230 ـ نزلت في قريش ، حين صدّوا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) عن مكة
(1).
(202) ـ قوله تعالى :
{وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } (2).
231 ـ عن الحسين بن محمد ، بإسناده الى عبدالرحمن بن كثير ، قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السلام) عن قول اللّه عزوجل :
(وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ).
قال : ( نزلت فيهم حيث دخلوا الكعبة، فتعاهدوا وتعاقدوا على كفرهم وجحودهم بما نزل في أمير المؤمنين (عليه السلام)، فألحَدوا في البيت بظلمهم الرسول (صلى الله عليه وآله) ووليّه (عليه السلام)، فبُعداً للقوم الظالمين )
(3).
(203) ـ قوله تعالى :
{الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ }(4).
232 ـ عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن أبي جعفر الأحول، عن سلاّم بن المستنير، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول اللّه تبارك وتعالى :
(الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ)، قال : ( نزلت في رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)، وعلي ، وجعفر ، وحمزة ، وجرت في الحسين (عليهم السلام) أجمعين )
(5).
(204) ـ قوله تعالى :
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ ـ الى قوله تعالى ـ
عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ } (6).
233 ـ عن أبي عبداللّه (عليه السلام) : ( أن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) أصابته خصاصة ، فجاء الى رجل من الأنصار، فقال له : هل عندك من طعام ؟
فقال : نعم ، يا رسول اللّه، وذبح له عتاقاً، وشواه ، فلما أدناه منه تمنّى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) أن يكون معه علي وفاطمة والحسن ، والحسين (عليهم السلام).
فجاء أبو بكر وعمر ، ثم جاء علي (عليه السلام) بعدهما ، فأنزل اللّه في ذلك :
(وَمَا أَرْسَلْنَا مِن
---------------------------
(1) تفسير القمي، ج 2، ص 83.
(2) الحج، الآية: 25.
(3) الكافي، الكليني، ج 1، ص 348، ح 44.
(4) الحج، الآية: 40.
(5) الكافي، الكليني، ج 8، ص 337، ح 534.
(6) الحج، الآية: 52 ـ 55.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 127 _
قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ) ولا مُحدّث
(إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ) يعني فلاناً وفلاناً
(فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ) يعني لما جاء علي (عليه السلام) بعدهما
(ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ) يعني بنصرة أمير المؤمنين (عليه السلام) ).
ثم قال :
(لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً) يعني فلانا وفلانا
(لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ) قال: الشك
(وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ) الى قوله :
(إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) يعني الى الإمام المستقيم ".
ثم قال:
(وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ ) أي في شك من أمير المؤمنين (عليه السلام)
(حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ) قال : العقيم: الذي لا مثل له في الأيام
(1).
(205) ـ قوله تعالى :
{وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ـ الى قوله تعالى ـ
إِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ} (2).
234 ـ حدثنا محمد بن هَمام ، عن محمد بن اسماعيل ، عن عيسى بن داود ، عن موسى بن جعفر، عن أبيه (عليه السلام)، في قول اللّه عزوجل :
(وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا ) الى قوله :
(إِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ).
قال : ( نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) خاصة )
(3).
(206) ـ قوله تعالى:
{لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ ـ الى قوله تعالى ـ
عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ } (4).
235 ـ حدثنا محمد بن همام ، عن محمد بن اسماعيل ، عن عيسى بن داود ، قال : حدثنا الامام موسى بن جعفر عن أبيه (عليهما السلام)، قال : ( لما نزلت هذه الآية:
(لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ)، جمعهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ثم قال : يا معاشر المهاجرين
---------------------------
(1) تفسير القمي، ج 2، ص 85.
(2) الحج، الآية: 58 ـ 59.
(3) تأويل الآيات، ج 1، ص 348، ح 35.
(4) الحج، الآية: 67ـ70.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 128 _
والانصار ، ان الله تعالى يقول
(لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ) والمنسك هو الامام لكل أمة بعد نبيها، حتى يدركه نبي ، ألا وأن لزوم الامام وطاعته هو الدين ، وهو المنسك، وهو علي بن أبي طالب (عليه السلام) امامكم بعدي ، فاني أدعوكم الى هداه فانه على هدى مستقيم.
فقام القوم يتعجبون من ذلك ، ويقولون : والله اذن لننازعن الامر ، ولا نرضى طاعته أبداً وان كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) المفتون به.
فأنزل الله عز وجل :
(وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُّسْتَقِيمٍ * وَإِن جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ * اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ * أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) (1).
(207) ـ قوله تعالى :
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ ـ الى قوله تعالى ـ
ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} (2).
236 ـ عن محمد بن يحيى ، عن بعض أصحابه، عن العباس بن عامر، عن أحمد بن رزق الغمشاني، عن عبد الرحمن بن الاشل بيّاع الانماط، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال : ( كانت قريش تلطخ الاصنام التي كانت حول الكعبة بالمِسْك والعَنْبر، وكان يغوث قبال الباب، وكان يعوق عن يمين الكعبة، وكان نسر عن يسارها ، وكانوا اذا دخلوا ، خرّوا سجّداً ليغوث، ولا ينحنون ، ثم يستديرون بحيالهم الى يعوق ، ثم يستديرون بحيالهم الى نسر ، ثم يلبّون ، فيقولون : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك ، ألا شريك هو لك ، تملكه وما ملك ).
