وممّا انفردت به الاِماميّة ، القول : بأنّ شهادة عدلين شرط في وقوع الطلاق ، ومتى فقد لم يقع الطلاق وخالف باقي الفقهاء في ذلك (1)
وقال الشيخ الطوسي : كلّ طلاق لم يحضره شاهدان مسلمان عدلان وإن تكاملت سائر الشروط ، فإنّه لا يقع. وخالف جميع الفقهاء ولم يعتبر أحد منهم الشهادة (2).
ولاتجد عنواناً للبحث في الكتب الفقهية لاَهل السنّة وانّما تقف على آرائهم في كتب التفسير عند تفسير قوله سبحانه : ( فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَ أَقِيمُوا الشَّهَادَةَ للّهِ ) (الطلاق | 2) وهم بين من يجعلونه قيداً للطلاق والرجعة ، ومن يخصّه قيداً للرجعة المستفادة من قوله : ( فَامْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوف ).
روى الطبري عن السدّي أنّه فسّـر قوله سبحانه : ( وَأشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ
---------------------------
(1) المرتضى : الانتصار : 127 ـ 128.
(2) الطوسي : الخلاف : 2 ، كتاب الطلاق المسألة 5.
الاعتصام بالكتاب والسنة _ 166 _
مِنْكُم ) تارة بالرجعة وقال : أشهدوا على الامساك إن أمسكتموهنّ وذلك هو الرجعة ، واُخرى بها وبالطلاق وقال : عند الطلاق وعند المراجعة.
ونقل عن ابن عباس : أنّه فسّـرها بالطلاق والرجعة (1)
وقال السيوطي : أخرج عبد الرزاق عن عطاء قال : النكاح بالشهود ، والطلاق بالشهود ، والمراجعة بالشهود.
وسئل عمران بن حصين عن رجل طلّق ولم يشهد ، وراجع ولم يشهد ؟ قال : بئس ما صنع طلّق في بدعة وارتجع في غير سنّة فليشهد على طلاقه ومراجعته وليستغفر اللّه (2)
قال القرطبي : قوله تعالى : ( وأشهدوا ) أمرنا بالاشهاد على الطلاق ، وقيل : على الرجعة ، والظاهر رجوعه إلى الرجعة لا إلى الطلاق ، ثمّ الاشهاد مندوب إليه عند أبي حنيفة كقوله : ( وَأشْهِدُوا إذا تَبَايَعْتُمْ ) وعند الشافعي واجب في الرجعة (3)
وقال الآلوسي ( وأشهدوا ذوى عدل منكم ) عند الرجعة إن اخترتموها أو الفرقة إن اخترتموها تبرّياً عن الريبة (4)
إلى غير ذلك من الكلمات الواردة في تفسير الآية.
وممّن أصحر بالحقيقة عالمان جليلان : أحمد محمد شاكر القاضي المصري ، والشيخ أبو زهرة ، قال الاَوّل بعد ما نقل الآيتين من أوّل سورة الطلاق :
---------------------------
(1) الطبري : جامع البيان : 28 | 88.
(2) السيوطي : الدر المنثور : 6|232 ، وعمران بن حصين من كبار أصحاب الاِمام عليّ ـ عليه السلام ـ .
(3) القرطبي : الجامع لاَحكام القرآن : 18|157.
(4) الآلوسي : روح المعاني : 28|134.
الاعتصام بالكتاب والسنة _ 167 _
والظاهر من سياق الآيتين أنّ قوله : ( وأشهدوا ) راجع إلى الطلاق و إلى الرجعة معاً والاَمر للوجوب ، لاَنّه مدلوله الحقيقي ، ولا ينصرف إلى غير الوجوب ـ كالندب ـ إلاّ بقرينة ولا قرينة هنا تصرفه عن الوجوب ، بل القرائن هنا توَيّد حمله على الوجوب ـ إلى أن قال : ـ فمن أشهد على طلاقه ، فقد أتى بالطلاق على الوجه المأمور به ، ومن أشهد على الرجعة فكذلك ، ومن لم يفعل فقد تعدّى حدود اللّه الذي حدّه له فوقع عمله باطلاً ، لا يترتّب عليه أي أثر من آثاره ـ إلى أن قال : ـ وذهب الشيعة إلى وجوب الاشهاد في الطلاق وأنّه ركن من أركانه ، ولم يوجبوه في الرجعة والتفريق بينهما غريب لا دليل عليه (1)
وقال أبو زهرة : قال فقهاء الشيعة الاِمامية الاثني عشرية والاِسماعيلية : إنّ الطلاق لا يقع من غير اشهاد عدلين ، لقوله تعالى (في أحكام الطلاق وانشائه في سورة الطلاق) : ( وَأشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ للّهِ ذلِكُمْ يُوعَظُ بهِ مَنْ كَانَ يُوَمِنُ بِاللّهِ واليومِ الآخرِ ومَن يَتَّقِ اللّهَ يَجعل لَهُ مَخرجاً * ويرزقه مِنْ حيثُ لا يحتَسب ) فهذا الاَمر بالشهادة جاء بعد ذكر انشاء الطلاق وجواز الرجعة ، فكان المناسب أن يكون راجعاً إليه ، وإنّ تعليل الاشهاد بأنّه يوعظ به من كان يوَمن باللّه واليوم الآخر يرشّح ذلك ويقويه ، لاَنّ حضور الشهود العدول لا يخلو من موعظة حسنة يزجونها إلى الزوجين ، فيكون لهما مخرج من الطلاق الذي هو أبغض الحلال إلى اللّه سبحانه وتعالى.
وأنّه لو كان لنا أن نختار للمعمول به في مصر لاخترنا هذا الرأي فيشترط لوقوع الطلاق حضور شاهدين عدلين (2)
---------------------------
(1) أحمد محمد شاكر : نظام الطلاق في الاِسلام : 118 ـ 119.
(2) أبو زهرة : الاَحوال الشخصية : 365 كما في الفقه على المذاهب الخمسة : 131(والآية : 2 ـ 3 من سورة
الطلاق).
الاعتصام بالكتاب والسنة _ 168 _
وهذه النصوص تعرب عن كون القوم بين من يقول برجوع الاشهاد إلى الرجعة وحدها ، وبين من يقول برجوعه إليها وإلى الطلاق ، ولم يقل أحد برجوعه إلى الطلاق وحده إلاّ ما عرفته من كلام أبي زهرة ، وعلى ذلك فاللازم علينا بعد نقل النص ، التدبّر والاهتداء بكتاب اللّه إلى حكمه.
قال سبحانه : ( يا أيُّها النبيُّ إذا طلَّقتُمُ النِّساءَ فَطلِّقوهُنَّ لعدَّتهنَّ وأحْصُوا العِدَّةَ واتَّقوا اللّهَ ربَّكم لا تُخرِجُوهنَّ مِن بيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إلاَّ أن يأتِينَ بِفحِشَةٍ مُبيِّنةٍ وَتِلكَ حدود اللّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللّهَ يُحدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمراً * فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَو فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهدَةَ للّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُوَْمِنُ بِاللّهِ واليومِ الآخِر وَمَن يَتَّقِ اللّهَ يَجْعَلْ لهُ مَخْرَجاً ) (الطلاق |1 ـ 2).
