(113) ـ قوله تعالى :
{وَإِذَا جَاءكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } (1).
127 ـ عن ابن عباس، في قوله تعالى:
(وَإِذَا جَاءكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا) الآية: نزلت في علي وحمزة [وجعفر] وزيد
(2).
(114) ـ قوله تعالى:
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنَزلَ اللّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ } (3).
128 ـ عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبدالجبار، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أحدهما (عليهما السلام) قال : سألته عن قول اللّه عزّوجل:
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ) .
قال : ( نزلت في ابن أبي سرح الذي كان عثمان استعمله على مصر ، وهو ممن كان رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) يوم فتح مكة هَدَر دمه ، وكان يكتب لرسول اللّه (صلى الله عليه وآله)، فإذا أنزل اللّه عزّوجل :
(إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) كتب : إن اللّه عليم حكيم ، فيقول له رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) دَعْها فإن اللّه عزيز حكيم.
وكان ابن أبي سرح يقول للمنافقين : إني لأقول من نفسي مثل ما يجيء به فما يُغيَّر عليّ.
فأنزل اللّه تبارك وتعالى فيه الذي أنزل )
(4).
129 ـ قيل : نزلت في مسيلمة حيث ادعى النبوّة.
وقوله :
(سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنَزلَ اللّهُ) نزلت في عبداللّه بن سعد بن أبي سرح ، فإنه
---------------------------
(1) الانعام، الآية: 54.
(2) تفسير الحبري، ص 265، ح 26.
(3) الانعام، الآية: 93.
(4) الكافي، الكليني، ج 8، ص 200، ح 242.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 77 _
كان يكتب الوحي للنبي (صلى الله عليه وآله) ، فكان اذا قال له : اكتب
(عَلِيماً حَكِيماً) كتب غفوراً رحيماً.
واذا قال : اكتب
(غفوراً رحيماً) كتب عليماً حكيماً ، وارتدّ ولحِقَ بمكة ، وقال : سأنزل مثل ما أنزل اللّه
(1).
(115) ـ قوله تعالى:
{وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثَرهُم لفاسقين} (2).
130 ـ عن علي بن ابراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس ، عن الحسين بن الحَكَم، قال : كتبتُ الى العبد الصالح (عليه السلام) أخبره أني شاك ، وقد قال ابراهيم (عليه السلام):
(ربّ أرني كيف تُحيي الموتى) وإني أُحبُ أن تريني شيئاً من ذلك ، فكتب : ( إن ابراهيم كان مؤمناً وأحَبّ أن يزداد إيماناً ، وأنت شاك والشاك لا خير فيه ).
وكتب (عليه السلام) : ( إنما الشك مالم يأتِ اليقين، فإذا جاء اليقين لم يَجُزِ الشكَّ ).
وكتب : ( إن اللّه عزّ وجل يقول :
(وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ )) قال : ( نزلت في الشاك)
(3).
(116) ـ قوله تعالى:
{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ
---------------------------
(1) مجمع البيان، الطبرسي، ج 4، ص 518.
(2) الاعراف، الآية: 102.
(3) الكافي، الكليني، ج 2، ص 293، ح 1.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 78 _
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ }(1).
131 ـ عن محمد بن علي ماجيلويه ، عن عمّه محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبداللّه البرقي، عن أبي الحسن علي بن الحسين البرقي ، عن عبداللّه بن جَبَلة ، عن معاوية بن عمار ، عن الحسن بن عبداللّه، عن أبيه، عن جدّه الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، قال : ( جاء نفر من اليهود الى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فقالوا : يا محمد ، أنت الذي تزعم أنك رسول اللّه ، وأنك الذي يُوحى اليك كما أوحي الى موسى ابن عمران ؟
فسكتَ النبي (صلى الله عليه وآله) ساعة ، ثم قال : نعم ، أنا سيّد ولد آدم ولا فَخر ، وأنا خاتم النبيين، وإمام المتقين، ورسول رب العالمين.
قالوا : الى مَن ، الى العرب أم الى العجم، أم إلينا ؟
فأنزل اللّه عزّوجل :
(قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا) )
(2).
(117) ـ قوله تعالى :
{وَإِذ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّواْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } (3).
132 ـ عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبداللّه (عليه السلام)، قال : قلت له : أيضع الرجل يده على ذراعه في الصلاة ؟
قال : ( لا بأس ، إن بني اسرائيل كانوا إذا دخل وقت الصلاة دخلوها متماوتين كأنهم موتى ، فأنزل اللّه على نبيه (صلى الله عليه وآله) : خذ ما آتيتك بقوة ، فإذا دخلت الصلاة فادخل فيها بجلد وقوة ، ثم ذكرها في طلب الرزق ( فإذا طلبت الرزق فاطلبه بقوة )
(4).
(118) ـ قوله تعالى:
{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ
---------------------------
(1) الاعراف، الآية: 158.
(2) الأمالي، الصدوق، ص 157، ح 1.
(3) الاعراف، الآية: 171.
(4) تفسير العياشي، ج 2، ص 36، ح 100.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 79 _
مِنَ الْغَاوِينَ} (1).
133 ـ في قوله تعالى :
(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ) إنها نزلت في بلعم من باعوراء ، وكان من بني اسرائيل
(2).
(119) ـ قوله تعالى :
{وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} (3).
134 ـ عن علي (عليه السلام) قال : قال النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال : ( إن فيك مثلاً من عيسى أحبّه قوم فهلكوا فيه ، وأبغضه قوم فهلكوا فيه ، فقال المنافقون : أما يرضى له مَثلاً إلا عيسى ابن مريم ؟
فنزل قوله تعالى :
{وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} (4).
(120) ـ قوله تعالى :
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } (5).