قال : ( فبعث الله ذباباً أخضر، له أربعة أجنحة، فلم يبق من ذلك المسك والعنبر شيئاً الا أكله، فأنزل الله عز وجل :
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ
---------------------------
(1) تأويل الآيات، ج 1، ص 349، ح 37.
(2) الحج، الآية: 73.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 129 _
الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ) ) (1).
(208) ـ قوله تعالى:
{أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (2).
237 ـ حدثنا محمد بن عمر الحافظ، قال : حدثنا الحسن بن عبد الله التميمي ، قال : حدثني أبي، قال : حدثني سيدي علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه، علي بن الحسين، عن أبيه الحسين عن علي (عليهم السلام)، قال : (
(وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) (3) نزلت فيّ ).
وقال (عليه السلام) في قوله تعالى :
(أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) ( نزلت فيّ)
(4).
(209) ـ قوله تعالى :
{قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ ـ الى قوله تعالى ـ
لَقَادِرُونَ}(5).
238 ـ حدثنا علي بن العباس، عن الحسن بن محمد ، عن العباس بن أبان العامري، عن عبد الغفار ، باسناده ، يرفعه الى عبد الله بن عباس ، وعن جابر بن عبد الله، قال
---------------------------
(1) الكافي، الكليني، ج 4، ص 542، ح 11.
(2) المؤمنون، الآية: 10 ـ 11.
(3) الواقعة، الآية: 10 ـ 11.
(4) عيون أخبار الرضا (عليه السلام)، ج 2، ص 65، ح 288.
(5) المؤمنون، الآية: 93 ـ 95.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 130 _
جابر : اني كنت لادناهم من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قالا : سمعنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وهو في حجة الوداع بمنى ، يقول : ( لأعرفنكم بعدي ترجعون كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض ، ولايم اللّه، ان فعلتموها لتعرفني في كتيبة يضاربونكم ) .
قال ، ثم التفت خلفه ، ثم أقبل بوجهه ، فقال : ( أوعليّ، أوعليّ ).
قال : حدثنا أن جبرئيل غمزه ، وقال مرة أخرى ، فرأينا أن جبرئيل قال له ، فنزلت هذه الآية :
(قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ* رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَإِنَّا عَلَى أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ ) (1)
(210) ـ قوله تعالى :
{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلَّا أَنفُسُهُمْ ـ الى قوله تعالى ـ
إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ }(2).
239 ـ عن علي بن ابراهيم ، عن أبيه، عن ابن محبوب ، عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال : ان عباد البصري سأل أبا عبد الله (عليه السلام) وأنا حاضر : كيف يلاعن الرجل المراة ؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : ( ان رجلا من المسلمين أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فقال : يارسول الله، أرأيت لو أن رجلا دخل منزله ، فوجدمع امرأته رجلا مجامعها ، ما كان يصنع ؟ قال : ( فأعرض عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فانصرف ذلك الرجل، وكان ذلك الرجل هو الذي ابتلي بذلك من إمرأته ـ قال ـ فنزل عليه الوحي من عند الله تعالى بالحكم فيهما ، فأرسل رسول الله (صلى الله عليه وآله) الى لك الرجل فدعاه فقال له : أنت الذي رأيت مع
---------------------------
(1) تأويل الآيات، ج 1، ص 355، ح 8.
(2) النور، الآية: 6 ـ 9.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 131 _
امرأتك رجلا ؟
فقال : نعم .
فقال له : انطلق فأتني بأمرأتك ، فان الله تعالى قد أنزل الحكم فيك وفيها ).
قال : ( فأحضرها زوجها، فأوقفهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ثم قال للزوج : اشهد أربع شهادات بالله انك لمن الصادقين فيما رميتها به ـ قال ـ فشهد ، ثم قال له : اتق الله، فان لعنة الله شديدة ، ثم قال له : اشهد الخامسة أن لعنة الله عليك ان كنت من الكاذبين ـ قال ـ فشهد ، ثم أمر به فنحي، ثم قال للمرأة : اشهدي أربع شهادات بالله أن زوجك لمن الكاذبين فيما رماك به ـ قال ـ فشهدت ، ثم قال لها : أمسكي ، فوعظها ، وقال لها : اتق الله، فإن غضب الله شديد ، ثم قال لها اشهدي الخامسة أن غضب الله عليك ان كان زوجك من الصادقين فيما رماك به ـ قال ـ فشهدت ـ قال ـ ففرق بينهما ، وقال لهما : لا تجتمعا بنكاح أبداً بعدما تلاعنتما )
(1).
(211) ـ قوله تعالى :
{إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ } (2).
240 ـ انما نزلت في مارية القبطية، وما رمتها به عائشة
(3).
(212) ـ قوله تعالى:
{قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ } (4).
241 ـ عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة ، عن سعد الاسكاف ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال : ( استقبل شاب من الانصار امرأة بالمدينة ، وكان النساء يتقنعنَّ خلف اذانهن ، فنظر اليها وهي مقبلة ، فلما جازت نظر اليها ، ودخل في زقاق قد سماه ببني فلان ، فجعل ينظر خلفها ، واعترض وجهه عظم
---------------------------
(1) الكافي، ج 6، ص 163، ح 4.
(2) النور، الآية: 11.
