الفهرس العام

    سورة المزمل
    سورة المدثر
    سورة القيامة
    سورة الدهر
    سورة النبأ
    سورة عبس
    سورة المطففين
    سورة الأعلى
    سورة الفجر
    سورة الليل
    سورة الضحى
    سورة الانشراح
    سورة القدر
    سورة البيّنة
    سورة العاديات
    سورة القارعة
    سورة قريش
    سورة الكوثر
    سورة النصر
    سورة اللهب
    سورة الاخلاص

      قلت : (حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا) (1) : ( يعني بذلك القائم (عليه السلام) وأنصاره )(2).


      (341) ـ قوله تعالى : {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} (3).
      400 ـ وفي رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى : (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ) : ( ففعل النبي (صلى الله عليه وآله) ذلك ، وبشّر الناس به ، فاشتد ذلك عليهم ).
      وقوله : (عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ) وكان الرجل يقوم ولا يدري متى ينتصف الليل ، ومتى يكون الثلثان ، وكان الرجل يقوم حتى يصبح مخافة أن لا يحفظه ، فأنزل الله: (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ) الى قوله : (عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ) يقول : متى يكون النصف، والثلث، نسخت هذه الآية: (فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) واعلموا أنه لم يأت نبي قط الا خلا بصلاة الليل، ولا جاء نبي قط بصلاة الليل في أول الليل.
      قوله: (فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا ) (4) يقول : كيف أن كفرتم

    ---------------------------
    (1) الجن، الآية: 24.
    (2) الكافي، ج 1، ص 359، ح 91.
    (3) المزمل، الآية: 20.
    (4) المزمل، الآية: 17.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 226 _

      تتقون ذلك اليوم الذي يجعل الولدان شيباً ؟ (1).


      (342) ـ قوله تعالى : {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَّمْدُودًا * وَبَنِينَ شُهُودًا* وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ* كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا * سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} (2).
      401 ـ انها نزلت في الوليد بن المغيرة، وكان شيخاً كبيراً مجرباً من دهاة العرب، وكان من المستهزئين برسول الله (صلى الله عليه وآله)، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقعد في الحجرة ويقرأ القران، فاجتمعت قريش الى الوليد بن المغيرة، فقالوا : يا أبا عبد شمس ، ما هذا الذي يقول محمد ، أشعر هو أم كهانة أم خطب ؟
      فقال : دعوني أسمع كلامه.
      فدنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال : يامحمد ، أنشدني من شعرك.
      قال : ( ماهو شعر ، ولكن كلام الله الذي ارتضاه لملائكته وأنبيائه ورسله ) .
      فقال : اتل علي منه شيئاً ، فقرأ عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) حم السجدة، فلما بلغ قوله (فَإِنْ أَعْرَضُوا) يامحمد ، يعني قريشاً (فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ )(3) فاقشعر الوليد ، وقامت كل شعرة على رأسه ولحيته، ومر الى بيته ، ولم يرجع الى قريش من ذلك

    ---------------------------
    (1) تفسير القمي، ج 2، ص 392.
    (2) المدثر، الآية: 11 - 17.
    (3) فصلت، الآية: 13.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 227 _

      فمشوا الى أبي جهل ، فقالوا : يا أبا الحكم، ان أبا عبد شمس صبا الى دين محمد، أما تراه لم يرجع الينا ؟
      فغدا أبو جهل الى الوليد، فقال (له): ياعم ، نكست رؤوسنا وفضحتنا ، وأشمتّ بنا عدوّنا ، وصبوت الى دين محمد! فقال: ماصبوت الى دينه ، ولكني سمعت (منه) كلاماً صعباً تقشعر منه الجلود.
      فقال له ابو جهل : أخطب هو ؟
      قال : لا ، ان الخطب كلام متصل ، وهذا الكلام منثور ، ولا يشبه بعضه بعضاً ، قال : فشعر هو ؟
      قال : لا ، أما اني قد سمعت أشعار العرب بسيطها ومديدها ورملها ورجزها وما هو بشعر ، قال : فما هو ؟
      قال : دعني أفكر فيه.
      فلما كان من الغد قالوا له : يا أبا عبد شمس ، ماتقول فيما قلنا ؟
      قال : قولوا هو سحر ، فانه اخذ بقلوب الناس.
      فأنزل الله عز وجل على رسوله في ذلك : (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا) وانما سمي وحيداً لانه قال لقريش : اني أتوحد بكسوة الكعبة سنة، وعليكم بجماعتكم سنة.
      وكان له مال كثير وحدائق ، وكان له عشر بنين بمكة ، وكان له عشرة عبيد، عند كل عبد ألف دينار يتجر بها ، وملك القنطار في ذلك الزمان ، ويقال : ان القنطار جلد ثور مملوء ذهباً ، فأنزل الله عزو وجل (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا) الى قوله تعالى: (صَعُودًا)(1).

