط مشعراً بميله الى الجواز ونقل عن المحقق السبزواري ره في الكفاية انه قال في موضع آخر واستثنى بعضهم مرائي الحسين (ع) الى أن قال وهو غير بعيد .
  كما حكى الاباحة عن والده المحقق النراقي صاحب المستند قده حيث قال : واختار والدي العلامة ره اباحته في جميع ما ذكر من المستثنيات من القرآن والذكر والمناجات والدعاء والرئاء .
  واختار ذلك هو قده في ص 158 حيث قال في المستثنيات ومنها الغناء في مرائي سيد الشهداء وغيره من الحجج وأولادهم عليهم السلام وأصحابهم رحمهم الله تعالى والحق فيه الاباحة فلاحظ وراجع .
  ( أقول ) هذا ولا يخفى ان المشهور بل المجمع عليه حرمة الغناء المطقاً كما هو مذكور في محله .

إرشاد العباد _ 31 _   وحرمة فعل الزنا فيما اذا سئل من الانسان الاقدام على الزنا (1) فان كان يتأمل هناك في عدم ارادة نحو الزنا واللوط وغيرها من المحرمات من اجابة المسئول وقضاء الحوائج فيتأمل هنا .
  وتفاوت الحرمة والكراهة غير فارق في فهم الشمول وعدمه مؤيداً في المقام بأنه لو رجح السواد للمأتم لنقل عنهم كما نقل سائر آداب مأتم الحسين عليه السلام والحزن في مصابه انتهى كلامه رفع في الخلد مقامه .
  ولا يخفى أن تحقيق الحق في المقام على وجه يتضح به المرام يقتضى اولا التعرض لنقل ما ورد في الباب عن أئمة الانام الاعلام عليهم من الله الملك العلام أفضل الصلاة والسلام ثم ملاحظة ما اشتمل عليه من المضامين والاحكام لينكشف به الحق ويسفر اسفرار الصبح دجايا الظلام .
  فنقول : روى غير واحد عن ثقة الاسلام الكليني قدس سره في الكافي (2) عن أحمد بن محمد رفعه عن ابيعبدالله عليه السلام : قال : يكره السواد الا في ثلاثة الخف والعمامة والكساء :

---------------------------
(1) التمثيل خارج عما نحن فيه حيث ان طلب السائل محرم عليه ولا يجوز له السئوال بذلك فكيف تكون اجابته مستحباً : قال في مشارق الاحكام ص 161 في جواب معاصره ما هذا نصه : وأما التنظير بالزنا في حصول قضاء حاجة المؤمن به فلا مناسبة له بالمقام فان أصل الحاجة وهي الزنا محرمة على المحتاج فكيف يحسن قضائها بل يحسن من الغير الاعانة على منعها بخلاف البكاء انتهى فلاحظ .
(2) رواه عنه الوسائل ج 3 ص 278 حديث 1 .

إرشاد العباد _ 32 _   وعنه أيضاً في كتاب الزي (1) مرفوعاً عن رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم قال : كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يكره السواد الا في ثلاثة الخف والكساء والعمامة .
  وروى شيخنا الحر العاملي في وسائله (2) عن الصدوق عن محمد بن سليمان مرسلا عن ابي عبد الله عليه السلام : قال ـ قلت له أصلى في القلنسوة السوداء قال : لا تصل فيها فانها لباس أهل النار .
  وروى ايضاً عن الصدوق في الفقيه (3) عن أمير المؤمنين عليه السلام مرسلا وفي العلل والخصال كما في الوسائل عنه ( ع ) مسنداً انه قال لاصحابه لا تلبسوا السواد فانه لباس فرعون وروى ايضاً باسناده كما في الوسائل (4) عن حذيفة بن منصور : قال : كنت عند ابي عبدالله صلى عليه السلام بالحيرة فأتاه رسول أبي العباس الخليفة يدعوه فدعي بمطر (5) أحد وجهيه أسود والاخر

---------------------------
(1) رواه في الكافي ج 2 ص 205 باب ليس السواد من طبع طهران سنة 1315 هـ الا ان فيه كان رسول الله (ص) يكره السواد الا في ثلاث وتقديم العمامة على الكساء فلاحظ .
(2) روه في الوسائل ج 3 ص 281 باب 20 حديث 3 من أبواب لباس المصلى والصدوق قده في الفقيه ج ل ص 251 : قال وسئل الصادق عليه السلام عن الصلاة في القلنسوة السوداء : فقال لا تصل فيها فانها من لباس أهل النار :
(3) رواه في من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 251 من طبع طهران سنة 1392 ونقل عنه الوسائل فيه في ج 3 ص 278 من أبواب لباس المصلى .
(4) رواه في الوسائل في ج 3 ص 279 حديث 7 من أبواب لباس المصلى ورواه الفقيه في ج ل ص 252 والكافي ج 2 ص 205 .
(5) الممطر والممطرة ثوب من صوف يلبس في المطر يتوفي به من المطر كما في لسان العرب ونحوه شيخنا الطريحي في مجمع البحرين بمادة مطر فلاحظ .

