وأقول : إن استتار ولادة المهدي بن الحسن بن علي عليهم السلام عن جمهور أهله وغيرهم ، وخفاء ذلك عليهم ، واستمرار استتاره عنهم ليس بخارج عن العرف ، ولا مخالفا لحكم العادات ، بل العلم محيط بتمام مثله في أولاد الملوك والسوقه
(1) ، لاسباب تقتضيه لا شبهة فيها على العقلاء .
فمنها : أن يكون للانسان
(2) ولد من جارية قد أستر
(3) تملكها من زوجته وأهله ، فتحمل منه فيخفي ذلك عن كل من يشفق
(4) منه أن يذكره ويستره عمن لا يامن إذاعة الخبر به ، لئلا يفسد الامر عليه مع زوجته باهلها وانصارها ، ويتمالفساد به ضرر
(5) عليه يضف عن دفاعه عنه ، وينشؤ الولد وليس أحد من أهل الرجل وبني عمه وإخوانه وأصدقائه يعرفه ، ويمر
(6) على ذلك إلى أن يزول خوفه من الاخبار عنه ، فيعرف به إذ ذاك .
---------------------------
(1) هم بمنزلة الرعية التي تسوسها الملوك ، سموا بذلك لان الملوك يسوقونهم فينساقون لهم ، لسان العرب 10 : 170 سوق .
(2) ر ، ل : الانسان .
(3) ر ، س ، ط : استتر .
(4) ل : شنق .
(5) ط : ويتم الفساد به ويترتب ضرر .
(6) ل ، ط : يمر ، بدون واو ، (*)
الفصول العشرة
_ 54 _
وربما تم ذلك إلى أن تحضره وفاته ، فيعرف به عند حضورها ، تحرجا من تضييع
(1) نسبه ، وإيثارا لوصوله إلى مستحقه من ميراثه .
وقد يولد للملك ولد لا يؤذن به حتى ينشؤ ويترعرع ، فإن رآه على الصورة التي تعجبه ...
(2) وقد ذكر الناس ذلك عن جماعة من ملوك الفرس والروم
(3) والهند
(4) في الدولتين معا
(5) ، فسطروا
(6) أخبارهم في ذلك ، وأثبتوا قصة كيخسرو بن سياوخش بن كيقاوس ملك الفرس
(7) ، الذي جمع ملك بابل
(8) والمشرق ،
---------------------------
(1) س ، ط : تضيع .
(2) كذا في جميع النسخ ، ويصلح أن يكون مكانه عبارة : فيؤذن به ويعلن عنه ، وإلا فلا .
(3) جيل معروف في بلاد واسعة ، واختلف في أصل نسبهم ، فقيل : انهم من ولد روم بن سماحيق ... بن إبراهيم عليه السلام ، وحدود الروم : من الشمال والشرق : الترك والخزر ورس وهم الروس ، ومن الجنوب : الشام والاسكندرية ، ومن المغرب : البحر والاندلس وكانت الرقة والشامات كلها تعد في حدود الروم أيام الاكاسرة ، معجم البلدان 3 : 97 ـ 98 .
(4) دولة في جنوب آسيا ، يحدها من الغرب باكستان الغربية ، ومن الشمال الصين ونيبال ، ومن الشرق بورما وباكستان الغربية ، عاصمتها نيودلهي ، المنجد : 731 .
(5) كذا في النسخ .
(6) ر ، س : فينظروا .
(7) هذه الاسماء وردت مضطربة في النسخ ، وما اثبتناه ، من س والصدر ، ففي ع : كيسخرو بن سواخس وكنفار بن ملك الفرس .
وفي ل ، ر : كسيخرو بن سواخس وكنفان بن ملك الفرس ، وفي ط : كيخسرو أو ابن سياوخش وكيقاوس ملك الفرس .
وفي المصادر الفارسية : كيخسرو بن سياوش بن كيكاوس .
(8) ناحية من الكوفة والحلة ، وكان ينزلها الكلدانيون ، ويقال : اول من سكنها نوح عليه السلام بعد الطوفان ، معجم البلدان 1 : 309 .
الفصول العشرة
_ 55 _
وما كان من ستر أمه حملها وإخفاء ولادتها لكيخسرو
(1)، وأمه
(2) هذه المسماة بوسفا فريد
(3) بنت فراسياب
(4) ملك الترك ، فخفي أمره مع الجد
(5) كان من كيقاوس ـ جده الملك الاعظم
(6) ـ في البحث عن أمره والطلب له ، فلم يظفر بذلك حينا طويلا ، والخبر بامره مشهور ، وسبب ستره وإخفاء شخصه معروف ، قد ذكره علماء الفرس
(7) ، وأثبته محمد بن جرير الطبري
(8) في كتابه التاريخ
(9)
---------------------------
(1) س ، ط : للكيخسرو .
(2) في النسخ : أو أمه ، والظاهر ما اثبتناه ، لتعارف كثير من المستنسخين على ان يضعوا ألفا بعد الواو دائما .
(3) ر ، ع ، ل : يوسفارند ، ص : يوسفافريد ، والمثبت من ط والمصدر ، وفي المصادر الفارسية : فرنكسيس أو فرنكيز .
(4) س ، ط : افراسياب ، وكذا في المصادر الفارسية .