    ---------------------------
    (1) تفسير القمي، ج 2، ص 393.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 228 _


      (343) ـ قوله تعالى : {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى * وَلَكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى * ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى * أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى } (1).
      402 ـ انه كان سبب نزولها أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) دعا الى بيعة علي (عليه السلام) يوم غدير خم ، فلما بلغ الناس وأخبرهم في علي (عليه السلام) ما أراد الله أن يخبرهم به ، رجع الناس ، فاتكأ معاوية على المغيرة بن شعبة وأبي موسى الاشعري، ثم أقبل يتمطى نحو أهله ، ويقول : والله لانقر لعلي بالولاية أبداً، ولا نصدق محمداً مقالته فيه ، فأنزل الله جل ذكره (فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى * وَلَكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى * ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى * أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى) العبد الفاسق، فصعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) المنبر وهو يريد البراءة منه ، فأنزل الله عز وجل (لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) (2) فسكت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم يسمه .
      403 ـ قال الباقر (عليه السلام) : ( قام ابن هند وتمطى [وخرج] مغضباً ، واضعاً يمينه على عبد الله بن قيس الاشعري، ويساره على المغيرة بن شعبة ، وهو يقول : والله لا نصدق محمداً على مقالته ، ولانقر علياً بولايته ، فنزل : (فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى) الآيات، فهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يرده فيقتله ، فقال له جبرئيل (عليه السلام) : (لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ )(3) فسكت عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) )(4).

    ---------------------------
    (1) القيامة، الآية: 31 - 34.
    (2) القيامة، الآية: 16.
    (3) القيامة، الآية: 16.
    (4) تفسير القمي، ج 2، ص 397.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 229 _


      (344) ـ قوله تعالى : {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا * وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا * مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا * وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا * وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا * قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا* وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا * عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا * وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا * وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا * عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا * إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاء وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا} (1).
      404 ـ حدثني أبي، عن عبد الله بن ميمون القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال : ( كان عند فاطمة (عليها السلام) شعير ، فجعلوه عصيدة، فلما أنضجوها ووضعوها بين أيديهم جاء مسكين، فقال المسكين: رحمكم الله، أطعمونا مما رزقكم الله، فقام علي (عليه السلام) وأعطاه ثلثها ، فلم يلبث أن جاء يتيم ، فقال اليتيم : رحمكم الله، أطعمونا مما رزقكم الله، فقام علي (عليه السلام) وأعطاه الثلث الثاني، ثم جاء أسير، فقال الاسير : رحمكم الله، أطعمونا مما رزقكم الله، فقام علي (عليه السلام) وأعطاه الثلث الباقي، وما ذاقوها ، فأنزل الله [فيهم] هذه الآية (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) الى قوله تعالى (وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا )(2) في أمير المؤمنون (عليه السلام)، وهي جارية في كل مؤمن فعل مثل ذلك لله عز وجل بنشاط فيه )(3).

    ---------------------------
    (1) الدهر، الآية: 8 - 22.
    (2) الدهر، الآية: 8-22.
    (3) تفسير القمي، ج 2، ص 398.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 230 _