(3) تفسير القمي، ج 2، ص 99.
(4) النور، الآية : 30.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 132 _
في الحائط ، أو زجاجة، فشق وجهه ، فلما مضت المرأة، نظر فاذا الدماء تسيل على صدره وثوبه ، فقال : والله لاتين رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولاخبرنه.
قال : فأتاه ، فلما رآه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال له : ماهذا ؟
فأخبره ، فهبط جبرئيل (عليه السلام) بهذه الآية:
(قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) (1).
(213) ـ قوله تعالى :
{وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ـ الى قوله تعالى ـ
فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ } (2).
242 ـ حدثني أبي، عن ابن أبي عمير ، عن ابن سنان ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : ( نزلت هذه الآية في أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، وعثمان ، وذلك أنه كان بينهما منازعة في حديقة، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): ترضى برسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟
فقال عبد الرحمن بن عوف له : لا تحاكمه الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فانه يحكم له عليك، ولكن حاكمه الى ابن شيبة اليهودي.
فقال عثمان لامير المؤمنين (عليه السلام) : لا أرضى الا بابن شيبة ، فقال ابن شيبة : تأتمنون رسول الله على وحي السماء، وتتهمونه في الاحكام! فأنزل الله على رسوله :
(وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ) الى قوله :
(أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)، ثم ذكر الله أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال :
(إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ) الى قوله :
(فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ) "
(3).
243 ـ حدثنا محمد بن الحسين بن حُميد ، عن جعفر بن عبد الله المحمدي ، عن كثير بن عياش، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز وجل :
(وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ) الى قوله
---------------------------
(1) الكافي، الكليني، ج 5، ص 521، ح 5.
(2) النور ، الآية: 47 ـ 52.
(3) تفسير القمي، ج 2، ص 107.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 133 _
تعالى :
(مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ ) .
قال : ( انما نزلت في رجل اشترى من علي بن أبي طالب (عليه السلام) أرضاً، ثم ندم ، وندّمه أصحابه ، فقال لعلي (عليه السلام) : لاحاجة لي فيها.
فقاله : قد اشتريت ورضيت ، فانطلق أخاصمك الى رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فقال له أصحابه : لا تخاصمه الى رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فقال : انطلق أخاصمك الى أبي بكر ، وعمر ، أيهما شئت ، كان بيني وبينك.
قال علي (عليه السلام) : لا والله، ولكن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيني وبينك ، فلا أرضى بغيره.
فأنزل الله عز وجل هذه الآيات
(وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا) الى قوله :
(وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) )
(1).
(214) ـ قوله تعالى :
{وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } (2).
244 ـ نزلت في العجائز اللاتي قد يئسن من المحيض والتزويج، أن يضعن الثياب، ثم قال :
(وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ)، قال : أي لا يظهرن للرجال
(3).
(215) ـ قوله تعالى:
{لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ ـ الى قوله تعالى ـ
لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا }(4).
245 ـ في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله :
(لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ).
قال : ( وذلك أن أهل المدينة، قبل أن يسلموا كانوا يعتزلون الاعمى والاعرج والمريض ، وكانوا لا يأكلون معهم، وكان الانصار فيهم تيه وتكرم ، فقالوا : ان الاعمى
---------------------------
(1) تأويل الآيات، ج 1، ص 367،ح 19.
(2) النور، الآية: 60.
(3) تفسير القمي، ج 2، ص 108.
(4) النور، الآية 61.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 134 _
لايبصر الطعام والاعرج لا يستطيع الزحام على الطعام ، والمريض لا يأكل كما يأكل الصحيح فعزلوا لهم طعامهم على ناحية ، وكانوا يرون عليهم في مؤاكلتهم جناحاً ، وكان الاعمى و المريض يقولون : لعلنا نؤذيهم اذا أكلنا معهم ، فاعتزلوا مؤاكلتهم .
فلما قدم النبي (صلى الله عليه وآله) سألوه عن ذلك ، فأنزل الله:
( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا ) "
(1).
246 ـ انها نزلت لما هاجر رسول الله (صلى الله عليه وآله) الى المدينة، وآخى بين المسلمين ، من المهاجرين والانصار ، وآخى بين بكر وعمر ، وبين عثمان وعبد الرحمن بن عوف ، وبين طلحة والزبير ، وبين سلمان وأبي ذر ، وبين المقداد وعمار ، وترك أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فاغتم من ذلك غمّاً شديداً ، فقال : ( يا رسول الله، بأبي أنت وأمي ، لم لا تؤاخي بيني وبين أحد ؟ ) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ( والله ـ ياعلي ـ ما حبستك الا لنفسي ، أما ترضى أن تكون أخي وأنا أخوك في الدنيا والاخرة ؟
وأنت وصيي ووزيري ، وخليفتي في أمتي ، تقضي ديني ، وتنجز عداتي ، وتتولى غسلي ، ولا يليه غيرك ، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى ، الا أنه لانبي بعدي ( فاستبشر أمير المؤمنين بذلك فكان بعد ذلك اذا بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحداً من أصحابه في غزاة ، أو سرية ، يدفع الرجل مفتاح بيته الى أخيه في الدين، ويقول له : خذ ماشئت ، وكل ماشئت ، فكانوا يمتنعون من ذلك حتى ربما فسد الطعام في البيت، فأنزل الله:
( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا )، يعني ان حضر صاحبه، أو لم يحضر ، اذا ملكتم مفاتحه
(2).