إنّ المراد من بلوغهنّ أجلهنّ : اقترابهنّ من آخر زمان العدة واشرافهنّ عليه ، والمراد بامساكهنّ : الرجوع على سبيل الاستعارة ، كما أنّ المراد بمفارقتهنّ : تركهنّ ليخرجن من العدّة ويبنّ.
لا شك أنّ قوله : ( وأَشْهِدُوا ذَوَي عَدْلٍ ) ظاهر في الوجوب كسائر الاَوامر الواردة في الشرع ولا يعدل عنه إلى غيره إلاّ بدليل ، إنّما الكلام في متعلّقه. فهناك احتمالات ثلاثة :
1 ـ أن يكون قيداً لقوله : (فطلّقوهنَّ لعدّتهنَّ) .
2 ـ أن يكون قيداً لقوله : (فأمسكوهنّ بمعروف).
3 ـ أن يكون قيداً لقوله : (أو فارقوهنّ بمعروف) .
الاعتصام بالكتاب والسنة _ 169 _
لم يقل أحد برجوع القيد إلى الاَخير فالاَمر يدور بين رجوعه إلى الاَوّل أو الثاني ، فالظاهر رجوعه إلى الاَوّل وذلك لاَنّ السورة بصدد بيان أحكام الطلاق وقد افتتحت بقوله سبحانه : ( يا أيُّها النبيُّ إذا طلّقتُمُ النِّساء ) فذكرت للطلاق عدّة أحكام :
1 ـ أن يكون الطلاق لعدّتهنّ.
2 ـ احصاء العدّة.
3 ـ عدم خروجهنّ من بيوتهنّ.
4 ـ خيار الزوج بين الامساك والمفارقة عند اقتراب عدّتهنّ من الانتهاء.
5 ـ اشهاد ذوَي عدل منكم.
6 ـ عدّة المسترابة.
7 ـ عدّة من لا تحيض وهي في سن من تحيض.
8 ـ عدّة أُولات الاَحمال.
وإذا لاحظت مجموع آيات السورة من أوّلها إلى الآية السابعة تجد أنّها بصدد بيان أحكام الطلاق لاَنّه المقصود الاَصلي ، لا الرجوع المستفاد من قوله : ( فأمسكوهنّ ) وقد ذكر تبعا.
وهذا هو المروى عن أئمتنا (عليهم السلام) ، روى محمد بن مسلم قال : قدم رجل إلى أمير الموَمنين (عليه السلام) بالكوفة فقال : إنّي طلّقت امرأتي بعد ما طهرت من محيضها قبل أن أُجامعها ، فقال أمير الموَمنين (عليه السلام)
الاعتصام بالكتاب والسنة _ 170 _
: أشهدت رجلين ذوَي عدل كما أمرك اللّه ؟ فقال : لا ، فقال : اذهب فانّ طلاقك ليس بشيء (1).
وروى بكير بن أعين عن الصادقين (عليهما السلام) أنّهما قالا : وإن طلّقها في استقبال عدّتها طاهراً من غير جماع ، ولم يشهد على ذلك رجلين عدلين ، فليس طلاقه إيّاها بطلاق (2)
وروى محمد بن الفضيل عن أبي الحسن (عليه السلام) أنّه قال لاَبي يوسف : إنّ الدين ليس بقياس كقياسك وقياس أصحابك ، إنّ اللّه أمر في كتابه بالطلاق وأكّد فيه بشاهدين ولم يرض بهما إلاّ عدلين ، وأمر في كتابه التزويج وأهمله بلا شهود ، فأتيتم بشاهدين فيما أبطل اللّه ، وأبطلتم شاهدين فيما أكّد اللّه عزّ وجلّ ، وأجزتم طلاق المجنون والسكران ، ثم ذكر حكم تظليل المحرم (3)
قال الطبرسي : قال المفسرون : أُمروا أن يشهدوا عند الطلاق وعند الرجعة شاهدي عدل حتى لا تجحد المرأة المراجعة بعد انقضاء العدّة ولا الرجل الطلاق ، وقيل : معناه وأشهدوا على الطلاق صيانة لدينكم ، وهو المروى عن أئمتنا ـ عليهم السلام ـ وهذا أليق بالظاهر ، لاَنّا إذا حملناه على الطلاق كان أمراً يقتضي الوجوب وهو من شرائط الطلاق ، ومن قال : إنّ ذلك راجع إلى المراجعة ، حمله على الندب (4).
ثمّ إنّ الشيخ أحمد محمد شاكر ، القاضي الشرعي بمصر كتب كتاباً حول ( نظـام الطلاق في الاِسلام ) وأهدى نسخة منه مشفوعة بكتاب إلى العلامة الكبير
---------------------------
(1) الوسائل : ج 15 الباب 10 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث 7 و 3 و 12 ولاحظ بقية أحاديث الباب.
(2) الوسائل : ج 15 الباب 10 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث 7 و 3 و 12 ولاحظ بقية أحاديث الباب.
(3) الوسائل : ج 15 الباب 10 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث 7 و 3 و 12 ولاحظ بقية أحاديث الباب.
(4) مجمع البيان : 5|306.
الاعتصام بالكتاب والسنة _ 171 _
الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء وكتب إليه : إنّني ذهبت إلى اشتراط حضور شاهدين حين الطلاق ، وإنّه إذا حصل الطلاق في غير حضرة الشاهدين لم يكن طلاقاً ولم يعتد به ، وهذا القول وإن كان مخالفاً للمذاهب الاَربعة المعروفة إلاّ أنّه يوَيّده الدليل ويوافق مذهب الاَئمّة أهل البيت والشيعة الاِمامية.
وذهبت أيضاً إلى اشتراط حضور شاهدين حين المراجعة ، وهو يوافق أحد قولين للاِمام الشافعي ويخالف مذهب أهل البيت والشيعة ، واستغربت (1) من قولهم أن يفرقوا بينهما والدليل له : ( وأَشْهِدُوا ذَوَي عَدْلٍ منكُم ) واحد فيها.
وأجاب العلاّمة كاشف الغطاء في رسالة إليه بيّن وجه التفريق بينهما وإليك نص ما يهمنا من الرسالة : قال بعد كلام : (وكأنّك ـ أنار اللّه برهانك ـ لم تمعن النظر هنا في الآيات الكريمة كما هي عادتك من الامعان في غير هذا المقام ، وإلاّ لما كان يخفى عليك أنّ السورة الشريفة مسوقة لبيان خصوص الطلاق وأحكامه حتى أنّها قد سمّيت بسورة الطلاق ، وابتدأ الكلام في صدرها بقوله تعالى : ( إذا طلّقتم النساء ) ثم ذكر لزوم وقوع الطلاق في صدر العدّة أي لا يكون في طهر المواقعة ، ولا في الحيض ، ولزوم احصاء العدّة ، وعدم اخراجهنّ من البيوت ، ثمّ استطرد إلى ذكر الرجعة في خلال بيان أحكام الطلاق حيث قال عزّ شأنه : ( فإذا بلغن أجلهنّ فأمسكوهنّ بمعروف ) أي إذا أشرفن على الخروج من العدّة ، فلكم امساكهنّ بالرجعة أو تركهنّ على المفارقة.
