قال العلامة المجلسي عليه الرحمة : وروي من طريق أهل البيت ( عليهم السلام ) أنه لمّا استشهد الحسين ( عليه السلام ) بقي في كربلاء صريعاً ، ودمه على الأرض مسفوحاً ، وإذا بطائر أبيض قد أتى وتمسَّح بدمه ، وجاء والدم يقطر منه فرأى طيوراً تحت الظلال على الغصون والأشجار ، وكلٌّ منهم يذكر الحبَّ والعلف والماء ، فقال لهم ذلك الطير المتلطِّخ بالدم : يا ويلكم ، أتشتغلون بالملاهي ، وذكر الدنيا والمناهي ، والحسين في أرض كربلاء ، في هذا الحرّ ، ملقىً على الرمضاء ، ظامىء مذبوح ، ودمه مسفوح ؟ فعادت الطيور كلٌّ منهم قاصداً كربلاء ، فرأوا سيِّدنا الحسين ( عليه السلام ) ملقىً في الأرض جثَّته بلا رأس ولا غسل ولا كفن ، قد سفت عليه السوافي ، وبدنه مرضوض قد --------------------------- (1) بحار الأنوار ، المجلسي : 45/171 ح 19 ، تاريخ دمشق ، ابن عساكر : 70/24 . المجالس العاشوريّة في المآتم الحسينيّة
هشَّمته الخيل بحوافرها ، زوَّاره وحوش القفار ، وندبته جنّ السهول والأوعار ، قد أضاء التراب من أنواره ، وأزهر الجوّ من أزهاره . |
أَخِي إِنَّ هذا آخِرُ الْعَهْدِ باللِّقَا ولستُ أرى بَعْدَ الفِرَاقِ تَلاَقيا وقد صِرْتُ في أمري بأَعْظَمِ حَيْرَة وَمَنْ ذا ابتُلِي في الدَّهْرِ مِثْلَ بَلاَئيا أَأَمْشي وَمَا وَارَيْتُ جَسْمَكَ أَمْ تَرَى أُقيمُ ومنك الرَّأْسُ سَارَ أَمَاميا ولو خَيَّروني في المُقَامِ أو السُّرَى أَقَمْتُ ولم أَخْشَ السِّبَاعَ الضَّوَاريا فَأَوْدَعْتُكَ الرَّحْمَنُ يابنَ محمَّد عليكَ سَلاَمُ اللهِ ثُمَّ سَلاَميا تَرَحَّلْتُ فَاسْوَدَّ النَّهارُ بناظري وَمِنْ بَعْدِكَ الأَيَّامُ صِرْنَ لياليا فلم يَهْنَ لي عيشٌ وَلاَ لَذَّ مَطْعَمٌ عليكَ حَنِيني مَشْرَبي وَطَعَاميا |
بقيتَ على وَجْهِ البسيطةِ | ثاوياً ولو لم تُظَلِّلْكَ القَنَا كُنْتَ ضَاحيا (1)
مَا غَسَّلُوه ولا لَفُّوه في عَار تَجُولُ عليه الخيلُ عَادِيةً حَاكَتْ له الرِّيْحُ ضَافِي مِئْزَر وَرِدَا | كَفَن يومَ الطفوفِ وَلاَ مَدُّوا عليه رِدَا
وَغَسَّلَ الطُّهْرَ سَلْماناً وَعَادَ إلى عِرَاصِ يَثْرِبَ والإِصباحُ مَا وَجَبَا وقلتَ : ذلك من قولِ الغُلاَةِ وَمَا ذَنْبُ الغُلاَةِ إذَا لَمْ يُورِدوا كَذِبا ؟ فَآصِفٌ قَبْلَ رَدِّ الطَّرْفِ من سَبَأ بِعَرْشِ بلقيسَ وَافَى يَخْرُقُ الحُجُبا فأنت في آصف لَمْ تَغْلُ فيه بلى في ( حَيْدَر ) أَنَا غَال إِنَّ ذَا عجبا |
إن كان أَحْمَدُ خَيْرَ المرسلينَ فَذَا خَيْرُ الوصيِّين أَوْ كُلُّ الحديثِ هبا(1) |
مَنْ تَوَلَّى تغسيلَ سَلْمَانَ ليلةٌ قَدْ طَوَى بها الأَرْضَ طيّاً إِذْ نَأَتْ دَارُهُ وَشَطَّ مَدَاها (2) | إِلاَّ ذَاتُ قُدْس تَقَدَّسَتْ أسماها
