اطائب الكلم في بيان صلة الرحم
ـ 11 ـ
ألفها في مشهد الرضا عليه السلام سنة 964 ـ انتهى ما في الرياض .
4 ـ البلغة في اشتراط اذن السلطان في شرعية صلاة الجمعة .
قال من رآها : انها حسنة تدل على طول باعه وفهمه ، فرغ منها في أول شعبان سنة 966 ، وكون من يفتي بهذا كذلك محل نظر .
5 ـ شرح الارشاد ، على احتمال ، ففي الرياض : نسب السيد الداماد في حواشي شارع النجاة الي خاله شرح الارشاد وينقل عنه
بعض الفتاوى ، فيمكن أن يريد به المترجم ويمكن أن يريد أخاه الشيخ عبد العالي بن الشيخ علي الذي له اللمعة في عدم عينية
الجمعة .
النسخة التي كانت أساساً للطبع ، هي النسخة الوحيدة الموجودة في ( مكتبة آية الله المرعشي العامة ) بقم برقم ( 477 ) .
وأوصافها كما يلي :
الرسالة بخط المؤلف ، فرغ من تأليفها وكتابتها بمشهد الامام الرضا عليه السلام في شهر ربيع الثاني سنة 976 .
خطها رقعي مائل الى التعليق ، وكثيراً ما يهمل النقاط ولا يتقيد بقواعد الاملاء .
شطب على بعض الكلمات والجمل في الاصل وأضيف تصحيحات في الهوامش .
يوجد فيها طائفة من الاغلاط حتى في بعض الايات والاحاديث ، وقد صححناها بعد المراجعة الى المصادر ولم نشر الى ذلك الا
شاذاً .
وختاماً : يجب في هذه المناسبة القصيرة أن نشيد بالاهتمام الابوي الذي يبذله سماحة آية الله العظمى السيد شهاب الدين النجفي
المرعشي ـ دام ظله الوارف ـ بالنسبة الى الحوزة العلمية في قم ، ومن وجوه اهتمامه عنايته التامة بتأسيس المكتبة
اطائب الكلم في بيان صلة الرحم
ـ 12 ـ
الكبرى تيسيراً لمهمة الباحثين والمطالعين .
كما يجب أن نذكر القراءة بالجهود الجبارة التي يبذلها الاخ العلامة الجليل السيد محمود المرعشي في تنمية المكتبة وتهيئة الوسائل
المطلوبة للمراجعين واستقبالهم بوجهه الباش وأخلاقه الطيبة .
حفظ الله الوالد والولد ملجأ للعلم ومشجعاً للعاملين في حقول الثقافة .
قم : 23 ربيع الاول 1394 هـ
السيد احمد الحسيني
اطائب الكلم في بيان صلة الرحم
ـ 15 ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد حمد الله المتفضل على عباده بنهاية الجود والكرم ، والصلاة والسلام على سيد ولد آدم ، محمد وآله الواصلين الى أقصى
مقدور البشر في حفظ الشرع الاقوم :
فاني لما رأيت الجم الغفير من أبناء هذا الزمن من شيمتهم قطيعة بعضهم بعضاً على وجه يؤدي الى اختلال بقاء نظام النوع
الانساني لانه انما هو بالتواصل ، ورأيت أن الفقهاء المتقدمين رضوان الله عليهم أجمعين لم يوردوا ما يتعلق بالصلة في مصنف
يفزع اليه الطالب عند الحاجة ، حداني ذلك على أن اكتب رسالة أبين فيها ما ورد من الاوامر الشرعية الواردة في الكتاب العزيز
والسنة المطهرة في صلة الرحم وسائر من يطلب وصله حضاً على امتثال ذلك .
اطائب الكلم في بيان صلة الرحم
ـ 16 ـ
فاستخرت الله سبحانه وكتبت ما تيسر من ذلك ، ووسمتها بـ ( أطائب الكلم في بيان صلة الرحم ) .
ورتبتها على مقدمة ومقالة :
اطائب الكلم في بيان صلة الرحم
ـ 17 ـ
اما المقدمة :
فالصلة توجب الذكر الجميل في العاجلة ورفيع الدرجات في الاجلة .
ولا ريب أنها من الفروض العينية ، حتى قيل ان تركها من الكبائر الموبقة .