(216) ـ قوله تعالى :
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ـ الى قوله تعالى ـ
فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ} (3) .
---------------------------
(1) تفسير القمي، ج 2 ، ص 108.
(2) تفسير القمي، ج 2 ، ص 109.
(3) النور، الآية: 62.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 135 _
247 ـ في قوله تعالى
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ) الى قوله تعالى:
(حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ ) فانها نزلت في قوم كانوا اذا جمعهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) لامر من الامور، في بعث يبعثه أو حرب قد حضرت ، يتفرقون بغير اذنه ، فنهاهم الله عز وجل عن ذلك
(1).
248 ـ في قوله تعالى :
( فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ)، قال : نزلت في حنظلة بن أبي عياش
(2) وذلك أنه تزوج في الليلة التي في صبيحتها حرب أحد ، فاستأذن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يقيم عند أهله، فأنزل الله هذه الآية :
(فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ ) ، فأقام عند أهله ، ثم أصبح وهو جنب، فحضر القتال واستشهد ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ( رأيت الملائكة تغسل حنظلة بماء المزن ، في صحائف فضة ، بين السماء والارض ) فكان يسمى غسيل الملائكة
(3).
(217) ـ قوله تعالى :
{لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا ـ الى قوله تعالى ـ
أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }(4)
249 ـ أخبرنا أبو منصور زيد بن طاهر ، وبشار البصري، قالا : قدم علينا بواسط أبو الحسين محمد بن يعقوب الحافظ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن عدي ، عن محمد بن علي الآيلي ، عن أحمد بن محمد بن سعيد ، عن عبد الله بن محمد بن أبي مريم ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه ، عن الحسين بن علي ، عن أمه فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين (عليهما السلام) ، قالت : ( علي سيدي (صلوات الله وسلامه عليه) قرأ هذه الآية :
(لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا) ـ قالت فاطمة ـ فجئت النبي (صلى الله عليه وآله) أن أقول له : ياأباه ، فجعلت أقول : يارسول الله.
---------------------------
(1) تفسير القمي، ج 2 ، ص 109.
(2) والصحيح ابن أبي عامر، انظر أسد الغابة، ج 2 ، ص 69.
(3) تفسير القمي، ج 2 ، ص 110.
(4) النور، الآية: 63.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 136 _
فأقبل علي ، وقال : يابنية ، لم تنزل فيك ولا في أهلك من قبل ، قال: أنت مني ، وأنا منك ، وانما نزلت في أهل الجفاء، وان قولك : ياأباه ، أحب الى قلبي ، وأرضى للرب ، ثم قال : أنت نعم الولد، وقبل وجهي، ومسحني من ريقه ، فما احتجت الى طيب بعده )
(1).
(218) ـ قوله تعالى :
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ ـ الى قوله تعالى ـ
بُكْرَةً وَأَصِيلًا } (2).
250 ـ في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله:
(إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ) قال : ( الافك : الكذب ) وأعانه عليه قوم آخرون ( يعنون أبا فكيهة ، وحبراً ، وعداساً ، وعابساً مولى خويطب ، وقوله :
(أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا) فهو قول النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة ، قال : أساطير الاولين أكتتبها محمد ، فهي تملى عليه بكرة وأصيلا )
(3).
(219) ـ قوله تعالى :
{وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً ـ الى قوله تعالى ـ
وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا } (4).
251 ـ محمد بن العباس، قال : حدثنا محمد بن همام ، عن محمد بن اسماعيل
---------------------------
(1) المناقب، المغازلي، ص 364 ، ح 411.
(2) الفرقان، الآية: 4 ـ 5.
(3) تفسير القمي، ج 2، ص 111.
(4) الفرقان، الآية: 20.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 137 _
العلوي ، عن عيسى بن داود النجار، قال : حدثني مولاي أبو الحسن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن أبي جعفر (عليهم السلام)، قال : ( جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين (صلوات الله عليهم أجمعين)، فأغلق عليهم الباب، فقال : يا أهلي وأهل الله، ان الله عز وجل يقرأ عليكم السلام، وهذا جبرئيل معكم في البيت، ويقول : ان الله عز وجل يقول : اني قد جعلت عدوكم لكم فتنة ، فما تقولون ؟
قالوا : نصبر ـ يا رسول الله ـ لامر الله، وما نزل من قضائه ، حتى نقدم على الله عز وجل ، ونستكمل جزيل ثوابه ، وقد سمعناه يعد الصابرين الخير كله ، فبكى رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى سمع نحيبه من خارج البيت ، فنزلت هذه الآية :
(وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا) أنهم سيصبرون، أي سيصبرون كما قالوا (صلوات الله عليهم أجمعين) )
(1).
(220) ـ قوله تعالى :
{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا} (2).
252 ـ روي عن الباقر والصادق (عليهما السلام) : ( ان هذه الآيات نزلت في رجلين من مشايخ قريش ، أسلما بألسنتهما وكانا ينافقان النبي (صلى الله عليه وآله) ، وآخى بينهما يوم الاخاء ، فصد أحدهما صاحبه عن الهدى، فهلكا جميعاً ، فحكى الله تعالى حكايتهما في الاخرة ، وقولهما عندما ينزل عليهما من العذاب ، فيحزن ويتأسف على ما قدم ، ويتندم حيث لم ينفعه الندم )
(3).
