سفيان بن عيينة ، عن جعفر الصادق (عليه السلام)، واللفظ له في قوله تعالى : (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ) قال : ( علي وفاطمة بحران عميقان لا يبغي أحدهما على صاحبه )(1).
363 ـ وعن أبي معاوية الضرير، عن الاعمش، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، أن فاطمة (عليها السلام)، بكت للجوع والعري ، فقال النبي (صلى الله عليه وآله) : ( اقنعي ـ يافاطمة ـ بزوجك ، فوالله انه سيد في الدنيا وسيد في الاخرة ) ، وأصلح بينهما ، فأنزل الله تعالى : (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ)، يقول [الله]: أنا أرسلت البحرين علي بن أبي طالب ، بحر العلم، وفاطمة بحر النبوة (يَلْتَقِيَان) يتصلان ، أنا الله أوقعت الوصلة بينهما(2).
(313) قوله تعالى : {ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء}(3).
364 ـ عن الباقر والصادق (عليهما السلام) في قوله تعالى : (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء) من عباده ، وفي قوله تعالى : (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض)(4) : ( انهما نزلتا في أمير المؤمنين (عليه السلام) )(5).
---------------------------
(1) المناقب، ابن شهر اشوب، ج 3، ص 318، وشرف النبي (صلى الله عليه وآله) : 258.
(2) المناقب، ابن شهر اشوب، ج 3، ص 319.
(3) الحديد، الآية: 21.
(4) النساء، الآية: 32.
(5) المناقب، ابن شهر اشوب، ج 3، ص 99.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 202 _
(314) ـ قوله تعالى : {ققَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ * الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ * وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ}(1).
365 ـ محمد بن العباس ، عن أحمد بن عبد الرحمن، عن محمد بن سليمان بن بزيع ، عن جميل بن المبارك، عن اسحاق بن محمد ، قال : حدثني أبي، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه، عن ابائه (عليهم السلام)، أنه قال : ( ان النبي (صلى الله عليه وآله) قال لفاطمة (عليها السلام) : ( ان زوجك بعدي يلاقي كذا وكذا ، فخبرها بما يلقي بعده ، فقالت : يا رسول الله، ألا تدعو الله أن يصرف ذلك عنه ؟
فقال : قد سألت الله ذلك ، فقال : انه مبتلى ومبتلى به ، فهبط جبرئيل (عليه السلام) فقال : (ققَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) "(2).
366 ـ كان سبب نزول هذه السورة، أنه أول من ظاهر في الاسلام كان رجلا يقال له أوس بن الصامت من الانصار، وكان شيخاً كبيراً، فغضب على أهله يوماً ، فقال لها : أنت علي كظهر أمي ، ثم ندم على ذلك ، قال : وكان الرجل في الجاهلية إذا قال لاهله :
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 203 _
أنت علي كظهر أمي، حرمت عليه الى آخر الابد.
وقال أوس (لاهله) : ياخولة : انا كنا نحرم هذا في الجاهلية، وقد أتانا الله بالاسلام ، فاذهبي الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسليه عن ذلك، فأتت خولة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقالت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ان أوس بن الصامت زوجي وأبو ولدي وابن عمي، فقال لي : أنت علي كظهر أمي.
وكنا نحرم ذلك في الجاهلية ، وقد أتانا الله الاسلام بك ، فأنزل الله السورة (1).
(315) ـ قوله تعالى: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (2).
367 ـ عن علي، عن علي بن الحسين ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز وجل: (مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
قال : ( نزلت هذه الآية في فلان ، وفلان ، وأبي عبيدة بن الجراح، وعبد الرحمن بن عوف ، وسالم مولى أبي حذيفة ، والمغيرة بن شعبة ، حيث كتبوا الكتاب بينهم ، وتعاهدوا وتوافقوا : لئن مضى محمد لا تكون الخلافة في بني هاشم ولا النبوة أبداً ، فأنزل الله عز وجل فيهم هذه الآية )(3).
(316) ـ قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاؤُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ
---------------------------
(1) تفسير القمي، ج 2، ص 353.
(2) المجادلة، الآية: 7.
(3) الكافي، الكليني، ج 8، ص 179، ح202.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 204 _
الْمَصِيرُ }(1)
368 ـ في قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ) ، قال : كان أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يأتون رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيسألونه أن يسأل اللّه لهم، وكانوا يسألون ما لا يحل لهم،فأنزل الله عزوجل : (وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ) ، وقولهم له إذا أتوه: أنعم صباحاً، [و] أنعم مساءً، وهي تحية أهل الجاهلية، فأنزل الله تعالى : (وَإِذَا جَاؤُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ) ، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ( قد أبدلنا بخير من ذلك : تحية أهل الجنة، السلام عليكم ) (2).
