الفهرس العام




مقدّمة
    فوائد معرفة أسباب النزول
    منهجنا في الاعداد


    بسم الله الرحمن الرحيم
      الحمد للّه ربّ العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين ومن تبعه بإحسان الى يوم الدين.
      لا أدّعي قدم السبق في تأليف كتاب جامع لأسباب نزول القرآن الكريم ، فقد سبقني في هذا الميدان كثير من علماء أهل البيت (عليهم السلام) وعلماء المسلمين عامّة ، منهم شيخ الاسلام أبي الفضل بن حجر والجعبري والواحدي والسيوطي ، لكن بما أنّ المطبوع وفق رواية أهل البيت مفقود ونادر ، لذلك أحببت أن أُشارك حد الاستطاعة في سدّ ولو جزء يسير من هذا الفراغ.
      وفي هذا السياق ، يجدر بي أن أشير الى جملة حقائق تتصل بالنزول وملابساته ، منها :
      سبب النزول
      وأعني به : ما نزلت الآية أو الآيات متحدثة عنه أو مبيّنة لحكمة ، ومنها :

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 8 _


      من الواضح، أنّ لمعرفة أسباب النزول معطيات متنوعة ، تتمثل في :
       الوقوف على المعنى أو إزالة الإشكال، أو رفع الغموض الذي يقترن مع دلالة النص وفي هذا الصدد، أشار أكثر من باحث الى أنه: ( لا يمكن معرفة تفسير الآية دون الوقوف على قصتها وسبب نزولها".
      وقال آخر : بيان سبب النزول سبب قوي في فهم معاني القرآن.
      وقال ثالث : معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية ، فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب ، وقد أشكل على جماعة من السلف معاني آيات حتى وقفوا على أسباب نزولها ، فزال عنهم الإشكال.
      ومن المعطيات المترتبة على ذلك هو :
      معرفة حكمة اللّه تعالى على التعيين وفي ذلك ادراك لروح التشريع وتأكيد بأن أحكام اللّه تعالى إنما وضعت رعاية للمصالح العامّة التي توخاها القرآن الكريم وأوضحتها السنة المطهرة.
      ومن المعطيات الأخرى:
      إفادة ذلك إبعاد فكرة الحصر عن ذهن الباحث في بعض الآيات.
      ومنها:
      معرفة أن سبب النزول غير خارج عن حكم الآية إذا ما ورد مخصص لها، ومنها:
      معرفة من نزلت فيه الآية على التعيين.
      وأخيراً:
      تيسير الحفظ والفهم وتثبيت الوحي في أذهان السامعين حيث تربط الآيات بالحوادث.
      ولا تفوتنا الإشارة ـ في نهاية المطاف ـ الى ملاحظتين، هما:

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 9 _

      1 ـ الآيات والسور التي لها في نزولها سبب خاص
      بعض الآيات والسور الشريفة لها سبب خاص في نزولها فهذه الآيات أو السور نزلت بعد ذلك السبب الخاص الموجب لنزولها.
      ويمكن القول بأن هذه الآيات نزلت رداً على موارد معينة مثل:
      1 ـ وقوع حادثة مهمة وملفتة للنظر أو خطرة أو قبيحة.
      2 ـ توجيه الاسئلة الى الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) من قبل المسلمين.
      3 ـ تعرض المسلمين الى ظروف وحالات معينة تقتضي منهم ابداء موقف خاص بهم أزاء تلك الظروف.
      وفي النتيجة يعقب هذه الأمور نزول آيات أو سور شريفة تتحدث عن مواضيع بشأن تلك الحادثة أو ذلك السؤال المطروح أو لتبيين الموقف الذي ينبغي على المسلمين اتخاذه أزاء هذه الحالة.
      2 ـ الآيات والسور التي ليس في نزولها سبب خاص
      كثيرة هي السور والآيات القرآنية المباركة التي نزلت دونما أن يكون لها صلة بسؤال أو حادثة أو واقعة معينة حصلت قبل نزولها بل ان سبب نزولها عام أو شامل وهو حاجة جميع الناس للتوجيهات الالهية وتعويض العجز الفكري للبشر عن طريق الوحي حتى يمكن عبر هذا الطريق تمييز الحق من الباطل.
      ويمكن تصنيف مثل هذه السور والآيات الشريفة الفاقدة لأسباب خاصة في النزول الى ما يلي :
      1 ـ الآيات والسور المباركة التي تحكي تأريخ ووقائع الأمم الماضية مع أنه ينبغي الاشارة هنا الى أن بعض هذه الآيات نزلت اثر سؤال من المسلمين أو بسبب خاص آخر.
      2 ـ الآيات والسور القرآنية التي تحكي اخبار الغيب وتصوير آفاق عالم البرزخ