إرشاد العباد _ 33 _   ابيض فلبسه : ثم قال : عليه السلام أما اني ألبسه وأنا أعلم انه لباس اهل النار اي ألبسه للتقية من الطاغي الخليفة العباسي لاتخاذ العباسيين لا نفسهم لبس السواد كما يفهم ذلك من السير والتواريخ وغيرها .
  بل يفصح عنه بعض الاخبار المخبر بأن ذلك من زي بني العباس قبل أن يوجدوا .
  مثل ما روى عن الصدوق في الفقيه (1) مرسلا (2) انه قال روى انه هبط جبرئيل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعليه قباء أسود و منطقة فيها خنجر فقال صلى الله عليه وآله وسلم يا جبرئيل ماهذا الزى فقال زي ولد عمك العباس فخرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم الى العباس فقال ياعم ويل لولدي من ولدك : فقال : يا رسول الله أفاجب نفسي : قال صلى الله عليه وآله وسلم جرى القلم بما فيه .
  والظاهر أن المراد بأهل النار في بعض مامر من الاخبار هم المعذبون بها المخلدون فيها يوم القيامة وهم فرعون ومن حذا حذوه واحتذى مثاله ونحوه من الفرق الطاغية الباغية من أشباه الخلفاء العباسية وغيرهم من كفرة هذه الامة المرحومة والامم السابقة الذين اتخذوا السواد ملابس لهم .
  كما يرشد اليه ويفصح عنه ما روى ايضاً عن الصدوق

---------------------------
(1) أوفي العلل والخصال كما في الوسائل ( منه رحمه الله ) .
(2) رواه في الفقية ج 2 ص 252 من طبع طهران سنة 1392 هـ .

إرشاد العباد _ 34 _   في الفقيه (1) بأسناده عن اسماعيل بن مسلم عن الصادق عليه السلام انه قال : أوحى الله الى نبي من أنبيائه عليهم السلام قل للمؤمنين لا تلبسوا ملابس أعدائي ولا تطعموا مطاعم أعدائي ولا تسلكوا مسالك اعدائي فتكونوا أعدائي كما هم أعدائي .
  وقال : في كتاب عيون الاخبار على مافي الحدائق بعد نقل الخبر بسند آخر عن علي بن أبي طالب عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نقلا عن المصنف رضي الله عنه : ان لباس الاعداء هو السواد ومطاعم الاعداء النبيذ والمسكر والفقاع والطين والجرى من السمك والمار الماهي والزمير والطافي وكلما لم يكن له فلس من السمك والارنب الى أن قال : ومسالك الاعداء مواضع التهمة ومجالس شرب الخمر والمجالس التي فيها الملاهي والمجالس التي تعاب فيها الائمة عليه السلام والمؤمنون ومجالس أهل المعاصي والظلم والفساد انتهى ملخصاً : (2) هذا ما وقفنا عليه من الاخبار التي استند اليها لاثبات كراهة لبس السواد مطلقاً .
  والذي يظهر من مجموعها بعد ضم بعضها الى بعض والتأمل

---------------------------
(1) رواه في الفقيه ج ل ص 252 من طبع طهران سنة 1392 ثم قال رحمه الله في آخر الحديث فأما لبس السواد للتقية فلا اثم فيه : وظاهر قوله رحمة الله هو التحريم : وهو منفرد به بل لم أجد موافقاً له ولا سمعت ذلك الا من بعض المعاصرين ره و هو كما ترى لعدم الاختصاص بالسواد وحده بل يشمل كلما اتخذوه زياً لهم ودوران الحكم مدار بقائهم عليه وصدق الشعار على اللابس كما لا يخفى .
(2) ذكر ذلك في ص 193 من عيون الاخبار .