(317) ـ قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ }(3).
369 ـ أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسين بن حفص الخثعمي بالكوفة ، قال : حدثنا عباد بن يعقوب أبو سعيد الاسدي، قال : أخبرني السيد بن عيسى الهمداني ، عن الحكم بن عبد الرحمن بن أبي نعيم، عن أبي سعيد الخدري ، قال : كانت أمارة المنافقين بغض علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فبينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) [في المسجد ذات يوم في نفر من المهاجرين والانصار ، وكنت فيهم ، إذا أقبل علي (عليه السلام) فتخطى القوم حتى جلس الى النبي (صلى الله عليه وآله) ] وكان هناك مجلسه الذي يعرف فيه ، فسار رجل رجلا ، وكانا يرميان بالنفاق ، فعرف رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما أرادا، فغضب غضباً شديداً حتى التمع وجهه ، ثم قال : ( والذي نفسي بيده ، لا يدخل عبد الجنة حتى يحبني، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغض هذا ).
وأخذ بكف علي (عليه السلام)، فأنزل الله عز وجل هذه الآية في شأنهما: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ) الى آخر الآية (4).
---------------------------
(1) المجادلة، الآية: 8.
(2) تفسير القمي، ج 2، ص 354.
(3) المجادلة، الآية: 9.
(4) الامالي، الشيخ الطوسي، ج 2، ص 217.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 205 _
(318) ـ قوله تعالى: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ }(1).
370 ـ حدثنا أبي، عن محمد بن أبي عمير ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال : ( كان سبب هذه الآية أن فاطمة (عليها السلام) رأت في منامها أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) همّ أن يخرج هو وفاطمة وعلي والحسن والحسين (عليهم السلام) من المدينة، فخرجوا حتى جازوا من حيطان المدينة فعرض لهم طريقان ، فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات اليمين حتى انتهى بهم الى موضع فيه نخل وماء ، فاشترى رسول الله (صلى الله عليه وآله) شاة ذرْاء ـ وهي التي في أحد أذنيها نقط بيض ـ فأمر بذبحها ، فلما أكلوا ماتوا في مكانهم ، فانتبهت فاطمة (عليها السلام) ، باكية ذَعِرة ، فلم تخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بذلك.
فلما أصبحت ، جاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) بحمار، فأركب عليه فاطمة (عليها السلام) ، وأمر أن يخرج أمير المؤمنين والحسن والحسين (عليهم السلام) من المدينة كما رأت فاطمة في نومها ، فلما خرجوا من حيطان المدينة عرض لهم طريقان ، فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات اليمين كما رأت فاطمة (عليها السلام) حتى انتهوا الى موضع فيه نخل وماء ، فاشترى رسول الله (صلى الله عليه وآله) شاة ذراء كما رأت فاطمة (عليها السلام) ، فأمر بذبحها فذبحت وشويت ، فلما أرادوا أكلها قامت فاطمة (عليها السلام) وتنحت ناحية منهم تبكي مخافة أن يموتوا فطلبها رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى وقف عليها وهي تبكي ، فقال : ماشأنك يا بنية ؟
قالت : يارسول الله، اني رأيت البارحة كذا وكذا في نومي ، وفعلت أنت كما رأيته ، فتنحيت عنكم لان لا أراكم تموتون.
فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) فصلى ركعتين ، ثم ناجى ربه فنزل عليه جبرئيل (عليه السلام)، فقال : يا رسول الله، هذا شيطان يقال له : الزها ، وهو الذي أرى فاطمة (عليها السلام) هذه الرؤيا، ويؤذي المؤمنين في نومهم ما يغتمون به ، فأمر جبرئيل [أن يأتي به الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ] فجاء
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 206 _
به الى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال : له أنت الذي أريت فاطمة (عليها السلام) هذه الرؤيا ؟
فقال : نعم يامحمد ، فبصق عليه ثلاث بصقات، فشجه في ثلاث مواضع.