135 ـ قوله تعالى :
(يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا) فإن قريشاً بعثوا العاص بن وائل السهمي والنضر بن حارث بن كلدة وعقبة بن أبي معيط الى نجران ليتعلموا من علماء اليهود مسائل ويسألوا بها رسول اللّه (صلى الله عليه وآله).
وكان فيها : سلوا محمداً متى تقوم الساعة ؟ ( فإن ادعى عِلمَ ذلك فهو كاذب ، فإن قيام الساعة لم يُطلع اللّه عليه مَلكاً مُقرباً ولا نبياً مرسلاً ، فلما سألوا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) : متى تقوم الساعة ؟ ) أنزل اللّه تعالى :
(يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا) أي جاهل بها
( قُلْ) لهم يا محمد :
(إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) )
(6).
---------------------------
(1) الاعراف، الآية: 175.
(2) تفسير القمي، ج 1، ص 248.
(3) الاعراف، الآية: 181.
(4) كشف الغمة، الأربلي، ج 1، ص 321.
(5) الاعراف، الآية: 187.
(6) تفسير القمي، ج 1، ص 249.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 80 _
(121) ـ قوله تعالى :
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }(1).
136 ـ عن فضالة بن أيوب، عن أبان بن عثمان ، عن اسحاق بن عمار، قال : سألت أبا عبداللّه (عليه السلام) عن الانفال، فقال : ( هي القرى التي قد خربت وانجلى أهلها، فهي لله وللرسول ، وما كان للملوك فهو للامام ، وما كان من أرض خربة ، ومالم يُوجَفْ عليها بِخَيْل ولا رِكاب ، وكل أرض لا ربّ لها والمعادن منها ، ومن مات وليس له مولى ، فماله من الأنفال ).
وقال : ( نزلت يوم بدر لما انهزم الناس، وكان أصحاب رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) على ثلاث فرق : فصنف كانوا عند خيمة النبي (صلى الله عليه وآله) ، وصنف أغاروا على النهب وفرقة طلبت العدوَّ وأسروا وغنموا ، فلما جمعوا الغنائم والأسارى ، تكلمت الأنصار في الأسارى، فأنزل اللّه تبارك وتعالى :
(مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ)(2).
فلما أباح اللّه لهم الأسارى والغنائم تكلّم سعد بن مُعاذ ، وكان ممن أقام عند خيمة النبي (صلى الله عليه وآله)، فقال : يا رسول اللّه ، ما منعنا أن نطلب العدوّ زهادة في الجهاد ، ولا جُبناً من العدو، ولكنا خِفنا أن نعدو موضعك فتميل عليك خَيلُ المشركين، وقد أقام
---------------------------
(1) الانفال، الآية: 1.
(2) الأنفال، الآية: 67.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 81 _
عند الخيمة وجوه المهاجرين والأنصار ولم يَشُك أحد منهم ، والناس كثير ـ يا رسول اللّه ـ والغنائم قليلة ، ومتى تُعطي هؤلاء لم يبق لأصحابك شيء.
وخاف أن يقسِّم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) الغنائم وأسلابَ القتلى بين مَنْ قاتل ، ولا يُعطي مَن تخلّف عند خيمة رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) شيئا ، فاختلفوا فيما بينهم حتى سألوا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فقالوا : لمَنْ هذه الغنائم ؟
فأنزل اللّه :
(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ) (1) فرجع الناس وليس لهم في الغنيمة شيء.
ثم أنزل اللّه بعد ذلك :
(وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ )(2) فقسّم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بينهم ، فقال سعد بن أبي وقاص : يا رسول اللّه، أتُعطي فارس القوم الذي يحميهم مثل ما تُعطي الضعيف ؟
فقال النبي (صلى الله عليه وآله) : ثكلتك أمّك، وهل تُنصرون إلا بضعفائكم ؟ ).
قال : ( فلم يُخمّس رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ببدر ، قسّمه بين أصحابه، ثم استقبل يأخذ الخمس بعد بَدْر ، ونزل قوله :
(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ) بعد انقضاء حرب بدر ، فقد كتب ذلك في أول السورة، وذكر بعده خروج النبي (صلى الله عليه وآله) الى الحرب )
(3).
(122) ـ قوله تعالى :
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } (4).
137 ـ قوله تعالى :
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ )(4) إنها نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) وأبي ذر وسلمان والمقداد
(5).
(123) ـ قوله تعالى :
{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} (6).
138 ـ قيل : إن النبي (صلى الله عليه وآله) لما نظر الى كثرة عدد المشركين وقلّة عدد المسلمين
---------------------------
(1) الأنفال، الآية: 1.
(2) الانفال، الآية: 41.
(3) تفسير القمي، ج 1، ص 254.
(4) الانفال، الآية: 2.
(5) تفسير القمي، ج 1، ص 255.
(6) الانفال، الآية: 9.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 82 _
استقبل القبلة، وقال : ( اللّهم انجز لي ما وعدتني ، اللّهم إن تهلك هذه العصابة لا تُعبد في الأرض ).
فمازال يهتف ربّه مادّاً يديه ، حتى سقط رداؤه من منكبيه ، فأنزل اللّه:
(إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ) الآية
(1).
(124) ـ قوله تعالى :
{فلم تقتلوهم ولكن اللّه قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن اللّه رمى وليُبلي المؤمنين منه بلاءً حسناً إن اللّه سميع عليم} (2).
139 ـ عن عمرو بن أبي المقدام ، عن علي بن الحسين (عليه السلام)، قال : ( ناول رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) علي بن أبي طالب (عليه السلام) قبضة من تراب التي رمى بها في وجوه المشركين، فقال اللّه:
(وما رميت إذ رميت ولكن اللّه رمى) (3).
