الباب الرابع : فوائد الاضطراب واضراره :

  الاطفال ومشاعر الخوف والقلق   ـ 202 ـ
الفصل الثامن : فوائد الاضطراب :
  المقدمة :
  الاضطراب أمر مفيد ويمكن ان يكون منطلقاً لآثار ايجابية اذا لم يكن سبباً لضرر كبير ولاعاملاً يسلب من الانسان الاستقرار والقدرة على العمل وذلك لان الاضطراب يتخذ طابع الدافع وعامل الحركة ويؤدي الى ظهور كثير من انواع الاستجابة لهذا يمكن الاستفادة من الاضطراب القليل لدى الاشخاص وجعله موجباً لتنمية بعض الجوانب ويمكن في بعض الحالات الاستفادة من الاضطراب لتكامل الشخصية لانه يدفع الانسان الى الابتعاد عن أخطار كثيرة ومتنوعة .
  ولعل هنالك حكمة من وجود الاضطراب لدى جميع الاشخاص ولو بمقدار قليل .
  ولانعرف في الحياة الاجتماعية شخصاً في معزل عنه بصورة تامة ومطلقة .
  ان كل الاشخاص لديهم على الاقل اضطراب متوازن ، ولا باس بالقول ان مقصودنا من الحد الادنى للاضطراب او الاضطراب المتوازن هو الرغبة في العمل مع الخوف من بقاء الاعمال ناقصة و ... الخ.
  وعلى هذا الاساس يجب عدم الاستغراب عند التحدث عن فوائد الاضطراب ، وفي ما يلي نشير الى جوانب من فوائده التي يمكن الاستفادة منها في الحياة اليومية والمتعارفة :

  الاطفال ومشاعر الخوف والقلق   ـ 203 ـ
  1 ـ عامل الحركة :
  اذا لم يكن لدينا اضطراب ازاء الجهد والعمل ، فاننا نفقد الشوق اللازم للحركة وانتم تلاحظون مظهر ذلك لدى الاشخاص المرضى واللااباليين ، يظل احدهم نائماً حتى لو إحترق العالم ، حسب المثل المشهور ولا يرغب في النهوض من مكانه وتقديم ادنى درجة من الجهد والسعي .
  2 ـ عامل السرعة :
  ان الاضطراب المتوازن عامل يسوق الانسان نحو السرعة في الامور ويدفعه الى الاسراع في انجاز واجباته وعدم التأخر عن الاخرين ، ويدفع ربة البيت الى مباشرة اعمال البيت من الصباح الباكر ويحفز الرجل على اتمام العمل بسرعة والطفل الى انجاز التكليف المدرسي بشكل اسرع .
  3 ـ عامل الدقة :   نعم ان الاضطراب عامل للدقة ويدفع الانسان الى الخوف دائماً من ان يكون عمله ناقصاً ، ويدفع الطالب الى اداء ما عليه من التكليف بصورة اكمل وادق ، ويدفع المهندس الى الاحتياط والتفكير في ابتكاره وصناعته واخذ جميع الجوانب بنظر الاعتبار في اداء الوظيفة .
  4 ـ عامل البحث :
  يندفع الاشخاص الذين لديهم اضطراب وقلق الى التفكير من اجل الحصول على الملاذ والسكينة ، والسعي نحو الابتكار والتغلب على اسباب الاستياء والمعاناة ، ويؤدي هذا الامر في بعض الحالات الى الوصول الى معلومات مهمة ، وقد يتم كشف حقائق عن هذا الطريق ، ويحصل الانسان على وسيلة وطريق كان خافياً عن الانظار .
  5 ـ عامل النظام :
  ان النظام الذي يتبعه الانسان في الحياة اليومية وفي الطعام واللباس وفي وضع كل شيء في محله ناتج عن الاضطراب المتوازن، فالمرأة في البيت تضع علبة الكبريت دائماً في موضع معين من الغرفة لكي لا تكون في

  الاطفال ومشاعر الخوف والقلق   ـ 204 ـ
  اضاءة المصباح اذا انقطع التيار الكهربائي ويطمئن بالها بمراعاة هذا النظام في الحياة ، كذلك النظام في النوم والاكل واليقظة والاستراحة و ... الخ.
  6 ـ عامل التعلم الاكثر :
  ان الشخص المضطرب لديه حركة اكثر ويعمل اسرع من الآخرين في انواع التعلم ، وقد اثبتت بعض البحوث ان الطلبة الجامعيين الذين يهيئون للامتحانات الصعبة يتعلمون افضل من الآخرين ، وهذه نقطة ايجابية لهم ، طبعاً بشرط ان لايتجاوز هذا الامر حده ومقداره فيفقدون القدرة على التعلم في تلك الحالة .