      (345) ـ قوله تعالى : {عَمَّ يَتَسَاءلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ * الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ * كَلَّا سَيَعْلَمُونَ }(1).
      405 ـ مارواه الحافظ محمد بن مؤمن الشيرازي في كتابه المستخرج من تفاسير الاثني عشر ، في تفسير قوله تعالى : (عَمَّ يَتَسَاءلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ * الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ) يرفعه الى السدي ، قال : أقبل صخر بن حرب حتى جلس الى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال : يامحمد ، هذا الامر من بعدك لنا أم لمن ؟
      قال : ( ياصخر ، الامرة من بعدي لمن هو مني بمنزلة هارون من موسى ).
      فأنزل الله: (عَمَّ يَتَسَاءلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ ) منهم المصدق بولايته وخلافته، ومنهم المكذب بها ، ثم قال : (كَلَّا) وهو ردّ عليهم (سَيَعْلَمُونَ) سيعرفون خلافته اذ يسألون عنها في قبورهم ، فلا يبقى يومئذ أحد في شرق الارض ولا غربها ، ولا في بر ولا بحر ، الا ومنكر ونكير يسألانه عن ولاية أمير المؤمنين وخلافته بعد الموت ، يقولان للميت : من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ ومن امامك ؟ (2).

    ---------------------------
    (1) النبأ، الآية: 1 - 4.
    (2) اليقين، ص 151.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 231 _


      (346) ـ قوله تعالى : {عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَن جَاءهُ الْأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى* فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى * وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى * وَأَمَّا مَن جَاءكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى * فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى } (1).
      406 ـ نزلت في عثمان وابن أم مكتوم ، وكان ابن أم مكتوم مؤذناً لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، وكان أعمى، فجاء الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعنده أصحابه، وعثمان عنده ، فقدّمه رسول الله (صلى الله عليه وآله) على عثمان ، فعبس عثمان وجهه وتولّى عنه ، فأنزل الله: (عَبَسَ وَتَوَلَّى ) [يعني عثمان] (أَن جَاءهُ الْأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى) أي يكون طاهراً زكيّاً (أَوْ يَذَّكَّرُ) قال: يذكره رسول الله (صلى الله عليه وآله) (فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى).
      ثم خاطب عثمان، فقال : (أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى* فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى)، قال: أنت إذا جاءك غني تتصدى له وترفعه: (وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى ) أي لا تبالي زكياً كان أو غير زكي، إذا كان غنياً (وَأَمَّا مَن جَاءكَ يَسْعَى) يعني ابن أم مكتوم (وَهُوَ يَخْشَى * فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى ) أي تلهو ولا تلتفت اليه.
      407 ـ روي عن الصادق (عليه السلام) : أنها نزلت في رجل من بني أمية، كان عند النبي (عليه السلام) فجاء ابن أم مكتوم ، فلما راه تقذر منه وعبس وجهه وجمع نفسه ، وأعرض بوجهه عنه، فحكى الله سبحانه ذلك عنه وأنكره عليه )(2).

    ---------------------------
    (1) عبس، الآية: 1 - 10.
    (2) مجمع البيان، الطبرسي، ج 10، ص 664.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 232 _


      (347) قوله تعالى : {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ} (1)
      408 ـ وفي رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال : ( نزلت على نبي الله حين قدم المدينة، وهم يومئذ أسوأ الناس كيلا ، فأحسنوا الكيل، وأما الويل فبلغنا ـ والله أعلم ـ انه بئر في جهنم )(2).
      (348) ـ قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاء لَضَالُّونَ * وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ * فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ } (3).
      409 ـ محمد بن العباس : عن أحمد بن محمد ، عن أحمد بن الحسن، عن أبيه ، عن حصين بن مخارق ، عن يعقوب بن شعيب ، عن عمران بن ميثم ، عن عباية بن ربعي ، عن علي (عليه السلام) ، أنه كان ـ يمر بالنفر من قريش فيقولون : انظروا الى هذا الذي اصطفاه محمد ، واختاره من بين أهله! ويتغامزون ، فنزلت هذه الآيات (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ )، الى آخر السورة (4).
      410 ـ حدثنا محمد بن محمد الواسطي، باسناده الى مجاهد ، [في] قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ)، قال : ان نفراً من قريش كانوا يقعدون بفناء الكعبة ، فيتغامزون بأصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويسخرون منهم ، فمرو بهم يوماً علي (عليه السلام) في نفر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فضحكوا منهم وتغامزوا عليهم،

    ---------------------------
    (1) المطففين، الآية: 1.
    (2) تفسير القمي، ج 2، ص 410.
    (3) المطففين، الآية: 29 - 36.
    (4) تأويل الآيات، ج 2، ص 780، ح 13.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 233 _

      وقالوا : هذا أخو محمد ، فأنزل الله عز وجل : (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ )، فاذا كان يوم القيامة أدخل علي (عليه السلام) من كان معه الجنة، فأشرفوا على هؤلاء الكفار، ونظروا اليهم، فسخروا وضحكوا عليهم، وذلك قوله تعالى : (فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ) (1).