إرشاد العباد _ 35 _   في مساقها وما اشتمل عليه من تعليل المنع فيها مرة بأنه لباس فرعون وتارة بأنه لباس أهل النار كما في أكثرها وأخرى بما يقرب منه من أنه زي بني العباس ومن منع التلبس بلباس الاعداء بقول مطلق كالاخير منها الذي هو عند التحقيق كالمتضمن لهبوط جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم متلبساً بزي عجيب أخبر بأنه زي بني العباس ومن منع التلبس بلباس الاعداء بقول مطلق كالاخير منها الذي هو عند التحقيق كالمتضمن لهبوط جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله و سلم متلبساً بزي عجيب أخير بأنه زي بني العباس بمنزلة المبين لعنوان الحكم الكراهي وموضوعه المعلق عليه ان كراهة لبس السواد ليست من حيث كونه لبس سواد تعبداً .
  والا لما استثنى منه (1) من نحو الخف والعمامة والكساء بل انما هي من حيث كونه زي أعداء الله سبحانه الذين اتخذوه من بين سائر الالوان ملابس لهم فيكون الممنوع عنه حينئذ التزي بزيهم والتشبه بهم الذي منه التلبس بما اتخذوه ملبساً لا نفسهم الذي لبس منه الكساء والعمامة وغيرهما مما استثنى منه في النصوص المتقدم اليها الاشارة .
  ومعلوم ان عنوان التشبه بهم ونحوه من التزي بزبهم لا يتأتى مع كون القصد من ذلك غيره (2) بل الدخول في عنوان هو في نفسه

---------------------------
(1) يعني صحة الاستثناء يكشف ان الكراهة غير ذاتية والا لما صح الاستثناء وعليه فتكون الاخبار الناهية عن لبسه ارشاداً الى النهي عن اتخاذه زيا وشعاراً لئلا تحصل المشابهة باعداء الله تعالى ورسوله ( ص ) وأوليائه عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام ويكون الحكم بالحرمة أو الكراهة بالعنوان الثانوي فتأمل .
(2) يعني ان التشبه من الامور القصدية كما يقتضيه باب التفعل أيضاً ومثله القيام الذي يقصد به التعظيم تارة والسخرية اخرى أو مثل مد الرجل

إرشاد العباد _ 36 _   مطلوب من حيث هو كذلك مندوب شرعاً وهو التلبس بلباس المصاب المعهود في العرف والعادة قديماً وحديثاً للتحزن على مولانا الحسين صلوات الله عليه في أيام مأتمه كما يرشد اليه ما مر من حديث لبس نساء أهل البيت السواد بعد قتله عليه السلام في مأتمه المتضمن كما عرفت لتقرير الامام عليه السلام لذلك اذ لولا كون لبس السواد من التلبس بلباس المصاب المعهود من قديم الزمان في العرف والعادة لما أخترن ذلك على غيره مع معلومية كون غرضهن من ذلك ليس الا التحزن به عليه عليه السلام .
  هذا مع أن في النساء مثل الصديقة الصغرى زينب بن على صلوات الله عليها التي قال في حقها ابن أخيها الامام السجاد عليه السلام في الحديث المعروف حينما كانت تخطب وتخاطب القوم الفجرة بعد أن أدخلوهم الكوفة بتلك الحالة الشنيعة مخاطباً لها اسكتي يا عمة فأنت

---------------------------
  * أمام ضريح الامام عليه السلام أو القرآن فانه تارة يكون لوجع واخرى للاهانة الذي لا شك في حرمته وخلاصة الكلام ان الحكم في أمثال هذه الموارد المشتركة بين الراجح والمرجوح يكون دائراً مدار القصد وعليه فلو قصد من لبسه التشبه يكون مرجوحاً وان قصد التحزن به يكون مستحباً : أو يقال ان لبس السواد حيث ينتزع منه عنوان المشابهة وصدق الشعار عليه يكون مرجوحاً واذا لم ينتزع منه ذلك العنوان بل يتزع منه عنوان العزاء والمصيبة لاجل سيد الشهداء ( ع ) والأئمة كما في عصرنا هذا يكون لبسه راجحاً للعمومات الدالة على استحباب اظهار المصيبة والعزاء كما لا يخفى .

إرشاد العباد _ 37 _   بحمد الله عالمة غير معلمة وفهمة غير مفهمة (1) وكفاها بذلك ونحوه (2) مما لا يعد فخراً وعلماً وقدراً .
  فكيف يخفى على مثلها مع تلك الجلالة وعظم الشأن والقدر والبالة تلك الكراهة الشديدة المستفادة من الادلة فان هو الا لعدم تحقق ذلك العنوان الغير المحبوب .
  في نحو هذا التلبس المطلوب من حيث كون المقصود منه عنواناً آخر غير التشبه والتزي بزي الاعداء :
  بل التحقيق أنه لا يتأتى العنوان المكروه الامع غير عنوان التلبس بلباس الحزن في المأتم من سائر الاغراض المستحسنة الممدوحة عرفاً وشرعاً كما لو كان المقصود منه التجمل به مثلا لو كان مما يحصل به ذلك كلبس جبة خزد كناء كما ورد في الحديث المروي عن ابي جعفر عليه السلام بسند معتبر في الوسائل (3) .