معرفة الاضطراب المتوازن :
  وفي المجموع تجدر الاشارة الى ان الاضطراب المتوازن ليس محسوساً كثيراً لدى الاشخاص فهو ممزوج بحياة الاشخاص ولايشعرون بانزعاج وقلق منه ابداً ، وهم يعرفون عن الآخرين عند المقارنة مع الاشخاص قليلي الذكاء والذين يقضون أوقاتهم في التسكع، يقال في محيط الحياة العائلية او في بيان سيرة حياة بعض الناس : ان الشخص الفلاني حاذق ، اذا اوكلت اليه عملاً ، فهو لا يهدأ ولا يقر له قرار حتى ينجزه ، قلبه في شغف دائماً للعمل ، ويركض سريعاً وكأنه آلة .
  إنكم تعرفون أشخاصاً يبدأون العمل ويجب ان يفرغوا منه في وقت محدد لينتقلوا الى عمل آخر ولكنهم حينما لاينجز العمل في وقته يجلسون ويتمونه حتى لا يتأخر الى الغد ، وهناك محققون حددوا لانفسهم برنامجاً في العمل كل ليلة حتى الساعة الحادية عشرة ثم يستريحوا ولكن عملهم لايتم في بعض الحالات الا انهم يحاولون بكل صورة اتمامه في تلك الليلة وعدم تأجيله الى

  الاطفال ومشاعر الخوف والقلق   ـ 205 ـ
  اليوم التالي حتى ان تجاوزت الساعة الثانية عشرة أو اكثر .
  هذا النوع من الاشخاص لديهم اضطراب متوازن ، وطبعاً بشرط ان لا يخرجهم عن حد الاتزان والاعتدال ، ويعتبر هذا الوضع مفيداً في كثير من الحالات .

  الاطفال ومشاعر الخوف والقلق   ـ 206 ـ
الفصل التاسع : اضرار الاضطراب :
  تمهيد :
  اذا تجاوز الاضطراب الحد المتعارف والمتوازن يؤدي الى مضار كثيرة وتمهد أضراره لحصول مخاطر على النمو والسلامة الفكرية والبدنية والنفسية للشخص ، ويتطلب ذكر اضراره كتاباً مستقلاً ، وهناك عدة امور يجدر ذكرها في هذا الباب ، ونشير الى ان درجات الضرر قد تختلف لدى الاشخاص لعدم استواء درجته لدى الجميع، ومن ناحية اخرى يحتمل ان يكون بعض الناس في منأى عن بعض اضراره، وفي ما يلي نطرح مجموعة من الاضرار الممكنة والمحتملة :
  1 ـ الاضرار الحياتية ـ البدنية :
  هناك اضرار كثيرة يمكن ذكرها في هذا المجال وهذا شرح مختصر لبعضها :
  ـ ارتفاع ضغط الدم ونبض القلب ، وهذا الامر خطير في بعض الحالات.
  ـ يزداد افراز بعض الغدد ، وقد يؤدي هذا الى اضرار لاحقة .
  ـ يسبب الاضطراب اثارة الجهاز العصبي الذاتي وافراز مقادير كثيرة من ( الادرنالين ) من الغدد الواقعة فوق الكلية .

  الاطفال ومشاعر الخوف والقلق   ـ 207 ـ
  ويتبدل مقدار من الادرنالين الى مادة اخرى تدعى ( نرادرنالين ) ويؤدي الى انسداد الشعيرات الدموية وارتفاع ضغط الدم ، وزيادة نبض القلب ، ويؤدي بالنتيجة الى الوفاة .
  ـ ارتفاع نسبة الاصابة بامراض الجهاز الهضمي والتنفسي وامراض القلب للمريض .
  ـ يسبب اضطراب المعدة والهضم ويؤدي الى قرحة المعدة أحياناً ( قروح صغيرة في الغشاء المخاطي للمعدة ) .
  ـ يؤثر الاضطراب على الجهاز التنفسي ويصاب المريض بالاغماء .
ـ يخرج نظام افراز العرق عن حالة التوازن .
  ـ اضطراب العضلات وتغير في شكل وسحنة الوجه .
  ـ يؤدي الإضطراب الى حصول التقيوء وسوء الهضم ويهدد سلامة الشخص .
   ـ يشل اعضاء البدن في بعض الحالات ، ويقوض قدرته على العمل .