(125) ـ قوله تعالى :
{إنّ شر الدواب عند اللّه الصُم البكم الذين لا يعقلون} (4).
140 ـ قال الباقر (عليه السلام) : ( نزلت الآية في بني عبدالدار، لم يكن أسلم منهم غير مُصعب بن عمير، وحليف لهم يُقال له : سُوَيبط )
(5).
(126) ـ قوله تعالى :
{يا أيها الذين أمنوا استجيبوا للّه وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن اللّه يحول بين المرء وقلبه وأنه اليه تحشرون} (6).
141 ـ عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن خالد ، والحسين بن سعيد ، جميعاً ، عن النضر بن سُويد ، عن يحيى الحلبي ، عن عبداللّه بن مسكان ، عن زيد بن الوليد الخثعمي، عن أبي الربيع الشامي، قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السلام) عن قول اللّه عزوجل :
(يا أيها الذين أمنوا استجيبوا للّه وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم).
---------------------------
(1) مجمع البيان، الطبرسي، ج 4، ص 807.
(2) الأنفال، الآية: 17.
(3) تفسير العياشي، ج 2، ص 52، ح 34.
(4) الانفال، الآية: 22.
(5) مجمع البيان، الطبرسي، ج 4، ص 818.
(6) الانفال، الآية: 24.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 83 _
قال : ( نزلت في ولاية علي (عليه السلام) )
(1).
(127) ـ قوله تعالى :
{وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (2).
142 ـ إنها نزلت في قريش خاصة
(3).
(128) ـ قوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} (4).
143 ـ عن الباقر والصادق (عليهما السلام) والكلبي والزهري: نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر الأنصاري، وذلك أن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) حاصر يهود قريظة احدى وعشرين ليلة ، فسألوا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) الصلح على ما صالح عليه إخوانهم من بني النضير على أن يسيروا الى إخوانهم الى أذْرِعات وأريحا من أرض الشام، فأبى أن يعطيهم ذلك رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) إلا أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ ، فقالوا : أرسل إلينا أبا لبابة ، وكان مُناصِحاً لهم ، لأن عياله وماله وولده كانت عندهم ، فبعثه رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فأتاهم ، فقالوا : ما ترى يا أبا لُبابة ـ أننزل على حكم سعد بن معاذ ؟
فأشار أبو لُبابة بيده الى حَلقِه ، أنه الذبح فلا تفعلوا ، فأتاه جبرئيل (عليه السلام) فأخبره بذلك ، قال أبو لبابة : فواللّه مازالت قَدماي من مكانهما حتى عرفت أني قد خنت اللّه ورسوله ، فنزلت الآية فيه ، فلما نزلت شدّ نفسه على سارية من سواري المسجد ، وقال : واللّه لا أذوق طعاماً ولا شراباً حتى أموت ، أو يتوب اللّه عليّ.
فمكث سبعة أيام لا يذوق فيها طعاماً ولا شراباً حتى خرّ مَغشيّاً عليه ، ثم تاب اللّه عليه ، فقيل له : يا أبا لُبابة ، قد تيبَ عليك.
فقال : لا واللّه ، لا أحُلُّ نفسي حتى يكون رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) هو الذي يَحلّني .
---------------------------
(1) الكافي، الكليني، ج 8، ص 248، ح 349.
(2) الانفال، الآية: 26.
(3) تفسير القمي، ج 1، ص 271.
(4) الانفال، الآية: 27.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 84 _
فجاءه وحَلَّه بيده ، ثم قال أبو لُبابة : إن مِن تَمام توبتي أن أهجر دارَ قومي التي أصبتُ فيها الذنب، وأن أنخلع من مالي .
فقال النبي (صلى الله عليه وآله) : ( يُجزيك الثلث أن تَصدّق به )
(1).
(129) قوله تعالى :
{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} (2).
144 ـ عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم ، عن أحدهما (عليه السلام) : ( أن قريشا اجتمعت فخرج من كل بطن أناس، ثم انطلقوا الى دار الندوة ليتشاوروا فيما يصنعون برسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ، فاذا هم بشيخ قائم على الباب ، فإذا ذهبوا اليه ليدخلوا ، قال : ادخلوني معكم ).
قالوا : ومن أنتَ، يا شيخ ؟
قال : أنا شيخ من بني مُضر ، ولي رأي أُشيرُ به عليكم ، فدخلوا وجلسوا وتشاوروا وهو جالس، وأجمعوا أمرهم على أن يُخرجوه.
فقال : هذا ليس لكم برأي إن أخرجتموه أجلبَ عليكم الناس فقاتلوكم.
قالوا : صدقتَ ما هذا برأي.
ثم تشاوروا وأجمعوا أمرهم على أن يُوثقوه.
قال : هذا ليس برأي ، إن فعلتم هذا ـ ومحمد رجل حُلو اللسان ـ أفسد عليكم أبناءكم وخَدَمَكم ، وما ينفع أحدكم إذا فارقه أخوه وابنه وامرأته.
ثم تشاوروا فأجمعوا أمرهم على أن يقتلوه ، ويُخرجوا من كل بطن منهم بشاب ، فيضربوه بأسيافهم ، فأنزل اللّه تعالى :
(وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك) الى آخر الآية
(3) .
---------------------------
(1) مجمع البيان، الطبرسي، ج 4، ص 823.
(2) الانفال، الآية: 30.
(3) تفسير العياشي، ج 2، ص 53، ح 42.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 85 _
(130) ـ قوله تعالى :
{وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاء أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } (1).
145 ـ إنها نزلت لما قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) لقريش : ( إن اللّه بعثني أن أقتل جميع ملوك الدنيا وأجري الملك اليكم، فأجيبوني لما دعوتكم اليه.
