فكلما بايع واحدة منهن قال : اغمسي يدكِ فتغمس كما غمس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . فكان هذا مماسحته إياهن .
وعن سعد ان بن مسلم قال : قال ابو عبدالله
(1) عليه السلام : أتدري كيف بايع رسول الله صلى الله عليه وآله النساء ؟ قلت : ( الله اعلم وابن رسوله أعلم ) قال : ( جمعهنَّ حوله ثم دعا ( بتور برام ) فصب فيه نضوحاً ثم غمس يده ... ) إلى أن قال : ( اغمسْنَ أيديكن ففعلن ، فكانت يد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الطاهرة أطيب من أن يمس بها كف أنثى ليست له بمحرم
(2).
وفي السيرة الحلبية : ( أن بعض النساء قالت : هلم نبايعك يا رسول الله ، قال : لا ، لا أصافح النساء وإنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة ) .
وعن عائشة : لم يصافح رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) امرأة قط ، وإنما كان يبايعهن بالكلام .
وعن الشعبي بايع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) النساء وعلى يده ثوب ، وقيل أنه غمس يده في إناء وأمرهن فغمسن أيديهن فيه فكانت هذه البيعة
(3) .
ذكر الطبري في تاريخه أن بيعة النساء قد كانت على نحوين :
كان يوضع بين يدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إناء فيه ماء فإذا أخذ عليهن ، وأعطينه ، غمس يده في الإناء ثم أخرجها فغمس النساء أيديهن فيه ، ثم كان بعد ذلك يأخذ عليهن ، فإذا أعطينه ما شرط عليهن قال : ( اذهبن فقد بايعتكن ) ، لا يزيد على ذلك
(4) .
بالإضافة إلى أنه إذا كان النظر محرماً فاللمس يحرم من باب الأولى .
********************************************************************************************
(1) المراد بأبي عبدالله عليه السلام هو الإمام جعفر الصادق الإمام السادس .
(2) وسائل الشيعة للحر العاملي ـ مجلد 14 ـ ج ـ 7 ـ ص 154 .
(3) السيرة الحلبية لعلي بن برهان الدين الحلبي .
(4) تاريخ الطبري لابن جرير الطبري .
المرأة في ظلّ الإسلام
ـ 74 ـ
التقليد للاجانب ـ انتكاس وتراجع :
تجتاح عالمنا الإسلامي في هذه الأيام محنة من أخطر المحن التي مرت في تاريخه ، فإن لم يتداركها رجال الفكر وأهل العلم والعقل فلن تلبث ان تقضي على جميع آماله .
تداركوها وفي أغصانها رمق فلا يعود اخضرار العود ان يبسا |
ان قوام هذه المحنة هو التقليد الأعمى ، الذي تجرف أمواجه العاتية جميع الطبقات ، وعلى جميع الاصعدة ، يسري في مجتمعنا كالنار في الهشيم .
واني اهيب بكل عاقل وعاقلة وأناشد كل ذي بصيرة ، ان يحكم بين صحيح الأمور وفاسدها ، فيراها بعين الخبرة وقد أميط النقاب عن مؤداها ، وسبر غور تجارب أخذت قسماً عظيماً من اخلاقنا ... واقتصادنا .
من الواجب علينا أن نقول الحق ولا نرهب في الحق لومة لائم ، بل يجب على كل عاقل وعاقلة ، وكل صاحب ضمير ومروءة ان يذيع الصواب منتصراً للحق بكليته ولو خالفته المسكونة باسرها .
لقد تفننت نساء الغرب بانواع البهارج ، وأخذن يتسابقن إلى ابتكار الأزياء ، والتلاعب في صورها وأشكالها تباهياً وتنافساً وإمعاناً في الخلاعة والاستهتار .
حين كانت نساؤنا وفتياتنا العربيات والمسلمات قانعات بما ورثنه من التقاليد والعادات ، راضيات بلباسهن ... وازيائهن ... وأشكالها ، متمتعات بتمام الرفاهية والهناء وكمال الصحة والصفاء .
المرأة في ظلّ الإسلام
ـ 75 ـ
ولكن ... وياللاسف ... فقد غزت جيوش عادات الاجانب وتقاليدها بلادنا بخيلها ورجالها ، واحتلت البيوت والمجتمعات ، واستمالت القلوب ونزلت علينا ضيفاً غير محتشم .
وهرعت النساء للاخذ بمناصرتها وتثبيت دعائمها حتى أصبحت من السنن المفروضة والقواعد التي يتحتم على كل فرد من أفراد المجتمع الالتزام بها والعمل على طبقها .
الموضة ... أو الزي الجديد :
لقد استحالت عاداتنا اللطيفة وازياؤنا المحتشمة التي ورثناها عن السلف الصالح إلى شيء بال غير مرغوب فيه ، واصبحت عنوان الرجعية والانحطاط باعين جمهور المتفرجين والمستهترين .
وارتفعت راية ( الموضة ) أو الزي الجديد ترفرف فوق ربوعنا ، ترعاها كثيرات من اللواتي اغمضن الجفن عما يتخلل هذه الموضة من الاضرار الفادحة بالصحة والمال .
أجل لقد اقدمت النساء بلا وعي إلى الانقياد لحكم الازياء الحديثة الجديد المستوردة التي تتغير بين آونة واخرى ...
فنرى الملابس مثلاً ... تارة تشبه أثواب الممثلين أهل المساخر والهزل ( البالية ) وطوراً ضيقة تضغط على الجسم فتعيق الدورة الدموية .
ومتى اختل نظام هذه الدورة الطبيعي أصبح الجسم معرضاً لكثير من الأمراض ، فكيف بنا ونحن نرى النساء قد شددن خواصرهن بحزام من المطاط فلا يستطعن أن يأكلن براحة أو لذة ، ولبسن أحذية ضيقة لا تساعدهن