ثمّ عاد إلى تتمة أحكام الطلاق فقال : ( وأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ منكُم ) أي في الطلاق الذي سيق الكلام كلّه لبيان أحكامه ويستهجن عوده إلى
---------------------------
(1) مرّ نصّ كلامه حيث قال : والتفريق بينهما غريب.
الاعتصام بالكتاب والسنة _ 172 _
الرجعة التي لم تذكر إلاّ تبعاً واستطراداً ، ألا ترى لو قال القائل : إذا جاءك العالم وجب عليك احترامه واكرامه وأن تستقبله سواء جاء وحده أو مع خادمه أو رفيقه ، ويجب المشايعة وحسن الموادعة ، فانّك لا تفهم من هذا الكلام إلاّ وجوب المشايعة والموادعة للعالم لا له ولخادمه ورفيقه ، وإن تأخّرا عنه ، وهذا لعمري حسب القواعد العربية والذوق السليم جلي واضح لم يكن ليخفى عليك وأنت خريت العربية لولا الغفلة (وللغفلات تعرض للاريب) ، هذا من حيث لفظ الدليل وسياق الآية الكريمة.
وهنالك ما هو أدقّ وأحقّ بالاعتبار من حيث الحكمة الشرعية والفلسفة الاِسلامية وشموخ مقامها وبعد نظرها في أحكامها ، وهو أنّ من المعلوم أنّه ما من حلال أبغض إلى اللّه سبحانه من الطلاق ، ودين الاِسلام كما تعلمون ـ جمعي اجتماعي ـ لا يرغب في أي نوع من أنواع الفرقة لاسيما في العائلة والا َُسرة ، وعلى الاَخص في الزيجة بعد ما أفضى كل منهما إلى الآخر بما أفضى.
فالشارع بحكمته العالية يريد تقليل وقوع الطلاق والفرقة ، فكثّر قيوده وشروطه على القاعدة المعروفة من أنّ الشيء إذا كثرت قيوده ، عزّ أو قلّ وجوده ، فاعتبر الشاهدين العدلين للضبط أوّلاً وللتأخير والاَناة ثانياً ، وعسى إلى أن يحضر الشاهدان أو يحضر الزوجان أو أحدهما عندهما يحصل الندم ويعودان إلى الالفة كما أُشير إليه بقوله تعالى : ( لا تدري لعلَّ اللّه يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أمراً ) وهذه حكمة عميقة في اعتبار الشاهدين ، لا شكّ أنّها ملحوظة للشارع الحكيم مضافاً إلى الفوائد الا َُخر ، وهذا كلّه بعكس قضية الرجوع فإنّ الشارع يريد التعجيل به ولعلّ للتأخير آفات فلم يوجب في الرجعة أيّ شرط من الشروط.
الاعتصام بالكتاب والسنة _ 173 _
وتصح عندنا معشر الاِمامية ـ بكلّ ما دلّ عليها من قول أو فعل أو إشارة ـ ولا يشترط فيها صيغة خاصة كما يشترط في الطلاق ، كل ذلك تسهيلاً لوقوع هذا الاَمر المحبوب للشارع الرحيم بعباده والرغبة الاَكيدة في الفتهم وعدم تفرّقهم ، وكيف لا يكفي في الرجعة حتى الاشارة ولمسها ووضع يده عليها بقصد الرجوع وهي ـ أي المطلّقة الرجعية ـ عندنا معشر الاِمامية لا تزال زوجة إلى أن تخرج من العدّة ، ولذا ترثه ويرثها ، وتغسله ويغسلها ، وتجب عليه نفقتها ، ولا يجوز أن يتزوّج بأُختها ، وبالخامسة ، إلى غير ذلك من أحكام الزوجية ) (1)
---------------------------
(1) أصل الشيعة وأُصولها : 163 ـ 165 ، الطبعة الثانية.
من المسائل التي أوجبت انغلاقاً وعنفاً في الحياة وانتهت إلى تمزيق الا َُسرة وتقطيع صلات الاَرحام في كثير من البلاد ، مسألة تصحيح الطلاق ثلاثاً دفعة واحدة ، بأن يقول : أنت طالق ثلاثاً ، أو يكرّره ثلاث دفعات ويقول في مجلس واحد : أنتِ طالق ، أنتِ طالق ، أنتِ طالق ، فتحسب ثلاث تطليقات حقيقة وتحرم المطلّقة على زوجها حتى تنكح زوجاً غيره.
إنّ الطلاق عند أكثر أهل السنّة غير مشروط بشروط عائقة عن التسرّع في إيقاعه ، ككونها غير حائض ، أو في غير طهر المواقعة ، أو لزوم حضور العدلين ، فربّما يتغلّب الغيظ على الزوج ويأخذه الغضب فيطلّقها ثلاثاً في مجلس واحد ، ثمّ يندم على عمله ندامة شديدة تضيق عليه الاَرض بما رحبت فيطلب المَخلَص عن أثره السيّىَ ، ولا يجد عند أئمّة المذاهب الاَربعة و الدعاة إليها مخلصاً فيقعد ملوماً محسوراً ولا يزيده السوَال والفحص إلاّ نفوراً عن الفقه والفتوى.
نحن نعلم علماً قاطعاً بأنّ الاِسلام دين سهل وسمح ، وليس فيه حرج وهذا
الاعتصام بالكتاب والسنة _ 176 _
يدفع الدعاة المخلصين إلى دراسة المسألة من جديد دراسة حرّة بعيدة عن أبحاث الجامدين الذين أغلقوا باب الاجتهاد في الاَحكام الشرعية على وجوههم ، وعن أبحاث أصحاب الهوى الهدّامين الذين يريدون تجريد الا َُمم عن الاِسلام ، وأن ينظروا إلى المسألة ويطلبوا حكمها من الكتاب والسنّة ، متجرّدين عن كلّ رأي مسبق فلعلّ اللّه يحدث بعد ذلك أمراً ، وربّما تفك العقدة ويجد المفتي مَخلصاً من هذا المضيق الذي أوجده تقليد المذاهب.
وإليك نقل الاَقوال : قال ابن رشد : جمهور فقهاء الاَمصار على أنّ الطلاق بلفظ الثلاث حكمه حكم الطلقة الثالثة ، وقال أهل الظاهر وجماعة : حكمه حكم الواحدة ولا تأثير للفظ في ذلك (1).
