إن حفظ الصلة بالرسول (ص) حثت عليه الدعوة الخاتمة في أكثر من آية ، منه قوله تعالى : ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) (1) ، والمعنى : إن كنتم تريدون أن تخلصوا لله في عبوديتكم ، فاتبعوا هذه الشريعة التي هي مبنية على الحب والتي ترفع أعلام الإخلاص والإسلام ، وتسير بأتباعها نحو صراط الله المستقيم فإن اتبعتموني في سبيلي أحبكم الله ، ومنه قوله تعالى ( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين ) (2). والآية تشير إلى سبيل رسول الله (ص) ، وفيها يأمره تعالى أن يخبر الناس أن هذه سبيله ، أي طريقته ومسلكه وسنته ، وأن هذا السبيل هو الذي يصل بمن يسلكه إلى سعادة الدارين ، لأن النبي يدعو إلى الله على بصيرة ويقين وبرهان ، وكل من اتبعه يدعو إلى ما دعا إليه النبي (ص) ، ومنه قوله تعالى : ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور ) (3). في هذه الآية جعل الله تعالى أجر رسالة النبي المودة في القربى ، فأي قربى ؟ إن مودة الأقرباء على الاطلاق ليست مما يندب إليه في الإسلام قال --------------------------- (1) سورة آل عمران آية 31. (2) سورة يوسف آية 108. (3) سورة الشورى آية 23. ابتلاءات الامم
تعالى : ( لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ) (1) ، والذي يندب إليه الإسلام هو الحب في الله ، وبما أن لكل شئ ذروة ، فإن الحب في الله ذروته حب النبي (ص) ، ولهذا قيل أن المراد بالمودة في القربى ، هو مودة قرابة النبي (ص) ، وهم عترته من أهل بيته ، ومن يتأمل في الروايات المتواترة عن النبي (ص) ، كحديث الثقلين وغيره ، يجد أن النبي (ص) دفع الناس في اتجاه أهل البيت لفهم كتاب الله بما فيه من أصول معارف الدين وفروعها وبيان حقائقه ، وهذا لا يدع ريبا في أن إيجاب مودتهم وجعلها أجرا للرسالة ، إنما كان ذريعة إلى إرجاع الناس إلى أهل البيت ، على إعتبار أن لهم المرجعية العلمية. |