--------------------------- (1) بحار الأنوار ، العلامة المجلسي : 14/316 . (2) الخصال ، المفيد : 181 / 182 ح 248 ، مقاتل الطالبيين ، الإصبهاني : 50 . المجالس العاشوريّة في المآتم الحسينيّة
ولمَّا صار إلى مرج عذراء على اثني عشر ميلا من دمشق تقدَّم البريد بأخبارهم إلى معاوية ، فبعث برجل أعور ، فلمَّا أشرف على حجر وأصحابه قال رجل منهم : إن صدق الزجر فإنَّه سيُقتل منّا نصف وينجو الباقون ، فقيل له : ومن أين علمت ؟ قال : أما ترون الرجل المقبل مصاباً بإحدى عينيه ، فلمَّا وصل إليهم قال لحجر : إن أمير المؤمنين ( يعني معاوية ) أمرني بقتلك يا رأس الضلال ، ومعدن الكفر والطغيان ، والمتولَّى لأبي تراب ، وقتل أصحابك إلاَّ أن ترجعوا عن كفركم! وتلعنوا صاحبكم وتتبرَّؤون منه ، فقال حجر وجماعة ممن كان معه : إن الصبر على حدِّ السيف لأيسر علينا مما تدعونا إليه ، ثمَّ القدوم على الله وعلى نبيِّه وعلى وصيِّه أحبُّ الينا من دخول النار ، وأجاب نصف من كان معه إلى البراءة من علي ( عليه السلام ) ، فلمَّا قدِّم حجر ليقتل قال : دعوني أصلِّي ركعتين ، فجعل يطوِّل في صلاته ، فقيل له : أجزعاً من الموت ؟ فقال : لا ، ولكنّي ما تطهَّرت للصلاة قط إلاَّ صلَّيت ، وما صلَّيت قط أخفَّ من هذه ، فكيف لا أجزع وإني لأرى قبراً محفوراً ، وسيفاً مشهوراً ، وكفناً منشوراً ؟ ثم قدِّم فنُحر ، وأُلحق به من وافقه على قوله من أصحابه وقيل : إن قتلهم كان في سنة خمسين (1) . |
هو الشمسُ أم نورُ الضريحِ وبحرُ ندىً أم رَوْضَةٌ حَوَت الهدى وآدمُ أَمْ سِرُّ المهيمنِ نوحُ وداودُ هذا أم سليمانُ بَعْدَهُ وهارونُ أم موسى الْعَصَا ومسيحُ وأحمدُ هذا المصطفى أَمْ وصيُّهُ عليٌّ نَمَاهُ هَاشِمٌ وذبيحُ مُحِيطُ سَمَاءِ الَمجْدِ بَدْرُ دُجُنَّة وَفُلْكُ جَمَال لِلأَنَامِ وَيُوحُ (3) حبيبُ حبيبِ اللهِ بَلْ سِرُّ سِرِّهِ وَجُثَْمانُ أَمْر للخلائقِ رُوْحُ له النصُّ في ( يومِ الغديرِ ) ومَدْحُهُ مِنَ اللهِ في الذِّكْرِ المبينِ صريحُ إمامٌ إذَا مَا المرءُ جَاءَ بِحُبِّهِ فميزانُهُ يومَ المَعَادِ رجيحُ له شيعةٌ مثلُ النجومِ زَوَاهِرٌ لها بينَ كُلِّ العالمينَ وُضُوحُ إذَا قَاوَلَتْ فالحقُّ فيما تَقُولُه به النورُ بَاد واللِّسَانُ فصيحُ وَإِنْ جَاوَلَتْ أَوْ جَادَلَتْ عن مَرَامِها تَوَلَّى العدوُّ الجَلْدُ وهو طريحُ عليكَ سَلاَمُ اللهِ يَا رَايَةَ الهُدَى سَلاَمٌ سليمٌ يغتدي ويروحُ (4) | يلوحُ هو المِسْكُ أمطِيْبُ الوصيِّ يفوحُ
أَخْبَرَ المصطفى بقَطْعِ يمين وَشِمَال لجعفر فَتَحَسَّرْ ثُمَّ راحت آهاتُهُ تَتَوَالى وَجَرَى دَمْعُهُ من العينِ أَحْمَرْ فغدا يَذْكُرُ المُصَابَ ويبكي جَعْفَرَ الخيرِ فوقَ ما يُتَصَوَّرْ فإذا كان أَعْظَمُ الناسِ شأناً وَأَشَدُّ العبادِ عَزْماً وأَصْبَر هكذا تَنْتَهِي به في الرَّزَايا حَالَةُ الحُزْنِ لِلْمُصَابِ وأكثرْ |