تملكوا بها العرب ، وتدين لكم بها العجم، وتكونوا ملوكاً في الجنة ).
فقال أبو جهل : اللّهم إن كان هذا الذي يقول محمد هو الحق من عندك ، فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ، حسداً لرسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ثم قل : كنا وبنو هاشم كَفَرَسي رهان نحمل إذا حملوا ، ونطعن اذا طعنوا ، ونوقد اذا أوقدو ، فلما استوى بنا وبهم الركب ، قال قائل منهم : أنابني.
لا نرضى أن يكون في بني هاشم ، ولا يكون في بني مخزوم .
ثم قال : غُفرانك اللّهم، فأنزل اللّه في ذلك :
(وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ )، حين قال: غفرانك اللّهم.
فلما همّوا بقتل رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وأخرجوه من مكة، قال اللّه :
(وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ اللّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُواْ أَوْلِيَاءهُ) يعني قريشاً ما كانوا أولياء مكة
(إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ )(2) أنت وأصحابك ـ يا محمد ـ فعذّبهم اللّه بالسيف يوم بدر فقُتِلوا
(3).
(131) ـ قوله تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ }(4) .
---------------------------
(1) الانفال، الآية: 32 ـ 33.
(2) الأنفال، الآية: 34.
(3) تفسير القمي، ج 1، ص 276.
(4) الانفال، الآية: 36.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 86 _
146 ـ نزلت في قريش لما وافاهم ضَمضَم ، وأخبرهم بخروج رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) في طلب العِير، فأخرجوا أموالهم وحملوا وأنفقوا ، وخرجوا الى محاربة رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ببدر ، فقتلوا وصاروا الى النار، وكان ما أنفقوا حسرة عليهم
(1).
(132) ـ قوله تعالى :
{وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ }(2).
147 ـ حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رحمه الله) ، قال : حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم ، قال : حدثنا جعفر بن سَلمة الأهوازي ، عن ابراهيم بن محمد الثقفي، قال : حدثنا العباس بن بكار ، عن عبدالواحد بن أبي عمرو ، عن الكلبي، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ، قال : ( مكتوب على العرش : أنا اللّه لا إله إلا أنا ، وحدي لا شريك لي ، ومحمد عبدي ورسولي، أيّدته بعلي ، فأنزل عزوجل :
(هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين) فكان النصر علياً ، ودخل مع المؤمنين، فدخل في الوجهين جميعاً )
(3).
(133) ـ قوله تعالى :
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ }(4).
148 ـ نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وهو المعني بقوله
(المؤمنين) )
(5).
(134) قوله تعالى :
{الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ} (6).
149 ـ كان الحُكم في أول النبوة في أصحاب رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) أن الرجل الواحد وجب
---------------------------
(1) تفسير القمي، ج 1، ص 277.
(2) الانفال، الآية: 62.
(3) الأمالي، الصدوق، ص 179، ح 3، وكفاية الطالب، ص 234.
(4) الانفال، الآية: 64.
(5) تأويل الآيات، شرف الدين النجفي، ج 1، ص 196، ح 11.
(6) الانفال، الآية: 66.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 87 _
عليه أن يقاتل عشرةً من الكفار ، فإن هرب منهم فهو الفار من الزحف ، والمائة يقاتلون ألفاً ، ثم عَلِم اللّه أن فيهم ضعفاً لا يقدرون على ذلك ، فأنزل اللّه :
{الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ} ( ففرض اللّه عليهم أن يقاتل رجل من المؤمنين رجلين من الكفار، فإن فرّ منهما فهو الفار من الزحف، فإن كانوا ثلاثة من الكفار وواحداً من المسلمين، ففرّ المسلم منهم ، فليس هو الفار من الزحف
(1).
(135) ـ قوله تعالى :
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } (2).
150 ـ عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبداللّه (عليه السلام) قال : سمعته يقول في هذه الآية
(لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)، قال : ( نزلت في العباس وعقيل ونوفل ).
وقال : ( إن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) نهى يوم بدر أن يقتل أحدٌ من بني هاشم وأبو البختري، فأسروا، فأرسَلَ علياً فقال : انظر مَن هاهنا من بني هاشم ـ قال : فمرَّ على عقيل بن أبي طالب فحاد عنه ـ قال : ـ فقال له : يابنَ أمّ علي ، أما واللّه لقد رأيتَ مكاني ـ قال : ـ فرجع الى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فقال له : هذا ابو الفضل في يد فلان ، وهذا عقيل في يَدِ فلان ، وهذا نوفل في يد فلان .
يعني نوفل بن الحارث.
فقام رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) حتى انتهى الى عقيل ، فقال له : يا أبا يزيد ، قتل أبا جهل .
فقال : اذن لا تُنازعون في تِهامه.
قال : ( إن كنتم أثخنتم القومَ ، وإلا فاركبوا أكتافهم ).
قال : فجيء بالعباس ، فقيل له : أفدِ نفسك ، وافدِ ابني أخيك.
---------------------------
(1) تفسير القمي، ج 1، ص 279.
(2) الانفال، الآية: 70.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 88 _
فقال : يا محمد ، تتركني أسأل قريشاً في كفّي ! فقال له : أعطِ مما خلّفتَ عند أمّ الفضل، وقلتَ لها : إن أصابني شيء في وجهي فأنفقيه على ولدك ونفسك.
قال : يابن أخي ، مَن أخبرك بهذا ! قال : أتاني به جبرئيل من عند اللّه.
فقال : ( ومحلوفه ـ ما علم بهذا إلا أنا وهي ، أشهد أنك رسول اللّه ).