(5) أي : الاجتهاد ، يحتمل أن تكون العبارة هكذا : مع الجد وما كان من ...
(6) ع : له أعظم .
(7) ذكر الخبر ومصادره علي أكبر دهخدا في كتابه " لغتنامه " 29 / 744 حرف السين ، و 38 / 457 حرف الكاف ، و 35 / 200 حرف الفاء ، و 22 / 535 حرف الخاء .
(8) أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ، المؤرخ ، عامي ، ولد بآمل طبرستان سنة 224 وتوفي سنة 310 ببغداد ، له مؤلفات كثيرة منها التفسير الكبير وكتاب طرق حديث الغدير الذي قال الذهبي : إني وقفت عليه فاندهشت لكثرة طرقه .
واما كتابه التاريخ ( تاريخ الامم والملوك ) فهو من أحسن كتب التاريخ ، جمع فيه أنواع الاخبار وروى فنون الاثار واشتمل على صنوف العلم ، النجاشي : 322 رقم 879 ، الكنى والالقاب 1 : 236 ـ 237 .
(9) تاريخ الامم والملوك ( تاريخ الطبري ) 1 / 504 ـ 509 ، وملخص القصة : أنه ولد لكيقاوس ابن ، لم ير مثله في عصره في جماله وكماله وتمام خلقه ، فسماه أبوه سياوخش ... ورباه أحسن تربية إلى أن كبر ، وكان كيقاوص تزوج (*)
الفصول العشرة
_ 56 _
وهو نظير لما أنكره الخصوم في خفاء أمر ولد الحسن بن علي عليهما السلام ، واستتار
(1) شخصه ، ووجوده وولادته ، بل ذلك أعجب .
ومن الناس كل من يستر ولده عن أهله مخافة شنعتهم
(2) في حقه وطمعهم في ميراثه ما لم يكن له ولد ، فلا يزال مستورا حتى يتمكن من
---------------------------
ـ ابنة فراسيا في ملك الترك ، وكانت ساحرة ، فهويت ابن زوجها سياوخش ودعته إلى نفسها ، وأنه امتنع عليها ، فلما رأت امتناعه عليها حاولت إفساده على أبيه ، فتغير كيقاوس على ابنه ، وتوجه سياوخش لحرب فراسياب ـ لسبب منع فراسياب بعض ما كان ضمن لكيقاوصعند انكاحه ابنته إياه ـ مريدا بذلك البعد عن والده . والتنحي عما تكيده .
به زوجة والده ، فلما صار سياوخش إلى فراسياب جرى بينهما صلح ، وكتب بذلك سياوخش إلى أبيه يعلمه ما جرى بينه وبين فراسياب من الصلح ، فكتب إليه والده بمناهضة فراسياب ومناجزته الحرب ، فرأى سياوخش أن في فعله ما كتب به إليه أبوه عارا عليه ، فامتنع من انفاذ أمر ابيه وارسل فراسياب في اخذ الامان لنفسه منه ، فاجابه فراسياب ، فلما صار سياوخش إلى فراسياب بوأه وأكرمه وزوجه ابنة له يقال لها وسفا فريد ثم لم يزل له مكرما حتى ظهر له أدب سياوخش وعقله وكماله ما اشفق على ملكه منه وسعى على سياوخش إلى فراسياب ابنين لفراسياب واخ ، حتى قتل فراسياب سياوخش ومثل به ، وامرأته ـ ابنة فراسياب ـ حامل منه ، فطلبوا الحيلة لاسقاطها ما في بطنها فلم يسقط ، فوضعوها تحت رقابة فيران إلى ان تضع ليقتل الطفل ، فلما وضعت فراسياب حملها : كيخسرو ، رق فيران لها وللمولود ، فترك قتله وستر أمره حتى بلغ المولود فوجه كيقاوس إلى بلاد الترك بي ليبحث عن المولود لياتي به إليه مع أمه ، وان بي لم يزل يفحص عن أمر ذلك المولود متنكرا حينا من الزمان فلا يعرف له خبرا ولا يدله عليه أحد ثم وقف بعد ذلك على خبره ، فاحتال فيه وفي أمه حتى أخرجهما من أرض الترك إلى كيقاوس ... إلى آخر القصة ، وهي طويلة جدا اقتصرنا على محل الشاهد منها ، من أرادها فليراجعها .
وللتفصيل راجع مروج الذهب 1 : 250 .
(1) ر : واستتاره .
(2) ع ، ر : سعيهم ، (*)
الفصول العشرة
_ 57 _
إظهاره على أمان منه عليه ممن سميناه .
ومنهم من يستر ذلك ليرغب في العقد له من لا يؤثر مناكحة صاحب الولد من الناس ، فيتتم له
(1) في ستر ولده وإخفاء شخصه وأمره ، والتظاهر بانه لم يتعرض بنكاح من قبل ولا له ولد من حرة ولا أمة ، وقد شاهدنا من فعل ذلك ، والخبر عن النساء به
(2) أظهر منه عن الرجال
(3) .