---------------------------
(1) هذه الجمل الذهبية الصادرة عن الامام المعصوم (ع) في حق عمته سلام الله عليها من اعظم جمل الثناء والمدح الدالة على أن علمها بالاحكام الالهية يفاض عليها بنحو ما يفاض على المعصوم (ع) وانه لدني غير اكتسابي ويكون نتيجة ذلك حجية فعلها وقولها بل وتقريرها عليها السلام لثبوت جلالتها والمقام المنيع لها عند الائمة عليهم السلام كما لا يخفى فلاحظ .
(2) كوصاياه عليه السلام أياها وتوديع الاهل والعيال والاطفال عندها وغير ذلك من اسرار الامامة كما هو المذكور في كتب المقاتل فلاحظ وراجع
(3) رواه في الوسائل ج 3 ص 278 حديث 3 بسنده عن ابي علي الاشعري عن محمد بن سالم عن أحمد بن النضر عن عمر وبن شمر عن أبي جعفر (ع) : قال : قتل الحسين بن علي (ع ) وعليه جبة خرد كناء الحديث

إرشاد العباد _ 38 _   قال : قتل الحسين (ع) وعليه جبة خز دكناء (1) :
  ولعل المقصود من لبسه عليه السلام اياها فأنه على تقديره أمر ممدوح مستحب شرعاً كما ورد في الاخبار المستفيضة (2) او غيره مما ، يخفى علينا ولا يخفى عليه صلوات الله عليه .
  ولعل منه لبسه للتقية عن المخالف فانه ايضاً من المغير لذلك العنوان المكروه لا أنه مخصص بعموم أدلة التقية وعموم الضرورات تبيح المحظورات ونحوهما اذا التخصيص فرع دخول المستثنى في المستثنى منه .
  وعلى ما ذكرناه ليس ذلك مما يشمله عموم العنوان المكروه

---------------------------
  * قال الحر ره بعد نقل الحديث ( أقول ) هذا محمول على الجواز ونفي التحريم انتهي .
  ( قلت ) الظاهر أن مراده من الجواز هو بالمعني الاسم الذي لا ينافي الكراهة فلاحظ .
  هذا وروى شيخنا الكليني ( قده ) ج 2 من فروع الكافي ص 205 عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن عيسى عن سليمان بن راشد عن أبيه : قال رأيت علي بن الحسين عليهما السلام وعليه دراعة سوداء وطيلسان ازرق : والدراعة واحدة الدراريع وهو قميص .
(1) الدكناء بالضم لون الى السواد كما في القاموس وفي الصحاح لون يضرب الى السواد والقول بعدم عده من السواد في غير محله لغة وعرفاً كما لا يخفى .
(2) لعل المراد منه الاشارة الى الاخبار الدالة على استحباب التجمل بالملابس الفاخرة للمؤمن ونحوها : فراجع باب الزي والتجمل من كتب الحديث .

إرشاد العباد _ 39 _   ليخصص بها ولعل في قوله عليه السلام أما أني ألبسه وأنا اعلم أنه لباس أهل النار : اشارة لطيفة الى ذلك اي لا يتوهم المتوهم أني ألبسه ولا أعلم انه من لباس أهل النار بل ألبسه لكن لا للتلبس بلباسهم بل لغرض آخر لا يتأتى معه ذلك فلا يكون من المكروه والله أعلم .
  هذا : وفي الوسائل (1) عن العلل بسنده المتصل الى داود الرقي . قال : كانت الشيعة تسئل أبا عبدالله عليه السلام عن لبس السواد قال : فوجدناه قاعداً وعليه جبة سوداء وقلنسوة سوداء وخف أسود مبطن ثم فتق ناحية منه وقال أما أن قطنه أسود وأخرج منه قطناً أسود : ثم قال : بيض قلبك وألبس ما شئت (2) .
  وفيه كا ترى اشارة لطيفة الى ما أشرنا اليه فكأنه صلوات الله عليه وعلى آبائه وأبنائه الطاهرين أراد بقوله ببيض قلبك انه بيضه بنور معرفتنا وولايتنا والتشبه بنا وبموالينا وألبس حينئذ ما شئت فلا بأس به ولو كان أسود : فهو بعد التأمل فيه والتحقيق بالنظر الدقيق مبين للمراد من كراهة لبس السواد التي تضمنتها النصوص السابقة على اختلاف مضامينها :
  وبالجملة الانصاف يقتضي الاعتراف بعدم شمول أدلة كراهة لبس السواد بعد الاحاطة بما ذكرناه لو كان المقصود منه التحزن

---------------------------
(1) ج 3 ص 280 حديث 9 باب 19 .
(2) أقول وليس الحديث بمجمل كما توهم لان المراد من قوله (ع) والبس ما شئت اي من الالوان ونحوها من الاشكال التي لم يرد فيها نهي خاص كالذهب والحرير للرجال ولباس الشهرة مما هو منهي عنه وثابت حرمته بالنص والاجماع والضرورة : حيث ان قوله (ع) في بيان دفع التوهم المذكور من الحزازة في لبس السواد الذي كانت الشيعة تسأل عنه .

