ولله درّ السيد محمد حسين القزويني عليه الرحمة : إذ يقول :
قال السيد ابن طاووس عليه الرحمة : ثمَّ أخرجوا النساء من الخيمة ، وأشعلوا فيها النار ، فخرجن حواسرَ مسلَّبات حافيات باكيات ، يمشين سبايا في --------------------------- (1) مثير الأحزان ، الجواهري : 113 . (2) ثمرات الأعواد ، الهاشمي : 280 . المجالس العاشوريّة في المآتم الحسينيّة
أسر الذلّة ، وقلن : بحقّ الله إلاَّ ما مررتم بنا على مصرع الحسين ، فلما نظرت النسوة إلى القتلى صحن وضربن وجوههن ، قال : فوالله لا أنسى زينب بنت علي ( عليه السلام ) وهي تندب الحسين ، وتنادي بصوت حزين وقلب كئيب : وامحمداه ، صلَّى عليك مليكُ السماء ، هذا حسينٌ مرمَّلٌ بالدماء ، مقطَّعُ الأعضاء ، وبناتُك سبايا ، إلى الله المشتكى ، وإلى محمَّد المصطفى ، وإلى علي المرتضى ، وإلى حمزة سيد الشهداء ، وامحمداه ، هذا حسينٌ بالعراء ، يسفي عليه الصَّبَا ، قتيل أولاد البغايا ، يا حزناه ، يا كرباه ، اليوم مات جدّي رسول الله ، يا أصحاب محمداه ، هؤلاء ذرّيّة المصطفى يُساقون سوق السبايا . |
مِنْ ثَاكِل حَرَّى الفُؤَادِ مَرُوعة أضحت تُجَاذِبُها العِدَى ويتيمة فَزِعَتْ لِجَسْمِ كفيلِها حَسْرَى القَنَاعَ تَعُجُّ في أَصْوَاتِها أَهْوَتْ على جِسْمِ الحسينِ وقَلْبُها ال مَصْدُوعُ كاد يذوبُ من حَسْرَاتِها وَقَعَتْ عليه تَشمُّ مَوْضِعَ نَحْرِهِ وَعُيُونُها تَنْهَلُّ في عَبْرَاتِها تَرْتَاعُ مِنْ ضَرْبِ السِّيَاطِ فتنثني تدعو سَرَايا قَوْمِها وَحُمَاتِها | حِبْرَاتِها
وَبَاكية حَرَّى الفُؤَادِ تَصُكُّ يديها في الترائِبِ لَوْعَةً فَتُلْهِبُ ناراً مِنْ وَرَاءِ الترائبِ | دُمُوعُها تَصَعَّدُ عن قَلْب مِنَ الوَجْدِ ذائبِ
شَكَتْ وَارْعَوَتْ إذْ لَمْ تَجِدْ مَنْ وَمَدَّتْ إلى نَحْوِ الغَرِيَّيْنِ طَرْفَها وَنَادَتْ أباها خَيْرَ مَاش وَرَاكِبِ أَبَا حَسَن إِنَّ الذين نَمَاهُمُ أبو طَالِب في الطفِّ ثَارٌ لِطَالِبِ تَعَاوَتْ عليهم مِنْ بني صَخْرِ عُصْبَةٌ لِثَاراتِ يَوْمِ الفَتْحِ حَرَّى الجَوَانِبِ فَسَامُوهُمُ إمَّا الحَيَاةَ بِذِلَّة أوِ الموتَ فاختاروا أعَزَّ المَرَاتِبِ فَهَاهُمْ عَلَى الرَّمْضَاءِ مَالَتْ رِقَابُهُمْ وَلمَّا تَمِلْ مِنْ ذِلَّة في الشَّوَاغِبِ سُجُودٌ عَلَى حَرِّ الصَّعيدِ كأنَّما لَهَا بِمَحَاني الطفِّ بَعْضُ الَمحَارِبِ وممّا عَلَيْكَ اليومَ هَوَّنَ مَا جَرَى ثَوَوا لاَ كَمَثْوَى خَائِفِ المَوْتِ نَاكِبِ أُصِيبُوا ولكنْ مُقْبِلِيْنَ دِمَاؤُهُمْ تَسِيلُ عَلَى الأَقْدَامِ دُوْنَ العَرَاقِبِ(1) | يُجيبُها وَمَا في الحَشَى مَا في الحَشَى غيرُ لاَهِبِ