(221) ـ قوله تعالى :
{أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا } (4).
---------------------------
(1) تأويل الآيات، ج 1، ص 372، ح 3.
(2) الفرقان، الآية، 27 ـ 29.
(3) نهج البيان (مخطوط) ، ص 208.
(5) الفرقان، الآية: 43.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 138 _
253 ـ نزلت في قريش ، وذلك أنه ضاق عليهم المعاش، فخرجوا من مكة ، وتفرقوا ، فكان الرجل اذا رأى شجرة حسنة أو حجراً حسناً ، هويه فعبده ، وكانوا ينحرون لها النعم، ويلطخونها بالدم ، ويسمونها سُعْد صَخرة ، وكانوا اذا أصابهم داء في ابلهم واغنامهم ، جاءوا الى الصخرة ، فيمسحون بها الغنم والابل ، فجاء رجل من العرب بإبل له ، يريد أن يتمسح بالصخرة لإبله ، ويبارك عليها ، فنفرت إبله وتفرقت ، فقال الرجل شعراً :
أتـينا الـى سـعد لـيجمع شملنا فـشتتنا سـعد فما نحن من iiسعد ومـا سـعد الا صـخرة iiبتنوفة من الارض لا تهدي لغي ولا رشد |
ومر به رجل من العرب، والثعلب يبول عليه فقال شعراً:
ورب يـبول الـثُعلُبانُ iiبـرأسه لقد ذل من بالت عليه الثعالب (1) |
(222) ـ قوله تعالى :
{أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِنًا} (2).
254 ـ نزل النبي (صلى الله عليه وآله) بالجحفة ، تحت شجرة قليلة الظل، ونزل أصحابه حوله ، فتداخله شيء من ذلك ، فأذن الله تعالى لتلك الشجرة الصغيرة حتى ارتفعت وضللت الجميع، فأنزل الله تعالى :
(أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِنًا) (3).
(223) قوله تعالى :
{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا} (4).
255 ـ محمد بن العباس، قال حدثنا علي بن عبد الله بن أسد، عن ابراهيم بن محمد
---------------------------
(1) تفسير القمي، ج 2 ، ص 114.
(2) الفرقان، الآية: 45.
(3) المناقب، ابن شهر اشوب، ج 1، ص 135.
(4) الفرقان، الآية: 54.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 139 _
الثقفي، عن أحمد بن معمر الاسدي، عن الحسن بن محمد الاسدي، عن الحكم بن ضهير ، عن السُدّي ، عن أبي مالك ، عن ابن عباس ، قال : قوله عز وجل
(وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا) نزلت في النبي (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام)، زوّج النبي (صلى الله عليه وآله) علياً (عليه السلام) ابنته، وهو ابن عمه ، فكان له نسباً وصهراً )
(1).
(224) ـ قوله تعالى:
{لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} (2).
256 ـ عن العياشي، باسناده الى الصادق (عليه السلام)، في خبر ، قال النبي (صلى الله عليه وآله) : ( يا علي ، اني سألت الله أن يوالي بيني وبينك ففعل ، وسألته أن يؤاخي بيني وبينك ففعل ، وسألته أن يجعلك وصيي ففعل ) ، فقال رجل : والله لصاعٌ من تمر في شَنٍّ بال خير مما سأل محمد ربه ، هلاّ سأل مَلَكاً يعضده على عدوه ، أو كنزاً يستعين به على فاقته! فأنزل الله تعالى :
(لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (3).
(225) ـ قوله تعالى :
{فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ ـ الى قوله تعالى ـ
فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } (4).
257 ـ قال الصادق (عليه السلام) : ( نزلت في قوم وصفوا عدلا ، ثم خالفوه الى غيره )
(5).
---------------------------
(1) تأويل الآيات، ج 1، ص 376، ح 13.
(2) الشعراء، الآية: 3.
(3) المناقب، ابن شهر اشوب، ج 2، ص 342.
(4) الشعراء، الآية: 94 ـ 102.
(5) تفسير القمي، ج 2، ص 123.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 140 _
(226) ـ قوله تعالى :
{وإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ـ الى قوله تعالى ـ
وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ} (1).
258 ـ وحدثني أبي ، عن حنان ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله
(وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ)، قال : الولاية التي نزلت لامير المؤمنين (عليه السلام) يوم الغدير "
(2).
259 ـ عن محمد بن أحمد ، عن العباس بن معروف ، عن الحسن بن محبوب ، عن حنان بن سدير ، عن سالم ، عن أبي محمد ، قال : قلت لابي جعفر (عليه السلام) : أخبرني عن الولاية ، أنزل بها جبرئيل من رب العالمين يوم الغدير ؟
فتلا :
(نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ * وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ ) قال : ( هي الولاية لامير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) )
(3).
(227) ـ قوله تعالى:
{أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ *مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ} (4).