إرشاد العباد _ 40 _
  بذلك على مولانا الحسين عليه السلام في أيام مأتمه بعد ما عرفت من كونه هو المعهود في العرف والعادة من قديم الزمان لكل مفقود عزيز جليل لهم سيما بعد صيرورته من شعار الشيعة قديماً وحديثاً من علمائهم فضلا عن غيرهم بل ربما يشعر بذلك أشعاراً بليغاً الحديث الذي رواه خالنا العلامة المجلسي رحمة الله في زاد المعاد (1) في فضل يوم التاسع من أول الربيعين وعظم شأنه وقدرة عند الائمة عليهم السلام عن الشيخ الجليل القدر العظيم المنزلة أحمد بن اسحاق القمي عن مولانا العسكرى عليه السلام عن آبائه عليهم السلام عن أمير المؤمنين عليه وعليهم الصلاة والسلام ان لهذا اليوم من عظم قدرة عند الله وعند رسوله وخلفائه عليهم السلام سبعين اسماً وعدها واحداً بعد واحد وجعل من جملتها المناسب ذكره في هذا المقام انه يوم نزع لباس السواد اظهاراً للفرح والسرور المطلوب فيه للمؤمنين الذي لا يناسبه لبس السواد فيه (2) .
  ولا يخفى ما فيه من الاشعار بل الظهور في معهودية لبس السواد عند الخواص وهم الشيعة قبل هذا اليوم لعدم شمول الامر بالنزع لغيرهم بالضرورة ومعلوم أن ذلك لا يكون الا لمفقود عزيز وهل هو الا للتحزن على ما جرى على مولانا الحسين عليه السلام وأهل بيته في الشهرين

---------------------------
(1) وراجع البحار الجزء الثامن منه ايضاً .
(2) لانه من الايام الشريفة التي يلزم على كل مؤمن ان يظهر الفرح والبشاشة لاخوانه واطعام الطعام لهم وانه مضافاً اليه يوم امامة بقية الله في الأرضين وحجته على العالمين الذي يظهر فيملأ الارض عدلا وقسطاً وينتقم من الذي ضرب الزهراء صلوات الله عليها واسقط محسنها عجل الله فرجه الشريف وجعلنا من خيار اصحابه .

إرشاد العباد _ 41 _   المعلومين الذين جرت عادت نوع الشيعة على لبس السواد فيهما من قديم الزمان لاجله وان احتمل كون المراد منه مطلوبية اظهار الفرح والسرور في هذا اليوم للخواص الذي لا يناسبه لبس السواد ولو كان لغيره عليه السلام ممن فقد منهم الا ان ما ذكرناه لعله أظهر الى المراد .
  وعلى كلا التقديرين يدل دلالة وافية على أنه لباس حزن متعارف لسه بين الناس لمن فقد منهم ممن ينبغي له ذلك فيشمله حينئذ عموم ما دل على مطلوبية شعار الحزن والتحزن عليه في مأتمه عليه السلام بما يصدق عليه ذلك في العرف والعادة بالاخبار المستفيضة البالغة حد الاستقاضة بل المتواترة معنى الدالة على ذلك على اختلاف مواردها ومضامينها من غير حاجة الى ثبوت كل فرد ومصداق منه بالخصوص بدليل مخصوص (1) بل يكفي مجرد كونه مما يصدق عليه ذلك في العرف والعادة سيما لو كان مما جرت عليه السيرة كما نحن فيه .
  ومن هنا ينفتح باب واسع لتجويز مثل الطبول والشيپور ونحوها من الالالت التي تضرب حال الحرب لهيجان العسكر في عزاء ومأتم مولانا

---------------------------
(1) اقول يختلف نوع العزاء باختلاف العرف والعادة حيث لم يرد دليل بالخصوص على انه على كيفية خاصة بل هوما تعارف عنه العرف والبلاد قال في الجواهر ص 376 من ج 4 من طبع تبريز 1324 في بيان احكام عدة المتوفي عنها زوجها ما هذا نصه ضرورة كون المدار ( اي الحداد وترك الزينة ) على ما عرفت وهو مختلف باختلاف الازمنة والامكنة والاحوال ولاضابطة للزينة والتزين وما يتزين به الا العرف والعادة الخ فلاحظ .