نحن رَضَضْنَا الصَّدْرَ بَعْدَ الظَّهْرِ بِكُلِّ يَعْبُوب شَدِيدِ | الأَسْرِ
وَلِصَدْرِهِ تَطَأُ الخُيُولُ عُقِرَتْ أَمَا عَلِمَتْ لأيِّ مُعَظَّم وَطَأَتْ وَصَدْر غَادَرَتْه مُفَصَّلا وَلِثَغْرِه يَعْلُو القَضِيبُ وطالما شَرَفاً له كان النبيُّ مُقَبِّلا وبنوه في أَسْرِ الطُّغَاةِ صَوَارِخٌ وَلْهَاءُ مُعْوِلَةٌ تُجَاوِبُ مُعْوِلا وَنِسَاؤُهُ مِنْ حَوْلِهِ يَنْدُبْنَه بأبي النِّسَاءَ النَّادِبَاتِ الثُّكَّلا يَنْدُبْنَ أَكْرَمَ سيِّد من سَادَة هَجَرُوا القُصُورَ وآنَسُوا وَحْشَ الفَلاَ بأبي بُدُوراً في المدينةِ طُلَّعاً أَمْسَتْ بِأَرْضِ الغاضريَّةِ أُفَّلاَ (2) | وَطَالما بِسَرِيرِهِ جِبْريلُ كان مُوَكَّلا
فواحدة تحنو عليه وأُخرى بفيض النحر تصبغ شعرها وأخرى تفدِّيه وأخرى تقبِّل وأخرى على خوف تلوذ بجنبه وأخرى لما قد نالها ليس تعقل(1) | تضمُّه وأُخرى عليه بالرداء تظلِّل
لَقَدْ هَجَمَتْ حَرْبٌ عليها وكم حُرَّة كالشَّمْسِ تُدْمَى بِوَكْزِها وَكَمْ طِفْلَة كالبَدْرِ بالضَّرْبِ تُوْجَعُ وكم ثَاكِل عَزَّت ثَكُولا وَرُضَّع لها انتحبت عن بَلَّةِ الثَّدْيِ أَدْمُعُ وكم مِنْ خِبَاً أَمْسَى إلى النَّارِ مَوْقِداً بحيثُ غَدَتْ في وَجْهِ عِزِّكَ تَسْفَعُ وكم مِنْ حَصان لَمْ تَرَ الشَّمْسَ قد غَدَتْ وَلاَ مَرْجِعٌ تَأْوي إليه وتَرْجِعُ وَعَاطِشَة وَدَّتْ بأنَّ دُمُوعَها تَبُلُّ بها حَرَّ الغليلِ وَتنقعُ وَمُزْعَجَة من هَجْمَةِ الخَيْلِ خِدْرَها تَضُمُّ الحَشَى بالرَّاحَتَيْنِ وَتَجْمَعُ وَبَاكية تُخْفِي الَمخَافَةُ صَوْتَها وَيُظْهِرُهُ منها الشَّجَاءُ فَتْفَزَعُ وَمُوْحَشَة بَاتَتْ عَلَى فَقْدِ قَوْمِهَا تَنُوحُ كَمَا نَاحَ الحَمَامُ وَتَسْجَعُ (1) | خِبَاءَهَا فكم بُرْقُع عنها يُمَاطُ وَيُنْزَعُ
وا لهفتاه لزينِ العابدينَ كانت عِيَادُتُه منهم سِيَاطَهُمُ وفي كُعُوبِ القَنَا قالوا البَقَاءُ لكا جَرُّوه فانتهبوا النُّطْعَ المُعَدَّ لَهُ وأوطأوا جِسْمَهُ السَّعْدَانَ وَالْحَسَكَا(2) | لُقَىً مِنْ طُوْلِ عِلَّتِهِ والسُّقْمِ قَدْ نُهِكَا