قال : ( فرجع الأسارى كلهم مشركين إلا العباس وعقيل ونوفل بن الحارث ، وفيهم نزلت هذه الآية
(قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى) الى آخرها "
(1).
(136) ـ قوله تعالى :
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ } (2).
151 ـ الحُكم في أول النبوة أن المواريث كانت على الاخوّة لا على الولادة ، فلما هاجر رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) الى المدينة آخى بين المهاجرين والأنصار ، فكان اذا مات الرجل يرِثه أخوه في الدين ، ويأخذ المال، وكان ما ترك له دُون ورثته.
فلما كان بعد ذلك أنزل اللّه
(النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفًا ) (3) فنسخت آية الأخوة بقوله:
(وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ)(4).
(137) ـ قوله تعالى:
{وَالَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُوْلَئِكَ مِنكُمْ وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } (5).
152 ـ عن زيد بن علي (عليه السلام) ، في قوله تعالى
(وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ ).
قال : ذاك علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان مهاجراً ذا رَحِم
(6).
---------------------------
(1) تفسير العياشي، ج 2، ص 68، ح 79.
(2) الانفال، الآية: 72.
(3) الاحزاب، الآية: 6.
(4) تفسير القمي، ج 1، ص 280.
(5) الانفال، الآية: 75.
(6) المناقب، ابن شهر آشوب، ج 2، ص 168.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 89 _
(138) ـ قوله تعالى :
{أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللّهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ـ الى قوله تعالى ـ
إِنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ }(1).
153 ـ عن علي بن ابراهيم، قال : حدثني أبي، عن صفوان ، عن ابن مُسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال : ( نزلت في علي (عليه السلام) وحمزة والعباس وشَيبَة ، قال العباس أنا أفضل، لأن سقاية الحاج بيدي ، وقال شيبة : أنا أفضل ، لأن حِجابة البيت بيدي ، وقال حمزة : أنا أفضل، لأن عمارة المسجد الحرام بيدي ، وقال علي (عليه السلام): أنا أفضل، لأني آمنت قبلكم ، ثم هاجرت وجاهدت .
فرضوا برسول اللّه (صلى الله عليه وآله) [حَكَماً]، فأنزل اللّه تعالى:
(أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللّهِ) الى قوله تعالى :
( إِنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ) "
(2).
154 ـ عن أبي علي الاشعري، عن محمد بن عبدالجبار ، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مُسكان ، عن أبي بصير ، عن أحدهما (عليه السلام) في قول اللّه عزّوجل
(أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) نزلت في حمزة وعلي (عليه السلام) وجعفر والعباس وشَيبة ، إنهم فخروا بالسقاية والحجابة ، فأنزل اللّه عزّ ذكره :
(أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) وكان علي (عليه السلام) وحمزة
---------------------------
(1) التوبة، الآية: 19 ـ 22.
(2) تفسير القمي، ج 1، ص 284.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 90 _
وجعفر هم الذين أمنوا باللّه واليوم الآخر، وجاهدوا في سبيل اللّه لا يستوون عند اللّه )
(1).
(139) ـ قوله تعالى :
{إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلِّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ } (2).
155 ـ قوله تعالى :
(إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلِّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ) كان سبب نزولها أن رجلاً من كنانة كان يقف في الموسم، فيقول : قد أحللتُ دماء المحلّين من طيّيء وخثعم في شهر المحرم وأنسأتُه ، وحرمتُ بَدَلَه صَفَراً.
فإذا كان العام المقبل، يقول : قد أحللتُ صَفَراً وأنسأتُه وحرّمتُ بدَله شهر المحرم.
فأنزل اللّه
(إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ) الى قوله
(زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ) "
(3).
(140) ـ قوله تعالى :
{وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَا آتَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللّهِ رَاغِبُونَ } (4).
156 ـ أنها نزلت لما جاءت الصدقات، وجاء الانبياء وظنوا أن الرسول (صلى الله عليه وآله) يُقسِّمُها بينهم ، فلما وضعها رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) في الفقراء تغامزوا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ولَمّزوه، وقالوا: نحن الذين نقوم في الحرب، ونغزوا معه ، ونُقوّي أمره، ثم يدفع الصدقات الى هؤلاء الذين لا يُعينونه ، ولا يُغنون عنه شيئاً ؟!
فأنزل اللّه:
(وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَا آتَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ
---------------------------
(1) الكافي، الكليني، ج 8، ص 203، ح 245.
(2) التوبة، الآية: 37.
(3) تفسير القمي، ح 1، ص 290.
(4) التوبة، الآية: 59.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 91 _
وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللّهِ رَاغِبُونَ) )
(1).
(141) ـ قوله تعالى :
{ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أُذن قل أُذن خير لكم يؤمن باللّه ويؤمن للمؤمنين} (2).
157 ـ عن الصادق (عليه السلام): أن هذه الآية نزلت في عبداللّه بن نُفيل المنافق، يسمع كلام رسول اللّه وينقله الى المنافقين، ويعيبه عندهم، وينُمُّ عليه أيضاً، فنزل جبرئيل (عليه السلام) فأخبره بذلك المنافق، فأحضره ونَهاه عن ذلك واستتابه
(3).
(142) ـ قوله تعالى :
{ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أباللّه وأياته ورسوله كنتم تستهزءون * لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين} (4).
158 ـ كان قوم من المنافقين لما خرج رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) الى تبوك ، كانوا يتحدثون فيما بينهم ويقولون : أيرى محمد أن حرب الروم مثل حرب غيرهم ، لا يرجع منهم أحدٌ أبداً.
فقال بعضهم : ما أخلَقه أن يُخبِرَ اللّه محمداً بما كنّا فيه وبما في قلوبنا ويُنزِّل عليه بهذا قرآناً يقرؤه الناس! وقالوا هذا على حدّ الاستهزاء.