ثم قال جبرئيل (عليه السلام) : قل يا رسول الله، إذا رأيت في منامك شيئاً تكرهه ، أو رأى أحد من المؤمنين ، فليقل : أعوذ بما عاذت به ملائكة الله المقربون وأنبياؤه المرسلون وعباده الصالحون من شرّ ما رأيت من رؤياي ، ويقرأ الحمد والمعوذتين وقل هو الله أحد ، ويتفل عن يساره ثلاث تفلات ، فانه لايضره مارأى ، فأنزل الله على رسوله :(إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ) الآية )(1).
(319) ـ قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً}(2).
371 ـ محمد بن العباس، عن علي بن عتبة، ومحمد بن القاسم، قالا: حدثنا الحسن بن الحكم ، عن حسن بن حسين ، عن حيان بن علي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس ، في قوله عز وجل : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً)، قال : نزلت في علي (عليه السلام) خاصة ، كان له دينار فباعه بعشرة دراهم ، فكان كلما ناجاه قدم درهماً حتى ناجاه عشر مرات ، ثم نسخت فلم يعمل بها أحد قبله ولا بعده (3).
(320) ـ قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ *اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ}(4)
372 ـ نزلت في الثاني، لانه مر به رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهوجالس عند رجل من اليهود يكتب خبر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأنزل الله جل وعز: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ
---------------------------
(1) تفسير القمي، ج 2، ص 355.
(2) المجادلة، الآية 12.
(3) تأويل الآيات، ج 2، ص 673، ح 4.
(4) المجادلة، الآية: 14 - 16.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 207 _
عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ وَلَا مِنْهُمْ ) فجاء الثاني الى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال له رسول الله: ( رأيتك عند اليهود وقد نهى الله عن ذلك ؟ ).
فقال : يا رسول الله، كتبت عنه ما في التوراة من صفتك ، وأقبل يقرأ ذلك على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو غضبان ، فقال له رجل من الانصار : ويلك ، أما ترى غضب رسول الله عليك ؟
فقال : أعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله ، اني انما كتبت ذلك لما وجدت فيه من خبرك ؟
فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ( يافلان ، لو أن موسى بن عمران فيهم قائماً ثم أتيته رغبة كما جئت به لكنت كافراً [بما جئت به] ) وهو قوله تعالى : (اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً) أي حجاباً بينهم وبين الكفار، وايمانهم اقرار باللسان فرقاً من السيف ورفع الجزية )(1).
---------------------------
(1) تفسير القمي، ج 2، ص 357.
(2) الحشر، الآية: 2 - 4.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 208 _
373 ـ سبب ذلك أنه كان بالمدينة ثلاثة أبطن من اليهود: بنو النضير، وقريظة وقينقاع ، وكان بينهم وبين رسول الله (صلى الله عليه وآله) عهد ومدة، فنقضوا عهدهم، وكان سبب ذلك من بني النضير في نقض عهدهم، أنه أتاهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) يستسلفهم دية رجلين قتلهما رجل من أصحابه غيلة ، يعني يستقرض ، وكان قصد كعب بن الاشرف فلما دخل على كعب قال : مرحباً يا أبا القاسم وأهلا ، وقام كأنه يصنع له الطعام، وحدّث نفسه بقتل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتتبع أصحابه، فنزل جبرئيل (عليه السلام) فأخبره بذلك.
فرجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) الى المدينة، وقال لمحمد بن مسلمة الانصاري : ( اذهب الى بني النضير، فأخبرهم أن الله عز وجل أخبرني بما هممتم به من الغدر، فاما أن تخرجوا من بلادنا ، واما أن تأذنوا بحرب ).
فقالوا : نخرج من بلادكم ، فبعث اليهم عبد الله بن أبي، أن لا تخرجوا ، وتقيموا وتنابذوا محمداً الحرب، فاني أنصركم أنا وقومي وخلفائي ، فان خرجتم خرجت معكم ، ولئن قاتلتم قاتلت معكم ، فأقاموا وأصلحوا حصونهم وتهيئوا للقتال ، وبعثوا الى رسول الله (صلى الله عليه وآله): انا لا نخرج فاصنع ما أنت صانع.
فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكبّر وكبّر أصحابه ، وقال لامير المؤمنين (عليه السلام): ( تقدم الى بني النضير ) فأخذ أمير المؤمنين (عليه السلام) الراية وتقدم ، وجاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأحاط بحصنهم ، وغدر [بهم] عبد الله بن أبي.
وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا ظهر بمقدم بيوتهم حصنوا ما يليهم وخربوا مايليه ، وكان الرجل منهم ممن كان له بيت حسن خربه، وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمر بقطع نخلهم فجزعوا من ذلك، فقالوا: يامحمد ، ان الله يأمرك بالفساد ؟ ان كان لك هذا فخذوه ، وان كان لنا فلا تقطعه ، فلما كان بعد ذلك قالوا : يامحمد ، نخرج من بلادك فأعطنا مالنا.