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 10 _

      والجنة والنار وأحوال يوم القيامة وما يتعلق بأحوال أهل الجنة وأهل النار وأمثال تلك من التي لا يمكن العثور على سبب خاص في نزولها.
      ختاماً : نأمل من اللّه تعالى أن يسددنا جميعاً لخدمة القرآن العظيم.


      1 ـ الابتعاد عن التأويل في بيان أسباب النزول إلا ما ندر.
      2 ـ جعلت لكل آية فيها سبب نزول رقماً خاصاً يتسلسل مع الآيات اللاحقة.
      3 ـ جعلت لكل حديث فيه بيان سبب النزول رقماً خاصاً لا يتكرر حتى وإن تكررت الأحاديث في السورة أو الآية الواحدة أو الآيات.
      4 ـ الاعتماد في بيان سبب النزول على الروايات الواردة عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأهل البيت (عليهم السلام) وفي حال دعت الضرورة أذكر روايات العامّة تاييداً وتوثيقاً.
      5 ـ جرى التركيز في هذا الكتاب على الآيات والسور التي لها في نزولها سبب خاص .
      السيد
      مجيب جواد جعفر الرفيعي

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 11 _

    سورة البقرة
      (1) ـ قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ } (1)
      1 ـ علي بن ابراهيم: انها نزلت في قوم منافقين أظهروا لرسول اللّه (صلى الله عليه وآله) الإسلام، فكانوا إذا رأوا الكفّار، قالوا : إنّا معكم ، وإذا لقوا المؤمنين قالوا: نحن مؤمنون ، وكانوا يقولون للكفّار : (إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ)(2) فردّ اللّه عليهم : (اللّهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ) (3) .(4)
      (2) ـ قوله تعالى: {وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ * اللّهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} (5)،
      2 ـ عن الباقر (عليه السلام): (انها نزلت في ثلاثة ـ لما قام النبي (صلى الله عليه وآله) بالولاية لأمير المؤمنين (عليه السلام) ـ أظهروا الايمان والرضا بذلك، فلما خَلَوا بأعداء أمير المؤمنين (عليه السلام) (قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ) (6).

    ---------------------------
    (1) الآية: 8.
    (2) البقرة، الآية: 14.
    (3) البقرة، الآية: 15 .
    (4) تفسير القمي، ج1، ص34.
    (5) البقرة، الآية: 14 ـ 15.
    (6) المناقب، ابن شهر آشوب، ج3، ص94.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 12 _

      (3) ـ قوله تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ... الآية} (1)
      3 ـ عن ابن عباس، قال: فيما نزل من القرآن خاصة في رسول اللّه وعلي (عليهما السلام) وأهل بيته دون الناس من سورة البقرة: (وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ) الآية، نزلت في علي، وحمزة، وجعفر، وعبيدة بن الحارث بن عبدالمطلب (2).
      (4) ـ قوله تعالى: {أتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالبِرِّ وَتَنسَوْنَ أنْفُسَكُمْ و َأنْتُمْ تَـتْلُونَ الكتاب أفَلا تَعْقِلُونَ} (3)
      4 ـ قال علي بن ابراهيم: نزلت في القَصّاص والخطّاب، وهو قول أمير المؤمنين (عليه السلام): (وعلى كل منبر منهم خطيب مصقع، يكذب على اللّه وعلى رسوله وعلى كتابه) (4).
      (5) ـ قوله تعالى: {وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ } (5)
      5 ـ عن ابن عباس، بزيادة قوله تعالى: (االَّذِينَ يَظنُونَ أنَّهم مُلَـقوا رَبِّهِمْ و أنَّهُمْ إلَيه راجِعُون) نزلت في علي وعثمان بن مظعون وعمّار بن ياسر وأصحاب لهم (6).
      (6) ـ قوله تعالى: {وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىَ بَعْضٍ قَالُواْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ،أَوَلاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} (7)

