--------------------------- (1) الصبابة ـ بالضم ـ البقية من الماء في الإناء والوبيل : الوخيم أي غير الموافق الذي لا ينجع . المجالس العاشوريّة في المآتم الحسينيّة
فإِنْ عشتُ لم أُذْمَمْ وإن متُّ لم أُلَمْ = كفى بك ذلاّ أن تعيشَ فَتُرْغَمَا (1)
وروى الترمذي : كان ابن زياد يدخل قضيباً في أنف الحسين ( عليه السلام ) ويقول : ما رأيت مثل هذا
الرأس حُسناً ، فقال أنس : إنه أشبههم برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) (2) ، وروي أن الحسين ( عليه السلام ) كان
يقعد في المكان المظلم فيهتدى إليه ببياض جبينه ونحره (3) . |
وَإِنّ وليداً من عليٍّ فتحتفلُ الدنيا احتفاءً بِذِكْرِهِ وفي الملأ الأعلى تُقَامُ مَوَاسِمُهْ وليدٌ حَبَاه اللهُ كلَّ كرامة فهيهاتَ تُحْصَى أَوْ تُعَدُّ مَكَارِمُهْ هو البدرُ يلقى الرُّشْدَ مَنْ فيه يهتدي هو البحرُ لا يحوي سوى الدرِّ عَائِمُهْ فطيماً نشا في خيرِ حِجْر وأَنْجَبَتْ به مِنْ ذُرَى خيرِ البُيُوتِ فَوَاطِمُهْ أبوه عليٌّ والبتولةُ أُمُّه وَمُرْضِعُهُ الهادي وجبريلُ خَادِمُهْ رأى الشِّرْكَ يُبني من جديد أَسَاسَهُ فثار عليه وهو بالسيفِ هَادِمُهْ | وفاطم ( لأكرمُ مَنْ نِيْطَتْ عليه تَمَائِمُهْ )
وَوَطَّدَ للإسلامِ عَرْشاً من وقد سنَّ للأحرارِ حيّاً وميّتاً طريقَ إباء وَاضحات مَعَالِمُهْ تأسَّى أُبَاةُ الضيمِ فيه فَلَمْ تَرِدْ إلى مَنْهَل بالذلِّ مَرَّتْ مَطَاعِمُهْ وَقَاوَمَ قوماً بالطفوفِ جُدُودُها إلى جَدِّه جاءت ببدر تُقَاومه رأى حقَّه بين الطَّغَامِ موزَّعاً ودينَ أبيه تُسْتَحَلُ مَحَارِمُه فأعلنها حَرْباً عَوَاناً بصارم به الغيُّ تنبو في القِرَاعِ صَوَارِمُهْ فضحَّى لوَجْهِ اللهِ نفساً كريمةً ومن بَعْدِهِ للأَسْرِ سيقت كَرَائِمُه ولو عاد حيّاً للخصامِ مَعَ العِدَا رأى أَلْفَ عِلْج كابنِ هند يُخَاصِمُهْ (1) | العُلاَ أُقيمت بحدِّ المشرفيِّ دَعَائِمُهْ
دَعَاني عبيدُ اللهِ من دُوْنِ قَوْمِهِ إلى خُطَّة فيها خَرَجْتُ لحيني فَوَاللهِ لاَ أَدري وإنّي لواقفٌ أُفكر في أمري على خطرين أأَتْرُكُ مُلْكَ الريِّ والريُّ بُغْيَةٌ أم ارْجِعُ مذموماً بقَتْلِ حُسَينِ |
وفي قَتْلِهِ النَّارُ التي ليس دونها حِجَابٌ ومُلْكُ الريِّ قُرَّةُ | عَيْنِ
حتى إذا نَفَذَ القضاءُ نَشَرَتْ ذَوَائِبَ عِزَّها وَتَخَايَلَتْ تَطْوي على حَرِّ الظَّمَا مُهَجَاتِها وتعانقت هي والسيوفُ وَبَعْدَ ذا مَلَكَتْ عِنَاقَ الحُوْرِ في جَنَّاتِها وتناهبت أَشْلاَءَهم قُصُدُ القَنَا ورُؤُوسُهُمْ رُفِعَتْ على أَسَلاَتِها وانصاع حَامِيَةُ الشريعةِ ظامئاً ما بَلَّ غُلَّتَه بعَذْبِ فُرَاتِها أَضْحَى وَقَدْ جَعَلَتْه آلُ أميَّة شَبَحَ السِّهَامِ رَمِيَّةً لِرُمَاتِها حتَّى قَضَى عطشاً بمُعْتَرَكِ الوَغَى والسُّمْرُ تَصْدُرُ منه في نَهَلاَتِها وجرت خيولُ الشركِ فوقَ ضُلُوعِهِ عَدْواً تَجُولُ عليه في حَلَبَاتِها (3) | وأقبلت زُمَرُ العِدَى تستنُّ في عَدَوَاتِها