  2 ـ الاضرارالعاطفية :
  يؤدي الإضطراب الى أضرار عاطفية كثيرة وفي ما يلي بعضها :
  ـ كبت العواطف في بعض الحالات ويؤدي الى تجاهلها من قبل الانسان خاصة اذا كان ذلك مقروناً بالشعور بالتقصير .
  ـ يمهد الاضطراب لدى الصغار الى شدة التعلق بحيث لايستطيع الطفل ان ينفصل عن امه او المشرف عليه ، ويشعر بوجوب مواظبة الام عليه بشكل مستمر .
  ـ يؤدي الاضطراب الى التخوف أحياناً ورؤية الكوابيس المفزعة حتى يسلب اقل ما لدى الانسان من امكانية وجرأة ، فالمريض ينهض من النوم وهو يعاني من وطأة ذلك ويسيطر عليه القلق .
  ـ يسبب الاضطراب في بعض الحالات حصول خلل عاطفي شديد. قد يصل حد الغضب او ينشغل فكره به بشكل دائم .

  الاطفال ومشاعر الخوف والقلق   ـ 208 ـ
  ـ وفي المجموع يجعل من الطفل المضطرب كائناً مهزوزاً ، ولكنه خامد وكئيب الى حد انه يدمر حياته وحياة الآخرين .
  3 ـ الاضرار النفسية :
  اذا تجاوز الاضطراب الحد المتعارف فانه يترك اضرار نفسية عديدة منها ما يلي :
  ـ يفتقد القدرة على الانتباه والتركيز .
  ـ انهيار نفسي والشعور بتثاقل الوقت .
  ـ تعرض سلامة الطفل الى الخطر نتيجة ذلك ويخلق لديه شعوراً بعدم الاستقرار .
  ـ يمهد هذا الامر الى الشعور بالحقارة بحيث يخاف من مواجهة اية مشكلة .
  ـ يمهد استمرار ذلك الى ظهور اعراض الكآبة لدى الاشخاص ، وهذا يؤدي الى امراض نفسية اخرى .
  ـ يفقد الشعور بالجدارة في حل أية مشكلة ، فيتصور نفسه فاقداً للمهارة في أي مجال .
  ـ تقترن نشاطاته بالهواجس والشكوك ، ويسيطر عليه الاضطراب قبل بدء العمل .
  ـ الاضطراب سبب لكثير من ردود الفعل العصبية ويلعب في حالات خاصة دوراً اوضح وقد اعتبر في بعض التعابير انه مفتاح ردود الفعل العصبية ومرتكزاً لجميع الامراض النفسية .
  ـ يؤدي الاضطراب الى تشوش ميادين الرؤية والإدراك بحيث يصبح الشخص عاجزاً عن رؤية المشكلة على حقيقتها .
  ـ تضعف لديه الثقة بالنفس ، ويفقد القدرة على اتخاذ القرار .
  ـ يقترن ذلك بسلوك وسواسي ومشاكل جنسية وعدم استقرار شديد .
  ـ الاضطراب يضعف الجرأة ويجعل العقل والتصور في حالة مرعبة ، ويفقد صاحبها زمام اختياره وقد يقوم بتصرفات غير صحيحة كالهجوم والغضب والصياح .

  الاطفال ومشاعر الخوف والقلق   ـ 209 ـ
  4 ـ الاضرار الدراسية :
  يمكن الاشارة الى الاضرار التالية في هذا المجال :
  ـ عدم القدرة على التعلم حين الاضطراب وزوال امكانية التعلم .
  ـ للاضطراب اثر سلبي في التقدم الدراسي للطفل ، وتجدر الاشارة الى هذه النقطة وهي ان هذا الامر ليس له تاثير على التلاميذ الممتازين والطلبة الجامعيين المتقدمين ـ واثره اكثر في التلاميذ المتوسطين ( تحقيقات اسبيل بركر ص 197 بحوث اساسية في علم النفس ) .
  ـ الاضطراب في الامتحانات يضيع كل ما تعلمه بحيث لايحصل في الصف الدراسي حتى على درجة واحدة ، وهذه الاضرار تكون اكثر بالنسبة للطفل اذا كانت الامتحانات شفوية .
  ـ لا يثقون بالمعلمين وتضعف قدرتهم في الاستجابة للمثيرات وينخفض تقدمهم في مجال الدراسة، وفي المجموع لايتمكن الاطفال المضطربون من تعلم المسائل والمواضيع ، المعقدة ، ويؤثر هذا الخلل حتى في كلام وفي تصرفات الاطفال ويؤدي الى جمود نشاطهم .