واشتهر من الملوك من ستر ولد لاخفاء شخصه
(4) من رعيته لضرب من التدبير ، في إقامة خليفة له ، وامتحان جنده بذلك في طاعته ، إذ كانوا يرون انه لا يجوز في التدبير استخلاف من ليس له بنسيب
(5) مع وجود ولده ثم يظهر بعد ذلك أمر الولد عند التمكن من اظهاره برضى القوم ، وصرف الامر عن الولد إلى غيره ، أو لعزل مستخلف عن المقام ، على وجه ينتظم للملك أمور لم يكن يتمكن من التدبير الذي كان منه على ما شرحناه .
وغير ذلك مما يكثر تعداده من اسباب ستر الاولاد وإظهار موتهم ، واستتار الملوك أنفسهم ، والارجاف بوفاتهم ، وامتحان رعاياهم بذلك ، وأغراض لهم معروفة قد جرت من المسلمين بالعمل عليها العادات .
وكم وجدنا من نسيب
(6) ثبت بعد موت أبيه بدهر طويل ، ولم يكن أحد من الخلق يعرفه بذلك حتى شهد له بذلك رجلان مسلمان ، وذلك لداع دعا الاب إلى ستر ولادته عن كل أحد من قريب وبعيد ، إلا من شهد
---------------------------
(1) اي : العقد .
(2) لفظ : به ، لم يرد في ل .
(3) ل ، س ، ط : أظهر من الرجال .
(4) س ، ط : من ستر ولده وأخفى شخصه .
(5) ل ، س . ط : بنسب .
(6) س ، ط : نسب ، (*)
الفصول العشرة
_ 58 _
به من بعد عليه باقراره به على الستر
(1) لذلك والوصية بكتمانه ، أو بالفراش الموجب لحكم الشريعة إلحاق الولد بوالده .
فصل : وقد أجمع العلماء من الملل على ما كان من ستر ولادة أبي
(2) ابراهيم الخليل عليه السلام وأمه لذلك ، وتدبيرهم في إخفاء أمره عن
(3) ملك زمانه لخوفهم عليه منه
(4) .
وبستر
(5) ولادة موسى بن عمران عليه السلام ، وبمجئ القران بشرح
(6) ذلك على البيان ، والخبر بان أمه ألقته في اليم على ثقة منها بسلامته وعوده إليها ، وكان ذلك منها بالوحي إليها به بتدبير الله جل وعلا
(7) لمصالح العباد
(8) .
فما الذي ينكر خصوم الامامية من قولهم في ستر الحسن عليه السلام ولادة ابنه المهدي عن أهله وبني عمه وغيرهم من الناس ، وأسباب ذلك أظهر من أسباب ستر من عددناه وسميناه ، وسنذكرها عند الحاجة إلى ذكرها من بعد إن شاء الله .
---------------------------
(1) ع : السر .
(2) لفظ : أبي ، لم يرد في ل .
(3) س ، ط : من .
(4) تاريخ الطبري 1 : 234 ، كمال الدين 1 : 138 رقم 1 ، قصص الانبياء : 103 .
(5) س ، ط : وستر .
(6) ل : ومجئ القرآن بشرح .
(7) ل ، ط : عز وجل .
(8) راجع سورة القصص 28 : 7 ـ 13 ، وسورة طه 20 : 38 ـ 40 .
وللتفصل راجع : كمال الدين 1 : 147 رقم 13 ، قصص الانبياء : 148 ـ 150 ، (*)
الفصول العشرة
_ 59 _
والخبر بصحة ولد الحسن عليه السلام قد ثبت باوكد ما تثبت
(1) به أنساب الجمهور من الناس ، إذ كان النسب يثبت : بقول القابلة ، ومثلها من النساء اللاتي جرت عادتهن بحضور ولادة النساء وتولي معونتهم
(2) عليه ، وباعراف صاحب الفراش وحده بذلك دون من سواه ، وبشهادة رجلين من المسلمين على إقرار الاب بنسب الابن منه .
وقد ثبتت أخبار عن جماعة من أهل الديانة والفضل والورع والزهد والعبادة والفقه عن الحسن بن علي
(3) عليهما السلام : أنه اعترف بولده المهدي عليه السلام ، وآذنهم بوجوده ، ونص لهم على إمامته من بعده ، وبمشاهدة بعضهم له طفلا ، وبعضهم له يافعا وشابا كاملا ، وإخراجهم إلى شيعته بعد ابيه الاوامر والنواهي والاجوبة عن المسائل ، وتسليمهم له حقوق الائمة من أصحابه .
وقد ذكرت اسماء جماعة ممن وصفت حالهم من ثقات الحسن بن علي عليهما السلام وخاصته المعروفين بخدمته والتحقيق به ، وأثبت ما رووه عنه في وجود ولده ومشاهدتهم من بعده وسماعهم
(4) النص بالامامة عليه ، وذلك موجود في مواضع من كتبي ، وخاصة في كتابي المعررف أحدهما :
---------------------------
(1) ع : ما ثبت .
(2) س ، ط : معونتهن .
(3) ر ، س ، ع : عن الحسن بن محمد بن علي ، وهو سهو .
(4) ل ، ع ، ر : ومشاهدتهم من بعد لمن سماتهم ، والظاهر أن لفظة لمروياتهم هي المقصودة من لمن سماتهم ، والمثبت من س ، ط .