إنّي لأَعْذُرُ حاسديك عَلَى الذي أَوْلاَكَ ربُّك ذو الجَلاَلِ وفضَّلا إنْ يَحْسُدُوك على عُلاَك فإنَّما مُتَسَافِلُ الدَّرَجَاتِ يَحْسُدُ مَنْ عَلا إحياؤُك الموتى وَنُطْقُكَ مُخْبِراً بِالغائباتِ عَذَرْتُ فيك لمن غَلاَ وَبَرَدِّكَ الشَّمْسَ المنيرةَ بَعْدَ مَا أَفَلَتْ وقد شَهِدَتْ بِرَجْعَتِها المَلاَ وَنُفُوذُ أَمْرِكَ في الفُرَاتِ وَقَدْ طَمَا مَدّاً فأَصبحَ مَاؤُه مُسْتَسْفِلا وبليلة نَحْوَ المدائنِ قاصداً فيها لسلمان بُعِثْتَ مُغَسِّلا وَقَضيَّةُ الثُّعْبَانِ حين أتاكَ في إيضاحِ كَشْفِ قضيَّة لن تُعْقَلا فَحَلَلْتَ مُشْكِلَها فَآبَ لِعِلْمِهِ فَرِحاً وقد فَصَّلْتَ فيها الُمجْمَلا والليثُ يومَ أتاكَ حينَ دَعَوْتَ في عُسْرِ الَمخَاضِ لِعُرْسِه فَتَسَهَّلا وعلوتَ من فَوْقِ البِسَاطِ مُخَاطِباً أَهْلَ الرقيمِ فخاطبوكَ معجَّلا أمُخَاطِبَ الأذْيَابِ في فَلَوَاتِها وَمُكلِّمَ الأمواتِ في رَمْسِ البِلَى يا ليتَ في الأحياءِ شَخْصَكَ حَاضِرٌ وحسينُ مطروحٌ بعَرْصَةِ كربلا عُرْيَانُ يكسوه الصعيدُ مَلاَبِساً أفديه مَسْلُوبَ اللِّبَاسِ مُسَرْبَل مُتَوسِّداً حَرَّ الصُّخُورِ مُعَفَّراً بِدِمَائِهِ تَرِبَ الجبينِ مُرَمَّلا ظَمْآنَ مَجْرُوحَ الجَوَارِحِ لم يَجِدْ مما سِوى دَمِه المبدَّدِ مَنْهَلا وَلِصَدْرِهِ تَطَأُ الخُيُولُ وَطَالَما بسريرِهِ جبريلُ كان موكَّلا(2) |
يا برقُ إن جئت الغري فقل فيك ابنُ عمران الكليم وبعده عيسى يقفيه وأحمد يتبعُ بل فيك نورُ الله جلَّ جلاله لذوي البصائر يستشفُ ويلمعُ فيك الإمام المرتضى فيك الوصي المجتبى فيك البطينُ الأنزعُ هذا ضميرُ العالمِ الموجودِ من عدم وسرُ وجودهِ المستودَعُ هذي الإمامة لا يقومُ بحملِها خلقاء هابطة وأطلس أرفعُ تأبى الجبال الشم عن تقليدها وتضجُ تيهاء وتشفق برقعُ هذا هو النورُ الذي عذباتهُ كانت بغرةِ آدم تتطلعُ ما العالَمُ العلوي إلاّ تربةُ كانت لجثتهِ الشريفةِ موضعُ (2) | له أتراك تعلم من بأرضِك مودعَ
إذا مِتُّ فادفنّي مُجَاوِرَ حَيْدَر أبي شُبَّر أَكْرِمْ به فَتَىً لاَ يَخَافُ النَّارَ مَنْ كان جَارَهُ وَلاَ يختشي من مُنْكَر ونكيرِ جِوَارَ عليًّ فادفنوني فإنَّه أميري وَمِنْ حَرِّ الجحيم مُجيري | وشبيرِ
أَأَظْمَأُ وهو العَذْبُ في كُلِّ مَوْرِد وَأُظْلَمُ بينَ الناسِ وهو فَعَارٌ على حامي الحِمَى وهو في الحمى إذَا ضَلَّ في البيدا عِقَالُ بَعِيرِ (1) | خَفِيري
مصابٌ له السبعُ السماواتِ وهل كيفَ لا يشجي السماواتِ قَتْلُ مَن بخدمتهِ أملاكُها تتشرَّفُ وقطَّعَ أحشائي انقطاعُ كرائم لأحمدَ يستعطِفْنَ مَن ليسَ يعطِفُ | أسبلتْ دموعَ دم والجنُّ بالنّوحِ تهتفُ
برغم العلى تُسبى بنات مُحمّد على هُزّل يحدو بها البيدَ مُعنِفُ بنفسي من استجلى لهُ الرمحُ طلعةً كبدرِ الدجى بل تلكَ أبهى وأشرفُ أحاملَ ذاكَ الرأسِ قُل لي برأسِ مَن تَمَايلَ هذا السَمْهَريّ المُثقَّفُ |
لَقَدْ هَدَّ جِسْمي رُزْءُ آلِ وأبكت جُفُوني بالفُرَاتِ مَصَارِعٌ لآلِ النبيِّ المصطفى وَعِظَامُ عِظَامٌ بأَكْنَافِ الفُرَاتِ زكيَّةٌ لَهُنَّ علينا حُرْمَةٌ وَذِمَامُ فكم حُرَّة مسبيَّة فاطميَّة وكم من كريم قد عَلاَه حُسَامُ | محمَّد وتلك الرزايا والخُطُوبُ عِظَامُ
لآلِ رسولِ اللهِ صلَّت عليهِمُ ملائكةٌ بِيْضُ الوُجُوهِ كِرَامُ أَفَاطِمُ أشجاني بنوكِ ذوو العُلاَ فَشِبْتُ وَإِنّي صَادِقٌ لَغُلاَمُ وأصبحتُ لا ألتذُّ طِيْبَ مَعِيشَة كأنَّ عليَّ الطَّيِّبَاتِ حَرَامُ يقولونَ لي صبراً جميلا وسِلْوةً ومالي إلى الصَّبْرِ الجميلِ مَرَامُ فكيف اصطباري بَعْدَ آلِ محمَّد وفي القلبِ منهم لَوْعَةٌ وَسِقَامُ(1) |