      (349) ـ قوله تعالى : {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} (2).
      411 ـ عن تفسير القطان، قال ابن مسعود : قال علي (عليه السلام): ( يا رسول الله، ما أقول في الركوع ؟ ) فنزل : (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) (3)، قال : ( ما أقول في السجود ؟ ).
      فنزل (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) (4).

    ---------------------------
    (1) تأويل الآيات، ج 2، ص 781، ح 15.
    (2) الاعلى، الآية: 1.
    (3) الواقعة، الآية: 74.
    (4) المناقب، ابن شهر اشوب، ج 2، ص 15.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 234 _


      (350) ـ قوله تعالى : {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي }(1).
      412 ـ محمد بن العباس، قال : حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن يعقوب ، عن عبد الرحمن بن سالم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عز وجل: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي)، قال : ( نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام) )(2).


      (351) ـ قوله تعالى : {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى * فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى *وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى * وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى} (3).
      413 ـ عبد الله بن جعفر الحميري : عن أحمد بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) ، قال : سمعته يقول في تفسير (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى)، قال : ( ان رجلا [من الانصار] كان لرجل في حائطه نخلة ، وكان يضر به ، فشكا ذلك الى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فدعاه ، فقال : أعطني نخلتك بنخلة في الجنة ، فأبى ، فسمع ذلك رجل من الانصار يكنى أبا الدحداج، فجاء الى صاحب النخلة، فقال :

    ---------------------------
    (1) الفجر، الآية: 27 - 30.
    (2) تأويل الآيات، ج 2، ص 795، ح 6.
    (3) الليل، الآية: 1 ـ 11.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 235 _

      بعني نخلتك بحائطي ، فباعه ، فجاء الى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال : يا رسول الله قد اشتريت نخلة فلان بحائطي ، قال : فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): فلك بدلها نخلة في الجنة، فأنزل الله تعالى على نبيه (صلوات الله عليه): (وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى * فَأَمَّا مَن أَعْطَى) يعني النخلة (وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى )، هو ماعند رسول الله (صلى الله عليه وآله) (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى) الى قوله : (تَرَدَّى) )(1).
      414 ـ عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن ضريس الكناسي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال : ( مر رسول الله (صلى الله عليه وآله) برجل يغرس غرساً في حائط له ، فوقف عليه ، فقال : ألا أدلك على غرس أثبت أصلا ، واسرع ايناعاً ، وأطيب ثمراً وأبقى ؟
      قال : بلى ، فدلني يا رسول الله، فقال : إذا أصبحت وأمسيت فقل: سبحان الله، والحمد لله ، ولا اله الا الله، والله أكبر.
      فان لك ان قلته بكل كلمة تسبيح عشر شجرات في الجنة من أنواع الفاكهة، وهنّ [من] الباقيات الصالحات.
      قال : فقال الرجل: اني أشهدك ـ يا رسول الله ـ أن حائطي هذا صدقة مقبوضة على فقراء المسلمين أهل الصدقة، فأنزل الله عز وجل ايات من القران: (فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى) (2).

    ---------------------------
    (1) قرب الاسناد، ص 156.
    (2) الكافي، الكليني، ج 2، ص 367،ح 4.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 236 _


      (352) ـ قوله تعالى :( وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى * وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى )(1).
      415 ـ وفي رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله: (ماودعك ربك وما قلى) : ( وذلك أن جبرئيل أبطأ على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وانه كانت أول سورة نزلت (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) (2) ثم أبطأ عليه، فقالت خديجة : لعل ربك قد تركك ، فلا يرسل اليك.
      فأنزل الله تبارك وتعالى : (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ) )(3).
      416 ـ محمد بن العباس : عن أبي داود ، عن بكار ، عن عبد الرحمن ، عن اسماعيل بن عبيد الله، عن علي بن عبد الله بن العباس ، قال : عرض على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما هو مفتوح على أمته من بعده كفراً كفراً ، فسر بذلك ، فأنزل الله عز وجل (وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ) ، قال : فأعطاه الله عز وجل ألف قصر في الجنة، ترابه المسك ، وفي كل قصر ما ينبغي له من الازواج والخدم ، وقوله : كفراً كفراً ، أي قرية قرية ، والقرية تسمى كفراً (4).