    ---------------------------
    (1) البقرة، الآية: 25.
    (2) تفسير الحبري، ص 235، ح 4 ، وشواهد التنزيل، ج 1، ص 74، ح 113.
    (3) البقرة، الآية: 44.
    (4) تفسير القمي، ج 1، ص 46.
    (5) البقرة، الآية: 45 ـ 46.
    (6) تفسير الحبري، ص 239، ح 7، وشواهد التنزيل، ج 1، ص 89، ح 126.
    (7) البقرة، الآية: 76 ـ 77.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 13 _

      6 ـ قال علي بن ابراهيم: انها نزلت في اليهود، وقد كانوا أظهروا الاسلام وكانوا منافقين ، وكانوا إذا رأوا رسول اللّه قالوا إنا معكم ، وإذا رأوا اليهود، قالوا : إنا معكم، وكانوا يخبرون المسلمين بما في التوراة من صفة رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وأصحابه ، فقال لهم كبراؤهم وعلمائهم: (أتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَح اللّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ أفَلاَ تَعْقِلُونَ) فردّ اللّه عليهم، فقال: (أوَلاَ يَعْلَمُونَ أنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ) (1).
      (7) ـ قوله تعالى: {أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ}(2)
      7 ـ عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، وعلي بن محمد القاساني جميعاً، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث ، عن أبي عبداللّه (عليه السلام) ، في قوله تعالى (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنَا).
      قال: (نزلت هذه الآية في أهل الذمّة، ثم نسخها قوله عزّ وجل: (قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ )(3)، فمن كان منهم في دار الاسلام فلن يقبل منه إلاّ الجزية أو القتل، ومالهم فيء، وذراريهم سبي، وإذا قبلوا الجزية على أنفسهم حُرّم علينا سبيهم ، وحُرّمت أموالهم، وحلّت لنا مناكحتهم، ومن كان منهم في دار الحرب حلَّ لنا سبيهم وأموالهم ، ولم تحِلّ لنا مناكحتهم، ولم يُقبل من أحدهم إلاّ الدخول في الاسلام، أو الجزية، أو القتل) (4).
      (8) ـ قوله تعالى : {وَالَّذِينَ أمنوا وَعَمِلُوا الصَّالحات أولئك أَصحاب الجَّنّة هُمْ

    ---------------------------
    (1) تفسير القمي، ج 1، ص 50.
    (2) البقرة، الآية: 83.
    (3) التوبة، الآية: 29.
    (4) الكافي، ج 5، ص 11، ح 2.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 14 _

    فِيها خالِدون} (1)
      8 ـ عن الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) نزلت في علي (عليه السلام)، وهو أول مؤمن ، وأول مصلٍّ .
      رواه الفلكي في (إبانة ما في التنزيل) عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس (2).
      (9) ـ قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ ، ثُمَّ أَنتُمْ هَؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } (3)
      9 ـ أن الآية نزلت في أبي ذر وعثمان، في نفي عثمان له الى الربذة (4).
      (10) ـ قوله تعالى: {فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاء اللّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } (5)
      10 ـ عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبداللّه (عليه السلام)، قال: (قال اللّه في كتابه يحكي قول اليهود: (إِنَّ اللّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىَ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ) (6) الآية، وقال : (فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاء اللّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)، وإنما أنزل هذا في قوم يهود ، وكانوا على عهد محمد (صلى الله عليه وآله) لم يقتلوا أنبياء اللّه بأيديهم ، ولا كانوا في زمانهم، وإنما قتل اوائلهم الذين كانوا من قبلهم، فنزّلوا بهم اولئك القَتَلة، فجعلهم اللّه منهم، وأضاف اليهم فعل

    ---------------------------
    (1) البقرة، الآية: 82.
    (2) المناقب، ابن شهر آشوب، ج 2، ص 9.
    (3) البقرة، الآية: 84 ـ 85.
    (4) تفسير القمي، ج 1، ص51.
    (5) البقرة، الآية: 91.
    (6) آل عمران، الآية: 183.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 15 _