قال الشيخ الطوسي : إذا طلّقها ثلاثاً بلفظ واحد ، كان مبدعاً ووقعت واحدة عند تكامل الشروط عند أكثر أصحابنا ، وفيهم من قال : لا يقع شيء أصلاً وبه قال علي ـ عليه الصلاة والسلام ـ وأهل الظاهر ، وحكى الطحاوي عن محمد بن إسحاق أنّه تقع واحدة كما قلناه ، وروي أنّ ابن عباس وطاوساً كانا يذهبان إلى ما يقوله الاِمامية.
وقال الشافعي : فإن طلّقها ثنتين أو ثلاثاً في طهر لم يجامعها فيه ، دفعة أو متفرّقة كان ذلك مباحاً غير محذور ووقع ، وبه قال في الصحابة عبد الرحمان بن عوف ، ورووه عن الحسن بن علي ـ عليهما الصلاة والسلام ـ ، وفي التابعين ابن سيرين ، وفي الفقهاء أحمد وإسحاق وأبو ثور.
---------------------------
(1) ابن رشد : بداية المجتهد : 2|62 ، ط بيروت.
الاعتصام بالكتاب والسنة _ 177 _
وقال قوم : إذا طلّقها في طهر واحد ثنتين أو ثلاثاً دفعة واحدة ، أو متفرقة ، فعل محرّماً وعصى وأثم ، ذهب إليه في الصحابة علي ـ عليه الصلاة والسلام ـ ، وعمر ، وابن عمر ، وابن مسعود ، وابن عباس ، وفي الفقهاء أبو حنيفة وأصحابه ومالك ، قالوا : إلاّ أنّ ذلك واقع (1)
قال أبو القاسم الخرقي في مختصره : وإذا قال لمدخول بها : أنت طالق ، أنت طالق ، لزمه تطليقتان إلاّ أن يكون أراد بالثانية إفهامها أن قد وقعت بها الا َُولى فتلزمه واحدة ، وإن كانت غير مدخول بها بانت بالا َُولى ولم يلزمها ما بعدها لاَنّه ابتداء كلام.
وقال ابن قدامة في شرحه على مختصر الخرقي : إنّه إذا قال لامرأته المدخول بها : أنت طالق مرّتين ونوى بالثانية ايقاع طلقة ثانية ، وقعت لها طلقتان بلا خلاف ، وإن نوى بها إفهامها أنّ الا َُولى قد وقعت بها أو التأكّد لم تُطلّق إلاّ مرّة واحدة ، وإن لم تكن له نيّة وقع طلقتان وبه قال أبو حنيفة ومالك ، وهو الصحيح من قولي الشافعي وقال في الآخر : تطلّق واحدة.
وقال الخرقي أيضاً في مختصره : ( ويقع بالمدخول بها ثلاثاً إذا أوقعها مثل قوله : أنت طالق ، فطالق فطالق ، أو أنت طالق ثمّ طالق ، ثم طالق ، أو أنت طالق ، ثمّ طالق وطالق أو فطالق ).
وقال ابن قدامة في شرحه : إذا أوقع ثلاث طلقات بلفظ يقتضي وقوعهنّ
---------------------------
(1) الشيخ الطوسي : الخلاف : 2 كتاب الطلاق ، المسألة 3 ، وعلى ما ذكره ، نقل عن الاِمام عليّ رأيان متناقضان ، عدم الوقوع والوقوع معالاثم.
الاعتصام بالكتاب والسنة _ 178 _
معاً ، فوقعن كلّهنّ كما لو قال : أنت طالق ثلاثاً (1)
وقال عبد الرحمان الجزيري : يملك الرجل الحر ثلاث طلقات ، فإذا طلق الرجل زوجته ثلاثاً دفعة واحدة ، بأن قال لها : أنت طالق ثلاثاً ، لزمه ما نطق به من العدد في المذاهب الاَربعة وهو رأي الجمهور ، وخالفهم في ذلك بعض المجتهدين : كطاوس وعكرمة وابن إسحاق وعلى رأسهم ابن عباس ـ رضي اللّه عنهم ـ (2).
إلى غير ذلك من نظائر تلك الكلمات التي تعرب عن اتّفاق جمهور الفقهاء بعد عصر التابعين على نفوذ ذلك الطلاق محتجّين بما ، تسمع ، ورائدهم في ذلك تنفيذ عمر بن الخطاب ، الطلاق الثلاث بمرأى ومسمع من الصحابة ولكن لو دلّ الكتاب والسنّة على خلافه فالاَخذ به متعيّن.
قال سبحانه : ( والمُطلَّقاتُ يَتَربَّصنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثلاثةَ قُروءٍ ولا يَحلُّ لَهُنَّ أن يكتُمنَ ما خلَقَ اللّهُ في أرحامِهنَّ إنْ كُنَّ يُوَمِنَّ باللّهِ واليومِ الآخرِ وبُعولَتُهنَّ أحقُّ بِرَدِّهنَّ في ذلكَ إنْ أَرادُوا إصلاحاً ولَهُنَّ مثلُ الَّذِي عليهنَّ بالمعروفِ وللرجال عليهنَّ درجةٌ واللّهُ عزيز حكيم ) (البقرة | 228).
( الطلاق مرّتان فامساك بمعروف أو تسريحٌ بإحسانٍ ولا يحلُّ لكُمْ أنْ
---------------------------
(1) ابن قدامة : المغني : 7|416.
(2) عبد الرحمان الجزيري : الفقه على المذاهب الاَربعة : 4|341.
الاعتصام بالكتاب والسنة _ 179 _
تأخذُوا مِمّا آتيتموهنّ شيئاً إلاّ أن يخافا ألاّ يُقيما حُدودَ اللّهِ فإن خِفتُمْ ألاّ يُقيما حُدودَ اللّهِ فلا جُناحَ عَليهِما فيما افتدَتْ بهِ تِلكَ حُدودُ اللّهِ فَلا تَعتَدُوها وَمَن يَتَعَدَّ حُدودَ اللّهِ فَأُولئكَ هُمُ الظّالِمونَ ) (البقرة | 229).
( فَإن طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعدُ حَتى تَنكحَ زوجاً غيرَهُ فإن طلَّقها فَلا جُناحَ عَلَيهما أن يَتَراجَعا إن ظنّا أن يُقيما حُدودَ اللّهِ وَتِلكَ حُدودُ اللّهِ يُبَيِّنُها لِقَومٍ يَعلَمونَ ) (البقرة | 230).
( وإذا طَلَّقتُمُ النِساءَ فَبَلَغنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمسِكُوهُنَّ بَمَعرُوفٍ أَو سَـرِّحُوهُنَّ بِمَعرُوفٍ ولا تُمسِكوهنَّ ضِراراً لِتَعتَدوا وَمَن يَفعل ذلِكَ فَقَد ظَلَمَ نَفسهُ ... ) (البقرة | 231).