  5 ـ الاضرار الاجتماعية :
  الاشخاص المحيطين بالشخص المضطرب ليسوا بعيدين عن آثار واضرار ذلك ، والاضرار التي يمكن ذكرها في هذا الصدد كثيرة وهذه بعضها :
  ـ يتعكر صفو الحياة بسبب وجود الاضطراب ، وتحول حياتهم الى وضع مأساوي مرير .
  ـ قد تنهار الحدود والقيود لدى الانسان المضطرب فيقوم بالتجاوز والتحقير والاستهانة بالآخرين .
  ـ قد يمهد الاضطراب لانحراف بعض الاشخاص ويمكن تعليل اندفاع الاشخاص وراء حالة الاشباع الجنسي في بعض الموارد على هذا الاساس ، وكثير من الانحرافات التربوية الكبيرة ناتجة عن هذه الظاهرة .

  الاطفال ومشاعر الخوف والقلق   ـ 210 ـ
  ـ عدم انسجام الاطفال وسلوكهم السلبي في بعض الحالات مرده الى الاضطراب والبحث عن ارضية وظروف يلتجئ اليها ، وهذا الامر يسبب احيانا غضب الشخص واضطرابه ويثير حوافز الدفاع لديه حيث يكون تصرفه مقروناً بالهجوم والمواقف غير الصحيحة ، ويكون حاله وسلوكه بصورة لا تدعو الى الثقة والاطمئنان .

  6 ـ أضراره على حياة الاشخاص :
  تصبح الحياة مثل جهنم بالنسبة للاشخاص بسبب الاضطراب ، فلا يوجد فيها استقرار ولا هدوء ، وبدلاً من بذل طاقته في البناء والاصلاح تصرف في تهدئة وتخفيف الاضطراب .
  هؤلاء يعيشون في ظروف صعبة ومريرة جداً وتمتد دائرة الخلل الى البدن فيصبحون ويمسون في عذاب متواصل .
  لايؤثر الاضطراب على الاطفال فقط بل يؤدي الى فشل الرجل الشجاع احياناً في كثيرة من الامور البسيطة والكبيرة .
  ويتسبب الترقب الدائم للحوادث المؤلمة في انهيار القوة ، وتصرف ساعات العمر الثمينة في التفكير غير الصحيح ، ويذهب العمر ـ نتيجة لذلك ـ سدى ان الشخص المضطرب لا حياة حقيقية له بل شبه حياة خالية من الرفاه واللذة والراحة ، ثم ان العجز عن حل المشكلة يمثل مصيبة كبيرة اخرى .

  7 ـ اضرار اخرى :
  هناك اضرار كثيرة يمكن الاشارة اليها في هذا المجال منها :
  ان الاضطراب هو من عوامل تشتت الفكر والتشخيص ، فعندما يضطرب المرء يزداد احتمال الفشل لديه وحينما يدرك ذلك يضطرب اكثر ، وتهبط شروط الرقابة الدفاعية والصحية لدى الاشخاص الى الحد الادنى ، ويصبح كيانه عرضة للاصابة بالاضرار .

  الاطفال ومشاعر الخوف والقلق   ـ 211 ـ
  يؤثر الاضطراب في عمل الانسان ، وتكون اعماله مشوشة وكتاباته مضطربة ويزداد انفعاله كثيراً ، وقد يظل متحيراً أياماً وشهوراً في دوامة هذه الحالة ، ويسبب هذا الامر له سوء ظن ويأس وقلق اكثر .
  ان الاضطراب يضعف الفكر والعزم والارادة ويزيل امكانية استمرار الحياة بشكل صحيح وهادئ ، اذا صار عادة لدى المرء الى حد انه يسلب منه التفكير بالخلاص من هذا المرض ، وهو امر يكون شديدا لدى الاطفال .
  فكثير من الاشخاص ينهارون في هذا الطريق ويتمنون الموت ويستسلمون للحوادث والوقائع ، واذا لم يذعنوا لهذه الحالة فان شدة الانفعال تبلغ بهم حد السكتة والموت .