إرشاد العباد _ 42 _   الحسين أرواحنا له الفداء المتعارف ذلك في أعصارنا (1) سيما بين

---------------------------
(1) قال المحقق النائيني قده في فتواه الصادرة لاهالي البصرة ما هذا نصه : الرابع الدمام المستعمل في هذه المواكب مما لم يتحقق لنا الى الان حقيقته فان كان مورد استعماله هو اقامة العزاء وعند طلب الاجتماع وتنبيه الراكب على الركوب في الهوسات العربية ونحو ذلك ولا يستعمل فيما يطلب فيه اللهو والسرور وكما هو المعروف عندنا في النجف الاشرف فالظاهر جوازه والله العالم انتهى .
  ( أقول ) ومنه يعرف الوجه في مثل الصنوج والبوق حيث انهما لم يعدا لا ستعمالهما في مجالس اللهو والطرب كما لا يخفى .
  قال شيخنا الفقيه الرباني الشيخ زين العابدين المازندراني الحائري قده في ص 619 من دخيرة المعاد في جواب من سئله عن استعمال آلات اللهو واللعب مثل الدف والطبل والدهل والصنج وغير ذلك في عزاء الحسين عليه السلام ما هذا نصه : ان شاء الله مثاب ومأجورمي باشي در شراكت جميع مصيبت وتكثير سواد اهل مصيبت با قطع نظر از رقت وبكاء وسبب ابكائ كه هر يك بخصوص مطلوب مي باشد واما همراه داشتن آلات مرقومه پس اگر مثلا غرض از طبل طبل حرب باشد وغرض از زدن آنها تذكر زدن مخالفين در روز عاشورا طبل حرب يا طبل لهوايشان باشد چنانچه معروف است كه هر دسته كله از مخالفين از كوفه مىآمد طبل شادى ميزدند ازجهت اين كه تازه لشگرى ومعينى رسيده آن هم انصافاً ضرر ندارد چون مقصود حكايت طبل ايشان مىباشد نه حقيقت قصد شادى وسرور وشعف داشته باشند غرض خداوند منان توفيق ما وشما را الى يوم القيامة بأقامة عزاى اولاد سيد انام زياد گرداند انتهى .
  وقال هذه في الصحفة المذكورة ايضاً في جواب من سئله عن بعض

إرشاد العباد _ 43 _   الاتراك من الشيعة الذي له تأثير غريب في هيجان الاحزان والا بكاء والصياح والنياح بحيث تراهم يخرجون بذلك عن الحالة الاختيارية وكذلك البوق المتداول بين نصف الدراويش ونحو ذلك مما تداولها عوام الشيعة في مأتم مولانا الحسين عليه السلام مما لا دليل على الحرمة سوى كونه من الات اللهو المحرم بعمومه من حيث كونه لهواً لا لحرمته ذاتاً كاللعب

---------------------------
  * تلك الالات ايضا ما هذا نصه : ضرر ندارد بلكه مطلوب ومحبوب الست انتهى هذا وارتضى كلامه في الموردين شيخنا الفقيه التقي الشيرازي الحائري قده حيث لم يعلق على العبارة بشيء غير قوله : اگر خود مرتكب محرم نشود لان الرسالة مشاة بحاشيته الشريفة بخط بعض أصحابه .
  وقال العلامة المجاهد الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء قده في رسالته المواكب الحسينية ص 19 في جواب السؤال المرسول اليه من فيحاء البصرة عن الطبل وصدح الابواق وقرع الطوس بنقل صاحب الانوار الحسينية ص 60 من طبع بمبئي سنة 1346 .
  ما هذا نصه كلها أمور مباحة فانك ايها السامع تحس وكل ذي وجدان انها لاتحدث لك بسماعها طرباً ولا خفة نشاطاً بل بالعكس توجب هولا وفزعاً وكمداً وحزناً فاذا قصد منها الضارب الاعلام والتهويل ونظم المواكب وتعديل الصفوف والمواكب حسنت بهذا العنوان ورجحت بذلك الميزان انتهى .
  ونقل عن شيخنا كاشف الغطاء ، قده ايضاً صاحب الانوار الحسينية في ص 82 منه ما هذا نصه :
  واما ضرب الطيول والابواق غير مقصود بها اللهو فلاريب ايضاً في مشروعيتها لتعظيم الشعار انتهى .