جئنا بمجموع الآيات الاَربع ـ مع أنّ موضع الاستدلال هو الآية الثانية ـ للاستشهاد بها في ثنايا البحث وقبل الخوض في الاستدلال نشير إلى نكات في الآيات :
1 ـ قوله سبحانه : ( وَلَهُنّ مِثلُ الَّذِي عليهنَّ بالمعروف ) كلمة جامعة لا يوَدّى حقّها إلاّ بمقال مسهب ، وهي تعطي أنّ الحقوق بينهما متبادلة ، فما من عمل تعمله المرأة للرجل إلاّ وعلى الرجل عمل يقابله ، فهما ـ في حقل المعاشرة ـ متماثلان في الحقوق والاَعمال ، فلا تسعد الحياة إلاّ باحترام كل من الزوجين الآخر ، وقيام كلّ بوظيفته تجاه الآخر ، فعلى المرأة القيام بتدبير المنزل والقيام بالاَعمال فيه ، وعلى الرجل السعي والكسب خارجه ، هذا هو الاَصل الاَصيل في حياة الزوجين الذي توَيدها الفطرة ، وقد قسم النبيّ الا َُمور بين ابنته فاطمة وزوجها علي فجعل أُمور داخل البيت على ابنته وأُمور خارجه على زوجها ـ صلوات اللّه عليهما ـ .
الاعتصام بالكتاب والسنة _ 180 _
2 ـ ( المرّة ) بمعنى الدفعـة للدلالـة على الواحـد في الفعل ، و ( الامساك ) خلاف الاطلاق ، و ( التسريح ) مأخوذ من السرح وهو الاطلاق يقال : سرح الماشية في المرعى : إذا أطلقها لترعى ، والمراد من الامساك هو ارجاعها إلى عصمة الزوجية ، كما أنّ المقصود من (التسريح) عدم التعرّض لها لتنقضي عدتها في كل طلاق أو الطلاق الثالث الذي هو أيضاً نوع من التسريح ، على اختلاف في معنى الجملة ، وإن كان الاَقوى هو الاَوّل لاَنّ الظاهر أنّ تصريح عدم إرجاعها بعد الطلاق لاَنّها قبل انقضاء العدة لا زالت في قيده فتركها وعدم إرجاعها يخرجها من القيد.
3 ـ قيّد الاِمساك بالمعروف ، والتسريح باحسان ، مشعراً بأنّه يكفي في الامساك قصد عدم الاضرار بالرجوع ، وأمّا الاضرار فكما إذا طلّقها حتى تبلغ أجلها فيرجع إليها ثم يطلّق كذلك ، يريد بها الاضرار والايذاء ، وعلى ذلك يجب أن يكون الامساك مقروناً بالمعروف ، وعندئذ لو طلب بعد الرجوع ما آتاها من قبل ، لا يعد أمراً منكراً غير معروف ، إذ ليس اضراراً.
وهذا بخلاف التسريح فلا يكفي ذلك بل يلزم أن يكون مقروناً بالاحسان إليها فلا يطلب منها ما آتاها من الاَموال ، ولاَجل ذلك يقول تعالى : (ولا يحلّ لكم أن تأخذوا ممّا آتيتموهنّ شيئاً) أي لا يحلّ في مطلق الطلاق استرداد ما آتيتموهنّ من المهر ، إلاّ إذا كان الطلاق خلعاً فعندئذ لا جناح عليها فيما افتدت به نفسها من زوجها.
وقوله سبحانه : (فيما افتدت به) دليل على وجود النفرة من الزوجة فتخاف أن لا تقيم حدود اللّه فتفتدي بالمهر وغيره لتخلّص نفسها.
4 ـ لم يكن في الجاهلية للطلاق ولا للمراجعة في العدة ، حدّ ولا عدّ ، فكان الاَزواج يتلاعبون بزوجاتهم يضارّوهنّ بالطلاق والرجوع ما شاءوا ، فجاء الاِسلام بنظام دقيق وحدّد الطلاق بمرّتين ، فإذا تجاوز عنه وبلغ الثالث تحرم عليه
الاعتصام بالكتاب والسنة _ 181 _
حتى تنكح زوجاً غيره.
روى الترمذي : كان الناس ، والرجل يُطلِّق امرأته ما شاء أن يطلّقها ، وهي امرأته إذا ارتجعها وهي في العدّة ، وإن طلّقها مائة مرّة أو أكثر ، حتى قال رجل لامرأته : واللّه لا أُطلقك فتبيني منّي ، ولا آويك أبداً قالت : وكيف ذلك ؟ قال : أُطلّقك فكلّما همَّت عدّتك أن تنقضي راجعتك ، فذهبت المرأة فأخبرت النبي فسكت حتى نزل القرآن : (الطلاق مرّتان ...) (1)
5ـ اختلفوا في تفسير قوله سبحانه : (الطلاق مرّتان فامساك بمعروف أو تسريح باحسان) إلى قولين :
ألف : إنّ الطلاق يكون مرّتين ، وفي كلّ مرّة إمّا إمساك بمعروف أو تسريح باحسان ، والرجل مخيّـر بعد يقاع الطلقة الا َُولى بين أن يرجع فيما اختار من الفراق فيمسك زوجته ويعاشرها باحسان ، وبين أن يدع زوجته في عدّتها من غير رجعة حتى تبلغ أجلها وتنقضي عدّتها.
وهذا القول هو الذي نقله الطبري عن السدي والضحاك فذهبا إلى أنّ معنى الكلام : الطلاق مرتان فامساك في كلّ واحدة منهما لهنّ بمعروف أو تسريح لهنّ باحسان ، وقال : هذا مذهب ممّا يحتمله ظاهر التنزيل لولا الخبر الذي رواه إسماعيل بن سميع عن أبي رزين (2)
يلاحظ عليه : أنّ هذا التفسير ينافيه تخلّل الفاء بين قوله : (مرّتان) وقوله (فامساك بمعروف) فهو يفيد أنّ القيام بأحد الاَمرين بعد تحقّق المرّتين ، لا في
---------------------------
(1) الترمذي : الصحيح : 3 كتاب الطلاق ، الباب 16 ، الحديث 1192.
(2) الطبري : التفسير : 2|278 وسيوافيك خبر أبي رزين.
الاعتصام بالكتاب والسنة _ 182 _
أثنائهما ، وعليه لابدّ أن يكون كل من الامساك والتسريح أمراً متحقّقاً بعد المرّتين ، ومشيراً إلى أمر وراء التطليقتين.
نعم يستفاد لزوم القيام بأحد الاَمرين بعد كلّ تطليقة ، من آية أُخرى أعني قوله سبحانه : ( وإذا طلّقتم النساء فبلغن أجلهنّ فأمسكوهنّ بمعروف أو سرّحوهنّ بمعروف ولا تمسكوهنّ ضراراً لتعتدوا ) (1)
ولاَجل الحذر عن تكرار المعنى الواحد في المقام يفسّـر قوله : (فامساك بمعروف أو تسريح باحسان) بوجه آخر سيوافيك.
ب ـ أنّ الزوج بعد ما طلّق زوجته مرّتين ، يجب أن يتفكّر في أمر زوجته أكثر ممّا مضى ، فيقف أن ليس له بعد التطليقتين إلاّ أحد الاَمرين : إمّا الامساك بمعروف وادامة العيش معها ، أو التسريح باحسان بالتطليق الثالث الذي لا رجوع بعده أبداً ، إلاّ في ظرف خاص.