      أوائلهم بما تَبِعوهم وتولّوهم)(1).
      (11) ـ قوله تعالى: {قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ * مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ } (2).
      11 ـ قال الإمام العسكري (عليه السلام) ـ في حديث طويل: ـ وكان سبب نزول هاتين الآيتين ما كان من اليهود أعداء اللّه من قول سيء في اللّه تبارك وتعالى وفي جبرئيل وميكائيل وسائر ملائكة اللّه، وما كان من اعداء اللّه النُصّاب من قول أسوء منه في اللّه تبارك وتعالى وفي جبرئيل وميكائيل وسائر ملائكة اللّه (3)...
      (12) قوله تعالى : {وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (4)
      12 ـ عن حريز قال: قال ابو جعفر (عليه السلام): ( أنزل اللّه هذه الآية في التطوع خاصة (فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) وصلى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) إماءً على راحلته أينما توجهت به حين خرج الى خيبر ، وحين رجع من مكّة وجعل الكعبة خلف ظهره ) (5).
      (13) ـ قوله تعالى : {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ } (6)
      13 ـ عن ابن عباس، قال : لما أتى ابراهيم باسماعيل وهاجر فوضعهما بمكة وأتت

    ---------------------------
    (1) تفسير العياشي، ج 1، ص 51، ح72.
    (2) البقرة، الآية: 97 ـ 98.
    (3) التفسير المنسوب الى الإمام العسكري (عليه السلام)، ص 448، ح296 ـ 298.
    (4) البقرة، الآية: 115.
    (5) تفسير العياشي، ج 1، ص 56، ح 80.
    (6) البقرة، الآية: 125.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 16 _

      على ذلك مدة ونزلها الجرهميون، وتزوج اسماعيل امرأة منهم ، وماتت هاجر واستأذن ابراهيم سارة أن يأتي هاجر فأذنت له وشرطت عليه أن لا ينزل ، فقدِم ابراهيم (عليه السلام)، وقد ماتت هاجر، فذهب الى بيت اسماعيل، فقال لامرأته : ( أين صاحبك ؟ ) قالت له : ليس هاهنا، ذهب يتصيد ، وكان اسماعيل يخرج من الحرم يتصيد ويرجع.
      فقال لها ابراهيم: "هل عندك ضيافة ؟" قالت: ليس عندي شيء، وما عندي أحد.
      فقال لها ابراهيم: ( إذا جاء زوجك فأقرئيه السلام وقولي له : فليغير عتبة بابه ) وذهب ابراهيم (عليه السلام)، فجاء اسماعيل (عليه السلام) ووجد ريح أبيه، فقال لامرأته : ( هل جاءك أحد ؟ ) .
      قالت : جاءني شيخ صفته كذا وكذا، كالمستخِفّة بشأنه.
      قال : ( فما قال لك ؟ ) قالت : قال لي : اقرئي زوجك السلام، وقولي له : فليغير عتبة بابه.
      فطلّقها وتزوج أخرى، فلبث ابراهيم ما شاء اللّه أن يلبث ، ثم استأذن سارة أن يزور اسماعيل (عليه السلام) فأذنت له ، واشترطت عليه أن لا ينزل ، فجاء ابراهيم (عليه السلام) حتى انتهى الى باب اسماعيل (عليه السلام)، فقال لامرأته : ( أين صاحبك ).
      قالت : يتصيد ، وهو يجيء الآن ـ إن شاء اللّه ـ فانزل يرحمك اللّه.
      فقال لها : ( هل عندك ضيافة ؟ ) قالت : نعم ، فجاءت باللبن واللحم ، فدعا لها بالبركة ، فلو جاءت يومئذ بخبز أو بُرّ أو شعير أو تمر لكانت أكثر أرض اللّه بُرّاً وشعيراً وتمراً.
      فقالت له : انزل حتى اغسل رأسك، فلم ينزل ، فجاءت بالمقام فوضعته على شِقه الأيمن فوضع قدمه عليه، فبقي أثر قدمه عليه ، فغسلت شِقَّ رأسه الأيمن، ثم حولت المقام الى شِقه الأيسر، فبقي أثر قدمه عليه ، فغسلت شِقَّ رأسه الأيسر.
      فقال لها : ( اذا جاء زوجك فاقرئيه مني السلام، وقولي له : قد استقامت عتبة