كيف حَالُ الحسينِ سَاعَةَ وَافَى صَاحِبَ الرَّايَةِ الشُّجَاعَ المظفَّرْ هَلْ يُلاَمُ الحسينُ حينَ رَآهُ وَعَمُودُ الحديدِ في الرَّأْسِ أثَّرْ إنْ دعا يا أَخِي وَيَا نُورَ عيني فَقْدُكَ اليومَ كَسْرُهُ ليس يُجْبَرْ (1) |
حُزْني لِمَصْرَعِ حَمْزَة حتَّى إلى يومِ الترحُّلِ لَمْ أَزَلْ في مأتمي وكآبتي وعَزَائي سأُوَاصِلُ الأيَّامَ في وَجْدِي له حتَّى يُمَزَّقَ بالشَّجَا أَحْشَائي هيهاتَ أَنْ أنسى مُصيبةَ حَمْزَة عَمِّ النبيِّ وسيِّدِ الشهداءِ بَطَلٌ إذا الأبطالُ عُدَّتْ مَالَهُ فيها من الأشباهِ والنُّظَرَاءِ للهِ قَلْبُ المصطفى مُذْ شَاهَدَتْ عيناه مَا صَنَعَتْ بنو اللُّقَطَاءِ منه تَدَفَّقَت الدموعُ لِعَمِّهِ ذاك العظيمِ وَعُمْدَةِ العُظَمَاءِ وأتت صفيَّةُ تلتقي بشقيقِهَا أَلْفَتْهُ فوقَ حَرَارَةِ الرَّمْضَاءِ صلَّت عليه وسلَّمت وتصاعدت زَفَرَاتُها بِتَنَفُّسِ الصُّعَدَاءِ لكنَّ زينَب أَعْوَلَتْ لمَّا رَأَتْ جِسْمَ الحُسَينِ مُوَزَّعَ الأَشْلاَءِ وَغَدَتْ تُنَاديه عقيلةُ هَاشِم ياليتَ دُوْنَكَ قُطِّعَتْ أَعْضَائي | وَعَنَائي لاَ ينقضي بِتَزَفُّري وبُكَائِي
لو أنَّ رسولَ اللهِ يَبْعَثُ وَهَانَ عليه يومُ حمزةَ عَمِّهِ بيومِ حسين وهو أعظمُ ما لقي ونال شجىً من زينب لَمْ يَنَلْهُ من صفيَّةَ إذْ جاءت بدَمْع مُرَقْرَقِ فكم بَيْنَ مَنْ للخِدْرِ عادت مصونةً وَمَنْ سيَّروها في السبايا بجلّقِ | نَظْرَةً لَرُدَّت إلى إنْسَانِ عَيْن مؤَرَّقِ
بعترتي وبأهلي بَعْدَ مُفْتَقَدي منهم أُسَارى ومنهم ضُرِّجوا بِدَمِ |
تاللهِ مَا فَعَلَتْ أُميَّةُ | فيهِمُ مِعْشَارَ مَا فَعَلَتْ بنو العبَّاسِ(1)
يا ليت جَوْرَ بني مروانَ دَامَ | لنا وليتَ عَدْلَ بني العبَّاسِ في النَّارِ (2)
كم من ذراع لهم بالطفِّ أمسى الحسينُ وَمَسْرَاهُمْ لِمَقْتَلِهِ وَهُمْ يقولونَ : هذا سيِّدُ الْبَشَرِ يا أُمَّةَ السُّوْءِ مَا جَازَيْتِ أَحْمَدَ في حُسْنِ الْبَلاَءِ على التنزيلِ والسُّوَرِ خَلَفْتُموه على الأبناءِ حينَ مَضَى خِلاَفَةَ الذِّئْبِ في إِنْفَادِ ذي بَقَرِ لم يَبْقَ حيٌّ من الأحياءِ نَعْلَمُهُ من ذي يَمَان وَلاَ بَكْر وَلاَ مُضَرِ إلاَّ وَهُمْ شُرَكَاءٌ في دِمَائِهِمُ كَمَا تَشَارَكَ أيسارٌ على جُزُرِ قتلا وأسراً وتخويفاً وَمَنْهَبَةً فِعْلَ الغُزَاةِ بأَرْضِ الرومِ والخَزَرِ أرى أُميَّةَ معذورين إن قَتَلُوا ولا أرى لبني العبَّاسِ من عُذُرِ قومٌ قتلتم على الإسلام أوَّلَهُمْ حتَّى إذا استمكنوا جَازوا على الكُفُرِ | بائنة وَعَارِض بصعيدِ التُّرْبِ مُنْعَفِرِ
أَبناءُ حَرْب ومروان إرْبعْ بطُوس على قَبْرِ الزكيِّ بِهَا إنْ كُنْتَ تربعُ من دين على وَطَرِ قبرانِ في طُوْسَ خيرُ الناسِ كُلِّهِمُ وَقَبْرُ شَرِّهِمُ هذا من العِبَرِ مَا يَنْفَعُ الرِّجْسَ من قُرْبِ الزكيِّ وَلاَ عَلَى الزكيِّ بقُرْبِ الرِّجْسِ من ضَرَرِ هيهات كلُّ امرىء رَهْنٌ بما كسبت لَهُ يَدَاهُ فَخُذْ مَا شِئْتَ أَوْ فَذَرِ | وأُسْرَتُهُمْ بنو معيطَ وُلاَةُ الحِقْدِ والزّعَرِ
مَا نَالَ مِنْهُمْ بنو حَرْب وإنْ عَظُمَتْ تلك الجَرَائِرُ إلاَّ دُوْنَ | نَيْلِكُمُ