أُصْوَاتُها بُحَّت وهنَّ نَوائحٌ يَنْدُبْنَ قَتْلاَهُنَّ أنَّى الْتَفَتْنَ رَأَيْنَ ما يُدْمي الحَشَى من نَهْبِ أبيات وَحَرْقِ خِبَاءِ تَشْكُو الهَوَانَ لِنَدْبِهَا وكأنَّه مُغْض وَمَا فيه من الإغْضَاءِ وتقولُ عَاتِبةً عليه وَمَا عَسَى يُجْدِي عِتَابُ مُوَزَّعِ الأَشْلاَءِ قَدْ كُنْتَ لِلْبُعَدَاءِ أَقْرَبَ مُنْجِد واليومَ أَبْعَدَهُمْ عن القُرَبَاءِ أُسْبَى وَمِثْلُكَ مَنْ يَحُوطُ سُرَادِقي هذا لَعَمْرُكَ أَعْظَمُ البُرَحَاءِ قد كنتُ في الحَرَمِ المنيعِ خبيئةً واليومَ نَقْعُ الْيَعْمُلاَتِ خِبَائي ماذا أقولُ إذا التقيتُ بشامت إنّي سُبِيْتُ وإِخوتي بِإزَائي ما كنتُ أَحْسَبُ أَنْ يَهُونَ عليكُمُ ذُلِّي وتسييري إلى الطُّلَقَاءِ حَكَمَ المَنُونُ عليكُمُ أَنْ تُعْرِضُوا عنّي وَإنْ طَرَقَ الْهَوَانُ فِنَائي هذي يَتَامَاكُم تَلُوذُ ببعضِها ولكم نِسَاءٌ تلتجي بِنِسَاءِ(1) | بالإيماءِ
همَّت لِتَقْضِيَ من تَوْدِيعِهِ وَطَراً وقد أبى سَوْطُ شِمْر أَنْ فَفَارَقَتْهُ ولكنْ رَأْسُهُ مَعَهَا وَغَابَ عَنْها ولكنْ قَلْبُهَا مَعَهُ (2) | تُوَدِّعَهُ
أَحِجَابَ صَوْني في أَمَانِ | اللهِ عَزَّ عليَّ مَسْرَانا وَجِسْمُكَ مُوْدَعُ
وَدَّعْتُكَ الكافي وَقَدْ سُدَّتْ عليَّ مَذَاهِبُ الآراءِ مَا بِكَ وَسَرَوا بِهَا والعينُ تَرْعَاهُ وَإِنْ حُجِبَتْ أَقَامَ فُؤَادُها يَتَطَلَّعُ | أَصْنَعُ
لَمْ أَنْسَ لا واللهِ زينبَ إِذْ تدعوه والأحزانُ مِلْؤُ فُؤَادِها والطَّرْفُ يَسْفَحُ بالدموعِ الهُمَّعِ أَأُخَيُّ مَالَكَ عن بَنَاتِكَ مُعْرِضاً والكلُّ منك بِمَنْظَر وَبِمَسْمَعِ أَأُخَيُّ مَاعَوَّدتني مِنْكَ الجَفَا فَعَلاَمَ تجفوني وتَجْفُو مَنْ مَعِي أَنْعِمْ جواباً يا حسينُ أَمَا ترى شَمِرَ الخَنَا بالسَّوْطِ كَسَّرَ أَضْلُعي فَأَجَابَها من فَوْقَ شَاهِقَةِ القَنَا قُضِيَ الْقَضَاءُ بما جرى فاسترجعي وتكفَّلي حَالَ اليَتَامى وانْظُري ما كنتُ أَصْنَعُ في حِمَاهُمْ فَاصْنَعي | مَشَتْ وهي الوَقُورُ إليه مَشْيَ المُسْرِعِ
لا أضحكَ اللهُ سِنَّ الدَّهْرِ إِنْ ضَحِكَتْ وآلُ أحمدَ مظلومون قد مُشَرَّدون نُفُوا عَنْ عقرِ دَارِهِمُ كأنَّهم قَدْ جَنَوا مَا ليس يُغْتَفَرُ | قُهِرُوا
وَإِنَّ قَتِيلَ الطفِّ مِنْ آلِ هَاشِم أذلَّ رقاباً من قريش | فذلَّتِ
أَلَمْ تر أن الأرضَ أضحت مريضةً لِفَقْدِ حُسين والبلادَ وقد أَعْوَلَتْ تبكي السماءُ لِفَقْدِهِ وأَنْجُمُها ناحت عليه وصلَّتِ (1) | اقشعرَّتِ
جاؤوا برأسِكَ يا ابنَ بنتِ محمَّد مترمِّلا بدِمَائِهِ وكأنَّما بِكَ يا ابنَ بنتِ محمَّد قَتَلُوا جِهَاراً عامدين رسولا قتلوك عَطْشَاناً ولم يترقَّبوا في قَتْلِكَ التنزيلَ والتأويلا ويكبِّرون بأَنْ قُتِلْتَ وأنَّما قَتَلُوا بك التكبيرَ والتهليلا | ترميلا