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 17 _

      بابك ).
      فلما جاء اسماعيل وجد ريح أبيه، فقال لامرأته : ( هل جاءك أحد ؟ ) قالت : نعم ، شيخ أحسن الناس وجهاً ، وأطيبهم ريحا، وقال لي كذا وكذا، وقلت له : كذا ، وغسلت رأسه ، وهذا موضع قدميه على المقام، فقال لها اسماعيل (عليه السلام) : ( ذاك ابراهيم (عليه السلام) )(1).
      (14) ـ قوله تعالى : {سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } (2)
      14 ـ عن علي بن ابراهيم، بإسناده عن الصادق (عليه السلام) قال : "تحولت القبلة الى الكعبة بعدما صلى النبي (صلى الله عليه وآله) بمكة ثلاث عشرة سنة الى بيت المقدس، وبعد مهاجرته الى المدينة صلى الى بيت المقدس سبعة أشهر ـ قال ـ: ثم وجّهه اللّه الى الكعبة، وذلك أن اليهود كانوا يُعيِّرون رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ويقولون له : أنت تابع لنا ، تصلي الى قبلتنا ، فاغتمّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) من ذلك غماً شديداً ، وخرج في جوف الليل ينظر الى آفاق السماء، ينتظر من اللّه في ذلك أمراً، فلما أصبح وحضر وقت صلاة الظهر، كان في مسجد بني سالم قد صلّى من الظهر ركعتين، فنزل عليه جبرئيل وأخذ بعَضُديه وحولّه الى الكعبة، وأنزل عليه: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) (3) وكان قد صلى ركعتين الى بيت المقدس، وركعتين الى الكعبة، فقالت اليهود والسفهاء: (مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا) (4).
      (15) ـ قوله تعالى {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ

    ---------------------------
    (1) مجمع البيان، الطبرسي، ج 1، ص 383.
    (2) البقرة، الآية: 142.
    (3) البقرة، الآية: 144.
    (4) مجمع البيان، الطبرسي، ج 1، ص 413.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 18 _

    إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}(1)
      15 ـ محمد بن يعقوب : عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد ، قال : حدّثنا أبو عمرو الزبيري، عن أبي عبداللّه (عليه السلام)، قال : ( لما صرف اللّه نبيه ( صلى الله عليه وآله ) الى الكعبة عن بيت المقدس، أنزل اللّه عزّ وجل : ( وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) فسمّى الصلاة ايماناً ) (2).
      (16) ـ قوله تعالى : { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } (3)
     16 ـ علي بن ابراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن حريز ، عن أبي عبداللّه (عليه السلام)، قال : ( نزلت هذه الآية في اليهود والنصارى، يقول اللّه تبارك وتعالى: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ) يعني التوراة والانجيل (يَعْرِفُونَهُ) يعني يعرفون رسول اللّه (كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ) لأن اللّه عزّ وجل قد أنزل عليهم في التوراة والانجيل والزبور صفة محمد (صلى الله عليه وآله) وصفة أصحابه ومهاجرته، وهو قول اللّه تعالى: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ) وهذه صفة محمد رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) في التوراة ( والانجيل ) وصفة أصحابه، فلما بعثه اللّه عزّ وجل عرفه أهل الكتاب، كما قال جلّ جلاله : (فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ)(4) "(5).
      (17) ـ قوله تعالى : {فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } (6)

    ---------------------------
    (1) البقرة، الآية: 143.
    (2) الكافي، ج 2، ص 38، ح 1.
    (3) البقرة، الآية: 146 ـ 147.
    (4) البقرة، الآية: 89.
    (5) تفسير القمي، ج 1، ص 32.
    (6) البقرة، الآية: 148.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 19 _