فقال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) لعمار بن ياسر : ( الحَقِ القوم، فإنهم قد احترقوا ) فلَحِقهم عمار ، فقال : ما قلتم ؟
قالوا : ما قلنا شيئا ، إنما كنا نقول شيئاً على حدِّ اللعب والمِزاح فأنزل اللّه:
(ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أباللّه وأياته ورسوله كنتم تستهزءون * لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين) )
(5) .
---------------------------
(1) تفسير القمي، ج 1، ص 298.
(2) التوبة، الآية: 61.
(3) نهج البيان، ج 2، ص 140 (مخطوط).
(4) التوبة، الآية: 65 ـ 66.
(5) تفسير القمي، ج 1، ص 300.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 92 _
(143) ـ قوله تعالى :
{يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ} (1).
159 ـ قال أبان بن تغلب ، عنه [أبا عبداللّه] (عليه السلام) : ( لما نَصبَ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) علياً (عليه السلام) يوم غدير خم ، فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، ضَمّ رجلان من قريش رؤوسهما وقالا واللّه لا نُسلّم له ما قال أبداً.
فأخبر النبي (صلى الله عليه وآله) فسألهما عما قالا ، فكذّبا وحلفا باللّه ما قالا شيئاً ، فنزل جبرئيل على رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)
(يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ) الآية ).
قال ابو عبداللّه (عليه السلام) : ( لقد تولّيا وماتابا )
(2).
160 ـ نزلت في الذين تحالفوا في الكعبة ألاّ يَرُدّوا هذا الأمر في بني هاشم ، وهي كلمة الكفر ، ثم قعدوا لرسول اللّه (صلى الله عليه وآله) في العَقَبة وهمّوا بقتله ، وهو قوله تعالى :
(وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ) "
(3).
(144) ـ قوله تعالى :
{اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ }(4).
161 ـ إنها نزلت لما رجع رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) الى المدينة ومرض عبداللّه بن أُبي، وكان ابنه عبداللّه بن عبداللّه مؤمناً ، فجاء الى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وأبوه يجود بنفسه ، فقال : يا رسول اللّه، بأبي أنت وأمي ، إنك إن لم تأت أبي كان ذلك عاراً علينا ، فدخل اليه رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) والمنافقون عنده، فقال ابنه عبداللّه بن عبداللّه: يا رسول اللّه، استغفر له فاستغفر له.
فقال عمر : ألم ينهك اللّه ـ يا رسول اللّه ـ أن تُصلّي عليهم أو تستغفر له ؟
---------------------------
(1) التوبة، الآية: 74.
(2) تفسير العياشي، ج 2، ص 100، ح 91.
(3) تفسير القمي، ج 1، ص 301.
(4) التوبة، الآية: 80.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 93 _
فأعرض عنه رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ، وأعاد عليه ، فقال له : ( ويلك ، إني خُيِّرت فاخترت ، إن اللّه يقول :
(اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ ).
فلما مات عبداللّه جاء ابنه الى رسول اللّه، فقال : بأبي أنت وأمي ـ يا رسول اللّه ـ إن رأيت أن تحضر جنازته.
فحضره رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)، وقام على قبره ، فقال له عمر : يا رسول اللّه ، ألم ينهك اللّه أن تصلّي على أحد منهم ماتَ أبداً، وأن تقوم على قبره ؟
فقال له رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) : ( ويلك وهل تدري ما قلت ، إنما قلت : اللّهم احشُ قبره ناراً ، وجوفه ناراً، واصله النار ).
فبدا من رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ما لم يكن يُحب
(1).
162 ـ عن أبي الجارود، عن أبي عبداللّه (عليه السلام) ، في قول اللّه:
(الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ ) (2).
قال : ( ذهب علي أمير المؤمنين فآجَرَ نفسه على أن يستقى كل دلو بتمرة يختارها ، فجمع تمراً فأتى به النبي (صلى الله عليه وآله) وعبدالرحمن بن عوف على الباب، فَلَمزَه ـ أي وقع فيه ـ فأُنزلت هذه الآية
(الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ) الى قوله:
(اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ) )
(3).
(145) ـ قوله تعالى :
{فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ـ الى قوله تعالى ـ
وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ} (4).
163 ـ نزلت في الجَدِّ بن قيس لما قال لقومه : لا تخرجوا في الحَر، ففضَح اللّه الجَدَّ بن قيس وأصحابه ، فلما اجتمع لرسول اللّه (صلى الله عليه وآله) الخيول ارتحل من ثنية الوداع ، وخلّف أمير المؤمنين (عليه السلام) على المدينة، فأرجف المنافقون بعلي (عليه السلام) ، فقالوا : ما خلّفه
---------------------------
(1) تفسير القمي، ج 1، ص 302.
(2) التوبة، الآية: 79.
(3) تفسير العياشي، ج 2، ص 101، ح 93.
(4) التوبة، الآية: 81 ـ 84.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 94 _
إلا تشاؤماً به .
فبلغ ذلك علياً فأخذ سيفه وسلاحه ولحِق برسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بالجرف ، فقال له رسول اللّه : ( يا علي ، ألم أخلِّفك على المدينة ؟ ).
قال : ( نعم ، ولكن المنافقين زعموا أنك خلّفتني تَشاؤماً بي ).
فقال : ( كذب المنافقون ـ يا علي ـ أما ترض أن تكون أخي وأنا أخاك بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي ، وأنت خليفتي في أمتي، وأنت وزيري ووصيّي وأخي في الدنيا والآخرة ) فرجع علي (عليه السلام) الى المدينة
(1).