فَأَقَامَ ليلتَهُ يُنَاجي رَبَّه طوراً وَيَسْجُدُ في الظلامِ وَيَرْكَعُ |
بات الحسينُ وصَحْبُهُ من مِنْ رُكَّع وَسْطَ الظلامِ وسُجَّد للهِ منهم تَكْثُرُ الدَّعَوَاتُ وَتَرَاءَتِ الْحُورُ الحِسَانُ وَزُيِّنَتْ لِقُدُومِهِمْ بنعيمِها الجَنَّاتُ وَبَدَا الصَّبَاحُ وَلَمْ تَنَمْ عينٌ لهم كلاّ وَلاَ نَابَتْهُمُ غَفَوَاتُ(1) | حَوْلِهِ ولهم دويُّ النَّحْلِ لَمَّا بَاتُوا
هذه ليلةُ الوداعِ عَمَّرُوها مِنَ التُّقَى فأماتوا شَهَوَاتِ النفوسِ بالإِحْيَاءِ يومَ بَاتُوا على هُدَى صلوات بَيْنَ خوف من رَبِّهم وَرَجَاءِ كدويِّ النَّحْلِ ابتهالا وَنَجْوَىً لَهُمُ في غَيَاهِبِ الظَّلْمَاءِ وَهُمُ بينَ راكع بِخُضُوع وَخُشُوع وَضَارع في دُعَاءِ يَتَهَادَوْنَ والهدايا تَحَايَا بُشْرَيَاتٌ بِغِبْطَة وَهَنَاءِ هذه الجَنَّةُ التي قد أُعِدَّتْ تَتَرَاءى لأَعْيُنِ الشهداءِ وبنو هَاشِم نِطَاقُ عُيُون مُسْتَدِيرٌ عَلَى خِيَامِ النِّسَاءِ وأبو الْفَضْلِ فَارِسُ الجمعِ ترنو مُقْلَتَاهُ لِمُقْلَةِ الحوراءِ (2) | وهذا آخِرُ الْعَهْدِ مِنْهُمُ باللِّقَاءِ
يَا دَهْرُ أُفٍّ لَكَ مِنْ من صَاحِب وَطَالِب قتيلِ والدَّهْرُ لاَ يَقْنَعُ بالبديلِ وَإنّما الأَمْرُ إلى الجليلِ وَكُلُّ حيٍّ سَالِكٌ سبيلي | خليلِ كَمْ لَكَ بالإِشْرَاقِ والأصيلِ
قالت أَتُقْتَلُ نَصْبَ عيني جَهْرَةً ما الرأيُ فيَّ وَمَا لَديَّ فأجابها قَلَّ الفِدَا كَثُرَ العِدَى قَصُرَ الْمَدَى وسبيلُنا محصورُ | خفيرُ
سِمَةُ العبيدِ من الخُشُوعِ فإذا تَرَجَّلَتِ الضُّحَى شَهِدَتْ لَهُمْ بِيْضُ الْقَوَاضِبِ أنَّهُمْ أَحْرَارُ (2) | عَلَيْهِمُ للهِ إنْ ضَمَّتْهُمُ الأسحارُ
في غَد يُشْرِقُ الصَّبَاحُ واشتعالُ الرِّمالِ يُلْهِبُ أُفْقاً أَجَّجَتْهُ ضَغَائِنٌ وَهَنَاتُ وَالمَدَى الرَّحْبُ خَلْفَه يَتَوَارَى فيه غَابَتْ شُمُوسُهُ النيِّرَاتُ وَجُفُونُ السَّمَاءِ تَقْطُرُ دمعاً سَكَبَتْهُ عُيُونُها الباكياتُ عَلَّها تُطْفِىءُ اللَّظَى بَزُلاَل وَعَلَى الأَرضِ أَكْبُدٌ ظَامِئَاتُ أُغْلِقَتْ دونَها الينابيعُ عَذْباً بَعْدَمَا شَحَّ بالرُّوَاءِ الْفُرَاتُ أُيْبِسَ الطفُّ والقلوبُ جِفافٌ ونفوسٌ عن الرُّؤَى مُجْدِبَاتُ في غد تَمْلاَءُ الشِّعَابَ صَبَايَا وَنِسَاءٌ فَوَاجِعٌ ثَاكِلاَتُ | مُدَمَّىً وعلى التُّرْبِ أَنْجُمٌ مُطْفَآتُ
أثقلتها مَصَائِبٌ | ورزايا غاب عنها أَعِزَّةٌ وَحُمَاةُ (1)
وَرَأَى جَدَّهُ فأوحى سيكونُ الإفطارُ منك بحقٍّ في غَد عندَنا بِوَقْتِ المساءِ بِكَ أَهْلُ الجِنانِ زَادُوا ابتشاراً والصفيحُ الأعْلَى بأصفى هَنَاءِ وَلَقَدْ جَاءَ من إِلهِ البرايا مَلَكٌ مِنْ أَكَارِمِ الأُمَنَاءِ لِيَصُونَ الدِّمَاءَ مِنْكَ احتفاظاً بَيْنَ جَنْبَيْ قَارُورَة خَضْرَاءِ (1) | إليهِ قَدْ تَدَانَى مِيْعادُ يومِ اللِّقَاءِ