260 ـ عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسن، عن محمد بن الوليد، ومحمد بن أحمد، عن يونس بن يعقوب ، عن علي بن عيسى القمّاط، عن عمّه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال : ( رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) في منامه بني أمية يصعدون على منبره من بعده ، ويضلون الناس عن الصراط القهقري، فأصبح كئيباً حزيناً ـ قال ـ فهبط عليه جبرئيل (عليه السلام)، فقال : يا رسول الله، ما لي أراك كئيباً ، حزيناً ؟
قال : يا جبرئيل ، اني رأيت بني أمية في ليلتي هذه يصعدون منبري من بعدي ، ويضلون الناس عن الصراط القهقري ! فقال : والذي بعثك بالحق نبياً ، ان هذا شيء
---------------------------
(1) الشعراء، الآية: 192 ـ 196.
(2) تفسير القمي، ج 2، ص 124.
(3) بصائر الدرجات، ص 93، ح 6.
(4) الشعراء، الآية: 205 ـ 207.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 141 _
مااطلعت عليه .
فعرج الى السماء، فلم يلبث أن نزل عليه بآي من القرآن يؤنسه بها، قال :
(أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ *مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ)، وأنزل عليه:
(إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ) (1)جعل الله عز وجل ليلة القدر لنبيه (صلى الله عليه وآله) خيراً من ألف شهر ، ملك بني أمية
(2).
(228) ـ قوله تعالى :
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا ـ الى قوله تعالى ـ
إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ }(3).
261 ـ حكى الله عز وجل قول الدهرية، فقال:
(وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ* لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِن قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ) أي أكاذيب الاولين، فحزن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لذلك ، فأنزل الله تعالى :
(وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُن فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ).
ثم حكى أيضاً قولهم :
(وَيَقُولُونَ) يا محمد
(مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) (قُلْ) لهم
(عَسَى أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم ) أي قد قرب من خلفكم
(بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ ) ثم قال :
(إِنَّكَ) يا محمد
(لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) (4) ، أي أن هؤلاء الذين تدعوهم لا يسمعون ما تقول ، كما لا يسمع الموتى والصم
(5) .
---------------------------
(1) القدر، الآية: 1 ـ 3.
(2) الكافي، الكليني، ج 4، ص 159، ح 10.
(3) النمل، الآية: 67 ـ 80.
(4) النمل، الآية: 80.
(5) تفسير القمي، ج 2 ، ص 129.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 142 _
(229) ـ قوله تعالى :
{قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ} (1).
262 ـ عن علي بن محمد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه ، عن ابن سنان ، عن أبي الحسن (عليه السلام)، قال : سألته عن الاجارة، فقال : ( صالح ، لابأس به اذا نصح قدر طاقته ، قد آجر موسى (عليه السلام) نفسه ، واشترط ، فقال : ان شئت ثماني حجج ، وان شئت عشراً ، فأنزل الله عز وجل فيه :
(أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ) )
(2).
(230) ـ قوله تعالى:
{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء}(3).
263 ـ ومن عجيب ما بلغت اليه العصبية على أبي طالب من أعداء أهل البيت (عليهم السلام) أنهم زعموا أن المراد من قوله تعالى لنبيه (صلى الله عليه وآله) :
(إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) أبو طالب (عليه السلام)! وقد ذكر أبو المجد بن رشادة الواعظ الواسطي في مصنفه (كتاب أسباب نزول القرآن) ما هذا لفظه ، قال : قال الحسن بن مفضل ، في قوله تعالى :
(إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) كيف يقال أنها نزلت في أبي طالب ، وهذه السورة من اخر ما نزل من
---------------------------
(1) القصص، الآية: 27.
(2) الكافي، الكليني، ج 5، ص 90، ح 2.
(3) القصص، الآية: 56.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 143 _
القرآن في المدينة، ومات أبو طالب في عنفوان الاسلام والنبي (صلى الله عليه وآله) بمكة ؟!
وانما نزلت هذه الآية في الحارث بن النعمان بن عبد مناف
(1)، وكان النبي (صلى الله عليه وآله) يحبه ، ويحب اسلامه ، فقال يوماً للنبي (صلى الله عليه وآله) : انا لنعلم انك على الحق، وأن الذي جئت به حق ، ولكن يمنعنا من اتباعك أن العرب تتخطفنا من أرضنا، لكثرتهم وقلتنا ، ولا طاقة لنا بهم ، فنزلت الآية ، وكان النبي (صلى الله عليه وآله) يؤثر اسلامه لميله اليه
(2).
(231) ـ قوله تعالى :
{وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا ـ الى قوله تعالى ـ
أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ }(3).
264 ـ في قوله تعالى :
(وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا) قال : نزلت في قريش حين دعاهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) الى الإسلام والهجرة ، وقالوا : إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا.
فقال الله عز وجل :
(أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِن لَّدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ).
وقوله :
(وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا) أي كفرت
(فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا )(4).
265 ـ محمد بن العباس، قال : حدثنا عبد العزيز بن يحيى ، عن هشام بن علي ، عن اسماعيل بن علي المعلم ، عن بدل بن المُحبّر ، عن شعبة ، عن أبان بن تغلب ، عن مجاهد ، قال : قوله عز وجل :
(أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ )، نزلت في علي وحمزة (عليهما السلام)
(5).
---------------------------
(1) في مجمع البيان، الطبرسي، ج 7، ص 406 : الحارث بن نوفل بن عبد مناف.
(2) الطرائف: ابن طاووس ، ص 306.
(3) القصص، الآية: 57 ـ 61.
(4) تفسير القمي، ج 2، ص 142.