والذي يظهر لي أن السر في ذلك ان الاجتماع مطلوب للشارع في بقاء نظام النوع الذي انما يتحصل ببقاء أشخاصه ، والقرابة
موجبة للمودة والالفة ، ولذلك لم يشرع الانكاح الاجانب تحصيلا للالفة المطلوبة للشارع ... صلة الرحم سببان يوجبانها ، فكان
توكها من الذنب العظيم ، وقد ... الشارع على الترغيب فيها والوعيد على تركها .
وفي عدة مواضع قد حض الله سبحانه في كتابه العزيز عليها ،
اطائب الكلم في بيان صلة الرحم
ـ 18 ـ
مثل قوله تعالى : ( ووصينا الانسان بوالديه حسناً وان جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما )
(1).
( وبالوالدين احساناً وذي القربى )
(2) .
( ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى )
(3) .
( قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والاقربين )
(4) .
( الا ترك خيراً الوصية للوالدين والاقربين )
(5) .
( وآتى المال على حبه ذوي القربى )
(6) .
( ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى )
(7) .
( وأولو الارحام بعضهم اولى ببعض )
(8) .
ومن ذلك الامر بالشكر للوالدين في قوله جل ثناؤه ( أن اشكر لي ولوالديك )
(9) .
**************************************************************
(1) سورة العنكبوت : 8 .
(2) سورة البقرة : 82 .
(3) سورة النحل : 90 .
(4) سورة البقرة : 215 .
(5) سورة البقرة : 180 .
(6) سورة البقرة : 177 .
(7) سورة النور : 22 .
(8) سورة الانفال : 75 .
(9) سورة لقمان : 14 .
اطائب الكلم في بيان صلة الرحم
ـ 19 ـ
وقد أمر عزوجل نبيه صلّى الله عليه وآله بقوله ( وأنذر عشيرتك الاقربين )
(1) .
( وأمر أهلك بالصلاة )
(2) .
وفي أمره بأمرهم بذلك على الخصوص نظراً الى أن الاهل أحق بالشفقة ايماء الى المطلوب .
والسر في البدأة في بعض هذه الايات بذكر الوالدين : أن حق ذوي القربى كالتابع لحقهما ، لتفرع اتصالهم عليهما ، ضرورة ان
الانسان انما يتصل به اقرباؤه بواسطة اتصالهما .
وكذا السر في تقديم ذكرهم : انهم أولى بالشفقة ، فان القرابة مظنة الاتحاد والالفة والرعاية والنصرة ، فلو لم يحصل شيء من
ذلك لكان أشق على القلب وأبلغ في الايلام ، والضرر كلما كان أقوى كان دفعه أوجب ، فلهذا وجبت رعاية حقوق أولي الارحام .
وأما الاخبار الناطقة بذلك :
فمنها ما رواه الثقة الجليل محمد بن يعقوب الكليني في الكافي باسناده عن جميل بن دراج قال : سألت ابا عبد الله عليه السلام عن
قول الله عزوجل ( واتقوا الله الذي تسائلون به والارحام ان
**************************************************************
(1) سورة الشعراء : 214 .
(2) سورة طه : 132 .
اطائب الكلم في بيان صلة الرحم
ـ 20 ـ
الله كان عليكم رقيباً )
(1) .
قال : فقال هي ارحام الناس ، ان الله عزوجل أمر بصلتها وعظمها ، ألا ترى انه جعلها منه .
قلت : اراد عليه السلام بالامر بصلتها الامر على سبيل الوجوب ، ويلزم منه أن يكون المعنى اتقوا الارحام أن تقطعوها ، عن ابن
عباس وقتادة ومجاهد والضحاك ، وهو المروي عن ابي جعفر عليه السلام . فعلى هذا يكون ( الأرحام ) منصوباً عطفاً على اسم الله
.
وآخر الاية يجري مجرى الوعد والوعيد والترهيب والترغيب فان الرقيب هو المراقب الذي يحفظ جميع الافعال ، ومن هذه صفته
يجب أن يخاف ويرجى .
وروى أيضاً الثقة المذكور باسناده عن ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل )
(2) نزلت في رحم آل محمّد عليه وعليهم السلام ، وقد تكون في قرابتك .
ثم قال : ولا تكونن ممن يقول للشيء انه في شيء واحد .
قلت : لعله عليه السلام يشير بذلك الى أنه لا عبرة بخصوص سبب النزول ، وانما العبرة بعموم اللفظ ، وحينئذ لا يبعد الاستدلال
**************************************************************
(1) سورة النساء : 1 .