    ---------------------------
    (1) الضحى، الآية: 1 - 5.
    (2) العلق، الآية: 1.
    (3) تفسير القمي، ج 2، ص 428.
    (4) تأويل الآيات، ج 2، ص 810، ح 1.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 237 _


      (353) ـ قوله تعالى : {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ} (1).
      417 ـ حدثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن محمد بن علي، عن أبي جميلة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال : ( قوله تعالى : (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ) كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) حاجّاً، فنزلت (فَإِذَا فَرَغْتَ ) من حجتك ، (فَانصَبْ) علياً للناس )(2).


      (354) ـ قوله تعالى : {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} (3).
      418 ـ عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسن، عن محمد بن الوليد، ومحمد بن أحمد، عن يونس بن يعقوب ، عن علي بن عيسى القماط ، عن عمه ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال : ( أري رسول الله (صلى الله عليه وآله) [في منامه] بني أمية يصعدون على منبره من بعده ويضلون الناس عن الصراط القهقري ، [فأصبح كئيباً] حزيناً ، قال ، فهبط عليه جبرئيل (عليه السلام)، فقال : يا رسول الله، مالي أراك كئيباً حزيناً ؟
      قال : ياجبرئيل ، اني رأيت بني أمية في ليلتي هذه يصعدون منبري من بعدي ، ويضلون الناس عن الصراط القهقري ! فقال : والذي بعثك بالحق نبياً ، انني مااطلعت عليه ، فعرج الى السماء ، فلم يلبث أن نزل عليه بآي من القران يؤنسه بها (قال) :

    ---------------------------
    (1) الانشراح، الآية: 7.
    (2) تأويل الآيات، ج 2، ص 812، ح 4.
    (3) القدر، الآية: 1 - 3.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 238 _

      (أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ* مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ) (1)، وأنزل عليه (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ) جعل الله عز وجل ليلة القدر لنبيه (صلى الله عليه وآله) خيراً من ألف شهر ملك بني أمية )(2).


      (355) ـ قوله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} (3).
      419 ـ عن جعفر بن محمد الحسني، ومحمد بن أحمد الكاتب، قال : حدثنا محمد بن علي بن خلف ، عن أحمد بن عبد الله، عن معاوية ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، عن أبيه ، عن جده أبي رافع : أن علياً (عليه السلام) قال لاهل الشورى : ( أنشدكم بالله ، هل تعلمون يوم أتيتكم وأنتم جلوس مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال : هذا أخي قد أتاكم ، ثم التفت الى الكعبة، قال : ورب الكعبة المبنية ، ان هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة ، ثم أقبل عليكم وقال : أما اني أولكم ايماناً، وأقومكم بأمر الله، وأوفاكم بعهد الله، وأقضاكم بحكم الله، وأعدلكم في الرعية، وأقسمكم بالسوية ، وأعظم عند الله مزية ، فأنزل الله سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) فكبّر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكبرتم ، وهنأتموني بأجمعكم ، فهل تعلمون أن ذلك كذلك ؟ ) قال : اللهم نعم (4).

    ---------------------------
    (1) الشعراء، الآية: 205 - 207.
    (2) الكافي، الكليني، ج 4، ص 159، ح 10.
    (3) البينة، الآية: 7.
    (4) تأويل الآيات، ج 2، ص 833، ح 6.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 239 _

      420 ـ أبو نعيم الاصفهاني في (ما نزل من القران في علي (عليه السلام): بالاسناد ، عن شريك بن عبد الله، عن أبي اسحاق، عن الحارث ، قال علي (عليه السلام): ( نحن أهل بيت لانقاس بالناس ).
      فقام رجل فأتى ابن عباس ، فأخبره بذلك ، فقال : صدق علي ، النبي لا يقاس بالناس ؟
      وقد نزل في علي (عليه السلام): (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) (1).