فقال : ( لا ، ولكن تخرجون [ولكم ماحملت الابل ) فلم يقبلوا ذلك فبقوا أياماً، ثم قالوا : نخرج ولنا ماحملت الابل ، قال : ( لا ، ولكن تخرجون ) ولا يحمل أحد منكم
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 209 _
شيئاً ، فمن وجدنا معه شيئاً قتلناه ) فخرجوا على ذلك ، ووقع قوم منهم الى فدك ووادي القرى، وخرج منهم قوم الى الشام، فأنزل الله فيهم: (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا) الى قوله تعالى (وَمَن يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )وأنزل الله عليه فيما عابوه من قطع النخل: (مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ) الى قوله : (رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) (1).
وأنزل الله عليه في عبد الله بن أبي وأصحابه : (أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ) الى قوله (لَا يُنصَرُونَ) (2)، ثم قال: (كَمَثَلِ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ) يعني بني قينقاع (قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ)(3) ، ثم ضرب في عبد الله بن أبي وبني النضير مثلا ، فقال : (كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ *فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ) (4)(5).
(322) ـ قوله تعالى : {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (6).
374 ـ محمد بن العباس ، قال : حدثنا أحمد بن ادريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن كليب بن معاوية الاسدي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله تعالى :(وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)، قال : ( بينا علي (عليه السلام) عند فاطمة (عليها السلام) اذ قالت له :
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 210 _
ياعلي ، اذهب الى أبي فابغنا منه شيئاً.
فقال : نعم ، فأتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأعطاه ديناراً ، وقال: ياعلي اذهب فابتع لاهلك طعاماً.
فخرج من عنده فلقيه المقداد بن الاسود (رحمه الله) وقاما ماشاء الله أن يقوما وذكر له حاجته ، فأعطاه الدينار وانطلق الى المسجد، فوضع رأسه فنا ، فانتظره رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلم يأت ، ثم انتظره فلم يأت ، فخرج يدور في المسجد ، فاذا هو بعلي (عليه السلام) نائماً في المسجد فحركه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقعد ، فقال له : ياعلي ، ماصنعت ؟
فقال : يا رسول الله، خرجت من عندك فلقيني المقداد بن الاسود، فذكر لي ماشاء الله أن يذكر فأعطيته الدينار.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما أن جبرئيل (عليه السلام) قد أنبأني بذلك ، وقد أنزل الله فيك كتاباً (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) )(1).
---------------------------
(1) تأويل الآيات، ج 2، ص 679، ح 5.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 211 _
 ، ،أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ * لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }(1).
375 ـ نزلت في حاطب بن أبي بلتعة ، ولفظ الآية عام ، ومعناه خاص ، وكان سبب ذلك أن حاط بن بلتعة كان قد أسلم وهاجر الى المدينة، وكان عياله بمكة ، وكانت قريش تخاف أن يغزوهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فصاروا الى عيال حاطب ، وسألوهم أن يكتبوا الى حاطب يسألونه عن خبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وهل يريد أن يغزوا مكة ، فكتبوا الى حاطب يسألونه عن ذلك ، فكتب اليهم حاطب : ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يريد ذلك ، ودفع الكتاب الى امرأة تسمى صفية ، فوضعته في قرونها ومرّت ، فنزل جبرئيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخبره بذلك.
فبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين (عليه السلام) والزبير بن العوام في طلبها فلحقاها ، فقال لها أمير المؤمنين (عليه السلام) : ( أين الكتاب ؟ ).
فقالت : مامعي شيء ، ففتشاها فلم يجدا معها شيئاً ، فقال الزبير : ما نرى معها شيئاً ، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : ( والله ماكذبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا كذب رسول الله (صلى الله عليه وآله) على جبرئيل (عليه السلام)، ولا كذب جبرئيل على الله جل ثناؤه ، والله لتظهرن الكتاب أو لاوردن رأسك الى رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فقالت : تنحيا حتى أخرجه، فأخرجت الكتاب من قرونها ، فأخذه أمير المؤمنين (عليه السلام) وجاء به الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ( ياحاطب ماهذا ؟ ).