  الاطفال ومشاعر الخوف والقلق   ـ 213 ـ
الفصل العاشر : خطر الحالة المزمنة وضرورة العلاج :
  تمهيد :
  يجب الاسراع الى معالجة الاضطراب والقضاء عليه اذا حدث لدى شخص ، فبقاء الاضطراب لدى الاشخاص يهيء الأرضية لتحوله الى مرض مزمن مما يؤدي الى اضرار واخطار اخرى جسيمة ومثيرة للقلق ، وقد تبلغ بالانسان الى حد الموت .
  ولابأس بالاشارة الى ان الاضطراب الشديد يقترن باعراض وصفات مرضية كالتشنج البدني من قبيل الارتجاف والسلوك العصبي وشدة نبض القلب وتقطع في التنفس ، حيث نلاحظ آثارها السيئة في السلوك .
  اذا استمر الاضطراب يصبح مزمناً ، وفي هذه الحالة يسيطر المرض على الشخص ويمسكه في قبضته كالفريسة ، ويجعله عرضة لانتكاسات خطيرة ، وتتضمن الاضرار التي تحصل للاشخاص نتيجة ذلك : الموارد التالية التي سنبحثها باختصار :

  الاطفال ومشاعر الخوف والقلق   ـ 215 ـ
  1 ـ الاختلال في الذهن والنفس :
  ـ يزداد نسيانه الى درجة انه يقول كلاماً اليوم وينساه غدا .
  ـ تزداد لديه الافكار الخيالية مما يؤدي الى ابتعاده عن الحقيقة .
  ـ ينخفض مستوى ادراكه الى حد يجعله يبدو وكأنه شخص اخرس وابله وغامض .
  ـ يصبح في وضع يؤثر على دراسته مع انه ذكي .
  ـ يحتمل اصابة بعضهم بمرض الكآبة .
  ـ في بعض الموارد يهيء هذا الامر الأرضية للشعور بالضغط والوقوع في التناقضات .
  ـ قد يتبدل الاضطراب الى خوف اذا لم يعالج ، ويقوي لديه مشاعر الخوف من الجنون والانتحار .

  2 ـ الاختلال السلوكي :
  ـ يصبح السلوك غير اعتيادي الى حد يصبح غير قادر على التمييز بين الصديق والعدو ، وتتصدع شخصيته .
  ـ يصاب الطفل احيانا بنوبة مفاجئة مما يؤدي الى الاغماء لعدة ساعات ويتكرر هذا في فترة قصيرة حتى ينهكه .
  ـ تصبح علاقاته محدوده جداً ومضطربة ومهزوزة ، وهذا الامر مفيد للمحيطين به لأنهم يأمنون من شر انتقال عدواه اليهم .
  ـ يفزع من المستقبل دائماً ، وهذا ما يدفعه الى فقدان الأمل وكراهة العمل .

  الاطفال ومشاعر الخوف والقلق   ـ 216 ـ
  3 ـ وفي المجموع :
  ان ضرر الاضطراب صعب الى حد يجعل البعض مستعداً للتضحية بأحد اعضاء جسمه مقابل استئصال الاضطراب.
  وتصل التشنجات في بعض الحالات الى درجة يتمنى الانسان الموت ، وقد يواجه الانسان احياناً خطر الموت ويمهد له مع توفر السلامة البدنية.

ألم الاضطراب :
  ان ألم الاضطراب شديد على هذا الاساس ، خاصة ان الانسان يصبح في حالة متأزمة وقد يتمنى الموت للتخلص من هذا الالم او يقوم بالانتحار ، ويكون الشعور بالانزعاج والضجر شديداً في الايام والاشهر الاولى ، وعندما تتحول الصورة الى عادة يتطبع الشخص عليها تدريجياً ويتحملها مما يمهد لظهور امراض اخرى .
  ان هذه المسألة تقلقنا لأن وضع المصاب يزداد سوءاً يوماً بعد يوم ولا تعالج هذه الحالة لدى الطفل الذي يصاب بالاضطراب والشعور بعدم الأمن لأي سبب ـ ولو افترضنا انه ناتج عن ظلم الابوين ـ حتى لو مات أبواه.