      (356) ـ قوله تعالى : {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا * فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا * فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا {العاديات/4} فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا * إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ * وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ * وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ * أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ * إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ }(2).
      421 ـ باسناده عن ابراهيم بن اسحاق الاحمدي ، قال : حدثنا محمد بن ثابت وأبو المغرا العجلي، قالا : حدثنا الحلبي، قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل : (وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا)، قال : ( وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) عمر بن الخطاب في سرية ، فرجع منهزماً يجبن أصحابه ويجبنه أصحابه، فلما انتهى الى النبي (صلى الله عليه وآله) قال لعلي : أنت صاحب القوم ، فتهيأ أنت ومن تريد من فرسان المهاجرين والانصار ، فوجهه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وقال له : اكمن بالنهار ، وسر بالليل ، ولا تفارقك العين ، قال : فانتهى

    ---------------------------
    (1) المناقب، ابن شهر اشوب، ج 3، ص 68.
    (2) العاديات، الآية: 1 - 11.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 240 _

      علي (عليه السلام) الى ما أمره (به) رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فسار اليهم فلما كان عند وجه الصبح أغار عليهم ، فأنزل الله على نبيه (صلى الله عليه وآله) (وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا) الى آخرها )(1).


      (357) ـ قوله تعالى : {فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ* وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ }(2).
      422 ـ محمد بن العباس، قال : حدثنا الحسن بن علي بن زكريا بن عاصم الميني، عن الهيثم بن عبد الرحمن، قال : حدثنا أبو الحسن علي بن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده (صلوات الله عليهم)، في قول الله عز وجل : (فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ)، قال : ( نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام) ) (وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ )، قال : ( نزلت في ثلاثة ) يعني الثلاثة (3).

    ---------------------------
    (1) الامالي، الشيخ الطوسي، ج 2، ص 21.
    (2) القارعة، الآية: 6 - 9.
    (3) تأويل الآيات، ج 2، ص 849، ح 1.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 241 _


      (358) ـ قوله تعالى : {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ *فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ}(1)
      423 ـ نزلت في قريش ، لانه كان معاشهم من الرحلتين: رحلة في الشتاء الى اليمن، ورحلة في الصيف الى الشام، وكانوا يحملون من مكة الادم واللب ، وما يقع من ناحية البحر من الفلفل وغيره ، فيشترون بالشام الثياب والدرمك والحبوب ، وكانوا يتالفون فى طريقهم ويثبتون في الخروج في كل خرجة رئيساً من رؤساء قريش ، وكان معاشهم من ذلك ، فلما بعث الله رسوله (صلى الله عليه وآله) استغنوا عن ذلك ، لان الناس وفدوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحجوا الى البيت ، فقال الله: (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ ) فلا يحتاجون أن يذهبوا الى الشام (وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ) يعني خوف الطريق (2).


      (359) قوله تعالى : {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} (3).
      424 ـ في معنى السورة : قوله : (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ)، قال : الكوثر: نهر في الجنة

    ---------------------------
    (1) قريش، الآية: 1 ـ 4.
    (2) تفسير القمي، ج 2، ص 444.
    (3) الكوثر، الآية: 1 - 3.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 242 _

      أعطاه الله رسول الله (صلى الله عليه وآله) عوضاً عن ابنه ابراهيم.
      قال : دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) المسجد وفيه عمرو بن العاص والحكم بن أبي العاص.
      فقال عمرو : يا أبا الابتر ، وكان الرجل في الجاهلية إذا لم يكن له ولد سمي أبتر، ثم قال عمرو : اني لاشنأ محمداً ، أي أبغضه.
      فأنزل الله على رسوله (صلى الله عليه وآله): (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) أي مبغضك عمرو بن العاص: (هُوَ الْأَبْتَرُ) يعني لا دين له ولانسب (1).