      17 ـ محمد بن ابراهيم، قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثني أحمد بن يوسف ، قال : حدثنا اسماعيل بن مِهران، عن الحسن بن علي ، عن أبيه ووهيب، عن أبي بصير ، عن أبي عبداللّه (عليه السلام)، في قوله : (فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعًا) قال : ( نزلت في القائم (عليه السلام) وأصحابه يجتمعون على غير ميعاد ) (1) .
      (18) ـ قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } (2)
      18 ـ روى موفق بن أحمد، باسناده عن مجاهد ، عن ابن عباس، قال : قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) : ( ما أنزل اللّه آية فيها (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ) إلا علي رأسها وأميرها ) (3).
      19 ـ وعنه أيضاً، بإسناده عن عكرمة، عن ابن عباس، قال : ما أنزل اللّه تعالى في القرآن آية يقول فيها (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ) إلا كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) شريفها وأميرها (4).
      (19) ـ قوله تعالى : {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ، أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (5)
      20 ـ ابن شهر آشوب، قال : لما نعى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) علياً (عليه السلام) بحال جعفر في أرض مؤتة ، قال : ( إنا للّه وإنا اليه راجعون ) فأنزل اللّه: (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ، أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ ) الآية (6).

    ---------------------------
    (1) الغيبة، النعماني، ص 241، ح 37.
    (2) البقرة، الآية: 153.
    (3) مناقب الخوارزمي، ص 188.
    (4) الصواعق المحرقة، ابن حجر الهيثمي، ص 127، وتأريخ الخلفاء، السيوطي، ص 136.
    (5) البقرة، الآية: 155 ـ 157.
    (6) المناقب، ج 2، ص 120.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 20 _

      (20) ـ قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ } الآية (1)
      21 ـ عن علي بن ابراهيم، عنه أبيه، ومحمد بن اسماعيل، عن الفضل بن شاذان ، جميعاً ، عن ابن أبي عُمير ، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبداللّه (عليه السلام) ـ في حديث حج النبي (صلى الله عليه وآله) ـ : ( أنّه (عليه السلام) بعدما طاف بالبيت وصل ركعتيه ، قال ( صلى الله عليه وآله ) : إن الصفا والمروة من شعائر اللّه، فابدأ بما بدأ اللّه عزّ وجل به ، وإن المسلمين كانوا يظنون أن السعي بين الصفا والمروة شيء صنعه المشركون فأنزل اللّه عزّوجل: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا) (2).
      22 ـ عن بعض أصحابنا، عن أبي عبداللّه (عليه السلام)، قال: سألته عن السعي بين الصفا والمروة ، فريضة هو أو سنّة ؟
      قال : ( فريضة ) .
      قال : قلت : أليس اللّه يقول :( فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ) ؟
      قال : ( كان ذلك في عمرة القضاء، وذلك أن رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله ) كان شرطه عليهم أن يرفعوا الأصنام، فتشاغل رجل من أصحابه حتى أُعيدت الأصنام ، ( فجاءوا الى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فسألوه ، وقيل له : إن فلاناً لم يَطُفْ ، وقد أعيدت الأصنام ).
      ـ قال ـ فانزل اللّه : (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا) أي والاصنام عليهما" (3).
      (21) قوله تعالى : { أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ

    ---------------------------
    (1) البقرة، الآية: 158.
    (2) الكافي، ج 4، ص 245، ح 4.
    (3) تفسير العياشي، ج 1، ص 7، ح 133.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 21 _

    الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ }(1)
      23 ـ محمد بن يعقوب: عن محمد بن اسماعيل، عن الفضل بن شاذان، وأحمد بن ادريس عن محمد بن عبدالجبار، جميعاً، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السلام)، في قول اللّه عزّوجل: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ)(2) قال: "نزلت في خوّات بن جُبير الانصاري، وكان مع النبي (صلى الله عليه وآله) في الخندق وهو صائم، فأمسى وهو على تلك الحال، وكانوا قبل أن تنزل هذه الآية، اذا نام أحدهم حُرّم عليهم الطعام والشراب، فجاء خوّات الى أهله حين أمسوا، فقال: هل عندكم طعام ؟
      فقالوا: لا، لا تنم حتى نُصلح لك طعاماً فاتّكأ فنام، فقالوا له: قد فعلت، قال: نعم.
      فبات على تلك الحال فأصبح، ثم غدا الى الخندق فجعل يُغشَى عليه، فمرّ به رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فلما رأى الذي به أخبره كيف كان أمره، فأنزل اللّه عزّوجل فيه الآية: (وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِن الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) "(2).
      (22) قوله تعالى: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا}(3)
      24 ـ علي بن ابراهيم، قال: نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) لقول رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): "أنا مدينة العلم، وعلي بابها، ولا تأتوا المدينة إلا من بابها" (4).
      (23) قوله تعالى: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}(5)