مدى ادارك المريض لحالته :
  اغلب هؤلاء على اطلاع بوضعهم وظروفهم ويعلمون الحالة التي هم فيها ، ولكنهم لايعلمون ماذا يفعلون لانقاذ انفسهم ، حتى ان كثيراً من الاشخاص الذين يعرفون طريقة معالجة انفسهم لايمتلكون جرأة مواجهة المصاعب

  الاطفال ومشاعر الخوف والقلق   ـ 217 ـ
  يصبحون مثل جندي ليس لديه جرأة الذهاب الى الجبهة وهو غير قادر على الافصاح امام الاخرين عن خوفه ، كثير من هؤلاء غير مستعدين للذهاب الى الطبيب لعرض معاناتهم عليه ، وكأنهم يخجلون من توضيحها ، وعلاقتهم مع اصدقائهم علاقة باردة وخامدة .

درجة آلامهم :
  ترتبط درجة هذا الألم بمقدار الغفلة ومقدار الضرر ايضاً او الشعور بالتضرر تارة تكون الآلام بسيطة في الحقيقة ولكن الشخص يشعر بأنها صعبة ، ليست كل الاضطرابات قادرة على الفتك بالشخص ولكنه عندما يرى الاضطراب يتغلب عليه يشعر انه مقيد أو عاجز ويستقر الخوف من ذلك في قلبه .
  لاشك ان ايحاءات الآخرين مؤثرة في هذا الصدد ، ومع ان الرأفة بهم ضرورية لهم الا انه يجب طمأنة المريض واعتبار تلك المسألة بسيطة ، يجب التكلم معهم باستمرار ومعالجتهم وافهامهم انه لا داعي للقلق ، يجب بالاضافة الى الملاطفات وانواع الطمأنة ، العمل على ان ينام المصاب براحة وهدوء وهو مرتاح البال ، وسنبحث ذلك مرة اخرى.

ضرورة العلاج :
  من الضروري معالجة الشخص المضطرب من جهات مختلفة ، من النواحي البدنية والنفسية والعاطفية والذهنية وكذلك من النواحي الدراسية والثقافية والتعلم و ... الخ.

  الاطفال ومشاعر الخوف والقلق   ـ 218 ـ
  وهناك خطر في عدم الاهتمام بل وفي تأخير العلاج ، لان التشنجات البدنية في حالة الاضطراب قد تودي به الى الموت احياناً ، كما يجب مراقبة ومعالجة اضطراب المرأة الحامل لانه يؤثر سلبياً على الجنين ، ويؤثر بشكل آخر على بقية الاشخاص ، ان الشعور بالاضطراب غالباً ما يقترن بالذلة امام عوامل وظروف المحيط وعدم القدرة على اتخاذ موقف صحيح ، وهذا الامر يعتبر خسارة دائماً ويجب العمل على مكافحته .

  الاطفال ومشاعر الخوف والقلق   ـ 219 ـ
الباب الخامس : علاج الاضطراب والوقاية منه :

  الاطفال ومشاعر الخوف والقلق   ـ 221 ـ
  نطرح في هذا الباب أربعة فصول :
  الاول هو حول الاعمال التي يقوم بها الشخص المضطرب لانقاذ نفسه ، يتخذ الشخص المضطرب اساليب للتخلص من هذا الابتلاء ، وهي عبارة عن الافكار ، ابداء سلوكه منطقياً ، الافراط في الطعام والعلاقات الجنسية ، التحدث عن وضعه ، البكاء ، السؤال والطلب و ... الخ.
  فصل آخر من هذا الباب يدور حول طرق العلاج ، حيث نسعى بعد التنبيه الى معرفة الجذور والقواعد العامة للعلاج ، الى تقديم بعض المسائل حول القيم والفنون التي تستعمل في هذا الصدد ، وسنعرض طريقة العلاج الطبي او العلاج النفسي في الموارد الحادة ويجب ان تحظى بالاهتمام .
  والفصل الثالث من هذا الباب يتركز حول تنفيذ العلاج ، حيث سنقدم بعض القواعد والضوابط مثل تقوية الوازع الديني ، الدعاء النوم والاستراحة الكافية ، تجنب عوامل الضغط ، التفاهم معه ، اصلاح المحيط و ... الخ.
  والفصل الاخير حول انواع الوقاية ، حيث سنطرح بعض الملاحظات في هذا المجال مثل الهدوء في العلاقات الزوجية ، والوقاية في فترة الحمل ، وفترة ما بعد الولادة ، والعلاقات العائلية والاهتمام بالطفل و ... الخ.