(146) ـ قوله تعالى :
{سَيَحْلِفُونَ بِاللّهِ لَكُمْ إِذَا انقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُواْ عَنْهُمْ ـ الى قوله تعالى ـ
قُرُبَاتٍ عِندَ اللّهِ} (2).
164 ـ ولما قَدِم النبي (صلى الله عليه وآله) من تبوك كان أصحابه المؤمنون يتعرضون للمنافقين ويؤذونهم ، وكانوا يحلفون لهم أنهم على الحق وليس هم بمنافقين لكي يعرضوا عنهم ويرضوا عنهم، فأنزل اللّه
(سَيَحْلِفُونَ بِاللّهِ لَكُمْ إِذَا انقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُواْ عَنْهُمْ فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءَ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ * يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِن تَرْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ).
ثم وصَف الأعراب، فقال :
(الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ السَّوْءِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ـ الى قوله ـ
قُرُبَاتٍ عِندَ اللّهِ) )
(3).
(147) ـ قوله تعالى :
{وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ } (4).
---------------------------
(1) تفسير القمي، ج 1، ص 292.
(2) التوبة، الآية: 95 ـ 99.
(3) تفسير القمي، ج 1، ص 302.
(4) التوبة، الآية: 100.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 95 _
165 ـ مالك بن أنس، عن سُمَي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، قال : ( والسابقون الأولون " نزلت في أمير المؤمنين ، فهو أسبق الناس كلهم بالإيمان، وصلى الى القبلتين، وبايع البيعتين: بيعة بدر ، وبيعة الرضوان، وهاجر الهجرتين: مع جعفر من مكة الى الحبشة، ومن الحبشة الى المدينة )
(1) (2).
166 ـ عن الصادق (عليه السلام): ( أنها نزلت في علي (عليه السلام) ومن تبعه من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان ، رضي اللّه عنهم ورضوا عنه ، وأعدّ لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ، ذلك الفوز العظيم )
(3).
(148) ـ قوله تعالى :
{وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } (4).
167 ـ عن هشام بن سالم ، عن أبي عبداللّه (عليه السلام) ، في قول اللّه :
(وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللّهِ).
قال : ( هم قوم من المشركين أصابوا دَماً من المسلمين، ثم أسلموا، فهم المرجون لأمر اللّه )
(5).
(149) ـ قوله تعالى :
{وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ ـ الى قوله تعالى ـ
وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ } (6).
168 ـ إنه كان سبب نزولها أنه جاء قوم من المنافقين الى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ، فقالوا يا رسول اللّه ، أتأذن لنا أن نبني مسجداً في بني سالم للعليل ، والليلة المطيرة، وللشيخ الفاني ؟
---------------------------
(1) المناقب، ابن شهرآشوب، ج 2، ص 5، وشواهد التنزيل، ج 1، ص 256، ح 346.
(2) وفي الشواهد : وهاجر الهجرتين ، بلا تحديد ، وهو الأرجح ، وكان المراد بهما : هجرته الى الطائف، وهجرته الى المدينة ، وإلا فلم يثبت أنه هاجر مع أخيه جعفر الى الحبشة.
(3) نهج البيان، ج 2 ، ص 140 (مخطوط).
(4) التوبة، الآية: 106.
(5) تفسير العياشي، ج 2 ، ص 110، ح 128.
(6) التوبة، الآية: 107 ـ 108.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 96 _
فأذِن لهم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وهو على الخروج الى تبوك.
فقالوا : يا رسول اللّه، لو أتيتنا فصلّيتَ فيه ؟
فقال (صلى الله عليه وآله) : ( أنا على جَناح السفر، فإذا وافيت ـ إن شاء اللّه ـ أتيتُه فصلّيت فيه ).
فلما أقبل رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) من تبوك نزلت عليه هذه الآية في شأن المسجد وأبي عامر الراهب، وقد كانوا حَلَفوا لرسول اللّه (صلى الله عليه وآله) أنهم يبنون ذلك للصلاح والحُسنى ، فأنزل اللّه على رسوله
(وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ ) يعني أبا عامر الراهب، كان يأتيهم فيذكر رسول اللّه وأصحابه
(وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ) يعني مسجد قُبا
(أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) قال: كانوا يتطهرون بالماء
(1).
(150) ـ قوله تعالى :
{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ }(2).
169 ـ أن المسلمين قالوا للنبي (صلى الله عليه وآله): ألا تستغفر لآبائنا الذين ماتوا في الجاهلية، فأنزل اللّه سبحانه هذه الآية
(3).
(151) ـ قوله تعالى :
{وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ } (4)
170 ـ عن أبي اسحاق الهمداني، ( رفعه ) عن رجل، قال : صلّى رجل الى جنبي فاستغفر لأبويه ، وكانا ماتا في الجاهلية، فقلت : تستغفر لأبويك وقد ماتا في الجاهلية ؟
فقال : قد استغفر ابراهيم لأبيه.
فلم أدرِ ما أردّ عليه، فذكرتُ ذلك للنبي (صلى الله عليه وآله) فأنزل اللّه
(وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ
---------------------------
(1) تفسير القمي، ج 1، ص 305.
(2) التوبة، الآية: 113.
(3) مجمع البيان، الطبرسي، ج 5، ص 115.
(4) التوبة، الآية: 114.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 97 _
لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ )، قال : لما مات تبين أنه عدو للّه فلم يستغفرله
(1).
(152) ـ قوله تعالى :
{لَقَد تَّابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ ـ الى قوله تعالى ـ
التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } (2).