الفصول العشرة
_ 60 _
بـ الارشاد في معرفة حجج
(1) الله على العباد
(2) ، والثاني : بـ الايضاح
(3) في الامامة والغيبة
(4) .
ووجود ذلك فيما ذكرت يغني عن تكلف
(5) إثباته في هذا الكتاب .
---------------------------
(1) لفظ : حجج ، اثبتناه من س ، ولم يرد في بقية النسخ .
(2) الارشاد : 350 ، باب ذكر من رأى الامام الثاني عشر .
وكتاب الارشاد في معرفة حجج الله على العباد ، فيه تواريخ الائمة الطاهرين الاثني عشر عليهم السلام ، والنصوص عليهم ، ومعجزاتهم ، وطرف من أخبارهم من ولادتهم ووفياتهم ومدة اعمارهم وعدة من خواص أصحابهم وغير ذلك ، طبع في إيران مكررا ، وطبعت ترجمته الفارسية الموسومة بتحفه سليمانية .
نسخة منه في المكتبة العامة لاية المرعشي رقم 1144 كتبت سنة 565 ، وأخرى في المجلس النيابي كتبت سنة 575 رقم 14302 ، واخرى في مكتبة آية الله الكلبايكاني من القرن السابع والثامن ، النجاشي : 399 ، الذريعة 1 : 509 ـ 510 رقم 2506 ، ومعلومات أخرى متفرقة .
(3) ع ، ل ، ط : الايضاح .
(4) بدأ فيه برد شبهات العامة وأدلتهم على إثبات الخلافة ، ثم ذكر أدلة إمامة المعصومين عليهم السلام ، له نسخة في مكتبة السيد راجه محمد مهدي في ضلع فيض اباد الهند .
وما ربما يتوهم من كونه متحدا مع الافصاح فهو بعيد جدا ، لان ما احال عليه في هذا الكتاب في عدة موارد غير موجود في الافصاح ، وصرح النجاشي بتعددها .
راجع : النجاشي : 399 ، الذريعة 2 : 490 رقم 1925 .
(5) س ، ط : تكليف ، (*)
الفصول العشرة
_ 61 _
الكلام في الفصل الثاني
واما المتعلق بانكار جعفر بن علي شهادة الامامية
(1) بولد لاخيه الحسن ابن علي عليهما السلام ولد في حياته بعده ، والحوز لتركته بدعوى استحقاقها بميراثه مثلا دون ولد له ، وما كان منه من حمل أمير الوقت على حبس جواري الحسن عليه السلام واستبذالهن
(2) بالاستبراء لهن من الحمل ليتاكد
(3) بقية
(4) لولد اخيه ، لاباحته دماء شيعة الحسن بدعواهم خلفا من بعده كان أحق بمقامه من بعده من غيره وأولى بميراثه ممن حواه .
فليس بشبهة
(5) يعتمدها عاقل في ذلك ، فضلا عن حجة ، لاتفاق الامة على أن جعفرا لم تكن له عصمة الانبياء فيمتنع عليه لذلك إنكار حق ودعوى باطل ، بل كان من جملة الرعية التي يجوز عليها الزلل ، ويعتريها السهو ، ويقع منها الغلط ، ولا يؤمن منها تعمد الباطل ، ويتوقع منها
---------------------------
(1) ل ، ر ، ع : الامامة ، وهو خطأ .
(2) الاستبذال : ترك الاحتشام والتصرف ، وفي ر ، ل ، ع : واستبدالهن .
(3) ر : لتأكد .
(4) ل ، س ، ط : نفيه .
(5) س ، ط : لشبهة ، (*)
الفصول العشرة
_ 62 _
الضلال وقد نطق القران بما كان من أسباط يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن ـ عليه وعلى ولده إلانبياء وآبائه المنتجبين الاصفياء وكافة المرسلين الصلاة الدائمة والتحية والسلام ـ في ظلم أخيهم يوسف عليه السلام وإلقائهم له في غيابة الجب ، وتغريرهم بدمه بذلك ، وبيعهم إياه بالثمن البخس ، ونقضهم
(2) عهده في حراسته ، وتعمدهم معصيته في ذلك وعقوقه
(3) ، وإدخال الهم عليه بما صنعوه بأحب ولده إليه وأوصلوه إلى قلبه من الغم بذلك ، وتمويههم على دعواهم على الذئب أنه أكله بما جاءوا به على قميصه من الدم ويمينهم بالله العظيم على برأتهم مما اقترفوه في ظلمه من الاثم ، وهم لما أنكروه متحققون ، وببطلان ما ادعوه في أمر يوسف عليه السلام عارفون
(4) .
هذا وهم أسباط النبيين ، وأقرب الخلق نسبا بنبي الله وخليله إبراهيم .
فما الذي ينكر
(5) ممن هو دونهم في الدنيا والدين : أن اعتمد باطلا يعلم خطؤه فيه على اليقين ، ويدفع حقا قد قامت عليه الحجج الواضحة والبراهين .
---------------------------
(1) ط : وتقريرهم .
(2) ع ، ل : وبغضهم ، ر : وبعضهم ، والضمير في عهده يعود على والدهم ، وكذا الضمائر الاتية ، نعود على يعقوب والدهم .
(3) س ، ط : وحقوقه .
(4) انظر : سورة يوسف 14 : 8 ـ 20 .