إرشاد العباد _ 44 _   بالشطرنج ونحوه من آلات القمار وان كان نوعاً منه ايضاً فان ما كان تحريمه من حيث كونه لهواً لا غيره كا أشرنا اليه لا يصدق عليه عنوان اللهو بالضرورة في مثل المقام المقصود منه اقامة العزاء وهيجان الاحزان ونحوهما به في أيام مأتمه عليه السلام وحيث لا يصدق عليه ذلك العنوان المحرم من حيث اللهوية بالقصد المغير له بالضرورة جاز بل ندب واستحب لاندراجه حينئذ في عموم مادل على مطلوبية شعار الحزن والتحزن عليه (ع) بما يصدق عليه ذلك في العرف والعادة وان لم يرد عليه دليلا بالخصوص كاللطم والضرب بالراحتين على الصدور الذي جرت عليه السيرة من الخواص (1) فضلا عن العوام من الشيعة في مأتمه عليه السلام سيما في أيام العشرة الاولى من المحرم ولياليها

---------------------------
(1) اقول وقد كانت مواكب العلماء والفقهاء تخرج في كل سنة ليلة عاشورا في كربلا المقدسة ينقدم الموكب السادة ثم الشيوخ وفيهم مراجع الفتيا والتقليد لاطمين بأيديهم على صدورهم حافي القدمين وقد لطخ بعضهم جباههم في غاية الانكسار والحزن والكابة بحيث كل من كان ينظر اليهم تنقلب احواله من البكاء والصراخ حيث انهم ممثلوا ولي العصر عجل الله فرجه وهذا الموكب على ما قيل اسسه سيد فقهاء عصره السيد علي الطباطبائي صاحب الرياض وجد سيدنا المؤلف قده .
  كما سمعت انهم كانوا يخرجون في كل سنة ليلة عاشوراء في قم المقدسة ايضاً وكان هذا الموكب من بركات مؤسس الحوزة العلمية آية الله الشيخ عبدالكريم الحائري قده وكان هو ره معهم خلف موكب السادة احتراماً لهم كما حدثني ولده الفقيه الشيخ مرتضى دامت بركاته الذي هواليوم من اجلة علمائنا العاملين وعليه سيماء فقهائنا الاقدمين قدشابه أباه في العلم والعمل والكرم ومن يشابه ابه فما ظلم سلمه الله وابقاه ومن كل مكروه وقاه .

إرشاد العباد _ 45 _   بالخصوص حتى بلغ ذلك الى حد ينسب اليهم الاعداء فيها الجنون (1) ونحوه مع أنه لم يرد به نص بالخصوص ولو من الطرق الغير المعتبرة ولم نر مع ذلك احداً منا تأمل أو توقف في حسن هذا الفعل وهو الا لكونه مأخوذاً مدلولا عليه بالعموم المشار اليه .
  وبالجملة لا ينبغي التأمل في عدم شمول أدلة كراهة لبس السواد لما نحن فيه كما لا ينبغي التأمل في رجحانه شرعاً لهذا العنوان المندوب

---------------------------
(1) نسبة الجنون الى الشيعة الامامية في ترويجهم الدين الحنيف واعلاء كلمة المذهب الشريف هو كنسبة اعداء الاسلام ذلك والعياذ بالله الى من لا ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى علمه شديد القوى وقد كشف المستقبل بحمد الله انهم كانوا اولى بالنسبة اليه واحرى بالاتصاف به اذ خسروا انفسهم في الدنيا وخزي عذاب الاخرة اشد وابقى هذا والاعداء هم يعلمون انهم لا يتمكنون من تضعيف قوى الشيعة أعزهم الله وتفتيت عزمهم على احياء أمر آل الله صلوات الله عليهم وانهم لا يقدرون على انفاذ تسويلاتهم في عقائدهم الحقة حيث انهم لا يبالون بهزء المستهزئين وسخرية الجاهلين ونسبة انواع التهم اليهم ولا ينبغي لهم لانهم قد أخذوا احكامهم عن معدن الوحي والتنزيل وقد شرح الله صدورهم للاسلام : فهم على بينة من أمرهم : وانهم قاطعون على أن الاعداء لحظهم اخطأوا وعن ثواب الله زاغوا وعن جوار محمّد ( ص ) في الجنة تباعدوا كما قال الامام الصادق ( ع ) وكما قال ( ع ) لذريح : يا ذريح دع الناس يذهبون حيث شاؤوا كن معنا : فهم على امرهم ثابتون ولا يضرهم شيء بعد دعاء أئمتهم عليهم السلام لهم بالمغفرة والرضا والحفظ في الدنيا والاخرة والخف على أهاليهم واولادهم ونسئل الله الثبات على محبة محمّد وآله والاقتفاء لسيرتهم والممات على ولاية علي واولاده والبرائة من اعدائهم وبالخصوص من الجبت والطاغوت ومن شك في كفرهما انشاء الله تعالى