لا تتركي حَجَراً على حَجَرِ يا ليلةَ الأرزاءِ صُبِّي على الدنيا وما حَمَلَتْ من نارِ غَيْظِكِ مَارِقَ الشَّرَرِ يا ليلةً وَقَفَ الزمانُ بها وَجِلا يُدَوِّنُ أروعَ الصُّوَرِ وَقَفَ الحسينُ بها وَمَنْ مَعَهُ جبلاً وهم كَجَنَادِلِ الحَجَرِ ما هزَّهم عصفٌ ولا رعشت أعطافُهُمْ في دَاهِمِ الخَطَرِ يتمايلون وليس مِنْ طَرَب وَيُسامرون وليس في سَمَرِ إلاَّ مع البِيْضِ التي رَقَصَتْ بأَكُفِّهِمْ كَمَطَالِعِ الزُّهرِ يتلون سِرَّ الموتِ في سُوَر لَمْ يَتْلُها أحدٌ مع السُّوَرِ خفُّوا لداعي الموتِ يسبقُهُمْ عزمٌ تحدَّى جَامِدَ الصّخرِ وبناتُ آلِ اللهِ تَرْقُبُهُمْ بِعُيُونِها المرقاةِ بالسَّهَرِ يَا نَجْمُ دُونَكَ عن مَنَازِلِهِمْ لا تَقْتَرِبْ منها وَلاَ تَدُرِ لا تَسْتَمِعْ لنداءِ والهة مكلومة من بَطْشَةِ الْقَدَرِ للهِ قد نَذَرُوا بَقِيَّتَهُمْ وَتَسَابَقُوا يُوفُون بالنُّذُرِ نَامَتْ عُيُونُ الكونِ أجمعُها وَعُيُونُهُمْ مشبوحةُ النَّظَرِ(2) | والكَدَرِ
أيَّ حِباً حَبَوْتَ أحمدَ في حُفْرَتِهِ من حرارةِ الثاكلِ تعالَ فَاطْلُبْ غداً شفاعَتَه وانهض فَرِدْ حَوْضَه مَعَ الناهلِ (2) |
لو رسولُ اللهِ يحيى يا رَسُولَ اللهِ لو عاينتَهُمْ وهُمُ ما بينَ قَتْل وَسِبَا لرأت عيناك منهم مَنْظَراً للحشى شَجْواً وللعينِ قَذَا | بَعْدَهُ قَعَدَ اليومَ عليهِ لِلْعَزَا
مَنِ المعزّي رسولَ اللهِ في أنَّى تُصَابُ مرامي الجودِ بَعْدَهُمُ والقوسُ خاليةٌ من ذلك الوَتَرِ (3) | ملأ كانوا بمنزلةِ الأَرْوَاحِ للصُّوَرِ
لو أنّ رَسُولَ اللهِ يبعثُ حمزةَ نظرةً لَرُدَّت إلى إنسانِ عين وَهَانَ عليه يومَ حمزةَ عمِّه بيومِ حسين وهو أعظمُ ما لقي ونال شَجَىً من زينب لَمْ يَنَلْهُ من صفيَّةَ إذ جاءت بِدَمْع مُرَقْرَقِ فكم بَيْنَ مَنْ لِلْخِدْرِ عَادَتْ مَصُونَةً وَمَنْ سيَّروها في السبايا بجلّقِ | مُؤَرَّقِ
لهفي لآلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ ما بينَ نادبة وبينَ مَرُوَعة في أَسْرِ كُلِّ مُعَانِد أَفَّاكِ تاللهِ لاَ أنساكِ زينبُ والعِدَا قسراً تُجَاذِبُ عَنْكِ فَضْلَ رِدَاك لم أنس لاَ واللهِ وَجْهَكِ إِذْ هَوَتْ بالرُّدْنِ ساترةً له يُمْنَاكِ حتى إذا هَمُّوا بسَلْبِكِ صِحْتِ بَاسْ مِ أبيكِ واستصرختِ ثمَّ أَخَاكِ لهفي لِنَدْبِكِ بِاسْمِ نَدْبِكِ وه و مجروحُ الجَوَارِحِ بالسِّيَاقِ يَرَاكِ تستصرخيه أسىً وعزَّ عليه أَنْ تستصرخيه ولا يُجيبُ نِدَاكِ واللهِ لو أنَّ النبيَّ وَصِنْوَهُ يوماً بِعَرْصَةِ كربلا شُهَدَاكِ لم يُمْسِ منهتكاً حِمَاكِ ولم تُمِطْ يوماً أميَّةُ عَنْكِ سُجْفَ خِبَاكِ (3) | في أيدي الطُّغَاةِ نَوَائحاً وبواكي