(5) تأويل الآيات، ج 1، ص 422، ح 17، وفرائد السمطين، ج 1، ص 364، ح 291، وذخائر العقبى، ص 88، والرياض النضرة، ج 3، ص 179.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 144 _
(232) ـ قوله تعالى :
{الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ }(1).
266 ـ حدثنا أحمد بن هوذة ، عن ابراهيم بن اسحاق، عن عبد الله بن حماد ، عن سماعة بن مهران ، قال : كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات ليلة في المسجد ، فلما كان قرب الصبح، دخل أمير المؤمنين (عليه السلام)، فناداه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال : ( ياعلي ) قال : ( لبيك ) قال : ( هلم اليّ ) فلما دنا منه ، قال : ( ياعلي ، بت الليلة حيث تراني ، وقد سألت ربي ألف حاجة فقضاها لي ، وسألت لك مثلها فقضاها لي ، وسألت ربي أن يجمع لك أمتي من بعدي ، فأبى عليَّ ربي ، فقال :
(الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ) )
(2).
(233) ـ قوله تعالى :
{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَاء مَا يَحْكُمُونَ * مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ* وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِين }(3).
267 ـ محمد بن العباس ، قال : حدثنا عبد العزيز بن يحيى عن محمد بن زكريا ، عن
---------------------------
(1) العنكبوت، الآية: 1 ـ 2.
(2) تأويل الآيات، ج 1، ص 428، ح 4.
(3) العنكبوت، الآية: 4 ـ 6.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 145 _
أيوب بن سليمان ، عن محمد بن مروان ، عن الكلبي، عن أبي صالح ، عن ابن عباس، قال : قوله عزّوجل ( أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء مايحكمون ) نزلت في عتبة وشيبة والوليد بن عتبة ، وهم الذين بارزوا علياً وحمزة وعبيدة ونزلت فيهم :
(مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ )، قال : في علي (عليه السلام) وصاحبيه
(1).
(234) ـ قوله تعالى :
{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (2).
268 ـ حدثنا محمد بن الحسين الخثعمي ، عن عباد بن يعقوب ، عن الحسن بن حماد ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل
(وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)، قال : ( نزلت فينا )
(3).
269 ـ روي عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهم السلام) ، في قوله :
(وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)، قال : ( نزلت فينا أهل البيت )
(4).
(235) ـ قوله تعالى :
{ضَرَبَ لَكُم مَّثَلًا مِنْ أَنفُسِكُمْ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن
---------------------------
(1) تأويل الآيات، ج 1، ص 429، ح 6.
(2) العنكبوت، الآية: 69.
(3) تأويل الآيات، ج 1، ص 433، ح 16.
(4) الاختصاص، المفيد، ص 127.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 146 _
شُرَكَاء فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاء}(1)
270 ـ انه كان سبب نزولها أن قريشاً والعرب كانوا اذا حجوا يلبون ، وكانت تلبيتهم : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لاشريك لك لبيك ، ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ، وهي تلبية ابراهيم (عليه السلام) والانبياء ، فجاءهم ابليس في صورة شيخ ، فقال : ليست هذه تلبية أسلافكم.
قالوا : وما كانت تلبيتهم ؟
قال : كانوا يقولون : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك الا شريك هو لك ، فنفرت قريش من هذا القول ، فقال لهم ابليس : على رسلكم حتى آتي على اخر كلامي.
الى هنا
فقالوا : ماهو ؟
فقال : الا شريك لك ، تملكه وما يملك ، ألا ترون أنه يملك الشريك وما ملكه ؟
فرضوا بذلك ، وكانوا يلبون بهذا قريش خاصة .
فلما بعث الله رسوله أنكر ذلك عليهم ، وقال : ( هذا شرك ) فأنزل الله:
(ضَرَبَ لَكُم مَّثَلًا مِنْ أَنفُسِكُمْ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَاء فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاء )، أي ترضون أنتم فيما تملكون أن يكون لكم فيه شريك ؟ فاذا لم ترضوا أنتم أن يكون لكم فيما تملكون شريك، فكيف ترضون أن تجعلوا لي شريكاً فيما أملك ؟
(2)
(236) ـ قوله تعالى:
{وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ
---------------------------
(1) الروم، الآية: 28.
(2) تفسير القمي، ج 2، ص 154.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 147 _
الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} (1).
271 ـ عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أنس بن مالك، في قوله تعالى:
(وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ)، قال: نزلت في علي (عليه السلام)، قال: كان أول من أخلص وجهه لله
(وَهُوَ مُحْسِنٌ )، أي مؤمن مطيع،
(فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى)، قول : لا اله الا الله
، (إِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ) والله ماقتل علي بن أبي طالب (عليه السلام) الا عليها
(2).
(237) ـ قوله تعالى:
{أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ ـ الى قوله تعالى ـ
ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ} (3).
272 ـ أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل، قال : حدثنا الحسن بن علي بن زكريا العاصمي، قال : حدثنا أحمد بن عبيد الله الغداني، قال : حدثنا الربيع بن يسار ، قال : حدثنا الاعمش، عن سالم بن أبي الجعد ، يرفعه الى أبي ذر رضي الله عنه ، في حديث احتجاج علي (عليه السلام) على أهل الشورى يذكر فضائله ، وما جاء فيه على لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهم يسلمون له ما ذكره ، وانه مختص بالفضائل دونهم ، الى أن قال علي (عليه السلام) : ( فهل فيكم أحدٌ أنزل الله تعالى فيه :
(أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا
---------------------------
(1) لقمان، الآية:22.