171 ـ روي أن السبب في هذه الآية عن أبي جعفر وأبي عبداللّه (عليهما السلام): ( أن النبي (صلى الله عليه وآله) لما توجه الى غَزاة تبوك تخلّف عنه كعب بن مالك الشاعر، ومرارة بن الربيع، وهلال بن أُمية الرافعي، تخلّفوا عن النبي (صلى الله عليه وآله) على أن يتحوجوا ويلحقوه، فلهوا بأموالهم وحوائجهم عن ذلك ، وندموا وتابوا ، فلما رجع النبي مظفراً منصوراً أعرض عنهم، فخرجوا على وجوههم وهاموا في البرية مع الوحوش، وندِموا أصدق ندامة، وخافوا أن لا يقبل اللّه توبتهم ورسوله لإعراضه عنهم ، فنزل جبرئيل (عليه السلام) فتلا على النبي، فأنفذ اليهم مَن جاء بهم ، فتلا عليهم، وعرّفهم أن اللّه قد قَبِل توبتهم )
(3).
---------------------------
(1) تفسير العياشي، ج 2، ص 114، ح 148.
(2) التوبة، الآية: 117 ـ 118.
(3) نهج البيان، ج 2، ص 141.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 98 _
(153) ـ قوله تعالى :
{فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ } (1).
172 ـ عن عمرو بن سعيد الراشدي، عن ابن مُسكان ، عن أبي عبداللّه (عليه السلام)، قال : ( لما أسري برسول اللّه (صلى الله عليه وآله) الى السماء، فأوحى اللّه اليه في علي (صلوات اللّه عليه) ما أوحى من شرفه وعِظَمه عند اللّه، ورُدّ الى البيت المعمور، وجمع له النبيين فصلّوا خلفه ، عَرض في نفس رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) من عِظَم ما أوحى اللّه اليه في علي (عليه السلام)، فأنزل اللّه :
(فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ) يعني الانبياء، فقد أنزلنا عليهم في كتبهم من فضله ما أنزلنا في كتابك
(لَقَدْ جَاءكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ)،
(وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِ اللّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) (2).
فقال الصادق (عليه السلام): ( فواللّه ما شكّ وما سأل )
(3).
(154) ـ قوله تعالى:
{وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ * وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ} (4).
173 ـ حدثنا تميم بن عبداللّه بن تميم القرشي، قال : حدّثنا أبي، عن أحمد بن علي الأنصاري ، عن أبي الصلت عبدالسلام بن صالح الهروي، في مسائل سألها المأمون أبا الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، فكان فيما سأله أن قال له المأمون : فما معنى قول اللّه تعالى :
(وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ * وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ).
فقال الرضا (عليه السلام) : ( حدثني أبي موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه
---------------------------
(1) يونس ، الآية: 94.
(2) يونس ، الآية: 95.
(3) تفسير القمي، ج 1، ص 316.
(4) يونس ، الآية: 99 ـ 100.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 99 _
محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السلام) ، قال : إن المسلمين قالوا لرسول اللّه (صلى الله عليه وآله): لو أكرهتَ ـ يا رسول اللّه ـ من قَدرت عليه من الناس على الاسلام لكثر عددنا وقَوِينا على عدونا.
فقال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) : ما كنت لألقى اللّه تعالى ببدعة لم يُحدِث لي فيها شيئاً، وما أنا من المتكلفين.
فأنزل اللّه تبارك وتعالى عليه : يا محمد
(وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ) على سبيل الإلجاء والاضطرار في الدنيا، كما يؤمنون عند المُعاينة ورؤية البأس في الآخرة، ولو فعلتُ ذلك بهم لم يستحقوا مني ثواباً ولا مَدحاً ، لكني أريد منهم أن يؤمنوا مختارين غير مضطرين ، ليستحقوا مني الزلفى والكرامة ودوام الخلود في جنة الخلد
(أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ).
وأما قوله تعالى :
(وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ) فليس ذلك على سبيل تحريم الايمان عليها ، ولكن على معنى أنها ما كانت لتؤمن إلا باذن اللّه ، وإذنه أمرهُ لها بالايمان ما كانت مكلّفة متعبدة ، وإلجاؤه إياها الى الايمان عند زوال التكليف والتعبّد عنها ).
فقال المأمون: فرّجت عني ـ يا أبا الحسن ـ فرّج اللّه عنك
(1).
---------------------------
(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام)، ج 1، ص 134، ح 33.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 100 _
(155) ـ قوله تعالى :
{أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ }(1).
174 ـ عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن سدير ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : ( أخبرني جابر بن عبداللّه : أن المشركين كانوا اذا مروا برسول اللّه (صلى الله عليه وآله) حول البيت طأطأ أحدهم رأسه وظهره ـ هكذا ـ وغطّى رأسه بثوبه حتى لا يراه رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ، فأنزل اللّه عزّوجل:
(أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ) )
(2).
(156) ـ قوله تعالى:
{فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاء مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنتَ نَذِيرٌ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ } (3).
175 ـ عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، والحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي، عن ابن مسكان ، عن عمار بن سويد ، قال : سمعت أبا عبداللّه (عليه السلام) يقول في هذه الآية:
(فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاء مَعَهُ مَلَكٌ ).
فقال : ( إن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) لما نزل قُديداً ، قال لعلي (عليه السلام): يا علي ، إني سألتُ ربي أن يُوالي بيني وبينك ففعل ، وسألت ربي أن يؤاخي بيني وبينك ففعل ، وسألت ربي أن يجعلك وصيّي ففعل.
فقال رجلان من قريش : واللّه لصاعٌ من تمر في شَنٍّ بال أحبُّ إلينا مما سأل محمد ربه ، فهلاّ سأل ربه مَلكاً يعضده على عدوه ، أو كنزاً يستغني به عن فاقته ؟ ! واللّه ما
---------------------------
(1) هود، الآية: 5.
(2) الكافي، الكليني، ج 8، ج 144، ح 115.
(3) هود، الآية: 12.