    ---------------------------
    (1) البقرة، الآية: 187.
    (2) الكافي، ج 4، ص 98،ح 4.
    (3) البقرة، الآية: 189.
    (4) تفسير القمي، ج 1، ص 6.
    (5) البقرة، الآية: 196.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 22 _

      25 ـ محمد بن يعقوب : عن علي، عن أبيه، عن حماد ، عن حريز، عمن أخبره، عن أبي عبداللّه (عليه السلام)، قال : ( مرّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) على كعب بن عُجْرَة والقمل يتناثر من رأسه وهو محرم، فقال له : أتؤذيك هوامُك ؟
      فقال: نعم، فأنزلت هذه الآية: (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) فأمره رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) أن يحلق ، وجعل الصيام ثلاثة أيام، والصدقة على ستة مساكين، لكل مسكين مُدّان ، والنسك شاة"(1)
      (24) قوله تعالى: {فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }(2)
      26 ـ عن موسى بن القاسم، عن صفوان بن يحيى ، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبداللّه جعفربن محمد (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام) قال : ( لما فرغ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) من سعيه بين الصفا والمروة ، أتاه جبرئيل (عليه السلام) عند فراغه من السعي، وهو على المروة، فقال : إن اللّه يأمرك أن تأمر الناس أن يحلّوا إلا من ساق الهدي.
      فأقبل رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) على الناس بوجهه ، فقال: ياأيها الناس، هذا جبرئيل ـ وأشار بيده الى خلفه ـ يأمرني عن اللّه عزّوجل أن آمُرَ الناس أن يُحلّوا إلا من ساق الهدي.
      فأمرهم بما أمر اللّه به ، فقام اليه رجل ، وقال: يارسول اللّه، نخرج الى منىً ورؤوسنا تقطُر من النساء ؟
      وقال آخرون: يأمر بالشيء ويصنع هو غيره ؟!
      فقال : يا أيها الناس، لو استقبلت من أمري ما استدبرت، صنعت كما يصنع الناس، ولكني سُقت الهدي، فلا يَحِلّ لمن ساق الهدي حتى يبلغ الهدي محلّه ، فقصّر الناس وأحلّوا وجعلوها عُمرة .

    ---------------------------
    (1) الكافي، ج 4، ص 358، ح 2.
    (2) البقرة، الآية: 196.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 23 _

      فقال اليه سُراقة بن مالك بن جَعْثم المُدلجي، فقال : يا رسول اللّه، هذا الذي أمرتنا به لعامِنا هذا أم للأبد ؟
      فقال : بل للأبد الى يوم القيامة ـ وشبّك بين أصابعه ـ وأنزل اللّه في ذلك قرآنا : (فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) "(1).
      (25) ـ قوله تعالى : {ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } )(2).
      27 ـ محمد بن يعقوب : عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، ومحمد بن اسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعاً ، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبداللّه (عليه السلام)، قال : ( إن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ـ وذكر (عليه السلام) حج النبي (صلى الله عليه وآله)، الى أن قال ـ : وكانت قريش تفيض من المزدلفة وهي جمع، ويمنعون الناس أن يفيضوا منها ، فأقبل رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)، وقريش ترجو أن تكون إفاضته من حيث كانوا يفيضون، فأنزل اللّه عزّوجل عليه: (ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ ) يعني ابراهيم واسماعيل وإسحاق في إفاضتهم منها، ومن كان بعدهم ) (3)
      (26) قوله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ * وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ } (4)
      28 ـ عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) في قوله: (فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا).
      قال : ( كان الرجل في الجاهلية يقول : كان أبي، وكان أبي، فأنزلت هذه الآية في

    ---------------------------
    (1) التهذيب، ج 5، ص 25، ح 74.
    (2) البقرة، الآية: 199.
    (3) الكافي، ج 4، ص 247، ح 4.
    (4) البقرة، الآية: 200 ـ 202.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 24 _