  الاطفال ومشاعر الخوف والقلق   ـ 222 ـ
الفصل الحادي عشر : اعمال المضطرٍب لإنقاذ نفسه :
  المقدمة :
  يبحث المريض عن طرق لانقاذ نفسه من الألم القاتل الذي يعاني منه ، بعضها قد تكون من عوامل العلاج والبعض الآخر عامل تهدئة له من اوضاع سيئة ، على اي حال نريد ان نقول انه يقوم عادة باعمال في هذا المجال قبل ان يسعى الآخرون لمعالجته .
  ويجب الاشارة مسبقاً الى ان هذه الاعمال غير متشابهة لدى كافة الاشخاص ، فكل شخص يختار وضعاً خاصاً في هذا الاطار بما يناسب ظروفه وامكاناته ، وطرق الانقاذ متنوعة بشكل عام :
  1 ـ طريق الانكار :
  ينكر كثير من المرضى هذا المرض والاختلال لديهم على انفسهم ، وقد ينكرونه على الآخرين احياناً، يريدون تجاهله ويؤكدوا على عدم وجود هذا الشيء لديهم ، هذه الطريقة ليست سيئة ولكنها لاتتصف بذلك التأثير عندما يكون الابتلاء بالاضطراب جدياً لدى الاشخاص ، الا بالنسبة للذين لديهم سيطرة على انفسهم واعصابهم ولديهم ممارسة ارادية .

  الاطفال ومشاعر الخوف والقلق   ـ 223 ـ
  2 ـ اظهار المنطقية :
  يسعى بعض المرضى الى اظهار منطقية طريقتهم وعملهم فيحاولون اقناع انفسهم وغيرهم انهم لايتصفون بوضع غير اعتيادي ، فمن حقه مثلاً ان يهب من النوم ، ومن حقه ان يغضب على الآخرين و ... الخ.
  لانه يعاني من المشكلة الفلانية مثلاً ، او انه تعرض للاوضاع الفلانية، وهذا الاسلوب يؤدي الى تهدئته الى حد ما ، ويبعده عن الحقيقة ، فتتجذر الاضرار في نفسه ، ويتعود على تلك الحالة ، وفي هذا الوضع يحتمل ان يصبح علاجه ذات يوم مستحيلاً .
  3 ـ الافراط في الطعام :
  يقوم بعض المرضى المضطربين وخاصة العصبيين بالاكثار من الطعام من اجل تهدئة الالم ونسيان ما جرى لهم ويحاولون عن هذا الطريق توفير السكينة والهدوء لانفسهم ، وتلاحظون هذه الحالة لدى الاشخاص الذين يتغلب عليهم الاضطراب والقلق ، تارة يلوكون اللبان ، واحياناً يدخنون السكائر ، وفي بعض الموارد يبحثون عن الماكولات بشكل غير ارادي ، ومع انهم ليسوا بحاجة الى الاكل ولكنهم لا يرغبون في التخلي عنه ياكلون ويبدون النهم في الاكل .
  4 ـ ممارسة الجنس :
  يميل المضطربون المتزوجون في بعض الموارد الى ممارسة الجنس من اجل تهدئة انفسهم ويفرطون في ذلك ، وقد يقوم غير المتزوجين بالاستمناء وتزداد دائرة اضطرابهم بعد ارتكاب العمل نتيجة تأنيب الضمير والشعور بالذنب ، ويلجأ بعض الاطفال المصابون بانحراف جنسي لسبب أو آخر ، الى ممارسة المزيد من الشذوذ في حال الاضطراب ويعتبرون ذلك من الوسائل الدفاعية .
  5 ـ التحدث عن اوضاعهم :
  يحاول بعض الاشخاص التحدث عن آلامهم الى الاخرين لتهدئتها ، يبحثون في حياتهم غير الموفقة ويشكون ألم القلب