(5) ل : نكر ، ط : انكر ، (*)
الفصول العشرة
_ 63 _
فصل : وما أرى المتعلق
(1) في إنكار
(2) وجود ولد الحسن بن علي بن محمد عليهم السلام وقد قامت بينة العقل والسمع به ، ودل الاعتبار الصحيح على صواب معتقده ، بدفع عمه
(3) لذلك مع دواعيه الظاهرة كانت إليه ، بحوز
(4) تركة أخيه دونه ، مع جلالتها وكثرتها وعظم خطرها ، لتعجل المنافع بها ، والنهضة بمأربه عند تملكها ، وبلوغ شهواته من الدنيا بحوزها ، ودعوى مقامه الذي جل قدره عند الكافة ، باستحقاقه له دون من عداه من الناس ، وبخعت
(5) الشيعة كلها بالطاعة له بما انطوت عليه
(6) من اعتقادها لوجوبه له دون من سواه ، وطمعه بذلك في مثل ما كان يصل إليه من خمس الغنائم التي كانت تحملها شيعته إلى وكلائه في حياته ، واستمرارها
(7) على ذلك بعد وفاته ، وزكوات الاموال ، لتصل إلا مستحقها من فقراء أصحابه .
إلا كتعلق أهل الغفلة من الكفار في إبطال عمه
(8) أبي لهب
(9) صدق
---------------------------
(1) ط : التعتق .
(2) ل ، ط : إنكاره .
(3) س ، ط : همه .
(4) س : يجوز .
(5) أي : أقرت به وأذعنت ، ولعل الصحيح : وبخوع الشيعة .
(6) لم يرد : ر ، ل ، ط .
(7) س ، ط : واستمراره .
(8) اي : النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
(9) عبد العزى بن عبد المطلب بن هاشم ، من قريش ، عم النبي ، وأحد الشجعان في الجاهلية ، ومن أشد الناس عداوة للمسلمين في الاسلام ، كان غنيا عتيا ، كبر عليه ان ـ (*)
الفصول العشرة
_ 64 _
دعوته ، وجحد الحق في نبوته ، والكفر بما جاء به ، ودفع رسالته ، ومشاركة أكثر ذوي نسبه من بني هاشم وبني أمية لعمه في ذلك ، واجتماعهيم على عداوته
(1) ، وتجريدهم السيف في حربه ، واجتهادهم في اسئصاله ومتبعيه على ملته .
هذا مع ظهور حجته ، ووضوح برهانه في نبوته ، وضيق الطريق في معرفة ولادة الحجة بن الحسن على جعفر وأمثاله من البعداء عن علم حقيقته .
ومن صار في إنكار شئ أو إثباته أو صحته وفساده
(2) إلى مثل التعلق بجعفر بن علي في جحد وجود خلف لاخيه ، وما كان
(3) من أبي جهل
(4) وشركائه من أقارب النبي صلى الله عليه وآله وجيرانه وأهل بلده والناشئين معه في زمانه والعارفين بأكثر سر أمره
(5) وجهره وأحواله في دفع نبوته وإنكار صدقه في دعوته . سقط كلامه عند العلماء ولم يعد في جملة الفقهاء ، وكان في أعداد ذوي
---------------------------
ـ يتبع دينا جاء به ابن اخيه ، فآذاه وآذى انصاره وحرض عليهم وقاتلهم ، وفيه الاية : ( تبت يدا أبي لهب وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب ) مات بعد وقعة بدر بايام ، راجع : الاعلام 4 : 12 ، وراجع المصادر التى ذكرها .
(1) ر ، ع : عدوانه .
(2) ط : أو فساده .
(3) ع ، ل ، ر : ماكان ، والمثبت من س ، ط .
(4) ل ، ع ، ر ، س : وما كان ابن أبى جهل ، والمثبت من ط ، وأبو جهل هو عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي ، كان من اشد الناس عداوة للنبي ، قتل يوم بدر كافرا ، وأخباره مع النبي وكثرة اذاه إياه مشهورة . الكنى والالقاب 1 : 38 ، الاعلام 5 : 87 وراجع المصادر التي ذكرها .
(5) ط : سراره ، (*)
الفصول العشرة
_ 65 _
الجهل والسفهاء .
فصل : وبعد ، فإن الشيعة وغيرهم ممن عني
(1) بأخبار الناس والجواد من الاراء وأسبابها ، والاغراض كانت له فيها ، قد ذكروا أخبارا عن أحوال جعفر بن علي في حياة أخيه أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام ، وأسباب إنكاره خلفا له من بعده ، وجحد ولد كان له في حياته ، وحمل السلطان على ما سار به في
(1) مخلفيه وشيعته
(2) ، لو أوردتها على وجهها لتصور
(3) الامر في ذلك على حقيقته ، ولم يخف على متامل بحاله ، وعرفه على خطيئته .
لكنه يمنعني عن ذلك
(4) موانع ظاهرة : أحدها : كثرة من يعترف
(5) بالحق من ولد جعفر بن علي في وقتنا هذا ، ويظهر التدين بوجود ولد الحسن بن علي في حياته ، ومقامه بعد وفاته في الامر مقامه ، ويكره
(6) إضافة خلافه لمعتقده فيه إلى جده
(7) ، بل لا أعلم أحدا من ولد جعفر بن علي في وقتنا هذا يظهر خلاف الامامية في وجود ابن الحسن عليهما السلام والتدين بحياته والانتظار لقيامه .