      (360) ـ قوله تعالى : {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} (2)
      425 ـ عن ابن عباس والسدي : لما نزل قوله تعالى : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ) (3).
      قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ( ليتني أعلم متى يكون ذلك ).
      فنزلت سورة النصر، فكان يسكت بين التكبير والقراءة بعد نزولها ، فيقول : ( سبحان الله وبحمده ، أستغفر الله وأتوب اليه ).
      فقيل له في ذلك ؟
      فقال : ( أما ان نفسي نعيت الي).
      ثم بكى بكاءً شديداً ، فقيل : يا رسول الله، أو تبكي من الموت وقد غفر الله لك ماتقدم من ذنبك وما تأخر ؟

    ---------------------------
    (1) تفسير القمي، ج 2، ص 445.
    (2) النصر، الآية: 1.
    (3) الزمر، الآية: 30.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 243 _

      قال : ( فأين هول المطلع ، وأين ضيق القبر وظلمة اللحد ، وأين القيامة والاهوال ؟ ).
      فعاش بعد نزول هذه السورة عاماً (1).


      (361) ـ قوله تعالى : {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}(2).
      426 ـ وفي رواية البراء بن عازب وابن عباس : انه بدرهم أبو لهب ، فقال : هذا ما سحركم به الرجل.
      ثم قال لهم النبي (صلى الله عليه وآله) : ( اني بعثت الى الاسود والابيض والاحمر ، ان الله أمرني أن أنذر عشيرتي الاقربين ، واني لا أملك لكم من الله شيئاً الا أن تقولوا : لا اله الا الله ).
      فقال أبو لهب : ألهذا دعوتنا! ثم تفرقوا عنه ، فنزلت (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ)، ثم دعاهم دعوة اخرى ، وأطعمهم وسقاهم ، ثم قال لهم : ( يابني عبد المطلب، أطيعوني تكونوا ملوك الارض وحكامها ، ومابعث الله نبياً الا جعل له وصياً ، أخاً ووزيراً ، فأيكم يكون أخي، ووزيري ، ووصيي ، ووارثي ، وقاضي ديني ؟ )(3).

    ---------------------------
    (1) المناقب، ابن شهر اشوب، ج 1، ص 234.
    (2) اللهب، الآية: 1.
    (3) المناقب، ابن شهر اشوب، ج 2، ص 24.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 244 _


      (362) قوله تعالى : {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (1).
      427 ـ محمد بن يعقوب : عن أحمد ابن ادريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال : ( ان اليهود سألوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالوا : انسب لنا ربك ؟
      فلبث ثلاثاً لا يجيبهم ، ثم نزلت (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) الى آخرها )(2).

    ---------------------------
    (1) الاخلاص، الآية: 1 - 4.
    (2) الكافي، ج 1، ص 71، ح 1.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 245 _

    ثبت المصادر
      1 ـ الاحتجاج، أبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي، من أعلام القرن السادس الهجري.
      2 ـ الاختصاص، أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان الحارثي (الشيخ المفيد)، المتوفي سنة 413 هـ.
      3 ـ أسباب النزول، أبي الحسن بن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري، المتوفي سنة 468 هـ.
      4 ـ أسد الغابة في معرفة الصحابة، عز الدين أبي الحسن علي بن محمد بن محمد الشيباني، المعروف بابن الاثير، المتوفي سنة 630 هـ.
      5 ـ الامالي، أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان الحارثي (الشيخ المفيد)، المتوفي سنة 413 هـ.
      6 ـ أمالي الصدوق، الشيخ الصدوق أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، المتوفي سنة 381 هـ.
      7 ـ أمالي الطوسي، أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي، المتوفي سنة 460هـ.
      8 ـ بصائر الدرجات الكبرى في فضائل ال محمد (عليهم السلام)، أبي جعفر محمد بن الحسن بن فروخ الصفار، المتوفي سنة 290 هـ.
    9 ـ تاريخ الخلفاء، جلال الدين السيوطي، المتوفي سنة 911 هـ.