فقال حاطب : والله ـ يا رسول الله ـ مانافقت ولا غيرت ولا بدلت، واني أشهد أن لا اله الا الله وأنك رسول الله حقاً ، ولكن أهلي وعيالي كتبوا الي بحسن صنع قريش اليهم فأحببت أن أجازي قريشاً بحسن معاشرتهم.
فأنزل الله جل ثناؤه على رسوله (صلى الله عليه وآله): (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ ـ الى قوله تعالى ـ لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 212 _
يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ )(1).
(324) ـ قوله تعالى : {وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُم مِّثْلَ مَا أَنفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ}(2).
376 ـ في قوله تعالى: (وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ) يقول : يلحقن بالكفار الذين لا عهد بينكم وبينهم ، فأصبتم غنيمة (فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُم مِّثْلَ مَا أَنفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ).
وكان [سبب نزول] ذلك أن عمر بن الخطاب كانت عنده فاطمة بنت أبي أمية بن المغيرة، فكرهت الهجرة معه ، واقامت مع المشركين، فنكحها معاوية بن أبي سفيان ، فأمر الله رسوله (صلى الله عليه وآله) أن يعطي عمر مثل صداقها(3).
(325) ـ قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }(4).
377 ـ محمد بن يعقوب : عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: " لما فتح رسول الله (صلى الله عليه وآله) مكة بايع الرجال، ثم جاء النساء يبايعنه، فأنزل الله عز وجل : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) فقالت هند : أما الولد فقد ربينا صغاراً وقتلتهم كباراً ، وقالت أم حكيم بنت الحارث بن هشام وكانت عند عكرمة بن أبي جهل: يا رسول الله، ماذلك المعروف الذي أمرنا الله به أن لا نعصيك فيه ؟
---------------------------
(1) تفسير القمي، ج 2، ص 361.
(2) الممتحنة، الآية: 11.
(3) تفسير القمي، ج 2، ص 363.
(4) الممتحنة، الآية: 12.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 213 _
فقال : لا تلطمن خدّاً ، ولا تخمشن وجهاً ، ولا تنتفن شعراً ، ولا تشققن جيباً ، ولا تسودن ثوباً ، ولا تدعينّ بويل ، فبايعهن رسول الله (صلى الله عليه وآله) على هذا.
فقالت : يا رسول الله، كيف نبايعك ؟
فقال : اني لا اصافح النساء، فدعا بقدح من ماء فأدخل يده ثم أخرجها، فقال : ادخلن أيديكن في هذا الماء فهي البيعة "(1).
(326) ـ قوله تعالى : {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ}(2).
378 ـ محمد بن العباس، قال : حدثنا علي بن عبيد ، ومحمد بن القاسم، قالا جميعاً : حدثنا الحسين ابن الحكم، عن حسن بن حسين ، عن حيان بن علي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ) قال : نزلت في علي وحمزة وعبيدة بن الحارث (عليهم السلام) وسهل بن حنيف والحارث بن الصمة وأبي دجانة الانصاري (رضي الله عنهم) (3).
(327) ـ قوله تعالى : {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ }(1).
379 ـ كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يصلي بالناس يوم الجمعة، ودخلت ميرة وبين يديها قوم يضربون بالدفوف والملاهي، فترك الناس الصلاة ومروا ينظرون اليهم، فأنزل الله تعالى : (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)(2).
380 ـ عن تفسيرمجاهد، وأبي يوسف يعقوب بن سفيان ، قال ابن عباس، في قوله تعالى : (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا) : ان دحية الكلبي جاء يوم الجمعة من الشام بالميرة ، فنزل عند أحجار الزيت، ثم ضرب بالطبول ليؤذن الناس بقدومه ، فنفر الناس اليه الا علي والحسن والحسين وفاطمة (عليهم السلام) وسلمان وأبو ذر والمقداد وصهيب ، وتركوا النبي (صلى الله عليه وآله) قائماً يخطب على المنبر، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): ( لقد نظر الله يوم الجمعة الى مسجدي ، فلولا هؤلاء الثمانية الذين جلسوا في مسجدي لاضرمت المدينة على أهلها ناراً ، وحصبوا بالحجارة كقوم لوط ، ونزل فيهم : (رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ)(3) الآية )(4).
---------------------------
(1) الجمعة، الآية: 11.
(2) تفسير القمي، ج 2، ص 367.
(3) النور، الآية: 37.
(4) المناقب، ابن شهر اشوب، ج 2، ص 146.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 215 _
(328) ـ قوله تعالى : {إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ}(1).