---------------------------
(1) ل : شاركه في ، س ، ط : وشى به في .
(2) راجع : كمال الدين 2 : 383 ـ 484 ، البحار 50 : 227 ـ 232 باب 6 أحوال جعفر و 37 : 8 .
(3) س : لنصور .
(4) س ، ط : من ذلك .
(5) ل ، ر : يعرف .
(6) ر ، س : ونكره ، ل : وذكره .
(7) أي ويكره إضافة خلاف الحق الذي يعتقد به إلى جده ، وذلك لما ورد في بعض الاخبار من توبة جعفر ، (*)
الفصول العشرة
_ 66 _
والعشرة الجميلة لهؤلاء السادة أيدهم الله بترك إثبات ما سبق به من سميت في الاخبار التي خلدوها
(1) فيما وصفت أولى.
مع غناي عن ذلك بما أثبت من موجز
(2) القول في بطلان الشبهة ، لتعلق ضعفاء المعتزلة
(3) والحشوية
(4) والزيدية
(5) والخوارج
(6) والمرجئة
(7) في
---------------------------
(1) ر ، ل : جلدوها .
(2) ل : مؤخر القول .
(3) أول من سمي بهذا اللقب : جماعة بايعوا عليا عليه السلام بعد قتل عثمان واعتزلوا عنه وامتنعوا عن محاربته والمحاربة معه ، منهم سعد بن مالك و عبد الله بن عمر ، فرق الشيعة : 4 ـ 5 .
(4) جماعة قالوا : ان عليا وطلحة والزبير لم يكونوا مصيبين في حربهم ، وأن المصيب هو الذي قعد عنهم ، وهم يتولونهم جميعا ويتبرؤون من حربهم ويردون امرهم إلى الله عزوجل .
فرق الشيعة : 15 .
(5) فرقة تدعي أن من دعا إلى الله عز وجل من آل محمد فهو مفترض الطاعة ، وكان علي بن أبي طالب إماما في وقت ما دعا الناس وأظهر أمره ثم كان بعده الحسين اماما عند خروجه ، ثم زيد بن علي بن الحسين المقتول بالكوفة ، ثم يحيى بن زيد بن علي المقتول بخراسان .
فرق الشيعة : 58 .
(6) جماعة قالوا : الحكمان كافران ، وكفروا عليا حين حكمهما ، ومسالة التحكيم كانت مفروضة على أمير المؤمنين عليه السلام ، وذلك عندما أبى أصحابه إلا التحكيم وامتنعوا من القتال ، رضي التحكيم بشرط الحكم بكتاب الله ، فخالف الحكمان ، فالحكمان هما اللذان ارتكبا الخطا وهو الذي اصاب .
فرق الشيعة : 16 .
(7) لما قتل علي عليه السلام اتفق الناكثون والقاسطون وتبعه الدنيا على معاوية ، وسموا بالمرجئة ، وزعموا أن أهل القبلة كلهم مؤمنون باقرارهم الظاهر بالايمان ، ورجوا لهم جميعا المغفرة ، وافترقت المرجئة على أقسام : ... فرق الشيعة : 6 ، (*)
الفصول العشرة
_ 67 _
انكار جعفر بن علي لوجود
(1) ابن الحسن بن علي ، حسب ما أورد السائل عنهم فيما سال في الشبهات في ذلك ، والله الموفق للصواب .
---------------------------
(1) ل : بوجود ، (*)
الفصول العشرة
_ 67 _
الكلام في الفصل الثالث
وأما تعلقهم بوصية أبي محمد الحسن بن علي بن محمد عليهم السلام في مرضه الذي توفي فيه إلى والدته المساة بحديث المكناة بام الحسن رضي الله عنها ، بوقوفه وصدقاته ، وإسناد النظر في ذلك إليها دون غيرها
(1) فليس بشئ يعتمد في إنكار ولد له قائم من بعده مقامه ، من قبل أنه أمر بذلك تمام ما كان من غرضه في إخفاء ولادته وستر حاله عن متملك الامر في زمانه ومن يسلك سبيله في إباحة دم داع إلى الله تعالى منتظر لدولة الحق .
ولو ذكر في وصيته ولدا له وأسندها إليه ، لناقض ذلك الغرض منه فيما ذكرناه ، ونافى مقصده في تدبير أمره له على ما وصفناه ، وعدل عن النظر بولده وأهله ونسبه
(2) ، لا سيما مع اضطراره كان إلى شهادة خواص الدولة العباسية عليه في الوصية وثبوت خطوطهم فيها ـ كالمعروف بتدبر مولى الواثق
(3) وعسكر الخادم مولى محمد بن المأمون والفتح بن عبد ربه وغيرهم
---------------------------
(1) البحار 50 : 329 ، وفي س : المسماة حديث .
(2) ع ، ل : وتسفيه ، ر : وتسقيه .