فيكون قوله تعالى : ( أو تسريح باحسان ) اشارة إلى التطليق الثالث الذي لا رجوع فيه ويكون التسريح متحقّقاً به ، وهنا سوَالان أثارهما الجصاص في تفسيره :
1 ـ كيف يفسّـر قوله : ( أو تسريح باحسان ) بالتطليق الثالث ، مع أنّ المراد من قوله في الآية المتأخّرة ( أو سرِّحوهُنَّ بأحسان ) هو ترك الرجعة وهكذا المراد من قوله ( فإذا بلَغنَ أجَلَهُنَّ فأمسكوهنَّ بِمعَروفٍ أو فارقوهنَّ بمعروف ) (الطلاق | 2) هو تركها حتى ينتهي أجلها ، ومعلوم أنّه لم يرد من قوله : ( أو سرِّحوهنَّ بمعروف ) أو قوله : ( أو فارقوهنَّ بمعروف ) : طلّقوهنّ واحدة أُخرى
---------------------------
(1) البقرة : الآية 231 وأيضاً في سورة الطلاق : (فإذا بلغن أجلهنّ فأمسكوهنَّ بمعروف أو فارقوهنَّ بمعروف) (الطلاق | 2).
الاعتصام بالكتاب والسنة _ 183 _
(1) يلاحـظ عليه : أنّ السوَال أو الاشكال ناشىَ من خلط المفهوم بالمصداق ، فاللفظ في كلا الموردين مستعمل في السرح والاطلاق ، غير أنّه يتحقّق في مورد بالطلاق ، وفي آخر بترك الرجعة ، وهذا لا يعد تفكيكاً في معنى لفظ واحد في موردين ، ومصداقه في الآية 229 ، هو الطلاق ، وفي الآية 231 ، هو ترك الرجعة ، والاختلاف في المصداق لا يوجب اختلافاً في المفهوم.
2 ـ إنّ التطليقة الثالثة مذكورة في نسق الخطاب بعده في قوله تعالى : (فإنْ طلَّقها فلا تحلُّ لهُ من بَعد حتّى تنكحَ زوجاً غيره) وعندئذ يجب حمل قوله تعالى : (أو تسريحٌ باحسان) المتقدم عليه على فائدة مجدّدة وهي وقوع البينونة بالاثنين (2) بعد انقضاء العدّة.
وأيضاً لو كان التسريح باحسان هو الثالثة لوجب أن يكون قوله تعالى : (فإن طلّقها) عقيب ذلك هي الرابعة ، لاَنّ الفاء للتعقيب قد اقتضى طلاقاً مستقلاّ ً بعد ما تقدم ذكره (3).
والاجابة عنه واضحة ، لاَنّه لا مانع من الاجمال أولاً ثمّ التفصيل ثانياً ، فقوله تعالى : (فإن طلّقها) بيان تفصيلي للتسريح بعد البيان الاجمالي ، والتفصيل مشتمل على ما لم يشتمل عليه الاجمال من تحريمها عليه حتى تنكح زوجاً غيره.
---------------------------
(1) الجصاص : التفسير : 1|389.
(2) الاَولى أن يقول : بكل طلاق.
(3) الجصاص : التفسير : 1|389.
الاعتصام بالكتاب والسنة _ 184 _
فلو طلّقها الزوج الثاني عن اختياره فلا جناح عليهما أن يتراجعا بالعقد الجديد إن ظنّا أن يُقيما حدود اللّه فأين هذه التفاصيل من قوله : (أو تسريح باحسان) .
وبذلك يعلم أنّه لا يلزم أن يكون قوله : (فإن طلّقها) طلاقاً رابعاً.
وقد روى الطبري عن أبي رزين أنّه قال : أتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) رجل فقال : يا رسول اللّه أرأيت قوله : ( الطلاق مرّتان فامساك بمعروف أو تسريح باحسان) فأين الثالثة ؟ قال رسول اللّه : (امساك بمعروف أو تسريح باحسان) هي الثالثة (1)
نعم الخبر مرسل وليس أبو رزين الاَسدي صحابياً بل تابعي.
لكن تضافرت الروايات عن أئمّة أهل البيت أنّ المراد من قوله : (أو تسريح باحسان) هي التطليقة الثالثة (2)
إلى هنا تمّ تفسير الآية وظهر أنّ المعنى الثاني لتخلّل لفظ (الفاء) أظهر بل هو المتعيّن بالنظـر إلى روايات أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) .
بقي الكلام في دلالة الآية على بطلان الطلاق ثلاثاً بمعنى عدم وقوعه بقيد الثلاث ، وأمّا وقوع واحدة منها فهو أمر آخر ، فنقول :
إذا تعرّفت على مفاد الآية ، فاعلم أنّ الكتاب والسنّة يدلاّن على بطلان الطلاق ثلاثاً ، وأنّه يجب أن يكون الطلاق واحدة بعد الا َُخرى ، يتخلّل بينهما
---------------------------
(1) الطبري : التفسير : 2|278.
(2) البحراني : البرهان : 1|221 ، وقد نقل روايات ست في ذيل الآية.
الاعتصام بالكتاب والسنة _ 185 _
رجوع أو نكاح ، فلو طلّق ثلاثاً مرّة واحدة ، أو كرّر الصيغة فلا يقع الثلاث ، وأمّا احتسابها طلاقاً واحداً ، فهو وإن كان حقّاً ، لكنّه خارج عن موضوع بحثنا ، وإليك الاستدلال عن طريق الكتاب أوّلاً والسنّة ثانياً :
1 ـ قوله سبحانه : (فامساك بمعروف أو تسريح باحسان) .
تقدّم أنّ في تفسير هذه الفقرة من الآية قولين مختلفين ، والمفسّـرون بين من يجعلونها ناظرة إلى الفقرة المتقدّمة أعني قوله : (الطلاق مرّتان ... ) ومن يجعلونها ناظرة إلى التطليق الثالث الذي جاء في الآية التالية ، وقد عرفت ما هو الحق ، فتلك الفقرة تدل على بطلان الطلاق ثلاثاً على كلا التقديرين.
أمّا على التقدير الاَوّل ، فواضح لاَنّ معناها أنّ كلّ مرّة من المرّتين يجب أن يتبعها أحد أمرين : إمساك بمعروف ، أو تسريح باحسان.
قال ابن كثير : أي إذا طلّقتها واحدة أو اثنتين ، فأنت مخيّر فيها ما دامت عدّتها باقية ، بين أن تردّها إليك ناوياً الاصلاح والاحسان وبين أن تتركها حتى تنقضي عدتها ، فتبين منك ، وتطلق سراحها محسناً إليها لا تظلمها من حقّها شيئاً ولا تضارّ بها (1) وأين هذا من الطلاق ثلاثاً بلا تخلّل واحد من الاَمرين ـ الامساك أو تركها حتى ينقضي أجلها ـ سواء طلّقها بلفظ : أنت طالق ثلاثاً ، أو : أنت طالق ، أنت طالق ، أنت طالق.