381 ـ عن أبي بصير ، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام)، قال له طاوس اليماني: أخبرني عن قوم شهدوا شهادة الحق وكانوا كاذبين ؟
قال : ( المنافقون حين قالوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) (نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ) فأنزل الله عز وجل (إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ) )(2).
(329) قوله تعالى : {سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}(3).
382 ـ عن العباس بن هلال ، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال : ( ان الله تعالى قال لمحمد (صلى الله عليه وآله): (إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ)(4)، فاستغفر لهم مائة مرة ليغفر لهم فأنزل الله: (سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ)، وقال : (وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ )(5)، فلم يستغفر لهم بعد ذلك ، ولم يقم على قبر أحد منهم )(6).
(330) ـ قوله تعالى : {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}(1).
383 ـ عن تفسير وكيع ، حدثنا سفيان بن مرة الهمداني، عن عبد خير، قال: سألت علي بن أبي طالب (عليه السلام) عن قوله تعالى: (اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ )(2)، قال : ( والله ماعمل بها غير أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، نحن ذكرنا الله فلا ننساه ، ونحن شكرناه فلن نكفره ، ونحن أطعناه فلم نعصه ، فلما نزلت هذه قالت الصحابة : لانطيق ذلك ، فأنزل الله تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) )(3).
---------------------------
(1) التغابن، الآية: 16.
(2) آل عمران، الآية: 102.
(3) المناقب، ابن شهر اشوب، ج 2، ص 177.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 217 _
عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ * إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ * عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا }(1).
384 ـ أخبرنا الشيخ السعيد أبو عبد الله محمد بن محمد ابن النعمان، قال : حدثنا أبو حفص عمر بن محمد ، قال : حدثنا أبو عبد الله الحسين بن اسماعيل، قال : حدثنا عبد الله بن شبيب ، قال : حدثني محمد بن محمد بن عبد العزيز، قال : وجدت في كتاب أبي عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، قال : وجدت حفصة رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع أم ابراهيم في يوم عائشة، فقالت : لاخبرنها .
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ( أكتمي ذلك وهي علي حرام ).
فأخبرت حفصة عائشة بذلك فأعلم الله نبيه (صلى الله عليه وآله)، فعرف حفصة انها أفشت سره ، فقالت له : من أنبأك هذا ؟
قال : ( نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ ).
فالى رسول الله (صلى الله عليه وآله) من نسائه شهراً، فأنزل عز اسمه: (إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا).
قال ابن عباس : فسألت عمر بن الخطاب: من اللتان تظاهرتا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟
 ، ،فقال : حفصة وعائشة (2).
385 ـ حدثنا علي بن عبيد ومحمد بن القاسم، قالا : حدثنا حسين بن حكم ، عن حسن بن حسين ، عن حيان بن علي ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس، في قوله عز وجل : (فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ)، قال : نزلت في علي (عليه السلام) خاصة (3)
---------------------------
(1) التحريم، الآية: 1 - 5.
(2) الامالي، الشيخ الطوسي، ج 1، ص 150.
(3) تأويل الآيات، ج 2، ص 699، ح 4.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 218 _
386 ـ عن ابن عباس قوله : (وان تظاهرا عليه) نزلت في عائشة وحفصة (فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ) نزلت في رسول الله (صلى الله عليه وآله) ( وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) نزلت في علي خاصة(1).
(332) ـ قوله تعالى : {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ }(2).
387 ـ حدثنا عبد العزيز بن يحيى ، عن المغيرة بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن يزيد ، عن اسماعيل بن عامر، عن شريك ، عن الاعمش، في قوله عز وجل : {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ }، قال : نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام) (3).
(333) ـ قوله تعالى : {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ * مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ }(1).
388 ـ عن تفسير يعقوب بن سفيان ، قال : حدثنا أبو بكر الحميدي، عن سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، في خبر يذكر فيه كيفية بعثة النبي (صلى الله عليه وآله) ، ثم قال : بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) قائم يصلي مع خديجة ، اذ طلع عليه علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال له : ماهذا يامحمد ؟
قال : ( هذا دين الله ) ، فامن به وصدقه ، ثم كانا يصليان ويركعان ويسجدان ، فأبصرهما أهل مكة ففشى الخبر فيهم أن محمداً قد جن ، فنزل (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ * مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ )(2).
(334) ـ قوله تعالى : {وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ * وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ * فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ * بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ * إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ* فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ * وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ * وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ * هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ * مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ }(3).