  الاطفال ومشاعر الخوف والقلق   ـ 224 ـ
  للآخرين ويعملون على التخفيف عن انفسهم ، وهي طريقة مفيدة الى حد كبير وليس فيها ضرر وقد تريح الشخص وتهدئه الى عدة ساعات وايام فيعيش حياة عادية مستقرة .
  ومن الضروري في هذه الحالات وجود شخص صبور يستمع الى كلامهم ويوفر موجبات اطمئنانهم بتأييده لكلامهم وآرائهم .
  6 ـ البكاء :
  وهو عامل لتسكين وتهدئة كثير من الاشخاص ، ويلاحظ هذا الامر لدى البنات والنساء بشكل خاص ، إذ ان يهدأ قلقهن ، وتخفت نار الانفعال المستعر في اعماقهن اذا جلسن في احدى الزوايا وأهملن الدموع .
  ويجد الشخص نفسه متوازناً ويحصل لديه هدوء نسبي بعد البكاء، ان ما يحصل من فعل وانفعال في داخل الانسان نتيجة انهمار الدموع هي عنوان بحث آخر ، الا ان البكاء يزيل حالات كثيرة من الحزن والغم عن كاهل الانسان ويجعله يشعر بالارتياح .
  7 ـ السؤال والطلب :
  في بعض الموارد يبدأ الاشخاص المضطربون بالسؤال والجواب اذا ألفوا شخصاً آخر، ولو تعمقنا في الاسئلة التي يطرحونها لادركنا ان الغرض من السؤال ليس اكتساب المعلومات بل التسلية وقضاء الوقت، احياناً يبدون اضطرابهم بصور متكررة كأن يتحركوا ـ مثلاً ـ من هذه النقطة ويذهبوا الى مكان آخر ، فالطفل المضطرب لا يهدأ في مجالس الضيافة مثلاً ويكرر القول قوموا لنذهب الى البيت ، اسرعوا ، اوصلوني الى البيت وامكثوا انتم و ... الخ .
  وكأنه يبحث عن مكان آمن .
  8 ـ الحركة :
  يسعى بعض الاشخاص المضطربين الى اظهار اوضاعهم عن طريق التنقل والحركة ينهضون من اماكنهم ويمشون في الغرفة في انتظار

  الاطفال ومشاعر الخوف والقلق   ـ 225 ـ
  حادثة ما ، وعندما يتعبون من المشي يبدأون بالقيام بحركات اضافية ويجلسون بعد ذلك ويضطجعون ثم يسيرون مرة اخرى ليس لديهم استقرار وهدوء ، لا يتمكنون من الوقوف ولا الجلوس ولا النوم او الهدوء ، احياناً يذهبون الى زاوية ويظلون لوحدهم ( طريقة اختيار العزلة ) وبعد ساعة ينقذون انفسهم من تلك الحالة ويحاولون ان يكونوا وسط الناس ، وفي هذا الصدد يمكن تفسير كثرة العمل والرغبة في الانشغال .
  9 ـ التخدير :
  ثمة اشخاص يستخدمون طريقة التخدير ، تارة بصورة سليمة ومشروعة واحيانا بصورة غير مشروعة ، فبعض الاشخاص يضيفون لبناً مخففاً او غير مخفف الى طعامهم حتى تتوفر لهم مستلزمات النوم ، وقد يتناولون قرص دواء بأمر الطبيب كي يناموا براحة وينخفض معدل اضطرابهم .
  وهناك اشخاص يحققون موجبات التخدير عن طريق غير مشروع كاللجوء الى الكحول او الادمان على المخدرات كالترياك والهيدورئين و ... الخ.
  وهذه مصيبة كبيرة للبشرية لأنها لاتعني سوى معالجة ألم بألم آخر .
  10 ـ الدعاء والاستعانة :
  يسعى المتدينون الى تهدئة انفسهم من الشر والألم الذي هم فيه عن طريق الارتباط بالله وذكر الله والاستعانة به .
   ويعتقد علماء النفس ان هذا هو أنجح دواء لألم الاضطراب « الا بذكر الله تطمئن القلوب » فما احسن ان يراجع الاشخاص الى المعالج الاصلي للتخلص من الألم ، ويراجعون رب الأرباب بدلاً من الفرار من المشكلة ، ويطلبون منه الحل الحقيقي للألم .
  11 ـ طريق العناد والغضب :
  يسعى بعض الاشخاص المضطربين ، وخاصة الاطفال ، الى اسلوب العناد والتذرع والغضب فيستخدمون القوة ضد الاضعف منهم ، الاطفال يردون على الاضطراب بمرارة وغضب املاً في افراغ القلب مما يعتمر فيه من ألم .