      ذلك ) (1).
      (27) قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ } (2)
      29 ـ قال ابن عباس: نزلت الآيات الثلاث في المُرائي، لأنه يظهر خلاف ما يبطن، وهو المروي عن الصادق (عليه السلام) (3).
      (28) قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشري نَفْسَه ابْتغَاء مَرضات اللّه واللّه رَؤوف بالعِبَاد} (4)
      30 ـ عن أبي المفضل، قال : حدثنا الحسن بن علي بن زكريا العاصي، قال: حدثنا أحمد بن عبيداللّه الغُداني، قال : حدثنا الربيع بن سيّار، قال : حدثنا الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، يرفعه الى أبي ذر (رضي الله عنه) : أن علياً (عليه السلام) وعثمان وطلحة والزبير وعبدالرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص، أمرهم عمر بن الخطاب أن يدخلوا بيتاً ويُغلق عليهم بابه، ويتشاوروا في أمرهم، وأجلّهم ثلاثة أيام، فإن توافق خمسة على قول واحد وأبى رجل منهم، قُتل ذلك الرجل، وإن توافق أربعة وأبى اثنان، قُتل الاثنان.
      فلما توافقوا جميعاً على رأي واحد ، قال لهم علي بن أبي طالب (عليه السلام): ( إني أحب أن تسمعوا مني ما أقول لكم ، فإن يكن حقاً فاقبلوه ، وإن يكن باطلاً فانكروه ) قالوا : قل.
      فذكر فضائله (عليه السلام) ويقولون بالموافقة ، وذكر علي (عليه السلام) في ذلك : ( فهل فيكم أحد نزلت فيه هذه الآية: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ ) لما وقيتُ رسول

    ---------------------------
    (1) تفسير العياشي، ج 1، ص 98، ح 270.
    (2) البقرة، الآية: 204 ـ 205.
    (3) مجمع البيان، الطبرسي، ج 2، ص 534.
    (4) البقرة، الآية: 207.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 25 _

      اللّه (صلى الله عليه وآله) ليلة الفراش غيري ) قالوا : لا (1).
      31 ـ عن جابر ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : ( وأما قوله (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ) فإنها نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام) حين بذل نفسه للّه ولرسوله، ليلة اضطجع على فراش رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) لما طلبته كفار قريش ) (2).
      32 ـ عن حكيم بن جبير، عن علي بن الحسين (عليه السلام)، قال : ( إن أول من شرى نفسه ابتغاء رضوان اللّه علي بن أبي طالب (عليه السلام) )(3).
      (29) ـ قوله تعالى : {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ } (4)
      33 ـ لما هاجر رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) الى المدينة، بعث السرايا الى الطرقات التي تدخل مكة، تتعرض لعِير قريش ، حتى بعث عبداللّه بن جحش في نفر من أصحابه الى نخلة ـ وهي بستان بني عامر ـ ليأخذوا عِير قريش [حين] أقبلت من الطائف عليها الزبيب والأدم والطعام، فوافوها وقد نزلت العِير، وفيها عمرو بن عبداللّه الحضرمي، وكان حليفاً لعتبة بن ربيعة.
      فلما نظر الحضرمي الى عبداللّه بن جحش وأصحابه، فزعوا وتهيئوا للحرب، وقالوا : هؤلاء أصحاب محمد، وأمر عبداللّه بن جحش أصحابه أن ينزلوا ويحلقوا رؤوسهم ، فنزلوا وحلقوا رؤوسهم.
      فقال ابن الحضرمي : هؤلاء قوم عبّاد ليس علينا منهم ( بأس )، فلما اطمأنوا ووضعوا السلاح، حمل عليهم عبداللّه بن جحش ، فقتل ابن الحضرمي، وقتل أصحابه، وأخذوا العِير، بما فيها ، وساقوها الى المدينة وكان ذلك في أول يوم من

    ---------------------------
    (1) الأمالي، الشيخ الطوسي، ج 2، ص 159 و 165 .
    (2) تفسير العياشي، ج 1، ص 101، ح 292.
    (3) المناقب، الخوارزمي، ص 74.
    (4) البقرة، الآية: 217.