إرشاد العباد _ 46 _   بعمومه كذلك بعد ارتفاع الكراهة عنه وهل هو الا كشق الثوب المرجوح او المحرم لكل ميت الا من الولد لوالد فترتفع المرجوحية او الحرمة فيه بالمرة بل ربما ينقلب راجحاً محضاً او يغلب رجحانه على المرجوحية التي فيه لغيره ولعله لكونه نوعاً من التعظيم والاجلال المطلوب شرعاً من الولد لوالده حياً وميتاً بل هو الظاهر فلا يكون كشقه لغيره مما فيه نوع من التجري عليه سبحانه وتعالى والانضجار ونحوه وكالبكاء والجزع والتأسف ونحوها المذمومة شرعاً لكل أحد الا من الولد للوالد فانه مندوب (1) وليس ذلك من القياس المحرم بل المنقح مناطه كما لا يخفى .

---------------------------
(1) ففي التهذيب ج 2 ص 283 آخر الكفارات عن الصادق ( ع ) قال ولا شيء في اللطم على الخدود سوى الاستغفار والتوبة : وقد شققن الجيوب ولطمن الخدود الفاطميات على الحسين بن علي عليهما السلام وعلى مثله تلطم الخدود وتشق الجيوب فدلالته على الجواز والاستحباب فيما نحن فيه ظاهر جداً لاستشهاده بفعلهن وطلبه من الناس على الحسين عليه السلام ذلك وان بلغ من الضرب الاحمراء والسواد بل الادماء لما هو لازم الضرب عند اشتداد المصيبة .
  وقال عليه السلام ايضاً كل الجزع والبكاء مكروه ما سوى الجزع والبكاء لقتل الحسين ( ع ) بناء على ارادة اللطم وشق الثوب وغير ذلك مما يصدر من الجازع غير مكروه على الحسين ( ع ) بل فيه الفضل والرجحان مع حرمته على غيره ( ع ) لحمل الكراهة على معناها الحقيقي .
  وفي الجواهر المراد به فعل ما يقع من الجازع من لطم الوجه والصدر والصراخ ونحوها ولو بقريبة ما رواه جابر عن الباقر ( ع ) أشد الجزع الصراخ بالويل والعويل ولطم الوجه وجز الشعر مضافاً الى السيرة في اللطم والعويل

إرشاد العباد _ 47 _   ومما ذكرنا يظهر أنه لا وجه لما ذكره شيخنا الخال العلامة أعلى الله في الدارين مقامه معترضاً على كلام شيخنا المحدث البحراني رحمه الله المتقدم اليه الاشارة تارة بامكان تنزيل الحزن في مأتمه عليه السلام على ما هو المقرر في آدابه في الشرع التي ليس منها لبس السواد : وأخرى بأن معارضة ما دل على رجحان الحزن وكراهة لبس السواد نظير معارضة دليل حرمة الغناء من المحرم ورجحان رثاء الحسين عليه السلام وكلما كان من هذا القبيل يفهم المتشرعة منهما تقييد الراجح بغير الممنوع في الشرع حرمة أو كراهة الى آخر ما مرت الاشارة اليه : أذ لا داعي أولا الى تنزيل الحزن والتحزن عليه في مأتمه ( ع ) المندوب بعمومه كما عرفت الشامل لكلما يصدق عليه ذلك في العرف والعادة الذي منه لبس السواد على غيره مع كونه من الفرد المتعارف

---------------------------
  * ونحوهما مما حرام في غيره قطعاً فتأمل فلا حظ .
  وفي زيارة الناحية المقدسة : قال ( ع ) فلما رأين النساء جوادك مخزياً الى ان قال ( ع ) برزن من الخدود ناشرات الشعور على الخدود لاطمات وبالعويل نائحات .
  قال في الجواهر ص 384 ح ل وما يحكى من فعل الفاطميات ربما قيل انه متواتر فلاحظ : هذا وقد علم من كل ذلك أن اللطم على الصدور والخدود وشق الثوب وحث التراب على الرأس والصراخ والعويل ونحو ذلك كخمش الوجه والصدر وارخاء الشعر ونشره وجزه او نتفه يستحب على الحسين ( ع ) ويحرم على غيره بمقتضى هذه الروايات الشريفة والسيرة المستمرة عند أصحاب الائمة المعصومين ( ع ) في عصرهم حتى عصرنا الحاضر كما لا يخفى ومنه يعلم وجه ضرب السلاسل على الظهور وضرب القامات على الرؤوس .