(3) هو : هارون بن محمد بن هارون الواثق بالله ، ويكنى بابي جعفر ، بويع في سنة سبع وعشرين ومائتين وهو ابن احدى وثلاثين سنة ، وتوفي بسامراء وهو ابن سبع وثلاثين سنة ، وكانت خلافته خمس سنين ، وقيل : توفي سنة اثنين وثلاثين ومائتين وهو ابن اربع وثلانين سنة ، ـ (*)
الفصول العشرة
_ 70 _
من شهود قضاة سلطان الوقت وحكامه - لما قصد بذلك من حراسة
(1) قومه ، وحفظ صدقاته ، وثبوت وصيته عند قاضي الزمان ، وإرادته مع ذلك الستر على ولده ، وإهمال ذكره ، والحراسة لمهجته بترك التنبيه
(2) على وجوده ، والكف لاعدائه بذلك عن الجد والاجتهاد في طلبه ، والتبريد
(3) عن شيعته لما يشنع به عليهم من اعتقاد وجوده وإمامته .
ومن اشتبه
(4) عليه الامر فيما ذكرناه ، حتى ظن أنه دليل على بطلان مقال الامامية في وجود ولد للحسن عليه السلام مستور عن جمهور الانام ، كان بعيدا من الفهم والفطنة ، بائنا
(5) عن الذكاء والمعرفة ، عاجزا بالجهل عن التصور أحوال العقلاء وتدبيرهم
(6) في المصالح وما يعتمدونه
(7) في ذلك من صواب الرأي وبشاهد الحال ، ودليله من العرف والعادات ، فصل : وقد تظاهر الخبر فيما كان عن تدبير أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام ، وحراسته
(8) ابنه موسى بن جعفر عليه السلام بعد وفاته من ضرر
---------------------------
ـ مروج الذهب 3 : 477 .
(1) س ، ط : حراسته .
(2) ع ، ل : البينة .
(3) كذا في النسخ ، ويحتمل أن يكون : والتنزيه .
(4) ر ، ع ، ل : وفراسته ، س ، ط : وحراسته ، وما أثبتناه من حاشية نسخة ل .
(5) ل : ثابتا ، س ، ط : نائيا .
(6) ل ، ر ، ع ، س : وقد يتوهم ، وما اثبتناه من ط ، وحاشية ل .
(7) ل ، س ، ط : وما يعتمدوه .
(8) ل ، س ، ط : وحراسة .
الفصول العشرة
_ 71 _
يلحقه : بوصيته
(1) إليه ، واشاع
(2) الخبر عن الشيعة إذ ذاك باعتقاد إمامته من بعده ، والاعتماد في حجتهم لذلك عان إفراده بوصيته مع نصه
(3) عليه بنقل خواصه ، فعدل عن إقراره
(4) بالوصية عند وفاته ، وجعلها إلى خمسة نفر : أولهم المنصور
(5) ـ وقدمه على جماعتهم إذ هو سلطان الوقت ومدبر أهله ـ ثم صاحبه الربيع من بعده ، ثم قاضي وقته ، ثم جاريته وأم ولده حميدة البربرية
(6) ، وختمهم بذكر ابنه موسى بن جعفر عليه السلام
(7) ، يستر أمره ويحرس بذلك نفسه .
---------------------------
(1) ر ، ع : بوصية .
(2) ل : واشباع .
(3) ر ، ل : نصبه .
(4) س ، ط : إفراده .
(5) هو : أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ، بوبع سنة ست وثلاثين ومائة وهو ابن احدى واربعين سنة ، ومولده سنة خمس وتسعين ، ووفاته سنة ثمان وخمسين ومائة ، فكانت ولايته اثنتين وعشرين سنة ، مروج الذهب 3 : 281.
(6) هي ام الامام الكاظم ، والبريرية نسبة إلى بربر ، وهم قبائل كثيرة في جبال المغرب ، وتلقب حميدة بالمصفاة أيضا ولؤلوة ، ويقال : هي اندلسية ، وكانت من التقيات الثقات ، وكان الصادق يرسلها مع ام فروة تقضيان حقوق أهل المدينة ، ولها كرامات ،
تنقيح المقال 3 : 76 ـ 77 .
(7) ذكر هذا الخبر الكليني في الكافي 1 : 310 ، وابن شهر آشوب في المناقب 3 : 310 ، والمجلسي في البحار 47 : 3 ، وفي هذه المصادر أنه أوصى إلى خمسة : أبو جعفر المنصور ، ومحمد بن سليمان ، وعبد الله بن جعفر ، وموسى بن جعفر ، وحميدة ، (*)
الفصول العشرة
_ 72 _
ولم يذكر مع ولده موسى أحدا من أولاده ، لعلمه بان منهم من يدعي مقامه من بعده ، ويتعلق بادخاله في وصيته .
ولو لم يكن موسى
(1) عليه السلام ظاهرا مشهورا في أولاده معروف المكان منه وصحة نسبه واشتهار فضله وعلمه وحكمته وامثاله وكماله ، بل كان مثل ستر الحسن عليه السلام ولده ، لما ذكره في وصيته ، ولاقتصر على ذكر غيره ممن سميناه
(2) ، لكنه ختمهم في الذكر به كما بيناه .
وهذا شاهد لما وصفناه من غرض أبي محمد عليه السلام في وصيته إلى والدته دون غيرها ، وإهمال ذكر ولد له ، ونظر له في معناه على ما بيناه .