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 246 _

      10 ـ تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة، السيد شرف الدين علي الحسيني النجفي، من أعلام القرن العاشر الهجري.
      11 ـ تحفة الابرار في مناقب الائمة الاطهار، حسين بن مساعد الحائري.
      12 ـ تفسير الحبري، أبي عبد الله الحسين بن الحكم الحبري، المتوفي سنة 286هـ.
      13 ـ تفسير العياشي، أبي النضر محمد بن مسعود بن عياش السلمي السمرقندي، المعروف بالعياشي، من أعلام القرن الرابع الهجري.
      14 ـ تفسير القمي، أبي الحسن علي بن ابراهيم القمي، من أعلام القرنين الثالث والرابع الهجريين.
      15 ـ التفسير المنسوب الى الامام أبي محمد الحسن بن علي العسكري (عليه السلام).
      16 ـ تهذيب الاحكام، أبي جعفر محمد بن الحسين الطوسي، المتوفي سنة 460هـ.
      17 ـ ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى، محب الدين أحمد بن عبد الله الطبري، المتوفي سنة 694 هـ.
      18 ـ ربيع الابرار ونصوص الاخبار، محمود بن عمر الزمخشري، المتوفي سنة 538هـ.
      19 ـ الرياض النضرة في مناقب العشرة، أبي جعفر أحمد الطبري، المتوفي سنة 694 هـ.
      20 ـ شرف النبي (صلى الله عليه وآله)، أبي سعيد الخركوشي، المتوفي سنة 406هـ.
      21 ـ شواهد التنزيل لقواعد التفضيل في الآيات النازلة في أهل البيت، عبيد الله بن عبد الله بن أحمد المعروف بالحاكم الحسكاني، من أعلام القرن الخامس الهجري.
      22 ـ الصواعق المحرقة في الرد على أهل البدع والزندقة، أحمد بن حجر الهيثمي المكي، المتوفي سنة 974 هـ.
      23 ـ الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف، السيد رضي الدين أبي القاسم علي بن

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 247 _

      موسى بن طاوس الحسني الحسيني، المتوفي سنة 664هـ.
      24 ـ عمدة عيون صحاح الاخبار في مناقب امام الابرار، يحيى بن الحسن البطريق الاسدي الحلي، المتوفي سنة 600 هـ.
      25 ـ عيون أخبار الرضا (عليه السلام)، أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (الشيخ الصدوق)، المتوفي سنة 381 هـ.
      26 ـ الغيبة، أبي زينب محمد بن ابراهيم النعماني، من أعلام القرن الرابع الهجري.
      27 ـ فرائد السمطين في فضائل المرتضى والبتول والائمة من ذريتهم، ابراهيم بن محمد الجويني الخراساني المتوفي سنة 730 هـ.
      28 ـ قرب الاسناد، أبي العباس عبد الله بن جعفر الحميري القمي، من أعلام القرن الثالث الهجري.
      29 ـ الكافي، أبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني الرازي، المتوفي سنة 328 أو 329 هـ.
      30 ـ كفاية الاثر في النص على الائمة الاثني عشر، أبي القاسم علي بن محمد الخزاز القمي الرازي، من أعلام القرن الرابع الهجري.
      31 ـ كمال الدين وتمام النعمة، أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (الشيخ الصدوق)، سنة 381 هـ.
      32 ـ مجمع البيان في تفسير القران، أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي، المتوفي سنة 458 هـ.
      33 ـ مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي، المتوفي سنة 807 هـ.
      34 ـ المحاسن، أبي جعفر أحمد بن محمد بن خالد البرقي، المتوفي سنة 274 هـ، أو 280 هـ.
      35 ـ مختصر بصائر الدرجات، الحسن بن سليمان الحلي، من أعلام القرن التاسع

    أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 248 _

      الهجري.
      36 ـ مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل، حسين النوري، المتوفي سنة 1320 هـ.
      37 ـ معاني الاخبار، أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (الشيخ الصدوق)، المتوفي سنة 381 هـ.
      38 ـ المناقب، أبي المؤيد الموفق بن أحمد بن محمد البكري المكي الحنفي المعروف (بأخطب خوارزم)، المتوفي سنة 568 هـ.
      39 ـ مناقب آل أبي طالب ، أبي جعفر رشيد الدين بن علي بن شهر آشوب المازندراني، المتوفي سنة 588 هـ.
      40 ـ مناقب الامام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، أبي الحسن علي بن محمد الشافعي الشهير بابن المغازلي، المتوفي سنة 483 هـ.
      41 ـ نهج البيان عن كشف معاني القران، محمد بن الحسن الشيباني، من أعلام القرن السابع الهجري، مخطوط.
      42 ـ اليقين في امرة أمير المؤمنين (عليه السلام)، أبي القاسم علي بن موسى بن طاوس ، المتوفي سنة 664 هـ.
      43 ـ ينابيع المودة، سليمان بن ابراهيم القندوزي الحنفي، المتوفي سنة 1294 هـ.