---------------------------
(1) ابن كثير : التفسير : 1|53.
الاعتصام بالكتاب والسنة _ 186 _
وأمّا على التقدير الثاني ، فإنّ تلك الفقرة وإن كانت ناظرة لحال الطلاق الثالث ، وساكتة عن حال الطلاقين الاَولين ، لكن قلنا إنّ بعض الآيات ، تدل على أنّ مضمونها من خصيصة مطلق الطلاق ، من غير فرق بين الاَولين والثالث فالمطلق يجب أن يُتبعَ طلاقه بأحد أمرين :
1 ـ الامساك بمعررف.
2 ـ التسريح باحسان.
فعدم دلالة الآية الا َُولى على خصيصة الطلاقين الاَولين ، لا ينافي استفادتها من الآيتين الماضيتين (1) ولعلّهما تصلحان قرينة لالقاء الخصوصية من ظاهر الفقرة (فامساك بمعروف أو تسريح باحسان) وإرجاع مضمونها إلى مطلق الطلاق ولاَجل ذلك قلنا بدلالة الفقرة على لزوم اتباع الطلاق بأحد الاَمرين على كلا التقديرين ، وعلى أي حال فسواء كان عنصر الدلالة نفس الفقرة أو غيرها ـ كما ذكرنا ـ فالمحصّل من المجموع هو كون اتباع الطلاق بأحد أمرين من لوازم طبيعة الطلاق الذي يصلح للرجوع.
ويظـهر ذلك بوضوح إذا وقفنا على أنّ قوله : (فبلغن أجلهنّ) من القيود الغالبية ، وإلاّ فالواجب منذ أن يطلّق زوجته ، هو القيام بأحد الاَمرين ، لكن تخصيصه بزمن خاص وهو بلوغ آجالهن ، هو لاَجل أنّ المطلّق الطاغي عليه غضبه وغيظه ، لا تنظفىَ سورة غضبه فوراً حتى تمضي عليه مدّة من الزمن تصلح فيها ، لاَن يتفكّر في أمر زوجته ويخاطب بأحد الاَمرين ، وإلاّ فطبيعة الحكم الشرعي (فامساك بمعروف أو تسريح باحسان) تقتضي أن يكون حكماً سائداً
---------------------------
(1) الآية 231 من سورة البقرة والآية 2 من سورة الطلاق.
الاعتصام بالكتاب والسنة _ 187 _
على جميع الاَزمنة من لدن أن يتفوّه بصيغة الطلاق إلى آخر لحظة تنتهي معها العدّة.
وعلى ضوء ما ذكرنا تدلّ الفقرة على بطلان الطلاق الثلاث وأنّه يخالف الكيفية المشروعة في الطلاق ، غير أنّ دلالتها على القول الاَوّل بنفسها ، وعلى القول الثاني بمعونة الآيات الا َُخر.
2 ـ قوله سبحانه : (الطلاق مرّتان) .
إنّ قوله سبحانه : (الطلاق مرّتان) : ظاهر في لزوم وقوعه مرّة بعد أُخرى لا دفعة واحدة وإلاّ يصير مرّة ودفعة ، ولاَجل ذلك عبّـر سبحانه بلفظ (المرّة) ليدلّ على كيفية الفعل وانّه الواحد منه ، كما أنّ الدفعة والكرّة والنزلة ، مثل المرّة ، وزناً ومعنىً واعتباراً.
وعلى ما ذكرنا فلو قال المطلِّق : أنت طالق ثلاثاً ، لم يطلِّق زوجته مرة بعد أُخرى ، ولم يطلّق مرّتين ، بل هو طلاق واحد ، وأمّا قوله (ثلاثاً) فلا يصير سبباً لتكرّره ، وتشهد بذلك فروع فقهية لم يقل أحد من الفقهاء فيها بالتكرار بضم عدد فوق الواحد ، مثلاً اعتبر في اللعان شهادات أربع ، فلا تجزي عنها شهادة واحدة مشفوعة بقوله (أربعا) ، وفصول الاَذان المأخذوة فيها التثنية ، لا يتأتّى التكرار فيها بقراءة واحدة واردافها بقوله (مرتين) ولو حلف في القسامة وقال : (أُقسم باللّه خمسين يميناً أنّ هذا قاتله) كان هذا يميناً واحداً ، ولو قال المقرّ بالزنا : (أنا أُقرّ أربع مرّات أنّي زنيت) كان اقراراً واحداً ، ويحتاج إلى اقرارات ، إلى غير ذلك من الموارد التي لا يكفي فيها العدد عن التكرار.
الاعتصام بالكتاب والسنة _ 188 _
قال الجصاص : (الطلاق مرّتان) ، وذلك يقتضي التفريق لا محالة ، لاَنّه لو طلّق اثنتين معاً لما جاز أن يقال : طلّقها مرّتين ، وكذلك لو دفع رجل إلى آخر درهمين لم يجز أن يقال : أعطاه مرتين ، حتى يفرق الدفع ، فحينئذ يطلق عليه ، وإذا كان هذا هكذا ، فلو كان الحكم المقصود باللفظ هو ما تعلّق بالتطليقتين من بقاء الرجعة لاَدّى ذلك إلى اسقاط فائدة ذكر المرّتين ، إذ كان هذا الحكم ثابتاً في المرة الواحدة إذا طلّق اثنتين ، فثبت بذلك أنّ ذكر المرتين إنّما هو أمر بايقاعه مرتين ، ونهى عن الجمع بينهما في مرّة واحدة (1)
هذا كلّه إذا عبّـر عن التطليق ثلاثاً بصيغة واحدة ، أمّا إذا كرّر الصيغة كما عرفت ، فربّما يغتر به البسطاء ويزعمون أنّ تكرار الصيغة ينطبق على الآية ، لكنّه مردود من جهة أُخرى وهي : أنّ الصيغة الثانية والثالثة تقعان باطلتين لعدم الموضوع للطلاق ، فإنّ الطلاق إنّما هو لقطع علقة الزوجية ، فلا زوجية بعد الصيغة الا َُولى حتى تقطع ، ولا رابطة قانونية حتى تصرم ، وبعبارة واضحة : إنّ الطلاق هو أن يقطع الزوج علقة الزوجيّة بينه وبين امرأته ويطلق سراحها من قيدها ، وهو لا يتحقّق بدون وجود تلك العلقة الاعتبارية الاجتماعية ، ومن المعلوم أنّ المطلّقة لا تطلق ، والمسرَّحة لا تسرح.
وربّما يقال : إنّ المطلقة ما زالت في حبالة الرجل وحكمها حكم الزوجة ، فعندئذ يكون للصيغة الثانية والثالثة تأثير بحكم هذه الضابطة ، ولكن الاِجابة عنه واضحة وذلك لاَنّ صيغة الثانية لغوٌ جداً ، وذلك لاَنّ الزوجة بعدها أيضاً بحكم الزوجة ، وإنّما تخرج عنه إذا صار الطلاق بائناً وهو يتحقق بالطلاق ثلاثاً.