---------------------------
(1) ع ، ر : ولم موسى .
(2) ل : ولاقبض على ذكر غيره ممن سمينا ، (*)
الفصول العشرة
_ 73 _
الكلام في الفصل الرابع
فاما الكلام في الفصل الرابع ، وهو : الاستبعاد الداع ( كذا ) للحسن عليه السلام إلى ستر ولده ، وتدبر الامر في إخفاء شخصه ، والنهي لشيعته عن البينونة بتسميته وذكره ، مع كثرة الشيعة في زمانه وانتشارهم في البلاد وثروتهم
(1)
بالاموال وحسن الاحوال
(2) ، وصعوبة الزمان فيما سلف على آبائه عليهم السلام واعتقاد ملوكه فيهم ، وشدة غلظهم على الدائنين بامامتهم ، واستحلالهم الدماء والاموال ، ولم يدعهم ذلك إلى ستر ولدهم ولا مؤهل الامر من بعدهم
(3) .
وقول الخصوم : إن هذا متنافر في أحوال العقلاء ، فليس الامر كما ظنوه ، ولا كان على ما استبعدوه .
والذي دعا الحسن إلى ستر ولده ، وكتمان ولادته ، وإخفاء شخصه ، والاجتهاد في إهمال ذكره بما خرج إلى شيعته من النهي عن الاشارة إليه ، وحظر تسميته ، ونشر
(4) الخبر بالنص عليه .
---------------------------
(1) ل ، ر ، ع : وثروهم ، ط : ووثبهم .
(2) ل : الافعال .
(3) ع : ولا مؤهل الامن من بعدهم ، ل : ولا مؤهل إلا من بعدهم ، ط : ولا موهوا الامر من بعدهم .
(4) يحتمل في بعض النسخ : وتسر ، (*)
الفصول العشرة
_ 74 _
شئ ظاهر ، لم يكن في أوقات آبائه عليهم السلام ، فيدعونه
(1) من ستر الادهم إلى ما دعاه إليه ، وهو : أن ملوك الزمان إذ ذاك كانوا يعرفون من رأي الائمة عليهم السلام التقية ، وتحريم الخروج بالسيف على الولاة ، وعيب من فعل ذلك من بني عمهم ولومهم عليه ، وأنه لا يجوز عندهم تجريد السيف حتى : تركد الشمس عند زوال ، ويسمع نداء من السماء باسم رجل بعينه ، ويخسف بالبيداء ، ويقوم آخر ائمة الحق بالسيف ليزيل
(2) دولة الباطل .
وكانوا
(3) لا يكبرون بوجود من يوجد منهم ، ولا بظهور شخصه ، ولا بدعوة
(4) من يدعو إلى إمام ، لامانهم مع ذلك من فتق
(5) يكون عليهم به ، ولاعتقادهم
(6) قلة عدد من يصغي إليهم في دعوى الامامة لهم ، أو يصدقهم فيما يخبرون به من منتظر يكون لهم .
فلما جاز وقت وجود المترقب لذلك ، المخوف منه القيام بالسيف ، ووجدنا الشيعة الامامية مطبقة على تحقيق أمره وتعيينه
(7) والاشارة إليه دون غيره ، بعثهم ذلك على طلبه وسفك دمه ، ولتزول
(8) الشبهة في التعلق به ، ويحصل الامان في الفتنة بالاشارة إليه والدعوة الى نصرته .
---------------------------
(1) ط : فيدعوهم .
(2) ل : فيزيل خ ل .
(3) ر : فكانوا .
(4) ل ، ر ، ع ، س : ولا يدعوهم ، والمثبت من ط .
(5) قال الجوهري : والفتق : شق عصا الجماعة ووقوع الحرب بينهم ، الصحاح ، 4 / 1539 ، فتق .
(6) ل ، ر ، ع : والاعتقاد هم .
(7) ل : وتعينه .
(8) ط : لتزول ، (*)
الفصول العشرة
_ 75 _
ولو لم يكن ما ذكرناه شيئا ظاهرا وعلة
(1) صحيحة وجهة ثابتة ، لكان غير منكر أن يكون في معلوم الله جل اسمه أن من سلف من آبائه عليهم السلام يأمن مع ظهوره ، وأنه هو لو ظهر لم يامن على دمه ، وأنه متى قتل أحد من آبائه عليهم السلام عند ظهوره لم تمنع الحكمة من إقامة خليفة يقوم مقامه .
وأن ابن الحسن عليهما السلام لو يظهر
(2) لسفك القوم دمه ، ولم تقتض الحكمة التخلية بينهم وبينه ، ولو كان في المعلوم للحق صلاح بإقامة إمام من بعده لكفى في الحجة وأقنع في إيضاح المحجة
(3) ، فكيف وقد بينا عن سبب ذلك بما لا يحيل
(4) على ناظر ، والمنة لله .
---------------------------
(1) س : أو علة .
(2) ر ، ع ، ل : ويظهر ، والمثبت من حاشية ل ، وفي س ، ط : لو ظهر .
(3) ع ، ل ، ر ، س : الحجة ، والمثبت من ط .
(4) كذا في الفسخ ، ولعل الصحيح : لا يخيل أي لا يشكل ، راجع لسان العرب ، (*)