389 ـ محمد بن العباس: عن عبد العزيز بن يحيى ، عن عمرو بن محمد بن تركي ، عن محمد بن الفضل، عن محمد بن شعيب ، عن دلهم بن صالح ، عن الضحاك بن مزاحم ، قال : لما رأت قريش تقديم النبي (صلى الله عليه وآله) علياً (عليه السلام) واعظامه له ، نالوا من علي (عليه السلام)، وقالوا : قد افتتن به محمد (صلى الله عليه وآله) ، فأنزل الله تبارك وتعالى : (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ) قسم أقسم الله تعالى به (وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ * وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ * فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ * بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ * إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) وسبيله: علي بن أبي طالب (عليه السلام).
390 ـ عن علي بن العباس ، عن حسن بن محمد ، عن يوسف بن كليب ، عن خالد ،
---------------------------
(1) القلم، الآية: 1 - 2.
(2) المناقب، ابن شهر اشوب، ج 2، ص 14.
(3) القلم، الآية: 3 - 13.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 220 _
عن حفص بن عمر، عن حنان ، عن أبي أيوب الانصاري ، قال : لما أخذ النبي (صلى الله عليه وآله) بيد علي (عليه السلام) فرفعها ، وقال : ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) قال أناس: انما افتتن بابن عمه ، فنزلت الآية (فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ * بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ )(1).
391 ـ أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن أبيه ، عمّن حدثه ، عن جابر ، قال : قال أبو جعفر (عليه السلام): " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما من مؤمن الا وقد خلص ودي الى قلبه [وما خلص ودي الى قلب أحد] الا وقد خلص ود علي الى قلبه ، كذب ـ ياعلي ـ من زعم أنه يحبني ويبغضك ، قال : فقال رجلان من المنافقين: لقد فتن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بهذا الغلام ، فأنزل الله تبارك وتعالى : (فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ * بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ * إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ* فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ * وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ * وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ) قال : نزلت فيهما الى آخر الآية )(2).
(335) ـ قوله تعالى : {وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ * وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ}(3)
392 ـ عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن الحجال، عن عبد الصمد بن بشير ، عن حسان الجمال، قال : حملت أبا عبد الله (عليه السلام) من المدينة الى مكة ، قال : فلما انتهينا الى مسجد الغدير نظر في ميسرة الجبل، فقال : ( ذاك موضع قدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه ).
ثم نظر في الجانب الاخر، فقال : ( ذاك موضع فسطاط أبي فلان وفلان وسالم مولى أبي حذيفة وأبي عبيدة بن الجراح، فلما رأوه رافعاً يده ، قال بعضهم : انظروا الى عينيه تدوران كأنهما عينا مجنون ، فنزل جبرئيل بهذه الآية : (وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ * وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ) )، ثم
(336) ـ قوله تعالى : {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ}(2).
393 ـ عن علي بن عبد الله، عن ابراهيم بن محمد الثقفي ، عن اسماعيل بن بشار ، عن علي بن جعفر ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، قال : ( جاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) الى علي (عليه السلام) وهو في منزله ، فقال : ياعلي ، نزلت علي الليلة هذه الآية : (وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ) واني سألت الله ربي أن يجعلها أذنك، وقلت : اللهم اجعلها اذن علي ، ففعل ) (3).
394 ـ عن الاصبغ بن نباتة ، في حديث عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال فيه : ( والله أنا الذي أنزل الله فيّ (وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ) فانا كنا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيخبرنا بالوحي فأعيه أنا ومن يعيه ، فاذا خرجنا قالوا : ماذا قال آنفاً ؟ ) (4).
(337) ـ قوله تعالى : {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ}(5).
395 ـ محمد بن العباس، قال : حدثنا محمد بن الحسين، عن جعفر بن عبد الله المحمدي، عن كثير بن عياش ، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله عز وجل : (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ) الى آخر الكلام : ( نزلت في علي (عليه السلام) ، وجرت في
---------------------------
(1) التهذيب، الشيخ الطوسي، ج 3، ص 263، ح 746.
(2) الحاقة، الآية: 12.
(3) تأويل الآيات، ج 2، ص 716، ح 6.
(4) تفسير العياشي، ج 1، ص 14، ح 1.
(5) الحاقة، الآية: 19 - 23.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 222 _
أهل الايمان مثلا )(1).
(338) ـ قوله تعالى : {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ * وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ * وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُم مُّكَذِّبِينَ * وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ * وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ }(2).