والحاصل : أنّه لا يحصل بهذا النحو من التطليقات الثلاث ، العدد الخاص الذي هو الموضوع للآية التالية أعني قوله سبحانه : (فإن طلَّقها فلا تحلُّ له حتّى تنكح زوجاً غيره) وكيف لا يكون كذلك ، وقد قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : لا
---------------------------
(1) الجصاص : أحكام القرآن : 1|378.
الاعتصام بالكتاب والسنة _ 189 _
طلاق إلاّ بعد نكاح ، وقال : ولا طلاق قبل نكاح (1)
فتعدّد الطلاق رهن تخلّل عقدة الزواج بين الطلاقين ، ولو بالرجوع ، وإذا لم تتخلّل يكون التكلّم أشبه بالتكلّم بكلام لغو.
قال السماك : إنّما النكاح عقدة تعقد ، والطلاق يحلّها ، وكيف تُحل عقدة قبل أن تعقد ؟! (2)
3 ـ قوله سبحانه : (فطلّقوهنّ لعدّتهنّ) .
إنّ قوله سبحانه : ( الطلاق مرّتان ) وارد في الطلاق الذي يجوز فيه الرجوع (3) ، ومن جانب آخر دلّ قوله سبحانه : ( وإذا طلّقتم النِّساءَ فطلِّقوهنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا العِدَّة ) (الطلاق | 1) على أنّ الواجب في حقّ هوَلاء هو الاعتداد واحصاء العدّة ، من غير فرق بين أن نقول أنّ (اللام) في (عدّتهنّ) للظرفية بمعنى (في عدّتهنّ) أو بمعنى الغاية ، والمراد لغاية أن يعتددن ، إذ على كلّ تقدير يدلّ على أنّ من خصائص الطلاق الذي يجوز فيه الرجوع ، هو الاعتداد واحصاء العدّة ، وهو لا يتحقّق إلاّ بفصل الاَوّل عن الثاني ، وإلاّ يكون الطلاق الاَوّل بلا عدّة واحصاء لو طلّق اثنتين مرّة ، ولو طلّق ثلاثاً يكون الاَوّل والثاني كذلك.
وقد استدلّ بعض أئمّة أهل البيت بهذه الآية على بطلان الطلاق ثلاثاً.
---------------------------
(1) البيهقي : السنن الكبرى : 7|318 ـ 321 ، الحاكم : المستدرك : 2|24.
(2) المصدر نفسه : 7|321.
(3) فخرج الطلاق البائن كطلاق غير المدخولة ، وطلاق اليائسة من المحيض الطاعنة في السن وغيرهما.
الاعتصام بالكتاب والسنة _ 190 _
روى صفوان الجمّـال عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) : أنّ رجلاً قال له : إنّي طلّقت امرأتي ثلاثاً في مجلس واحد ؟ قال : ليس بشيء ، ثمّ قال : أما تقرأ كتاب اللّه : ( يا أيُّها النبيّ إذا طلّقتُمُ النِّساءَ فَطَلّقوهنّ لعدّتهنَّ ـ إلى قوله سبحانه : ـ لعلَّ اللّه يُحدثُ بعدَ ذلكَ أمراً ) ثمّ قال : كلّ ما خالف كتاب اللّه والسنّة فهو يرد إلى كتاب اللّه والسنّة (1)
أضف إلى ذلك : أنّه لو صحّ التطليق ثلاثاً فلا يبقى لقوله سبحانه : (لعلَّ اللّه يحدث بعد ذلك أمراً) فائدة لاَنّه يكون بائناً ويبلغ الاَمر إلى ما لا تحمد عقباه ، ولا تحل العقدة إلاّ بنكاح رجل آخر وطلاقه مع أنّ الظاهر أنّ المقصود حلّ المشكل من طريق الرجوع أو العقد في العدّة.
قد تعرّفت على قضاء الكتاب في المسألة ، وأمّا حكم السنّة ، فهي تعرب عن أنّ الرسول كان يعد مثل هذا الطلاق لعباً بالكتاب.
1 ـ أخرج النسائي عن محمود بن لبيد قال : أُخبر رسول اللّه عن رجل طلّق امرأته ثلاث تطليقات جميعا ، فقام غضباناً ثم قال : أيلعب بكتاب اللّه وأنا بين أظهركم ؟ حتى قام رجل وقال : يا رسول اللّه ألا أقتله ؟ (2).
إنّ محمود بن لبيد صحابي صغير وله سماع ، روى أحمد باسناد صحيح عنه قال : أتانا رسول اللّه
---------------------------
(1) عبد اللّه بن جعفر الحميري : قرب الاسناد : 30 ، ورواه الحر العاملي في وسائل الشيعة ج 15 الباب 22 ، الحديث 25.
(2) النسائي : السنن : 6|142 ، السيوطي : الدر المنثور : 1|283.
الاعتصام بالكتاب والسنة _ 191 _
(صلى الله عليه وآله وسلم) فصلّـى بنا المغرب في مسجدنا فلمّـا سلّم منها ... (1)
ولو سلمنا عدم سماعه كما يدّعيه ابن حجر في فتح الباري (2) فهو صحابي ومراسيل الصحابة حجة بلا كلام عند الفقهاء ، أخذاً بعدالتهم أجمعين.
2 ـ روى ابن إسحاق عن عكرمة عن ابن عباس قال : طلق ركانة زوجته ثلاثاً في مجلس واحد فحزن عليها حزناً شديداً ، فسأله رسول اللّه : كيف طلّقتها ؟ قال : طلقتها ثلاثاً في مجلس واحد ، قال : إنّما تلك طلقة واحدة فارتجعها (3)
والسائل هو ركانة بن عبد يزيد ، روى الاِمام أحمد باسناد صحيح عن ابن عباس قال : طلّق ركانة بن عبد يزيد أخو بني مطلب امرأته ثلاثاً في مجلس واحد فحزن عليها حزناً شديداً قال : فسأله رسول اللّه : كيف طلّقتها ؟ قال : طلّقتها ثلاثاً ، قال ، فقال : في مجلس واحد ؟ قال : نعم ، قال : فإنّما تلك واحدة فأرجعها إن شئت ، قال : فأرجعها فكان ابن عباس يرى إنّما الطلاق عند كلّ طهر (4)
---------------------------
(1) أحمد بن حنبل : المسند : 5|427.
(2) ابن حجر : فتح الباري : 9|315 ، ومع ذلك قال : رجاله ثقات ، وقال في كتابه الآخر بلوغ المرام 224 : رواته موثّقون ، ونقل الشوكاني فينيل الاَوطار : 7|11 ، عن ابن كثير أنّه قال : اسناده جيد ، أُنظر (نظام الطلاق في الاِسلام) للقاضي أحمد محمد شاكر : 37.
(3) ابن رشد : بداية المجتهد : 2|61 ، ورواه آخرون كابن قيم في اغاثة اللهفان : 156 والسيوطي في الدر المنثور : 1|279 وغيرهم.
(4) أحمد بن حنبل : المسند : 1|265.