(2) سورة الرعد : 21 .
اطائب الكلم في بيان صلة الرحم
ـ 21 ـ
بذلك على الترغيب في صلة مطلق القرابة حتى النائية بسبب الايمان .
وروى أيضاً باسناده عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام مثله .
وباسناده عن محمّد بن فضيل الصيرفي عن الرضا عليه السلام مثله أيضاً .
وباسناده عن حنان بن سدير عن أبيه عن ابي جعفر عليه السلام قال : قال ابوذر رحمه الله : سمعت رسول الله صلّى الله عليه
وآله يقول : حافتا الصراط
(1) يوم القيامة الرحم والامانة ، فاذا مر الوصول للرحم المؤدي للامانة نفذ الى الجنة ، واذا مر الخائن
للامانة القطوع للرحم لم ينفعه معهما عمل ويكبونه في النار
(2) وباسناده عن يونس بن عمار قال : قال ابوعبد الله عليه السلام :
أول ناطق من الجوارح يوم القيامة الرحم ، تقول : يا رب من وصلني في الدنيا فصل اليوم ما بينك وبينه ، ومن قطعني في الدنيا
فاقطع اليوم ما بينك وبينه .
وروى ابو علي الفضل بن الحسن الطبرسي في مجمع البيان
**************************************************************
(1) حافتا الصراط : جانباه .
(2) الكافي 2 / 122 ، وفي آخره بدل ( ويكبونه في النار ) : وتكفأ به الصراط في النار .
اطائب الكلم في بيان صلة الرحم
ـ 22 ـ
باسناده عن النبي صلّى الله عليه وآله قال : قال الله تعالى : أنا الرحمن ، خلقت الرحم وشققت لها اسماً من اسمي ، فمن وصلها
وصلته ومن قطعها بتته .
قال : وفي أمثال هذا الخبر كثرة .
قلت : أراد بذلك أنه بمنزلة التواتر معنى .
وباسناده عن الاصبغ بن نباتة عن امير المؤمنين عليه السلام قال : ان احدكم ليغضب فما يرضى حتى يدخل به النار ، فأيما رجل
غضب على رحمه فليمسنه ، فان الرحم اذا مستها الرحم استقرت ، وانها معلقة بالعرش تنادي : اللهم صل من وصلني واقطع من
قطعني .
قلت : لا ينافي ذلك مارواه الصدوق في عيون اخبار الرضا عن ابيه موسى عليهما السلام قال : أخبرني أبي عن آبائه عن جدي عن
رسول الله صلّى الله عليه وآله قال : الرحم اذا مستها الرحم تحركت واضطربت .
وذلك لان استقرارها من الغضب وزوال سورته عنها انما هو تحرك الدم واضطراب العروق الناشئين من المس المثمرين للرقة .
وروى الشيخ ابو جعفر محمد بن الحسن الطوسي في التهذيب
اطائب الكلم في بيان صلة الرحم
ـ 23 ـ
عن السكوني ، ورواه ايضاً الصدوق في من لا يحضره الفقيه باسناده قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : الصدقة بعشرة ،
والقرض بثمانية عشر ، وصلة الاخوان بعشرين ، وصلة الرحم بأربعة وعشرين .
وباسناده عن عبد الله بن عجلان قال : قال لابي جعفر عليه السلام : اني ربما قسمت الشيء بين أصحابي أصلهم به فكيف أعطيهم
؟ قال : اعطهم على الهجر في الدين والفقه والعلم .
ولا خلاف وفي جواز الوصية للرحم ، لما فيه من الجمع بين الصدقة والصلة ، بل قد ورد النص بجواز الوصية له وان كان كافراً
وهو الذي نقله الطبرسي في مجمع البيان عن كثير من العلماء .
ونقل عن اصحابنا أنها جائزة للوالدين والولد ، وحجتهم في جوازها للوالدين ما تقدم من الايات الدال بعضها على ذلك بالنص
الصريح ، ولهذا يجب أن يخص بها مجموع ما سيأتي من الادلة الدالة على المنع من صلة كل عدو لله سبحانه بسبب استثناء هذا
الفرد منه .
وقد أجمعوا على استحباب اختصاص الرحم بالصدقة الواجبة مع وجود الصفات المقتضية للاستحقاق ، لقوله عليه السلام : لا
صدقة وذو رحم محتاج .