396 ـ عن معاوية بن عمار ، عن الصادق (عليه السلام) ، ـ في خبر ـ ( لما قال النبي (صلى الله عليه وآله) : من كنت مولاه فعلي مولاه ، قال العدوي: لا والله ما أمره الله بهذا ، وما هو الا شيء يتقوله ، فأنزل الله تعالى : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ) الى قوله : (وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ) يعني محمداً (وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ) يعني به علياً (عليه السلام) )(3).
(339) ـ قوله تعالى : {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِّلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ * مِّنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ }(4).
397 ـ لما اصطفت الخيلان يوم بدر ، رفع أبو جهل يديه فقال : اللهم أقطعنا الرحم، وأتانا بما لا نعرفه ، فأجنه العذاب ، فأنزل الله عز وجل : (سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ)(5) .
---------------------------
(1) تأويل الآيات، ج 2، ص 717، ح 10.
(2) الحاقة، الآية: 44 - 51.
(3) المناقب، ابن شهر اشوب، ج 3، ص 37.
(4) المعارج، الآية: 1 - 3.
(5) تفسير القمي، ج 2، ص 385.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 223 _
398 ـ محمد بن العباس ، قال : حدثنا علي بن محمد بن مخلد ، عن الحسن بن القاسم، عن عمرو بن الحسن ، عن ادم بن حمّاد ، عن حسين بن محمد ، قال : سألت سفيان بن عيينة، عن قول الله عز وجل : (سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ)، فيمن نزلت ؟
فقال : يا بن أخي ، لقد سألت عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك ، لقد سألت جعفر بن محمد (عليهما السلام) عن مثل هذا الذي قلت فقال : ( أخبرني أبي، عن جدي ، عن أبيه، عن ابن عباس ، قال : لما كان يوم غدير خم ، قام رسول الله (صلى الله عليه وآله) خطيباً ، ثم دعا علي بن أبي طالب (عليه السلام) فأخذ بضبعيه ، ثم رفع بيده حتى رئي بياض ابطيهما، وقال للناس ، ألم أبلغكم الرسالة ؟ ألم أنصح لكم ؟
قالوا : اللهم نعم .
قال : فمن كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه.
قال : ففشت هذه في الناس، فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري، فرحّل راحلته ، ثم استوى عليها ، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) اذ ذاك بالابطح ، فأناخ ناقته ، ثم عقلها ، ثم أتى النبي (صلى الله عليه وآله) ثم قال : يا عبد الله، انك دعوتنا الى أن نقول : لا اله الا الله ففعلنا ، ثم دعوتنا الى أن نقول : انك رسول الله ففعلنا والقلب فيه مافيه ، ثم قلت لنا : صلوا فصلينا ، ثم قلت لنا : صوموا فصمنا ، ثم قلت لنا : حجوا فحججنا ، ثم قلت لنا : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فهذا عنك أم عن الله ؟
فقال له : بل عن الله، فقالها ثلاثاً، فنهض وانه لمغضب ، وانه ليقول : اللهم ان كان ما يقوله محمد حقاً فأمطر علينا حجارة من السماء ، تكون نقمة في أولنا واية في آخرنا، وان كان مايقول محمد كذباً فأنزل به نقمتك ، ثم ركب ناقته واستوى عليها ، فرماه الله بحجر على رأسه ، فسقط ميتاً ، فانزل الله تبارك وتعالى : (سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِّلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ * مِّنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ ) ) (1).
---------------------------
(1) تأويل الآيات، ج 2، ص 722، ح 1.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام) _ 224 _
(340) ـ قوله تعالى : {قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا * قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا* إِلَّا بَلَاغًا مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ}(1).
399 ـ محمد بن يعقوب : عن علي بن محمد ، عن بعض أصحابنا ، عن ابن محبوب ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام) ، قال : قلت : قوله : (أَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ)(2) قال : ( الهدى، الولاية، امنا بمولانا فمن امن بولاية مولاه فلا يخاف بخساً ولا رهقاً ).
قلت : تنزيل ؟
قال : ( لا ، تأويل ).
قلت : قوله (لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا ) قال : ( ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) دعا الناس الى ولاية علي (عليه السلام) ، فاجتمعت اليه قريش ، فقالوا : يامحمد ، أعفنا من هذا ، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله): هذا الى الله ليس الي.
فاتهموه وخرجوا من عنده ، فأنزل الله: (قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا * قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا * إِلَّا بَلَاغًا مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ) في علي ).
قلت : هذا تنزيل ؟
قال : ( نعم ، ثم قال توكيداً : (وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) في ولاية علي (فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ) ).