(2) المناقب، ابن شهر اشوب، ج 3، ص 76، وينابيع المودة، ص 111.
(3) السجدة، الآية: 18 ـ 20.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 148 _
لَّا يَسْتَوُونَ) الى آخر ما اقتص الله تعالى من خبر المؤمنين غيري ؟ ( قالوا : اللهم لا
(1).
273 ـ في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله :
(أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ)، قال : ( وذلك أن علي بن أبي طالب (عليه السلام) والوليد بن عقبة بن أبي معيط تشاجرا ، فقال الفاسق الوليد بن عقبة بن أبي معيط : أنا ـ والله ـ أبسط منك لساناً ، وأحد منك سناناً ، وأمثل منك حشواً في الكتيبة.
قال علي (عليه السلام) : اسكت، فانما أنت فاسق ، فأنزل الله:
(أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ * أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) فهو علي بن أبي طالب (عليه السلام)
(وأما الذين فسقواوَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ) )
(2).
(238) ـ قوله تعالى:
{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}(3).
274 ـ محمد بن العباس، قال : حدثنا علي بن عبد الله بن أسد، عن ابراهيم بن محمد الثقفي، عن علي بن هلال الاحمسي ، عن الحسن بن وهب العبسي، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي (صلوات الله عليهم) ، قال : ( نزلت هذه الآية في ولد فاطمة (عليها السلام) خاصة :
(وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ) )
(4) .
---------------------------
(1) الامالي، الشيخ الطوسي، ج 2، ص 159.
(2) تفسير القمي، ج 2، ص 170.
(3) السجدة، الآية: 24.
(4) تأويل الآيات، ج 2، ص 444، ح 8.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 149 _
(239) ـ قوله تعالى :
{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا}(1).
275 ـ عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن ابن مسكان ، عن عبد الرحيم بن روح القصير ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل :
(النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ) ، فيمن نزلت ؟ فقال : ( نزلت في الإمرة ، ان هذه الآية جرت في ولد الحسين (عليه السلام) من بعده ، فنحن أولى بالامر ، وبرسول الله (صلى الله عليه وآله) من المؤمنين والمهاجرين والانصار ".
فقلت : فلولد جعفر فيها نصيب ؟
فقال : ( لا ).
قلت : فلولد العباس فيها نصيب ؟
فقال : ( لا ).
فعددت عليه بطون بني عبد المطلب، كل ذلك يقول : ( لا ).
قال : ونسيت ولد الحسن (عليه السلام)، فدخلت بعد ذلك عليه ، فقلت له : هل لولد الحسن (عليه السلام) فيها نصيب ؟
فقال : ( لا والله ـ يا عبد الرحيم ـ ما لمحمدي فيها نصيب غيرنا )
(2).
(240) ـ قوله تعالى :
{يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِن يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُم
---------------------------
(1) الاحزاب، الآية: 6.
(2) الكافي، الكليني، ج 1، ص 228، ح 2.
أسباب النزول في ضوء روايات أهل البيت( عليهم السلام)
_ 150 _
بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُم مَّا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا * لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}(1).
276 ـ نزلت هذه الآية في الثاني لما قال لعبد الرحمن بن عوف: هلمّ ندفع محمداً الى قريش ونلحق نحن بقومنا:
(يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِن يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُم بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُم مَّا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا * لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا )(2).
(241) ـ قوله تعالى:
{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا }(3).
277 ـ محمد بن العباس ، قال : حدثنا عبد العزيز بن يحيى ، عن محمد بن زكريا ، عن أحمد بن محمد بن يزيد ، عن سهل بن عامر البجلي، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبي اسحاق، عن الحارث ، عن محمد بن الحنفية (رضي الله عنه)، وعمرو بن أبي المقدام، عن جابر ، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال : قال علي (عليه السلام): ( كنت عاهدت الله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه وآله) أنا، وعمي حمزة ، وأخي جعفر ، وابن عمي عبيدة بن الحارث على أمر وفينا به لله ولرسوله ، فتقدمني أصحابي وخُلِّفت بعدهم لما أراد الله عز وجل ، فأنزل الله سبحانه فينا:
(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ ) حمزة وجعفر وعبيدة
(وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا).
فأنا المنتظر ، وما بدّلت تبديلا )
(4).
278 ـ حدثني علي بن عبد الله بن أسد ، عن ابراهيم بن محمد الثقفي ، عن يحيى بن صالح ، عن مالك بن خالد الاسدي ، عن الحسن بن ابراهيم ، عن جدّه عبد الله بن الحسن، عن آبائه (عليهم السلام) ، قال : وعاهد الله علي بن أبي طالب ، وحمزة بن عبد المطلب، وجعفر بن أبي طالب (عليهم السلام) أن لا يَفرّوا في زحف أبداً، فتمّوا كلهم ، فأنزل الله عز وجل :
---------------------------
(1) الاحزاب، الآية: 20 ـ 21.
(2) تفسير القمي، ج 2، ص 188.
(3) الاحزاب، الآية: 23.
(4) تأويل الآيات، ج 2، ص 449، ح 8.